رسالة المحقق الكركي الجزء ٣

رسالة المحقق الكركي0%

رسالة المحقق الكركي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 319

رسالة المحقق الكركي

مؤلف: الشيخ علي بن الحسين الكركي
تصنيف:

الصفحات: 319
المشاهدات: 38949
تحميل: 4831


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 319 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38949 / تحميل: 4831
الحجم الحجم الحجم
رسالة المحقق الكركي

رسالة المحقق الكركي الجزء 3

مؤلف:
العربية

[السابع: الموالاة: وهي متابعة الافعال بحيث لا يجف السابق من الاعضاء إلا مع التعذر كشدة الحر] قوله: بحيث لا يجف..عبارة المصنف وإن كانت ظاهرة في أن الموالاة مراعاة الجفاف، إلا أنها قد توهم اعتبار المتابعة من حيث جعلها تفسيرا لها في قوله: وهي متابعة الافعال، لكن قوله بحيث لا يجف..مخلص عن هذا الوهم، إذ التقدير: الموالاة هي المتابعة بهذا المعنى لا مطلقا، واسناده الجفاف إلى السابق من الاعضاء يحتمل ارادة العضو الذي انتهى في الغسل إليه، على أن تكون (من) للتبعيض، فيكون جفاف ذلك العضو هو المخل بالموالاة دون غيره.وهذا مذهب المرتضى وابن ادريس.ويحتمل أن يكون بالجفاف المبطل جفاف جميع ما تقدم، فتكون (من) للتبيين، فهذا هو ظاهر مذهب أكثر الاصحاب ومنهم المصنف، وعليه دلت الاخبار.وهذا الثاني أولى في عبارة الرسالة، لموافقته مذهب المصنف في غيرها.ولا فرق في تفسير الموالاة بين كون الهواء مفرط الحرارة أوا لرطوبة أو معتدلا، وقد كان يجب على المصنف التصريح بكون الترتيب والموالاة على تفسيرنا شرطين للوضوء، للاجماع على بطلان الوضوء بالاخلال بأحدهما إذا جف البلل قبل التدارك في الترتيب، سواء في ذلك العمد والسهو.

وقول بعض الشارحين أن الموالاة ليست شرطا في الوضوء وانما هي واجبة فيه فلو تركها سهوا لم يبطل وضوء‌ه، غلط ظاهر.

قوله: كشدة الحر.أي: بحيث لا يمكن الاسباغ التام المانع من الجفاف.

١٦١

[وقلة الماء.

الثامن: المباشرة بنفسه اختيارا، فلو وضأه غير لا لعذر بطل.

التاسع: طهارة الماء وطهوريته، وطهارة المحل.] قوله: وقلة الماء.أي: مع قلة الماء، لان التعذر إنما يتحقق باجتماعهما، وهل يجوز الاستئناف للمسح والحال هذه، أم ينتقل فرضه إلى التيمم؟ اطلق القول بالمنع من الاستئناف العلامة في المنتهى مع تجويزه البناء لو تعذر الموالاة.فعلى هذا ينتقل فرضه إلى التيمم، لتعذر الطهارة المعتبرة، ووجوزه المصنف في الذكرى تفاديا من الضرورة ولوزم الحرج.وكل محتمل، غير أنه لو أمكنه ابطاء غسل بعض يده اليسرى واسراع الصب عليه والسمح بمائه تعين على القولين وإن فرض تخلل الجفاف للضرورة، وكذا الحكم لو أمكن غمس العضو في الماء، إذ الظاهر جواز المسح بمائه اختيارا.

قوله: فلو وضأه.ويتحقق ذلكبصب الغير الماء، على نفس العضو الموضأ لا بدونه، وفي حكمه ما لو أجراه بفعله من محل إلى آخر.

قوله: لا لعذر.فيجوز للمعذور لكن يتولى النية المعذور.

قوله: طهارة الماء وطهوريته.

إن قيل: لم جمع بين الطهارة والطهورية، مع أن الطهروية مغنية عنها، فإن الطهورية عبارة عن كون الماء طهورا، والطهور هو المطهر عند المحققين؟

١٦٢

[العاشر: اجراؤه على العضو، فلو مسه في الغسل من غير جريان لم يجزئ، أما في المسح فيجزئ.

الحادي عشر: اباحة المكان، فلو توضأ في مكان مغصوب عالما مختارا بطل، ومتى عرض له الشك في اثنائه اعاده وما بعده.

أجبنا: بأن في جمعهما فوائد:

الاولى: التنبيه على الفرق بينهما باعتبار أصل الوضع، فإن الطهارة أعم مطلقا، والطهورية أخص مطلقا، وذلك لان الطالب ينبعث عزمه إلى البحث عن معناهما إذا وقف عليهما، فلو اقتصر على أحدهما لانتفت هذه الفائدة.

الثانية: الاحتراز بالطهورية عن الماء المستعمل في الطهارة الكبرى، وعن الماء المضاف.

أما الاول، فلانه غير طهور عند بعض الاصحاب مع الاتفاق على كونه طاهرا، وإنما احترز عنه مع أنه لا يقول به، لانه لما لم ينص على مذهبه في هذه المسألة هنا أتى بما ينطبق على المذهبين هربا من احالة الطالب على غير معلوم.وأما المضاف فإنه وإن لم يصدق عليه اسم الماء حقيقة، إلا أنه يصدق عليه مجازا، أو يسوغ الاحتراز عن المجاز اذا اريد دلالة اللفظ على المعنى نصا.

الثالثة: وهي أمتنها، أن الاصحاب لما ذكروا اشتراط الطهارة في ماء الوضوء على كل حال، وفروع ذلك في مبحث يخصه، واشتراط الطهورية، وفروع ذلك أيضا في مبحث يخصه، وكان المصنف بصدد الاشارة إلى رؤوس المباحث على جهة الاختصار، لم يحسن منه رعاية للاختصار حذف عنوان بعض المباحث بالكلية، لما فيه من مخالفة عادة الجماعة من جريان الاطلاق على ما حذف من المباحث ولو اجمالا، فكان ذلك بالاقتصار أشبه من الاختصار.

قوله: أعاده.أي: المشكوك فيه وما بعده، إلا أن يكثر شكه فيسقط عنه، ويستفاد منه أنه لو

١٦٣

[وواجب الغسل اثنا عشر:

الاول: النية مقارنة لجزء من الرأس إن كان مرتبا، ولجميع البدن إن كان مرتمسا، مستدامة الحكم إلى آخره.] كان الشك بعده لم يلتفت، وهو حق، ويتحقق بالفراغ منه وإن لم يتصرف من موضعه.

قوله: ولجميع البدن.يفهم منه وجوب ايقاع النية عند ملاقاة الماء لمجموع البدن، وليس مرادا للمصنف، إذ لا يقول به أحد من المسلمين.وكأنه أراد أن مجموع البدن سواء في ايقاع النية عند أي جزء كان من اجزائه، فإنه بسقوط الترتيب قد صار بمنزلة عضو واحد، فلم تساعده العبارة.ولا يجوز أن يكون صدور ذلك منهرحمه‌الله عن قصد على أن يكون مذهبا له، كما سرى إلى افهمام ذوي الاوهام من أهل عصرنا ومن تقدمهم بقليل، حتى صار اعتقادا لهم يتناقلونه ويفتون به، لان ذلك مخالف لا جماع المسلمين: أما أصحابنا فلان الاكثر منهم يكتفون في الارتماس بالاغتسال تحت المطر الغزير والميزاب والمجرى، مما لا يستوعب الماء فيه البدن إلا في زمان متراخ، يتعذر استحضار النية فيه فعلا، وهؤلاء بمعزل عن هذا الوهم الفاسد.والباقون من الاصحاب وإن منعوا الارتماس في مثل ذلك، لفوات معنى الدفعة عرفا، إلا أنهم يكتفون بالدفعة العرفية، وإن قارنها تراخ يسير، حتى أن بعضهم يكتفي بغسل اللمعة لو وجدها المرتمس بعد الغسل.واين هذا من ذاك، فهؤلاء أصحابنا.وأما العامة فظاهره أنهم لايقولون بذلك.فقد مخالفة هذا الوهم لاجماع المسلمين، ومع ذلك فهو مخالف لظاهر النصوص كما حققناه فيما خرج من شرح

١٦٤

[ووصفه: اغتسل لاستباحة الصلاة لوجوبه قربة إلى الله، ويجوز للمختار ضم الرفع والاجتزاء به.

الثاني: غسل الرأس والرقبة وتعاهد ما ظهر من الاذنين، وتخليل الشعر المانع.] الراسلة على أنه ليس معنى يتعقل، لان الواجب من النية في العبادات باعتبار ما استفيد من النصوص بعد بذل الجهد إنما هو قارن أول لعبادة فقط، فما الذي أخرج هذا الغسل من البين، لكن لا داء أعيى من الجهل.

قوله: والاجتزاء به.يفهم منه أن دائم الحدث ليس له الاقتصار على نية الرفع، والحق أن ذلكفي الحدث الاكبر، أما الاصغر فغير مانع في الجنابة وغيره، خصوصا على القول بأن تخلل الحدث لا يبطل الغسل.

قوله: وتعاهد ما ظهر.الافصح تعهد، نص عليه في الصحاح، والمراد به: التحفظ بالشئ وتجديد العهد به.والمراد بما ظهر من الاذنين: من الصماخين دون ما بطن، وعليه نبه الشيخان، والصدوق، وغيرهم.

قوله: وتخليل الشعر المانع.ولا يجب غسله عندنا، ولو توقف ايصال الماء إلى البشرة على نقض ضفر المرأة

١٦٥

[الثالث: غسل الجانب الايمن.

الرابع: غسل الجانب الايسر، ويتخير في غسل العورتين مع أي جانب شاء، والاولى غسلهما مع الجانبين.

الخامس: تخليل ما لا يصل الماء إليه بدونه.

السادس: عدم تخلل حدث في أثنائه.] وجب، لابدونه.والفرق بين شعر البدن في الغسل وشعر اليدين في الوضوء النص على عدم الوجوب في الغسل من طرقنا وطرق المخالفين تخالفه ثم.

قوله: ويتخير في غسل العورتين.وكذا السرة، والاولى يستحب.

فرع

يجب أن يغسل الحد المشترك بين لاأعضاء مع كل واحد منها، لعدم المفصل المحسوس من باب ما لا يتم الواجب إلا به قوله: تخليل ما لا يصل الماء إليه.فيه توسع، إذ ليس المراد وصول الماء إلى الشئ المخلل عندنا قطعا، بل إلى البشرة.

وكان الاؤلى أن يقول: تخليل ما لا يصل الماء إلى البشرة بدونه، أو نحوه.

قوله: عدم تخلل حدث.المراد بهالاصغر، لانه المتعارف من لفظ الحدث مجردا عن التقييد، ومقتضى كلام المصنف بطلان الغسل بتخلله واعادته من رأس، وهو ما عليه المتأخرون، والمعتمد عدم البطلان.ثم إن كان غسل الجنابة كفاه اتمامه، وإن كان غيره

١٦٦

[السابع: المباشرة بنفسه اختيارا.

الثامن: الترتيب كما ذكر، ولا تجب المتابعة.

التاسع: طهارة الماء وطهوريته وطهارة المحل.

العاشر: اباحته.

الحادي عشر: اجراؤه كغسل الوضوء.

الثاني عشر: اباحة المكان، فلو شك في أفعاله وهو على حاله] وجب معه الوضوء، ولا فرق بين المرتمس والمرتب.

قوله: ولا تجب المتابعة.

لو قال: ولا تجب الموالاة، لكان أولى، لان الموالاة غير المتابعة عنده، إلا أن يقال: أراد بالمتابعة ما تقدم ذكره في الوضوء، وهو قوله: بحيث لا يجف السابق..فاللام للعهد الذكري.غير أن التصريح به أدل على المراد، بل لو قال: لا تجب الموالاة بمعنييها لكان أكمل.والمراد عدم وجوبها بأصل الشرع وإن وجبت بعارض كنذر وشبهه وضيق الوقت ودوام الحدث الاكبر، أما الاصغر فيبني على أن تخلله مبطل أم لا، وقد تقدم.

فرع

لو فرق أعضاء غسله لم يجب استئناف النية بغسل المتأخر منها ما لم يحدث نية تخالف الاولى، وما يوجد في كلام بعض المتأخرين من وجوب تجديد النية ليس بشئ.

قوله: وهو على حاله.أي: حال الغسل، ولو كان الشك بعد الانصراف منه: فإن كان مرتبا وهو ممن

١٦٧

[فكالوضوء.وواجب التيمم اثنا عشر:

الاول: النية مقارنة للضرب على الارض، لا لمسح الجبهة، مستدامة الحكم.وصورتها: اتيمم بدلا من الوضوء أو الغسل لاستباحة الصلاة، لوجوبه قربة إلى الله تعالى.] يعتاد التفريق أعاد على ما يشك فيه وما بعده، لاصالة عدم فعله.وإن كان مرتمسا أو معتادا الموالاة فوجهان، أقربهما عدم الالتفات، عملا بالظاهر، ولعموم رواية زرارة عن الصادقعليه‌السلام : (اذا خرجت من شئ ثم دخلت في غيره فشككت فيه ليس شكك بشئ).ولو كثر شكه سقط اعتباره مطلقا على الاقرب.

قوله: مقارنة للضرب.المراد به: وضع اليدين عليها وإن لم يكن باعتماد، نعم لابد من مقارنة النية لابتدائه، فلا يكفي مقارنتها لاستدامته، إذ لا يسمى وضعها.

قوله: على الارض.

يستفاد منه مسائل:

الاولى: وجوب وضع اليدين على الارض فلا يجزئ التعرض لمهب الريح.

الثانية: وجوب الوضع باعتماد تحصيلا لمسمى الضرب، والظاهر عدم وجوبه.

الثالثة: كون المضروب عليه من جنس الارض، فيخرج عنه المعدن وما خرج

١٦٨

بالاستحالة عنها.

الرابعة: وجوب الضرب باليدين، فلا تيجزئ بآلة غيرهما عندنا.

الخامسة: الضرب بهما، فلا تجزئ الواحدة اتباعا للمنقول.

السادسة: كونهما معا، فلايجزئ الضرب بواحدة ثم بالاخرى، وفي رواية الضرب باليسرى لمسح اليمين وباليمين لمسح اليسرى، وعمل بها ابن بابويه، والمشهور خلافه.

السابعة: وجوب الضرب ببطونهما، فلا يجزئ بظهورهما، ولا بظهر احداهما مع بطلان الاخرى.

الثامنة: اعتبار الضرب بالبطن إنما هو مع الاختيار، فعند الضرورة يجوز بالظهر، ومع تعذره أيضا يجب معك الجبهة بالتراب مع النية.

التاسعة: يجب استيعاب محل الضرب، فلو تجافى بعضه عن المضروب عليه اختيارا لم يجزء، ولا تجب المبالغة لفصل اجزاء التراب إلى شقوق اليد وما بين الاصابع، لجواز التيمم بالحجر وتعذر ذلك فيه خصوصا، ومستوى السطوح منه قليل.ومنه يعلم عدم اشتراط ملاقاة المضروب عليه لجميع اجزاء محل الضرب دفعة واحدة، نعم لابد من استيعاب الملاقاة وإن لم يكن دفعة، فلو كان في الحجر ثقوب، أو في التراب خليط متميز كالشر، حرك يديه بعد الضرب ليستوعب محل الضرب اصابة ما به يصح التيمم.

العاشرة: سيأتي أنه لابد من طهارة محل الضرب، فلو كان نجسا مائلة او متعدية وتعذرت الازالة والتجفيف، انتقل إلى الظهر ثم الجبهة، ومع الاستيعاب فلا يتم.

١٦٩

[ولامدخل للرفع هنا.].

الحادية عشرة: سيأتي في العبارة وجوب نزع الحائل كالخاتم ونحوه، وهذه قد يستفاد من قوله هنا: ببطونها، أي: بجميع بطهونهما، والباء تدل على معنى الالصاق، ولا يمنع ذلك من تصريحه به بعد، لان دلالة المطابقة أقوى.

قوله: ولا مدخل للرفع.إذ لا يتصور في التيمم كونه رافعا بوجه من الوجوه، وإلا لما انتقض بوجود الماء مع التمكن من استعماله باجماع العلماء، إلا من شذ من العامة، وهذا بخلاف طهارة صاحب الضرورة فإنها ترفع حكم الحدث السابق على أن جنس الطهارة المائية رافع وإن تخلف الحكم في البعض، وليس كذلك التيمم.

فلان قلت: لا يلزم من انتقاضه بالتمكن من استعمال الماء عدم رفعه الحدث، ولم لا يكون التمكن علة الرفع، كما يكون طريان الحدث غاية له في التيمم وغيره، كما نبه عليه المصنف في القواعد.

قلت: هذا كلام ظاهري بعيد عن التحقيق، لانه ليس رفع الحدث في الطهارة الرافعة أعني المائية مغيا بغاية أصلا ورأسا، وإنما المانع الذي هو أثر السبب السابق عليها أعني الحدث الموجب للطهارة مرتفع بها وزائل بالكلية، حتى كأنه لم يكن، ثم لا يعود إلى الوجود مرة اخرى ذلك المانع بعينه.بل الحاصل بالحدث الطارئ مانع آخر غير الاول.غاية ما في الباب أنه مبطل لفائدة الطهارة الحاصلة، إذ ذلك لانه من نواقضها بوضع الشرع، ولا يلزم من ذلك كون المانع الحاصل هو المانع الزائل أولا، كذلك التيمم، فإن ازالة المانع من الصلاة ليست ازالة بالكلية بل إلى أمد مضروب، وهو

١٧٠

[الثاني: الضرب على الارض بكلتا يديه ببطونهما مع الاختيار.] ما طروء الحدث أو التمكن من استعمال الماء، فإذا وجد احدهما عاد المانع الاول بعينه حتى كأنه لم يزل، ولهذا يجب الغسل على المتيمم بدلا منه عند التمكن.

ولو كان التيمم رافعا لما وجب إلا بحدث آخر موجب للغسل، لان الرفع عبارة إما عن رفع الشئ من أصله، أو عن رفعه من حينه بحيث يزول من حينه بالكلية، ولما امتنع الاول، لامتناع رفع الواقع من أصله تعين الثاني، إذ لا يعد ابطال تأثير الشئ إلى غاية بسبب رفعا له، كحال التيمم فإنه مبطل لاثر المانع، أعني تحريم الصلاة إلى أمد معين ولا يزيله جملة.

فإن قلت: لم لا يجوز أن يكون التمكن من استعمل الماء بالنسبة إلى التيمم حدثنا كسائر الاحداث المبطلة للطهارة؟ قلت: هذا خيال باطل، لان التمكن إنما أبطل التيمم، لان صحته من أول الامر مشروطة بتعذر استعمال الماء لقوله تعالى: (فلم تجدوا)، فإذا حصل انتفى الشرط فبطل المشروط، فلم يتجدد مانع غير الاول ولا كذلك الحدث.على أنه لو صح ذلك لاستوى الجنب والمحدث في الموجب، لكن الجنب لا يتوضأ والمحدث لا يغتسل.

فإن قلت: ما تقول في مقالة المرتضى إن من تيمم بدلا من غسل الجنابة ثم أحدث أصغرا ووجد من الماء ما يكفيه للوضوء توضأ به، لان حدثه الاول قد ارتفع وجاء بما يوجوب الصغر، أليس تصريحا بأن التيمم رافع؟ قلت: هذا على ضعفه ليس فيه تصريح بالرفع، وإلا لما وجب الغسل بعد ذلك، وهو لا يقول به.وكأنه نظر إلى أن التيمم يرفع الحدث إلى غاية لم تحصل فيبقى على فائدته، والموجب الطارئ إنما هو حدث آخر موجب للوضوء، وهو خيال

١٧١

[الثالث: مسح الجبهة من قصاص شعر الرأس حقيقة أو حكما إلى طرف الانف الاعلى،] ضعيف، لان التيمم لما لم يزل حكم السبب السابق جملة، أفاد اباحة الصلاة بمنع تأثيره إلى غاية ما، فكل شئ منع من الصلاة أبطل فائدته وأزال حكمه أصلا ورأسا، فمن أراد عود الاباحة لم يجدبدا من اعادة التيمم الاول.وبهذا التحقيق يظهر ضعف قول المصنف في القواعد بقوة القول بأن التيمم يرفع الحدث، وقوله في الدروس بأنه إن نوى رفع الماضي صح، كأنه ينحو به نحو دائم الحدث.وبينهما فرق، فإن لدائم الحدث حدثا سابقا ومقارنا، وطهارته مائية ترفع الحدث اذا أمكن وامكانه في السابق خاصة، لان المقارن للنية يمتنع تأثيرها فيه.أما التيمم فإنما هو عن حدث سابق، إذ هو المفروض، وقد عرفت أنه لا يصلح للرفع، على أنه لو صلح لم يكن للتقييد بالماضي معنى.

وكذا قوله في الذكرى: ولو نوى رفع المانع من الصلاة صح وكان في معنى الاستباحة، فإن ظاهره الفرق بين رفع الحدث ورفع المانع، إذ صرح بالمنع في الاول وبالصحة في الثاني، وليس بجيد، لان معنى رفع الحدث زوال المانع من الصلاة الحاصل بشئ من أسباب الطهارة، وحينئذ فقوله: ولا مدخل للرفع هنا، أجود عباراته، وهذا هو التحقيق الذى يرحل إليه.

قوله: مسح الجبهة.وكذا الجبينين والحاجبين.

١٧٢

[وإلى الاسفل أولى.

الرابع: مسح ظهر كفه اليمنى ببطن اليسرى من الزند إلى أطراف الاصابع.

الخامس: مسح ظهر كفه اليسرى كذلك.

السادس: نزع الحائل كالخاتم.

السابع: الترتيب كما ذكر.

قوله: الثامن: الموالاة وهي متابعة الافعال هنا.

التاسع: طهارة التراب المضروب عليه، والمحمل.] قوله: وإلى الاسفل أولى.

يستحب خروجا من الخلاف، إذ قد حكى ابن ادريس فيه قولا بالوجوب لبعض أصحابنا، وقد اشكل وجه الاولوية على بعض الشارحين فناقش فيه الصمنف.

قوله: وهي متابعة الافعال هنا.إذ لا يتصور الجفاف.

قوله: طهارة التراب.

فلا يجرئ النجس اختيارا واضطرارا سواء تعدت نجاسته أم لا.

قوله: والمحل.إلا عند الضرورة فيعتبر جفاف النجاسة وعدم حيلولتها.

١٧٣

[ويجزئ الحجر اختيارا، ولا يشترط علوق شئ من التراب، بل يستحب النقض.

العاشر: اباحته.]

قوله: ويجزئ الحجر اختيارا.ثم الغبار، ثم الوحل، ثم الدلك بالثلج دهنا لاعضاء الوضوء أو الغسل.

قوله: بل يستحب النقض.

إن قيل: هذا مناف لموضوع الرسالة، لان موضعها كما تقدم بيان واجبات الصلاة الواجبة دون مندوباتها.

قلت: ليس المقصود من ذكر استحباب النفض بيان حكمه، بل الاشارة إلى دليل المسألة، أعني عدم اشتراط علوق شئ من التراب على محل الضرب، ليكون حجة على المخالف، وهو ابن الجنيد منا، وكثير من العامة.

والعبارة في قوة قولنا: لو اشترط علوق شئ من التراب لما استحب نفضه، والتالي باطل، لثبوت الاستحباب فكذا المقدم.وإنما أضرب ببل الدالة على الترقي من الادنى إلى الاعلى، لانه يكفي في عدم اشتراط العلوق جواز النفض بحيث يرتفع الحرج عن فعله، فإذا كان مستحبا كان أبلغ في الدلالة، وهو ظاهر.

فائدة:

من واجبابت التيمم المباشرة بنفسه كما في الطهارتين، واخلال المصنف في عبارته لا عذر له فيه.

قوله: اباحته.ولو بشاهد الحال.

١٧٤

[الحادي عشر: اباحة المكان.

الثاني عشر: امرار الكفين معا على الوجه، وبطن كل واحدة على ظهر الاخرى مستوعبا.]

قوله: على الوجه.أي: على الواجب مسحه من الوجه.

قوله: وبطن كل.أي: وامرار بطن كل منهما على ظهر الاخرى من الزند إلى أطراف الاصابع.ويجب قراء‌ة بطن بالجر حذفا للمضاف وابقاء للمضاف إليه على اعرابه، وإن ضعف ذلك في العربية.ولا ينبغي قراء‌ته بالرفع، إذ يصير اللفظ موهما وجوب وضع باطن احدى اليدين على ظهر الاخرى حال مسح الوجه، كما توهمه بعض القاصرين، فإنه مع بطلانه لا تدل عليه العبارة وإن كانت توهمه في بادئ النظر قبل التأمل على قراء‌ة الرفع، فإن وضع كل من بطن اليدين على ظهر الاخرى حال مسح الوجه غير ممكن الوجود.غير أن القراء‌ة بالجر أبعد من هذا الوهم، فيكون أولى، لان المقصد من هذا الكلام استيعاب محل الفرض في التيمم، أعني أعضائه الثلاثة.

قوله: مستوعبا.حال مؤكدة للمعنى المستفاد مما قبله، فإن الكلام السابق دال بظاهره على استيعاب الممسوح.ومثله قولك: زيد أبوك عطوفا، فإن العطف والحذف مستفاد من معنى الابوة.

١٧٥

[للممسوح خاصة، والشك في أثنائه كالمبدل، وينقضه التمكن من البدل.ثم إن كان عن الوضوء، فضربة، وإن كان عن الجنابة فضربتان، وإن كان من غيرها من الاغسال فتيممان.].

قوله: للممسوح.أي: للعضو الممسوح، على ارادة الجنس إذ المراد الاعضاء.

قوله: خاصة.أي: دون الماسح إذ لا يمكن استيعاب الممسوح به دفعة واحدة.

قوله: من المبدل.أي: بالتمكن من الطهارة التي تيمم المحدث عنه بدل عنها، فلا ينقض بظن وجود الماء، ولا بوجوده من ع عدم التمكن من استعماله، خلافا لبعض العامة، ولا بالتمكن من الوضوء.

وتيممه بدل من غسل الجنابة، أما لو كان بدلا من غير غسل الجنابة فإن تيمم الغسل لا ينتقض بل ينتقض تيمم الوضوء، لان الواجب في غير الجنابة تيممان وكذا لو تمكن من الغسل خاصة انتقض تيممه فقط.وهذا هو السر في عدول المصنف عن التمكن من استعمال الماء، أو التمكن من المائية، ونحوها إلى قوله: والتمكن من المبدل، إذ لا تستفاد الاحكام الثلاثة الاخيرة إلا منه.ويستفاد منه أيضا أن من استعمال الماء في بعض أعضاء الطهارة لا ينتقض تيممه وهو كذلك، لان الطهارة عندنا لا تتبعض.

قوله: عن الجنابة فيه مناقشة، إذ غير الجنابة كذلك، فلا معنى لافرادها بالذكر مع الاخلال

١٧٦

[وللميت ثلاثة. ولا يجب تعدده بتعدد الصلاة، وينبغي ايقاعه مع ضيق الوقت.

المقدمة الثانية: في ازالة النجاسات العشرة عن الثوب والبدن

وهي: البول والغائط من غير المأكول اذا كان له نفس سائلة، والدم من ذي النفس السائلة مطلقا والميتة منه ما لم يطهر مسلم] ببيان حكم غيرها، لان قوله: وإن كان عن غيرها، لا يدل على كيفية الفعل، فكان الاصوب أن يقول: وإن كان عن الغسل فضربتان ولغير الجنابة تيممان، وللميت ثلاثة.

قوله: وللميت ثلاثة.ويتخير في افراد كل بنية، وجمعها بنية واحدة، وهل يجب غسل اليدين بين كل تيممين أو كل ضربتين بناء على النجاسة؟ الظاهر لا.

قوله: وينبغي ايقاعه.الاولى اعتبار الضيق إذ رجا زوال العذر قبل خروج وقت الصلاة، وإلا جاز مع السعة، على أن القول بالجواز مع السعة مطلقا قوي جدا وهو حقيق بالترجيح.

قوله: مطلقا.أي: اكل لحمه أم لا.

قوله: ما لم يطهر.هي ظرف بمعنى المدة، أي: من النجاسات الميتة من ذي النفس مطلقا مدة لم

١٧٧

[خاصة، والكلب وأخواه.والمسكر وحكمه] يطهر المسلم.

وقوله: يطهر، يحتمل قراء‌ته بالتخفيف وبالتشديد.فعلى الاول يكون المعنى مدة عدم طهر المسلم، أي: الحكم بطهره شرعا.وعلى الثاني مدة عدم تطهيره، أي: مدة فعل ما به يحصل طهارته.

وعلى الاول يندرج في العبارة المعصوم والشهيد، ومن تقدم غسله إذا قتل بالسبب الذي اغتسل له، ومن غسل صحيحا، ومن لم يبرد بالموت، لا العضو الذي كملت طهارته وإن ادعاه المصنف في حواشيه، إذ لا يصدق عليه اسم ميت طهر.ويخرج منها من غسل فاسدا، ومن غسله كافر، ومن لم يكمل طهارته، ومن اقتصر فيه على طهارة الضرورة، والميت بعد غسله المقدم والمقتول بغير سببه، والكافر، والبهيمة.لكن على هذه لا معنى للتقييد بالمسلم.وعلى الثانية يستقيم التقييد، لكن لا يندرج فيها الشهيد والمعصوم ومن لم يبرد، فلا يخلو من مؤاخذة.ما لم يطهر المسلم، أي: لم يحكم بطهره شرعا، أو بفعل ما به تحصل طهارته.

قوله: خاصة.أي: دون غيره من كافر أو بهيمة، ويدخل في السملم من له حكمه تغليبا.

قوله: وأخواه.أي: الخنزير، والكافر بانواعه حتى الخوارج، والغلاة، والنواصب، والمجسمة بالحقية.

قوله: وحكمه.أي: حكم المكسر وهو شيئان:

١٧٨

[بماء طهور،] - العصير العنبي إذا غلى واشتد بأن صار أعلاه أسفله حتى يذهب ثلثاه، أو يصير دبسا على المشهور بين متأخري الاصحاب، مع أنه لا نص فيه ولا اجماع، ولا يلحق به الزبيبي.

الثاني: الفقاع: وهو المستخرج من الشعير، ويسمى الا سكركة كما ذكره المرتضى في الانتصار، وقال انه خمر الحبشة.وما يوجد في أسواق أهل الخلاف مطلقا عليه اسم الفقاع لا يجب اجتنابه.ولو شوهد انسان بالعيان يستخرج ماء الزبيب ويضعه في الكوز لم يحرم وإن سماه فقاعا، إلا أن يغيب به عن العين.

قوله: بماء طهور.الباء تتعلق بقوله أول الكلام: ازالة النجاسات، واختار التقييد بالطهور على الطاهر لينطبق على مذهب من قال يمنع الازالة بالمستعمل لزوال الاجمال.وفيه رد على المرتضى إذ يقول بجواز الازالة بالمضاف، وفإن اسم الماء يقع على المضاف مجازا.ولما كان ازالة النجاسات شاملا لازالة البول والغائط عن مخرجهما المتعاد للآدمي المعبر عنه بالاستنجاء، ولايتعين الماء في الغائط غير المتعدي، عطف بأو الدالة على التخيير بين معطوفها وبين الماء في الاستنجاء المخصوص.وقد اشتملت هذه العبارة الوجيزة على أكثر أحكام الاستجمار، وهي في مسائل:

أ: يجب بدل الماء مسحات ثلاث لا أقل وإن نقى بما دونها، كما يدل عليه اطلاق العبارة، وهو الاصح.

١٧٩

ب: التعبير بالمسحات مؤذن بأن الحجر غير شرط وإن جاء في بعض الاخبار.

ج: اطلاق المسحات يشمل استيعاب المحل بكل منها وتوزيعها على أجزاء المحل، فيجريان على الاصح في الثاني.

د: يستفاد من قوله: فصاعدا، أي: فزائدا على الثلاثة، أنه لو لم يحصل النقاء بها وجب الاكمال بما به يحصل.

ه‍: يدخل في قوله: بطاهر، الخشب والخرق ونحوهما، فيجزئ للاستجمار، فإن الباء فيه تتعلق بمسحات.

و: يدخل فيه الحجر الواحد ذوالجهات وذوالجهة الوحدة إذ طهر.

ز: يدخل فيه المنهي عنه كالمطعوم وإن حرم على الاصح فيه وفيما قبله.

ح: يدخل فيه أيضا ما استعمل من الثلاث بعد النقاء فيجزئ لطارته.

ط: تدخل فيه أوراق المصحف، وتربة الحسينعليه‌السلام ، ونحوهما.ويجب الاحتراز عنه، إذ لا يطهر المستجمر بها بل يكفر مع علمه، وتصريح بعض الاصحاب بالاجزاء فيه مدخول.

ي: يدخل فيه الصقيل الذي يزلق عن النجاسة، ويجب اخراجه قطعا.

يا: يدخل فيه الرخو، ويجب اخراجه.

يب: يدخل فيه الرطب، ولا يجزئ كما نص عليه في المنتهى يج: يدخل فيه التراب، ولا يجزئ، لا لتصاقه بالمحل حيث تنفصل منه أجزاء، ومثله ما لو كان التراب على الحجر وغيره.

يد: يخرج عنه النجس، فلا يطهر، ومنه المستعمل.

يه: الجار في قوله: في الاستنجاء، متعلق بما دل عليه العطف بأو من معنى

١٨٠