تذكرة الفقهاء الجزء ٤

تذكرة الفقهاء0%

تذكرة الفقهاء مؤلف:
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: فقه مقارن
ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473

تذكرة الفقهاء

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: العلامة الحلي
المحقق: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لاحياء التراث
تصنيف: ISBN: 964-5503-44-2
الصفحات: 473
المشاهدات: 205872
تحميل: 6408


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3 الجزء 4 الجزء 5 الجزء 6 الجزء 7 الجزء 8 الجزء 9 الجزء 10 الجزء 11 الجزء 12 الجزء 13 الجزء 15 الجزء 16 الجزء 17
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 473 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 205872 / تحميل: 6408
الحجم الحجم الحجم
تذكرة الفقهاء

تذكرة الفقهاء الجزء 4

مؤلف:
ISBN: 964-5503-44-2
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مسيرة يوم أو يومين يقصّر أو يتمّ؟ فقال : « إن خرج لقوته وقوت عياله ، فليفطر وليقصّر ، وإن خرج لطلب الفضول ، فلا ولا كرامة »(١) .

ولو كان الصيد للتجارة ، قال الشيخ في النهاية والمبسوط : يقصّر في صلاته دون صومه(٢) .

والوجه : القصر فيهما ، لأنّه مباح ، وإلّا لم يجز القصر في الصلاة.

قال الصادقعليه‌السلام : « إذا قصّرت أفطرت وإذا أفطرت قصّرت »(٣) .

تذنيب : قال الصدوق : لو قصد مسافة ثم مرّ في أثنائها إلى الصيد ، أتمّ‌ حال ميله ، وقصّر عند عوده(٤) . وهو جيّد.

آخر : سالك الطريق المخوف مع انتفاء التحرّز عاصٍ‌ ، فلا يجوز له الترخّص.

البحث السادس : في اُمور ظنّ أنها شروط وليست كذلك‌

مسألة ٦٣٦ : لا يشترط في القصر وجوب السفر عند علمائنا أجمع‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٤٣٨ / ١٠ ، الفقيه ١ : ٢٨٨ / ١٣١٢ ، التهذيب ٣ : ٢١٧ / ٥٣٨ ، الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤٥.

(٢) اضطربت كتب المصنف في نقل فتوى الشيخ هذه ، فهنا وفي نهاية الإِحكام ٢ : ١٨٢ ، نقل عنه القصر في الصلاة دون الصوم ، ونقله عنه أيضاً المحقق في المعتبر : ٢٥٢ ، وفي المختلف : ١٦١ نقل قوله بالإِتمام في الصلاة والإِفطار في الصوم ، كما نقله عنه أيضاً العاملي في مفتاح الكرامة ٣ : ٥٧٩ ، والصحيح - كما في النهاية : ١٢٢ ، والمبسوط ١ : ١٣٦ - التمام في الصلاة والإِفطار في الصوم.

(٣) الفقيه ١ : ٢٨٠ / ١٢٧٠ ، التهذيب ٣ : ٢٢٠ / ٥٥١.

(٤) الفقيه ١ : ٢٨٨ ذيل الحديث ١٣١٤.

٤٠١

- وبه قال أكثر العلماء(١) - لأنّه تعالى ، علّق على الضرب في الأرض(٢) .

ولقول ابن عباس : فرض الله الصلاة على لسان نبيكم في الحضر أربعاً ، وفي السفر ركعتين(٣) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام ، وقد سئل عن الرجل يخرج إلى الصيد أيقصّر أو يُتمّ؟ : « يتمّ لأنّه ليس بمسير حق »(٤) .

وحكي عن عبد الله بن مسعود أنّه قال : لا يجوز القصر إلّا في السفر الواجب ، لأنّ الواجب لا يجوز تركه إلّا بواجب(٥) .

ولو سلّمنا المقدّمتين ، قلنا بموجبه ؛ فإنّ القصر عندنا واجب. وينتقض بمن لا يجب عليه الجهاد إذا خرج إليه.

مسألة ٦٣٧ : ولا يشترط في القصر كون السفر طاعةً‌ ، بل يثبت في السفر إذا كان مباحاً ، عند علماء الأمصار ؛ لما تقدّم في المسألة الْاُولى(٦) .

ولأنّ الرخصة إذا تعلّقت بالسفر الطاعة ، تعلّقت بالسفر المباح ، كصلاة النافلة على الراحلة.

وقال عطاء : لا يجوز القصر إلّا في سفر الطاعة ؛ لأنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يقصّر إلّا في سبل الخير ، فلا يقصّر إلّا في مثلها(٧) .

وهو خطأ ؛ لأنّ وقوع ذلك اتّفاقي.

____________________

(١) المجموع ٤ : ٣٤٦ ، المغني ٢ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٩٢ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٠٩ ، بداية المجتهد ١ : ١٦٦.

(٢) إشارة إلى الآية ١٠١ من سورة النساء.

(٣) صحيح مسلم ١ : ٤٧٩ / ٦٨٧ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٣٩ / ١٠٦٨ ، مسند أحمد ١ : ٣٥٥.

(٤) الكافي ٣ : ٤٣٨ / ٨ ، التهذيب ٣ : ٢١٧ / ٥٣٧ ، الاستبصار ١ : ٢٣٦ / ٨٤١.

(٥) المجموع ٤ : ٣٤٦ ، المغني ٢ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٩٢.

(٦) برقم ٦٣٦.

(٧) المجموع ٤ : ٣٤٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٩١ ، المغني ٢ : ١٠٠ ، الشرح الكبير ٢ : ٩٢.

٤٠٢

ولأنّهعليه‌السلام ، كان يترخّص في عوده(١) وهو مباح.

ولأنّه لو اختصّ بفعلهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لاختصّ بالسفر إلى الموضع الذي سافر إليه.

مسألة ٦٣٨ : لا يشترط في القصر الخوف‌ بل يثبت القصر في سفر الأمن والخوف معاً ، عند عامة العلماء ؛ لأنّ يعلى بن اُميّة قال لعمر : ما بالنا نقصّر وقد أمنّا؟ فقال عمر : عجبت مما عجبت منه ، فسألتُ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، فقال : ( صدقة تصدّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته)(٢) .

وقال ابن عباس : إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، سافر بين مكة والمدينة أمناً لا يخاف إلّا الله تعالى ، فصلّى ركعتين(٣) .

وقال داود : لا يجوز القصر إلّا في سفر الخوف(٤) ، لظاهر قوله تعالى :( فَإِنْ خِفْتُمْ ) (٥) .

والحديث مبيّن.

مسألة ٦٣٩ : نيّة القصر ليست شرطاً فيه‌ ، فلو صلّى ولم يَنْو القصر ، وجب ، وكذا لو نوى الإِتمام ، وجب القصر ، عند علمائنا أجمع - خلافاً للجمهور - لأنّ المقتضي لوجوب الإِتمام والقصر ليس هو القصد التابع لحكم الله تعالى ، بل حكمه تعالى ، فلا يتغيّر الفرض بتغيّر النيّة ، بل لو نوى المخالف ، لم يجزئ ووجب عليه ما حكم الله تعالى به ، وقد بيّنّا أنّ الواجب‌

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ٥٣ ، صحيح مسلم ١ : ٤٨١ / ٦٩٣ ، سنن أبي داود ٢ : ١٠ / ١٢٣٣ ، سنن النسائي ٣ : ١٢١ ، سنن البيهقي ٣ : ١٣٦.

(٢) صحيح مسلم ١ : ٤٧٨ / ٦٨٦ ، سنن أبي داود ٢ : ٣ - ١١٩٩ ، سنن ابن ماجة ١ : ٣٣٩ / ١٠٦٥ ، سنن الدارمي ١ : ٣٥٤ ، مسند أحمد ١ : ٢٥ ، سنن البيهقي ٣ : ١٣٤.

(٣) سنن الترمذي ٢ : ٤٣١ / ٥٤٧ ، سنن البيهقي ٣ : ١٣٥.

(٤) حلية العلماء ٢ : ١٩١ ، الميزان للشعراني ١ : ١٨٠ ، رحمة الاُمّة ١ : ٧٣.

(٥) النساء : ١٠١.

٤٠٣

القصر.

امّا الجمهور ، فإنّ القصر عند أكثرهم ليس واجباً ، بل المسافر يتخيّر بين القصر والإِتمام(١) .

وإنّما يجوز القصر عند الشافعي وأحمد لو نواه ، فإن أحرم بنيّة القصر ، جاز ، وإن أحرم بنية الإِتمام ، وجب الإِتمام عندهما ، لأنّ المصلّي في أول الوقت يلزمه الإِتمام وإن جاز التأخير قبل الشروع ، فكذا هنا إذا نوى الإِتمام ، لزمه وإن كان مخيّراً في الابتداء(٢) .

ونحن نمنع التخيير ؛ فإنّ القصر ، عندنا واجب - وبه قال أبو حنيفة(٣) - فإذا نوى الإِتمام ، لم يتغيّر فرضه.

وإن أطلق النيّة ، وجب القصر عندنا ؛ لأنّه يجب لو نوى الإِتمام ، ففي الإِطلاق أولى.

واختلفت الشافعية ، فعند المزني يجوز القصر ؛ لأنّه أحرم بصلاة يجوز له قصرها ولم يَنْو إتمامها ، فكان له قصرها ، كما لو نوى القصر(٤) .

وقال آخرون : يجب الإِتمام ؛ لأنّه الأصل ، وقد أجمعنا على جواز القصر مع نيّته ، فإذا لم يَنْو وجب الإِتمام. ولأنّ إطلاق النية ينصرف إلى الأصل(٥) .

والكل ممنوع بما تقدّم.

____________________

(١) اُنظر : الاُم ١ : ١٧٩ ، مختصر المزني : ٢٤ ، المجموع ٤ : ٣٣٧ ، فتح العزيز ٤ : ٤٢٩ ، المغني ٢ : ١٠٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٠ ، الشرح الصغير ١ : ١٦٩.

(٢) الأُم ١ : ١٨١ ، المجموع ٤ : ٣٥٣ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٦ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ١٠٦ - ١٠٧.

(٣) اللباب ١ : ١٠٦ ، بدائع الصنائع ١ : ٩١ ، المجموع ٤ : ٣٣٧ ، فتح العزيز ٤ : ٤٣٠ ، المغني ١ : ١٠٨.

(٤) فتح العزيز ٤ : ٤٦٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٦.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١١٠ ، المجموع ٤ : ٣٥٣ ، الوجيز ١ : ٦٠ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٦.

٤٠٤

فروع :

أ : لو نوى القصر ثم أراد الإِتمام ، لم يجز ، وبه قال مالك(١) .

أمّا عندنا : فلوجوب القصر ، وأمّا عنده : فلأن الزيادة لم تشتمل عليها نيّته.

وقال الشافعي : له ذلك(٢) .

ب : المواطن الأربعة التي يجوز فيها الإِتمام ، لو نواه فيها ، لم يجب‌ وكذا لو نوى القصر ، لم يجب ، عملاً بالأصل ، وهو الاستصحاب.

ج : لو نوى الإِتمام ثم أفسد الصلاة ، أعادها قصراً‌ عندنا ؛ لأنّه الواجب.

وعند الشافعي لا يجوز ؛ لأنّه التزم العبادة(٣) على صفة(٤) أمّا لو نوى الإتمام ثم بان أنّه كان محدثا ، لم يلزمه الإتمام قولاً واحداً ؛ لعدم انعقادها.

وكذا لو فقد المطهّرين ، فشرع مصلّياً بنية الإِتمام ثم قدر على الطهارة ، لم يلزمه الإِتمام.

أمّا عندنا : فلأنّ فرضه القصر. وأمّا عند الشافعي : فلأنّ ما شرع فيه ليس بحقيقة صلاة(٥) .

د : لو شكّ هل نوى القصر أم لا ، لم يلزمه الإِتمام ؛ لما بيّنّا من وجوب القصر.

____________________

(١) المجموع ٤ : ٣٥٥ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ١٠٧.

(٢) المجموع ٤ : ٣٥٥ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٦ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ١٠٧.

(٣) في نسخة « م » : انعقاده ؛ والمثبت في المتن موافق لما في المصدر.

(٤) المجموع ٤ : ٣٥٧ ، المغني ٢ : ١٠٧ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٦.

(٥) المجموع ٤ : ٣٥٧.

٤٠٥

وعند الشافعي : يجب الإِتمام ، لأنّه الأصل ، والقصر رخصة ، فإذا شكّ في سببها عاد إلى الأصل(١) .

ولو شكّ في نية القصر ثم تذكّر في الحال ، لزمه القصر.

وعند الشافعي : يجب الإِتمام ؛ لأنّ فعله في زمان الشك احتسب به عن الإتمام ، ومن احتسب جزء من صلاته عن الإِتمام وجب عليه(٢) .

ه : لو كان في الصلاة فشكّ هل نوى الإِقامة أم لا ، لزمه القصر ؛ عملاً بالاستصحاب.

وعند الشافعي يجب الإِتمام ؛ لأنّ القصر رخصة ، فإذا شكّ في الشرط ، عاد إلى الأصل(٣) .

و : لو وصل إلى بلدةٍ في السفينة ، فشكّ هل هي بلدة إقامته؟ لزمه الإِتمام‌ ؛ لوقوع الشك في سبب الرخصة.

والأقرب : وجوب القصر ؛ للاستصحاب.

ز : لو نوى القصر فصلّى ركعتين وقعد للتشهّد ثم قام ، فإن قصد الإِتمام ، لم يجز‌ عندنا.

وقال الشافعي : يجوز(٤) .

وإن قام ساهياً ، عاد إلى قعوده ، وإن تعمّده ولم يقصد الإِتمام ، فسدت صلاته ، كما لو قام إلى الخامسة عمداً ، وبه قال الشافعي(٥) .

____________________

(١) المهذب للشيرازي ١ : ١١٠ ، المجموع ٤ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٦.

(٢) المجموع ٤ : ٣٥١ و ٣٥٧ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٦ ، فتح الوهاب ١ : ٧١ ، منهج الطلاب ١ : ٧١ ، كفاية الأخيار ١ : ٨٨.

(٣) المجموع ٤ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٨ ، السراج الوهاج : ٨١.

(٤) المجموع ٤ : ٣٥٤ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٧.

(٥) فتح العزيز ٤ : ٤٦٧ - ٤٦٨ ، السراج الوهاج : ٨١ ، مغني المحتاج ١ : ٢٧٠ ، فتح الوهّاب ١ : ٧١ ، منهج الطلاب ١ : ٧١.

٤٠٦

قال : ولو نوى القصر ثم صلّى أربعاً ساهياً فلمـّا قعد للتشهد نوى الإِتمام ، لم يحتسب له ما فعله ، وعليه أن يقوم فيصلّي ركعتين غيرهما ؛ لأنّه ساهٍ في فعلها ، والسهو لا يحتسب به عن الفرض(١) .

وعندنا ليس له الإِتمام إلّا مع تجديد نيّة الإِقامة ، فلو صلّى أربعاً سهواً ثم عزم على المقام عشرة قبل التسليم ، احتمل قول الشافعي.

هذا إذا لم يقصد التمام ، فإن قصده ساهياً ، أعاد في الوقت خاصّة.

مسألة ٦٤٠ : ولا يشترط في القصر عدم الائتمام بالمقيم ، عند علمائنا أجمع ، فلو ائتمّ مسافر بمقيم ، قصّر المسافر ولا يتابع المقيم عندنا ، وبه قال إسحاق بن راهويه(٢) .

وقال الشافعي وأبو حنيفة والأوزاعي وأحمد وداود : يجب عليه الإِتمام(٣) . وكذا قال مالك : إن أدرك ركعة ، وإلّا قصّر(٤) .

وقد تقدّم(٥) البحث في ذلك في باب الجماعة.

المطلب الثالث : في الأحكام‌

مسألة ٦٤١ : قد بيّنّا أنّ الواجب على المسافر هو القصر‌ ، عند علمائنا ، فلو أتمّ فأقسامه ثلاثة :

____________________

(١) المجموع ٤ : ٣٥٤ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٨.

(٢) المجموع ٤ : ٣٥٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٦ ، المغني ٢ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٣ ، الميزان للشعراني ١ : ١٨٢.

(٣) المجموع ٤ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦١ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٦ ، الميزان للشعراني ١ : ١٨١ ، مغني المحتاج ١ : ٢٦٩ ، بدائع الصنائع ١ : ٩٣ ، المغني ٢ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٣.

(٤) المدونة الكبرى ١ : ١٢٠ ، المجموع ٤ : ٣٥٧ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦١ ، المغني ٢ : ١٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٠٣ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٦.

(٥) تقدم في المسألة ٥٧٧.

٤٠٧

الأول : أن يتعمّد ذلك ؛ فيجب عليه الإِعادة في الوقت وخارجه ، سواء قعد قدر التشهّد ، أو لا ، عند علمائنا أجمع ، لأنّه زاد في الفريضة عمداً ، فأبطل صلاته ، كما لو زاد في غيرها من الفرائض.

ولما رواه ابن عباس قال : مَنْ صلّى في السفر أربعاً كمن صلّى في الحضر ركعتين(١) .

ومن طريق الخاصة : قول الصادقعليه‌السلام ، صلّيت الظهر أربع ركعات وأنا في السفر؟ قال : « أعد »(٢) .

وقال أبو حنيفة : يعيد إلّا أن يقعد قدر التشهّد(٣) .

وليس بجيّد ، لأنّه جلوس لم يَنْو به الصلاة ، فكانت الزيادة بعده كما لو كانت قبله.

ولأنّه فعل كثير ليس من الصلاة ، فيكون مبطلاً بعد الجلوس ، كما هو قبله.

وباقي الجمهور على صحة الصلاة ، لعدم تعيّن القصر.

الثاني : أن يفعل ذلك جاهلاً بوجوب القصر ؛ فلا يعيد مطلقاً عند أكثر علمائنا(٤) ؛ لقولهعليه‌السلام : ( الناس في سعة ما لم يعلموا )(٥) .

ومن طريق الخاصة : قول الباقرعليه‌السلام ، وقد سأله زرارة ومحمد ابن مسلم ، عن رجل صلّى في السفر أربعاً أيعيد أم لا؟ : « إن كان قد قرئت عليه آية القصر وفسّرت له أعاد ، وإن لم يكن قرئت عليه ولم يعلمها ، لم يعد »(٦) .

____________________

(١) المغني ٢ : ١٠٩.

(٢) التهذيب ٢ : ١٤ / ٣٣.

(٣) اللباب ١ : ١٠٦ ، المجموع ٤ : ٣٣٧ - ٣٣٨ ، المغني ٢ : ١٠٨.

(٤) منهم : الشيخ الطوسي في النهاية : ١٢٣ ، وابن إدريس في السرائر : ٧٧ ، والمحقق في المعتبر : ٢٥٤.

(٥) أورده المحقق في المعتبر : ٢٥٤.

(٦) الفقيه ١ : ٢٧٨ - ٢٧٩ / ١٢٦٦ ، التهذيب ٣ : ٢٢٦ / ٥٧١ ، تفسير العياشي ١ : =

٤٠٨

ولأنّ الأصل الإِتمام ، فمع الجهل ورجوعه إلى الأصل يكون معذوراً.

ولاشتمال القضاء على عقوبة ، والجهل شبهة ، فلا تترتّب عليها العقوبة.

وقال أبو الصلاح : يعيد في الوقت(١) .

الثالث : أن يفعله ساهياً ، قال علماؤنا : يعيد في الوقت لا خارجه ، لأنّه لم يفعل المأمور به على وجهه ، فيبقى في عهدة الأمر ، بخلاف الجهل بالقصر ؛ لأنّ التكليف منوط بالعلم ، وبخلاف ما لو خرج الوقت ؛ فإنّه لا يعيد ؛ لأنّه يكون قضاءً ، وإنّما يجب بأمر جديد ؛ إذ استدراك مصلحة الواجب في وقته غير ممكن.

ولقول الصادقعليه‌السلام - وقد سأله العيص ، عن رجل صلّى وهو مسافر فأتمّ الصلاة - : « إن كان في الوقت فليعد ، وإن كان الوقت مضى فلا »(٢) .

وقالعليه‌السلام ، في الرجل ينسى فيصلّي في السفر أربع ركعات : « إن ذكر في ذلك اليوم فليعد ، وإن لم يذكر حتى مضى ذلك اليوم فلا إعادة »(٣) .

مسألة ٦٤٢ : لو قصّر المسافر اتّفاقاً من غير أن يعلم وجوبه ، أو جهل المسافة ، فاتّفق أن كان الفرض ذلك ، لم تجزئه الصلاة‌ ؛ لأنّ القصر إنّما يجوز مع علم السبب أو ظنّه ، فدخوله في هذه الصلاة منهي عنه في ظنّه ، فلا تقع مجزئةً عنه.

ولو ظنّ المسافة فأتم ثم علم القصور ، احتمل الإِجزاء ؛ للموافقة ،

____________________

= ٢٧١ / ٢٥٤.

(١) الكافي في الفقه : ١١٦.

(٢) الكافي ٣ : ٤٣٥ / ٦ ، التهذيب ٣ : ١٦٩ / ٣٧٢ و ٢٢٥ / ٥٦٩ ، الاستبصار ١ : ٢٤١ / ٨٦٠.

(٣) الفقيه ١ : ٢٨١ / ١٢٧٥ ، التهذيب ٣ : ١٦٩ / ٣٧٣ ، الاستبصار ١ : ٢٤١ / ٨٦١.

٤٠٩

ولرجوعه إلى الأصل ، ولأنّ القصر طارٍ. وعدمه ؛ لإِقدامه على عبادة يظنّ فسادها ، فلا تقع مجزئةً عنه.

مسألة ٦٤٣ : الشرائط في قصر الصلاة وقصر الصوم واحدة‌ إجماعاً ، وكذا الحكم مطلقاً على مذهب أكثر علمائنا(١) ؛ لقول الصادقعليه‌السلام : « إذا قصّرت أفطرت ، وإذا أفطرت قصّرت »(٢) .

وعند الشيخ يجب على مَنْ زاد سفره على حضره إذا أقام خمسة أيام قصْرُ صلاة النهار دون الصوم ، وكذا قالرحمه‌الله في الصائد للتجارة : يقصّر في الصلاة خاصة(٣) .

والوجه : ما قلناه ؛ للرواية. ولأنّه سبب في الترخّص في الصلاة ، فكذا في الصوم ؛ لأنّه أحد الرخصتين.

مسألة ٦٤٤ : إذا نوى المسافر الإِقامة في بلد عشرة أيام‌ ، أتمّ على ما تقدّم ، فإن رجع عن نيّته ، قصّر ما لم يصلّ تماماً. ولو صلاةً واحدة ، فلو صلّى صلاة واحدة على التمام ، أتمّ ، لأنّ النيّة بمجرّدها لا يصير بها مقيما ، فإذا فعل صلاة واحدة على التمام ، فقد ظهر حكم الإِقامة فعلاً ، فلزم الإِتمام ؛ لانقطاع السفر بالنيّة والفعل.

ولو لم يصلّ صلاةً واحدة على التمام ، كان حكم سفره باقياً ؛ لأنّ المسافر لا يصير مقيماً بمجرّد نيّة الإِقامة ، كما لو نوى الإِقامة ثم رجع.

ولقول الصادقعليه‌السلام ، وقد سأله أبو ولّاد : كنت نويت الإِقامة بالمدينة عشرة أيام ثم بدا لي بعدُ ، فما ترى؟ قال : « إن كنت صلّيت بها صلاة فريضة واحدة بتمام ، فليس لك أن تقصّر حتى تخرج منها ، وإن كنت‌

____________________

(١) منهم : ابن إدريس في السرائر : ٨٩.

(٢) الفقيه ١ : ٢٨٠ / ١٢٧٠ ، التهذيب ٣ : ٢٢٠ / ٥٥١.

(٣) اُنظر : النهاية : ١٢٢ و ١٢٣ ، والمبسوط للطوسي ١ : ١٣٦ و ١٤١ ، وراجع أيضاً الهامش (٢) من صفحة ٤٠٠.

٤١٠

دخلتها وعلى نيتك التمام فلم تصلّ فيها فريضة واحدة بتمام حتى بدا لك ، فأنت في تلك الحال بالخيار إن شئت فانو المقام عشراً وأتمّ ، وإن لم تَنْو المقام ، فقصّر ما بينك وبين شهر ، فإذا مضى شهر ، فأتمّ الصلاة »(١) .

مسألة ٦٤٥ : لو رجع عن نيّة الإِقامة في أثناء الصلاة ، قال الشيخ : يتمّ ، لأنّه دخل في الصلاة بنيّة الإِتمام(٢) .

والوجه عندي : التفصيل ، وهو : أنّه إن كان قد تجاوز في صلاته فرض القصر ، بأن صلّى ثلاث ركعات ، تعيّن الإِتمام ، وإلّا جاز له القصر ؛ لأنّ المناط في وجوب الإِتمام صلاة تامة ولم توجد في الأثناء.

فروع :

أ : لو رجع عن نيّة الإِقامة بعد خروج وقت الصلاة ولم يصلّ ، فإن كان الترك لعذر مسقط ، صحّ الرجوع ، ووجب القصر‌ ، وإن لم يكن لعذر مسقط ، لم يصحّ ، ووجب الإِتمام إلى أن يخرج.

ب : لو نوى الإِقامة فشرع في الصوم ، فالوجه : أنّه كصلاة الإِتمام ؛ لأنّه إحدى العبادتين المشروطتين بالإِقامة وقد وجدت النيّة وأثرها ، فأشبه العبادة الْاُخرى.

ويحتمل صحة الرجوع ؛ لأنّ المناط الصلاة تماماً.

ج : إن جعلنا الصوم ملزماً للإِقامة ، فإنّما هو الصوم الواجب المشروط بالحضر أو النافلة‌ إن شرطنا في صحتها الإِقامة ، أمّا ما لا يشترط بالحضر كالمنذور سفراً وحضراً ، أو النافلة إن سوّغناها في السفر ، فلا.

مسألة ٦٤٦ : لو أحرم بنيّة القصر ثم نوى في الأثناء المقام عشرة ، أتمّ‌

____________________

(١) الفقيه ١ : ٢٨٠ / ١٢٧١ ، التهذيب ٣ : ٢٢١ / ٥٥٣ ، الاستبصار ١ : ٢٣٨ / ٨٥١.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ١٣٩.

٤١١

الصلاة تماماً ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الشافعي(١) - لانتفاء سبب القصر - وهو السفر - لوجود نيّة الإِقامة المضادّة للسفر ، ولا يجتمع الضدّان.

وقال مالك : إذا رجع عن نيّة القصر ، لم يَبْن على صلاته ، فإن كان قد صلّى ركعة بسجدتيها ، أتمّها ركعتين نافلةً ؛ لأنّها صلاة ابتدئت بنيّة فرض ، فلا يجوز نقله إلى غيره ، كما لا تنقل صلاة الظهر إلى العصر(٢) .

والجواب : منع حكم الأصل عندنا ، سلّمنا لكنّها صلاة واحدة لا تختلف نيّتها إلّا من جهة العدد ، فإذا نواها ركعتين ، جاز أن يجعلها أربعاً ، كالنافلة ، بخلاف الظهر والعصر ؛ لأنّ نيّة الصلاة مختلفة.

فروع :

أ : لو دخل بنيّة القصر ثم نوى الإِتمام ، لم يجز له الإِتمام‌ عندنا ، إلّا أن ينوي المقام عشراً ؛ لأنّ فرضه القصر ، فلا يتغيّر بتغيّر النيّة على ما سبق.

وقال الشافعي : يجب الإِتمام ؛ لأنّ نيّة الزيادة في العدد لا تتغيّر به النيّة ، وهو بناء على أنّ القصر سائغ(٣) .

وقال مالك : لا يجب الإتمام ، لأنّه نوى عدداً ، فإذا زاد عليه ، حصلت الزيادة بغير نيّة ، فلم تجز(٤) .

ب : لو أحرم ونوى القصر فصلّى أربعاً ناسياً ، فقد بيّنّا الإِجزاء مع خروج الوقت ، والإعادة مع بقائه.

____________________

(١) الاُم ١ : ١٨١ ، المجموع ٤ : ٣٥٤ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٧ ، مغني المحتاج ١ : ٢٧٠.

(٢) المدونة الكبرى ١ : ١٢٠ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ٦٧ ، التفريع ١ : ٢٥٩ ، المنتقى للباجي ١ : ٢٦٥ ، المجموع ٤ : ٣٥٥ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٧.

(٣) الاُم ١ : ١٨١ ، مختصر المزني : ٢٥ ، المجموع ٤ : ٣٥٥ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٦ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٧ ، المغني والشرح الكبير ٢ : ١٠٧.

(٤) المغني والشرح الكبير ٢ : ١٠٧ ، المجموع ٤ : ٣٥٥ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٨ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٧.

٤١٢

وقال الشافعي : تجزئه مطلقاً ، ويسجد للسهو(١) .

ولو تعمّد ذلك ، لم يجز عندنا على ما بيّنّاه.

وقال الشافعي : تجزئه ولا يسجد(٢) .

قالت الشافعية : وهو غريب ؛ لأنّ الزيادة التي توجب سجود السهو إذا تعمّدها ، أفسدت(٣) .

وحكى ابن المنذر عن الحسن البصري كقول الشافعي(٤) .

وقال بعض أصحاب مالك : لا تجزئه ؛ لأنّ هذا السهو عمل كثير(٥) .

وليس بجيّد ؛ لأنّه من جنس الصلاة.

ج : لو أراد السفر إلى بلد ثم إلى آخر بعده ، فإن كان الأدنى ممّا يقصّر في مثله ، قصّر ، وإلّا لم يقصّر إن نوى الإِقامة في الأقرب عشرة ، وإلّا قصّر إن بلغ المجموع المسافة.

ولو دخل الأقرب فأراد الخروج إلى الآخر ، اعتبرت المسافة إليه.

ولو قصد بلداً ثم قصد أن يدخل في طريقه إلى بلد آخر يقيم فيه أقلّ من عشرة أيام ، لم يقطع ذلك سفره ، واعتبرت المسافة من البلد الذي أنشأ منه السفر إلى البلد الذي قصده.

د : لو خرج إلى الأبعد فخاف في طريقه فأقام لطلب الرفقة أو ليرتاد الخبر ثم طلب غير الأبعد الذي قصده أوّلاً ، جُعل مبتدئاً للسفر‌ من موضع إقامته لارتياد الخبر ، لأنّه قطع النية الْاُولى ، وإن لم يبد له لكن أقام أقلّ من عشرة ، قصّر.

____________________

(١) المجموع ٤ : ٣٥٤ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٦ ، فتح العزيز ٤ : ٤٦٨.

(٢) حلية العلماء ٢ : ١٩٦.

(٣) اُنظر : فتح العزيز ٤ : ٤٦٧ - ٤٦٨.

(٤) حلية العلماء ٢ : ١٩٦.

(٥) مقدمات ابن رشد ١ : ١٥٩ ، حلية العلماء ٢ : ١٩٦.

٤١٣

ه : لو فارق البلد إلى حيث غاب الأذان والجدران ، ثم عاد إلى البلد لحاجة عرضت ، لم يترخّص في رجوعه وخروجه ثانياً‌ إلى أن يغيب عنه الأذان والجدران ، إلّا أن يكون غريباً عن البلد ، أو يبلغ سيره مسافةً ، فله استدامة الترخّص وإن كان قد أقام أكثر من عشرة في بلد الغربة ، وهو أظهر وجهي الشافعي(١) .

و : لو عزم العشرة في غير بلده ثم خرج إلى ما دون المسافة عازماً على العود والإِقامة ، أتمّ ذاهباً وعائداً‌ وفي البلد ، وإن لم يعزم ، قصّر.

ز : لو قصّر في ابتداء السفر ثم رجع عن نيّة السفر ، لم تجب عليه الإِعادة ؛ لأنّها وقعت مشروعةً وإن كان الوقت باقياً.

ح : لا يحتاج القصر إلى نيّته على ما بيّناه ، بل تكفي نيّة فرض الوقت ، وبه قال أبو حنيفة(٢) .

وقال الشافعي : إنّما يجوز القصر بشروط ثلاثة : أن يكون سفراً يقصّر فيه الصلاة ، وأن ينوي القصر مع الإِحرام ، وأن تكون الصلاة أداءً لا قضاءً(٣) .

وقال المزني : إن نوى القصر قبل السلام ، جاز له القصر(٤) .

مسألة ٦٤٧ : قال الشيخ : صلاة السفر لا تسمّى قصراً ؛ لمغايرة فرض السفر فرض الحضر ، وبه قال أبو حنيفة وكلّ مَنْ وافقنا في وجوب القصر.

وقال الشافعي : إنّه يسمّى قصراً(٥) .

وهو نزاع لفظي.

____________________

(١) المجموع ٤ : ٣٤٩ ، الوجيز ١ : ٥٨ ، فتح العزيز ٤ : ٤٤١ ، المغني ٢ : ١٣٧.

(٢) المجموع ٤ : ٣٥٣.

(٣) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ١ : ٥٨٠ ، المسألة ٣٣٥ ، وانظر : المجموع ٤ : ٣٥٣.

(٤) المجموع ٤ : ٣٥٣.

(٥) الخلاف ١ : ٥٧١ ، المسألة ٣٢٢ ، وانظر : المجموع ٤ : ٣٥٣.

٤١٤

مسألة ٦٤٨ : الصوم في سفر القصر باطل ، وعليه الإعادة عند علمائنا أجمع - وبه قال عليعليه‌السلام ، وعمر ، وأبو هريرة ، وثلاثة اُخرى من الصحابة(١) - لقوله تعالى( فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيّامٍ أُخَرَ ) (٢) أوجب عدّة أيام.

وقال داود : يصح صومه ، وعليه القضاء(٣) . وقال باقي الفقهاء : إن شاء صام وإن شاء أفطر ، فإن صام أجزأ(٤) . وسيأتي(٥) .

مسألة ٦٤٩ : نوافل النهار تسقط في السفر دون نوافل الليل ، عند علمائنا ، لأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، كان يوتر على الراحلة في السفر(٦) .

وكان يتنفّل على الراحلة في السفر حيث ما توجّهت به راحلته(٧) . وأقام النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، على حرب هوازن ثمانية عشر يوماً وكان يتنفّل(٨) .

وأمّا قصر نوافل النهار : فلأنّها تابعة لفرائض مقصورة ، فاقتضت‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ٢٦٤ ، أحكام القرآن للجصاص ١ : ٢١٤ ، تفسير القرطبي ٢ : ٢٧٩ - ٢٨٠ ، عمدة القارئ ١١ : ٤٣ ، نيل الأوطار ٤ : ٣٠٥.

(٢) البقرة : ١٨٤.

(٣) عمدة القارئ ١١ : ٤٣ ، نيل الأوطار ٤ : ٣٠٥.

(٤) اُنظر : المغني ٣ : ٤٣ ، والمجموع ٦ : ٢٦٤ ، والاُم ٢ : ١٠٢ ، وعمدة القاري ١١ : ٤٣ ، ونيل الأوطار ٤ : ٣٠٧.

(٥) يأتي في ج ٦ ، كتاب الصوم ، المسألة ٦٢.

(٦) صحيح البخاري ٢ : ٥٥ - ٥٦ ، صحيح مسلم ١ : ٤٨٧ / ٣٦ و ٣٨ و ٣٩ ، مصنف ابن أبي شيبة ٢ : ٣٠٣ ، سنن الترمذي ٢ : ٣٣٥ - ٣٣٦ / ٤٧٢ ، سنن النسائي ١ : ٢٤٣ - ٢٤٤ و ٣ : ٢٣٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٩ / ١٢٢٤ ، سنن الدار قطني ٢ : ٢٨ - ٢٩ / ٢ و ٣ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٩١.

(٧) صحيح البخاري ٢ : ٥٥ ، صحيح مسلم ١ : ٤٨٦ - ٤٨٧ / ٣١ و ٣٩ ، سنن الترمذي ٢ : ١٨٣ / ٣٥٢ ، سنن أبي داود ٢ : ٩ / ١٢٢٤ ، سنن النسائي ١ : ٢٤٣ - ٢٤٤ ، سنن البيهقي ٢ : ٤٩١.

(٨) فتح العزيز ٤ : ٤٤٩ ، تلخيص الحبير ٤ : ٤٤٩.

٤١٥

الحكمة إسقاطها.

وقال الشافعي : يجوز أن يتنفّل بالنهار والليل(١) .

ومنع بعض التابعين من التنفّل مطلقاً ؛ لأنّه إذا سقط بعض الفرض فلا يأتي بالنافلة(٢) .

* * *

____________________

(١) الاُم ١ : ١٨٦ ، المجموع ٤ : ٤٠٠ ، المغني ٢ : ١٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ١١٤.

(٢) المجموع ٤ : ٤٠١ ، المغني ٢ : ١٤١ ، الشرح الكبير ٢ : ١١٤.

٤١٦

٤١٧

الفصل الثالث : في صلاة الخوف‌

وفيه مطلبان :

الأول : الكيفية‌

مسألة ٦٥٠ : قيل : إنّ قبل نزول آية صلاة الخوف كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يؤخّر الصلاة إلى أن يحصل الأمن‌ ثم يقضيها ؛ لأنّ الشرع كان كذلك ، ثم نسخ إلى صلاة الخوف ، ولهذا أخّر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ( أربع صلوات )(١) يوم الخندق(٢) .

والأصل في صلاة الخوف : الكتاب والسنّة والإِجماع :

قال الله تعالى( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ ) (٣) وقد ثبت أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صلّى يوم ذات الرقاع صلاة الخوف(٤) .

وسمّيت ذات الرقاع ؛ لأنّ فيه جبلاً ألوانه مختلفة بعضه أحمر ، وبعضه أسود ، وبعضه أصفر.

وقال أبو موسى الأشعري : موضع مرّ به ثمانية نفر حفاة ، فتنقّبت‌

____________________

(١) بدل ما بين القوسين في « ش » : صلاة.

(٢) المغني ٢ : ٢٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ١٢٧ ، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ : ١١٨ - ١٢٠.

(٣) النساء : ١٠٢.

(٤) صحيح البخاري ٥ : ١٤٥ ، صحيح مسلم ١ : ٥٧٥ / ٨٤٢ ، سنن النسائي ٣ : ١٧١ ، سنن أبي داود ٢ : ١٣ / ١٢٣٨ ، مسند أحمد ٥ : ٣٧٠ ، موطإ مالك ١ : ١٨٣ / ١.

٤١٨

أرجلهم(١) ، وتساقطت أظفارهم ، فكانوا يلفّون عليها الخرق ، فسمّيت لذلك ذات الرقاع(٢) .

وصلّىعليه‌السلام ، يوم عسفان ببطن النخل صلاة الخوف(٣) .

مسألة ٦٥١ : صلاة الخوف ثابتة بعد رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، وبه قال عامة أهل العلم(٤) ، لأنّهعليه‌السلام صلّاها ، وورد الكتاب بها ، وقال تعالى( فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا ) (٥) .

وسئلعليه‌السلام ، عن القبلة للصائم ، فأجاب بأنّني أفعل ذلك ، فقال السائل : لسْتَ مثلنا ؛ فغضب وقال : ( إنّي لأرجو أن أكون أخشاكم لله ، وأعلمكم بما أتّقي )(٦) ولو اختصّ بفعله ، لما كان الإِخبار بفعله جواباً ، ولا غضب من قول السائل : لستَ مثلنا.

ولأنّ الصحابة أجمعوا على صلاة الخوف : صلّى عليعليه‌السلام ، في حرب معاوية ليلة الهرير صلاة الخوف(٧) . وصلّى أبو موسى الأشعري صلاة الخوف بأصحابه(٨) . وكان سعيد بن العاص أميراً على الجيش بطبرستان ، فقال : أيّكم صلّى مع رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ، صلاة الخوف؟ فقال حذيفة : أنا ، فقدّمه فصلّى بهم(٩) .

____________________

(١) أي : رقّت جلودها. النهاية لابن الأثير ٥ : ١٠٢.

(٢) صحيح البخاري ٥ : ١٤٥ ، معجم البلدان ٣ : ٥٦.

(٣) مسند أحمد ٤ : ٥٩ و ٦٠ ، سنن الترمذي ٥ : ٢٤٣ / ٣٠٣٥ ، مسند الطيالسي : ١٩٢ / ١٣٤٧ ، سنن البيهقي ٣ : ٢٥٧ بتفاوت.

(٤) المغني ٢ : ٢٥٠ - ٢٥١ ، الشرح الكبير ٢ : ١٢٦.

(٥) الأنعام : ١٥٥.

(٦) أورده ابنا قدامة في المغني ٢ : ٢٥١ ، والشرح الكبير ٢ : ١٢٦ - ١٢٧ ، ونحوه في صحيح مسلم ٢ : ٧٧٩ / ١١٠٨ ، والموطأ لمالك ١ : ٢٩١ / ١٣.

(٧و٨) سنن البيهقي ٣ : ٢٥٢ ، المغني ٢ : ٢٥١ ، والشرح الكبير ٢ : ١٢٦.

(٩) سنن البيهقي ٣ : ٢٥٢ ، سنن النسائي ٣ : ١٦٨ ، سنن أبي داود ٢ : ١٦ - ١٧ / ١٢٤٦ ، مسند أحمد ٥ : ٣٩٥ و ٣٩٩ و ٤٠٤ و ٤٠٦ ، والمغني ٢ : ٢٥١ ، والشرح الكبير ٢ : ١٢٦.

٤١٩

وقال أبو يوسف : إنّها كانت تختصّ برسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله ؛ لقوله تعالى( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ ) (١) (٢) شرط كونه فيهم.

وقال المزني : الآية منسوخة ، وقد أخّر النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، يوم الخندق أربع صلوات ؛ اشتغالاً بالقتال ، ولم يصلّ صلاة الخوف(٣) .

وخطابه لا يوجب اختصاصه ؛ لوجوب التأسّي علينا ، ولهذا أنكرت الصحابة على مانعي الزكاة حيث قالوا : إنّ الله تعالى قال لنبيّه( خُذْ ) (٤) فخصّه بذلك. ويوم الخندق كان قبل نزول صلاة الخوف(٥) .

مسألة ٦٥٢ : وصلاة الخوف جائزة في السفر‌ بالإِجماع ، وكذا في الحضر ، عند علمائنا أجمع - وبه قال الأوزاعي والشافعي وأحمد(٦) - لقوله تعالى( وَإِذا كُنْتَ فِيهِمْ ) (٧) وهو عام في كلّ حال.

ولأنّها حالة خوف ، فجاز فيها صلاة الخوف ، كالسفر.

وقال مالك : لا تجوز في الحضر ؛ لأنّ الآية دلّت على صلاة ركعتين ، وصلاة الحضر أربع.

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يفعلها في الحضر(٨) .

____________________

(١) النساء : ١٠٢.

(٢) الهداية للمرغيناني ١ : ٨٩ ، المجموع ٤ : ٤٠٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٠٨ ، المغني ٢ : ٢٥١ ، والشرح الكبير ٢ : ١٢٦.

(٣) المجموع ٤ : ٤٠٥ ، حلية العلماء ٢ : ٢٠٨.

(٤) التوبة : ١٠٣.

(٥) المغني ٢ : ٢٥١ و ٢٦٩ ، الشرح الكبير ٢ : ١٢٧ و ١٤٠ ، الاعتبار في الناسخ والمنسوخ من الآثار : ١١٨ - ١١٩.

(٦) الاُم ١ : ٢١٠ ، المجموع ٤ : ٤١٩ ، حلية العلماء ٢ : ٢١٣ ، الميزان للشعراني ١ : ١٨٤ ، المغني ٢ : ٢٥٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١٣٤.

(٧) النساء : ١٠٢.

(٨) المغني ٢ : ٢٥٨ ، الشرح الكبير ٢ : ١٣٤ ، المجموع ٤ : ٤١٩ ، حلية العلماء ٢ : ٢١٣ ، الميزان للشعراني ١ : ١٨٤.

٤٢٠