رسالة المحقق الكركي الجزء ٣

رسالة المحقق الكركي0%

رسالة المحقق الكركي مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 319

رسالة المحقق الكركي

مؤلف: الشيخ علي بن الحسين الكركي
تصنيف:

الصفحات: 319
المشاهدات: 38944
تحميل: 4831


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 319 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 38944 / تحميل: 4831
الحجم الحجم الحجم
رسالة المحقق الكركي

رسالة المحقق الكركي الجزء 3

مؤلف:
العربية

[مقبول، وها أنا أقول، وربي حسبي في كل مسؤول.

اعلم أن المسائل المذكورة كانت احدى عشرة مسألة، أولها متعلقة بمباحث الالفاظ من مقدمات المنطق، وثانيها بعلم الكلام، والباقي بالفقه، فأكملتها بتحقيق مسألة كلامية مهمة من أن أفعال الله تعالى معللة بالغرض حتى كملت اثنتي عشرة مسألة:

المسألة الاولى

إن المذكور في كتب المنطق من حصر الدلالة في المطابقة والتضمن والالتزام، ومنقوض بالمركب الذي يكون أحد جزئيه مستعملا في المعنى المجازي والآخر في الحقيقي، ويكون الجزء المستعمل في المعنى الحقيقي قرينة على المعنى المجازي، بحيث يدل كليه على المعنى المجازي كقولهم: أسد في الحمام، فإن لفظ الحمام يدل دلالة كلية على أن المراد بالاسد الرجل الشجاع، فدل المركب المذكور كليا على أن الرجل الشجاع في الحمام.وهذا الدلالة ليست مطابقة ولا تضمنا وهو ظاهر، ولا التزاما، لان المعنى الحقيقي للمركب المذكور لا يلزمه بحسب التعقل كون الرجل الشجاع في الحمام، فيبقى واسطة بين الاقسام.هذا محصل السوال.

ويمكن أن يقال: إن مقسم الدلالة هو دلالة اللفظ الدال على معناه الحقيقي، وحينئذ خرج المركب المذكور عن المقسم، لان المركب من الحقيقة المجاز ليس بحقيقة على أنهم اعتروا في الدلالة ما يكون بعد العلم بالوضع كليا، ودلالة المركب المكذور على الرجل الشجاع ليس كلا، إلا بملاحظة مقدمة غير العلم بالوضع، مثلا فيما نحن فيه أسد في الحمام كليا لا يدل، لان قولهم: في الحمام إنما يدل على الرجل الشجاع بضم مقدمة وهي: أن الاسد ليس يدخل في الحمام.]

٨١

[وهذه المقدمة إنما تصح بعادة البلاد، فإنه لو صح أن ينقل أن في البلاد الباردة يحفظ الاسد في الحمامات، لا يفهم سيما في تلك البلاد من قولهم أسد في الحمام ذلك المعنى أصلا.

وكذا قولهم: أسد يرمي، إلا بملاحظة أن الاسد لا يرمي.نعم أهل العربية لما لم يعتبروا الكلية في الدلالة جعلوا المركبات المجازية داخلة في الدال المنقسم إلى المطابقي والتضمني والالتزامي، والمنطقيون أخرجوها وإن كان نظرهم إلى الافادة والاستفادة الحاصلة من المجاز.

إن قلت: فعلى هذا القول ان المنطقي غرضه من البحث عن الالفاظ الافادة والاستفادة، فلابد حينئذ من دخول مادة النقض في المقسم، فبطل الحصر.

قلت: أحد لا يشك أنهم لم يعتبروا مثل المجاز داخلا في مقسم الدلالة، لو صح فلا نقض.

إن قلت: فحينئذ يلزم النقض في حصر الدلالة المطلقة في الوضعي والطبيعي العقلي، إذ دلالة المركب المذكور ليس عقليا ولا وضعيا.

قلت: النقض المذكور غير متوجه، لان المجاز داخل في الوضعي، ليس داخلا في اللفظي الوضعي المعتبر في القسمة الثانية.

إن قلت: كلام الناقض في الحصر على تقدير دعوى الحصر العقلي كما فعل السيد الشريفقدس‌سره ، وحينئذ يكفيه الاحتمال ولا يحتاج إلى مادة النقص قلت: هذا كلام آخر، فإن ظاهر أول الكلام كان نقص الحصر، وإن أريد مجرد المنع فحينئذ يقال: إن المنع مشهور، بل نقض الحصر بأمثلة ذكرناها في شرح التهذيب، إنما كلامنا هنا في مادة النقض بخوصها.

المسألة الثانية

في بيان حدوث العالم بحيث يعم المجرد والمادي، وهي مسألة مهمة، مع أن]

٨٢

[المذكور في كلام المتكلمين كأفضل المحققين في تجريده من دليل الحدوث مخصوص بحدوث الماديات.

اعلم أن الاهتمام بهذه المسألة إنماهو لاثبات القدرة الذي يتوقف عليه النبوة ومسألة الاختيار، قد ثبت باتفاق المتكلم والحكيم، كيف لا ومن جوز أن يكون الواجب تعالى مؤثرا في العالم كالنار في الاحراق وسائل الجمادات فهو انقص من الجماد، نعم وقع الخلاف بين المتكلم والحيكم في الاختيار لا بمعنى إنشاء فعل وإن لم يشأ لم يفعل، بل في أن مقدم أي الشرطيتين واقع في الازل.

فالحكيم بأنه تعالى شاء في الازل وفعل فردا من العالم، المتكلم قال: لم يشأ لم يفعل، فكما أن قول الاشاعرة بوجود الصفات التي داخلة في الحقيقة في الممكن لم يضر في اثبات الشرع والدين كذا ما قاله الحكيم، بل قول الحكيم أقرب، لان ايجاد الصفات على مذهب السنة لا يمكن إلا بطريق تؤثر الحكيم أقرب، لان ايجاد الصفات على مذهب السنة لا يمكن إلا بطريق تؤثر النار في الاحراق.

نعم إن كان ما نقل عن الحكماء من أن الله تعالى خلق العقل الاول فقط وليس له دخل في باقي العالم، صحيحا، يبقى كلامهم بعيدا عن ذلك، لكن هذا افتراء كما حققه المحقق الطوسيقدس‌سره في شرح الاشارات.والمتكلمون لما وجدوا هذه الشنعة غنيمة شهروها وأوردوها في كتبهم، فالمحققون أثبتوا في تصانيفهم حدوث العالم المادي وأحالوا قسم المجرد إلى النقل، فإنه يثبت بعد اثباته الشرع حدوث العالم مطلقا.

وما افيد في الرسالة المرسلة في بيان حدوث العالم بجميع أفراده، هو أنه لو تحقق فيما بين الممكنات قديم زماني يكون تأثير المؤثر فيه دائما باعتبار البقاء، إذ علة الحاجة هو الامكان، وهو مستمر ولا شك أن التاثير في البقاء في الزمان الثاني لم يكن حاصلا في الزمان]

٨٣

[الاول، إذ هو شخص آخر من التأثير في أثر آخر، فلو لم يكن للممكن الموجود أول لزمان وجوده لاحتاج إلى أفاعيل وتأثيرات غير متناهية مترتبة، فيلزم التباس ويبطل ببرهان التطبيق.

هذا خلاصة ما ذكر من الدليل، وفيه إن هذا لو صح يجري في جميع الحوادث الزمانية الباقية، إذ آنات وجود الحادث المذكور غير متناهية، وكذا التأثيرات والابقاء‌ات.

وأيضا نقول: كل حادث يحتاج إلى امور متناهية مترتبة مجتمعة، إذ لا ريب أن المعلول لا يتخلف عن علته، فالعلة التامة للحادث لا يمكن أن تتقدمة، فحين الحدوث تتم العلة بجزء جديد، وينقل الكلام إلى علة الجزء الجديد ثم إلى علة علته، ولابد من تحقق الغير المتناهي حال الحدوث، وإلا يلزم التخلف المحال.

وحينئذ يقال: إن برهان التطبيق والتضايق يجريان في ذلك.واجيب بأن البرهان إنما يبطل وجود السلسلة، والابقاء والتأثير أمران اعتباريان، وكذا السلسلة المترتبة المجتمعة عند الحدوث، ولو سلم يكون هذا اعتراضا على برهان التطبيق والتضايق لا دليلا على المطلوب.

المسألة الثالثة

قال العلامةقدس‌سره في القواعد: لو قيد ناذر الدهر بالسفر، ففي جواز سفره في رمضان (اخختيارا) اشكال، أقربه الجواز، وإلا دار.

اعلم أن تحرير المقام يقتضي امور:

الاول: إن الاشكال يقتضي امارتين متعارضتين.

الثاني: أن الاقربية تقتضي قوة احداهما أو تقويتها، لكن بحيث لا تخرج]

٨٤

[الاخرى عن القوة.

الثالث: بيان الدور.

الرابع: أن نبين احتمال ضعف بيان الدور، فإن الدور لو كان ثابتا لا وجه للاقربية بل يكون صوابا، إلا أن يكون الدليل المعارض غير مدخول، وليس كذلك، اللهم إلا أن يقال في نظر العلامة لم يكن مدخولا.

فإذا علمت ذلك فنقول:

أما الامر الاول: وهو أن هنا دليلان، فالدليل الاول على أن السفر في الصورة المذكورة حرام، لان هنا مسألة مقررة: هي أن كل سفر جائز يجوز فيه الافطار، فإذا جاز السفر المذكور يلزم جواز الافطار المستلزم لا خلال النذر المحرم، وما يستلزم الحرام حرام، فالسفر حرام.

والدليل الثاني على أن السفر في هذه الصوره جائز: هو أن السفر المذكور لو كان حراما، يكون بناء على أن جواز السفر يكون سببا للافطار بانعقاد النذر، فإذا كان جواز الافطار علة لتحريم السفر، وتحريم السفر سبب لعدم جواز الافطار، فيلزم من رفع السبب الذي هو الجواز عدم تحريم السفر، فيلزم من التحريم عدم الحريم، وهو المطلوب.أو يقال بلزوم الخلف، وهو اجتماع التحريم وعدم التحريم، أو الجواز وعدم الجواز المستلزم للتناقض المحال.

وأما الامر الثاني: وهو بيان قوة الدليل الثاني أو تقويته، فلان الاصل الجواز، فيقوى الدليل الثاني بأصالة حل السفر.هذا بيان التقوية.

ويمكن بيان القوة بأن يقال: إن قول المستدل إن جواز الافطار مستلزم لاخلال النذر ممنوع، لان الاخلل ظاهره أن يفقد النذر ثم يحمل بغير مقتضاه، والجواز لا يستلزم ذلك، فإن أريد بالاخلال عدم انعقاد النذر، فحينئذ يبقى كلامه ظاهر الاختلال، إذ عدم الانعقاد ليس بحرام.

ويمكن أن يقال: إن النزاع يرجع حقيقة إلى انعقاد النذر وعدم انعقاده.]

٨٥

[تفصيله: أن المصنفقدس‌سره ذهب إلى أقربية انعقاد النذر في المسألة المذكورة على ما يجئ، لكن لابد أن يعلم أن في انعقاد النذر المذكور في صورة يتحقق وجوب الصوم في رمضان خلافا لا في محل التحريم الذي هو كون المكلف في الشهر المذكور في السفر، فإن الصوم في الصورة المذكورة حرام، والنذر لا ينعقد في الحرام اجماعا إنم الخلاف في صورة الوجوب والاباحة، واختار المصنف الانعقاد لكن لا في صورة تحريم الصوم وهو حال السفر، فلا ينعقد النذر المذكور اتفاقا حال السفر.

إن قيل: إن نذر الصوم لا ينعقد في شهر رمضان في السفر وليس كلامنا فيه، إنما كلامنا في انعقاد النذر في غير شهر رمضان، بحيث لا يبقى لقضاء ما أفطر الناذر المسافر في شهر رمضان وقت، فلا يجوز له السفر لا لانه انعقد النذر بالنسبة إلى شهرمضان في السفر، بل لانه انعقد النذر في جميع وقت يمكن فيه قضاء ما أفطر في شهر رمضان.

قلت: لا نسلم استغراق النذر لجميع أوقات يمكن فيها القضاء، بل أيام القضاء مستثنى، فدعوى انعقاد النذر في الدليل يقرب إلى المصادرة، وكذا دعوى بطلان اخلال النذر بالمعنى الذي اشرنا إليه، لكن هذا يخرج الدليل الاول عن المعارضة.

أما الامر الثالث: وهو بيان الدور، فقد يثبت ذلك بوجوه:

الاول: ان جواز الافطار علة لتحريم السفر، وتحريم السفر علة عدم جواز الافطار، وعدم جواز الافطار علة عدم تحريم السفر، وعدم تحريم السفر علة جواز الافطار، فيلزم تقدم جواز الافطار على نفسه بمراتب.

بيان المقدمات: اما الاولى والثانية فقد مر.

وأما الثالثة، فلان الجواز إذا كان علة لتحريم السفر، يكون عدم جواز الافطار علة لعدم التحريم، بناء على أن عدم العلة علة لعدم المعلول.]

٨٦

[وأما الرابعة، فلان تحريم السفر لما فرض علة لعدم جواز الافطار، يكون عدم التحريم علة للجوا، بناء على أن عدم العلة علة لعدم المعلول.

الثاني: إن عدم جواز الافطار علة لعدم تحريم السفر، وعدم تحريم السفر علة لجواز الافطار، وجواز الافطار علة لتحريم السفر، وتحريم السفر علة لعدم جواز الافطار، فيلزم أن يكون عدم الجواز مقدما على عدم الجواز بمراتب.

الثالث: إن صحة تحريم السفر المذكور فرع صحة انعقاد النذر، وصحة انعقاد النذر موقوف على صحة تحريم السفر.قال صاحب الايضاح في بيان القرب شيئا يدل على بيان الدور إنه لو حرم لزم استلزام الشئ لنقيضه، واللازم باطل فالملزوم مثله.بيان الملازمة أن تحريمه يسلتزم تحريم القصر فيه، لانه كلما لم يجز السفر لم يجز الافطار، ولا مقتضي لتحريم السفر إلا جواز الافطار، لانه (هو)، المستلزم للاخلال اختيارا المستلزم لتحريم السفر اجماعا، واذا انتفى المقتضي انتفى تحريم السفر، لعدم السبب المقتضي له، فيستلزم تحريمه عدم تحريمه،[وأما استحالة التالي فظاهرة].وهذا واشباهه في مسائل تأتي يسميها المصنف بالدور.ويمكن توجيه الدور المصطلح عليه بأن تحريم السفر موقوف على وجوب القصر، وهو موقوف على اباحة السفر، والاباحة موقوفة على عدم الاخلال بالنذر، وهو موقوف على[وجوب] الاتمام، ووجوب الاتمام موقوف على تحريم السفر، فيتوقف على نفسه بمراتب انتهى.وقد علمت فيما مر أنه يلزم علية التحريم لعدم التحريم، وكذا سببية الجواز،]

٨٧

[لعدم الجواز، وجعل تقدم الشئ على نفسه مسمى بالدور أحسن، وإن لم يكن في هذا المقام لتأويل الدور إلى المعنى المجازي حسنا، لان الدور بمعناه الحقيقي كما بينا.ويمكن بوجوه اخربيان الدور تركناها، لكن نقول على ما حررنا: لا نحتاج إلى حصر المقتضي في الجواز، بل يكفي الاقتضاء في استلزام الشئ لنقيضه، فلا يكون المنع الذي أورد في الرسالة ضارا، بل منع مقدمات الدليل نافع على سياف المصنف، فلنتكلم في مقدمات بيان الدور المذكور في الايضاح: أما المقدمة الاولى: وهي تحريم السفر موقوف على وجوب القصر، إن اريد بها أن تحريم السفر في الواقع موقوف على وجوب القصر المتحقق في الواقع، فممنوع.وإن اريد أن حكم الحاكم بتحريم السفر منوط على وجوب القصر كما قالوا إن علل الشرع معرفات، لو سلم فلا يتحقق الدور، إذ لا يمكن اثبات التوقف باعتبار العلم في جميع المراتب.

أما المقدمة الثالثة: وهو قوله: الاباحة موقوفة على عدم الاخلال، فممنوع، إذ الاباحة لو حملت على ظاهرها لا تصح، لان الاباحة المقابلة للاحكام الاربعة لا تتوقف على عدم اخلال النذر، إذ وجوب السفر واستحبابه وكراهته موجبات للافطار المستلزم للاخلال، فالمراد عدم الحرمة موقوف على عدم الاخلال، هو ممنوع، إذ يلزم بناء على أن الرفع علة للرفع أن يكون الاخلال عليه للحرمة، مع أن النذر علة للحرمة.

أما المقدمة الرابعة: وهي قوله: عدم اخلال النذر موقوف على وجوب الاتمام، ممنوع، إذ عدم الاخلال أزلي لا يتوقف على وجوب الاتمام، إذ الوجوب حادث عند الامامية.إلا أن يراد بعدم الاخلال: عدم مخالفته النذر بعد انعقاده فهو حادث، لكن حينئذ يظهر منع المقدمة الرابعة، إذ وجوب]

٨٨

[الاتمام متحقق مع انعقاد النذر، وعدم الاخلال حادث بعده.وكذا الثالثة، لان عدم الحرمة ليس موقوفا على الاخلال الحادث.

[أما] الرابع: بيان خلل في اثبات الدور، وهو انا لا نسلم أن رفع العلة علة لرافع المعلول عند المتكلمين، فانهم قالوا: إن البناء فاعل للبناء، وعدم الفاعل لايستلزم بقاء البناء، وعلى مذهب الامامية القائلين بأن العبد فاعل لافعاله، وأن القبيح لا يصدر عن الله، اذا سب أحد النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أو الله تلى في كتاب لا ريب أن هذا قبيح لا يصدر عن الله، مع أنه يبقى ويفنى الساب.وأيضا نمنع أن الجواز الذي رفعه لازم من تحريم السفر عين الجواز الذي كان بضم النذر سببا للتحريم.

ويمكن أيضا منع قوله: صحة انعقاد النذر فرع صحة تحريم السفر في الوجه الثالث من بيان الدور.

فإذا أحطت بما سمعت، فاعلم أن الحق جواز السفر على تقدير النذر المذكور، وجعل المصنفقدس‌سره هذا موضع الاشكال بعد ملاحظة أن النذر لا ينعقد في الحرام، وهو صوم السفر المذكور.

المسألة الرابعة

في القواعد: لو اشترى عبدا بجارية ثم أعتقهما، فإن كان الخيار له بطل العتقان، لانه بعتق الجارية مبطل للبيع، وبعتق العبد ملتزم بالعقد، فعتق كل منهما يمنع عتق الآخر فيتدافعان.

ويحتمل عتق الجارية، لان العتق فيها فسخ وفي العبد اجازة، واذا اجتمع الفسخ والاجازة قدم الفسخ، كما لو فسخ أحد المتعاقدين وأجاز الآخر البيع فإن الفسخ مقدم وعتق العبد، لان الاجازة ابقاء للعقد والاصل فيه]

٨٩

[الاستمرار.وفي الرسالة أن الشيخ العلامة المعاصر اختار بطلان العتقين كما اختاره المصنف، وأورد السيد الايد أن عتق العبد لما كان في ملكه فعتقه واقع في محله، وأما الجارية فإنما يقع عتقها في محله لو فسخ العقد الاول، ونفس العتق لا يدل على الفسخ إلا بضميمة أن فعل المسلم الاصل فيه الصحة، فلما عتق مملوك شخصا آخرا، ومعلوم أن عتق مملوك شخص آخر لا يصح، فلا بد أن يحتمل على أنه قبل العتق فسخ العقد حتى يمكن حمله على الصحة كما بينه الشيخ العلامة المذكور في مسألة دلالة العتق على الفسخ.ولا شك أن هذا إنما يتيسر اذا أمكن حمل فعله على الصحة، ولما كان العتقان باطلين لا يمكن حمل فعل المسلم على الصحة في المسألة المذكورة، فلا يدل على الفسخ فلا ينعقد عتقهما، فلا يزاحم عتق العبد فيعتق العبد، فالقوة للاحتمال الثالث.هذا خلاصة كلام الرسالة.وتلخيصه أن الصحة إنما هو ترتب الاثر، والعتقان لما حكم ببطلانهما في المسألة فلا يقال: إن فعل المسلم محمول على الصحة، واذا بطل حمل فعل المسلم على الصحة، فلا يقع الفسخ، فيبقى العبد معتقا، إذ عتق العبد مع عتق الجارية كعتق عبدالمعتق اعتقه مع عتق عبد غيره، إذ الجاريه صارت ملكا للغير فلا يقع عتقها.

نعم لو حمل فعل المسلم على الصحة، لابد من ملاحظة ابقاء بيع العبد وفسخ الجارية حتى يقع العتقان، واذا علمت أن حمل فعل المسلم على الصحة غير محمول على الصحة، فلا يكون قبل قول المعتق: اعتقهما، لا فسخ البيع ولا بقاؤه، فحينئذ يكون عتق العبد واقعا، اذالمانع من عتقه فسخ البيع ولم يقع.]

٩٠

[إن قلت: عتق العبد يستلزم محذورات:

الاول: ان فعل المسلم غير محمول على الصحة.

الثاني: لا يكون العتق في الخيار فسخا مع أن الشائع ذلك.

الثالث: انه يلزم حمل فعل المسلم على غير المشروع، وهو اعتاق مال الغير وهو الجارية.

قلت: مثل هذا مشترك في صورة بطلان العتقين وصوره عتق الجارية، والاحتمالات لا تخرج عن هذه: أما صورة بطلان العتقين، فلان بطلان كل من العتقين فساد فيلزم فسادان، واعتاق احدهما اعتاق مال الغير فيلزم خلاف الشرع، مع أنه يلزم عدم ترتيب الاثر وهو العتق، ولا شك أنه أمر مهم.

وأما عتق الجارية، فلانه يلزم منه اعتاق مال الغير بالنسبة إلى العبد، وبطلان عتق العبد، وعدم ايقاء البيع الذي يتوقف صحة فعل المسلم أعني عتق العبد عليه.اعلم أن فعل المسلم هنا إن حمل على المشروع، فلابد أن يلاحظ في: اعتقهما أمران: الاول فسخ البيع، الثاني: ابقاء للبيع.وهذا محال، فلا يصح حمل الفعل المذكور على المشروع إلا أن يقال: الفسخ لابد منه قبل العتق.وأما ابقاء البيع فلا يحتاج ملاحظة فلا يلزم المحال، إذ البيع المذكور إذا لم يفسخ يكفي في عتق العبد ولا يحتاج إلى ملاحظة الابقاء.وفيه أن المعتق لابد أن يلاحظ الفسخ ليصح عتق الجارية، وعدمه ليصح عتق العبد.

ولك أن تقول: إن اعتاقهما كذلك غير معقول، إذ قول المعتق: اعتقتهما، المراد به ايقاع أفعال مقدورة تكون سببا لعتقها، ومن جملة الاسباب ابقاء البيع وفسخه، فايقاعهما يكون عزما على جمع النقيضين، وهو محال، فيكون]

٩١

[العتقان باطلين.نعم لو كان الاعتاق المذكور واقعا لاحتمل عتق الجارية والعبد، وعتق العبد أقرب.

لا يقال: يحتمل أن يكون مراد المعتق بقوله: اعتاق احدهما، لاعلى التعيين، وحينئذ لا تلزم اكثر المحذورات.

لانا نقول: كلامنافي صورة يكون الاعتاق بالنسبة اليهما جميعا.

المسألة الخامسة

لو أجاز المرتهن الرهانة الثانية، ففي كونه فسخا لرهنه، أو فيما قابل الدين، أو العدم مطلقا نظر، اختار الشخى العلامة الاخير، مستدلا بأنه لا تنافي بين الرهنين حتى كون فسخا للاول، فكل منهما رهن صدر من أهله في محله، فكلاهما صحيحان.ولما كان الاول مقدما، فوجه صحة الثاني أنه إذا فضل من استيفاء دين الاول شئ يصرف في وجه الثاني.هكذا نقل في الرسالة المرسلة.والقول بعدم الفسخ يتصور على وجوه.

الاول: أن يكون استيفاء دين الاول مقدما، فإن فضل يكون للدين الثاني.

الثاني: أن يكون الثاني مقدما، وما فضل يكون للاول، عكس الاول.

الثالث: أن يكون المرتهنان في درجة واحدة، كما اذا أخذا رهنا في أول الحال من غير تقدم أحد المرتهنين في أخذ الرهن على الآخر.لكن من ذهب إلى عدم الفسخ لعله اختار الاول، نظرا إلى أن الرهن الاول تعلق بجميع أجزاء المرهون على السوية، والرهن الثاني لا يبطل التعلق الاول، فما لم يخرج المرهون عن استيفاء دين الرهن الاول لا يتعلق به استيفاء دين الرهن الثاني فيستلزم الترتيب.]

٩٢

[وحينئذ لا فائدة في الرهن اذا تساوى المرهون مع الدين الاول أو نقص عنه، إلا على تقدير أن يؤدى الدين الاول أو يسقط، لكن يبقى هذا القول محتملا، وهما اقرب من الفسخ على الوجه الذي قالوا به.

ثم أن القول بالفسخ بما قابل الدين متصور على انحاء:

الاول: أنظر ينظر الدينان أو يلاحظ نسبتهما ونسبة أجزاء المرهون، فإن كان الدين الاول ثلثين والدين الثاني ثلثا، يكون ثلث المرهون رهنا للثاني والباقي للاول.

الثاني: أن يكون الرهن للثاني والفاضل للاول على الترييب.

الثالث: أن يكون المرتهن الثاني يستوفي تمام دينه والباقي يكون للمرتهن الاول من غير ترتيب، كما اذا كان المرهون بألف دينار، ويكون الدين الاول خمسمائة والثاني ستمائة، يأخذ الثاني ستمائة ويدخل النقص في الاول.و الذي قاله السيد الايد من أن المرهون رهن لمجموع الدينين والنقص يدخل عليهما، لان كل واحد من الرهنين صدر من أهله في محله، وسبب تام في انعقاد الرهن، لان حجر الراهن المالك في ملكه إنما هو من جهة المرتهن، فإذا أذن المرتهن فقد تحقق سبب شرعي تام في نفاذ تصرف المالك في ملكه وانعقاد رهنه ولما لم يدل على بطلان الاول باحدى الدلالات الثلاث فكل الرهن على مجموعهما فيلزم التقسيط، فتكون الاجازة فسخا فيما قابل الدين الثاني، فيلزم بطلان رهن كل المرهون في مقابلة الدين الثاني.وكذا يلزم بطلان الرهن الثاني في مقابلة الدين الاول من حيث لا يدري.ونظير هذا ما اذا تنازعا فيما في يد الثالث، ولكل بينة مساوية لبينة الآخر من جميع الوجوه، فإنه يقسط عليها، مع أن التقسيط ابطال لبض دعوى كل منهما.هذا كلامه، فهو بالحقيقة قول بعدم الفسخ، لان كل واحد من الرهنين تعلق بكل المرهون وهو عدم الفسخ، إلا أن هذا قول آخر في معنى عدم الفسخ]

٩٣

[ألا يرى أنه لا يقال: إن الاول فسخ للثاني، ولو صح يلزم أن يكون الاول فسخا للثاني.وأيضا الذي يفهم من الفسخ في مقابلة الدين أن يكون اذن المرتهن استثناء لجزء من المرهون لدين المرتهن الثلاني.وعلى القول المذكور كل واحد من الرهنين يكون فسخا للآخر، مع أن جعل الرهن الاول فسخا للثاني مستبعد، ولو صح يكون هذا قولا رابعا.ثم إن هذا الكلام إنما يصح لو اجتمع الرهنان، كما اجتمع الدعويان في صورة التنظير المذكور، مع أن الرهن الاولى يقتضي التقديم والاختصاص، فحينئذ يأبى عن جمعه مع الثاني إلا بالاستثناء كما قلنا، فلهذا يسمى فسخا فيما يقابل الدين، وإلا فالتقسيط لا يسمى فسخا.قال صاحب الايضاح في بيان المذاهب الثلاثة: أما وجه أن الرهن الثاني فسخ للاول مطلقا: فهو أن الرهن يقتضي اختصاص المرتهن وتقدمة.وهذا لا يمكن جمعه مع الرهن الثاني، لان تقدم كل واحد من المرتهنين واختصاصه محال، فبطل الرهن الاول.

وأما وجه الفسخ بما قابل الدين: فهو أن المقصود استيفاء الدين، وهو ممكن هنا فلا منافاة ولا مزاحمة.

وأما وجه الثالث، وهو عدم الفسخ لا مطلقا ولا فيما قابل الدين، لان الرهن الثاني لا يدل على بطلان الاول لا مطابقة ولا تضمنا ولا التزاما، إذ لا مانع من تعلق دينين بعين واحدة وتقدم أحدهما على الآخر، وتكون الفائدة في أنه لو قضي المرتهن الثاني حقه بقي حق المرتهن الاول، وكذا لو أسقط[الثاني] حقه هذه عبارة الايضاح.ولو صح أن الرهن يقتضي التقدم والاختصاص، لا شك أنه لا يجتمع]

٩٤

[الرهن الاول والثاني، فمذهب من قال بالنسخ فيما قابل الدين حق بأن يكون الرهن الثاني عقدا بقيد رهانة جزء من المرهون لا كله، فيبطل اختصاص المرتهن الاول وتقدمه في الجزء المذكور، فمذهب القائل بالفسخ مطلقا، ومذهب القائل بالفسخ فيما قابل الدين، يمكن بناؤهما على أن الرهن يقتضي الاختصاص والتقدم، لكن الاقرب الابطال بقدر الحاجة وهو الفسخ فيما قابل الدين.وأما المذهب الثالث لا يمكن إلا بمنع أن الرهن يقتضي الاختصاص والتقدم، نعم يقتضيهما بمعنى أن المرتهن يتقدم على باقي الديان، لان المرتهن يتقدم على المرتهن.

المسألة السادسة

لو باع الراهن فطلب المرتهن الشفعة، ففي كونه اجازة اشكال، فإن قلنا به فلا شفعة.تحرير الكلام ان الشفعه معلول للبيع، وطلب المعلول يستلزم الرض بالعلة، فيكون الشفيع راضيا بالبيع، فتلزم الاجازه؟ فحينئذ يلزم بطلان الشفعه.وفيه أن الشفيع رضى بالبيع لاخذ الشفعة، والبيع مطلقا يكفي في الشفعة ولا يحتاج إلى اللزوم على ما ذهب إليه بعض الفهاء فلا يلزم من الرضى اللزوم، وكيف لا، ولو صح هذا تبطل الشفعة مطلقا، إذ كل شفيع يرضى بالبيع للشفعة فبطل الشفعة، فإذا جعلنا طلب الشفعة تجويزا للبيع والتجويز مبطل للشفعة لا تبقى شفعة أصلا.

في الرسالة: ذكر الشارح في ايضاحه والشهيد في تعليقاته على الارشاد، أنه يجب حمل فعل المسلم على الصحة والمشروع، فلما كانت مشروعية الطلب]

٩٥

[وصحته موقوفة على البيع الموقوف على الاجازة فيدل طلبه على اجازة.هذه عبارة الرسالة، ثم نقل السيد الايد عن شيخه شيخ الفقهاء، إذ اختار أن الطلب يدل على الاجازة مستدلا بما ذكروا، ورد عليه أن الطلب المذكور بعد ملاحظة أن المسلم طلبه مشروع، فتكون اجازته للبيع مقدما، فلا يمكن أن يكون مشروعا، لان طلب الشفعة بعد الاجازة مخالف للشرع.اعلم أن المستفاد من كلام الشارح العلامة في الايضاح، أنه يستدل بالرضى بالمعلول على الرضى بالعلة، وحينئذ لا يبقى للمقدمة القائلة بأن فعل السملم يحمل على المشروع مدخل، إلا بأن يقال: إن فائدته أن قول المسلم: أخذت الشفعة مثلا، وقع بعد البيع، وأما الرضى بالبيع فيدعى فهمه من أن الرضى بالمسبب يستلزم الرضى بالسبب.كذا يفهم من كلام الشيخ الشهيدقدس‌سره .

وفي الايضاح أقول: منشأ الاشكال الواقع في كون الطلب هنا اجازة البيع، هو أن الشفعة مترتبة على البيع، وطلب المعلول لا يتصور بدون الرضى بالعلة، فلا يتصور طلب المرتهن لشفعة إلا بالرضى بالبيع، وإن طلب المرتهن ثبوت ملكه وازالة ملك المشتري، هو طلب أمبر يساوي الفسخ في ازالة ملك المشتري الذي هو المقصود من الفسخ، فكما أن الفسخ لا يوجب الاجازة فكذا الشفعة، فلا يثبت على طالب الشفعة ضده، لانه إنما صدر عنه المساوي للفسخ.والتحقيق ان هذه المسألة تبنى على أن الشفعة هل تثبت بمجرد العقد، أم بلومه.فإن قلنا بالاول لم تكن اجازة ولم تسقط الشفعة به، لانه الرضى بالبيع]

٩٦

[الذى يتضمنه، طلب الشفعة لا يسقط الشفعة، وإلا لم تثب شفعة أصلا، وإنما لم تكن اجازة، لانه لا يدل عليها بالمطابقة والتضمن والالتزام، لجواز الغفلة عن كونها رهنا، فهو أعم، ولا دلالة للعام على الخاص.وان قلنا بالثاني، كان اجازة فتبطل الشفعة، لان طلبها يدل على اجازته لتلزم الشفعة، وإلا لم يصح الطلب، هذا كلامه.اعلم أن خلاصة الكلام قبل قوله: والتحقيق، أن الاشكال مبني على أمارتنين.

الاول: ان طلب الشفعة يقتضي الرضى بالعلة التي هو البيع، فيلزم الاجازة فتبطل الشفعة.

الثاني: ان قول الشفعى في قوة فسخت وأخذت الشفعة، فكما أن هذا القول لا يدل على الاجازة فكذا ما يساويه.

وأما ما قاله بعد قوله: والتحقق، فكلام برأسه، ويتوجه عليه أن الشفعة اذا جعلت مرتبة على البيع الازم لا يلزم دلالة قول الشفعيع على الرضى بالبيع لا بالمطابقة ولا غيرها، كما قال في أحد شقي الكلام في التحقيق، وهو ظاهر.

إن قلت: كلام الايضاح هنا مبني على أن فعل المسلم محمول على الصحة، فإذاعلم طالب الشفعة أن الشفعة مترتبة على البيع اللازم فطلب الشفعة فلزم البيع.

قلت: هب أنه كذلك، لكن الشفعيع يمكن أن يطلب الشفعة زاعما ان الشفعة تترتب على البيع الاعم، وإن كان الحق أن الشفعة مترتبة على البيع اللازم.

ثم أمكن أن يقال: لو لم يلاحظ المقدمة القائلة إن فعل المسلم محمول على]

٩٧

[المشروع، أن الطلب هنا ليس بمشروع، فإن الطلب فرع الرضى، فإذا رضى ثم طلب يكون طلب غير مشروع.والحق أن طلب الشفيع لا يستلزم تعقل الرضى، والمقدمة القائلة بأن طلب المعلول يستلزم الرضى بالعلة، ممنوعة ولا تسقط الشفعة.

إن قلت: إذا لاحظنا أن طالب الشفعة عمل بالمشروع في طلب الشفعة تلزم الاجازة واسقاط الشفعة.

قلت: هذه المقدمة على ما قال الشيخ الشهيدرحمه‌الله ، لان يعلم أن طالب الشفعة طلب الشفعة بعد البيع لا قبله، لان طلب الشفعة قبل البيع غير مشروع، وحينئذ لا فائدة كثيرة لتلك المقدمة، لان البحث مفروض بعد البيع.وكيف لا لو كان المقدمة المذكورة منظورا في الدليل تلغو بعض المقدمات، فإن قولهم الرضى بالمعلول رضى بالعلة إلى آخر ما قالوا لا يحتاج إلى ضم تلك المقدمة، وحيئنذ لا يلزم أن يكون الطلب غير مشروع، فإن الاجازة تلزم بنفس طلب الشفعة لا من المقدمة المذكورة.

إن قلت: نحن نحرر هكذا: إن فعل السملم محمول على أنه عالم بأن الشفعة لا تتصور إلا بعد لزوم البيع، فيلتزم بالبيع ثم يطلب الشفعة، وحينئذ تبطل الشفعة ويكون الطلب أيضا غير مشروع.

قلت: هذا الكلام يبطل الشفعة مطلقا، مع أنه غير معقول في نفسه كما لا يخفي.نعم يتوجه ما أوردنا أن طلب الشفعة باللفظ الدال اذا كان بعد الاكثر لم يكن الطلب غير مشروع، سواء لوحظت المقدمة القائلة بأن فعل المسلم محمول على المشروع أولا.

المسألة السابعه

لو جعلا أي الراهين والمرتهن الرهن على يد عدلين، لم يجز لاحدهما التفرد]

٩٨

[به ولا ببعضه، ولو سلمه أحدهما إلى الآخر ضمن النصف، ويحتمل أن يضمن كل واحد منهما الجميع.اختار الشيخ الفقيه الثاني، وأورد أن أصل المسألة كأنها مسألة على التناقض، لانه لا يخلو: إما أن يكون فرض المسألة فيما اذا كان هناك قرينة حالية أو مقالية على الايداع بكل منهما، أولا، بل المودع الكل المجموعي بأن يكون كل منهما مودعا للنصف.فإن كان الثاني فكيف يضمن كل واحد منهما الجميع، وانه ما تعدى إلا في النصف الآخر المتعلق بصاحبه.وإن كان الاول فمثبت اليد على الكل ما قصر، لانه حفظ الكل وذلك واجب عليه، غاية ما في الباب أن صاحبه ما وافقه في الشركة، ولا يمكن مؤاخذة شخض بفعل الغير وتقصيره، فإن من الجائز أن يكون الحافظ مع عدم تقصيره في الحفظ جلب الموافقة من صاحبه ولم يوافقه الصاحب، فأي ذنب له.فالاعدل هو الاول، هذا كلام الرسالة.وفيه أن المراد أن الرهن جعل في يد عدلين، بمعنى أن يكون حفظ كل واحد مشروطا بنظر الآخر، فإذا ترك أحدهما الحفظ فقد ترك كل منهما الحفظ بشرط نظر الآخر.نعم الاول قصر حيث ترك الحفظ بشرط النظر وتصرف في مال الغير بغير رضاه، فهما يضمنان الكل، وذنب الحافظ اكثر.

المسألة الثامنة

القول قول المرتهن في أن رجوعه عن اذنه للراهن في البيع قبله ترجيحا للوثيقة، لان الاصل عدم بيع الرهن في الوقت الذي يدعيه، وعدم رجوع المرتهن في الوقت الذي يدعيه، فيتعارضان ويبقى الاصل استمرار الرهن.ويحتمل تقديم قول الراهن عملا بصحة العقد، اختار الشيخ العلامة]

٩٩

[الاول.وفي الرسالة أن الظاهر هو الثاني، لانه بعد ما حصل الاذن فالاصل استمراره بحكم الاستصحاب، وليس لعدم بيع الراهن في الوقت الذي عينه أصالة بعد تحقق الاذن.

والحاصل: ان لعدم بيع الراهن في وقت شرعي أصالة قبل تحقق الاذن، وبعد تحقق الاذن صار الاصل هو صحة بيعه ووقوعه في وقت شرعي، خصوصا اذا ضم إليه أصالة صحة العقد، فالقوة للثاني، انتهي.واعلم أن الاذن لا يدفع أصالة عدم وقوع البيع في وقت شرعي، وكيف لا والاذن لا يستلزم الوقوع، وكما أن الاصل صحة البيع فكذا الاصل بقاء الرهن، فاختيار الشيخ العلامة غير بعيد.

المسألة التاسعة

لو شككنا في وقوع الرضا بعد الحولين، تقابل أصلا البقاء، والاباحة، لكن الثاني أرجح، وفي الرسالة فيه اشكال من وجوه:

الاول: ان الاباحة ما بقي له تأثير واعتبار مع استصحاب بقاء الحولين وتحقق الناقل، فإنه قبل زمان الشك لا شك أنه كان زمان الحولين، فيستمر بحكم الاستصحاب حتى يزيله ناقل، ولا شك أن بعد الشك ما تحقق الناقل فثبت الرضاع، فثبت الناقل عن الاباحة الاصلية بعد أن كانت مما بقي أثره، بل الاصل صار عدم الاباحة كما تقرر أن الاصل يجب به العلم إلى أن دل دليل على زواله، فبعد ذلك صار الاصل زواله إلى أن دل دليل على زوال البقاء.

الثاني: إن أصالة البقاء لو تمت لتمت في بعض الصور، كما اذا عرفت خمس عشرة رضعة في زمان معين، ولم يعلم اتصال الحولين إلى هذا الزمان، فالاصل اتصاله أما اذا علم انقطاع الحولين في زمان، ويشك في أن خمس]

١٠٠