تذكرة الفقهاء الجزء ٤

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473
المشاهدات: 206211
تحميل: 6414


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 473 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 206211 / تحميل: 6414
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 4

مؤلف:
ISBN: 964-5503-44-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

فعله »(١) .

ولو اُقيمت صلاة العيد في المسجد لعذر ، استحبّت صلاة التحية فيه ايضاً وإن كان الإِمام يخطب ، ولا يصلّي العيد ، لأنّه إنّما يسنّ له الاشتغال مع الإِمام بما أدرك لا قضاء ما فاته ، وإنّما يصلّي تحية المسجد ، لأنّه موضع ذلك وليس بموضع صلاة العيد ، وبه قال بعض الشافعية.

وقال بعضهم : يصلّي العيد ، لأنها أولى من تحية المسجد ويغني عنها ، كما لو دخل المسجد وصلّى الفريضة أغنى ذلك عن تحية المسجد(٢) .

ولو اُقيمت في المصلّى ، اشتغل بسماع الخطبة لا بالصلاة ، لأنّ المصلّي لا تحية له حيث لم يكن مسجداً ، ولا يشتغل بقضاء العيد ، لقول الصادقعليه‌السلام : « تجلس حتى يفرغ من خطبته ، ثم تقوم فتصلّي »(٣) .

ولأن الخطبة من تمامها ، فينبغي أن يشتغل بما أدرك.

مسألة ٤٦٤ : لو فاتت لم تقض ، سواء كانت فرضاً أو نفلاً ، عمداً كان الفوات أو نسياناً‌ ، عند أكثر علمائنا(٤) - وبه قال مالك وأبو ثور وداود والمزني(٥) - لأنّها صلاة شرّع لها الاجتماع والخطبة ، فلا تقضى بعد فوات وقتها كالجمعة.

ولقول الباقرعليه‌السلام : « من لم يصلّ مع الإِمام في جماعة فلا صلاة‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦١ / ١١ ، الفقيه ١ : ٣٢٢ / ١٤٧٥ ، التهذيب ٣ : ١٣٨ / ٣٠٨.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٧ ، المجموع ٥ : ٢٤ ، فتح العزيز ٥ : ٥٤ ، حلية العلماء ٢ : ٢٥٩.

(٣) التهذيب ٣ : ١٣٦ / ٣٠١.

(٤) منهم : الشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٦٩ ، وابن حمزة في الوسيلة : ١١١ ، والمحقق في المعتبر : ٢١٠.

(٥) بداية المجتهد ١ : ٢١٩ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٧٨ ، التفريع ١ : ٢٣٥ ، المجموع ٥ : ٢٩ ، الميزان للشعراني ١ : ١٩٥ ، رحمة الاُمّة : ٧٨ ، عمدة القاري ٦ : ٣٠٧ ، والذي عثرنا عليه من مذهب أبي ثور أنّه إذا فاتت يصلّي ركعتين. انظر : عمدة القارئ ٦ : ٣٠٨ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٩ ، المغني ٢ : ٢٤٤ ، المجموع ٥ : ٢٩.

١٦١

له ، ولا قضاء عليه ».(١)

ولأنّ القضاء منفي بالأصل ولم يوجد المعارض.

وقال أحمد : إنّها تقضى ركعتان - وللشافعي كالقولين ، وكذا عن أبي حنيفة روايتان(٢) - لأنّ ركباً جاؤا إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فشهدوا أنّهم رأوا الهلال بالأمس ، فأمرهم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن يفطروا ، وإذا أصبحوا أن يغدوا إلى مصلّاهم(٣) . ولأنّها صلاة أصل مؤقتة ، فلا تسقط بفوات الوقت كالفرائض(٤) .

ولا حجة في الحديث ، لاحتمال عدم الوثوق بهم ، فلزمهم الإِفطار تدييناً لهم بما عرفوه ، ولم يثبت بشهادتهم الهلال ، والمضيّ إلى العيد تبعاً لعمل الناس ، والقضاء في الفرائض بالنص.

واختلفت الشافعية ، فقال بعضهم : لا تقضى أبداً. وقال بعضهم : تقضى أبداً. وقال بعضهم : لا تقضى إلّا في الحادي والثلاثين. وقال بعضهم : تقضى في شهر العيد كلّه(٥) .

فروع :

أ : قال الشيخ : إن شاء صلّى أربعاً ، وإن شاء اثنتين من غير أن يقصد القضاء(٦) ، لقول الصادقعليه‌السلام : « من فاتته صلاة العيد فليصلّ أربعاً »(٧) .

____________________

(١) التهذيب ٣ : ١٢٨ / ٢٧٣ ، الاستبصار ١ : ٤٤٤ / ١٧١٤.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٨ ، المجموع ٥ : ٢٧ و ٢٩ ، الوجيز ١ : ٧٠ ، حلية العلماء ٢ : ٢٦٠.

(٣) سنن أبي داود ١ : ٣٠٠ / ١١٥٧ ، سنن النسائي ٣ : ١٨٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٣١٦.

(٤) المغني ٢ : ٢٤٤ - ٢٤٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٢٥.

(٥) المجموع ٥ : ٢٨ - ٢٩ ، الوجيز ١ : ٧٠ ، فتح العزيز ٥ : ٦٢.

(٦) التهذيب ٣ : ١٣٤ ، ذيل الحديث ٢٩٢.

(٧) التهذيب ٣ : ١٣٥ / ٢٩٥ ، الاستبصار ١ : ٤٤٦ / ١٧٢٥.

١٦٢

والسند ضعيف. وبقول الشيخ قال أحمد والثوري(١) .

ب : لو أدرك الإِمام في التشهّد ، جلس معه ، فإذا سلّم الإِمام قام فصلّى ركعتين - إن قلنا بالقضاء - يأتي فيهما بالتكبير.

ج : لو أدركه في ركوع الثانية ، وجبت المتابعة‌ ، لأنّه مدرك للفرض حينئذٍ ، فيركع ، فإذا سلّم الإِمام ، قام فأتمّ الصلاة وقد فاته تكبير الْاُولى ، وفي قضائه ما تقدّم.

ولو أدركه رافعاً من ركوعها ، فاتته الصلاة.

ولو أدركه في أثناء التكبير ، تابعه في الباقي ، فإن تمكّن بعد ذلك من التكبير ولاءً قضاءً عمّا فات ، فعل ، وإلّا سقط.

د : يحرم السفر بعد طلوع الشمس على المكلّف بها‌ حتى يصلّي العيد ، لتوجّه الأمر حينئذٍ ، فيحرم عليه الإِخلال به ، ويكره بعد الفجر قبل طلوع الشمس ، لقرب وقت العبادة ، فلا ينبغي الإِخلال بها.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا أردت الشخوص في يوم عيد فانفجر الصبح وأنت في البلد ، فلا تخرج حتى تشهد ذلك العيد »(٢) .

ولا بأس به قبل الفجر إجماعاً.

مسألة ٤٦٥ : إذا أصبح صائماً يوم الثلاثين فشهد شاهدان أنّ الهلال كان بالأمس‌ وأنّ اليوم يوم عيد فعُدِّلا قبل الزوال ، أو شهدا ليلة الثلاثين وعُدِّلا يوم الثلاثين قبل الزوال ، خرج الإِمام وصلّى بالناس العيد ، صغيراً كان البلد أو كبيراً ، إجماعاً ، لأنّ الوقت باقٍ إلى زوال الشمس.

ولو شهدا يوم الحادي والثلاثين أنّ الهلال كان ليلة الثلاثين ، أو شهدا بعد غروب الشمس ليلة الحادي والثلاثين أنّ الهلال كان ليلة الثلاثين وعُدِّلا ،

____________________

(١) المغني ٢ : ٢٤٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٦١ ، العدة شرح العمدة : ١١٣ ، رحمة الاُمة ١ : ٨٧ - ٨٨.

(٢) الفقيه ١ : ٣٢٣ / ١٤٨٠ ، التهذيب ٣ : ٢٨٦ / ٨٥٣.

١٦٣

فقد فات العيد ، وفات وقت صلاته ، ولا قضاء عندنا ، وبه قال أبو حنيفة.

وقال الشافعي : يصلّي بالناس يوم الحادي والثلاثين قبل الزوال ، وتكون الصلاة أداءً لا قضاءً. وبه قال الأوزاعي والثوري وأحمد وإسحاق.

لقولهعليه‌السلام : ( فطركم يوم تفطرون ، وأضحاكم يوم تضحّون ، وعرفتكم يوم تعرفون )(١) .

وهو محمول على ما إذا لم يثبت.

وإن شهدا قبل الزوال يوم الثلاثين أنّ الهلال كان البارحة وعُدِّلا بعد الزوال ، أو شهدا بعد الزوال وعُدِّلا بعده ، فلا قضاء في ذلك ، لفوات وقت الصلاة - وهو أحد قولي الشافعي ، وإحدى الروايتين عن أبي حنيفة ، وبه قال مالك والمزني وأبو ثور وداود - لأنّها لو قضيت في غد يومها لقضيت في يومها بل كان أولى.

والقول الثاني للشافعي : إنّها تقضى ، وبه قال أحمد ، لما تقدّم في حديث الركب(٢) .

ثم قال - على تقدير القضاء - : إن كان البلد صغيرا يمكن اجتماع الناس في بقية اليوم ، جمع الناس ، وإن لم يمكن ذلك لكبر البلد قضى من الغد.

وعند أصحاب أبي حنيفة وأحمد أنّها تقضى من الغد مطلقاً. وقد تقدّم.

فإن شهد يوم الثلاثين قبل الزوال وعُدِّلا يوم الحادي والثلاثين أو ليلته ، أو شهدا بعد الزوال وعُدِّلا يوم الحادي والثلاثين أو ليلته ، فلا قضاء عندنا - وهو أحد قولي الشافعي - لما تقدّم.

____________________

(١) سنن البيهقي ٥ : ١٧٦ ، والاُم ١ : ٢٣٠ ، وكنز العمال ٨ : ٤٨٨ / ٢٣٧٦١ ، والجامع الصغير للسيوطي ٢ : ٢١٨ / ٥٨٩١.

(٢) تقدّم في المسألة ٤٦٤.

١٦٤

وفي الثاني : تقضى ، لأنّ الاعتبار بالشهادة إذا عُدِّلا بحال إقامتها لا بحال التعديل ، فإذا عُدِّلا يوم الحادي والثلاثين وكانت الشهادة يوم الثلاثين حكمنا بأنّ الفطر كان حين الشهادة فيكون فطرهم بالأمس ، ويكون فعلها قضاءً(١) .

مسألة ٤٦٦ : ويستحب إذا مشى في طريق أن يرجع في غيرها‌ - وبه قال مالك والشافعي وأحمد(٢) - لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله فَعَله(٣) ، إمّا قصداً لسلوك الأبعد في الذهاب ليكثر ثوابه بكثرة خطواته إلى الصلاة ، ويعود في الأقرب ، لأنّه أسهل وهو راجع إلى منزله ، أو ليشهد له الطريقان ، أو ليساوي بين أهل الطريقين من الضعفاء في التبرّك بمروره وسرورهم برؤيته ، وينتفعون بمسألته ، أو ليتصدّق على أهل الطريقين من الضعفاء ، أو ليتبرّك الطريقان بوطئه عليهما ، فينبغي الاقتداء به ، لاحتمال بقاء المعنى الذي فعله من أجله.

ولأنّه قد يفعل الشي‌ء لمعنى ويبقى في حقّ غيره سنّة مع زوال المعنى كالرمل(٤) والاضطباع(٥) في طواف القدوم ، فعله هو وأصحابه(٦) لإِظهار الجَلَد‌

____________________

(١) راجع بشأن الفروع المذكورة من قوله : ولو شهدا يوم الحادي والثلاثين ، إلى آخره : الخلاف ١ : ٦٧٢ - ٦٧٣ ، المسألة ٤٤٧.

(٢) المدونة الكبرى ١ : ١٦٨ ، بداية المجتهد ١ : ٢٢٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢٦ ، المجموع ٥ : ١٢ ، الوجيز ١ : ٧٠ ، فتح العزيز ٥ : ٥٦ ، المغني ٢ : ٢٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٣٥.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ٢٩ ، سنن الترمذي ٢ : ٤٢٤ / ٥٤١ ، سنن أبي داود ١ : ٣٠٠ / ١١٥٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤١٢ / ١٢٩٨ - ١٣٠١ ، المستدرك للحاكم ١ : ٢٩٦.

(٤) الرمل ، بالتحريك : إسراع المشي مع تقارب الخُطا. اُنظر : النهاية لابن الأثير ٢ : ٢٦٥ ، مجمع البحرين ٥ : ٣٨٥ « رمل ».

(٥) الاضطباع : هو أن يأخذ الازار فيجعل وسطه تحت إبطه الأيمن ويلقي طرفيه على كتفه الأيسر من جهتي صدره وظهره. النهاية لابن الأثير ٣ : ٧٣ « ضبع ».

(٦) راجع : سنن أبي داود ٢ : ١٧٧ / ١٨٨٣ و ١٨٨٤ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ٩٨٣ - ٩٨٤ / ٢٩٥٠ و ٢٩٥١ و ٢٩٥٤ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٩.

١٦٥

للكفّار وبقي سنّة بعد زوالهم ، ولهذا قال عمر : فيم الرمل الآن؟ ولِمَ نُبدي مناكبنا وقد نفى الله المشركين؟(١) .

مسألة ٤٦٧ : يكره الخروج بالسلاح إلى صلاة العيدين ، لمنافاته الخضوع والاستكانة إلّا أن يخاف العدوّ فيجوز. ولقول الباقرعليه‌السلام : « نهى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله أن يُخرج السلاح في العيدين إلّا أن يكون عدوّ ظاهر »(٢) .

مسألة ٤٦٨ : يستحب التعريف عشية عرفة‌ بالأمصار في المساجد ، لما فيه من الاجتماع لذكر الله تعالى. وفعله ابن عباس بالبصرة(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « مَنْ لم يشهد جماعة الناس في العيدين فليغتسل وليتطيّب ، وليصلّ وحده كما يصلّى في الجماعة ، وفي يوم عرفة يجتمعون بغير إمام في الأمصار يدعون الله عزّ وجلّ »(٤) .

مسألة ٤٦٩ : يحرم على الرجال التزين يوم العيد وغيره بلبس الحرير المحض‌ - وقد تقدّم(٥) - والقز من الحرير.

وفيه وجه للشافعية ، لأنّه ليس من ثياب الزينة(٦) .

والمركّب من الإِبريسم وغيره سائغ إن تساويا ، أو كان الإِبريسم أكثر ما لم يخرج بالاسم إليه.

وللشافعي قولان : أحدهما : إن كان الإِبريسم أكثر كالخز سداه إبريسم‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٢٤٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٣٦ ، وفي سنن أبي داود ٢ : ١٧٨ / ١٨٨٧ ، وسنن ابن ماجة ٢ : ٩٨٤ / ٢٩٥٢ ، وسنن البيهقي ٥ : ٧٩ نحوه.

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٠ / ٦ ، التهذيب ٣ : ١٣٧ / ٣٠٥.

(٣) حكاه ابنا قدامة في المغني ٢ : ٢٥٠ ، والشرح الكبير ٢ : ٢٧١.

(٤) التهذيب ٣ : ١٣٦ / ٢٩٧ و ٢٩٨.

(٥) تقدم في ج ٢ ص ٤٧٠ ، المسألة ١٢٤.

(٦) فتح العزيز ٥ : ٢٩.

١٦٦

ولحمته صوف لم يحرم ، وإن انعكس حرم ، وإن تساويا فوجهان : أصحّهما : أنّه لا يحرم. والثاني : أنّه لا ينظر إلى القلّة والكثرة ، بل إلى الظهور ، فإن ظهر حرم وإن كان أقل ، وإلّا حلّ وإن كان أكثر(١) .

ولا بأس بافتراشه - خلافاً للشافعي(٢) - للرجال والنساء ، وعنده في النساء وجهان(٣) .

ويجوز للمسافر لخوف القمّل والحكة ، وكذا للحكة في الحضر.

وللشافعية فيه وجهان(٤) .

* * *

____________________

(١) الوجيز ١ : ٦٩ ، فتح العزيز ٥ : ٢٩ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٠.

(٢) فتح العزيز ٥ : ٣٤ ، كفاية الأخيار ١ : ٩٩.

(٣) المجموع ٣ : ١٨٠ ، الوجيز ١ : ٦٩ ، فتح العزيز ٥ : ٣٤ - ٣٥ ، كفاية الأخيار ١ : ١٠٠.

(٤) الوجيز ١ : ٧٠ ، فتح العزيز ٥ : ٣٧.

١٦٧

الفصل الثالث : صلاة الكسوف

وفيه مطلبان :

الأول : الماهية‌

مسألة ٤٧٠ : هذه الصلاة فرض على الأعيان عند علمائنا أجمع ، لقوله تعالى( لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ ) الآية(١) ، ذكر الله تعالى جميع الآيات ، وخصّ هاتين بالسجود عند ذكرهما ، فاختصّا بتلك العبادة.

وقال ابن عباس : خسفت الشمس على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فخرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يصلّي والناس معه ، ثم قال : ( أيّها الناس : إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله سبحانه ، لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك ، فأفزعوا إلى ذكر الله تعالى )(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « هي فريضة »(٣) .

وقول الكاظمعليه‌السلام : « إنّه لما قبض إبراهيم ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، جرت ثلاث سُنن : أمّا واحدة ، فإنّه لمـّا مات انكسفت الشمس لفقد ابن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : يا أيّها الناس إنّ الشمس والقمر آيتان‌

____________________

(١) فصّلت : ٣٧.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٤٨ ، اختلاف الحديث ١٣٥ و ١٤٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٢١.

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٤ / ٤ ، التهذيب ٣ : ٢٩٣ / ٨٨٦.

١٦٨

من آيات الله ، يجريان بأمره ، مطيعان له ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا انكسفتا أو واحدة منهما فصلّوا ، ثم نزل فصلّى بالناس صلاة الكسوف »(١) .

والأمر للوجوب ، وقد حصل من النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قولاً وفعلاً.

وقال الجمهور كافّة : بالاستحباب(٢) ، للأصل.

وما ذكرناه يقتضي العدول عنه.

مسألة ٤٧١ : وهي ركعتان تشتمل كلّ ركعة على خمس ركوعات ، وسجدتين‌ عند علمائنا أجمع ، لقول أبي بن كعب : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ركع خمس ركوعات ، ثم سجد سجدتين ، وفعل في الثانية مثل ذلك(٣) .

ومثله روى جابر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله (٤) .

وصلّى عليّعليه‌السلام بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مثل ذلك(٥) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « هي عشر ركعات بأربع سجدات »(٦) .

وقال أبو حنيفة وإبراهيم النخعي والثوري : إنّها ركعتان كالفجر ، فإن زاد ركوعا بطلت صلاته ، لأنّ قبيصة روى : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ،

____________________

(١) الكافي ٣ : ٢٠٨ / ٧ و ٤٦٣ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٥٤ / ٣٢٩.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٩ ، المجموع ٥ : ٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٦٩ ، الوجيز ١ : ٧١ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٨٠ ، الشرح الصغير ١ : ١٨٩ ، المدونة الكبرى ١ : ١٦٤ ، المغني ٢ : ٢٧٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٧٣.

(٣) سنن البيهقي ٣ : ٣٢٩.

(٤) لم نعثر عليه بحدود المصادر المتوفرة لدينا.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٦٨ ، مجمع الزوائد ٢ : ٢٠٧ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٢٩.

(٦) الكافي ٣ : ٤٦٣ - ٤٦٤ / ٢ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ / ٣٣٥.

١٦٩

قال : ( إذا رأيتموها فصلّوا كأحدث صلاة صلّيتموها من المكتوبة )(١) (٢) .

ولا حجّة فيه ، لأنّه مرسل. ولاحتمال أنّه صلّى ركعتين في كلّ ركعة خمس ركوعات. ولأنّ أخبارنا أولى ، لاشتمالها على الزيادة مع عدم لفظ يدلّ على المنافاة.

وقال الشافعي : يصلّي ركعتين في كلّ ركعة ركوعان وسجدتان وقيامان وقراءتان - وبه قال مالك وأحمد وإسحاق ، وروي عن ابن عباس وعثمان - لأنّ ابن عباس وعائشة وصفا صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : في كلّ ركعة ركوعان وسجدتان وقيامان(٣) (٤) .

وأحاديثنا أولى ، لاشتمالها على الزيادة. ولأنّ اُبيّاً أسنّ من ابن عباس وعائشة ، وأعرف بأفعال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لعدم مخالطة عائشة الرجال ، وصغر ابن عباس ، خصوصاً مع فعل عليعليه‌السلام ، وأهل بيته ، كما قلناه.

وقال إسحاق وابن المنذر : إنّه يصلّي ست ركعات وأربع سجدات. وهو مروي عن ابن عباس وعائشة. ورواه الجمهور عن عليّعليه‌السلام . وجوّزه أحمد(٥) .

مسألة ٤٧٢ : وكيفيتها عند علمائنا‌ أن يكبّر للافتتاح اوّلاً ثمّ يقرأ الحمد‌

____________________

(١) سنن أبي داود ١ : ٣٠٨ - ٣٠٩ / ١١٨٥ ، سنن النسائي ٣ : ١٤٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٣٤.

(٢) المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٦ ، المبسوط للسرخسي ٢ : ٧٤ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٨٠ ، المجموع ٥ : ٦٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٠ ،

(٣) سنن أبي داود ١ : ٣٠٧ / ١١٨٠ و ١١٨١ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٠١ / ١٢٦٣ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٢٧.

(٤) الاُم ١ : ٢٤٥ ، المجموع ٥ : ٤٧ و ٦٢ ، حلية العلماء ٢ : ٢٦٧ - ٢٦٨ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٠ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٧٩ ، التفريع ١ : ٢٣٥ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٥.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٧٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٢٧ - ٣٢٨ ، المغني ٢ : ٢٧٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٨١ و ٢٨٢.

١٧٠

وسورة أيّها شاء أو بعضها ، ثم يركع فيذكر الله تعالى ، ثم ينتصب ، فإن كان قد قرأ أوّلاً السورة كملاً ، قرأ الحمد ثانياً ، وسورةً أو بعضها ، ثم يركع فيذكر الله تعالى ، ثم ينتصب ، فإن كان قد أتمّ السورة ، قرأ الحمد وسورة أو بعضها ، وهكذا خمس مرّات ، ثم يسجد سجدتين إذا انتصب من الركوع الخامس بغير قراءة ، ثم يقوم فيعتمد ما فعله أوّلاً خمس مرّات ، ثم يسجد مرّتين ، ثم يتشهد ويُسلّم

وكلّ قيام لم يكمل فيه السورة إذا انتصب من الركوع بعده تمّم السورة أو بعضها من غير أن يقرأ الحمد.

لقول أحدهماعليهما‌السلام : « تبدأ فتكبّر لافتتاح الصلاة ، ثم تقرأ اُمّ الكتاب وسورة ، ثم تركع ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ اُمّ الكتاب وسورة ، ثم تركع الثالثة ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ اُمّ الكتاب وسورة ، ثم تركع الرابعة ، ثم ترفع رأسك من الركوع فتقرأ اُمّ الكتاب وسورة ، ثم تركع الخامسة ، فإذا رفعت رأسك قلت : سمع الله لمن حمده ، ثم تخرّ ساجداً فتسجد سجدتين ، ثم تقوم فتصنع مثل ما صنعت في الْاُولى » قال : قلت : وإن هو قرأ سورة واحدة في الخمس ركعات يفرّقها بينها؟ قال : « أجزأه اُمّ الكتاب في أول مرّة ، وإن قرأ خمس سور ، فمع كلّ سورة اُمّ الكتاب »(١) .

فروع :

أ : لو قرأ في القيام الأول الحمد وبعض السورة‌ هل يتعيّن عليه في الثاني الابتداء من الموضع الذي انتهى إليه ، أم يجوز له أن يقرأ من أيّ موضع اتفق؟

الأحوط : الأول.

ب : لو قرأ بعض السورة في الأول هل يجوز له العدول إلى سورة أُخرى؟ ظاهر كلامه في المبسوط(٢) ذلك ، فيتعيّن أن يقرأ الحمد أوّلاً على‌

____________________

(١) التهذيب ٣ : ١٥٥ / ٣٣٣.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١٧٣.

١٧١

إشكال.

ج : لو قرأ بعض السورة في الأول وسوّغنا العدول ، أو الابتداء بأيّ موضع شاء ، جاز له أن يبتدئ من أول السورة التي قطعها.

وهل تتعيّن حينئذٍ الفاتحة؟ إشكال ينشأ : من إجزاء بعضها بغير الحمد فالكلّ أولى ، ومن وجوب قراءة الحمد مع الابتداء بأول السورة.

د : الأقرب : وجوب كمال السورة في الخمس‌ لصيرورتها حينئذٍ بمنزلة ركعة فيجب فيها الحمد وسورة.

وهل يجوز تفريق سورتين أو ثلاث؟ إشكال ينشأ : من تجويز قراءة خمس وسورة فجاز الوسط ، ومن كونها بمنزلة ركعة فلا تجوز الزيادة أو خمس فيجب الخمس. والأقرب : الجواز.

ه - : الأقرب : جواز أن يقرأ في الخمس سورة‌ وبعض اُخرى ، فإذا قام إلى الثانية ، ابتدأ بالحمد وجوباً ، لأنّه قيام عن سجود ، فوجب فيه الفاتحة ، ثم يبتدئ بسورة من أولها ، ثم إمّا أن يكملها أو يقرأ بعضها.

ويحتمل أن يقرأ من الموضع الذي انتهى إليه أوّلاً من غير أن يقرأ الحمد ، لكن يجب أن يقرأ الحمد في الركعة الثانية بحيث لا يجوز له الاكتفاء بالحمد مرّة في الركعتين معاً.

و : الأقرب : أنّه ليس له إذا قرأ في قيام بعض السورة أن يقرأ في القيام الذي بعده بعضاً من سورة اُخرى‌ ، بل إمّا أن يكملها ، أو يقرأ من الموضع الذي انتهى إليه بعضها.

ز : يستحب له بعد تكبيرة الافتتاح أن يدعو بالتوجّه‌ كغيرها من الفرائض.

مسألة ٤٧٣ : يستحب أن يقرأ السور الطوال مع السعة ، مثل : الكهف والأنبياء ، لقول زرارة ومحمد بن مسلم : كان الباقرعليه‌السلام

١٧٢

يستحب أن يقرأ فيها بالكهف والحجر ، إلّا أن يكون إماماً يشقّ على مَنْ خلفه(١) .

وفي رواية أبي بصير : « مثل يس والنور »(٢) .

وقال الشافعي : يقرأ في الْاُولى سورة البقرة أو بقدر آيها ، وكذا في القيام الثاني ، ثم يسجد ، ثم يقوم فيقرأ بعد الحمد مائة وخمسين آية من البقرة ، وفي القيام الثاني بقدر مائة آية من البقرة ، ولو ضاق الوقت لم تجز الإِطالة(٣) .

مسألة ٤٧٤ : يستحب الإِطالة بقدر الكسوف ، وبه قال الفقهاء - خلافاً لأبي حنيفة(٤) - لأنّ عائشة قالت : خسفت الشمس في حياة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في المسجد بالناس ، وقرأ قراءة طويلة ، وركع ركوعاً طويلاً(٥) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « كسفت الشمس في زمن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلّى بالناس ركعتين ، وطوّل حتى غشي على بعض القوم ممّن كان وراءه من طول القيام »(٦) .

ولأنّ الغاية استدفاع المخوف وطلب ردّ النور ، فينبغي الاستمرار باستمراره.

مسألة ٤٧٥ : ويستحب إطالة الركوع والسجود.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٤ / ٢ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ / ٣٣٥.

(٢) التهذيب ٣ : ٢٩٤ / ٨٩٠.

(٣) الام ١ : ٢٤٥ ، المجموع ٥ : ٤٨ ، مختصر المزني : ٣٢ ، الوجيز ١ : ٧٠ ، فتح العزيز ٥ : ٧٣ ، حلية العلماء ٢ : ٢٦٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٢.

(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٧٤ و ٧٥ ، اللباب ١ : ١١٩ - ١٢٠.

(٥) صحيح مسلم ٢ : ٦١٨ - ٦١٩ / ٩٠١ ، سنن أبي داود ١ : ٣٠٧ - ١١٨٠ ، سنن الترمذي ٢ : ٤٤٩ / ٥٦١ ، سنن النسائي ٣ : ١٣٠ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٠١ / ١٢٦٣ ، سنن الدار قطني ٢ : ٦٣ / ٣ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٢١.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٩٣ / ٨٨٥.

١٧٣

أمّا إطالة الركوع : فقال علماؤنا : يستحب أن يكون بقدر قراءته ، لأنّ عبد الله بن عمر قال في صفة صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله : قام قياماً طويلاً ، وركع ركوعاً طويلاً(١) . وظاهره المساواة في نظيره.

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « وتطيل القنوت على قدر القراءة والركوع والسجود ، فإن تجلّى قبل أن تفرغ أتمَّ ما بقي »(٢) .

وهو أحد قولي الشافعي ، وبه قال مالك وأحمد وإسحاق وأبو ثور(٣) .

وفي الآخر : يركع فيسبّح في الأول بقدر مائة آية من سورة البقرة ، وفي الركوع الثاني بقدر ثلثي الركوع الأول ، وفي الركوع الثالث - الذي هو أول ركوع الثانية - بقدر سبعين من سورة البقرة ، وفي الرابع - وهو ثاني الثانية - بقدر خمسين آية من سورة البقرة ، لرواية ابن عباس(٤) (٥) .

وقال أبو حنيفة : يركع مثل ركوع الفجر(٦) .

وأمّا إطالة السجود : فاستحبّه علماؤنا - وبه قال أحمد والشافعي في أحد القولين(٧) - لقول ابن عمر في صفة صلاة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في الكسوف : ثم سجد فلم يكد يرفع(٨) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « تطيل الركوع‌

____________________

(١) سنن ابي داود ١ : ٣١٠ / ١١٩٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٢٤.

(٢) الكافي ٣ : ٤٦٣ - ٤٦٤ / ٢ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ / ٣٣٥.

(٣) المجموع ٥ : ٤٩ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٧٩ ، التفريع ١ : ٢٣٦ ، الشرح الصغير ١ : ١٩٠ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٥.

(٤) صحيح البخاري ٢ : ٤٦ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٢٦ / ٩٠٧ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٢١.

(٥) الاُم ١ : ٢٤٥ ، مختصر المزني : ٣٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٢٩ ، فتح العزيز ٥ : ٧٣ ، مغني المحتاج ١ : ٣١٨ - ٣١٩.

(٦) المبسوط للسرخسي ٢ : ٧٤ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨٨ ، المجموع ٥ : ٦٢ ، حلية العلماء ٢ : ٢٦٨ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٦.

(٧) المجموع ٥ : ٤٩ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٥ ، كشاف القناع ٢ : ٦٣.

(٨) سنن أبي داود ١ : ٣١٠ / ١١٩٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٢٤.

١٧٤

والسجود »(١) .

وقال الشافعي في الآخر : لا يستحب إطالة السجود ، لأنّه لم ينقل(٢) .

وهو ممنوع.

مسألة ٤٧٦ : يستحب له أن يكبّر كلّما انتصب من الركوع ، إلّا في الخامس والعاشر ، فإنّه يقول فيهما : سمع الله لمن حمده ، عند علمائنا ، لأنّ التكبير أعظم وأتمّ في الإِجلال فكان أولى.

ولأنّ الركوعات وإن تكرّرت فهي تجري مجرى ركعة واحدة ، فيكون « سمع الله » في آخرها كغيرها من الفرائض.

وقول الصادقعليه‌السلام : « تركع وتكبّر وترفع رأسك بالتكبير ، إلّا في الخامسة والعاشرة ، تقول : سمع الله لمن حمده »(٣) .

وقال الجمهور : تقول في كلّ رفع : سمع الله لمن حمده ربّنا ولك الحمد ، لأنّه قيام عن الركوع ، فاستحبّ هذا القول كغيرها من الفرائض(٤) .

والفرق ما تقدّم.

مسألة ٤٧٧ : يستحب أن يقنت خمس مرّات : في القيام الثاني من الركوعات ، والرابع والسادس والثامن والعاشر‌ - خلافاً للجمهور ، فإنّهم أنكروا القنوت(٥) - لقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « والقنوت في الركعة الثانية قبل الركوع ، ثم في الرابعة والسادسة والثامنة والعاشرة »(٦) .

ولأن القنوت مظنّة إجابة الدعاء ، فشرّع للحاجة ، كما قنت النبي صلّى‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤٦٤ / ٢ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ / ٣٣٥.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٩ ، المجموع ٥ : ٤٩ ، الوجيز ١ : ٧١ ، فتح العزيز ٥ : ٧٣.

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٤ / ٢ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ / ٣٣٥ وفيهما عن الإمام الباقرعليه‌السلام .

(٤) المجموع ٥ : ٥٢ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٥.

(٥) كما في المعتبر للمحقق الحلّي : ٢١٨.

(٦) التهذيب ٣ : ١٥٥ - ١٥٦ / ٣٣٣.

١٧٥

الله عليه وآله ، على المشركين(١) .

مسألة ٤٧٨ : يستحب إيقاعها تحت السماء ، لأنّه في موضع سؤال وطلب حاجة ردّ النور ، فاستحبت تحت السماء ، كغيرها من صلوات الحوائج.

ولأنّه مقام خضوع واستكانة واستعطاف ، فشرّع فيها البروز تحت السماء ، كالاستسقاء.

وقول الباقرعليه‌السلام : « وإن استطعت أن تكون صلاتك بارزاً لا يجنّك(٢) بيت فافعل »(٣) .

وقال الشافعي : يكون في المساجد ، وأطلق ، وكذا أحمد(٤) ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صلّاها في المسجد(٥) .

ولأنّ وقته ضيّق ، فلو خرج إلى المصلّى احتمل الانجلاء قبل فعلها.

ولا يلزم من صلاتهعليه‌السلام في المسجد منافاة ما قلناه ، لأنّ مسجدهعليه‌السلام كان بارزاً.

ولا نقول بالخروج إلى المصلّى مع ضيق الوقت ، بل أين صُلّيت تصلّى تحت السماء.

مسألة ٤٧٩ : يستحب الجهر بالقراءة في الكسوفين عند علمائنا‌ - وبه قال أحمد وأبو يوسف ومحمد وإسحاق(٦) - لأنّ عائشة قالت : خسفت الشمس‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٣٢ ، صحيح مسلم ١ : ٤٦٨ / ٦٧٧ ، سنن أبي داود ٢ : ٦٨ / ١٤٤٢ و ١٤٤٣ ، سنن النسائي ٢ : ٢٠٠ ، مسند أحمد ٣ : ١٩٦.

(٢) جنّ : ستر. القاموس المحيط ٤ : ٢١٠ « جنن ».

(٣) الكافي ٣ : ٤٦٣ - ٤٦٤ / ٢ ، التهذيب ٣ : ١٥٦ - ١٥٧ / ٣٣٥.

(٤) المجموع ٥ : ٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٧٥ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٤.

(٥) صحيح البخاري ٢ : ٤٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٦١٩ - ٣ ، سنن أبي داود ١ : ٣٠٧ / ١١٨٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٤١ ، سنن الدار قطني ٢ : ٦٣ / ٣.

(٦) المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٥ ، المجموع ٥ : ٥٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٢ ، المبسوط =

١٧٦

على عهد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فصلّى ، وجهر في صلاته بالقراءة(١) .

ومن طريق الخاصة : قول الشيخ في الخلاف : روي عن عليعليه‌السلام أنه صلّى لكسوف الشمس ، فجهر فيها بالقراءة(٢) .

قال الشيخ : وعليه إجماع الفرقة(٣) .

وقال الشافعي : يسرّ في خسوف الشمس ، ويجهر في خسوف القمر - وبه قال أبو حنيفة ومالك(٤) - لأنّ سمرة بن جندب قال : خسفت الشمس فصلّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقام أطول قيامه في صلاة قطّ ، ولم أسمع له حسّاً(٥) .

ولأنّها صلاة نهار فلم يجهر فيها كالظهر(٦) .

وهذا القول عندي لا بأس به ، لقول الباقرعليه‌السلام ، في حديث صحيح : « ولا تجهر بالقراءة»(٧) وهو أصحّ حديث بلغنا في هذا الباب.

____________________

= للسرخسي ٢ : ٧٦ ، اللباب ١ : ١١٩ ، سبل السلام ٢ : ٥٠٧ ، حلية العلماء ٢ : ٢٦٨.

(١) صحيح البخاري ٢ : ٤٩ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٢٠ / ٥ ، سنن الترمذي ٢ : ٤٥٢ / ٥٦٣ ، سنن النسائي ٣ : ١٤٨ ، سنن الدار قطني ٢ : ٦٣ / ٥.

(٢) الخلاف ١ : ٦٨١ المسألة ٤٥٥ وانظر : سنن البيهقي ٣ : ٣٣٦.

(٣) الخلاف ١ : ٦٨١ المسألة ٤٥٥.

(٤) المبسوط للسرخسي ٢ : ٧٦ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨٨ ، الاختيار ١ : ٩١ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٧٩ ، التفريع ١ : ٢٣٥ ، بداية المجتهد ١ : ٢١٢ ، فتح العزيز ٥ : ٧٦ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٦٨.

(٥) سنن أبي داود ١ : ٣٠٨ / ١١٨٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٤٠٢ / ١٢٦٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٣٥.

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١٢٩ ، المجموع ٥ : ٥٢ ، فتح العزيز ٥ : ٧٦ ، حلية العلماء ٢ : ٢٦٨ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٥ - ٢٧٦.

(٧) لم نعثر على هذه الرواية بهذا اللفظ ، بل الموجود في الكافي ٣ : ٤٦٣ - ٤٦٤ / ٢ ، والتهذيب ٣ : ١٥٦ / ٣٣٥ : رواية زرارة ومحمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام : « وتجهر

١٧٧

وعلى كلّ تقدير ، فإنّ الخلاف في الاستحباب لا الوجوب ، فلو جهر في الكسوف وخافت في خسوف القمر ، جاز إجماعاً.

المطلب الثاني : في الموجب واللواحق‌

مسألة ٤٨٠ : كسوف الشمس سبب لهذه الصلاة‌ إجماعاً ، وجوباً عندنا ، واستحباباً عند الجمهور.

وكذا خسوف القمر عند علمائنا أجمع - وبه قال عطاء والحسن والنخعي والشافعي وأحمد وإسحاق(١) - لقولهعليه‌السلام : ( إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فصلّوا )(٢) فأمر بالصلاة لهما أمرا واحدا.

ومن طريق الخاصة : قول الكاظمعليه‌السلام : « فصعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله المنبر ، فحمد الله وأثنى عليه ، ثم قال : أيّها الناس إنّ الشمس والقمر آيتان من آيات الله يجريان بأمره ، مطيعان له ، لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ، فإذا انكسفا أو واحدة منهما فصلّوا ، ثم نزل فصلّى بالناس صلاة الكسوف »(٣) .

____________________

= بالقراءة ».

وقد اختلف كلام المصنف -رحمه‌الله - في هذه المسألة وكيفيّة استدلاله بهذه الرواية : ففي هذا الكتاب خالف ما ذهب إليه علماؤنا ، ورجّح قول الشافعي بالسرّ في كسوف الشمس مستدلّاً برواية الإِمام الباقرعليه‌السلام وبلفظ « ولا تجهر بالقراءة ».

وفي المنتهى ١ : ٣٥١ أيّد ما ذهب إليه علماؤنا ، واستدلّ أيضا بقول الباقرعليه‌السلام ، لكنّه أورده بلفظ « وتجهر بالقراءة ».

(١) المجموع ٥ : ٤٤ ، فتح العزيز ٥ : ٦٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣١٦ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٧٣.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٤٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٣٠ - ٩١٤ و ٩١٥ ، سنن الدار قطني ٢ : ٦٥ / ١١ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٢٠.

(٣) الكافي ٣ : ٢٠٨ / ٧ و ٤٦٣ / ١ ، التهذيب ٣ : ١٥٤ / ٣٢٩.

١٧٨

ولأنّه أحد الكسوفين ، وهو من الاُمور المخوفة ، ويطلب فيه ردّ النور ، فشرّعت الصلاة له كالشمس.

وقال مالك : ليس لكسوف القمر سنّة(١) .

مسألة ٤٨١ : وتجب هذه الصلاة عند الزلزلة عند علمائنا أجمع‌ - وبه قال أبو ثور وإسحاق وأبو حنيفة لا وجوباً بل استحباباً كالكسوفين(٢) - لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إنّ هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد ولا لحياته ، فإذا رأيتم ذلك فصلّوا )(٣) .

ولأنّهعليه‌السلام علّل الكسوف : بأنه آية من آيات الله يخوّف بها عباده(٤) .

وصلّى ابن عباس للزلزلة بالبصرة(٥) .

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام ، والصادقعليه‌السلام : « إنّ صلاة كسوف الشمس والقمر ، والرجفة والزلزلة عشر ركعات ، وأربع سجدات »(٦) .

ولأنّ المقتضي - وهو الخوف - موجود هنا ، فثبت معلوله.

وقال مالك والشافعي : لا يصلّى لغير الكسوفين ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يفعله(٧) .

____________________

(١) المدونة الكبرى ١ : ١٦٤.

(٢) بدائع الصنائع ١ : ٢٨٢ ، الحجة على أهل المدينة ١ : ٣٢٤ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٨٢.

(٣ و ٤ ) صحيح البخاري ٢ : ٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٢٨ - ٦٢٩ / ٩١٢ ، سنن النسائي ٣ : ١٥٤.

(٥) مصنف عبد الرزاق ٣ : ١٠١ -/ ٤٩٢٩ ، مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٧٢ ، سنن البيهقي ٣ : ٣٤٣.

(٦) التهذيب ٣ : ١٥٥ / ٣٣٣.

(٧) بلغة السالك ١ : ١٩٠ ، القوانين الفقهية : ٨٥ ، الوجيز ١ : ٧٢ ، فتح العزيز ٥ : ٨٤ - ٨٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٧٠ ، المغني ٢ : ٢٨٢ - ٢٨٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٨٣.

١٧٩

وهو ممنوع بما تقدّم‌

مسألة ٤٨٢ : وتجب هذه الصلاة لأخاويف السماء‌ ، كالظلمة العارضة والحمرة الشديدة والرياح العظيمة والصيحة - وبه قال أبو حنيفة استحباباً(١) - لعموم قولهعليه‌السلام : ( إنّ هذه الآيات )(٢) . ولأنّه علّل الكسوف : بأنّه آية(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « كلّ أخاويف السماء من ظلمة أو ريح أو فزع فصلّ له صلاة الكسوف حتى يسكن »(٤) .

ولأنّه أمر مخوف ، فشرّع فيه الصلاة ، كالكسوف.

وقال باقي الجمهور : لا يصلّى لها شي‌ء ، لعدم النقل(٥) . وقد بيّناه.

مسألة ٤٨٣ : وقت صلاة الكسوفين من حين الابتداء في الكسف إلى ابتداء الانجلاء‌ عند علمائنا ، لزوال الحذر.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « إذا انجلى منه شي‌ء فقد انجلى »(٦) .

وقال أبو حنيفة والشافعي واحمد : إلى أن ينجلي بكماله(٧) ، لقولهعليه‌السلام : ( فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله تعالى ، والصلاة حتى‌

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ٢ : ٧٥ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٨٢ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٨٢.

(٢ و٣ ) صحيح البخاري ٢ : ٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٢٨ - ٦٢٩ / ٩١٢ ، سنن النسائي ٣ : ١٥٤.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ٤٨ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٢٨ - ٦٢٩ - ٩١٢ ، سنن النسائي ٣ : ١٥٤.

(٤) الكافي ٣ : ٤٦٤ / ٣ ، الفقيه ١ : ٣٤٦ / ١٥٢٩ ، التهذيب ٣ : ١٥٥ / ٣٣٠.

(٥) المغني والشرح الكبير ٢ : ٢٨٣ ، بلغة السالك ١ : ١٩٠ ، الميزان للشعراني ١ : ٢٠٠ ، حلية العلماء ٢ : ٢٧٠ ، الوجيز ١ : ٧٢ ، فتح العزيز ٥ : ٨٤ - ٨٥.

(٦) الفقيه ١ : ٣٤٧ / ١٥٣٥ ، التهذيب ٣ : ٢٩١ / ٨٧٧.

(٧) المجموع ٥ : ٥٤ ، فتح العزيز ٥ : ٧٩ ، مغني المحتاج ١ : ٣١٩ ، المغني ٢ : ٢٨٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٧٩ ، وانظر : المبسوط للسرخسي ٢ : ٧٦ ، بدائع الصنائع ١ : ٢٨٢ ، وعمدة القارئ ٧ : ٧٩.

١٨٠