تذكرة الفقهاء الجزء ٢

تذكرة الفقهاء3%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣ الجزء ٤ الجزء ٥ الجزء ٦ الجزء ٧ الجزء ٨ الجزء ٩ الجزء ١٠ الجزء ١١ الجزء ١٢ الجزء ١٣ الجزء ١٥ الجزء ١٦ الجزء ١٧
  • البداية
  • السابق
  • 512 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 35787 / تحميل: 8621
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء ٢

مؤلف:
ISBN: ٩٦٤-٥٥٠٣-٣٥-٣
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

وروي عن ابن عباس في مسافر صلّى الظهر قبل الزوال يجزيه ، ونحوه قال الحسن ، والشعبي(١) .

وعن مالك فيمن صلّى العشاء قبل مغيب الشفق جاهلا أو ناسيا : يعيد ما كان في الوقت فإذا ذهب الوقت قبل علمه أو ذكره فلا شي‌ء عليه(٢) .

مسألة ٧٦ : لا يجوز التعويل في دخول الوقت على الظن مع القدرة على العلم‌ ، لقضاء العقل بقبح سلوك طريق لا يؤمن معه الضرر مع التمكن من سلوك ما يتيقن معه الأمن ، فإن تعذّر العلم اكتفى بالظن المبني على الاجتهاد لوجود التكليف بالفعل ، وتعذر العلم بوقته ، فإن ظن دخول الوقت صلى ، فإن استمر على ظنه ، أو ظهرت صحته أجزأ ، وإن انكشف فساده قبل دخول الوقت استأنف بعد الوقت.

وإن دخل الوقت وهو متلبس ولو قبل التسليم أجزأ على الأقوى ـ واختاره الشيخ في المبسوط(٣) ـ لأنه فعل المأمور به فخرج عن العهدة ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا صلّيت وأنت ترى أنك في وقت ولم يدخل الوقت فدخل وأنت في الصلاة فقد أجزأت عنك »(٤) .

وقال المرتضى ، وابن الجنيد : يعيد على كل حال ، لأنه أدى غير المأمور به فلا يجزي عن المأمور به(٥) ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « من صلى في غير وقت فلا صلاة له »(٦) .

والجواب : المنع من كون المأتي به غير مأمور به ، ومن دخول صورة‌

__________________

(١) المغني ١ : ٤٤١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٨٠.

(٢) المغني ١ : ٤٤١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٨٠.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٧٤.

(٤) الكافي ٣ : ٢٨٦ ـ ١١ ، الفقيه ١ : ١٤٣ ـ ٦٦٦ ، التهذيب ٢ : ٣٥ ـ ١١٠.

(٥) رسائل الشريف المرتضى ٢ : ٣٥٠ ، وحكاه المحقق في المعتبر : ١٤٣.

(٦) الكافي ٣ : ٢٨٥ ـ ٦ ، التهذيب ٢ : ١٤٠ ـ ٥٤٧ ، الاستبصار ١ : ٢٤٤ ـ ٨٦٨.

٣٨١

النزاع تحت العموم لأنّا نقول : إنّه وقت الصلاة.

وللشيخ قول آخر في النهاية ضعيف ، وهو : أن من دخل قبل الوقت في الصلاة عامدا ، أو ناسيا ، فإن دخل ولم يفرغ منها فقد أجزأته(١) .

فروع :

أ ـ لو شك في الوقت لم تجز الصلاة حتى يتيقن ، أو يظن دخوله إن لم يتمكن من العلم لأصالة البقاء فيكون الدخول مرجوحا.

ب ـ لو فقد العلم بالدخول والظن كالأعمى والمحبوس في موضع مظلم يجوز له التقليد ، لتعذر علم الوقت وظنّه ، وهو أحد وجهي الشافعي(٢) ، وحكى أبو حامد عنه المنع لأن من كان من أهل الاجتهاد في شي‌ء لا يجوز له التقليد فيه كالعالم لا يقلد في الحوادث(٣) ، ولو تمكن من الاجتهاد بعمل راتب له ، أو درس مثلا عمل عليه ولم يجز له التقليد.

ج ـ لو أخبره العدل بدخول الوقت عن علم ولا طريق سواه بنى عليه ، ولو كان له طريق لم يعول على قوله لأن الظن بدل عن العلم فيشترط عدم الطريق إليه كالمبدل.

د ـ لو سمع الأذان من ثقة عارف جاز أن يقلده في موضع جوازه لقولهعليه‌السلام : ( المؤذن مؤتمن )(٤) ، ولا يجوز التعويل على أصوات الديكة. وقالت الشافعية : يجوز إذا عرف أن عادتها الصياح بعد الوقت(٥) .

__________________

(١) النهاية : ٦٢.

(٢) المجموع ٣ : ٧٢ ، فتح العزيز ٣ : ٥٨ ، مغني المحتاج ١ : ١٢٧.

(٣) فتح العزيز ٣ : ٥٩ ، المجموع ٣ : ٧٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٨.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٨٢ ـ ١١٢١ وانظر سنن أبي داود ١ : ١٤٣ ـ ٥١٧ ، سنن الترمذي ١ : ٤٠٢ ـ ٢٠٧ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٢ ، مسند الطيالسي : ٣١٦ ـ ٢٤٠٤.

(٥) المجموع ٣ : ٧٤ ، فتح العزيز ٣ : ٥٨ ، مغني المحتاج ١ : ١٢٧.

٣٨٢

هـ ـ التعويل على المؤذن الثقة إنما هو للأعمى غير المتمكن من الاجتهاد ، أو البصير كذلك.

وقال بعض الشافعية : يجوز تقليد المؤذن مطلقا لأن الأذان بمنزلة الإخبار بالوقت فيجب قبوله(١) ، وقال بعضهم : يجوز في الصحو دون الغيم لأنه في الصحو إنما يؤذن عن مشاهدة وعلم ، وفي الغيم عن اجتهاد فيقلد في الأول دون الثاني(٢) .

و ـ لو صلى المحبوس أو الأعمى من غير اجتهاد ولا تقليد أعادا الصلاة وإن وافقا الوقت ، وبه قال الشافعي(٣) .

ز ـ لو صلى قبل الوقت فقد بيّنا عدم صحتها ، وهل نقع نفلا؟ الوجه : المنع لأنه لم يقصده ، وهو أحد قولي الشافعي ، وفي الآخر : تقع نفلا لئلاّ يضيع عمله(٤) ، وليس بجيد.

ح ـ معرفة الوقت واجبة لأن الامتثال إنما يحصل معها.

مسألة ٧٧ : لا فرق في المنع من التقديم على الوقت بين الفرائض ، والنوافل إلا في موضعين : أحدهما : نوافل الظهرين يوم الجمعة فإنه يجوز تقديمها على الزوال للحاجة الداعية ، وهي الشروع في الخطبة ، والاستماع لها ، ولأنّه زمان شريف فتساوت أجزاؤه في إيقاع النوافل على ما يأتي.

والثاني : صلاة الليل لشاب يمنعه من القيام بالليل رطوبة رأسه ، أو‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ٧٤ ، فتح العزيز ٣ : ٥٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٢٧.

(٢) المجموع ٣ : ٧٤ ، فتح العزيز ٣ : ٥٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٢٧.

(٣) الام ١ : ٧٢ ، المجموع ٣ : ٧٢ ، فتح العزيز ٣ : ٦٠ ، مغني المحتاج ١ : ١٢٧.

(٤) الوجيز ١ : ٤٠ ، فتح العزيز ٣ : ٢٦٤ ، حلية العلماء ٢ : ٨٨.

٣٨٣

مسافر يصدّه سيره عن التنفل ليلا فإنه يجوز لهما تقديم نافلة الليل بعد العشاء ، اختاره الشيخ(١) ( لأنهما معذوران فجاز لهما التقديم محافظة على السنن )(٢) .

ومنعه آخرون(٣) وهو الوجه عندي لأنّها عبادة موقتة فلا تفعل قبل وقتها كغيرها ( من العبادات )(٤) ، ولأن معاوية بن وهب قال للصادقعليه‌السلام : رجل من مواليك يريد القيام لصلاة الليل فيغلبه النوم فربما قضى الشهر والشهرين. قال : « قرّة عين له » ولم يرخص له في أول الليل ، وقال : « القضاء بالنهار أفضل »(٥) .

فروع :

أ ـ قضاء صلاة الليل بالنهار أفضل من تقديمها في أوله.

ب ـ لو طلع الفجر وقد صلى أربعا من صلاة الليل أتمها ، وزاحم بها الفريضة ، لرواية محمد بن النعمان عن الصادقعليه‌السلام قال : « إذا صلّيت أربع ركعات من صلاة الليل قبل طلوع الفجر فأتم الصلاة طلع الفجر أو لم يطلع »(٦) .

أما نوافل الظهرين فإن خرج الوقت وقد صلى ركعة أتمها ، وزاحم بها الفرضين ، لقول الصادقعليه‌السلام : « فإن مضى قدمان قبل أن يصلي‌

__________________

(١) النهاية : ٦١.

(٢) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( م ).

(٣) منهم ابن إدريس في السرائر : ٦٧.

(٤) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( ش ).

(٥) الكافي ٣ : ٤٤٧ ـ ٢٠ ، الفقيه ١ : ٣٠٢ ـ ١٣٨١ ، التهذيب ٢ : ١١٩ ـ ٤٤٧ ، الاستبصار ١ : ٢٧٩ ـ ١٠١٥.

(٦) التهذيب ٢ : ١٢٥ ـ ٤٧٥ ، الإستبصار ١ : ٢٨٢ ـ ١٠٢٥.

٣٨٤

ركعة بدأ بالأولى »(١) .

ونوافل المغرب إن خرج وقتها ولم يكملها ، صلّى العشاء وقضاها بعدها.

ج ـ لو نسي ركعتين من صلاة الليل وأوتر ثم ذكرهما ، قضاهما وأعاد الوتر.

مسألة ٧٨ : وقت الوتر بعد صلاة الليل‌ عند علمائنا لقولهعليه‌السلام : ( الوتر ركعة من آخر الليل )(٢) وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يوتر آخر الليل(٣) .

وقال الجمهور : وقته ما بين العشاء وطلوع الفجر الثاني(٤) لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الوتر جعله الله لكم ما بين صلاة العشاء الى طلوع الفجر )(٥) ونحن نقول بموجبه ، فإنّ آخر وقت العشاء نصف الليل.

فروع :

أ ـ يجوز تقديمه على الانتصاف إذا قدم صلاة الليل للسفر ، أو تعذر الانتباه ، وقضاؤه من الغد أفضل.

ب ـ لا خلاف في أنّ تأخيره عن صلاة الليل أفضل إلاّ أن الشافعي قال : إن لم تكن له عادة بالتهجد فإنه يصلي الوتر عقيب العشاء ، وإن كان له عادة بذلك فالأولى أن يؤخر الوتر حتى يصلّي التهجد ، فإن أوتر في أول الليل‌

__________________

(١) التهذيب ٢ : ٢٧٣ ـ ١٠٨٦.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٥١٨ ـ ٧٥٢ ومسند أحمد ٢ : ٣٣ و ٥١.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٥١٢ ـ ٧٤٥.

(٤) المجموع ٤ : ١٣ و ١٤ ، المغني ١ : ٨٢٩ ، الشرح الكبير ١ : ٧٤٦ ، مغني المحتاج ١ : ٢٢١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٥٠ ، أقرب المسالك : ٢٣.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٣٦٩ ـ ١١٦٨ ، سنن أبي داود ٢ : ٦١ ـ ٤١٨ ، سنن الدارمي ١ : ٣٧٠.

٣٨٥

ثم قام للتهجد صلى مثنى مثنى ولا يعيد الوتر ، وعنه قول آخر : إن التعجيل مطلقا أفضل(١) . وما ذهبنا نحن إليه أولى.

ج ـ لو اعتقد أنه صلى العشاء فأوتر ، ثم ذكر ، لم يعتد بالوتر عندنا ـ وبه قال الشافعي ، وأبو يوسف ، ومحمد(٢) ـ لأنه فعله قبل وقته وإن كان مخطئا ، كما لو ظن دخول الوقت فصلى قبله.

وقال أبو حنيفة : يعتد به ، لأنّ الوقت لهما وإنما بينهما ترتيب فإذا نسيه سقط بالنسيان كترتيب الفوائت(٣) .

د ـ آخر وقت الوتر طلوع الفجر لأنه آخر صلاة الليل ، وهو أحد قولي الشافعي ، والآخر : يمتد وقته الى أن يشتغل بفريضة الصبح(٤) .

مسألة ٧٩ : صلاة الصبح من صلوات النهار‌ لأن أول النهار طلوع الفجر الثاني عند عامة أهل العلم لأن الإجماع على أن الصوم إنما يجب بالنهار ، والنص دلّ على تحريم الأكل والشرب بعد طلوع الفجر(٥) .

وحكي عن الأعمش أنها من صلاة الليل ، وأن ما قبل طلوع الشمس من الليل يحل فيه الطعام والشراب(٦) لقوله تعالى‌( فَمَحَوْنا آيَةَ اللَّيْلِ وَجَعَلْنا

__________________

(١) المجموع ٤ : ١٤ ، فتح العزيز ٤ : ٢٣٧ ـ ٢٣٨.

(٢) المجموع ٤ : ١٣ ، فتح العزيز ٤ : ٢٣١ و ٢٣٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٧٢ ، المغني ١ : ٨٢٩ ، الشرح الكبير ١ : ٧٤٦.

(٣) المبسوط للسرخسي ١ : ١٥٠ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٧٢ ، فتح العزيز ٤ : ٢٣٢ ، المغني ١ : ٨٢٩ ، الشرح الكبير ١ : ٧٤٦.

(٤) المجموع ٤ : ١٤.

(٥) إشارة إلى قوله تعالى( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ) . البقرة : ١٨٧.

(٦) المجموع ٣ : ٤٥.

٣٨٦

 آيَةَ النَّهارِ مُبْصِرَةً ) (١) وآية النهار الشمس ، وقول النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( صلاة النهار عجماء )(٢) ، وقول أمية بن أبي الصلت :

و الشمس تطلع كل آخر ليلة

حمراء يبصر لونها يتوقد(٣)

ولا دلالة في الآية ، لأن الآية قد تتأخر إذ لا دلالة فيها على حصر الآية فيها ، ويقال : الفجر صاحب الشمس ، والحديث نسبه الدار قطني إلى الفقهاء(٤) ويحتمل إرادة الأكثر.

وأما الشعر فحكى الخليل أنّ النهار هو الضياء الذي بين طلوع الفجر وغروب الشمس(٥) ، وسمي طلوع الشمس في آخر كل ليلة لمقارنتها(٦) لذلك.

مسألة ٨٠ : قال الشيخ في الخلاف : الصلاة الوسطى هي الظهر‌(٧) . وبه قالت عائشة ، وزيد بن ثابت ، وحكي عن أبي حنيفة وأصحابه(٨) ـ لأنها وسط صلوات النهار وهي مشقة لكونها في شدة الحر ، ووقت القيلولة ، وقد روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله كان يصلي الظهر بالهاجرة فاشتد ذلك على‌

__________________

(١) الاسراء : ١٢.

(٢) عوالي اللئالي ١ : ٤٢١ ـ ٩٨ ونسبه الى الحسن البصري كل من الزمخشري في الفائق ٢ : ٣٩٥ والهروي في غريب الحديث ١ : ٢٨٢ وابن الأثير في النهاية ٣ : ١٨٧ « عجم ».

(٣) خزانة الأدب ١ : ٢٨٠.

(٤) حكاه النووي في المجموع ٣ : ٤٦ ، والزركشي في التذكرة في الأحاديث المشتهرة : ٦٦ والعجلوني في كشف الخفاء ٢ : ٣٦ ـ ١٦٠٩.

(٥) العين ٤ : ٤٤.

(٦) في نسخة ( ش ) : لمقاربتها.

(٧) الخلاف ١ : ٢٩٤ مسألة ٤٠.

(٨) أحكام القرآن للجصاص ١ : ٤٤٢ ، المغني ١ : ٤٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٨ ، احكام القرآن لابن العربي ١ : ٢٢٥ ، المجموع ٣ : ٦١.

٣٨٧

أصحابه فنزلت( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) (١) (٢) وعن عائشة أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ : حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام ( حافِظُوا عَلَى الصَّلَواتِ وَالصَّلاةِ الْوُسْطى ) هي صلاة الظهر ، وهي أول صلاة صلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهي وسط صلاتين بالنهار صلاة الغداة والعصر »(٤) .

وقال السيد المرتضى : إنها العصر(٥) ، وحكاه ابن المنذر عن عليعليه‌السلام ، وأبي هريرة ، وأبي أيوب ، وأبي سعيد ، وهو قول أبي حنيفة ، وابن المنذر(٦) لأن علياعليه‌السلام قال : « لمّا كان يوم الأحزاب صلّينا العصر بين المغرب والعشاء ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ، ملأ الله قلوبهم وأجوافهم نارا »(٧) .

وقال قبيصة بن ذويب : إنّها المغرب ، لأنها أوسط أعداد الصلوات ،

__________________

(١) البقرة : ٢٣٨.

(٢) سنن أبي داود ١ : ١١٢ ـ ٤١١.

(٣) سنن أبي داود ١ : ١١٢ ـ ٤١٠ ، الموطأ ١ : ١٣٨ ـ ٢٥.

(٤) الكافي ٣ : ٢٧١ ـ ١ ، الفقيه ١ : ١٢٥ ـ ٦٠٠ ، التهذيب ٢ : ٢٤١ ـ ٩٥٤ ، علل الشرائع : ٣٥٥ باب ٦٧ حديث ١ ، معاني الأخبار : ٣٣٢ ـ ٥.

(٥) رسائل الشريف المرتضى ١ : ٢٧٥.

(٦) عمدة القارئ ١٨ : ١٢٤ ، المجموع ٣ : ٦١ ، فتح الباري ٨ : ١٥٨ ، إرشاد الساري ٧ : ٤٠ ، المغني ١ : ٤٢١.

(٧) سنن أبي داود ١ : ١١٢ ـ ٤٠٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٢٤ ـ ٦٨٤ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٠ ، مسند أحمد ١ : ٨١ ـ ٨٢ بتفاوت فيها.

٣٨٨

ووقتها ضيّق فنهي عن تأخيرها(١) .

وقال الشافعي : صلاة الصبح ، وبه قال مالك ، وحكاه الشافعي في البويطي عن عليعليه‌السلام ، وعبد الله بن عباس ، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر أيضا(٢) لقوله تعالى( وَقُومُوا لِلّهِ قانِتِينَ ) (٣) عقيب الوسطى ، والقنوت مسنون في الصبح ، وهو ممنوع ، ولأن الفجر لا تجمع الى ما قبلها ولا الى ما بعدها فهي منفردة ، قبلها صلاة الليل ، وبعدها صلاة النهار.

مسألة ٨١ : قال الشيخ : يكره تسمية العشاء بالعتمة‌(٤) ، ولعلّه استند في ذلك الى ما روي أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا تغلبنكم الأعراب عل اسم صلاتكم فإنها العشاء فإنهم يعتمون بالإبل )(٥) فإنهم كانوا يؤخرون الحلب الى أن يعتم الليل ، ويسمون الحلبة العتمة ، وبه قال الشافعي(٦) .

قال الشيخ : وكذا يكره تسمية الصبح بالفجر ، بل يسمى بما سماه الله تعالى في قوله( فَسُبْحانَ اللهِ حِينَ تُمْسُونَ وَحِينَ تُصْبِحُونَ ) (٧) (٨) .

وقال الشافعي : يستحب أن تسمى بأحد اسمين إما الفجر ، أو الصبح‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ٦١ ، فتح الباري ٨ : ١٥٨ ، عمدة القارئ ١٨ : ١٢٤ ، أحكام القرآن للجصاص ١ : ٤٤٣.

(٢) المجموع ٣ : ٦٠ ، المغني ١ : ٤٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٦٨ ، الموطأ ١ : ١٣٩ ـ ٢٨ ، احكام القرآن لابن العربي ١ : ٢٢٤ ـ ٢٢٥.

(٣) البقرة ٢٣٨.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٧٥.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٤٤٥ ـ ٦٤٤ ، سنن أبي داود ٤ : ٢٩٦ ـ ٤٩٨٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٠ ـ ٧٠٤ ، سنن النسائي ١ : ٢٧٠ ، مسند أحمد ٢ : ١٠.

(٦) الام ١ : ٧٤ ، المجموع ٣ : ٤١ ، المهذب للشيرازي ١ : ٥٩ ، السراج الوهاج : ٣٥.

(٧) الروم : ١٧.

(٨) المبسوط للطوسي ١ : ٧٥.

٣٨٩

لأن الله تعالى سماها فجرا ، وسماها النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله صبحا ، ولا يستحب أن تسمى الغداة(١) ، والأشبه انتفاء الكراهة ، وروى البخاري أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا تغلبنكم الأعراب على اسم صلاتكم إنّها المغرب ، والعرب يسمونها العشاء )(٢) .

مسألة ٨٢ : الصلاة تجب بأول الوقت وجوبا موسعا‌ ، وتستقر بإمكان الأداء ، وهو اختيار أكثر علمائنا كالشيخ ، وابن أبي عقيل(٣) وبه قال الشافعي(٤) لقوله تعالى( أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلى غَسَقِ اللَّيْلِ ) (٥) .

ولقول محمد بن مسلم قال : دخلت على الباقرعليه‌السلام وقد صليت الظهر والعصر ، فيقول : « صليت الظهر » فأقول : نعم والعصر ، فيقول : « ما صليت الظهر » فيقوم مسترسلا غير مستعجل ، فيغتسل أو يتوضأ ، ثم يصلي الظهر ، ثم يصلي العصر(٦) .

ومن علمائنا من قال : تجب بأول الوقت وجوبا مضيّقا إلاّ أنّه متى لم يفعلها لم يؤاخذ به عفوا من الله تعالى(٧) .

وقال أبو حنيفة وأصحابه : يجب بآخر الوقت(٨) . وقد مضى تفصيل مذاهبهم(٩) .

__________________

(١) الام ١ : ٧٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٠ ، المجموع ٣ : ٤٦.

(٢) صحيح البخاري ١ : ١٤٧.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٧٧ ، الخلاف ١ : ٢٧٦ ١٨ ، وحكى قول ابن أبي عقيل المحقق في المعتبر : ١٣٤.

(٤) المجموع ٣ : ٤٧ ، فتح العزيز ٣ : ٤١ ، الوجيز ١ : ٣٣.

(٥) الاسراء : ٧٨.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٥٢ ـ ٩٩٩ ، الاستبصار ١ : ٢٥٦ ـ ٩٢٠.

(٧) الشيخ المفيد في المقنعة : ١٤.

(٨) المجموع ٣ : ٤٧ ، فتح العزيز ٣ : ٤١.

(٩) تقدم في المسألة ٧٣.

٣٩٠

فروع :

أ ـ لو أخّر حتى مضى إمكان الأداء ومات لم يكن عاصيا ، ويقضي الولي لأن التقدير أنه موسع يجوز له تركه فلا يعاقب على فعل الجائز ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والآخر : يعصي كالحج(١) ، والفرق تضييق الحج عندنا ، وعنده : أن آخر وقت الصلاة معلوم ، فلم يكن في التأخير عذر ، وآخر زمان يؤدي فيه الحج غير معلوم فكان جواز التأخير بشرط السلامة.

ب ـ لو ظنّ التضييق عصى لو أخر إن استمر الظن ، وإن انكشف بطلانه فالوجه عدم العصيان.

ج ـ لو ظن الخروج صارت قضاء ، فإن كذب الظن فالأداء باق.

د ـ لو صلّى عند الاشتباه من غير اجتهاد لم يعتد بصلاته وإن وقعت في الوقت.

هـ ـ لو كان يقدر على درك اليقين بالصبر احتمل جواز المبادرة بالاجتهاد لأنّه لا يقدر على اليقين حالة الاشتباه ، وعدمه ، وللشافعي كالوجهين(٢) .

خاتمة : تارك الصلاة الواجبة مستحلا يقتل إجماعا إن كان مسلما ولد على الفطرة من غير استتابة ، لأنه جحد ما هو معلوم من دين الإسلام ضرورة فيكون مرتدا ، ولو تاب لم يسقط عنه القتل ، وإن لم يكن مسلما لم يقتل إن كان من أهل الذمة.

ولو كان مسلما عن كفر فهو مرتد لا عن فطرة يستتاب ، فإن تاب قبلت توبته ، وإلاّ قتل.

ولو كان قريب العهد بالإسلام ، أو نشأ في بادية وزعم أنّه لا يعرف‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ٥٠ ، فتح العزيز ٣ : ٤١.

(٢) المجموع ٣ : ٧٣ ، الوجيز ١ : ٣٤ ، مغني المحتاج ١ : ١٢٧ ، السراج الوهاج : ٣٥.

٣٩١

وجوبها عليه قبل منه ومنع من العود ، وعرّف الوجوب.

ولو كان غير مستحل لم يكن مرتدا بل يعزر على تركها ، فإن امتنع عزّر ثانيا ، فإن امتنع عزّر ثالثا ، فإن امتنع قتل في الرابعة ، وقال بعض علمائنا : قتل في الثالثة(١) .

فروع :

أ ـ إذا ترك محرّما طولب بها الى أن يخرج الوقت ، فإذا خرج أنكر عليه وأمر بقضائها ، فإن لم يفعل عزر ، فإن انتهى وصلى برئت ذمته ، وإن أقام على ذلك حتى ترك ثلاث صلوات وعزّر فيها ثلاث مرات قتل في الرابعة ، ولا يقتل حتى يستتاب ، ويكفن ، ويصلّى عليه ، ويدفن في مقابر المسلمين ، وميراثه لورثته المسلمين.

ب ـ لو اعتذر عن الترك بالمرض أو الكسل لم يقبل عذره وطولب المريض بالصلاة على حسب حاله ومكنته قائما ، أو جالسا ، أو مضطجعا ، أو مستلقيا فإن الصلاة لا تسقط عنه بحال ، وإن كان لكسل الزم بها ولم يقبل منه فإن صلى وإلاّ عزّر ثلاثا ، ويقتل في الرابعة على ما قلناه لقولهمعليهم‌السلام : « أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة »(٢) .

وقال مالك : لا يقتل حتى يحبس ثلاثا ويضيّق عليه فيها ، ويدعى في وقت كلّ صلاة إلى فعلها ، ويخوف بالقتل ، فإن صلّى وإلاّ قتل بالسيف ـ وبه قال حماد بن زيد ، ووكيع ، والشافعي(٣) ـ لقوله تعالى( فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ )

__________________

(١) قاله الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٦٨٩ ، المسألة ٤٦٥ ( صلاة الاستسقاء ) وابن إدريس في السرائر : ٤٦٧.

(٢) أورده نصّا في المبسوط ١ : ١٢٩ و ٧ : ٢٨٤ ، والذي عثرنا عليه في المصادر التالية « يقتلون في الثالثة » انظر : الكافي ٧ : ١٩١ ـ ٢ ، الفقيه ٤ : ٥١ ـ ١٨٢ ، التهذيب ١٠ : ٦٢ ـ ٢٢٨ و ٩٥ ـ ٩٦ ـ ٣٦٩ ، الاستبصار ٤ : ٢١٢ ـ ٧٩١.

(٣) الام ١ : ٢٥٥ ، المجموع ٣ : ١٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٥٨ ، المغني ٢ : ٢٩٧.

٣٩٢

ـ إلى قوله : ـ( فَإِنْ تابُوا وَأَقامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكاةَ فَخَلُّوا سَبِيلَهُمْ ) (١) شرط في التخلية إقامة الصلاة فإذا لم يقم الصلاة بقي على وجوب القتل ، وقالعليه‌السلام : ( من ترك الصلاة متعمدا فقد برئت منه الذمة )(٢) .

وقال الزهري : يضرب ، ويسجن ، ولا يقتل ـ وبه قال أبو حنيفة(٣) ـ لأن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( لا يحل دم امرئ مسلم إلاّ بإحدى ثلاث : كفر بعد إيمان ، أو زنا بعد إحصان ، أو قتل نفس بغير حق )(٤) ولا حجة فيه لأنّ ترك العموم لدليل مخصص واجب ، وحكي عن بعضهم ترك التعرض له(٥) لأن الصلاة أمانة بينه وبين الله تعالى. وهو مدفوع بالإجماع.

ج ـ لا يسوغ قتله مع اعتقاده التحريم بالمرة الواحدة ولا بما زاد ما لم يتخلل التعزير ثلاثا لأنّ الأصل حفظ النفس ، وظاهر كلام الشافعي أنه يقتل بصلاة واحدة ـ وهو رواية عن أحمد(٦) ـ لأنه تارك للصلاة فيقتل كتارك الثلاث ، والفرق ظاهر.

د ـ الظاهر من قول علمائنا أنّه بعد التعزير ثلاثا عند ترك الفرائض الثلاث يقتل بالسيف إذا ترك الرابعة ، وهو ظاهر مذهب الشافعي(٧) لشبهه بالمرتد ، وقال بعض الشافعية : يضرب حتى يصلّي أو يموت(٨) .

__________________

(١) التوبة : ٥.

(٢) سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٣٩ ـ ٤٠٣٤ ، مسند أحمد ٥ : ٢٣٨.

(٣) المغني ٢ : ٢٩٧ ، القوانين الفقهية : ٥٠ ، مقدمات ابن رشد : ١٠٢.

(٤) سنن الترمذي ٤ : ٤٦٠ ـ ٢١٥٨.

(٥) الام ١ : ٢٥٥ ، فتح العزيز ٥ : ٢٩٠.

(٦) المجموع ٣ : ١٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٥٨ ، الانصاف ١ : ٤٠١ ، مقدمات ابن رشد : ١٠٠ ، المغني ٢ : ٢٩٨.

(٧) المهذب للشيرازي ١ : ٥٨ ، المغني ٢ : ٢٩٧.

(٨) المجموع ٣ : ١٥ ، المهذب للشيرازي ١ : ٥٨ ، السراج الوهاج : ١٠٢.

٣٩٣

هـ ـ يقتل حدّا ولا يكفر بذلك ـ وبه قال الشافعي ، ومالك(١) ـ لقولهعليه‌السلام : ( خمس كتبهن الله على عباده في اليوم والليلة فمن جاء بهن ولم يضيع منهن شيئا استخفافا بحقهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنّة ، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد إن شاء عذّبه وإن شاء أدخله الجنّة )(٢) .

وقال أحمد : يكفر بتركها ، وإسلامه أن يصلي ، ولو أتى بالشهادتين لم يحكم بإسلامه إلاّ بالصلاة ـ وبه قال الحسن ، والشعبي ، والنخعي ، وأبو أيوب السجستاني ، والأوزاعي ، وابن المبارك ، وحماد بن زيد ، وإسحاق ، ومحمد بن الحسن(٣) ـ لقولهعليه‌السلام : ( بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة )(٤) وهو محمول على التارك مستحلا.

و ـ صلاة الكافر ليست إسلاما عندنا مطلقا ، لأنه عبارة عن الشهادتين.

وقال أبو حنيفة : إنّها إسلام في دار الحرب ودار الإسلام معا(٥) ، وقال الشافعي : أنّها إسلام في دار الحرب خاصة(٦) ، وسيأتي.

ز ـ قال في المبسوط : إذا امتنع من الصلاة حتى خرج وقتها وهو قادر أنكر عليه ، وأمر بأن يصلّيها قضاء ، فإن لم يفعل عزّر ، فإن انتهى وصلّى برئت ذمته ، وإن أقام على ذلك حتى ترك ثلاث صلوات وعزّر فيها ثلاث‌

__________________

(١) المجموع ٣ : ١٦ ، السراج الوهاج : ١٠١ ، مغني المحتاج ١ : ٣٢٧ ، بداية المجتهد ١ : ٩٠ ، المغني ٢ : ٢٩٩ ، مقدمات ابن رشد : ١٠١ ، القوانين الفقهية : ٥٠.

(٢) الموطأ ١ : ١٢٣ ـ ١٤ ، سنن النسائي ١ : ٢٣٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٤٩ ـ ١٤٠١ ، سنن أبي داود ٢ : ٦٢ ـ ١٤٢٠.

(٣) المغني ٢ : ٢٩٩ ، مقدمات ابن رشد : ١٠١ ، بداية المجتهد ١ : ٩٠ ، كشاف القناع ١ : ٢٢٨.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٢ ـ ١٠٧٨ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٠ ، سنن الدار قطني ٢ : ٥٣ ـ ٤ وانظر المغني ٢ : ٢٩٩.

(٥) بدائع الصنائع ٧ : ١٠٣ ، المجموع ٤ : ٢٥٢.

(٦) المجموع ٤ : ٢٥١ ، حلية العلماء ٢ : ١٦٩.

٣٩٤

مرات قتل في الرابعة ، لما روي عنهمعليهم‌السلام : « إن أصحاب الكبائر يقتلون في الرابعة »(١) وهو يقتضي أنه لا يقتل حتى يترك أربع صلوات ويعزّر ثلاثا.

وظاهر مذهب الشافعي أنه يستحق القتل بترك الواحدة فإذا ضاق وقتها يقال له : إن صلّيت قبل خروج الوقت وإلا قتلناك بعد خروج الوقت(٢) .

واختلف أصحابه فقال بعضهم : إذا خرج وقتها المختص وجب القتل(٣) ، وقال القفال : لا يقتل حتى يخرج الوقت ، فتارك الظهر لا يقتل حتى تغرب الشمس(٤) .

وهل يقتل في الحال؟ قولان : أحدهما : يمهل ثلاثة أيام رجاء لتوبته.

والثاني : يقتل معجلا(٥) .

ح ـ إذا اعتذر عن ترك الصلاة بالنسيان ، أو بعدم المطهر قبل عذره إجماعا ، ويؤمر بالقضاء فإن صلّى فلا بحث ، وإن امتنع لم يقتل ، لأن القضاء ليس على الفور ، وهو ظاهر مذهب الشافعي ، وله وجه أنّه يقتل ، لامتناعه عن الإبان بها مع التمكن منها(٦) .

ط ـ لا فرق بين تارك الصلاة وتارك شرط مجمع عليه كالطهارة ، أو جزء منها كذلك كالركوع ، أما المختلف فيه كإزالة النجاسة ، وقراءة الفاتحة ، والطمأنينة فلا شي‌ء عليه ، ولو تركه معتقدا تحريمه لزمه إعادة الصلاة ، ولا يقتل بذلك لأنه مختلف فيه.

__________________

(١) لقد أشرنا إلى مصادر الحديث في فرع « ب ».

(٢) المجموع ٣ : ١٤ ، السراج الوهاج : ١٠١.

(٣) المجموع ٣ : ١٤ ـ ١٥ ، فتح العزيز ٥ : ٢٩٤ ـ ٢٩٥.

(٤) المجموع ٣ : ١٥. لم ينص فيه على اسم القفال ، بل نسبه الى الأصحاب وهكذا في فتح العزيز ٥ : ٣٠٣ ـ ٣٠٥.

(٥) المجموع ٣ : ١٥ ، الام ١ : ٢٥٥ ، مختصر المزني : ٣٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٥٨.

(٦) حلية العلماء ٢ : ١١ ـ ١٢.

٣٩٥

٣٩٦

الفصل الثالث : في المكان

ومباحثه ثلاثة :

الأول : في ما يصلّى فيه‌

مسألة ٨٣ : تصح الصلاة في كلّ مكان مملوك ، أو في حكمه ، خال من نجاسة‌ بغير خلاف بين العلماء.

واختلف في المغصوب فذهب علماؤنا إلى بطلان الصلاة فيه اختيارا مع العلم بالغصبية ، وهو قول الجبّائيين ، والشافعي في أحد القولين ، وأحمد في إحدى الروايتين(١) ، لأنه فعل منهي عنه ، إذ القيام والقعود ، والركوع ، والسجود التي هي أجزاء الصلاة تصرّف في مال الغير بغير إذنه فيكون قبيحا ، والنهي يدل على الفساد في العبادات.

وقال أبو حنيفة ، ومالك : تصح ، وهو القول الثاني للشافعي ، والرواية الثانية عن أحمد ، لأنّ النهي لا يعود إلى الصلاة فلم يمنع صحتها كما لو صلّى وهو يرى غريقا يمكن إنقاذه فلم ينقذه(٢) . وليس بجيد ، إذ النهي وقع عن‌

__________________

(١) المغني ١ : ٧٥٨ ، الشرح الكبير ١ : ٥١٣ ، كشاف القناع ١ : ٢٩٥ ، المجموع ٣ : ١٦٤ ، وحكى قول الجبّائيين المحقق في المعتبر : ١٥٦.

(٢) المجموع ٣ : ١٦٤ ، المهذب للشيرازي ١ : ٧١ ، المغني ١ : ٧٥٨ ، الشرح الكبير ١ : ٥١٣.

٣٩٧

هذه التصرفات التي هي أجزاء من حقيقة الصلاة فبطلت ، والصلاة حال الغرق مأمور بها ، وإنقاذ الغريق مأمور به لكنه آكد فافترقا ، على أنّا نمنع حكم الأصل.

فروع :

أ ـ لا فرق بين غصب رقبة الأرض بأخذها ، أو دعواه ملكيتها ، وبين غصب المنافع بادعاء الإجارة ظلما ، أو يضع يده عليها مدة ، أو يخرج روشنا ، أو ساباطا في موضع لا يحل له ، أو يغصب راحلة فيصلّي عليها ، أو سفينة ، أو لوحا فيجعله في سفينة ويصلّي عليه.

ب ـ لا فرق بين الجمعة وغيرها عند علمائنا لما تقدم. وقال أحمد : يصلّى الجمعة في موضع الغصب ، وكذا العيد ، والجنازة ، لأن الإمام إذا صلّى في موضع مغصوب فامتنع الناس فاتتهم الجمعة ، ولهذا أبيحت الجمعة خلف الخوارج ، والمبتدعة(١) .

وهو غلط ، لأن صلاة الإمام مع علمه باطلة فلا تفوت الجمعة بفعلها في غير الموضع ، ونمنع من جواز الصلاة خلف الخوارج ، والمبتدعة على ما يأتي.

ج ـ لا فرق بين الغاصب وغيره في بطلان الصلاة سواء أذن له الغاصب أو لا ، وتصح للمالك الصلاة فيه ، ولا أعلم فيها خلافا إلاّ من الزيدية ، فإنهم أبطلوا صلاته فيه للعموم. وهو خطأ.

د ـ لو أذن المالك اختص المأذون وإن كان الغاصب ، ولو أطلق الإذن‌

__________________

(١) المغني ١ : ٧٥٨ و ٧٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٥١٤ ، كشاف القناع ١ : ٢٩٦.

٣٩٨

انصرف الإطلاق عرفا الى غير الغاصب.

هـ ـ لو أذن له في الدخول الى داره والتصرف جاز له أن يصلّي ، لأنه من جملة التصرف ، وكذا لو علم بشاهد الحال.

و ـ تجوز الصلاة في البساتين ، والصحاري وإن لم يحصل الإذن ما لم يكره المالك ، لأن الإذن معلوم بالعادة ، ولو كانت مغصوبة لم تصح إلا مع صريح الإذن.

ز ـ جاهل الحكم غير معذور ، وفي الناسي إشكال ينشأ من التفريط ومن سقوط القلم عنه.

ح ـ لو أمره بعد الإذن بالخروج تشاغل به فإن ضاق الوقت خرج مصلّيا ، ولو صلّى من غير خروج لم يصح ، وكذا الغاصب.

ط ـ لو أمره بالكون فتلبس بالصلاة فأمره بالخروج مع الاتّساع احتمل الإتمام لمشروعية الدخول ، والقطع لأنه غير مأذون له في الصلاة صريحا وقد وجد المنع صريحا ، والخروج مصلّيا كما في حالة التضيق ( للمنع من قطع عبادة مشروعة فأشبهت المضيق )(١) ، ولو أذن في الصلاة فالإتمام.

ى ـ لا فرق بين النوافل والفرائض في ذلك كله بخلاف الصوم الواجب في المكان المغصوب فإنه سائغ ، أما لو نذر قراءة القرآن فالوجه عدم الإجزاء في المكان المغصوب ، وكذا أداء الزكاة ، ويجزي أداء الدين ، والطهارة كالصلاة في المنع ، والمشتبه بالمغصوب كالمغصوب في الحكم.

مسألة ٨٤ : يشترط طهارة المكان من النجاسات المتعدية إليه مما لم يعف‌

__________________

(١) ما بين القوسين لم يرد في نسخة ( م ).

٣٩٩

عنها إجماعا منّا ـ وبه قال أكثر العلماء(١) ـ لقوله تعالى( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) (٢) ، ولقولهعليه‌السلام : ( أكثر عذاب القبر من البول )(٣) وروي عن ابن عباس ، وابن مسعود ، وسعيد بن جبير ، وأبي مجلز عدم اشتراط الطهارة(٤) عملا بالأصل. وهو غلط.

أما ما لا يتعدى كالنجاسات اليابسة فلا يشترط طهارة المكان عنها إلاّ موضع جبهة السجود خاصة عند أكثر علمائنا(٥) ، وقد أجمع كل من اشترط الطهارة على اعتبار طهارة موضع الجبهة ، وهو حجة.

وأما عدم اشتراط غيرها فهو الأشهر عندنا للأصل ، ولأنه فعل المأمور به فيخرج عن العهدة ، ولقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا )(٦) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الشاذكونة(٧) يصلّي عليها وقد أصابتها الجنابة : « لا بأس »(٨) .

وقال أبو الصلاح منّا : يشترط طهارة مساقط أعضاء السجود(٩) كالجبهة.

ونمنع القياس.

__________________

(١) الشرح الكبير ١ : ٥٠٩.

(٢) المدثر : ٤.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ١٢٥ ـ ٣٤٨ ، مسند أحمد ٢ : ٣٢٦ و ٣٨٨.

(٤) انظر : الشرح الكبير ١ : ٥٠٩.

(٥) منهم : المفيد في المقنعة : ١٠ ، والشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ٨٧ ، والمحقق في المختصر النافع : ٢٦‌

(٦) صحيح البخاري ١ : ٩١ ، سنن الترمذي ٢ : ١٣١ ـ ٣١٧ ، سنن أبي داود ١ : ١٣٢ ـ ٤٨٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ١٨٨ ـ ٥٦٧ ، مسند أحمد ٥ : ١٤٥.

(٧) الشاذكونة : هي بفتح الذال ثياب غلاظ مضرّبة تعمل باليمن ، وقيل : انها حصير صغير يتخذ للافتراش. مجمع البحرين ٥ : ٢٧٣ « شذك ».

(٨) التهذيب ١ : ٢٧٤ ـ ٨٠٦ ، الإستبصار ١ : ٣٩٣ ـ ١٥٠٠.

(٩) الكافي في الفقه : ١٤٠.

٤٠٠

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512