الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة0%

الفقه على المذاهب الخمسة مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 650

الفقه على المذاهب الخمسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جواد مغنية
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 650
المشاهدات: 239739
تحميل: 32078

توضيحات:

الفقه على المذاهب الخمسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 650 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 239739 / تحميل: 32078
الحجم الحجم الحجم
الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

الأذان

الأذان لغةً: مطلق الإعلام. وشرعاً: الإعلام بأوقات الصلاة بألفاظ خاصة. وقد شرّع في السنة الأولى مِن الهجرة النبوية في المدينة المنورة؛ وسبب تشريعه عند الشيعة أنّ جبرائيل هبط به مِن عند الله على الرسول الأعظم، وعند السنّة أنّ عبد الله بن زيد رأى في منامه مَن علّمه الأذان فعرض رؤياه على النبي فأقرّها.

الأذان سنّة

قال الحنفية والشافعية والإمامية: الأذان سنّة مؤكّدة.

وقال الحنابلة: هو فرض كفاية في القرى والأمصار للصلوات الخمس على الرجال في الحضر دون السفر.

وقال المالكية: يجب كفاية في البلد الذي تقام به الجمعة، فإذا ترك أهله الأذان قوتلوا على ذلك.

لا يجوز الأذان في موارد

وقال الحنابلة: لا يجوز الأذان للجنازة ولا النافلة ولا الصلاة المنذورة.

١٠١

وقال المالكية: لا يجوز للناقلة ولا الفائتة، ولا للجنازة.

وقال الحنفية: لا يجوز للجنازة ولا العيدين ولا الكسوف ولا الاستسقاء، ولا التراويح والسنن.

وقال الشافعية: لا يجوز للجنازة ولا الصلاة المنذورة ولا النوافل.

وقال الإمامية: لا يشرع الأذان إلاّ في الصلوات اليومية فقط، ويستحب لها قضاءً وأداءً، جماعة وفُرادى، سفراً وحضراً للنساء والرجال، ولا يجوز لأيّة صلاة غيرها مستحبة كانت أو واجبة، وإنّما يقول المؤذن في الكسوف والعيدين: الصلاة، يكررها ثلاثاً.

شرائط الأذان

اتفقوا على أنّه يشترط لصحة الأذان الموالاة وتتابع الكلمات والترتيب بين الفصول، وأن يكون المؤذن ذكراً(١) مسلماً عاقلاً. ويصحّ الأذان مِن الصبي المميّز. واتفق الجميع على عدم اشتراط الطهارة للإذان.

واختلفوا فيما عدا ذلك، فقال الحنفية والشافعية: يصحّ الأذان بدون نية. وقالت بقية المذاهب: لا بدّ منها.

وقال الحنابلة: يجوز الأذان بغير العربية مطلقاً.

وقال المالكية والحنفية والشافعية: لا يجوز للعربي أن يؤذّن بغير العربية، ويجوز للأعجمي أن يؤذّن بلغته لنفسه ولجماعة الأعاجم.

وقال الإمامية: لا يجوز قَبل دخول وقت الفريضة ما عدا صلاة الفجر، فقد أجاز الشافعية والمالكية والحنابلة وكثير مِن الإمامية أن يقدّم أذان الإعلام على الفجر، ومنع الحنفية مِن ذلك ولَم يفرّقوا بين الفجر وغيرها، وهو الأحوط.

____________________

(١) قال الإمامية: يستحب للمرأة أن تؤذّن لصلاتها لا للإعلام، كما يستحب في صلاة جماعة النساء أن تؤذّن إحداهن وتُقيم، ولكن لا تسمع الرجال. وعند الأربعة يستحب لها الإقامة ويُكره الأذان.

١٠٢

صورة الأذان

الله أكبر: (٤) مرات عند الجميع(١) .

أشهد أن لا إله إلاّ الله: مرتان عند الجميع.

أشهد أن محمداً رسول الله: مرتان عند الجميع.

حيّ على الصلاة: مرتان عند الجميع.

حيّ على الفلاح: مرتان عند الجميع.

حيّ على خير العمل: مرتان عند الإمامية فقط.

الله أكبر: مرتان عند الجميع.

لا إله إلاّ الله: مرة واحدة عند الأربعة، ومرتان عند الإمامية.

وأجاز المالكية والشافعية التكرار مرتين على أن تكون الثانية سنّة، أي أنّ الأذان لا يبطل بالاكتفاء بالواحدة، كما قال الإمامية، وتسمّى إعادة. ونقل صاحب كتاب (الفقه على المذاهب الأربعة) اتفاق الأربعة على استحباب التثويب، وهو أن يزداد (الصلاة خير مِن النوم) مرتين بَعد (حيّ على الفلاح)، ومنعه الإمامية(٢) .

____________________

(١) ما عدا المالكية، فإنّهم قالوا: يكبّر مرتين.

(٢) قال ابن رشد في بداية المجتهد ج١ ص ١٠٣ طبعة ١٩٣٥: (قال آخرون: لا يقال الصلاة خير مِن النوم؛ لأنّ هذا ليس مِن الأذان المسنون، وبه قال الشافعي، وسبب الاختلاف بأنّ ذلك هل قيل في زمان النبي (ص) أو في زمان عمر). وفي كتاب المغني لابن قدامة ج١ ص ٤٠٨ الطبعة الثالث: (قال أسحق: هذا شيء أحدثه الناس. وقال أبو عيسى: هذا التثويب الذي كرهه أهل العلم، وهو الذي خرج ابن عمر من المسجد لما سمعه).

١٠٣

الإقامة

تستحب إقامة الصلاة للرجال والنساء في الفرائض اليومية، وتأتي الفريضة بعدها مباشرة، وحكمها حكم الأذان مِن الموالاة والترتيب والعربية ونحوها. وهذه صورة الإقامة:

الله أكبر: (٢) عند الجميع، ما عدا الحنفية فقد جعلوها أربعاً.

أشهد أن لا إله إلاّ الله: (١) عند الشافعية والمالكية والحنابلة، و (٢) عند الحنفية والإمامية.

أشهد أنّ محمداً رسول الله: (١) عند الشافعية والمالكية والحنابلة، و (٢) عند الحنفية والإمامية.

حيّ على الصلاة: (١) عند الشافعية والمالكية والحنابلة، و (٢) عند الحنفية والإمامية.

حيّ على الفلاح: (١) عند الشافعية والمالكية والحنابلة، و (٢) عند الحنفية والإمامية.

حيّ على خير العمل: (٢) عند الإمامية فقط.

قد قامت الصلاة: (٢) عند الجميع، ما عدا المالكية فهي (١) عندهم.

الله أكبر: (٢) عند الجميع.

لا إله إلاّ الله: (١) عند الجميع.

وقال جماعة من الإمامية: يجوز للمسافر والمستعجل الاكتفاء بواحد مِن كل فصل مِن الأذان والإقامة.

١٠٤

فرائض الصلاة وأركانها

تتوقف صحة الصلاة على الطهارة مِن الحدث والخبث، والوقت، والقبلة، والساتر، ولا بدّ من تحقيق هذه الأمور جميعاً قبل الشروع بالصلاة، وتسمّى شروطاً، وتقدّم الكلام عنها مفصلاً، والصلاة أيضاً أركان وفرائض تتركب منها، ويؤتى بها حين المباشرة بعملية الصلاة، وهي كثيرة:

النية

١ - اختلفت المذاهب، بل اختلف فقهاء المذهب الواحد بعضهم مع بعض فيما يجب على المصلّي أن ينويه: هل يجب عليه التعيين، فينوي - مثلاً - أنّ هذه ظهر أو عصر، وأنّها فرض أو نفل، وأنّها تمام أو قصر، وأداء أو قضاء، وما إلى ذلك.

وحقيقة النية كما قدّمنا في باب الوضوء عبارة عن قصد الفعل بدافع الطاعة وامتثال أمر الله سبحانه، أمّا التعيين وقصد الفرض أو النفل والأداء أو القضاء، فيقع من المصلي حسب قصده، فإن كان قصد النافلة منذ البدء وأتى بها بهذا الدافع تقع نافلة، وإن قصد الفرض ظهراً وعصراً تقع كذلك، وإن لم يقصد شيئاً تقع عبثاً، ومحال أن لا يقصد؛ لأنّ كل فعل يصدر من عاقل لا

١٠٥

ينفك عن القصد بحال، سواء عبّر عنه بلفظ خاص أم لا يعبّر، وسواء التفت إلى قصده أو لم يلتفت، ولذا اتفق الجميع على أن التلفظ بالنية غير مطلوب، كما أنّه من المحال أيضاً - بحسب المعتاد - أن يقصد الظهر من العصر، والفرض من النفل، مع معرفته وتمييزه بين الصلاتين.

ومهما يكن، فإنّ الكلام عن النية وأقسامها لم يكن معروفاً بين القدامى الذين أسّسوا للدين والشريعة. ومن الخير أن ننقل هنا كلاماً لعالمين كبيرين: أحدهما من فقهاء السنّة، وهو ابن القيّم، والثاني من الإمامية، وهو السيد محمد (صاحب المدارك).

قال الأوّل في كتاب (زاد المعاد) كما في الجزء الأوّل من كتاب المغني لابن قدامة: (كان النبي (صلّى الله عليه وسلّم) إذا قام إلى الصلاة قال: (الله أكبر) ولم يقل شيئاً قبلها، ولا تلفظ بالنية البتة، ولا قال: أصلي كذا مستقبل القبلة أربع ركعات إماماً أو مأموماً، ولا قال: أداء ولا قضاء ولا فرض الوقت، وهذه عشر بدع لم ينقل عنه أحد قط بإسناد صحيح ولا ضعيف، ولا استحسنه أحد من التابعين ولا الأئمة الأربعة).

وقال الثاني في كتاب (مدارك الأحكام مبحث النية أوّل الصلاة): (المستفاد من الأدلة الشرعية سهولة الخطب في النية، وأنّ المعتبر فيها قصد الفعل المعيّن طاعةً لله تعالى، وهذا القدر أمر لا ينفك منه عاقل متوجه الى ايقاع العبادة، ومن هنا قال بعض الفضلاء: لو كلّف الله بالصلاة أو غيرها من العبادات بغير نية كان تكليفاً بما لا يطاق. وذكر الشهيد في الذكرى أنّ المتقدمين من علمائنا ما كانوا يذكرون النية في كتبهم الفقهية، بل يقولون: أوّل واجبات الوضوء غسل الوجه، وأوّل واجبات الصلاة تكبيرة الإحرام، وكأنّ وجهه أنّ القدر المعتبر من النية أمر لا يكاد يمكن الانفكاك عنه، وما زاد عنه فليس بواجب، وممّا يؤيده أنّ النية لم يرد لها ذكر في شيء من العبادات على الخصوص،

١٠٦

وقد خلت الأحاديث الواردة في صفة وضوء النبي (صلّى الله عليه وسلّم) وغسله وتيممه من ذلك).

تكبيرة الإحرام

٢ - لا تتم الصلاة إلاّ بتكبيرة الإحرام، وسمّيت بهذا الاسم؛ لقول الرسول (صلّى الله عليه وسلّم): (مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبيرة، وتحليلها التسليم)، أي يحرم بها الكلام وكل ما يتنافى مع الصلاة، وبالتسليم يحلّ للمصلي ما حرّم عليه بَعد التكبير.

وصيغتها (الله أكبر)، ولا يجزي غيرها عند الإمامية والمالكية والحنابلة، وقال الشافعية: يجزي الله أكبر، والله الأكبر، مع زيادة الألف واللام في لفظ أكبر. وقال الحنفية: يجزي كل لفظ بهذا المعنى مثل: الله الأعظم والله الأجلّ.

واتفقوا - ما عدا الحنفية - على وجوب النطق بها باللغة العربية، حتى ولو كان المصلي أعجمياً، فإن عجز فعليه أن يتعلمها، فإن عجز عن التعلّم ترجم عنها بلغته. وقال الحنفية: يصحّ الإتيان بها بأيّة لغة مع القدرة على العربية.

واتفقوا على أنّه يشترط لها كل ما يشترط للصلاة من الطهارة والقبلة والستر وما الى ذلك، وأن يأتي بها حال القيام والاستقرار مع القدرة، وينطق بها بصوت يسمعه تحقيقاً أو تقديراً إن كان به صمم، وإن يقدّم لفظ الجلالة على لفظ أكبر، فلو عكس وقال: أكبر الله لا يجزي القيام.

٣ - اتفقوا على أنّ القيام واجب في صلاة الفرائض من أوّل تكبيرة الإحرام الى الركوع، ويعتبر فيه الانتصاب والاستقرار والاستقلال، فلا يجوز له الاعتماد على شيء مع القدرة، فإن عجز عن القيام صلى قاعداً، فإن عجز عن القعود صلى مضطجعاً على جنبه الأيمن - كالموضوع في اللحد مرمياً مستقبل القبلة بمقاديم بدنه - عند الجميع ما عدا الحنفية، فإنّهم قالوا: مَن عجز عن القعود يصلّي

١٠٧

مستلقياً على ظهره ويستقبل القبلة برجليه، حتى يكون إيماؤه في الركوع والسجود إلى القبلة.

وإذا عجز عن الاضطجاع على جنبه الأيمن، قال الإمامية والشافعية والحنابلة: يصلّي مستلقياً على قفاه مومياً برأسه، فإذا عجز عن الإيماء بالرأس أومأ بجفنه.

وقال الحنفية: إذا انتهى إلى هذا الحد سقط عنه فرض الصلاة، ولكنّه يقضي متى عوفي وزال المانع.

وقال المالكية: مثل هذا المريض تسقط عنه الصلاة، ولا يجب عليه القضاء.

وقال الإمامية والشافعية والحنابلة: إنّ الصلاة لا تسقط بحال، فإذا عجز عن الإيماء بطرف العين استحضر الصلاة في قلبه، وحرّك لسانه بالذكر والقراءة ، فإن عجز عن تحريك اللسان تصوّر ذلك في البال ما دام عقله ثابتاً.

وبالإجمال، إنّ الصلاة تجب على القادر والعاجز ولا تُترك بحال، يؤديها كل مكلّف بحسبه، فمن القيام إلى القعود، إلى الاضطجاع على الجنب، إلى الاستلقاء على الظهر، إلى الإيماء بالطرف، إلى الحضور في القلب والذهن.

وينتقل كل من القادر والعاجز من حالته التي هو فيها إلى الحالة الأخرى عند حصول سببها، فإذا عرض للقادر العجز أثناء الصلاة، أو عادت القدرة للعاجز بنى على ما سبق وأتم حسب مقدرته، فلو صلى الركعة الأُولى قائماً، ثمّ عجز أتم الصلاة جلوساً، ولو صلاها جالساً وقدر في الأثناء أتم الصلاة قائماً.

القراءة

٤ - اختلفوا هل تجب الفاتحة في كل ركعة، أو في الركعتين الأولين فقط، أو تجب عيناً في جميع الركعات؟ وهل البسملة جزء لا بدّ منها، أو يجوز تركها؟ وهل كل من الجهر والإخفات في محله واجب أو مستحب؟

١٠٨

وهل تجب السورة بَعد الفاتحة في الركعتين الأوليين أو لا؟ وهل يقوم التسبيح مقام السورة؟ وهل التكتف مسنون أو محرّم؟ إلى غير ذلك.

قال الحنفية: لا تتعين الفاتحة في الصلوات المفروضة، وأيّ شيء قرأ مِن القرآن أجزاه؛ لقوله تعالى:( فَاقْرَءُوا مَا تَيَـسَّرَ مِنْ الْقُرْآنِ ) . (بداية المجتهد ج١ ص ١٢٢، وميزان الشعراني باب صفة الصلاة). والقراءة إنّما تجب في الركعتين الأوليين، أمّا في ثالثة المغرب والأخيرتين مِن العصر والعشاء فإن شاء المصلّي قرأ، وإن شاء سبّح، وإن شاء سكت. (النووي شرح المهذب ج٣ ص ٣٦١).

ويجوز ترك البسملة؛ لأنّها ليست جزءاً مِن السورة. ولا يستحب الجهر ولا الإخفات، والمصلي المنفرد بالخيار إن شاء أسمع نفسه، وإن شاء أسمع غيره، وإن شاء أسرّ. وليس في الصلاة قنوت إلاّ في صلاة الوتر. إمّا التكتف فمسنون وليس بواجب، والأفضل للرجل أن يضع باطن كفّه اليمنى على ظاهر كفّه اليسرى تحت سرّته، وللمرأة أن تضع يديها على صدرها.

وقال الشافعية: تجب الفاتحة في كل ركعة مِن غير فرق بين الأوليين وغيرها مِن الركع، ولا بين الصلاة الواجبة والمستحبة، والبسملة جزء مِن السورة لا تُترك بحال، ويُجهر بالقراءة في صلاة الصبح وأوليي المغرب والعشاء، والإخفات فيما عدا ذلك، ويستحب القنوت في صلاة الصبح خاصة بَعد رفع الرأس مِن ركوع الركعة الثانية، كما يستحب قراءة سورة بَعد الفاتحة في الركعتين الأوليين فقط. أمّا التكتف فليس بواجب ويسنّ للرجل والمرأة، والأفضل وضع باطن يمناه على ظهر يسراه تحت الصدر وفوق السرّة ممّا يلي الجانب الأيسر.

وقال المالكية: تتعين الفاتحة في كل ركعة دون فرق بين الركعات الأوائل والأواخر وبين الفرض والندب كما تقدّم عن الشافعية، وتستحب قراءة سورة بَعد الفاتحة في الركعتين الأوليين، والبسملة ليست جزءاً مِن السورة، بل

١٠٩

ويستحب تركها بالمرة، ويستحب الجهر بالصبح وأوليي المغرب والعشاء والقنوت في صلاة الصبح فقط. أمّا التكتف عندهم فجائز، ولكن يندب إرسال اليدين في صلاة الفرض.

وقال الحنابلة بوجوب الفاتحة في كل ركعة، واستحباب السورة بَعدها في الأوليين، والجهر بالصبح وأوليي المغرب والعشاء، وأنّ البسملة جزء مِن السورة، ولكن يخفت بها ولا يجهر، والقنوت يكون في الوتر لا في غيرها مِن الصلوات. أمّا التكتف فسنّة للرجل والمرأة، والأفضل أن يضع باطن يمناه على ظاهر يسراه، ويجعلهما تحت السرّة.

وقد تبين معنا أنّ التكتف الذي يعبّر عنه فقهاء السنّة بالقبض، وفقهاء الشيعة بالتكفير - أي التستير - لا يجب في مذهب مِن المذاهب الأربعة.

وقال الإمامية: قراءة الفاتحة متعينة في الأوليين مِن كل صلاة ولا يكفي عنها غيرها، ولا تجب بالذات في ثالثة المغرب، والأخيرتين مِن الرباعيات، بل يتخير بينها وبين التسبيح، وهو أن يقول المصلي: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر) ثلاث مرات، ويكفي مرة واحدة. وتجب قراءة سورة تامة في الأوليين. والبسملة جزء مِن السورة، ولا يجوز تركها بحال. ويجب الجهر بالقراءة خاصة دون غيرها مِن الأذكار في صلاة الصبح، وأوليي المغرب والعشاء، والإخفات في الظهرين ما عدا البسملة، فإنّ الجهر بها مستحب في الركعتين الأوليين منهما، وثالثة المغرب والأخيرتين مِن العشاء. ويستحب القنوت في الصلوات الخمس كلها، ومكانه في الركعة الثانية بعد قراءة السورة وقَبل الركوع. وأقلّ الجهر أن يسمع القريب منه، وحد الإخفات أن يسمع نفسه، ولا جهر على المرأة بإجماع المذاهب، ولا تخافت دون إسماع نفسها، وإذا جهر المصلي في موضع الإخفات أو أخفت في موضع الجهر عمداً بطلت الصلاة، وتصحّ إذا كان عن جهل أو نسيان.

وقال الإمامية أيضاً: يحرم قول آمين، وتبطل الصلاة بها، سواء أكان

١١٠

منفرداً أو إماماً أو مأموماً؛ لأنّه من كلام الناس، ولا يصلح في الصلاة شيء مِن كلامهم. وأجمعت المذاهب الأربعة على استحبابها؛ لحديث أبي هريرة أنّ الرسول (صلّى الله عليه وسلّم) قال: (إذا قال الإمام:( غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلاَ الضَّالِّينَ ) ، فقولوا: آمين). ومنع الإمامية صحة هذا الحديث.

وذهب أكثر الإمامية إلى أنّ التكتف في الصلاة مبطل لها؛ لعدم ثبوت النص. وقال بعضهم: التكتف حرام، فمَن فعله يأثم، ولكن لا تبطل صلاته. وقال ثالث: هو مكروه وليس بحرام.

الركوع

٥ - اتفقوا على أنّ الركوع واجب في الصلاة، واختلفوا في المقدار الواجب منه، والطمأنينة فيه، وهي السكون واستقرار جميع الأعضاء حين الركوع.

فقال الحنفية: الواجب مجرد الانحناء كيف اتفق، ولا تجب الطمأنينة.

وقالت بقية المذاهب بوجوب الانحناء إلى أن تبلغ راحتا المصلي إلى ركبتيه، وبوجوب الاطمئنان والاستقرار حين الركوع.

وقال الشافعية والحنفية والمالكية: لا يجب الذكر حين الركوع، وإنّما يسنّ أن يقول المصلي: (سبحان ربّي العظيم).

وقال الإمامية والحنابلة: التسبيح واجب في الركوع، وصيغته عند الحنابلة: (سبحان ربّي العظيم)، وعند الإمامية: (سبحان ربي العظيم وبحمده)، أو (سبحان الله ثلاثاً). ويستحب عند الإمامية أن يضيف بَعد التسبيح الصلاة على محمد وآله.

وقال الحنفية: لا يجب الرفع مِن الركوع والاعتدال واقفاً، بل يجزيه أن يهوي رأساً إلى السجود على كراهة.

١١١

وقالت بقية المذاهب بوجوب الرفع والاعتدال، واستحباب التسميع فيقول: (سمع الله لمِن حمده). وأوجب الإمامية الاطمئنان والاستقرار في هذا القيام.

السجود

٦ - اتفقوا على أنّ السجود يجب مرتين في كل ركعة، واختلفوا في حده هل يجب أن يكون على الأعضاء السبعة بكاملها، أو يكفي بعضها؟

والأعضاء السبعة هي: الجبهة والكفّان والركبتان وإبهاما الرجلين.

قال المالكية والشافعية والحنفية: الواجب السجود على الجبهة فقط، وما عداه مستحب.

وقال الإمامية والحنابلة: يجب السجود على الأعضاء السبعة بكاملها، ونُقل عن الحنابلة إضافة الأنف إلى السبعة، فتكون ثمانية.

والخلاف في التسبيح والطمأنينة في السجود كالخلاف في الركوع، فمَن أوجبهما هناك أوجبهما هناك.

وقال الحنفية: لا يجب الجلوس بين السجدتين، وقالت بقية المذاهب بالوجوب.

التشهّد

٧ - ينقسم التشهد في الصلاة إلى قسمين: الأوّل هو الذي يقع بَعد الركعة الثانية من المغرب والعشاء والظهرين، ولا يعقبه التسليم. والثاني هو الذي يعقبه التسليم، سواء أكان في الثنائية أو الثلاثية أو الرباعية.

قال الإمامية والحنابلة: إنّ التشهد الأوّل واجب. وقالت بقية المذاهب:

١١٢

هو مستحب وليس بواجب.

أمّا التشهد الأخير، فقال الشافعية والإمامية والحنابلة بوجوبه، وقال المالكية والحنفية: مستحب وليس بواجب (بداية المجتهد ج١ ص ١٢٥).

صيغة التشهد عند المذاهب:

الحنفية:

(التحيات لله والصلوات والطيّبات، والسلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله ...).

المالكية:

(التحيات لله الزاكيات لله الطيّبات الصلوات لله، السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله ...).

الشافعية:

(التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلاّ الله، وأشهد أنّ سيدنا محمداً رسول الله ...).

١١٣

الحنابلة:

(التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، اللّهم صلِّ على محمد ...).

الإمامية:

(أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأشهد أنّ محمداً عبده ورسوله، اللّهم صلِّ على محمد وآل محمد ...).

التسليم

٨ - قال الشافعية والمالكية والحنابلة: التسليم واجب. وقال الحنفية: ليس بواجب. (بداية المجتهد ج١ ص ١٦). واختلف الإمامية، فقال جماعة بالوجوب، وآخرون بالاستحباب، ومِن القائلين بالاستحباب: المفيد والشيخ الطوسي والعلاّمة الحلّي.

وصيغته عند الأربعة واحدة، وهي (السلام عليكم ورحمة الله). وقال الحنابلة: يفترض أن يسلّم مرتين. واكتفى البقية بالمرة الواحدة.

أمّا الإمامية فقالوا: للتسليم صيغتان: الأُولى (السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين)، والثانية (السلام عليكم ورحمة الله وبركاته)، والواجب إحداهما، فإن قرأ الصيغة الأُولى كانت الثانية مستحبة، وإن قرأ الثانية اقتصر عليها ووقف

١١٤

عندها، أمّا (السلام عليك أيّها النبي ورحمة الله وبركاته) فليس مِن التسليم في شيء، وإنّما يستحب بَعد التشهد.

الترتيب

٩ - يجب الترتيب بين أجزاء الصلاة، فيقدّم تكبيرة الإحرام على القراءة، والقراءة على الركوع، والركوع على السجود وهكذا.

الموالاة

١٠ - تجب الموالاة والتتابع بين أجزاء الصلاة وأجزاء الأجزاء، فيشرع بالقراءة بَعد التكبير بلا فاصل، وبالركوع بَعد القراءة وهكذا، ولا يفصل أيضاً بين الآيات والكلمات والحروف.

١١٥

السهو والشك في الصلاة

اتفقوا على أنّ مَن أخلّ بشيء مِن واجبات الصلاة عمداً بطلت، أو مَن أخلّ سهواً يجبر الإخلال بسجود السهو حسب التفصيل التالي:

قال الحنفية: إنّ صورة سجود السهو هي أن يسجد سجدتين، ويتشهد ويسلّم، ويأتي بالصلاة على النبي والدعاء. ومحل هذا السجود بَعد التسليم، على شريطة أن يكون الوقت متسعاً، فمن كان عليه سهو لصلاة الفجر - مثلاً - وطلعت الشمس قَبل أن يسجد سقط عنه السجود. أمّا سبب سجود السهو فهو أن يترك المصلي واجباً، أو يزيد ركناً كالركوع والسجود. وإذا سها مراراً يكفيه سجدتان؛ لأنّ التكرار غير مشروع عندهم، ولو سها في سجود السهو لا سهو عليه. (مجمع الأنهر ج١ باب سجود السهو).

وقال المالكية: صورة السجود للسهو هي سجدتان، وتشهّد بعدهما دون دعاء وصلاة على النبي (صلّى الله عليه وسلّم). أمّا محل هذا السجود فينظر، فإن كان لنقص فقط أو لزيادة ونقص معاً فيأتي به قَبل التسليم، وإن كان للزيادة فقط أتى به بَعد التسليم. وكذلك ينظر في السبب الموجب، فإن كان السهو في النقصان وكان المتروك مستحباً فيسجد له سجود السهو، وإن كان المتروك فرضاً مِن فرائض الصلاة فلا يجبره السجود، بل لا بدّ مِن الإتيان به وإن كان السهو في

١١٦

الزيادة، كما لو زاد ركوعاً أو ركوعين أو ركعة أو ركعتين فيجبر بسجود السهو.

وقال الحنابلة: يجوز سجود السهو قَبل التسليم وبَعده، وصورته: سجدتان وتشهّد وتسليم، وسببه زيادة ونقصان وشك، ومثال الزيادة أن يزيد قياماً أو قعوداً، فمن قعد مكان القيام أو قام مكان القعود سجد للسهو. أمّا النقصان فله عملية خاصة عندهم، وهي إذا تذكّر النقصان قَبل الشروع بقراءة الركعة التالية يجب أن يأتي بما سها عنه ويسجد للسهو، وإن لَم يتذكر حتى شرع بقراءة الركعة التالية ألغى الأُولى، وقامت الثانية مقامها، ويسجد للسهو. مثال ذلك: إذا سها عن الركوع وهو في الركعة الأُولى وبَعد السجود تذكّر، فيأتي بالركوع ثُمّ يعيد السجود، وإذا تذكّر بَعد أن دخل في الركعة الثانية وشرع بالقراءة، تُهمل الأُولى كلّية، وتصبح الثانية هي الأُولى. أمّا الشك الموجب لسجود السهو فمثاله: أن يشك في ترك الركوع أو في عدد الركعات، فإنّه يبني على المتيقن ويأتي بما شك به، ويتم الصلاة ثُمّ يسجد للسهو، ويكفيه سجدتان لجميع السهو وإن تعدد الموجب. ولا سهو لكثير السهو عندهم.

قال الشافعية: موضع سجود السهو بَعد التشهد والصلاة على النبي وقَبل التسليم، أمّا صفته فكما هي عند المذاهب المتقدمة، وسببه ترك سنّة مؤكّدة أو زيادة كلام قليل أو قراءة الفاتحة سهواً، أو الاقتداء بمن في صلاته خلل أو شك في عدد الركعات أو ترك جزء معيّن.

أمّا الإمامية فقد فرّقوا بين حكم الشك وحكم السهو، وقالوا: لا يُعتنى بالشك في شيء مِن أفعال الصلاة إذا حصل بَعد الفراغ منها، ولا بشك المأموم بعدد الركعات مع ضبط الإمام، ولا بشك الإمام مع ضبط المأموم، فيرجع كل منهما إلى ما تذكّره الآخر، ولا عبرة بشك كثير الشك، ولا بالشك في فعل مِن أفعال الصلاة بَعد الدخول بالغير ممّا هو مترتب عليه، فإذا شك في قراءة الفاتحة وقد شرع في قراءة السورة، أو شك بالسورة وقد ركع، أو شك

١١٧

بالركوع وقد سجد، يمضي ولا يلتفت. أمّا إذا شك قَبل الدخول بالغير فيجب عليه التدارك، فمن شك في قراءة الفاتحة قَبل الشروع بالسورة أتى بها، وكذلك يأتي بالسورة إذا شك بها قَبل الركوع.

أمّا سجود السهو فهو لكل زيادة ونقصان، ما عدا الجهر في مكان الإخفات أو الإخفات في مكان الجهر فإنّه لا يوجب شيئاً، وما عدا الأركان فإنّ زيادتها أو نقصانها مبطل على كل حال، سواء أكان عن سهو أو عمد. والأركان عندهم خمسة: النية، وتكبيرة الإحرام، والقيام، والركوع، ومجموع السجدتين في ركعة واحدة. وكل جزء تُرك مِن الصلاة سهواً لا يجب تداركه بَعد الصلاة إلاّ السجدة والتشهد، حيث يجب قضاؤهما دون سواهما مِن الأجزاء المنسية، ويقضيهما بَعد الصلاة ثُمّ يأتي بسجود السهو، وصورته: أن يسجد مرتين، ويقول في سجوده: (بسم الله وبالله، اللّهم صلّ على محمد وآل محمد) ثُمّ يتشهد ويسلّم. ويجب تعدد السجود بتعدد السبب الموجب، ولا سهو عندهم لمن كثر سهوه، ولا على مَن سها في السهو.

الشك في عدد الركعات

قال الشافعية والمالكية والحنابلة: إذا شك في عدد الركعات فلا يدري كم ركعة صلّى، يبني على المتيقن، وهو الأقل، وياتي بما يتم الصلاة.

وقال الحنفية: إذا كان شكه في الصلاة لأوّل مرة في حياته أعاد الصلاة مِن أوّلها، وإن كان قد سبق له أن شك في صلاته مِن قَبل، تأمّل وفكّر ملياً وعمل بغلبة ظنه، فإن بقي على الشك بنى على الأقل أخذاً باليقين.

وقال الإمامية: إذا كان الشك في الصلاة الثنائية كصلاة الصبح وصلاة المسافر والجمعة والعيدين والكسوف، أو في صلاة المغرب، أو في الأوليين مِن العشاء والظهرين، إن كان الأمر كذلك فالصلاة باطلة يجب استئنافها مِن الأوّل، أمّا إذا شك في الزائد عن الاثنين في الصلاة الرباعية فيصلّي صلاة الاحتياط بَعد أن

١١٨

يتم الصلاة، وقَبل أن يأتي بالمنافي. ومثال ذلك: أن يشك بين الاثنين بَعد إكمال السجدتين وبين الثلاث، فيبني على الأكثر ويتم الصلاة ثُمّ يحتاط بركعتين جالساً أو ركعة قائماً، وإذا شك بين الثلاث والأربع، يبني على الأربع ويتم الصلاة ويحتفظ بركعة قائماً أو ركعتين جالساً، وإذا شك بين الاثنين والأربع، يبني على الأربع ويأتي بركعتين قائماً، وإذا شك بين الاثنين والثلاث والأربع، يبني على الأربع ويأتي بركعتين قائماً، وركعتين جالساً.

وقد علّلوا ذلك بالاحتفاظ بحقيقة الصلاة والابتعاد عن الزيادة والنقصان، ويتضح مرادهم بهذا المثال: فمن شك بين الثلاث والأربع، وبنى على الأربع وأتى بركعة مستقلة بَعد الصلاة، فإن كانت صلاته تامة تكون الركعة المستقلة نافلة، وإن كانت صلاته ناقصة تكون الركعة متممة لها. ومهما يكن، فإنّ صلاة الاحتياط بهذا النحو ممّا انفرد به الإمامية.

وهذه العملية تنحصر عند الإمامية بالصلوات المفروضة، وبالظهرين والعشاء بصورة أخص. أمّا النافلة فيتخير المصلّي بين البناء على الأقل أو الأكثر إلاّ إذا كان مفسداً للصلاة، كما لو شك بين الاثنين والثلاث مع العلم أنّ النافلة ثنائية، ففي هذه الحال يبني على الأقل، والأفضل البناء على الأقل مطلقاً في الصلوات المستحبة. ولو شك في عدد ركعات الاحتياط بنى على الأكثر إلاّ أن يكون الأكثر مبطلاً فيبني على الأقل، وقال بعض الإمامية: يتخير بين البناء على الأقل والبناء على الأكثر.

١١٩

صلاة الجمعة

وجوبها

أجمع المسلمون كافة على وجوب صلاة الجمعة؛ لقوله تعالى:( يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاَةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ) ، وللأحاديث المتواترة من طريق السنّة والشيعة.

واختلفوا: هل يشترط في وجوبها وجود السلطان، أو مَن يستنيبه لها، أو إنّها واجبة على كل حال؟

قال الحنفية والإمامية: يُشترط وجود السلطان أو نائبه، ويسقط الوجوب مع عدم وجود أحدهما. واشترط الإمامية عدالة السلطان، وإلاّ كان وجوده كعدمه، واكتفى الحنفية بوجود السلطان ولو غير عادل.

ولم يعتبر الشافعية والمالكية والحنابلة وجود السلطان، وقال كثير من الإمامية: إذا لم يوجد السلطان أو نائبه ووِجد فقيه عادل، يخير بينها وبين الظهر مع ترجيح الجمعة(١) .

____________________

(١) قال الشهيد الثاني في كتاب اللمعة ج١ باب الصلاة الفصل السادس: إنّ وجوب الجمعة حال غيبة الإمام ظاهر عند أكثر العلماء ولولا دعوى الإجماع على عدم الوجوب العيني لكان القول به في غاية القوة، فلا أقل من التخيير بينها وبين الظهر مع رجحان الجمعة.

١٢٠