تذكرة الفقهاء الجزء ٣

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
تصنيف: ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380
المشاهدات: 287265
تحميل: 6651


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 287265 / تحميل: 6651
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 3

مؤلف:
ISBN: 964-5503-36-1
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

لسجوده ؛ لأن القراءة ليست بركن في السجود ، وإن كان صبياً ففي سجود الرجل بسجوده عند أحمد وجهان بناءً على صحة إمامته(١) ، والكل عندنا باطل ؛ لما تقدم.

ولو لم يسجد التالي سجد المستمع عند علمائنا - وبه قال الشافعي(٢) - لأن السبب وهو الاستماع موجود.

وقال أحمد : لا يسجد ؛ لأنه تابع له فإنّ الاستماع إنما يحصل بالقراءة ، ولا يسجد بدون سجوده(٣) . وهو ممنوع.

ولا فرق بين أن يكون التالي إماماً ، أو لا.

وقال الشافعي : إن كان التالي إماماً ولم يسجد تبعه في تركها كما يتبعه في ترك سائر المسنونات(٤) .

وتحقيق مذهبنا أن الإِمام إن كان ممّن يقتدى به وقرأ العزيمة في فرض ناسياً أومأ بالسجود عند آيته ، وكذا المأموم ، وإن كان في نافلة تسوغ فيها الجماعة فإن سجد الإِمام سجد المأموم ، وكذا إن لم يسجد إن كانت السجدة عزيمة ، وإلّا فلا ، وإن كان ممّن لا يقتدى به وقرأ في فرض لم يتابعه المأموم في سجوده بل يومئ ، وإن لم يسجد الإِمام تابعه في الترك وأومى.

ولو كان التالي في غير الصلاة والمستمع في الصلاة حرم عليه الاستماع فإن فعله احتمل السجود إذا فرغ - وبه قال أبو حنيفة(٥) - لوجود سبب‌

____________________

(١) الشرح الصغير ١ : ١٤٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٥ ، المغني ١ : ٦٨٨ - ٦٨٩ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٦ - ٨١٧.

(٢) المجموع ٤ : ٥٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٢.

(٣) المغني ١ : ٦٨٩ ، الشرح الكبير ١ : ٨١٧.

(٤) فتح العزيز ٤ : ١٩٠ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، السراج الوهاج : ٦٣ ، المجموع ٤ : ٥٩.

(٥) اللباب ١ : ١٠٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٩ ، شرح العناية ١ : ٤٦٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٢٣.

٢٢١

( السجود )(١) وامتنع منه لعارض فإذا زال سجد ، والإِيماء.

وقال الشافعي ، وأحمد : لا يسجد ؛ لأن سببها لم يوجد في صلاته ، ولا يسجد إذا فرغ(٢) وإن كان التالي في صلاة والمستمع في غير الصلاة سجد.

مسألة ٢٨٩ : لو قرأ السجدة ماشياً سجد‌ فإن لم يتمكن أومى - وبه قال أبو العالية ، وأبو زرعة ، وأحمد ، وأصحاب الرأي(٣) - وقال عطاء ، ومجاهد : يؤمي(٤) .

وإن كان راكباً سجد على راحلته إن تمكن ، وإلّا نزل ، وفعله عليعليه‌السلام ، وابن عمر ، وابن الزبير ، والنخعي ، وعطاء ، وبه قال مالك ، والشافعي ، وأحمد ، وأصحاب الرأي(٥) ، ولا نعلم فيه خلافاً ؛ لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قرأ عام الفتح سجدة فسجد الناس كلهم منهم الراكب والساجد في الأرض ، حتى أن الراكب يسجد على يده(٦) .

قيل : يكره اختصار السجود وهو أن ينتزع الآيات التي فيها السجود فيقرأها ويسجد فيها. وبه قال الشعبي ، والنخعي ، والحسن ، وإسحاق(٧) ، ورخص فيه أبو حنيفة ، ومحمد ، وأبو ثور(٨) ، وقيل : اختصار السجود أن‌

____________________

(١) في نسخة ( م ) : الوجوب.

(٢) المجموع ٤ : ٥٩ ، المغني ١ : ٦٨٩.

(٣) المغني ١ : ٦٨٩ - ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٠.

(٤) المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٠.

(٥) المجموع ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٧ - ٢٠٨ ، المغني ١ : ٦٨٩ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٧.

(٦) سنن ابي داود ٢ : ٦٠ / ١٤١١ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٢٥.

(٧) المجموع ٤ : ٧٣ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٧.

(٨) المبسوط للسرخسي ٢ : ٤ ، المجموع ٤ : ٧٣ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٧.

٢٢٢

يقرأ القرآن ويحذف آيات السجود(١) . والأخير عندي أولى.

مسألة ٢٩٠ : لو فاتت ، قال في المبسوط : يجب قضاء العزائم‌ ، وفي الندب هو بالخيار(٢) ، وقال في الخلاف : تعلّقت ذمته بفرض أو سنة ولا تبرأ إلّا بقضائه(٣) . ويحتمل أن يقال بالأداء لعدم التوقيت.

وقال الشافعي : إذا لم يسجد في موضع السجود لم يسجد بعد ذلك ، لأنها تتعلق بسبب فإذا فات سقطت ، ولأنه لا يتقرب إلى الله تعالى بسجدة ابتداءً كصلاة الاستسقاء(٤) . والكبرى ممنوعة في الأول ، والصغرى في الثاني ؛ لأنها عندهم صلاة ، وتارك الصلاة يجب عليه قضاؤها ، وله قول : بالقضاء(٥) .

ولو كرر آية السجدة في مجلس واحد ولم يسجد للمرة الاُولى احتمل الاكتفاء بسجدة واحدة - وبه قال الشافعي(٦) - ووجوبهما معاً. ولو سجد للاُولى سجد للثانية أيضاً لوجود السبب. وقال أبو حنيفة : تكفيه الاُولى(٧) . وللشافعي قولان : أظهرهما الأول(٨) .

أما لو طال الفصل فإنه يسجد مرة اُخرى ، والركعة الواحدة في الصلاة كالمجلس الواحد عند الشافعي ، والركعتان كالمجلسين(٩) .

____________________

(١) حكاه ابن قدامة في الشرح الكبير ١ : ٨٢٧.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١١٤.

(٣) الخلاف ١ : ٤٣٣ مسألة ١٨١.

(٤) المجموع ٤ : ٧١ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، السراج الوهاج : ٦٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٩٩.

(٥) المجموع ٤ : ٧١ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٠.

(٦) المجموع ٤ : ٧١ ، فتح العزيز ٤ : ١٩١ ، السراج الوهاج : ٦٣.

(٧) المبسوط للسرخسي ٢ : ٥ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٧٩ ، بدائع الصنائع ١ : ١٨١ ، اللباب ١ : ١٠٤ ، المجموع ٤ : ٧١ ، الميزان ١ : ١٦٧.

(٨) المجموع ٤ : ٧١ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، فتح العزيز ٤ : ١٩١.

(٩) المجموع ٤ : ٧١ ، فتح العزيز ٤ : ١٩٢.

٢٢٣

الثانية : سجدة الشكر ، وهي مستحبة عقيب الفرائض ، وعند تجدد النعم ، ودفع النقم عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي ، وأحمد(١) - لأن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كان إذا جاءه شي‌ء يسره خرّ ساجداً(٢) .

وقال عبد الرحمن بن عوف : سجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فأطال فسألناه فقال : ( أتاني جبرئيل فقال : من صلّى عليك مرّة صلّى الله تعالى عليه عشراً فخررت شكراً لله )(٣) .

وسجد عليعليه‌السلام شكراً يوم النهروان لـمّا وجدوا ذا الثدية(٤) وسجد أبوبكر لـمّا بلغه فتح اليمامة ، وقتل مسيلمة(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « سجدة الشكر واجبة على كل مسلم تتم بها صلاتك ، وترضي بها ربك ، وتعجب الملائكة منك ، وأن العبد إذا صلى ثم سجد سجدة الشكر فتح الرب تعالى الحجاب بين الملائكة وبين العبد »(٦) .

وقال مالك : إنه مكروه(٧) . وقال الطحاوي : وأبو حنيفة لا يرى‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ٦٨ و ٧٠ ، الوجيز ١ : ٥٣ ، المهذب للشيرازي ١ : ٩٣ ، الميزان ١ : ١٦٧ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٨.

(٢) سنن ابي داود ٣ : ٨٩ / ٢٧٧٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٤٦ / ١٣٩٤ ، سنن الترمذي ٤ : ١٤١ / ١٥٧٨.

(٣) مسند أحمد ١ : ١٩١ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧٠ - ٣٧١ باختصار. وانظر أيضاً : التلخيص الحبير بهامش المجموع ٤ : ٢٠٤ ، والضعفاء الكبير - للعقيلي - ٣ : ٤٦٨ / ١٥٢٣.

(٤) مصنّف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٨٣ و ٤٨٤ ، مصنّف عبد الرزّاق ٣ : ٣٥٨ / ٥٩٦٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧١.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٨٣ ، مصنّف عبد الرزاق ٣ : ٣٥٨ / ٥٩٦٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧١.

(٦) الفقيه ١ : ٢٢٠ / ٩٧٨ ، التهذيب ٢ : ١١٠ / ٤١٥.

(٧) بلغة السالك ١ : ١٥١ ، الشرح الصغير ١ : ١٥١ ، المدونة الكبرى ١ : ١٠٨ ، المجموع ٤ : ٧٠ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٣ ، الميزان ١ : ١٨٧ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٨.

٢٢٤

سجود الشكر شيئاً(١) ، وروى محمد عن أبي حنيفة الكراهة(٢) ، ومحمد لا يكرهه(٣)

واحتجوا بأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قد كانت في أيامه الفتوح واستسقى على المنبر وسقي ولم ينقل أنه سجد(٤) . وتركه أحياناً لا ينفي الاستحباب.

فروع :

أ - يستحب عقيب الصلوات على ما بينا‌ - خلافاً للجمهور(٥) - لأنها مظنَّة التعبد ، وموضع الخضوع ، والشكر على التوفيق لأداء العبادة ، وحديث الصادقعليه‌السلام (٦) يدل عليه.

ب - يستحب فيها التعفير عند علمائنا‌ - ولم يعتبره الجمهور - لأنها وضعت للتذلل والخضوع بين يدي الرب ، والتعفير أبلغ في الخضوع والذل ، وقال إسحاق بن عمار : سمعت الصادقعليه‌السلام يقول : « كان موسى بن عمرانعليه‌السلام إذا صلّى لم ينفتل حتى يلصق خده الأيمن بالأرض ، وخده الأيسر بالأرض » قال إسحاق : رأيت من يصنع ذلك ، قال محمد بن سنان : يعني موسى بن جعفرعليهما‌السلام ، في الحجر في جوف الليل(٧) .

____________________

(١) حلية العلماء ٢ : ١٢٦ ، الميزان للشعراني ١ : ١٦٧.

(٢) الميزان ١ : ١٦٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٢٦.

(٣) حلية العلماء ٢ : ١٢٦.

(٤) المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٨.

(٥) انظر على سبيل المثال المجموع ٤ : ٦٨ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٨.

(٦) الفقيه ١ : ٢٢٠ / ٩٧٨ ، التهذيب ٢ : ١١٠ / ٤١٥.

(٧) روى الصدوق صدر الرواية في الفقيه ١ : ٢١٩ / ٩٧٣ ، وأوردها الشيخ في التهذيب ٢ : ١٠٩ / ٤١٤ وذيَّلها بقوله : قال : وقال اسحاق : رأيت من آبائي من يصنع ذلك. قال محمد بن‌ =

٢٢٥

ج - يستحب الدعاء بما روي ، أو بما يتخيره الإِنسان من الأدعية ، ويستحب أن يقول : شكراً شكراً مائة مرّة ، وإن قال : عفوا عفوا جاز.

د - روى هارون بن خارجة عن الصادقعليه‌السلام قال : « إذا أنعم الله عزّ وجلّ عليك بنعمة فصلّ ركعتين‌ تقرأ في الاُولى بفاتحة الكتاب ، وقل هو الله أحد ، وتقرأ في الثانية بفاتحة الكتاب ، وقل يا أيها الكافرون ، وتقول في الركعة الاُولى في ركوعك وسجودك : الحمد لله شكراً شكراً وحمداً ، وتقول في الركعة الثانية في ركوعك وسجودك : الحمد لله الذي استجاب دعائي ، وأعطاني مسألتي »(١) .

ه- الأقرب استحباب السجدة عند تذكر ( النعمة )(٢) ‌وإن لم تكن متجددة - خلافاً للجمهور(٣) - لأن دوام النعمة نعمة ، وعن إسحاق بن عمار قال : « إذا ذكرت نعمة الله عليك وكنت في موضع لا يراك أحد فألصق خدك بالأرض ، وإذا كنت في مل‌ء من الناس فضع يدك على أسفل بطنك ، وأحن ظهرك ، وليكن تواضعاً لله ، فان ذلك أحب »(٤) .

____________________

= سنان : يعني موسى في الحجر في جوف الليل. انتهى وفي الخلاف ١ : ٤٣٧ مسألة ١٨٣ حيث أوردها كما في المتن. وقد وقع الخلاف بين الاعلام في ذلك : فمن ذاهب الى أن موسى في آخر الحديث هو الإِمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ، وعليه فاسحاق يكون ولده وقد اتقى في عدم ذكر نسبه ، ومن ذاهب إلى أنه الساباطي ، وعليه فالتحية في غير موردها.

للتوسعة انظر : الوافي للفيض الكاشاني ٢ : ١٢٣ ، وملاذ الأخيار ٣ : ٦٢١ - ٦٢٢ ، وتنقيح المقال ١ : ١١٨ وغيرها.

(١) الكافي ٣ : ٤٨١ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٨٤ / ٤١٨.

(٢) في نسخة ( م ) : النعم.

(٣) المجموع ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٥ ، المغني ١ : ٦٩٠ ، الشرح الكبير ١ : ٨٢٨ ، الانصاف ٢ : ٢٠٠ ، الميزان ١ : ١٦٧.

(٤) التهذيب ٢ : ١١٢ / ٤٢١.

٢٢٦

و - يستحب السجود إذا رأى مبتلى ببليّة أو فاسقاً‌ شكراً لله وستره عن المبتلى لئلّا يتأذى به ، ويظهره للفاسق ليرجع عن فسقه.

ز - ليس في سجود الشكر تكبير الافتتاح‌ ، ولا تكبير السجود ، ولا تشهد ، ولا تسليم.

وقال في المبسوط : يستحب التكبير لرفع رأسه من السجود(١) . وقال الشافعي : إنه كسجود التلاوة(٢) . والمعتمد ما قلناه للامتثال بإيقاعه كيف كان.

ح - هل يجب وضع الأعضاء السبعة في السجود الواجب في التلاوة ، ويستحب في مندوبها ، والشكر؟ إشكال ينشأ من أصالة البراءة وصرف السجود إلى وضع الجبهة ، ومن صرف السجود في الصلاة إلى ما وضع فيه الأعضاء.

ط - يجوز أن يؤدي هذا السجود ، وسجود التلاوة أيضاً على الراحلة‌ عندنا - خلافا للشافعي(٣) - لحصول المسمى.

ي - لو تجددت عليه نعمة وهو في الصلاة فإنه لا يسجد فيها‌ ؛ لأن سبب السجدة ليس منها ، وبه قال الشافعي(٤) . لكن لو قرأ ( ص ) فإن سجدتها عنده للشكر فهل يسجد؟ وجهان : السجود ؛ لأن سببه وجد في الصلاة ، والعدم ؛ لأنها سجدة شكر ، وليست متعلقة بالتلاوة(٥) .

الثالثة : سجدة السهو‌ ، وسيأتي البحث فيها إن شاء الله تعالى.

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ١١٤.

(٢) المجموع ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٥ - ٢٠٦.

(٣) الوجيز ١ : ٥٣ ، المجموع ٤ : ٦٨ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٦.

(٤) المجموع ٤ : ٦٨ ، فتح الوهاب ١ : ٥٦ ، فتح العزيز ٤ : ٢٠٦.

(٥) المجموع ٤ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ١٨٦ - ١٨٧.

٢٢٧

البحث السابع : في التشهد‌

التشهد واجب في كل ثنائية مرّة في آخرها ، ومرتين في الثلاثية بعد الثانية والثالثة ، والرباعية بعد الثانية والرابعة ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الليث بن سعد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وداود ، وأحمد في رواية(١) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فعل ذلك وداوم عليه ، وكذا الصحابة والأئمةعليهم‌السلام ، وأمر به النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في حديث ابن عباس(٢) ، والأمر للوجوب ، وسجد ابن عباس لما نسيه(٣) ، وعن ابن مسعود : علَّمني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله التشهد في وسط الصلاة وآخرها(٤) . ومن طريق الخاصة ما رواه البزنطي : « التشهد تشهدان في الثانية ، والرابعة »(٥) .

وقال الشافعي : الأول سنة ، وكذا الجلوس فيه - وبه قال مالك ، وأبو حنيفة ، وأحمد في رواية - لأنه يسقط بالسهو فأشبه السنن(٦) . وهو ممنوع‌

____________________

(١) المغني ١ : ٦٠٦ ، المجموع ٣ : ٤٥٠ و ٤٦٢ ، عمدة القارئ ٦ : ١٠٧ و ١١٥ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٠٤.

(٢) سنن البيهقي ٢ : ١٤٠ ، صحيح مسلم ١ : ٣٠٢ / ٤٠٣.

(٣) حكاه المحقق في المعتبر : ١٨٧ ، وانظر أيضاً المغني ١ : ٦٠٧.

(٤) مسند أحمد ١ : ٤٥٩.

(٥) أوردها عن الجامع البزنطي المحقق في المعتبر : ١٨٧.

(٦) المجموع ٣ : ٤٤٩ و ٤٥٠ ، فتح العزيز ٣ : ٤٩٣ - ٤٩٤ ، المنتقى للباجي ١ : ١٦٨ ، عمدة القارئ ٦ : ١٠٦ ، المغني ١ : ٦٠٦.

٢٢٨

لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الرجل ينسى التشهد ، قال : « يرجع فيتشهد »(١) .

وأوجب الشافعي التشهد الأخير ، وهو الذي يتعقبه التسليم ، سواء كانت الصلاة ثنائية ، أو ثلاثية ، أو رباعية - وبه قال عمر ، وابنه ، وأبو مسعود البدري ، والحسن البصري ، وأحمد كما قلناه(٢) - لأن ابن مسعود قال : كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد : السلام على الله قبل عباده ، السلام على جبرئيل وميكائيل ، السلام على فلان ، فقال النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( لا تقولوا : السلام على الله فإن الله هو السلام ، ولكن قولوا : التحيات لله ، إلى آخره )(٣) ولأنه ذكر قدّر به ركن من أركان الصلاة فكان واجبا كالقراءة.

وقال مالك ، وأبو حنيفة ، والثوري : إنه غير واجب كالأول(٤) ، إلّا أنّ أبا حنيفة يقول : الجلوس في الثاني قدر التشهد واجب(٥) ، لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يعلّمه الأعرابي(٦) ، ولأنه أحد التشهدين فلم يكن واجباً كالأول. ونمنع عدم تعليم التشهد ، أو أنه كان يعرفه ، أو كان قبل فرضه. ونمنع عدم وجوب الأول ، وقد سبق ، وأيضاً الفرق : أن محله غير واجب عندهم ، والثاني قدّر به ركن.

____________________

(١) التهذيب ٢ : ١٥٨ / ٦٢٢ ، الاستبصار ١ : ٣٦٣ / ١٣٧٦.

(٢) المجموع ٣ : ٤٦٢ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٣ ، المغني ١ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٣٤ ، نيل الأوطار ٢ : ٣١٤.

(٣) صحيح البخاري ١ : ٢١٢ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٩٠ / ٨٩٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٠ - ٤ ، سنن البيهقي ٢ : ١٣٨.

(٤) المغني ١ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٣٤ ، حلية العلماء ٢ : ١٠٧ ، الشرح الصغير ١ : ١١٦ ، المنتقى للباجي ١ : ١٦٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٣١٤.

(٥) الهداية للمرغيناني ١ : ٤٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٠٧ ، المغني ١ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٣٤.

(٦) اُنظر : سنن الترمذي ٢ : ١٠٠ - ١٠٢ / ٣٠٢ ، سنن النسائي ٣ : ٥٩ - ٦٠.

٢٢٩

مسألة ٢٩١ : يجب فيه الجلوس بقدره مطمئناً‌ في الأول والثاني ، فلو شرع فيه قبل انتهاء رفعه من السجدة أو شرع في النهوض قبل إكماله متعمداً ، بطلت صلاته عند علمائنا - وبه قال في الثاني أبو حنيفة ، والشافعي ، وأحمد(١) - لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله داوم عليه ، وكذا الصحابة والتابعون ، وهو يعطي الوجوب ، ولأنهعليه‌السلام فعله بيانا.

إذا ثبت هذا فعلى أي هيئة جلس أجزأه للامتثال بأيّ نوع ، إلّا أن الأفضل التورك فيهما - وبه قال مالك(٢) - لقول ابن مسعود : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يجلس وسط الصلاة وآخرها متوركاً(٣) .

ومن طريق الخاصة قول الباقر ، والصادقعليهما‌السلام : « إذا قعدت في تشهدك فألصق ركبتيك بالأرض ، وفرّج بينهما ، وليكن ظاهر قدمك اليسرى على الأرض ، وظاهر قدمك اليمنى على باطن قدمك اليسرى ، وأليتاك على الأرض وطرف إبهام اليمنى على الأرض ، وإياك والقعود على قدميك فلا تصبر للتشهد والدعاء »(٤) .

وقال الشافعي : الجلسات في الصلاة أربع : الجلسة بين السجدتين ، والتشهّد الأخير ، وهما واجبتان ، وجلسة التشهد الأول ، وجلسة الاستراحة وهما مستحبتان.

ويستحب في جميع الجلسات الافتراش بأن يفرش رجله اليسرى‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤٦٢ ، المغني ١ : ٦١٣ ، الشرح الكبير ١ : ٦٣٤ ، حلية العلماء ٢ : ١٠٧.

(٢) المنتقى للباجي ١ : ١٦٥ - ١٦٦ ، المغني ١ : ٦٠٧ و ٦١٢ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٧ و ٦٣٣.

(٣) مسند أحمد ١ : ٤٥٩ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٠٥.

(٤) الكافي ٣ : ٣٣٤ - ٣٣٥ / ١ ، التهذيب ٢ : ٨٣ - ٨٤ - ٣٠٨ وفيهما عن الامام الباقرعليه‌السلام ، وأمّا عن الصادقعليه‌السلام فيدلّ عليه حديث حماد بن عيسى في صفة صلاتهعليه‌السلام . اُنظر : الكافي ٣ : ٣١١ - ٣١٢ / ٨ والتهذيب ٢ : ٨١ - ٨٢ / ٣٠١.

٢٣٠

ويجلس عليها ، وينصب اليمنى إلّا التشهد الأخير الذي يتعقبه التسليم وإن كان واحداً فإنه يستحب فيه التورك(١) لحديث أبي حميد الساعدي : فلما جلس بين السجدتين ثنّى رجله اليسرى فجلس عليها ، ونصب قدمه اليمنى ، وإذا جلس في الأربع أماط رجليه عن وركه وأفضى بمقعدته إلى الأرض ونصب وركه اليمنى(٢) ، وقد ضعّفه الطحاوي فلا حجة فيه(٣) .

وقال أبو حنيفة والثوري : يجلس في جميعها مفترشاً(٤) لقولهعليه‌السلام : ( إذا جلست فاجعل عقبك تحت أليتيك )(٥) قال الشافعي : لو أدرك من الصبح ركعة مع الإِمام قعد معه مفترشاً ويتورك في الثاني ، ولو أدرك الثانية من المغرب جلس أربع مرات يفترش في ثلاثة ويتورك في الأخير(٦) .

مسألة ٢٩٢ : ويجب فيه الشهادتان بالتوحيد ، والرسالة‌ في الأول والثاني عند علمائنا أجمع - وبه قال كل من أوجبه - قال محمد بن مسلم للصادقعليه‌السلام : التشهد في الصلاة قال : « مرتان » قلت : وكيف مرتان؟ قال : « إذا استويت جالسا فقل : أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله »(٧) .

وأقل الواجب فيه الشهادتان ؛ لقول سورة بن كليب ، قلت : أدنى ما يجزي من التشهد؟ قال : « الشهادتان ».(٨) وقول الباقرعليه‌السلام وقد سأله زرارة ما يجزي من التشهد في الاُخريين؟ قال : « الشهادتان »(٩) .

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤٤٩.

(٢) الاُم ١ : ١١٦.

(٣) شرح معاني الآثار ١ : ٢٥٩ وانظر عمدة القارئ ٦ : ١٠٥ والمجموع ٣ : ٤٤٣.

(٤) بدائع الصنائع ١ : ٢١١ ، عمدة القارئ ٦ : ١٠٥ ، المجموع ٣ : ٤٥٠.

(٥) لم نعثر عليه فيما بأيدينا من المصادر المتوفرة.

(٦) المجموع ٣ : ٤٥١ و ٤٥٢ ، فتح العزيز ٣ : ٤٩٥.

(٧) التهذيب ٢ : ١٠١ / ٣٧٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤٢ / ١٢٨٩.

(٨) الكافي ٣ : ٣٣٧ / ٣ ، التهذيب ٢ : ١٠١ / ٣٧٥ ، الاستبصار ١ : ٣٤١ / ١٢٨٥.

(٩) التهذيب ٢ : ١٠٠ / ٣٧٤ ، الاستبصار ١ : ٣٤١ / ١٢٨٤.

٢٣١

وقال الشافعي : يجب خمس كلمات ، أن يقول : التحيات الله ، السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمداً رسول الله ؛ لاختلاف ورود الأخبار وسقوط ما سوى هذا في بعضها(١) .

ونحن لا نوجب التحيات ؛ للأصل ، وقول محمد بن مسلم للصادقعليه‌السلام قلت : قول العبد : التحيات لله والصلوات الطيبات ، قال : « ذلك اللطف يلطف العبد ربه »(٢) وأيضاً لو وجب لَتواتَر ؛ لأنه ممّا تعم به البلوى ، ولأن الواجب التشهد وهو مأخوذ من الشهادة ولفظ التحيات ليس منها.

ونمنع من تقديم : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، وتبطل به الصلاة ؛ لأن التسليم مخرج عن الصلاة لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( تحليلها التسليم )(٣) .

لا يقال : المخرج قوله : السلام عليكم. لأنا نقول : إنه تحكم لتناول إطلاق التسليم ذلك ، ولأن قوله : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين يتناول الحاضرين والغائبين من الصلحاء ، وقوله : السلام عليكم يختص الحاضرين فإذا كان السلام على الحاضرين مخرجاً كان السلام على‌

____________________

(١) الاُم ١ : ١١٨ ، المجموع ٣ : ٤٥٨ - ٤٥٩ ، الوجيز ١ : ٤٥ ، السراج الوهاج : ٤٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٦٨ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٢.

(٢) التهذيب ٢ : ١٠١ / ٣٧٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤٢ / ١٢٨٩.

(٣) سنن الترمذي ٢ : ٣ / ٢٣٨ ، مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٢٩ ، سنن البيهقي ٢ : ١٥ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٩ / ١ سنن ابن ماجة ١ : ١٠١ / ٢٧٥ و ٢٧٦ ، سنن أبي داود ١ : ١٦ / ٦١ ، مسند أحمد ١ : ١٢٣ ونحوه في الكافي ٣ : ٦٩ / ٢ والفقيه ١ : ٢٣ / ٦٨.

٢٣٢

الحاضرين والغُيّاب أولى.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « كلّما ذكرت الله والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله فهو من الصلاة ، فإذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فقد انصرفت »(١) وسأله أبو كهمش عن الركعتين الاُوليين إذا جلست فيهما ، فقلت وأنا جالس : السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته انصراف هو؟ قالعليه‌السلام : « لا ، ولكن إذا قلت : السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فهو الانصراف »(٢) .

مسألة ٢٩٣ : ويجب الصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله في التشهدين‌ عند علمائنا أجمع لقوله تعالى( صَلُّوا عَلَيْهِ ) (٣) والأمر للوجوب ، ولا يجب في غير الصلاة إجماعاً فيجب فيها ، ولأن عائشة قالت : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول : ( لا يقبل صلاة إلّا بطهور ، وبالصلاة عليّ )(٤) ولقول الصادقعليه‌السلام : « من صلّى ولم يصلّ على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وتركه عامداً فلا صلاة له »(٥) .

وقال الشافعي : إنها واجبة في التشهد الأخير خاصة. وبه قال أحمد في إحدى الروايتين ، وإسحاق ، وأبو مسعود الأنصاري(٦) ، وفي مشروعيتها في الأول للشافعي قولان(٧) ، لأن العبادة إذا شرط فيها ذكر الله تعالى بالشهادة‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٣٧ / ٦ ، التهذيب ٢ : ٣١٦ / ١٢٩٣.

(٢) التهذيب ٢ : ٣١٦ / ١٢٩٢.

(٣) الأحزاب : ٥٦.

(٤) سنن الدارقطني ١ : ٣٥٥ / ٤.

(٥) التهذيب ٤ : ١٠٩ / ٣١٤ ، الاستبصار ١ : ٣٤٣ / ١٢٩٢ ونحوه في الفقيه ٢ : ١١٩ / ٥١٥.

(٦) المجموع ٣ : ٤٦٥ و ٤٦٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٣ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٣ ، المغني ١ ٦١٤ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٣ و ٦١٤.

(٧) المجموع ٣ : ٤٦٠ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٥.

٢٣٣

شرط فيها ذكر النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كالأذان ، ولحديث عائشة(١) .

وقال أبو حنيفة ، ومالك ، والثوري ، والأوزاعي : لا يجب(٢) لأن ابن مسعود علّمه النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله التشهد ، ثم قال : ( إذا قلت هذا تمت صلاتك )(٣) ويحمل على قرب التمام ، أو على سبق المشروعية بالصلاة.

مسألة ٢٩٤ : وتجب الصلاة على آلهعليهم‌السلام ‌ عند علمائنا أجمع ، وأحمد في إحدى الروايتين ، وبعض الشافعية(٤) - وللشافعية وجهان ، وقيل : قولان(٥) - لأن كعب بن عجرة قال : كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يقول في صلاته : ( اللهم صلّ على محمد وآل محمد كما صلّيت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد )(٦) فتجب متابعته ؛ لقولهعليه‌السلام : ( صلّوا كما رأيتموني أصلي )(٧) .

وعن أبي مسعود الأنصاري قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( من صلّى صلاة ولم يصلّ فيها عليّ وعلى أهل بيتي لم تقبل منه )(٨) وقال الشافعي : بالاستحباب للأصل(٩) . وهو ممنوع لثبوت المخرج منه.

____________________

(١) سنن الدارقطني ١ : ٣٥٥ - ٤.

(٢) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٩ ، شرح فتح القدير ١ : ٢٧٥ ، شرح العناية ١ : ٢٧٥ ، بدائع الصنائع ١ : ٢١٣ ، بلغة السالك ١ : ١١٧ ، المجموع ٣ : ٤٦٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٣ ، المغني ١ : ٦١٤ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٤.

(٣) سنن ابي داود ١ : ٢٥٥ / ٩٧٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٣ / ١٣ و ٣٥٤ / ١٤.

(٤) المجموع ٣ : ٤٦٥ ، المغني ١ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٦.

(٥) المجموع ٣ : ٤٦٥ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٣ و ٥٠٤ ، المغني ١ : ٦١٦ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٦.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٣٠٥ / ٤٠٦ ، سنن أبي داود ١ : ٢٥٧ / ٩٧٦ ، سنن الدارمي ١ : ٣٠٩ ، سنن البيهقي ٢ : ١٤٧.

(٧) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦.

(٨) سنن الدارقطني ١ : ٣٥٥ / ٦.

(٩) المجموع ٣ : ٤٦٦.

٢٣٤

فروع :

أ - قال بعض الناس : آل محمد هم بنو هاشم وبنو المطلب‌ ؛ لأنهم أهل النبيّ ، وآل منقلب عن أهل(١) . فلو قال : وعلى أهل محمد أجزأه عند بعض الجمهور ، وكذا لو صغّر فقال : اُهيل(٢) والحق عدم الإِجزاء ؛ لأنه أمر مشروع فيتبع فيه النقل.

وقيل : آل محمد من كان على دينه(٣) ، لأنه سئلعليه‌السلام من آل محمد؟ فقال : ( كل تقي )(٤) ولقوله تعالى( أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذابِ ) (٥) والوجه : أن الآل هنا المعصومون من أهل بيته إذ لا تجب الصلاة على غيرهم.

ب - من لا يحسن التشهد والصلاة وجب عليه التعلّم‌ ، فإن ضاق الوقت أو عجز أتى بالممكن ، ولو عجز سقط.

ج - لا يجزئ بغير العربية ولو لم يقدر وجب التعلم‌ ، فإن ضاق الوقت أو عجز أجزأت الترجمة ، وكذا الأذكار الواجبة ، أما الدعاء بغير العربية فإنه جائز.

د - يجب الترتيب فيبدأ بالشهادة بالتوحيد ، ثم بالنبوة ، ثم بالصلاة على النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثم على آله ، ولو عكس لم يجزئه وقوفاً على المأخوذ عن صاحب الشرع.

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤٦٦ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٨ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٢٧.

(٢) المغني ١ : ٦١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٦.

(٣) سنن البيهقي ٢ : ١٥١ ، المجموع ٣ : ٤٦٦ ، المغني ١ : ٦١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٦ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٢٨.

(٤) سنن البيهقي ٢ : ١٥٢ ، كشف الخفاء ١ : ١٧ / ١٧ ، الفردوس ١ : ٤١٨ / ١٦٩٢.

(٥) المؤمن : ٤٦.

٢٣٥

وقال الشافعي : يجزئه لحصول المعنى فيكفي(١) . وهو ممنوع.

ه- يجب فيه التتابع فلو تركه لم يجزئه ، وبه قال الشافعي(٢) .

و - يجب في الصلاة ذكر اسم الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ‌ ، فلو قال : اللهم صلّ على الرسول لم يجزئه ؛ لأنهعليه‌السلام سئل كيف يصلّى عليك؟ فقال : ( قولوا : اللّهم صلّ على محمد وآل محمد )(٣) .

مسألة ٢٩٥ : قد بينا أن الواجب الشهادتان ، والصلاتان‌ ، وأقلّه : أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله ، اللهم صلّ على محمد وآل محمد.

وفي وجوب ( وحده لا شريك له ) عقيب الشهادة بالتوحيد إشكال ينشأ من حديث محمد بن مسلم عن الصادقعليه‌السلام (٤) وقد سلف ، ومن أصالة البراءة.

ولو أسقط الواو في الثاني ، أو اكتفى به ، أو أضاف الآل إلى المضمر ، فالوجه : الإِجزاء للامتثال ، أما لو حذف لفظة الشهادة ثانياً والواو فإنه لا يجزئه قطعاً.

ولا بُدَّ من الإِتيان بصيغة الشهادة ، فلو قال : أعلم أو اُخبر عن علم لم يجزئ ؛ وكذا لو قال : أشهد أن الله واحد ، ولو أتى عوض حرف الاستثناء بغيره مما يدل عليه ك‍ « غير » و « سوى » فالوجه : عدم الإِجزاء ؛ لأنه خلاف المنقول.

____________________

(١) المجموع ٣ : ٤٦٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٨٦ ، المغني ١ : ٦١٨ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٨.

(٢) مغني المحتاج ١ : ١٧٥.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٢٩٣ / ٩٠٤ ، سنن الدارمي ١ : ٣٠٩ ، سنن أبي داود ١ : ٢٥٧ / ٩٧٦ ، سنن البيهقي ٢ : ١٤٦ و ١٤٧.

(٤) التهذيب ٢ : ١٠١ / ٣٧٩ ، الاستبصار ١ : ٣٤٢ / ١٢٨٩.

٢٣٦

مسألة ٢٩٦ : ويستحب الزيادة في التشهد بالأذكار المنقولة‌ عن أهل البيتعليهم‌السلام ، لأنهم أعرف بمواقع الشرع وكيفيته لأنهم مهبط الوحي ، قال الصادقعليه‌السلام : « إذا جلست في الثانية ، فقل : بسم الله وبالله ، والحمد لله ، وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، وأشهد أن ربّي نعم الرب ، وأن محمداً نعم الرسول ، اللهم صلّ على محمد وآل محمد ، وتقبّل شفاعته في اُمته وارفع درجته ، ثم تحمد الله مرتين ، أو ثلاثاً ، ثم تقوم.

فإذا جلست في الرابعة قلت : بسم الله وبالله ، والحمد لله ، وخير الأسماء لله ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، أشهد أنك نعم الرب ، وأن محمدا نعم الرسول ، التحيات لله الصلوات الطاهرات ، الطيبات ، الزاكيات ، الغاديات ، الرائحات ، السابغات ، الناعمات لله ، ما طاب ، وزكى ، وطهر وخلص ، وصفى فللّه ، أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة ، أشهد أن ربي نعم الرب ، وأن محمداً نعم الرسول ، وأشهد أن الساعة آتية لا ريب فيها ، وأن الله يبعث من في القبور ، الحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لو لا أن هدانا الله ، الحمد لله رب العالمين ، اللهم صلى على محمد وآل محمد ، وبارك على محمد وآل محمد ، وسلّم على محمد وآل محمد ، وترحم على محمد وآل محمد كما صليت وباركت وترحمت على إبراهيم وآل إبراهيم إنك حميد مجيد ، اللهم صل على محمد وآل محمد ، وامنن عليَّ بالجنّة وعافني من النار »(١) وقد روي زيادة على ذلك.

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٩٩ / ٣٧٣.

٢٣٧

أما الجمهور فالمشهور عندهم ثلاث روايات :

إحداها : ما رواه ابن عباس : التحيات المباركات ، الصلوات الطيبات لله ، سلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمداً رسول الله(١) .

الثانية : عن ابن مسعود : التحيات لله ، والصلوات ، والطيبات ، السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلّا الله ، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ، وهي مذكورة في الصحيحين(٢) .

الثالثة : عن عمر بن الخطاب : التحيات لله ، الزاكيات لله ، الطيبات لله ، الصلوات لله ، السلام عليك أيها النبيّ ورحمة الله وبركاته ، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ، أشهد أن لا إله إلّا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله(٣) .

واختار الشافعي الأول(٤) ، وأبو حنيفة الثاني ، وبه قال الثوري ،

____________________

(١) صحيح مسلم ١ : ٣٠٢ / ٤٠٣ ، سنن النسائي ٢ : ٢٤٢ ، سنن الترمذي ٢ : ٨٣ / ٢٩٠ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٠ / ٢ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٧٧.

(٢) صحيح البخاري ١ : ٢١١ - ٢١٢ ، صحيح مسلم ١ : ٣٠١ / ٤٠٢ ، سنن النسائي ٢ : ٢٣٨ ، سنن الترمذي ٢ : ٨١ / ٢٨٩ ، سنن الدارقطني ١ : ٣٥٠ / ٤ و ٣٥٢ / ١٠ و ٣٥٣ / ١٢ و ١٣ و ٣٥٤ / ١٤.

(٣) الموطأ ١ : ٩٠ / ٥٣ ، سنن البيهقي ٢ : ١٤٤.

(٤) المجموع ٣ : ٤٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥٠٩ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٤ ، شرح العناية ١ : ٢٧٢ ، عمدة القارئ ٦ : ١١٥ ، المغني ١ : ٦٠٩ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٩ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٠ ، نيل الأوطار ٢ : ٣١٥ ، سبل السلام ١ : ٣٢٣.

٢٣٨

وأحمد ، وإسحاق ، وابن المنذر(١) ، واختار مالك الثالث(٢) .

والكل عندنا باطل ، لأن التسليم مخرج عن الصلاة.

إذا ثبت هذا ، فإنه يستحب عندنا تقديم التسمية ؛ لما تقدم في الأحاديث عن أهل البيتعليهم‌السلام (٣) ، ورواه الجمهور عن جابر(٤) ، وأنكره الشافعي ، وابن المنذر(٥) ، لأن ابن عباس سمع رجلاً يقول : بسم الله ، فانتهره(٦) .

تنبيه : قال ابن عباس : التحيات لله يعني العظمة لله ، الصلوات يريد الصلوات الخمس ، الطيبات الأعمال الصالحة(٧) .

وقال أبو عمرو : التحيات لله ، معناه الملك لله ، وقيل : الطيبات هو الثناء على الله(٨) .

وفي السلام قولان : أحدهما : أن معناه اسم السلام ، والسلام هو الله‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٧ ، اللباب ١ : ٧٢ - ٧٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٢١١ ، المغني ١ : ٦٠٨ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٩ ، العدة شرح العمدة : ٧٩ ، المجموع ٣ : ٤٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٠ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٠ ، نيل الأوطار ٢ : ٣١٥.

(٢) المدونة الكبرى ١ : ١٤٣ ، المنتقى للباجي ١ : ١٦٧ ، بداية المجتهد ١ : ١٣٠ ، المجموع ٣ : ٤٥٧ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٠ ، المغني ١ : ٦٠٨ ، الشرح الكبير ١ : ٦٠٩ ، عمدة القارئ ٦ : ١١٥ ، نيل الأوطار ٢ : ٣١٥.

(٣) انظر على سبيل المثال التهذيب ٢ : ٩٩ / ٣٧٣.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٢٩٢ - ٩٠٢ ، سنن النسائي ٢ : ٢٤٣.

(٥) المجموع ٣ : ٤٥٨ ، فتح العزيز ٣ : ٥١١ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٥ ، المغني ١ : ٦١١ ، الشرح الكبير ١ : ٦١١.

(٦) المغني ١ : ٦١١ ، الشرح الكبير ١ : ٦١١.

(٧و٨) المغني ١ : ٦١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٧.

٢٣٩

كما يقال : اسم الله عليك ، والثاني : سلام الله عليك تسليماً وسلاماً.

مسألة ٢٩٧ : يستحب للإِمام أن يسمع من خلفه الشهادتين ، وليس على المأموم ذلك ، قال أبو بصير : صليت خلف الصادقعليه‌السلام ، فلمـّا كان في آخر تشهده رفع صوته حتى أسمعنا ، فلمّا انصرف قلت : كذا ينبغي للإمام أن يسمع تشهده من خلفه؟ قال : « نعم »(١) وقال الصادقعليه‌السلام : « ينبغي للإِمام أن يسمع من خلفه التشهد ولا يسمعونه شيئاً »(٢)

وليس على الوجوب إجماعاً ، ولأن علي بن يقطين سأل أبا الحسن الماضيعليه‌السلام عن الرجل هل يصلح أن يجهر بالتشهد ، وبالقول في الركوع والسجود والقنوت؟ قال : « إن شاء جهر وإن شاء لم يجهر »(٣) .

وقال أحمد : يستحب إخفاء التشهد ؛ لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يكن يجهر به(٤) . وهو ممنوع ؛ لأن عدم السماع لا يدل على العدم ، ولأنه مندوب فجاز تركه أحيانا.

مسألة ٢٩٨ : يجوز الدعاء في التشهد‌ ، وفي جميع أحوال الصلاة كالقنوت ، والركوع ، والسجود ، والقيام قبل القراءة ، وبعدها بالمباح من أمر الدين والدنيا عند علمائنا أجمع ، سواء كان مما ورد به الشرع ، أو لا - وبه قال الشافعي(٥) - لأن أبا هريرة روى أن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إذا تشهد أحدكم فليتعوذ من أربع : من عذاب النار ، وعذاب القبر ، وفتنة المحيى وفتنة الممات ، وفتنة المسيح الدجال ، ثم يدعو لنفسه ما بدا‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ١٠٢ / ٣٨٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣٣٧ / ٥ ، الفقيه ١ : ٢٦٠ / ١١٨٩ ، التهذيب ٢ : ١٠٢ / ٣٨٤.

(٣) التهذيب ٢ : ١٠٢ / ٣٨٥.

(٤) المغني ١ : ٦١٧ ، الشرح الكبير ١ : ٦١٨.

(٥) المجموع ٣ : ٤٦٩ و ٤٧١ ، فتح العزيز ٣ : ٥١٦ ، مغني المحتاج ١ : ١٧٦ ، المغني ١ : ٦٢٠ - ٦٢١ ، الشرح الكبير ١ : ٦٢٠ ، عمدة القارئ ٦ : ١١٨.

٢٤٠