تذكرة الفقهاء الجزء ٤

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473
المشاهدات: 205759
تحميل: 6408


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 473 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 205759 / تحميل: 6408
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 4

مؤلف:
ISBN: 964-5503-44-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ولأنّ المشقّة ربما حصلت عند مشاهدة الجدار من فراسخ بعيدة.

والاعتبار بمشاهدة صحيح الحاسّة وسماع صحيح السمع ، دون بالغ النهاية فيهما وفاقد كمال إحداهما.

ولا عبرة بالبساتين والمزارع ، فيجوز القصر قبل مفارقتها مع خفاء الجدار والأذان ، لأنّها ليست مبنية للسكنى ، سواء كانت محوطة أو لا ، إلّا إذا كان فيها دور وقصور للسكنى.

وللشافعية وجه آخر ، وهو : مجاوزة البساتين والمزارع مطلقاً.

والمشهور عندهم : الأول(١) .

فروع :

أ : لا فرق بين البلد والقرية في ذلك. وشرط بعض الشافعيّة مجاوزة البساتين والمزارع المحوطة على ساكن القرية دون البلد(٢) .

وليس بمعتمد.

وبعضهم شرط مجاوزة البساتين في القرى دون المزارع(٣) .

ب : لو جمع سورٌ قرى متفاصلة ، لم يشترط في المسافر‌ من أحدها مجاوزة ذلك السور ، بل خفاء جدران قريته وأذانها.

ج : لو كان خارج البلد على طرفه خراب لا عمارة وراءه ، لم تشترط مجاوزته ، لأنّه ليس موضع إقامة ، وبه قال الشافعي. وله آخر : اشتراط المجاوزة إذا كان بقايا الحيطان قائمة ولم يتّخذ مزارع(٤) .

د : لو سكن واديا وسار في عرضه أو طوله ، اشترط خفاء الأذان. وكذا لو سكن في الصحراء.

____________________

(١) المجموع ٤ : ٣٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ٤٣٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٥.

(٢) المجموع ٤ : ٣٤٧ - ٣٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ٤٣٦.

(٣) فتح العزيز ٤ : ٤٣٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٥.

(٤) المجموع ٤ : ٣٤٧ ، فتح العزيز ٤ : ٤٣٥ - ٤٣٦ ، مغني المحتاج ١ : ٢٦٣.

٣٨١

وقال الشافعي : لا بدّ من مجاوزة عرض الوادي. وقيّد بعض أصحابه بما إذا لم تفرط السعة ، فلو أفرطت ، شرط مجاوزة الموضع الذي ينسب إليه ، ويعدّ حلّة(١) قومه(٢) .

ه- : لو كان نازلاً على ربوة ، فالشرط ما ذكرناه من خفاء الجدران أو الأذان.

ويحتمل خفاء الأذان خاصة وإن ظهرت الجدران.

وقال الشافعي : لا بدّ من أن يهبط عنها(٣) .

ولو كان في وهدة فكذلك يعتبر بنسبته الظاهرة. وعنده لا بدّ أن يصعد عنها(٤) .

و : لو كان من أهل الخيام ، اشترط خفاء الأذان.

ويحتمل خفاء الجدران المقدّرة. والحلّتان كالقريتين ، وبه قال الشافعي(٥) .

ولأصحابه وجه آخر : أن يفارق خيمته. ولا يعتبر مفارقة الخيام وإن كانت الحلّة واحدةً(٦) .

ز : لو كان في وسط البلد نهر كبير فأراد مَنْ على أحد الجانبين السفر من الآخر ، فعبر النهر ، لم يجز القصر‌ حتى يفارق عمارة الجانب الآخر ويخفى عليه أذانه وجدرانه ، لأنّ الجميع بلد واحد.

ح : لو كانت قريتان متقاربتان فأراد أن يسافر من أحدهما على طريقة الْاُخرى ، فإن اتّصل البناء ، اشترط مفارقة الْاُخرى ، لأنّهما صارتا كالقرية‌

____________________

(١) الحلّة : منزل القوم. تاج العروس ٧ : ٢٨٣ « حلل ».

(٢) المجموع ٤ : ٣٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ٤٣٨.

(٣ و ٤ ) المجموع ٤ : ٤٣٨ ، فتح العزيز ٤ : ٤٣٨ و ٤٣٩.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٠٩ ، المجموع ٤ : ٣٤٨ - ٣٤٩ ، فتح العزيز ٤ : ٤٣٩ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٥ ، مغني المحتاج ١ : ٢٦٤.

(٦) المجموع ٤ : ٣٤٩ ، فتح العزيز ٤ : ٤٤٠ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٥.

٣٨٢

الواحدة.

وإن كان بينهما فَصْلٌ ، قصّر قبل مفارقة الْاُخرى إن خفيت جدران قريته وأذانها ، وهو ظاهر مذهب الشافعي(١) .

وقال ابن سريج : لا يباح له القصر حتى يفارق أبنية الْاُخرى ، لأنّ أهل أحدهما يتردّدون إلى الْاُخرى من غير تغيير هيئة وزيّ ، فلا يحصل متشبّهاً بالمسافرين ما دام فيها(٢) .

مسألة ٦٢٨ : لو قصد المسافة وخرج فمُنع عن السفر بعد خفاء الأذان والجدران ، فإن كان على نيّة السفر ، قصّر‌ إلى شهر ، وإن غيّر النيّة أو تردّد ، أتمّ ، لبقاء القصد في الأول الذي هو الشرط ، وانتفائه في الثاني.

ولو سافر في المركب فردّته الريح بعد خفائهما إلى أن ظهر أحدهما ، أتم ، لدخوله في حدّ الحضر.

ولو أحرم في السفينة قبل أن تسير وهي في الحضر ثم سارت حتى خفي الأذان والجدران ، لم يجز له القصر ، لأنّه دخل في الصلاة على التمام.

ولو خرج من البلد إلى حيث يجوز له الترخّص فرجع إليه لحاجة عرضت له ، لم يترخّص حال رجوعه وخروجه ثانياً من البلد ، لخروجه عن اسم المسافر بعوده إلى بلده.

ولو كان غريباً ، فله استدامة الترخّص.

أمّا لو كان رجوعه بعد قطع المسافة ، فإنّه يقصّر في رجوعه وخروجه ثانياً.

____________________

(١ و ٢ ) المهذب للشيرازي ١ : ١٠٩ ، المجموع ٤ : ٣٤٨ ، فتح العزيز ٤ : ٤٣٧.

٣٨٣

البحث الثالث : استمرار القصد‌

مسألة ٦٢٩ : استمرار قصد السفر شرط في القصر‌ ، فلو قطع نية السفر في أثناء المسافة ، أتمّ.

ولو قطع المسافة ثم غيّر نيّة السفر وعزم على الرجوع ، قصّر. وإن عزم على المقام عشرة أيام ، أتمّ. وإن تردّد قصَّر ما بينه وبين ثلاثين يوماً ثم يُتمّ بعد ذلك.

إذا ثبت هذا ، فإنّ نهاية السفر تحصل بأحد اُمور ثلاثة :

الأول : العود إلى الوطن ، بأن يرجع إلى الموضع الذي يشترط مجاوزته في ابتداء السفر ، لأنّ الموضع الذي يبتدأ الترخّص فيه إذا كان مسافراً يقطع الترخّص إذا كان راجعاً.

وفي معناه الوصول إلى المقصد الذي عزم على الإِقامة فيه إقامة تقطع الرخصة ، أو إلى موضع له فيه ملك استوطنه ستة أشهر.

الثاني : نيّة الإِقامة عشرة أيام - على ما يأتي - في أيّ موضع نواه وإن كان في مفازة ونحوها ، وهو أصحّ قولي الشافعي ، وفي الآخر : تشترط الإِقامة في موضع يصلح لها(١) .

الثالث : إقامة شهر مع التردّد ، على ما يأتي.

مسألة ٦٣٠ : يجب القصر ما دام مسافراً وإن أقام في أثناء المسافة عشرة أيام أو وصل إلى مقصده إذا لم يكن يعزم الإِقامة فيه إلى شهر ، فإن نوى الإِقامة فيه أو في أثناء المسافة عشرة أيام ، وجب الإِتمام عند علمائنا أجمع.

وإن نوى إقامة أقلّ من عشرة ، قصّر - وبه قال عليعليه‌السلام ، والباقر‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ٣٦١.

٣٨٤

والصادقعليهما‌السلام ، والحسن بن صالح بن حي(١) - لقول عليعليه‌السلام : « يتمّ الصلاة الذي يقيم عشراً ، ويقصّر الصلاة الذي يقول : أخرج اليوم أخرج غداً شهراً »(٢) وعليعليه‌السلام ، كان لا يرى الاجتهاد ، فيكون قوله توقيفاً.

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام في المسافر إذا قدم بلده ، قال : « إن دخلت أرضاً وأيقنت أنّ لك بها مقام عشرة أيام فأتمّ الصلاة ، وإن لم تَدْرِ مقامك بها تقول : غداً أخرج أو بعد غد ، فقصّر ما بينك وبين شهر »(٣) .

وقال الشافعي : إذا نوى مقام أربعة أيام غير يوم دخوله ويوم خروجه ، وجب عليه الإِتمام ، لأنّ يوم الدخول في الحطّ ، ويوم الخروج في الترحال ، وهما من أشغال السفر - وعنه وجه : أنّهما يحسبان - وبه قال عثمان بن عفّان وسعيد بن المسيّب ومالك وأبو ثور ، لأنّ الثلاث آخر حدّ القلّة ، لقول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( يقيم المهاجر بعد قضاء نسكه ثلاثاً )(٤) .

وكذلك عمر لمـّا أجلى أهل الذمّة من الحجاز ضرب لمن قدم منهم تاجراً إلى الحجاز أن يقيم ثلاثة أيام(٥) .

فدلّ على أنّ الثلاث في حكم السفر وما زاد في حكم الإِقامة(٦) .

____________________

(١) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٥٥ ، المجموع ٤ : ٣٦٥ ، المغني ٢ : ١٣٣ ، المحلّى ٥ : ٢٢ - ٢٣ ، نيل الأوطار ٣ : ٢٥٥.

(٢) المغني ٢ : ١٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٩ ، والمعتبر للمحقّق الحلّي : ٢٥٥.

(٣) الكافي ٣ : ٤٣٥ / ١ ، التهذيب ٣ : ٢١٩ / ٥٤٦ ، الاستبصار ١ : ٢٣٧ / ٨٤٧.

(٤) صحيح مسلم ٢ : ٩٨٥ / ٤٤٢ ، سنن النسائي ٣ : ١٢٢ ، سنن البيهقي ٣ : ١٤٧.

(٥) سنن البيهقي ٣ : ١٤٨.

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١١٠ ، المجموع ٤ : ٣٦١ و ٣٦٤ ، فتح العزيز ٤ : ٤٤٦ - ٤٤٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٩ ، الميزان للشعراني ١ : ١٨٢ ، مغني المحتاج ١ : ٢٦٤ - ٢٦٥ ، المغني ٢ : ١٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٩ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٦٨.

٣٨٥

ولا حجّة فيه ، لأنّ المقام يصدق في اليوم واليومين ، لكن لا تكون تلك إقامةً تنافي السفر.

وقال أبو حنيفة : إن نوى مقام خمسة عشر يوماً مع اليوم الذي يدخل فيه واليوم الذي يخرج فيه ، بطل حكم سفره - وبه قال الثوري والمزني وابن عمر في إحدى الروايات - لأنّ ابن عباس وابن عمر قالا : إذا قدمت بلدة وأنت مسافر وفي نفسك أن تقيم بها خمس عشرة ليلة ، فأكمل الصلاة ، ولم يعرف لهما مخالف(١) .

ونمنع عدم المخالف ، وقد روى البخاري عن ابن عباس أنه أقام بموضع تسع عشرة ليلة يقصّر الصلاة ، وقال : نحن إذا أقمنا تسع عشرة ليلة ، قصّرنا الصلاة ، وإن زدنا على ذلك ، أتممنا(٢) .

وعن عائشة : إذا وضعت الزاد والمزاد ، فأتمّ(٣) . ولا إجماع مع هذا الخلاف. وقولها ليس حجّةً.

وعن ابن عباس : إن نوى مقام تسعة عشر يوماً ، وجب الإِتمام وإن كان أقلّ ، لم يجب ، وبه قال إسحاق بن راهويه(٤) ، لأنّ ابن عباس قال : إنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أقام في بعض أسفاره تسع عشرة يصلّي ركعتين. قال ابن عباس : فنحن إذا أقمنا تسع عشرة نصلّي ركعتين ، وإن زدنا على ذلك أتممنا(٥) .

____________________

(١) المبسوط للسرخسي ١ : ٢٣٦ ، المجموع ٤ : ٣٦٤ ، فتح العزيز ٤ : ٤٤٨ ، المغني ٢ : ١٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٩ ، الميزان للشعراني ١ : ١٨٢ ، المحلّى ٥ : ٢٢.

(٢) صحيح البخاري ٢ : ٥٣ و ٥ : ١٩١.

(٣) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٥٥ ، المغني ٢ : ١٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٩.

(٤) المجموع ٤ : ٣٦٤ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٩ ، الميزان للشعراني ١ : ١٨٢.

(٥) صحيح البخاري ٥ : ١٩١ ، سنن الترمذي ٢ : ٤٣٢ / ٥٤٨ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٤١ / ١٠٧٥.

٣٨٦

وليس حجّةً ، لأنّ فعل النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لا يقتضي العموم ، فلعلّه لم يَنْو المقام عشرة أيام.

وقال الليث بن سعد : إن نوى مقام أكثر من خمسة عشر يوماً ، أتمّ.

وهو محكي عن سعيد بن جبير(١) .

وقال الأوزاعي : إن نوى اثني عشر يوماً ، أتمّ. وهو مروي عن ابن عمر(٢) أيضاً.

وقال أحمد : إن نوى مقام مدّة يفعل فيها أكثر من عشرين صلاة ، أتمّ - وهو قريب من مذهب الشافعي ، واختاره ابن المنذر ، وهو مروي عن عائشة - لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، دخل مكّة صبيحة يوم الأحد. الرابع من ذي الحجّة ، وكان قد صلّى الصبح قبل دخوله ، فأقام بها تمام الرابع والخامس والسادس والسابع ، وصلّى الصبح بها في اليوم الثامن ، ثم دخل إلى منى ، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يقصّر في هذه الأيام ، وكانت صلاته في هذه المدّة عشرين صلاة(٣) .

ولا حجّة فيه ، لأنه يقصّر إلى تمام العشرة عندنا.

وحكي عن أنس بن مالك : أنه أقام بنيسابور سنتين ، فكان يقصّر فيهما(٤) .

وروى النخعي : أنّ علقمة أقام بخوارزم سنتين ، وكان يقصّر فيهما(٥) .

____________________

(١) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٥٥ ، المجموع ٤ : ٣٦٥ ، المغني ٢ : ١٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٩ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٩ ، المحلّى ٥ : ٢٣.

(٢) المجموع ٤ : ٣٦٤ ، حلية العلماء ٢ : ٢٠٠ ، نيل الأوطار ٣ : ٢٥٦.

(٣) المجموع ٤ : ٣٥٦ ، الميزان للشعراني ١ : ١٨٢ ، حلية العلماء ٢ : ٢٠٠ ، المغني ٢ : ١٣٣ و ١٣٤ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٨ - ١١٠ ، الانصاف ٢ : ٣٢٩ وفي الثلاثة الأخيرة : إذا نوى المسافر الإِقامة في بلد أكثر من إحدى وعشرين صلاة أتمَّ. فلا حظ.

(٤) مصنّف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٥٤ ، سبل السلام ١ : ٤٤٨.

(٥) مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٤٥٤ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٣٧ ، الكفاية ٢ : ١١.

٣٨٧

وفعلهما ليس حجّةً.

مسألة ٦٣١ : ولو ردّد نيّته ، فيقول : اليوم أخرج ، غداً أخرج ، قصّر إلى ثلاثين يوماً‌ ثم يتمّ بعد ذلك ولو صلاة واحدة ، سواء أقام عشرة أيام أولا - وبه قال بعض الحنابلة(١) - لقول عليعليه‌السلام : « ويقصّر الصلاة الذي يقول : أخرج اليوم أخرج غداً شهراً »(٢) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام : « وإن لم تدر مقامك بها ، تقول : غداً أخرج أو بعد غد ، فقصّر ما بينك وبين شهر »(٣) .

وقال الشافعي : إن لم يتم مقامه أربعاً ، فله القصر قولاً واحداً ، وإن أقام أربعة فصاعداً فأقوال:

أحدها : الإِتمام ، لأنّ الإِقامة أكثر من قصدها ، ولو نوى الإِقامة أربعاً ، أتمّ فالإِقامة أولى.

الثاني : أنّه يقصّر ثمانية عشر يوماً تخريجاً من مسألة الحرب ، وهي : أنّ المحارب إذا لم يَنْو المقام ، قصّر إلى ثمانية عشر يوماً ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أقام عام الفتح لحرب هوازن سبعة عشر يوماً أو ثمانية عشر يوماً وهو يقصّر(٤) .

فإن زاد أتمّ ، لقول ابن عباس : فمن أقام أكثر من ذلك فليتمّ(٥) . ولأنّ الأصل الإِتمام.

____________________

(١) المغني ٢ : ١٣٣ و ١٣٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٩.

(٢) المغني ٢ : ١٣٣ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٩ ، والمعتبر للمحقّق الحلّي : ٢٥٥.

(٣) الكافي ٣ : ٤٣٥ / ١ ، التهذيب ٣ : ٢١٩ / ٥٤٦ ، الاستبصار ١ : ٢٣٧ / ٨٤٧.

(٤) الاُم ١ : ١٨٦.

(٥) سنن أبي داود ٢ : ١٠ / ١٢٣٠.

٣٨٨

الثالث : أنه يقصّر أبداً ما لم ينو مقام أربعة ، وبه قال أبو حنيفة(١) ، لأنّ المِسْوَرَ بن مَخْرَمة قال : كنّا مع سعد بن أبي وقّاص في قرية من قرى الشام أربعين ليلة وكنّا نصلّي أربعاً وكان يصلّي ركعتين(٢) .

وفعله ليس حجّةً.

فروع :

أ : لا فرق بين المحارب وغيره عندنا في وجوب الإِتمام بعد شهر‌ ، لعموم الحديث(٣) ، وفي وجوب الإِتمام لو نوى العشرة.

وللشافعي في المحارب قولان : أحدهما : أنّه يقصّر الصلاة وإن قصد الأربع - وبه قال أبو حنيفة - لعدم تحقّق عزمه ، لأنّه ربما هَزم أو هُزم(٤) .

والثاني وهو الجديد : أنّه يترك القصر ، لأنّه مسافر عزم على مقام أربع(٥) .

ب : لو لم يقصد المحارب المقام ، قصّر إلى شهر‌ كما قلنا.

وللشافعي قولان : أحدهما : أحدهما : أنّه يقصّر مطلقاً دائماً إلى أن ينقضي القتال ، وبه قال أبو حنيفة ومالك وأحمد(٦) ، لرواية جابر : أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، أقام بتبوك عشرين يوماً يقصّر الصلاة(٧) .

____________________

(١) الْاُم ١ : ١٨٧ ، المهذب للشيرازي ١ : ١١٠ ، المجموع ٤ : ٣٦٢ ، فتح العزيز ٤ : ٤٤٩ - ٤٥١ ، حلية العلماء ٢ : ٢٠١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٣٧ ، بدائع الصنائع ١ : ٩٧.

(٢) المغني ٢ : ١٣٩ الشرح الكبير ٢ : ١١٣.

(٣) مرّت الإِشارة إلى مصادره في الهامش (٣) من صفحة ٣٨٧.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١١٠ ، المجموع ٤ : ٣٦٢ ، فتح العزيز ٤ : ٤٤٩ ، حلية العلماء ٢ : ٢٠٠ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨١ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٢٤٨.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١١٠ ، المجموع ٤ : ٣٦٢ ، حلية العلماء ٢ : ٢٠٠.

(٦) المهذب للشيرازي ١ : ١١٠ ، المجموع ٤ : ٣٦٢ ، المبسوط للسرخسي ١ : ٣٤٨ ، بدائع الصنائع ١ : ٩٨ ، الهداية للمرغيناني ١ : ٨١ ، اللباب ١ : ١٠٧ ، المدونة الكبرى ١ : ١٢٢ ، بلغة السالك ١ : ١٧٢ ، المغني ٢ : ١٣٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١١٢.

(٧) سنن أبي داود ٢ : ١١ / ١٢٣٥ ، سنن البيهقي ٣ : ١٥٢.

٣٨٩

ولا حجّة فيه علينا.

والثاني : يقصّر إلى ثمانية عشر يوماً كغيره(١) ، لقول ابن عباس : أقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لحرب هوازن ثمانية عشر يوماً يقصّر الصلاة ، فمن أقام أكثر من ذلك فليتم(٢) .

وهو معارض برواية جابر.

ج : في بعض الروايات : يقصّر - يعني المتردّد - ما بينه وبين مُضيّ شهر(٣) .

وفي بعضها : ثلاثون يوماً : قال الباقرعليه‌السلام : « فإن لم يدر ما يقيم يوماً أو أكثر فليعد ثلاثين يوماً ثم ليتمّ »(٤) .

فلو كان الشهر هلالياً تسعة وعشرين يوماً ، وأقام من أوّله إلى آخره ، أتمّ على الأول دون الثاني.

والوجه : التقصير ، أمّا أوّلاً : فللاستصحاب. وأمّا ثانياً : فلأنّ الشهر كالمجمل ، والثلاثين كالمبيّن.

د : لو دخل بلداً في طريقه ، فقال : إن لقيتُ فلاناً فيه أقَمْتُ عشرة أيام ، قصّر‌ إلى أن يلقاه ، أو يمضي ثلاثون يوماً ، فإن لقيه ، حكم بإقامته ما لم يغيّر النيّة قبل أن يصلّي تماماً ولو فريضة واحدة.

ه- : لو دَخل بلداً لحاجة وعزم أنّه متى قضيت خرج ، فإن كانت تلك الحاجة لا تنقضي في عشرة أيام ، صار حكمه حكم المقيم ، وإن جاز أن تنقضي في أقلّ ، قصّر إلى أن يمضي ثلاثون يوماً.

و : لو نوى مقام عشرة أيام في بعض المسافة ، انقطع سفره‌ ، فإذا خرج‌

____________________

(١) المجموع ٤ : ٣٦٢.

(٢) الاُم ١ : ١٨٦.

(٣) اُنظر : الكافي ٤ : ١٣٣ / ١ ، والتهذيب ٣ : ٢١٩ / ٥٤٦ و ٢٢١ / ٥٥٣ ، والاستبصار ١ : ٢٣٧ / ٨٤٧ و ٢٣٨ / ٨٥١.

(٤) الكافي ٣ : ٤٣٦ / ٣ ، التهذيب ٣ : ٢١٩ / ٥٤٨ الاستبصار ١ : ٢٣٨ / ٨٤٩ ، وفي الكافي والاستبصار عن أبي عبد اللهعليه‌السلام .

٣٩٠

إلى نهاية السفر ، فإن كان بين موضع الإِقامة والنهاية ثمانية فراسخ ، قصّر ، وإلّا فلا.

ولو عزم في ابتداء السفر على الإِقامة في أثناء المسافة ، فإن كان بين الابتداء وموضع الإِقامة ثمانية فراسخ ، قصّر ، وإلّا فلا.

ز : نيّة الإِقامة عشرة أيام تقطع السفر‌ ، سواء كان موضع إقامة ، كالبلدان والقرى والحلل ، أو لا ، كالجبال والبراري.

وللشافعي في الثاني قولان : أحدهما كما قلناه ، لوجود نيّة الإِقامة.

والثاني : القصر ، لأنّ الإقامة في هذا الموضع لا تتحقّق ، فلا ينقطع الترخّص بأمر لا حقيقة له(١) .

وهو ممنوع.

ح : قطع السفر إنّما يحصل بنية مقام عشرة أيام كوامل.

وفي اعتبار يوم الدخول والخروج إشكال ينشأ : من أنّه من تتمّة السفر.

ومن حصول المقام ، فلو دخل ظهر الأول وخرج ظهر العاشر ، قصّر على الأول ، وأتمّ على الثاني.

ولو عزم على أنّه يخرج ظهر الحادي عشر ، أتمّ ولو خرج ضحوة الحادي عشر ، فكالعاشر.

ط : لو نوى الإِقامة في أثناء المسافة عشرة أيام ، أتمّ‌ وإن بقي العزم على السفر.

مسألة ٦٣٢ : لو كان في أثناء المسافة له ملك قد استوطنه ستة أشهر ، انقطع سفره بوصوله إليه ، ووجب عليه الإِتمام فيه عند علمائنا ، سواء عزم على الإِقامة فيه أو لا - وهو أحد قولي الشافعي(٢) - لأنّ حاله فيه يشبه حال المقيمين.

____________________

(١) المجموع ٤ : ٣٦١ ، فتح العزيز ٤ : ٤٤٥.

(٢) فتح العزيز ٤ : ٤٤٤.

٣٩١

ولقول الرضاعليه‌السلام ، وقد سأله محمد بن إسماعيل بن بزيع عن الرجل يقصّر في ضيعته : « لا بأس ما لم يَنْو مقام عشرة أيام إلّا أن يكون له فيها منزل يستوطنه » فقلت : ما الاستيطان؟ فقال : « أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر ، فإذا كان كذلك يتمّ فيها متى يدخلها »(١) .

ولأنّه بلد إقامته ، فلا يعدّ فيه مسافراً.

والثاني للشافعي : القصر(٢) ، لأنّ المهاجرين قدموا مكّة مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، ولأكثرهم بمكة وطن وما تركوا القصر(٣) . ولأنّه لم يعزم على الإِقامة ، فكانت تلك البلدة وسائر البلاد سواء.

ونمنع أنّ لهم أملاكاً وإن كان لهم قرابات ، فلا اعتبار بها.

فروع :

أ : لا يشترط في الأشهر التوالي ، بل لو استوطنه ستة أشهر متفرّقة ، سقط الترخّص‌ إذا بلغ التلفيق الحدّ.

ب : لا يشترط استيطان الملك ، بل البلد الذي فيه الملك. ولا كون الملك صالحاً للسكنى ، بل لو كان له مزرعة أو نخل واستوطن ذلك البلد ستة أشهر ، أتمّ فيه ، لرواية عمّار عن الصادقعليه‌السلام ، في الرجل يخرج في سفر ، فيمرّ بقرية له أو دار فينزل فيها ، قال : « يتمّ الصلاة ولو لم يكن له إلّا نخلة واحدة ، ولا يقصّر ، وليصم إذا حضره الصوم وهو فيها »(٤) .

ج : لو خرج الملك عنه ، ساوى غيره من البلاد ، بخلاف ما لو أجره أو أعاره.

د : يشترط ملك الرقبة ، فلو استأجر أو استعار أو ارتهن ، لم يلحقه‌

____________________

(١) الفقيه ١ : ٢٨٨ / ١٣١٠ ، التهذيب ٣ : ٢١٣ / ٥٢٠ ، الاستبصار ١ : ٢٣١ / ٨٢١.

(٢) الاُم ١ : ١٨٧ ، فتح العزيز ٤ : ٤٤٤.

(٣) صحيح البخاري ٢ : ٥٣ ، صحيح مسلم ١ : ٤٨١ / ٦٩٣ ، سنن البيهقي ٣ : ١٥٣.

(٤) التهذيب ٣ : ٢١١ / ٥١٢ ، الاستبصار ١ : ٢٢٩ / ٨١٤.

٣٩٢

حكم المقيم وإن تجاوزت مدّة الإِجارة عمره.

ه- : لو غُصب ملكه وكان قد استوطنه ستة أشهر ، لم يخرج عن حكم المقيم.

و : لو كان بين الابتداء والملك أو ما نوى الإِقامة فيه مسافة ، قصّر في طريقه‌ خاصة دون بلد الملك والإِقامة ، ولو قَصُر عن المسافة ، لم يقصّر لأنّ عبد الرحمن بن الحجاج قال للصادقعليه‌السلام : الرجل له الضياع بعضها قريب من بعض فيخرج فيطوف فيها أيتمّ أم يقصّر؟ قال : « يتم »(١) .

ز : كما تعتبر المسافة بين ابتداء السفر وموضع إقامته أو بلد استيطانه ، كذا يعتبر بينهما وبين مقصده ، فإن كان دون المسافة ، أتمّ في طريقه ومقصده ، وإن كان مسافة ، قصّر فيهما.

ولو كان مبدأ السفر إلى موضع الوطن أو ما نوى الإِقامة فيه عشرة أيام مسافة ، ومنهما إلى مقصده دونها ، قصّر في المسير إليهما دونهما ، ودون المسافة بينهما وبين مقصده ، ودون مقصده أيضاً.

ولو انعكس الفرض ، أتمّ في مبدأ السفر وفيهما ، وقصّر في السفر منهما إلى مقصده وفي مقصده. ولو قصُرا معاً ، فلا قصر وإن زاد المجموع على المسافة.

ح : لو تعدّدت المواطن أو ما نوى الإِقامة فيه عشرة ، قصّر بين كلّ موطنين بينهما مسافة خاصة‌ ، دون المواطن ودون ما قصُر عن المسافة.

ط : لو اتّخذ بلداً دار إقامته ، كان حكمه حكم المِلْك‌ وإن لم يكن له فيه ملك ، بحيث لو اجتاز عليه ، وجب عليه الإِتمام فيه ما لم تغيّر نية الإِقامة(٢) .

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤٣٨ / ٦ ، الفقيه ١ : ٢٨٢ / ١٢٨١ ، التهذيب ٣ : ٢١٣ / ٥٢٢ ، الاستبصار ١ : ٢٣١ / ٨٢٢.

(٢) في « م » زيادة : المؤبدة فيه.

٣٩٣

ولو اتّخذ بلدين فما زاد موضع إقامته ، كانا بحكم ملكه وإن لم يكن له فيهما ملك.

ي : لو نوى الإِقامة في بلد قبل وصوله إليه عشرة أيام ، وبينه وبين المبدإ مسافة ، قصّر في الطريق‌ إلى أن ينتهي إلى ذلك البلد. ويحتمل إلى أن ينتهي إلى مشاهدة الجدران أو سماع الأذان ، لصيرورته بحكم بلده.

وكذا يتمّ إذا خرج منه إلى أن يخفى عليه الجدران والأذان ، على إشكال.

البحث الرابع : عدم زيادة السفر على الحضر‌

مسألة ٦٣٣ : يشترط في القصر عدم زيادة السفر على الحضر ، كالمكاري ، والملّاح والراعي والبدوي والذي يدور في إمارته والذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق والبريد ، على معنى أنّ أحد هؤلاء إذا حضر إلى بلده ثم سافر منه قبل أن يقيم عشرة أيام في بلده ، خرج متمّماً ، فإن أقام عشرة أيام ، قصّر في خروجه ، لقول الباقرعليه‌السلام : « سبعة لا يقصّرون الصلاة : الجابي الذي يدور في جبايته ، والأمير الذي يدور في إمارته ، والتاجر الذي يدور في تجارته من سوق إلى سوق ، والراعي ، والبدوي الذي يطلب مواضع القطر ومنبت الشجر ، والرجل يطلب الصيد يريد به لهو الدنيا ، والمحارب الذي يقطع السبيل »(١) .

وعن أحدهماعليهما‌السلام : « ليس على الملّاحين في سفينتهم تقصير ، ولا على المكارين ولا على الجمّالين »(٢) .

____________________

(١) الفقيه ١ : ٢٨٢ / ١٢٨٢ ، التهذيب ٣ : ٢١٤ / ٥٢٤ ، الاستبصار ١ : ٢٣٢ / ٨٢٦ ، الخصال : ٤٠٣ / ١١٤.

(٢) الكافي ٣ : ٤٣٧ / ٢ ، الفقيه ١ : ٢٨١ / ١٢٧٧ ، التهذيب ٣ : ٢١٤ / ٥٢٥ ، الاستبصار ١ : ٢٣٢ / ٨٢٧.

٣٩٤

وعن الباقرعليه‌السلام : « أربعة قد يجب عليهم التمام في سفر كانوا أو حضر : المكاري والكري(١) والراعي والاشتقان ، لأنّه عملهم »(٢) والاشتقان هو البيدر. وقيل : أمين البيدر(٣) .

وإنّما شرطنا العشرة ، لأنّ السفر ينقطع بها.

ولقول الصادقعليه‌السلام : « المكاري إن لم يستقرّ في منزله إلّا خمسة أيام ، قصّر في سفره بالنهار ، وأتمّ بالليل ، وعليه صوم شهر رمضان ، وإن كان له مقام في البلد الذي يذهب إليه عشرة أيام أو أكثر ، قصّر في سفره وأفطر »(٤) .

فروع :

أ : لو أقام أحدهم في بلده خمسة أيام ، قال الشيخ : قصّر صلاة النهار خاصة دون الصوم وصلاة الليل‌(٥) ، للرواية السابقة(٦) .

والمشهور : وجوب الإِتمام ما لم يقم عشرة أيام.

ب : لو أقام أحدهم في غير بلده عشرة أيام ، فإن نوى إقامتها ، خرج مقصّراً ، وإلّا فلا ، ولم تشترط النية في إقامته في بلده بل الإِقامة.

ج : الذي أهله معه وسفينته منزله لا يقصّر‌ - وبه قال أحمد(٧) - لأنّه مقيم في مسكنه وماله ، فأشبه ما إذا كان في بيته.

____________________

(١) الكري : المكتري. لسان العرب ١٥ : ٢١٩ « كري ».

(٢) الكافي ٣ : ٤٣٦ / ١ ، الفقيه ١ : ٢٨١ / ١٢٧٦ ، التهذيب ٣ : ٢١٥ / ٢٥٦ ، الاستبصار ١ : ٢٣٢ / ٨٢٨ ، الخصال : ٢٥٢ / ١٢٢.

(٣) مجمع البحرين ٦ : ٢٧٢ « شقن ».

(٤) الفقيه ١ : ٢٨١ / ١٢٧٨ ، التهذيب ٣ : ٢١٦ / ٥٣١ ، الاستبصار ١ : ٢٣٤ / ٨٣٦.

(٥) المبسوط للطوسي ١ : ١٤١ ، والنهاية : ١٢٢ - ١٢٣.

(٦) تقدّمت آنفاً عن الإِمام الصادقعليه‌السلام .

(٧) المغني ٢ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١١٥ ، الانصاف ٢ : ٣٣٣.

٣٩٥

وقال الشافعي : يقصّر(١) لقولهصلى‌الله‌عليه‌وآله : ( إنّ الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة )(٢) .

د : المعتبر صدق اسم المكاري ومشاركيه في الحكم‌ ، سواء كان بأول مرّة أو بأزيد.

ه- : هل يعتبر هذا الحكم في غيرهم حتى لو كان غير هؤلاء يردّد في السفر اعتبر فيه ضابطة الإِقامة عشرة ، أو لا؟ إشكال‌ ينشأ : من الوقوف على مورد النص ، ومن المشاركة في المعنى.

البحث الخامس : إباحة السفر‌

مسألة ٦٣٤ : يشترط في جواز القصر إباحة السفر ، بإجماع علمائنا ، فلا يترخّص العاصي بسفره ، كتابع الجائر ، والمتصيّد لهواً وبطراً ، وقاطع الطريق ، وقاصد مال غيره أو نفسه بسفره ، والخارج على إمام عادل ، والآبق من سيّده ، والناشزة من زوجها ، والغريم إذا هرب من غريمه مع تمكّنه ، والخارج إلى بلد ليفعل فيه المعاصي - وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وإسحاق(٣) - لقوله تعالى( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ ) (٤) .

قال ابن عباس : غير باغ على المسلمين ، مفارق لجماعتهم ، مخيف للسبيل ، ولا عادٍ عليهم بسيفه(٥) .

____________________

(١) الاُم ١ : ١٨٨ ، المغني ٢ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٢ : ١١٥.

(٢) سنن ابن ماجة ١ : ٥٣٣ / ١٦٦٧ ، سنن الترمذي ٣ : ٩٤ / ٧١٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٣١٧ / ٢٤٠٨ ، سنن النسائي ٤ : ١٨٠ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٣١ ، مسند أحمد ٤ : ٣٤٧ و ٥ : ٢٩.

(٣) الاُم ١ : ١٨٥ ، المجموع ٤ : ٣٤٤ ، فتح العزيز ٤ : ٤٥٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٩١ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٦٧ ، بلغة السالك ١ : ١٧٠ ، المغني ٢ : ١٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٩٢.

(٤) البقرة : ١٧٣.

(٥) المغني ٢ : ١٠٢.

٣٩٦

ولقول الصادقعليه‌السلام في قول الله عزّ وجلّ( فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ ) قال : « الباغي باغي الصيد ، والعادي السارق ، ليس لهما أن يأكلا الميتة إذا اضطرّا إليها ، هي حرام عليهما ، ليس هي عليهما كما هي على المسلمين ، وليس لهما أن يقصّرا في الصلاة »(١) .

ولأنّ السفر سبب لتخفيف الصلاة إذا كان مباحاً ، فلا يكون سبباً وهو معصية ، كالتحام الحرب.

وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي والمزني : يجوز القصر وجميع الرخص في ذلك ، لأنّه لو غصب خُفّاً ، كان له المسح عليه وإن كان عاصياً بلبسه كذا هنا(٢) .

والمسح على الخُفّ عندنا باطل. ولأنّ سبب الرخصة السفر ولبس الخفّ شرط وليس بسبب. ولأنّ المعصية لا تختص بلبسه ، فإنّه غاصب وإن نزعه.

إذا عرفت هذا ، فإن الوجه : أنّ العاصي لا يترخّص بأكل الميتة ، وبه قال الشافعي وأحمد(٣) ، خلافاً لأبي حنيفة ، احتجّ : بأنّ منعه يؤدّي إلى تلف نفسه وهو حرام(٤) .

ويبطل بأن يتوب ويرجع عن سفره ، فيحلّ له أكل الميتة ، فلا يؤدّي إلى تلفه.

ولا رخصة عندنا غير القصر في الصلاة ، والصوم وأكل الميتة.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤٣٨ / ٧ ، التهذيب ٣ : ٢١٧ / ٥٣٩.

(٢) المجموع ٤ : ٣٤٤ و ٣٤٦ ، فتح العزيز ٤ : ٤٥٦ ، المغني ٢ : ١٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٩٢ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٢.

(٣) المجموع ١ : ٤٨٥ - ٤٨٦ و ٤ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٤ : ٤٥٧ - ٤٥٨ ، المغني ٢ : ١٠٢ ، الشرح الكبير ٢ : ٩٢ ، الانصاف ٢ : ٣١٦.

(٤) أحكام القرآن للجصاص ١ : ١٢٨ ، المجموع ٤ : ٣٤٦.

٣٩٧

أمّا الشافعي وأبو حنيفة وغيرهما ، فإنّهم أضافوا المسح ثلاثة أيام(١) .

ولا يترخّص العاصي فيه أيضاً عند الشافعي - خلافاً لأبي حنيفة(٢) - وكذا لا يترخّص بالتنفّل على الراحلة والجمع بين صلاتين(٣) .

فروع :

أ : لا يشترط انتفاء المعصية في سفره‌ ، فلو كان يشرب الخمر في طريقه ويزني ، يرخّص ، إذ لا تعلّق لمعصيته بما هو سبب الرخصة.

ب : لو كانت المعصية جزءاً من داعي السفر ، لم يترخّص‌ ، كما لو كانت هي الداعي بأجمعه.

ج : لو قصد سفراً مباحاً ثم أحدث نيّة المعصية ، انقطع ترخّصه‌ ، لأنّها لو قارنت الابتداء ، لم تفد الرخصة ، فإذا طرأت ، قطعت ، كنية الإِقامة ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والثاني : لا ينقطع ، لأنّ السفر انعقد مباحاً مرخّصاً ، والشروط تعتبر في الابتداء(٤) .

ولو انعكس الفرض ، لم يترخّص في الابتداء ، بل من حين العود إلى الطاعة إن كان الباقي مسافة ، وإلّا فلا ، وللشافعية كالوجهين السابقين(٥) .

ولو ابتدأ بسفر الطاعة ثم عدل إلى قصد المعصية ، انقطع سفره حينئذ ، فإن عاد إلى سفر الطاعة عاد إلى الرخصة إن كان الباقي مسافة.

وإن لم يكن لكن بلغ المجموع من السابق والمتأخّر مسافة ، احتمل القصر ، لوجود المقتضي ، وهو : قصد المسافة ، مع انتفاء المانع ، وهو :

____________________

(١) المجموع ١ : ٤٧٦ و ٤٨٣ ، حلية العلماء ١ : ١٣٠ ، كفاية الأخيار ١ : ٣١ ، المغني ١ : ٣٢٢.

(٢) أحكام القرآن للجصاص ١ : ١٢٨.

(٣) المجموع ١ : ٤٨٥ - ٤٨٦ و ٤ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٤ : ٤٥٧ ، كفاية الأخيار ١ : ٨٧.

(٤) المجموع ٤ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٤ : ٤٥٦.

(٥) المجموع ٤ : ٣٤٥ ، فتح العزيز ٤ : ٤٥٦ - ٤٥٧.

٣٩٨

قصد المعصية ، والمنع ، اعتباراً بالمنافي ، كما لو قصد الإِقامة في أثناء المسافة.

د : قد بيّنّا أنّ المسح على الخُفّ حرام‌ ، أمّا مَنْ جوّزه فإنّه يجوّز في السفر ثلاثة أيام. واشترط الشافعي إباحة السفر ، ولو كان معصية ، احتمل عنده أن يمسح يوماً وليلة ، لأنّ للمقيم ذلك ، وغاية الأمر فرض السفر كالمعدوم. وعدمه ، لأنّ المسح رخصة ، فلا يثبت للعاصي(١) . وكذا لو لبس خُفّاً مغصوباً ، ففي المسح عليه عنده وجهان(٢) .

ه- : لو عدم الماء في سفر المعصية ، وجب التيمّم‌ ولم يجز له ترك الصلاة.

وهل تجب الإِعادة؟ الأقرب : المنع ، لاقتضاء الأمر الإِجزاء.

ولأنّ المعصية تأثيرها في منع الرخصة ، والصلاة بالتيمّم عند عدم الماء واجبة ، فلا تؤثر فيها المعصية ، وهو أحد وجهي الشافعيّة(٣) .

والثاني : الإِعادة ، لأنّ الصلاة بالتيمّم من رُخص السفر ، فإنّ المقيم إذا تيمّم لعدم الماء ، أعاد ، فلا يثبت في حقّ العاصي بسفره(٤) .

والْاُولى ممنوعة.

و : لو وثب من بناءٍ عالٍ أو جبل متلاعباً ، فانكسرت رجله ، صلّى قاعداً ولا إعادة ، لأنّ ابتداء الفعل باختياره دون دوام العجز ، وهو أحد وجهي الشافعيّة.

والثاني : يعيد ، لأنّه عاصٍ بما هو سبب العجز عن القيام ،

____________________

(١) المجموع ١ : ٤٨٥ ، الوجيز ١ : ٥٩ ، فتح العزيز ٤ : ٤٥٧ ، حلية العلماء ١ : ١٣٦ و ٢ : ١٩٢.

(٢) المهذب للشيرازي ١ : ٢٨ ، المجموع ١ : ٥٠٩ - ٥١٠.

(٣) المجموع ٤ : ٣٤٥ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٢.

(٤) المجموع ٤ : ٣٤٥.

٣٩٩

فلا يترخّص(١) .

ز : لو سافر لزيارة القبور والمشاهد ، قصّر‌ لأنّه مباح ، وكان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يأتي قبا راكباً وماشياً ، وكان يزور القبور(٢) ، وقال : ( زوروها تذكّركم الآخرة )(٣) .

وعند بعض الجمهور لا يجوز القصر ، للنهي عن السفر إلى القبور(٤) .

وهو ممنوع.

ح : لو سافر للتنزّه والتفرج ، فالأقرب : جواز القصر‌ ، لأنّه مباح ، وهو إحدى الروايتين عن أحمد.

والْاُخرى : المنع ، لانتفاء المصلحة فيه(٥) . وهو ممنوع.

مسألة ٦٣٥ : اللاهي بسفره ، كالمتنزّه بصيده بطراً ولهواً لا يقصّر‌ ، عند علمائنا - خلافاً لباقي الفقهاء - لقول الباقرعليه‌السلام ، وقد سأله زرارة عمّن يخرج من أهله بالصقورة والكلاب يتنزّه الليلة والليلتين والثلاث هل يقصّر من صلاته أم لا؟ فقال : « لا يقصّر ، إنّما خرج في لهو »(٦) .

ولأنّ اللهو حرام ، فالسفر له معصية. ولأنّ الرخصة لتسهيل الوصول إلى المصلحة ، ولا مصلحة في اللهو.

ولو كان الصيد لقوته وقوت عياله ، وجب القصر في الصلاة والصوم إجماعاً ، لأنّه فعل مباح.

ولقول الصادقعليه‌السلام ، وقد سئل عن الرجل يخرج إلى الصيد‌

____________________

(١) حلية العلماء ٢ : ١٩٢.

(٢) سنن البيهقي ٥ : ٢٤٠ و ٢٤٩.

(٣) سنن الترمذي ٣ : ٣٧٠ / ١٠٥٤ ، سنن البيهقي ٤ : ٧٧.

(٤) المغني ٢ : ١٠٤ - ١٠٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٩٤.

(٥) المغني ٢ : ١٠٤ ، الشرح الكبير ٢ : ٩٣ - ٩٤.

(٦) التهذيب ٣ : ٢١٨ / ٥٤٠ و ٤ : ٢٢٠ / ٦٤١ ، الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤٢.

٤٠٠