تذكرة الفقهاء الجزء ٢

تذكرة الفقهاء7%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 512 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35618 / تحميل: 8572
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

تذكرة الفقهاء الجزء الثاني

 

العلامة الحلي

١

بسم الله الرحمن الرحيم

٢

٣
٤

المطلب الثالث : التكفين.

وفيه بحثان :

الأول : في جنسه ، وقدره.

مسألة ١٥٤ : يحرم التكفين بالحرير المحض‌ ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، سواء كان الميت رجلا أو امرأة ـ وبه قال الشافعي في الرجل(١) ـ لما فيه من إتلاف المال ، ولأن أحدا من الصحابة والتابعين لم يفعله ، ولو كان سائغا لفعلوه ، لأنهم كانوا يفتخرون بجودة الأكفان ، وقد استحب الشارع تجويدها.

وروى الحسين بن راشد ، قال : سألته عن ثياب تعمل بالبصرة على عمل العصب اليماني من قز وقطن ، هل يصلح أن يكفن فيها الموتى؟

قال : « إذا كان القطن أكثر من القز فلا بأس »(٢) دل بمفهومه على ثبوت البأس مع صرافة القز.

والعصب ضرب من برود اليمن ، سمي بذلك ، لأنه يصبغ بالعصب ، وهو نبت باليمن(٣) .

وكره أكثر الجمهور ذلك إلا للمرأة ، فإنّ بعضهم سوّغه من غير كراهة ، لأنها تلبسه في حال حياتها ، والموت أخرجها عن لبسه لعدم الزينة حينئذ(٤) ، والشافعي كرهه(٥) .

__________________

(١) الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ١٩٧ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٢.

(٢) الكافي ٣ : ١٤٩ ـ ١٢ ، الفقيه ١ : ٩٠ ـ ٤١٥ ، التهذيب ١ : ٤٣٥ ـ ١٣٩٦ ، الاستبصار ١ : ٢١١ ـ ٧٤٤.

(٣) انظر المصباح المنير ٢ : ٤١٣ ، مجمع البحرين ٢ : ١٢٢ « عصب ».

(٤) المدونة الكبرى ١ : ١٨٨ ، المجموع ٥ : ١٩٧ ، المغني ٢ : ٣٥٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠٧.

(٥) المجموع ٥ : ١٩٧ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٢ ، السراج الوهاج : ١٠٥.

٥

مسألة ١٥٥ : يستحب أن يكون الكفن قطنا محضا أبيض‌ ، وهو قول العلماء كافة ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كفن في القطن الأبيض(١) وقالعليه‌السلام : ( البسوا من ثيابكم البياض ، فإنه أطهر وأطيب ، وكفّنوا فيه موتاكم )(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « الكتان كان لبني إسرائيل يكفنون به ، والقطن لأمة محمّدصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٣) .

مسألة ١٥٦ : ويكره الكتان‌ ، ذهب إليه علماؤنا ـ خلافا للجمهور ـ لقول الصادقعليه‌السلام : « لا يكفن الميت في كتان »(٤) وكذا يكره الممتزج بالحرير.

ويشترط أن يكون مما تجوز الصلاة فيه ، ولا يجوز التكفين في الجلود ، لأنها تنزع عن الشهيد مع أنه يدفن بجميع ما عليه ، فلا يناسب تكفين غيره بها.

وهل يجوز التكفين بالصوف والوبر والشعر؟ الأقرب ذلك ، لجواز الصلاة فيها ، وبه قال الشافعي(٥) .

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٩٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٩ ـ ٩٤١ ، الموطأ ١ : ٢٢٣ ـ ٥ ، سنن النسائي ٤ : ٣٥ ـ ٣٦.

(٢) مسند أحمد ١ : ٢٤٧ و ٣٢٨ و ٣٥٥ و ٥ : ١٣ و ١٧ ، سنن الترمذي ٥ : ١١٧ ـ ٢٨١٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨١ ـ ٣٥٦٦ ، سنن البيهقي ٣ : ٤٠٢ ، المستدرك للحاكم ٤ : ١٨٥ ، سنن النسائي ٤ : ٣٤.

(٣) الكافي ٣ : ١٤٩ ـ ٧ ، الفقيه ١ : ٨٩ ـ ٤١٤ ، التهذيب ١ : ٤٣٤ ـ ١٣٩٢ ، الاستبصار ١ : ٢١٠ ـ ٧٤١.

(٤) التهذيب ١ : ٤٥١ ـ ١٤٦٥ ، الاستبصار ١ : ٢١١ ـ ٧٤٥.

(٥) المجموع ٥ : ١٩٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٣١.

٦

وقال ابن الجنيد : لا يكفن في الوبر(١) ، ولعلّه استند في ذلك إلى عدم النقل ، مع أن التكفين أمر شرعي يقف على مورده.

ويشترط فيه الطهارة بالإجماع ، ولأنه لو لحقته نجاسة بعد التكفين وجبت إزالتها ، فقبله أولى ، وكذا الملك ، فلا يجوز التكفين بالمغصوب بإجماع العلماء ، لأنه تصرف في مال الغير بغير إذنه ، فيكون قبيحا.

مسألة ١٥٧ : يكره أن يكفن في الثياب السود‌ بإجماع العلماء ، لأن وصف البياض بالطيب والطهور في كلام النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٢) ، يدل بمفهومه على كراهة ضدّه ، ولأنها ثياب مثلة(٣) ، وقال الصادقعليه‌السلام : « لا يكفن الميت في السواد »(٤) .

وكذا يكره تكفين الرجل والمرأة بالمعصفر ، وغيره ـ وبه قال الأوزاعي(٥) ـ إلا ما كان من المعصب ، وهو ما صبغ بالعصب وهو نبت باليمن.

مسألة ١٥٨ : والواجب في كفن الرجل والمرأة ثلاثة أثواب : مئزر ، وقميص ـ وهو البقيرة(٦) ـ وإزار عند أكثر علمائنا(٧) ، لأن النبيّ صلّى الله عليه‌

__________________

(١) حكاه المحقق في المعتبر : ٧٥.

(٢) مسند أحمد ٥ : ١٣ و ١٧ ، سنن النسائي ٤ : ٣٤ ، سنن الترمذي ٥ : ١١٧ ـ ٢٨١٠ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١١٨١ ـ ٣٥٦٧ ، سنن البيهقي ٣ : ٤٠٢ ، المستدرك للحاكم ٤ : ١٨٥.

(٣) ثياب المثلة : هي الثياب التي يخرج بها لابسها عن معتاد العقلاء.

(٤) الكافي ٣ : ١٤٩ ـ ١١ ، التهذيب ١ : ٤٣٤ ـ ١٣٩٤.

(٥) المغني ٢ : ٣٥٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤٠.

(٦) البقيرة : بفتح الموحدة وهو برد يشق فيلبس بلا كمّين. القاموس المحيط ١ : ٣٧٥ ـ ٣٧٦ « بقر ».

(٧) منهم السيد المرتضى في جمل العلم والعمل ( ضمن رسائله ) ٣ : ٥٠ ، والشيخ في الخلاف ١ : ٧٠١ مسألة ٤٩١ ، وابن البراج في المهذب ١ : ٦٠ ، والمحقق في المعتبر : ٧٥ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٥٣.

٧

وآله كفن في ثلاثة أثواب سحولية(١) .

وسحول ـ بفتح السين ـ قرية بناحية اليمن يعمل فيها ثياب يقال لها السحولية(٢) ، والسحول ـ بضم السين ـ الثياب البيض(٣) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « كفن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ثوبين سحوليين ، وثوب حبرة يمنية عبري »(٤) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « الكفن المفروض ثلاثة أثواب أو ثوب تام لا أقل منه يوارى به جسده كله ، فما زاد فهو سنة حتى يبلغ خمسة ، فما زاد فمبتدع »(٥) .

وقال سلاّر : الواجب لفافة تستر الميت وتعم البدن ، وما زاد مستحب(٦) للأصل ، وبه قال الأوزاعي ، والشافعي في أحد الوجهين(٧) تكريما له ، وسترا لما عساه يعرض من التغير ، إلاّ أن المحرم عند الشافعي ، لا يستر رأسه ، ولا المرأة وجهها ، والثاني : أن الواجب قدر ما يستر العورة كالحي ـ وهو أوفق لنص الشافعي ـ فيختلف الحال بالذكورة والأنوثة ، لاختلافهما في قدر العورة ، واستحب الشافعي ثلاثة أزر يدرج فيها إدراجا ليس فيها قميص ولا عمامة ، وبه قال أحمد(٨) .

__________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٩٧ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٩ ـ ٩٤١ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٩.

(٢) معجم البلدان ٣ : ١٩٥.

(٣) انظر القاموس المحيط ٣ : ٣٩٤ ولسان العرب ١١ : ٣٢٨ « سحل ».

(٤) المعتبر : ٧٥.

(٥) الكافي ٣ : ١٤٤ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩٢ ـ ٨٥٤.

(٦) المراسم : ٤٧.

(٧) المجموع ٥ : ١٩١ ـ ١٩٢ ، فتح العزيز ٥ : ١٣١ ـ ١٣٣.

(٨) المجموع ٥ : ١٩٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٥ ، مسائل أحمد : ١٤١ ـ ١٤٢ ، المحرر في الفقه ١ : ١٩١ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٢ ، المغني ٢ : ٣٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٦.

٨

واستحب أبو حنيفة أن يكفن في إزار ورداء وقميص(١) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كفّن في قميصه(٢) ، وألبس قميصه عبد الله بن أبي بن سلول [ و ](٣) كفنه به ، وقال : ( لا يعذب ما بقي عليه منه سلك )(٤) .

وقال ابن الجنيد : لا بأس أن يكون الكفن ثلاثة أثواب يدرج فيها إدراجا ، أو ثوبين وقميصا(٥) .

والمشهور إيجاب القميص ، أما مع الضرورة فإن الواحد مجز بالإجماع. ولو قصر الثوب عن جميعه ستر رأسه وجعل على رجليه حشيشا ، ولو لم يكف إلا العورة وجب الستر بها ، لأنها أهم من غيرها.

تذنيب : لا فرق بين الصبي والرجل ، والجمهور اكتفوا بثوب واحد ، وإن كفن في ثلاثة فلا بأس(٦) .

لنا : أنه كالرجل لأنه ذكر.

مسألة ١٥٩ : ذهب علماؤنا إلى استحباب زيادة حبرة يمنية‌ ـ وهي المنسوبة إلى اليمن ـ عبرية ـ منسوبة إلى العبر ، وهو جانب الوادي(٧) ـ غير مطرزة بالذهب ، لأن الباقرعليه‌السلام قال : « كفن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في ثلاثة أثواب : برد حبرة أحمر ، وثوبين أبيضين صحاريين » وقال : « إنّ‌

__________________

(١) شرح فتح القدير ، ٢ : ٧٦ ـ ٧٧ ، شرح العناية ٢ : ٧٧ ، الكفاية ٢ : ٧٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩١ ، عمدة القارئ ٨ : ٥٠ ، اللباب ١ : ١٢٧ ـ ١٢٨ ، المغني ٢ : ٣٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٦.

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٢ ـ ١٤٧١ وانظر المغني ٢ : ٣٣٣ والشرح الكبير ٢ : ٣٣٦.

(٣) الزيادة يقتضيها السياق.

(٤) انظر صحيح البخاري ٢ : ٩٦ ـ ٩٧ ، صحيح مسلم ٤ : ٢١٤١ ـ ٢٧٧٤ ، سنن النسائي ٤ : ٣٧ ـ ٣٨ ، سنن الترمذي ٥ : ٢٧٩ ـ ٣٠٩٨.

(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ٧٥.

(٦) المغني ٢ : ٣٤٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٩.

(٧) القاموس المحيط ٢ : ٨٣ ، مجمع البحرين ٣ : ٣٩٤ « عبر ».

٩

الحسن بن عليعليهما‌السلام كفّن أسامة بن زيد في برد أحمر حبرة ، وإنّ علياعليه‌السلام كفّن ابن حنيف في برد أحمر حبرة »(١) .

وأنكر الجمهور ذلك(٢) ، لأن عائشة ذكر لها أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كفن في برد ، فقالت : قد أتي بالبرد ، ولكن لم يكفنوه فيه(٣) .

وروايتنا أولى ، لأنها مثبتة ، وكره أحمد الزيادة على ثلاثة أثواب لما فيه من إضاعة المال(٤) ، وينتقض بالثلاثة.

مسألة ١٦٠ : ويستحب أن يزاد الرجل خرقة لشد فخذيه‌ ، طولها ثلاثة أذرع ونصف ، في عرض شبر إلى شبر ونصف ، وتسمى الخامسة يلف بها فخذاه لفا شديدا بعد أن يحشو الدبر بالقطن ، وعلى المذاكير ، ثم يخرج طرفيها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن ، ويغمزه في الموضع الذي شدّها فيه ، واستحبه أحمد في المرأة خاصة دون الرجل(٥) ، والمقتضي فيهما واحد ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « يلف(٦) الميت في خمسة أثواب : قميص لا يزر عليه ، وإزار ، وخرقة يعصب بها وسطه »(٧) وعنهعليه‌السلام : « يجعل طول الخرقة ثلاثة أذرع ونصفا وعرضها شبرا ونصفا »(٨) .

مسألة ١٦١ : ويستحب العمامة للرجل‌ تثنى عليه محنكا ، ويخرج طرفاها‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٩ ـ ٩ ، التهذيب ١ : ٢٩٦ ـ ٨٦٨ و ٨٦٩.

(٢) المجموع ٥ : ١٩٤ ، المغني ٢ : ٣٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٦.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢٥٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٢١ ـ ٩٩٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٢ ـ ١٤٦٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٤٠٠ ـ ٤٠١.

(٤) المغني ٢ : ٣٣٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٨.

(٥) المغني ٢ : ٣٤٦ ـ ٣٤٧ ، المحرر في الفقه ١ : ١٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٩.

(٦) في المصدر : يكفن.

(٧) الكافي ٣ : ١٤٥ ـ ١١ ، التهذيب ١ : ٢٩٣ ـ ٨٥٨.

(٨) التهذيب ١ : ٣٠٦ ـ ٨٨٧.

١٠

من الحنك ، ويلقيان على صدره ـ ذهب إليه علماؤنا ـ لأن المطلوب ستر الميت ، والعمامة ساترة ، وقول الصادقعليه‌السلام : « وإذا عممته فلا تعممه عمة الأعرابي » وقال : « خذ العمامة من وسطها وانشرها على رأسه ، ثم ردها إلى خلفه واطرح طرفيها على صدره »(١) وقال الباقرعليه‌السلام : « أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بالعمامة ، وعمم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومات أبو عبيدة الحذاء ، فبعث الصادقعليه‌السلام معنا بدينار وأمرنا أن نشتري به حنوطا وعمامة ففعلنا ، وقال : « العمامة سنّة »(٢) .

ولم يستحبها الجمهور(٣) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كفن في ثلاثة أثواب ليس فيها قميص ولا عمامة(٤) ، وهو غير مناف ، لأن المراد أن العمامة ليست أحد الثلاثة.

تذنيب : العمامة ليست من الكفن ، فلو سرقها النباش لم يقطع وإن بلغت النصاب ، لأن القبر حرز الكفن دون غيره.

مسألة ١٦٢ : ويستحب أن تزاد المرأة على الخمسة ، لفافتين أو لفافة ونمطا‌ فيكون المستحب لها سبعة.

قال الباقرعليه‌السلام : « يكفن الرجل في ثلاثة أثواب ، والمرأة إذا كانت عظيمة في خمسة : درع ، ومنطق ، وخمار ، ولفافتين »(٥) . وسأل‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٤ ـ ٨ ، التهذيب ١ : ٣٠٩ ـ ٨٩٩.

(٢) الكافي ٣ : ١٤٤ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٢٩٢ ـ ٨٥٤.

(٣) الام ١ : ٢٦٦ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ١٩٤ ، المغني ٢ : ٣٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٦ ، العدة شرح العمدة : ١١٦ ، سبل السلام ٢ : ٥٤٣.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٦٤٩ ـ ٩٤١ ، مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢٥٨ ، الموطأ ١ : ٢٢٣ ـ ٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٢ ـ ١٤٦٩ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٩.

(٥) الكافي ٣ : ١٤٧ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٣٢٤ ـ ٩٤٥.

١١

بعض أصحابنا كيف تكفن المرأة؟ فقال : « كما يكفن الرجل ، غير أنها تشد على ثدييها خرقة تضم الثدي إلى الصدر ، وتشد إلى ظهرها »(١) .

والمراد بالنمط ثوب فيه خطط ، مأخوذ من الأنماط وهي الطرائق(٢) .

وتعوض عن العمامة بقناع ، لقول الصادقعليه‌السلام : « تكفن المرأة في خمسة أثواب ، أحدها : الخمار »(٣) ، والخمار هو القناع لأنه يخمر به الرأس.

تذنيب : ظهر مما قلناه أن الكفن الواجب في الذكر والأنثى ثلاثة أثواب ، والمستحب في الرجل خمسة ، وفي الأنثى سبعة ، ولا يجوز الزيادة على ذلك لما فيه من إضاعة المال.

وقال الشافعي : الواجب في الكفن ستر العورة ، والمستحب ثلاثة ، والجائز خمسة ، والمكروه ما زاد(٤) ، واستحب أكثر الجمهور كفن المرأة في خمسة أثواب ، واختلفوا.

فللشافعي قولان ، أحدهما : قميص ، ومئزر ، ولفافة ، ومقنعة ، وخامسة يشد بها فخذاها ، لزيادتها في حال الحياة في الستر على الرجل ، لزيادة عورتها على عورته ، فكذا بعد الموت ، ولم يكره لها المخيط كما لم‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٧ ـ ٢ ، التهذيب ١ : ٣٢٤ ـ ٩٤٤.

(٢) النمط : نوع من الثياب المصبغة بألوان من حمرة أو خضرة أو صفرة والنمط : الطريقة والجمع أنماط. لسان العرب ٧ : ٤١٧ « نمط ».

(٣) الكافي ٣ : ١٤٦ ـ ١ ، التهذيب ١ : ٣٢٤ ـ ٩٤٦.

(٤) الأم ١ : ٢٦٦ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ١٩٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٣ و ١٣٥ ، السراج الوهاج : ١٠٥.

١٢

يكره حال إحرامها ، وكرهوه في الرجل ، والثاني : أن الخمسة : إزار ، ودرع ، وخمار ، ولفافتان(١) .

وقال أحمد : لا خمار في كفن الجارية ، لأنه غير واجب في صلاتها ، وعنى بها ـ في رواية ـ ما لم تبلغ ، وفي أخرى : ما لم تبلغ تسع سنين(٢) .

مسألة ١٦٣ : الكفن الواجب يخرج من صلب المال‌ بإجماع العلماء إلا من شذّ من الجمهور ، فإنهم جعلوه من الثلث(٣) .

وقال طاوس : إن كان ماله كثيرا فمن الأصل ، وإن كان قليلا فمن الثلث لأن ما زاد على ستر العورة ليس بواجب ، فيجب من الثلث كتبرعه(٤) . وهو خطأ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال في الذي وقصت(٥) به راحلته : ( كفنوه في ثوبيه )(٦) ولم يسأل عن ثلثه.

ولأن جماعة من الصحابة لم تكن لهم تركة إلا قدر الكفن ، فكفنوا به كحمزة ، ومصعب بن عمير(٧) .

ولأن الميراث بعد الدين والمئونة مقدمة على الدين.

__________________

(١) مختصر المزني : ٣٧ ، المجموع ٥ : ٢٠٥ و ٢٠٨.

(٢) المغني ٢ : ٣٤٨ ـ ٣٤٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٩.

(٣) المجموع ٥ : ١٨٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٥ ، عمدة القارئ ٨ : ٥٧.

(٤) المجموع ٥ : ١٨٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٣٥ ، عمدة القارئ ٨ : ٥٧.

(٥) وقصت به ناقته : وقع عنها فكسرت عنقه. النهاية ٥ : ٢١٤ مادة « وقص ».

(٦) صحيح البخاري ٢ : ٩٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٨٦٥ ـ ١٢٠٦ ، مسند أحمد ١ : ٣٣٣ ، سنن النسائي ٥ : ١٩٥ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٩٢ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٩ ـ ٣٢٣٨ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٠٣٠ ـ ٣٠٨٤ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٩٥ ـ ٢٦٤.

(٧) صحيح البخاري ٢ : ٩٧ ـ ٩٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٤٩ ـ ٩٤٠ ، وانظر عمدة القارئ ٨ : ٥٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٥.

١٣

ولقول الصادقعليه‌السلام ، « ثمن الكفن من جميع المال »(١) .

ونمنع اعتبار الواجب في الساتر ، ولا فرق بين أن يوصي به أو لا.

أما ما عدا الواجب : فإن اتفقت الورثة عليه ولا دين ، أو كان ووافق أربابه أو أوصى به وهو يخرج من الثلث ، فإنه ماض.

ولو تشاح الورثة اقتصر على الواجب ، وللشافعية وجهان في مضايقة الورثة في الثوبين الزائدين على الواحد(٢) (٣) ، ولو أوصى بإسقاط الزائد على الواجب نفذت وصيته ، ولو أوصى بالمستحب نفذت وصيته من الثلث.

ولو ضائق أصحاب الديون المستغرقة في الزائد على الواجب لم يخرج وللشافعية وجهان ، أحدهما : أنهم لا يجابون ، ويكفن في ثلاثة كالمفلس تترك عليه ثياب تجمله ، وأظهرهما : الإجابة لحصول الستر وزيادة حاجته إلى براءة ذمته من التجمل(٤) ، ولو ضايقوا في الواجب أخرج.

مسألة ١٦٤ : محل كفن الرجل التركة‌ لأنها من جملة المئونة ، وهو إجماع ، ولو لم يخلف شيئا لم يجب على أحد بذل الكفن عنه ، قريبا كان أو بعيدا ، إلا المملوك ، للبراءة الأصلية.

وقال الشافعي : يجب على من تجب عليه النفقة كالقريب والسيد(٥) .

واما المرأة فإن كفنها على زوجها عند علمائنا ، سواء كانت موسرة أو‌

__________________

(١) الكافي ٧ : ٢٣ ـ ١ ، الفقيه ٤ : ١٤٣ ـ ٤٩٠ ، التهذيب ١ : ٤٣٧ ـ ١٤٠٧.

(٢) في نسخة ( م ) : الواجب.

(٣) الام ١ : ٢٦٧ ، المجموع ٥ : ١٩٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٣.

(٤) المجموع ٥ : ١٩٥ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٤.

(٥) المجموع ٥ : ١٩٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٤ ، السراج الوهاج : ١٠٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٨.

١٤

معسرة ـ وهو أصح وجهي الشافعية(١) ـ لقول عليعليه‌السلام : « على الزوج كفن امرأته إذا ماتت »(٢) ولثبوت الزوجية إلى حين الوفاة ، فيجب الكفن ، ولأن من وجبت نفقته وكسوته في الحياة وجب تكفينه عند الممات كمملوكه ، فكذا زوجته.

والثاني : عدم الوجوب على الزوج ـ وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، وأحمد ـ لأنّ النفقة تتبع التمكين من الاستمتاع وقد انقطعت بالموت(٣) .

وأمّا المملوك فيجب كفنه على مولاه بالإجماع ، لاستمرار حكم رقيته إلى الوفاة.

تذنيب : لو لم يخلف الميت شيئا دفن عاريا ، ولا يجب على المسلمين بذل الكفن بل يستحب ، نعم يكفن من بيت المال إن كان ، وكذا الماء والكافور والسدر وغيره.

مسألة ١٦٥ : ويستحب أن تجعل معه في الكفن جريدتان‌ ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ ولم يستحبه غيرهم لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( خضّروا صاحبكم )(٤) أي اجعلوا معه جريدة خضراء.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « يوضع للميت جريدة في اليمين والأخرى في اليسار ، فإن الجريدة تنفع المؤمن والكافر »(٥) .

__________________

(١) المجموع ٥ : ١٨٩ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٤ ، السراج الوهاج : ١٠٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٣٨.

(٢) التهذيب ١ : ٤٤٥ ـ ١٤٣٩.

(٣) الكفاية ٢ : ٧٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠٨ ، القوانين الفقهية : ٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٥ ، المحرر في الفقه ١ : ١٩٢. المجموع ٥ : ١٨٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٤.

(٤) الكافي ٣ : ١٥٢ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٨٨ ـ ٤٠٨.

(٥) الكافي ٣ : ١٥١ ـ ١ ، الفقيه ١ : ٨٩ ـ ٤٠٩ ، التهذيب ١ : ٣٢٧ ـ ٩٥٤.

١٥

فروع :

أ ـ يستحب أن تكونا رطبتين ، لأن القصد استدفاع العذاب ما دامت الرطوبة فيهما ، قيل للصادقعليه‌السلام : لأي شي‌ء تكون مع الميت جريدة؟ قال : « تجافى عنه ما دامت رطبة »(١) .

ب ـ يستحب أن تكون من النخل فإن تعذر فمن السدر ، فإن تعذر فمن الخلاف ، فإن تعذر فمن شجر رطب ، ولو حصلت تقية وضعت الجريدتان في القبر ، فإن تعذر فلا بأس بتركهما.

ج ـ يستحب جعل إحداهما مع ترقوته من جانبه الأيمن يلصقها بجلده والأخرى من الجانب الأيسر بين القميص والإزار ، قاله الشيخان(٢) ، وقال ابن أبي عقيل : إحداهما تحت إبطه الأيمن(٣) . وقال علي بن بابويه : تجعل اليمنى مع ترقوته ، واليسرى عند وركه بين القميص والإزار(٤) ، والوجه الأول ، لرواية جميل(٥) .

د ـ يستحب أن تكون قدر كل واحدة قدر عظم الذراع ، وفي رواية : قدر شبر(٦) .

مسألة ١٦٦ : كره علماؤنا أجمع تجمير الأكفان‌ ، وهو تبخيرها بالعود(٧) لعدم‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٥٣ ـ ٧ ، الفقيه ١ : ٨٨ ـ ٤٠٤ ، التهذيب ١ : ٣٢٧ ـ ٩٥٥.

(٢) المقنعة : ١١ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٧٩.

(٣) حكاه المحقق في المعتبر : ٧٧.

(٤) حكاه المحقق في المعتبر : ٧٧.

(٥) الكافي ٣ : ١٥٢ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠٩ ـ ٨٩٧.

(٦) الكافي ٣ : ١٥٢ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٣٠٩ ـ ٨٩٧.

(٧) ورد في نسخة ( ش ) : بالبخور.

١٦

الأمر الشرعي به ، ولما فيه من تضييع المال ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا تجمروا الكفن »(١) وقالعليه‌السلام : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : لا تجمروا الأكفان ، ولا تمسوا موتاكم بالطيب إلا بالكافور ، فان الميت بمنزلة المحرم »(٢) .

واستحب الجمهور التجمير(٣) ، بأن يترك العود على النار في مجمرة ، ثم يبخر به الكفن حتى تعبق(٤) رائحته بعد أن يرش عليه ماء الورد ، ويكون العود ساذجا ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إذا جمرتم الميت فاجمروه ثلاثا )(٥) ، وهو يدل على الجواز ، ونحن لا نمنع منه.

البحث الثاني : الكيفية‌

مسألة ١٦٧ : يجب الحنوط‌ ، وهو أن يمسح مساجده السبعة بالكافور بأقل اسمه ـ وهو أحد قولي الشافعي(٦) ـ لأنها مواضع شريفة ، وإجماع علمائنا عليه ، قال المفيد : أقل ما يحنّط به الميت درهم ، وأفضل منه أربعة مثاقيل ، والأكمل ثلاثة عشر درهما وثلث(٧) ، لأن جبرئيل نزل بأربعين درهما‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٤٧ ـ ١ ، التهذيب ١ : ٢٩٤ ـ ٨٦٢ ، الإستبصار ١ : ٢٠٩ ـ ٧٣٤.

(٢) الكافي ٣ : ١٤٧ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٢٩٥ ـ ٨٦٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩ ـ ٧٣٥ ، علل الشرائع : ٣٠٨ باب ٢٥٨ ، الخصال : ٦١٨ ـ ١٠.

(٣) الام ١ : ٢٦٦ ، المجموع ٥ : ١٩٧ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٨ ، مسائل أحمد : ١٤٨ ، المغني ٢ : ٣٣١ ـ ٣٣٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٧ ، العدة شرح العمدة : ١١٦ ، كشاف القناع ٢ : ١٠٦ ، مختصر المزني : ٣٦ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٩ ـ ٦٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠٧ ، اللباب ١ : ١٢٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٩١.

(٤) عبقت رائحة المسك : ظهرت. مجمع البحرين ٥ : ٢١٠ « عبق ».

(٥) مسند أحمد ٣ : ٣٣١ ، سنن البيهقي ٣ : ٤٠٥.

(٦) الام ١ : ٢٦٥ ، مختصر المزني : ٣٦ ، المجموع ٥ : ١٩٨ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٨ ـ ١٣٩.

(٧) المقنعة : ١١.

١٧

من كافور الجنة ، فقسمه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بينه وبين عليعليه‌السلام ، وفاطمةعليها‌السلام أثلاثا(١) ، وروى علي بن إبراهيم ـ رفعه ـ في الحنوط ثلاثة عشر درهما وثلث(٢) .

فروع :

أ ـ لا يقوم غير الكافور مقامه عندنا وسوغ الجمهور المسك(٣) ، وقد بيّنا أنه كالمحرم.

ب ـ لو تعذر الكافور سقط الحنوط ، لعدم تسويغ غيره.

ج ـ لا يجب استيعاب المساجد بالمسح.

د ـ لعلمائنا قولان في أن كافور الغسلة من هذا المقدر الشرعي.

مسألة ١٦٨ : يستحب أن يغتسل الغاسل قبل تكفينه‌ ، فإن لم يفعل استحبّ له أن يتوضأ وضوء الصلاة ، لأن الغسل من المس واجب فاستحبت الفورية ، فإن لم يتفق غسل يديه إلى ذراعيه ، لأنه استظهار في التطهير ، ولقول العبد الصالحعليه‌السلام : « يغسل الذي غسله يديه قبل أن يكفنه إلى المنكبين ثلاث مرات ، ثم إذا كفنه اغتسل »(٤) .

تذنيب : الأقرب عدم الاكتفاء بهذا الوضوء في الصلاة إذا لم ينو رفع الحدث.

__________________

(١) الفقيه ١ : ٩٠ ذيل الحديث ٤١٨ ، علل الشرائع : ٣٠٢ باب ٢٤٢.

(٢) الكافي ٣ : ١٥١ ـ ٤ ، التهذيب ١ : ٢٩٠ ـ ٨٤٥.

(٣) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٣٨ ، المجموع ٥ : ٢٠٢ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٧ ، المغني ٢ : ٣٤٢ ، إرشاد الساري ٢ : ٣٨٦ ، بلغة السالك ١ : ١٩٦ ، كشاف القناع ٢ : ١٠٦ ، شرح الأزهار ١ : ٤٢٢.

(٤) التهذيب ١ : ٤٤٦ ـ ١٤٤٤ ، الإستبصار ١ : ٢٠٨ ـ ٧٣١.

١٨

مسألة ١٦٩ : ويستحب أن يطيب الكفن بالذريرة‌ ـ وهي الطيب المسحوق ـ قال بعض علمائنا : إنها نبت يعرف بالقمحان(١) ، وعلى الاستحباب إجماع أهل العلم ، وقال الصادقعليه‌السلام : « وتبسط اللفافة طولا ، ويذر عليها من الذريرة »(٢) .

ويستحب أن يكتب على الحبرة والقميص واللفافة والجريدتين : انه يشهد الشهادتين ، ويسمي الأئمةعليهم‌السلام واحدا واحدا ، لأن الصادقعليه‌السلام كتب في حاشية كفن ولده إسماعيل « إسماعيل يشهد أن لا إله إلا الله »(٣) ويكون ذلك بتربة الحسينعليه‌السلام ، فإن تعذر فبالإصبع ، ويكره أن يكتب بالسواد.

مسألة ١٧٠ : يستحب أن يجعل بين أليتيه شي‌ء من القطن‌ المنزوع الحب لئلا يخرج منه شي‌ء ، واختلف في كيفيته ، فقال الشيخ : يحشى القطن في دبره(٤) . وقال ابن إدريس : يوضع على حلقة الدبر من غير حشو(٥) .

وقال الشافعي : ثم يدخله بين أليتيه إدخالا بليغا ويكثر ذلك(٦) .

وقال أصحابه : ليس المراد إدخال القطن في دبره ، بل بين أليتيه ، والمبالغة يريد الإيصال إلى الحلقة(٧) وهو الأحوط(٨) عندي احتراما للميت ،

__________________

(١) هو المفيد في المقنعة : ١١ ، وابن إدريس في السرائر : ٣٢.

(٢) التهذيب ١ : ٣٠٥ ـ ٨٨٧.

(٣) التهذيب ١ : ٢٨٩ ـ ٨٤٢.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٧٩.

(٥) السرائر : ٣٢.

(٦) الام ١ : ٢٨١ ، مختصر المزني : ٣٦ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ٢٠٠.

(٧) المجموع ٥ : ٢٠٠ ـ ٢٠١.

(٨) في نسخة ( م ) : الأجود.

١٩

لما في الحشو من تناول حرمته ، نعم إن خاف خروج شي‌ء منه حشاه في دبره.

مسألة ١٧١ : ثم يشد فخذيه بالخامسة‌ ، ويضم فخذيه ضما شديدا بعد أن يحشو الدبر قطنا ، وعلى المذاكير ، ويلفها في فخذيه ، ثم يخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن ، ويغمزها في الموضع الذي لفّ فيه الخرقة ويلف فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفا شديدا ، وبه قال الشافعي(١) ، واستحبه أحمد في المرأة خاصة(٢) ، وقد تقدم(٣) ، وهذا مستحب وليس بواجب إجماعا.

مسألة ١٧٢ : ثم يأخذ الإزار فيؤزره به‌ ، ويكون عريضا يبلغ من صدره إلى الرجلين ، فإن نقص عنه لم يكن به بأس ، ويحنط مساجده بالكافور كما تقدم(٤) ، فإن فضل شي‌ء من الكافور مسح به صدره ، ثم يرد القميص عليه ، ويأخذ الجريدتين ، ويجعل إحداهما من جانبه الأيمن مع ترقوته يلصقها بجلده ، والأخرى من الأيسر ما بين القميص والإزار ، ويعممه فيأخذ وسط العمامة فيلفها على رأسه بالدور ويحنكه بها ، ويطرح طرفيها جميعا على صدره ، ولا يعممه عمة الأعرابي بغير حنك ، ثم يلفه في اللفافة ، فيطوي جانبها الأيسر على جانبه الأيمن ، وجانبها الأيمن على جانبه الأيسر ، ثم يصنع بالحبرة أيضا مثل ذلك ، فإن لم توجد حبرة استحب التعويض بلفافة أخرى ، ويعقد طرفها مما يلي رأسه ورجليه ، والواجب من ذلك أن يؤزره ، ثم يلبسه القميص ، ثم يلفه بالإزار.

وقال الشافعي ، وأحمد : يبسط أحسن اللفائف وأوسعها ، ويذر عليها حنوطا ، ثم الثانية ، ويذر عليها الحنوط ، ثم الثالثة ، ويذر عليها الحنوط في‌

__________________

(١) المجموع ٥ : ٢٠١ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٨.

(٢) مسائل أحمد : ١٥٠ ، المغني ٢ : ٣٤٦ ـ ٣٤٨.

(٣) تقدم في المسألة ١٦٠.

(٤) تقدم في المسألة ١٦٧.

٢٠

أحد الوجهين ، وفي الثاني : لا يذر على الثالثة.

فإذا فرغ من بسط الثياب نقله من مغتسله إلى أكفانه مستورا بثوب ، ويترك على الكفن مستلقيا على ظهره ، ويحشو القطن بين أليتيه ، ويأخذ القطن ويضع عليه الحنوط والكافور ، ثم يلف الكفن عليه ، ويشد عليه بشداد ، وينزع الشداد عند الدفن ـ ولم يعرف أصحابنا الشداد ، بل يعقدون أطراف اللفافة ـ وفي طي اللفافة قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه ، والثاني : يثني شق الثوب الأيمن على شقه الأيمن(1) . وما قلناه أولى.

مسألة 173 : ويستحب سحق الكافور باليد‌ ـ قاله الشيخان(2) ـ ولا يوضع شي‌ء من الكافور ، ولا من المسك ، ولا من القطن في سمع الميت ، ولا في بصره ، ولا في فيه ، ولا في جراحه النافذة إلا أن يخاف خروج شي‌ء من أحدها فيوضع فيه القطن ـ قاله علماؤنا ـ لأن ذلك يفسدها(3) فيجتنب ، لقولهعليه‌السلام : ( جنبوا موتاكم ما تجنّبون أحياءكم )(4) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا تجعل في مسامع الميت حنوطا »(5) .

واستحبه الجمهور ، لئلا يدخل الهوام إليها(6) .

__________________

(1) الام 1 : 281 ـ 282 ، مختصر المزني : 36 ، الوجيز 1 : 74 ، المجموع 5 : 199 و 200 ـ 204 ، فتح العزيز 5 : 138 ـ 139 ، السراج الوهاج : 105 ـ 106 ، المغني 2 : 335 ، الشرح الكبير 2 : 337.

(2) المقنعة : 11 ، المبسوط للطوسي 1 : 179.

(3) ورد في نسختي ( م ) و ( ش ) : يفسدهما.

(4) المعتبر : 78.

(5) التهذيب 1 : 308 ـ 893 ، الاستبصار 1 : 212 ـ 748.

(6) مختصر المزني : 36 ، المهذب لأبي إسحاق الشيرازي 1 : 137 ، الوجيز 1 : 74 ، المجموع 5 : 201 ، المدونة الكبرى 1 : 187 ، القوانين الفقهية : 92 ، بدائع الصنائع 1 : 308 ، فتح الوهاب 1 : 93 ، المحرر في الفقه 1 : 191.

٢١

قال الشيخ : يكره أن يكون في الكافور شي‌ء من المسك ، والعنبر(1) ، لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تمسوا موتاكم بالطيب إلاّ بالكافور »(2) .

مسألة 174 : ويكره أن يقطع الكفن بالحديد‌ ، قال الشيخ في التهذيب : سمعناه مذاكرة من الشيوخ ، وعليه كان عملهم(3) ، ولا بدّ له من أصل فيعتمد عليه.

قال الشيخ : ويكره بلّ الخيوط التي يخاط بها الكفن بالريق ، ويكره أيضا أن يعمل لما يبتدأ من الأكفان أكمام(4) .

ولو كفن في قميص كان لابسا له لم يقطع كمه ـ قاله علماؤنا ـ وسئل الصادقعليه‌السلام ، قلت : الرجل يكون له القميص يكفن فيه؟ فقال : « اقطع أزراره » قلت : وكمه؟ قال : « لا انما ذلك إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له كما ، فأما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلا أزراره »(5) .

مسألة 175 : وإن سقط من الميت شي‌ء غسل وجعل معه في أكفانه‌ بإجماع العلماء ، لأن جمع أجزاء الميت في موضع واحد أولى.

المطلب الرابع : في الصلاة عليه ، ومباحثه خمسة :

الأول : الميت.

مسألة 176 : إنما تجب الصلاة على المسلم بالإجماع ، فلا يجوز على‌

__________________

(1) المبسوط للطوسي 1 : 177.

(2) الكافي 3 : 147 ـ 3 ، التهذيب 1 : 295 ـ 863 ، الاستبصار 1 : 209 ـ 735 ، علل الشرائع : 308 باب 258 ، الخصال : 618 ـ 10.

(3) التهذيب 1 : 294.

(4) المبسوط للطوسي 1 : 177.

(5) الفقيه 1 : 90 ـ 418 ، التهذيب 1 : 305 ـ 886.

٢٢

الكافر وإن كان ذميا أو مرتدا ، قال الله تعالى( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ) (1) ولا يجب على المسلمين غسله.

وأما التكفين والدفن فلا يجبان أيضا وإن كان ذميا ـ وهو أحد وجهي الشافعي ـ لأن الذمة قد انتهت بالموت ، وأظهرهما : الوجوب كما يجب أن يطعم ويكسى في حياته(2) .

وأظهر الوجهين عنده في الحربي : عدم وجوب تكفينه ودفنه ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بإلقاء قتلى بدر في القليب على هيئتهم(3) ، وفي وجوب مواراته عنده وجهان(4) .

فروع :

أ ـ لو اختلط قتلى المسلمين بقتلى المشركين ، قال علماؤنا : يصلّى عليهم جميعا بنيّة الصلاة على المسلمين خاصة ، ويجوز أن يصلى على كل واحد واحد بنيّة الصلاة عليه إن كان مسلما ـ وبه قال مالك ، والشافعي ، وأحمد(5) ـ لإمكان الصلاة على المسلم من غير ضرورة فوجب.

وقال أبو حنيفة : إن كان المسلمون أكثر صلي عليهم وإلا فلا ، لأن الاعتبار بالأكثر ، بدليل أن دار المسلمين الظاهر منها الإسلام لكثرة‌

__________________

(1) التوبة : 84.

(2) المجموع 5 : 142 ، فتح العزيز 5 : 149.

(3) سنن أبي داود 3 : 58 ـ 2681 ، وانظر تلخيص الحبير 5 : 150.

(4) المجموع 5 : 143 ، فتح العزيز 5 : 150.

(5) الام 1 : 269 ، المجموع 5 : 258 ـ 259 ، فتح العزيز 5 : 150 ، المغني 2 : 404 ، الشرح الكبير 2 : 358.

٢٣

المسلمين ، وعكسها دار الحرب(1) ، ويبطل بما إذا اختلطت أخته بالأجنبيات فإن الحكم يثبت للأقل(2) .

أما المواراة فقال الشيخ : يوارى من كان صغير الذكر(3) لقول الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر : لا تواروا إلا كميشا ، وقال : لا يكون إلا في كرام الناس »(4) ، وقيل بالقرعة(5) ، والوجه عندي دفن الجميع تغليبا لحرمة المسلم ، وبه قال الشافعي(6) .

ب ـ لو وجد ميت لا يعلم كفره وإسلامه ، فإن كان في دار الإسلام ألحق بالمسلمين وإلاّ فبالكفار.

ج ـ يصلى على كل مظهر للشهادتين من سائر فرق الإسلام.

وقال أحمد : لا أشهد الجهمية ولا الرافضة ، ولا على الواقفي ـ وبه قال مالك(7) ـ لأن ابن عمر روى أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إن لكل امة مجوسا وإن مجوس أمتي الذين يقولون : لا قدر )(8) .

وقال ابن عبد البر : سائر العلماء يصلّون على أهل البدع ، والخوارج ، وغيرهم(9) ، لعموم قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صلّوا على من قال لا إله إلاّ‌

__________________

(1) المبسوط للسرخسي 2 : 54 ، المجموع 5 : 259 ، فتح العزيز 5 : 150 ، المغني 2 : 404.

(2) قال العلاّمة في منتهى المطلب 1 : 449 ردا على أبي حنيفة : وما ذكروه ينتقض بالأخت لو اشتبهت مع عشرة ، فإنهن يحرمن كلهن ، والغالب هنا لم يعتد به.

(3) المبسوط للطوسي 1 : 182.

(4) لتهذيب 6 : 172 ـ 336.

(5) حكاه عن بعض المتأخرين المحقق في المعتبر : 85.

(6) المجموع 5 : 258.

(7) المغني 2 : 419 ، الشرح الكبير 2 : 356 ، المدونة الكبرى 1 : 182.

(8) مسند احمد 2 : 86 ، سنن أبي داود 4 : 222 ـ 4692 ، الجامع الصغير 2 : 413 ـ 7304.

(9) المغني 2 : 419 ، الشرح الكبير 2 : 356 ، وقال ابن عبد البر في كتابه ( الكافي في فقه أهل المدينة ): 86 : ولا يصلّي أهل العلم والفضل على أهل البدع ، ولا على من ارتكب الكبائر واشتهر بها ، ويصلّي عليهم غيرهم.

٢٤

الله )(1) واستضعفوا الرواية ، وعنوا تشبيه القدرية بالمجوس.

د ـ لا يصلى على أطفال المشركين لإلحاقهم بآبائهم إلا أن يسلم أحد أبويه أو يسبى منفردا عن أبويه عند الشيخ(2) ، ولو سبي مع أحد أبويه لم يلحق السابي في الإسلام ، وبه قال أبو ثور(3) ، وقال أحمد : يصلى عليه كما لو سبي منفردا(4) .

هـ ـ لا تجب الصلاة على كل من اعتقد ما يعلم بطلانه من الدين ضرورة ، كالخوارج والغلاة ، لقدحهم في عليعليه‌السلام ، وكذا من قدح في أحد الأئمةعليهم‌السلام كالسبأية(5) ، والخطابية(6) ، ويجب على من عداهم لقولهعليه‌السلام : ( صلوا على كلّ بر وفاجر )(7) .

مسألة 177 : تجب الصلاة على الصبي من أولاد المسلمين إذا كان له ست‌

__________________

(1) سنن الدار قطني 2 : 56 ـ 3 و 4 ، مجمع الزوائد 2 : 67 ، سنن البيهقي 4 : 19 ، الجامع الصغير 2 : 98 ـ 5030.

(2) المبسوط للطوسي 2 : 23.

(3) المغني 2 : 419 ، الشرح الكبير 2 : 356 ، عمدة القارئ 8 : 168.

(4) المغني 2 : 419 ، الشرح الكبير 2 : 356.

(5) السبئية : قيل : إنها فرقة تنسب الى عبد الله بن سبإ ، ولهم اعتقادات باطلة وآراء فاسدة ، خرجت بها عن أصول الإسلام الحقة. انظر في شأن هذه الفرقة كتاب ( عبد الله بن سبإ ) للسيد العسكري ، فرق الشيعة : 22 ، الملل والنحل للشهرستاني القسم الأول : 155 ، الفرق بين الفرق : 255 ، التبصير في الدين : 123.

(6) الخطابية : هم أتباع أبي الخطاب الأسدي الكوفي ، وكان رجلا ضالا مضلا ، وقد وردت روايات كثيرة صريحة في ذمه ولعنه ، قتله عيسى بن موسى عامل المنصور بسبخة الكوفة ، رجال الكشي : 290 ـ 509 وما بعدها ، معجم رجال الحديث 14 : 243 ـ 9987 ، فرق الشيعة : 42 ، التبصير في الدين : 126 ، الملل والنحل للشهرستاني القسم الأول : 159.

(7) سنن البيهقي 4 : 19 ، سنن الدار قطني 2 : 57 ـ 10 ، الجامع الصغير 2 : 97 ـ 5022.

٢٥

سنين فصاعدا ، ولا تجب لو كان له دون ذلك ، لأنه الحدّ الذي يؤمر معه بالصلاة. والصلاة على الميت استغفار وشفاعة فلا معنى للشفاعة فيمن لا يؤمر بالصلاة وجوبا ولا ندبا.

وسئل الصادقعليه‌السلام متى يصلى على الصبي؟ قال : « إذا عقل الصلاة » قلت : متى تجب عليه؟ قال : « إذا كان ابن ست سنين »(1) .

وقال الحسن البصري ، وإبراهيم ، والحكم ، وحماد ، ومالك ، والأوزاعي ، وأصحاب الرأي : لا يصلى عليه حتى يستهل(2) لما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل )(3) .

وقال أحمد : يصلى عليه وإن ولد سقطا إذا استكمل أربعة أشهر ـ وبه قال سعيد بن المسيب وابن سيرين وإسحاق(4) ، وللشافعي كالمذهبين(5) ـ لما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( السقط يصلى عليه )(6) ، وعن سعيد ابن المسيب أيضا تجب حين تجب عليه الصلاة(7) .

__________________

(1) الكافي 3 : 206 ـ 2 ، الفقيه 1 : 104 ـ 486 ، التهذيب 3 : 198 ـ 456 ، الإستبصار 1 : 479 ـ 1855.

(2) المدونة الكبرى 1 : 179 ، القوانين الفقهية : 93 ، بداية المجتهد 1 : 240 ، المجموع 5 : 258 ، المغني 2 : 393 ، عمدة القارئ 8 : 176.

(3) سنن الترمذي 3 : 350 ـ 1032.

(4) المغني 2 : 393 ، الشرح الكبير 2 : 333 ، المجموع 5 : 258 ، عمدة القارئ 8 : 176 ، المحلى 5 : 159 ، مصنف ابن أبي شيبة 3 : 317.

(5) المجموع 5 : 255 ـ 256 ، فتح العزيز 5 : 146 ـ 148 ، كفاية الأخيار 1 : 101 ، عمدة القارئ 8 : 176 ، المغني 2 : 392 ، الشرح الكبير 2 : 333.

(6) مسند أحمد 4 : 249 ، سنن أبي داود 3 : 205 ـ 3180 ، سنن البيهقي 4 : 8 ، المستدرك للحاكم 1 : 363.

(7) الموجود في المصادر هو سعيد بن جبير. راجع المجموع 5 : 257 ، عمدة القارئ 8 : 176 ، مصنف ابن أبي شيبة 3 : 318.

٢٦

فروع :

أ ـ يستحب الصلاة على من نقص سنه عن ست إذا ولد حيّا ، لقول الكاظمعليه‌السلام : « يصلى على الصبي على كل حال إلا أن يسقط لغير تمام »(1) وقال الصادقعليه‌السلام : « لا يصلى على المنفوس ـ وهو المولود الذي لم يستهل ـ وإذا استهل فصلّ عليه »(2) .

ب ـ لو خرج بعضه واستهل ثم مات استحبت الصلاة عليه ولو خرج أقله ، لحصول الشرط وهو الاستهلال.

وقال أبو حنيفة : لا يصلى عليه حتى يكون الخارج أكثره ، اعتبارا بالأكثر(3) .

ج ـ لا يستحب الصلاة على السقط ميتا عند علمائنا ، وصلاة ابن عمر على ابن لابنه ولد ميتا(4) ليس حجة.

مسألة 178 : ويشترط حضور الميت‌ عند علمائنا أجمع ، فلا تجوز الصلاة على الغائب عن البلد ـ وبه قال أبو حنيفة ، ومالك(5) ـ وإلاّ لصلي على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأمصار ، وكذا الأعيان من الصلحاء ، ولو فعل ذلك لاشتهر وتواترت مشروعيته ، ولأن استقبال القبلة بالميت شرط ولم يحصل ، ولأن حضور الجنازة شرط كما لو كانت في البلد.

__________________

(1) التهذيب 3 : 331 ـ 1036 ، الاستبصار 1 : 481 ـ 1860.

(2) التهذيب 3 : 199 ـ 459 ، الاستبصار 1 : 480 ـ 1857.

(3) شرح فتح القدير 2 : 92.

(4) عمدة القارئ 8 : 176.

(5) المبسوط للسرخسي 2 : 67 ، المجموع 5 : 253 ، فتح العزيز 5 : 191 ، المغني 2 : 386 ، الشرح الكبير 2 : 354 ، المحلى 5 : 139 ، مغني المحتاج 1 : 345.

٢٧

وقال الشافعي : يجوز فيتوجه المصلي إلى القبلة فيصلي عليه سواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن ـ وبه قال أحمد(1) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نعى النجاشي اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلّى ، وصفّ بهم وكبر أربعا(2) ، ويحتمل أن تكون الأرض قد زويت له فأرى الجنازة. أو الدعاء ، لما روى زرارة ومحمد بن مسلم : قلت له : فالنجاشي لم يصلّ عليه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « لا إنما دعا له »(3) .

فروع :

أ ـ شرط الشافعي الغيبة عن البلد ، فإن كان الميت في طرف البلد لم تجز الصلاة عليه حتى يحضره(4) .

ب ـ لا فرق بين أن تكون الجنازة في بلد آخر أو قرية أخرى بينهما مسافة ، سواء كانت مما تقصر فيها الصلاة أو لا ـ في العدم عندنا ، والجواز عند الشافعي(5) .

ج ـ حضوره وإن كان شرطا لكن ظهوره ليس بشرط ، فلو دفن قبل الصلاة عليه صلّي على القبر ولم ينبش إجماعا ، وكذا العاري يترك في القبر وتستر عورته بالتراب ثم يصلّى عليه ويدفن.

__________________

(1) المجموع 5 : 253 ، الوجيز 1 : 77 ، فتح العزيز 5 : 191 ، مغني المحتاج 1 : 345 ، المغني 2 : 386 ، الشرح الكبير 2 : 354 ، المبسوط للسرخسي 2 : 67.

(2) صحيح البخاري 2 : 112 ، سنن أبي داود 3 : 212 ـ 3204 ، صحيح مسلم 2 : 656 ـ 951 ، الموطأ 1 : 266 ـ 227 ـ 14 ، مسند أحمد 2 : 281 ، سنن ابن ماجة 1 : 49 ـ 1534 ، الموطأ برواية الشيباني : 112 ـ 317.

(3) التهذيب 3 : 202 ـ 473 ، الاستبصار 1 : 483 ـ 1873.

(4) المجموع 5 : 253 ، فتح العزيز 5 : 191 ، مغني المحتاج 1 : 345.

(5) المجموع 5 : 253 ، مغني المحتاج 1 : 345 ، المغني 2 : 386 ، الشرح الكبير 2 : 354.

٢٨

مسألة 179 : لو دفن الميت قبل الصلاة عليه صلّي على قبره‌ ـ وبه قال عليعليه‌السلام ، وأبو موسى الأشعري ، وابن عمر ، وعائشة ، وهو مذهب الأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد(1) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على قبر مسكينة حين دفنت ليلا(2) وصلّى على قبر رجل كان يقيم بالمسجد دفن ليلا(3) .

وقال النخعي ، ومالك ، وأبو حنيفة : لا يصلى على القبور وإلا لصلي على قبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (4) ، وهو مدفوع إذ الصلاة على القبر مقدرة بما يأتي.

مسألة 180 : اختلف في تقدير الصلاة على القبر في حق المدفون بغير صلاة‌ ، فقال بعض علمائنا : يصلى عليه يوما وليلة لا أزيد ، قاله المفيد(5) .

وقال الشيخ : ثلاثة أيام ولا تجوز الصلاة بعدها(6) ، لأنه بدفنه خرج عن أهل الدنيا فساوى من قبر في قبره ، خرج المقدر بالإجماع ، فيبقى الباقي على الأصل ، ولقول الكاظمعليه‌السلام : « لا تصلّ على المدفون »(7) خرج ما قدرناه بالإجماع ، فيبقى الباقي.

وللشافعية أربعة أوجه ، أحدها : أنه يجوز إلى شهر ـ وبه قال‌

__________________

(1) المجموع 5 : 249 ، عمدة القارئ 8 : 26 ، المغني 2 : 385 ، الشرح الكبير 2 : 352 ، بداية المجتهد 1 : 238.

(2) سنن النسائي 4 : 69 ، الموطأ 1 : 227 ـ 15 ، سنن البيهقي 4 : 48 ، الموطأ برواية الشيباني : 112 ـ 113 ـ 318 ، سنن ابن ماجة 1 : 490 ـ 1533.

(3) صحيح البخاري 2 : 112 ـ 113 ، سنن البيهقي 4 : 47.

(4) المبسوط للسرخسي 2 : 67 ، بداية المجتهد 1 : 238.

(5) المقنعة : 38.

(6) الخلاف 1 : 726 مسألة 549.

(7) المعتبر : 223 ، ورواه في التهذيب 3 : 201 ـ 471 عن الامام الرضاعليه‌السلام .

٢٩

أحمد(1) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على البراء بن معرور بعد شهر(2) ولم ينقل أكثر من ذلك.

ومنهم من قال : ما لم يبل جسده ويذهب ، لأنه حالة بقائه كهو حالة موته(3) .

ومنهم من قال : يجوز أبدا(4) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على شهداء أحد بعد ثماني سنين(5) .

وقال أبو حنيفة : يصلي عليه الولي إلى ثلاث ، ولا يصلي غيره عليه بحال(6) . والتخصيص لا وجه له.

وقال إسحاق : يصلي عليه الغائب إلى شهر ، والحاضر إلى ثلاث(7) ، وكل ذلك محمول على الدعاء.

__________________

(1) المجموع 5 : 250 ، فتح العزيز 5 : 194 ـ 195 ، مغني المحتاج 1 : 346 ، المهذب لأبي إسحاق الشيرازي 1 : 141 ، المغني 2 : 385 ، الشرح الكبير 2 : 352 ، عمدة القارئ 8 : 26 ، المحلى 5 : 140.

(2) مصنف ابن أبي شيبة 3 : 360 ، سنن البيهقي 4 : 49 ، أسد الغابة 1 : 174.

(3) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي 1 : 141 ، المجموع 5 : 247 ، المغني 2 : 391 ، الشرح الكبير 2 : 353 ، المبسوط للسرخسي 2 : 69 ، بدائع الصنائع 1 : 315 ، شرح فتح القدير 2 : 84.

(4) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي 1 : 141 ، المجموع 5 : 247 ، فتح العزيز 5 : 198 ، المغني 2 : 391 ، الشرح الكبير 2 : 353.

(5) صحيح البخاري 5 : 120 ، مسند أحمد 4 : 154 ، سنن أبي داود 3 : 216 ـ 3224 ، سنن البيهقي 4 : 14 ، سنن الدار قطني 2 : 78 ـ 10.

(6) شرح فتح القدير 2 : 84 ، الكفاية 2 : 85 ، شرح العناية 2 : 84 ، المجموع 5 : 249 ـ 250 ، المغني 2 : 391 ، الشرح الكبير 2 : 352 ، مغني المحتاج 1 : 346 ، المحلى 5 : 140.

(7) المجموع 5 : 250 ، المغني 2 : 391 ، الشرح الكبير 2 : 353 ، المحلى 5 : 140.

٣٠

تذنيب : هذا التقدير عندنا إنما هو على من لم يصلّ عليه ـ وبه قال أبو حنيفة(1) ـ خلافا للشافعي فإنه لم يشترط ذلك(2) ، ولو قلع من لم يصلّ عليه صلّي عليه مطلقا.

مسألة 181 : الشهيد يصلى عليه‌ عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الحسن البصري ، وسعيد بن المسيب ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والمزني ، وأحمد في رواية(3) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج يوما فصلّى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر(4) ، وقال ابن عباس : إن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على قتلى أحد وكان يقدمهم تسعة تسعة وحمزة عاشرهم(5) ، ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله ولكنه صلّى عليه »(6) ، ولأن مرتبته عالية فشرعت الصلاة عليه كالأنبياء والأوصياء.

وقال الشافعي ، ومالك ، وإسحاق ، وأحمد في رواية : لا يصلى عليه(7) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم ، ولم يغسلهم ولم يصل عليهم(8) ، ولأنه لم يغسل مع إمكان غسله فلم يصلّ عليه‌

__________________

(1) الهداية للمرغيناني 1 : 92 ، شرح العناية 2 : 84 ، المجموع 5 : 249 ـ 250 ، المغني 2 : 385 ، الشرح الكبير 2 : 352.

(2) المجموع 5 : 249 ، فتح العزيز 5 : 192 ، المحلى 5 : 140.

(3) المجموع 5 : 264 ، فتح العزيز 5 : 151 ، المغني 2 : 398 ، الشرح الكبير 2 : 330 ، بداية المجتهد 1 : 240.

(4) صحيح البخاري 2 : 114 ، صحيح مسلم 4 : 1795 ـ 2296 ، سنن النسائي 4 : 61 ـ 62.

(5) سنن ابن ماجة 1 : 485 ـ 1513 ، سنن البيهقي 4 : 12.

(6) الكافي 3 : 212 ـ 5 ، التهذيب 1 : 332 ـ 973.

(7) الام 1 : 267 ، مختصر المزني : 37 ، المجموع 5 : 264 ، المغني 2 : 398 ، الشرح الكبير 2 : 330 ، بداية المجتهد 1 : 240.

(8) صحيح البخاري 2 : 115 و 5 : 131 ، سنن أبي داود 3 : 195 ـ 3134 و 3135 ، سنن الترمذي.

٣١

كسائر من لم يغسل ، ورواية الإثبات مقدمة ، وسقوط غسله لقولهعليه‌السلام : ( زملوهم بكلومهم فإنهم يحشرون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما )(1) .

مسألة 182 : ويصلى على المقتول ظلما ، أو دون ماله ، أو نفسه ، أو أهله‌ ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال الحسن ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد في رواية(2) ـ لأن رتبته دون رتبة الشهيد في المعترك ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صلّوا على من قال لا إله إلاّ الله )(3) .

وفي رواية عن أحمد : لا يصلى عليه لأنه قتل شهيدا(4) ، والمقدمتان ممنوعتان.

وأما من عداهم ممن أطلق عليه اسم الشهيد كما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الشهداء خمس : المطعون ، والمبطون ، والغريق ، وصاحب الهدم ، والشهيد في سبيل الله )(5) .

وروي زيادة : ( صاحب الحريق ، وصاحب ذات الجنب ، والمرأة تموت بجمع(6) شهيدة )(7) فإنهم يصلّى عليهم إجماعا ، وكذا النفساء ـ خلافا‌

__________________

(1) مسند أحمد 5 : 431 ، سنن النسائي 4 : 78 و 6 : 29 ، سنن البيهقي 4 : 11 و 9 : 164 ـ 165 و 170 ، الجامع الصغير 2 : 30 ـ 4563 ، عوالي اللئالي 2 : 208 ـ 128.

(2) المجموع 5 : 267 ، المغني 2 : 403 ، الشرح الكبير 2 : 332.

(3) سنن الدار قطني 2 : 56 ـ 3 و 4 ، الجامع الصغير 2 : 98 ـ 5030 ، مجمع الزوائد 2 : 67 ، سنن البيهقي 4 : 19.

(4) المغني 2 : 403 ، الشرح الكبير 2 : 332.

(5) صحيح البخاري 1 : 167 ، صحيح مسلم 3 : 1521 ـ 1914 ، سنن الترمذي 3 : 377 ـ 1063.

(6) جمع : بضم الجيم أو كسرها وهي المرأة التي ماتت وولدها في بطنها. صحاح الجوهري 3 : 1198 ، النهاية لابن الأثير 1 : 296 « جمع ».

(7) الموطأ 1 : 233 ـ 36 ، سنن أبي داود 3 : 188 ـ 3111 ، سنن النسائي 4 : 14.

٣٢

للحسن البصري(1) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها(2) .

مسألة 183 : وليس التمام شرطا فيصلّى على البعض الذي فيه الصدر والقلب ، أو الصدر نفسه‌ عند علمائنا ، لأن الصلاة ثبتت لحرمة النفس ، والقلب محل العلم ، ومنه تنبت الشرايين السارية في البدن ، فكأنه الإنسان حقيقة ، ولقول الكاظمعليه‌السلام في الرجل يأكله السبع فتبقى عظامه بغير لحم ، قال : « يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن »(3) .

فإذا كان الميت نصفين صلي على النصف الذي فيه القلب ، وعن محمد ابن عيسى عن بعض أصحابنا يرفعه قال : المقتول إذا قطع أعضاؤه يصلّى على العضو الذي فيه القلب(4) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال : « إذا وجد الرجل قتيلا فإن وجد له عضو من أعضائه تام صلي على ذلك العضو ودفن ، فإن لم يوجد له عضو تام لم يصلّ عليه ودفن » وذكره ابن بابويه(5) ، ويحمل العضو التام على الصدر لاشتماله على ما لم يشتمل عليه غيره من الأعضاء.

وقال أبو حنيفة ، ومالك : إن وجد الأكثر صلي عليه وإلا فلا ، لأنه بعض لا يزيد على النصف فلم يصل عليه ، كالذي بان في حياة صاحبه‌

__________________

(1) المغني 2 : 403 ، الشرح الكبير 2 : 332.

(2) صحيح البخاري 2 : 111 ، صحيح مسلم 2 : 664 ـ 964 ، سنن أبي داود 3 : 209 ـ 3195 ، سنن ابن ماجة 1 : 479 ـ 1493 ، مسند احمد 5 : 19 ، سنن النسائي 4 : 72.

(3) الكافي 3 : 212 ـ 1 ، الفقيه 1 : 96 ـ 444 ، التهذيب 1 : 336 ـ 983.

(4) المعتبر : 86.

(5) الفقيه 1 : 104 ـ 485 ، وانظر كذلك الكافي 3 : 212 ـ 3 ، والتهذيب 1 : 337 ـ 987.

٣٣

والشعر والظفر(1) . والفرق أنه من جملة لا يصلى عليها ، والشعر والظفر لا حياة فيهما.

ولو قطع نصفين عرضا صلّي على ما فيه الرأس ، وإن قطع طولا لم يصل عليه.

وقال الشافعي ، وأحمد : إن وجد بعضه مطلقا صلي عليه أي عضو كان(2) .

قال الشافعي : ألقى طائر يدا بمكة من وقعة الجمل عرفت بالخاتم ، وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، فصلّى عليها أهل مكة بمحضر من الصحابة(3) ولأنه بعض من جملة تجب الصلاة عليها فيصلى عليه كالأكبر ، وأنكر البلاذري وقوع اليد بمكة وقال : وقعت باليمامة(4) ، ولو سلّم فنمنع كون الفاعل ممن يحتج بفعله ، والفرق بين الصدر والعضو ما بيّناه.

فروع :

أ ـ لو وجد قطعة فيها عظم من الشهيد لم تغسل وكفنت ودفنت من غير صلاة ، ولو لم يكن شهيدا غسلت أيضا.

ب ـ لا فرق بين الرأس وغيره من الأعضاء.

ج ـ لو أبينت قطعة من حي في المعركة دفنت من غير غسل ولا صلاة‌

__________________

(1) المجموع 5 : 254 ـ 255 ، فتح العزيز 5 : 144 ، بلغة السالك 1 : 203 ، المغني 2 : 405 ، الشرح الكبير 2 : 357.

(2) الام 1 : 268 ، المجموع 5 : 254 ، فتح العزيز 5 : 144 ، المغني 2 : 405 ، الشرح الكبير 2 : 357.

(3) الام 1 : 268 ، المهذّب للشيرازي 1 : 141 ، التلخيص الحبير 5 : 274.

(4) حكاه المحقق في المعتبر : 86.

٣٤

وإن كان فيها عظم ، لأنها من جملة لا تغسل ولا يصلى عليها على إشكال ينشأ من اختصاص الشهادة بالجملة.

د ـ لو وجد الصدر بعد دفن الميت غسل ، وصلي عليه ، ودفن إلى جانب القبر أو نبش بعض القبر ودفن ، ولا حاجة إلى كشف الميت ، ولو كان غير الصدر دفنت إن لم يكن ذات عظم وإلا غسلت ودفنت.

مسألة 184 : المرجوم يصلى عليه بعد أن يؤمر بالاغتسال‌ ثم يقام عليه الحد ثم يصلي عليه الإمام وغيره ، وكذا المرجومة ، ذهب إليه علماؤنا ـ وبه قال الشافعي إلا في تقديم الغسل(1) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رجم العامرية وصلّى عليها ، فقال عمر : ترجمها وتصلي عليها؟! فقال : ( لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم )(2) ورجم عليعليه‌السلام شراحة الهمدانية وجاء أهلها إليه فقالوا : ما نصنع بها؟ فقال : « اصنعوا بها ما تصنعون بموتاكم »(3) . ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام عن المرجوم والمرجومة : « ويصلى عليهما »(4) ، والمقتص منه بمنزلة ذلك ، ولأنه مسلم قتل بحق فأشبه المقتول قصاصا.

وقال الزهري : المرجوم لا يصلى عليه(5) ، وقال مالك : لا يصلي الإمام ويصلي غيره(6) واحتجا بأن ماعزا رجمه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم‌

__________________

(1) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي 1 : 142 ، المجموع 5 : 267.

(2) صحيح مسلم 3 : 1324 ـ 1696 ، مسند أحمد 4 : 435 ، سنن النسائي 4 : 63 ـ 64 ، سنن أبي داود 4 : 151 ـ 152 ـ 4440 ، سنن الترمذي 4 : 42 ـ 1435 ، سنن الدار قطني 3 : 127 ـ 144.

(3) سنن البيهقي 4 : 19 ، كنز العمال 5 : 422 ـ 13493 نقله عن مصنف عبد الرزاق.

(4) الكافي 3 : 214 ـ 1 ، الفقيه 1 : 96 ـ 443 رواه مرسلا عن عليعليه‌السلام ، التهذيب 1 : 334 ـ 978. وفي الجميع قطعة من حديث.

(5) المجموع 5 : 267 ، المحلى 5 : 172.

(6) المدونة الكبرى 1 : 177 ، المنتقى للباجي 2 : 21 ، المجموع 5 : 267.

٣٥

يصل عليه(1) ، قال الزهري : ولم ينقل أنه أمر بالصلاة عليه(2) ، وليس بجيد ، لأن ما لم يكره لغير الإمام لم يكره للإمام كسائر الموتى ، وعدم النقل لا يدل على العدم ، مع وروده عاما في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صلوا على من قال لا إله إلاّ الله )(3) .

مسألة 185 : ولد الزنا يصلى عليه‌ ، وبه قال جميع الفقهاء ، وقال قتادة : لا يصلى عليه(4) ، وهو غلط ، لأنه مخالف لإجماع انعقد قبله أو بعده ، ولعموم الأخبار(5) ، ولأنه مسلم غير مقتول في المعركة فأشبه ولد الحلال ، ويجي‌ء على قول من يذهب إلى كفره من علمائنا(6) تحريم الصلاة عليه.

ويصلّى أيضا على النفساء ـ وبه قال جميع الفقهاء ـ لما تقدم(7) .

وقال الحسن البصري : لا يصلّى عليها ، ويصلى على سائر المسلمين من أهل الكبائر(8) .

وكذا من لا يعطي زكاة ماله ، وتارك الصلاة ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إلى قبا فاستقبله رهط من الأنصار يحملون جنازة على باب ، فقال‌

__________________

(1) سنن أبي داود 3 : 206 ـ 3186 ، سنن البيهقي 4 : 19.

(2) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفرة عندنا.

(3) سنن البيهقي 4 : 19 ، سنن الدار قطني 2 : 56 ـ 3 و 4 ، الجامع الصغير 2 : 98 ـ 5030 ، مجمع الزوائد 2 : 67.

(4) المجموع 5 : 267.

(5) الكافي 3 : 40 ـ 2 ، الفقيه 1 : 45 ـ 176 ، التهذيب 1 : 104 ـ 270 ، الاستبصار 1 : 97 ـ 315 ، وسنن البيهقي 4 : 19 ، سنن الدار قطني 2 : 56 ـ 3 و 4 ، الجامع الصغير 2 : 98 ـ 5030 ، مجمع الزوائد 2 : 67.

(6) هو ابن إدريس في السرائر : 81 ، 183 ، 241 ، 287.

(7) تقدم في المسألة 182.

(8) المغني 2 : 403 ، حلية العلماء 2 : 305.

٣٦

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما هذا؟ ) قالوا : مملوك لآل فلان ، قال : ( أكان يشهد أن لا إله إلاّ الله؟ ) قالوا : نعم ، ولكنه كان وكان ، فقال : ( أكان يصلي؟ ) فقالوا : قد كان يصلي ويدع ، فقال لهم : ( ارجعوا به فغسلوه ، وكفنوه وصلّوا عليه ، وادفنوه ، والذي نفسي بيده لقد كادت الملائكة تحول بيني وبينه )(1) .

مسألة 186 : ويصلى على الغالّ‌ ، وهو الذي يكتم غنيمته أو بعضها ليأخذه لنفسه ويختص به الإمام وغيره ، وكذا قاتل نفسه متعمدا ـ وبه قال عطاء ، والنخعي والشافعي(2) ـ لقولهعليه‌السلام : ( صلّوا على من قال : لا إله إلا الله )(3) ومن طريق الخاصة قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صلوا على المرجوم من أمتي وعلى القاتل نفسه من أمتي ، لا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة )(4) .

وقال أحمد : لا يصلي الإمام عليهما ويصلي غيره(5) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جاءوه برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصلّ عليه(6) ، وتوفي رجل من جهينة يوم خيبر ، فذكر ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( صلّوا على صاحبكم ) فتغيرت وجوه القوم ، فلما رأى ما بهم ، قال : ( إن صاحبكم غلّ من الغنيمة )(7) .

__________________

(1) ورد نحوه في مجمع الزوائد 3 : 41 وانظر المغني 2 : 420 ، الشرح الكبير 2 : 357.

(2) المجموع 5 : 267 ، المغني 2 : 418 ، الشرح الكبير 2 : 355.

(3) سنن البيهقي 4 : 19 ، سنن الدار قطني 2 : 56 ـ 3 و 4 ، الجامع الصغير 2 : 98 ـ 5030 ، مجمع الزوائد 2 : 67.

(4) الفقيه 1 : 103 ـ 480 ، التهذيب 3 : 328 ـ 1026 ، الإستبصار 1 : 468 ـ 469 ـ 1810.

(5) المغني 2 : 418 ، الشرح الكبير 2 : 355 ، المجموع 5 : 267.

(6) صحيح مسلم 2 : 672 ـ 978 ، سنن النسائي 4 : 66 ، سنن أبي داود 3 : 206 ـ 3185 ، سنن ابن ماجة 1 : 488 ـ 1526 ، المحرر في الحديث 1 : 310 ـ 521.

(7) مسند احمد 4 : 114 و 5 : 192.

٣٧

وليس حجة لسقوط الفرض بغيره ، ويعارض بالمديون فإنهعليه‌السلام كان يقول إذا أتي بالميت : ( هل على صاحبكم دين؟ ) فإن قالوا : نعم ، قال : ( صلّوا على صاحبكم )(1) ، مع أن الصلاة عليه مشروعة بالإجماع ، ولعلهعليه‌السلام فعل ذلك ليحصل الانتهاء فإن في صلاته سكنا ، وكان ذلك لطفا للمكلفين.

مسألة 187 : وتجب الصلاة على كل مسلم ومن بحكمه‌ ممن له ستّ سنين ، سواء الذكر والأنثى ، والحر والعبد ، بلا خلاف ، وعلى الفاسق ، لأن هشام بن سالم سأل الصادقعليه‌السلام عن شارب الخمر ، والزاني ، والسارق ، يصلى عليهم إذا ماتوا؟ فقال : « نعم »(2) .

ويستحب على من نقص سنه عن ست إن ولد حيا ، ولا صلاة لو سقط وإن ولجته الروح ، ولا على الأبعاض غير الصدر وإن علم الموت.

البحث الثاني : المصلي.

مسألة 188 : الولي‌ ـ وهو القريب ـ أحق ممن أوصى إليه الميت ـ وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي(3) ـ لقوله تعالى( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (4) ، ولأنها ولاية تترتب ترتب العصبات ، فالولي أولى كولاية النكاح ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « يصلي على الجنازة أولى‌

__________________

(1) صحيح البخاري 3 : 128 ، صحيح مسلم 3 : 1237 ـ 1619 ، سنن الترمذي 3 : 381 ـ 1069 ، مجمع الزوائد 3 : 40 ، سنن النسائي 4 : 65 و 66 ، مسند احمد 2 : 290 و 380 ـ 381 و 399 و 3 : 296.

(2) الفقيه 1 : 103 ـ 481 ، التهذيب 3 : 328 ـ 1024 ، الاستبصار 1 : 468 ـ 1808.

(3) المجموع 5 : 220 ، فتح العزيز 5 : 160 ، شرح فتح القدير 2 : 82 ، المغني 2 : 362 ، الشرح الكبير 2 : 308 ، أقرب المسالك : 34 ، بلغة السالك 1 : 198 ، الشرح الصغير 1 : 198.

(4) الأنفال : 75.

٣٨

الناس بها ، أو يأمر من يحب »(1) .

وقال أحمد : الموصى إليه أولى ـ وبه قال أنس ، وزيد بن أرقم ، وأم سلمة ، وابن سيرين ، وإسحاق(2) ـ لأن أبا بكر أوصى أن يصلي عليه عمر وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب ، وأوصت عائشة أن يصلي عليها أبو هريرة ، وابن مسعود أوصى أن يصلي عليه الزبير ، ويونس بن جبير أوصى أن يصلي عليه أنس بن مالك ، وأبو سريحة أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم فجاءه عمرو بن حريث ـ وهو أمير الكوفة ـ ليتقدم فيصلي عليه فقال ابنه : أيها الأمير إن أبي أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم ، فقدّم زيدا(3) وهذا منتشر فكان إجماعا ، وهو ممنوع.

ولو كان الوصي فاسقا لم تقبل الوصية إجماعا.

مسألة 189 : الولي أولى من الوالي‌ عند علمائنا ـ وهو قول الشافعي في الجديد(4) ـ لقوله تعالى( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) (5) ولقول الصادقعليه‌السلام : « يصلي على الجنازة أولى الناس بها »(6) ولأنها ولاية يعتبر فيها ترتيب العصبات فيقدم فيها الولي على الوالي كولاية النكاح.

وقال الشافعي في القديم ـ وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وإسحاق ـ : الوالي أولى ، ونقله الجمهور عن عليعليه‌السلام ، وجماعة من‌

__________________

(1) الكافي 3 : 177 ـ 1 ، التهذيب 3 : 204 ـ 205 ـ 483.

(2) المغني 2 : 362 ، الشرح الكبير 2 : 308 ، المجموع 5 : 220 ، فتح العزيز 5 : 160.

(3) مصنف ابن أبي شيبة 3 : 285 ، سنن البيهقي 4 : 29 وانظر المجموع 5 : 220 ـ 221 ، المغني 2 : 362 ـ 363 ، الشرح الكبير 2 : 308.

(4) الام 1 : 275 ، المجموع 5 : 217 ، فتح العزيز 5 : 159 ، مغني المحتاج 1 : 346.

(5) الأنفال : 75.

(6) الكافي 3 : 177 ـ 1 ، التهذيب 3 : 204 ـ 205 ـ 483.

٣٩

التابعين(1) لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا يؤم الرجل في سلطانه )(2) وحكى أبو حازم قال : شهدت حسينا حين مات الحسنعليهما‌السلام وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص ويقول : « تقدم فلو لا السنة ما قدمتك »(3) وسعيد أمير المدينة ، والخبر محمول على غير صلاة الجنازة ، وحديث الحسينعليه‌السلام ـ كما قالت الشافعية(4) ـ أراد بذلك إطفاء الفتنة ، ومن السنة إطفاء الفتنة.

قالوا : صلاة شرعت فيها الجماعة فكان الإمام أحق بالإمامة كسائر الصلوات(5) .

قلنا : الفرق أن الغرض من هذه الصلاة ، الدعاء للميت والحنو عليه فيه ، فالولي أحق بذلك.

تذنيب : إمام الأصل أولى من كل أحد ، ويجب على الولي تقديمه ، لأن عليّاعليه‌السلام ، قال : « الإمام أحق من صلّى على الجنازة »(6) ولأن للإمام منزلة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الولاية ، وقال تعالى( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (7) ومن طريق الخاصة ما رواه الصادقعليه‌السلام عن‌

__________________

(1) المجموع 5 : 217 ، فتح العزيز 5 : 158 ـ 159 ، مغني المحتاج 1 : 347 ، المغني 2 : 363 ، الشرح الكبير 2 : 309 ، المبسوط للسرخسي 2 : 62 ، شرح فتح القدير 2 : 81 ، المدونة الكبرى 1 : 188 ، المنتقى للباجي 2 : 19.

(2) صحيح مسلم 1 : 465 ـ 673 ، سنن الترمذي 1 : 458 ـ 459 ـ 235 ، سنن النسائي 2 : 76 و 77 ، سنن ابن ماجة 1 : 313 ـ 314 ـ 980 ، سنن أبي داود 1 : 159 ـ 582 و 583 ، مسند الطيالسي : 86 ـ 618 ، مسند احمد 4 : 118 و 121 و 5 : 272.

(3) سنن البيهقي 4 : 29 ، مجمع الزوائد 3 : 31.

(4) فتح العزيز 5 : 158 ـ 159.

(5) فتح العزيز 5 : 158 ـ 159.

(6) مصنف ابن أبي شيبة 3 : 286.

(7) الأحزاب : 6.

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512