تذكرة الفقهاء الجزء ٤

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473
المشاهدات: 205809
تحميل: 6408


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 473 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 205809 / تحميل: 6408
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 4

مؤلف:
ISBN: 964-5503-44-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

بالقراءة »(١) .

وقال بعض علمائنا : لا يجهر في الظهر جماعة أيضاً(٢) ، لأنّ جميلاً سأل الصادقعليه‌السلام عن الجماعة يوم الجمعة في السفر ، قال : « تصنعون كما تصنعون في غير يوم الجمعة في الظهر ، ولا يجهر الإِمام ، إنّما يجهر إذا كانت خطبة »(٣) والعمل بهذه أحوط.

مسألة ٤٢٤ : تستحب الزينة يوم الجمعة بحلق الرأس‌ إن كان من عادته ، وإلّا غسله بالخطمي ، وقصّ الأظفار ، وأخذ الشارب ، والتطيّب ، ولبس أفضل الثياب ، والسعي على سكينة ووقار ، والغسل مقدّماً على الصلاة.

قال الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى( خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) (٤) قال : « في العيدين والجمعة »(٥) .

وقالعليه‌السلام : « ليتزيّن أحدكم يوم الجمعة ، ويتطيّب ، ويسرّح لحيته ، ويلبس أنظف ثيابه ، وليتهيّأ للجمعة ، ويكون عليه في ذلك اليوم السكينة والوقار »(٦) .

ويستحب له ترك الركوب مع القدرة ، لأنّ النبيعليه‌السلام ما ركب في عيد ولا جنازة قطّ(٧) . والجمعة أولى ، إلّا أنّه لم ينقل فيها قول عنهعليه‌السلام ، لأنّ باب حجرته في المسجد.

ويستحب السواك ، وقطع الروائح الكريهة ، لئلّا يؤذي من يقاربه.

____________________

(١) التهذيب ٣ : ١٥ / ٥١ ، الاستبصار ١ : ٤١٦ / ١٥٩٥.

(٢) هو ابن إدريس في السرائر : ٦٥.

(٣) التهذيب ٣ : ١٥ / ٥٣ ، الاستبصار ١ : ٤١٦ / ١٥٩٧.

(٤) الأعراف : ٣١.

(٥) الكافي ٣ : ٤٢٤ / ٨ ، التهذيب ٣ : ٢٤١ / ٦٤٧.

(٦) الكافي ٣ : ٤١٧ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٠ / ٣٢ ، الفقيه ١ : ٦٤ / ٢٤٤.

(٧) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ١٤٨ ، والشرح الكبير ٢ : ٢٠٥.

١٠١

وأفضل الثياب البيض ، لقولهعليه‌السلام : « أحب الثياب إلى الله تعالى البيض ، يلبسها أحياؤكم ، ويكفّن فيها موتاكم »(١) .

وينبغي للإِمام الزيادة في التجمّل ، لأنّه المنظور إليه ، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يعتمّ ويرتدي ، ويخرج في الجمعة والعيدين على أحسن هيئة(٢) .

مسألة ٤٢٥ : تستحب المباكرة إلى الجامع‌ - خلافاً لمالك ، فإنّه أنكر استحباب السعي قبل النداء(٣) - لقولهعليه‌السلام : ( من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنّما قرّب بدنة ، ومن راح في الساعة الثانية فكأنّما قرّب بقرة ، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنّما قرّب كبشاً أقرن ، ومن راح في الساعة الرابعة فكأنّما قرّب دجاجة ، ومن راح في الساعة الخامسة فكأنّما قرّب بيضة ، فإذا خرج الإِمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر )(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إنّ الجنان لتزخرف وتزيّن يوم الجمعة لمن أتاها ، وإنّكم تتسابقون إلى الجنّة على قدر سبقكم إلى الجمعة ، وإنّ أبواب الجنة لتفتح لصعود أعمال العباد »(٥) .

ولما فيه من المسارعة إلى الطاعات ، والتفرّغ للعبادة في المسجد الأعظم.

____________________

(١) مصنف عبد الرزاق ٣ : ٤٢٩ / ١٦٩٨ ( نحوه ).

(٢) اُنظر : سنن البيهقي ٣ : ٢٤٦ و ٢٤٧.

(٣) التفريع ١ : ٢٣١ ، المغني ٢ : ١٤٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٠٣.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٥٨٢ / ٨٥٠ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٧٢ / ٤٩٩ ، سنن أبي داود ١ : ٩٦ / ٣٥١ ، سنن النسائي ٣ : ٩٩ ، الموطأ ١ : ١٠١ / ١.

(٥) الكافي ٣ : ٤١٥ / ٩ ، التهذيب ٣ : ٣ - ٤ / ٦.

١٠٢

فروع :

أ : المراد بالساعة الْاُولى هنا بعد الفجر‌ ، لما فيه من المبادرة إلى الجامع المرغَّب فيه وإيقاع صلاة الصبح فيه ، ولأنّه أول النهار ، وهو قول بعض الشافعية(١) .

وقال بعضهم : بعد طلوع الشمس ، لأنّ أهل الحساب يعدّون أول النهار طلوع الشمس(٢) .

ب : يستحب الدعاء أمام التوجّه‌ ، لقول الباقرعليه‌السلام لأبي حمزة الثمالي : « ادع في العيدين ويوم الجمعة إذا تهيَّأت للخروج بهذا الدعاء : اللّهم من تهيّأ وتعبّأ »(٣) إلى آخره.

ج : قال الشيخ في الخلاف : الوقت الذي يرجى استجابة الدعاء فيه : ما بين فراغ الإِمام من الخطبة إلى أن يستوي الناس في الصفوف‌ ، لقول الصادقعليه‌السلام : « الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة ما بين فراغ الإِمام من الخطبة إلى أن يستوي الناس في الصفوف »(٤) .

وقال الشافعي : هو آخر النهار عند غروب الشمس(٥) .

وفي رواية لنا : استجابة الدعاء في الساعتين معاً عن الصادقعليه‌السلام - في الصحيح - قال : « الساعة التي يستجاب فيها الدعاء يوم الجمعة ما بين فراغ الإِمام من الخطبة إلى أن يستوي الناس في الصفوف ، وساعة اُخرى من آخر النهار إلى غروب الشمس »(٦) .

____________________

(١ و ٢ ) المجموع ٤ : ٥٤٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢١.

(٣) التهذيب ٣ : ١٤٢ / ٣١٦.

(٤) الكافي ٣ : ٤١٤ / ٤ ، التهذيب ٣ : ٢٣٥ / ٦١٩.

(٥) الخلاف ١ : ٦١٧ ، المسألة ٣٨٥ ، وراجع : المجموع ٤ : ٥٤١ و ٥٤٩.

(٦) الكافي ٣ : ٤١٤ / ٤ ، التهذيب ٣ : ٢٣٥ / ٦١٩‌

١٠٣

د : يستحب الإِكثار من الصلاة على النبي وآلهعليهم‌السلام ‌ ، لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( أقربكم منّي في الجنّة أكثركم صلاةً عليَّ ، فأكثروا الصلاة عليَّ في الليلة الغرّاء واليوم الأزهر )(١) .

قال الصادقعليه‌السلام عن يوم الجمعة وليلتها : « ليلتها ليلة غرّاء ، ويومها يوم أزهر »(٢) .

وقالعليه‌السلام : « إذا كان ليلة الجمعة نزل من السماء ملائكة بعدد الذّر في أيديهم أقلام الذهب ، وقراطيس الفضّة ، لا يكتبون إلى ليلة السبت إلّا الصلاة على محمد وعلى آل محمد ، فأكثروا منها » ثم قال : « إن من السنّة أن تصلّي على محمد وعلى أهل بيته في كلّ جمعة ألف مرة وفي سائر الأيام مائة مرة »(٣) .

ه- : يكره لغير الإِمام أن يتخطّى رقاب الناس‌ قبل ظهور الإِمام وبعده ، سواء كانت له عادة بالصلاة في موضع أو لم تكن - وبه قال عطاء وسعيد بن المسيب والشافعي وأحمد(٤) - لأنّ رجلاً جاء يتخطّى رقاب الناس والنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله يخطب ، فقال له رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( اجلس فقد آذيت )(٥) .

ولما فيه من أذى الغير.

وقال مالك : إن لم يكن الإِمام ظهر لم يكره ، وكذا إن ظهر وكان له عادة بالصلاة في موضع معيّن ، وإلّا كره(٦) .

____________________

(١) أورد نحوه البيهقي في سننه ٣ : ٢٤٩.

(٢) الكافي ٣ : ٤٢٨ - ٢.

(٣) الكافي ٣ : ٤١٦ - ١٣ ، التهذيب ٣ : ٤ - ٩.

(٤) المجموع ٤ : ٥٤٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢١ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٣ ، المغني ٢ : ٢٠٣.

(٥) سنن ابن ماجة ١ : ٣٥٤ - ١١١٥ ، سنن أبي داود ١ : ٢٩٢ - ١١١٨ ، سنن النسائي ٣ : ١٠٣.

(٦) المدونة الكبرى ١ : ١٥٩ ، المنتقى للباجي ١ : ٢٠٣ ، المجموع ٤ : ٥٤٦ - ٥٤٧.

١٠٤

و : لا يجوز له أن يقيم أحداً من مجلسه الذي سبق إليه ، لقولهعليه‌السلام : ( لا يقيم الرجلُ الرجلَ من مجلسه ثم يجلس فيه ، ولكن يقول : تفسّحوا وتوسّعوا )(١) .

ولا تكره إقامته في مواضع : إمّا بأن يجلس في مصلّى الإِمام ، أو في طريق الناس ، أو يستقبل المصلّين والموضع ضيّق عليهم ، ولو كان متسعاً تنحّوا عنه يميناً وشمالاً ، لئلّا يستقبلوه بالصلاة.

نعم إذا اعتاد إنسان القعود في موضع ، كره لغيره مزاحمته له ، كما في السوق ، ولو قام لحاجة عرضت له بنيّة العود ، فجاء غيره وقعد ، استحب للقاعد أن يقوم من موضعه حتى يعود إليه ، من غير وجوب.

ولو فرش له منديل أو مصلّى ، لم يكن موجباً للاختصاص لو رفعه غيره وإن كان مخطئاً.

ولو ازدحم الناس في آخر المسجد وبين أيديهم فرجة ، لم يكره التخطّي.

ز - قصد الجامع لمن اختلّت شرائط الجمعة في حقّه مستحب‌ ، لأنّ الباقرعليه‌السلام كان يبكر إلى المسجد الجامع يوم الجمعة حين تكون الشمس قدر رمح ، فإذا كان شهر رمضان يكون قبل ذلك(٢) .

ح - لو لم يكن الإِمام مرضياً ، قدّم المصلّي ظُهره على صلاة الإِمام ، ويجوز أن يصلّي معه ركعتين ثم يتمّ الظهر بعد فراغ الإِمام ، لقول الصادقعليه‌السلام : « في كتاب عليعليه‌السلام إذا صلّوا الجمعة في وقت فصلّوا معهم ولا تقومنّ من مقعدك حتى تصلّي ركعتين اُخريين »(٣) .

ولو صلّى في منزله أوّلاً جاز ، لأنّ أبا بكر الحضرمي قال للباقر عليه‌

____________________

(١) مسند أحمد ٢ : ١٠٢.

(٢) الكافي ٣ : ٤٢٩ / ٨ ، التهذيب ٣ : ٢٤٤ / ٦٦٠.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٨ / ٩٦.

١٠٥

السلام : إنّي اُصلّي في منزلي ثم أخرج فاُصلّي معهم ، قال : « كذا أصنع »(١) .

مسألة ٤٢٦ : يستحب التنفّل يوم الجمعة زيادةً على نوافل الظهرين‌ بأربع ركعات.

قال الشيخ : ويستحب تقديم نوافل الظهر قبل الزوال ، ولم أجد لأحد من الفقهاء وفاقاً في ذلك ، ويستحبّ بالإِجماع منّا ، لأنّ منّا من يستحبّ تقديمها ، ومنّا من يستحبّ تقديم أكثرها.

ولما رواه علي بن يقطين قال : سألت أبا الحسنعليه‌السلام عن النافلة التي تصلّى يوم الجمعة قبل الجمعة أفضل أو بعدها؟ قال : « قبل الصلاة »(٢) (٣) . وعليها عمل الشيخ في أكثر كتبه(٤) .

إذا عرفت هذا ، فقد روي عن الصادقعليه‌السلام أنه قال : « أمّا أنا إذا كان يوم الجمعة وكانت الشمس من المشرق مقدارها من المغرب في وقت العصر صلّيت ست ركعات ، فإذا انتفخ النهار صلّيت ست ركعات ، فإذا زاغت الشمس صلّيت ركعتين ، ثم صلّيت الظهر ، ثم صلّيت بعدها ستّاً »(٥) .

ومثله عن الرضاعليه‌السلام (٦) .

ولو أخّرها جاز إجماعاً منّا.

واستحبّ أحمد ركعتين بعد الجمعة ، وإن شاء أربعاً ، وإن شاء ستاً(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٤٦ / ٦٧١.

(٢) التهذيب ٣ : ١٢ / ٣٨ و ٢٤٦ / ٦٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤١١ / ١٥٧٠.

(٣) الخلاف ١ : ٦٣٢ المسألة ٤٠٦.

(٤) راجع : المبسوط للطوسي ١ : ١٥٠ ، والنهاية : ١٠٤ ، والخلاف ١ : ٦٣٢ ، المسألة ٤٠٦.

(٥) الكافي ٣ : ٤٢٨ / ٢ ، التهذيب ٣ : ١١ / ٣٥ ، الاستبصار ١ : ٤١٠ / ١٥٦٦.

(٦) الكافي ٣ : ٤٢٧ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٠ / ٣٤ ، الاستبصار ١ : ٤٠٩ / ١٥٦٥.

(٧) المغني ٢ : ٢١٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٩٦ ، مسائل أحمد : ٥٩.

١٠٦

واستحبّ أبو حنيفة أربعاً(١) .

مسألة ٤٢٧ : الأذان الثاني بدعة عند علمائنا‌ ، لقول الباقرعليه‌السلام : « الأذان الثالث يوم الجمعة بدعة »(٢) .

وسمّاه بالثالث - كما هو في عبارة بعض علمائنا(٣) - بالنسبة إلى الإِقامة.

ولأن النبيّعليه‌السلام لم يفعله اتّفاقاً ، وشرّع للصلاة أذاناً واحداً وإقامةً ، فالزيادة الثالثة بدعة.

وكان الأذان يوم الجمعة حين يجلس الإِمام على المنبر على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وعلى عهد أبي بكر وعمر ، فلّما كان زمن عثمان كثر الناس ، فأمر بالأذان الثالث بالزوراء(٤) (٥) .

ولا اعتبار بما فعله عثمان مخالفةً للنبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله .

وقال عطاء : أول مَنْ فَعَله معاوية(٦) .

قال الشافعي : ما فعله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وأبو بكر وعمر أحبّ إليَّ(٧) .

إذا عرفت هذا ، فإنّه يستحبّ أن يؤذّن بعد جلوس الإِمام على المنبر ، قاله الشافعي ، قال : وأن يكون المؤذّن واحداً ، لأنّ النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

(١) شرح فتح القدير ٢ : ٣١٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٣٣ ، كتاب الحجة على أهل المدينة ١ : ٢٩٤‌

(٢) الكافي ٣ : ٤٢١ / ٥ ، التهذيب ٣ : ١٩ / ٦٧.

(٣) كما في السرائر : ٦٤ ، والمعتبر : ٢٠٦.

(٤) الزوراء : موضع بالمدينة يقف المؤذنون على سطحه للنداء. مجمع البحرين ٣ : ٣٢٠ ، معجم البلدان ٣ : ١٥٦ «زور ».

(٥) صحيح البخاري ٢ : ١٠ ، سنن أبي داود ١ : ٢٨٥ / ١٠٨٧ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٩٢ / ٥١٦ ، سنن النسائي ٣ : ١٠٠ - ١٠١ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٠٥ ، مسند أحمد ٣ : ٤٥٠.

(٦ و ٧) الاُم ١ : ١٩٥.

١٠٧

كان له مؤذّن واحد(١) .

وعندي فيهما إشكال.

إذا ثبت هذا ، فإنّ الأذان لصلاة العصر يوم الجمعة مكروه ، بل إذا فرغ من الظهر صلّى العصر بغير أذان ، للمشقّة بالحضور إلى الجامع ، والإِعلام قد حصل.

إذا ثبت هذا ، فالأقرب أنّه لا يستحبّ حكاية هذا الأذان لو وقع ، إذ الأمر بالحكاية ينصرف إلى المشروع. وكذا أذان المرأة ، والأذان المكروه كأذان العصر يوم الجمعة ويوم عرفة ومزدلفة.

والوجه : استحباب حكاية أذان الفجر لو وقع قبله وإن استحبّ إعادته بعده ، وأذان من أخذ عليه اُجرةً وإن حرمت ، دون أذان المجنون والكافر.

مسألة ٤٢٨ : البيع بعد النداء يوم الجمعة حرام‌ بالنص والإِجماع.

قال الله تعالى( وَذَرُوا الْبَيْعَ ) (٢) والأمر للوجوب ، والنهي للتحريم.

ولا خلاف بين العلماء في تحريمه.

والنداء الذي يتعلّق به التحريم هو النداء الذي يقع بعد الزوال والخطيب جالس على المنبر ، قاله الشيخ - وبه قال الشافعي وعمر بن عبد العزيز وعطاء والزهري(٣) - لأنّه تعالى علّق التحريم بالنداء ، وإنّما ينصرف إلى الأذان الذي فعله النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله ، دون الوقت ، فينتفي التحريم قبل النداء(٤) .

____________________

(١) الاُم ١ : ١٩٥ ، المجموع ٣ : ١٢٤.

(٢) الجمعة : ٩.

(٣) كما في الخلاف للشيخ الطوسي ١ : ٦٣٠ ، المسألة ٤٠٢ ، وراجع : المجموع ٤ : ٥٠٠ ، وفتح العزيز ٤ : ٦٢٤ ، وعمدة القاري ٦ : ٢٠٤.

(٤) الخلاف ١ : ٦٢٩ - ٦٣٠ ، المسألة ٤٠٢ ، والمبسوط للطوسي ١ : ١٥٠.

١٠٨

وقال مالك وأحمد : إذا زالت الشمس حرم البيع جلس الإِمام أو لم يجلس(١) .

وليس بجيّد ، لما تقدّم.

فروع :

أ - لو جوّزنا الخطبة قبل الزوال - كما ذهب إليه بعض علمائنا(٢) - لم يسغ الأذان قبله‌ مع احتماله.

ومتى يحرم البيع حينئذٍ؟ إن قلنا بتقديم الأذان ، حرم البيع معه - وبه قال أحمد(٣) - لأنّ المقتضي - وهو سماع الذكر - موجود. وإلّا فإشكال ينشأ : من تعليق التحريم بالنداء ، ومن حصول الغاية.

ب - البيع بعد الزوال قبل النداء مكروه عندنا‌ ، لما فيه من التشاغل عن التأهّب للجمعة ، وبه قال الشافعي(٤) .

وعند أحمد ومالك أنّه محرّم(٥) . وقد تقدّم.

ج - لو كان بعيداً من الجمعة يفتقر إلى قطع المسافة قبل الزوال ، وجب السعي وحرم البيع‌ إن منع ، وإلّا فلا.

د - لو تبايعا بعد السعي حال الأذان فإشكال ، وبالجملة لو لم يمنع البيع من سماع الخطبة ، أو منع وقلنا بعدم الوجوب ومنع تحريم الكلام فالوجه : التحريم ، للعموم(٦) .

____________________

(١) حكاه عنهما الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٦٣٠ ، المسألة ٤٠٢ ، وراجع : المغني ٢ : ١٤٥ ، وتفسير القرطبي ١٨ : ١٠٨.

(٢) ذهب إليه الشيخ الطوسي في النهاية : ١٠٥ ، والمبسوط ١ : ١٥١ ، والمحقق في شرائع الإِسلام ١ : ٩٥ ، والمعتبر : ٢٠٤.

(٣) اُنظر : المغني ٢ : ١٤٤ و ١٤٥.

(٤) المجموع ٤ : ٥٠٠ ، فتح العزيز ٤ : ٤٢٦ ، رحمة الاُمة ١ : ٨٠.

(٥) المغني ٢ : ١٤٥ ، وانظر لقولهما أيضاً : الخلاف ١ : ٦٣٠ المسألة ٤٠٢.

(٦) المستفاد من الآية ٩ من سورة الجمعة.

١٠٩

ه- - التحريم مختص بمن يجب عليه السعي‌ دون غيرهم ، كالنساء والصبيان والمسافرين وغيرهم عند علمائنا ، وبه قال الشافعي(١) .

وعن أحمد رواية بالتحريم(٢) .

وقال مالك : يمنع العبيد كالأحرار أيضاً(٣) .

وليس بمعتمد ، لأنّ النهي عن البيع متوجّه إلى مَنْ اُمر بالسعي.

ولو كانوا في قرية لا جمعة على أهلها ، لم يحرم البيع ولا كره أيضاً إجماعاً.

و - لو كان أحد المتبايعين مخاطباً دون الآخر ، حرم بالنسبة إلى المخاطب‌ إجماعاً ، وهل يحرم على الآخر؟

قال الشيخ : إنّه يكره ، لأنّ فيه إعانةً على فعل محرّم ، وهو يقتضي التحريم ، لقوله تعالى( وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ ) (٤) (٥) .

والوجه عندي : التحريم في حقّه أيضاً ، للآية(٦) ، وبه قال الشافعي(٧) .

ز - لو تبايعا ، فعلا حراماً ، وهل ينعقد البيع؟ لعلمائنا قولان :

المنع(٨) - وبه قال أحمد ومالك وداود(٩) - لأنّ النهي يقتضي الفساد.

____________________

(١) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٦٣٠ ، المسألة ٤٠٣ ، وراجع : الاُم ١ : ١٩٥.

(٢) المغني ٢ : ١٤٦.

(٣) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٦٣٠ ، المسألة ٤٠٣ ، وراجع : المدوّنة الكبرى ١ : ١٥٤.

(٤) المائدة : ٢.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ١٥٠.

(٦) الجمعة : ٩.

(٧) المجموع ٤ : ٥٠٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٧.

(٨) ممّن قال بعدم الانعقاد : الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٦٣١ المسألة ٤٠٤ ، والمبسوط ١ : ١٥٠ ، والفاضل الآبي في كشف الرموز ١ : ١٧٧.

(٩) المجموع ٤ : ٥٠١ ، بلغة السالك ١ : ١٨٣ ، تفسير القرطبي ١٨ : ١٠٨ ، أحكام القرآن =

١١٠

والصحّة(١) - وبه قال الشافعي وأبو حنيفة(٢) - لأنّ النهي في المعاملات لا يقتضي الفساد ، بل في العبادات.

ولأنّ البيع غير مقصود بالنهي ، فإنّه لو ترك الصلاة والمبايعة ، كان عاصياً ، وإذا لم يكن مقصوداً ، فالتحريم لا يمنع انعقاده ، كما لو ترك الصلاة المفروضة بعد ضيق الوقت واشتغل بالبيع ، فإنّه يصحّ إجماعاً.

ح - هل يحرم غير البيع من الإِجارة والنكاح والصلح وغيرها؟ إشكال‌ ينشأ : من اختصاص النهي بالبيع فلا يتعدّاه. ومن المشاركة في العلّة.

مسألة ٤٢٩ : المصر ليس شرطاً في الجمعة‌ ، فتجب على أهل القرى مع الاستيطان عند علمائنا أجمع - وبه قال عمر بن عبد العزيز ومالك وأحمد وإسحاق والشافعي(٣) - لعموم الأمر(٤) .

ولأنّ ابن عباس قال : إنّ أول جمعة جُمّعت بعد جمعة بالمدينة لَجُمعةٌ جُمّعت بجواثا(٥) من البحرين من قرى عبد القيس(٦) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إذا كان قوم في قرية صلّوا الجمعة أربع ركعات ، فإن كان لهم مَنْ يخطب جمّعوا إذا كانوا خمسة‌

____________________

= للجصاص ٣ : ٤٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ٦٢٤.

(١) ممّن قال بصحّة البيع : المحقق في المعتبر : ٢٠٧ ، وشرائع الإِسلام ١ : ٩٨ ، ومختصر النافع : ٣٦ ، ويحيى بن سعيد الحلي في الجامع للشرائع : ٩٦.

(٢) الاُم ١ : ١٩٥ ، المجموع ٤ : ٥٠٠ و ٥٠١ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، أحكام القرآن للجصاص ٣ : ٤٤٨.

(٣) المجموع ٤ : ٥٠٥ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٠ ، المنتقى للباجي ١ : ١٩٦ ، المغني ٢ : ١٧٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١٧٣ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٣.

(٤) الجمعة : ٩.

(٥) جُواثا بالضم : حصن لعبد القيس بالبحرين فتحه العلاء الحضرمي في أيام أبي بكر سنة ١٢ ه‍. معجم البلدان ٢ : ١٧٤ مادّة ( جواثا ).

(٦) صحيح البخاري ٢ : ٦ ، سنن أبي داود ١ : ٢٨٠ / ١٠٦٨ ، سنن البيهقي ٣ : ١٧٦.

١١١

نفر ، وإنّما جعلت ركعتين لمكان الخطبتين »(١) .

ولأنه بناء استوطنه العدد ، فيجب عليهم الجمعة ، كأهل المصر.

وقال أبو حنيفة والثوري : لا تصح إقامة الجمعة إلّا في مصر جامع ، فلا تجب على أهل القرى والسواد ، لقول عليعليه‌السلام : « لا جمعة ولا تشريق إلّا في مصر جامع »(٢) (٣) .

ونحن نقول بموجبه ، فإنّ الاعتبار بكونه جامعاً للعدد والشرائط الباقية ، لا بكونه مصراً.

قال أبو يوسف : المصر ما كان فيه سُوقٌ ، وقاضٍ يستوفي الحقوق ، ووالٍ يستوفي الحدود(٤) .

فإن سافر الإِمام فدخل قريةً ، فإن كان أهلها يقيمون الجمعة ، صلّى الجمعة ، وإلّا لم يصلّها.

مسألة ٤٣٠ : وليس البنيان شرطاً عندنا‌ ، بل الاستيطان ، فتجب على أهل الخيم والبادية إذا كانوا مستوطنين - وهو أحد قولي الشافعي ، وقول أبي ثور(٥) - للعموم(٦) .

ولقولهعليه‌السلام : ( جمّعوا حيث كنتم )(٧) .

والآخر : لا يجب إلّا على أهل مصر أو قرية مبنيّة بالحجارة ، أو الآجر ،

____________________

(١) التهذيب ٣ : ٢٣٨ / ٦٣٤ ، الاستبصار ١ : ٤٢٠ / ١٦١٤.

(٢) مصنّف ابن أبي شيبة ٢ : ١٠١ ، سنن البيهقي ٣ : ١٧٩.

(٣) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٣ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨٢ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٥٩ ، المجموع ٤ : ٥٠٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٩ ، المغني ٢ : ١٧٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١٧٣.

(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٢٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٥٩.

(٥) المجموع ٤ : ٥٠١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٩.

(٦) المستفاد من الآية ٩ من سورة الجمعة.

(٧) مصنّف ابن أبي شيبة ٢ : ١٠١ ، وفيه هذا القول منسوب الى عمر ، كما أنّ المصنّف نسبه إليه في المنتهى ١ : ٣٢٠.

١١٢

أو اللِّبْن ، أو السعف والجريد والشجر متّصلة البناء ، فلو كانت متفرّقةً ، فإن تقاربت ، فكالواحدة ، وإن تباعدت ، لم تجب الجمعة(١) .

واختلف أصحابه في القرب ، فقيل : إذا كان بين منزلين دون ثلاثمائة ذراع ، فقريب كما هو قريب في الائتمام.

وقيل : بتجويز القصر عند إرادة السفر ، فإن كان البُعْد بين المنزلين قدراً إذا خرج من منزله بقصد السفر يشترط أن يتجاوزه في استباحة القصر فقريب ، وإلّا فلا(٢) .

فإن انهدمت أو احترقت ، فإن بقي العدد ملازمين ليصلحوها ، جمّعوا وإن لم يكونوا تحت ظلال ، لأنّهم لم يخرجوا بذلك عن الاستيطان في ذلك المكان.

مسألة ٤٣١ : ولا يشترط استيطانهم شتاءً وصيفاً في منزل واحد‌ لا يظعنون عنه إن قحطوا ، ولا يرغبون عنه بخصب غيره - وبه قال أبو ثور(٣) - للعموم(٤) .

ولأنّ عبد الله بن عمر كان يرى أهل المياه بين مكّة والمدينة يجمّعون فلا يعتب(٥) عليهم(٦) .

وقال الشافعي : يجب ذلك إن أوجبنا الجمعة عليهم ، لأنّ قبائل العرب كانت حول المدينة فلم ينقل أنّهعليه‌السلام أمرهم بإقامة الجمعة ولا أقاموها ، ولو كان ذلك ، لنقل فدلّ على أنّها لا تقام في بادية ، بل إن سمعوا النداء‌

____________________

(١) الاُم ١ : ١٩٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، المجموع ٤ : ٥٠١ ، الوجيز ١ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٢٩ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٠.

(٢) اُنظر : فتح العزيز ٤ : ٤٩٦.

(٣) حلية العلماء ٢ : ٢٢٩.

(٤) المستفاد من الآية ٩ من سورة الجمعة.

(٥) في نسخة « ش » : فلا يعيب.

(٦) مصنف عبد الرزاق ٣ : ١٧٤ / ٥١٨٥.

١١٣

من بلد أو قرية ، لزمهم قصدها وإلّا فلا(١) . وهو ممنوع.

إذا عرفت هذا ، فإن استوطنوا منزلاً ثم سافروا عنه إلى مسافة بعد عشرة أيام فصاعداً لم تجب عليهم الجمعة في مسيرهم بل في مقصدهم إن عزموا إقامة المدّة فيه ، وكذا لو سافروا إلى ما دون المسافة ، فإنّه تجب عليهم الجمعة في المسافة والمقصد معاً.

ولو أقاموا دون عشرة ثم سافروا إلى المسافة ، فالوجه : وجوبها عليهم في المسافة والمقصد ، لوجوب الإِتمام عليهم. وإن كان فيه إشكال ينشأ : من مفهوم الاستيطان هل المراد منه المقام ، أو ما يجب فيه التمام؟

مسألة ٤٣٢ : تجوز إقامة الجمعة خارج المصر‌ - وبه قال أبو حنيفة وأحمد(٢) - للامتثال بالإِتيان بالجمعة ، ولأنّها صلاة شرّع لها الاجتماع والخطبة ، فجاز فعلها خارج المصر كالعيد.

وقال الشافعي : لا يجوز أن يصلّي الإِمام الجمعة بأهل المصر خارج المصر ، لأنّه موضع يجوز لأهل المصر قصر الصلاة فيه ، فلم يجز لهم إقامة الجمعة فيه كالبعيد ، بخلاف العيد ، لأنّها ليست مردودةً من فرض إلى فرض ، وهذه مردودة ، فجاز أن يختص فعلها بمكان(٣) .

وتجويز الاختصاص لا يستلزمه.

ونمنع في البعيد أيضاً إذا لم يبلغ المسافة ، خلافاً لأبي حنيفة(٤) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، المجموع ٤ : ٥٠١ و ٥٠٥ ، الوجيز ١ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٥ ، مغني المحتاج ١ : ٢٨١ ، كفاية الأخيار ١ : ٩١.

(٢) بدائع الصنائع ١ : ٢٦٠ ، المغني ٢ : ١٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ١٧٢ ، المجموع ٤ : ٥٠٥ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٣ ، الميزان ١ : ١٨٨.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١١٧ ، المجموع ٤ : ٥٠١ ، الوجيز ١ : ٦١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٣ ، الميزان ١ : ١٨٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢٨٠ ، السراج الوهاج : ٨٥ ، المغني ٢ : ١٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ١٧٢.

(٤) بدائع الصنائع ١ : ٢٦٠ ، فتح العزيز ٤ : ٤٩٣ ، الميزان ١ : ١٨٨ ، المغني ٢ : ١٧٦ ، الشرح الكبير ٢ : ١٧٢ ، المجموع ٤ : ٥٠٥.

١١٤

والقصر باعتبار السفر لا باعتبار خروجه عن المصر ، لأنّ الأصل عدم الاشتراط ، ولا نصّ في اشتراطه ولا معنى نصّ.

مسألة ٤٣٣ : يسقط وجوب الجمعة عمّن صلّى العيد‌ لو اتّفقا في يوم واحد عدا الإِمام ، فإنّه يجب عليه الحضور ، وغيره يتخيّر ، ويستحبّ له إعلامهم ذلك ، ذهب إليه علماؤنا ، عدا أبا الصلاح(١) - وبه قال عليعليه‌السلام ، وعمر وعثمان وسعيد وابن عمر وابن عباس وابن الزبير والشعبي والنخعي والأوزاعي وعطاء وأحمد(٢) - لأنّه اجتمع على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، عيدان ، فصلّى العيد وخطب فقال : ( أيها الناس قد اجتمع عيدان في يوم ، فمن أراد أن يشهد الجمعة فليشهد ، ومن أراد أن ينصرف فلينصرف )(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « اجتمع على عهد أمير المؤمنينعليه‌السلام عيدان ، فقال : هذا يوم قد اجتمع فيه عيدان ، فمن أحبَّ أن يجمّع معنا فليفعل ، ومن لم يفعل فإنّ له رخصةً »(٤) .

ولأن الجمعة إنّما زادت على الظهر بالخطبة وقد حصل سماعها في العيد ، فأجزأ عن سماعها ثانياً.

ولأنّ وقتهما متقارب ، فتسقط إحداهما بالْاُخرى ، كالجمعة مع الظهر.

ولأنّه يوم عيد جعل للراحة واللذّة ، فإن أقام المصلّي إلى الزوال ، لحقته المشقّة ، وإن عاد ، لحقته المشقّة أيضاً.

____________________

(١) الكافي في الفقه : ١٥٥.

(٢) المغني ٢ : ٢١٢ ، الشرح الكبير ٢ : ١٩٣ ، المحرر في الفقه ١ : ١٥٩ ، الإِنصاف ٢ : ٤٠٣ ، المجموع ٤ : ٤٩٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٩.

(٣) مصنف عبد الرزاق ٣ : ٣٠٤ - ٣٠٥ / ٥٧٢٩ نحوه‌

(٤) الكافي ٣ : ٤٦١ / ٨ ، التهذيب ٣ : ١٣٧ / ٣٠٦.

١١٥

وقال أبو الصلاح منّا(١) وباقي الفقهاء من الجمهور : لا تسقط(٢) ، للعموم(٣) .

ولأنّها ليست من فرائض الأعيان فلا يسقط بها ما هو من فرائض الأعيان.

والعموم مخصوص بالأدلّة ، وكونها ليست من فرائض الأعيان ممنوع على ما يأتي.

أمّا الإِمام فلا يجوز له التخلّف إجماعاً طلباً لإِقامتها مع مَنْ يحضر وجوباً ، أو استحباباً.

خاتمة : قال الرضاعليه‌السلام : « قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : إنّ الجمعة سيد الأيام‌ تضاعف فيه الحسنات ، وتمحى فيه السيئات ، وترفع فيه الدرجات ، وتستجاب فيه الدعوات ، وتكشف فيه الكربات ، وتقضى فيه الحاجات العظام ، وهو يوم المزيد ، لله فيه عتقاء وطلقاء من النار ، ما دعا اللهَ فيه أَحدٌ من الناس وعرف حقّه وحرمته إلّا كان حقّاً على الله أن يجعله من عتقائه وطلقائه من النار ، فإن مات في يومه وليلته مات شهيداً ، وبعث آمناً ، وما استخفّ أحد بحرمته وضيّع حقّه إلّا كان حقّاً على الله عزّ وجلّ أن يصليه نار جهنم إلّا أن يتوب »(٤) .

وقال الصادقعليه‌السلام : « كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله يستحبّ إذا دخل وإذا خرج في الشتاء أن يكون في ليلة الجمعة »(٥) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « إنّ الله تعالى لينادي كلّ ليلة جمعة من فوق‌

____________________

(١) الكافي في الفقه : ١٥٥.

(٢) الاُم ١ : ٢٣٩ ، المجموع ٤ : ٤٩٢ ، فتح العزيز ٥ : ٦٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦١ ، المغني ٢ : ٢١٢ ، الشرح الكبير ٢ : ١٩٣ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٩.

(٣) المستفاد من الآية ٩ من سورة الجمعة.

(٤) الكافي ٣ : ٤١٤ / ٥ ، التهذيب ٣ : ٢ / ٢ ، المقنعة : ٢٥ ، مصباح المتهجد : ٢٣٠.

(٥) الكافي ٣ : ٤١٣ / ٣ ، التهذيب ٣ : ٤ / ١٠.

١١٦

عرشه من أول الليل إلى آخره : ألا عبد مؤمن يدعوني لآخرته ودنياه قبل طلوع الفجر فاُجيبه ، ألا عبد مؤمن يتوب إليَّ من ذنوبه قبل طلوع الفجر فأتوب عليه ، ألا عبد مؤمن قد قترت عليه رزقه فيسألني الزيادة في رزقه قبل طلوع الفجر فأزيده واُوسِّع عليه ، ألا عبد مؤمن سقيم يسألني أن اُشفيه قبل طلوع الفجر فاُعافيه ، ألا عبد مؤمن محبوس مغموم يسألني أن أطلقه من حبسه واُخلّي سربه ، ألا عبد مؤمن مظلوم يسألني أن آخذ له بظلامته قبل طلوع الفجر فأنتصر له ، وآخذ له بظلامته » قال : « فلا يزال ينادي بهذا حتى يطلع الفجر »(١) .

وقال الباقرعليه‌السلام : « إذا صلّيت العصر يوم الجمعة فقل : اللهم صلّ على محمّد وآل محمد الأوصياء المرضيين بأفضل صلواتك ، وبارك عليهم بأفضل بركاتك ، وعليهم‌السلام وعلى أرواحهم وأجسادهم ورحمة الله وبركاته » قال : « مَنْ قالها في دبر العصر كتب الله له مائة ألف حسنة ، ومحا عنه مائة ألف سيّئة ، وقضى له مائة ألف حاجة ، ورفع له بها مائة ألف درجة »(٢) .

وقال زين العابدينعليه‌السلام : « جاء أعرابي إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله يقال له : قليب ، فقال له : يا رسول الله إنّي تهيّأت إلى الحجّ كذا وكذا مرّة فما قُدّر لي ، فقال له : يا قليب عليك بالجمعة فإنّها حجّ المساكين »(٣) .

ويستحب الصلاة على محمّد وآل محمدعليهم‌السلام ، بأن يقول : اللهم صلّ على محمّد وآل محمد ، وعجّل فرجهم ، وأهلك عدوّهم من الجنّ والإِنس من الأولين والآخرين ، مائة مرة ، أو ما قدر عليه.

____________________

(١) الفقيه ١ : ٢٧١ / ١٢٣٧ ، التهذيب ٣ : ٥ / ١١ ، المقنعة : ٢٥.

(٢) التهذيب ٣ : ١٩ / ٦٨.

(٣) التهذيب ٣ : ٢٣٦ - ٢٣٧ / ٦٢٥.

١١٧

ويستحبّ أن يقرأ ليلة الجمعة : بني إسرائيل ، والكهف ، والطواسين الثلاث(١) ، وسجدة لقمان(٢) ، و « حم » السجدة(٣) ، و « حم » الدخان ، والواقعة.

* * *

____________________

(١) الطواسين الثلاث هي : الشعراء والنمل والقصص.

(٢) المراد : سورة السجدة التي تلي سورة لقمان.

(٣) « حم » السجدة هي سورة فصّلت.

١١٨

١١٩

الفصل الثاني : في صلاة العيدين‌

وفيه مطلبان :

الأول : الماهية‌

مسألة ٤٣٤ : صلاة العيدين واجبة على الأعيان‌ عند علمائنا أجمع - وبه قال أبو حنيفة(١) ، إلّا أنّه لم يسمّها فرضاً ، وهي منازعة لفظية - لقوله تعالى( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) (٢) .

والمشهور في التفسير : أنّ المراد صلاة العيد(٣) .

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، داوم عليها ولم يخلّ بها في وقت من الأوقات ، ولو كانت تطوّعاً ، لأهملها(٤) في بعض الأوقات ، ليدلّ بذلك على نفي وجوبها.

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « صلاة العيد‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٣٧ ، شرح فتح القدير ٢ : ٣٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨٥ ، اللباب ١ : ١١٥ ، الميزان ١ : ١٩٤ ، رحمة الاُمة ١ : ٨٦ ، عمدة القاري ٦ : ٢٧٣ ، المغني ٢ : ٢٢٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٢٣ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٧٤ - ٢٧٥ ، فتح العزيز ٥ : ٤ و ٥.

(٢) الكوثر : ٢.

(٣) اُنظر : أحكام القرآن لابن العربي ٤ : ١٩٨٦ ، تفسير الطبري ٣٠ : ٢١١ ، تفسير غرائب القرآن ٣٠ : ١٧٩ ، الكشاف للزمخشري ٤ : ٢٩١.

(٤) في هامش الطبعة الحجرية نسخة بدل : « لأخلّ بها ».

١٢٠