رسالة المحقق الكركي الجزء ٣

رسالة المحقق الكركي18%

رسالة المحقق الكركي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 319

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 319 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 40606 / تحميل: 5524
الحجم الحجم الحجم
رسالة المحقق الكركي

رسالة المحقق الكركي الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

[مقبول، وها أنا أقول، وربي حسبي في كل مسؤول.

اعلم أن المسائل المذكورة كانت احدى عشرة مسألة، أولها متعلقة بمباحث الالفاظ من مقدمات المنطق، وثانيها بعلم الكلام، والباقي بالفقه، فأكملتها بتحقيق مسألة كلامية مهمة من أن أفعال الله تعالى معللة بالغرض حتى كملت اثنتي عشرة مسألة:

المسألة الاولى

إن المذكور في كتب المنطق من حصر الدلالة في المطابقة والتضمن والالتزام، ومنقوض بالمركب الذي يكون أحد جزئيه مستعملا في المعنى المجازي والآخر في الحقيقي، ويكون الجزء المستعمل في المعنى الحقيقي قرينة على المعنى المجازي، بحيث يدل كليه على المعنى المجازي كقولهم: أسد في الحمام، فإن لفظ الحمام يدل دلالة كلية على أن المراد بالاسد الرجل الشجاع، فدل المركب المذكور كليا على أن الرجل الشجاع في الحمام.وهذا الدلالة ليست مطابقة ولا تضمنا وهو ظاهر، ولا التزاما، لان المعنى الحقيقي للمركب المذكور لا يلزمه بحسب التعقل كون الرجل الشجاع في الحمام، فيبقى واسطة بين الاقسام.هذا محصل السوال.

ويمكن أن يقال: إن مقسم الدلالة هو دلالة اللفظ الدال على معناه الحقيقي، وحينئذ خرج المركب المذكور عن المقسم، لان المركب من الحقيقة المجاز ليس بحقيقة على أنهم اعتروا في الدلالة ما يكون بعد العلم بالوضع كليا، ودلالة المركب المكذور على الرجل الشجاع ليس كلا، إلا بملاحظة مقدمة غير العلم بالوضع، مثلا فيما نحن فيه أسد في الحمام كليا لا يدل، لان قولهم: في الحمام إنما يدل على الرجل الشجاع بضم مقدمة وهي: أن الاسد ليس يدخل في الحمام.]

٨١

[وهذه المقدمة إنما تصح بعادة البلاد، فإنه لو صح أن ينقل أن في البلاد الباردة يحفظ الاسد في الحمامات، لا يفهم سيما في تلك البلاد من قولهم أسد في الحمام ذلك المعنى أصلا.

وكذا قولهم: أسد يرمي، إلا بملاحظة أن الاسد لا يرمي.نعم أهل العربية لما لم يعتبروا الكلية في الدلالة جعلوا المركبات المجازية داخلة في الدال المنقسم إلى المطابقي والتضمني والالتزامي، والمنطقيون أخرجوها وإن كان نظرهم إلى الافادة والاستفادة الحاصلة من المجاز.

إن قلت: فعلى هذا القول ان المنطقي غرضه من البحث عن الالفاظ الافادة والاستفادة، فلابد حينئذ من دخول مادة النقض في المقسم، فبطل الحصر.

قلت: أحد لا يشك أنهم لم يعتبروا مثل المجاز داخلا في مقسم الدلالة، لو صح فلا نقض.

إن قلت: فحينئذ يلزم النقض في حصر الدلالة المطلقة في الوضعي والطبيعي العقلي، إذ دلالة المركب المذكور ليس عقليا ولا وضعيا.

قلت: النقض المذكور غير متوجه، لان المجاز داخل في الوضعي، ليس داخلا في اللفظي الوضعي المعتبر في القسمة الثانية.

إن قلت: كلام الناقض في الحصر على تقدير دعوى الحصر العقلي كما فعل السيد الشريفقدس‌سره ، وحينئذ يكفيه الاحتمال ولا يحتاج إلى مادة النقص قلت: هذا كلام آخر، فإن ظاهر أول الكلام كان نقص الحصر، وإن أريد مجرد المنع فحينئذ يقال: إن المنع مشهور، بل نقض الحصر بأمثلة ذكرناها في شرح التهذيب، إنما كلامنا هنا في مادة النقض بخوصها.

المسألة الثانية

في بيان حدوث العالم بحيث يعم المجرد والمادي، وهي مسألة مهمة، مع أن]

٨٢

[المذكور في كلام المتكلمين كأفضل المحققين في تجريده من دليل الحدوث مخصوص بحدوث الماديات.

اعلم أن الاهتمام بهذه المسألة إنماهو لاثبات القدرة الذي يتوقف عليه النبوة ومسألة الاختيار، قد ثبت باتفاق المتكلم والحكيم، كيف لا ومن جوز أن يكون الواجب تعالى مؤثرا في العالم كالنار في الاحراق وسائل الجمادات فهو انقص من الجماد، نعم وقع الخلاف بين المتكلم والحيكم في الاختيار لا بمعنى إنشاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، بل في أن مقدم أي الشرطيتين واقع في الازل.

فالحكيم بأنه تعالى شاء في الازل وفعل فردا من العالم، المتكلم قال: لم يشأ لم يفعل، فكما أن قول الاشاعرة بوجود الصفات التي داخلة في الحقيقة في الممكن لم يضر في اثبات الشرع والدين كذا ما قاله الحكيم، بل قول الحكيم أقرب، لان ايجاد الصفات على مذهب السنة لا يمكن إلا بطريق تؤثر الحكيم أقرب، لان ايجاد الصفات على مذهب السنة لا يمكن إلا بطريق تؤثر النار في الاحراق.

نعم إن كان ما نقل عن الحكماء من أن الله تعالى خلق العقل الاول فقط وليس له دخل في باقي العالم، صحيحا، يبقى كلامهم بعيدا عن ذلك، لكن هذا افتراء كما حققه المحقق الطوسيقدس‌سره في شرح الاشارات.والمتكلمون لما وجدوا هذه الشنعة غنيمة شهروها وأوردوها في كتبهم، فالمحققون أثبتوا في تصانيفهم حدوث العالم المادي وأحالوا قسم المجرد إلى النقل، فإنه يثبت بعد اثباته الشرع حدوث العالم مطلقا.

وما افيد في الرسالة المرسلة في بيان حدوث العالم بجميع أفراده، هو أنه لو تحقق فيما بين الممكنات قديم زماني يكون تأثير المؤثر فيه دائما باعتبار البقاء، إذ علة الحاجة هو الامكان، وهو مستمر ولا شك أن التاثير في البقاء في الزمان الثاني لم يكن حاصلا في الزمان]

٨٣

[الاول، إذ هو شخص آخر من التأثير في أثر آخر، فلو لم يكن للممكن الموجود أول لزمان وجوده لاحتاج إلى أفاعيل وتأثيرات غير متناهية مترتبة، فيلزم التباس ويبطل ببرهان التطبيق.

هذا خلاصة ما ذكر من الدليل، وفيه إن هذا لو صح يجري في جميع الحوادث الزمانية الباقية، إذ آنات وجود الحادث المذكور غير متناهية، وكذا التأثيرات والابقاء‌ات.

وأيضا نقول: كل حادث يحتاج إلى امور متناهية مترتبة مجتمعة، إذ لا ريب أن المعلول لا يتخلف عن علته، فالعلة التامة للحادث لا يمكن أن تتقدمة، فحين الحدوث تتم العلة بجزء جديد، وينقل الكلام إلى علة الجزء الجديد ثم إلى علة علته، ولابد من تحقق الغير المتناهي حال الحدوث، وإلا يلزم التخلف المحال.

وحينئذ يقال: إن برهان التطبيق والتضايق يجريان في ذلك.واجيب بأن البرهان إنما يبطل وجود السلسلة، والابقاء والتأثير أمران اعتباريان، وكذا السلسلة المترتبة المجتمعة عند الحدوث، ولو سلم يكون هذا اعتراضا على برهان التطبيق والتضايق لا دليلا على المطلوب.

المسألة الثالثة

قال العلامةقدس‌سره في القواعد: لو قيد ناذر الدهر بالسفر، ففي جواز سفره في رمضان (اخختيارا) اشكال، أقربه الجواز، وإلا دار.

اعلم أن تحرير المقام يقتضي امور:

الاول: إن الاشكال يقتضي امارتين متعارضتين.

الثاني: أن الاقربية تقتضي قوة احداهما أو تقويتها، لكن بحيث لا تخرج]

٨٤

[الاخرى عن القوة.

الثالث: بيان الدور.

الرابع: أن نبين احتمال ضعف بيان الدور، فإن الدور لو كان ثابتا لا وجه للاقربية بل يكون صوابا، إلا أن يكون الدليل المعارض غير مدخول، وليس كذلك، اللهم إلا أن يقال في نظر العلامة لم يكن مدخولا.

فإذا علمت ذلك فنقول:

أما الامر الاول: وهو أن هنا دليلان، فالدليل الاول على أن السفر في الصورة المذكورة حرام، لان هنا مسألة مقررة: هي أن كل سفر جائز يجوز فيه الافطار، فإذا جاز السفر المذكور يلزم جواز الافطار المستلزم لا خلال النذر المحرم، وما يستلزم الحرام حرام، فالسفر حرام.

والدليل الثاني على أن السفر في هذه الصوره جائز: هو أن السفر المذكور لو كان حراما، يكون بناء على أن جواز السفر يكون سببا للافطار بانعقاد النذر، فإذا كان جواز الافطار علة لتحريم السفر، وتحريم السفر سبب لعدم جواز الافطار، فيلزم من رفع السبب الذي هو الجواز عدم تحريم السفر، فيلزم من التحريم عدم الحريم، وهو المطلوب.أو يقال بلزوم الخلف، وهو اجتماع التحريم وعدم التحريم، أو الجواز وعدم الجواز المستلزم للتناقض المحال.

وأما الامر الثاني: وهو بيان قوة الدليل الثاني أو تقويته، فلان الاصل الجواز، فيقوى الدليل الثاني بأصالة حل السفر.هذا بيان التقوية.

ويمكن بيان القوة بأن يقال: إن قول المستدل إن جواز الافطار مستلزم لاخلال النذر ممنوع، لان الاخلل ظاهره أن يفقد النذر ثم يحمل بغير مقتضاه، والجواز لا يستلزم ذلك، فإن أريد بالاخلال عدم انعقاد النذر، فحينئذ يبقى كلامه ظاهر الاختلال، إذ عدم الانعقاد ليس بحرام.

ويمكن أن يقال: إن النزاع يرجع حقيقة إلى انعقاد النذر وعدم انعقاده.]

٨٥

[تفصيله: أن المصنفقدس‌سره ذهب إلى أقربية انعقاد النذر في المسألة المذكورة على ما يجئ، لكن لابد أن يعلم أن في انعقاد النذر المذكور في صورة يتحقق وجوب الصوم في رمضان خلافا لا في محل التحريم الذي هو كون المكلف في الشهر المذكور في السفر، فإن الصوم في الصورة المذكورة حرام، والنذر لا ينعقد في الحرام اجماعا إنم الخلاف في صورة الوجوب والاباحة، واختار المصنف الانعقاد لكن لا في صورة تحريم الصوم وهو حال السفر، فلا ينعقد النذر المذكور اتفاقا حال السفر.

إن قيل: إن نذر الصوم لا ينعقد في شهر رمضان في السفر وليس كلامنا فيه، إنما كلامنا في انعقاد النذر في غير شهر رمضان، بحيث لا يبقى لقضاء ما أفطر الناذر المسافر في شهر رمضان وقت، فلا يجوز له السفر لا لانه انعقد النذر بالنسبة إلى شهرمضان في السفر، بل لانه انعقد النذر في جميع وقت يمكن فيه قضاء ما أفطر في شهر رمضان.

قلت: لا نسلم استغراق النذر لجميع أوقات يمكن فيها القضاء، بل أيام القضاء مستثنى، فدعوى انعقاد النذر في الدليل يقرب إلى المصادرة، وكذا دعوى بطلان اخلال النذر بالمعنى الذي اشرنا إليه، لكن هذا يخرج الدليل الاول عن المعارضة.

أما الامر الثالث: وهو بيان الدور، فقد يثبت ذلك بوجوه:

الاول: ان جواز الافطار علة لتحريم السفر، وتحريم السفر علة عدم جواز الافطار، وعدم جواز الافطار علة عدم تحريم السفر، وعدم تحريم السفر علة جواز الافطار، فيلزم تقدم جواز الافطار على نفسه بمراتب.

بيان المقدمات: اما الاولى والثانية فقد مر.

وأما الثالثة، فلان الجواز إذا كان علة لتحريم السفر، يكون عدم جواز الافطار علة لعدم التحريم، بناء على أن عدم العلة علة لعدم المعلول.]

٨٦

[وأما الرابعة، فلان تحريم السفر لما فرض علة لعدم جواز الافطار، يكون عدم التحريم علة للجوا، بناء على أن عدم العلة علة لعدم المعلول.

الثاني: إن عدم جواز الافطار علة لعدم تحريم السفر، وعدم تحريم السفر علة لجواز الافطار، وجواز الافطار علة لتحريم السفر، وتحريم السفر علة لعدم جواز الافطار، فيلزم أن يكون عدم الجواز مقدما على عدم الجواز بمراتب.

الثالث: إن صحة تحريم السفر المذكور فرع صحة انعقاد النذر، وصحة انعقاد النذر موقوف على صحة تحريم السفر.قال صاحب الايضاح في بيان القرب شيئا يدل على بيان الدور إنه لو حرم لزم استلزام الشئ لنقيضه، واللازم باطل فالملزوم مثله.بيان الملازمة أن تحريمه يسلتزم تحريم القصر فيه، لانه كلما لم يجز السفر لم يجز الافطار، ولا مقتضي لتحريم السفر إلا جواز الافطار، لانه (هو)، المستلزم للاخلال اختيارا المستلزم لتحريم السفر اجماعا، واذا انتفى المقتضي انتفى تحريم السفر، لعدم السبب المقتضي له، فيستلزم تحريمه عدم تحريمه،[وأما استحالة التالي فظاهرة].وهذا واشباهه في مسائل تأتي يسميها المصنف بالدور.ويمكن توجيه الدور المصطلح عليه بأن تحريم السفر موقوف على وجوب القصر، وهو موقوف على اباحة السفر، والاباحة موقوفة على عدم الاخلال بالنذر، وهو موقوف على[وجوب] الاتمام، ووجوب الاتمام موقوف على تحريم السفر، فيتوقف على نفسه بمراتب انتهى.وقد علمت فيما مر أنه يلزم علية التحريم لعدم التحريم، وكذا سببية الجواز،]

٨٧

[لعدم الجواز، وجعل تقدم الشئ على نفسه مسمى بالدور أحسن، وإن لم يكن في هذا المقام لتأويل الدور إلى المعنى المجازي حسنا، لان الدور بمعناه الحقيقي كما بينا.ويمكن بوجوه اخربيان الدور تركناها، لكن نقول على ما حررنا: لا نحتاج إلى حصر المقتضي في الجواز، بل يكفي الاقتضاء في استلزام الشئ لنقيضه، فلا يكون المنع الذي أورد في الرسالة ضارا، بل منع مقدمات الدليل نافع على سياف المصنف، فلنتكلم في مقدمات بيان الدور المذكور في الايضاح: أما المقدمة الاولى: وهي تحريم السفر موقوف على وجوب القصر، إن اريد بها أن تحريم السفر في الواقع موقوف على وجوب القصر المتحقق في الواقع، فممنوع.وإن اريد أن حكم الحاكم بتحريم السفر منوط على وجوب القصر كما قالوا إن علل الشرع معرفات، لو سلم فلا يتحقق الدور، إذ لا يمكن اثبات التوقف باعتبار العلم في جميع المراتب.

أما المقدمة الثالثة: وهو قوله: الاباحة موقوفة على عدم الاخلال، فممنوع، إذ الاباحة لو حملت على ظاهرها لا تصح، لان الاباحة المقابلة للاحكام الاربعة لا تتوقف على عدم اخلال النذر، إذ وجوب السفر واستحبابه وكراهته موجبات للافطار المستلزم للاخلال، فالمراد عدم الحرمة موقوف على عدم الاخلال، هو ممنوع، إذ يلزم بناء على أن الرفع علة للرفع أن يكون الاخلال عليه للحرمة، مع أن النذر علة للحرمة.

أما المقدمة الرابعة: وهي قوله: عدم اخلال النذر موقوف على وجوب الاتمام، ممنوع، إذ عدم الاخلال أزلي لا يتوقف على وجوب الاتمام، إذ الوجوب حادث عند الامامية.إلا أن يراد بعدم الاخلال: عدم مخالفته النذر بعد انعقاده فهو حادث، لكن حينئذ يظهر منع المقدمة الرابعة، إذ وجوب]

٨٨

[الاتمام متحقق مع انعقاد النذر، وعدم الاخلال حادث بعده.وكذا الثالثة، لان عدم الحرمة ليس موقوفا على الاخلال الحادث.

[أما] الرابع: بيان خلل في اثبات الدور، وهو انا لا نسلم أن رفع العلة علة لرافع المعلول عند المتكلمين، فانهم قالوا: إن البناء فاعل للبناء، وعدم الفاعل لايستلزم بقاء البناء، وعلى مذهب الامامية القائلين بأن العبد فاعل لافعاله، وأن القبيح لا يصدر عن الله، اذا سب أحد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو الله تلى في كتاب لا ريب أن هذا قبيح لا يصدر عن الله، مع أنه يبقى ويفنى الساب.وأيضا نمنع أن الجواز الذي رفعه لازم من تحريم السفر عين الجواز الذي كان بضم النذر سببا للتحريم.

ويمكن أيضا منع قوله: صحة انعقاد النذر فرع صحة تحريم السفر في الوجه الثالث من بيان الدور.

فإذا أحطت بما سمعت، فاعلم أن الحق جواز السفر على تقدير النذر المذكور، وجعل المصنفقدس‌سره هذا موضع الاشكال بعد ملاحظة أن النذر لا ينعقد في الحرام، وهو صوم السفر المذكور.

المسألة الرابعة

في القواعد: لو اشترى عبدا بجارية ثم أعتقهما، فإن كان الخيار له بطل العتقان، لانه بعتق الجارية مبطل للبيع، وبعتق العبد ملتزم بالعقد، فعتق كل منهما يمنع عتق الآخر فيتدافعان.

ويحتمل عتق الجارية، لان العتق فيها فسخ وفي العبد اجازة، واذا اجتمع الفسخ والاجازة قدم الفسخ، كما لو فسخ أحد المتعاقدين وأجاز الآخر البيع فإن الفسخ مقدم وعتق العبد، لان الاجازة ابقاء للعقد والاصل فيه]

٨٩

[الاستمرار.وفي الرسالة أن الشيخ العلامة المعاصر اختار بطلان العتقين كما اختاره المصنف، وأورد السيد الايد أن عتق العبد لما كان في ملكه فعتقه واقع في محله، وأما الجارية فإنما يقع عتقها في محله لو فسخ العقد الاول، ونفس العتق لا يدل على الفسخ إلا بضميمة أن فعل المسلم الاصل فيه الصحة، فلما عتق مملوك شخصا آخرا، ومعلوم أن عتق مملوك شخص آخر لا يصح، فلا بد أن يحتمل على أنه قبل العتق فسخ العقد حتى يمكن حمله على الصحة كما بينه الشيخ العلامة المذكور في مسألة دلالة العتق على الفسخ.ولا شك أن هذا إنما يتيسر اذا أمكن حمل فعله على الصحة، ولما كان العتقان باطلين لا يمكن حمل فعل المسلم على الصحة في المسألة المذكورة، فلا يدل على الفسخ فلا ينعقد عتقهما، فلا يزاحم عتق العبد فيعتق العبد، فالقوة للاحتمال الثالث.هذا خلاصة كلام الرسالة.وتلخيصه أن الصحة إنما هو ترتب الاثر، والعتقان لما حكم ببطلانهما في المسألة فلا يقال: إن فعل المسلم محمول على الصحة، واذا بطل حمل فعل المسلم على الصحة، فلا يقع الفسخ، فيبقى العبد معتقا، إذ عتق العبد مع عتق الجارية كعتق عبدالمعتق اعتقه مع عتق عبد غيره، إذ الجاريه صارت ملكا للغير فلا يقع عتقها.

نعم لو حمل فعل المسلم على الصحة، لابد من ملاحظة ابقاء بيع العبد وفسخ الجارية حتى يقع العتقان، واذا علمت أن حمل فعل المسلم على الصحة غير محمول على الصحة، فلا يكون قبل قول المعتق: اعتقهما، لا فسخ البيع ولا بقاؤه، فحينئذ يكون عتق العبد واقعا، اذالمانع من عتقه فسخ البيع ولم يقع.]

٩٠

[إن قلت: عتق العبد يستلزم محذورات:

الاول: ان فعل المسلم غير محمول على الصحة.

الثاني: لا يكون العتق في الخيار فسخا مع أن الشائع ذلك.

الثالث: انه يلزم حمل فعل المسلم على غير المشروع، وهو اعتاق مال الغير وهو الجارية.

قلت: مثل هذا مشترك في صورة بطلان العتقين وصوره عتق الجارية، والاحتمالات لا تخرج عن هذه: أما صورة بطلان العتقين، فلان بطلان كل من العتقين فساد فيلزم فسادان، واعتاق احدهما اعتاق مال الغير فيلزم خلاف الشرع، مع أنه يلزم عدم ترتيب الاثر وهو العتق، ولا شك أنه أمر مهم.

وأما عتق الجارية، فلانه يلزم منه اعتاق مال الغير بالنسبة إلى العبد، وبطلان عتق العبد، وعدم ايقاء البيع الذي يتوقف صحة فعل المسلم أعني عتق العبد عليه.اعلم أن فعل المسلم هنا إن حمل على المشروع، فلابد أن يلاحظ في: اعتقهما أمران: الاول فسخ البيع، الثاني: ابقاء للبيع.وهذا محال، فلا يصح حمل الفعل المذكور على المشروع إلا أن يقال: الفسخ لابد منه قبل العتق.وأما ابقاء البيع فلا يحتاج ملاحظة فلا يلزم المحال، إذ البيع المذكور إذا لم يفسخ يكفي في عتق العبد ولا يحتاج إلى ملاحظة الابقاء.وفيه أن المعتق لابد أن يلاحظ الفسخ ليصح عتق الجارية، وعدمه ليصح عتق العبد.

ولك أن تقول: إن اعتاقهما كذلك غير معقول، إذ قول المعتق: اعتقتهما، المراد به ايقاع أفعال مقدورة تكون سببا لعتقها، ومن جملة الاسباب ابقاء البيع وفسخه، فايقاعهما يكون عزما على جمع النقيضين، وهو محال، فيكون]

٩١

[العتقان باطلين.نعم لو كان الاعتاق المذكور واقعا لاحتمل عتق الجارية والعبد، وعتق العبد أقرب.

لا يقال: يحتمل أن يكون مراد المعتق بقوله: اعتاق احدهما، لاعلى التعيين، وحينئذ لا تلزم اكثر المحذورات.

لانا نقول: كلامنافي صورة يكون الاعتاق بالنسبة اليهما جميعا.

المسألة الخامسة

لو أجاز المرتهن الرهانة الثانية، ففي كونه فسخا لرهنه، أو فيما قابل الدين، أو العدم مطلقا نظر، اختار الشخى العلامة الاخير، مستدلا بأنه لا تنافي بين الرهنين حتى كون فسخا للاول، فكل منهما رهن صدر من أهله في محله، فكلاهما صحيحان.ولما كان الاول مقدما، فوجه صحة الثاني أنه إذا فضل من استيفاء دين الاول شئ يصرف في وجه الثاني.هكذا نقل في الرسالة المرسلة.والقول بعدم الفسخ يتصور على وجوه.

الاول: أن يكون استيفاء دين الاول مقدما، فإن فضل يكون للدين الثاني.

الثاني: أن يكون الثاني مقدما، وما فضل يكون للاول، عكس الاول.

الثالث: أن يكون المرتهنان في درجة واحدة، كما اذا أخذا رهنا في أول الحال من غير تقدم أحد المرتهنين في أخذ الرهن على الآخر.لكن من ذهب إلى عدم الفسخ لعله اختار الاول، نظرا إلى أن الرهن الاول تعلق بجميع أجزاء المرهون على السوية، والرهن الثاني لا يبطل التعلق الاول، فما لم يخرج المرهون عن استيفاء دين الرهن الاول لا يتعلق به استيفاء دين الرهن الثاني فيستلزم الترتيب.]

٩٢

[وحينئذ لا فائدة في الرهن اذا تساوى المرهون مع الدين الاول أو نقص عنه، إلا على تقدير أن يؤدى الدين الاول أو يسقط، لكن يبقى هذا القول محتملا، وهما اقرب من الفسخ على الوجه الذي قالوا به.

ثم أن القول بالفسخ بما قابل الدين متصور على انحاء:

الاول: أنظر ينظر الدينان أو يلاحظ نسبتهما ونسبة أجزاء المرهون، فإن كان الدين الاول ثلثين والدين الثاني ثلثا، يكون ثلث المرهون رهنا للثاني والباقي للاول.

الثاني: أن يكون الرهن للثاني والفاضل للاول على الترييب.

الثالث: أن يكون المرتهن الثاني يستوفي تمام دينه والباقي يكون للمرتهن الاول من غير ترتيب، كما اذا كان المرهون بألف دينار، ويكون الدين الاول خمسمائة والثاني ستمائة، يأخذ الثاني ستمائة ويدخل النقص في الاول.و الذي قاله السيد الايد من أن المرهون رهن لمجموع الدينين والنقص يدخل عليهما، لان كل واحد من الرهنين صدر من أهله في محله، وسبب تام في انعقاد الرهن، لان حجر الراهن المالك في ملكه إنما هو من جهة المرتهن، فإذا أذن المرتهن فقد تحقق سبب شرعي تام في نفاذ تصرف المالك في ملكه وانعقاد رهنه ولما لم يدل على بطلان الاول باحدى الدلالات الثلاث فكل الرهن على مجموعهما فيلزم التقسيط، فتكون الاجازة فسخا فيما قابل الدين الثاني، فيلزم بطلان رهن كل المرهون في مقابلة الدين الثاني.وكذا يلزم بطلان الرهن الثاني في مقابلة الدين الاول من حيث لا يدري.ونظير هذا ما اذا تنازعا فيما في يد الثالث، ولكل بينة مساوية لبينة الآخر من جميع الوجوه، فإنه يقسط عليها، مع أن التقسيط ابطال لبض دعوى كل منهما.هذا كلامه، فهو بالحقيقة قول بعدم الفسخ، لان كل واحد من الرهنين تعلق بكل المرهون وهو عدم الفسخ، إلا أن هذا قول آخر في معنى عدم الفسخ]

٩٣

[ألا يرى أنه لا يقال: إن الاول فسخ للثاني، ولو صح يلزم أن يكون الاول فسخا للثاني.وأيضا الذي يفهم من الفسخ في مقابلة الدين أن يكون اذن المرتهن استثناء لجزء من المرهون لدين المرتهن الثلاني.وعلى القول المذكور كل واحد من الرهنين يكون فسخا للآخر، مع أن جعل الرهن الاول فسخا للثاني مستبعد، ولو صح يكون هذا قولا رابعا.ثم إن هذا الكلام إنما يصح لو اجتمع الرهنان، كما اجتمع الدعويان في صورة التنظير المذكور، مع أن الرهن الاولى يقتضي التقديم والاختصاص، فحينئذ يأبى عن جمعه مع الثاني إلا بالاستثناء كما قلنا، فلهذا يسمى فسخا فيما يقابل الدين، وإلا فالتقسيط لا يسمى فسخا.قال صاحب الايضاح في بيان المذاهب الثلاثة: أما وجه أن الرهن الثاني فسخ للاول مطلقا: فهو أن الرهن يقتضي اختصاص المرتهن وتقدمة.وهذا لا يمكن جمعه مع الرهن الثاني، لان تقدم كل واحد من المرتهنين واختصاصه محال، فبطل الرهن الاول.

وأما وجه الفسخ بما قابل الدين: فهو أن المقصود استيفاء الدين، وهو ممكن هنا فلا منافاة ولا مزاحمة.

وأما وجه الثالث، وهو عدم الفسخ لا مطلقا ولا فيما قابل الدين، لان الرهن الثاني لا يدل على بطلان الاول لا مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما، إذ لا مانع من تعلق دينين بعين واحدة وتقدم أحدهما على الآخر، وتكون الفائدة في أنه لو قضي المرتهن الثاني حقه بقي حق المرتهن الاول، وكذا لو أسقط[الثاني] حقه هذه عبارة الايضاح.ولو صح أن الرهن يقتضي التقدم والاختصاص، لا شك أنه لا يجتمع]

٩٤

[الرهن الاول والثاني، فمذهب من قال بالنسخ فيما قابل الدين حق بأن يكون الرهن الثاني عقدا بقيد رهانة جزء من المرهون لا كله، فيبطل اختصاص المرتهن الاول وتقدمه في الجزء المذكور، فمذهب القائل بالفسخ مطلقا، ومذهب القائل بالفسخ فيما قابل الدين، يمكن بناؤهما على أن الرهن يقتضي الاختصاص والتقدم، لكن الاقرب الابطال بقدر الحاجة وهو الفسخ فيما قابل الدين.وأما المذهب الثالث لا يمكن إلا بمنع أن الرهن يقتضي الاختصاص والتقدم، نعم يقتضيهما بمعنى أن المرتهن يتقدم على باقي الديان، لان المرتهن يتقدم على المرتهن.

المسألة السادسة

لو باع الراهن فطلب المرتهن الشفعة، ففي كونه اجازة اشكال، فإن قلنا به فلا شفعة.تحرير الكلام ان الشفعه معلول للبيع، وطلب المعلول يستلزم الرض بالعلة، فيكون الشفيع راضيا بالبيع، فتلزم الاجازه؟ فحينئذ يلزم بطلان الشفعه.وفيه أن الشفيع رضى بالبيع لاخذ الشفعة، والبيع مطلقا يكفي في الشفعة ولا يحتاج إلى اللزوم على ما ذهب إليه بعض الفهاء فلا يلزم من الرضى اللزوم، وكيف لا، ولو صح هذا تبطل الشفعة مطلقا، إذ كل شفيع يرضى بالبيع للشفعة فبطل الشفعة، فإذا جعلنا طلب الشفعة تجويزا للبيع والتجويز مبطل للشفعة لا تبقى شفعة أصلا.

في الرسالة: ذكر الشارح في ايضاحه والشهيد في تعليقاته على الارشاد، أنه يجب حمل فعل المسلم على الصحة والمشروع، فلما كانت مشروعية الطلب]

٩٥

[وصحته موقوفة على البيع الموقوف على الاجازة فيدل طلبه على اجازة.هذه عبارة الرسالة، ثم نقل السيد الايد عن شيخه شيخ الفقهاء، إذ اختار أن الطلب يدل على الاجازة مستدلا بما ذكروا، ورد عليه أن الطلب المذكور بعد ملاحظة أن المسلم طلبه مشروع، فتكون اجازته للبيع مقدما، فلا يمكن أن يكون مشروعا، لان طلب الشفعة بعد الاجازة مخالف للشرع.اعلم أن المستفاد من كلام الشارح العلامة في الايضاح، أنه يستدل بالرضى بالمعلول على الرضى بالعلة، وحينئذ لا يبقى للمقدمة القائلة بأن فعل السملم يحمل على المشروع مدخل، إلا بأن يقال: إن فائدته أن قول المسلم: أخذت الشفعة مثلا، وقع بعد البيع، وأما الرضى بالبيع فيدعى فهمه من أن الرضى بالمسبب يستلزم الرضى بالسبب.كذا يفهم من كلام الشيخ الشهيدقدس‌سره .

وفي الايضاح أقول: منشأ الاشكال الواقع في كون الطلب هنا اجازة البيع، هو أن الشفعة مترتبة على البيع، وطلب المعلول لا يتصور بدون الرضى بالعلة، فلا يتصور طلب المرتهن لشفعة إلا بالرضى بالبيع، وإن طلب المرتهن ثبوت ملكه وازالة ملك المشتري، هو طلب أمبر يساوي الفسخ في ازالة ملك المشتري الذي هو المقصود من الفسخ، فكما أن الفسخ لا يوجب الاجازة فكذا الشفعة، فلا يثبت على طالب الشفعة ضده، لانه إنما صدر عنه المساوي للفسخ.والتحقيق ان هذه المسألة تبنى على أن الشفعة هل تثبت بمجرد العقد، أم بلومه.فإن قلنا بالاول لم تكن اجازة ولم تسقط الشفعة به، لانه الرضى بالبيع]

٩٦

[الذى يتضمنه، طلب الشفعة لا يسقط الشفعة، وإلا لم تثب شفعة أصلا، وإنما لم تكن اجازة، لانه لا يدل عليها بالمطابقة والتضمن والالتزام، لجواز الغفلة عن كونها رهنا، فهو أعم، ولا دلالة للعام على الخاص.وان قلنا بالثاني، كان اجازة فتبطل الشفعة، لان طلبها يدل على اجازته لتلزم الشفعة، وإلا لم يصح الطلب، هذا كلامه.اعلم أن خلاصة الكلام قبل قوله: والتحقيق، أن الاشكال مبني على أمارتنين.

الاول: ان طلب الشفعة يقتضي الرضى بالعلة التي هو البيع، فيلزم الاجازة فتبطل الشفعة.

الثاني: ان قول الشفعى في قوة فسخت وأخذت الشفعة، فكما أن هذا القول لا يدل على الاجازة فكذا ما يساويه.

وأما ما قاله بعد قوله: والتحقق، فكلام برأسه، ويتوجه عليه أن الشفعة اذا جعلت مرتبة على البيع الازم لا يلزم دلالة قول الشفعيع على الرضى بالبيع لا بالمطابقة ولا غيرها، كما قال في أحد شقي الكلام في التحقيق، وهو ظاهر.

إن قلت: كلام الايضاح هنا مبني على أن فعل المسلم محمول على الصحة، فإذاعلم طالب الشفعة أن الشفعة مترتبة على البيع اللازم فطلب الشفعة فلزم البيع.

قلت: هب أنه كذلك، لكن الشفعيع يمكن أن يطلب الشفعة زاعما ان الشفعة تترتب على البيع الاعم، وإن كان الحق أن الشفعة مترتبة على البيع اللازم.

ثم أمكن أن يقال: لو لم يلاحظ المقدمة القائلة إن فعل المسلم محمول على]

٩٧

[المشروع، أن الطلب هنا ليس بمشروع، فإن الطلب فرع الرضى، فإذا رضى ثم طلب يكون طلب غير مشروع.والحق أن طلب الشفيع لا يستلزم تعقل الرضى، والمقدمة القائلة بأن طلب المعلول يستلزم الرضى بالعلة، ممنوعة ولا تسقط الشفعة.

إن قلت: إذا لاحظنا أن طالب الشفعة عمل بالمشروع في طلب الشفعة تلزم الاجازة واسقاط الشفعة.

قلت: هذه المقدمة على ما قال الشيخ الشهيدرحمه‌الله ، لان يعلم أن طالب الشفعة طلب الشفعة بعد البيع لا قبله، لان طلب الشفعة قبل البيع غير مشروع، وحينئذ لا فائدة كثيرة لتلك المقدمة، لان البحث مفروض بعد البيع.وكيف لا لو كان المقدمة المذكورة منظورا في الدليل تلغو بعض المقدمات، فإن قولهم الرضى بالمعلول رضى بالعلة إلى آخر ما قالوا لا يحتاج إلى ضم تلك المقدمة، وحيئنذ لا يلزم أن يكون الطلب غير مشروع، فإن الاجازة تلزم بنفس طلب الشفعة لا من المقدمة المذكورة.

إن قلت: نحن نحرر هكذا: إن فعل السملم محمول على أنه عالم بأن الشفعة لا تتصور إلا بعد لزوم البيع، فيلتزم بالبيع ثم يطلب الشفعة، وحينئذ تبطل الشفعة ويكون الطلب أيضا غير مشروع.

قلت: هذا الكلام يبطل الشفعة مطلقا، مع أنه غير معقول في نفسه كما لا يخفي.نعم يتوجه ما أوردنا أن طلب الشفعة باللفظ الدال اذا كان بعد الاكثر لم يكن الطلب غير مشروع، سواء لوحظت المقدمة القائلة بأن فعل المسلم محمول على المشروع أولا.

المسألة السابعه

لو جعلا أي الراهين والمرتهن الرهن على يد عدلين، لم يجز لاحدهما التفرد]

٩٨

[به ولا ببعضه، ولو سلمه أحدهما إلى الآخر ضمن النصف، ويحتمل أن يضمن كل واحد منهما الجميع.اختار الشيخ الفقيه الثاني، وأورد أن أصل المسألة كأنها مسألة على التناقض، لانه لا يخلو: إما أن يكون فرض المسألة فيما اذا كان هناك قرينة حالية أو مقالية على الايداع بكل منهما، أولا، بل المودع الكل المجموعي بأن يكون كل منهما مودعا للنصف.فإن كان الثاني فكيف يضمن كل واحد منهما الجميع، وانه ما تعدى إلا في النصف الآخر المتعلق بصاحبه.وإن كان الاول فمثبت اليد على الكل ما قصر، لانه حفظ الكل وذلك واجب عليه، غاية ما في الباب أن صاحبه ما وافقه في الشركة، ولا يمكن مؤاخذة شخض بفعل الغير وتقصيره، فإن من الجائز أن يكون الحافظ مع عدم تقصيره في الحفظ جلب الموافقة من صاحبه ولم يوافقه الصاحب، فأي ذنب له.فالاعدل هو الاول، هذا كلام الرسالة.وفيه أن المراد أن الرهن جعل في يد عدلين، بمعنى أن يكون حفظ كل واحد مشروطا بنظر الآخر، فإذا ترك أحدهما الحفظ فقد ترك كل منهما الحفظ بشرط نظر الآخر.نعم الاول قصر حيث ترك الحفظ بشرط النظر وتصرف في مال الغير بغير رضاه، فهما يضمنان الكل، وذنب الحافظ اكثر.

المسألة الثامنة

القول قول المرتهن في أن رجوعه عن اذنه للراهن في البيع قبله ترجيحا للوثيقة، لان الاصل عدم بيع الرهن في الوقت الذي يدعيه، وعدم رجوع المرتهن في الوقت الذي يدعيه، فيتعارضان ويبقى الاصل استمرار الرهن.ويحتمل تقديم قول الراهن عملا بصحة العقد، اختار الشيخ العلامة]

٩٩

[الاول.وفي الرسالة أن الظاهر هو الثاني، لانه بعد ما حصل الاذن فالاصل استمراره بحكم الاستصحاب، وليس لعدم بيع الراهن في الوقت الذي عينه أصالة بعد تحقق الاذن.

والحاصل: ان لعدم بيع الراهن في وقت شرعي أصالة قبل تحقق الاذن، وبعد تحقق الاذن صار الاصل هو صحة بيعه ووقوعه في وقت شرعي، خصوصا اذا ضم إليه أصالة صحة العقد، فالقوة للثاني، انتهي.واعلم أن الاذن لا يدفع أصالة عدم وقوع البيع في وقت شرعي، وكيف لا والاذن لا يستلزم الوقوع، وكما أن الاصل صحة البيع فكذا الاصل بقاء الرهن، فاختيار الشيخ العلامة غير بعيد.

المسألة التاسعة

لو شككنا في وقوع الرضا بعد الحولين، تقابل أصلا البقاء، والاباحة، لكن الثاني أرجح، وفي الرسالة فيه اشكال من وجوه:

الاول: ان الاباحة ما بقي له تأثير واعتبار مع استصحاب بقاء الحولين وتحقق الناقل، فإنه قبل زمان الشك لا شك أنه كان زمان الحولين، فيستمر بحكم الاستصحاب حتى يزيله ناقل، ولا شك أن بعد الشك ما تحقق الناقل فثبت الرضاع، فثبت الناقل عن الاباحة الاصلية بعد أن كانت مما بقي أثره، بل الاصل صار عدم الاباحة كما تقرر أن الاصل يجب به العلم إلى أن دل دليل على زواله، فبعد ذلك صار الاصل زواله إلى أن دل دليل على زوال البقاء.

الثاني: إن أصالة البقاء لو تمت لتمت في بعض الصور، كما اذا عرفت خمس عشرة رضعة في زمان معين، ولم يعلم اتصال الحولين إلى هذا الزمان، فالاصل اتصاله أما اذا علم انقطاع الحولين في زمان، ويشك في أن خمس]

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

٢٤٥١ - وروي عن نصر الخادم قال: " نظر العبد الصالح أبوالحسن موسى بن جعفر عليهما السلام إلى سفرة عليها حلق صفر(١) فقال: انزعوا هذه واجعلوا مكانها حديدا فإنه لا يقرب شيئا مما فيها شئ من الهوام ".

باب السفر الذى يكره فيه اتخاذ السفرة

٢٤٥٢ - قال الصادق عليه السلام لبعض أصحابه: تأتون قبر أبي عبدالله صلوات الله عليه؟ فقال له: نعم، قال: تتخذون لذلك سفرة؟ قال: نعم، قال: أما لو أتيتم قبور آبائكم وامهاتكم لم تفعلوا ذلك، قال: قلت: فأي شئ نأكل؟ قال: الخبز باللبن(٢) ".

٢٤٥٣ - وفي خبر آخر قال الصادق عليه السلام: " بلغني أن قوما إذا زاروا الحسين عليه السلام حملوا معهم السفرة فيها الجداء والاخبصة(٣) وأشباهه، لو زاروا قبور أحبائهم ما حملوا معهم هذا ".

باب الزاد في السفر

٢٤٥٤ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من شرف الرجل أن يطيب زاده إذا خرج في سفر(٤) ".

___________________________________

(١) الحلق كعنب حلقة والحديد يدفع الهوام.

(٢) يدل على استحباب ترك المطاعم الجيدة في سفر زيادة أبى عبدالله الحسين عليه السلام واستشعار الحزن فيه، والخبر رواه ابن قولويه في كامل الزيارات ص ١٢٩ مسندا.

(٣) الجداء: الجدى المشوى، وفى الكامل " الحلاوة "، والخبيص حلواء من التمر.

(٤) رواه الكلينى ج ٨ ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٧ عن على، عن أبيه، عن النوفلى، عن السكونى عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله الحديث " وشرف الرجل: مجده وأصالته.

٢٨١

٢٤٥٥ - و " كان علي بن الحسين عليهما السلام إذا سافر إلى مكة للحج أو العمرة تزود من أطيب الزاد من اللوز والسكر، والسويق المحمض والمحلى ".

٢٤٥٦ - وروي أنه " قام أبوذر - رحمة الله عليه - عند الكعبة فقال: أنا جندب ابن السكن، فاكتنفه الناس فقال: لو أن أحدكم أراد سفرا لاتخذ فيه من الزاد ما يصلحه لسفره، فتزودوا لسفر يوم القيامة، أما تريدون فيه ما يصلحكم؟ فاقم إليه رجل فقال: أرشدنا، فقال: صم يوما شديد الحر للنشور، وحج حجة لعظائم الامور وصل ركعتين في سواد الليل لوحشة القبور، كلمة خير تقولها، وكلمة شر تسكت عنها، أو صدقة منك على مسكين لعلك تنجو بها يا مسكين من يوم عسير، اجعل الدنيا درهمين درهما قد أنفقته على عيالك ودرهما قدمته لآخرتك، والثالث يضر ولا ينفع لا ترده، اجعل الدنيا كلمتين كلمة في طلب الحلال وكلمة للآخرة، والثالثة تضر ولا تنفع لا تردها، ثم قال: قتلني هم يوم لا ادركه ".

٢٤٥٧ - وقال لقمان لابنه: " يا بني إت الدنيا بحر عميق، وقد هلك فيها عالم كثير، فإجعل سفينتك فيها الايمان بالله، واجعل شراعها التوكل على الله(١) واجعل زادك فيها تقوى الله عزوجل، فإن نجوت فبرحمة الله، وإن هلكت فبذنوبك ".

باب حمل الآلات والسلاح في السفر

٢٤٥٨ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " في وصية لقمان لابنه: يا بني سافر بسيفك وخفك وعمامتك وحبالك(٢)

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ١ ص ١٦ في حديث طويل عن هشام بن الحكم، عن موسى بن جعفر عليهما السلام مع اختلاف وفيه " فلتكن سفينتك فيها تقوى الله، وحوشها الايمان، وشراعها التوكل " والشراع ككتاب ما يقال له بالفارسية بادبان.

(٢) الحبال: الرسن.

ورواه الكلينى في الروضة ص ٣٠٣ تحت رقم ٤٦٦، وفيه " وخبائك " والخباء: الخيمة.

٢٨٢

وسقائك وخيوطك ومخرزك(١) وتزود معك من الادوية ما تنتفع به أنت ومن معك، وكن لاصحابك موافقا إلا في معصية الله عزوجل - وزاد فيه بعضهم: وفرسك -(٢) ".

باب الخيل وارتباطها وأول من ركبها

٢٤٥٩ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة(٣) والمنفق عليها في سبيل الله عزوجل كالباسط يده بالصدقة لا يقبضها "(٤) .

فإذا أعددت شيئا فأعده أقرح أرثم محجل الثلاثة، طلق اليمين، كميتا ثم أغر تسلم وتغنم(٥) .

___________________________________

(١) في الكافى " وسقائك وأبرتك وخيوطك " والمخرز ما يخرز به الخف والجراب والسقاء وما كان من الجلود.

(٢) في بعض النسخ " وقوسك " كما في المحاسن ص ٣٦٠. ولعله الاصوب.

(٣) إلى هنا رواه الكلينى ج ٥ ص ٤٨ في الصحيح وكذا البرقى في المحاسن ص ٦٣١ وفيهما " الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة " وهكذا رواه أحمد والبخارى ومسلم والنسائى وابن ماجة.

(٤) رواه أبوداود السجستانى باسناده عن سهل بن الربيع بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وآله، ورواه الطبرانى في الاوسط على ما في الجامع الصغير عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وآله هكذا " الخير معقود بنواصى الخيل إلى يوم القيامة، والمنفق على الخيل كالباسط كفه بالنفقة لا يقبضها ".

(٥) روى ابن حبان في صحيحة عن عقبة بن عامر وأبى قتادة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله " خير الخيل الادهم الاقرح الارثم المحجل طلق اليد اليمنى، قال يزيد بن أبى حبيب: فان لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية " وروى الحاكم في المستدرك عن عقبة عن النبى صلى الله عليه وآله قال: " إذا أردت أن تغزو فاشتر فرسا أغر محجلا مطلق اليمنى فانك تغنم وتسلم " ونحوه في المحاسن ص ٤٣١.

والاقرح هو الفرس يكون في وسط جبهته قرحه بالضم وهى بياض يسير، والارثم بفتح الهمزة والثاء المثلثة المفتوحة هو الفرس الذى أنفه وشفته العليا أبيض، والمحجل هو الذى يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الارساغ ولا يجاوز الركبتين لانهما مواضع الاحجال وهى الخلاخيل والقيود ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معها رجل أو رجلان (النهاية) وطلق اليمين بفتح الطاء وسكون اللام وبضمها أيضا إذا لم يكن بها تحجيل.

والكميت بضم الكاف وفتح الميم هو الفرس الاحمر أو الذى ليس بالاشقر ولا الادهم بل يخالط حمرته سواد، والشية بكسر الشين المعجمة وفتح الياء مخففة هو كل لون في الحيوان يكون معظم لونها على خلافه.

وقوله " محجل الثلاثة " أى يكون يده اليسرى ورجلاه بيضاء أو يكون فيها بياض.

والاغر ما يكون في جبهته بياض.

٢٨٣

٢٤٦٠ - وروى بكر بن صالح، عن سليمان بن جعفر الجعفري عن أبي الحسن عليه السلام قال: " سمعته يقول: الخيل على كل منخر منها شيطان، فإذا أراد أحدكم أن يلجمها فليسم "(١) .

٢٤٦١ - قال: وسمعته يقول: " من ربط فرسا عتيقا محيت عنه عشر سيئات(٢) وكتبت له إحدى عشرة حسنة في كل يوم، ومن ارتبط هجينا(٣) محيت عنه في كل يوم سيئتان وكتبت له تسع حسنات في كل يوم، ومن ارتبط بزذونا(٤) يريد به جمالا أو قضاء حاجة أو دفع عدو محيت عنه في كل يوم سيئة وكتبت له ست حسنات.(٥) ومن(٦) ارتبط فرسا

___________________________________

(١) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٩ من يعقوب بن جعفر عنه عليه السلام وفيه " فليسم الله عزوجل "، وهكذا في المحاسن.

(٢) في المحاسن والكافى ج ٥ ص ٤٨ " ثلاث سيئات ".

والعتيق هو الذى أبواه عربيان وفرس عتيق ككريم وزنا ومعنى.

(٣) الهجين هو الذى أبوه عربى وامه أمة غير محصنة، ومن الخيل: الذى ولدته برذونة من حصان عربى.

(٤) البرذون بالكسر ما لم يكن شئ من أبويه عربيا، والتركى من الخيل. (راجع الصحاح والنهاية)

(٥) إلى هنا في الكافى ج ٥ ص ٤٨ والمحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال ص ٢٢٦ عن يعقوب بن جعفر بن ابراهيم الجعفرى عن أبى الحسن عليه السلام.

(٦) من هنا في المحاسن ص ٦٣١ وثواب الاعمال من حديث بكر بن صالح عن سليمان بن جعفر الجعفرى.

٢٨٤

أشقر أغر أو أقرح - فإن كان أغر سائل الغرة به وضح في قوائمه(١) فهو أحب إلي - لم يدخل بيته فقر ما دام ذاك الفرس فيه، وما دام في ملك صاحبه لا يدخل بيته حيف "(٢) .

٢٤٦٢ - قال(٣) : وسمعته يقول: " أهدى أمير المؤمنين عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله أربعة أفراس من اليمن فأتاه فقال: يا رسول الله أهديت لك أربعة أفراس، قال: صفها(٤) قال: هي ألوان مختلفة، قال: فيها وضح؟ قال: نعم، قال: فيها شقر به وضح؟ قال: نعم، قال: فأمسكه لي، وقال: فيها كميتان أو ضحان، قال: أعطهما ابنيك، قال: والرابع أدهم بهيم(٥) قال: بعه واستخلف قيمته لعيالك، إنما يمن الهيل في ذوات الاوضاح ".

٢٤٦٣ - قال(٣) : وسمعته يقول: " من خرج من منزله أو منزل غير منزله في أول الغداة فلقي فرسا أشقر به أوضاح بورك له في يومه، وإن كانت به غرة سائلة فهو العيش، ولم يلق في يومه ذلك إلا سرورا، وقضي الله عزوجل حاجته(٦) ".

___________________________________

(١) الشقرة: حمرة صافية في الخيل وهى لون يأخذ من الاحمر والاصفر وهو أشقر وقد قيل: الاشقر: شديدة الحمرة، والغرة: بياض في جبهة الفرس وهو أغر، وتقدم بيان الاقرح من أنه الذى يكون في جبهته قرحة وهى بياض بقدر الدرهم أو دونه، والوضح: الضوء والبياض، يقال: بالفرس وضح إذا كان في قوائمه كلها بياض، وقد يكون به البرص.

(٢) كذا في المحاسن وفى بعض النسخ " حيق " والحيق ما يشمل الانسان من المكروه لكن في ثواب الاعمال " لا يدخل في بيته حنق ".

والظاهر أن كل ما ذكره من فضائل ارتباط الفرس العتيق والهجين والبرذون والاشقر وجده في كتاب سليمان بن جعفر الجعفرى أو غيره متفرقا فذكره هنا مجتمعا أو كان فيه مجتمعا ونقله البرقى والكلينى متفرقا في تضاعيف الابواب.

(٣) يعنى سليمان قال: سمعت موسى بن جعفر عليهما السلام.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ والمحاسن " فقال: سمها لى ".

(٥) البهيم من الدواب المصمت منها وهو الذى لا يخالط لونه لون غيره والجمع بهم.

(٦) رواه هكذا البرقى في المحاسن والمؤلف نحوه في ثواب الاعمال عن سليمان عن أبى جعفر الباقر عليه السلام والظاهر أنه تصحيف لان سليمان لم يدرك الباقر عليه السلام.

ويحتمل التعدد، أو رواه سليمان مرسلا ويؤيده اختلاف الالفاظ.

٢٨٥

٢٤٦٤ - وقال الصادق عليه السلام: " كانت الخيل وحوشا في بلاد العرب، وصعد إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام على أبي قبيس فناديا: ألا هلا ألا هلم، فما بقي فرس إلا أعطى بقياده وأمكن من ناصيته(١) ".

باب حق الدابة على صاحبها

٢٤٦٥ - روى إسماعيل بن أبي زياد(٢) باسناده قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: للدابة على صاحبها خصال: يبدا بعلفها إذا نزل، ويعرض عليها الماء إذا مر به، ولا يضرب وجهها فانها تسبح بحمد ربها، ولا يقف على ظهرها الا في سبيل الله عزوجل، ولا يحملها فوق طاقتها، ولا يكلفها من المشي إلا ما تطيق ".

٢٤٦٦ - وسأل رجل أبا عبدالله عليه السلام " متى أضرب دابتي تحتي؟ قال: إذا لم تمش تحتك كمشيها إلى مذودها(٣) ".

٢٤٦٧ - وروي أنه قال: " اضربوها على العثار، ولا تضربوها على النفار فانها ترى ما لا ترون(٤) ".

٢٤٦٨ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إذا عثرت الدابة تحت الرجل فقال لها:

___________________________________

(١) رواه البرقى في المحاسن ص ٦٣٠ بسند مرفوع عن أبى عبدالله عليه السلام

(٢) يعنى السكونى، ورواه الكلينى ج ٦ ص ٥٢٧ بتقديم وتأخير.

(٣) المذود بالذال أخت الدال كمنبر: معتلف الدابة.

(٤) في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ باسناده عن مسمع بن عبدالملك عن أبى عبدالله عليه السلام قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: اضربوها على النفار ولا تضربوها على العثار " و رواه أيضا مرسلا في خبر آخر أيضا، وقال العلامة المجلسى رحمه الله: " لعل ما في الكافى أوفق وأظهر " والتعليل لا يلائمه.

وفى المحاسن كما في الكافى.

٢٨٦

تعست، تقول: تعس أعصانا للرب(١) ".

٢٤٦٩ - وقال علي عليه السلام " في الدواب: لا تضربوا الوجوه ولا تلعنوها فإن الله عزوجل لعن لاعنها(٢) " وفي خبر آخر: " لا تقبحوا الوجوه ".

٢٤٧٠ - وقال النبي صلى الله عليه وآله: " إن الدواب إذا لعنت لزمتها اللعنة(٣) ".

٢٤٧١ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " لا تتوركوا على الدواب ولا تتخذوا ظهورها مجالس(٤) ".

___________________________________

(١) تعس يتعس إذا عثر وانكب بوجهه وقد يفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك (النهاية) وقال العلامة المجلسى في المرآة: لعل المراد بالرب المالك.

في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨ رواه عن العدة عن سهل عن جعفر بن محمد بن يسار عن الدهقان عن درست عن أبى عبدالله عليه السلام عنه صلى الله عليه وآله.

(٢) روى البرقى ص ٦٣٣ باسناده عن محمد بن مسلم عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: " لا ضربوا الدواب على وجوهها فانها تسبح بحمد ربها ".

وفى حديث آخر " لا تسموها في وجوهها " وهكذا مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٣٨.

ويحتمل التعدد، ويؤيده الخبر الآتى.

وقال المولى المجلسى قوله " ولا تقبحوا الوجوه " أى الدواب أو وجوهها بالكى ونحوه.

وقال الفاضل التفرشى: الوجوه في " لا تضربوا الوجوه " بدل الضمير بدل البعض، ويمكن أن يراد بتقبيح الوجه ضربه فان الضرب قد تقبحه، وقال سلطان العلماء: لا تقبحوا الوجوه بالاحراق بالكى وغيره، ويحتمل أن يكون المراد لا تقولوا: قبح الله وجهك.

ويحتمل أن يكون المراد لا تضربوا وجوهها ضربا مؤثرا.

(٣) لعل المراد انه يلزم عليها أن تلعن لاعنيها، أو تصير ملعونا، أو تصير سبب هلاكها وتضروا.

(٤) رواه الكلينى ج ٦ ص ٥٣٥ باسناده عن عمرو بن جميع عن أبى عبدالله عليه السلام عن النبى صلى الله عليه وآله.

والمراد الجلوس عليها على أحد الوركين فانه يضربها ويصير سببا لدبرها، أو المراد رفع احدى الرجلين ووضعها فوق السرج للاستراحة، قال الفيروزآبادي تورك على الدابة ثنى رجليه لينزل أو ليستريح، وقال الجوهرى: تورك على الدابة أى ثنى رجله ووضع احدى وركيه في السرج (المرآة) وفى بعض نسخ الكافى " لا تتوكؤوا ".

و قوله " لا تتخذوا ظهورها مجالس " أى بان تقفوا عليها للصحبة بل انزلوا وتكلموا الا ان يكون يسيرا. (م ت)

٢٨٧

٢٤٧٢ - وقال الباقر عليه السلام: " لكل شئ حرمة وحرمة البهائم في وجوهها(١) ".

باب ما لم تبهم عنه البهائم

٢٤٧٣ - روى علي بن رئاب، عن أبي حمزة عن علي بن الحسين عليهما السلام أنه كان يقول: " ما بهمت البهائم عنه فلم تبهم عن أربعة: معرفتها بالرب تبارك وتعالى، و معرفتها بالموت(٢) ، ومعرفتها بالاثني من الذكر، ومعرفتها بالمرعى الخصب ".

٢٤٧٤ - وأما الخبر الذي روي عن الصادق عليه السلام أنه قال: " لو عرفت البهائم من الموت ما تعرفون ما أكلتم منها سمينا قط " فليس بخلاف هذا الخبر لانها تعرف الموت لكنها لا تعرف منه ما تعرفون.

باب ثواب النفقة على الخيل

٢٤٧٥ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله " في قول الله عزوجل: الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون " قال: نزلت في النفقة على الخيل ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: هذه الآية روي أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وكان سبب نزولها أنه كان معه أربعة دراهم فتصدق بدهم منها بالليل وبدرهم منها بالنهار، ودرهم في السر، وبدرهم في العلانية فنزلت فيه هذه الآية(٣) .

والآية إذا نزلت في شئ فهي منزلة في كل ما يجري فيه، فالاعتقاد في تفسيرها أنها نزلت في أمير المؤمنين عليه السلام وجرت في النفقة على الخيل وأشباه ذلك(٤) .

__________________________________

(١) الخبر في الكافى والمحاسن عن أبى عبدالله عليه السلام مسندا.

(٢) الظاهر أنها تعرف الموت ولا تعرف ما بعدها لانه ليس لها عذاب كما كان لبنى آدم.

(٣) رواه ابن المغازلى وموفق بن أحمد والمفيد في الاختصاص والعياشى.

(٤) لعموم الاية وخصوص السبب لا يخصص العموم كما في كثير من الايات، ويمكن أن يكون صدقته عليه السلام على الخيل المربوطة للجهاد. (م ت)

٢٨٨

باب علة الرقعتين في باطن يدى الدابة

٢٤٧٦ - روى حماد بن عثمان، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قلت له: " جعلت فداك نرى الدواب في بطون أيديها مثل الرقعتين(١) في باطن يديها مثل الكي(٢) فأي شئ هو؟ قال: ذلك موضع منخريه في بطن امه ".

باب حسن القيام على الدواب

٢٤٧٧ - روي عن أبي ذر - رحمة الله عليه - أنه قال: " سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: إن الدابة تقول: اللهم ارزقني مليك صدق يشبعني ويسقيني ولا يحملني مالا اطيق(٣) ".

٢٤٧٨ - وقال الصادق عليه السلام: " ما اشترى أحد دابة إلا قالت: اللهم اجعله بي رحيما "(٤) .

٢٤٧٩ - وروى عنه عبدالله بن سنان أنه قال: " اتخذوا الدابة فإنها زين وتقضى عليها الحوائج، ورزقها على الله عزوجل ".

٢٤٨٠ - وروى السكوني باسناده(٥) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " إن الله تبارك

___________________________________

(١) الرقعة بالضم مأخوذ من الرقعة التى ترقع به الثوب.(مراد)

(٢) الكى احراق قطعة من الجلد بحديدة محماة ويقال له بالفارسية " داغ ".

(٣) مروى نحوه في المحاسن ورواه الكلينى بلفظ آخر مسندا عن الصادق عليه السلام في ج ٦ ص ٥٣٧.

(٤) في المحاسن ص ٦٢٦ مسندا عن على بن جعفر عن أبى ابراهيم عليه السلام قال: " ما من دابة يريد صاحبها أن يركبها الا قالت: " اللهم اجعله بى رحيما ".

(٥) يعنى عن الصادق عليه السلام عن آبائه عليهم السلام عنه صلى الله عليه وآله.

٢٨٩

وتعالى يحب الرفق ويعين عليه، فإذا ركبتم الدواب العجاف(١) فأنزلوها منازلها فإن كانت الارض مجدبة فانجوا(٢) عليها، وإن كانت مخصبة فأنزلوها منازلها ".

٢٤٨١ - وقال علي صلوات الله عليه(٣) : " من سافر منكم بدابة فيبدأ حين ينزل بعلفها وسقيها ".

٢٤٢٨ - وقال أبوجعفر عليه السلام: " إذا سرت في أرض خصبة فارفق بالسير، وإذا سرت في أرض مجدبة فعجل بالسير ".

باب ما جاء في الابل

٢٤٨٣ - قال الصادق عليه السلام: " إياكم والابل الحمر، فإنها أقصر الابل أعمارا(٤) ".

٢٤٨٤ - وقال عليه السلام: " إن على ذروة كل بعير شيطان فأشبعه وامتهنه(٥) ".

٢٤٨٥ - وقال أبوعبدالله عليه السلام: " اشتروا السود القباح فإنها أطول الابل أعمارا(٦) ".

وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " الابل عز لاهلها(٧) ".

___________________________________

(١) العجف بالتحريك: الهزال، والاعجف المهزول، والعجفاء الانثى والجمع عجاف على غير قياس لان فعلاء لا يجمع على فعال. (الصحاح)

(٢) أى أسرعوا، ونجوت أى أسرعت وسبقت.

(٣) مروى في المحاسن ص ٣٦١ مسندا.

(٤) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ عن ابن أبى يعفور عن أبى جعفر عليه السلام.

(٥) أى استعمله وذلله واستفد منه.

(٦) مروى في الكافى ج ٦ ص ٥٤٣ في ذيل حديث رواه عن صفوان الجمال عن أبى عبدالله عليه السلام وقال فيه: " اشتر لى جملا وخذه أشوه الخ ".

وفى المحاسن في حديث رواه أيضا عن أبى عبدالله عليه السلام.

(٧) رواه البرقى ص ٦٣٥ باسناده عن عمر بن أبان عن أبى عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

٢٩٠

٢٤٨٧ - و " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يتخطى القطار(١) قيل: يا رسول الله ولم؟ قال: لانه ليس من قطار إلا وما بين البعير إلى البعير شيطان ".

٢٤٨٨ - و " سئل النبي صلى الله عليه وآله أي المال خير؟ قال: زرع زرعه صاحبه وأصلحه وأدى حقه يوم حصاده، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الزرع خير؟ قال: رجل في غنمه قد تبع بها مواضع القطر يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد الغنم خير؟ قال: البقر تغدو بخير وتروح بخير(٢) قيل: يا رسول الله فأي المال بعد البقر خير؟ فقال: الراسيات في الوحل، المطعمات في المحل(٣) نعم الشئ النخل من باعه فإنما ثمنه بمنزلة رماد على رأس شاهقة(٤) اشتدت به الريح في يوم عاصف إلا أن يخلف مكانها، قيل: يا رسول الله فأي المال بعد النخل خير؟ فسكت فقال له رجل: فأين الابل؟ قال: فيها الشقاء والجفاء والعناء وبعد الدار، تغدو مدبرة وتروح مدبرة(٥) لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشام، أما إنها لا تعدم الاشقياء الفجرة(٦) ".

قال مصنف هذا الكتاب - رضي الله عنه -: معنى قوله صلى الله عليه وآله: " لا يأتي خيرها إلا من جانبها الاشأم " هو أنها لا تحلب ولا تركب إلا من الجانب الايسر(٧) .

___________________________________

(١) أى التجاوز من بينهم. الخبر رواه البرقى بسند فيه ارسال.

(٢) أى تحلب منها اللبن في الغداة أى أول اليوم والرواح أى آخره. (م ت)

(٣) أى الثابتات أرجلها في الطين والمطعمات في أيام الجدب والقحط فانها صابرة العطش، والمراد النخل كما صرح به.

(٤) الشاهقة: الجبل الراسخ والعالى.

(٥) أى أن الادبار والنحوسة لا ينفك عنها في وقت من الاوقات.(مراد)

(٦) جواب لسؤال مقدر كأنه قيل: إذا كان كذلك فمن مربيها قال عليه السلام أما انها لا تعدم الاشقياء الفجرة وهم الجمالون كما هو المسموع والمشهود، وفى الخصال " انهم الظلمة ".

(٧) يحتمل أن يكون جانبها الايسر كناية عن عدم اليمن وقلة الخير والبركة. (سلطان)

٢٩١

٢٤٨٩ - وقال عليه السلام: " في الغنم إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أقبلت(١) ، والبقر إذا أقبلت أقبلت وإذا أدبرت أدبرت، والابل، إذا أقبلت أدبرت وأذا أدبرت أدبرت ".

باب ما يجب من العدل على الجمل وترك ضربه واجتناب ظلمه

٢٤٩٠ - روى السكوني باسناده " أن النبي صلى الله عليه وآله أبصر ناقة معقولة وعليها جهازها، فقال: أين صاحبها، مروه فليستعد غدا للخصومة "(٢) .

٢٤٩١ - وفي خبر آخر قال النبي صلى الله عليه وآله: " أخروا الاحمال فإن اليدين معلقة، والرجلين موثقة ".

٢٤٩٢ - وروى ابن فضال، عن حماد اللحام قال: " مر قطار لابي عبدالله عليه السلام فرأى زاملة(٣) قد مالت، فقال: يا غلام اعدل على هذا الحمل، فإن الله تعالى يحب العدل ".

٢٤٩٣ - وروى أيوب بن أعين قال: " سمعت الوليد بن صبيح يقول لابي عبدالله عليه السلام: إن أبا حنيفة(٤) رأى هلال ذي الحجة بالقادسية وشهد معنا عرفة،

___________________________________

(١) أى إذا أقبلت بالنتاج فهو وإذا أدبرت يعنى بالموت يذبحها صاحبها وينتفع من لحمها وجلدها، أما البقر فوسط، وأما الابل فاقبالها ادبارها لانه إذا حصل له بعض النتاج أو النفع أنفق لها صاحبها أزيد من نتاجها.

(٢) يعنى يوم القيامة لان عقال الناقة وعليها حملها ظلم عليها فاذا كان يوم القيامة تخاصم صاحبه بين يدى الجبار وتقول: ما ذنبى حتى ظلمتنى فينتصف الله سبحانه منك لها.

(٣) الزاملة المحمل وبعير يحمل الطعام والمتاع، وميل الحمل إلى جانب سبب لدبر الدابة.

(٤) هو سعيد بن بيان سابق الحاج الهمدانى ومع أنه ثقة يذم فعله، وقيل انه كان يذهب بجماعة إلى الحج في نهاية السرعة وذهب بهم في هذا الخبر من القادسية التى كانت قريبة من النجف إلى عرفات في ثمانية أيام وشئ.

وروى العياشى عن أبى عبدالله عليه السلام قال:

" أتى قنبر أمير المؤمنين عليه السلام فقال: هذا سابق الحاج، فقال: لا قرب الله داره هذا خاسر الحاج يتعب البهيمة، وينقر الصلاة، اخرج اليه فاطرده ".

٢٩٢

فقال: ما لهذا صلاة، ما لهذا صلاة "(١) .

٢٤٩٤ - و " حج علي بن الحسين عليهما السلام على ناقة له أربعين حجة فما قرعها بسوط "(٢) .

٢٤٩٥ - وقال الصادق عليه السلام: " أي بعير حج عليه ثلاث سنين يجعل من نعم الجنة " وروى " سبع سنين "(٣) .

باب ما جاء في ركوب العقب  (٤)

٢٤٩٦ - روى علي بن رئاب، عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وآله وأمير المؤمنين عليه السلام ومرثد بن أبي مرثد الغنوي يعقبون بعيرا بينهم وهم منطلقون إلى بدر ".

باب ثواب من أعان مؤمنا مسافرا

٢٤٩٧ - قال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من أعان مؤمنا مسافرا نفس الله عنه ثلاثا وسبعين كربة، وأجاره في الدنيا والآخرة من الغم والهم، ونفس عنه كربه العظيم يوم يغص الناس بأنفاسهم " وفي خبر آخر " حيث يتشاغل الناس بأنفاسهم ".

___________________________________

(١) لانه لا يمكن الصلاة مع هذه الحركة الا بالايماء واحداث هذه الضرورة اختيارى لامكان الخروج قبله بايام فمعنى نفى الصلاة عدم اتيانها على وجهها لاشتغاله بالسير والسرعة.

(٢) روى البرقى بسندين صحيحين عن عبدالله بن سنان نحوه في أحدهما " ولقد بركت به في سنة من سنواته فما قرعها بسوط ".

(٣) تقدم تحت رقم ٢٢٠٧ ونحوه مروى في المحاسن ص ٦٣٥.

(٤) أى الركوب بالنوبة.

٢٩٣

باب المروء‌ة في السفر

٢٤٩٨ - تذاكر الناس عند الصادق عليه السلام أمر الفتوة فقال: " تظنون أمر الفتوة بالفسق والفجور إنما الفتوة والمروء‌ة طعام موضوع، ونائل مبذول بشئ معروف، وأذى مكفوف فأما تلك فشطارة وفسق، ثم قال: ما المروء‌ة؟ فقال الناس: لا نعلم، قال: المروء‌ة والله أن يضع الرجل خوانه بفناء داره، والمروء‌ة مروء‌تان مروء‌ة في الحضر ومروء‌ة في السفر، فأما التي في الحضر فتلاوة القرآن ولزوم المساجد والمشي مع الاخوان في الحوائج(١) والنعمة ترى على الخادم أنها تسر الصديق وتكبت العدو، وأما التي في السفر فكثرة الزاد وطيبه وبذله لمن كان معك وكتمانك على القوم أمرهم بعد مفارقتك إياهم وكثرة المزاح في غير ما يسخط الله عزوجل، ثم قال عليه السلام: والذي بعث جدي صلوات الله عليه وآله بالحق نبيا إن الله عزوجل ليرزق العبد على قدر المروء‌ة وإن المعونة تنزل على قدر المؤونة، وإن الصبر ينزل على قدر شدة البلاء ".

باب ارتياد المنازل والامكنة التي يكره النزول فيها

٢٤٩٩ - روى السكوني باسناده(٢) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: إياكم والتعريس(٣) على ظهر الطريق وبطون الاودية فإنها مدارج السباع ومأوى الحيات ".

٢٥٠٠ - وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: " من نزل منزلا يتخوف فيه السبع فقال: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير وهو على

___________________________________

(١) راجع معانى الاخبار ص ٢٥٨ روى نحوه مسندا.

(٢) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عن على عليهم السلام.

(٣) التعريس: نزول المسافر آخر الليل للنوم والاستراحة.

٢٩٤

كل شئ قدير، اللهم إني أعوذ بك من شر كل سبع " إلا أمن(١) من شر ذلك السبع حتى يرحل من ذلك المنزل إن شاء الله تعالى ".

باب المشى في السفر

٢٥٠١ - روى منذر بن جيفر(٢) ، عن يحيى بن طلحة النهدي قال: قال لنا أبوعبدالله عليه السلام: " سيروا وانسلوا فإنه أخف عليكم "(٣) .

٢٥٠٢ - وروي " أن قوما مشاة أدركهم رسول الله صلى الله عليه وآله فشكوا إليه شدة المشي، فقال لهم: استعينوا بالنسل "(٤) .

٢٥٠٣ - وسأل معاوية بن عمار أبا عبدالله عليه السلام " عن رجل عليه دين أعليه أن يحج؟ قال: نعم إن حجة الاسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين، ولقد كان أكثر من حج مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاة، ولقد مر رسول الله صلى الله عليه وآله بكراع الغميم(٥) فشكوا إليه الجهد والطاقة والاعياء، فقال: شدوا أزركم واستبطنوا، ففعلوا [ذلك] فذهب ذلك عنهم ".

٢٥٠٤ - وروى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قلت له: قول الله عزوجل: " ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا " قال: يخرج يمشي إن لم يكن عنده [شئ] قلت: لا يقدر على المشي؟ قال: يمشي

___________________________________

(١) أى لا يتم هذه الكلمات الا أمن، أو لا يدعوا بها الا أمن.

(٢) منذر بن جيفر بن حكيم العبدى عربى صميم له كتاب وجيفر اختلف فيه و الاصح بتقديم الياء على الفاء.

وطريق الصدوق اليه فيه ابراهيم بن هاشم وهو حسن كالصحيح.

(٣) نسل ينسل نسلا ونسلانا في المشى أى أسرع.

(٤) في النهاية وفى رواية " شكوا اليه الاعياء فقال: عليكم بالنسلان " أى الاسراع في المشى.

(٥) كراع الغميم موضع بين مكة والمدينة وهو واد أمام عسفان، والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيها بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق.

٢٩٥

ويركب، قلت: لا يقدر على ذلك، قال: يخدم القوم ويخرج معهم "(١) .

باب آداب المسافر

٢٥٠٥ - روى سليمان بن داود المنقري، عن حماد بن عيسى(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " قال لقمان لابنه: إذا سافرت مع قوم فأكثر استشارتهم في أمرك وامورهم، وأكثر التبسم في وجوههم، وكن كريما على زادك بينهم، وإذا دعوك فأجبهم وإذا استعانوا بك فأعنهم، واستعمل طول الصمت وكثرة الصلاة وسخاء النفس بما معك

___________________________________

(١) هذا الحديث ليس بمعمول به عند الفقهاء وقد حملوه على التقية أو الاستحباب و في المدارك ص ٣١٨ " أجمع العلماء كافة أن الاستطاعة شرط في الحج قال الله تعالى " ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا " وقال عزوجل " لا يكلف الله نفسا الا وسعها " قال في المنتهى وقد اتفق علماء‌نا على أن الزاد والراحلة شرطان في الوجوب فمن فقدهما أو أحدهما مع بعد مسافته لم يجب عليه الحج وان تمكن من المشى، ويدل على اعتبارهما مضافا إلى عدم تحقق الاستطاعة عرفا بدونهما غالبا صحيحة محمد بن يحيى الخثعمى قال: " سأل حفص الكناسى أبا عبدالله (ع) وأنا عنده عن قول الله عزوجل " ولله على الناس الاية " ما يعنى بذلك؟ قال: من كان صحيحا في بدنه، مخلى سربه، له زاد وراحلة فهو ممن يستطيع الحج " وصحيحة محمد بن مسلم قال: " قلت لابى جعفر عليه السلام قوله تعالى " ولله على الناس إلى قوله اليه سبيلا " قال: يكون له ما يحج به، قلت: فان عرض عليه الحج فاستحيى؟ قال: هو ممن يستطيع ولم يستحيى ولو على حمار أجدع أبتر، فان كان يستطيع أن يمشى راجلا بعضا ويركب بعضا فليفعل " قال في المنتهى: انما يشترط الزاد والراحلة في حق المحتاج اليهما لبعد مسافته أما القريب إلى مكة فلا يعتبر في حقه وجود الراحلة إذا لم يكن محتاجا اليها.

وهو جيد لكن في تحديد القرب الموجب لذلك خفاء والرجوع إلى اعتبار المشقة وعدمها جيد الا أن اللازم منه عدم اعتبار الراحلة في حق البعيد أيضا إذا تمكن من المشى من غير مشقة شديدة ولا نعلم به قائلا.

(٢) في المحاسن " عن حماد بن عثمان " وفى الكافى " عن حماد " بدون ذكر الاب وعلى أى حال هما ثقتان.

٢٩٦

من دابة أو ماء أو زاد، وإذا استشهدوك على الحق فاشهد لهم، واجهد رأيك لهم إذا استشاروك، ثم لا تعزم حتى تثبت وتنظر، ولا تجب في مشورة حتى تقوم فيها وتقعد وتنام وتأكل وتصلي وأنت مستعمل فكرتك وحكمتك في مشورتك، فان من لم يمحض النصيحة لمن استشاره سلبه الله رأيه ونزع عنه الامانة، وإذا رأيت أصحابك يمشون فامش معهم، وإذا رأيتهم يعلمون فاعمل، وإذا تصدقوا وأعطوا قرضا فأعط معهم واسمع لمن هو أكبر منك سنا، وإذا أمروك بأمر وسألوك شيئا، فقل: نعم، ولا تقل: لا، فإن " لا " عي(١) ولؤم وإذا تحيرتم في الطريق فانزلوا، وإذا شككتم في القصد فقفوا وتؤامروا، وإذا رأيتم شخصا واحدا فلا تسألوه عن طريقكم ولا تسترشدوه فان الشخص الواحد في الفلاة مريب لعله أن يكون عين اللصوص أو يكون هو الشيطان الذي حيركم، واحذروا الشخصين أيضا إلا أن تروا مالا أرى.

فإن العاقل إذا أبصر بعينه شيئا عرف الحق منه، والشاهد يرى ما لا يرى الغائب، يا بني إذا جاء وقت الصلاة فلا تؤخرها لشئ، صلها واسترح منها فإنها دين، وصل في جماعة ولو على رأس زج(٢) ولا تنامن على دابتك فإن ذلك سريع في دبرها(٣) وليس ذلك من فعل الحكماء إلا أن تكون في محمل يمكنك التمدد لاسترخاء المفاصل(٤) ، وإذا قربت من المنزل فانزل عن دابتك وابدأ بعلفها قبل نفسك فإنها نفسك، وإذا أردتم النزول فعليكم من بقاع الارض بأحسنها لونا وألينها تربة وأكثرها عشبا، فإذا نزلت فصل ركعتين قبل أن تجلس، وإذا أردت قضاء حاجتك فابعد المذهب في الارض، وإذا ارتحلت فصل ركعتين ثم ودع الارض التي حللت بها وسلم عليها وعلى اهلها فإن لكل بقعة أهلا من الملائكة، وإن استطعت أن لا تأكل طعاما حتى تبدأ فتصدق منه فافعل.

___________________________________

(١) بكسر العين أى جهل وبفتحها أى عجز. (م ت)

(٢) الزج بالضم: الرمح والحديدة التى في أسفل الرمح، وذلك يكون للمبالغة.

(٣) الدبر بالتحريك: جراحة على ظهر الدابة.

(٤) لاسترخاء المفاصل أى إذا لم يمدد يسترخى المفاصل.

٢٩٧

وعليك(١) بقراء‌ة كتاب الله عزوجل ما دمت راكبا، وعليك بالتسبيح ما دمت عاملا [عملا] وعليك بالدعاء ما دمت خاليا، وإياك والسير من أول الليل وسر في آخره، وإياك ورفع الصوت في مسيرك".

باب دعاء الضال عن الطريق

٢٥٠٦ - روى علي بن أبي حمزة، عن أبي بصير، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " إذا ضللت عن الطريق فناد " يا صالح - أو يا أبا صالح - أرشدونا إلى طريق يرحمكم الله ".

٢٥٠٧ - وروي " أن البر موكل به صالح، والبحر موكل به حمزة "(٢) .

باب القول عند نزول المنزل

٢٥٠٨ - قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا نزلت منزلا فقل: " اللهم أنزلني منزلا مباركا وأنت خير المنزلين " ترزق خيره ويدفع عنك شره ".

باب القول عند دخول مدينة أو قرية

٢٥٠٩ - كان في وصية رسول الله صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام: " يا علي إذا أردت مدينة أو قرية فقل حين تعاينها: " اللهم إني أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم

_____________________________

(١) احتمل بعض الاعلام أن من هنا إلى آخر الحديث من قول الصادق عليه السلام جعله عليه السلام متمما لوصية لقمان حيث انه كان في نسخته " وعليك بقراء‌ة القرآن " مكان " عليك بقراء‌ة كتاب الله " كما صرح هو بذلك.

(٢) المشهور أن الموكل بالبر الخضر وبالبحر الياس عليهما السلام. (م ت)

٢٩٨

حببنا إلى أهلها، وحبب صالحي أهلها إلينا "(١) .

باب الموت في الغربة

٢٥١٠ - روى الحسن بن محبوب، عن أبي محمد الوابشي،(٢) عن أبي عبدالله عليه السلام قال: " ما من مؤمن يموت في أرض غربة تغيب عنه فيها بواكيه إلا بكته بقاع الارض التي كان يعبد الله عزوجل عليها، وبكته أثوابه، وبكته أبواب السماء التي كان يصعد فيها عمله، وبكاه الملكان الموكلان به ".

٢٥١١ - وقال عليه السلام: " إن الغريب إذا حضره الموت التفت يمنة ويسرة ولم ير أحدا رفع رأسه، فيقول الله عزوجل: إلى من تلتفت؟ إلى من هو خير لك مني و عزتي وجلالي لئن أطلقتك عن عقدتك(٣) لاصيرنك في طاعتي، ولئن قبضتك لاصيرنك إلى كرامتي ".

باب تهنئة القادم من الحج

٢٥١٢ - قال الصادق عليه السلام: " إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان يقول للقادم من مكة: قبل الله منك، وأخلف عليك نفقتك، وغفر ذنبك ".

باب ثواب معانقة الحاج

٢٥١٣ - في رواية أبي الحسين الاسدي رضي الله عنه قال: قال الصادق عليه السلام

___________________________________

(١) كذا وفى المحاسن ص ٣٧٤ " اللهم انى أسألك خيرها وأعوذ بك من شرها، اللهم أطعمنا من جناها وأعذنا من وبائها وحببنا إلى أهلها، وحبب صالحى أهلها الينا ".

وفى بعض نسخه " اطعمنا من خانها " وقال بعضهم: الظاهر أن المراد بالخان الخوان.

(٢) كان من رجال الصادق عليه السلام وكأنه عبدالله بن سعيد.

(٣) أى المرض المقدر عليه كالعقدة

٢٩٩

" من عانق حاجا بغباره كان كأنما استلم الحجر الاسود".

باب النوادر

٢٥١٤ - روي عن جابر بن عبدالله الانصاري قال: " نهى رسول الله صلى الله عليه وآله أن يطرق الرجل أهله ليلا إذا جاء من الغيبة حتى يؤذنهم "(١) .

٢٥١٥ - وقال عليه السلام: " السفر قطعة من العذاب، فإذا قضى أحدكم سفره فليسرع الاياب إلى أهله "(٢) .

٢٥١٦ - وقال الصادق عليه السلام: " سير المنازل ينفد الزاد، ويسيئ الاخلاق، ويخلق الثياب، والسير ثمانية عشر"(٣) .

٢٥١٧ - وروى عبدالله بن ميمون باسناده(٤) قال: " قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا ضللتم الطريق فتيامنوا"(٥) .

___________________________________

(١) يدل على كراهة دخول المسافر منزله في الليل الا أن يعلمهم.

وروى " أنه دخل رجل منزله في زمان رسول الله صلى الله عليه وآله ورأى ابنه نائما مع زوجته فتوهم أنه أجنبى فقتله، فلما سمعه صلى الله عليه وآله نهى عن ذلك ".

(٢) رواه البرقى ص ٣٧٧ عن النوفلى عن السكونى باسناده قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله.

(٣) رواه البرقى عن أبيه عن أبن أبى نجران عمن ذكره عن أبى عبدالله عليه السلام.

والظاهر أن المراد به أن السير للتنزه والتفرج ينبغى أن لا يصير إلى المنازل، وهى ثمانية فراسخ بل نهايته ثمانية عشر ميلا ستة فراسخ فان الزائد عليها ينفد الزاد لان الانسان لا يتهيأ غالبا لها ما يكفيها بخلاف السفر ويسيئ اخلاق المصاحبين ويتسخ ثيابهم وتبلى بخلاف ما إذا كان قريبا فانه يرطب الدماغ ويخرج البدن والروح من الكلال. (م ت)

(٤) يعنى عن أبى عبدالله عن آبائه عليهم السلام عن النبى صلى الله عليه وآله كما في المحاسن ص ٣٦٢.

(٥) " فتيامنوا " أى توجهوا إلى جانب يمينكم. (م ت)

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319