تذكرة الفقهاء الجزء ٢

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512
المشاهدات: 34094
تحميل: 7914


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 512 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34094 / تحميل: 7914
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 2

مؤلف:
ISBN: 964-5503-35-3
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الظهر »(1) ومعنى زوالها : ميلها عن كبد السماء ، فإن الشمس إذا طلعت وقع لكل شاخص ظل طويل في جانب المغرب ، وكلّما ارتفعت الشمس انتقص الظل ، فإذا استوت انتهى نقصانه ، وقد لا يبقى منه شي‌ء في بعض البلاد في أطول أيام السنة ، فإن الظل ينتفي بمكة قبل أن ينتهي طول السنة بستة وعشرين يوما ، وكذا بعد ما انتهى بستة وعشرين يوما ، وقد يبقى ، ويختلف باختلاف البلاد والفصول ، فإذا مالت الشمس الى المغرب زاد الظل الباقي وتحوّل الى المشرق ويحدث شي‌ء من الظل مائلا إلى المشرق حيث لم يبق شي‌ء عند الاستواء ، وذلك هو الزوال.

والفي‌ء عند الزوال يقلّ في الصيف ، ويكثر في الشتاء ، لقرب الشمس من سمت الرأس وبعدها عنه ، وكلّ يوم يزيد الظلّ أو ينقص. وقد روي عن الصادقعليه‌السلام تقدير ذلك في أوساط الشهور فقال : « تزول الشمس في نصف حزيران على نصف قدم ، وفي النصف من تموز وأيار على قدم ونصف ، وفي النصف من آب ونيسان على قدمين ونصف ، وفي النصف من أيلول وآذار على ثلاثة ونصف ، وفي النصف من تشرين الأول وشباط على خمسة ونصف ، وفي النصف من تشرين الثاني وكانون الآخر على سبعة ونصف ، وفي النصف من كانون الأول على تسعة ونصف »(2) .

وقال بعض الفضلاء : الشمس تزول في نصف حزيران على قدم وثلث وهو أقل ما يزول عليه الشمس ، وفي نصف تموز ونصف أيار على قدم ونصف وثلث ، وفي نصف آب ونيسان على ثلاثة أقدام ، وفي نصف آذار وأيلول على أربعة أقدام ونصف ، وهو وقت استواء الليل والنهار ، وفي نصف‌

__________________

(1) الكافي 3 : 276 ـ 2 ، التهذيب 2 : 21 ـ 57 ، الاستبصار 1 : 250 ـ 898.

(2) الفقيه 1 : 144 ـ 672 ، التهذيب 2 : 276 ـ 1096 ، الخصال : 460 ـ 3.

٣٠١

تشرين الأول وشباط على ستة أقدام ونصف ، وفي نصف تشرين الثاني وكانون الثاني على تسعة أقدام ، وفي نصف كانون الأول على عشرة أقدام وسدس ، وهذا أنهى ما تزول عليه الشمس في إقليم العراق والشام وما سامتهما من البلدان(1) .

ولا تنافي بينهما ، لاحتمال أن يكون قصد الصادقعليه‌السلام بلد المدينة.

مسألة 25 : الدلوك في الآية هو الزوال ويطلق على الغروب‌ والمراد الأول في قوله تعالى( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ ) (2) وهو قول أكثر العلماء(3) ، لأن ابن عمر قال : دلوك الشمس ميلها ، وكذا عن ابن عباس ، وأبي هريرة(4) ولأنه لنظم جميع الصلوات ، ولأن الدلوك الانتقال والتحويل.

وقال عبد الله بن مسعود : الدلوك الغروب ، ونقله الجمهور عن عليعليه‌السلام (5) لاقتضاء الآية إقامة الصلاة من الدلوك الى غسق الليل فيحمل على الغروب لأن إقامة الصلاة لا يمكن من الزوال الى الغسق لوجود النهي عن الصلاة عند اصفرار الشمس ، والنهي إنما يتناول الندب.

مسألة 26 : آخر وقت الفضيلة للظهر‌ إذا صار ظل كل شي‌ء مثله ، وآخر وقت الإجزاء إذا بقي للغروب قدر العصر ، وهو اختيار المرتضى وابن‌

__________________

(1) المغني 1 : 414 ، الشرح الكبير 1 : 463.

(2) الاسراء : 78.

(3) تفسير القرطبي 10 : 303 ، أحكام القرآن لابن العربي 3 : 1219.

(4) المجموع 3 : 25 ، تفسير القرطبي 10 : 303 ، احكام القرآن لابن العربي 3 : 1219 ، أحكام القرآن للجصاص 2 : 266 ، المبسوط للسرخسي 1 : 141.

(5) المجموع 3 : 25 ، تفسير القرطبي 10 : 303 ، أحكام القرآن لابن العربي 3 : 1219.

٣٠٢

الجنيد(1) ـ وبه قال مالك ، وطاوس(2) ـ لقوله تعالى( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (3) والغسق الظلمة فجعل الزمان ظرفا للصلاة ، ولأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين الظهرين في الحضر(4) ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « أحب الوقت الى الله عزّ وجلّ أوله حين يدخل وقت الصلاة فإن لم تفعل فإنك في وقت منهما حتى تغيب الشمس »(5) .

وقال الشيخ : آخر وقت المختار إذا صار ظلّ كل شي‌ء مثله(6) .

وتحقيقه : أن الفي‌ء إذا زاد على ما زالت عليه الشمس من الظل بقدر الشخص فذلك آخر وقت الظهر ، ومعرفته بأن يضبط ما زالت عليه الشمس وهو الظل الذي بقي بعد تناهي النقصان ، ثم ينظر قدر الزيادة عليه فقد انتهى وقت الظهر ، وقد قيل : إنّ مثل الإنسان ستة أقدام ونصف بقدمه ، فإذا أردت أن تعتبر المثل فقدر الزيادة من الفي‌ء بقدمك بأن تقف في موضع مستو من الأرض ، وتعلّم على الموضع الذي انتهى إليه الفي‌ء ، وتعرف قدر ما زالت عليه الشمس ويقدر فيه بالأقدام ، فيضع قدمه اليمنى بين يدي قدمه اليسرى ويلصق عقبة بإبهامه ، فإذا مسحه بالأقدام أسقط منه القدر الذي زالت عليه الشمس ، فإذا بلغ الباقي ستة أقدام ونصف فقد بلغ المثل ، فإذا بلغ ذلك فقد خرج وقت الظهر ، وما زاد عليه فهو من وقت العصر ـ وبه قال الشافعي ،

__________________

(1) الناصريات : 229 المسألة 72 ، وحكى المحقق قول ابن الجنيد في المعتبر : 135.

(2) المغني 1 : 416 ، الشرح الكبير 1 : 465.

(3) الاسراء : 78.

(4) صحيح مسلم 1 : 489 ـ 490 ـ 705 ، سنن النسائي 1 : 290 ، سنن الترمذي 1 : 355 ـ 187 ، مسند أحمد 1 : 223 ، الموطأ 1 : 144 ـ 4 ، سنن البيهقي 3 : 166.

(5) التهذيب 2 : 24 ـ 69 ، الاستبصار 1 : 260 ـ 935.

(6) المبسوط للطوسي 1 : 72.

٣٠٣

والأوزاعي ، والليث بن سعد ، والثوري ، وأحمد ، وأبو يوسف(1) ـ لأنّ ابن عباس روى أنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( أمّني جبرئيل عند البيت مرتين فصلّى بي الظهر الأول منهما حين كان الفي‌ء مثل الشراك ، ثم صلّى العصر حين صار ظلّ كلّ شي‌ء مثله ، ثم صلّى المغرب حين وجبت الشمس وأفطر الصيام ، ثم صلّى العشاء حين غاب الشفق ، ثم صلّى الفجر حين برق الفجر ، وحرم الطعام على الصائم ، وصلّى في المرة الثانية الظهر حين صار ظلّ كلّ شي‌ء مثله كوقت العصر بالأمس ، ثم صلّى العصر حين صار ظلّ كلّ شي‌ء مثليه ، ثم صلّى المغرب لوقته الأول ، ثم صلّى العشاء الآخرة حين ذهب ثلث الليل ، ثم صلّى الصبح حين أسفرت الأرض ، ثم التفت جبرئيل فقال : يا محمد هذا وقت الأنبياء من قبلك ، والوقت فيما بين هذين )(2) ومعنى قوله : ( حين كان الفي‌ء مثل الشراك ) أنه إذا حدث الظل أو زاد وإن كان قليلا مثل الشراك فقد زالت الشمس.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « أتى جبرئيلعليه‌السلام بالمواقيت فأمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصلّي الظهر حين زالت الشمس ، والعصر حين زاد الظلّ قامة ، والمغرب حين غربت الشمس ، والعشاء حين سقط الشفق. ثم أتاه من الغد حين زاد الظل قامة فأمره فصلّى الظهر ، ثم لمّا زاد قامتين أمره فصلى العصر ، ثم لمّا غربت الشمس أمره فصلّى المغرب والعشاء حين ذهب ثلث الليل ، وقال : ما بينهما وقت »(3) ولا دليل فيه إذ وصف ذلك بكونه وقتا ، وكذا ما بينهما لا يدل على نفي ما زاد إلا بدليل الخطاب ، أو يحمل على الفضيلة.

__________________

(1) المجموع 3 : 21 ، احكام القرآن للجصاص 2 : 269 ، المغني 1 : 416 ، الشرح الكبير 1 : 465.

(2) سنن الترمذي 1 : 279 ـ 149 ، سنن أبي داود 1 : 107 ـ 393.

(3) التهذيب 2 : 252 ـ 1001 ، الاستبصار 1 : 257 ـ 922.

٣٠٤

وقال أبو حنيفة : يبقى وقت الظهر إلى أن يصير الفي‌ء مثليه(1) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إنما أجلكم في أجل من خلا من الأمم كما بين صلاة العصر إلى مغرب الشمس في النهار ، وإنما مثلكم ومثل أهل الكتابين من قبلكم كمثل رجل استأجر أجيرا فقال : من يعمل لي من الغداة إلى نصف النهار بقيراط؟ فعملت اليهود ، ثم قال : من يعمل لي من الظهر إلى صلاة العصر بقيراط؟ فعملت النصارى ، ثم قال : من يعمل لي إلى آخر النهار بقيراطين؟ فعملتم أنتم ، فغضب اليهود والنصارى وقالوا : نحن أكثر عملا وأقل أجرا. فقال : هل نقصتكم من حقكم شيئا؟ ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء )(2) قالوا : وهذا يدل على أن من الظهر الى العصر أكثر من العصر الى المغرب(3) ونحمله على وقت الفضيلة.

وقال عطاء : لا يفرط بتأخيرها حتى تدخل في الشمس صفرة(4) .

وقال المزني ، وأبو ثور ، وإسحاق ، وابن جرير : إذا صار ظلّ كلّ شي‌ء مثله دخل وقت العصر ولم يخرج وقت الظهر حتى يمضي قدر أربع ركعات يشترك فيهما الوقتان(5) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( صلّى بي جبرئيل الظهر في اليوم الثاني حين صار ظلّ كل شي‌ء مثله قدر العصر بالأمس )(6) فدلّ على اشتراك الوقتين ، وهو محمول على أنه فرغ منها.

__________________

(1) المبسوط للسرخسي 1 : 142 ، فتح العزيز 3 : 9 ـ 10 ، المغني 1 : 417 ، الشرح الكبير 1 : 465 ، المحلى 3 : 175.

(2) صحيح البخاري 4 : 207 ، سنن الترمذي 5 : 153 ـ 2871.

(3) المغني 1 : 417 ، الشرح الكبير 1 : 465.

(4) المغني 1 : 416 ، الشرح الكبير 1 : 465 ، حلية العلماء 2 : 14.

(5) المجموع 3 : 21 ، فتح العزيز 3 : 11 ـ 12 ، المغني 1 : 418 ، الشرح الكبير 1 : 469 ، حلية العلماء 2 : 14.

(6) سنن الترمذي 1 : 279 ـ 149 ، سنن أبي داود 1 : 107 ـ 393.

٣٠٥

مسألة 27 : الأكثر على أن المعتبر بزيادة الظل قدر الشخص المنصوب‌ لأن يزيد بن خليفة قال للصادقعليه‌السلام : إن عمر بن حنظلة نبّأنا عنك بوقت ، فقال : « إذن لا يكذب علينا » قلت : ذكر أنك قلت : إذا زالت الشمس لم يمنعك إلا سبحتك ثم لا تزال في وقت الظهر الى أن يصير الظلّ قامة ، وهو آخر الوقت ، ثم لا تزال في وقت العصر حتى يصير الظلّ قامتين وذلك المساء ، قال : « صدق »(1) وعن الصادقعليه‌السلام قال : « إذا صار ظلك مثلك فصل الظهر ، وإذا صار مثليك فصل العصر »(2) .

وقال الشيخ : المعتبر قدر الظل الأول لا قدر الشخص(3) ، لأن يونس روى عن بعض رجاله عن الصادقعليه‌السلام قال : سألته عمّا جاء في الحديث أن : ( صلّ الظهر إذا كانت الشمس قامة وقامتين ، وذراعا وذراعين ، وقدما وقدمين ) كيف هذا وقد يكون الظلّ في بعض الأوقات نصف قدم؟ قال : « إنما قال : ظل القامة ، ولم يقل : قامة الظل ، وإذا كان الزمان يكون فيه ظل القامة ذراعا كان الوقت ذراعا من ظلّ القامة ، وإذا كان ظلّ القامة أقل أو أكثر كان الوقت محصورا بالذراع والذراعين ، فهذا تفسير القامة والقامتين ، والذراع والذراعين »(4) والرواية مرسلة ، وفي طريقها صالح بن سعيد ، وهو مجهول.

مسألة 28 : أول وقت العصر عند الفراغ من فريضة الظهر‌ ، والتحقيق أنه إذا زالت الشمس اختص الوقت بالظهر الى أن يمضي مقدار أربع ركعات في الحضر ، وركعتين في السفر وهو قدر أدائها ، ثم يشترك الوقتان الى أن يبقى‌

__________________

(1) الكافي 3 : 275 ـ 1 ، التهذيب 2 : 20 ـ 56 ، الاستبصار 1 : 260 ـ 932.

(2) التهذيب 2 : 22 ـ 62 ، الاستبصار 1 : 248 ـ 891.

(3) المبسوط للطوسي 1 : 73.

(4) الكافي 3 : 277 ـ 7 ، التهذيب 2 : 24 ـ 67.

٣٠٦

للغروب مقدار العصر إما أربع ركعات أو ركعتان فيختص بها ، ذهب إليه أكثر علمائنا(1) ـ وبه قال مالك في رواية(2) ـ لأن أبا أمامة قال : صلّينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ثم دخلنا على أنس وهو يصلي العصر فقلنا : يا أبا عمرة ما هذه الصلاة؟! قال : العصر وهذه صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله التي كنّا نصلّي معه(3) .

ولا يحتمل وقوعها بعد الظل ، لانتفاء الموجب للتعجب حينئذ ، ولأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين الصلاتين في الحضر من غير عذر(4) ، ولأنه يجوز الجمع بينهما في السفر ، ولو لم يكن وقتا لهما لما جاز ، كما لا يجوز الجمع بين العصر والمغرب في وقت إحداهما.

وقال ابن عباس : ألا أخبركم بصلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله في السفر؟ كان إذا زالت الشمس وهو في منزله جمع بين الظهر والعصر في الزوال ، وإذا سافر قبل الزوال أخّر الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر في وقت العصر(5) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله بالناس الظهر والعصر حين زالت الشمس في جماعة من غير علة »(6) .

وقال بعض علمائنا : إذا زالت الشمس دخل وقت الصلاتين إلاّ أن‌

__________________

(1) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط 1 : 72 ، وسلاّر في المراسم : 62 ، وابن إدريس في السرائر : 39 ، والمحقق في شرائع الإسلام 1 : 60.

(2) المغني 1 : 416 ، حلية العلماء 2 : 14.

(3) صحيح البخاري 1 : 144 و 145.

(4) صحيح مسلم 1 : 489 ـ 705 و 491 ـ 54 ، سنن الترمذي 1 : 355 ـ 187 ، سنن النسائي 1 : 290 ، سنن البيهقي 3 : 166 ، الموطأ 1 : 144 ـ 4.

(5) سنن البيهقي 3 : 163.

(6) الكافي 3 : 286 ـ 1 ، التهذيب 2 : 19 ـ 53.

٣٠٧

الظهر قبل العصر(1) ـ وبه قال ربيعة(2) ـ لقول العبد الصالحعليه‌السلام : « إذا زالت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين »(3) .

وقال الشافعي : أول وقت العصر من حين الزيادة على المثل متصلا بوقت الظهر فلا يدخل الوقت إلا بعد أن يصير ظلّ كل شي‌ء مثله(4) لحديث جبرئيلعليه‌السلام (5) وهو يدل على الأفضلية.

وقال أبو حنيفة : يدخل وقت العصر إذا صار ظل كل شي‌ء مثليه وزاد عليه أقل زيادة لقوله تعالى( أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ ) (6) ولو كان وقتها إذا صار ظل كل شي‌ء مثله كان وسط النهار(7) .

ويضعف بأن الطرف إن قصد الحقيقي فهو آخر النهار كما يذهب إليه ، وإن كان ما تراخى عن الوسط لم يبطل به قول الشافعي.

مسألة 29 : آخر وقت العصر للفضيلة ‌إذا صار ظلّ كلّ شي‌ء مثليه ، وللإجزاء إلى الغروب عند أكثر علمائنا(8) ـ وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة(9) ـ لقوله تعالى( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (10) وقوله تعالى :

__________________

(1) الفقيه 1 : 139 ـ 647.

(2) المغني 1 : 418 ، الشرح الكبير 1 : 469.

(3) التهذيب 2 : 244 ـ 966 ، الاستبصار 1 : 246 ـ 876.

(4) المجموع 3 : 21 ، الام 1 : 73 ، فتح العزيز 3 : 14 و 19 ، المغني 1 : 417 ، الشرح الكبير 1 : 469.

(5) سنن الترمذي 1 : 279 ـ 149 ، سنن أبي داود 1 : 107 ـ 393 ، سنن البيهقي 1 : 366.

(6) هود : 114.

(7) المبسوط للسرخسي 1 : 142 ، المغني 1 : 417 ، الشرح الكبير 1 : 469 ، المحلى 3 : 165.

(8) منهم : المرتضى في الناصريات : 229 المسألة 72 ، وابن زهرة في الغنية : 494 ، والمحقق في المعتبر : 137 ، ويحيى بن سعيد في الجامع للشرائع : 60.

(9) المجموع 3 : 21 ، كفاية الأخيار 1 : 51 ، بدائع الصنائع 1 : 123 ، حلية العلماء 2 : 15.

(10) الاسراء : 78.

٣٠٨

( أَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ ) (1) وقولهعليه‌السلام : ( من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر )(2) . ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وقت العصر الى غروب الشمس »(3) .

وقال الشيخ في الخلاف : إذا صار ظلّ كلّ شي‌ء مثليه للمختار ، وللمعذور الى الغروب(4) ، وهو وجه للشافعي(5) .

وقال أبو سعيد الإصطخري : إذا جاوز المثلين فقد خرج وقت العصر ـ وبه قال مالك ، والثوري ، وأحمد في رواية(6) ـ لحديث جبرئيلعليه‌السلام : ( أنّه صلّى العصر في اليوم الثاني حين صار ظلّ كلّ شي‌ء مثليه ، ثم قال : الوقت فيما بين هذين الوقتين )(7) .

ومن طريق الخاصة قول أبي الحسنعليه‌السلام : « كما أن رجلا لو أخّر العصر الى قرب أن تغيب الشمس لم تقبل منه »(8) وهما محمولان على الأفضلية.

قال ابن عبد البر : أجمع العلماء على أن من صلّى العصر والشمس‌

__________________

(1) هود : 114.

(2) صحيح مسلم 1 : 424 ـ 608 ، الموطأ 1 : 6 ـ 5 ، سنن النسائي 1 : 258 ، سنن ابن ماجة 1 : 229 ـ 699 و 700 ، سنن الدارمي 1 : 278 ، سنن الترمذي 1 : 353 ـ 186 ، مسند أحمد 2 : 462 ، سنن أبي داود 1 : 112 ـ 412.

(3) التهذيب 2 : 25 ـ 71 ، الاستبصار 1 : 261 ـ 937.

(4) الخلاف 1 : 259 مسألة 5 و 271 مسألة 13 وانظر المبسوط للطوسي 1 : 72.

(5) المجموع 3 : 27 ، عمدة القارئ 5 : 33 ، المهذب للشيرازي 1 : 59 ، حلية العلماء 2 : 15.

(6) بداية المجتهد 1 : 94 ، القوانين الفقهية : 50 ، مقدمات ابن رشد 1 : 105 ، المغني 1 : 418 و 419 ، الشرح الكبير 1 : 470 ، المجموع 3 : 25 و 26.

(7) سنن الترمذي 1 : 279 ـ 280 ـ 149 ، سنن أبي داود 1 : 107 ـ 393 ، سنن الدار قطني 1 : 256 ـ 1.

(8) التهذيب 2 : 26 ـ 74 ، الاستبصار 1 : 258 ـ 259 ـ 926.

٣٠٩

بيضاء نقية فقد صلاّها في وقتها(1) .

وقال أحمد في رواية : آخر وقتها اصفرار الشمس ـ وبه قال أبو ثور ، وأبو يوسف ، ومحمد ، والأوزاعي(2) ـ لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( وقت العصر ما لم تصفر الشمس )(3) .

ويحمل على الفضيلة لأنه مجهول فلا يناط به الفعل.

مسألة 30 : أول وقت المغرب غروب الشمس‌ بإجماع العلماء ، واختلف علماؤنا في علامته فالمشهور ـ وعليه العمل ـ إذا ذهب الشفق المشرقي لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إذا أقبل الليل من هنا ، وأدبر النهار من هنا ، وغربت الشمس ، أفطر الصائم )(4) وقول الصادقعليه‌السلام : « وقت المغرب إذا تغيرت الحمرة في الأفق وذهبت الصفرة وقبل أن تشتبك النجوم »(5) وعنهعليه‌السلام : « وقت المغرب إذا ذهبت الحمرة من المشرق »(6) .

وقال بعضهم : سقوط القرص(7) وهو ظاهر في الصحاري ، وأما في العمران والجبال فيستدل عليه بأن لا يبقى شي‌ء من الشعاع على رءوس الجدران ، وقلل الجبال ، وعليه الجمهور كافة(8) .

__________________

(1) المغني 1 : 419 ، الشرح الكبير 1 : 470.

(2) المغني 1 : 419 ، الشرح الكبير 1 : 470.

(3) سنن أبي داود 1 : 109 ـ 396 ، سنن النسائي 1 : 260 ، مسند احمد 2 : 210 و 223.

(4) صحيح مسلم 2 : 772 ـ 1100 ، سنن أبي داود 2 : 304 ـ 2351 ، سنن البيهقي 4 : 216.

(5) التهذيب 2 : 257 ـ 1024.

(6) الكافي 3 : 278 ـ 1 ، التهذيب 2 : 29 ـ 83 ، الاستبصار 1 : 265 ـ 959 ، علل الشرائع : 349 باب 60 الحديث 1.

(7) قاله الشيخ في المبسوط 1 : 74.

(8) المجموع 3 : 29 ، فتح العزيز 3 : 20 و 21 ، المغني 1 : 424 ، الشرح الكبير 1 : 472 ، بداية المجتهد 1 : 95.

٣١٠

مسألة 31 : وآخره للفضيلة إلى ذهاب الشفق‌ ، وللإجزاء الى أن يبقى لانتصاف الليل قدر العشاء ، لأن عبد الله بن عباس قال : الحائض تطهر قبل طلوع الفجر فتصلي المغرب والعشاء(1) ، ولو لم يكن الوقت ممتدا لما وجب ، لأن عذرها قد عمّ الوقت.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إن الله افترض أربع صلوات ، صلاتان أول وقتهما من عند زوال الشمس الى غروبها إلا أن هذه قبل هذه واثنتان وقتهما من غروب الشمس الى انتصاف الليل إلاّ أن هذه قبل هذه »(2) ولأن وقت العشاء ممتد الى الانتصاف فتكون المغرب مساوقة لها لأنهما صلاتا جمع فيشترك وقتاهما كالظهر والعصر.

وقال الشيخ ، والمرتضى ، وابن أبي عقيل : آخره للمختار الى ذهاب الشفق ، وللمضطر الى الانتصاف بقدر العشاء(3) وفي قول آخر للشيخ : آخره ثلث الليل(4) وفي رواية إلى ربع الليل(5) ، وبه قال ابن الجنيد ، وهو قول للمرتضى(6) .

وللمضطر الى أن يبقى لطلوع الفجر قدر العشاء.

وقال الثوري ، وأبو حنيفة ، وأحمد ، وإسحاق ، وداود ، وأبو ثور ، وابن المنذر ، والزهري : آخره غيبوبة الشفق المغربي ، وحكاه أبو ثور عن الشافعي(7) ، لأن النبيّعليه‌السلام قال : ( وقت المغرب ما لم يسقط ثور‌

__________________

(1) سنن البيهقي 1 : 376.

(2) التهذيب 2 : 25 ـ 72 ، الاستبصار 1 : 261 ـ 938.

(3) المبسوط 1 : 74 ـ 75 وحكاه عنهم المحقق في المعتبر : 137.

(4) لم نجده في المصادر المتوفرة لدينا.

(5) التهذيب 2 : 31 ـ 94 ، الاستبصار 1 : 267 ـ 964.

(6) حكى قولهما المحقق في المعتبر : 137.

(7) اللباب 1 : 56 ، المغني 1 : 424 ، الشرح الكبير 1 : 472 ، المنتقى 1 : 14 ، المجموع 3 : 290 ، حلية العلماء 2 : 16.

٣١١

الشفق )(1) وثور الشفق هو انتشار الشفق ، وقال الشافعي في الجديد والقديم : إنّ لها وقتا واحدا ـ وهو قول مالك ـ وهو يدخل بسقوط جميع القرص(2) .

واختلفت الشافعية في قدره ، فبعضهم قال : قدره بقدر الطهارة ، ولبس الثياب ، والأذان والإقامة ، وفعل ثلاث ركعات بسور قصار ، والسنة ركعتين خفيفتين ، فإذا جاز ذلك فقد خرج وقت المغرب وصارت قضاء.

وقال آخرون : مقدار الأذان والإقامة ، وخمس ركعات قصار ، فأمّا الطهارة ، ولبس الثياب فيمكن تقديمهما على الوقت فلا يكون قدر إمكانهما من الوقت(3) لأن جبريلعليه‌السلام صلى المغرب في اليومين في وقت واحد(4) .

وقال مالك : يمتد وقتها الى طلوع الفجر ـ وبه قال عطاء ، وطاوس(5) ـ كما يقول في الظهر والعصر.

مسألة 32 : أول وقت العشاء عند الفراغ من فريضة المغرب‌ ، لكن الأفضل تأخيرها إلى سقوط الشفق ، وهو اختيار المرتضى في الجمل ، وابن الجنيد(6) ـ لما رواه سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين المغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر(7) ، وفي رواية أخرى : من‌

__________________

(1) صحيح مسلم 1 : 427 ـ 172 ، سنن أبي داود 1 : 109 ـ 396 ، سنن النسائي 1 : 260.

(2) المجموع 3 : 29 و 34 ، فتح العزيز 3 : 23 ، المنتقى 1 : 14 ، المغني 1 : 424 ، الشرح الكبير 1 : 472 ، سنن الترمذي 1 : 305 ذيل الحديث 164.

(3) المجموع 3 : 31 و 32 ، فتح العزيز 3 : 23 و 24 ، كفاية الأخيار 1 : 52 ، حلية العلماء 2 : 16.

(4) سنن أبي داود 1 : 107 ـ 393.

(5) مقدمات ابن رشد 1 : 106 ، المجموع 3 : 34 ، المغني 1 : 424 ، الشرح الكبير 1 : 472.

(6) حكاه عنهما المحقق في المعتبر : 138 ويوجد قول السيد في الجمل : 30 ( ضمن المجموع الرائق ).

(7) صحيح مسلم 1 : 489 ـ 705 ، سنن النسائي 1 : 290 ، الموطأ 1 : 144 ـ 4 ، سنن البيهقي 3 : 166.

٣١٢

غير خوف ولا مطر(1) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إذا غربت الشمس فقد دخل وقت الصلاتين الى نصف الليل إلاّ أن هذه قبل هذه »(2) وعن الصادقعليه‌السلام « صلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المغرب والعشاء قبل الشفق من غير علّة في جماعة »(3) .

وللشيخ قول آخر : إن أول وقتها سقوط الشفق ـ وهو قول آخر للمرتضى(4) ، وقول الجمهور كافة(5) ـ لأن جبرئيل أمر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يصلي العشاء حين غاب الشفق ، وفي اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل(6) . وهو محمول على الاستحباب.

مسألة 33 : واختلفوا في الشفق‌ ، فذهب أصحابنا إلى أنه الحمرة لا البياض ، وبه قال ابن عمر ، وابن عباس ، وعطاء ، ومجاهد ، وسعيد بن جبير ، والزهري ، ومالك ، والشافعي ، والثوري ، وابن أبي ليلى ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وداود ، وأبو يوسف ، ومحمد(7) لقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الشفق : الحمرة ، فإذا غاب الشفق وجبت‌

__________________

(1) سنن النسائي 1 : 290 ، سنن الترمذي 1 : 355 ـ 187 ، سنن البيهقي 3 : 167.

(2) الكافي 3 : 281 ـ 12 ، التهذيب 2 : 27 ـ 78 ، الإستبصار 1 : 262 ـ 941.

(3) الكافي 3 : 286 ـ 1 ، التهذيب 2 : 263 ـ 1046 ، الاستبصار 1 : 271 ـ 981.

(4) المبسوط للطوسي 1 : 75 ، النهاية : 59 ، الخلاف 1 : 262 ، المسألة 7 ، المسائل الناصرية ( الجوامع الفقهية ) : 229 ، المسألة 74.

(5) المجموع 3 : 38 ، فتح العزيز 3 : 27 ، المغني 1 : 426 ، الشرح الكبير 1 : 474 ، بداية المجتهد 1 : 96.

(6) سنن النسائي 1 : 263 ، سنن الترمذي 1 : 279 ـ 149 ، سنن أبي داود 1 : 107 ـ 393 ، سنن الدار قطني 1 : 256.

(7) الام 1 : 74 ، المجموع 3 : 38 و 42 و 43 ، رحمة الأمة 1 : 37 و 38 ، المغني 1 : 426 ، الشرح الكبير 1 : 473 ، الهداية للمرغيناني 1 : 39.

٣١٣

الصلاة )(1) .

وقال أبو حنيفة ، وزفر ، والأوزاعي ، والمزني : أنه البياض(2) لأن أبا مسعود الأنصاري قال : رأيت النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلي هذه الصلاة حين يسودّ الأفق(3) . ولا حجة فيه لأنه إذا غابت الحمرة اسود الأفق ، لأنّ البياض ينزل ويخفى ، على أنه يجوز تأخيرها الى ذلك.

وحكي عن أحمد : أن الشفق : البياض في الحضر ، لأن في الحضر قد تنزل الحمرة فتواريها الجدران ، فإذا غاب البياض علم الدخول(4) .

مسألة 34 : وآخر وقت العشاء للفضيلة إلى ثلث الليل ، وللإجزاء إلى نصفه‌ ـ وهو قول المرتضى ، وابن الجنيد(5) ، وهو أحد قولي الشافعي ، وبه قال ابن المبارك ، والثوري ، وأبو ثور ، وأحمد في رواية(6) ـ لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص ( ووقت العشاء الى نصف الليل )(7) ، وعن أنس قال : أخّر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله العشاء الى نصف الليل(8) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « أول وقت العشاء ذهاب الحمرة ، وآخر وقتها غسق الليل »(9) وهو نصف الليل.

__________________

(1) سنن البيهقي 1 : 373 ، سنن الدار قطني 1 : 269 ـ 3.

(2) المجموع 3 : 43 ، المبسوط للسرخسي 1 : 144 ، الهداية للمرغيناني 1 : 39 ، المغني 1 : 426 ، الشرح الكبير 1 : 473.

(3) سنن أبي داود 1 : 108 ـ 394 ، سنن الدار قطني 1 : 250 ـ 1.

(4) المغني 1 : 425 ، مسائل أحمد : 27.

(5) حكى قولهما في المعتبر : 138.

(6) المجموع 3 : 39 ، فتح العزيز 3 : 28 ، المغني 1 : 428 ، الشرح الكبير 1 : 474.

(7) صحيح مسلم 1 : 427 ـ 172.

(8) صحيح البخاري 1 : 150.

(9) الفقيه 1 : 141 ـ 657 ، التهذيب 2 : 30 ـ 88 ، الاستبصار 1 : 264 ـ 953.

٣١٤

وللشيخ قول آخر : أنه ثلث الليل(1) ، وهو القول الثاني للشافعي ـ وبه قال أبو هريرة ، وعمر بن عبد العزيز ، ومالك ، وأحمد في رواية(2) لأن جبريلعليه‌السلام صلّى العشاء في اليوم الثاني حين ذهب ثلث الليل(3) ولأن الثلث متيقن ، والزائد عليه مشكوك فيه فلا يصار إليه.

وقال أبو حنيفة : آخره طلوع الفجر(4) ـ وهو رواية لنا(5) ـ لقولهعليه‌السلام : ( لا يخرج وقت صلاة حتى يدخل وقت أخرى )(6) ونحن نقول بموجبه إذ بعد نصف الليل يدخل وقت صلاة الليل ، ولم يتعرض في الحديث للوجوب.

واختلفت الشافعية فقال بعضهم : إذا خرج النصف ، أو الثلث فقد خرج وقت الاختيار ، ووقت الأداء باق الى طلوع الفجر(7) ، وعلى قياس قول أبي سعيد يخرج الوقت(8) ، وقال أبو حامد : إذا خرج ثلث الليل فات الوقت(9) .

__________________

(1) النهاية : 59.

(2) المجموع 3 : 39 ، فتح العزيز 3 : 28 ، الوجيز 1 : 33 ، المهذب للشيرازي 1 : 59 ، بداية المجتهد 1 : 97 ، القوانين الفقهية : 50 ، أقرب المسالك : 12 ، المغني 1 : 427 ، الشرح الكبير 1 : 474.

(3) سنن الترمذي 1 : 279 ـ 149 ، سنن أبي داود 1 : 107 ـ 393 ، سنن الدار قطني 1 : 256 ـ 1.

(4) المبسوط للسرخسي 1 : 145 ، شرح فتح القدير 1 : 197 ، الهداية للمرغيناني 1 : 39 ، شرح العناية 1 : 196 ، بدائع الصنائع 1 : 124 ، اللباب 1 : 57.

(5) التهذيب 2 : 270 ـ 1076.

(6) المبسوط للسرخسي 1 : 145.

(7) المجموع 3 : 39 ـ 40 ، الوجيز 1 : 33 ، كفاية الأخيار 1 : 52.

(8) المجموع 3 : 36.

(9) انظر الوجيز 1 : 33.

٣١٥

مسألة 35 : أول وقت الغداة طلوع الفجر الثاني‌ ـ وهو البياض المعترض في أفق السماء ـ ويسمى الصبح الصادق ، لأنه صدقك عن الصبح ، وسمّي صبحا لأنه جمع بين حمرة وبياض ، ولا عبرة بالأول الكاذب الخارج مستدقا صاعدا كذنب السرحان ، ويسمى الخيط الأسود ـ وهو قول العلماء كافّة ـ ولا يتعلق بالفجر الأول حكم بحال.

قال الباقرعليه‌السلام : « الفجر هو الخيط الأبيض ، وليس هو الأبيض صعدا ، ولا تصلّ في سفر ولا حضر حتى تتبيّنه »(1) .

مسألة 36 : وآخر وقتها للفضيلة حين يسفر الصبح ، وللإجزاء إلى طلوع الشمس‌

ـ وبه قال أبو حنيفة(2) ـ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( وقت الفجر ما لم تطلع الشمس )(3) ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وقت الغداة ما بين طلوع الفجر الى طلوع الشمس »(4) .

وقال الشيخ : وقت المختار الى أن يسفر الصبح ، وللمضطر الى طلوع الشمس(5) ، وبه قال الشافعي وأحمد(6) لأنّ جبرئيلعليه‌السلام صلى الصبح في اليوم الثاني حين أسفر(7) ، وهو يدل على الأفضلية.

البحث الثاني : في وقت النوافل اليومية.

مسألة 37 : وقت نافلة الظهر من الزوال الى أن يصير ظل كل شي‌ء‌

__________________

(1) التهذيب 2 : 36 ـ 37 ـ 115 ، الاستبصار 1 : 274 ـ 994 ، والكافي 3 : 282 ـ 1 وفيه عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام .

(2) بدائع الصنائع 1 : 122 ، بداية المجتهد 1 : 97.

(3) صحيح مسلم 1 : 427 ـ 172 ، سنن أبي داود 1 : 109 ـ 396 ، سنن البيهقي 1 : 378.

(4) التهذيب 2 : 36 ـ 114 ، الاستبصار 1 : 275 ـ 998.

(5) الخلاف 1 : 267 المسألة 10.

(6) المجموع 3 : 43 ، المغني 1 : 429.

(7) سنن الترمذي 1 : 280 ـ 149 ، سنن أبي داود 1 : 107 ـ 393 ، سنن الدار قطني 1 : 256 ـ 1.

٣١٦

مثله ، ونافلة العصر حتى يصير الظل مثليه ، قاله الشيخ في الخلاف والجمل والمبسوط(1) .

وفي النهاية : نافلة الظهر حتى تبلغ زيادة الظل قدمين ، والعصر أربعة أقدام(2) ـ لقول الصادقعليه‌السلام : « كان حائط مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قامة ، فإذا مضى من فيئه ذراع صلّى الظهر ، وإذا مضى ذراعان صلّى العصر. ثم قال : أتدري لم جعل الذراع والذراعان؟

لمكان الفريضة ، لك أن تتنفل من زوال الشمس الى أن يمضي ذراع ، فإذا بلغ فيؤك ذراعا بدأت بالفريضة وتركت النافلة ، وإذا بلغ فيؤك ذراعين بدأت بالفريضة وتركت النافلة »(3) وهو يدل على بلوغ المثل والمثلين لأن التقدير أن الحائط ذراع ، فحينئذ ما روي من القامة والقامتين(4) جار هذا المجرى لقول الصادقعليه‌السلام : « في كتاب عليعليه‌السلام : القامة ذراع »(5) .

وقال الشافعي في أحد الوجهين : وقت نافلة الظهر ما لم تصل الفرض وفي الآخر : ما لم يخرج وقت الفرض(6) .

وقال أحمد : كلّ سنّة قبل الصلاة فوقتها من دخول وقتها الى فعل الصلاة ، وكلّ سنة بعدها فوقتها من فعل الصلاة الى خروج وقتها(7) .

مسألة 38 : وقت نافلة المغرب بعدها الى أن تذهب الحمرة المغربية‌

__________________

(1) الخلاف 1 : 257 المسألة 4 و 525 المسألة 266 ، الجمل والعقود : 174 ، المبسوط 1 : 76.

(2) النهاية : 60.

(3) المعتبر : 139 ، الفقيه 1 : 140 ـ 653 ، التهذيب 2 : 19 ـ 20 ـ 55 ، الاستبصار 1 : 250 ـ 899 ، وفي غير المعتبر : عن أبي جعفرعليه‌السلام .

(4) التهذيب 2 : 19 ـ 52 و 251 ـ 994 ، والاستبصار 1 : 247 ـ 883 و 256 ـ 917.

(5) التهذيب 2 : 251 ـ 995 ، الاستبصار 1 : 251 ـ 900.

(6) المجموع 4 : 11.

(7) المغني 1 : 800 ، الشرح الكبير 1 : 770.

٣١٧

ـ وبه قال الشافعي في وجه(1) ـ لأنه وقت يستحب فيه تأخير العشاء فينبغي اشتغاله بالنافلة ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « كان النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يصلّي ثلاثا المغرب ، وأربعا بعدها »(2) وفي وجه للشافعي : تمتد سنّة المغرب إلى أن يصلّي صلاة العشاء(3) ، فإذا ذهب الشفق خرج وقتها ، لأنه ابتداء وقت فريضة أخرى فلا يسوغ التطوع ، لقول الباقرعليه‌السلام : « إذا دخل وقت الفريضة فلا تطوع »(4) .

وأما وقت الوتيرة فيمتد بامتداد وقت العشاء ، لأنها نافلة تتبعها فيمتد وقتها بامتداد وقت متبوعها ، وللشافعي وجهان : أحدهما : امتداد وقت نافلة العشاء الى طلوع الفجر ، لأنه وقت العشاء عنده ، والثاني : الى أن يصلّي الصبح(5) .

مسألة 39 : ووقت صلاة الليل بعد انتصافه‌ ، وكلّما قرب من الفجر كان أفضل ، وعليه علماؤنا.

وقال الشافعي : الأفضل أن يوقعها بعد نصف الليل قبل الفجر بسدس الليل(6) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يفعل ذلك.

وهو معارض بقول عائشة : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ينام أول الليل ويحيى آخره(7) ، ومن طريق الخاصة قول الرضاعليه‌السلام : « أفضل‌

__________________

(1) المجموع 4 : 11.

(2) الكافي 3 : 443 ـ 5 ، التهذيب 2 : 4 ـ 4 ، الاستبصار 1 : 218 ـ 219 ـ 774.

(3) المجموع 4 : 11.

(4) التهذيب 2 : 167 ـ 661 و 247 ـ 982 ، الاستبصار 1 : 252 ـ 906.

(5) المجموع 4 : 11.

(6) الام 1 : 143 ، المجموع 4 : 44 ، كفاية الأخيار 1 : 54.

(7) صحيح البخاري 2 : 66 ، صحيح مسلم 1 : 510 ـ 739 ، سنن ابن ماجة 1 : 434 ـ 1365 ، سنن النسائي 3 : 218 ، مسند احمد 6 : 102 و 253.

٣١٨

ساعات الليل الثلث الباقي »(1) وسئل الصادقعليه‌السلام متى أصلّي صلاة الليل؟ قال : « صلّها آخر الليل »(2) وقوله تعالى( وَبِالْأَسْحارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) (3) يدل عليه ، ولأنه يكره النوم بعدها لقول أبي الحسن الهاديعليه‌السلام : « إياك والنوم بين صلاة الليل والفجر ، ولك ضجعة بغير نوم ، فإن صاحبه لا يحمد على ما قدّم من صلاته »(4) .

مسألة 40 : ركعتا الفجر ، لعلمائنا قولان‌ ، أحدهما : أنهما يدخلان بطلوع الفجر الأول ، قاله المرتضى(5) لقول الصادقعليه‌السلام : « صلّهما بعد ما يطلع الفجر »(6) ، والثاني : بعد صلاة الليل وإن لم يكن قد طلع الفجر ، اختاره الشيخان(7) لقول الباقرعليه‌السلام وقد سئل الركعتان قبل الغداة أين موضعهما؟ فقال : « قبل طلوع الفجر »(8) وعنهعليه‌السلام : « أنّهما من صلاة الليل »(9) والأقوى جواز فعلهما بعد صلاة الليل ، واستحباب تأخيرهما إلى طلوع الفجر الأول جمعا بين الأدلة.

وقال الشافعي : يدخل وقتهما بطلوع الفجر(10) .

وآخر وقتهما طلوع الحمرة فيقدم على الفريضة إلى أن تطلع الحمرة ،

__________________

(1) التهذيب 2 : 339 ـ 1401.

(2) التهذيب 2 : 335 ـ 1382.

(3) الذاريات : 18.

(4) التهذيب 2 : 137 ـ 534.

(5) حكاه المحقق في المعتبر : 141.

(6) التهذيب 2 : 134 ـ 523 ، الإستبصار 1 : 284 ـ 1040.

(7) المقنعة : 13 ، الجمل والعقود : 174 ، المبسوط للطوسي 1 : 76.

(8) الكافي 3 : 448 ـ 25 ، التهذيب 2 : 132 ـ 509 ، الاستبصار 1 : 283 ـ 1027.

(9) التهذيب 2 : 133 ـ 513 ، الاستبصار 1 : 283 ـ 1031.

(10) المجموع 4 : 11 ، فتح العزيز 4 : 276.

٣١٩

لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا أذّن المؤذّن ، وطلع الفجر صلّى ركعتين(1) ، وقال الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن ركعتي الفجر : « صلّهما قبل الفجر ، ومع الفجر ، وبعد الفجر »(2) .

وقال الشافعي : ما لم يصلّ الصبح ، لأنّه لم ينقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله تأخيرهما عن الفرض ، وله قول : الى طلوع الشمس ، لأنّهما تابعتان للفريضة ، وكان وقتهما وقت الفريضة ، وبعض الشافعية قال : يمتد وقتهما الى زوال الشمس كالوتر(3) .

فإن ظهرت الحمرة ولم يصلّهما بدأ بالفرض ، وقضاهما بعد الغداة لقول الرضاعليه‌السلام وقد سئل عن الرجل لا يصلي الغداة حتى يسفر وتظهر الحمرة ، ولم يركع ركعتي الفجر أيركعهما أو يؤخرهما؟ قال : « يؤخرهما »(4) .

وروي استحباب إعادتهما بعد الفجر لو صلاّهما قبله ، قال الباقرعليه‌السلام : « إني لأصلّي صلاة الليل فأفرغ وأصلّي الركعتين وأنام ما شاء الله قبل أن يطلع الفجر ، فإن استيقظت عند الفجر أعدتهما »(5) .

البحث الثالث : في وقت المعذورين.

ونعني بالعذر ما أسقط القضاء ، وبوقت المعذورين الوقت الذي يصير فيه الشخص من أهل وجوب الصلاة عليه بزوال الأسباب المانعة من الوجوب ، وهي أربعة : الجنون ، وفي معناه الإغماء ، والصبي ، والكفر ،

__________________

(1) سنن الدارمي 1 : 336 و 337.

(2) التهذيب 2 : 134 ـ 522 ، الاستبصار 1 : 284 ـ 1039.

(3) المجموع 4 : 11 ، فتح العزيز 4 : 276.

(4) التهذيب 2 : 340 ـ 1409.

(5) التهذيب 2 : 136 ـ 528 ، الاستبصار 1 : 285 ـ 1045.

٣٢٠