تذكرة الفقهاء الجزء ٢

تذكرة الفقهاء7%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 512 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35775 / تحميل: 8621
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

أحد الوجهين ، وفي الثاني : لا يذر على الثالثة.

فإذا فرغ من بسط الثياب نقله من مغتسله إلى أكفانه مستورا بثوب ، ويترك على الكفن مستلقيا على ظهره ، ويحشو القطن بين أليتيه ، ويأخذ القطن ويضع عليه الحنوط والكافور ، ثم يلف الكفن عليه ، ويشد عليه بشداد ، وينزع الشداد عند الدفن ـ ولم يعرف أصحابنا الشداد ، بل يعقدون أطراف اللفافة ـ وفي طي اللفافة قولان ، أحدهما : مثل ما قلناه ، والثاني : يثني شق الثوب الأيمن على شقه الأيمن(١) . وما قلناه أولى.

مسألة ١٧٣ : ويستحب سحق الكافور باليد‌ ـ قاله الشيخان(٢) ـ ولا يوضع شي‌ء من الكافور ، ولا من المسك ، ولا من القطن في سمع الميت ، ولا في بصره ، ولا في فيه ، ولا في جراحه النافذة إلا أن يخاف خروج شي‌ء من أحدها فيوضع فيه القطن ـ قاله علماؤنا ـ لأن ذلك يفسدها(٣) فيجتنب ، لقولهعليه‌السلام : ( جنبوا موتاكم ما تجنّبون أحياءكم )(٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « لا تجعل في مسامع الميت حنوطا »(٥) .

واستحبه الجمهور ، لئلا يدخل الهوام إليها(٦) .

__________________

(١) الام ١ : ٢٨١ ـ ٢٨٢ ، مختصر المزني : ٣٦ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ١٩٩ و ٢٠٠ ـ ٢٠٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٣٨ ـ ١٣٩ ، السراج الوهاج : ١٠٥ ـ ١٠٦ ، المغني ٢ : ٣٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٧.

(٢) المقنعة : ١١ ، المبسوط للطوسي ١ : ١٧٩.

(٣) ورد في نسختي ( م ) و ( ش ) : يفسدهما.

(٤) المعتبر : ٧٨.

(٥) التهذيب ١ : ٣٠٨ ـ ٨٩٣ ، الاستبصار ١ : ٢١٢ ـ ٧٤٨.

(٦) مختصر المزني : ٣٦ ، المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٣٧ ، الوجيز ١ : ٧٤ ، المجموع ٥ : ٢٠١ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٧ ، القوانين الفقهية : ٩٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٣٠٨ ، فتح الوهاب ١ : ٩٣ ، المحرر في الفقه ١ : ١٩١.

٢١

قال الشيخ : يكره أن يكون في الكافور شي‌ء من المسك ، والعنبر(١) ، لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تمسوا موتاكم بالطيب إلاّ بالكافور »(٢) .

مسألة ١٧٤ : ويكره أن يقطع الكفن بالحديد‌ ، قال الشيخ في التهذيب : سمعناه مذاكرة من الشيوخ ، وعليه كان عملهم(٣) ، ولا بدّ له من أصل فيعتمد عليه.

قال الشيخ : ويكره بلّ الخيوط التي يخاط بها الكفن بالريق ، ويكره أيضا أن يعمل لما يبتدأ من الأكفان أكمام(٤) .

ولو كفن في قميص كان لابسا له لم يقطع كمه ـ قاله علماؤنا ـ وسئل الصادقعليه‌السلام ، قلت : الرجل يكون له القميص يكفن فيه؟ فقال : « اقطع أزراره » قلت : وكمه؟ قال : « لا انما ذلك إذا قطع له وهو جديد لم يجعل له كما ، فأما إذا كان ثوبا لبيسا فلا يقطع منه إلا أزراره »(٥) .

مسألة ١٧٥ : وإن سقط من الميت شي‌ء غسل وجعل معه في أكفانه‌ بإجماع العلماء ، لأن جمع أجزاء الميت في موضع واحد أولى.

المطلب الرابع : في الصلاة عليه ، ومباحثه خمسة :

الأول : الميت.

مسألة ١٧٦ : إنما تجب الصلاة على المسلم بالإجماع ، فلا يجوز على‌

__________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١٧٧.

(٢) الكافي ٣ : ١٤٧ ـ ٣ ، التهذيب ١ : ٢٩٥ ـ ٨٦٣ ، الاستبصار ١ : ٢٠٩ ـ ٧٣٥ ، علل الشرائع : ٣٠٨ باب ٢٥٨ ، الخصال : ٦١٨ ـ ١٠.

(٣) التهذيب ١ : ٢٩٤.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ١٧٧.

(٥) الفقيه ١ : ٩٠ ـ ٤١٨ ، التهذيب ١ : ٣٠٥ ـ ٨٨٦.

٢٢

الكافر وإن كان ذميا أو مرتدا ، قال الله تعالى( وَلا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً ) (١) ولا يجب على المسلمين غسله.

وأما التكفين والدفن فلا يجبان أيضا وإن كان ذميا ـ وهو أحد وجهي الشافعي ـ لأن الذمة قد انتهت بالموت ، وأظهرهما : الوجوب كما يجب أن يطعم ويكسى في حياته(٢) .

وأظهر الوجهين عنده في الحربي : عدم وجوب تكفينه ودفنه ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بإلقاء قتلى بدر في القليب على هيئتهم(٣) ، وفي وجوب مواراته عنده وجهان(٤) .

فروع :

أ ـ لو اختلط قتلى المسلمين بقتلى المشركين ، قال علماؤنا : يصلّى عليهم جميعا بنيّة الصلاة على المسلمين خاصة ، ويجوز أن يصلى على كل واحد واحد بنيّة الصلاة عليه إن كان مسلما ـ وبه قال مالك ، والشافعي ، وأحمد(٥) ـ لإمكان الصلاة على المسلم من غير ضرورة فوجب.

وقال أبو حنيفة : إن كان المسلمون أكثر صلي عليهم وإلا فلا ، لأن الاعتبار بالأكثر ، بدليل أن دار المسلمين الظاهر منها الإسلام لكثرة‌

__________________

(١) التوبة : ٨٤.

(٢) المجموع ٥ : ١٤٢ ، فتح العزيز ٥ : ١٤٩.

(٣) سنن أبي داود ٣ : ٥٨ ـ ٢٦٨١ ، وانظر تلخيص الحبير ٥ : ١٥٠.

(٤) المجموع ٥ : ١٤٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٠.

(٥) الام ١ : ٢٦٩ ، المجموع ٥ : ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٠ ، المغني ٢ : ٤٠٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٨.

٢٣

المسلمين ، وعكسها دار الحرب(١) ، ويبطل بما إذا اختلطت أخته بالأجنبيات فإن الحكم يثبت للأقل(٢) .

أما المواراة فقال الشيخ : يوارى من كان صغير الذكر(٣) لقول الصادقعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يوم بدر : لا تواروا إلا كميشا ، وقال : لا يكون إلا في كرام الناس »(٤) ، وقيل بالقرعة(٥) ، والوجه عندي دفن الجميع تغليبا لحرمة المسلم ، وبه قال الشافعي(٦) .

ب ـ لو وجد ميت لا يعلم كفره وإسلامه ، فإن كان في دار الإسلام ألحق بالمسلمين وإلاّ فبالكفار.

ج ـ يصلى على كل مظهر للشهادتين من سائر فرق الإسلام.

وقال أحمد : لا أشهد الجهمية ولا الرافضة ، ولا على الواقفي ـ وبه قال مالك(٧) ـ لأن ابن عمر روى أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إن لكل امة مجوسا وإن مجوس أمتي الذين يقولون : لا قدر )(٨) .

وقال ابن عبد البر : سائر العلماء يصلّون على أهل البدع ، والخوارج ، وغيرهم(٩) ، لعموم قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صلّوا على من قال لا إله إلاّ‌

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٥٤ ، المجموع ٥ : ٢٥٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٠ ، المغني ٢ : ٤٠٤.

(٢) قال العلاّمة في منتهى المطلب ١ : ٤٤٩ ردا على أبي حنيفة : وما ذكروه ينتقض بالأخت لو اشتبهت مع عشرة ، فإنهن يحرمن كلهن ، والغالب هنا لم يعتد به.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ١٨٢.

(٤) لتهذيب ٦ : ١٧٢ ـ ٣٣٦.

(٥) حكاه عن بعض المتأخرين المحقق في المعتبر : ٨٥.

(٦) المجموع ٥ : ٢٥٨.

(٧) المغني ٢ : ٤١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٦ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٢.

(٨) مسند احمد ٢ : ٨٦ ، سنن أبي داود ٤ : ٢٢٢ ـ ٤٦٩٢ ، الجامع الصغير ٢ : ٤١٣ ـ ٧٣٠٤.

(٩) المغني ٢ : ٤١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٦ ، وقال ابن عبد البر في كتابه ( الكافي في فقه أهل المدينة ): ٨٦ : ولا يصلّي أهل العلم والفضل على أهل البدع ، ولا على من ارتكب الكبائر واشتهر بها ، ويصلّي عليهم غيرهم.

٢٤

الله )(١) واستضعفوا الرواية ، وعنوا تشبيه القدرية بالمجوس.

د ـ لا يصلى على أطفال المشركين لإلحاقهم بآبائهم إلا أن يسلم أحد أبويه أو يسبى منفردا عن أبويه عند الشيخ(٢) ، ولو سبي مع أحد أبويه لم يلحق السابي في الإسلام ، وبه قال أبو ثور(٣) ، وقال أحمد : يصلى عليه كما لو سبي منفردا(٤) .

هـ ـ لا تجب الصلاة على كل من اعتقد ما يعلم بطلانه من الدين ضرورة ، كالخوارج والغلاة ، لقدحهم في عليعليه‌السلام ، وكذا من قدح في أحد الأئمةعليهم‌السلام كالسبأية(٥) ، والخطابية(٦) ، ويجب على من عداهم لقولهعليه‌السلام : ( صلوا على كلّ بر وفاجر )(٧) .

مسألة ١٧٧ : تجب الصلاة على الصبي من أولاد المسلمين إذا كان له ست‌

__________________

(١) سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧ ، سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠.

(٢) المبسوط للطوسي ٢ : ٢٣.

(٣) المغني ٢ : ٤١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٦ ، عمدة القارئ ٨ : ١٦٨.

(٤) المغني ٢ : ٤١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٦.

(٥) السبئية : قيل : إنها فرقة تنسب الى عبد الله بن سبإ ، ولهم اعتقادات باطلة وآراء فاسدة ، خرجت بها عن أصول الإسلام الحقة. انظر في شأن هذه الفرقة كتاب ( عبد الله بن سبإ ) للسيد العسكري ، فرق الشيعة : ٢٢ ، الملل والنحل للشهرستاني القسم الأول : ١٥٥ ، الفرق بين الفرق : ٢٥٥ ، التبصير في الدين : ١٢٣.

(٦) الخطابية : هم أتباع أبي الخطاب الأسدي الكوفي ، وكان رجلا ضالا مضلا ، وقد وردت روايات كثيرة صريحة في ذمه ولعنه ، قتله عيسى بن موسى عامل المنصور بسبخة الكوفة ، رجال الكشي : ٢٩٠ ـ ٥٠٩ وما بعدها ، معجم رجال الحديث ١٤ : ٢٤٣ ـ ٩٩٨٧ ، فرق الشيعة : ٤٢ ، التبصير في الدين : ١٢٦ ، الملل والنحل للشهرستاني القسم الأول : ١٥٩.

(٧) سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٧ ـ ١٠ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٧ ـ ٥٠٢٢.

٢٥

سنين فصاعدا ، ولا تجب لو كان له دون ذلك ، لأنه الحدّ الذي يؤمر معه بالصلاة. والصلاة على الميت استغفار وشفاعة فلا معنى للشفاعة فيمن لا يؤمر بالصلاة وجوبا ولا ندبا.

وسئل الصادقعليه‌السلام متى يصلى على الصبي؟ قال : « إذا عقل الصلاة » قلت : متى تجب عليه؟ قال : « إذا كان ابن ست سنين »(١) .

وقال الحسن البصري ، وإبراهيم ، والحكم ، وحماد ، ومالك ، والأوزاعي ، وأصحاب الرأي : لا يصلى عليه حتى يستهل(٢) لما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الطفل لا يصلى عليه ولا يرث ولا يورث حتى يستهل )(٣) .

وقال أحمد : يصلى عليه وإن ولد سقطا إذا استكمل أربعة أشهر ـ وبه قال سعيد بن المسيب وابن سيرين وإسحاق(٤) ، وللشافعي كالمذهبين(٥) ـ لما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( السقط يصلى عليه )(٦) ، وعن سعيد ابن المسيب أيضا تجب حين تجب عليه الصلاة(٧) .

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٠٦ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ١٠٤ ـ ٤٨٦ ، التهذيب ٣ : ١٩٨ ـ ٤٥٦ ، الإستبصار ١ : ٤٧٩ ـ ١٨٥٥.

(٢) المدونة الكبرى ١ : ١٧٩ ، القوانين الفقهية : ٩٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٠ ، المجموع ٥ : ٢٥٨ ، المغني ٢ : ٣٩٣ ، عمدة القارئ ٨ : ١٧٦.

(٣) سنن الترمذي ٣ : ٣٥٠ ـ ١٠٣٢.

(٤) المغني ٢ : ٣٩٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٣ ، المجموع ٥ : ٢٥٨ ، عمدة القارئ ٨ : ١٧٦ ، المحلى ٥ : ١٥٩ ، مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣١٧.

(٥) المجموع ٥ : ٢٥٥ ـ ٢٥٦ ، فتح العزيز ٥ : ١٤٦ ـ ١٤٨ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠١ ، عمدة القارئ ٨ : ١٧٦ ، المغني ٢ : ٣٩٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٣.

(٦) مسند أحمد ٤ : ٢٤٩ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٠٥ ـ ٣١٨٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٨ ، المستدرك للحاكم ١ : ٣٦٣.

(٧) الموجود في المصادر هو سعيد بن جبير. راجع المجموع ٥ : ٢٥٧ ، عمدة القارئ ٨ : ١٧٦ ، مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣١٨.

٢٦

فروع :

أ ـ يستحب الصلاة على من نقص سنه عن ست إذا ولد حيّا ، لقول الكاظمعليه‌السلام : « يصلى على الصبي على كل حال إلا أن يسقط لغير تمام »(١) وقال الصادقعليه‌السلام : « لا يصلى على المنفوس ـ وهو المولود الذي لم يستهل ـ وإذا استهل فصلّ عليه »(٢) .

ب ـ لو خرج بعضه واستهل ثم مات استحبت الصلاة عليه ولو خرج أقله ، لحصول الشرط وهو الاستهلال.

وقال أبو حنيفة : لا يصلى عليه حتى يكون الخارج أكثره ، اعتبارا بالأكثر(٣) .

ج ـ لا يستحب الصلاة على السقط ميتا عند علمائنا ، وصلاة ابن عمر على ابن لابنه ولد ميتا(٤) ليس حجة.

مسألة ١٧٨ : ويشترط حضور الميت‌ عند علمائنا أجمع ، فلا تجوز الصلاة على الغائب عن البلد ـ وبه قال أبو حنيفة ، ومالك(٥) ـ وإلاّ لصلي على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأمصار ، وكذا الأعيان من الصلحاء ، ولو فعل ذلك لاشتهر وتواترت مشروعيته ، ولأن استقبال القبلة بالميت شرط ولم يحصل ، ولأن حضور الجنازة شرط كما لو كانت في البلد.

__________________

(١) التهذيب ٣ : ٣٣١ ـ ١٠٣٦ ، الاستبصار ١ : ٤٨١ ـ ١٨٦٠.

(٢) التهذيب ٣ : ١٩٩ ـ ٤٥٩ ، الاستبصار ١ : ٤٨٠ ـ ١٨٥٧.

(٣) شرح فتح القدير ٢ : ٩٢.

(٤) عمدة القارئ ٨ : ١٧٦.

(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٧ ، المجموع ٥ : ٢٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٩١ ، المغني ٢ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٤ ، المحلى ٥ : ١٣٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٥.

٢٧

وقال الشافعي : يجوز فيتوجه المصلي إلى القبلة فيصلي عليه سواء كان الميت في جهة القبلة أو لم يكن ـ وبه قال أحمد(١) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نعى النجاشي اليوم الذي مات فيه ، وخرج بهم إلى المصلّى ، وصفّ بهم وكبر أربعا(٢) ، ويحتمل أن تكون الأرض قد زويت له فأرى الجنازة. أو الدعاء ، لما روى زرارة ومحمد بن مسلم : قلت له : فالنجاشي لم يصلّ عليه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فقال : « لا إنما دعا له »(٣) .

فروع :

أ ـ شرط الشافعي الغيبة عن البلد ، فإن كان الميت في طرف البلد لم تجز الصلاة عليه حتى يحضره(٤) .

ب ـ لا فرق بين أن تكون الجنازة في بلد آخر أو قرية أخرى بينهما مسافة ، سواء كانت مما تقصر فيها الصلاة أو لا ـ في العدم عندنا ، والجواز عند الشافعي(٥) .

ج ـ حضوره وإن كان شرطا لكن ظهوره ليس بشرط ، فلو دفن قبل الصلاة عليه صلّي على القبر ولم ينبش إجماعا ، وكذا العاري يترك في القبر وتستر عورته بالتراب ثم يصلّى عليه ويدفن.

__________________

(١) المجموع ٥ : ٢٥٣ ، الوجيز ١ : ٧٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٩١ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٥ ، المغني ٢ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٤ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٧.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١١٢ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٢ ـ ٣٢٠٤ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٥٦ ـ ٩٥١ ، الموطأ ١ : ٢٦٦ ـ ٢٢٧ ـ ١٤ ، مسند أحمد ٢ : ٢٨١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٩ ـ ١٥٣٤ ، الموطأ برواية الشيباني : ١١٢ ـ ٣١٧.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٠٢ ـ ٤٧٣ ، الاستبصار ١ : ٤٨٣ ـ ١٨٧٣.

(٤) المجموع ٥ : ٢٥٣ ، فتح العزيز ٥ : ١٩١ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٥.

(٥) المجموع ٥ : ٢٥٣ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٥ ، المغني ٢ : ٣٨٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٤.

٢٨

مسألة ١٧٩ : لو دفن الميت قبل الصلاة عليه صلّي على قبره‌ ـ وبه قال عليعليه‌السلام ، وأبو موسى الأشعري ، وابن عمر ، وعائشة ، وهو مذهب الأوزاعي ، والشافعي ، وأحمد(١) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على قبر مسكينة حين دفنت ليلا(٢) وصلّى على قبر رجل كان يقيم بالمسجد دفن ليلا(٣) .

وقال النخعي ، ومالك ، وأبو حنيفة : لا يصلى على القبور وإلا لصلي على قبر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) ، وهو مدفوع إذ الصلاة على القبر مقدرة بما يأتي.

مسألة ١٨٠ : اختلف في تقدير الصلاة على القبر في حق المدفون بغير صلاة‌ ، فقال بعض علمائنا : يصلى عليه يوما وليلة لا أزيد ، قاله المفيد(٥) .

وقال الشيخ : ثلاثة أيام ولا تجوز الصلاة بعدها(٦) ، لأنه بدفنه خرج عن أهل الدنيا فساوى من قبر في قبره ، خرج المقدر بالإجماع ، فيبقى الباقي على الأصل ، ولقول الكاظمعليه‌السلام : « لا تصلّ على المدفون »(٧) خرج ما قدرناه بالإجماع ، فيبقى الباقي.

وللشافعية أربعة أوجه ، أحدها : أنه يجوز إلى شهر ـ وبه قال‌

__________________

(١) المجموع ٥ : ٢٤٩ ، عمدة القارئ ٨ : ٢٦ ، المغني ٢ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٨.

(٢) سنن النسائي ٤ : ٦٩ ، الموطأ ١ : ٢٢٧ ـ ١٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٤٨ ، الموطأ برواية الشيباني : ١١٢ ـ ١١٣ ـ ٣١٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٩٠ ـ ١٥٣٣.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ١١٢ ـ ١١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٤٧.

(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٣٨.

(٥) المقنعة : ٣٨.

(٦) الخلاف ١ : ٧٢٦ مسألة ٥٤٩.

(٧) المعتبر : ٢٢٣ ، ورواه في التهذيب ٣ : ٢٠١ ـ ٤٧١ عن الامام الرضاعليه‌السلام .

٢٩

أحمد(١) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على البراء بن معرور بعد شهر(٢) ولم ينقل أكثر من ذلك.

ومنهم من قال : ما لم يبل جسده ويذهب ، لأنه حالة بقائه كهو حالة موته(٣) .

ومنهم من قال : يجوز أبدا(٤) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على شهداء أحد بعد ثماني سنين(٥) .

وقال أبو حنيفة : يصلي عليه الولي إلى ثلاث ، ولا يصلي غيره عليه بحال(٦) . والتخصيص لا وجه له.

وقال إسحاق : يصلي عليه الغائب إلى شهر ، والحاضر إلى ثلاث(٧) ، وكل ذلك محمول على الدعاء.

__________________

(١) المجموع ٥ : ٢٥٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٩٤ ـ ١٩٥ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٦ ، المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٤١ ، المغني ٢ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٢ ، عمدة القارئ ٨ : ٢٦ ، المحلى ٥ : ١٤٠.

(٢) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٣٦٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٤٩ ، أسد الغابة ١ : ١٧٤.

(٣) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٤١ ، المجموع ٥ : ٢٤٧ ، المغني ٢ : ٣٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٣ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٣١٥ ، شرح فتح القدير ٢ : ٨٤.

(٤) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٤١ ، المجموع ٥ : ٢٤٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٩٨ ، المغني ٢ : ٣٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٣.

(٥) صحيح البخاري ٥ : ١٢٠ ، مسند أحمد ٤ : ١٥٤ ، سنن أبي داود ٣ : ٢١٦ ـ ٣٢٢٤ ، سنن البيهقي ٤ : ١٤ ، سنن الدار قطني ٢ : ٧٨ ـ ١٠.

(٦) شرح فتح القدير ٢ : ٨٤ ، الكفاية ٢ : ٨٥ ، شرح العناية ٢ : ٨٤ ، المجموع ٥ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ، المغني ٢ : ٣٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٢ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٦ ، المحلى ٥ : ١٤٠.

(٧) المجموع ٥ : ٢٥٠ ، المغني ٢ : ٣٩١ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٣ ، المحلى ٥ : ١٤٠.

٣٠

تذنيب : هذا التقدير عندنا إنما هو على من لم يصلّ عليه ـ وبه قال أبو حنيفة(١) ـ خلافا للشافعي فإنه لم يشترط ذلك(٢) ، ولو قلع من لم يصلّ عليه صلّي عليه مطلقا.

مسألة ١٨١ : الشهيد يصلى عليه‌ عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الحسن البصري ، وسعيد بن المسيب ، والثوري ، وأبو حنيفة ، والمزني ، وأحمد في رواية(٣) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج يوما فصلّى على أهل أحد صلاته على الميت ثم انصرف إلى المنبر(٤) ، وقال ابن عباس : إن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على قتلى أحد وكان يقدمهم تسعة تسعة وحمزة عاشرهم(٥) ، ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كفن حمزة في ثيابه ولم يغسله ولكنه صلّى عليه »(٦) ، ولأن مرتبته عالية فشرعت الصلاة عليه كالأنبياء والأوصياء.

وقال الشافعي ، ومالك ، وإسحاق ، وأحمد في رواية : لا يصلى عليه(٧) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر بدفن شهداء أحد في دمائهم ، ولم يغسلهم ولم يصل عليهم(٨) ، ولأنه لم يغسل مع إمكان غسله فلم يصلّ عليه‌

__________________

(١) الهداية للمرغيناني ١ : ٩٢ ، شرح العناية ٢ : ٨٤ ، المجموع ٥ : ٢٤٩ ـ ٢٥٠ ، المغني ٢ : ٣٨٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٢.

(٢) المجموع ٥ : ٢٤٩ ، فتح العزيز ٥ : ١٩٢ ، المحلى ٥ : ١٤٠.

(٣) المجموع ٥ : ٢٦٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٥١ ، المغني ٢ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٠.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ١١٤ ، صحيح مسلم ٤ : ١٧٩٥ ـ ٢٢٩٦ ، سنن النسائي ٤ : ٦١ ـ ٦٢.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٤٨٥ ـ ١٥١٣ ، سنن البيهقي ٤ : ١٢.

(٦) الكافي ٣ : ٢١٢ ـ ٥ ، التهذيب ١ : ٣٣٢ ـ ٩٧٣.

(٧) الام ١ : ٢٦٧ ، مختصر المزني : ٣٧ ، المجموع ٥ : ٢٦٤ ، المغني ٢ : ٣٩٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٠ ، بداية المجتهد ١ : ٢٤٠.

(٨) صحيح البخاري ٢ : ١١٥ و ٥ : ١٣١ ، سنن أبي داود ٣ : ١٩٥ ـ ٣١٣٤ و ٣١٣٥ ، سنن الترمذي.

٣١

كسائر من لم يغسل ، ورواية الإثبات مقدمة ، وسقوط غسله لقولهعليه‌السلام : ( زملوهم بكلومهم فإنهم يحشرون يوم القيامة وأوداجهم تشخب دما )(١) .

مسألة ١٨٢ : ويصلى على المقتول ظلما ، أو دون ماله ، أو نفسه ، أو أهله‌ ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال الحسن ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد في رواية(٢) ـ لأن رتبته دون رتبة الشهيد في المعترك ، وقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صلّوا على من قال لا إله إلاّ الله )(٣) .

وفي رواية عن أحمد : لا يصلى عليه لأنه قتل شهيدا(٤) ، والمقدمتان ممنوعتان.

وأما من عداهم ممن أطلق عليه اسم الشهيد كما روي عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الشهداء خمس : المطعون ، والمبطون ، والغريق ، وصاحب الهدم ، والشهيد في سبيل الله )(٥) .

وروي زيادة : ( صاحب الحريق ، وصاحب ذات الجنب ، والمرأة تموت بجمع(٦) شهيدة )(٧) فإنهم يصلّى عليهم إجماعا ، وكذا النفساء ـ خلافا‌

__________________

(١) مسند أحمد ٥ : ٤٣١ ، سنن النسائي ٤ : ٧٨ و ٦ : ٢٩ ، سنن البيهقي ٤ : ١١ و ٩ : ١٦٤ ـ ١٦٥ و ١٧٠ ، الجامع الصغير ٢ : ٣٠ ـ ٤٥٦٣ ، عوالي اللئالي ٢ : ٢٠٨ ـ ١٢٨.

(٢) المجموع ٥ : ٢٦٧ ، المغني ٢ : ٤٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.

(٣) سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧ ، سنن البيهقي ٤ : ١٩.

(٤) المغني ٢ : ٤٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٦٧ ، صحيح مسلم ٣ : ١٥٢١ ـ ١٩١٤ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٧٧ ـ ١٠٦٣.

(٦) جمع : بضم الجيم أو كسرها وهي المرأة التي ماتت وولدها في بطنها. صحاح الجوهري ٣ : ١١٩٨ ، النهاية لابن الأثير ١ : ٢٩٦ « جمع ».

(٧) الموطأ ١ : ٢٣٣ ـ ٣٦ ، سنن أبي داود ٣ : ١٨٨ ـ ٣١١١ ، سنن النسائي ٤ : ١٤.

٣٢

للحسن البصري(١) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى على امرأة ماتت في نفاسها فقام وسطها(٢) .

مسألة ١٨٣ : وليس التمام شرطا فيصلّى على البعض الذي فيه الصدر والقلب ، أو الصدر نفسه‌ عند علمائنا ، لأن الصلاة ثبتت لحرمة النفس ، والقلب محل العلم ، ومنه تنبت الشرايين السارية في البدن ، فكأنه الإنسان حقيقة ، ولقول الكاظمعليه‌السلام في الرجل يأكله السبع فتبقى عظامه بغير لحم ، قال : « يغسل ويكفن ويصلى عليه ويدفن »(٣) .

فإذا كان الميت نصفين صلي على النصف الذي فيه القلب ، وعن محمد ابن عيسى عن بعض أصحابنا يرفعه قال : المقتول إذا قطع أعضاؤه يصلّى على العضو الذي فيه القلب(٤) .

وعن الصادقعليه‌السلام قال : « إذا وجد الرجل قتيلا فإن وجد له عضو من أعضائه تام صلي على ذلك العضو ودفن ، فإن لم يوجد له عضو تام لم يصلّ عليه ودفن » وذكره ابن بابويه(٥) ، ويحمل العضو التام على الصدر لاشتماله على ما لم يشتمل عليه غيره من الأعضاء.

وقال أبو حنيفة ، ومالك : إن وجد الأكثر صلي عليه وإلا فلا ، لأنه بعض لا يزيد على النصف فلم يصل عليه ، كالذي بان في حياة صاحبه‌

__________________

(١) المغني ٢ : ٤٠٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٣٢.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ١١١ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٦٤ ـ ٩٦٤ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٠٩ ـ ٣١٩٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٧٩ ـ ١٤٩٣ ، مسند احمد ٥ : ١٩ ، سنن النسائي ٤ : ٧٢.

(٣) الكافي ٣ : ٢١٢ ـ ١ ، الفقيه ١ : ٩٦ ـ ٤٤٤ ، التهذيب ١ : ٣٣٦ ـ ٩٨٣.

(٤) المعتبر : ٨٦.

(٥) الفقيه ١ : ١٠٤ ـ ٤٨٥ ، وانظر كذلك الكافي ٣ : ٢١٢ ـ ٣ ، والتهذيب ١ : ٣٣٧ ـ ٩٨٧.

٣٣

والشعر والظفر(١) . والفرق أنه من جملة لا يصلى عليها ، والشعر والظفر لا حياة فيهما.

ولو قطع نصفين عرضا صلّي على ما فيه الرأس ، وإن قطع طولا لم يصل عليه.

وقال الشافعي ، وأحمد : إن وجد بعضه مطلقا صلي عليه أي عضو كان(٢) .

قال الشافعي : ألقى طائر يدا بمكة من وقعة الجمل عرفت بالخاتم ، وكانت يد عبد الرحمن بن عتاب بن أسيد ، فصلّى عليها أهل مكة بمحضر من الصحابة(٣) ولأنه بعض من جملة تجب الصلاة عليها فيصلى عليه كالأكبر ، وأنكر البلاذري وقوع اليد بمكة وقال : وقعت باليمامة(٤) ، ولو سلّم فنمنع كون الفاعل ممن يحتج بفعله ، والفرق بين الصدر والعضو ما بيّناه.

فروع :

أ ـ لو وجد قطعة فيها عظم من الشهيد لم تغسل وكفنت ودفنت من غير صلاة ، ولو لم يكن شهيدا غسلت أيضا.

ب ـ لا فرق بين الرأس وغيره من الأعضاء.

ج ـ لو أبينت قطعة من حي في المعركة دفنت من غير غسل ولا صلاة‌

__________________

(١) المجموع ٥ : ٢٥٤ ـ ٢٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ١٤٤ ، بلغة السالك ١ : ٢٠٣ ، المغني ٢ : ٤٠٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٧.

(٢) الام ١ : ٢٦٨ ، المجموع ٥ : ٢٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ١٤٤ ، المغني ٢ : ٤٠٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٧.

(٣) الام ١ : ٢٦٨ ، المهذّب للشيرازي ١ : ١٤١ ، التلخيص الحبير ٥ : ٢٧٤.

(٤) حكاه المحقق في المعتبر : ٨٦.

٣٤

وإن كان فيها عظم ، لأنها من جملة لا تغسل ولا يصلى عليها على إشكال ينشأ من اختصاص الشهادة بالجملة.

د ـ لو وجد الصدر بعد دفن الميت غسل ، وصلي عليه ، ودفن إلى جانب القبر أو نبش بعض القبر ودفن ، ولا حاجة إلى كشف الميت ، ولو كان غير الصدر دفنت إن لم يكن ذات عظم وإلا غسلت ودفنت.

مسألة ١٨٤ : المرجوم يصلى عليه بعد أن يؤمر بالاغتسال‌ ثم يقام عليه الحد ثم يصلي عليه الإمام وغيره ، وكذا المرجومة ، ذهب إليه علماؤنا ـ وبه قال الشافعي إلا في تقديم الغسل(١) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رجم العامرية وصلّى عليها ، فقال عمر : ترجمها وتصلي عليها؟! فقال : ( لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم )(٢) ورجم عليعليه‌السلام شراحة الهمدانية وجاء أهلها إليه فقالوا : ما نصنع بها؟ فقال : « اصنعوا بها ما تصنعون بموتاكم »(٣) . ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام عن المرجوم والمرجومة : « ويصلى عليهما »(٤) ، والمقتص منه بمنزلة ذلك ، ولأنه مسلم قتل بحق فأشبه المقتول قصاصا.

وقال الزهري : المرجوم لا يصلى عليه(٥) ، وقال مالك : لا يصلي الإمام ويصلي غيره(٦) واحتجا بأن ماعزا رجمه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ولم‌

__________________

(١) المهذب لأبي إسحاق الشيرازي ١ : ١٤٢ ، المجموع ٥ : ٢٦٧.

(٢) صحيح مسلم ٣ : ١٣٢٤ ـ ١٦٩٦ ، مسند أحمد ٤ : ٤٣٥ ، سنن النسائي ٤ : ٦٣ ـ ٦٤ ، سنن أبي داود ٤ : ١٥١ ـ ١٥٢ ـ ٤٤٤٠ ، سنن الترمذي ٤ : ٤٢ ـ ١٤٣٥ ، سنن الدار قطني ٣ : ١٢٧ ـ ١٤٤.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، كنز العمال ٥ : ٤٢٢ ـ ١٣٤٩٣ نقله عن مصنف عبد الرزاق.

(٤) الكافي ٣ : ٢١٤ ـ ١ ، الفقيه ١ : ٩٦ ـ ٤٤٣ رواه مرسلا عن عليعليه‌السلام ، التهذيب ١ : ٣٣٤ ـ ٩٧٨. وفي الجميع قطعة من حديث.

(٥) المجموع ٥ : ٢٦٧ ، المحلى ٥ : ١٧٢.

(٦) المدونة الكبرى ١ : ١٧٧ ، المنتقى للباجي ٢ : ٢١ ، المجموع ٥ : ٢٦٧.

٣٥

يصل عليه(١) ، قال الزهري : ولم ينقل أنه أمر بالصلاة عليه(٢) ، وليس بجيد ، لأن ما لم يكره لغير الإمام لم يكره للإمام كسائر الموتى ، وعدم النقل لا يدل على العدم ، مع وروده عاما في قولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صلوا على من قال لا إله إلاّ الله )(٣) .

مسألة ١٨٥ : ولد الزنا يصلى عليه‌ ، وبه قال جميع الفقهاء ، وقال قتادة : لا يصلى عليه(٤) ، وهو غلط ، لأنه مخالف لإجماع انعقد قبله أو بعده ، ولعموم الأخبار(٥) ، ولأنه مسلم غير مقتول في المعركة فأشبه ولد الحلال ، ويجي‌ء على قول من يذهب إلى كفره من علمائنا(٦) تحريم الصلاة عليه.

ويصلّى أيضا على النفساء ـ وبه قال جميع الفقهاء ـ لما تقدم(٧) .

وقال الحسن البصري : لا يصلّى عليها ، ويصلى على سائر المسلمين من أهل الكبائر(٨) .

وكذا من لا يعطي زكاة ماله ، وتارك الصلاة ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج إلى قبا فاستقبله رهط من الأنصار يحملون جنازة على باب ، فقال‌

__________________

(١) سنن أبي داود ٣ : ٢٠٦ ـ ٣١٨٦ ، سنن البيهقي ٤ : ١٩.

(٢) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفرة عندنا.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧.

(٤) المجموع ٥ : ٢٦٧.

(٥) الكافي ٣ : ٤٠ ـ ٢ ، الفقيه ١ : ٤٥ ـ ١٧٦ ، التهذيب ١ : ١٠٤ ـ ٢٧٠ ، الاستبصار ١ : ٩٧ ـ ٣١٥ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٩ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧.

(٦) هو ابن إدريس في السرائر : ٨١ ، ١٨٣ ، ٢٤١ ، ٢٨٧.

(٧) تقدم في المسألة ١٨٢.

(٨) المغني ٢ : ٤٠٣ ، حلية العلماء ٢ : ٣٠٥.

٣٦

النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما هذا؟ ) قالوا : مملوك لآل فلان ، قال : ( أكان يشهد أن لا إله إلاّ الله؟ ) قالوا : نعم ، ولكنه كان وكان ، فقال : ( أكان يصلي؟ ) فقالوا : قد كان يصلي ويدع ، فقال لهم : ( ارجعوا به فغسلوه ، وكفنوه وصلّوا عليه ، وادفنوه ، والذي نفسي بيده لقد كادت الملائكة تحول بيني وبينه )(١) .

مسألة ١٨٦ : ويصلى على الغالّ‌ ، وهو الذي يكتم غنيمته أو بعضها ليأخذه لنفسه ويختص به الإمام وغيره ، وكذا قاتل نفسه متعمدا ـ وبه قال عطاء ، والنخعي والشافعي(٢) ـ لقولهعليه‌السلام : ( صلّوا على من قال : لا إله إلا الله )(٣) ومن طريق الخاصة قول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صلوا على المرجوم من أمتي وعلى القاتل نفسه من أمتي ، لا تدعوا أحدا من أمتي بلا صلاة )(٤) .

وقال أحمد : لا يصلي الإمام عليهما ويصلي غيره(٥) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جاءوه برجل قتل نفسه بمشاقص فلم يصلّ عليه(٦) ، وتوفي رجل من جهينة يوم خيبر ، فذكر ذلك لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( صلّوا على صاحبكم ) فتغيرت وجوه القوم ، فلما رأى ما بهم ، قال : ( إن صاحبكم غلّ من الغنيمة )(٧) .

__________________

(١) ورد نحوه في مجمع الزوائد ٣ : ٤١ وانظر المغني ٢ : ٤٢٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٧.

(٢) المجموع ٥ : ٢٦٧ ، المغني ٢ : ٤١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٥.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ١٩ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٦ ـ ٣ و ٤ ، الجامع الصغير ٢ : ٩٨ ـ ٥٠٣٠ ، مجمع الزوائد ٢ : ٦٧.

(٤) الفقيه ١ : ١٠٣ ـ ٤٨٠ ، التهذيب ٣ : ٣٢٨ ـ ١٠٢٦ ، الإستبصار ١ : ٤٦٨ ـ ٤٦٩ ـ ١٨١٠.

(٥) المغني ٢ : ٤١٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٥٥ ، المجموع ٥ : ٢٦٧.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٦٧٢ ـ ٩٧٨ ، سنن النسائي ٤ : ٦٦ ، سنن أبي داود ٣ : ٢٠٦ ـ ٣١٨٥ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٨٨ ـ ١٥٢٦ ، المحرر في الحديث ١ : ٣١٠ ـ ٥٢١.

(٧) مسند احمد ٤ : ١١٤ و ٥ : ١٩٢.

٣٧

وليس حجة لسقوط الفرض بغيره ، ويعارض بالمديون فإنهعليه‌السلام كان يقول إذا أتي بالميت : ( هل على صاحبكم دين؟ ) فإن قالوا : نعم ، قال : ( صلّوا على صاحبكم )(١) ، مع أن الصلاة عليه مشروعة بالإجماع ، ولعلهعليه‌السلام فعل ذلك ليحصل الانتهاء فإن في صلاته سكنا ، وكان ذلك لطفا للمكلفين.

مسألة ١٨٧ : وتجب الصلاة على كل مسلم ومن بحكمه‌ ممن له ستّ سنين ، سواء الذكر والأنثى ، والحر والعبد ، بلا خلاف ، وعلى الفاسق ، لأن هشام بن سالم سأل الصادقعليه‌السلام عن شارب الخمر ، والزاني ، والسارق ، يصلى عليهم إذا ماتوا؟ فقال : « نعم »(٢) .

ويستحب على من نقص سنه عن ست إن ولد حيا ، ولا صلاة لو سقط وإن ولجته الروح ، ولا على الأبعاض غير الصدر وإن علم الموت.

البحث الثاني : المصلي.

مسألة ١٨٨ : الولي‌ ـ وهو القريب ـ أحق ممن أوصى إليه الميت ـ وبه قال الثوري ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي(٣) ـ لقوله تعالى( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ ) (٤) ، ولأنها ولاية تترتب ترتب العصبات ، فالولي أولى كولاية النكاح ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « يصلي على الجنازة أولى‌

__________________

(١) صحيح البخاري ٣ : ١٢٨ ، صحيح مسلم ٣ : ١٢٣٧ ـ ١٦١٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٣٨١ ـ ١٠٦٩ ، مجمع الزوائد ٣ : ٤٠ ، سنن النسائي ٤ : ٦٥ و ٦٦ ، مسند احمد ٢ : ٢٩٠ و ٣٨٠ ـ ٣٨١ و ٣٩٩ و ٣ : ٢٩٦.

(٢) الفقيه ١ : ١٠٣ ـ ٤٨١ ، التهذيب ٣ : ٣٢٨ ـ ١٠٢٤ ، الاستبصار ١ : ٤٦٨ ـ ١٨٠٨.

(٣) المجموع ٥ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٦٠ ، شرح فتح القدير ٢ : ٨٢ ، المغني ٢ : ٣٦٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٠٨ ، أقرب المسالك : ٣٤ ، بلغة السالك ١ : ١٩٨ ، الشرح الصغير ١ : ١٩٨.

(٤) الأنفال : ٧٥.

٣٨

الناس بها ، أو يأمر من يحب »(١) .

وقال أحمد : الموصى إليه أولى ـ وبه قال أنس ، وزيد بن أرقم ، وأم سلمة ، وابن سيرين ، وإسحاق(٢) ـ لأن أبا بكر أوصى أن يصلي عليه عمر وعمر أوصى أن يصلي عليه صهيب ، وأوصت عائشة أن يصلي عليها أبو هريرة ، وابن مسعود أوصى أن يصلي عليه الزبير ، ويونس بن جبير أوصى أن يصلي عليه أنس بن مالك ، وأبو سريحة أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم فجاءه عمرو بن حريث ـ وهو أمير الكوفة ـ ليتقدم فيصلي عليه فقال ابنه : أيها الأمير إن أبي أوصى أن يصلي عليه زيد بن أرقم ، فقدّم زيدا(٣) وهذا منتشر فكان إجماعا ، وهو ممنوع.

ولو كان الوصي فاسقا لم تقبل الوصية إجماعا.

مسألة ١٨٩ : الولي أولى من الوالي‌ عند علمائنا ـ وهو قول الشافعي في الجديد(٤) ـ لقوله تعالى( وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ ) (٥) ولقول الصادقعليه‌السلام : « يصلي على الجنازة أولى الناس بها »(٦) ولأنها ولاية يعتبر فيها ترتيب العصبات فيقدم فيها الولي على الوالي كولاية النكاح.

وقال الشافعي في القديم ـ وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وإسحاق ـ : الوالي أولى ، ونقله الجمهور عن عليعليه‌السلام ، وجماعة من‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ١٧٧ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ـ ٤٨٣.

(٢) المغني ٢ : ٣٦٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٠٨ ، المجموع ٥ : ٢٢٠ ، فتح العزيز ٥ : ١٦٠.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢٨٥ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٩ وانظر المجموع ٥ : ٢٢٠ ـ ٢٢١ ، المغني ٢ : ٣٦٢ ـ ٣٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٠٨.

(٤) الام ١ : ٢٧٥ ، المجموع ٥ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٦.

(٥) الأنفال : ٧٥.

(٦) الكافي ٣ : ١٧٧ ـ ١ ، التهذيب ٣ : ٢٠٤ ـ ٢٠٥ ـ ٤٨٣.

٣٩

التابعين(١) لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا يؤم الرجل في سلطانه )(٢) وحكى أبو حازم قال : شهدت حسينا حين مات الحسنعليهما‌السلام وهو يدفع في قفا سعيد بن العاص ويقول : « تقدم فلو لا السنة ما قدمتك »(٣) وسعيد أمير المدينة ، والخبر محمول على غير صلاة الجنازة ، وحديث الحسينعليه‌السلام ـ كما قالت الشافعية(٤) ـ أراد بذلك إطفاء الفتنة ، ومن السنة إطفاء الفتنة.

قالوا : صلاة شرعت فيها الجماعة فكان الإمام أحق بالإمامة كسائر الصلوات(٥) .

قلنا : الفرق أن الغرض من هذه الصلاة ، الدعاء للميت والحنو عليه فيه ، فالولي أحق بذلك.

تذنيب : إمام الأصل أولى من كل أحد ، ويجب على الولي تقديمه ، لأن عليّاعليه‌السلام ، قال : « الإمام أحق من صلّى على الجنازة »(٦) ولأن للإمام منزلة النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في الولاية ، وقال تعالى( النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ ) (٧) ومن طريق الخاصة ما رواه الصادقعليه‌السلام عن‌

__________________

(١) المجموع ٥ : ٢١٧ ، فتح العزيز ٥ : ١٥٨ ـ ١٥٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣٤٧ ، المغني ٢ : ٣٦٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٠٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٦٢ ، شرح فتح القدير ٢ : ٨١ ، المدونة الكبرى ١ : ١٨٨ ، المنتقى للباجي ٢ : ١٩.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٤٦٥ ـ ٦٧٣ ، سنن الترمذي ١ : ٤٥٨ ـ ٤٥٩ ـ ٢٣٥ ، سنن النسائي ٢ : ٧٦ و ٧٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣١٣ ـ ٣١٤ ـ ٩٨٠ ، سنن أبي داود ١ : ١٥٩ ـ ٥٨٢ و ٥٨٣ ، مسند الطيالسي : ٨٦ ـ ٦١٨ ، مسند احمد ٤ : ١١٨ و ١٢١ و ٥ : ٢٧٢.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ٢٩ ، مجمع الزوائد ٣ : ٣١.

(٤) فتح العزيز ٥ : ١٥٨ ـ ١٥٩.

(٥) فتح العزيز ٥ : ١٥٨ ـ ١٥٩.

(٦) مصنف ابن أبي شيبة ٣ : ٢٨٦.

(٧) الأحزاب : ٦.

٤٠

أبيه ، عن آبائهعليهم‌السلام قال : « قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : إذا حضر سلطان الله جنازة فهو أحق بالصلاة عليها إن قدّمه ولي الميت وإلا فهو غاصب »(1) .

مسألة 190 : والولي هو الأحق بميراثه‌ لثبوت الأولوية في طرفه بحكم الآية(2) ، إذا عرفت هذا ، فالأب أولى من الجد ومن غيره من الأقارب كالولد وولد الولد والإخوة ، ذهب إليه علماؤنا ، وبه قال أحمد ، والشافعي(3) .

وقال مالك : الابن أولى من الأب لأنه أقوى تعصيبا منه كالإرث(4) ، وليس بجيد لأن كل واحد منهما يدلي بنفسه لكن الأب أرق وأشفق على الميت ودعاؤه لابنه أقرب إلى الإجابة.

مسألة 191 : الجدّ للأب أولى من الأخ وإن كان من الأبوين‌ ـ وبه قال الشافعي ، وأحمد(5) ـ لما تقدم من أن الأب أشفق وأكثر حنوا وأقرب إجابة للدعاء.

وقال مالك : الأخ أولى ، لأنه يدلي ببنوة أبيه ، والجدّ يدلي بأبوة ابنه ، والبنوة عنده أولى من الأبوة(6) وتقدم بطلانه.

__________________

(1) التهذيب 3 : 206 ـ 490.

(2) الأنفال : 75.

(3) الام 1 : 275 ، المجموع 5 : 218 ، فتح العزيز 5 : 159 ، المغني 2 : 364 ، الشرح الكبير 2 : 309 ، الإنصاف 2 : 472 ، المبسوط للسرخسي 2 : 63.

(4) المدونة الكبرى 1 : 188 ، المنتقى للباجي 2 : 19 ، القوانين الفقهية : 93 ، المجموع 5 : 221 ، المغني 2 : 364 ، الشرح الكبير 2 : 309.

(5) الام 1 : 275 ، المجموع 5 : 218 ، فتح العزيز 5 : 159 ، السراج الوهاج : 109 ، مغني المحتاج 1 : 347 ، المغني 2 : 364 ، الشرح الكبير 2 : 309.

(6) المدونة الكبرى 1 : 188 ، المجموع 5 : 221 ، المغني 2 : 364 ، الشرح الكبير 2 : 309.

٤١

فروع :

أ ـ الابن أولى من الجدّ عندنا ، لأنه أولى بالميراث ، وبه قال مالك(1) ، وقال الشافعي ، وأحمد : الجدّ أولى(2) لما تقدم.

ب ـ ابن الابن أولى من الجدّ وإن كان للأب ، لأنه أولى بالميراث ، خلافا للشافعي ، وأحمد(3) .

ج ـ قال الشيخ في المبسوط : الأب أولى ، ثم الولد ، ثم ولد الولد ، ثم الجدّ للأب ، ثم الأخ للأبوين ، ثم الأخ للأب ، ثم الأخ للأم ، ثم العم ، ثم الخال ، ثم ابن العم ، ثم ابن الخال ، وبالجملة الأولى بالميراث أولى بالصلاة(4) ، فعلى قوله الأكثر نصيبا يكون أولى ، لأنه قدّم العم على الخال مع تساويهما في الدرجة ، وكذا الأخ للأب مع الأخ للأم.

وللحنابلة وجهان في تقديم الأخ من الأبوين على الأخ من الأب أو التسوية ، قياسا على النكاح ، وكذلك الوجهان عندهم في الأعمام وأولادهم(5) .

وقال الشافعي في أكثر كتبه : الأخ من الأبوين أولى من الأخ للأب ، وفيه قول آخر له بالتسوية ، إذ الأم لا مدخل لها في الترجيح(6) ، وكذا القولان‌

__________________

(1) المدونة الكبرى 1 : 188 ، المنتقى للباجي 2 : 19 ، المجموع 5 : 221.

(2) الام 1 : 275 ، المجموع 5 : 221 ، فتح العزيز 5 : 159 ، السراج الوهاج : 109 ، مغني المحتاج 1 : 347 ، المغني 2 : 364 ، الشرح الكبير 2 : 309.

(3) الام 1 : 275 ، فتح العزيز 5 : 159 ، السراج الوهاج : 109 ، مغني المحتاج 1 : 347 ، المغني 2 : 364 ، الشرح الكبير 2 : 309.

(4) المبسوط للطوسي 1 : 183.

(5) المغني 2 : 364 ، الشرح الكبير 2 : 310.

(6) الام 1 : 275 ، الوجيز 1 : 76 ، المجموع 5 : 218 ، فتح العزيز 5 : 159 ، مغني المحتاج 1 : 347 ، السراج الوهاج : 109.

٤٢

للشافعي في تقديم العم للأبوين على العم من الأب(1) ، وعندنا أن المتقرب بالأبوين أولى لأنه الوارث خاصة ، ولو كان ابنا عم أحدهما أخ لأم ، ففي تقديمه عنده قولان(2) ، وعندنا يقدم ، لاختصاصه بالميراث.

د ـ لو عدم العصبات ، قال الشافعي : يقدم المعتق(3) ، لقولهعليه‌السلام : ( الولاء لحمة كلحمة النسب )(4) وليس به بأس.

مسألة 192 : الزوج أولى من كل أحد‌ ـ وروي عن ابن عباس أنه أولى من العصبات ، وبه قال الشعبي ، وعطاء ، وعمر بن عبد العزيز ، وإسحاق ، وأحمد في رواية(5) ـ لأنه أحق بالغسل فكان أحقّ بالصلاة ، ولاطلاعه على عورة المرأة ، وليس كذلك المحارم ، وسئل الصادقعليه‌السلام المرأة تموت من أحق بالصلاة عليها؟ قال : « زوجها » قلت : الزوج أحق من الأب والولد والأخ؟ قال : « نعم »(6) .

وقال سعيد بن المسيب ، والزهري ، وأبو حنيفة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد في رواية : العصبات أولى من الزوج(7) ، لأن عمر قال لأهل امرأته : أنتم أحق بها(8) ولا حجة فيه.

__________________

(1) المجموع 5 : 218 ، مغني المحتاج 1 : 347 ، فتح العزيز 5 : 159.

(2) المجموع 5 : 218 ، مغني المحتاج 1 : 347.

(3) الوجيز 1 : 76 ، فتح العزيز 5 : 159 ، المجموع 5 : 218.

(4) سنن الدارمي 2 : 398 ، المستدرك للحاكم 4 : 341 ، سنن البيهقي 6 : 240 و 10 : 292 و 293 ، مجمع الزوائد 4 : 231 ، اختلاف الحديث : 121 ، المحرر في الحديث 2 : 529 ـ 967 ، الجامع الصغير 2 : 723 ـ 9687.

(5) المغني 2 : 364 ، الشرح الكبير 2 : 309 ـ 310 ، وانظر سنن البيهقي 3 : 397 ، مصنف ابن أبي شيبة 3 : 363.

(6) الكافي 3 : 177 ـ 2 و 3.

(7) بدائع الصنائع 1 : 317 ـ 318 ، شرح فتح القدير 2 : 83 ، المجموع 5 : 221 ، المدونة الكبرى 1 : 188 ، المغني 2 : 364 ، الشرح الكبير 2 : 309.

(8) مصنف ابن أبي شيبة 3 : 363 ، وانظر المغني 2 : 364 ، المبسوط للسرخسي 2 : 63.

٤٣

تذنيب : وافقنا أبو حنيفة في أولوية الزوج من الابن منها(1) .

وقال الشافعي : الابن أولى لأن الزوج لا ولاية له فكان الولي أولى(2) .

مسألة 193 : إذا ازدحم الأولياء ، قدم الأقرأ ، فالأفقه ، فالأسن‌ ، وبالجملة يقدم الأولى في المكتوبة ـ وهو أحد قولي الشافعي(3) ـ لقولهعليه‌السلام : ( يؤمكم أقرؤكم )(4) وقالعليه‌السلام : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله )(5) وهو على إطلاقه. والقول الآخر : يقدم الأسن ، لأن سائر الصلوات تتعلق بحق الله تعالى خاصة ، فقدم من هو أعلم بشرائطها ، وهنا الأسن أقرب إلى إجابة الدعاء ، وأعظم عند الله قدرا(6) ، ونمنع كون الأسن الجاهل أعظم قدرا من العالم وأقرب إجابة.

مسألة 194 : وإنما يتقدم الولي إذا كان بشرائط الإمامة‌ ، وسيأتي بيانها في صلاة الجماعة إن شاء الله ، فإن لم يستكملها استناب ـ وعليه علماؤنا أجمع ـ ومن قدمه الولي فهو بمنزلة الولي ، وليس له أن يستنيب لاختصاصه باعتقاد إجابة دعائه.

ويستحب للولي أن يقدم الهاشمي مع اجتماع الشرائط ، لقولهعليه‌السلام : ( قدموا قريشا ولا تقدموها )(7) وليس له التقدم بدون إذن الولي‌

__________________

(1) شرح فتح القدير 2 : 83 ، المجموع 5 : 221 ، المغني 2 : 364 ، الشرح الكبير 2 : 309 ـ 310.

(2) المجموع 5 : 221 ، الميزان 1 : 206.

(3) الام 1 : 275 ، المجموع 5 : 218 ، فتح العزيز 5 : 160.

(4) سنن أبي داود 1 : 159 ـ 160 ـ 585.

(5) صحيح مسلم 1 : 465 ـ 673 ، سنن الترمذي 1 : 459 ـ 235 ، سنن النسائي 2 : 76 ، سنن ابن ماجة 1 : 313 ـ 980 ، سنن أبي داود 1 : 159 ـ 582 ـ 583 ، مسند الطيالسي : 86 ـ 618 ، مسند أحمد 4 : 118 و 121 و 5 : 272.

(6) الام 1 : 275 ، المجموع 5 : 218 ، فتح العزيز 5 : 160 ، السراج الوهاج : 109.

(7) ترتيب مسند الشافعي 2 : 194 ـ 691 ، الجامع الكبير 1 : 605 ، الجامع الصغير 2 : 253 ـ 6108

٤٤

بالإجماع إلا إمام الأصل.

والحر البعيد أولى من العبد القريب ، والفقيه العبد أولى من غيره الحر.

فإن اجتمع صبي ومملوك ونساء فالمملوك أولى ، لأنه تصح إمامته ، فإن كان نساء وصبيان ، قال الشافعي : يقدم الصبيان لأن صلاتهن خلفه جائزة دون العكس(1) ، وعند الحنابلة لا يؤم أحد النوعين الآخر بل يصلي كل نوع بإمام منه(2) ، ولو تساوى الأولياء وتشاحوا أقرع ـ وبه قال الشافعي(3) ـ لتساوي حقوقهم.

مسألة 195 : لو لم يكن معه إلا نساء صلّين عليه جماعة‌ تقف إمامتهن وسطهن ولا تبرز ـ وبه قال أحمد ، وأبو حنيفة(4) ـ لأنهن من أهل الجماعة فيصلين جماعة كالرجال ، وقد صلّى أزواج النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله على سعد بن أبي وقاص(5) .

ومن طريق الخاصة سئل الباقرعليه‌السلام المرأة تؤم النساء؟ قال : « لا إلاّ على الميت إذا لم يكن أحد أولى منها ، تقوم وسطهن وتكبر ويكبرن »(6) .

__________________

و 6109 ، مجمع الزوائد 10 : 25 ، الكامل لابن عدي 5 : 1810.

(1) المجموع 5 : 219 ، فتح العزيز 5 : 159.

(2) المغني 2 : 365 ، الشرح الكبير 2 : 310.

(3) المجموع 5 : 219 ، فتح العزيز 5 : 162.

(4) المغني 2 : 365 ، الشرح الكبير 2 : 310 ، المجموع 5 : 215.

(5) صحيح مسلم 2 : 668 ـ 973 ، سنن البيهقي 4 : 51.

(6) الفقيه 1 : 259 ـ 1177 ، التهذيب 3 : 206 ـ 488 ، الاستبصار 1 : 427 ـ 1648.

٤٥

وقال الشافعي في وجه : يصلّين منفردات لا يسبق بعضهن بعضا ، وإن صلّين جماعة جاز أن تقف الإمامة وسطهن ، لأن النساء لم تسن لهن الصلاة على الجنائز فلم تشرع لهن الجماعة(1) والأولى ممنوعة.

وفي الوجه الآخر : لا يكفي جنس النساء(2) ، لأن الرجال أكمل ، وتوقّع الإجابة في دعائهم أكثر ، ولأن فيه استهانة بالميت.

ولو تعذر جنس الرجال أجزأت صلاتهنّ إجماعا.

فروع :

أ ـ يجوز للشابة أن تخرج إلى الجنازة ، لقول الصادقعليه‌السلام : « توفيت زينب فخرجت أختها فاطمة بنت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في نسائها فصلّت عليها »(3) لكن يكره ، لما فيه من الافتتان.

قال الصادقعليه‌السلام : « ليس ينبغي للشابة أن تخرج إلى الجنازة تصلي عليها إلا أن تكون امرأة دخلت في السن »(4) .

ب ـ لو صلّت المرأة على الميت سقط الفرض عن الرجال وإن كانت حال اختيار ، لأنه فرض على الكفاية قام به من يصح إيقاعه منه فيسقط عن الباقين ، أما الصبي فلا يسقط الفرض بصلاته وإن كان مميزا مراهقا.

ج ـ العراة كالنساء يصلّون جماعة يقف إمامهم وسطهم ، ولا يتقدم لئلاّ تبدو عورته ، ولا يقعد.

__________________

(1) المجموع 5 : 215 ، المغني 2 : 365 ، الشرح الكبير 2 : 310.

(2) المجموع 5 : 213.

(3) التهذيب 3 : 333 ـ 1043 ، الاستبصار 1 : 485 ـ 1880.

(4) التهذيب 3 : 333 ـ 334 ـ 1044 ، الإستبصار 1 : 486 ـ 1881.

٤٦

مسألة 196 : لا يجوز لجامع الشرائط التقدم بغير إذن الولي‌ المكلف وإن لم يستجمع الشرائط ، لأنه حق له فليس لأحد مزاحمته فيه ، ولو لم يكن هناك ولي تقدم بعض المؤمنين.

ولو اجتمع جنائز فتشاح أولياؤهم فيمن يقدم للصلاة عليهم قدم أولاهم بالإمامة في الفرائض ، لقولهعليه‌السلام : ( يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله )(1) ويحتمل تقديم من سبق ميته ، ولو أراد ولي كل ميت إفراد ميته بصلاة جاز إجماعا.

البحث الثالث : في مقدماتها.

مسألة 197 : يستحب تربيع الجنازة‌ ـ وهو حملها من جوانبها الأربع ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال أبو حنيفة ، والثوري ، وأحمد(2) ـ لقول ابن مسعود : إذا تبع أحدكم جنازة فليأخذ بجوانب السرير الأربعة ، ثم ليتطوع بعد أو ليذر فإنه من السنة(3) . ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « يبدأ في الحمل من الجانب الأيمن ، ثم يمر عليه من خلفه إلى الجانب الآخر حتى يرجع إلى المقدم كذلك دور الرحى »(4) .

وقال الشافعي : حملها بين العمودين أولى من حملها من الجوانب‌

__________________

(1) صحيح مسلم 1 : 465 ـ 673 ، سنن الترمذي 1 : 458 ـ 235 ، سنن النسائي 2 : 76 ، سنن ابن ماجة 1 : 313 ـ 980 ، سنن أبي داود 1 : 159 ـ 582 ـ 583 ، مسند الطيالسي : 86 ـ 618 ، مسند أحمد 4 : 118 و 121 و 5 : 272.

(2) المبسوط للسرخسي 2 : 56 ، بدائع الصنائع 1 : 309 ، الهداية للمرغيناني 1 : 93 ، شرح العناية 2 : 95 ، المغني 2 : 361 ، الشرح الكبير 2 : 360 و 361 ، المجموع 5 : 270.

(3) سنن البيهقي 4 : 20 ، مصنف ابن أبي شيبة 3 : 283 ، سنن ابن ماجة 1 : 474 ـ 1478.

(4) الكافي 3 : 169 ـ 4 ، التهذيب 1 : 453 ـ 1474 ، الإستبصار 1 : 216 ـ 763.

٤٧

الأربعة(1) لأن عثمان حمل سرير امه بين العمودين ، وحمل أبو هريرة سرير سعد بن أبي وقاص كذلك ، وحمل الزبير سرير المسور بن مخزمة كذلك(2) وليس حجة ، وكرهه النخعي ، والحسن ، وأبو حنيفة ، وإسحاق(3) .

وقال مالك : ليس في حمل الميت توقيت يحمل من حيث شاء.

ونحوه قال الأوزاعي(4) .

فروع :

أ ـ قال الشيخ في الخلاف : صفة التربيع أن يبدأ بيسرة الجنازة ويأخذها بيمينه ويتركها على عاتقه ويربع(5) الجنازة ويمشي إلى رجليها ويدور دور الرحى إلى أن يرجع إلى يمنة الجنازة فيأخذ ميامن الجنازة بمياسره ، وبه قال سعيد بن جبير ، والثوري ، وإسحاق(6) .

وقال الشافعي ، وأبو حنيفة : يبدأ بمياسر مقدم السرير فيضعها على عاتقه الأيمن ، ثم يتأخر فيأخذ مياسره فيضعها على عاتقه الأيمن ، ثم يعود إلى مقدمه فيأخذ بميامن مقدمه فيضعها على عاتقه الأيسر ، ثم يتأخر فيأخذ بميامنه فيأخذ ميمنة مؤخره فيضعها على عاتقه الأيسر(7) .

واستدل على قوله بإجماع الفرقة(8) ، مع أنه قال في النهاية ، والمبسوط :

__________________

(1) مختصر المزني : 37 ، المجموع 5 : 269 ـ 270 ، فتح العزيز 5 : 142.

(2) سنن البيهقي 4 : 20 ، ترتيب مسند الشافعي 1 : 212 ـ 587 ـ 590.

(3) بدائع الصنائع 1 : 309 ، المجموع 5 : 269 ـ 270 ، المغني 2 : 361 ، الشرح الكبير 2 : 362.

(4) المدونة الكبرى 1 : 176 ، المجموع 5 : 270 ، المغني 2 : 361 ، الشرح الكبير 2 : 362.

(5) في المصدر : يرفع.

(6) المغني 2 : 361 ، الشرح الكبير 2 : 361.

(7) مختصر المزني : 37 ، المجموع 5 : 269 ، فتح العزيز 5 : 141 ـ 142 ، شرح فتح القدير 2 : 96 ـ 97 ، شرح العناية 2 : 97 ، المغني 2 : 361 ، الشرح الكبير 2 : 361.

(8) الخلاف 1 : 718 مسألة 531.

٤٨

يبدأ بمقدم السرير الأيمن ثم يمر عليه إلى مؤخره ثم بمؤخر السرير الأيسر ويمر عليه إلى مقدمة دور الرحى(1) ، وعليه دلّت الرواية(2) وهو أولى.

ب ـ صفة الحمل بين العمودين أن يدخل رأسه بين العمودين المقدمين ويتركهما على عاتقيه ، ولا يمكن مثل ذلك في المؤخر لأنه يكون وجهه إلى الميت لا يبصر طريقه ، فيحمل العمودين رجلان يجعل كل واحد منهما أحد العمودين على عاتقه ، كما يفعل في التربيع.

ج ـ لو ثقل حمله من جوانب السرير زيد من يخففه على الحاملين ، وعند الشافعي لو أدخلوا عمودا آخر يكون بين ستة أو ثمانية جاز على قدر الحاجة(3) .

د ـ يحمل على سرير ، أو لوح ، أو محمل ، أو أي شي‌ء حمل عليه أجزأ ، ولا بأس بالتابوت ، وأول من وضعه فاطمةعليها‌السلام (4) ، لأنه أستر خصوصا للنساء ، ولو خيف عليه الانفجار والتغيير قبل أن يهيّأ له ما يحمل عليه جاز حمله على

الأيدي والرقاب ، وإن فعل لا مع الحاجة جاز.

وقول الشيخ : يكره التابوت إجماعا(5) يعني بذلك دفن الميت به لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يفعله ولا أحد من الصحابة.

مسألة 198 : قال الشيخ : يكره الإسراع بالجنازة‌. واستدل بإجماع‌

__________________

(1) المبسوط للطوسي 1 : 183 ، النهاية : 37.

(2) الكافي 3 : 169 ـ 4 ، التهذيب 1 : 453 ـ 1474 ، الاستبصار 1 : 216 ـ 763.

(3) المجموع 5 : 269 ـ 270.

(4) الكافي 3 : 251 ـ 6 ، التهذيب 1 : 469 ـ 1539 و 1540 ، الفقيه 1 : 124 ـ 597 ، وانظر سنن البيهقي 4 : 34.

(5) المبسوط للطوسي 1 : 187.

٤٩

الفرقة(1) ، ولأنه قد ورد : « من مشى خلف جنازة كتب له بكل خطوة قيراط من الأجر »(2) ولقولهعليه‌السلام : ( عليكم بالقصد في جنائزكم )(3) .

وأطبق الجمهور على استحبابه لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( أسرعوا بالجنازة ، فإن تكن صالحة فخيرا تقدموها إليه ، وإن تكن شرا فشرا تضعونه عن رقابكم )(4) واختلفوا ، فقال الشافعي : المستحب إسراع لا يخرج عن المشي المعتاد ، بل فوق العادة ودون الخبب(5) (6) ، لقول ابن مسعود : سألنا نبيّنا عن المشي بالجنازة فقال : ( ما دون الخبب )(7) .

وقال أصحاب الرأي : يخبّ ويرمل(8) لقول عبد الرحمن : كنا في جنازة عثمان بن أبي العاص ، وكنا نمشي مشيا خفيفا ، فلحقنا أبو بكرة فرفع سوطه ، فقال : لقد رأيتنا مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله نرمل رملا(9) ، والجواب : لعلّه حصل خوف على الميت ، وحينئذ يجوز الإسراع إجماعا.

__________________

(1) الخلاف 1 : 718 مسألة 532.

(2) ورد نحوه في الكافي 3 : 173 ـ 4 و 5 ، التهذيب 1 : 455 ـ 1485 ، الفقيه 1 : 98 ـ 454 و 99 ـ 455.

(3) مصنف ابن أبي شيبة 3 : 281 ، سنن البيهقي 4 : 22.

(4) مصنف ابن أبي شيبة 3 : 281 ، صحيح البخاري 2 : 108 ، صحيح مسلم 2 : 652 ـ 944 ، سنن أبي داود 3 : 205 ـ 3181 ، سنن الترمذي 3 : 335 ـ 1015 ، سنن النسائي 4 : 42 ، سنن ابن ماجة 1 : 474 ـ 1477 ، الموطأ 1 : 243 ـ 56 ، الترغيب والترهيب 4 : 344 ـ 345 ـ 1.

(5) الخبب : بخاء معجمة مفتوحة وباءين موحدتين : ضرب من العدو ، وقيل : هو مثل الرمل.

لسان العرب 1 : 341 « خبب ».

(6) المجموع 5 : 271 ، المغني 2 : 353 ، الشرح الكبير 2 : 363.

(7) سنن الترمذي 3 : 332 ـ 1011 ، سنن أبي داود 3 : 206 ـ 3184 ، الترغيب والترهيب 4 : 345 ـ 3.

(8) المبسوط للسرخسي 2 : 56 ، بدائع الصنائع 1 : 309 ، اللباب 1 : 131 ، المغني 2 : 353 ، الشرح الكبير 2 : 363.

(9) سنن أبي داود 3 : 205 ـ 3182 ، سنن النسائي 4 : 43 ، الترغيب والترهيب 4 : 345 ـ 2.

٥٠

مسألة 199 : ويستحب اتباع الجنائز‌ بالإجماع لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أمر به(1) ، وقال الباقرعليه‌السلام : « من تبع جنازة امرئ مسلم اعطي يوم القيامة أربع شفاعات ، ولم يقل شيئا إلاّ قال الملك : ولك مثل ذلك »(2) .

فإذا صلّى وانصرف ، قال زيد بن ثابت : فقد قضيت الذي عليك(3) ، وأفضل منه أن يتبعها إلى القبر ، لقولهعليه‌السلام : ( من شهد الجنازة حتى يصلي فله قيراط ، ومن شهد حتى يدفن كان له قيراطان ) قيل : يا رسول الله وما القيراطان؟ قال : ( مثل الجبلين العظيمين )(4) ونحوه عن الباقرعليه‌السلام (5) .

وأفضل من ذلك الوقوف بعد الدفن وتعزية أهله ، قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : « من تبع جنازة كتب له أربعة قراريط ، قيراط لاتّباعه إياها ، وقيراط للصلاة عليها ، وقيراط للانتظار حتى يفرغ من دفنها ، وقيراط للتعزية »(6) .

مسألة 200 : المشي خلف الجنازة أو إلى أحد جانبيها أفضل من التقدم عليها‌ ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال سعيد بن جبير ، والأوزاعي ،

__________________

(1) قرب الإسناد : 34 وانظر صحيح البخاري 2 : 90 ، سنن النسائي 4 : 54.

(2) الكافي 3 : 173 ـ 6 ، الفقيه 1 : 99 ـ 456 ، التهذيب 1 : 455 ـ 1483.

(3) المغني 2 : 355 ، الشرح الكبير 2 : 364 ، سبل السلام 2 : 565.

(4) صحيح البخاري 2 : 110 ، صحيح مسلم 2 : 652 ـ 945 ، سنن أبي داود 3 : 202 ـ 3168 ، سنن الترمذي 3 : 358 ـ 1040 ، سنن النسائي 4 : 76 و 77 ، سنن ابن ماجة 1 : 491 ـ 1539.

(5) الكافي 3 : 173 ـ 5 ، الفقيه 1 : 99 ـ 455 ، التهذيب 1 : 455 ـ 456 ـ 1485.

(6) الكافي 3 : 173 ـ 7 ، التهذيب 1 : 455 ـ 1484 ، الفقيه 1 : 98 ـ 454.

٥١

وإسحاق ، وأصحاب الرأي(1) ـ لأنّ علياعليه‌السلام سأله أبو سعيد الخدري فقال : أخبرني يا أبا الحسن عن المشي مع الجنازة؟ فقال : « فضل الماشي خلفها على الماشي قدامها كفضل المكتوبة على التطوع » فقلت : أتقول هذا برأيك أم سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؟ فقال : « لا ، بل سمعته من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله »(2) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « إن المشي خلف الجنازة أفضل من بين يديها »(3) ولأنها متبوعة فكانت متقدمة ، ولأن المستحب التشييع والمشيّع متأخر.

وقال الشافعي ، ومالك ، وأحمد : المشي أمامها أفضل ، ورواه الجمهور عن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وعن أبي بكر ، وعمر ، وعثمان ، وابن عمر ، وأبي هريرة ، وابن الزبير ، وأبي قتادة ، والقاسم بن محمد ، وشريح ، وسالم ، والزهري ، وابن أبي ليلى(4) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله مشى أمام الجنازة(5) ، ولأنهم شفعاء الميت فينبغي أن يتقدموا المشفوع له.

والحديث حكاية حال ، فلا يعارض القول ، مع احتمال أنهعليه‌السلام

__________________

(1) المجموع 5 : 279 ، المبسوط للسرخسي 2 : 56 ، بدائع الصنائع 1 : 309 ، المغني 2 : 356 ، الشرح الكبير 2 : 366.

(2) كنز العمال 15 : 722 ـ 42879 ، العلل المتناهية 2 : 899 ـ 1502.

(3) الفقيه 1 : 100 ـ 464 ، الكافي 3 : 169 ـ 1 ، التهذيب 1 : 311 ـ 902 ، وفي الأخيرين عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

(4) المجموع 5 : 279 ، المدونة الكبرى 1 : 177 ، المغني 2 : 356 ، الشرح الكبير 2 : 366 ، بداية المجتهد 1 : 233 ، المبسوط للسرخسي 2 : 56 ، بدائع الصنائع 1 : 309 ، سبل السلام 2 : 567.

(5) الموطأ 1 : 225 ـ 8 ، سنن الترمذي 3 : 329 ـ 331 ـ 1007 ـ 1010 ، سنن أبي داود 3 : 205 ـ 3179 ، سنن النسائي 4 : 56 ، سنن ابن ماجة 1 : 475 ـ 1482 و 1483 ، سنن الدار قطني 2 : 70 ـ 1.

٥٢

مشى مع أحد جانبيها ، فتوهم المشاهد السبق ، ثم إن الباقرعليه‌السلام روى عن عليعليه‌السلام قال : « سمعت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : اتبعوا الجنازة ولا تتبعكم ، خالفوا أهل الكتاب »(1) ولا تقدّم للشفاعة هنا إذ المشفوع اليه سبحانه وتعالى غير مختص بحيز ولا مكان.

وقال الثوري : الراكب خلفها والماشي حيث شاء(2) .

فروع :

أ ـ يكره الركوب ، قال ثوبان : خرجنا مع النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في جنازة ، فرأى ناسا ركبانا ، فقال : ( ألا تستحيون ، إن ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب )(3) ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في جنازة يمشي فقال له بعض أصحابه : ألا تركب؟ فقال : إني أكره أن أركب والملائكة يمشون »(4) .

ب ـ لو احتاج إلى الركوب زالت الكراهة إجماعا.

ج ـ الكراهة في الركوب في التشييع ، فلا بأس به في عوده ، لأن الباقرعليه‌السلام روى عن عليعليه‌السلام أنه كره أن يركب الرجل مع الجنازة في بدأة إلاّ من عذر ، وقال : « يركب إذا رجع »(5) .

د ـ يستحب للراكب المضي خلف الجنازة ، ويكره أمامها كالماشي لما تقدم ، وعند أحمد يتحتم المضي خلفها(6) ، لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الراكب يسير خلف الجنازة )(7) .

__________________

(1) التهذيب 1 : 311 ـ 901.

(2) المجموع 5 : 279 ـ 280 ، سبل السلام 2 : 567.

(3) سنن ابن ماجة 1 : 475 ـ 1480 ، سنن الترمذي 3 : 333 ـ 1012 ، المستدرك للحاكم 1 : 356.

(4) الكافي 3 : 170 ـ 171 ـ 2 ، الفقيه 1 : 122 ـ 588 ، التهذيب 1 : 312 ـ 906.

(5) التهذيب 1 : 464 ـ 1518.

(6) المغني 2 : 358 ، الشرح الكبير 2 : 368.

(7) مسند أحمد 4 : 249 ، سنن أبي داود 3 : 205 ـ 3180 ، سنن الترمذي 3 : 349 ـ 350 ـ 1031 ،

٥٣

مسألة 201 : يستحب للمشيع التفكر في مآله والاتعاظ بالموت‌ والتخشع ولا يضحك. وقال علي بن بابويه في الرسالة : إياك أن تقول : ارفقوا به أو ترحّموا عليه أو تضرب يدك على فخذك فيحبط أجرك(1) .

ويكره رفع الصوت عند الجنازة ، لنهي النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن تتبع الجنازة بصوت(2) .

وكره سعيد بن المسيب ، وسعيد بن جبير ، والحسن البصري ، والنخعي ، وأحمد ، وإسحاق قول القائل خلف الجنازة : استغفروا له(3) ، وقال الأوزاعي : بدعة(4) .

وقال أحمد : لا تقول خلف الجنازة : سلم رحمك الله ، فإنه بدعة ، ولكن تقول : بسم الله وعلى ملة رسول الله ، وتذكر الله(5) .

ويكره مس الجنازة بالأيدي والأكمام لأنه لا يؤمن معه فساد الميت.

مسألة 202 : يكره اتّباع الميت بنار‌ ـ وهو قول كل من يحفظ عنه العلم ـ لأن ابن عمر ، وأبا هريرة ، وأبا سعيد ، وعائشة ، وسعيد بن المسيب أوصوا أن لا يتبعوا بنار(6) .

وأوصى أبو موسى حين حضره الموت أن لا يتبع بمجمر ، قالوا :

__________________

سنن النسائي 4 : 56 و 58 ، سنن ابن ماجة 1 : 475 ـ 1481.

(1) حكاه عنه المحقق في المعتبر : 79.

(2) سنن أبي داود 3 : 203 ـ 3171 ، مصنف ابن أبي شيبة 3 : 274.

(3) المغني 2 : 359 ، الشرح الكبير 2 : 369.

(4) المغني 2 : 359 ، الشرح الكبير 2 : 370.

(5) المغني 2 : 359 ، الشرح الكبير 2 : 370.

(6) مصنف ابن أبي شيبة 3 : 271 ، سنن البيهقي 3 : 394 وانظر المغني 2 : 360 والشرح الكبير 2 : 371.

٥٤

وسمعت فيه شيئا؟ قال : نعم من رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (1) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى أن تتبع الجنازة بمجمرة »(2) .

تذنيب : لو دفن ليلا واحتيج إلى ضوء لم يكن به بأس إجماعا ، وإنما كره المجامر فيها البخور ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله دخل قبرا ليلا فأسرج له سراج(3) ، وسئل الصادقعليه‌السلام عن الجنازة يخرج معها بالنار ، فقال : « إنّ ابنة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله اخرج بها ليلا ومعها مصابيح »(4) .

مسألة 203 : ولو كان مع الجنازة منكر أنكره إن تمكن‌ ، فإن لم يقدر على إزالته لم يمتنع لأجله من الصلاة عليه ، لأن الإنكار سقط عنه بالعجز ، فلا يسقط الواجب ولا يترك حقا لباطل.

وروى زرارة قال : حضرت في جنازة فصرخت صارخة فقال عطاء : لتسكتنّ أو لنرجع ، فلم تسكت ، فرجع ، فقلت ذلك لأبي جعفرعليه‌السلام فقال : « امض بنا ، فلو أنّا إذا رأينا شيئا من الباطل مع الحق تركنا الحق ، لم نقض حقّ مسلم »(5) .

مسألة 204 : يكره اتّباع النساء الجنائز‌ ، لقول أم عطية : نهينا عن اتّباع الجنائز(6) ، ولأنه مناف للتحذير الذي أمرن به ، وكرهه ابن مسعود ، وابن‌

__________________

(1) سنن ابن ماجة 1 : 477 ـ 1487.

(2) الكافي 3 : 147 ـ 4 ، التهذيب 1 : 295 ـ 864 ، الاستبصار 1 : 209 ـ 736.

(3) سنن الترمذي 3 : 372 ـ 1057 ، سنن ابن ماجة 1 : 487 ـ 1520.

(4) الفقيه 1 : 100 ـ 466.

(5) الكافي 3 : 171 ـ 3 ، التهذيب 1 : 454 ـ 1481.

(6) صحيح البخاري 2 : 99 ، مصنف ابن أبي شيبة 3 : 284 ، سنن البيهقي 4 : 77 ، سنن ابن

٥٥

عمر ، ومسروق ، وعائشة ، والحسن البصري ، والنخعي ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق(1) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله خرج فإذا نسوة جلوس ، فقال : ( ما يجلسكنّ؟ ) قلن : ننتظر الجنازة ، قال : ( هل تغسلن؟ ) قلن : لا ، قال : ( هل تحملن؟ ) قلن : لا ، قال : ( هل تدلين فيمن يدلي؟ ) قلن : لا ، قال : ( فارجعن مأزورات غير مأجورات )(2) .

مسألة 205 : قال الشيخ في الخلاف : يجوز أن يجلس الإنسان إذا تبع الجنازة‌ قبل أن توضع في اللحد(3) ـ وبه قال الشافعي ، ومالك(4) ـ عملا بالأصل الدال على الإباحة ونفي الكراهة ، ولأن علياعليه‌السلام قال : « قام رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله وأمر بالقيام ، ثم جلس وأمر بالجلوس »(5) .

وروى عبادة بن الصامت قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله إذا كان في جنازة لم يجلس حتى يوضع في اللحد ، فاعترض بعض اليهود وقال : إنا لنفعل ذلك ، فجلس ، وقال : ( خالفوهم )(6) .

وقال أبو حنيفة ، وأحمد : يكره له ذلك ـ وبه قال الشعبي ،

__________________

ماجة 1 : 502 ـ 1577 ، صحيح مسلم 2 : 646 ـ 938 ، سنن أبي داود 3 : 202 ـ 3167.

(1) المغني 2 : 360 ، الشرح الكبير 2 : 372 ، المجموع 5 : 278 وانظر المصنف لابن أبي شيبة 3 : 284.

(2) سنن البيهقي 4 : 77 ، سنن ابن ماجة 1 : 502 ـ 1578.

(3) الخلاف 1 : 719 مسألة 534.

(4) المجموع 5 : 280 ، الشرح الكبير 2 : 374 ، المغني 2 : 362 ، بداية المجتهد 1 : 234.

(5) صحيح مسلم 2 : 662 ـ 962 ، الموطأ 1 : 232 ـ 33 ، سنن الترمذي 3 : 361 ـ 362 ـ 1044 ، سنن أبي داود 3 : 204 ـ 3175 ، سنن ابن ماجة 1 : 493 ـ 1544 ، سنن البيهقي 4 : 27 ـ 28.

(6) سنن أبي داود 3 : 204 ـ 3176 ، سنن الترمذي 3 : 340 ـ 1020 ، سنن ابن ماجة 1 : 493 ـ 1545.

٥٦

والنخعي(1) ، وممن يرى ذلك الحسن بن عليعليهما‌السلام ، وابن عمر ، وأبو هريرة ، وابن الزبير ، والأوزاعي ، وإسحاق(2) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إذا رأيتم الجنازة فقوموا ، ومن تبعها فلا يقعد حتى توضع )(3) وروايتنا تدل على النسخ فتقدم.

وقال ابن أبي عقيل منّا بالكراهة(4) أيضا لقول الصادقعليه‌السلام : « ينبغي لمن شيع جنازة أن لا يجلس حتى توضع في لحده ، فإذا وضع في لحده فلا بأس بالجلوس »(5) .

تذنيب : أظهر الروايتين عن أحمد أنه أريد بالوضع عن أعناق الرجال ، وهو قول من ذكرناه قبل(6) ، وروى الثوري الحديث : ( إذا تبعتم الجنازة فلا تجلسوا حتى توضع بالأرض )(7) ورواه أبو معاوية : ( حتى توضع في اللحد )(8) .

فأما من تقدم الجنازة فلا بأس أن يجلس قبل أن تنتهي إليه.

مسألة 206 : لا يستحب لمن مرت به الجنازة القيام لها‌ لذمي كانت أو لمسلم ، وبه قال الشافعي ، وأحمد(9) ، لقول عليعليه‌السلام : « قام‌

__________________

(1) الهداية للمرغيناني 1 : 93 ، اللباب 1 : 131 ، المغني 2 : 362 ، الشرح الكبير 2 : 374 ، المجموع 5 : 280.

(2) المغني 2 : 362 ، الشرح الكبير 2 : 374.

(3) صحيح البخاري 2 : 107 ، صحيح مسلم 2 : 660 ـ 959 ، سنن الترمذي 3 : 360 ـ 361 ـ 1043 ، سنن النسائي 4 : 77.

(4) حكاه المحقق في المعتبر : 91.

(5) التهذيب 1 : 462 ـ 1509 ، وكان في الأصلين : ولا بأس بالجلوس. بدل : فإذا وضع في لحده وما أثبتناه من المصدر.

(6) المغني 2 : 362 ، الشرح الكبير 2 : 375.

(7) سنن أبي داود 3 : 203 ـ 3173.

(8) سنن أبي داود 3 : 204 ذيل الحديث 3173.

(9) المجموع 5 : 280 ، المغني 2 : 361 ، الشرح الكبير 2 : 376.

٥٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ثم قعد »(1) يعني ثم ترك.

ومن طريق الخاصة رواية زرارة : مرت جنازة فقام الأنصاري ولم يقم الباقرعليه‌السلام ، فقال له : « ما أقامك؟ » قال : رأيت الحسين بن علي يفعل ذلك ، فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « والله ما فعل ذلك الحسينعليه‌السلام ، ولا قام لها أحد منّا أهل البيت قط » فقال الأنصاري : شككتني أصلحك الله ، وقد كنت أظن أني رأيت(2) .

وعن أحمد استحباب القيام(3) .

وحكي عن أبي مسعود البدري وغيره من الصحابة : وجوب القيام لها إذا مرت(4) لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إذا رأيتم الجنازة فقوموا )(5) وهو منسوخ.

ولو سلّم فللعلة التي رواها الصادقعليه‌السلام قال : « كان الحسين ابن عليعليهما‌السلام جالسا ، فمرت عليه جنازة ، فقام الناس حين طلعت الجنازة ، فقال الحسينعليه‌السلام : مرت جنازة يهودي وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جالسا على طريقها فكره أن يعلو رأسه جنازة يهودي »(6) ومع السبب يقصر عليه.

__________________

(1) صحيح مسلم 2 : 662 ـ 962 ، سنن الترمذي 3 : 361 ـ 362 ـ 1044 ، سنن أبي داود 3 : 204 ـ 3175 ، سنن ابن ماجة 1 : 493 ـ 1544.

(2) الكافي 3 : 191 ـ 1 ، التهذيب 1 : 456 ـ 1486.

(3) انظر المغني 2 : 361 ، الشرح الكبير 2 : 376.

(4) سنن البيهقي 4 : 26 ـ 27 ، المجموع 5 : 280.

(5) صحيح البخاري 2 : 107 ، سنن الترمذي 3 : 360 ـ 1042 ، سنن أبي داود 3 : 204 ـ 3174 ، سنن ابن ماجة 1 : 492 ـ 1542.

(6) الكافي 3 : 192 ـ 2 ، التهذيب 1 : 456 ـ 1487.

٥٨

تذنيب : يستحب لمن رأى جنازة أن يقول : الحمد لله الذي لم يجعلني من السواد المخترم.

مسألة 207 : يجب تقديم التغسيل والتكفين على الصلاة‌ ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كذا فعل ، وقال الصادقعليه‌السلام : « لا يصلّى على الميت بعد ما يدفن ، ولا يصلّى عليه وهو عريان »(1) .

فإن لم يكن كفن طرح في القبر ثم صلّي عليه بعد تغسيله وستر عورته ، ودفن ، لأن الصادقعليه‌السلام قال في العريان : « يحفر له ويوضع في لحده ويوضع على عورته فيستر باللبن والحجر ـ وفي رواية : والتراب ـ ثم يصلّى عليه ويدفن »(2) .

إلاّ الشهيد فإنه يصلى عليه من غير تغسيل ، ولا يكفن إلا أن يجرد فإنه يكفن ولا يغسل ويصلّى عليه.

البحث الرابع : في الكيفية.

مسألة 208 : القيام شرط في الصلاة مع القدرة‌ فلا تجوز الصلاة قاعدا ، ولا راكبا اختيارا عند علمائنا ، وبه قال الشافعي ، وأحمد ، وأبو ثور ، وأبو حنيفة(3) ، ولا أعلم فيه خلافا إلاّ في قول للشافعي : إنه يجوز أن يصلي قاعدا ، لأنها ليست من فرائض الأعيان فألحقت بالنوافل(4) .

وإنما قال أصحاب أبي حنيفة : إن القياس جوازه ، لأنه ركن منفرد‌

__________________

(1) الكافي 3 : 214 ـ 4 ، التهذيب 3 : 179 ـ 406.

(2) الكافي 3 : 214 ـ 4 ، الفقيه 1 : 104 ـ 482 ، التهذيب 3 : 179 ـ 406.

(3) الام 1 : 271 ، المجموع 5 : 222 ، فتح العزيز 5 : 174 ، كفاية الأخيار 1 : 103 ، السراج الوهاج : 107 ، مغني المحتاج 1 : 342 ، المغني 2 : 371 ، الشرح الكبير 2 : 348 ، بدائع الصنائع 1 : 312.

(4) المجموع 5 : 222 ، مغني المحتاج 1 : 342.

٥٩

فأشبه سجود التلاوة ، ولكنهم لم يجوّزوه(1) ، لأن الأصل بعد شغل الذمة عدم البراءة إلاّ بما قلناه فيتعين ، ولأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله وكذا الأئمةعليهم‌السلام وجماعة الصحابة صلّوا قياما(2) ، وقالعليه‌السلام : ( صلّوا كما رأيتموني أصلّي )(3) ولأنها صلاة فريضة فلم تجز قاعدا ولا راكبا مع القدرة على القيام كغيرها من الفرائض ، وسجود التلاوة لا يسمى صلاة.

مسألة 209 : وليست الطهارة شرطا‌ ، بل يجوز للمحدث والحائض والجنب أن يصلّوا على الجنائز مع وجود الماء والتراب ، والتمكن منها ، ذهب إليه علماؤنا أجمع ـ وبه قال الشعبي ، ومحمد بن جرير الطبري(4) ـ لأن القصد منها الدعاء للميت والدعاء لا يفتقر إلى الطهارة.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سأله يونس بن يعقوب عن الجنازة أصلي عليها على غير وضوء؟ : « نعم إنما هو تكبير ، وتسبيح ، وتحميد ، وتهليل ، كما تكبر وتسبح في بيتك على غير وضوء »(5) .

وسأله محمد بن مسلم عن الحائض تصلّي على الجنازة؟ قال : « نعم ولا تقف معهم ، تقف منفردة »(6) .

وقال الشافعي : الطهارة شرط ، وبه قال أبو حنيفة ، وأحمد(7) ، لقوله‌

__________________

(1) المبسوط للسرخسي 2 : 69 ، شرح فتح القدير 2 : 89 ، شرح العناية 2 : 89.

(2) انظر على سبيل المثال : الكافي 3 : 176 ـ 177 ـ 1 و 2 ، والفقيه 1 : 103 ـ 478 ، التهذيب 3 : 319 ـ 989 وصحيح البخاري 2 : 109 و 111 ، وسنن أبي داود 3 : 208 ـ 3194 ، سنن الترمذي 3 : 352 ـ 1034 و 353 ـ 1035.

(3) صحيح البخاري 1 : 162 ـ 163 ، سنن الدارمي 1 : 286 ، مسند أحمد 5 : 53.

(4) المجموع 5 : 223 ، بداية المجتهد 1 : 243.

(5) الكافي 3 : 178 ـ 1 ، الفقيه 1 : 107 ـ 495 ، التهذيب 3 : 203 ـ 475.

(6) الكافي 3 : 179 ـ 4 ، الفقيه 1 : 107 ـ 496 ، التهذيب 3 : 204 ـ 479.

(7) الام 1 : 271 ، المجموع 5 : 222 و 223 ، فتح العزيز 5 : 185 ، المبسوط للسرخسي 2 :

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512