تذكرة الفقهاء الجزء ٣

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
تصنيف: ISBN: 964-5503-36-1
الصفحات: 380
المشاهدات: 286792
تحميل: 6641


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 380 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 286792 / تحميل: 6641
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 3

مؤلف:
ISBN: 964-5503-36-1
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

المغرب ثلاثاً ، والعشاء ركعتين بمزدلفة بإقامة واحدة ، وقال : صليتها مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كذلك(١) . وعمله ليس حجة.

ونقل ابن عمر عن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله أنه جمع بينهما بمزدلفة كل واحدة بإقامة(٢) .

وقال الشافعي : إن جمع في وقت الاُولى فكقولنا ، وإن جمع في وقت الثانية فالأقاويل الثلاثة السابقة له(٣) .

د - يسقط الأذان الثاني يوم الجمعة‌ ؛ لأنّ الجمعة يجمع صلاتاها ويسقط ما بينهما من النوافل ، ولقول الباقرعليه‌السلام : « إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله جمع بين الظهرين بأذان وإقامتين ، وبين المغرب والعشاء بأذان وإقامتين »(٤) .

وكذا يسقط لو جمع بين الظهرين بعرفة ، والعشاءين بمزدلفة ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « السنّة في الأذان يوم عرفة أن يؤذن ويقيم للظهر ثم يصلّي ، ثم يقوم فيقيم للعصر بغير أذان »(٥) ، ولأن الأذان للإعلام بدخول الوقت فإذا صلّى في وقت الاُولى أذّن لوقتها ثم أقام للاُخرى لأنه لم يدخل وقت يحتاج إلى الإِعلام به ، وإن جمع في وقت الثانية أذّن لوقت الثانية وصلّى الاُولى لترتب الثانية عليها ، ثم لا يعاد الأذان للثانية.

مسألة ١٦٩ : ويستحب الأذان لصلاة المنفرد كالجامع‌ وإن تأكد فيه ، سواء كان مسافراً أو حاضراً ، وبه قال الشافعي في المسافر ، وله في الحاضر‌

____________________

(١) سنن أبي داود ٢ : ١٩٢ / ١٩٢٩ و ١٩٣٢ ، سنن النسائي ٢ : ١٦.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٢٠١.

(٣) الاُم ١ : ٨٦ ، المجموع ٣ : ٨٦ ، فتح العزيز ٣ : ١٥٥.

(٤) التهذيب ٣ : ١٨ / ٦٦.

(٥) التهذيب ٢ : ٢٨٢ / ١١٢٢.

٦١

قولان ، أحدهما : الاكتفاء بأذان المصر(١) لقولهعليه‌السلام : ( إذا كان أحدكم في أرض فلاة ودخل عليه وقت الصلاة فإن صلّى بغير أذان وإقامة صلّى وحده ، وإن صلّى بإقامة صلّى معه ملكاه ، وإن صلّى بأذان وإقامة صلّى خلفه صف من الملائكة أوّلهم بالمشرق وآخرهم بالمغرب)(٢) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام لمحمد بن مسلم : « إنك إذا أذّنت وأقمت صلّى خلفك صفان من الملائكة ، وإن أقمت بغير أذان صلّى خلفك صف واحد »(٣) .

ويدل على الرجحان في الجماعة قول الصادقعليه‌السلام وقد سأله الحلبي عن الرجل هل يجزئه في السفر والحضر إقامة ليس معها أذان؟ قال : « نعم لا بأس به »(٤) وقالعليه‌السلام لعبد الله بن سنان : « يجزيك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير أذان »(٥) .

فروع :

أ - المنفرد يقيم ، وهو أحد قولي الشافعي‌ ، لأن الإِقامة للحاضرين ، والآخر : لا يقيم كما لا يؤذن(٦) .

ب - يستحب رفع الصوت به للمنفرد ، وهو أصح وجهي الشافعي(٧) ، لقولهعليه‌السلام : ( لا يسمع صوتك شجر ولا مدر إلّا شهد لك يوم القيامة )(٨) .

____________________

(١) المجموع ٣ : ٨٢ و ٨٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٢.

(٢) فتح العزيز ٣ : ١٤٥. وانظر التلخيص الحبير ٣ : ١٤٥ وقال : هذا الحديث بهذا اللفظ لم أره.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٢ / ١٧٤.

(٤) التهذيب ٢ : ٥٢ / ١٧١.

(٥) التهذيب ٢ : ٥٠ / ١٦٦.

(٦) المجموع ٣ : ٨٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٢.

(٧) الاُم ١ : ٨٧ ، المجموع ٣ : ٨٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٢ و ١٤٣.

(٨) صحيح البخاري ١ : ١٥٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٩ / ٧٢٣ ، الموطأ ١ : ٦٩ / ٥.

٦٢

ج - لا فرق بين السفر والحضر‌ ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا أذّنت في أرض فلاة وأقمت صلّى خلفك صفّان من الملائكة ، وإن أقمت قبل أن تؤذن صلّى خلفك صف واحد »(١) .

مسألة ١٧٠ : يسقط الاذان والإِقامة في الجماعة الثانية‌ إذا لم تتفرق الجماعة الاولى عن المسجد ، وهو أحد قولي الشافعي(٢) ، لأنّهم مدعوون بالأذان الأول فإذا أجابوا كانوا كالحاضرين في المرة الاولى ، ومع التفرّق تصبر كالمستأنفة.

ولقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل قلت : الرجل يدخل المسجد وقد صلّى القوم أيؤذّن ويقيم؟ قال : « إن كان دخل ولم يتفرق الصف صلّى بأذانهم وإقامتهم ، فإن كان الصف تفرق أذّن وأقام»(٣) .

وفي الآخر : يستحب مطلقاً - وبه قال أبو حنيفة(٤) - كما في الاُولى ، لكن لا يرفع الصوت دفعاً للالتباس ، وقال الحسن البصري ، والنخعي ، والشعبي : الأفضل لهم الإِقامة(٥) وأطلقوا ، وقال أحمد : إن شاؤا أذّنوا وأقاموا ، وإن شاءوا صلّوا من غير أذان ولا إقامة(٦) وأطلق.

مسألة ١٧١ : ويستحب في صلاة جماعة النساء أن تؤذن إحداهن وتقيم‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٥٢ / ١٧٣.

(٢) المجموع ٣ : ٨٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٦.

(٣) التهذيب ٢ : ٢٨١ / ١١٢٠.

(٤) فتح العزيز ٣ : ١٤٦ ، الجامع الصغير للشيباني : ٨٦.

(٥) المغني ١ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٧.

(٦) المغني ١ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٧.

٦٣

لكن لا تُسمع الرجال عند علمائنا - وهو أحد أقوال الشافعي(١) - ، لأنّ عائشة كانت تؤذن وتقيم(٢) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن المرأة تؤذن : « حسن إن فعلت »(٣) ولأنّه ذِكر في جماعة فاستحب كما في الرجال.

والثاني : لا يستحبان ؛ لأنّ الأذان للإِعلام ، وإنّما يحصل برفع الصوت(٤) .

والثالث : وهو الأصح عندهم ، استحباب الإِقامة خاصة ؛ لأنّها لاستفتاح الصلاة وانتهاض الحاضرين ، وبه قال جابر ، وعطاء ، ومجاهد ، والأوزاعي(٥) ، وقال أحمد : إن أذّن فلا بأس(٦) .

فروع :

أ - الاستحباب في حق الرجال‌ آكد.

ب - يجزيها التكبير والشهادتان‌ ؛ لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن المرأة تؤذّن للصلاة : « حسن إن فعلت ، وإن لم تفعل أجزأها أن تكبّر ، وأن تشهد أن لا إله إلّا الله ، وأن محمداً رسول الله »(٧) وسأل جميل بن درّاج‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ١٠٠ ، الوجيزا : ٣٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٧ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٥ ، المغني ١ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٢٤ ، المحلى ٣ : ١٢٩.

(٢) سنن البيهقي ١ : ٤٠٨.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٢.

(٤) المجموع ٣ : ١٠٠ ، الوجيز ١ : ٣٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٧ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٥.

(٥) المجموع ٣ : ١٠٠ ، الوجيز ١ : ٣٥ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٦ ، السراج الوهاج : ٣٧ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٥ ، المغني ١ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٢٤.

(٦) المغني ١ : ٤٦٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٢٤.

(٧) التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٢.

٦٤

الصادقعليه‌السلام عن المرأة أعليها أذان وإقامة؟ فقال : « لا »(١) .

ج - لو أذّنت للرجال لم يعتدّوا به‌ ؛ لأنّه عورة فالجهر منهي عنه ، والنهي يدلّ على الفساد - وبه قال الشافعي - لأنّ المرأة كما لم يجز أن تكون إماماً لم يجز أن تؤذّن للرجال(٢) .

وقال الشيخ في المبسوط : يعتدون به ويقيمون(٣) وليس بجيد ، نعم ، لو كانوا أقارب يجوز لهم سماع صوتهن ، فالوجه ما قاله الشيخ ، ونمنع الملازمة بين الأذان والإِمامة.

د - الخنثى المشكل لا يؤذن للرجال‌ لاحتمال أن يكون امرأة.

مسألة ١٧٢ : إذا سمع الإِمام أذان منفرد جاز أن يستغني به‌ عن أذان الجماعة ؛ لأنّ أبا مريم الأنصاري قال : صلّى بنا أبو جعفر الباقرعليه‌السلام في قميص بغير إزار ، ولا رداء ، ولا أذان ، ولا إقامة فلمـّا انصرف قلت له : صلّيت بنا في قميص بلا إزار ، ولا رداء ، ولا أذان ، ولا إقامة ، فقال : « قميصي كثيف فهو يجزي أن لا يكون عليَّ إزار ولا رداء ، وإني مررت بجعفر وهو يؤذن ويقيم فأجزأني ذلك »(٤) .

أما لو أذّن بنية الانفراد ثم أراد أن يصلّي جماعة استحب له الاستئناف ؛ لأن الصادقعليه‌السلام سئل عن رجل يؤذن ويقيم ليصلّي وحده ، فيجي‌ء رجل آخر فيقول له : نصلّي جماعة. هل يجوز أن يصلّيا بذلك الأذان والإقامة؟ قال : « لا ولكن يؤذن ويقيم »(٥) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠٥ / ١٨ ، التهذيب ٢ : ٥٧ / ٢٠٠.

(٢) الاُم ١ : ٨٤ ، المجموع ٣ : ١٠٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٤.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٩٧.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٨٠ / ١١١٣.

(٥) الكافي ٣ : ٣٠٤ / ١٣ ، الفقيه ١ : ٢٥٨ / ١١٦٨ ، التهذيب ٣ : ٢٨٢ / ٨٣٤.

٦٥

البحث الثالث : في المؤذن‌

مسألة ١٧٣ : يشترط في المؤذن العقل بإجماع العلماء‌ لعدم الاعتداد بعبارة المجنون ، والإِسلام بالإِجماع ، ولقولهعليه‌السلام : ( الإِمام ضامن ، والمؤذن مؤتمن ، اللهم ارشد الأئمة ، واغفر للمؤذنين)(١) والكافر لا يصح الاستغفار له. ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « لا يجوز أن يؤذّن إلّا رجل مسلم عارف »(٢) .

والذكورة أيضاً شرط في حقّ الرجال وقد سلف ، أما البلوغ فلا يشترط مع التمييز عند علمائنا أجمع ، وبه قال عطاء ، والشعبي ، وابن أبي ليلى ، والشافعي ، وأبو حنيفة ، وأحمد في رواية(٣) ؛ لأن عبد الله بن أبي بكر بن أنس قال : كان عمومتي يأمرونني أن اُؤذّن لهم وأنا غلام ولم أحتلم ، وأنس ابن مالك شاهد ولم ينكر(٤) .

ومن طريق الخاصة قول عليعليه‌السلام : « لا بأس أن يؤذن الغلام قبل أن يحتلم »(٥) ولأنّه ذكر تصح صلاته فاعتدّ بأذانه كالبالغ.

وقال أحمد في الاُخرى : لا يعتد به ؛ لأنه وضع للإِعلام فلا يصح منه لأنّه لا يقبل خبره ولا روايته ، والأذان أخف من الرواية والخبر(٦) ، وقال داود : لا يعتبر إذا أذّن للرجال(٧) ، أما غير المميز فلا عبرة بأذانه إجماعاً.

____________________

(١) سنن ابي داود ١ : ١٤٣ / ٥١٧ ، سنن الترمذي ١ : ٤٠٢ / ٢٠٧ ، مسند أحمد ٢ : ٢٣٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣٠٤ / ١٣ ، التهذيب ٢ : ٢٧٧ / ١١٠١.

(٣) الوجيز ١ : ٣٦ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٨ ، شرح فتح القدير ١ : ٢١٦ ، المغني ١ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٨.

(٤) المغني ١ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٨.

(٥) الفقيه ١ : ١٨٨ / ٨٩٦ ، التهذيب ٢ : ٥٣ / ١٨١.

(٦) المغني ١ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٩.

(٧) اُنظر المجموع ٣ : ١٠٠ وفيه : انه لا يعتبر مطلقاً.

٦٦

مسألة ١٧٤ : ويعتد بأذان العبد إجماعا‌ لأن الألفاظ الدالة على الحث على الأذان عامة تتناول العبد كما تتناول الحر ، ولأنه يصح أن يكون إماماً فجاز أن يؤذّن ، والأقرب : اشتراط إذن مولاه ؛ إذ له منعه من العبادات المندوبة ، والأذان مندوب.

والمدبّر ، وأم الولد كالقن ، أمّا المكاتب فيحتمل مشاركته ؛ إذ ليس له التصرف في نفسه إلّا بالاكتساب ، والجواز لانقطاع ولاية المولى عنه.

مسألة ١٧٥ : ويستحب أن يكون عدلاً بالإِجماع‌ ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يؤذن لكم خياركم )(١) ولأنّه مُخبر عن الوقت فيكون عدلاً ليقبل إخباره ، ولأنه لا يؤمن من اطلاعه على العورات ، ويعتدّ بأذان مستور الحال إجماعاً لعدم العلم بفسقه.

وهل يعتد بأذان الفاسق؟ قال به علماؤنا ، والشافعي ، وعطاء ، والشعبي ، وابن أبي ليلى ، وأحمد في رواية ؛ لأنّه ذكر بالغ فاعتدّ بأذانه كالعدل ، وفي الاُخرى : لا يعتد به لأنّه شرّع للإِعلام ولا يحصل بقوله ؛ وشرع الإِعلام لا يقتضيه بل يقتضي النظر في الدخول وعدمه(٢) .

وهل يصح أذان السكران؟ الأقرب نعم إن كان محصلاً - وبه قال الشافعي(٣) - أما لو كان مخبطاً فالوجه عدم صحته كالمجنون ، وللشافعي وجهان(٤) .

وأما الملحن فلا يصح أذانه ، لأنّه معصية فلا يكون مأموراً به فلا يكون مجزياً عن المشروع ، وكان لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مؤذّن يطرب ، فقال‌

____________________

(١) سنن أبي داود ١ : ١٦١ / ٥٩٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٢٤٠ / ٧٢٦.

(٢) المجموع ٣ : ١٠١ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٨ ، المغني ١ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٩.

(٣) المجموع ٣ : ١٠٠ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٩ ، حاشية إعانة الطالبين ١ : ٢٣١.

(٤) المجموع ٣ : ١٠٠ ، فتح العزيز ٣ : ١٨٩.

٦٧

رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إنَّ الأذان سهل سمح ، فإن كان أذانك سهلاً سمحاً وإلّا فلا تؤذن )(١) وعن أحمد روايتان ، إحداهما : الجواز ؛ لحصول المقصود منه فكان كغير الملحن(٢) والفرق ظاهر للنهي عن الأول.

مسألة ١٧٦ : يستحب أن يكون بصيراً إجماعاً‌ فإن الأعمى لا يعرف الوقت فإن أذن صح فإن ابن اُمّ مكتوم كان يؤذّن للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وكان يؤذن بعد بلال(٣) ، فتزول الكراهة إن تقدمه أذان بصير ، أو كان معه بصير عارف بالوقت.

وينبغي أن يكون المؤذن بصيراً بالأوقات لئلّا يغلط فيقدم الأذان على وقته أو يؤخره فإن أذن الجاهل صحّ كالأعمى إذا سدده غيره.

ويستحب أن يكون صيّتاً لعموم النفع به ، فإن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لعبد الله بن زيد : ( ألقه على بلال فإنّه أندى منك صوتاً )(٤) أي أرفع ، ويستحب أن يكون حسن الصوت لأنّه أرق لسماعة.

مسألة ١٧٧ : يستحب أن يكون متطهراً إجماعاً ، قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( حقّ وسنّة أن لا يؤذن واحد إلّا وهو طاهر )(٥) ولأنه يستحب أن يصلّي عقيب الأذان ركعتين.

فإن أذّن جُنباً أو مُحدثاً أجزأه - وبه قال أكثر العلماء(٦) - لأن قوله عليه‌

____________________

(١) سنن الدارقطني ١ : ٢٣٩ / ١١.

(٢) المغني ١ : ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٩ ، كشاف القناع ١ : ٢٤٥ ، زاد المستقنع : ١٠.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٢٨٧ / ٣٨١ ، سنن أبي داود ١ : ١٤٧ / ٥٣٥.

(٤) سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٢ / ٧٠٦ ، سنن الدارمي ١ : ٢٦٩ ، سنن ابي داود ١ : ١٣٥ / ٤٩٩ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩١.

(٥) سنن البيهقي ١ : ٣٩٧.

(٦) المغني ١ : ٤٥٨ - ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٦.

٦٨

السلام : ( حق وسنّة )(١) يعطي الندب.

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن تؤذّن وأنت على غير طهور ، ولا تقيم إلّا وأنت على وضوء »(٢) .

وعن عليعليه‌السلام : « ولا بأس أن يؤذّن المؤذّن وهو جنب ، ولا يقيم حتى يغتسل »(٣) .

وقال أحمد ، وإسحاق بن راهويه : لا يعتدّ بأذان غير المتطهر ؛ لأنّه ذِكْر يتقدم الصلاة فافتقر الى الطهارة كالخطبة(٤) .

ونمنع الأصل ، ويفرّق بوجوبها وإقامتها مقام الركعتين.

إذا ثبت هذا فإذا أذّن الجنب لم يقف في المسجد فإن أذّن فيه مقيماً فالوجه عدم الاعتداد به للنهي ، واستحباب الطهارة من الجنابة آكد من الحدث.

فروع :

أ - لو أحدث في حال(٥) الأذان‌ تطهر وبنى.

ب - الطهارة في الإِقامة أشد لأنّها أقرب الى الصلاة‌ ، والإِقامة مع الجنابة أشدّ كراهة من الحدث ، وليست شرطاً فيها - وبه قال الشافعي(٦) - لأن الأصل الجواز.

____________________

(١) سنن البيهقي ١ : ٣٩٢ و ٣٩٧.

(٢) التهذيب ٢ : ٥٣ / ١٧٩.

(٣) الفقيه ١ : ١٨٨ - ٨٩٦ ، التهذيب ٢ : ٥٣ / ١٨١.

(٤) المغني ١ : ٤٥٨ - ٤٥٩ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٦ ، المجموع ٣ : ١٠٥.

(٥) في نسخة ( م ) : خلال.

(٦) المجموع ٣ : ١٠٤ ، فتح العزيز ٣ : ١٩١ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٨.

٦٩

وقال المرتضى : الطهارة شرط في الإِقامة(١) لقول الصادقعليه‌السلام : « ولا تقيم إلّا وأنت على وضوء »(٢) .

ج - لو أحدث في خلال الإِقامة‌ استحب له استئنافها.

مسألة ١٧٨ : يستحب أن يكون مستقبل القبلة حال الأذان‌ بإجماع العلماء لأنّ مؤذّني رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله كانوا يستقبلون القبلة(٣) ، وقالعليه‌السلام : ( خير المجالس ما استقبل به القبلة )(٤) فإن أذّن غير مستقبل جاز إجماعاً لحصول المقصود.

فروع :

أ - الاستقبال في الإِقامة أشدّ‌ ، وأوجبه المرتضى(٥) ، وهو ممنوع للأصل.

ب - يكره الالتفات به يميناً وشمالاً سواء كان في المأذنة أو على الأرض - عند علمائنا - في شي‌ء من فصوله - وبه قال ابن سيرين(٦) - لأنه ذكر مشروع يتقدم الصلاة فلا يستحب فيه الالتفات كالخطبة ، ولمنافاته الاستقبال.

وقال الشافعي : يستحب للمؤذّن أن يلتوي في قوله : حيّ على الصلاة ، حيّ على الفلاح ، برأسه وعنقه ، ولا يدير بدنه سواء كان في‌

____________________

(١) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٣٠.

(٢) التهذيب ٢ : ٥٣ / ١٧٩.

(٣) المغني ١ : ٤٧٢ ، كشاف القناع ١ : ٢٣٩.

(٤) الغايات : ٨٧ والكامل لابن عدي ٢ : ٧٨٥ ، كنز العمال ٩ : ١٣٩ / ٢٥٤٠١ و ١٤٠ - ٢٥٤٠٣.

(٥) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٣٠.

(٦) المجموع ٣ : ١٠٧.

٧٠

المأذنة أو لا(١) ، لأن بلالاً أذّن ولوى عنقه يميناً وشمالاً عند الحيّعلتين(٢) . وفعله ليس حجة.

وقال أحمد : إن كان على المنارة فعل ذلك وإلّا فلا(٣) . وقال أبو حنيفة : إن كان فوق المنارة استدار بجميع بدنه ، وإن كان على الأرض لوى عنقه ؛ لأنّ بلالاً دار في المأذنة(٤) . وفعله ليس حجة.

ج - يستحب أن يضع إصبعيه في اُذنيه حالة الأذان‌ - وبه قال الشافعي(٥) - لأن بلالاً وضع يديه في أُذنيه(٦) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « السنّة أن تضع إصبعيك في أذنيك في الأذان »(٧) .

وقال أحمد : يستحب أن يجعل أصابعه مضمومة على اُذنيه(٨) .

مسألة ١٧٩ : ويستحب أن يكون قائماً إجماعاً‌ ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( يا بلال قم فناد بالصلاة )(٩) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « لا يؤذّن جالساً إلّا راكب‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ١٠٧ ، الوجيز ١ : ٣٦ ، فتح العزيز ٣ : ١٧٥ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٤.

(٢) سنن أبي داود ١ : ١٤٤ / ٥٢٠ ، سنن البيهقي ١ : ٣٩٥.

(٣) المغني ١ : ٤٧٣ ، كشاف القناع ١ : ٢٤٠ ، الإِنصاف ١ : ٤١٦ ، المحرر في الفقه ١ : ٣٨.

(٤) شرح فتح القدير ١ : ٢١٣ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٩ ، اللباب ١ : ٦٠ ، حلية العلماء ٢ : ٣٨.

(٥) المجموع ٣ : ١٠٨ ، فتح العزيز ٣ : ١٩٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٤.

(٦) سنن ابن ماجة ١ : ٢٣٦ - ٧١١ ، سنن الترمذي ١ : ٣٧٥ - ١٩٧ ، مسند أحمد ٤ : ٣٠٨.

(٧) الفقيه ١ : ١٨٤ / ٨٧٣ ، التهذيب ٢ : ٢٨٤ / ١١٣٥.

(٨) المغني ١ : ٤٦٨ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٨ ، الإِنصاف ١ : ٤١٧ ، النكت والفوائد السنيّة ١ : ٣٨.

(٩) صحيح مسلم ١ : ٢٨٥ / ٣٧٧ ، سنن النسائي ٢ : ٣ ، سنن الترمذي ١ : ٣٦٣ / ١٩٠.

٧١

أو مريض »(١) ولأنه أبلغ لصوته.

وأن يكون على مرتفع إجماعاً ، لأنه أبلغ لصوته ، ولقول الصادقعليه‌السلام : « كان طول حائط مسجد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله قامة فكانعليه‌السلام يقول لبلال إذا دخل الوقت : يا بلال اُعْلُ فوق الجدار وارفعِ صوتك بالأذان فإن الله تعالى قد وكّل بالأذان ريحاً ترفعه الى السماء ، فإنّ الملائكة إذا سمعوا الأذان من أهل الأرض قالوا : هذه أصوات اُمّة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله بتوحيد الله عزّ وجلّ ، ويستغفرون لاُمّة محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله حتى يفرغوا من تلك الصلاة »(٢) .

قال الشيخ : يكره الأذان في الصومعة(٣) . وسأل علي بن جعفر أخاه موسىعليه‌السلام عن الأذان في المنارة أسنة هو؟ فقال : « إنما كان يؤذّن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله في الأرض ولم يكن يومئذٍ منارة »(٤) .

فروع :

أ - يجوز أن يؤذّن جالساً إجماعاً ؛ لأنّ الأذان غير واجب فلا تجب هيئته ، ولقول محمد بن مسلم قلت : يؤذّن الرجل وهو قاعد؟ قال : « نعم »(٥) .

ب - القيام في الإِقامة أشد استحباباً ؛ لقول العبد الصالحعليه‌السلام : « ولا يقيم إلّا وهو قائم»(٦) .

ج - يجوز أن يؤذّن راكباً وماشياً ، وتركه أفضل‌ ، ويتأكد في الإِقامة‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٥٧ / ١٩٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠٢ / ١١٢٠.

(٢) الكافي ٣ : ٣٠٧ / ٣١ ، التهذيب ٢ : ٥٨ / ٢٠٦ ، المحاسن : ٤٨ / ٦٧.

(٣) المبسوط للطوسي ١ : ٩٦.

(٤) التهذيب ٢ : ٢٨٤ / ١١٣٤.

(٥) التهذيب ٢ : ٥٦ / ١٩٤ ، الاستبصار ١ : ٣٠٢ / ١١١٨.

(٦) التهذيب ٢ : ٥٦ / ١٩٥ ، الاستبصار ١ : ٣٠٢ / ١١١٩.

٧٢

لقول الصادقعليه‌السلام : « لا بأس أن يؤذن راكباً ، أو ماشياً ، أو على غير وضوء ولا تقيم وأنت راكب ، أو جالس إلّا من علّة ، أو تكون في أرض ملصَّة »(١) .

د - يستحب له أن يستقبل القبلة حال تشهده‌ ؛ لقول أحدهماعليهما‌السلام وقد سُئل عن الرجل يؤذّن وهو يمشي وعلى ظهر دابته وعلى غير طهور فقال : « نعم إذا كان التشهد مستقبل القبلة فلا بأس »(٢) .

ه- لا بأس أن يقيم وهو ماش إلى الصلاة‌ ، لأن الصادقعليه‌السلام سُئل اؤذن وأنا راكب؟ فقال : « نعم » فقلت : فأقيم وأنا راكب؟ فقال : « لا » فقلت : فأقيم وأنا ماش؟ فقال : « نعم ماش الى الصلاة » قال : ثم قال لي : « إذا أقمت فأقم مترسلاً فإنك في الصلاة » فقلت له : قد سألتك أقيم وأنا ماش فقلت لي : نعم ، أفيجوز أن أمشي في الصلاة؟ قال : « نعم إذا دخلت من باب المسجد فكبرت وأنت مع إمام عادل ثم مشيت إلى الصلاة أجزأك ذلك »(٣) .

مسألة ١٨٠ : لا يختص الأذان بقبيل بل يستحب لمن جمع الصفات‌ عند علمائنا لتواتر الأخبار على الحث عليه مطلقاً ، فلا يتقيد إلّا بدليل.

وقال الشافعي : اُحب أن يجعل الأذان إلى أولاد المؤذنين في عهد النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله كأولاد أبي محذورة ، وسعد القرظ ، فإن انقرضوا ففي أولاد أحد الصحابة(٤) .

فإن تشاح اثنان(٥) في الأذان قال الشيخ : يقرع(٦) لقول النبيّ صلّى الله‌

____________________

(١) الفقيه ١ : ١٨٣ - ٨٦٨ ، التهذيب ٢ : ٥٦ / ١٩٢.

(٢) الفقيه ١ : ١٨٥ / ٨٧٨ ، التهذيب ٢ : ٥٦ / ١٩٦.

(٣) التهذيب ٢ : ٥٧ / ١٩٨.

(٤) المجموع ٣ : ١٠٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٤.

(٥) في « ش » : نفسان. بدل اثنان.

(٦) المبسوط للطوسي ١ : ٩٨.

٧٣

عليه وآله : ( لو يعلم الناس ما في الأذان والصف الأول ثم لم يجدوا إلّا أن يستهموا عليه لفعلوا )(١) فدل على جواز الاستهام فيه.

وهذا القول جيّد مع فرض التساوي في الصفات المعتبرة في التأذين ، وإن لم يتساووا قدم من كان أعلا صوتاً ، وأبلغ في معرفة الوقت ، وأشد محافظة عليه ، ومن يرتضيه الجيران ، وأعف عن النظر.

فروع :

أ - يجوز أن يؤذّن جماعةٌ في وقت واحد‌ ، كلّ واحد في زاوية عملاً باستحباب عموم الأذان ، وانتفاء المانع ، وظاهر كلام الشافعي ذلك(٢) ، وفي قول بعض أصحابه : لا يتجاوز أربعة ، لأنّ عثمان اتخذ أربعة مؤذنين(٣) ، ولا مانع فيه من الزيادة.

ب - قال الشيخ في المبسوط : إذا كانوا اثنين جاز أن يؤذنوا في موضع واحد‌

فإنه أذان واحد ، فأما إذا أذن واحد بعد الآخر فليس ذلك بمسنون(٤) وهو جيد ، لما فيه من تأخير الصلاة عن وقتها ، نعم لو احتيج الى ذلك لانتظار الإِمام ، أو كثرة المأمومين فالوجه الجواز.

ج - يكره التراسل‌ وهو أن يبني أحدهما على فصول الآخر.

د - لا ينبغي أن يسبق المؤذن الراتب بل يؤذن بعده‌ ، لأنّ أبا محذورة ، وبلالاً لم يسبقهما أحد فيه.

ه- يجوز أن يؤذن واحد ويقيم غيره‌ - وبه قال أبو حنيفة ، ومالك(٥) - لأن‌

____________________

(١) صحيح البخاري ١ : ١٥٩ ، صحيح مسلم ١ : ٣٢٥ / ٤٣٧ ، سنن النسائي ٢ : ٢٣ ، الجامع الصغير ٢ : ٤٤٠ / ٧٥٠٢.

(٢) المجموع ٣ : ١٢٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٩٩.

(٣) المجموع ٣ : ١٢٣ ، فتح العزيز ٣ : ١٩٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٦ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٥.

(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٩٨.

(٥) بدائع الصنائع ١ : ١٥١ ، المنتقى للباجي ١ : ١٣٨ ، القوانين الفقهية : ٥٤ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٧٨ ، المجموع ٣ : ١٢٢ ، المغني ١ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٨.

٧٤

بلالاً أذّن ، وأقام عبد الله بن زيد(١) .

ومن طريق الخاصة ما روي أنّ الصادقعليه‌السلام كان يقيم بعد أذان غيره ، ويؤذّن ويقيم غيره(٢) .

وقال الشافعي ، وأحمد ، والثوري ، والليث ، وأبو حنيفة في رواية : يستحب أن يتولاهما الواحد لأنهما فصلان من الذكر يتقدمان الصلاة فيسن أن يتولاهما الواحد كالخطبتين(٣) . والفرق ظاهر.

و - يجوز أن يفارق موضع أذانه ثم يقيم‌ عملا بالأصل ، ولأن الأذان يستحب في المواضع المرتفعة ، والإِقامة في موضع الصلاة. وقال أحمد : يستحب أن يقيم موضع أذانه ولم يبلغني فيه شي‌ء(٤) . وإذا لم يبلغه فيه شي‌ء كيف يصير إلى ما ذهب إليه؟!

ز - لا يقيم حتى يأذن له الإمام‌ ، لأن علياًعليه‌السلام قال : « المؤذن أملك بالأذان ، والإمام أملك بالإِقامة »(٥) .

ح - قال الشيخ : إذا أذن في مسجد جماعة دفعة لصلاة بعينها كان ذلك كافياً لكلّ من يصلّي تلك الصلاة في ذلك المسجد‌ ، ويجوز أن يؤذن ويقيم‌

____________________

(١) سنن أبي داود ١ : ١٤٢ / ٥١٢.

(٢) الكافي ٣ : ٣٠٦ / ٢٥ ، التهذيب ٢ : ٢٨١ - ١١١٧.

(٣) المجموع ٣ : ١٢٢ ، المهذّب للشيرازي ١ : ٦٦ ، المغني ٢ : ٤٦٠ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٨ ، بدائع الصنائع ١ : ١٥١.

(٤) المغني ١ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٣٩ ، الانصاف ١ : ٤١٨ ، كشاف القناع ١ : ٢٣٩.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٤١٤.

٧٥

فيما بينه وبين نفسه(١) .

ط - يكره أذان اللّاحن لأنّه ربما غيَّر المعنى‌ ، فإذا نصب ( رسول الله ) أخرجه عن الخبريّة ، ولا يمدّ ( أكبر ) لأنه يصير جمع كبر وهو الطبل(٢) ولا يسقط الهاء من اسمه تعالى ، واسم الصلاة ، ولا الحاء من الفلاح ، قالعليه‌السلام : ( لا يؤذن لكم من يدغم الهاء ) قلنا : وكيف يقول؟ قال : يقول : ( أشهد أن لا إله إلّا الله ، أشهد أنّ محمداً رسول الله )(٣) .

وإن كان ألثغ غير متفاحش جاز أن يؤذن ، فإن بلالاً كان يجعل الشين سينا.

البحث الرابع : في الأحكام‌

مسألة ١٨١ : الأذان والإِقامة مستحبان في جميع الفرائض اليومية‌ للمنفرد والجامع على أقوى الأقوال - وبه قال الشافعي ، وأبو حنيفة(٤) - لأنّ عبد الله بن عمر صلّى بغير أذان ولا إقامة(٥) .

ومن طريق الخاصة ما تقدم في حديث الباقرعليه‌السلام حيث صلّى لمـّا سمع مجتازاً أذان الصادقعليه‌السلام (٦) .

ولأن الأصل عدم الوجوب. ولأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال‌

____________________

(١) المبسوط للطوسي ١ : ٩٨.

(٢) المصباح المنير : ٥٢٤ ، مجمع البحرين ٣ : ٤٦٩ « كبر ».

(٣) حكاه ابن قدامة في المغني ١ : ٤٧٩ عن الدارقطني في الافراد.

(٤) المجموع ٣ : ٨٢ ، فتح العزيز ٣ : ١٣٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٣ ، بدائع الصنائع ١ : ١٤٧ ، اللباب ١ : ٥٩ ، المغني ١ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٢٥ ، بداية المجتهد ١ : ١٠٧ ، نيل الأوطار ٢ : ١٠.

(٥) نسب ذلك الى عبد الله بن مسعود ، اُنظر مصنف ابن أبي شيبة ١ : ٢٢٠ ، صحيح مسلم ١ : ٣٧٨ / ٥٣٤ ، سنن البيهقي ١ : ٤٠٦ ، سنن النسائي ٢ : ٤٩ - ٥٠.

(٦) التهذيب ٢ : ٢٨٠ / ١١١٣.

٧٦

للأعرابي المسي‌ء في صلاته : ( إذا أردت صلاة فأحسن الوضوء ثم استقبل القبلة فكبّر )(١) ولم يأمره بالأذان.

وقال السيد المرتضى ، وابن أبي عقيل : بوجوب الأذان والإِقامة في الغداة والمغرب(٢) لقول الصادقعليه‌السلام : « لا تصلِّ الغداة والمغرب إلّا بأذان وإقامة »(٣) وهو محمول على الاستحباب ، ومعارض بقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الإِقامة بغير أذان في المغرب فقال : « ليس به بأس وما اُحب يعتاد »(٤) .

وقال السيد : يجبان فيهما سفراً وحضراً(٥) . وهو ممنوع ؛ لقول الصادقعليه‌السلام وقد سئل عن الرجل هل يجزيه في السفر والحضر إقامة ليس معها أذان؟ : « نعم لا بأس به »(٦) .

وقال السيد المرتضى ، وابن أبي عقيل : تجب الإِقامة على الرجال في جميع الصلوات(٧) لقول الصادقعليه‌السلام : « يجزئك إذا خلوت في بيتك إقامة واحدة بغير أذان »(٨) ومفهوم الإِجزاء الوجوب. وهو ممنوع فإن الإِجزاء كما يأتي في الصحة يأتي في الفضيلة.

وقال الشيخان ، والمرتضى : يجبان في صلاة الجماعة(٩) لقول‌

____________________

(١) سنن البيهقي ٢ : ٣٧٢ - ٣٧٣.

(٢) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٢٩ ، وحكى قول ابن أبي عقيل المحقق في المعتبر : ١٦٢.

(٣) التهذيب ٢ : ٥١ / ١٦٧ ، الاستبصار ١ : ٢٩٩ / ١١٠٦.

(٤) التهذيب ٢ : ٥١ / ١٦٩ ، الاستبصار ١ : ٣٠٠ / ١١٠٨.

(٥) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٢٩.

(٦) التهذيب ٢ : ٥٢ / ١٧١.

(٧) جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٢٩ ، وحكى قول ابن أبي عقيل المحقق في المعتبر : ١٦٢.

(٨) التهذيب ٢ : ٥٠ / ١٦٦.

(٩) المقنعة : ١٥ ، المبسوط للطوسي ١ : ٩٥ ، جمل العلم والعمل ( ضمن رسائل الشريف المرتضى ) ٣ : ٢٩.

٧٧

أحدهماعليهما‌السلام : « إن صليت جماعة لم يجزئ إلاّ أذان وإقامة »(١) وهو محمول على شدة الاستحباب ، وللشيخ قول في الخلاف : أنّهما مستحبان في الجماعة أيضاً ، واستدل بأصالة براءة الذمة(٢) ، وبه قال الشافعي(٣) ، وهو الحق عندي.

وقال أبو سعيد الإِصطخري من الشافعية : بأنّ الأذان من فروض الكفاية ، فإن وقع في قرية كفى الواحد ، وفي البلد يجب في كلّ محلّة ، وإن اتفق أهل بلد على تركه قاتلهم الإِمام(٤) .

وقال داود بوجوب الأذان والإِقامة على الأعيان إلّا أنهما ليسا بشرط في الصلاة(٥) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لمالك بن الحويرث ولصاحبه ( إذا سافرتما فأذّنا وأقيما وليؤمكما أكبركما )(٦) والأمر للوجوب. وهو ممنوع.

وقال أحمد : إنّه فرض على الكفاية(٧) . وقال الأوزاعي : من نسي الأذان أعاد في الوقت(٨) ، وقال عطاء : من نسي الإِقامة أعاد الصلاة(٩) .

مسألة ١٨٢ : لا يجوز الأذان قبل دخول الوقت‌ في غير الصبح بإجماع علماء الإِسلام ، لأنّه وضع للإِعلام بدخول الوقت فلا يقع قبله.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٠٣ / ٩ ، التهذيب ٢ : ٥٠ / ١٦٣ ، الاستبصار ١ : ٢٩٩ / ١١٠٥.

(٢) الخلاف ١ : ٢٨٤ مسألة ٢٨.

(٣) المجموع ٣ : ٨٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٢ ، فتح العزيز ٣ : ١٣٥ ، عمدة القارئ ٥ : ١٠٥.

(٤) المجموع ٣ : ٨١ - ٨٢ ، فتح العزيز ٣ : ١٣٩.

(٥) المجموع ٣ : ٨٢ ، حلية العلماء ٢ : ٣١.

(٦) سنن النسائي ٢ : ٩ ، سنن الترمذي ١ : ٣٩٩ / ٢٠٥ ، مسند أحمد ٣ : ٤٣٦.

(٧) المغني ١ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٢٤ ، الإِنصاف ١ : ٤٠٧ ، المحرر في الفقه ١ : ٣٩ ، المجموع ٣ : ٨٢ ، فتح العزيز ٣ : ١٤٠.

(٨) المغني ١ : ٤٦١ ، المجموع ٣ : ٨٢.

(٩) المجموع ٣ : ٨٢ ، المغني ١ : ٤٦١ ، الشرح الكبير ١ : ٤٢٥.

٧٨

أمّا في صلاة الصبح فيجوز تقديمه رخصة لكن يعاد بعد طلوعه - وبه قال الشافعي ، ومالك ، والأوزاعي ، وأحمد ، وإسحاق ، وأبو ثور ، وداود ، وأبو يوسف(١) - لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم )(٢) .

ومن طريق الخاصة مثل ذلك رواه الصدوق ، إلّا أنه قال : « إن ابن اُم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال » قال : وكان ابن أم مكتوم يؤذن قبل الفجر وبلال بعده ، فغيّرت العامة النقل(٣) .

وقول الصادقعليه‌السلام وقد قال له ابن سنان : إن لنا مؤذناً يؤذن بليل : « إن ذلك ينفع الجيران لقيامهم الى الصلاة ، وأما السنّة فإنه ينادي من طلوع الفجر »(٤) . ولأن فيه تنبيهاً للنائمين ، ومنعاً للصائمين عن التناول ، واحتياطهم في الوقت.

وقال أبو حنيفة ، والثوري : لا يجوز إلّا بعد طلوع الفجر(٥) لأن النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله قال لبلال : ( لا تؤذن حتى يستبين لك الفجر )(٦) ، ولأنّها صلاة فلا يقدم أذانها كغيرها من الصلوات.

ويحتمل أنّهعليه‌السلام أراد الأذان الثاني ، وهذه الصلاة تخالف سائر‌

____________________

(١) المجموع ٣ : ٨٩ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٢ ، أقرب المسالك : ١٣ ، بلغة السالك ١ : ٩٢ ، بداية المجتهد ١ : ١٠٧ ، المغني ١ : ٤٥٥ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٤ ، بدائع الصنائع ١ : ١٥٤.

(٢) صحيح البخاري ١ : ١٦٠ ، سنن الترمذي ١ : ٣٩٤ / ٢٠٣ ، مسند أحمد ٢ : ٩ و ٥٧ و ٦ : ٤٤ و ٥٤.

(٣) الفقيه ١ : ١٩٤ / ٩٠٥.

(٤) التهذيب ٢ : ٥٣ / ١٧٧.

(٥) المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٥ ، بدائع الصنائع ١ : ١٥٤ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٧١ ، المجموع ٣ : ٨٩ ، المغني ١ : ٤٥٥ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤١ ، نيل الأوطار ٢ : ٣٢.

(٦) سنن أبي داود ١ : ١٤٧ - ٥٣٤ ، كنز العمال ٧ : ٦٩٣ / ٢٠٩٥٩ و ٦٩٦ / ٢٠٩٧٥.

٧٩

الصلوات لدخول وقتها والناس نيام.

واستحب علماؤنا إعادته بعد الفجر ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « وأما السنّة فإنه ينادى من طلوع الفجر »(١) ولأن الأول يعلم به قرب الوقت ، والثاني دخوله ، لئلّا يتوهم بذلك طلوع الفجر.

فروع :

أ - لا ينبغي تقديمه بزمان طويل لئلّا يفوت المقصود منه‌ وهو الاستعداد للصلاة طلباً لفضيلة أول الوقت ، وقد روي أن بين أذان بلال وابن اُم مكتوم أن ينزل هذا ويصعد هذا(٢) .

وقال الشافعي : يجوز بعد نصف الليل ، وبه قال أحمد(٣) .

ب - لا يشترط أن يكون معه مؤذن آخر‌ بل لو كان المؤذن واحداً استحب له إعادته بعد الفجر ، وإن أراد الاقتصار على المرة أذّن بعده ، وقال أحمد : يشترط كبلال وابن اُم مكتوم(٤) . وهو اتفاقي.

ج - ينبغي أن يجعل المقدم أذانه في وقت واحد‌ ليعلم الناس عادته فيعرفوا الوقت بأذانه.

د - لا يكره قبل الفجر في رمضان‌ لأنّ بلالاً كان يفعل ذلك(٥) ، وقال‌

____________________

(١) التهذيب ٢ : ٥٣ - ١٧٧.

(٢) مسند الطيالسي : ٢٣١ / ١٦٦١.

(٣) المجموع ٣ : ٨٨ ، المهذب للشيرازي ١ : ٦٢ ، مغني المحتاج ١ : ١٣٩ ، المغني ١ : ٤٥٧ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٣ ، الإِنصاف ١ : ٤٢٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٣٤.

(٤) المغني ١ : ٤٥٦ ، الشرح الكبير ١ : ٤٤٣ ، الإِنصاف ١ : ٤٢٠.

(٥) صحيح البخاري ١ : ١٦٠ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٦٨ / ١٠٩٢ ، سنن النسائي ٢ : ١٠ ، سنن الترمذي ١ : ٣٩٢ / ٢٠٣. مسند الطيالسي : ٢٣١ / ١٦٦١ ، مسند أبي عوانة ١ : ٣٧٣ ، مسند أحمد ٢ : ٩ و ٥٧ ، سنن البيهقي ١ : ٤٢٧ ، المحرر في الحديث ١ : ١٦٩ / ١٩٠.

٨٠