رسالة المحقق الكركي الجزء ٢

رسالة المحقق الكركي0%

رسالة المحقق الكركي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 271

رسالة المحقق الكركي

مؤلف: الشيخ علي بن الحسين الكركي
تصنيف:

الصفحات: 271
المشاهدات: 28684
تحميل: 5259


توضيحات:

بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 271 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 28684 / تحميل: 5259
الحجم الحجم الحجم
رسالة المحقق الكركي

رسالة المحقق الكركي الجزء 2

مؤلف:
العربية

وأما بلال الحبشي فانا لا نلعنه، ولا نطعن فيه، ولا نتعرض عليه بمدح ولا ذم، ونرد أمره إلى الله تعالى والى اهل البيتعليهم‌السلام .وأما الاتباع لهم فلا يحصون وفي كل عصر من الاعصر المتخلفة عن عصر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله والائمةعليهم‌السلام منهم جمع كثير إلى يومنا هذا، فعليهم من الله تعالى لعنات لا تحصى، ومن الملائكة والناس اجمعين.وهذا القدر ان شاء الله كاف في ضبط احوال المخالفين على سبيل الاجمال، ومعرفة باستحقاقهم الطعن واللعن على السنة أهل الايمان.والحمد لله رب العالمين وصلواته على محمد وآله اجمعين.

من تأليف الشيخ العالم الفاضل العادل علي بن عبدالعالي، برد الله تعالى مضجعه نقل من خطه بخمس وسائط، والسلام على من اتبع الهدى ونهى النفس عن الغواية والردى.

كتب في مجلس واحد في يوم السبت الحادي عشر من شهر جمادى الاخرة مطابق سنة ١٢٨٤ حامدا مستغفرا مصليا.

١٨١

(٢٦) أجوبه الشيخ حسين بن مفلح الصيمرى

١٨٢

١٨٣

هذه رسالة أرسلها الشيخ الفاضل الكامل الورع، التقي، المرحوم نصير الدين حسين بن مفلح طاب ثراه بمحمد وآله، إلى جناب الشيخ العلامة، الفاضل الكامل، انموذج السلف وعدة الخلف، آية الله في العالمين، وارث علوم الانبياء والمرسلين، والاولياء والائمة الطاهرين، خاتمة المجتهدين، زين الدين الشيخ علي بن عبدالله أدام فواضل بركاته بمحمد وآله، فأجاب عنها بأحسن جواب وانقح خطاب.

مسألة: هل تجب الفورية في بذل الاجنبي لوقال: طلق زوجتك وعلي ألف، كما تجب الفورية في الخلع في بذل الزوجة، أم لا؟ فلو أوقع الطلاق بعد بذل الاجنبي بشهر فصاعدا، فهل يستحق البذل أم لا؟ فعلى اشتراط الفورية لا يستحق، وعلى عدم الاشتراط يستحق؟ الجواب: تحرير البحث فيها أن يقال: اما أن يكون بذله على أنه فدية للخلع، أو على وجه الجعالة، كما لو بذل له مالا على أن يعتق عبده.

١٨٤

فان كان الاول، بنى على جواز كون عوض الخلع من أجنبي، فان جوزنا اعتبرت شرائط الخلع جميعها ومنها الفورية، الا أن الاصح عدم جوازه.

وان كان الثاني، فله حكم الجعالة الواقعة سائر الاعمال القولية وغيرها فلا يشترط الفورية، ولا يكون الطلاق ثابتا، اذ لا يعد خلعا حينئذ.وجواز الجعل على الطلاق أمر ظاهر، لانه يجوز على كل عمل مقصود محلل، ومنه ايقاع صيغة عقد ونحوه، واذا وقع الجعل على الطلاق فالمراد اذالة قيد الزوجية، ومقتضاه عدم الاستحقاق حتى تحصل البينونة، والله اعلم.

مسألة: ما يقول مولانا أدام الله تعالى أيامه وبلغه في الدارين آماله، في من ركب البحر في مركب معلوم إلى البصرة مثلا، ثم يعرض غرق في البحر، ويعلم بالشياع أو القرائن بأن تلقى إلى بعض السواحل بعض ألواح المركب وآلاته، أو بعض الغرقى، ويسلم البعض ويفقد البعض، والذي يقتضيه الظاهر حصول الهلاك، والذي يعتضيه الاصل الحياة، فهل يرجح الظاهره مع قوة امارته؟ أو الاصل مع ضعف أمارته؟ فما يقول به مولانا من أحد القولين وما يفتي به بما تقويه مستدلا معللا بما يزيل الشك ويذهب الريب، اصلح الله بك العباد واذهب بك الفساد بمحمد وآله.

الجواب: في هذه المسألة - والله الموفق - ان ما اشار اليه الشيخ الاجل أبقاه الله تعالى من أن الظاهر دليل، وحقه اذا عضدته المرجحات والشواهد، وضعف الاصل حدا أن يرجح، وما نقله عن المحققين من علماء الاصول في ذلك هو كلام صحيح لاشك فيه، لكن لابد من تمهيد مقدمة هي: ان العمل بالظاهر في الحقيقة رجوع إلى قرائن الاحوال، وما استفيد من العادات المتكررة، فينبغي لذلك أن يكون بينه وبين جنس الحكم الذي يطلب

١٨٥

جعله دليلا عليه ملائمة، فلونذر ثبوته معه لم نعول عليه.مثلا لما لم يعتبر الشارع الظاهر بالنسبة إلى النجاسات في غالب الاحول حكم بطهارة ثياب مدمني الخمر، وسؤر الحائض المتهمة، وطهارة أواني المشركين وما بأيديهم، وطين الطريق واستحباب ازالته بعد ثلاثة أيام من انقطاع المطر، والحكم بنجاسة البئر بالجيفة حين الوجدان لاقبله، وطهارة ما تناله ايدي الناس على اختلاف فرقهم وتباين آرائهم في الطهارات والنجاسات، وطهارة ما لا يكاد ينفك من النجاسات كحافات البئر، والرشا،(١) وحافات العين، وغير ذلك من الامور التي تقتضي الظاهر، بل يكاد يحصل اليقين عادة بعدم انفكاكها من النجاسة.وانما اعتبره في بعض المواضع على سبيل الندرة، كغسالة الحمام على القول بنجاستها على ما فيه من الكلام، لم يلتفت اليه في المواضع الجلية وانما نتمسك (به) حتى انا لو وجدنا حيوانا غير مأكول اللحم قد بال في ماء كثير، ووجدناه متغيرا ولم نقطع باسناد التغير إلى هذه النجاسة لانحكم بالنجاسة، ولا نلتفت إلى الظاهر، بل يستصحب أهل الطهارة.وكذا لو وجدنا كلبا خارجا من مكان فيه اناء وهو يضطرب ورشراش الماء حوله لا نحكم بالنجاسة، ولا نلتفت إلى الظاهر ولا ننجسه أن يقول قائل ان الظاهر ارجح، فلم تركتم العمل بالارجح؟ لانا نجيب: ان عدم الملائمة أخل بالارجحية ولاشك انه يشترط في التمسك بالظاهر خلو المواضع الذي جعله متمسكا فيه عريض قاطع الدلالة على الحكم أو ظاهر فيها، فان وجد لم يلتفت إلى الظاهر أصلا.اذا تقرر هذا فينبغي أن يعلم أن الامر في الفروج عند الشارع مبني على الاحتياط التام، فليس حيث وجد الظاهر وجب ترجيحه والتمسك به، لاسيما الطلاق

____________________

(١) الرشاء: لحبل، والجمع أرشية: الصحاح ٦: ٢٣٥٧ " رشا ".

(*)

١٨٦

واقوال اصحابنا المتقدمين والمتأخرين في زوجة المفقود اذا انقطع خبره، فانها اذا رفعت أمرها إلى الحاكم اجلها اربع سنين للبحث عنه ظاهره عدم الفرق بين من شهدت القرائن بموت أو غيره، ويكون اجماعا، بل الرواية الواردة في ذلك وهي رواية بريد بن معاوية العجلي في الصحيح عن الصادقعليه‌السلام ، وقد سأله عن المفقود كيف تصنع امرأته؟ قال: " ما سكتت عنه وصبرت يخلى عنها، فان هي رفعت أمرها إلى الحاكم أجلها أربع سنين(١) " الحديث، دالة بعمومها على عدم الفرق في الحكم المذكور بين وجود الظاهر الدال على موته وعدمه، لانه ترك الاستفصال في حكاية الحال على الاحتمال، فانما حكاه السائل وهو فقدان الزوج وطلب الحكم فيه يحتمل هذا الفرد، فاذا اجاب ولم يستفصل كان ذلك دليل العموم.

فان قيل: فان في الرواية، " انفق عليها حتى تعلم من موته "، فقد علم الموت بالقرائن.

قلنا: ما ذكر في السؤال انما يفيد الظن القوى.

فان قيل: الظن مناط الشرعيات.

قلنا: ليس هو كل ظن، بل هو ظن مخصوص، ولم يثبت أن هذا الظن من القسم المعتبر، خصوصا وقد عنى في الحديث بالعلم والمتبادر العلم عن موجب قطعي.

فان قيل: يثبت بشهادتين ولا يفيد قولهما القطع بل الظن الغالب.

قلنا: شهادتهما في نظر الشرع من قيل القطعي، وكيف كان فالذي يختلج عدم ثبوت الموت بمثل هذا القدر من القرائن، والله اعلم بالصواب.

مسألة: ما يقول مولانا أدام الله أيامه، وبلغه في الدارين آماله في عقد الشبهة المجرد

____________________

(١) الكافى ٦: ١٤٧ حديث ٢ باب المفقود.

(*)

١٨٧

عن الوطء، هل حكمه حكم وطء الشبهة في نشر حرمة المصاهرة على القول به، أم لا ينشر الحرمة على القولين؟ فعندنا فيه اضطراب من أن العقد المجرد يسمى نكاحا، كما أن الوطء كما تضمنه الكتاب العزيز.

الجواب: ان كان المراد بعقد الشبهة هو العقد الفاسد الذي وقع في ظن الصحة، فالذي يقتضيه النظر عدم نشره الحرمة، لان النكاح وان قلنا أنه حقيقة في العقد، الا أن اطلاق العقد أو النكاح انما يحمل على الصحيح دون الفاسد، لان الفاسد لمالم يترتب عليه الاثر المطلوب كان مهجورا عند أهل الشرع، فلا تشمله اطلاقاتهم، ولا تحمل الفاظهم عليه، الا أن يدل على ذلك دليل يعلم ذلك بالتبليغ، والله اعلم، وكتب علي بن عبدالعالي.

مسالة: ما يقول دام ظله وفضله في مسألة التقصير، هل لو كانت ثمانية فراسخ فصاعدا حال استقامة طريقها وعند دورانها ينقص عن الثمانية، فتكون الاستقامة شرطا، أم كالمساجد العشرة التي تزار في البحرين في المواقيت: وهل يجوز الجمع بين القصر والتمام أم لا؟ الجواب: الحمد لله حق حمده، والصلاة على رسوله محمدو آله، الذي يقتضيه صحيح النظر أن المسافة لا تشترط استقامة طريقها، بل يكفي في وجوب القصر كون الطريق على ما هو به بحيث يبلغ ثمانية فراسخ، سواء كان دائرا أو مستقيما ".ودلائل هذا الحكم كثيرة جدا منها: أن سالك هذا الطريق مريد اقصاه قاصدا إلى مسافة من الجهة هو قاصدها، وكل من كان كذلك فهو قاصد إلى مسافة في الجملة، ينتج: أن هذا قاصد إلى مسافة

١٨٨

في الجملة، فيضم اليها مقدمة كبرى هي: وكل من كان كذلك فهو قاصد إلى مسافة في الجملة وجب عليه التقصير وحقية المقدمتين الاولتين ظاهرة وهي مستلزمة بحقية صغرى هذا القياس، وأما حقية الكبرى فدليلها عموم النص.

ومنها: ظاهر قوله تعالى: " فاذا ضربتم في الارض فليس عليكم جناح أن تقصروا "(١) القصر: الضرب في الارض، وقد ثبت تقييدها بكون المقصود مسافة بالنص والاجماع، ولم يعم دليل على تقييد الطريق بالاستقامة فيجب نفيه.

أما أولا، فللبراء‌ة الاصلية.

وأما ثانيا، فلان التقييد بالاطلاق على خلاف الاصل، فيقتصر فيه على موضع الدليل ومحل الوفاق، اذلا يجوز تقييد المطلق وتخصيص العام الا بدليل.

وأما ثالثا، فلان التقييد يقتضي كون اللفظ في الاية جار على خلاف الظاهر فيقتصر فيه على محل الضرورة، لوجوب اجراء اللفظ على ظاهره ما امكن، فيجب القصر في جميع صور الضرب في الارض، الااذا قصر الطريق عن مسافة فيندرج فيه المتنازع.

ومنها: وهو أمر معنوي، وذلك أن مناط القصر السفر الذي هو مظنة المشقة المخصوصة، ولعدم انضباطها أناط الشارع الحكم بقدر ثمانية فراسخ، والمشقة غالبا لا يختلف في القدر المذكور باعتبار استقامته ودورانه، فلا معنى للفرق بين الامرين في الحكم.وغير ذلك من الدلائل الكثيرة.

والتوفيق في هذه المسائل مع وضوح دليلها لاوجه له، وهي قريبة عن مسألة بلد له طريقان أحدهما مسافة حاصلة في ذلك غالبا انما يكون لاعوجاج في الطريق الطويل.والحاصل أن المفتي به هو وجوب القصر مع استجماع باقي الشرائط والجامع بين القصر والاتمام في ذلك ثوابه مأثوم.

____________________

(١) النساء: ١٠١.

(*)

١٨٩

مسألة: في المديون هل يجب عليه بيع ماله لوفاء الدين عند المطالبة، سواء كان رهنا أولا، بأقل من ثمن المثل، لقلة الراغب في ذلك الوقت، أم لا يجب لحصول الضرر عليه ببيع ماله بالثمن البخس؟ وهل يجب على المدين الصبر حتى يحصل من يشتري بثمن المثل.وان تضرر؟ واذا تقابل الضرران هل ترجح مصلحة المديون أو صاحب الدين؟ وهل يجب على صاحب الدين أن يشتري بقدر دينه من رهنه، أو من غيره، أو لايجب؟ الجواب: الظاهر في مسألة المديون وجوب البيع، لان حق الادمي مبني على الضيق المحض، والضرر لا يزال بالضرر، واطلاق الفقهاء منا ومن غيرنا في باب المفلس وجوب المبادرة إلى بيع مال المفلس واستحبابها يومئ إلى ذلك.ولا ينافيه التصريح بوجوب البيع بثمن المثل، لان المراد به القيمة الغالبة في ذلك الزمان والمكان، اذلا يعقل استدامة الحجر على المفلس، الا أن يطلب اعيان أمواله بالصحة في أكثر الازمنة اذا لم يبلغها في زمان الحجر، اما لعروض الحجر بادية، أوفي رأس جبل، أوفي قرية بعيدة عن المدن، أو سفر في برأو بحر.والحاصل أن تنقيح البحث هنا يرجع إلى تحقيق من المثل المسؤول عنه فان كان المراد به القيمة التي يطلب بالشئ عادة في غالب الازمنة والامكنة، وهو الذي يرشد اليه في السؤال، لقلة الراغب في ذلك الوقت.

والجواب انه لا يتعلق باعتبار هذه القيمة، لان الخطاب يتوجه إلى المكلف الحالة التي هو فيها، ولو أن شخصا أتلف على آخر عبدا قيمته في أكثر البلاد وبين أكثر الناس ألف درهم مثلا، ولكنه في زمان الاتلاف ومكانه لايساوي الا مائة درهم، اما لقلة الراغب: اما لعروض القحط في البلاد، أوخوف، أوموت واما لكثرة العبيد، ونحو ذلك.

١٩٠

وان كان العارض سريع، فانا انما نوجب عليه قيمة ذلك الزمان والمكان، وبعدها قيمة مثله حينئذ.ولو انعكس الفرض فأتلف متلف بعيرا على السفر مع شدة الحاجة إلى البعير وقلة الجمال، وعلو الثمن على وجه يزيد على قيمته الغالبة في غالب الازمنة والامكنة اضعافا مضاعفة، لاوجبنا قيمة ذلك الوقت باعتبار ذلك الحال في ذلك الزمان.وان كنا نعلم شرعه زوال ذلك العارض فلا جرم ظهر انه لايراد ثمن المثل، وهذا هو المعنى في باب من أبواب الفقه من البيع وأحكام الديون والغصب والنكاح والخلع والمواريث والقسمة وباقي الابواب.وان كان المراد هو القيمة الغالبة في الزمان والمكان، فلا ريب أنه لايجب على المديون البيع بدون هذه القيمة، بل يجب على المدين الصبر إلى اشتهار المناداة وانتهاء الرغبات، حتى لو كانت ثمة قرية قرينة أو جلة كذلك لم يجب على المديون البيع من دون ابلاغهما المناداة، فاذا انهى الحال باعتبار ذلك الزمان والمكان وجب البيع لا محالة.هذا هوالذي يقتضيه النظر ويرشد اليه الدليل، والله الهادي إلى سبيل الرشاد.وأما صاحب الدين فلا يجب عليه أخذما ليس من جنس دينه، سواء كان من الرهن أو من غيره، بل يجب تصييره من جنس الحق ودفعه اليه، والله اعلم.وكتب علي بن عبد العالي وصلى الله على خير خلقه محمد وآله الطيبين الطاهرين.

مسألة: ما يقول علماء الاسلام مدالله تعالى ظلالهم على الانام في قرية كانت وقفا على مدرسة خراب، فمصرفها على هذا التقدير أي شئ يكون؟ هل يجوز صرفها في كل مصرف الخير، أو يصرف في ما يتعلق بمدرسة اخرى.

الجواب: حاصل ما هناك أن الوقف على شئ معين اذا خرب ذلك الشئ يحتمل فيه

١٩١

أمران:

أحدهما: بقاء أصل الوقف مطلقا، نظرا إلى أن ارتفاع المركب يكفي فيه ارتفاع بعض الاجزاء، والمعلوم ارتفاعه هو الجزء الاخص فيبقى الاعم.ولا يراد أن الاعم يرتفع بارتفاع الاخص، لتقومه، لان رفع الاخص يقتضي ثبوت بعض بعضه، فيقوم به الجزء الاعم.وحينئذ فيبقى أصل الوقف مجرد عن الاختصاص.ويؤيده أن الصيغة قد اخرجها المالك عنه، فلا تعود اليه الا بدليل شرعي تمسكا بالاستصحاب، وبعد ارتفاع حكم التعبد بجهة خاصة الاصل عدم الاختصاص بجهة اخرى دون جهة.

والثاني: أن يعود إلى ملك الواقف أو وارثه، التفاتا إلى أن الواقف انما كان على جهة مخصوصة، وقد تعطلت فيتعطل الوقف المخصوص لتعطل مصرفه، وغير الوقف المخصوص لم يصدر من الواقف فهو منفي بالاصل.ويضعف بما ذكرناه في الاستصحاب.وما اشبه هذه المسألة بقاعدة اذا ارتفع الوجوب هل يبقى الجواز أم لا.هذا الذي يقتضيه النظر، وأما صرف الوقف في مدرسة اخرى فلا وجه له، وكتب علي بن عبدالعالي.

مسألة: ما قول شيخنا ومقتدانا، شيخ الاسلام والمسلمين مدالله تعالى ظلال افادته على كافة المؤمنين في من يكون شئ عنده من حصة آل محمد مما يخص الامامعليه‌السلام ، ومما يخص الهاشميين، ويمنعه من مستحقيه ويحرمهم منه، مع وجود حاكم الشرع والتمكن من اخراج حصة الامامعليه‌السلام على فقراء السادة على يده، ومع فقرهم وشدة احتياجهم وفاقتهم، هل يكون بذلك عاصيا مأثوما فاسقا مؤاخذا عند الله؟ وما الذي يستحقه عندأهل الشرع من مكافأة على ذلك والردع، هذا المنع الشنيع الموجب لحرمان آل محمد حقهم الذي فرضه الله عزوجل

١٩٢

لهم في كتابه العزيز، فليتفضل سيدنا أدام الله ظلاله على معاف الانام بالجواب على التفصيل والتبيين مثابا.

الجواب: الثقة بالله الكريم وحده، نعم يكون هذا الشخص عاصيا مأثوما فاسقا مؤخذا عند الله تعالى، ويجب اهانته وزجره وردعه وتأديبه وتعزيره.ولاشك أن في ايمانه نقصا، وهو من المردودين عند أهل البيتعليهم‌السلام ، ومن الاخسرين اعمالا، الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون انهم يحسنون صنعا.وحاله اشبه شئ بحال عمر بن الخطاب، فانه منع آل محمد خمسهم فيجب المسارعة للتوبة، والافلا عن هذا الذنب العظيم، والله اعلم وكتب علي بن عبدالعالي.صورة خطه.

١٩٣

(٢٧) فتاوى وأ جوبة ومسائل

١٩٤

١٩٥

في مسائل سئل عنها المحقق الكركيقدس‌سره

وجدنا بخط الشيخ علي بن أبي الفتح المزرعي العاملي بتأريخ سنة تسعمائة وعشر ما صورته: من فوائد الشيخ الاجل شيخ الاسلام والمسلمين، العلامة المحقق المدقق، آخر المجتهدين الشيخ نورالدين علي بن عبدالعالي قدس الله روحه، وكان عما كتب دامت سيادته.

اقول(١) : المراد به المحقق الكركي وان لم يصرح به، لا المحقق الميسي المتحد معه في الاسم واللقب واسم الاب والعصر وتقارب تأريخ الوفاة، فالكركي توفي سنة تسعمائة وأربعين أو سبع وثلاثين، والميسي توفي سنة تسعمائة وثمان وثلاثين أو ثلاث وثلاثين، وذلك للتصريح في المسألة الثالثة وجوابها بأن المسؤول يرى استحباب التسليم، والذي يرى ذلك هو المحقق الكركي، ولم ينقل مثله عن الميسي، ويدل آخر الكلام المتقدم على أن السائل عنها بعض من لهم السيادة.

مسألة ١ : قوله في التحرير في التيمم: لافرق بين جوانب المنزل وصوب المقصد(٢) .

هل

____________________

(١) والقول هذا للسيد محسن الامين.

(٢) تحريم الاحكام ١: ٢١ (*)

١٩٦

هذا رد على أحد، أو احتمال؟ فان المفيدرحمه‌الله قال: انه لايجب الطلب، واستشكله،(١) وكذا ابن فهدرحمه‌الله ، الا أن العبارة لا تنطبق للرد على هذا القول.فالمسؤول من فضل سيدي ايضاح ذلك بنظره الثاقب وفكره الصائب.

الجواب: ان ذلك رد على الشافعي لاعلى أحد من اصحابنا، لعدم المطابقة، وهذا البحث كالمتمم لفائدة البحث الذي قبله.

وتحقيقه: انه لو غلب على ظنه وجود الماء في الزائد على الغلوتين أو الغلوة وجب عليه طلبه مع المكنة، ولا فرق في ذلك بين كون الماء المطلوب عن يمين المنزل أو يساره، أو غير ذلك من جوانبه أو صوب مقصده.والشافعي يفرق، فيوجب السعي اذاكان الماء عن يمين المنزل ويساره دون صوب المقصد، معللا فيه بنسبة جوانب المنزل اليه دون صوب الطريق، وضعفه ظاهر.

مسألة ٢ : ذكر الشهيد في ذكراه: ان الحديد المشرب بالنجس في طهارته بتشربه في الكثير الطاهر احتمال،(٢) فظاهر العبارة أنه لا يطهر بدون التشربة.وسمعنا من بعض من عاصرناه أنه يطهر بالكثير بدون التشربة، الا أنه كلما حكه بالمسن يجب تطهيره، فسيدي من فضله يكشف لعبده اللبس عن ذلك بما يقويه.

الجواب: انما أراد شيخنا بتشربته بالكثير الطاهر طهارته بجملته، أعني ظاهره وباطنه، فان طهارة ظاهره بالكثير والقليل على الوجه المعتبر مما لا يشك فيه قطعا ولم يرجع هورحمه‌الله ، فان عبارته انما تتناول طهارته بجملته يظهر ذلك بالتأمل الصحيح

____________________

(١) المقنعة: ٨.

(٢) الذكرى: ١٥.

١٩٧

لعبارته.ووجه طهارته بذلك عموم النص الشامل له، وامكان انفصال الغسالة عنه كلما بدا منه اجزاء لم يصبها الماء المطهر بحك أو غيره احتيج إلى تطهيره لذلك، مع احتمال أن لا ينجس بالتشربة بالنجس في ظاهره وان كان فيه بعد والله اعلم.

مسألة ٣ : هل المولى مستمر على القول بندبية التسليم؟ فعلى القول به لونوى الانسان الوجوب للاحتياط تفصيا من الخلاف هل تبطل صلاته؟ وهل وجود الخلاف شبهة في اسقاط ذلك الاعتقاد؟ الجواب: ان القول بندبية التسليم قوي متين، وان القول بالوجوب لايخلو عن حجة قوية، وفي مثل نية الوجوب على قصد الاحتياط جائزة قطعا، لعموم الامر بالاحتياط، ولا تبطل به الصلاة قطعا، فانه اذا كان ندبا لم تبطل بالحدث المتخلل بينها وبينه، فكيف الظن بهدا الاعتقاد، والله اعلم.

مسالة ٤ : لودفع شخص إلى آخر شيئا عطية لصداقة بينهما من غير تصريح بوجه من الوجوه، أو دفع الزوج إلى زوجته قبل الدخول شيئا على سبيل الهداية في الظاهر من غير تصريح، أو الاب لولده.ثم بعد تلف العين طلب الرجوع في ذلك فهل يقبل منه الرجوع؟ وكذا لو كانت العين باقية، افتونا مأجورين رحمكم الله.

الجواب: ليس له الرجوع بعد التلف، لانه تلف غير مضمون العاقبة، ولعموم الاذن أيضا بالتصرف المستفاد من الفعل، اعني الدفع على سبيل الاهداء، ولاجماع الناس في جميع الاعصار والامصار على قبول الهدية من غير وجود عقد.(سقط هنا من

١٩٨

النسخة جواب ذيل السؤال).

مسالة ٥ : لو أخل عامل المساقاة ببعض ما شرط عليه فماذا يثبت له وعليه؟ أو ضحوا لعبدكم هذه المسألة.

الجواب: المحفوظ أن المالك يتخير بين فسخ العقد، لفوات الشرط، وبينا لزام العامل باجرة نفس العمل المشروط، وقد فات فيرجع إلى عوضه.فان فسخ المالك احتمل ثبوت اجرة المثل للعامل فيما عمل، لانه عمل محترم صدر بالاذن، لان ما اذن في جملته فقد اذن في ابعاضه قطعا، وعدم الوفاء بالشرط أثر ثبوت الخيار.ويحتمل أن لااجرة بالكلية، لان الاذن في العمل مقيد بالشرط، فيرتفع بارتفاعه، لارتفاع الجنس بارتفاع الفصل، ومن ثم لايجوز التصرف في العين المأخوذة بالبيع الفاسد اذا علم الفساد، وحينئذ فيكون متبرعا بالعمل فلا يستحق ولان المبذول هو الحصة وقد فاتت بالفسخ، والتفويت من قبل العامل، ولا يستحق شيئا غيرها، ونحن في ذلك من المتوقفين إلى أوان التأمل الصادق له، وان كان الثاني لا يخلو من وضوح.

مسألة ٦ : المشهور عندنا تقديم قول الزوج في دعوى مهر المثل وعدم تقريره بمهر السنة، فهل هذا مذهب مولانا؟ فان قلنا به فهل حكم وارث الزوجين حكمهما في ذلك؟ الجواب: أما تقديم قول الزوج في دعوى مهر المثل فانما هو بعد الدخول اذا انكر الزوج أصل المهر، وللكلام فيه مجال.وأما عدم تقديره بمهر السنة فأقول به، وحكم وارث الزوجين حكمهما، لانتقال الحق إلى كل منهما، والله أعلم.

١٩٩

مسألة ٧ : لا تجوز الصلاة نفلا لمن عليه فريضة، واستثني من ذلك مالا يضر بالفرض.ما المراد بالاضرار؟ وهل يذهب سيدي إلى ذلك؟ الجواب: القول بالتوسعة المحضة هو الوجه، والمراد بالاضرار بالقضاء هو الاشتغال به على وجه يستوفي توجه النفس بحيث لا يبقى معه توجه إلى تمام فعل القضاء.وليس هذا بخارج عن القول بالتوسعة المحضة، فان شيخنا ذكره في البيان واحال(١) تحقيقه على الذكرى، وفيها اختار التوسعة(٢) .

مسألة ٨ : اللحن في العقود مبطل لها أم لا؟ وهل فرق في ذلك بين مغير المعنى وغيره؟ وهل فرق بين النكاح وغيره؟ الجواب: نعم هو مبطل لها اذا كانت لازمة، سواء غير المعنى أم لا، لتوقف ترتب أثر العقود على اللفظ المخصوص، وأصالة بقائه على ما كان قبلها حتى يحصل المزيل الشرعي، وهو الايجاب والقبول على قانون العرب.ومن ثم لم تكن المعاطاة عقدا، وكان الاصح عدم جواز تقديم القبول على الايجاب وهذا بخلاف غير اللازم، للاكتفاء فيها بمجرد الافعال الدالة على المقصود فالاقوال أولى ولا يفرق بين النكاح وغيره، سوى في جواز تقديم القبول تخفيفا لحياء المرأة غالبا.

مسألة ٩ : لو أقر انسان لغيره بشئ عند شهود، أو عند المقر له مع علم المقر له بسبق

____________________

(١) البيان: ١٥٣.

(٢) الذكرى: ١٣٣.

(*)

٢٠٠