تذكرة الفقهاء الجزء ٤

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473
المشاهدات: 205817
تحميل: 6408


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 473 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 205817 / تحميل: 6408
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 4

مؤلف:
ISBN: 964-5503-44-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ي : لو وقف المأموم في بيت دار والإِمام في آخر‌ ، فإن كان عن يمينه أو يساره ، واتّصلت الصفوف به بتواصل المناكب ، أو بقيت فرجة لا تتّسع للواقف ، صحّت إذا كان الباب على سمت الإِمام أو صفّة.

وإن كان خلفه والباب مفتوح يشاهد منه الإِمام أو بعض المأمومين ، صحّ أيضاً ، وإلّا فلا.

الشرط الخامس : عدم علوّ الإِمام على موضع المأموم بالمعتدّ به‌ ، فلو صلّى الإِمام على موضع أرفع من موضع المأموم بما يُعتدّ به ، بطلت صلاة المأموم ، عند علمائنا ، سواء أراد تعليمهم أو لا ، لما رواه الجمهور أنّ عمّار ابن ياسر كان بالمدائن ، فاُقيمت الصلاة ، فتقدّم عمّار ، فقام على دكان والناس أسفل منه ، فتقدّم حذيفة فأخذ بيده حتى أنزله ، فلمـّا فرغ من صلاته ، قال له حذيفة : ألم تسمع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقول : ( إذا أمَّ الرجل القوم فلا يقومنَّ في مكان أرفع من مقامهم )؟ قال عمّار : فلذلك اتّبعتك حين أخذت على يدي(١) .

وأمّ حذيفة بالمدائن على دكان ، فأخذ عبد الله بن مسعود(٢) ، بقميصه فجبذه(٣) ، فلمـّا فرغ من صلاته قال : ألم تعلم أنّهم كانوا ينهون عن ذلك؟

قال : بلى ذكرت حين جبذتني(٤) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « إن كان الإِمام على شبه دكان أو على موضع أرفع من موضعهم ، لم تجز صلاتهم ، ولو كان أرفع منهم بقدر إصبع أو أكثر أو أقلّ إذا كان الارتفاع بقدر شبر ، وكان(٥) أرضاً

____________________

(١) سنن أبي داود ١ : ١٦٣ / ٥٩٨ ، سنن البيهقي ٣ : ١٠٩.

(٢) كذا في « ش ، م » وفي المصادر : أبو مسعود.

(٣) الجبذ لغة في الجذب. النهاية لابن الأثير ١ : ٢٣٥ « جبذ ».

(٤) سنن أبي داود ١ : ١٦٣ / ٥٩٧ ، سنن البيهقي ٣ : ١٠٨ ، وانظر المغني ٢ : ٤١ - ٤٢.

(٥) في الكافي : فإن كان. وفي التهذيب : فإن كانت. وفي الفقيه : وإن كانت.

٢٦١

مبسوطةً ، وكان في موضع منها ارتفاع ، فقام الإِمام في الموضع المرتفع ، وقام مَنْ خلفه أسفل منه، والأرض مبسوطة إلّا أنّهم في موضع منحدر ، قال : لا بأس »(١) .

ولأنّه يحتاج إلى معرفة حال إمامه في ركوعه وسجوده ، فيحتاج أن يرفع بصره إليه ليشاهده ، وهو منهي عنه في الصلاة.

وقال مالك والأوزاعي وأصحاب الرأي : إنّه مكروه(٢) - وهو قول الشيخ في الخلاف(٣) - لحديث عمّار وحذيفة(٤) .

وهو يدلّ على المنع والنهي ، وظاهرهما : التحريم.

وقال الشافعي : اختار للإِمام الذي يُعلّم مَنْ خلفه أن يصلّي على الشي‌ء المرتفع فيراه مَنْ خلفه فيقتدون بركوعه ، لأنّ سهل بن سعد الساعدي قال : صلّى بنا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو على المنبر لمـّا صنع له ، فصعد عليه فاستقبل القبلة فكبّر ثم قرأ ثم ركع ثم نزل القهقري فسجد ثم صعد فقرأ ثم ركع ثم نزل القهقري فسجد ، فلمـّا فرغ من صلاته قال : ( إنّما فعلت ذلك لتأتمّوا بي وتعلموا صلاتي )(٥) (٦) .

ونمنع الحديث. سلّمنا ، لكن الظاهر أنّه كان على الدرجة السفلى لئلّا يحتاج إلى عمل كثير في الصعود والنزول ، فيكون ارتفاعاً يسيراً.

ولأنّه من خصائصه ، لأنّه فعل شيئاً ، ونهى عنه ، فيكون فعله له ونهيه لغيره ، ولهذا لا يستحب مثله لغير النبيعليه‌السلام .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٣٨٦ / ٩ ، التهذيب ٣ : ٥٣ / ١٨٥ ، والفقيه ١ : ٢٥٣ - ٢٥٤ / ١١٤٦.

(٢) المدونة الكبرى ١ : ٨١ ، القوانين الفقهية : ٧٠ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٩ ، المغني ٢ : ٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٨.

(٣) الخلاف ١ : ٥٥٦ ، المسألة ٣٠١.

(٤) تقدّما قريباً.

(٥) الاُم ١ : ١٧٢ ، المجموع ٤ : ٢٩٥ ، المغني ٢ : ٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٨.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٣٨٦ / ٥٤٤ ، مسند أحمد ٥ : ٣٣٩ ، سنن البيهقي ٣ : ١٠٨.

٢٦٢

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يتم الصلاة على المنبر ، فإنّ سجوده وجلوسه إنّما كان على الأرض ، بخلاف ما وقع فيه الخلاف ، أو أنّهعليه‌السلام علّم الصلاة ، ولم يقتدوا به.

وحكى الطحاوي عن أبي حنيفة كراهيته إذا كان ارتفاعه يجاوز القامة(١) .

فروع :

أ : لو صلّى الإِمام على سطح والمأموم على آخر وبينهما طريق ، صحّ‌ مع عدم التباعد وعلوّ سطح الإِمام.

ب : لو صلّى المأموم على الموضع المنخفض بالمعتدّ به ، بطلت صلاته‌ - وبه قال الأوزاعي(٢) - لأنّ النهي يقتضي الفساد.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « لم تجز صلاتهم »(٣) .

وقال أصحاب الرأي : لا تبطل ، لأنّ عماراً أتمّ صلاته(٤) ، ولو كانت فاسدةً ، استأنفها(٥) .

ويحمل على الجذب قبل التحريم.

ج : لو كان مع الإِمام مَنْ هو مساوٍ وأعلى وأسفل ، اختص التحريم بالأسفل ، لوجود المعنى فيه دون غيره.

د : لا تبطل صلاة الإِمام لو صلّى على المرتفع ، بل يختص البطلان بالأسفل‌ ، لاختصاص النهي بالأسفل.

وقال بعض الجمهور : تبطل صلاة الإِمام ، لأنّه منهي عن القيام في‌

____________________

(١) حلية العلماء ٢ : ١٨٣.

(٢) المغني ٢ : ٤٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٩ ، المجموع ٤ : ٢٩٥.

(٣) الكافي ٣ : ٣٨٦ / ٩ ، الفقيه ١ : ٢٥٣ - ٢٥٤ / ١١٤٦ ، التهذيب ٣ : ٥٣ / ١٨٥.

(٤) سنن أبي داود ١ : ١٦٣ / ٥٩٨.

(٥) المغني ٢ : ٤٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٩.

٢٦٣

مكان أعلى من مقامهم(١) .

ونمنع توجّه النهي إلى الإِمام ، بل إلى المأموم خاصة.

ه- : لو كان العلوّ يسيراً ، جاز‌ إجماعاً ، وهل يتقدّر بشبر أو بما لا يتخطّى؟ الأقرب : الثاني.

و : لو كان المأموم أعلى من الإِمام ، صحّت صلاته‌ وإن كان على شاهق وإن كان خارج المسجد أو كانت الصلاة جمعةً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال أحمد وأصحاب الرأي(٢) - لقول الصادقعليه‌السلام : « إن كان الإِمام أسفل من موضع المأموم فلا بأس ».

وقالعليه‌السلام : « لو كان رجل فوق بيت أو غير ذلك والإِمام على الأرض جاز أن يصلّي خلفه ويقتدي به »(٣) .

وللأصل مع عدم النهي وما في معناه.

وقال الشافعي : إذا صلّى في سطح داره بصلاة الإِمام في المسجد ، لم تصح ، لأنّها بائنة من المسجد ، وليس بينهما قرار يمكن اتّصال الصفوف فيه ، وإن كان السطح في المسجد وصلّى بإمام في صحنه ، صحّت صلاته(٤) .

وقال مالك : إذا صلّى الجمعة فوق سطح المسجد ، أعاد(٥) .

وليس بجيّد ، لعدم دليل التخصيص.

الشرط السادس : نية الاقتداء ، بإجماع العلماء ، إذ ليس للمرء من عمله إلّا ما نواه.

____________________

(١) المغني ٢ : ٤٢ ، والشرح الكبير ٢ : ٧٩.

(٢) المغني ٢ : ٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٩ ، الإِنصاف ٢ : ٢٩٨.

(٣) الكافي ٣ : ٣٨٦ / ٩ ، الفقيه ١ : ٢٥٣ / ١١٤٦ ، التهذيب ٣ : ٥٣ / ١٨٥.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٠٧ ، المجموع ٤ : ٣٠٢ و ٣٠٨ ، فتح العزيز ٤ : ٣٤٣ - ٣٤٤ و ٣٦١ ، الميزان للشعراني ١ : ١٧٥ ، المغني ٢ : ٣٩ والشرح الكبير ٢ : ٧٩.

(٥) المدونة الكبرى ١ : ١٥١ ، الشرح الصغير ١ : ٦١ و ١٧٩ ، القوانين الفقهية : ٧٩ ، المغني ٢ : ٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٧٩.

٢٦٤

ولا تكفي نيّة الجماعة ، لاشتراكها بين الإِمام والمأموم ، فليس في نية الجماعة المطلقة نيّة الاقتداء وربط الفعل بفعل الغير.

ولأنّ المأموم تسقط عنه القراءة الواجبة على المنفرد ، فلا بدّ من نية الائتمام ، ليسقط عنه وجوب القراءة.

فإن لم ينو الاقتداء ، انعقدت صلاته منفرداً ، فإن ترك القراءة ، بطلت صلاته ، وإن قرأ معتقداً عدم الوجوب فكذلك ، وإلّا صحّت ، سواء تابعه في أفعاله أو لا ، لأنّه ليس فيه إلّا أنّه قرن فعله بفعل غيره ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

وأصحّهما : البطلان ، لأنّه وقّف صلاته على صلاة الغير لا لاكتساب فضيلة الجماعة ، وفيه ما يبطل الخشوع ويشغل القلب(١) .

ونمنع اقتضاء ذلك البطلان.

نعم لو طال الانتظار من غير عذر ، فالوجه : البطلان.

ولو اتّفق انقضاء أفعاله مع أفعال الغير ، فليس متابعة ، ولا تبطل به الصلاة إجماعاً.

ولو شك في نيّة الاقتداء خلال الصلاة ، فهو كما لو شك في أصل النيّة ، وقد بيّنّا البطلان إن كان المحلّ باقياً ، وعدم الالتفات إن كان قد انتقل.

مسألة ٥٥٤ : يجب تعيين الإِمام في نيّته إمّا باسمه أو بوصفه‌ ولو بكونه الإِمام الحاضر ؛ ليمكن متابعته.

ولو عيّن بغير وصف كونه الإِمام الحاضر فأخطأ ، بطلت صلاته ، لأنّه لم ينو الاقتداء بهذا المصلّي ، وما نواه لم يقع له ، لعدم إمكانه ، فبطلت صلاته.

____________________

(١) المجموع ٤ : ٢٠٠ - ٢٠١ ، فتح العزيز ٤ : ٣٦٣.

٢٦٥

وكذا البحث لو عيّن الميت في صلاة الجنازة وأخطأ ، فإنّه يجب عليه إعادة الصلاة عليه.

ولو كان بين يديه اثنان يصلّيان ، فنوى الائتمام بأحدهما لا بعينه ، لم تصحّ ، لعدم إمكان متابعتهما على تقدير الاختلاف ، وعدم أولويّة أحدهما.

ولو نوى الائتمام بهما معاً ، لم تصح ، للاختلاف ، فلا يمكن متابعتهما.

ولو نوى الاقتداء بالمأموم لم تصحّ صلاته إجماعاً ، لأنّه لا يجوز أن يكون إماماً وهو مأموم.

ولا فرق بين أن يكون عالماً أو جاهلاً للحكم أو للوصف.

فلو خالف المأموم سنّة الموقف ، فوقف على يسار الإِمام ، فنوى الداخل الاقتداء بالمأموم ظنّاً أنّه الإِمام ، لم تصح صلاته - وبه قال الشافعي(١) - لأنّه لا يجوز أن يكون إماماً وهو مأموم بحال ، فلم يعف عن الخطأ في ذلك.

مسألة ٥٥٥ : لا تشترط نية الإِمامة ، فلو صلّى منفرداً فدخل قوم وصلّوا بنية الاقتداء به ، صحّت صلاتهم‌ وإن لم يجدّد نية الإِمامة.

وكذا لو صلّى بنية الانفراد مع علمه بأنّ مَنْ خلفه يأتمّ به ، عند علمائنا ، وبه قال الشافعي ومالك والأوزاعي ، واختاره ابن المنذر ، وبه قال أبو حنيفة أيضاً ، إلّا إذا أمّ النساء فإنه شرط نيّة الإِمامة لهنّ(٢) .

لرواية أنس أن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يصلّي في رمضان قال :

____________________

(١) المجموع ٤ : ٢٠٢.

(٢) المجموع ٤ : ٢٠٢ و ٢٠٣ ، فتح العزيز ٤ : ٣٦٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٥٧ ، الميزان للشعراني ١ : ١٧٣ ، مغني المحتاج ١ : ٢٥٣ ، كفاية الأخيار ١ : ٨١ ، المدونة الكبرى ١ : ٨٦ ، بلغة السالك ١ : ١٦١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ١٨٥ ، بدائع الصنائع ١ : ١٢٨ ، ولم نعثر على قول الأوزاعي وابن المنذر بحدود المصادر المتوفرة لدينا.

٢٦٦

فجئت فقُمْت إلى جنبه ، وجاء رجل فقام إلى جنبي حتى كنّا رهطاً ، فلمـّا أحسّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أنّا خلفه جعل يتجوّز(١) في الصلاة ، فقلنا له حين فرغ : أفطنت بنا الليلة؟ فقال : ( نعم ذاك الذي حملني على الذي صنعت )(٢) .

ولأن أفعال الإِمام مساوية لأفعال المنفرد ، فلا تعتبر نيّة الإِمامة ، لعدم الاختلاف في الهيئات والأحكام.

وقال الثوري وأحمد وإسحاق : تشترط نية الإِمامة ، فإن لم ينو الإِمام الإِمامة ، بطلت صلاة المأمومين(٣) ، لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( الأئمة ضمناء )(٤) ولا يضمن إلّا بعد العلم.

ونمنع اشتراط العلم في الضمان ، ولِمَ لا تكفي في ثبوت هذا الضمان نيّة المأموم؟ إذ الإِمام إنّما يتحمّل القراءة والسهو ، فهو ضامن لذلك.

فروع :

أ : لو صلّى اثنان ونوى كلٌّ منهما أنّه إمام لصاحبه ، صحّت صلاتهما‌ - وبه قال الشافعي(٥) - لأنّ كلّاً منهما احتاط لصلاته بما يجب على المنفرد ، فلم تلزمه الإِعادة ، ونيّة الإِمامة ليست منافية لصلاة المنفرد ، فلم تقدح في الصلاة.

ولقول عليعليه‌السلام : « صلاتهما تامة »(٦) .

____________________

(١) تجوّز : خفّف. الصحاح ٣ : ٨٧١ ، النهاية لابن الأثير ١ : ٣١٥ « جوز ».

(٢) صحيح مسلم ٢ : ٧٧٥ / ١١٠٤.

(٣) المغني ٢ : ٦٠ ، الانصاف ٢ : ٢٧ ، المجموع ٤ : ٢٠٣ ، فتح العزيز ٤ : ٣٦٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٥٧ ، الميزان للشعراني ١ : ١٧٣.

(٤) سنن البيهقي ١ : ٤٣٠ ، كنز العمّال ٧ : ٦٨٦ / ٢٠٩١٩.

(٥) الاُم ١ : ١٧٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠١ ، المجموع ٤ : ٢٠١ ، فتح العزيز ٤ : ٣١٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢٣٨.

(٦) الكافي ٣ : ٣٧٥ / ٣ ، الفقيه ١ : ٢٥٠ / ١١٢٣ ، التهذيب ٣ : ٥٤ / ١٨٦.

٢٦٧

وقال أحمد : لا تصح ، لأنّه نوى الإِمامة ولا مأموم(١) .

ونمنع اقتضاءه البطلان.

ب : لو نوى كلّ منهما أنّه مأموم لصاحبه ، بطلت صلاتهما‌ إجماعاً.

ولأنّهما قد أخلّا بشرط الصلاة ، وهو : وجوب القراءة.

ولقول عليعليه‌السلام ، وقد سئل في رجلين اختلفا - إلى أن قال - فإن قال كلّ واحد منهما : كنت أئتمّ بك؟ قال : « صلاتهما فاسدة ليستأنفا »(٢) .

ج : لو قال كلٌّ منهما : لم أدر نويت الإِمامة أو الائتمام بعد الفراغ من الصلاة ، احتمل أن يعيدا‌ ، لأنّه لم يحصل الاحتياط في أفعال الصلاة بيقين.

والصحة ، لأنّه شك في شي‌ء بعد الفراغ منه.

أما لو شكّا في أثناء الصلاة أيّهما الإِمام ، بطلت صلاتهما ، لأنّهما لا يمكنهما المضيّ في الصلاة ، وأن يقتدي أحدهما بالآخر.

د : لو صلّى بصلاة مَنْ سبقه منفرداً بركعة فما زاد صحّ ائتمامه في الفرض والنفل‌ - وبه قال الشافعي(٣) - لأنّ نية الإِمامة ليست شرطاً.

ولأنّ جابراً وجبّاراً دخلا المسجد وقد أحرمعليه‌السلام وحده ، فأحرما معه في الفرض(٤) ، ولم ينكر عليهما.

وقال أحمد : تصح في النفل ، وفي الفرض روايتان(٥) .

ه- : لو عيّن الإِمامُ إمامةَ معيّنٍ فأخطأ ، لم يضر‌ ، لأنّ أصل النية غير واجب عليه ، والخطأ لا يزيد على الترك من الأصل.

و : لو لم ينو الإِمام الإِمامة ، صحّت صلاته‌ كما قلنا ، وبه قال‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٠ ، الانصاف ٢ : ٢٨.

(٢) الكافي ٣ : ٣٧٥ / ٣ ، الفقيه ١ : ٢٥٠ / ١١٢٣ ، التهذيب ٣ : ٥٤ / ١٨٦.

(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٠١ ، المجموع ٤ : ٢٠٩.

(٤) سنن أبي داود ١ : ١٧١ / ٦٣٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٩٥.

(٥) المغني ٢ : ٦١ - ٦٢ ، الانصاف ٢ : ٢٩ - ٣٠.

٢٦٨

الشافعي(١) .

وهل ينال فضيلة الجماعة؟ الأقرب ذلك ، لحصولها من دون نيته.

وأصحّ وجهي الشافعية : العدم(٢) .

ز : لو لم يَنْو الإِمامة في الجمعة ، احتمل بطلان صلاته‌ ، لأنّها لا تقع إلّا جماعة ، ولا تكفي نيّة الجمعة المستلزمة لنيّة مطلق الجماعة ، لاشتراكها بين الإِمام والمأموم. والصحة ، إذ لا يجب التعرّض للشرائط في النية.

مسألة ٥٥٦ : لو أحرم منفرداً ثم نوى الائتمام ، قال الشيخ : يجوز ذلك(٣) .

وهو أحد قولي الشافعي والمزني وأحمد في رواية(٤) .

واستدلّ الشيخ عليه : بإجماع الفرقة ، والأخبار المرويّة عن الأئمةعليهم‌السلام . وبانتفاء المانع من الصحّة فيبقى الأصل سالماً. ولأنّه يصح النقل من الانفراد إلى الإِمامة للحاجة ، فجاز إلى الائتمام طلباً للثواب.

وقال مالك وأبو حنيفة : لا يجوز. وهو قول للشافعي(٥) ، لقولهعليه‌السلام : ( إذا كبّر الإِمام فكبّروا )(٦) .

ولأنّ هذا كان جائزاً في ابتداء الإِسلام أن يصلّي المسبوق ما فاته ثم يدخل مع الإِمام ، فنُسخ ، فلا يجوز فعله.

والحديث متوجّه إلى المأموم ، ونحن نقول بموجبه بعد الائتمام ،

____________________

(١) المجموع ٤ : ٢٠٢ و ٢٠٣ ، فتح العزيز ٤ : ٣٦٦ ، مغني المحتاج ١ : ٢٥٣.

(٢) المجموع ٤ : ٢٠٣ ، فتح العزيز ٤ : ٣٦٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢٥٣.

(٣) الخلاف ١ : ٥٥٢ ، المسألة ٢٩٣.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٠١ ، المجموع ٤ : ٢٠٩ ، فتح العزيز ٤ : ٤٠٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٥٧. مختصر المزني : ٢٣ ، مغني المحتاج ١ : ٢٦٠ ، المغني ٢ : ٦٢.

(٥) المدونة الكبرى ١ : ٨٧ ، الشرح الصغير ١ : ١٦١ ، القوانين الفقهية : ٦٩ - ٧٠ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠١ ، المجموع ٤ : ٢٠٩ ، فتح العزيز ٤ : ٤٠٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٥٨.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٣٠٨ / ٤١١ و ٣١٠ / ٤١٤ و ٤١٥ و ٣١١ / ٤١٧ ، سنن النسائي ٢ : ٩٧ ، سنن الترمذي ٢ : ١٩٤ / ٣٦١ ، سنن البيهقي ٢ : ١٨.

٢٦٩

والفرق بين قضاء المسبوق ودخول المنفرد ظاهر.

وليس هذا القول عندي بعيداً من الصواب ، لورود نقل النية إلى النفل وإبطال الفرض مع إمام الأصل ، والنقل(١) أولى منهما.

وللشافعي قول ثالث : المنع إن خالف الترتيب بأن يدخل معه بعد صلاة ركعة ، والجواز إن دخل مع الإِمام قبل أن يركع في الْاُولى(٢) .

ولا دليل على التفصيل مع أصالة الجواز ، ووروده في المسبوق.

إذا عرفت هذا ، فإن كان قد سبقه بركعة ، فإذا قام الإِمام إلى الرابعة لم يتابعه ، ولكن يجلس ويتشهّد ، ثم إن شاء سلّم بنيّة المفارقة ، وإن شاء طوّل في الدعاء حتى يجلس الإِمام ويسلّم معه.

إذا ثبت هذا ، فإنّه يجوز أن يحرم مأموماً ثم يصير إماماً في موضع الاستخلاف ، أو إذا نوى مفارقة الإِمام ثم ائتمّ به غيره ، وكذا لو نقل نيّته(٣) إلى الائتمام بإمام آخر.

ولو أدرك نفسان بعض الصلاة ، أو ائتمّ بالمسافر مقيمان ، فسلّم الإِمام ، جاز أن يأتمّ أحدهما بصاحبه ، ولأحمد وجهان(٤) .

ولو نوى الإِمام الائتمام بغيره لم تصح ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد. وفي الثانية : الجواز(٥) ، لقصّة أبي بكر(٦) . وهي عندنا باطلة.

مسألة ٥٥٧ : يجوز للمأموم أن ينقل نيته من الائتمام إلى الانفراد لعذر‌

____________________

(١) أي : نقل النية إلى الائتمام.

(٢) المجموع ٤ : ٢٠٩ ، فتح العزيز ٤ : ٤٠٩.

(٣) في نسخة « ش » : نفسه.

(٤) المغني ٢ : ٦٤ ، الانصاف ٢ : ٣٦.

(٥) المغني ٢ : ٦٤ ، الانصاف ٢ : ٣٧.

(٦) صحيح مسلم ١ : ٣١١ / ٤١٨ ، سنن الترمذي ٢ : ١٩٧ / ٣٦٢ ، سنن البيهقي ٣ : ٨٠.

٢٧٠

كان أو لغيره ، عند علمائنا - وهو أحد قولي الشافعي(١) - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صلّى بطائفة يوم ذات الرقاع ركعة ، ثم خرجت من صلاته وأتمّت منفردةً(٢) .

وروى جابر قال : كان معاذ يصلّي مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، العشاء ، ثم يرجع إلى قومه فيؤمّهم ، فأخّر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صلاة العشاء ، فصلّى معه ، ثم رجع إلى قومه ، فقرأ سورة البقرة ، فتأخّر رجل ، فصلّى معه وحده ، فقيل له : نافقت يا فلان ، فقال : ما نافقت ولكن لآتينّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فأخبره ، فأتى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فذكر ذلك له ، فقال له : ( أفتّانٌ أنت يا معاذ؟ أفتّانٌ أنت يا معاذ؟ ) مرّتين ، ( إقرأ سورة كذا وسورة كذا ) قال : وسورة ذات البروج ، والليل إذا يغشى ، والسماء والطارق ، وهل أتاك حديث الغاشية(٣) . ولم ينكره النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام ، في الرجل صلّى خلف إمام فسلّم قبل الإِمام ، قال : « ليس بذلك بأس »(٤) .

وعن الرضاعليه‌السلام في الرجل يكون خلف الإِمام فيطيل التشهد فيأخذه البول(٥) ، أو يخاف على شي‌ء أو مرض كيف يصنع؟ قال : « يسلّم وينصرف ويدع الإِمام »(٦) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٠٤ ، المجموع ٤ : ٢٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ٤٠٢ - ٤٠٣ ، مغني المحتاج ١ : ٢٥٩.

(٢) صحيح البخاري ٥ : ١٤٥ ، صحيح مسلم ١ : ٥٧٥ / ٨٤٢ ، سنن أبي داود ٢ : ١٣ / ١٢٣٨ ، الموطأ ١ : ١٨٣ / ١ ، سنن النسائي ٣ : ١٧١.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٣٩ / ٤٦٥ ، سنن أبي داود ١ : ٢١٠ / ٧٩٠ ، سنن الدارمي ١ : ٢٩٧ ، سنن النسائي ٢ : ١٧٢ - ١٧٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٩٢ - ٣٩٣.

(٤) التهذيب ٣ : ٥٥ / ١٨٩.

(٥) في « ش » والطبعة الحجرية بدل « البول » : « المـُرّة ».

(٦) المعتبر : ٢٤٦. وفي الفقيه ١ : ٢٦١ / ١١٩١ ، وقرب الإِسناد : ٩٥ ، والتهذيب ٣ : ٢٨٣ / ٨٤٢ عن الإِمام موسى بن جعفرعليهما‌السلام .

٢٧١

ولأنّ الجماعة ليست واجبة ابتداءً فكذا استدامةً.

ولأنّه استفاد بصلاة الإِمام فضيلة صلاته ، فيترك بالخروج الفضيلة دون الصحّة.

وقال الشافعي في الآخر : إن ترك لعذر ، جاز ، وإن كان لغيره ، لم يجز. وبه قال أحمد في رواية(١) .

والعذر : المشقّة بتطويل الإِمام ، أو المرض ، أو خوف غلبة النعاس ، أو شي‌ء يفسد صلاته ، أو خوف فوت مال أو تلفه أو فوت رفيقه.

وقال أبو حنيفة ومالك : تبطل صلاته ، سواء كان لعذر أو لا(٢) ، لقولهعليه‌السلام : ( إنّما جُعل الإِمام ليؤتمّ به فلا تختلفوا عليه )(٣) .

ونحن نقول بموجبه ما دام في المتابعة.

فروع :

أ : لو نوى الانفراد قبل شروع الإِمام في القراءة ، قرأ هو. ولو كان الإِمام قد قرأ وفرغ ، ركع ولم يقرأ. ولو كان قد فرغ من قراءة الفاتحة ، فالوجه : الاجتزاء بها عنها ، فيقرأ السورة. ولو كان في أثناء الحمد ، فالوجه : الابتداء بها ، مع احتمال القراءة من موضع المفارقة ، والبطلان. وكذا لو كان في أثناء السورة.

ب : لو كان يصلّي مع جماعة فحضرت طائفة أخرى يصلّون جماعة ، فأخرج نفسه عن متابعة إمامه ووصل صلاته بصلاة الإِمام الآخر ، فالوجه : الجواز‌ ، لما تقدّم. والخلاف فيه كما سبق.

ج : لو أراد أن يصل صلاته بصلاة الجماعة ، وجب نية الاقتداء. ولو‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٠٤ ، المجموع ٤ : ٢٤٦ ، الوجيز ١ : ٥٨ ، فتح العزيز ٤ : ٤٠٤ ، مغني المحتاج ١ : ٢٥٩ ، المغني ٢ : ٦٣ ، الانصاف ٢ : ٣١.

(٢) الشرح الصغير ١ : ١٦١ ، المجموع ٤ : ٢٤٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٦٧.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٣٠٩ - ٣١٠ / ٤١٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٧٩ ، مسند أحمد ٢ : ٣١٤.

٢٧٢

أحدث الإِمام فاستخلف غيره ، لم يحتج المأموم إلى نيّة الاقتداء بالخليفة ، لوجود نية الاقتداء في الابتداء ، والخليفة نائبه ، فيمضي على نظم صلاته ، ويكتفي بالنية السابقة على إشكال.

الشرط السابع : توافق نظم الصلاتين في الأركان والأفعال‌ ، فلا تصح مع الاختلاف ، كاليومية مع صلاة الجنازة أو الخسوف أو العيد - وبه قال أحمد والشافعي في أحد القولين(١) - للنهي عن المخالفة ، ولا تجوز المتابعة ، لخروج صلاة المأموم عن هيئتها.

والثاني للشافعي : الجواز ، لأنّ القصد اكتساب فضيلة الجماعة(٢) .

ولم ينقل عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ذلك ، وقال : ( صلّوا كما رأيتموني اُصلّي )(٣) .

وعلى قوله : يراعي كلّ واحد واجبات صلاته ، فإذا اقتدى في الفريضة بصلاة الجنازة ، لا يتابعه في الأذكار بين التكبيرات ولا فيها ، بل إذا كبّر الإِمام الثانية ، أخرج نفسه عن المتابعة ، أو انتظر سلامه.

وإذا اقتدى بمن يصلّي الخسوف ، تابعه في الركوع الأول ، ثم إن شاء رفع رأسه وفارقه وإن شاء انتظره في الركوع إلى أن يعود الإِمام إليه(٤) .

والوجه : المنع من ذلك كلّه.

مسألة ٥٥٨ : لا يشترط اتّحاد الصلاتين نوعاً ولا صنفاً ، فللمفترض أن يصلّي خلف المتنفّل وبالعكس ، ومَنْ يصلّي الظهر خلف مَنْ يصلّي البواقي وبالعكس ، سواء اختلف العدد أو اتّفق ، عند علمائنا - وبه قال عطاء وطاوس‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٥٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٦١ ، المجموع ٤ : ٢٧٠ ، فتح العزيز ٤ : ٣٧٠ ، حلية العلماء ٢ : ١٧٦.

(٢) المجموع ٤ : ٢٧٠ - ٢٧١ ، فتح العزيز ٤ : ٣٧٠ ، حلية العلماء ٢ : ١٧٧.

(٣) صحيح البخاري ١ : ١٦٢ - ١٦٣ ، سنن الدارمي ١ : ٢٨٦ ، مسند أحمد ٥ : ٥٣ ، سنن الدار قطني ١ : ٣٤٦ / ١٠ ، سنن البيهقي ٢ : ٣٤٥.

(٤) المجموع ٤ : ٢٧٠ ، فتح العزيز ٤ : ٣٧٠ - ٣٧١.

٢٧٣

والأوزاعي والشافعي وأبو ثور وأحمد في إحدى الروايتين ، واختاره ابن المنذر والحميدي(١) - لأنّ معاذاً كان يصلّي مع النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، العشاء ، ثم يرجع فيصلّيها بقومه في بني سلمة ، هي له تطوّع ولهم مكتوبة(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام : « أجزأت عنه وأجزأت عنهم » في رجل أمَّ قوماً فصلّى العصر وهي لهم ظهر(٣) .

وكتب محمد بن إسماعيل بن بزيع إلى الرضاعليه‌السلام : إنّي أحضر المساجد مع جيرتي فيأمروني بهم وقد صلّيت قبل أن آتيهم ، وربّما صلّى خلفي مَنْ يقتدي بصلاتي والمستضعف والجاهل ، وأكره أن أتقدّم وقد صلّيت لحال مَنْ يصلّي بصلاتي ممّن سمّيت لك ، فأمُرْني في ذلك بأمرك أنتهي إليه ، وأعمل به إن شاء الله ، فكتب : « صلّ بهم »(٤) .

ولأنّهما صلاتان متّفقتان في الأفعال الظاهرة تصحان جماعةً وفرادى ، فجاز أن يكون الإِمام في إحداهما ، والمأموم في الْاُخرى ، كالمتنفّل خلف المفترض.

وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد في الرواية الْاُخرى : لا يصلّي مفترض خلف متنفّل ، ولا مفترض في غير فرض الإِمام ، ويصلّي المتنفّل خلف المفترض - وبه قال الزهري وربيعة - لقولهعليه‌السلام : ( إنّما جُعل الإِمام ليؤتمّ به فلا تختلفوا عليه )(٥) .

وأنّ صلاة المأمومين لا تتأدّى بنية الإِمام ، فأشبه الجمعة خلف مَنْ يصلّي‌

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٠٥ ، المجموع ٤ : ٢٦٩ - ٢٧١ ، الوجيز ١ : ٥٧ ، فتح العزيز ٤ : ٣٧٢ ، المغني ٢ : ٥٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩ - ٦٠ ، حلية العلماء ٢ : ١٧٦.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٣٣٩ / ١٧٨ و ٣٤٠ / ١٨٠ و ١٨١ ، سنن أبي داود ١ : ١٦٣ / ٥٩٩ و ٦٠٠ و ٢١٠ / ٧٩٠.

(٣) التهذيب ٣ : ٤٩ / ١٧٢ ، الاستبصار ١ : ٤٣٩ / ١٦٩١.

(٤) الكافي ٣ : ٣٨٠ / ٥ ، التهذيب ٣ : ٥٠ / ١٧٤.

(٥) صحيح مسلم ١ : ٣٠٩ - ٣١٠ / ٤١٤ ، سنن البيهقي ٣ : ٧٩ ، مسند أحمد ٢ : ٤١٤.

٢٧٤

الظهر(١) .

والمراد بالخبر : الأفعال الظاهرة ، ويدلّ عليه قوله : ( فإذا كبَّر فكبِّروا )(٢) إلى آخره.

والقياس منقوض بمن يصلّي ركعتي الفجر خلف المفترض.

والجمعة لا تصح خلف مَنْ يصلّي الظهر ، لأنّ الإِمام شرط في صحتها ، بخلاف سائر الجماعات إن منعنا في الجمعة.

على أنّ الفرق أنّ الجمعة من حضرها وجبت عليه ، فلا تجزئه الظهر مع وجوب الجمعة.

وينتقض بمن صلّى خلف الإِمام وقد رفع رأسه من الركعة الأخيرة ، فإنّه ينوي الظهر ويأتم به ، لا الجمعة.

فروع :

أ : هل يصح أن يصلّي خلف المتنفّل بها‌ ، كالمعذور إذا قدّم ظُهْرَه ، أو خلف مفترض بغيرها ، مثل أن يصلّي صبحاً قضاءً ، أو ركعتين منذورة؟

الأقرب : المنع.

ب : الأقرب عندي : منع اقتداء المفترض بالمتنفّل ، إلّا في صورة النصّ ، وهو : ما إذا قدّم فرضه.

ج : هل يصح أن يصلّي المتنفّل خلف مثله؟ الوجه : المنع ، إلّا في مواضع الاستثناء ، كالعيدين المندوبين والاستسقاء.

د : لو كانت صلاة المأموم ناقصة العدد ، تخيّر‌ مع فراغها بين التسليم‌

____________________

(١) اللباب ١ : ٨٢ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٥٨ ، شرح العناية ١ : ٣٢٣ ، الشرح الصغير ١ : ١٥٤ و ١٦٢ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٤٧ ، القوانين الفقهية : ٧٠ ، المغني ٢ : ٥٢ - ٥٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٩ - ٦٠ ، المحرر في الفقه ١ : ١٠١ ، الانصاف ٢ : ٢٧٦ ، المجموع ٤ : ٢٧١ ، فتح العزيز ٤ : ٣٦٥ ، حلية العلماء ٢ : ١٧٦.

(٢) راجع : المصادر في الهامش (٥) من ص ٢٧٣.

٢٧٥

وينوي مفارقة الإِمام ، وبين الصبر إلى أن يفرغ الإِمام فيسلّم معه ، ولا يجوز له المتابعة في أفعاله ، لئلّا يزيد في عدد صلاته.

ولو انعكس الحال ، صلّى مع الإِمام ، وتخيّر عند قعود الإِمام للتشهّد بين المفارقة ، فيتمّ قبل سلامه ، وبين الصبر إلى أن يسلّم الإِمام ، فيقوم ويأتي بما بقي عليه.

ه- : لو قام الإِمام إلى الخامسة سهواً ، لم يكن للمسبوق الائتمام فيها.

و : يستحب للمنفرد إعادة صلاته مع الجماعة إماماً ، أو مأموماً.

وهل يجوز فيهما معاً؟ الأقرب : ذلك في صورة واحدة ، وهي : ما إذا صلّى إمام متنفّل بصلاته بقوم مفترضين ، وجاء مَنْ صلّى فرضه ، فدخل معهم متنفّلاً ، أمّا لو خلت الصلاة عن مفترض ، فإشكال.

مسألة ٥٥٩ : استحباب إعادة الصلاة للمنفرد عام في جميع الصلوات اليومية‌ في أيّ وقت اتّفق ، عند علمائنا ، لقولهعليه‌السلام لبعض أصحابه : ( إذا جئت فصلّ مع الناس وإن كنت قد صلّيت )(١) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام ، في الرجل يصلّي الفريضة ثم يجد قوماً يصلّون جماعة ، أيجوز أن يعيد الصلاة معهم؟ قال : « نعم وهو أفضل » قلت : فإن لم يفعل؟ قال : « ليس به بأس »(٢) .

وقال الشافعي : يشترط أن تقام وهو في المسجد ، ويدخل وهم يصلّون. وقال : يعيد إن صلّى وحده إلّا المغرب(٣) .

وهو تقييد لا وجه له.

وقال أبو حنيفة : لا تعاد الفجر ولا العصر ، لأنّها نافلة ، فلا تفعل في‌

____________________

(١) سنن النسائي ٢ : ١١٢ ، سنن الدار قطني ١ : ٤١٥ / ١.

(٢) التهذيب ٣ : ٥٠ / ١٧٥.

(٣) المجموع ٤ : ٢٢٣ ، فتح العزيز ٤ : ٣٠٠ ، حلية العلماء ٢ : ١٦٠ ، الميزان للشعراني ١ : ١٧٤.

٢٧٦

وقت النهي ، ولا تعاد المغرب ، لأنّ التطوع لا يكون بوتر(١) .

والنهي عام ، وما ذكرناه خاص ، فتقدّم ، ولأنّها ذات سبب هو الاجتماع ، والتنفّل بالوتر ثبت في الوتر.

تتمة : الأذان والإِقامة ليسا شرطاً في الجماعة ، خلافاً للشيخين(٢) ، وقد سلف(٣) .

المطلب الثالث : في صفات الإِمام‌

مسألة ٥٦٠ : العقل شرط في الإِمام‌ بإجماع العلماء ، فلا تصح الصلاة خلف المجنون المطبق ، ولا مَنْ يعتوره حالَ جنونه ، لأنّ صلاته لنفسه باطلة.

ولو كان الجنون يعتوره أدواراً ، صحّت الصلاة خلفه حال إفاقته ، لحصول الشرائط فيه ، لكن يكره ، لإِمكان أن يكون قد احتلم حال جنونه ولا يعلم ، ولئلّا يعرض الجنون في الأثناء.

وكذا لا تصح إمامة الصبي غير المميّز إجماعاً ، لعدم تفطّنه بما ينبغي فعله.

مسألة ٥٦١ : وهل يشترط البلوغ؟ لعلمائنا قولان ، أحدهما : أنّه شرط(٤) ، فلا تصح إمامة الصبيّ وإن كان مميزاً مراهقاً في الفريضة - وبه قال ابن مسعود وابن عباس وعطاء ومجاهد والشعبي ومالك والثوري والأوزاعي‌

____________________

(١) الهداية للمرغيناني ١ : ٥٨ ، الكفاية ١ : ٤١٤ ، الجامع الصغير للشيباني : ٩٠ ، الهداية في شرح البداية للأنصاري : ١٣٥ ، المجموع ٤ : ٢٢٥ ، فتح العزيز ٤ : ٢٩٨.

(٢) المقنعة : ١٥ ، المبسوط للطوسي ١ : ٩٥ و ١٥٢.

(٣) تقدّم في ج ٣ ص ٧٥ ، المسألة ١٨١.

(٤) هذا قول الشيخ الطوسي في النهاية : ١١٣ ، والقاضي ابن البراج في المهذب ١ : ٨٠.

٢٧٧

وأبو حنيفة وأحمد(١) - لقول عليعليه‌السلام : « لا بأس أن يؤذّن الغلام قبل أن يحتلم ، ولا يؤمّ حتى يحتلم ، فإن أمَّ ، جازت صلاته ، وفسدت صلاة مَنْ خلفه »(٢) .

ولأنّ الإِمامة من المناصب الجليلة وهي حالة كمال ، والصبي ليس من أهل الكمال ، فلا يؤمّ الرجال كالمرأة.

ولأنّها فريضة ، فلا يكون الصبي إماما فيها ، كالجمعة.

ولأنّه عارف بعدم المؤاخذة له ، فلا يؤمن أن يترك شرطاً.

والثاني لعلمائنا : عدم الاشتراط(٣) ، فتصح إمامة المميّز المراهق - وبه قال الشافعي وإسحاق والحسن البصري وابن المنذر(٤) - لأنّ عمرو بن أبي سلمة قال : كنت غلاماً حافظاً قد حفظت قرآناً كثيراً ، فانطلق أبي وافداً إلى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، في نفر من قومه ، فقال النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يؤمّكم أقرؤكم لكتاب الله ) فقدّموني فكنت اُصلّي بهم وأنا ابن سبع سنين أو ثمان(٥) .

ومن طريق الخاصة : قول عليعليه‌السلام : « لا بأس أن يؤذّن الغلام الذي لم يحتلم وأن يؤمّ »(٦) .

____________________

(١) الكافي في فقه أهل المدينة : ٤٦ و ٤٧ ، الشرح الصغير ١ : ١٥٧ ، القوانين الفقهية : ٦٨ ، اللباب ١ : ٨٠ ، المغني ٢ : ٥٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤ ، زاد المستقنع : ١٧ ، المجموع ٤ : ٢٤٩ - ٢٥٠ ، فتح العزيز ٤ : ٣٢٧.

(٢) الفقيه ١ : ٢٥٨ / ١١٦٩ ، التهذيب ٣ : ٢٩ / ١٠٣.

(٣) هذا قول السيد المرتضى في المصباح كما في المعتبر : ٢٤٣ ، والقول الثاني للشيخ الطوسي في المبسوط ١ : ١٥٤ ، والخلاف ١ : ٥٥٣ ، المسألة ٢٩٥.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٠٤ ، المجموع ٤ : ٢٤٨ و ٢٤٩ ، الوجيز ١ : ٥٥ - ٥٦ ، فتح العزيز ٤ : ٣٢٧ ، حلية العلماء ٢ : ١٦٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢٤٠ ، المغني ٢ : ٥٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٤.

(٥) سنن أبي داود ١ : ١٥٩ / ٥٨٥ ، سنن النسائي ٢ : ٨٠ ، سنن البيهقي ٣ : ٩١.

(٦) التهذيب ٣ : ٢٩ / ١٠٤ ، الاستبصار ١ : ٤٢٤ / ١٦٣٣.

٢٧٨

ولأنّ مَنْ جاز أن يكون إماماً في النفل جاز أن يكون إماماً في الفرض.

والنبيصلى‌الله‌عليه‌وآله لم يوجّه الخطاب إلى عمرو ، بل إلى المكلّفين. وتقديمهم ليس بحجّة. وفي طريق الرواية الثانية ضعف.

والفرق بين الفرض والنفل ظاهر ، فإنّ النفل مبني على التخفيف.

على أنّا نمنع الحكم في الأصل.

وهل يصحّ أن يكون إماماً في النفل؟ إن قلنا : إنّ فعله شرعيُّ ، صحّ ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والثوري(١) ، وإلّا فلا ، وبه قال ابن عباس(٢) ، وعن احمد روايتان(٣) .

وأمّا الجمعة ، فالوجه : أنّه لا يصح أن يكون إماماً فيها ، وللشافعي قولان(٤) .

مسألة ٥٦٢ : الإِسلام شرط في الإِمام‌ بإجماع العلماء ، فلا تصح الصلاة خلف الكافر وإن كان عدلاً في دينه بالإِجماع.

ولقوله تعالى( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النّارُ ) (٥) .

ولأنّ الأئمة ضمناء والكافر ليس أهلاً لضمان الصلاة.

ولا تصح خلف من يُشَكّ في إسلامه ، لأنّ الشكّ في الشرط شكّ في المشروط.

وقال أحمد : تصح صلاته ، لأنّ الظاهر أنّه لا يتقدّم للإِمامة إلّا

____________________

(١) بدائع الصنائع ١ : ١٥٧ ، اللباب ١ : ٨٠ ، الشرح الصغير ١ : ١٥٧ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٤٧ ، المجموع ٤ : ٢٤٩ و ٢٥٠ ، حلية العلماء ٢ : ١٦٨.

(٢) المجموع ٤ : ٢٥٠ ، حلية العلماء ٢ : ١٦٨.

(٣) المغني ٢ : ٥٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٥٥ ، الانصاف ٢ : ٢٦٦ - ٢٦٧ ، المجموع ٤ : ٢٤٩ - ٢٥٠.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٠٤ ، المجموع ٤ : ٢٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ٥٤٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٦٨ ، مغني المحتاج ١ : ٢٨٤.

(٥) هود : ١١٣.

٢٧٩

مسلم(١) . وليس بمعتمد.

مسألة ٥٦٣ : الإِيمان شرط في الإِمام‌ ، فلا تصحّ الصلاة خلف أهل البدع والأهواء ومَنْ خالف الحق ، سواء أظهر البدعة أو لا - وهو إحدى الروايتين عن أحمد ، وبه قال مالك(٢) - لقول جابر : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على منبره يقول : ( لا تؤمّنَّ امرأة رجلاً ، ولا فاجر مؤمناً إلّا أن يقهره بسلطان ، أو يخاف سوطه أو سيفه )(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « عدوّ الله فاسق لا ينبغي لنا أن نقتدي به»(٤) .

وكتب البرقي إلى أبي جعفرعليه‌السلام : أتجوز الصلاة خلف مَنْ وقف على أبيك وجدّك صلوات الله عليهما؟ فأجاب : « لا تصلّ وراءه »(٥) .

وسأل إسماعيل الجعفي ، الباقرعليه‌السلام : رجل يحبّ أمير المؤمنينعليه‌السلام ، لا يبرأ من عدوّه ، فقال : « هذا مخلّط فهو عدوّ ، ولا تصلّ خلفه إلّا أن تتّقيه »(٦) .

ولأنّه ظالم ، فيدخل تحت قوله تعالى( وَلا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) (٧) .

وقال الشافعي وأبو حنيفة والحسن : إنّه مكروه ليس بمحرّم ، لقوله عليه‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٣٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٣٤.

(٢) المغني ٢ : ٢٢ و ٢٣ ، الشرح الكبير ٢ : ٢٥ ، المدونة الكبرى ١ : ٨٤ ، الشرح الصغير ١ : ١٥٧.

(٣) سنن ابن ماجة ١ : ٣٤٣ / ١٠٨١ ، سنن البيهقي ٣ : ١٧١.

(٤) المعتبر : ٢٤٢.

(٥) الفقيه ١ : ٢٤٨ / ١١١٣ ، التهذيب ٣ : ٢٨ / ٩٨.

(٦) الفقيه ١ : ٢٤٩ / ١١١٨ ، التهذيب ٣ : ٢٨ / ٩٧.

(٧) هود : ١١٣.

٢٨٠