تذكرة الفقهاء الجزء ٢

تذكرة الفقهاء7%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 512 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35789 / تحميل: 8621
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

وجهان(١) ، وكذا العبد ، والمرأة يقبل منهما ، وأما الذمي فإن اتهمه في أمر الدين لم يقبل ، وإن ظن صدقه قبل ، وليس العدد شرطا ، لأن طريقه طريق الخبر.

السبب الثالث : تعذّر الاستعمال‌

مسألة ٢٩٠ : لو وجد الماء في بئر وشبهها ، وقدر على التوصل إلى الماء‌ إمّا بالنزول من غير ضرر ، أو الاغتراف بدلو أو ثوب يبله ، ثم يعصره إما بنفسه ، أو بغيره وجب عليه ذلك لتمكنه من الاستعمال ، وكذا لو كان في سفينة في البحر ، وإن لم يمكنه إلاّ بمشقة ، أو تغرير بالنفس فهو كالعادم.

ولو تمكن وخاف فوت الوقت بعصر الثوب مثلا تيمم لتعذر استعمال الماء إذ القصد الطهارة لأداء الصلاة.

وقال أحمد : يجب عليه الاشتغال بالتحصيل وإن خاف الفوت ، لأن الاشتغال به كالاشتغال بالوضوء(٢) . وليس بمعتمد.

مسألة ٢٩١ : لو كان الماء قريبا منه وأمكنه تحصيله إلا أنه يفوت الوقت‌ بتحصيله ، قال بعض علمائنا : يسعى إليه ، ولا يجوز له التيمم ، وكذا لو كان عنده ويفوته الوقت باستعماله ، لأنه واجد للماء فلا يباح له التيمم(٣) لقوله تعالى( فَلَمْ تَجِدُوا ) (٤) وبه قال الشافعي(٥) .

وقال أبو حنيفة : يجوز التيمم لصلاة الجنازة والعيدين إذا خاف الفوت‌

__________________

(١) المجموع ٢ : ٢٨٦.

(٢) المغني ١ : ٢٧٣ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٥.

(٣) قاله المحقق في المعتبر : ١٠٠.

(٤) المائدة : ٦.

(٥) المجموع ٢ : ٢٤٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١١٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٥.

١٦١

لأنهما لا يقضيان(١) .

والوجه عندي : وجوب التيمم لتعذر استعماله في هذه الصلاة ، نعم لو تمكن من استعماله وإدراك ركعة من الصلاة لم يجز التيمم ، ولو كان التفريط منه فالأقرب وجوب الصلاة بتيمم والإعادة ، ويحتمل الاشتغال بالطهارة والقضاء.

ولو خاف غير الواجد فوت الوقت بالطلب سقط ، وتيمم ، ولا إعادة.

مسألة ٢٩٢ : لو انتهى المسافرون إلى بئر ، وافتقروا إلى التناوب‌ لضيق موقف النازح ، أو لاتحاد الآلة ، أو لغير ذلك ، فمن توقع انتهاء النوبة إليه قبل خروج الوقت وجب عليه الصبر ، ومن علم أن النوبة لا تصل إليه إلا بعد الفوات ، أو ظن ذلك وجب عليه التيمم ولا إعادة عليه لعدم تمكنه من الاستعمال.

وقال الشافعي : يصبر ، ويتوضأ بعد الوقت لقدرته على الوضوء(٢) .

ولو كان لجماعة ثوب واحد يتناوبونه وبينهم ترتيب إما من المالك ، أو بالقرعة وعلم بعضهم أن النوبة لا تصل إليه في الوقت صلى عاريا.

وقال الشافعي : يجب الصبر وإن فات الوقت(٣) . وليس بجيد ، إذ لو وجب على من تعذر عليه بعض فروض الصلاة في وقته وقدر عليه بعده الصبر ، لم يبح للعادم التيمم لوصوله إلى الماء بعد الفوات.

ولو كان قوم في سفينة ، ولا يتمكن من القيام فيها أكثر من واحد ،

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١١٨ ـ ١١٩ ، اللباب ١ : ٣٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٥ ، المجموع ٢ : ٢٤٤.

(٢) المجموع ٢ : ٢٤٦ ، الوجيز ١ : ١٩.

(٣) المجموع ٢ : ٢٤٦ ، الوجيز ١ : ١٩.

١٦٢

وعلم أن النوبة لا تنتهي إليه في الوقت صلّى قاعدا ـ وبه قال الشافعي(١) ـ لأن حكم الستر آكد من حكم القيام.

مسألة ٢٩٣ : لو لم يجد الماء إلا بالثمن‌ وجب عليه شراؤه بشرطين : وجود الثمن ، والاستغناء عنه ، ولا خلاف في اشتراطهما ، فلو تعذر الثمن سقط الشراء وتيمم إجماعا ، ولا يختص بالدراهم والدنانير ، بل الأموال كلها سواء ، كما في ثمن الرقبة.

وكذا لو احتاج إلى الثمن لقوته ، أو لأمر ضروري يتضرر بدفعه إما في الحال ، أو فيما بعد لم يجب عليه الشراء ، لأنا سوغنا ترك استعمال عين الماء لحاجته في الشرب فترك بدله أولى ، وكذا لو وجد بعض الماء وجب شراء الباقي.

فروع :

أ ـ اختلف علماؤنا في اشتراط عدم زيادة على ثمن المثل ، فالمشهور : العدم ، فيجب الشراء بأي ثمن كان ما لم يجحف به ـ وبه قال مالك(٢) ـ لأنه متمكن لانتفاء الضرر.

ولأن صفوان سأل أبا الحسنعليه‌السلام عن رجل احتاج إلى وضوء الصلاة وهو لا يقدر على الماء ، فوجد قدر ما يتوضأ به بمائة درهم ، أو بألف درهم ، وهو واجد لها ، يشتري به ويتوضأ ، أو يتيمم؟ قال : « بل يشتري ، قد أصابني مثل هذا فاشتريت وتوضأت ، وما يشترى(٣) بذلك مال كثير »(٤) .

__________________

(١) المجموع ٢ : ٢٤٦ ، الوجيز ١ : ١٩ ، مغني المحتاج ١ : ٨٩.

(٢) بلغة السالك ١ : ٧١ ، المدونة الكبرى ١ : ٤٦.

(٣) في نسخ الكافي والتهذيب اختلاف شديد في هذه اللفظة ، ففي بعض نسخ الكافي : يسوؤني ، وفي بعضها كما في نسخة « م » : يسرّني ، وفي بعضها : يشترى ، كما في المتن ، وكذا في التهذيب ، وفي الفقيه : يسوؤني. ومعنى « ما يشترى مبنيّا للمفعول ـ بذلك مال كثير » كما في الوافي ١ : ٨٥ ( باب أحكام التيمم ) : أنّ الماء المشتري للوضوء بتلك الدراهم مال كثير لما يترتب عليه من الثواب العظيم.

(٤) الكافي ٣ : ٧٤ ـ ١٧ ، الفقيه ١ : ٢٣ ـ ٧١ ، التهذيب ١ : ٤٠٦ ـ ١٢٧٦.

١٦٣

وقال أصحاب الرأي : إن كانت الزيادة يتغابن الناس بمثلها وجب شراؤه كالوكيل بالشراء له أن يشتري بزيادة يسيرة(١) .

وقال ابن الجنيد منّا(٢) ، والشافعي : لا يجب الشراء وإن زاد يسيرا ، لأنه يجوز له التيمم لحفظ المال فلا يناسب وجوب الشراء بأكثر من ثمن المثل لأنه تضييع له(٣) .

والقليل والكثير واحد ، ولهذا يكفر مستحله ، ويفسق غاصبه ، ويجوز الدفع عنه. ونمنع التساوي بين الأصل والفرع لتفويت الثواب الكثير في الفرع والعوض المساوي في الأصل.

ب ـ إن اعتبرنا ثمن المثل ، احتمل التقويم في ذلك الوقت والمكان لاختلاف القيمة باختلافهما ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والآخر : اعتبار اجرة الاستقاء والنقل إلى ذلك المكان إذ لا ثمن للماء(٤) .

ج ـ لو بذل له بثمن غير مجحف إلى أجل وكان قادرا عليه وجب الشراء لتمكنه ، وبه قال الشافعي(٥) .

وقال بعض الجمهور : لا يجب لأن عليه ضررا في بقاء الدين في ذمته وربما تلف ماله قبل أدائه(٦) .

ونمنع التضرر ، ولو لم يكن قادرا لم يجب الشراء قطعا.

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١١٥ ، بدائع الصنائع ١ : ٤٨ ، المجموع ٢ : ٢٥٥.

(٢) حكاه المحقق في المعتبر : ١٠١.

(٣) المجموع ٢ : ٢٥٤ ، الوجيز ١ : ١٩ ، مغني المحتاج ١ : ٩٠ ، المغني ١ : ٢٧٣ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٦.

(٤) المجموع ٢ : ٢٥٤ ، الوجيز ١ : ١٩ ، مغني المحتاج ١ : ٩٠.

(٥) الام ١ : ٤٦ ، المجموع ٢ : ٢٥٣.

(٦) المغني ١ : ٢٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢٧٧.

١٦٤

د ـ لو امتنع صاحبه من بذله مطلقا لم تجز مكابرته عليه لانتفاء الضرورة فإن بدله يقوم مقامه بخلاف الطعام في المجاعة.

هـ ـ لو كان عادما للثمن وبذل له بيعه في ذمته لم يلزمه شراؤه لما فيه من الضرر باشتغال الذمة.

و ـ لو بذل له الماء بغير عوض لزمه القبول لأنه لا منة له في ذلك ، ولو وهب له الثمن لم يجب القبول لما فيه من المنة ـ وبه قال الشافعي(١) ـ خلافا للشيخ(٢) .

ز ـ لو عرف أن مع قوم ماء فعليه أن يطلبه منهم ، لأنهم إذا بذلوه وجب قبوله ، وقد يبذلوه عند طلبه فيجب ، وهو أظهر وجهي الشافعية ، والآخر : لا يجب(٣) .

ح ـ لو امتنع من قبول الهبة لم تصح صلاته ما دام الماء والبذل ، لتمكنه من الوضوء ، وهو أحد وجهي الشافعية(٤) .

ط ـ لو عدم الثمن ، وتمكن من تحصيله بالكسب ، فالوجه : وجوبه لتمكنه من الماء ، خلافا للشافعي(٥) .

ي ـ لو افتقر إلى الآلة وتمكن من شرائها وجب وإن زاد على ثمن المثل ـ خلافا للشافعي(٦) ـ ولو وهبت منه لم يجب القبول ، بخلاف الماء ، وكذا لو وهب ثمنها ، ولو أعاره المالك وجب القبول ، لانتفاء المنة لقضاء العادة‌

__________________

(١) المجموع ٢ : ٢٥٣ ، الوجيز ١ : ١٩ ، مغني المحتاج ١ : ٩١.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٣١.

(٣) المجموع ٢ : ٢٥١ ، فتح العزيز ١ : ١٩٨.

(٤) انظر المجموع ٢ : ٢٥٦.

(٥) فتح العزيز ٢ : ٢٣٢.

(٦) المجموع ٢ : ٢٥٦.

١٦٥

بالاستعارة ، ولو افتقر إلى دلو ، وحبل فوجد أحدهما لم يجب شراؤه ، ولا استعارته إلا أن يظن تحصيل الآخر.

يا ـ لا فرق بين راكب البر والبحر ، في جواز التيمّم عند تعذر الآلة.

يب ـ لو تمكن من استئجار الآلة بعوض موجود ، أو في الذمة وله قدرة وجب.

يج ـ لو تمكن من إنزال ثوب واستخراج الماء بعصره وجب وإن نقصت قيمته نقصانا قليلا أو كثيرا ما لم يتضرر به في الحال أو فيما بعد ، خلافا للشافعي فيما لو زاد النقص عن ثمن الدلو والحبل(١) ، وكذا لو كانت العمامة تصل لو شقها بنصفين.

مسألة ٢٩٤ : لو أراق الماء قبل الوقت ، أو نجّسه‌ لغرض أو لغيره ، تيمم وصلى ولا إعادة عليه ـ وبه قال الشافعي ، وأحمد(٢) ـ لأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة.

وقال الأوزاعي : إن ظن أنه يدرك الماء في الوقت فكقولنا وإلاّ تيمم وأعاد ، لأنه مفرط(٣) . ولو فعل ذلك بعد الوقت لغرض فكذلك ، وإن كان لغير غرض وجب أن يتيمم ويصلي لأنه فاقد ، وهل يعيد؟ الوجه : المنع لأنه غير واجد ، فصار كما لو قتل العبد ، أو أعتقه فإنه يجزيه الصوم.

ويحتمل الإعادة لأنه مفرط بإراقة الماء ، وتمكن من الصلاة بالوضوء ، وللشافعي وجهان(٤) ، فحينئذ يعيد واحدة لا ما بعدها ، كما لو أراق قبل‌

__________________

(١) المجموع ٢ : ٢٤٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٤.

(٢) المجموع ٢ : ٣٠٧ ، مغني المحتاج ١ : ٩١ ، المغني ١ : ٢٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨٣ ، كشاف القناع ١ : ١٦٨.

(٣) المغني ١ : ٢٧٤ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨٣.

(٤) المجموع ٢ : ٣٠٧ ، المغني ١ : ٢٧٤.

١٦٦

الوقت ، ويحتمل قضاء كل صلاة يؤديها بوضوء واحد في عادته.

ولا تصح الإعادة في الوقت لأنه لو صح القضاء فيه لصح الأداء ، بل يؤخر إلى أن يجد الماء ، أو ينتهي إلى حالة تصح صلاته بالتيمم ، وكلاهما للشافعي ، وآخر : قضاء كل ما صلى بتيممه(١) .

فروع :

أ ـ لو مر بنهر في الوقت ولم يتوضأ ، وبعد عنه ، وتيمم وصلى ، فالأقرب : عدم القضاء ، وهو أقرب وجهي الشافعية(٢) لأنه لم يضيع شيئا وإنما امتنع من التحصيل ، والتقصير في التضييع أشد ، ومنهم من طرد الوجهين(٣) .

ب ـ لو كان هناك من يحتاج إلى الماء فوهبه المالك منه ، فإن كان للشرب صح وتيمم ، وإن كان للطهارة لم يصح في الوقت ، لأنه تعلق به حق العبادة ، وحاجته أهم من حاجة غيره ، وقبله يجوز.

ج ـ لو سلم ما منع من هبته لم يجز ، ولم يزل ملكه عنه ، ولا تصح صلاة الواهب بالتيمم ما دام الماء في يد الموهوب له ، وإذا استعمله كان حكمه حكم ما لو أراق الماء عمدا. والأقرب : صحة صلاة المتهب به.

مسألة ٢٩٥ : لو كان معه من الماء ما لا يكفيه لطهارته من الجنابة‌ تيمم ، وهو قول أكثر العلماء(٤) ، لأنه غير واجد للماء.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الرجل يجنب ومعه من الماء‌

__________________

(١) المجموع ٢ : ٣٠٩.

(٢) المجموع ٢ : ٣٠٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٤٠.

(٣) المجموع ٢ : ٣٠٧.

(٤) المجموع ٢ : ٢٦٨ ، المغني ١ : ٢٧٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٠.

١٦٧

ما يكفيه لوضوئه للصلاة ، أيتوضأ بالماء أو يتيمم؟ قال : « يتيمم ألا ترى أنه جعل عليه نصف الطهور »(١) .

وقال الحسن البصري : إذا كان معه من الماء ما يغسل به وجهه ويديه غسلهما ولا يتيمم ، وبه قال عطاء ، وزاد عليه فقال : لو وجد من الماء ما يغسل به وجهه غسله ومسح كفيه بالتراب لأن الماء هو الأصل وهو أولى من التراب ، فإذا أجزأه التراب في الوجه واليدين فالماء أولى(٢) .

وهو غلط لأن التيمم طهارة كاملة ، ولهذا لا يلزمه مسح سواهما بالتراب مع قدرته عليه ، بخلاف غسل الوجه واليدين فإنه بعضها فلا ينوب مناب جميعها.

فروع :

أ ـ قال أصحابنا : لا يجب استعمال الماء ـ وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، والأوزاعي ، وداود ، والمزني ، وأحمد ، والشافعي في أحد القولين(٣) ـ لأن هذا الماء لا يطهره فلا يلزمه استعماله كالنجس ، وللخبر عن الصادقعليه‌السلام (٤) . والآخر : يجب ـ وبه قال عطاء ، والحسن بن صالح ، وأحمد(٥) ـ لأنه قدر على البعض فيجب ، إذ الأمر بالجميع يستلزم البعض كالسترة وإزالة النجاسة ، ولأنه تعالى شرط عدم ما يسمى ماء(٦) ،

__________________

(١) التهذيب ١ : ٤٠٤ ـ ١٢٦٦.

(٢) حلية العلماء ١ : ١٩٧.

(٣) المجموع ٢ : ٢٦٨ ، فتح العزيز ٢ : ٢٢٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١١٣ ، احكام القرآن للجصاص ٢ : ٣٧٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٠ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٣٠ ، المنتقى للباجي ١ : ١١٥ ، المغني ١ : ٢٧٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨١.

(٤) التهذيب ١ : ٤٠٤ ـ ١٢٦٦.

(٥) المغني ١ : ٢٧٠ ، المجموع ٢ : ٢٦٨.

(٦) المائدة : ٦.

١٦٨

والقليل يسمى به ، وليس هذا القول عندي بعيدا من الصواب لإمكان حصول ما يكمل الطهارة ، مع أن الموالاة غير واجبة.

ب ـ المحدث إذا وجد من الماء ما يكفيه لبعض الأعضاء لم يجب استعماله فيه عندنا قطعا ـ وبه قال أبو حنيفة ، ومالك ، والأوزاعي ، وداود ، والمزني وأحمد(١) ـ بل يجب التيمم لانتفاء الغرض وهو الطهارة باستعماله ، وقوله تعالى( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً ) (٢) يريد المطهر.

وقال عطاء ، والحسن بن صالح : يجب استعمال الماء والتيمم معا(٣) ، وللشافعي قولان ، أصحهما : الثاني(٤) ، لما تقدم في الجنب.

والموجبون في البابين ، أوجبوا تقديم الماء ليصير فاقدا ، وراعوا الترتيب في الوضوء إلى أن ينفد ، وفي الغسل يغسل ما شاء من بدنه لعدم الترتيب عندهم فيه.

ج ـ لو وجدت الحائض من الماء ما يكفي الوضوء خاصة وجب استعماله فيه ، والتيمم للغسل لتعددهما ، وتتخير في التقديم لاستقلالهما.

د ـ لو وجد ما يصلح لبعض الأعضاء ، وفقد التراب فحكمه حكم فاقد المطهر ، وللشافعي قولان ، أحدهما : وجوب استعماله إذ لا بدل للغسل يعدل إليه(٥) .

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١١٣ ، المنتقى للباجي ١ : ١١٠ ، المغني ١ : ٢٧١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨١.

(٢) المائدة : ٦.

(٣) المجموع ١ : ٢٦٨ ، المغني ١ : ٢٧٠.

(٤) فتح العزيز ٢ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٩ ، مغني المحتاج ١ : ٨٩ ، المغني ١ : ٢٧٠.

(٥) الام ١ : ٤٩ ، المجموع ٢ : ٢٦٨ ، مغني المحتاج ١ : ٨٩ ، المغني ١ : ٢٧٠ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨١.

١٦٩

هـ ـ لو تيمم الفاقد ، ثم وجد من الماء ما لا يكفيه لم ينتقض تيممه مطلقا عند أصحابنا ، وفي الوضوء عندنا ، وأما في الغسل ، فيحتمل ذلك إن لم نوجب استعمال القاصر ، وإلا انتقض فيستعمله ، ثم يتيمم ، والوجهان للشافعي مطلقا(١) .

و ـ لو تيمم من الجنابة وصلى فريضة واحدة ثم أحدث لم يجز له أن يصلي فريضة ولا نافلة لوجود الحدث ، فإن وجد من الماء ما يكفيه لوضوئه خاصة احتمل وجوب استعماله في غسل الرأس ، وتيمم لما يستقبل من الصلوات.

وبعض الشافعية قال : إن توضأ به ارتفع حدثه ، وصلّى به النافلة خاصة ، لأن التيمم الذي ناب عن غسل الجنابة أباح له فريضة واحدة وما شاء من النوافل ، فإذا توضأ ارتفع تحريم النوافل ولم يستبح فريضة لأنه وضوء لا ينوب عن الجنابة(٢) ، وهو نادر لأنه وضوء يبيح النافلة دون الفريضة.

ز ـ لو تضرر بعض أعضائه بالماء لمرض تيمّم ولم يغسل الصحيح ، وقال في الخلاف ، والمبسوط : لو غسله وتيمم كان أحوط(٣) ، وكذا لو كان بعض أعضائه نجسا ولا يقدر على طهارته بالماء تيمم وصلى ، ولا إعادة في شي‌ء من ذلك لأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة.

ح ـ لو وجد من التراب ما يكفيه لوجهه خاصة كان كفاقد المطهر ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : يجب استعماله فيه لأن التراب ليس له بدل ، فصار كما لو قدر على ستر بعض العورة(٤) .

__________________

(١) المجموع ٢ : ٢٧٠.

(٢) المجموع ٢ : ٢٧١.

(٣) الخلاف ١ : ١٥٤ مسألة ١٠٥ ، المبسوط للطوسي ١ : ٣٥.

(٤) المجموع ٢ : ٢٧٠.

١٧٠

ط ـ لو قصر الماء عن إزالة النجاسة عن بدنه والوضوء ، وكفى أحدهما ، صرف في إزالة النجاسة إجماعا ، إذ لا بدل لها ، وتيمم ، وكذا الغسل ، وكذا لو كانت النجاسة على الثوب وليس غيره.

وعن أحمد : لا يغسل الثوب لأن رفع الحدث آكد(١) وهو باطل لوجود البدل هنا ، بخلاف نجاسة الثوب.

ي ـ لو صرف الماء في الوضوء ، وعليه أو على ثوبه نجاسة ، ففي الإجزاء إشكال ، أقربه : ذلك إن جوّز وجود المزيل في الوقت وإلاّ فلا.

__________________

(١) المغني ١ : ٣٠٩ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨٦.

١٧١
١٧٢

الفصل الثاني : فيما يتيمم به .

مسألة ٢٩٦ : لا يجوز التيمم إلاّ بما يقع عليه اسم الأرض‌ بالإطلاق ، سواء كان ترابا ، أو حجرا ، أو حصى عند أكثر علمائنا(١) .

وجوّز مالك ، وأبو حنيفة التيمم بالحجر وإن لم يكن عليه غبار(٢) كما ذهبنا إليه ، لقولهعليه‌السلام : ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا )(٣) .

ولقول الباقرعليه‌السلام في التيمم : « تضرب بكفّيك على الأرض »(٤) .

ولأنه أرض اكتسب حرارة فتحجر ، والتغاير في الأوصاف لا تخرج الماهية عن حقيقتها.

ومنع الشافعي ، وأحمد ، وداود ، وأبو يوسف من التيمم‌

__________________

(١) منهم السيد المرتضى وابن الجنيد كما في المعتبر : ١٠٢ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٣١ ، وابن إدريس في السرائر : ٢٦.

(٢) بلغة السالك ١ : ٧٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٩ ، شرح فتح القدير ١ : ١١٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٣ ، المجموع ٢ : ٢١٣ ، المغني ١ : ٢٨١ ، الميزان ١ : ١٢٢.

(٣) الفقيه ١ : ١٥٥ ـ ٧٢٤ وانظر سنن النسائي ١ : ٢١٠ ، مسند أحمد ٥ : ١٤٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٨ ـ ٥٦٧.

(٤) التهذيب ١ : ٢١٢ ـ ٦١٥ ، الاستبصار ١ : ١٧١ ـ ٥٩٥.

١٧٣

بالحجر(١) لقوله تعالى( صَعِيداً طَيِّباً ) (٢) قال ابن عباس : الصعيد : التراب(٣) .

وقالعليه‌السلام : ( جعلت لي الأرض مسجدا وترابها طهورا )(٤) ولو لا اختصاص التراب لقال : وطهورا.

والصعيد : وجه الأرض نقله الخليل(٥) ، وثعلب عن ابن الأعرابي لقوله تعالى( فَتُصْبِحَ صَعِيداً زَلَقاً ) (٦) أي أرضا ملساء مزلقة(٧) ، ونمنع الاختصاص ، وروي الحذف.

مسألة ٢٩٧ : ولا يجوز التيمم بما خرج بالاستحالة عن اسم الأرض‌ كالزرنيخ ، والكحل ، وسائر المعادن عند أكثر علمائنا(٨) لقوله تعالى :( صَعِيداً ) (٩) وهو إما التراب ، أو الأرض ، ولقولهعليه‌السلام : ( عليكم بالأرض )(١٠) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الوضوء باللبن : « لا إنما هو الماء والصعيد »(١١) .

__________________

(١) المجموع ٢ : ٢١٢ ، المغني ١ : ٢٨١ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٣ ، الميزان ١ : ١٢٢.

(٢) المائدة : ٦.

(٣) التفسير الكبير ١١ : ١٧٢ ، تنوير المقباس : ٧١.

(٤) سنن البيهقي ١ : ٢١٣ ، سنن الدار قطني ١ : ١٧٥ ـ ١٧٦ ـ ١ ، دعائم الإسلام ١ : ١٢٠ ـ ١٢١.

(٥) العين للخليل ١ : ٢٩٠.

(٦) الكهف : ٤٠.

(٧) لسان العرب ٣ : ٢٥٤ ، تاج العروس ٢ : ٣٩٨ « صعد » ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٣٦.

(٨) منهم المفيد في المقنعة : ٨ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٣٢ ، وأبو الصلاح في الكافي : ١٣٦ ، والسيد المرتضى والمحقق كما في المعتبر : ١٠٢.

(٩) النساء : ٤٣.

(١٠) سنن البيهقي ١ : ٢١٧.

(١١) التهذيب ١ : ١٨٨ ـ ٥٤٠ ، الاستبصار ١ : ١٥٥ ـ ٥٣٤.

١٧٤

وقال ابن أبي عقيل منّا : يجوز التيمم بما كان من جنس الأرض كالكحل والزرنيخ(١) ـ وبه قال أبو حنيفة ، ومالك(٢) ـ لقولهعليه‌السلام : ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا )(٣) ونقول بالموجب ، والمتنازع ليس أرضا.

وقال مالك : يجوز التيمم بما يكون متصلا بالأرض كالشجر ، والزرع(٤) . وليس بجيد ، لأن الطهارة عبادة شرعية فتتوقف على مورد النص.

مسألة ٢٩٨ : وكل ما يطلق عليه اسم التراب ، يصح التيمم به‌ سواء الأعفر ـ وهو الذي لا يخلص بياضه ـ والأسود ، والأصفر ، والأحمر ، ومنه الأرمني الذي يتداوى به ، والأبيض الذي يؤكل سفها ، والمدر وهو الذي ينبت ، والسبخ وهو الذي لا ينبت ، على كراهية ، والبطحاء وهو التراب اللين في مسيل الماء بإجماع العلماء لصدق المسمى عليه.

وحكي عن بعضهم : المنع من التيمم بالسبخ(٥) ـ وبه قال ابن الجنيد(٦) ـ لقوله تعالى( صَعِيداً طَيِّباً ) (٧) وليس بجيد لأن المدينة مالحة وتيمم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله منها ، والمراد بالطيب الطاهر كالماء.

__________________

(١) حكاه المحقق في المعتبر : ١٠٢.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٨ ـ ١٠٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٣ ، بلغة السالك ١ : ٧٤ ، بداية المجتهد ١ : ٧١ ، أقرب المسالك : ١٠.

(٣) الفقيه ١ : ١٥٥ ـ ٧٢٤ ، وانظر سنن النسائي ١ : ٢١٠ ، مسند احمد ٥ : ١٤٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٨ ـ ٥٦٧.

(٤) حلية العلماء ١ : ١٨٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٥.

(٥) حكاه النووي في المجموع ٢ : ٢١٨ عن إسحاق بن راهويه.

(٦) حكاه المحقق في المعتبر : ١٠٣.

(٧) النساء : ٤٣.

١٧٥

وأما الرمل فيجوز التيمم به على كراهة عندنا ـ وبه قال أبو حنيفة ، والأوزاعي ، والشافعي في أحد القولين ـ لصدق اسم الأرض عليه(١) .

ولما رواه أبو هريرة أن رجلا أتى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : يا رسول الله إنا نكون بأرض الرمل ، فتصيبنا الجنابة والحيض والنفاس ، فلا نجد الماء أربعة أشهر ، وخمسة أشهر ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( عليكم بالأرض )(٢) .

وفي الآخر : لا يجوز لعدم صدق التراب عليه(٣) وهو ممنوع.

فروع :

أ ـ قال الشيخان : يجوز التيمم بأرض الجص ، والنورة(٤) . وقال المرتضى : يجوز التيمم بالجص ، والنورة(٥) . ولا بأس به لصدق اسم الأرض عليه ، ولا يخرج باللون والخاصية عن اسم الأرض كما لا يخرج باللون.

ولقول عليعليه‌السلام وقد سئل عن التيمم بالجص : « نعم » فقيل : بالنورة ، فقال : « نعم »(٦) ، وهو أحد قولي الشافعي(٧) .

ب ـ الحجر الصلد كالرخام إذا لم يكن عليه غبار ، يجوز التيمم به‌

__________________

(١) المجموع ٢ : ٢١٣ و ٢١٥ ، الميزان ١ : ١٢٢ ، اللباب ١ : ٣١ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٣ ، المغني ١ : ٢٨١ ، نيل الأوطار ١ : ٣٢٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٣٩.

(٢) سنن البيهقي ١ : ٢١٧ ، كنز العمال ٩ : ٥٩٥ ـ ٢٧٥٧٢.

(٣) المجموع ٢ : ٢١٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٣٩.

(٤) المقنعة : ٨ ، المبسوط للطوسي ١ : ٣٢.

(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٠٣.

(٦) التهذيب ١ : ١٨٧ ـ ٥٣٩.

(٧) المجموع ٢ : ٢١٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٤.

١٧٦

عندنا ـ وبه قال الشيخ ، والمرتضى(١) ـ لقوله تعالى( صَعِيداً ) (٢) وقال المفيد : يجوز مع عدم التراب(٣) ومنع الشافعي مطلقا(٤) .

ج ـ منع ابن الجنيد من التيمم بالخزف(٥) ـ وبه قال الشافعي(٦) ـ لأنه خرج بالطبخ عن اسم الأرض ، وهو ممنوع ، ولهذا جاز السجود عليه ، ولو دق حتى صار ترابا فكذلك.

د ـ لو احترق التراب حتى صار رمادا ، فإن خرج عن اسم الأرض لم يصح التيمم به ، ولو احترق الشجر حتى صار رمادا لم يتيمم به.

مسألة ٢٩٩ : ويشترط في التراب أمران : الطهارة ، والملك ، فلا يجوز التيمم بالتراب النجس ، ولا المغصوب ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ، وهو قول الجمهور(٧) لقوله تعالى( طَيِّباً ) (٨) وهو الطاهر.

ولا فرق بين أن تغير النجاسة رائحة التراب أو لا.

وقال داود : إن غيرت رائحته لم يجز التيمم به وإلاّ جاز(٩) اعتبارا بالماء ، وهو خطأ لأن الجامد لا يعتبر فيه التغير كالثوب يصيبه الماء النجس ، ولأن في الماء قوة بخلاف التراب.

__________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٣٢ ، وحكى قول السيد المرتضى المحقق في المعتبر : ١٠٣.

(٢) النساء : ٤٣.

(٣) المقنعة : ٨.

(٤) المجموع ٢ : ٢١٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٣٩.

(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٠٣.

(٦) المجموع ٢ : ٢١٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٥ ، الوجيز ١ : ٢١.

(٧) المجموع ٢ : ٢١٦ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٤ ، الوجيز ١ : ٢١ ، المغني ١ : ٢٩٣ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨٩ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١١٩ ، شرح فتح القدير ١ : ١٢٠ ، اللباب ١ : ٣٢ ، بلغة السالك ١ : ٧٣.

(٨) النساء : ٤٣.

(٩) حلية العلماء ١ : ١٨٣.

١٧٧

فروع :

أ ـ الممتزج بالنجس كالنجس لإمكان كون الواصل نجسا ، سواء كان المزج بالنجس أو بالنجاسة ، وسواء قلّت النجاسة أو كثرت.

ب ـ لو أصاب الأرض بول ، أو ماء نجس ، ثم جرى الماء الكثير عليها ، أو المطر طهرت ، وإن جفت بالشمس فكذلك ، وجاز التيمم منها ، وللشافعي قولان(١) . ولو جفت بغيرها لم تطهر ولم يجز التيمم منها ، وللشافعي قولان(٢) .

ج ـ يجوز التيمم بتراب القبر ما لم يعلم حصول نجاسة فيه ، سواء تكرر نبشه أو لا لأنه طاهر.

وقال الشافعي : لا يجوز إذا تكرر نبشه لاختلاطه بصديد الموتى ولحومهم ، وإن لم يتكرر جاز لعدم المزج ، وإن جهل فوجهان لأصالة الطهارة ، وظهور النبش(٣) .

د ـ لو امتزج بالطاهر كالدقيق ، والأشنان ، قال الشيخ : لم يجز التيمم به إلا أن يستهلكه التراب(٤) ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والآخر : المنع مطلقا لجواز أن يصل المخالط إلى العضو فيمنع وصول التراب إليه(٥) .

والأولى عندي اعتبار الاسم.

هـ ـ لو لم يجد التراب إلاّ بالثمن وجب الشراء وإن كثر كالماء.

__________________

(١) المجموع ٢ : ٢١٧.

(٢) المجموع ٢ : ٢١٧.

(٣) المجموع ٢ : ٢١٦.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٣٢.

(٥) الام ١ : ٥٠ ، المجموع ٢ : ٢١٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٤٠.

١٧٨

مسألة ٣٠٠ : يجوز التيمم بالتراب المستعمل‌ عند علمائنا أجمع ـ وبه قال أصحاب أبي حنيفة(١) ـ لبقاء اسم الصعيد الطيب عليه ، ولأن الماء المستعمل عندنا طاهر يرفع به الحدث وإن رفع الحدث به أولا فالتراب الذي لا يرفع حدثا أولى.

وللشافعي قولان ، أصحهما : المنع كالماء المستعمل لاشتراكهما في أداء فرض الصلاة بهما ، والجواز لأنه لم يرفع حدثا فلم يتأثر بالاستعمال(٢) .

إذا عرفت هذا فنقول : ليس المستعمل الموضع الذي تضرب اليد عليه إجماعا لأنه بمنزلة الإناء الذي يغترف منه ، فيجوز أن يتيمم جماعة من موضع واحد بأن يضرب واحد يده بعد آخر.

وأما التراب الملتصق بأعضاء التيمم فإنه مستعمل إجماعا ، وأما المتساقط من الأعضاء فوجهان ، أصحهما عنده : أنه مستعمل كالمتقاطر من الماء(٣) .

مسألة ٣٠١ : ويستحب التيمم من ربى الأرض ، ويكره من المهابط‌ عند علمائنا أجمع ـ ولم يفرّق الجمهور(٤) ـ لبعد العوالي عن النجاسات وزوالها بالسيول لو حصلت ، ولقول أمير المؤمنينعليه‌السلام : « لا وضوء من موطإ »(٥) .

مسألة ٣٠٢ : إذا فقد الصعيد فله أحوال :

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٢١ ، اللباب ١ : ٣٢.

(٢) المجموع ٢ : ٢١٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٥ ، فتح الوهاب ١ : ٢٣.

(٣) المجموع ٢ : ٢١٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٤.

(٤) المجموع ٢ : ٢١٨ ، كفاية الأخيار ١ : ٣٥ ، المغني ١ : ٢٨١ ، شرح فتح القدير ١ : ١١٢ ، بداية المجتهد ١ : ٧١.

(٥) الكافي ٣ : ٦٢ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ١٨٧ ـ ٥٣٧.

١٧٩

الأول : أن يجد ثوبا ، أو لبد سرج ، أو عرف دابة ، أو غير ذلك فإنه يتيمم بغبار ذلك عند علمائنا ـ وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد ، ومالك(١) ـ لأن الغبار من الصعيد وقد استعمله فأجزأه.

ولقول الباقرعليه‌السلام وقد سئل كيف أصنع وعليّ وضوء ولا أقدر على النزول؟ : « تيمم من لبده أو سرجه ، أو عرف دابته فإن فيهما غبارا »(٢) وقول الصادقعليه‌السلام : « لينظر لبد سرجه فليتيمم من غباره ، أو شي‌ء مغبر »(٣) .

ومنعه أبو يوسف لأنه ليس بأرض(٤) ، وهو ممنوع. والظاهر من كلام الشافعي ، وأحمد ، وأبي حنيفة الجواز مع وجود التراب(٥) ، وعلماؤنا جعلوه مرتبة بعده.

الثاني : أن يجد الوحل ويفقد الغبار فإنه يتيمم به عند علمائنا ـ وبه قال ابن عباس(٦) لأنه لا يخرج بممازجة الماء عن حقيقة الأرض.

ولما رواه زرارة عن أحدهماعليهما‌السلام قلت : رجل في الأجمة ليس فيها ماء وفيها طين ما يصنع؟ قال : « يتيمم به فإنه الصعيد »(٧) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « إن كنت في حال لا تجد إلاّ الطين فلا‌

__________________

(١) المجموع ٢ : ٢١٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٤ ، بداية المجتهد ١ : ٧١ ، المغني ١ : ٢٨٣ ، الشرح الكبير ١ : ٢٨٨.

(٢) التهذيب ١ : ١٨٩ ـ ٥٤٤ ، الاستبصار ١ : ١٥٧ ـ ٥٤١.

(٣) التهذيب ١ : ١٨٩ ـ ١٩٠ ـ ٥٤٦ ، الاستبصار ١ : ١٥٦ ـ ٥٣٩.

(٤) شرح فتح القدير ١ : ١١٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٤ ، المجموع ٢ : ٢١٩.

(٥) المجموع ٢ : ٢١٩ ، المغني ١ : ٢٨٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٠٩ ، شرح فتح القدير ١ : ١١٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٥٤.

(٦) المغني ١ : ٢٨٤ ، تفسير القرطبي ٥ : ٢٣٨ ، الشرح الكبير ١ : ٢٩٠.

(٧) التهذيب ١ : ١٩٠ ـ ٥٤٧ ، الإستبصار ١ : ١٥٦ ـ ٥٤٠.

١٨٠

بأس أن تيمّم منه »(1) .

ولأنه مركب من العنصرين المطهرين فيبقى لوازمهما بعد التركيب لبقاء حقيقتهما.

وقال الشافعي : لا يتيمم ويكون كفاقد المطهر لأنه لا يسمى صعيدا(2) ، وهو ممنوع.

فروع :

أ ـ في كيفية التيمم بالوحل قولان ، قال الشيخ : يضع يديه على الوحل ثم يفركهما ويتيمم به(3) .

وقال آخرون : يضعهما على الوحل ويصبر حتى يجف ويتيمم به(4) ، وهو مروي عن ابن عباس(5) ، وهو وجه عندي إن لم يخف فوت الوقت ، فإن خاف عمل بقول الشيخ.

ب ـ لا يجوز التيمم بالوحل مع القدرة على الغبار ، ولا بالغبار مع القدرة على التراب والحجر.

ج ـ ليس من شرط التراب اليبوسة ، فلو كان نديا لا يعلق باليد منه غبار جاز التيمم به عند علمائنا ـ وبه قال مالك ، وأبو حنيفة(6) لقوله عليه‌

__________________

(1) التهذيب 1 : 189 ـ 190 ـ 546 ، الإستبصار 1 : 156 ـ 539.

(2) الام 1 : 51 ، المهذب للشيرازي 1 : 40.

(3) النهاية : 49 ، المبسوط للطوسي 1 : 32.

(4) منهم : المفيد في المقنعة : 8 ، وابن البراج في المهذب 1 : 31 ـ 32.

(5) المغني 1 : 284 ، تفسير القرطبي 5 : 238.

(6) المغني 1 : 283 ، المجموع 2 : 216 ، اللباب 1 : 31 ـ 32.

١٨١

السلام : ( إنما يكفيك أن تصنع هكذا ) وضرب بيده الأرض ثم نفخها(1) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا كانت الأرض مبتلة ليس فيها تراب ولا ماء فانظر أجفّ موضع تجده فتيمم منه ، فإن ذلك توسيع من الله عزّ وجلّ »(2) .

وعند الشافعي لا يجوز لقوله تعالى( مِنْهُ ) (3) وهي للتبعيض فيجب المسح بجزء منه ، والمسح منه لا يوجب المسح به.

إذا ثبت هذا فإنه يجوز التيمم به اختيارا ، ومنع الشافعي اضطرارا أيضا وجعل حكمه حكم الفاقد(4) .

د ـ لو لم يجد إلاّ الثلج ، قال المرتضى : تيمم بنداوته(5) . وأوجب الشيخان الوضوء به مسحا كالدهن(6) .

والتحقيق : أنه إن سمي غسلا وجب الوضوء أو الغسل به قطعا وإلا فالأقوى الدهن به لأنه أشبه بالوضوء ، وتجب الملاقاة والجريان ، فتعذر الثاني لا يسقط الأول.

ولو وجده مع التراب فإن قدر على الغسل به وجب وإلا فالتراب لأنه بدل عن الغسل.

ولقول الكاظمعليه‌السلام وقد سأله أخوه عن الرجل الجنب ، أو على‌

__________________

(1) صحيح البخاري 1 : 96 ، صحيح مسلم 1 : 280 ـ 368 ، سنن أبي داود 1 : 87 ـ 88 ـ 321 ، سنن النسائي 1 : 170 ـ 171 ، سنن البيهقي 1 : 209 و 214.

(2) التهذيب 1 : 189 ـ 190 ـ 546 ، الإستبصار 1 : 156 ـ 539.

(3) المائدة : 6.

(4) الام 1 : 51 ، المجموع 2 : 216 ، المهذب لأبي إسحاق الشيرازي 1 : 40.

(5) حكاه المحقق في المعتبر : 104.

(6) المقنعة : 8 ، النهاية : 47.

١٨٢

غير وضوء ولا يكون معه ماء ويصيب ثلجا وصعيدا أيهما أفضل يتيمم أو يتمسح بالثلج؟ قال : « الثلج إذا بل رأسه وجسده ، فإن لم يقدر أن يغتسل به تيمم »(1) .

إذا عرفت هذا فالدهن إن صدق معه الغسل بأن يجري جزء من الماء على جزءين من البدن أجزأ في حال الاختيار وإلاّ فلا.

لقول الباقرعليه‌السلام : « إنما الوضوء حد من حدود الله ليعلم الله من يطيعه ومن يعصيه ، إن المؤمن لا ينجّسه شي‌ء ، إنما يكفيه مثل الدهن »(2) .

مسألة 303 : اختلف علماؤنا في فاقد المطهّرين‌ ، فقال بعضهم : يصلي ويعيد اختاره الشيخ في المبسوط(3) ـ وبه قال الليث بن سعد والشافعي في أحد القولين ، وأحمد في إحدى الروايتين ، وأبو يوسف ، ومحمد(4) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله بعث أسيد بن حضير وأناسا معه لطلب قلادة أضلتها عائشة فحضرت الصلاة فصلّوا بغير وضوء فأتوا النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فذكروا له ذلك ، فنزلت آية التيمم ولم ينكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فعلهم(5) فكان صحيحا ، وإنما لم يأمرهم بالإعادة لأنها على التراخي ، أو لأنهم عالمين بها ، ولأن الصلاة لا تسقط بتعذر شرط من شرائطها كالسترة وإزالة النجاسة.

__________________

(1) التهذيب 1 : 192 ـ 554 ، الإستبصار 1 : 158 ـ 159 ـ 547.

(2) الكافي 3 : 21 ـ 2 ، الفقيه 1 : 25 ـ 78 ، التهذيب 1 : 138 ـ 387 ، علل الشرائع 1 : 279 باب 189 حديث 1.

(3) المبسوط للطوسي 1 : 31.

(4) المجموع 2 : 278 و 280 ، المبسوط للسرخسي 1 : 123 ، بدائع الصنائع 1 : 50 ، رحمة الأمة 1 : 25 ، حلية العلماء 1 : 200.

(5) صحيح البخاري 1 : 92 ، صحيح مسلم 1 : 279 ـ 367 ، سنن البيهقي 1 : 214.

١٨٣

وقال آخرون : لا يصلي ويقضي إذا قدر على الطهارة(1) ـ وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، والأوزاعي(2) ـ لأن المحدث لا يجوز له الصلاة وإن تعذرت عليه الطهارة كالحائض.

وقال آخرون : تسقط أداء ، وقضاء(3) ـ وبه قال مالك ، وداود(4) ـ وهو المعتمد.

لنا : أن الأداء ساقط فكذا القضاء والملازمة للتبعية ، وصدق المقدم لقولهعليه‌السلام : ( لا صلاة إلا بطهور )(5) ولأنها صلاة غير مأمور بها مع الحدث في وقتها فيسقط قضاؤها كالحائض.

وللشافعي قول آخر باستحباب الأداء ووجوب القضاء(6) ، وعن أحمد رواية بعكس هذا(7) .

فروع :

أ ـ الممنوع عن الركوع والسجود برباط في الموضع النجس يصلي بالإيماء ، ولا إعادة.

__________________

(1) منهم : المفيد في المقنعة : 8 ، والشيخ الطوسي في المبسوط 1 : 31.

(2) المبسوط للسرخسي 1 : 123 ، المجموع 2 : 280 ، رحمة الأمة 1 : 25 ، المغني 1 : 284 ، الشرح الكبير 1 : 286.

(3) منهم : المفيد في أحد قوليه كما في المعتبر : 104 و 105 ، والمحقق في شرائع الإسلام 1 : 49 والمعتبر : 104 و 105 ، ويحيى بن سعيد الحلي في الجامع للشرائع : 47.

(4) المنتقى للباجي 1 : 116 ، المجموع 2 : 280 ، المغني 1 : 284 ، الشرح الكبير 1 : 287.

(5) دعائم الإسلام 1 : 100 ، صحيح مسلم 1 : 204 ـ 224 ، سنن الترمذي 1 : 5 ـ 1 ، سنن أبي داود 1 : 16 ـ 59 ، سنن النسائي 1 : 87 ـ 88 ، وفي غير الأول نحوه.

(6) المجموع 2 : 278.

(7) المغني 1 : 284 ، الشرح الكبير 1 : 286.

١٨٤

ب ـ لو جامع المسافر ومعه ما يغسل به الفرج غسله وتيمم ولا إعادة إجماعا ، ولو فقده تيمم وصلّى ، وفي الإعادة قولان.

ج ـ لو كان على بدنه نجاسة يعجز عن إزالتها تيمم وصلّى ولا إعادة على رأي‌.

١٨٥
١٨٦

الفصل الثالث : في كيفيته‌

مسألة 304 : ويجب فيه النية‌ بإجماع علماء الإسلام إلاّ الأوزاعي ، والحسن بن صالح بن حي فإنهما قالا : يجوز بغير نيّة(1) ، وهو خطأ لانعقاد الإجماع من دونهما وقد سبق ، وكيفيتها القصد بالقلب إلى التيمم لاستباحة الصلاة ، أو ما شرطه الطهارة لوجوبه أو ندبه قربة إلى الله ، ويجب استدامتها حكما حتى يفرغ ، والمقارنة فلا يجوز أن يتقدم على الضرب ، ويجوز أن يقارن ابتداء المسح ، والضرب.

ولا يجوز أن ينوي رفع الحدث لامتناعه به ، فلو نواه احتمل الإجزاء لاستلزامه الاستباحة فيدخل تحت النيّة ، وعدمه ، وهو أصح وجهي الشافعية(2) ، لأنه لا يرفعه وإلا لما بطل إلا به.

فروع :

أ ـ لا يشترط تعيين الفريضة ـ وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في أصح‌

__________________

(1) المجموع 1 : 313 ، فتح الباري 1 : 344 ، المغني 1 : 286 ، الشرح الكبير 1 : 292 ـ 293 ، احكام القرآن لابن العربي 2 : 559 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 334 ، تفسير القرطبي 5 : 213 ، بداية المجتهد 1 : 67 ، المحلى 2 : 146.

(2) المجموع 2 : 220 ، الوجيز 1 : 21 ، كفاية الأخيار 1 : 35 ، السراج الوهاج : 28 ، المغني 1 : 286.

١٨٧

الوجهين(1) ـ كما لا يشترط في الوضوء تعيين الحدث ، ولو عيّنها لم تتعين عندنا ، وجاز أن يصلي غيرها ، وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في أحد الوجهين(2) .

ب ـ لو نوى استباحة الصلاة مطلقا استباح الفريضة ـ وبه قال أبو حنيفة(3) ـ لأن كل طهارة صحت للنفل صحت للفرض ، كالطهارة بالماء.

وقال الشافعي ، ومالك ، وأحمد : لا يستبيح الفرض لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إنما الأعمال بالنيات )(4) ولم ينو الفرض(5) . ويندفع بأنه نوى الاستباحة فيعم كرفع الحدث.

ج ـ لو نوى استباحة الفرض والنفل معا أبيحا له ، وفي وجه للشافعي : ليس له النفل بعد خروج وقت الفريضة إن كان قد عينها(6) .

ولو نوى استباحة الفرض جاز أن يتنفل به ـ وبه قال أبو حنيفة ،

__________________

(1) المجموع 2 : 221 و 224 ، كفاية الأخيار 1 : 36 ، مغني المحتاج 1 : 98 ، بدائع الصنائع 1 : 52 ، المغني 1 : 288.

(2) السراج الوهاج : 28 ، كفاية الأخيار 1 : 36 ، بدائع الصنائع 1 : 52 ، المغني 1 : 287.

(3) بدائع الصنائع 1 : 52 ، المغني 1 : 287.

(4) صحيح البخاري 1 : 2 ، صحيح مسلم 3 : 1515 ـ 1907 ، سنن أبي داود 2 : 262 ـ 2201 ، مسند أحمد 1 : 25 ، سنن الترمذي 4 : 179 ـ 1647 ، سنن ابن ماجة 2 : 1413 ـ 4227 ، مسند الطيالسي : 9 ، الجامع الصغير 1 : 5 ـ 1 ، إحكام الأحكام 1 : 7 ـ 1 ، متن عمدة الأحكام : 20 ، المحرر في الحديث 2 : 651 ـ 1199 ، الايمان لابن مندة 1 : 363 ـ 201 ، سنن البيهقي 7 : 341 ، الأذكار : 13.

(5) المجموع 2 : 222 ، كفاية الأخيار 1 : 36 ، مغني المحتاج 1 98 ، بلغة السالك 1 : 73 ، المغني 1 : 287 ، الشرح الكبير 1 : 294.

(6) المجموع 2 : 224 ، الوجيز 1 : 21.

١٨٨

والشافعي في أحد الوجهين(1) ـ لأن النوافل أتباع الفرائض ، وفي الآخر : لا يصح ـ وبه قال مالك ـ لأنها طهارة ضرورة فلا يؤدى بها ما لا ضرورة إليه ولم يقصده(2) .

ولو نوى النفل ولم يخطر له الفرض جاز أن يصلي به الفرض عندنا ـ وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في وجه(3) ـ لأنه نوى ما يحتاج إلى الطهارة ، وقال مالك ، وأحمد ، وأصح وجهي الشافعي : بالمنع(4) لأن الفرض أصل فلا يجعل تابعا ، وهو ممنوع كالوضوء ، وبعض الشافعية منع من النفل وإن نواه لأنه جعل التابع أصلا(5) .

د ـ لو تيمم لفرضين أو فائتتين أو منذورين(6) صح عندنا ـ وبه قال أبو حنيفة(7) ـ وللشافعي وجهان(8) .

هـ ـ إذا نوى الفريضة استباح النافلة إجماعا ، وكذا يستبيح مس المصحف ، وقراءة القرآن ، ووطء الحائض(9) ، ولو نوى استباحة أحد هذه الأشياء استباح الباقي ، والفريضة عندنا ، خلافا للشافعي في الفريضة وفي النافلة وجهان(10) .

__________________

(1) الام 1 : 47 ، المجموع 2 : 224 ، الوجيز 1 : 21 ، كفاية الأخيار 1 : 36 ، المغني 1 : 288.

(2) المجموع 2 : 224 ، مغني المحتاج 1 : 98 ، المدونة الكبرى 1 : 47.

(3) المجموع 2 : 222 و 224 ، و 242 ، المبسوط للسرخسي 1 : 117.

(4) الام 1 : 47 ، المجموع 2 : 222 ، المغني 1 : 287 ، المنتقى للباجي 1 : 111 ، الوجيز 1 : 21 ، المبسوط للسرخسي 1 : 117 ، كفاية الأخيار 1 : 36 ، الانصاف 1 : 291 ، السراج الوهاج : 28.

(5) المجموع 2 : 223.

(6) في الطبع الحجري و« ش » : المندوبين.

(7) شرح فتح القدير 1 : 121 ، الهداية للمرغيناني 1 : 27 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 382 و 395.

(8) المجموع 2 : 225 ، الوجيز 1 : 21.

(9) أي : الحائض لو انقطع دمها وتعذّر الغسل وأراد الزوج أن يطأها جاز لها التيمّم ثم يستبيح الوطء.

(10) الام 1 : 47 ، المجموع 2 : 223 ، مغني المحتاج 1 : 99 ، كفاية الأخيار 1 : 36.

١٨٩

و ـ لو نوى إباحة فرض التيمم ، صح ، وهو أحد وجهي الشافعي كما لو توضأ بهذه النيّة ، والآخر : يبطل لأنه عن ضرورة فلا يجعل مقصدا ولهذا لا يستحب تجديده بخلاف الوضوء(1) .

ز ـ ليست التسمية شرطا في التيمم خلافا للظاهرية(2) .

ح ـ لو تيمم الصبي للنافلة ، أو للفريضة ثم بلغ جاز أن يستبيح الفريضة لأن طهارته شرعية ، والنافلة لا تصح إلا مع رفع المنع بالطهارة ، وعندي فيه نظر.

مسألة 305 : ثم يمسح وجهه بكفيه من قصاص الشعر إلى طرف الأنف الأعلى‌ بعد الضرب بالكفين.

ولا يجب استيعاب الوجه عند أكثر علمائنا(3) لقوله تعالى( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ ) (4) والباء للتبعيض إذ دخولها على المتعدي بنفسه يفيده ، وإلا كانت زائدة ، والأصل عدمها ، وإنكار ورودها له غير مسموع لشهادة البعض به ، وتنصيص الباقرعليه‌السلام (5) .

ولأن زرارة سأل الصادقعليه‌السلام عن التيمم فضرب بيديه الأرض ثم رفعهما فنفضهما ومسح بهما جبهته وكفيه مرة واحدة(6) .

__________________

(1) المجموع 2 : 225 ، كفاية الأخيار 1 : 35 ، السراج الوهاج : 28 ، مغني المحتاج 1 : 98.

(2) نسبه إليهم المحقق في المعتبر : 108.

(3) منهم المفيد في المقنعة : 8 ، والسيد المرتضى في جمل العلم والعمل 3 : 25 ، والشيخ الطوسي في المبسوط 1 : 33 ، وسلاّر في المراسم : 54 ، وأبو الصلاح الحلبي في الكافي : 136 ، وابن حمزة في الوسيلة : 72 ، والمحقق في شرائع الإسلام 1 : 48.

(4) المائدة : 6.

(5) الكافي 3 : 30 ـ 4 ، التهذيب 1 : 61 ـ 168 ، الاستبصار 1 : 62 ـ 63 ـ 186 ، علل الشرائع : 279 الباب 190.

(6) الكافي 3 : 61 ـ 1 ، التهذيب 1 : 207 ـ 601 ، الاستبصار 1 : 170 ـ 590 ، وفيها عن الإمام الباقرعليه‌السلام ، وأورده عن الإمام الصادقعليه‌السلام المحقق في المعتبر : 106.

١٩٠

وقال سليمان بن داود : يجزيه أن يصيب بالمسح بعض وجهه وبعض كفيه(1) .

وقال أبو حنيفة : يجوز أن يترك من ظاهر الوجه دون الربع ، وفي رواية عنه : إذا مسح أكثر الوجه أجزأه(2) .

وقال ابن بابويه من علمائنا : يجب استيعاب الوجه بالمسح(3) ، وهو قول الجمهور(4) لأنه تعالى أحال فيه على الوضوء وإلا لبيّنه. ونمنع بطلان التالي ، والباقرعليه‌السلام قد بيّنه(5) .

مسألة 306 : ثم يمسح ظهر كفيه من الزند إلى أطراف الأصابع بباطنهما‌ على الأشهر ـ وبه قال أحمد ، ومالك ، والشافعي في القديم ، والأوزاعي ، وإسحاق ، وداود ، وابن جرير الطبري(6) ـ لأنه المتعارف من اليد ، ولأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إنما يكفيك ـ إلى قوله ـ وظاهر كفيه )(7) .

__________________

(1) المغني 1 : 290 ، الشرح الكبير 1 : 291.

(2) المبسوط للسرخسي 1 : 107 ، الكفاية 1 : 111 ، شرح العناية 1 : 111 ، بدائع الصنائع 1 : 46 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 391 ، المجموع 2 : 239 ، فتح العزيز 2 : 326 ، البحر الرائق 1 : 144 ، التفسير الكبير 11 : 172.

(3) حكاه عنه المحقق في المعتبر : 106 ، والفاضل الآبي في كشف الرموز 1 : 99 و 100.

(4) المجموع 2 : 239 ، الوجيز 1 : 21 ، المغني 1 : 290 ، الانصاف 1 : 287 ، المبسوط للسرخسي 1 : 107 ، شرح فتح القدير 1 : 111 ، بلغة السالك 1 : 73.

(5) الكافي 3 : 30 ـ 4 ، علل الشرائع : 279 باب 190.

(6) المجموع 2 : 211 ، كفاية الأخيار 1 : 36 ، فتح الباري 1 : 353 ، مغني المحتاج 1 : 99 ، المغني 1 : 291 ، الشرح الكبير 1 : 290 ، بداية المجتهد 1 : 69 ، الشرح الصغير 1 : 73 ، تفسير القرطبي 5 : 240 ، عمدة القارئ 4 : 19 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 387 ، نيل الأوطار 1 : 333 ، المحلى 2 : 156.

(7) مسند أحمد 4 : 263 ، سنن أبي داود 1 : 87 ـ 88 ـ 321.

١٩١

وروى عمار بن ياسر أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( التيمم ضربة للوجه والكفين )(1) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « ومسح بهما جبهته وكفيه »(2) ولأنه أحد عضوي الوضوء فيجب مسح بعضه كالوجه.

وقال علي بن بابويه : يمسح من المرفقين إلى أطراف الأصابع(3) ـ وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة ، ورووه عن عليعليه‌السلام ، وابن عمر ، وجابر ، وبه قال الشعبي ، والحسن البصري ، والثوري ، ومالك ، والليث(4) ـ للحوالة في الوضوء. وهو ممنوع.

ولقولهعليه‌السلام : ( التيمم ضربتان : ضربة للوجه ، وضربة لليدين إلى المرفقين )(5) وهي ضعيفة السند ، طعن فيه أحمد بن حنبل(6) .

وقال الزهري : يمسح إلى المنكبين والآباط(7) لأن عمار بن ياسر مسح‌

__________________

(1) سنن الدارمي 1 : 190 ، سنن الترمذي 1 : 269 ـ 144 ، مسند أحمد 4 : 263 ، سنن أبي داود 1 : 89 ـ 327 ، سنن الدار قطني 1 : 182 ـ 183 ـ 28.

(2) الكافي 3 : 61 ـ 1 ، التهذيب 1 : 207 ـ 601 ، الاستبصار 1 : 170 ـ 590.

(3) حكاه المحقق في المعتبر : 107.

(4) بداية المجتهد 1 : 68 ، المنتقى للباجي 1 : 114 ، المجموع 2 : 211 ، مختصر المزني : 6 ، السراج الوهاج : 28 ، الوجيز 1 : 21 ، كفاية الأخيار 1 : 36 ، الشرح الكبير 1 : 292 ، المبسوط للسرخسي 1 : 107 ، عمدة القارئ 4 : 19 ، التفسير الكبير 11 : 171 ، نيل الأوطار 1 : 333 ـ 334 ، المحلى 2 : 152 ، احكام القرآن للجصاص 2 : 387.

(5) سنن الترمذي 1 : 270 ـ 144 ، سنن الدار قطني 1 : 180 و 181 ـ 16 و 21 ، سنن البيهقي 1 : 207.

(6) المغني 1 : 279 ، الشرح الكبير 1 : 309.

(7) المجموع 2 : 211 ، بداية المجتهد 1 : 69 ، تفسير القرطبي 5 : 240 ، احكام القرآن للجصاص 2 : 387 ، عمدة القارئ 4 : 19 ، التفسير الكبير 11 : 171 ، المحلى 2 : 153 ، نيل الأوطار 1 : 334.

١٩٢

إلى المناكب(1) .

فروع :

أ ـ يجب أن يبدأ في مسح الوجه من أعلاه إلى أن ينتهي محل الفرض.

فلو نكس فالوجه البطلان كالوضوء ، ويجب أن يبدأ في مسح اليدين من الزند إلى أطراف الأصابع ، وقال مالك ، وأحمد : يمسح إلى الكوعين(2) .

وقال الشافعي : يضع أصابع اليسرى سوى الإبهام على ظهور أصابع اليمنى سوى الإبهام بحيث لا تخرج أنامل اليمنى عن مسبحة اليسرى ويمرها على ظهر كفه اليمنى ، فإذا بلغت الكوع ضم أطراف أصابعه وأمرّها على حرف الذراع إلى المرفق ثم يدير بطن كفه إلى بطن الذراع ويمرها عليه وإبهامه منصوبة ، فإذا بلغ الكوع مسح ببطنها ظهر إبهامه اليمنى وكذا اليسرى(3) .

ب ـ لو أخل بجزء من محل الفرض لم يجزئ ووجب مسحه ـ وبه قال الشافعي(4) ـ إذ لا مشقة في استيعاب الكل بالمسح ، وأكثر العضو لا يقوم مقامه ، وقال أبو حنيفة : يجزي الأكثر(5) .

ج ـ لو أهمل جزءا من الجبهة ومسح يديه لم يجزئه مسحهما فيمسح‌

__________________

(1) سنن الترمذي 1 : 270 ذيل الحديث 144 ، سنن ابن ماجة 1 : 187 ـ 566 ، سنن النسائي 1 : 168.

(2) الشرح الصغير 1 : 73 ، المنتقى للباجي 1 : 114 ، المغني 1 : 291 ـ 292 ، الشرح الكبير 1 : 290 ، عمدة القارئ 4 : 19 ، التفسير الكبير 11 : 171.

(3) مختصر المزني : 6 ، المجموع 2 : 227 ، فتح العزيز 2 : 330 ، مغني المحتاج 1 : 100.

(4) الام 1 : 49 ، المجموع 2 : 239 ، فتح العزيز 2 : 326.

(5) المبسوط للسرخسي 1 : 107 ، شرح العناية 1 : 111 ، بدائع الصنائع 1 : 46 ، فتح العزيز 2 : 326.

١٩٣

الجزء ويعيد الكفين لوجوب الترتيب ، وبه قال الشافعي(1) .

د ـ لا يجب المسح على المسترسل من اللحية ، أما عندنا فظاهر ، وأما من أوجب الاستيعاب فكذلك لأنه ليس محل الفرض ، وللشافعي وجهان(2) .

هـ ـ لو كان عليه خاتم ، وشبهه نزعه ليباشر المسح جميع محل الفرض.

و ـ يستحب تفريج الأصابع في الضرب للوجه والكفين ، وللشافعي قولان ، هذا أحدهما ، واستحبابه في الثانية خاصة ، وله ثالث : منعه في الأولى(3) .

ز ـ لا يستحب تخليل الأصابع لأن المسح على الظاهر ، وقال الشافعي : يستحب إن فرج أصابعه في الضربة الثانية وإلاّ وجب(4) .

ح ـ الأظهر من عبارة الأصحاب وجوب مسح الوجه بالكفين معا ، فلو مسح بأحدهما لم يجزئ ، ويحتمل الجواز.

ط ـ لو قطع بعض محل الفرض وجب مسح الباقي ، ولو استوعب سقط ذلك العضو.

ي ـ لو خلقت له إصبع زائدة ، أو كف ، أو يد فكالوضوء.

مسألة 307 : اختلف علماؤنا في عدد الضربات ‌، وأجودها قول الشيخين : ضربة واحدة للأعضاء الثلاثة في الوضوء ، وضربتان إحداهما للوجه في‌

__________________

(1) المجموع 2 : 238 ، فتح العزيز 2 : 326.

(2) المجموع 2 : 231 ، فتح العزيز 2 : 327.

(3) مختصر المزني : 6 ، المجموع 2 : 229 ، فتح العزيز 2 : 330 ، مغني المحتاج 1 : 100 ، الوجيز 1 : 22.

(4) فتح العزيز 2 : 331 ، مغني المحتاج 1 : 100.

١٩٤

الغسل(1) لقول الباقرعليه‌السلام وقد سئل كيف التيمم؟ : « ضربة واحدة للوضوء ، وللغسل من الجنابة تضرب بيديك مرتين ، ثم تنفضهما مرة للوجه ، ومرة لليدين »(2) .

وقال المرتضى : ضربة واحدة فيهما(3) ـ وبه قال الأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، وابن جرير الطبري ، والشافعي في القديم(4) ـ للامتثال.

وقال علي بن بابويه : ضربتان في الجميع(5) ـ وبه قال الشافعي ، ومالك ، وأبو حنيفة ، والليث بن سعد ، والثوري ، ورووه عن عليعليه‌السلام (6) ـ لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( التيمم ضربة للوجه ، وضربة لليدين )(7) والتفصيل قول فيهما على تقديرين فيصار إليه.

وقال ابن سيرين : يضرب ثلاث ضربات : ضربة للوجه واخرى للكفين والثالثة للذراعين(8) .

فروع :

أ ـ وضع اليدين على الأرض شرط ، فلو تعرض لمهب العواصف حتى‌

__________________

(1) المقنعة : 8 ، المبسوط للطوسي 1 : 33 ، النهاية : 49 ـ 50.

(2) التهذيب 1 : 210 ـ 611 ، الاستبصار 1 : 172 ـ 599.

(3) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) 3 : 25 ـ 26.

(4) المجموع 2 : 211 ، المغني 1 : 278 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 387 ، تفسير القرطبي 5 : 240 ، نيل الأوطار 1 : 332.

(5) حكاه المحقق في المعتبر : 107.

(6) المجموع 2 : 210 ، بداية المجتهد 1 : 70 ، المدونة الكبرى 1 : 42 ، تفسير القرطبي 5 : 240 ، المنتقى للباجي 1 : 114 ، شرح العناية 1 : 109 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 387 ، اللباب 1 : 31 ، بدائع الصنائع 1 : 46 ، المغني 1 : 278 ، المحلى 2 : 152.

(7) سنن الدار قطني 1 : 180 و 181 ـ 16 و 21 ، سنن البيهقي 1 : 207.

(8) المجموع 2 : 211 ، نيل الأوطار 1 : 332.

١٩٥

لصق صعيدها بوجهه ، أو كفيه ، أو ردد الغبار على وجهه منه لم يجزئ لقوله تعالى( فَتَيَمَّمُوا ) (1) اي اقصدوا.

وقال بعض الشافعية : إذا صمد للريح ونوى التيمم أجزأه كالوضوء إذا جلس تحت الميزاب ونواه(2) .

ب ـ لو يمّمه غيره بغير إذنه فهو كما لو نسفت الريح التراب عليه ، وإن كان بإذنه فإن كان عاجزا عن المباشرة صح وإلا فلا ـ وهو أحد وجهي الشافعية ـ لأنه لم يقصد التراب ، وأظهرهما : الجواز(3) إقامة لفعل نائبه مقام فعله.

ج ـ يستحب بعد الضرب نفض اليدين من التراب لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فعله(4) ، وليس واجبا إجماعا.

د ـ لا يشترط أن يعلق على يده شي‌ء من الغبار لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نفض يديه(5) ، وفي رواية عمار بن ياسر أنه نفخ فيهما(6) ولو كان شرطا لما عرضه للزوال ، ولأن الصعيد هو وجه الأرض لا التراب.

مسألة 308 : الترتيب واجب في التيمم‌ يبدأ بمسح الوجه ثم بالكف اليمنى ثم اليسرى فلو غيّره وجب أن يعيد على ما يحصل معه الترتيب ، ذهب إليه علماء أهل البيتعليهم‌السلام لقوله تعالى( فَامْسَحُوا

__________________

(1) المائدة : 6.

(2) المجموع 2 : 235 ، فتح العزيز 2 : 317 ، السراج الوهاج : 27 ، التفسير الكبير 11 : 172.

(3) المجموع 2 : 235 ، السراج الوهاج : 27 ، التفسير الكبير 11 : 172.

(4) صحيح البخاري 1 : 96 ، صحيح مسلم 1 : 280 ـ 368 ، سنن ابن ماجة 1 : 189 ـ 570 ، سنن أبي داود 1 : 87 ـ 88 ـ 321 ، سنن النسائي 1 : 170.

(5) صحيح مسلم 1 : 280 ـ 368 ، سنن الدار قطني 1 : 179 ـ 14.

(6) صحيح مسلم 1 : 280 ذيل الحديث 368 ، سنن النسائي 1 : 170 ، سنن ابن ماجة 1 : 188 ـ 569 ، سنن الدار قطني 1 : 183 ـ 31 ، سنن البيهقي 1 : 209.

١٩٦

 بِوُجُوهِكُمْ ) (1) والواو للترتيب عند الفراء(2) ، ولأن التقديم لفظا يستدعي سببا لاستحالة الترجيح من غير مرجح ولا سبب إلا التقديم وجوبا ، ولأنهعليه‌السلام رتب في مقابلة الامتثال(3) فيكون واجبا.

وأوجب الشافعي ، وأحمد تقديم الوجه ولم يرتبا في الكفين(4) ، وأبو حنيفة أسقط الترتيب مطلقا عملا بالأصل(5) ، ويعارضه البيان.

مسألة 309 : الموالاة واجبة هنا‌ ، أما على تقدير وجوب التأخير فظاهر ، وأما على العدم فلأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله تابع(6) ، ولأنه تعالى عقّب بمسح الوجه اليدين وهو يستلزم المتابعة لامتناع الجمع.

وللشافعية وجوه أحدها : القطع باشتراطها كالوضوء ، والثاني : المنع ، والثالث : تجويز الأمرين(7) .

مسألة 310 : نقل التراب إلى الأعضاء الممسوحة ليس بواجب‌ ـ وبه قال أبو حنيفة(8) ـ لقوله تعالى( صَعِيداً طَيِّباً ) (9) وهو وجه الأرض ، ولم يشترط النقل ، ولأنهعليه‌السلام نفض التراب بعد الضرب(10) ، فلو كان النقل شرطا‌

__________________

(1) المائدة : 6.

(2) مغني اللبيب 1 : 464 الباب الأول.

(3) صحيح مسلم 1 : 280 ـ 368 ، سنن ابن ماجة 1 : 188 ـ 569 ، سنن النسائي 1 : 170 ، سنن البيهقي 1 : 209 ، سنن الدار قطني 1 : 183 ـ 31.

(4) الام 1 : 49 ، المجموع 2 : 233 ، كفاية الأخيار 1 : 37 ، السراج الوهاج : 28 ، مغني المحتاج 1 : 100 ، والمغني 1 : 290 ـ 291 ، المحلى 2 : 161.

(5) المبسوط للسرخسي 1 : 121 ، احكام القرآن للجصاص 2 : 396.

(6) سنن الدار قطني 1 : 183 ـ 31 ، سنن البيهقي 1 : 209.

(7) المجموع 2 : 233 ، السراج الوهاج : 29 ، مغني المحتاج 1 : 100.

(8) شرح فتح القدير 1 : 113 ، بدائع الصنائع 1 : 53 ، المجموع 2 : 239 ، بداية المجتهد 1 : 70.

(9) المائدة : 6.

(10) صحيح مسلم 1 : 280 ـ 368 ، سنن الدار قطني 1 : 79 ـ 14.

١٩٧

لما أزاله.

وقال الشافعي : إنه شرط(1) ، لقوله تعالى( فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ ) (2) أي من الصعيد ، ولأنه ممسوح في الطهارة فافتقر إلى ممسوح به كمسح الرأس في الوضوء ، والآية تقول بموجبها ، والصعيد وجه الأرض ، والقياس ضعيف ، لأن المائية تزيل الحدث بخلاف التيمم.

فروع :

أ ـ لو نوى عند النقل وعزبت قبل المسح احتمل الإجزاء لأن الضرب من أعمال التيمم ، وعدمه لأنه ليس مقصودا في نفسه ، وهو أصح وجهي الشافعي(3) .

ب ـ لو أحدث بعد الضرب وأخذ التراب بطل أخذه وعليه الإعادة على إشكال ينشأ من عدم وجوب أخذ الماء ثانيا فكذا هنا ، ومن الفرق بأن القصد إلى الماء ونقله لا يجب ، وللشافعي الوجهان(4) .

ج ـ لو كان على العضو الممسوح تراب ونوى التيمم وردّه من طرف إلى آخر لم يجزئ لأنه لم ينقل عند الشافعي(5) ، ولا ضرب عندنا ، ولو أخذه منه وردّه إليه جاز عند الشافعي على أظهر الوجهين(6) ، ولو نقله من عضو غير‌

__________________

(1) الام 1 : 49 ، المجموع 2 : 231 و 238 و 239 ، فتح العزيز 2 : 318 ، كفاية الأخيار 1 : 36 ، السراج الوهاج : 27 ، بداية المجتهد 1 : 70.

(2) المائدة : 6.

(3) المجموع 2 : 228 ، كفاية الأخيار 1 : 36.

(4) المجموع 2 : 236.

(5) المجموع 2 : 236 ، فتح العزيز 2 : 318 ، السراج الوهاج : 27 ، الوجيز 1 : 21.

(6) المجموع 2 : 236 ، فتح العزيز 2 : 318 ، الوجيز 1 : 21.

١٩٨

ممسوح أجزأ عنده ، ولو كان من ممسوح كما لو نقله من الوجه إلى الكفين أو بالعكس فوجهان(1) ، والكل عندنا باطل.

د ـ لو تمعك في التراب حتى وصل إلى وجهه ويديه لم يجزئ لأنه لم يمسح ، إلا مع العذر ، وللشافعي في الاختيار وجهان(2) .

هـ ـ لو مسح بآلة كخشبة لم يصح تبعا للكيفية المنقولة ، وقال الشافعي : يجوز(3) .

و ـ لا يجب إيصال الغبار إلى باطن الشعر خفيفا كان أو كثيفا إجماعا.

ز ـ لا يستحب التكرار ، ولا التثليث في التيمم إجماعا لإفضائه إلى تشويه الخلقة وتقبيح الصورة ، وكذا لا يستحب تجديده.

مسألة 311 : دخول الوقت شرط في صحة التيمم‌ ، فلا يصح قبله إجماعا من علماء أهل البيتعليهم‌السلام ـ وبه قال الزهري ، والشافعي ، ومالك ، وأحمد ، وداود(4) ـ لأنها طهارة اضطرارية لا يصح إلاّ عند العجز ولا يتحقق قبل الوقت ، ولأنها طهارة ضرورية قدمت على وقت الفريضة فلا يجوز كالمستحاضة.

وقال أبو حنيفة : يجوز قبل دخول الوقت لأنها طهارة تستباح بها‌

__________________

(1) المجموع 2 : 236 ، فتح العزيز 2 : 318 ، الوجيز 1 : 21 ، السراج الوهاج : 27 ـ 28.

(2) فتح العزيز 2 : 319 ، الوجيز 1 : 21.

(3) الام 1 : 49 ، المجموع 2 : 228 و 232 ، كفاية الأخيار 1 : 37.

(4) الام 1 : 46 ، المجموع 2 : 243 ، كفاية الأخيار 1 : 33 ، السراج الوهاج : 30 ، القوانين الفقهية : 42 ، تفسير القرطبي 5 : 233 ، المنتقى للباجي 1 : 111 ، المغني 1 : 268 ، الشرح الكبير 1 : 267 ، بدائع الصنائع 1 : 54 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 381 ، التفسير الكبير 11 : 173.

١٩٩

الصلاة فجاز تقديمها كالوضوء(1) والفرق أنه ليس للضرورة.

فروع :

أ ـ ذهب الصدوق إلى صحته حال السعة(2) ـ وهو قول الجمهور(3) ـ لقوله تعالى( فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا ) (4) وقولهعليه‌السلام : ( أينما أدركتني الصلاة تيممت وصليت )(5) .

وقال أكثر علمائنا بوجوب التأخير إلى آخر الوقت(6) ـ وبه قال الزهري(7) ـ لما رووه عن عليعليه‌السلام في الجنب : « يتلوّم ما بينه وبين آخر الوقت ، فإن وجد الماء وإلا تيمم »(8) والتلوّم : الانتظار(9) .

ومن طريق الخاصة قول أحدهماعليهما‌السلام : « إذا لم يجد المسافر الماء فليطلب ما دام في الوقت ، فإذا خاف أن يفوته الوقت فليتيمم وليصلّ في آخر الوقت ، فإذا وجد الماء فلا قضاء عليه »(10) . ولأنها طهارة ضرورية بدل من الماء عند العجز ، ولا يتحقق العجز إلا عند خوف الفوت ، فإن توقع‌

__________________

(1) بدائع الصنائع 1 : 54 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 381 ، المجموع 2 : 243 ، المغني 1 : 268 ، الشرح الكبير 1 : 267 ، بداية المجتهد 1 : 67 ، تفسير القرطبي 5 : 233 ، المنتقى للباجي 1 : 111 ، التفسير الكبير 11 : 173.

(2) حكاه عنه نقلا عن المقنع ، المحقق في المعتبر : 105.

(3) الام 1 : 46 ، المغني 1 : 276 ، المدونة الكبرى 1 : 42 ، اللباب 1 : 33.

(4) المائدة : 6.

(5) سنن البيهقي 1 : 222.

(6) منهم : المفيد في المقنعة : 8 ، والشيخ الطوسي في النهاية : 47 ، وابن حمزة في الوسيلة : 70 ، والمحقق في المعتبر : 105.

(7) المغني 1 : 276.

(8) سنن البيهقي 1 : 232 ـ 233 ، سنن الدار قطني 1 : 186 ـ 5.

(9) انظر الصحاح للجوهري 5 : 2034 « لوم ».

(10) الكافي 3 : 63 ـ 2 ، التهذيب 1 : 192 ـ 555 و 203 ـ 589 ، الاستبصار 1 : 159 ـ 548.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512