تذكرة الفقهاء الجزء ٢

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التّراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-35-3
الصفحات: 512
المشاهدات: 34104
تحميل: 7914


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 512 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 34104 / تحميل: 7914
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 2

مؤلف:
ISBN: 964-5503-35-3
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فروع :

أ ـ لو كان مع العراة مكتس وجب عليه أن يصلّي في ثوبه ، وليس له إعارته والصلاة عريانا لوجود السترة ، نعم يستحب له إعارته بعد صلاته لقوله تعالى( وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى ) (1) ولا تجب عليه الإعارة ، ويجب القبول لتمكنه من الساتر حينئذ.

ب ـ لو بذل لهم الثوب لم يجز لهم الجماعة مع سعة الوقت وصلّى كل واحد بعد آخر ، لإمكان ستر العورة مع الانفراد وهو واجب فلا يترك للندب ، فإن خافوا فوت الوقت بالانتظار لم يجز ، وصلّوا عراة ـ عند علمائنا ـ محافظة على تحصيل المشروط ، ولأنه موضع ضرورة فصار كالفاقد ، وقال الشافعي : يجب الانتظار وإن فات الوقت تحصيلا للسترة(2) . وليس بجيد.

ج ـ لو لم يعرهم وأراد أن يصلّي بهم قدم إن كان قارئا وإلاّ صلّوا فرادى ، وليس له أن يأتم بعار ، لأن قيام الإمام شرط في إمامة القائم.

وقال الشافعي : يصح ، لعدم سقوط القيام(3) وليس بجيد.

د ـ لو اجتمع النساء والرجال فإن قلنا بتحريم المحاذاة لم تجتمع النساء معهم إلاّ مع حائل ، وإن قلنا بالكراهة جاز أن يقف الجميع صفا ، ولو كان معهم مكتس استحب له إعارة النساء بعد صلاته.

__________________

(1) المائدة : 2.

(2) الام 1 : 91 ، المجموع 2 : 246 ، المهذب للشيرازي 1 : 74 ، المغني 1 : 669.

(3) المجموع 3 : 186 ، المهذب للشيرازي 1 : 73.

٤٦١

هـ ـ يجوز مع الحاجة أن يصلّي الرجال في أكثر من صف واحد ، لأن القيام يسقط حينئذ ، وكذا الركوع والسجود ، إلاّ بالإيماء فيغضوا أبصارهم.

و ـ يجوز للنساء العراة أن يصلّين جماعة فتجلس إمامتهن وسطهن.

ز ـ جوّز الشيخ للعاري الصلاة في أول الوقت(1) لعموم الأمر ، وتحصيلا لفضيلة أول الوقت ، وحذرا من تجويز المسقط ، وأوجب المرتضى ، وسلاّر التأخير إلى آخر الوقت رجاء لحصول السترة كالمتيمم(2) .

ح ـ إذا صلّوا جماعة جلسوا ، وتقدم إمامهم بركبتيه ، قال المرتضى : ويصلّون كلهم بالإيماء لأنه أستر(3) ، وقال الشيخ : يومي الإمام ويركع من خلفه ويسجد(4) ، للرواية السابقة(5) .

ط ـ ليس الستر شرطا في صلاة الجنازة ، لأنها دعاء ، خلافا للشافعي(6) .

ي ـ لو كان على سطح ترى عورته من أسفل لم تصح صلاته لعدم الستر. وقال الشافعي : تصح ، لأن الستر إنما يلزمه من الجهة التي يعتاد النظر منها ، والنظر من الأسفل لا يعتاد(7) . والمقدمتان ممنوعتان.

__________________

(1) حكاه عنه المحقق في المعتبر : 156.

(2) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) 3 : 49 ، المراسم : 76.

(3) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) : 3 : 49.

(4) المبسوط للطوسي 1 : 130 ، النهاية : 130.

(5) التهذيب 2 : 365 ـ 1514 ، وسبق في صدر المسألة.

(6) المجموع 5 : 222 ، فتح العزيز 5 : 185 ، المهذب للشيرازي 1 : 139 ، مغني المحتاج 1 : 344.

(7) المجموع 3 : 171 ، فتح العزيز 4 : 94 ، مغني المحتاج 1 : 186 ، السراج الوهاج : 53.

٤٦٢

يا ـ لو صلى في قميص واسع الجيب ترى عورته حالة الركوع منه أو السجود بطلت صلاته حالة الركوع لا قبلها ، وتظهر الفائدة في المأموم إذا نوى الانفراد حينئذ.

يب ـ لا يكفي في الستر إحاطة الفسطاط الضيق به ، لأنه ليس بلبس.

البحث الثاني : في جنسه‌

مسألة 117 : يجوز الصلاة في كل ثوب متخذ من النباتات‌ كالقطن ، والكتان ، والقنب ، وسائر أنواع الحشيش بالإجماع ، وكذا في جلد ما يؤكل لحمه مع التذكية لا بدونها وإن دبغ عند علمائنا أجمع ، وبه قال عمر ، وابن عمر ، وعائشة ، وعن مالك روايتان ، وكذا عن أحمد(1) لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تستنفعوا من الميتة بإهاب ولا عصب )(2) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « لا تصل في شي‌ء منه ولا شسع »(3) ، وقال الباقرعليه‌السلام وقد سئل عن جلد الميتة أيلبس في الصلاة؟ فقال : « لا ولو دبغ سبعين مرّة »(4) ولأن الميتة نجسة ، والدباغ غير مطهر ، وقد سبق.

وقال الشافعي : يطهر بالدباغ إلاّ جلد الكلب والخنزير ، ونقله عن علي‌

__________________

(1) بداية المجتهد 1 : 78 ، القوانين الفقهية : 37 ، المغني 1 : 84 ، الشرح الكبير 1 : 94 ، المجموع 1 : 217 ، تفسير الرازي 5 : 17 ، الحاوي للفتاوي 1 : 12.

(2) سنن الترمذي 4 : 222 ـ 1729 ، سنن أبي داود 4 : 67 ـ 4128 ، سنن ابن ماجة 2 : 1194 ـ 3613 ، سنن النسائي 7 : 175 ، مسند أحمد 4 : 310 و 311.

(3) التهذيب 2 : 203 ـ 793.

(4) الفقيه 1 : 160 ـ 750 ، التهذيب 2 : 203 ـ 794.

٤٦٣

عليه‌السلام ، وابن مسعود(1) ، وقد تقدم.

وقال مالك : يطهر ظاهره دون باطنه فيصلّي عليه لا فيه(2) ، وقال أبو حنيفة : تطهر الجلود كلها إلاّ الخنزير والإنسان(3) . وقد سبق ، فجوزوا الصلاة فيه.

تذنيب : يكفي في الحكم بالتذكية انتفاء العلم بموته ، ووجوده في يد مسلم لا يستبيح جلد الميتة ، أو في سوق المسلمين ، أو في بلد الغالب فيه المسلمون ، لقول العبد الصالحعليه‌السلام : « لا بأس بالصلاة في الفرو اليماني ، وفيما صنع في أرض الإسلام » قلت : فإن كان فيها غير أهل الإسلام؟ قال : « إذا كان الغالب عليها المسلمون فلا بأس »(4) .

وإنما اعتبرنا في المسلم انتفاء استباحته ليحصل الظن بالتذكية ، إذ لا فرق في انتفاء الظن بين المستبيح من المسلم والكافر إذ الأصل الموت ولا معارض له حينئذ ، أما من لا يستبيح الميتة فإن إسلامه يمنعه من الإقدام على المحرم غالبا.

ولو جهل حال المسلم فإشكال ينشأ من كون الإسلام مظنة للتصرفات‌

__________________

(1) الام 1 : 91 ، المجموع 1 : 215 و 217 ، فتح العزيز 1 : 288 ، مختصر المزني : 1 ، كفاية الأخيار 1 : 8 ، الوجيز 1 : 10 ، المهذب للشيرازي 1 : 17 ، تفسير الرازي 5 : 17 ، المغني 1 : 84 ، الشرح الكبير 1 : 97 ، الحاوي للفتاوي 1 : 12 ، بدائع الصنائع : 1 : 85 ، أحكام القرآن للجصاص 1 : 115 ، نيل الأوطار 1 : 74 ، الأشباه والنظائر للسيوطي : 433.

(2) المجموع 1 : 217 ، تفسير الرازي 5 : 17 ، الحاوي للفتاوي 1 : 12 و 13.

(3) المبسوط للسرخسي 1 : 202 ، اللباب 1 : 24 ، بدائع الصنائع 1 : 85 ، أحكام القرآن للجصاص 1 : 115 ، تفسير الرازي 5 : 17 ، سبل السلام 1 : 42.

(4) التهذيب 2 : 368 ـ 1532.

٤٦٤

الصحيحة ، ومن أصالة الموت. ولو جهل إسلامه لم يجز استباحته.

مسألة 118 : وجلد ما لا يؤكل لحمه لا تجوز الصلاة فيه وإن ذكي ودبغ‌ ، سواء كان هو الساتر أم لا عند علمائنا أجمع ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى عن جلود السباع ، والركوب عليها(1) ترك العمل به في غير الصلاة ، فيبقى في الصلاة.

ومن طريق الخاصة قول الرضاعليه‌السلام وقد سئل عن الصلاة في جلود السباع فقال : « لا تصلّ فيها »(2) .

وقال أبو حنيفة ومالك : يطهر بالذكاة فيصلّي فيه(3) ، وقال الشافعي : يطهر بالدباغ(4) .

وكذا المسوخ إذا ذكيت يجوز استعمال جلودها في غير الصلاة ، وهي ما رواه محمد بن الحسن الأشعري عن الرضاعليه‌السلام قال : « الفيل مسخ كان ملكا زنّاء ، والذئب أعرابيا ديوثا ، والأرنب كانت امرأة تخون زوجها ولا تغتسل من حيضها ، والوطواط كان يسرق تمور الناس ، والقردة والخنازير قوم من بني إسرائيل اعتدوا في السبت ، والجريث والضب فرقة من بني إسرائيل حيث نزلت المائدة على عيسى بن مريمعليه‌السلام لم يؤمنوا فتاهوا فوقعت فرقة في البر ، وفرقة في البحر ، والفأرة وهي الفويسقة ، والعقرب كان‌

__________________

(1) سنن أبي داود 4 : 68 ـ 4131 ، سنن الدارمي 2 : 85 ، الجامع الصغير 2 : 697 ـ 9458 ، سنن البيهقي 1 : 21.

(2) الكافي 3 : 400 ـ 12 ، التهذيب 2 : 205 ـ 801.

(3) بدائع الصنائع 1 : 86 ، شرح فتح القدير 1 : 83 ، الهداية في شرح البداية : 45 ، الهداية للمرغيناني 1 : 21 ، الكفاية 1 : 83 ، المغني 1 : 88 ، الشرح الكبير 1 : 101.

(4) الام 1 : 9 و 91 ، مختصر المزني : 1 ، المهذب للشيرازي 1 : 17 ، الوجيز 1 : 10 ، بدائع الصنائع 1 : 86.

٤٦٥

نمّاما ، والدب والوزغ والزنبور كان لحاما يسرق في الميزان »(1) .

وأطلق الشيخان ، والمرتضى النجاسة(2) والوجه : الطهارة ، لرواية أبي العباس الفضل(3) الدالة على طهارة أسئار هذه الحيوانات.

مسألة 119 : الصوف ، والشعر ، والوبر ، والريش تابعة‌ فإن كانت أصولها مما لا يؤكل لحمه لم تصح الصلاة فيه ، وإن كانت مما يؤكل لحمه صحت عند علمائنا أجمع ، إلاّ ما يستثنى من الأول ، لأن الصادقعليه‌السلام كان يكره الصلاة في وبر كلّ شي‌ء لا يؤكل لحمه(4) .

وأما الجمهور فالقائلون بطهارته سوّغوا الصلاة فيه ، والقائلون بنجاسته منعوا ، وقد سبق تفصيل مذاهبهم.

فروع :

أ ـ لا بأس بالصلاة في الثوب الذي يكون وبر الأرانب فوقه أو تحته ـ خلافا للشيخ(5) ـ لأنه طاهر.

ب ـ لو مزج صوف ما لا يؤكل لحمه مع صوف ما يؤكل لحمه ونسج منهما ثوب لم تصح الصلاة فيه تغليبا للحرمة على إشكال ينشأ من إباحة المنسوج من الكتان والحرير ، ومن كونه غير متخذ من مأكول اللحم. وكذا لو أخذ قطعا وخيطت ولم يبلغ كلّ واحد منها ما يستر العورة.

ج ـ لا يشترط في صوف ما يؤكل لحمه ، وريشه ، وشعره ، ووبره‌

__________________

(1) الكافي 6 : 246 ـ 14 ، التهذيب 9 : 39 ـ 166 ، علل الشرائع : 485 باب 239 الحديث 1.

(2) المقنعة : 89 ، الخلاف ، كتاب الأطعمة والأشربة ، المسألة 2 ، وحكى قول السيد المرتضى المحقق في المعتبر : 148.

(3) التهذيب 1 : 225 ـ 646 ، الاستبصار 1 : 19 ـ 40.

(4) التهذيب 2 : 209 ـ 820 ، علل الشرائع : 342 باب 43 الحديث 1.

(5) المبسوط للطوسي 1 : 82.

٤٦٦

التذكية بل لو أخذ من الميتة جزّا كان طاهرا ، وصحت الصلاة فيه إجماعا منّا ، وبه قال أبو حنيفة ، وأحمد(1) ـ خلافا للشافعي(2) ـ لأنه طاهر قبل موت الحيوان فكذا بعده عملا بالاستصحاب السالم عن معارضة كونه ميتا.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بالصلاة فيما كان من صوف الميتة ، إنّ الصوف ليس فيه روح »(3) .

واحتجاج الشافعي بنموه فيكون حيا(4) ، ممنوع الملازمة فيه.

د ـ لا يشترط الجز بل لو قلع وغسل موضع الاتصال بالميتة ، أو قطع موضع الاتصال كان طاهرا.

مسألة 120 : لا تصح الصلاة في جلود الثعالب ، والأرانب‌ ، لأنّ الرضاعليه‌السلام سئل عن جلود الثعالب الذكية فنهى عن الصلاة فيها(5) ، ولأنه غير مأكول اللحم فيدخل تحت العموم.

وفي رواية جميل عن الصادقعليه‌السلام وقد سأله عن الصلاة في جلود الثعالب فقال : « إذا كانت ذكية فلا بأس »(6) والأحوط للعبادة الأول ،

__________________

(1) شرح فتح القدير 1 : 84 ، الكفاية 1 : 84 ، الهداية للمرغيناني 1 : 21 ، شرح العناية 1 : 84 ، الهداية في شرح البداية : 45 ، أحكام القرآن للجصاص 1 : 121 ، المغني 1 : 95 ، الشرح الكبير 1 : 105 ، زاد المستقنع : 4 ، المجموع 1 : 236 ، كشاف القناع 1 : 57 ، بداية المجتهد 1 : 78 ، المحلى 1 : 122.

(2) المجموع 1 : 236 ، المهذب للشيرازي 1 : 18 ، المغني 1 : 95 ، الشرح الكبير 1 : ة105 ، بداية المجتهد 1 : 78 ، الهداية في شرح البداية : 45 ، الهداية للمرغيناني 1 : 21 ، الكفاية 1 : 84 و 85 ، شرح العناية 1 : 84 ، المحلى 1 : 123.

(3) التهذيب 2 : 368 ـ 1530.

(4) المغني 1 : 95 ، الشرح الكبير 1 : 105.

(5) التهذيب 2 : 206 ـ 808 ، الإستبصار 1 : 381 ـ 1446 ، الكافي 3 : 399 ـ 8 وفي الأخير عن الماضيعليه‌السلام .

(6) التهذيب 2 : 206 ـ 809 ، الاستبصار 1 : 382 ـ 1447.

٤٦٧

ويحمل الثاني على الضرورة ، أو التقية.

مسألة 121 : لو عمل من جلد ما لا يؤكل لحمه قلنسوة ، أو تكة فالأحوط المنع‌ ، لعموم النهي عن الصلاة في جلد ما لا يؤكل لحمه(1) .

ولأن إبراهيم بن عقبة قال : كتبت إليه عندنا جوارب وتكك تعمل من وبر الأرانب فهل تجوز الصلاة في وبر الأرانب من غير ضرورة ولا تقية؟ فكتب : « لا تجوز الصلاة فيها »(2) .

وهو أحد قولي الشيخ(3) ، وله قول بالكراهة(4) لما رواه محمد بن عبد الجبار ، قال : كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام أسأله هل أصلّي في قلنسوة عليها وبر ما لا يؤكل لحمه ، أو تكة حرير ، أو تكة من وبر الأرانب؟

فكتب : « لا تحل الصلاة في الحرير المحض ، وإن كان الوبر ذكيا حلت الصلاة فيه »(5) والقول أرجح من الكتابة.

مسألة 122 : تجوز الصلاة في الخز الخالص لا المغشوش بوبر الأرانب والثعالب‌ عند علمائنا أجمع لأن الرضاعليه‌السلام سئل عن الصلاة في الخز فقال : « صلّ فيه »(6) ، وبه قال أحمد(7) لأن الحسن بن عليعليهما‌السلام ، ومحمد بن الحنفية لبسا الخز(8) وكسى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله رجلا عمامة خز(9) .

__________________

(1) انظر الكافي 3 : 397 ـ 1 ، التهذيب 2 : 209 ـ 818 ، الإستبصار 1 : 383 ـ 384 ـ 1454.

(2) الكافي 3 : 399 ـ 9 ، التهذيب 2 : 206 ـ 806 ، الإستبصار 1 : 383 ـ 1451.

(3) النهاية : 97.

(4) المبسوط للطوسي 1 : 84.

(5) التهذيب 2 : 207 ـ 810 ، الاستبصار 1 : 383 ـ 1453.

(6) التهذيب 2 : 212 ـ 829.

(7) المغني 1 : 663 ، الشرح الكبير 1 : 507 ، كشاف القناع 1 : 281.

(8) المغني 1 : 663.

(9) سنن أبي داود 4 : 45 ـ 4038.

٤٦٨

والخز دابة بحريّة ذات أربع ، تصاد من الماء ، فإذا فقدته ماتت.

ولا فرق بين كونه مذكى أو ميتا عند علمائنا ، لأنّه طاهر في حال الحياة ، ولا ينجس بالموت فيبقى على الطهارة.

وروي عن الصادقعليه‌السلام : « إن الله أحله وجعل ذكاته موته كما أحل الحيتان وجعل ذكاتها موتها »(1) وهو محمول على طهارتها ، وإباحة الصلاة فيها لا على جواز أكلها للإجماع على المنع من أكل ما ليس بسمك ، ومن السمك ما لا فلس له.

فروع :

أ ـ الأقرب جواز الصلاة في جلده ، لأن سعد بن سعد سأل الرضاعليه‌السلام عن جلود الخز قال : « هو ذا تلبس » فقلت : ذاك الوبر جعلت فداك ، قال : « إذا حل وبره حل جلده »(2) ومنع ابن إدريس من ذلك(3) .

ب ـ لا تجوز الصلاة في المغشوش بوبر الأرانب والثعالب لقول الصادقعليه‌السلام : « الصلاة في الخز الخالص لا بأس به ، أما الذي يخلط فيه وبر الأرانب أو غير ذلك مما يشبه هذا فلا تصلّ فيه »(4) .

ج ـ لو مزج بالحرير المحض صحت الصلاة كما في القطن الممتزج به لأن الباقرعليه‌السلام نهى عن لباس الحرير للرجال والنساء إلاّ ما كان من حرير مخلوط بخز لحمته أو سداه خز ، أو كتان ، أو قطن(5) .

__________________

(1) الكافي 3 : 399 ـ 400 ـ 11 ، التهذيب 2 : 211 ـ 212 ـ 828.

(2) الكافي 6 : 452 ـ 7 ، التهذيب 2 : 372 ـ 1547.

(3) السرائر : 56.

(4) الكافي 3 : 403 ـ 26 ، التهذيب 2 : 212 ـ 830 ، الاستبصار 1 : 387 ـ 1469 ، علل الشرائع : 357 باب 71 الحديث 2.

(5) التهذيب 2 : 367 ـ 1524 ، الإستبصار 1 : 386 ـ 1468.

٤٦٩

مسألة 123 : وفي السنجاب قولان : المنع ، اختاره الشيخ في موضع من النهاية(1) ، لقول الصادقعليه‌السلام : « أنّ كلّ شي‌ء حرام أكله فالصلاة في وبره ، وشعره ، وجلده ، وبوله ، وروثه ، وكلّ شي‌ء منه فاسد لا تقبل تلك الصلاة »(2) .

والجواز اختاره في النهاية أيضا والمبسوط(3) لقول أبي الحسنعليه‌السلام وقد سئل عن الصلاة في السمّور ، والسنجاب ، والثعالب : « لا خير في ذلك كلّه ما خلا السنجاب ، فإنّه دابة لا تأكل اللحم »(4) .

وفي رواية عن أبي جعفر الثانيعليه‌السلام قال : « صلّ في الفنك والسنجاب ، فأما السمور فلا تصلّ فيه »(5) . والأحوط الأول أخذا بالمتيقن ، أما الفنك والسمور فالأشهر فيهما التحريم.

مسألة 124 : ويحرم لبس الحرير المحض للرجال‌ بإجماع علماء الإسلام ، ولا تصح الصلاة فيه عند علمائنا أجمع ـ وهو رواية عن أحمد(6) ـ لأنّ النهي يدل على الفساد في العبادات.

وقد قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( حرّم لباس الحرير والذهب على ذكور أمتي ، وأحلّ لأناثهم )(7) .

ومن طريق الخاصة ما رواه محمد بن عبد الجبار قال : كتبت إلى أبي محمدعليه‌السلام هل يصلّى في قلنسوة حرير أو ديباج؟ فكتب : « لا تحل‌

__________________

(1) النهاية : 586 ـ 587.

(2) الكافي 3 : 397 ـ 1 ، التهذيب 2 : 209 ـ 818 ، الإستبصار 1 : 383 ـ 1454.

(3) النهاية : 97 ، المبسوط للطوسي 1 : 82 ـ 83.

(4) الكافي 3 : 401 ـ 16 ، الاستبصار 1 : 384 ـ 1456.

(5) الكافي 3 : 400 ـ 14 ، التهذيب 2 : 210 ـ 822 ، الإستبصار 1 : 384 ـ 1457.

(6) المغني 1 : 661 ، الشرح الكبير 1 : 505 ، المجموع 3 : 180.

(7) سنن الترمذي 4 : 217 ـ 1720 ، سنن النسائي 8 : 161.

٤٧٠

الصلاة في حرير محض »(1) .

وقال الشافعي : تصح الصلاة ، وكذا لو كان معه ثوب هو وديعة عنده لا يجوز له لبسه ، فإن لبسه وصلّى فيه ضمن وصحت صلاته ، لأن النهي ليس لأجل الصلاة فإنّ لبسه في غير الصلاة محرّم وإذا لم يكن التحريم لأجل الصلاة لم يمنع صحتها(2) . والملازمة ممنوعة.

فروع :

أ ـ الثوب المموّه بالذهب لا تجوز الصلاة فيه للرجال ، وكذا الخاتم المموّه به ، للنهي عن لبسه.

ب ـ لا فرق في التحريم بين كونه ساترا للعورة أو لا ، لأن الصلاة فيه محرمة على التقدير الثاني ، وفاقدة للشرط على الأول.

ج ـ لا بأس بالحرير والذهب للنساء إجماعا ، والصلاة لهن فيهما ، إلاّ الصدوق فإنه منع من صلاتهن في الحرير لإطلاق النهي(3) ، وهو ممنوع في حقهن ، وفي الخنثى المشكل الأولى التحريم تغليبا للحرمة.

د ـ يجوز لبس الحرير للضرورة كالبرد الشديد ، وهو إجماع لسقوط التكليف معها ، وكذا يجوز حالة الحرب لأنه يعطي قوّة القلب ـ وبه قال أحمد ، وعروة ، وعطاء ـ لأن عروة كان له يلمق(4) من ديباج بطانته من سندس محشو قزا ، وكان يلبسه في الحرب(5) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن لباس الحرير‌

__________________

(1) الكافي 3 : 399 ـ 10 ، التهذيب 2 : 207 ـ 812 ، الإستبصار 1 : 385 ـ 1462.

(2) الام 1 : 91 ، المجموع 3 : 180 ، المهذب للشيرازي 1 : 73.

(3) الفقيه 1 : 171 ذيل الحديث 807.

(4) يلمق : القباء المحشو. معرب يلمه بالفارسية. لسان العرب 10 : 332 « لمق ».

(5) المغني 1 : 662 ، الشرح الكبير 1 : 507.

٤٧١

والديباج فقال : « أما في الحرب فلا بأس به وإن كان فيه تماثيل »(1) ، ولأن لبسه منع للخيلاء.

وهو سائغ في الحرب ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رأى بعض أصحابه يمشي بين الصفين يختال في مشيه فقالعليه‌السلام : ( إنها لمشية يبغضها الله ورسوله إلاّ في هذا الموطن )(2) .

وعن أحمد رواية بالمنع للعموم ، ولو احتاج إليه بأن يكون بطانة لدرع جاز عنده قطعا ، وكذا درع مموّه من ذهب لا يستغني عن لبسه(3) .

هـ ـ يجوز لبس الحرير للقمل ، وصاحب الحكمة والمرض إذا كان ينفعه لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله رخص للزبير وعبد الرحمن بن عوف في قميص الحرير لمّا شكوا إليه القمل(4) ، وبه قال أحمد في رواية(5) ، وفي أخرى بالمنع ـ وبه قال مالك ـ للعموم ، والرخصة مختصة بهما(6) .

وهو خطأ ، لأن ما ثبت رخصة في حق صحابي ثبت في غيره لقوله صلّى‌

__________________

(1) الكافي 6 : 453 ـ 3 ، الفقيه 1 : 171 ـ 807 ، التهذيب 2 : 208 ـ 816 ، الإستبصار 1 : 386 ـ 1466.

(2) السيرة النبوية لابن هشام 3 : 71 ، دلائل النبوة للبيهقي 3 : 233 ـ 234 ، مجمع الزوائد 6 : 109 ، الجامع الكبير 1 : 304 ، كنز العمال 4 : 317 ـ 10685 ، المغازي للواقدي 1 : 259.

(3) المغني 1 : 662 ، الشرح الكبير 1 : 507.

(4) صحيح البخاري 7 : 195 ، صحيح مسلم 3 : 1646 ـ 1647 ـ 2076 ، سنن أبي داود 4 : 50 ـ 4056 ، سنن الترمذي 4 : 218 ـ 1722 ، سنن ابن ماجة 2 : 1188 ـ 3592 ، سنن النسائي 8 : 202.

(5) المغني 1 : 662 ، الشرح الكبير 1 : 506.

(6) القوانين الفقهية : 430 ، المغني 1 : 662 ، الشرح الكبير 1 : 506.

٤٧٢

الله عليه وآله : ( حكمي على الواحد حكمي على الجماعة )(1) . ولا يشترط السفر للعموم ، وفي وجه للشافعية : يشترط لأن السفر يشغل عن التفقد(2) .

و ـ الأقوى جواز مثل التكة ، والقلنسوة من الحرير المحض ، لقول الصادقعليه‌السلام : « كلّ ما لا يجوز الصلاة فيه وحده فلا بأس بالصلاة فيه مثل التكة الإبريسم ، والقلنسوة ، والخف ، والزنار يكون في السراويل ويصلّي فيه »(3) .

وفي رواية محمد بن عبد الجبار وقد كتب الى أبي محمدعليه‌السلام هل يصلّي في قلنسوة حرير محض ، أو قلنسوة ديباج؟ فكتب : « لا تحل الصلاة في حرير محض »(4) وتحمل على الكراهة.

ز ـ الأقرب جواز افتراش الحرير المحض ، والوقوف عليه ، والنوم للرجال ، لوجود المقتضي وهو أصالة الإباحة السالم عن معارضة النهي المختص باللبس لانتفاء اللبس هنا.

ولقول الكاظمعليه‌السلام وقد سأله أخوه عن فراش حرير ، ومثله من الديباج ، ومصلّى حرير ، ومثله من الديباج يصلح للرجل النوم عليه والتكأة ، والصلاة؟ قال : « يفرشه ، ويقوم عليه ، ولا يسجد عليه »(5) .

وقال الشافعي ، وأحمد بالمنع(6) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى‌

__________________

(1) عوالي اللئالي 1 : 456 ـ 197 ، الأربعون للشهيد الأول : 23 ، كشف الخفاء 1 : 436 ـ 1161 ، وانظر المغني 2 : 405 ، نيل الأوطار 1 : 30.

(2) نيل الأوطار 2 : 81.

(3) التهذيب 2 : 357 ـ 1478.

(4) الكافي 3 : 399 ـ 10 ، التهذيب 2 : 207 ـ 812 ، الإستبصار 1 : 385 ـ 1462.

(5) الكافي 6 : 477 ـ 8 ، التهذيب 2 : 373 ـ 1553.

(6) المجموع 4 : 435 ، المهذب للشيرازي 1 : 73 و 115 ، كفاية الأخيار 1 : 99 ، المغني 1 : 661 ، الشرح الكبير 1 : 506 ، المحرر في الفقه 1 : 139.

٤٧٣

عن الجلوس عليه(1) . وهو محمول على اللبس.

ولا يحرم على النساء افتراشه لجواز لبسه ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الثاني : المنع وإن جاز اللبس للخيلاء(2) ، وهو ممنوع.

ح ـ لو كان الحرير ممتزجا بغيره مما تصح الصلاة فيه كالقطن ، والكتان صحت الصلاة فيه عند علمائنا سواء تساويا ، أو كثر أحدهما ما لم يخرج الى اسم الحرير فيحرم ، وبه قال ابن عباس ، وجماعة من العلماء(3) . لقول ابن عباس : إنما نهى النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله عن الثوب المصمت من الحرير ، وأما المعلم وسدى الثوب فليس به بأس(4) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس بالثوب أن يكون سداه ، وعلمه ، وزرّه حريرا ، إنما كره الحرير المبهم للرجال »(5) .

وللشافعية قولان : اعتبار الأكثر فإن تساويا فوجهان ، واعتبار الظهور فيحرم مع ظهور الإبريسم لا بدونه(6) .

ط ـ لا بأس بالمكفوف بالإبريسم المحض ، بأن يجعل الإبريسم في رءوس الأكمام ، والذيل ، وحول الزيق(7) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله نهى‌

__________________

(1) صحيح البخاري 7 : 194 ـ 195.

(2) المجموع 3 : 180 ، المهذب للشيرازي 1 : 73 ، كفاية الأخيار 1 : 100.

(3) المغني 1 : 662 ، الشرح الكبير 1 : 506.

(4) سنن أبي داود 4 : 49 ـ 4055 ، مسند أحمد 1 : 321 ، جامع الأصول لابن الأثير 10 : 687 ـ 8342.

(5) الفقيه 1 : 171 ـ 808 ، التهذيب 2 : 208 ـ 817 ، الاستبصار 1 : 386 ـ 1467.

(6) المجموع 4 : 438 ، المهذب للشيرازي 1 : 115 ، كفاية الأخيار 1 : 100 ، المغني 1 : 662 ـ 663.

(7) زيق القميص : ما أحاط بالعنق. مجمع البحرين 5 : 179 « زوق ».

٤٧٤

عن الحرير إلاّ موضع إصبعين ، أو ثلاث ، أو أربع(1) .

ومن طريق الخاصة قول جراح المدائني : إن الصادقعليه‌السلام كان يكره أن يلبس القميص المكفوف بالديباج(2) .

ي ـ ما يخاط من الحرير بالكتان ، أو القطن لا يزول التحريم عنه ، وكذا لو بطّن به الثوب ، أو ظهر به لعموم النهي.

يا ـ المحشو بالإبريسم تبطل الصلاة فيه لتناول النهي له ، ولما فيه من السرف ، وتضييع المال.

وقال الشافعي : يجوز لأنه لا خيلاء فيه(3) . ونمنع التعليل.

يب ـ لا يحرم على الولي تمكين الصغير من لبس الحرير لارتفاع التكليف عنه ، وقال أحمد : يحرم(4) ، وللشافعي وجهان(5) لقولهعليه‌السلام : ( حرام على ذكور أمتي )(6) .

وقال جابر : كنا ننزعه عن الصبيان(7) ، والمراد البالغون ، وفعل جابر للتمرين وزيادة الورع.

__________________

(1) صحيح البخاري 7 : 193 ، صحيح مسلم 3 : 1644 ـ 15 ، سنن الترمذي 4 : 217 ـ 1721 سنن أبي داود 4 : 47 ـ 4042.

(2) الكافي 3 : 403 ـ 27 و 6 : 454 ـ 6 ، التهذيب 2 : 364 ـ 1510.

(3) المجموع 4 : 438 ، الام 1 : 221 ، المهذب للشيرازي 1 : 115 ، المغني 1 : 663.

(4) المغني 1 : 664 ، الشرح الكبير 1 : 507 ، المحرر في الفقه 1 : 139.

(5) المجموع 4 : 435 ـ 436 ، كفاية الأخيار 1 : 100 ، مغني المحتاج 1 : 306.

(6) سنن ابن ماجة 2 : 1189 ـ 1190 ـ 3595 و 3597 ، سنن أبي داود 4 : 50 ـ 4057 ، سنن الترمذي 4 : 217 ـ 1720 ، سنن النسائي 8 : 190.

(7) سنن أبي داود 4 : 50 ـ 4059 ، جامع الأصول لابن الأثير 10 : 686 ـ 687.

٤٧٥

يج ـ لو كان في يده خاتم من ذهب أو مموه به بطلت صلاته للنهي عن الكون فيه(1) .

ولقول الصادقعليه‌السلام : « جعل الله الذهب حلية أهل الجنّة ، فحرم على الرجال لبسه ، والصلاة فيه »(2) .

مسألة 125 : يشترط في الثوب الملك ، أو الإباحة صريحا ، أو فحوى‌ ، فلا تصح الصلاة في الثوب المغصوب مع العلم بالغصب عند علمائنا أجمع ـ وهو إحدى الروايتين عن أحمد(3) ـ لأنها عبادة قد اشتملت على وجه قبح فلا تقع مجزية لأنها غير مأمور بها فيبقى في العهدة ، ولأنّ الكون فيه محرم لأن النهي عن المغصوب منع عن وجوه الانتفاع به ، والكون فيه انتفاع فيكون محرما وهو جزء من الصلاة.

والثانية عن أحمد : الصحة ، وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة وإن اتفقوا على التحريم ، لأن النهي لا يعود إلى الصلاة فلا يمنع الصحة كما لو غسل ثوبه بالماء النجس(4) .

وليس بجيد ، لأن الحركة التي هي القيام ، والقعود ، والركوع ، والسجود في هذا الثوب منهي عنها وعصيان فلا يكون متقربا بما هو عاص‌

__________________

(1) صحيح البخاري 2 : 90 و 7 : 31 و 8 : 61 ، صحيح مسلم 3 : 1635 ـ 2066 ، سنن النسائي 8 : 191 ، سنن أبي داود 4 : 89 ـ 90 ـ 4222 ، سنن الترمذي 4 : 226 ـ 1737 ـ 1738 ، سنن ابن ماجة 2 : 1202 ـ 3642 و 3643 ، مسند أحمد 1 : 81 و 2 : 468.

(2) التهذيب 2 : 227 ـ 894.

(3) المغني 1 : 660 ، الشرح الكبير 1 : 498 ، المحرر في الفقه 1 : 43 ، العدة شرح العمدة : 66 ، المجموع 3 : 180.

(4) المجموع 3 : 180 ، المغني 1 : 660 ، الشرح الكبير 1 : 498 ، المحرر في الفقه 1 : 43 ، العدة شرح العمدة : 67 ، المبسوط للسرخسي 1 : 206.

٤٧٦

به ، ولا مأمورا بما هو منهي عنه.

فروع :

أ ـ لو جهل الغصب لم تبطل الصلاة لارتفاع النهي ، ولو علمه وجهل الحكم لم يعذر.

ب ـ لا فرق بين أن يكون الثوب هو الساتر أو غيره ، بل لو كان معه خاتم ، أو درهم ، أو غير ذلك مغصوب وصلّى فيه لم يصح ، وكذا لو كان غاصبا لشي‌ء غير مصاحب له ، إلاّ أنه هنا لو صلّى آخر الوقت صحت بخلاف المصاحب.

ج ـ لا فرق بين أن يكون لابسا له ، أو قائما عليه ، أو ساجدا.

د ـ لو نسي الغصب فالأشبه الإعادة لتفريطه بالنسيان.

هـ ـ لو أذن المالك للغاصب أو لغيره صحت صلاته لزوال المانع ، ولو أذن مطلقا جاز لغير الغاصب عملا بظاهر الحال.

و ـ الأقوى صحة الصلاة في المبيع فاسدا مع الجهل بالفساد ، أو الحكم ، أما العالم فالوجه البطلان إن لم يعلم البائع الفساد ، ويحتمل الصحة للإذن ، وكذا البحث في الإجارة.

مسألة 126 : يشترط في الثوب والبدن الطهارة ـ إلاّ ما يستثنى‌ ـ عند علمائنا أجمع ، فلو صلّى في النجس مع العلم بالنجاسة بطلت صلاته سواء كان هو الساتر أم لا ، وبه قال أكثر العلماء منهم ابن عباس ، وسعيد بن المسيب ، وقتادة ، ومالك ، والشافعي ، وأحمد وأصحاب الرأي(1) لقوله تعالى :

__________________

(1) الام 1 : 55 ، المجموع 3 : 132 ، فتح العزيز 4 : 14 ، تفسير الرازي 30 : 191 ، الوجيز 1 : 46 ، المهذب للشيرازي 1 : 66 و 67 ، مغني المحتاج 1 : 188 ، الشرح الصغير 1 : 26 ، المغني 1 : 750 ، الشرح الكبير 1 : 509 ، المبسوط للسرخسي 1 : 60 ، بدائع الصنائع 1 : 114 ، مسائل أحمد : 41.

٤٧٧

( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) (1) قال ابن سيرين : هو الغسل بالماء(2) .

وقالعليه‌السلام : ( إنهما يعذبان وما يعذبان في كبيرة ، أما أحدهما فكان لا يستنزه(3) من بوله )(4) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « إن أصاب ثوب الرجل الدم وعلم قبل أن يصلّي فيه ونسي وصلّى فيه فعليه الإعادة »(5) ولأنها إحدى الطهارتين فكانت شرطا للصلاة كالطهارة من الحدث.

وروي عن ابن عباس : ليس على الثوب جنابة ، ونحوه عن أبي مجلز ، وسعيد بن جبير ، والنخعي(6) . وقال ابن أبي ليلى : ليس في ثوب إعادة(7) . وهو مدفوع بالإجماع.

وكذا طهارة الجسد شرط بالإجماع ، وقولهعليه‌السلام للمستحاضة : ( اغسلي عنك الدم )(8) .

__________________

(1) المدثر : 4.

(2) المغني 1 : 750 ، الشرح الكبير 1 : 509 ، تفسير القرطبي 19 : 65.

(3) في نسخة ( م ) وبعض المصادر : لا يستبرئ.

(4) صحيح البخاري 1 : 64 ، صحيح مسلم 1 : 240 ـ 292 ، سنن ابن ماجة 1 : 125 ـ 347 ، سنن النسائي 1 : 29 ، سنن أبي داود 1 : 6 ـ 20 ، سنن الترمذي 1 : 47 و 48 ـ 70 ، سنن الدارمي 1 : 188 ، مسند أحمد 1 : 225.

(5) التهذيب 1 : 254 ـ 737 ، الإستبصار 1 : 182 ـ 637.

(6) المغني 1 : 750 ، الشرح الكبير 1 : 509.

(7) المغني 1 : 750 ، الشرح الكبير 1 : 509.

(8) صحيح البخاري 1 : 84 ، صحيح مسلم 1 : 262 ـ 333 ، سنن ابن ماجة 1 : 203 ـ 621 ، سنن النسائي 1 : 122 و 124 ، سنن أبي داود 1 : 74 ـ 282 ، سنن الترمذي 1 : 217 ـ 125 ، سنن الدارمي 1 : 198 ، مسند أحمد 6 : 194.

٤٧٨

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الكلب يصيبه جسد الرجل قال : « يغسل الموضع الذي أصابه »(1) .

فروع :

أ ـ لو سقطت عليه نجاسة ثم زالت عنه ، أو أزالها في الحال من غير فعل كثير صحت صلاته ـ وبه قال الشافعي(2) ـ لأنّ النجاسة عفي عن يسيرها فعفي عن يسير زمنها.

ب ـ لو كان طرف ثوبه نجسا لم تجز الصلاة إذا كان حاملا له ، أو كان ينتقل بقيامه ويقلّها من الأرض ، ولو كان الطرف موضوعا على الأرض والآخر حامل له صحت صلاته إذا لم يقلّه بالحركة ، وقال الشافعي : تبطل صلاته(3) .

ج ـ لو كان طرف ثوبه متصلا بالنجاسة لم يمنع ذلك من الصلاة إلاّ أن يكون لو قام أقلّه من الأرض ، ولا عبرة بحركتها بحركته وهي على الأرض ـ وبه قال أبو حنيفة(4) ـ عملا بأصالة الصحة السالم عن معارضة لبس النجاسة ، وقال الشافعي : تبطل وإن لم يتحرك بحركته(5) .

ولو كان أحد طرفي الحبل نجسا وقبض الطاهر صحت صلاته ، وإن تحرك النجس بحركته ، خلافا للشافعي فيما إذا تحرك بحركته ، وله فيما إذا‌

__________________

(1) التهذيب 1 : 23 ـ 61 و 260 ـ 758 ، الاستبصار 1 : 90 ـ 287.

(2) الوجيز 1 : 46 ، فتح العزيز 4 : 11 ، المغني 1 : 752 ، الشرح الكبير 1 : 512.

(3) فتح العزيز 4 : 22.

(4) المجموع 3 : 148 ، فتح العزيز 4 : 22.

(5) المجموع 3 : 148 ، الوجيز 1 : 46 ، فتح العزيز 4 : 22 ، المهذب للشيرازي 1 : 68 ، مغني المحتاج 1 : 190.

٤٧٩

لم يتحرك وجهان بخلاف العمامة لأنها ملبوسة(1) .

د ـ لو شدّ وسطه بحبل وطرفه الآخر مشدود بكلب صحت صلاته إذا لم يقل الكلب بحركته ـ خلافا للشافعي(2) ـ ولو كان طرفه الآخر مشدودا في ساجور(3) كلب صحت صلاته أيضا وإن انتقل الساجور خاصة بقيامه خلافا للشافعي في أحد الوجهين(4) .

ولا فرق بين كون الكلب صغيرا أو كبيرا حيا أو ميتا ، وأوجب الشافعي الإعادة فيما إذا كان الكلب صغيرا أو ميتا قطعا بخلاف الكبير لأن له قوة الامتناع(5) .

ولو كان الطرف تحت رجله لم يكن به بأس إجماعا ، لأنّ ما تحت قدمه طاهر ، وليس هو بحامل للنجاسة ، ولا لما هو متصل بها.

هـ ـ لو كان طرف مصلاه نجسا خارجا عن مسقط جسده جاز وكان كما لو اتصلت الأرض بموضع نجس.

و ـ لو وضع على النجس بساط أو شبهه طاهر صحت الصلاة ، لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن المنازل التي ينزلها الناس فيها أبوال الدواب والسرجين ، ويدخلها اليهود والنصارى كيف يصنع بالصلاة فيها؟ : « صلّ على ثوبك »(6) .

ز ـ لو كان الحبل مشدودا في زورق فيه نجاسة ، والآخر في وسطه ،

__________________

(1) المجموع 3 : 149 ، الوجيز 1 : 46 ، فتح العزيز 4 : 22 ـ 23 ، مغني المحتاج 1 : 190.

(2) المجموع 3 : 148 ، فتح العزيز 4 : 23 ، المهذب للشيرازي 1 : 68.

(3) الساجور : خشبة تجعل في عنق الكلب. الصحاح 2 : 677 « سجر ».

(4) الوجيز 1 : 46 ، فتح العزيز 4 : 23 ، مغني المحتاج 1 : 190.

(5) المجموع 3 : 148 ، فتح العزيز 4 : 25 ، المهذب للشيرازي 1 : 68.

(6) الكافي 3 : 392 ـ 25 ، الفقيه 1 : 157 ـ 733 ، التهذيب 2 : 374 ـ 1556.

٤٨٠