تذكرة الفقهاء الجزء ٢

تذكرة الفقهاء7%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 512 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35788 / تحميل: 8621
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر »(١) ومعنى زوالها : ميلها عن كبد السماء ، فإن الشمس إذا طلعت وقع لكل شاخص ظل طويل في جانب المغرب ، وكلّما ارتفعت الشمس انتقص الظل ، فإذا استوت انتهى نقصانه ، وقد لا يبقى منه شي‌ء في بعض البلاد في أطول أيام السنة ، فإن الظل ينتفي بمكة قبل أن ينتهي طول السنة بستة وعشرين يوما ، وكذا بعد ما انتهى بستة وعشرين يوما ، وقد يبقى ، ويختلف باختلاف البلاد والفصول ، فإذا مالت الشمس الى المغرب زاد الظل الباقي وتحوّل الى المشرق ويحدث شي‌ء من الظل مائلا إلى المشرق حيث لم يبق شي‌ء عند الاستواء ، وذلك هو الزوال.

والفي‌ء عند الزوال يقلّ في الصيف ، ويكثر في الشتاء ، لقرب الشمس من سمت الرأس وبعدها عنه ، وكلّ يوم يزيد الظلّ أو ينقص. وقد روي عن الصادقعليه‌السلام تقدير ذلك في أوساط الشهور فقال : « تزول الشمس في نصف حزيران على نصف قدم ، وفي النصف من تموز وأيار على قدم ونصف ، وفي النصف من آب ونيسان على قدمين ونصف ، وفي النصف من أيلول وآذار على ثلاثة ونصف ، وفي النصف من تشرين الأول وشباط على خمسة ونصف ، وفي النصف من تشرين الثاني وكانون الآخر على سبعة ونصف ، وفي النصف من كانون الأول على تسعة ونصف »(٢) .

وقال بعض الفضلاء : الشمس تزول في نصف حزيران على قدم وثلث وهو أقل ما يزول عليه الشمس ، وفي نصف تموز ونصف أيار على قدم ونصف وثلث ، وفي نصف آب ونيسان على ثلاثة أقدام ، وفي نصف آذار وأيلول على أربعة أقدام ونصف ، وهو وقت استواء الليل والنهار ، وفي نصف‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٧٦ ـ ٢ ، التهذيب ٢ : ٢١ ـ ٥٧ ، الاستبصار ١ : ٢٥٠ ـ ٨٩٨.

(٢) الفقيه ١ : ١٤٤ ـ ٦٧٢ ، التهذيب ٢ : ٢٧٦ ـ ١٠٩٦ ، الخصال : ٤٦٠ ـ ٣.

٣٠١

تشرين الأول وشباط على ستة أقدام ونصف ، وفي نصف تشرين الثاني وكانون الثاني على تسعة أقدام ، وفي نصف كانون الأول على عشرة أقدام وسدس ، وهذا أنهى ما تزول عليه الشمس في إقليم العراق والشام وما سامتهما من البلدان(١) .

ولا تنافي بينهما ، لاحتمال أن يكون قصد الصادقعليه‌السلام بلد المدينة.

مسألة ٢٥ : الدلوك في الآية هو الزوال ويطلق على الغروب‌ والمراد الأول في قوله تعالى( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) (٢) وهو قول أكثر العلماء(٣) ، لأن ابن عمر قال : دلوك الشمس ميلها ، وكذا عن ابن عباس ، وأبي هريرة(٤) ولأنه لنظم جميع الصلوات ، ولأن الدلوك الانتقال والتحويل.

وقال عبد الله بن مسعود : الدلوك الغروب ، ونقله الجمهور عن عليعليه‌السلام (٥) لاقتضاء الآية إقامة الصلاة من الدلوك الى غسق الليل فيحمل على الغروب لأن إقامة الصلاة لا يمكن من الزوال الى الغسق لوجود النهي عن الصلاة عند اصفرار الشمس ، والنهي إنما يتناول الندب.

مسألة ٢٦ : آخر وقت الفضيلة للظهر‌ إذا صار ظل كل شي‌ء مثله ، وآخر وقت الإجزاء إذا بقي للغروب قدر العصر ، وهو اختيار المرتضى وابن‌

__________________

(١) المغني ١ : ٤١٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٣.

(٢) الاسراء : ٧٨.

(٣) تفسير القرطبي ١٠ : ٣٠٣ ، أحكام القرآن لابن العربي ٣ : ١٢١٩.

(٤) المجموع ٣ : ٢٥ ، تفسير القرطبي ١٠ : ٣٠٣ ، احكام القرآن لابن العربي ٣ : ١٢١٩ ، أحكام القرآن للجصاص ٢ : ٢٦٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٤١.

(٥) المجموع ٣ : ٢٥ ، تفسير القرطبي ١٠ : ٣٠٣ ، أحكام القرآن لابن العربي ٣ : ١٢١٩.

٣٠٢

الجنيد(١) ـ وبه قال مالك ، وطاوس(٢) ـ لقوله تعالى( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٣) والغسق الظلمة فجعل الزمان ظرفا للصلاة ، ولأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين الظهرين في الحضر(٤) ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « أحب الوقت الى الله عزّ وجلّ أوله حين يدخل وقت الصلاة فإن لم تفعل فإنك في وقت منهما حتى تغيب الشمس »(٥) .

وقال الشيخ : آخر وقت المختار إذا صار ظلّ كل شي‌ء مثله(٦) .

وتحقيقه : أن الفي‌ء إذا زاد على ما زالت عليه الشمس من الظل بقدر الشخص فذلك آخر وقت الظهر ، ومعرفته بأن يضبط ما زالت عليه الشمس وهو الظل الذي بقي بعد تناهي النقصان ، ثم ينظر قدر الزيادة عليه فقد انتهى وقت الظهر ، وقد قيل : إنّ مثل الإنسان ستة أقدام ونصف بقدمه ، فإذا أردت أن تعتبر المثل فقدر الزيادة من الفي‌ء بقدمك بأن تقف في موضع مستو من الأرض ، وتعلّم على الموضع الذي انتهى إليه الفي‌ء ، وتعرف قدر ما زالت عليه الشمس ويقدر فيه بالأقدام ، فيضع قدمه اليمنى بين يدي قدمه اليسرى ويلصق عقبة بإبهامه ، فإذا مسحه بالأقدام أسقط منه القدر الذي زالت عليه الشمس ، فإذا بلغ الباقي ستة أقدام ونصف فقد بلغ المثل ، فإذا بلغ ذلك فقد خرج وقت الظهر ، وما زاد عليه فهو من وقت العصر ـ وبه قال الشافعي ،

__________________

(١) الناصريات : ٢٢٩ المسألة ٧٢ ، وحكى المحقق قول ابن الجنيد في المعتبر : ١٣٥.

(٢) المغني ١ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٥.

(٣) الاسراء : ٧٨.

(٤) صحيح مسلم ١ : ٤٨٩ ـ ٤٩٠ ـ ٧٠٥ ، سنن النسائي ١ : ٢٩٠ ، سنن الترمذي ١ : ٣٥٥ ـ ١٨٧ ، مسند أحمد ١ : ٢٢٣ ، الموطأ ١ : ١٤٤ ـ ٤ ، سنن البيهقي ٣ : ١٦٦.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٤ ـ ٦٩ ، الاستبصار ١ : ٢٦٠ ـ ٩٣٥.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ٧٢.

٣٠٣

والأوزاعي ، والليث بن سعد ، والثوري ، وأحمد ، وأبو يوسف(١) ـ لأنّ ابن عباس روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( أمّني جبرئيل عند البيت مرتين فصلّى بي الظهر الأول منهما حين كان الفي‌ء مثل الشراك ، ثم صلّى العصر حين صار ظلّ كلّ شي‌ء مثله ، ثم صلّى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصيام ، ثم صلّى العشاء حين غاب الشفق ، ثم صلّى الفجر حين برق الفجر ، وحرم الطعام على الصائم ، وصلّى في المرة الثانية الظهر حين صار ظلّ كلّ شي‌ء مثله كوقت العصر بالأمس ، ثم صلّى العصر حين صار ظلّ كلّ شي‌ء مثليه ، ثم صلّى المغرب لوقته الأول ، ثم صلّى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ، ثم صلّى الصبح حين أسفرت الأرض ، ثم التفت جبرئيل فقال : يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك ، والوقت فيما بين هذين )(٢) ومعنى قوله : ( حين كان الفي‌ء مثل الشراك ) أنه إذا حدث الظل أو زاد وإن كان قليلا مثل الشراك فقد زالت الشمس.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « أتى جبرئيلعليه‌السلام بالمواقيت فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصلّي الظهر حين زالت الشمس ، والعصر حين زاد الظلّ قامة ، والمغرب حين غربت الشمس ، والعشاء حين سقط الشفق. ثم أتاه من الغد حين زاد الظل قامة فأمره فصلّى الظهر ، ثم لمّا زاد قامتين أمره فصلى العصر ، ثم لمّا غربت الشمس أمره فصلّى المغرب والعشاء حين ذهب ثلث الليل ، وقال : ما بينهما وقت »(٣) ولا دليل فيه إذ وصف ذلك بكونه وقتا ، وكذا ما بينهما لا يدل على نفي ما زاد إلا بدليل الخطاب ، أو يحمل على الفضيلة.

__________________

(١) المجموع ٣ : ٢١ ، احكام القرآن للجصاص ٢ : ٢٦٩ ، المغني ١ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٥.

(٢) سنن الترمذي ١ : ٢٧٩ ـ ١٤٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٧ ـ ٣٩٣.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٥٢ ـ ١٠٠١ ، الاستبصار ١ : ٢٥٧ ـ ٩٢٢.

٣٠٤

وقال أبو حنيفة : يبقى وقت الظهر إلى أن يصير الفي‌ء مثليه(١) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس في النهار ، وإنما مثلكم ومثل أهل الكتابين من قبلكم كمثل رجل استأجر أجيرا فقال : من يعمل لي من الغداة إلى نصف النهار بقيراط؟ فعملت اليهود ، ثم قال : من يعمل لي من الظهر إلى صلاة العصر بقيراط؟ فعملت النصارى ، ثم قال : من يعمل لي إلى آخر النهار بقيراطين؟ فعملتم أنتم ، فغضب اليهود والنصارى وقالوا : نحن أكثر عملا وأقل أجرا. فقال : هل نقصتكم من حقكم شيئا؟ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )(٢) قالوا : وهذا يدل على أن من الظهر الى العصر أكثر من العصر الى المغرب(٣) ونحمله على وقت الفضيلة.

وقال عطاء : لا يفرط بتأخيرها حتى تدخل في الشمس صفرة(٤) .

وقال المزني ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وابن جرير : إذا صار ظلّ كلّ شي‌ء مثله دخل وقت العصر ولم يخرج وقت الظهر حتى يمضي قدر أربع ركعات يشترك فيهما الوقتان(٥) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( صلّى بي جبرئيل الظهر في اليوم الثاني حين صار ظلّ كل شي‌ء مثله قدر العصر بالأمس )(٦) فدلّ على اشتراك الوقتين ، وهو محمول على أنه فرغ منها.

__________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ١٤٢ ، فتح العزيز ٣ : ٩ ـ ١٠ ، المغني ١ : ٤١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٥ ، المحلى ٣ : ١٧٥.

(٢) صحيح البخاري ٤ : ٢٠٧ ، سنن الترمذي ٥ : ١٥٣ ـ ٢٨٧١.

(٣) المغني ١ : ٤١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٥.

(٤) المغني ١ : ٤١٦ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٥ ، حلية العلماء ٢ : ١٤.

(٥) المجموع ٣ : ٢١ ، فتح العزيز ٣ : ١١ ـ ١٢ ، المغني ١ : ٤١٨ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٩ ، حلية العلماء ٢ : ١٤.

(٦) سنن الترمذي ١ : ٢٧٩ ـ ١٤٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٧ ـ ٣٩٣.

٣٠٥

مسألة ٢٧ : الأكثر على أن المعتبر بزيادة الظل قدر الشخص المنصوب‌ لأن يزيد بن خليفة قال للصادقعليه‌السلام : إن عمر بن حنظلة نبّأنا عنك بوقت ، فقال : « إذن لا يكذب علينا » قلت : ذكر أنك قلت : إذا زالت الشمس لم يمنعك إلا سبحتك ثم لا تزال في وقت الظهر الى أن يصير الظلّ قامة ، وهو آخر الوقت ، ثم لا تزال في وقت العصر حتى يصير الظلّ قامتين وذلك المساء ، قال : « صدق »(١) وعن الصادقعليه‌السلام قال : « إذا صار ظلك مثلك فصل الظهر ، وإذا صار مثليك فصل العصر »(٢) .

وقال الشيخ : المعتبر قدر الظل الأول لا قدر الشخص(٣) ، لأن يونس روى عن بعض رجاله عن الصادقعليه‌السلام قال : سألته عمّا جاء في الحديث أن : ( صلّ الظهر إذا كانت الشمس قامة وقامتين ، وذراعا وذراعين ، وقدما وقدمين ) كيف هذا وقد يكون الظلّ في بعض الأوقات نصف قدم؟ قال : « إنما قال : ظل القامة ، ولم يقل : قامة الظل ، وإذا كان الزمان يكون فيه ظل القامة ذراعا كان الوقت ذراعا من ظلّ القامة ، وإذا كان ظلّ القامة أقل أو أكثر كان الوقت محصورا بالذراع والذراعين ، فهذا تفسير القامة والقامتين ، والذراع والذراعين »(٤) والرواية مرسلة ، وفي طريقها صالح بن سعيد ، وهو مجهول.

مسألة ٢٨ : أول وقت العصر عند الفراغ من فريضة الظهر‌ ، والتحقيق أنه إذا زالت الشمس اختص الوقت بالظهر الى أن يمضي مقدار أربع ركعات في الحضر ، وركعتين في السفر وهو قدر أدائها ، ثم يشترك الوقتان الى أن يبقى‌

__________________

(١) الكافي ٣ : ٢٧٥ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٢٠ ـ ٥٦ ، الاستبصار ١ : ٢٦٠ ـ ٩٣٢.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٢ ـ ٦٢ ، الاستبصار ١ : ٢٤٨ ـ ٨٩١.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٧٣.

(٤) الكافي ٣ : ٢٧٧ ـ ٧ ، التهذيب ٢ : ٢٤ ـ ٦٧.

٣٠٦

للغروب مقدار العصر إما أربع ركعات أو ركعتان فيختص بها ، ذهب إليه أكثر علمائنا(١) ـ وبه قال مالك في رواية(٢) ـ لأن أبا أمامة قال : صلّينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ثم دخلنا على أنس وهو يصلي العصر فقلنا : يا أبا عمرة ما هذه الصلاة؟! قال : العصر وهذه صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله التي كنّا نصلّي معه(٣) .

ولا يحتمل وقوعها بعد الظل ، لانتفاء الموجب للتعجب حينئذ ، ولأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين الصلاتين في الحضر من غير عذر(٤) ، ولأنه يجوز الجمع بينهما في السفر ، ولو لم يكن وقتا لهما لما جاز ، كما لا يجوز الجمع بين العصر والمغرب في وقت إحداهما.

وقال ابن عباس : ألا أخبركم بصلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في السفر؟ كان إذا زالت الشمس وهو في منزله جمع بين الظهر والعصر في الزوال ، وإذا سافر قبل الزوال أخّر الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر في وقت العصر(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة »(٦) .

وقال بعض علمائنا : إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين إلاّ أن‌

__________________

(١) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٧٢ ، وسلاّر في المراسم : ٦٢ ، وابن إدريس في السرائر : ٣٩ ، والمحقق في شرائع الإسلام ١ : ٦٠.

(٢) المغني ١ : ٤١٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٤.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٤٤ و ١٤٥.

(٤) صحيح مسلم ١ : ٤٨٩ ـ ٧٠٥ و ٤٩١ ـ ٥٤ ، سنن الترمذي ١ : ٣٥٥ ـ ١٨٧ ، سنن النسائي ١ : ٢٩٠ ، سنن البيهقي ٣ : ١٦٦ ، الموطأ ١ : ١٤٤ ـ ٤.

(٥) سنن البيهقي ٣ : ١٦٣.

(٦) الكافي ٣ : ٢٨٦ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ١٩ ـ ٥٣.

٣٠٧

الظهر قبل العصر(١) ـ وبه قال ربيعة(٢) ـ لقول العبد الصالحعليه‌السلام : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين »(٣) .

وقال الشافعي : أول وقت العصر من حين الزيادة على المثل متصلا بوقت الظهر فلا يدخل الوقت إلا بعد أن يصير ظلّ كل شي‌ء مثله(٤) لحديث جبرئيلعليه‌السلام (٥) وهو يدل على الأفضلية.

وقال أبو حنيفة : يدخل وقت العصر إذا صار ظل كل شي‌ء مثليه وزاد عليه أقل زيادة لقوله تعالى( أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ ) (٦) ولو كان وقتها إذا صار ظل كل شي‌ء مثله كان وسط النهار(٧) .

ويضعف بأن الطرف إن قصد الحقيقي فهو آخر النهار كما يذهب إليه ، وإن كان ما تراخى عن الوسط لم يبطل به قول الشافعي.

مسألة ٢٩ : آخر وقت العصر للفضيلة ‌إذا صار ظلّ كلّ شي‌ء مثليه ، وللإجزاء إلى الغروب عند أكثر علمائنا(٨) ـ وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة(٩) ـ لقوله تعالى( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (١٠) وقوله تعالى :

__________________

(١) الفقيه ١ : ١٣٩ ـ ٦٤٧.

(٢) المغني ١ : ٤١٨ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٩.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٤٤ ـ ٩٦٦ ، الاستبصار ١ : ٢٤٦ ـ ٨٧٦.

(٤) المجموع ٣ : ٢١ ، الام ١ : ٧٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٤ و ١٩ ، المغني ١ : ٤١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٩.

(٥) سنن الترمذي ١ : ٢٧٩ ـ ١٤٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٧ ـ ٣٩٣ ، سنن البيهقي ١ : ٣٦٦.

(٦) هود : ١١٤.

(٧) المبسوط للسرخسي ١ : ١٤٢ ، المغني ١ : ٤١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٩ ، المحلى ٣ : ١٦٥.

(٨) منهم : المرتضى في الناصريات : ٢٢٩ المسألة ٧٢ ، وابن زهرة في الغنية : ٤٩٤ ، والمحقق في المعتبر : ١٣٧ ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : ٦٠.

(٩) المجموع ٣ : ٢١ ، كفاية الأخيار ١ : ٥١ ، بدائع الصنائع ١ : ١٢٣ ، حلية العلماء ٢ : ١٥.

(١٠) الاسراء : ٧٨.

٣٠٨

( أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ ) (١) وقولهعليه‌السلام : ( من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر )(٢) . ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وقت العصر الى غروب الشمس »(٣) .

وقال الشيخ في الخلاف : إذا صار ظلّ كلّ شي‌ء مثليه للمختار ، وللمعذور الى الغروب(٤) ، وهو وجه للشافعي(٥) .

وقال أبو سعيد الإصطخري : إذا جاوز المثلين فقد خرج وقت العصر ـ وبه قال مالك ، والثوري ، وأحمد في رواية(٦) ـ لحديث جبرئيلعليه‌السلام : ( أنّه صلّى العصر في اليوم الثاني حين صار ظلّ كلّ شي‌ء مثليه ، ثم قال : الوقت فيما بين هذين الوقتين )(٧) .

ومن طريق الخاصة قول أبي الحسنعليه‌السلام : « كما أن رجلا لو أخّر العصر الى قرب أن تغيب الشمس لم تقبل منه »(٨) وهما محمولان على الأفضلية.

قال ابن عبد البر : أجمع العلماء على أن من صلّى العصر والشمس‌

__________________

(١) هود : ١١٤.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٤٢٤ ـ ٦٠٨ ، الموطأ ١ : ٦ ـ ٥ ، سنن النسائي ١ : ٢٥٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٢٩ ـ ٦٩٩ و ٧٠٠ ، سنن الدارمي ١ : ٢٧٨ ، سنن الترمذي ١ : ٣٥٣ ـ ١٨٦ ، مسند أحمد ٢ : ٤٦٢ ، سنن أبي داود ١ : ١١٢ ـ ٤١٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٥ ـ ٧١ ، الاستبصار ١ : ٢٦١ ـ ٩٣٧.

(٤) الخلاف ١ : ٢٥٩ مسألة ٥ و ٢٧١ مسألة ١٣ وانظر المبسوط للطوسي ١ : ٧٢.

(٥) المجموع ٣ : ٢٧ ، عمدة القارئ ٥ : ٣٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٥٩ ، حلية العلماء ٢ : ١٥.

(٦) بداية المجتهد ١ : ٩٤ ، القوانين الفقهية : ٥٠ ، مقدمات ابن رشد ١ : ١٠٥ ، المغني ١ : ٤١٨ و ٤١٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٠ ، المجموع ٣ : ٢٥ و ٢٦.

(٧) سنن الترمذي ١ : ٢٧٩ ـ ٢٨٠ ـ ١٤٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٧ ـ ٣٩٣ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٥٦ ـ ١.

(٨) التهذيب ٢ : ٢٦ ـ ٧٤ ، الاستبصار ١ : ٢٥٨ ـ ٢٥٩ ـ ٩٢٦.

٣٠٩

بيضاء نقية فقد صلاّها في وقتها(١) .

وقال أحمد في رواية : آخر وقتها اصفرار الشمس ـ وبه قال أبو ثور ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والأوزاعي(٢) ـ لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( وقت العصر ما لم تصفر الشمس )(٣) .

ويحمل على الفضيلة لأنه مجهول فلا يناط به الفعل.

مسألة ٣٠ : أول وقت المغرب غروب الشمس‌ بإجماع العلماء ، واختلف علماؤنا في علامته فالمشهور ـ وعليه العمل ـ إذا ذهب الشفق المشرقي لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إذا أقبل الليل من هنا ، وأدبر النهار من هنا ، وغربت الشمس ، أفطر الصائم )(٤) وقول الصادقعليه‌السلام : « وقت المغرب إذا تغيرت الحمرة في الأفق وذهبت الصفرة وقبل أن تشتبك النجوم »(٥) وعنهعليه‌السلام : « وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق »(٦) .

وقال بعضهم : سقوط القرص(٧) وهو ظاهر في الصحاري ، وأما في العمران والجبال فيستدل عليه بأن لا يبقى شي‌ء من الشعاع على رءوس الجدران ، وقلل الجبال ، وعليه الجمهور كافة(٨) .

__________________

(١) المغني ١ : ٤١٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٠.

(٢) المغني ١ : ٤١٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٠.

(٣) سنن أبي داود ١ : ١٠٩ ـ ٣٩٦ ، سنن النسائي ١ : ٢٦٠ ، مسند احمد ٢ : ٢١٠ و ٢٢٣.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٧٧٢ ـ ١١٠٠ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٠٤ ـ ٢٣٥١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢١٦.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٥٧ ـ ١٠٢٤.

(٦) الكافي ٣ : ٢٧٨ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٢٩ ـ ٨٣ ، الاستبصار ١ : ٢٦٥ ـ ٩٥٩ ، علل الشرائع : ٣٤٩ باب ٦٠ الحديث ١.

(٧) قاله الشيخ في المبسوط ١ : ٧٤.

(٨) المجموع ٣ : ٢٩ ، فتح العزيز ٣ : ٢٠ و ٢١ ، المغني ١ : ٤٢٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٢ ، بداية المجتهد ١ : ٩٥.

٣١٠

مسألة ٣١ : وآخره للفضيلة إلى ذهاب الشفق‌ ، وللإجزاء الى أن يبقى لانتصاف الليل قدر العشاء ، لأن عبد الله بن عباس قال : الحائض تطهر قبل طلوع الفجر فتصلي المغرب والعشاء(١) ، ولو لم يكن الوقت ممتدا لما وجب ، لأن عذرها قد عمّ الوقت.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إن الله افترض أربع صلوات ، صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس الى غروبها إلا أن هذه قبل هذه واثنتان وقتهما من غروب الشمس الى انتصاف الليل إلاّ أن هذه قبل هذه »(٢) ولأن وقت العشاء ممتد الى الانتصاف فتكون المغرب مساوقة لها لأنهما صلاتا جمع فيشترك وقتاهما كالظهر والعصر.

وقال الشيخ ، والمرتضى ، وابن أبي عقيل : آخره للمختار الى ذهاب الشفق ، وللمضطر الى الانتصاف بقدر العشاء(٣) وفي قول آخر للشيخ : آخره ثلث الليل(٤) وفي رواية إلى ربع الليل(٥) ، وبه قال ابن الجنيد ، وهو قول للمرتضى(٦) .

وللمضطر الى أن يبقى لطلوع الفجر قدر العشاء.

وقال الثوري ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، وأبو ثور ، وابن المنذر ، والزهري : آخره غيبوبة الشفق المغربي ، وحكاه أبو ثور عن الشافعي(٧) ، لأن النبيّعليه‌السلام قال : ( وقت المغرب ما لم يسقط ثور‌

__________________

(١) سنن البيهقي ١ : ٣٧٦.

(٢) التهذيب ٢ : ٢٥ ـ ٧٢ ، الاستبصار ١ : ٢٦١ ـ ٩٣٨.

(٣) المبسوط ١ : ٧٤ ـ ٧٥ وحكاه عنهم المحقق في المعتبر : ١٣٧.

(٤) لم نجده في المصادر المتوفرة لدينا.

(٥) التهذيب ٢ : ٣١ ـ ٩٤ ، الاستبصار ١ : ٢٦٧ ـ ٩٦٤.

(٦) حكى قولهما المحقق في المعتبر : ١٣٧.

(٧) اللباب ١ : ٥٦ ، المغني ١ : ٤٢٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٢ ، المنتقى ١ : ١٤ ، المجموع ٣ : ٢٩٠ ، حلية العلماء ٢ : ١٦.

٣١١

الشفق )(١) وثور الشفق هو انتشار الشفق ، وقال الشافعي في الجديد والقديم : إنّ لها وقتا واحدا ـ وهو قول مالك ـ وهو يدخل بسقوط جميع القرص(٢) .

واختلفت الشافعية في قدره ، فبعضهم قال : قدره بقدر الطهارة ، ولبس الثياب ، والأذان والإقامة ، وفعل ثلاث ركعات بسور قصار ، والسنة ركعتين خفيفتين ، فإذا جاز ذلك فقد خرج وقت المغرب وصارت قضاء.

وقال آخرون : مقدار الأذان والإقامة ، وخمس ركعات قصار ، فأمّا الطهارة ، ولبس الثياب فيمكن تقديمهما على الوقت فلا يكون قدر إمكانهما من الوقت(٣) لأن جبريلعليه‌السلام صلى المغرب في اليومين في وقت واحد(٤) .

وقال مالك : يمتد وقتها الى طلوع الفجر ـ وبه قال عطاء ، وطاوس(٥) ـ كما يقول في الظهر والعصر.

مسألة ٣٢ : أول وقت العشاء عند الفراغ من فريضة المغرب‌ ، لكن الأفضل تأخيرها إلى سقوط الشفق ، وهو اختيار المرتضى في الجمل ، وابن الجنيد(٦) ـ لما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين المغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر(٧) ، وفي رواية أخرى : من‌

__________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٤٢٧ ـ ١٧٢ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٩ ـ ٣٩٦ ، سنن النسائي ١ : ٢٦٠.

(٢) المجموع ٣ : ٢٩ و ٣٤ ، فتح العزيز ٣ : ٢٣ ، المنتقى ١ : ١٤ ، المغني ١ : ٤٢٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٢ ، سنن الترمذي ١ : ٣٠٥ ذيل الحديث ١٦٤.

(٣) المجموع ٣ : ٣١ و ٣٢ ، فتح العزيز ٣ : ٢٣ و ٢٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٦.

(٤) سنن أبي داود ١ : ١٠٧ ـ ٣٩٣.

(٥) مقدمات ابن رشد ١ : ١٠٦ ، المجموع ٣ : ٣٤ ، المغني ١ : ٤٢٤ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٢.

(٦) حكاه عنهما المحقق في المعتبر : ١٣٨ ويوجد قول السيد في الجمل : ٣٠ ( ضمن المجموع الرائق ).

(٧) صحيح مسلم ١ : ٤٨٩ ـ ٧٠٥ ، سنن النسائي ١ : ٢٩٠ ، الموطأ ١ : ١٤٤ ـ ٤ ، سنن البيهقي ٣ : ١٦٦.

٣١٢

غير خوف ولا مطر(١) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين الى نصف الليل إلاّ أن هذه قبل هذه »(٢) وعن الصادقعليه‌السلام « صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المغرب والعشاء قبل الشفق من غير علّة في جماعة »(٣) .

وللشيخ قول آخر : إن أول وقتها سقوط الشفق ـ وهو قول آخر للمرتضى(٤) ، وقول الجمهور كافة(٥) ـ لأن جبرئيل أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصلي العشاء حين غاب الشفق ، وفي اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل(٦) . وهو محمول على الاستحباب.

مسألة ٣٣ : واختلفوا في الشفق‌ ، فذهب أصحابنا إلى أنه الحمرة لا البياض ، وبه قال ابن عمر ، وابن عباس ، وعطاء ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والزهري ، ومالك ، والشافعي ، والثوري ، وابن أبي ليلى ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وداود ، وأبو يوسف ، ومحمد(٧) لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الشفق : الحمرة ، فإذا غاب الشفق وجبت‌

__________________

(١) سنن النسائي ١ : ٢٩٠ ، سنن الترمذي ١ : ٣٥٥ ـ ١٨٧ ، سنن البيهقي ٣ : ١٦٧.

(٢) الكافي ٣ : ٢٨١ ـ ١٢ ، التهذيب ٢ : ٢٧ ـ ٧٨ ، الإستبصار ١ : ٢٦٢ ـ ٩٤١.

(٣) الكافي ٣ : ٢٨٦ ـ ١ ، التهذيب ٢ : ٢٦٣ ـ ١٠٤٦ ، الاستبصار ١ : ٢٧١ ـ ٩٨١.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٧٥ ، النهاية : ٥٩ ، الخلاف ١ : ٢٦٢ ، المسألة ٧ ، المسائل الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : ٢٢٩ ، المسألة ٧٤.

(٥) المجموع ٣ : ٣٨ ، فتح العزيز ٣ : ٢٧ ، المغني ١ : ٤٢٦ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٤ ، بداية المجتهد ١ : ٩٦.

(٦) سنن النسائي ١ : ٢٦٣ ، سنن الترمذي ١ : ٢٧٩ ـ ١٤٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٧ ـ ٣٩٣ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٥٦.

(٧) الام ١ : ٧٤ ، المجموع ٣ : ٣٨ و ٤٢ و ٤٣ ، رحمة الأمة ١ : ٣٧ و ٣٨ ، المغني ١ : ٤٢٦ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٩.

٣١٣

الصلاة )(١) .

وقال أبو حنيفة ، وزفر ، والأوزاعي ، والمزني : أنه البياض(٢) لأن أبا مسعود الأنصاري قال : رأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي هذه الصلاة حين يسودّ الأفق(٣) . ولا حجة فيه لأنه إذا غابت الحمرة اسود الأفق ، لأنّ البياض ينزل ويخفى ، على أنه يجوز تأخيرها الى ذلك.

وحكي عن أحمد : أن الشفق : البياض في الحضر ، لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران ، فإذا غاب البياض علم الدخول(٤) .

مسألة ٣٤ : وآخر وقت العشاء للفضيلة إلى ثلث الليل ، وللإجزاء إلى نصفه‌ ـ وهو قول المرتضى ، وابن الجنيد(٥) ، وهو أحد قولي الشافعي ، وبه قال ابن المبارك ، والثوري ، وأبو ثور ، وأحمد في رواية(٦) ـ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص ( ووقت العشاء الى نصف الليل )(٧) ، وعن أنس قال : أخّر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله العشاء الى نصف الليل(٨) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « أول وقت العشاء ذهاب الحمرة ، وآخر وقتها غسق الليل »(٩) وهو نصف الليل.

__________________

(١) سنن البيهقي ١ : ٣٧٣ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٦٩ ـ ٣.

(٢) المجموع ٣ : ٤٣ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٤٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٩ ، المغني ١ : ٤٢٦ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٣.

(٣) سنن أبي داود ١ : ١٠٨ ـ ٣٩٤ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٥٠ ـ ١.

(٤) المغني ١ : ٤٢٥ ، مسائل أحمد : ٢٧.

(٥) حكى قولهما في المعتبر : ١٣٨.

(٦) المجموع ٣ : ٣٩ ، فتح العزيز ٣ : ٢٨ ، المغني ١ : ٤٢٨ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٤.

(٧) صحيح مسلم ١ : ٤٢٧ ـ ١٧٢.

(٨) صحيح البخاري ١ : ١٥٠.

(٩) الفقيه ١ : ١٤١ ـ ٦٥٧ ، التهذيب ٢ : ٣٠ ـ ٨٨ ، الاستبصار ١ : ٢٦٤ ـ ٩٥٣.

٣١٤

وللشيخ قول آخر : أنه ثلث الليل(١) ، وهو القول الثاني للشافعي ـ وبه قال أبو هريرة ، وعمر بن عبد العزيز ، ومالك ، وأحمد في رواية(٢) لأن جبريلعليه‌السلام صلّى العشاء في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل(٣) ولأن الثلث متيقن ، والزائد عليه مشكوك فيه فلا يصار إليه.

وقال أبو حنيفة : آخره طلوع الفجر(٤) ـ وهو رواية لنا(٥) ـ لقولهعليه‌السلام : ( لا يخرج وقت صلاة حتى يدخل وقت أخرى )(٦) ونحن نقول بموجبه إذ بعد نصف الليل يدخل وقت صلاة الليل ، ولم يتعرض في الحديث للوجوب.

واختلفت الشافعية فقال بعضهم : إذا خرج النصف ، أو الثلث فقد خرج وقت الاختيار ، ووقت الأداء باق الى طلوع الفجر(٧) ، وعلى قياس قول أبي سعيد يخرج الوقت(٨) ، وقال أبو حامد : إذا خرج ثلث الليل فات الوقت(٩) .

__________________

(١) النهاية : ٥٩.

(٢) المجموع ٣ : ٣٩ ، فتح العزيز ٣ : ٢٨ ، الوجيز ١ : ٣٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٥٩ ، بداية المجتهد ١ : ٩٧ ، القوانين الفقهية : ٥٠ ، أقرب المسالك : ١٢ ، المغني ١ : ٤٢٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٧٤.

(٣) سنن الترمذي ١ : ٢٧٩ ـ ١٤٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٧ ـ ٣٩٣ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٥٦ ـ ١.

(٤) المبسوط للسرخسي ١ : ١٤٥ ، شرح فتح القدير ١ : ١٩٧ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٣٩ ، شرح العناية ١ : ١٩٦ ، بدائع الصنائع ١ : ١٢٤ ، اللباب ١ : ٥٧.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٧٠ ـ ١٠٧٦.

(٦) المبسوط للسرخسي ١ : ١٤٥.

(٧) المجموع ٣ : ٣٩ ـ ٤٠ ، الوجيز ١ : ٣٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٢.

(٨) المجموع ٣ : ٣٦.

(٩) انظر الوجيز ١ : ٣٣.

٣١٥

مسألة ٣٥ : أول وقت الغداة طلوع الفجر الثاني‌ ـ وهو البياض المعترض في أفق السماء ـ ويسمى الصبح الصادق ، لأنه صدقك عن الصبح ، وسمّي صبحا لأنه جمع بين حمرة وبياض ، ولا عبرة بالأول الكاذب الخارج مستدقا صاعدا كذنب السرحان ، ويسمى الخيط الأسود ـ وهو قول العلماء كافّة ـ ولا يتعلق بالفجر الأول حكم بحال.

قال الباقرعليه‌السلام : « الفجر هو الخيط الأبيض ، وليس هو الأبيض صعدا ، ولا تصلّ في سفر ولا حضر حتى تتبيّنه »(١) .

مسألة ٣٦ : وآخر وقتها للفضيلة حين يسفر الصبح ، وللإجزاء إلى طلوع الشمس‌

ـ وبه قال أبو حنيفة(٢) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( وقت الفجر ما لم تطلع الشمس )(٣) ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وقت الغداة ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس »(٤) .

وقال الشيخ : وقت المختار الى أن يسفر الصبح ، وللمضطر الى طلوع الشمس(٥) ، وبه قال الشافعي وأحمد(٦) لأنّ جبرئيلعليه‌السلام صلى الصبح في اليوم الثاني حين أسفر(٧) ، وهو يدل على الأفضلية.

البحث الثاني : في وقت النوافل اليومية.

مسألة ٣٧ : وقت نافلة الظهر من الزوال الى أن يصير ظل كل شي‌ء‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٦ ـ ٣٧ ـ ١١٥ ، الاستبصار ١ : ٢٧٤ ـ ٩٩٤ ، والكافي ٣ : ٢٨٢ ـ ١ وفيه عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام .

(٢) بدائع الصنائع ١ : ١٢٢ ، بداية المجتهد ١ : ٩٧.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٤٢٧ ـ ١٧٢ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٩ ـ ٣٩٦ ، سنن البيهقي ١ : ٣٧٨.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٦ ـ ١١٤ ، الاستبصار ١ : ٢٧٥ ـ ٩٩٨.

(٥) الخلاف ١ : ٢٦٧ المسألة ١٠.

(٦) المجموع ٣ : ٤٣ ، المغني ١ : ٤٢٩.

(٧) سنن الترمذي ١ : ٢٨٠ ـ ١٤٩ ، سنن أبي داود ١ : ١٠٧ ـ ٣٩٣ ، سنن الدار قطني ١ : ٢٥٦ ـ ١.

٣١٦

مثله ، ونافلة العصر حتى يصير الظل مثليه ، قاله الشيخ في الخلاف والجمل والمبسوط(١) .

وفي النهاية : نافلة الظهر حتى تبلغ زيادة الظل قدمين ، والعصر أربعة أقدام(٢) ـ لقول الصادقعليه‌السلام : « كان حائط مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قامة ، فإذا مضى من فيئه ذراع صلّى الظهر ، وإذا مضى ذراعان صلّى العصر. ثم قال : أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟

لمكان الفريضة ، لك أن تتنفل من زوال الشمس الى أن يمضي ذراع ، فإذا بلغ فيؤك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة ، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة »(٣) وهو يدل على بلوغ المثل والمثلين لأن التقدير أن الحائط ذراع ، فحينئذ ما روي من القامة والقامتين(٤) جار هذا المجرى لقول الصادقعليه‌السلام : « في كتاب عليعليه‌السلام : القامة ذراع »(٥) .

وقال الشافعي في أحد الوجهين : وقت نافلة الظهر ما لم تصل الفرض وفي الآخر : ما لم يخرج وقت الفرض(٦) .

وقال أحمد : كلّ سنّة قبل الصلاة فوقتها من دخول وقتها الى فعل الصلاة ، وكلّ سنة بعدها فوقتها من فعل الصلاة الى خروج وقتها(٧) .

مسألة ٣٨ : وقت نافلة المغرب بعدها الى أن تذهب الحمرة المغربية‌

__________________

(١) الخلاف ١ : ٢٥٧ المسألة ٤ و ٥٢٥ المسألة ٢٦٦ ، الجمل والعقود : ١٧٤ ، المبسوط ١ : ٧٦.

(٢) النهاية : ٦٠.

(٣) المعتبر : ١٣٩ ، الفقيه ١ : ١٤٠ ـ ٦٥٣ ، التهذيب ٢ : ١٩ ـ ٢٠ ـ ٥٥ ، الاستبصار ١ : ٢٥٠ ـ ٨٩٩ ، وفي غير المعتبر : عن أبي جعفرعليه‌السلام .

(٤) التهذيب ٢ : ١٩ ـ ٥٢ و ٢٥١ ـ ٩٩٤ ، والاستبصار ١ : ٢٤٧ ـ ٨٨٣ و ٢٥٦ ـ ٩١٧.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٥١ ـ ٩٩٥ ، الاستبصار ١ : ٢٥١ ـ ٩٠٠.

(٦) المجموع ٤ : ١١.

(٧) المغني ١ : ٨٠٠ ، الشرح الكبير ١ : ٧٧٠.

٣١٧

ـ وبه قال الشافعي في وجه(١) ـ لأنه وقت يستحب فيه تأخير العشاء فينبغي اشتغاله بالنافلة ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي ثلاثا المغرب ، وأربعا بعدها »(٢) وفي وجه للشافعي : تمتد سنّة المغرب إلى أن يصلّي صلاة العشاء(٣) ، فإذا ذهب الشفق خرج وقتها ، لأنه ابتداء وقت فريضة أخرى فلا يسوغ التطوع ، لقول الباقرعليه‌السلام : « إذا دخل وقت الفريضة فلا تطوع »(٤) .

وأما وقت الوتيرة فيمتد بامتداد وقت العشاء ، لأنها نافلة تتبعها فيمتد وقتها بامتداد وقت متبوعها ، وللشافعي وجهان : أحدهما : امتداد وقت نافلة العشاء الى طلوع الفجر ، لأنه وقت العشاء عنده ، والثاني : الى أن يصلّي الصبح(٥) .

مسألة ٣٩ : ووقت صلاة الليل بعد انتصافه‌ ، وكلّما قرب من الفجر كان أفضل ، وعليه علماؤنا.

وقال الشافعي : الأفضل أن يوقعها بعد نصف الليل قبل الفجر بسدس الليل(٦) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يفعل ذلك.

وهو معارض بقول عائشة : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينام أول الليل ويحيى آخره(٧) ، ومن طريق الخاصة قول الرضاعليه‌السلام : « أفضل‌

__________________

(١) المجموع ٤ : ١١.

(٢) الكافي ٣ : ٤٤٣ ـ ٥ ، التهذيب ٢ : ٤ ـ ٤ ، الاستبصار ١ : ٢١٨ ـ ٢١٩ ـ ٧٧٤.

(٣) المجموع ٤ : ١١.

(٤) التهذيب ٢ : ١٦٧ ـ ٦٦١ و ٢٤٧ ـ ٩٨٢ ، الاستبصار ١ : ٢٥٢ ـ ٩٠٦.

(٥) المجموع ٤ : ١١.

(٦) الام ١ : ١٤٣ ، المجموع ٤ : ٤٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٥٤.

(٧) صحيح البخاري ٢ : ٦٦ ، صحيح مسلم ١ : ٥١٠ ـ ٧٣٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٣٤ ـ ١٣٦٥ ، سنن النسائي ٣ : ٢١٨ ، مسند احمد ٦ : ١٠٢ و ٢٥٣.

٣١٨

ساعات الليل الثلث الباقي »(١) وسئل الصادقعليه‌السلام متى أصلّي صلاة الليل؟ قال : « صلّها آخر الليل »(٢) وقوله تعالى( وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (٣) يدل عليه ، ولأنه يكره النوم بعدها لقول أبي الحسن الهاديعليه‌السلام : « إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ، ولك ضجعة بغير نوم ، فإن صاحبه لا يحمد على ما قدّم من صلاته »(٤) .

مسألة ٤٠ : ركعتا الفجر ، لعلمائنا قولان‌ ، أحدهما : أنهما يدخلان بطلوع الفجر الأول ، قاله المرتضى(٥) لقول الصادقعليه‌السلام : « صلّهما بعد ما يطلع الفجر »(٦) ، والثاني : بعد صلاة الليل وإن لم يكن قد طلع الفجر ، اختاره الشيخان(٧) لقول الباقرعليه‌السلام وقد سئل الركعتان قبل الغداة أين موضعهما؟ فقال : « قبل طلوع الفجر »(٨) وعنهعليه‌السلام : « أنّهما من صلاة الليل »(٩) والأقوى جواز فعلهما بعد صلاة الليل ، واستحباب تأخيرهما إلى طلوع الفجر الأول جمعا بين الأدلة.

وقال الشافعي : يدخل وقتهما بطلوع الفجر(١٠) .

وآخر وقتهما طلوع الحمرة فيقدم على الفريضة إلى أن تطلع الحمرة ،

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٣٣٩ ـ ١٤٠١.

(٢) التهذيب ٢ : ٣٣٥ ـ ١٣٨٢.

(٣) الذاريات : ١٨.

(٤) التهذيب ٢ : ١٣٧ ـ ٥٣٤.

(٥) حكاه المحقق في المعتبر : ١٤١.

(٦) التهذيب ٢ : ١٣٤ ـ ٥٢٣ ، الإستبصار ١ : ٢٨٤ ـ ١٠٤٠.

(٧) المقنعة : ١٣ ، الجمل والعقود : ١٧٤ ، المبسوط للطوسي ١ : ٧٦.

(٨) الكافي ٣ : ٤٤٨ ـ ٢٥ ، التهذيب ٢ : ١٣٢ ـ ٥٠٩ ، الاستبصار ١ : ٢٨٣ ـ ١٠٢٧.

(٩) التهذيب ٢ : ١٣٣ ـ ٥١٣ ، الاستبصار ١ : ٢٨٣ ـ ١٠٣١.

(١٠) المجموع ٤ : ١١ ، فتح العزيز ٤ : ٢٧٦.

٣١٩

لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أذّن المؤذّن ، وطلع الفجر صلّى ركعتين(١) ، وقال الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن ركعتي الفجر : « صلّهما قبل الفجر ، ومع الفجر ، وبعد الفجر »(٢) .

وقال الشافعي : ما لم يصلّ الصبح ، لأنّه لم ينقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تأخيرهما عن الفرض ، وله قول : الى طلوع الشمس ، لأنّهما تابعتان للفريضة ، وكان وقتهما وقت الفريضة ، وبعض الشافعية قال : يمتد وقتهما الى زوال الشمس كالوتر(٣) .

فإن ظهرت الحمرة ولم يصلّهما بدأ بالفرض ، وقضاهما بعد الغداة لقول الرضاعليه‌السلام وقد سئل عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر وتظهر الحمرة ، ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخرهما؟ قال : « يؤخرهما »(٤) .

وروي استحباب إعادتهما بعد الفجر لو صلاّهما قبله ، قال الباقرعليه‌السلام : « إني لأصلّي صلاة الليل فأفرغ وأصلّي الركعتين وأنام ما شاء الله قبل أن يطلع الفجر ، فإن استيقظت عند الفجر أعدتهما »(٥) .

البحث الثالث : في وقت المعذورين.

ونعني بالعذر ما أسقط القضاء ، وبوقت المعذورين الوقت الذي يصير فيه الشخص من أهل وجوب الصلاة عليه بزوال الأسباب المانعة من الوجوب ، وهي أربعة : الجنون ، وفي معناه الإغماء ، والصبي ، والكفر ،

__________________

(١) سنن الدارمي ١ : ٣٣٦ و ٣٣٧.

(٢) التهذيب ٢ : ١٣٤ ـ ٥٢٢ ، الاستبصار ١ : ٢٨٤ ـ ١٠٣٩.

(٣) المجموع ٤ : ١١ ، فتح العزيز ٤ : ٢٧٦.

(٤) التهذيب ٢ : ٣٤٠ ـ ١٤٠٩.

(٥) التهذيب ٢ : ١٣٦ ـ ٥٢٨ ، الاستبصار ١ : ٢٨٥ ـ ١٠٤٥.

٣٢٠

والحيض ، وفي معناه النفاس ، وكل واحد من هذه إما أن يوجد أول الوقت ، أو آخره ، أو يعم الجميع.

مسألة 41 : إذا وجد العذر في أول الوقت وزال في آخره‌ فإن بقي من الوقت مقدار الطهارة وأداء الصلاة وجب فعلها ، فإن أهمل وجب القضاء بلا خلاف ، ولو قصر الوقت فإن وسع الطهارة وأداء ركعة من الصلاة فكالأول بلا خلاف ، لقول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر ، ومن أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح )(1) .

ولو قصر عن ركعة لم تجب عندنا ـ وبه قال مالك ، والمزني ، والشافعي في قول(2) ـ لأن الحديث دلّ على اعتبار الركعة في إدراك الصلاة ، وللإجماع على أن المسبوق يدرك الجمعة بإدراك ركعة لا ما دونها فكذا هنا ، ولأنه أدرك ما لا يقع فيه ما يكون صلاة بانفراده فلا يكون مدركا لها كما لو قصر عن إدراك التكبيرة.

وللشافعي قول آخر : إدراك الصلاة بإدراك تكبيرة الافتتاح ـ وبه قال أبو حنيفة ، وأحمد(3) ـ لأنه أدرك جزءا من الوقت ، وتمكّن من الفعل ، فصار كما لو أدرك ركعة من الصلاة ، ولأن الإدراك إذا تعلق به الإيجاب استوى فيه الركعة وغيرها كالمسافر إذا اقتدى بالمقيم في الركعة الأخيرة فإنّا نلزمه بالإتمام وإن أدركه بعد الركوع. ونمنع التمكن من الفعل ، وينتقض بما لو أدرك بعض‌

__________________

(1) صحيح البخاري 1 : 151 ، صحيح مسلم 1 : 424 ـ 608 ، سنن الترمذي 1 : 353 ـ 186 ، سنن النسائي 1 : 257 و 258 ، سنن الدارمي 1 : 278.

(2) المجموع 3 : 65. فتح العزيز 3 : 70 ، مختصر المزني : 12 ، بداية المجتهد 1 : 100 ، المغني 1 : 420 ، الشرح الكبير 1 : 478.

(3) مختصر المزني : 12 ، المجموع 3 : 65 ، فتح العزيز 3 : 68 ، بدائع الصنائع 1 : 96 ، المغني 1 : 421 ، الشرح الكبير 1 : 478.

٣٢١

التكبيرة ، ونمنع الأصل في الثاني ، وسيأتي.

فروع :

أ ـ إذا أدرك من الصلاة ركعة وجبت تلك ولا يجب ما قبلها ، أمّا إذا كانت مما لا يجمع إليها فبالإجماع كالظهر مع الصبح ، وأما إذا كانت مما يجمع إليها كالظهر مع العصر ، والمغرب مع العشاء فكذا عندنا ـ وبه قال أبو حنيفة ، والشافعي في أحد أقواله(1) ـ لأن الظهر والمغرب خرج وقتهما في حال العذر فلا يجبان عليه ، كما لو خرج وقت العصر والعشاء معذورا ، ولأنّ التكليف يستدعي وقتا يتسع له ، وإلاّ لزم التكليف بما لا يطاق ، ومع سقوط الوجوب أداء يسقط قضاء ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا رأت المرأة الطهر في وقت الصلاة ، ثم أخرت الغسل حتى يدخل وقت صلاة أخرى كان عليها قضاء تلك الصلاة التي فرطت فيها »(2) وسئل الباقرعليه‌السلام عن الحائض تطهر عند العصر تصلّي الاولى؟ قال : « لا ، إنّما تصلّي الصلاة التي تطهر عندها »(3) وقال الصادقعليه‌السلام : « إذا طهرت قبل العصر صلت الظهر والعصر ، وإن طهرت في آخر وقت العصر صلّت العصر »(4) .

وللشافعي أربعة أقوال أخر :

أ ـ إنها تدرك الفريضتين بإدراك ركعة واحدة فيدرك الظهر والعصر بإدراك ركعة من العصر ، لأن عبد الرحمن بن عوف ، وعبد الله بن عباس أوجبا على الحائض التي تطهر قبل طلوع الفجر بركعة المغرب والعشاء ، ولا نعرف لهما مخالفا ، ولأنّ وقت الثانية وقت الاولى في حال العذر فإنه من أدرك عصر يوم‌

__________________

(1) المجموع 3 : 66 ، فتح العزيز 3 : 74 و 77 ، حلية العلماء 2 : 26 ، المغني 1 : 441.

(2) الكافي 3 : 103 ـ 3 ، التهذيب 1 : 391 ـ 1208 ، الإستبصار 1 : 145 ـ 496.

(3) الكافي 3 : 102 ـ 2 ، التهذيب 1 : 389 ـ 1198 ، الاستبصار 1 : 142 ـ 484.

(4) التهذيب 1 : 390 ـ 1201 ، الاستبصار 1 : 142 ـ 487.

٣٢٢

فقد أدرك ظهره ، ولهذا لو أفاق المجنون فيه لزمه الفرضان(1) .

والأصل فيه أن آخر وقت العصر هل يصلح وقتا للظهر؟ قولان عنده(2) ، فإن كان وقتا صلح لهما فوجبا معا ، وإلاّ فلا ، ويحمل قول ابن عباس على الاستحباب.

وقد روي من طريق الخاصة نحوه ، قال الصادقعليه‌السلام : « إذا طهرت المرأة قبل طلوع الفجر صلّت المغرب والعشاء ، وإن طهرت قبل أن تغيب الشمس صلّت الظهر والعصر »(3) وهو محمول على إدراك ما زاد على أربع ، ونمنع اتحاد الوقت والحكم في الأصل.

ب ـ بإدراك أربع وتكبيرة ، أو ثلاث وتكبيرة(4) .

ج ـ أنّها تدرك الفرضين بإدراك تكبيرة خاصة(5) .

د ـ بإدراك ركعة وتكبيرة.

ب ـ لا بد من اعتبار إدراك الطهارة مع الركعة ـ وهو أحد قولي الشافعي ـ لأنه ( لا صلاة إلاّ بطهور )(6) فلا يدرك الصلاة بدون إدراك الطهور ، وأصح وجهي الشافعي : المنع ، لأنّ الطهارة لا تشترط في الإلزام بل في الصحة(7) .

__________________

(1) المجموع 3 : 65 و 66 ، فتح العزيز 3 : 73 ، المغني 1 : 442 ، الشرح الكبير 1 : 482.

(2) فتح العزيز 3 : 74 ، المهذب للشيرازي 1 : 61.

(3) التهذيب 1 : 390 ـ 1203 ، الاستبصار 1 : 143 ـ 489.

(4) المجموع 3 : 66 ، فتح العزيز 3 : 80 ـ 81.

(5) مختصر المزني : 12 ، المجموع 3 : 66 ، فتح العزيز 3 : 74 و 80 ، مغني المحتاج 1 : 132.

(6) الفقيه 1 : 22 ـ 67 ، التهذيب 2 : 140 ـ 45 و 546.

(7) المجموع 3 : 66 ، فتح العزيز 3 : 79.

٣٢٣

أما الصبي ، فإن قلنا : إن طهارته شرعية ، فتطهّر ثم بلغ بغير المبطل لم يشترط سوى إدراك الركعة له خاصة.

ج ـ المشترط إدراك ركعة تامة الأفعال الواجبة خاصة دون المندوبة وهو يحصل بإدراك النية ، وتكبيرة الافتتاح ، وقراءة الفاتحة ، وأخف السور إن قلنا بوجوبها ، والركوع ذاكرا فيه أقل الواجب ، والسجدتين ذاكرا فيهما أقل الواجب ، والطمأنينة في ذلك كله أقل الواجب ، وفي الرفع من الركوع والسجدتين.

د ـ شرط اللزوم أن يبقى سليما عن الموانع مدة إمكان الوضوء والصلاة ، فلو عاد المانع قبل ذلك سقط كما لو طهرت الحائض ثم جنّت ، أو أفاقت مجنونة ثم حاضت.

هـ ـ لو أدرك مقدار خمس ركعات فالأشهر وجوب الصلاتين ، وللشيخ قول باستحبابهما(1) ، وليس بجيد. وهل الأربع في مقابلة العصر والزائدة في مقابلة الظهر أو بالعكس؟ الظاهر عندنا الأول ، لورود النص عن الأئمةعليهم‌السلام أنه لو بقي لانتصاف الليل مقدار أربع ركعات وجبت العشاء خاصة(2) ـ وهو أحد قولي الشافعية ـ لأن الظهر تابعة للعصر في الوقت واللزوم ، فليكن الأكثر في مقابلة المتبوع. والثاني : الأولى لأنها السابقة(3) .

وتظهر الفائدة فيما لو أدرك في آخر وقت العشاء مقدار أربع ، فإن قلنا في الصورة الأولى الأربع للظهر وجبت هنا الصلاتان ثلاث للمغرب ، وركعة للعشاء ، وإن قلنا الأربع للعصر وجبت العشاء خاصة ولا تجب المغرب إلاّ‌

__________________

(1) المبسوط للطوسي 1 : 73.

(2) التهذيب 2 : 28 ـ 82 ، الاستبصار 1 : 263 ـ 945.

(3) فتح العزيز 3 : 76.

٣٢٤

بإدراك خمس.

و ـ قال الشيخ في التهذيب : الذي أعوّل عليه أنّ المرأة إذا طهرت بعد زوال الشمس ـ قبل أن يمضي منه أربعة أقدام ـ فإنه يجب عليها قضاء الظهر والعصر ، وإن طهرت بعد أن يمضي أربعة أقدام يجب عليها قضاء العصر لا غير ، ويستحب لها قضاء الظهر إذا كان طهرها قبل مغيب الشمس(1) .

وهو بناء على الأقدام ، والراوي الفضل بن يونس(2) وهو واقفي.

ز ـ قد بيّنا أن إدراك الركعة سبب لإدراك الفريضة إجماعا ، لكن الخلاف في أنه يكون مؤديا للجميع ، أو قاضيا لما يقع خارج الوقت؟

وعندي فيه إشكال ينشأ من قولهعليه‌السلام : ( من أدرك ركعة من الصبح فقد أدرك الصبح )(3) . ومن أنّها عبادة موقتة فعلت بعد خروج وقتها ، ولا معنى للقضاء سوى ذلك.

إذا ثبت هذا فإن قلنا إن الواقع خارجا قضاء فهل ينوي القضاء أم لا؟

الأقرب العدول بالنية إليه إذ الأفعال إنّما تقع على الوجوه والاعتبارات المقصودة.

وللشافعي ثلاثة أوجه : المذكوران ، وكون الجميع قضاءا نظرا الى آخر الصلاة(4) ـ وهو اختيار المرتضى(5) ـ وله قول رابع : إن أدرك ركعة في الوقت‌

__________________

(1) التهذيب 1 : 391 ذيل الحديث 1207.

(2) هذا الراوي يقع في سند الحديث 1199 من التهذيب 1 : 389 فراجع.

(3) صحيح البخاري 1 : 151 ، صحيح مسلم 1 : 424 ـ 608 ، سنن الترمذي 1 : 353 ـ 186 ، سنن النسائي 1 : 257 و 258 ، سنن الدارمي 1 : 278.

(4) المجموع 3 : 62 ـ 63 ، المهذب للشيرازي 1 : 60.

(5) حكاه عنه الشيخ في الخلاف 1 : 268 المسألة 11.

٣٢٥

فالكل أداء وإلاّ فالجميع قضاء ـ وبه قال أحمد(1) ـ لقولهعليه‌السلام : ( من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح )(2) .

وعند أبي حنيفة لو طلعت الشمس في أثناء صلاة الصبح بطلت ولم يكن أداء ولا قضاء(3) .

مسألة 42 : لو وجد العذر في آخر الوقت‌ ، بأن يطرأ بعد دخول الوقت وإنما يتحقق في الحيض ، والنفاس ، والجنون ، والإغماء ، دون الصبا ، والكفر الأصلي ، فإن كان الماضي من الوقت قدر ما يتسع للطهارة والصلاة الكاملة استقرت في الذمة ، وعليه القضاء مع الإهمال بعد زوال العذر عند علمائنا ـ وهو أصح قولي الشافعي(4) ـ لأنه تمكن من الأداء وقد خوطب به وأهمل فلزمه القضاء كما لو تجدد العذر بعد الوقت.

وقال أبو حنيفة ، ومالك : لا تلزمه تلك الصلاة ما لم يدرك آخر الوقت ـ وهو قول للشافعي(5) ـ لأن المسافر لو دخل عليه الوقت في بلده ثم سافر في أثناء الوقت قبل الصلاة قصّر ، ولو كان قد استقر الفرض في ذمته لما جاز القصر ، وهو ممنوع.

فروع :

أ ـ المعتبر أخف ما يمكن من الصلاة ، فلو طوّلت الصلاة بالقراءة فحاضت في خلالها والماضي بقدر الخفيفة وجب القضاء ، ولا بدّ من إدراك‌

__________________

(1) المجموع 3 : 63 ، المغني 1 : 420.

(2) صحيح البخاري 1 : 151 ، صحيح مسلم 1 : 424 ـ 608 ، سنن الترمذي 1 : 353 ـ 186 ، سنن النسائي 1 : 257 و 258 ، سنن الدارمي 1 : 278.

(3) المبسوط للسرخسي 1 : 152 ، حلية العلماء 2 : 18.

(4) المجموع 3 : 67 ، فتح العزيز 3 : 89 ، الوجيز 1 : 34 ، المهذب للشيرازي 1 : 61.

(5) المجموع 3 : 67 ، فتح العزيز 3 : 90.

٣٢٦

الطهارة إن كان محدثا في أول الوقت ، ولو كان متطهرا لم يشترط قدر زمانها.

وعند الشافعي يشترط إن كان ممن لا يصح طهره قبل الوقت كالمتيمم ، والمستحاضة ، وإن كان ممن يصح طهره قبل الوقت فوجهان : الاعتبار ، لأن الصلاة لا تصح بدونها. وعدمه ، لأن الطهارة لا تختص بوقت(1) .

ب ـ لو أدرك من أول الوقت مقدار ركعة أو ركعتين ، ثم طرأ العذر لم يلزمه قضاء الصلاة عندنا بعد العذر ـ وبه قال الشافعي ـ لعدم تمكنه من الفعل ، وقال بعض الشافعية : يجب القضاء كما لو أدرك هذا الوقت من آخره(2) ، والفرق تمكنه من إتمام الفعل لو أدرك قدر الركعة آخر الوقت بخلاف صورة النزاع فإنه لا يتمكن من إتمامه.

ج ـ لو أدرك من أول الوقت مقدار خمس ركعات لم يلزمه العصر ـ وهو ظاهر مذهب الشافعية ـ لما تقدم(3) ، وقال بعضهم : يلزمه العصر كما لو أدرك هذا الوقت من آخر وقت العصر يلزمه قضاء الظهر ، والفرق أن وقت الظهر جعل وقتا للعصر على سبيل التبع للظهر ، ولهذا لو بدأ بالعصر قبل الظهر لم يصح ولم يلزم العصر بإدراكه ، وأما وقت العصر فقد جعل وقتا للظهر لا على سبيل التبع للعصر ، بل إنّه لو ابتدأ بالظهر قبل العصر صحت صلاته(4) . أمّا لو مضى مقدار الطهارة وأداء ثمان ركعات فإن الصلاتين تجب عليه عندنا ، إذ وقت العصر بعد الفراغ من الظهر ، وقال الشافعي : تجب الظهر خاصة(5) .

__________________

(1) المجموع 3 : 67 ـ 68 ، فتح العزيز 3 : 91.

(2) المجموع 3 : 67 ، المهذب للشيرازي 1 : 61 ، فتح العزيز 3 : 91.

(3) تقدم في فرع ( ب ).

(4) المهذب للشيرازي 1 : 61 ، فتح العزيز 3 : 92.

(5) فتح العزيز 3 : 93 ، الوجيز 1 : 34.

٣٢٧

د ـ لو خلا الوسط عن العذر وحصل في الطرفين كان حكمه حكم هذا القسم ، لا حكم الخالي آخره ، فلو بلغ صبي في أول الوقت ثم جنّ ، أو أفاقت المجنونة في أثناء الوقت ثم حاضت ، أو تجدد الجنون فإن كان وقت زوال العذر يتسع للطهارة وتمام الصلاة وجب القضاء وإلاّ فلا.

مسألة 43 : لو عمّ العذر الوقت سقط القضاء‌ ، فلو أسلم الكافر بعد خروج الوقت لم يكن عليه قضاء أيام كفره لقوله تعالى( إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ ) (1) .

أما المرتد ، فإنه يقضي أيام ردته بعد العود إلى الإسلام ، لأنه التزم الصلوات بالإسلام فلا تسقط بالردة كحقوق الآدميين ، وبه قال الشافعي ، واحمد في رواية ، وفي الثانية : لا يجب القضاء كالكافر الأصلي ، وبه قال أبو حنيفة ، ومالك(2) ، والفرق ظاهر.

والحائض والنفساء إذا استغرق عذرهما الوقت سقط القضاء ، والصبي والمجنون لا تلزمهما الصلاة ولا قضاؤها إجماعا لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( رفع القلم عن ثلاث : عن الصبي حتى يبلغ ، وعن النائم حتى يستيقظ ، وعن المجنون حتى يفيق )(3) وإنما وجب القضاء على النائم لقولهعليه‌السلام : ( إذا نسي أحدكم صلاة ، أو نام عنها فليصلّها إذا ذكرها )(4) .

__________________

(1) الأنفال : 38.

(2) مختصر المزني : 16 ، المجموع 3 : 4 ، فتح العزيز 3 : 95 ، المهذب للشيرازي 1 : 57 ، الوجيز 1 : 34 ، المغني 1 : 444 ، الشرح الكبير 1 : 412 ـ 413 ، مغني المحتاج 1 : 130 ، تفسير القرطبي 7 : 403 ، بدائع الصنائع 1 : 95.

(3) صحيح البخاري 7 : 59 ، سنن أبي داود 4 : 139 ـ 140 ـ 4398 ، سنن الترمذي 4 : 32 ـ 1 ، سنن ابن ماجة 1 : 658 ـ 2041 ، مسند أحمد 6 : 100 ، سنن الدارمي 2 : 171 ، وفيها نحوه.

(4) سنن الترمذي 1 : 334 ـ 177 ، سنن أبي داود 1 : 119 ـ 435 ، سنن ابن ماجة 1 : 228 ـ 298 ، سنن النسائي 1 : 294.

٣٢٨

وأما الإغماء ، فإن عم الوقت سقطت أداء وقضاءا كالجنون لأنه مسقط للتكليف ـ وبه قال الشافعي ، ومالك(1) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال وقد سئل عن المغمى عليه : ( ليس من ذلك قضاء إلا أن يغمى عليه فيفيق في وقتها فيصليها )(2) . ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن المريض هل يقضي الصلاة إذا أغمي عليه؟ قال : « لا ، إلا الصلاة التي أفاق في وقتها »(3) .

وقال أبو حنيفة : إن أغمي عليه في خمس صلوات فما دون وجب عليه قضاؤها ، وإن زادت على ذلك سقط عنه فرض القضاء في الكل(4) .

وقال أحمد : يجب القضاء في الجميع بكل حال(5) ، واحتجا بأن عمار ابن ياسر أغمي عليه يوما وليلة فقضى(6) ، وهو محمول على الاستحباب ، وقد روي ذلك من طرقنا عن الصادقعليه‌السلام سئل عن المغمى عليه شهرا ما يقضي من الصلاة؟ قال : « يقضيها كلها ، إن أمر الصلاة شديد »(7) .

فروع :

أ ـ المرتد إذا ترك شيئا حال إسلامه قبل الردة وجب قضاؤه عندنا ـ وبه‌

__________________

(1) الوجيز 1 : 34 ـ 35 ، مغني المحتاج 1 : 131 ، المنتقى 1 : 24 ، بداية المجتهد 1 : 100 ، المغني 1 : 446 ، الشرح الكبير 1 : 411.

(2) المغني 1 : 446 ، الشرح الكبير 1 : 411.

(3) الفقيه 1 : 236 ـ 1040 ، التهذيب 3 : 304 ـ 933 ، الإستبصار 1 : 459 ـ 1780.

(4) المغني 1 : 446 ، الشرح الكبير 1 : 411 ، المنتقى 1 : 24 ، المحلى 2 : 233 ، بداية المجتهد 1 : 100.

(5) المغني 1 : 446 ، الشرح الكبير 1 : 411.

(6) المغني 1 : 446.

(7) التهذيب 3 : 305 ـ 938 ، الاستبصار 1 : 459 ـ 1785.

٣٢٩

قال الشافعي ، وأحمد في رواية(1) ـ لأن الردة غير مسقطة على ما تقدم ، ولأنه قد كان واجبا عليه ومخاطبا به قبل الردة فبقي الوجوب بحاله لأنه لم يأت به ، وقال أبو حنيفة : لا يجب(2) . لما تقدم.

ب ـ لو شرب مسكرا ، أو دواء مرقدا ، أو مزيلا للعقل فإن علم حاله وجب عليه القضاء وإلاّ فلا.

ولو شرب دواء فذهب عقله فإن شربه للتداوي وليس الغالب فيه ذهاب العقل سقط القضاء ، وإن شربه لزوال عقله لم يسقط.

ولو شرب مسكرا لم تصح صلاته إن لم يحصّل ما يفعله ، ولا يسقط عنه فرض الصلاة بذلك لإجماع العلماء على تكليف السكران لقول عليعليه‌السلام : « إنه إذا شرب سكر ، وإذا سكر هذي ، وإذا هذي افترى ، فاجلدوه جلد المفتري »(3) . فألزمه الصحابة بذلك حكم الافتراء في حال سكره.

ج ـ لو ارتد ثم جن فالوجه عدم قضاء أيام الجنون ، وكذا لو سكر ثم جن لسقوط التكليف.

وقال الشافعي : يقضي المرتد أيام الجنون ، وفي قضاء السكران وجهان : القضاء لأن السكران يغلظ عليه أمر الصلاة كالمرتد ، والمنع لأن المرتد في أيام جنونه مرتد حكما ، والسكران في دوام الجنون ليس بسكران قطعا(4) . ولو ارتدت المرأة ، أو سكرت ثم حاضت لم يكن عليها قضاء أيام‌

__________________

(1) المجموع 3 : 5 ، المغني 1 : 444 ، الشرح الكبير 1 : 413.

(2) المجموع 3 : 4 ، بدائع الصنائع 1 : 95.

(3) الموطأ 2 : 842 ـ 2 ، سنن البيهقي 8 : 321 ، سنن الدار قطني 3 : 166 ـ 245.

(4) المجموع 3 : 9 ، فتح العزيز 3 : 99 و 101.

٣٣٠

الحيض ، ولا فرق بين أن يطرأ الحيض على الردة ، أو السكر.

د ـ لو عم النوم الوقت ثم انتبه بعد خروج الوقت فعليه القضاء إجماعا لقولهعليه‌السلام : ( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلّها إذا ذكرها فإن ذلك وقتها )(1) .

هـ ـ لو شربت دواء فأسقطت ونفست لم تصلّ أيام النفاس ، ولا قضاء بعد الطهر وان قصدته ، لأن النفاس ليس مقصود جنايتها ، وللشافعية وجه في وجوبه لأنها عاصية به فكان حكمها حكم السكران(2) ، والفرق أن السكران قصد بجنايته زوال عقله فأبقينا حكم الخطاب عليه.

مسألة 44 : الصبي لا تجب عليه الصلاة ما لم يبلغ‌ ، لكن يستحب تمرينه بفعلها ، ويستحب مطالبته بها إذا بلغ سبع سنين ، وضربه عليها إذا بلغ عشرا لقولهعليه‌السلام : ( مروهم بالصلاة وهم أبناء سبع ، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر )(3) وإنما ضرب بعد العشر لاحتمال البلوغ بالاحتلام ، وهذا وإن لم يكن تكليفا لهم إلا أنه سائغ لاشتماله على اللطف لهم بالتعويد على ملازمة الصلاة عند البلوغ. وهل صلاته شرعية معتد بها؟ المشهور ذلك ـ وبه قال الشافعي(4) خلافا لأبي حنيفة(5) ـ ولا قضاء عليه لو أخل بها‌

__________________

(1) صحيح مسلم 1 : 477 ـ 315 ، سنن الترمذي 1 : 334 ـ 177 ، سنن النسائي 1 : 294 ، سنن ابن ماجة 1 : 228 ـ 698 ، سنن الدارمي 1 : 280 ، مسند أحمد 3 : 100.

(2) المجموع 3 : 10 ، فتح العزيز 3 : 101.

(3) سنن الترمذي 2 : 259 ـ 407 ، سنن أبي داود 1 : 133 ـ 494 و 495 ، سنن الدارمي 1 : 333.

(4) المجموع 3 : 12 ، مغني المحتاج 1 : 132 ، المغني 1 : 445.

(5) بدائع الصنائع 1 : 95 ، المجموع 3 : 12 ، المغني 1 : 445.

٣٣١

إجماعا لأن الأمر لم يكن أمر إيجاب بل إنما ثبت للتخلق ، ومراعاة حق الوقت وحرمته ، فإذا فات الوقت سقط.

فروع :

أ ـ لو صلى حالة الصغر ثم بلغ والوقت باق فلا خلاف في استحباب الإعادة ، وهل تجب؟ الأقوى عندي ذلك ـ وبه قال أبو حنيفة ، والمزني ، وحكاه القفال عن الشافعي(1) ـ لأنه الآن تعلق به الخطاب ، والفعل الأول لم يكن واجبا فلا يسقط ما تجدد وجوبه ، وظاهر مذهب الشافعي عدم الوجوب(2) ، وأصل اختلاف قوليه أنه إذا نوى الظهر ولم يقيّد النيّة بالفرضية هل تصح صلاته؟ وسيأتي ، فإن قيل بالصحة هناك فلا إعادة هنا ، لأن الصبي قد نوى الظهر ، وإن قلنا بالعدم وجبت هنا الإعادة ، لأنّه ليس من أهل نية الفرضية.

ب ـ لو بلغ في أثناء الصلاة بغير المبطل استحب له أن يتم ويعيد بعد ذلك ، وفي وجوب الإعادة ما تقدم من الاختلاف ، ولو ضاق الوقت إلاّ عن ركعة استأنف ونوى الفرضية ، ولو قصر عن ركعة لم يجب الاستئناف ولا الإعادة واستحب الإتمام.

ج ـ الصبي إذا صلى الظهر يوم الجمعة ، ثم بلغ قبل فواتها وجب عليه استئناف الجمعة ـ وهو قول بعض الشافعية(3) ـ لأنه مأمور بالجمعة لا الظهر.

وقال أكثر الشافعية : لا إعادة كالعبد إذا صلّى الظهر ثم عتق(4) ، وهو‌

__________________

(1) مختصر المزني : 11 ، المجموع 3 : 12 ، الوجيز 1 : 34 ، بدائع الصنائع 1 : 95 ، المغني 1 : 445 ، الشرح الكبير 1 : 415.

(2) المجموع 3 : 12 ، الوجيز 1 : 34 ، مغني المحتاج 1 : 132 ، المغني 1 : 445 ، الشرح الكبير 1 : 415.

(3) المجموع 3 : 12 ، مغني المحتاج 1 : 132 ، فتح العزيز 3 : 85.

(4) المجموع 3 : 12 ، الوجيز 1 : 34 ، مغني المحتاج 1 : 132 ، فتح العزيز 3 : 85.

٣٣٢

غلط لأن العبد مأمور بالظهر فإذا صلاّها خرج عن العهدة فلم تلزمه الإعادة بخلاف الصبي.

د ـ لو بلغ في أثناء الوقت قبل الصلاة ، فإن بقي من الوقت مقدار ركعة والطهارة إن لم يكن متطهرا أو قدر ركعة إن كان وجب عليه الفعل ، فإن أهمل وجب القضاء ، وإن قصر عن ذلك لم يجب بل استحب.

البحث الرابع : في الأوقات المكروهة.

مسألة 45 : الأوقات المكروهة لابتداء النوافل فيها خمسة :

أ ـ عند طلوع الشمس الى ارتفاعها.

ب ـ عند غروبها.

ج ـ عند قيامها وسط النهار الى أن تزول إلاّ يوم الجمعة.

د ـ بعد صلاة الصبح الى طلوع الشمس.

هـ ـ بعد العصر حتى تغرب الشمس.

اثنان من هذه متعلقة بالفعل وهما ما بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ، وما بعد العصر حتى تغرب ، وثلاثة للوقت لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إن الشمس تطلع ومعها قرن الشيطان ، فإذا ارتفعت فارقها فإذا استوت قارنها ، فإذا زالت فارقها ، ثم إذا دنت للغروب قارنها ، فإذا غربت فارقها )(1) ونهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الصلاة في تلك الأوقات(2) ،

__________________

(1) سنن ابن ماجة 1 : 397 ـ 1253 ، الموطأ 1 : 219 ـ 44 ، سنن النسائي 1 : 275 ، مسند أحمد 4 : 348.

(2) سنن ابن ماجة 1 : 397 ـ 1253 ، الموطأ 1 : 219 ـ 44 ، سنن النسائي 1 : 275 ، مسند احمد 4 : 348.

٣٣٣

وبه قال الشافعي ، وأحمد(1) .

وقال ابن المنذر : لا يكره بعد العصر حتى تصفر الشمس ، وإنما المنهي عنه ما رواه عقبة بن عامر قال : ثلاث ساعات كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينهانا أن نصلي فيهن وأن نقبر فيهن موتانا : حين تطلع الشمس بازغة حتى ترتفع ، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل ، وحين تتضيف الشمس للغروب حتى تغرب(2) ، ومعنى تتضيف أي تميل ، ومنه سمي الضيف ، والتخصيص يدل على نفي ما عداه ، وعن عليعليه‌السلام أنه دخل فسطاطه فصلى ركعتين بعد العصر(3) ، وقال داود : يجوز فعل النافلة بعد العصر حتى تغرب الشمس(4) .

مسألة 46 : النهي عن الصلاة بعد العصر متعلق بفعل الصلاة‌ فمن لم يصلّ لم يكره له التنفل وإن صلى غيره ، ولو صلى العصر كره له التنفل وإن لم يصلّ غيره ، ولا نعلم فيه خلافا بين المانعين.

وأما النهي بعد الصبح فإنه كذلك ـ وبه قال الحسن ، والشافعي(5) ـ لأن النبيعليه‌السلام قال : ( لا صلاة بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس ، ولا صلاة بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس )(6) ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا صلاة بعد العصر حتى تصلي المغرب ، ولا بعد الفجر حتى تطلع‌

__________________

(1) الام 1 : 149 ، المجموع 4 : 166 ، المغني 1 : 790 ، الشرح الكبير 1 : 830.

(2) سنن ابن ماجة 1 : 486 ـ 1519 ، سنن الترمذي 3 : 349 ـ 1030 ، سنن النسائي 1 : 275 ، سنن الدارمي 1 : 333 ، وانظر المغني 1 : 790 ، والشرح الكبير 1 : 835.

(3) سنن البيهقي 2 : 459.

(4) المجموع 4 : 172.

(5) المجموع 4 : 166 ، المغني 1 : 790 ، الشرح الكبير 1 : 832.

(6) سنن الترمذي 1 : 343 ـ 345 ـ 183 ، سنن أبي داود 2 : 24 ـ 1276 ، سنن النسائي 1 : 278 ، سنن الدارمي 1 : 333.

٣٣٤

الشمس »(1) .

وقال أصحاب الرأي : النهي متعلق بطلوع الفجر ـ وبه قال ابن المسيب ، والنخعي ، وعن أحمد روايتان(2) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( ليبلغ شاهدكم غائبكم لا تصلوا بعد الفجر إلا سجدتين )(3) وفي حديث آخر : ( إذا طلع الفجر لا صلاة إلا ركعتا الفجر )(4) .

مسألة 47 : إنما تكره في هذه الأوقات نافلة‌ لا سبب لها متقدم على هذه الأوقات ولا مقارن لها ، فالنوافل الفائتة ، وذات السبب لا تكره في هذه الأوقات ـ وبه قال الشافعي(5) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى قيس بن فهد يصلي بعد الصبح ركعتين فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ما هاتان الركعتان يا قيس؟ ) فقال : لم أكن صليت ركعتي الفجر فسكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله (6) ، ودخلصلى‌الله‌عليه‌وآله على أم سلمة بعد العصر فصلّى ركعتين فقالت أم سلمة : ما هاتان الركعتان؟ فقالصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( ركعتان كنت أصليهما بعد الظهر فشغلني عنهما الوفد )(7) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن قضاء النوافل فقال : « ما بين طلوع الشمس الى غروبها »(8) وسئل الكاظمعليه‌السلام

__________________

(1) التهذيب 2 : 174 ـ 695 ، الإستبصار 1 : 290 ـ 1066.

(2) المغني 1 : 790 ، الشرح الكبير 1 : 832.

(3) سنن أبي داود 2 : 25 ـ 1278 ، سنن البيهقي 2 : 465.

(4) كنز العمال 7 : 414 ـ 19583 ( عن الطبراني ).

(5) المجموع 4 : 170 ، فتح الباري 2 : 46 ـ 47 ، المغني 1 : 793 ـ 795 ، الشرح الكبير 1 : 838.

(6) سنن أبي داود 2 : 22 ـ 1267 ، سنن الترمذي 2 : 284 ـ 422 ، مسند أحمد 5 : 447.

(7) سنن أبي داود 2 : 23 ـ 24 ـ 1273 ، سنن الدارمي 1 : 324 و 325.

(8) التهذيب 2 : 272 ـ 1084 ، الاستبصار 1 : 290 ـ 1064.

٣٣٥

عن قضاء صلاة الليل قال : « نعم بعد طلوع الفجر الى طلوع الشمس ، وبعد العصر الى الليل »(1) .

وقال المفيد : يكره النوافل أداء وقضاء عند طلوع الشمس وغروبها. وأجاز قضاءها بعد الصبح والعصر(2) ، ومنع أبو حنيفة ومالك من قضاء النوافل في أوقات النهي ، وابتدائها وإن كان لها سبب(3) ـ وعن أحمد روايتان(4) ـ لعموم النهي(5) ، والجواب : الخاص مقدم.

مسألة 48 : النهي إنما هو كراهة عند علمائنا لا نهي تحريم‌ لتعارض الأحاديث في المنع والتسويغ ، وورود لفظ الكراهة ، وقال أبو حنيفة : لا يجوز لأن النهي يدل على التحريم(6) ، وهو ممنوع خصوصا مع قيام المعارض.

إذا عرفت هذا فإن النهي عن التنفل لا عن الفرائض ، فلا يكره عندنا قضاء الفرائض ، ولا ابتداؤها في هذه الأوقات ـ وبه قال عليعليه‌السلام ، والنخعي ، والشعبي ، والحكم ، وحماد ، ومالك ، والأوزاعي ، والشافعي ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وابن المنذر ، وأحمد بن حنبل(7) ـ لقولهعليه‌السلام :

__________________

(1) التهذيب 2 : 173 ـ 689 ، الإستبصار 1 : 290 ـ 1060.

(2) المقنعة : 23 و 35.

(3) المبسوط للسرخسي 1 : 152 و 153 ، بدائع الصنائع 1 : 296 ، المنتقى 1 : 362 و 363 ، القوانين الفقهية : 53 ، الهداية للمرغيناني 1 : 40 ، فتح العزيز 3 : 113 ، فتح الباري 2 : 46 ـ 47 ، المغني 1 : 794.

(4) المغني 1 : 794 ، الشرح الكبير 1 : 841 ، فتح العزيز 3 : 113.

(5) انظر على سبيل المثال : سنن ابن ماجة 1 : 486 ـ 1519 ، سنن الترمذي 3 : 349 ـ 1030 ، سنن النسائي 1 : 275 ، سنن الدارمي 1 : 333.

(6) شرح فتح القدير 1 : 202 ، الهداية للمرغيناني 1 : 40 ، الكفاية 1 : 202 ، بداية المجتهد 1 : 103.

(7) فتح العزيز 3 : 109 ، المغني 1 : 783 و 784 ، الشرح الكبير 1 : 833 ، القوانين الفقهية : 53 ، بداية المجتهد 1 : 103.

٣٣٦

( من نام عن صلاة أو نسيها فليصلها إذا ذكرها )(1) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام وقد سئل عن رجل صلى بغير طهور ، أو نسي صلوات لم يصلها ، أو نام عنها : « يقضيها إذا ذكرها في أي ساعة ذكرها »(2) .

وقال أصحاب الرأي : لا يقضى الفرض ولا النفل في الأوقات الثلاثة إلاّ عصر يومه عند اصفرار الشمس ، وأما الوقتان الآخران المتعلقان بالفعل فلا يجوز فيهما فعل شي‌ء من النوافل سواء كان لها سبب أو لم يكن ، لعموم النهي(3) ، المتناول للفرائض والنوافل ولأنها صلاة فلم تجز في هذه الأوقات كالنوافل(4) . والنهي مخصوص بعصر يومه ، وبالقضاء في الوقتين الآخرين فنقيس محل النزاع على المخصوص ، وقياسهم ينتقض بذلك.

فروع :

أ ـ لو طلعت الشمس وهو في صلاة الصبح أتمها ـ وبه قال الشافعي ، وأحمد(5) ـ لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إذا أدرك أحدكم سجدة من صلاة العصر قبل ان تغيب الشمس فليتم صلاته ، وإذا أدرك سجدة من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فليتم صلاته )(6) .

__________________

(1) صحيح البخاري 1 : 154 ، صحيح مسلم 1 : 477 ـ 315 ، سنن الترمذي 1 : 334 ـ 177 ، سنن النسائي 1 : 294 ، سنن أبي داود 1 : 119 ـ 435 ، سنن ابن ماجة 1 : 228 ـ 698 ، سنن الدارمي 1 : 280 ، مسند أحمد 3 : 100 و 282.

(2) الكافي 3 : 292 ـ 3 ، التهذيب 2 : 266 ـ 1059 ، الاستبصار 1 : 286 ـ 1046.

(3) سنن ابن ماجة 1 : 486 ـ 1519 ، سنن الترمذي 3 : 349 ـ 1030 ، سنن النسائي 1 : 275.

(4) فتح العزيز 3 : 113 ، المغني 1 : 784 ، الشرح الكبير 1 : 833 ، بداية المجتهد 1 : 103 ، القوانين الفقهية : 53 ، الهداية للمرغيناني 1 : 40 ، اللباب 1 : 88 ـ 89 ، المبسوط للسرخسي 1 : 150.

(5) المجموع 3 : 47 ، المهذب للشيرازي 1 : 60 ، المغني 1 : 784 ، الشرح الكبير 1 : 834 ، المبسوط للسرخسي 1 : 152.

(6) صحيح البخاري 1 : 146 ، سنن النسائي 1 : 257.

٣٣٧

وقال أصحاب الرأي : تفسد صلاته لأنها صارت في وقت النهي(1) .

والخاص مقدم.

ب ـ في انعقاد النوافل في هذه الأوقات إشكال ينشأ من النهي ، فأشبهت صوم يوم العيد ، ومن الترغيب في الصلاة مطلقا ، وهذه الأوقات قابلة للصلاة في الجملة لصحة الفرائض فيها فصارت كالصلاة في الحمام ، وللشافعية وجهان(2) ، إذا ثبت هذا ، فلو نذر أن يصلي في هذه الأوقات انعقد نذره إن قلنا بانعقاد الصلاة فيها وإلاّ فلا.

ج ـ يجوز فعل الصلاة المنذورة في وقت النهي سواء كان النذر مطلقا أو موقتا ـ وبه قال الشافعي(3) ـ لاختصاص النهي بالنافلة ، والنذر واجب.

وقال أبو حنيفة : لا يجوز ، لأن وجوبها معلق بفعله وهو النذر فأشبه النافلة الواجبة بالدخول فيها(4) . ويبطل بسجود التلاوة ، فإنه متعلق بفعله وهو التلاوة ، ولا تشبه المنذورة ما وجب بالدخول فيه لأن الدخول مكروه والنذر غير مكروه في الجملة.

مسألة 49 : لو صلى الصبح ، أو العصر ، أو المغرب منفردا ثم أدرك جماعة‌ استحب له إعادتها عندنا ـ وبه قال الشافعي ، والحسن البصري ، وأبو ثور(5) ـ لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله صلّى الصبح في مسجد خيف ،

__________________

(1) المبسوط للسرخسي 1 : 152 ، المجموع 3 : 47 ، المغني 1 : 784 ، الشرح الكبير 1 : 834.

(2) المجموع 4 : 181 ، فتح العزيز 3 : 128.

(3) المجموع 4 : 170 ، فتح الباري 2 : 47 ، المهذب للشيرازي 1 : 99 ، الميزان 1 : 171 ، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة 1 : 65.

(4) المبسوط للسرخسي 1 : 153 ، فتح الباري 2 : 47 ، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة 1 : 65 ، الميزان 1 : 171 ، المغني 1 : 784 ، الشرح الكبير 1 : 834.

(5) المجموع 4 : 223 ، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة 1 : 68 ، المهذب للشيرازي 1 : 102 ، المغني 1 : 786 ، الشرح الكبير 1 : 836.

٣٣٨

فلما انصرف رأى رجلين في زاوية المسجد ، فقال لهما رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لما ذا لم تصليا معنا؟ ) فقالا : كنا قد صلينا في رحالنا ، فقال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إذا جئتما فصلّيا معنا ، وإن كنتما قد صليتما في رحالكما تكن لكما سبحة )(1) .

وقال أبو حنيفة : لا تجوز الإعادة لأنها نافلة فلا يجوز فعلها في وقت النهي(2) لعموم الحديث(3) وما ذكرناه أخص فتقدم.

وقال مالك ، والثوري ، والأوزاعي : يعاد الجميع إلاّ المغرب لئلا يتطوع بوتر(4) . وقال ابن عمر ، والنخعي : تعاد الصلوات كلها إلاّ الصبح ، والمغرب(5) . وقال الحكم : إلاّ الصبح وحدها(6) .

فروع :

أ ـ لا فرق في استحباب الإعادة بين أن تقام الصلاة وهو في المسجد أو لا ، ولا بين أن يدخل وهم يصلّون أو لا ، وشرط أحدهما أحمد(7) .

__________________

(1) سنن الترمذي 1 : 424 ـ 219 ، سنن النسائي 2 : 112 و 113 ، سنن أبي داود 1 : 157 ـ 575 ، سنن الدارمي 1 : 317 ، مسند أحمد 4 : 161 ، موارد الظمآن : 122 ـ 434 ، سنن البيهقي 2 : 301.

(2) المجموع 4 : 225 ، الميزان 1 : 174 ، رحمة الأمة في اختلاف الأئمة 1 : 68 ، المغني 1 : 786 ، الشرح الكبير 1 : 837 و 2 : 7.

(3) سنن ابن ماجة 1 : 486 ـ 1519 ، سنن النسائي 1 : 275.

(4) المدونة الكبرى 1 : 87 ، المنتقى 1 : 234 ، بلغة السالك 1 : 154 ، المجموع 4 : 225 ، الميزان 1 : 174 ، رحمة الأمة 1 : 68 ، المغني 1 : 786 ، الشرح الكبير 2 : 7.

(5) المجموع 4 : 225 ، المغني 1 : 876 ، الشرح الكبير 2 : 7.

(6) المغني 1 : 786 ، الشرح الكبير 2 : 7.

(7) المغني 1 : 786 ، الشرح الكبير 1 : 836 و 2 : 6.

٣٣٩

ب ـ لا فرق في جواز الإعادة في وقت النهي بين أن يكون مع إمام الحي وغيره للعموم ـ خلافا لبعض أصحاب أحمد(1) ـ ولا بين أن يكون قد صلّى وحده أو مع جماعة ، قال أنس : صلّى بنا أبو موسى الغداة في المربد فانتهينا الى المسجد الجامع فأقيمت الصلاة فصلينا مع المغيرة بن شعبة(2) .

ج ـ إذا أعاد المغرب صلاها ثلاثا لأن القصد المتابعة للإمام ، والمفارقة مكروهة سواء كانت بالزيادة أو النقصان.

وقال الشافعي ، والزهري ، وأحمد : يصلي أربعا ـ وهو مروي عن سعيد بن المسيب ـ لأنها نافلة ولا يشرع التنفل بوتر غير الوتر فكان زيادة ركعة أولى من نقصانها لئلا يفارق إمامه قبل إتمام صلاته(3) ، وعن حذيفة يصلي ركعتين(4) .

د ـ إذا أقيمت الصلاة وهو خارج المسجد استحب له الدخول ، وإن كان وقت نهي ، عملا بالعموم ، خلافا لأحمد(5) .

هـ ـ إذا أعاد الصلاة فالأولى فرضه ـ وبه قال عليعليه‌السلام ، والثوري ، وأبو حنيفة ، وإسحاق ، والشافعي في الجديد(6) ـ لقولهعليه‌السلام : ( تكن لكما نافلة )(7) ولأن الأولى وقعت فريضة فأسقطت الفرض لأنها لا‌

__________________

(1) المغني 1 : 786 ، الشرح الكبير 1 : 836.

(2) المغني 1 : 787 و 788 ، الشرح الكبير 2 : 7.

(3) المجموع 4 : 225 ، المغني 1 : 788 ، الشرح الكبير 2 : 7.

(4) المغني 1 : 788 ، الشرح الكبير 2 : 7.

(5) المغني 1 : 788 ، الشرح الكبير 2 : 7.

(6) المغني 1 : 788 ، الشرح الكبير 2 : 7.

(7) سنن النسائي 2 : 112 و 113 ، سنن الدارمي 1 : 317 ، مسند أحمد 4 : 161 ، سنن البيهقي 2 : 301 ، موارد الظمآن : 122 ـ 434.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512