الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة0%

الفقه على المذاهب الخمسة مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 650

الفقه على المذاهب الخمسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جواد مغنية
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 650
المشاهدات: 239647
تحميل: 32078

توضيحات:

الفقه على المذاهب الخمسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 650 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 239647 / تحميل: 32078
الحجم الحجم الحجم
الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

شروطها

اتفقوا على أنّه يُشترط في صلاة الجمعة ما يُشترط في غيرها من الطهارة والستر والقبلة، وأنّ وقتها مِن أوّل الزوال إلى أن يصير ظل كل شيء مثله، وأنّها تقام في المسجد وغيره، ما عدا المالكية فإنّهم قالوا: لا تصحّ إلاّ في المسجد.

واتفقوا على أنّها تجب على الرجال دون النساء، وأنّ مَن صلاّها تسقط عنه الظهر، وأنّها لا تجب على الأعمى، وأنّها لا تصحّ إلاّ جماعة. واختلفوا في العدد الذي تنعقد به الجماعة، فقال المالكية: أقلّه (١٢) ما عدا الإمام. وقال الإمامية: (٤) غير الإمام. وقال الشافعية والحنابلة: (٤٠) مع الإمام. وقال الحنفية: (٥)، وقال بعضهم: (٧).

واتفقوا على عدم جواز السفر لمن وجبت عليه الجمعة، واستكمل الشروط بعد الزوال قبل أن يصلّيها، ما عدا الحنفية فإنّهم قالوا بالجواز.

الخطبتان

اتفقوا على أنّ الخطبتين شرط في انعقاد الجمعة، وأنّ مكانهما قبل الصلاة، وفي الوقت لا قبله. واختلفوا في وجوب القيام حال الخطبتين، فقال الإمامية والشافعية والمالكية: يجب. وقال الحنفية والحنابلة: لا يجب.

أمّا كيفيتها، فقال الحنفية: تتحقق الخطبة بأقلّ ما يمكن من الذكر، فلو قال: (الحمد لله) أو (أستغفر الله) أجزاه، ولكن يكره الاقتصار على ذلك.

وقال الشافعية: لا بدّ في كل من الخطبتين من حمد الله والصلاة على النبي، والوصية بالتقوى، وقراءة آية في إحداهما على الأقل، وكونها في الأُولى أفضل، والدعاء للمؤمنين في الثانية.

وقال المالكية: يجزي كل ما يسمّى خطبة في العرف، على أن تكون مشتملة على تحذير أو تبشير.

١٢١

وقال الحنابلة: لا بدّ من حمد الله والصلاة على النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، وقراءة آية، والوصية بالتقوى.

وقال الإمامية: يجب في كل خطبة: حمد الله والثناء عليه، والصلاة على النبي وآله، والوعظ، وقراءة شيء من القرآن، وأن يزيد في الخطبة الثانية الاستغفار، والدعاء للمؤمنين والمؤمنات.

وقال الشافعية والإمامية: يجب على الخطيب أن يفصل بين الخطبتين بجلسة قصيرة. وقال المالكية والحنفية: لا يجب، بل يستحب.

وقال الحنابلة: يُشترط في الخطبة أن تكون بالعربية مع القدرة.

وقال الشافعية: تُشترط العربية إذا كان القوم عرباً، أمّا إذا كانوا عجماً فله أن يخطب بلغتهم وإن كان يحسن العربية.

وقال المالكية: يجب أن يخطب بالعربية وإن كان القوم عجماً لا يفهمون شيئاً من العربية، فإذا لم يوجد فيهم مَن يحسن العربية سقطت عنهم صلاة الجمعة.

وقال الحنفية والإمامية: ليست العربية شرطاً في الخطبة.

كيفية الصلاة

صلاة الجمعة ركعتان كصلاة الصبح. وقال الإمامية والشافعية: يستحب أن يقرأ في الركعة الأُولى (الجمعة) وفي الثانية (المنافقين)، بعد الحمد في كل من الركعتين.

وقال المالكية: يقرأ في الأُولى (الجمعة)، وفي الثانية (الغاشية).

وقال الحنفية: يكره تعيين سورة بالخصوص.

١٢٢

صلاة العيدين

اختلفوا في صلاة العيدين: الفطر والأضحى، هل هي واجبة أو مستحبة؟

قال الإمامية والحنفية: تجب عيناً بشرائط صلاة الجمعة، ولو فُقدت الشرائط أو بعضها سقط الوجوب عند الطرفين، إلاّ أنّ الإمامية قالوا: إذا فُقدت شروط الوجوب يؤتى بها على سبيل الاستحباب جماعة وفرادى، سفراً وحضراً.

وقال الحنابلة: هي فرض كفاية.

وقال الشافعية والمالكية: هي سنّة مؤكدة.

ووقتها مِن طلوع الشمس إلى الزوال عند الإمامية والشافعية. ومِن ارتفاع الشمس قدر رمح إلى الزوال عند الحنابلة.

وقال الإمامية: تجب الخطبتان هنا تماماً كما في الجمعة. وقالت بقية المذاهب بالاستحباب. واتفق الجميع على أن مكانها بَعد الصلاة، بخلاف خطبتي الجمعة فإنّهما قبلها.

وقال الإمامية والشافعية: تصحّ فرادى وجماعة. وقالت بقية المذاهب: تجب الجماعة في صلاة العيد.

أمّا كيفيتها عند المذاهب، فركعتان على النحو التالي:

١٢٣

الحنفية

ينوي، ثُمّ يكبّر تكبيرة الإحرام، ثُمّ يُثني على الله، ثُمّ يكبّر ثلاثاً، ويسكت بَعد كل تكبيرة بمقدار ثلاث تكبيرات، ولا بأس بأن يقول: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر)، ثُمّ يقرأ الفاتحة وسورة، ثُمّ يركع ويسجد، ويبدأ الثانية بالفاتحة ثُمّ سورة، ثُمّ يأتي بثلاث تكبيرات، ويركع ويسجد، ويتمّ الصلاة.

الشافعية

يكبّر تكبيرة الإحرام ويدعو دعاء الاستفتاح(١) ، ثُمّ يكبّر سبعاً ويقول سرّاً بين كل تكبيرتين: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)، ثُمّ يتعوذ ويقرأ الفاتحة وسورة (ق)، ثُمّ يركع ويسجد ويقوم للركعة الثانية ويكبّر للقيام، ويزيد خمس تكبيرات يفصل بين كل اثنتين منها بقراءة: (سبحان الله والحمد لله ولا إله إلاّ الله والله أكبر)، ثُمّ يقرأ الفاتحة وسورة (اقتربت)، ثُمّ يتم الصلاة.

الحنابلة

يقرأ دعاء الاستفتاح، ثُمّ يكبّر ست تكبيرات، ويقول بين كل تكبيرتين سرّاً: (الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً، وصلّى الله على محمد وآله وسلم تسليماً)، ثُمّ يتعوذ ويُبسمل ويقرأ (الفاتحة) وسورة (سبّح باسم ربّك)، ثُمّ يتم الركعة ويقوم للثانية، ويكبّر خمس تكبيرات غير

____________________

(١) دعاء الافتتاح أو الاستفتاح عند السنّة هو قول: (سبحانك اللّهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدّك ولا إله غيرك).

١٢٤

التكبيرة للقيام ويقول بين كل تكبيرتين ما تقدّم، ثُمّ يبسمل ويقرأ سورة (الغاشية)، ثم يركع، ويتم الصلاة.

المالكية

يكبّر تكبيرة الإحرام، ثُمّ ست تكبيرات، ثُمّ يقرأ الفاتحة وسورة (الأعلى)، ويركع ويسجد ويقوم للثانية ويكبّر لها، ويأتي بَعد تكبيرة القيام بخمس تكبيرات، ثُمّ يقرأ الفاتحة وسورة (الشمس) أو نحوها، ويتم الصلاة.

الإمامية

يكبّر للإحرام، ويقرأ الفاتحة وسورة، ثُمّ يكبّر خمس تكبيرات ويقنت بَعد كل تكبيرة، ثُمّ يركع ويسجد، فإذا قام للثانية قرأ الفاتحة وسورة، وكبّر أربع تكبيرات، ويقنت بَعد كل تكبيرة، ثُمّ يركع، ويتم الصلاة.

١٢٥

صلاة الكسوف والخسوف

قال الأربعة: صلاة كسوف الشمس وخسوف القمر سنّة مؤكدة، وليست واجبة. وقال الإمامية: هي فرض عيني على كل مكلّف. وليس لها صورة خاصة عند الحنفية، بل يأتي بركعتين كهيئة النفل في كل ركعة قيام واحد وركوع واحد، وللمصلّي أن يصلّيها ركعتين، وله أن يصلّي أربعاً أو أكثر.

أمّا صورتها عند الحنابلة والشافعية والمالكية فركعتان، في كل ركعة قيامان وركوعان، يكبّر ويقرأ الفاتحة وسورة، ثُمّ يركع ويقف، ثُمّ يقرأ الفاتحة وسورة، ثُمّ يركع ويسجد ويقوم للثانية كما فعل في الأُولى، ويتم الصلاة. ويجوز أن يأتي بركعتين كهيئة النفل.

وتصحّ عند الكل جماعة وفرادى. واستثنى الحنفية صلاة خسوف القمر فإنّهم قالوا: لا تشرع فيها الجماعة، بل تؤدّى وحداناً في المنازل.

أمّا وقتها: فقد اتفق الجميع على أنّه مِن حين الابتداء إلى تمام الانجلاء، ما عدا المالكية فإنّهم قالوا: يبتدئ وقتها مِن ارتفاع الشمس قدر رمح إلى الزوال.

وقال الحنفية والمالكية: يندب صلاة الركعتين عند الفزع مِن الزلزال والصواعق والظلمة والوباء وكل مخوف.

وقال الحنابلة: لا يندب إلاّ للزلزال.

١٢٦

واتفقوا على أنّه لا أذان ولا إقامة لهذه الصلاة، بل ينادي المنادي (الصلاة) يكررها ثلاثاً عند الإمامية، وعند غيرهم (الصلاة جامعة).

وقال الإمامية: إنّ كسوف الشمس وخسوف القمر والزلزلة، وجميع الأخاويف السماوية - كالظلمة العارضة والحمرة الشديدة، والرياح العظيمة والصيحة، وكل واحد مِن هذه وما إليها - سبب لوجوب الصلاة عيناً.

وإذا وقعت جماعة، تحمّل الإمام عن المأموم القراءة خاصة كاليومية. أمّا وقت الكسوف والخسوف: فمن حين الابتداء إلى حين الانجلاء كما قدّمنا، فمن لَم يصلّها في هذا الوقت أتى بها قضاء. أمّا الزلزلة وغيرها من الآيات المخوفة فليس لها وقت معيّن، بل تجب المبادرة حين حصولها، فإن لَم يبادر أتى بها أداء مدة العمر. أمّا كيفيتها فعلى هذا النحو:

يكبّر للإحرام، ثُمّ يقرأ الحمد وسورة، ثُمّ يركع ويرفع رأسه ويقرأ الحمد وسورة ثُمّ يركع، وهكذا حتى يتم خمساً، فيسجد بَعد الركوع الخامس سجدتين، ثُمّ يقوم للركعة الثانية ويقرأ الحمد وسورة ثم يركع، وهكذا إلى الركوع الخامس مِن الركعة الثانية، فيسجد بعده سجدتين ويتشهد ويسلّم، فيكون المجموع عشرة ركوعات، وسجدتين بَعد الركوع الخامس مِن الركعة الأُولى، وسجدتين بَعد الخامس مِن الثانية.

١٢٧

صلاة الاستسقاء

صلاة الاستسقاء ثابتة بنصّ الكتاب والسنّة وقيام الإجماع، قال تعالى:( وَإِذْ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِِ ...) ،( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً * يُرْسِلْ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَاراً ) .

وجاء في الحديث أنّ أهل المدينة أصابهم قحط، فبينا رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) يخطب، إذ قام إليه رجل فقال: هلك الكراع والنساء، فادعُ الله أن يسقينا، فمدّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يديه ودعا. قال أنس: وكانت السماء كالزجاجة، فهاجت ريح ثُمّ أنشأت سحاباً ثُمّ اجتمع، وأرسلت السماء خيراتها، فخرجنا نخوض الماء حتى أتينا منازلنا، فلَم تزل تمطر إلى الجمعة الأخرى، فقام إليه الرجل وقال: يا رسول الله، تهدّمت البيوت، واحتبس الركبان، فادعُ الله أن يحبسه، فابتسم ثُمّ قال: (اللّهم حوالينا ولا علينا). فنظرت إلى السماء تتصدع حول المدينة كالإكليل.

أمّا سبب هذه الصلاة فالجدب وقلة الأمطار وغور الأنهار، وقد اتفقوا على أنّه إذا تأخر السقي بَعد الصلاة يستحب تكرارها، وأن يصام لها ثلاثة أيام، وأن يخرج الناس مشاةً خاشعين متضرعين ومعهم النساء والأطفال والشيوخ والعجائز والدواب؛ ليكون ذلك أدعى لرحمة الله.

واتفقوا على أنّها تصحّ جماعة وفرادى، وأنّه لا أذان لها ولا إقامة، وأنّه

١٢٨

يستحب للإمام أن يخطب بَعد الصلاة. أمّا كيفيتها: فقد اتفقوا على أنّها ركعتان تؤديان كما تؤدى صلاة العيد حسبما هي عند كل مذهب، ما عدا المالكية والحنفية فإنّهم قالوا: هي كصلاة العيد إلاّ أنّه لا يكبّر فيها التكبيرات الزائدة.

وقال الإمامية: يستحب أن يقنت بَعد كل تكبيرة بدعاء يتضمن الاستعطاف وسؤال الرحمة وإنزال الغيث.

وقال الأربعة: إنّ مثل هذا الدعاء يقوله الخطيب بَعد الصلاة وفي أثناء الخطبة، لا في الصلاة.

١٢٩

صلاة القضاء

اتفقوا على أنّ مَن فاتته فريضة يجب عليه قضاؤها، سواء أتركها عمداً أو سهواً أو جهلاً أو لنوم، وأنّه لا قضاء على الحائض والنفساء مع استيعاب الوقت، حيث تسقط الصلاة عنها رأساً، وإذا لَم تجب أداء لَم تجب قضاء، واختلفوا في المجنون والمغمى عليه والسكران.

قال الحنفية: يجب القضاء على مَن غاب عقله بمسكر محرّم، كالخمر ونحوه. أمّا المغمى عليه والمجنون فتسقط عنهما الصلاة بشرطين: الأوّل: أن يستمر الإغماء والجنون أكثر مِن خمس صلوات، أمّا إذا استمر خمس صلوات فأقل فعليه القضاء. الثاني: أن لا يفيق مدة الجنون والإغماء في وقت الصلاة، فإن أفاق ولّم يصلّ وجب عليه القضاء.

وقال المالكية: يقضي المجنون والمغمى عليه، أمّا السكران فان كان قد سكر بحرام فعليه القضاء، وإن كان بحلال - كمن شرب لبناً حامضاً فسكر - فإنّه لا يقضي.

وقال الحنابلة: يقضي المغمى عليه والسكران بحرام، ولا يقضي المجنون.

وقال الشافعية: لا يقضي المجنون إذا استغرق بجنونه جميع وقت الصلاة،

١٣٠

وكذلك المغمى عليه والسكران إذا لَم يكن السكر والإغماء بسببهما، وإلاّ وجب عليهما القضاء.

وقال الإمامية: يجب القضاء على شارب المسكر مطلقاً، سواء أشربه عالماً أو جاهلاً أو مختاراً أو مضطراً أو مكرَهاً، أمّا المجنون والمغمى عليه فلا قضاء عليهما.

كيفية القضاء

قال الحنفية والإمامية: مَن فاتته فريضة فعليه أن يقضيها كما فاتته دون تغيير وتبديل، فمن كان عليه صلاة تامة وأراد قضاءها وهو في السفر، قضاها تماماً، ومَن كان عليه صلاة قصر وأراد قضاءها في الحضر، قضاها قصراً، وكذلك بالنسبة إلى الجهر الإخفات، فإذا قضى صلاة العشاءين في النهار جهَر، وإذا قضى الظهرين في الليل أسرّ.

وقال الحنابلة والشافعية: مَن أراد قضاء ما عليه مِن صلاة القصر، فإن كان في السفر قضاها قصراً كما فاتته، أمّا إذا كان في الحضر فيجب أن يقضي القصر تماماً. هذا بالنسبة إلى عدد الركعات، أمّا بالنسبة إلى السرّ والجهر، فقال الشافعية: مَن قضى الظهر في الليل يجب عليه أن يجهر، ومَن قضى المغرب في النهار يجب عليه أن يخفت. وقال الحنابلة: يسرّ في الفائتة مطلقاً سرّية كانت أو جهرية قضاها في الليل أو في النهار، إلاّ إذا كان إماماً وكانت جهرية وقضاها في الليل.

واتفقوا - ما عدا الشافعية - على وجوب الترتيب بين الفوائت، فيقضي السابقة قَبل اللاحقة، فلو فاتته مغرب وعشاء صلّى المغرب قَبل العشاء، كما هي الحال في الأداء.

وقال الشافعية: الترتيب بين الفوائت سنّة، وليس بواجب، فمن صلّى العشاء قَبل المغرب صحّت صلاته.

١٣١

الاستنابة في العبادة

اتفقوا جميعاً على أنّ الاستنابة في الصوم والصلاة عن الأحياء لا تصحّ بحال، سواء أكان المستناب عنه قادراً أو عاجزاً. وقال الإمامية: تصحّ الاستنابة فيهما عن الأموات. وقال الأربعة: لا تصحّ عن الأموات كما لا تصحّ عن الأحياء.

واتفقوا على أنّ الاستنابة في الحج تجوز عن الأحياء مع عجز المستناب عنه، وتجوز عن الأموات أيضاً بطريق أولى، ما عدا المالكية فإنّهم قالوا: لا أثر للاستنابة عن الأحياء ولا عن الأموات.

وانفرد الإمامية بأنّهم أوجبوا على الولد أن يقضي عن أبيه ما فاته مِن الصلاة والصوم، ولكن اختلفوا فيما بينهم، فمنهم مَن قال: يجب أن يقضي عنه كل ما فاته ولو عمداً. ومنهم مَن قال: يقضي عنه ما فاته لعذره مِن مرض ونحوه. وآخرون قالوا: لا يقضي عنه إلاّ ما فاته في مرض الموت. وبعضهم قال: يقضي عن أمّه أيضاً كما يقضي عن أبيه.

١٣٢

صلاة الجماعة

أجمع المسلمون كافة على أنّ صلاة الجماعة مِن شعائر الإسلام وعلاماته، وقد داوم على إقامتها رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) والخلفاء والأئمة مِن بَعده. وقد اختلفوا: هل هي واجبة أو مستحبة؟

قال الحنابلة: تجب عيناً على كل فرد مع القدرة، ولكن إذا تركها وصلّى منفرداً أثم وصحّت صلاته.

وقال الإمامية والحنفية والمالكية وأكثر الشافعية: لا تجب عيناً ولا كفاية، وإنّما تستحب استحباباً مؤكداً.

وقال الإمامية: تشرع الجماعة في الصلوات الواجبة، ولا تشرع في المستحبة إلاّ في الاستسقاء والعيدين مع فقد الشروط. وقال الأربعة: تشرع مطلقاً في الواجبة والمستحبة.

شروطها

يشترط لصحة الجماعة شروط:

١ - الإسلام بالاتفاق.

٢ - العقل بالاتفاق.

١٣٣

٣ - العدالة عند الإمامية والمالكية والحنابلة في احدى الروايتين عن الإمام أحمد. واستدل الإمامية بقول النبي (صلّى الله عليه وسلّم): (لا تؤمّ امرأةٌ رجلاً، ولا فاجرٌ مؤمناً)، وبإجماع أهل البيت، وبأنّ إمامة الصلاة تشعر بالقيادة، والفاسق لا يصلح لها بحال، ولكنّهم قالوا: مَن وثق برجل فصلّى خلفه، ثُمّ تبيّن أنّه فاسق فلا تجب عليه الإعادة.

٤ - الذكورية، فلا يصحّ أن تكون الأنثى إماماً للرجل، ويصحّ أن يأتمّ بها النساء عند الجميع ما عدا المالكية، فإنّهم قالوا: لا تكون المرأة إماماً حتى لأمثالها.

٥ - البلوغ شرط عند المالكية والحنفية والحنابلة. وقال الشافعية: يصحّ الاقتداء بالصبي المميز. وللإمامية قولان: أحدهما: إنّ البلوغ شرط، والثاني: صحة إمامة المميز إذا كان مراهقاً.

٦ - العدد. اتفقوا على أنّ أقل ما تنعقد به الجماعة في غير صلاة الجمعة إثنان أحدهما الإمام.

٧ - أن لا يتقدم المأموم في الموقف عند الكل ما عدا المالكية، فإنّهم قالوا: لا تبطل صلاة المأموم ولو تقدم على الإمام.

٨ - اتحاد المكان وعدم الحائل. قال الإمامية: لا يجوز تباعد المأموم عن الإمام بما لَم تجز به العادة إلاّ مع اتصال الصفوف، ولا تجوز الجماعة مع وجود حائل يمنع المأموم الذكر مِن مشاهدة الإمام، أو مشاهدة مَن يشاهده مِن المقتدين به، ما عدا المرأة، حيث يصحّ أن تقتدي بالرجل مع وجود الحائل إذا لَم تشتبه عليها أفعال الإمام.

وقال الشافعية: لا مانع مِن أن يكون بين الإمام والمأموم مسافة تزيد على ثلاث مئة ذراع، بشرط أن لا يكون هناك حائل.

وقال الحنفية: إذا اقتدى رجل في داره بإمام المسجد، فإن كانت ملاصقة

١٣٤

للمسجد بحيث لا يفصل بينهما إلاّ الحائط، تصحّ الصلاة إذا لَم يشتبه على المأموم حال الإمام، أمّا إذا كانت الدار منفصلة عن المسجد بطريق أو نهر فلا يصحّ الاقتداء.

وقال المالكية: لا يمنع اختلاف المكان مِن صحة الاقتداء، فإذا حال بين الإمام والمأموم طريق أو نهر أو جدار فالصلاة صحيحة ما دام المأموم متمكناً مِن ضبط الإمام.

٩ - لا بدّ مِن نية الاقتداء في حق المأموم بالاتفاق.

١٠ - اتحاد صلاة المأموم والإمام. اتفقوا على أنّ الاقتداء لا يصحّ إذا اختلفت الصلاتان في الأركان والأفعال، كاليومية مع صلاة الجنازة أو العيد، واختلفوا فيما عدا ذلك.

فقال الحنفية والمالكية: لا يصحّ أن يقتدي مَن يصلّي الظهر بمن يصلّي العصر، ولا مَن يصلّي قضاء بمن يصلّي أداء، وبالعكس.

وقال الإمامية والشافعية: يصحّ في كل ذلك. وقال الحنابلة: لا يصحّ ظهر خلف عصر، ولا عكسه، ويصحّ ظهر قضاء خلف ظهر أداء.

١١ - إتقان القراءة، فلا يجوز لمن يحسن القراءة أن يأتمّ بغير المحسن بالاتفاق، وإذا اقتدى المحسن بغيره بطلت صلاة المؤتمّ خاصة عند الجميع، ما عدا الحنفية فإنّهم قالوا: تبطل الصلاتان معاً. ولهم وجه وجيه؛ لأنّ على الأُمّي أن يأتمّ بالقارئ الصحيح مع القدرة، وليس له أن يصلّي منفرداً حيث يمكنه أداء الصلاة بقراءة صحيحة ولو بواسطة الجماعة.

المتابعة

اتفقوا على أنّ للمتوضئ أن يقتدي بالمتيمم، وأنّ على المأموم أن يتابع الإمام في قراءة الأذكار، كسبحان ربّي العظيم، وسبحان ربّي الأعلى، وسمع الله لمن

١٣٥

حمده. واختلفوا في وجوب متابعته بالقراءة.

قال الشافعية: يتابعه في الصلاة السرّية لا الجهرية، وتجب قراءة الفاتحة على المأموم في جميع الركعات.

وقال الحنفية: لا يتابعه في السرّية ولا في الجهرية، بل نُقل عن الإمام أبي حنيفة: أنّ قراءة المأموم خلف الإمام معصية. (النووي شرح المهذب ج٣ ص ٣٦٥).

وقال المالكية: أن يقرأ المأموم في السرّية، ولا يقرأ في الجهرية.

وقال الإمامية: إنّ القراءة لا تجب في الركعتين الأُوليين، وتجب في ثالثة المغرب والأخيرتين مِن الظهرين والعشاءين.

واتفق الجميع على وجوب متابعة المأموم لإمامه بالأفعال، ولكن اختلفوا في تفسير المتابعة.

فقال الإمامية: معنى المتابعة أن لا يتقدم فعل المأموم على الإمام ولا يتأخر تأخراً فاحشاً، ولا بدّ أن يقارنه أو يتأخر قليلاً.

وقال الحنفية: تتحقق المتابعة بالمقارنة، وبتعقب فعل المأموم لفعل الإمام مباشرة، وبالتراخي، فلو ركع المأموم بَعد أن رفع الإمام رأسه مِن الركوع، وقَبل أن يهبط للسجود فإنّه يكون متابعاً له في الركوع.

وقال المالكية: إنّ معنى المتابعة أن يكون فعل المأموم عقب فعل الإمام، فلا يسبقه ولا يساويه ولا يتأخر عنه تأخراً فاحشاً بحيث يركع المأموم قبل أن يرفع الإمام رأسه من الركوع.

وقال الحنابلة: المتابعة أن لا يسبق المأموم الإمام بفعل مِن أفعال الصلاة، ولا يتأخر عنه بشيء مِن أفعالها، بأن لا يركع المأموم بَعد انتهاء الإمام مِن الركوع ولا ينتهي الإمام منه قبل أن يبدأ به المأموم.

١٣٦

المسبوق

إذا جاء المصلّي بَعد أن دخل الإمام في الصلاة، وكان قد سبقه بركعة أو أكثر، فقد اتفقوا على أنّه ينوي الجماعة، ويمضي مع الإمام هل يجعله أوّل صلاته أو آخرها؟ - مثلاً - لو أدرك مع الإمام الركعة الأخيرة مِن المغرب، وصلاّها معه يبقى عليه ركعتان لا بدّ مِن إتيانهما، ولكن هل تكون الثالثة التي أدركها مع الإمام ثالثة بالنسبة إلى المأموم، كما هي ثالثة للإمام، وتكون الركعتان الباقيتان أُوليين، أو أنّ الركعة الأخيرة التي أدركها مع الإمام تكون أُولى بالنسبة للمأموم، ثمّ يأتي بالثانية والثالثة؟

قال الحنفية والمالكية والحنابلة: إنّ ما يدركه المأموم مع الإمام تكون آخر صلاة المأموم، فإذا أدرك الركعة الأخيرة مِن المغرب يحسبها أخيرة لصلاته أيضاً، ويأتي بعدها بركعة يقرأ فيها الحمد وسورة، ويتشهّد، ثمّ يأتي بركعة يقرأ فيها الحمد وسورة. وبكلمة: يصلّي في مثل هذه بتقديم الثالثة على الأوليين، ويكون ما أدّاه مع الإمام آخر صلاته، وما يصليه بَعد الإمام أوّل صلاته.

وقال الشافعية والإمامية: ما يدركه المأموم مع الإمام يحسب أوّل صلاته لا آخرها، فلو أدرك ركعة مِن المغرب صلاّها مع الإمام واحتسبها أُولى، وقام إلى الثانية وتشهد بعدها، ثمّ يأتي بالثالثة وتكون هي آخر صلاته.

الأحق بالإمامة

قال الحنفية: إذا اجتمع عديد مِن الرجال للصلاة قدّم الأعلم بأحكامها، ثمّ الأقرأ، فالأورع، فالأقدم إسلاماً، فالأكبر سناً، فالأحسن خُلقاً، فالأجمل وجهاً، فالأشرف نسباً، فالأنظف ثوباً، فإن استووا في ذلك أُقرع بينهم.

قال المالكية: يقدّم السلطان أو نائبه، ثمّ إمام المسجد وربّ المنزل، ثمّ الأعلم بأحكام الصلاة، فالأعلم بالحديث، فالأعدل، فالأقرأ، فالأعبد،

١٣٧

فالأقدم إسلاماً، فالأرقى نسباً، فالأحسن خُلقاً، فالأحسن لباساً، فإن استووا أُقرع بينهم.

وقال الحنابلة: يقدّم الأفقه الأجود قراءة، ثمّ الأجود قراءة فقط، ثمّ الأحفظ لأحكام الصلاة، ثمّ قارئ لا يعلم فقه صلاته، ثمّ الأكبر سنّاً، فالأشرف نسباً، فالأقدم هجرة، فالأتقى، فالأورع، ومع التساوي فالقرعة.

وقال الشافعية: يقدم الوالي، ثم إمام المسجد، ثم الأفقه، فالأقرأ، فالأزهد، فالأورع، فالأقدم هجرة، فالأسنّ، فالأفضل نسباً، فالأحسن سيرة، فالأنظف ثوباً وبدناً وصنعة، فالأحسن صوتاً، فالأحسن صورة، فالمتزوج، فإن تساووا فالقرعة.

وقال الإمامية: إذا تشاحّ الأئمة رغبة في ثواب الإمامة، لا لغرض دنيوي، رُجح مَن يقدّمه المأمومون لترجيح شرعي وغاية دينية لا لأغراض دنيوية، فإن اختلفوا فالأولى تقديم الفقيه، ثمّ الأقرأ، ثمّ الأسن، ثمّ مَن كان به مرجّح شرعي.

١٣٨

صلاة المسافر

اتفقوا على أنّ القصر يختص بالرباعية المفروضة، فتؤدى كل مِن الظهرين والعشاء ركعتين كالصبح. واختلفوا هل القصر في السفر عزيمة لا يجوز تركه، أو رخصة يخيّر بينه وبين التمام؟

قال الحنفية والإمامية: هو عزيمة، فالقصر متعين.

وقالت بقية المذاهب: بل هو رخصة، فإن شاء قصر، وإن شاء أتم.

شروط القصر

وللقصر شروط:

١ - قطع المسافة بالاتفاق، وهي عند الحنفية (٢٤) فرسخاً ذهاباً فقط، ولا يقصر في أقل مِن هذه المسافة.

وقال الإمامية: (٨) فراسخ ذهاباً أو ملفّقة مِن الذهاب والإياب(١) .

وقال الحنابلة والمالكية والشافعية: (١٦) فرسخاً ذهاباً فقط، ولا يضرّ

____________________

(١) على أن يعود ليومه وليلته؛ لأنّه بذلك قد شغل سفره اليوم بكامله، وقال بعضهم: يقصر إذا قصد العودة قَبل عشرة أيام.

١٣٩

نقصان المسافة عن هذا المقدار بميلين، بل قال المالكية: لا مانع مِن نقصان ثمانية أميال.

والفرسخ (٥) كيلومترات و(٤٠) متراً. (الفقه على المذاهب الأربعة ج٤ مبحث شروط القصر).

وعلى هذا تكون المسافة عند الحنفية: مئة وسبعة كيلومترات ونصف الكيلو وعشرين متراً، وعند الثلاثة: ثمانين كيلومتراً ونصف الكيلو ومئة وأربعين متراً، وعند الإمامية: أربعين كيلومتراً وثلاثمئة وعشرين متراً.

٢ - أن يقصد المسافة بتمامها مِن أوّل سفره بالاتفاق، ونية التابع كالزوجة والخادم والأسير والجندي تتبع نية الآمر بشرط أن يعلم المأمور بنية آمره وقائده، فلو جهلها يبقى على التمام.

٣ - لا يجوز القصر إلاّ بَعد مفارقة بنيان البلد عند الأربعة.

وقال الإمامية: لا يكفي ذلك، بل لا بدّ أن تتوارى جدران البلد أو يخفى أذانه. والحد الذي اعتبروه لابتداء السفر اعتبروه لانتهائه أيضاّ، أي إذا عاد إلى بلده فعليه أن يقصر حتى تظهر الجدران، أو يسمع الأذان.

٤ - أن يكون السفر مباحاً، فلو كان حراماً كأن سافر لسرقة وما إليها فلا يقصر بالاتفاق، إلاّ الحنفية فإنهم قالوا: يقصر على كل حال ولو كان السفر حراماً، وغاية الأمر أنّه يأثم بفعل الحرام.

٥ - أن لا يقتدي المسافر بمقيم، أو بمسافر يتم الصلاة، فإن فعل ذلك وجب عليه التمام عند الأربعة. ولا أثر لهذا الشرط عند الإمامية، فقد أجازوا لمن يتِم أن يقتدي بمن يقصِر، وبالعكس على أن يأتي كل بوظيفته، فإن صلّى المسافر خلف المقيم في الظهرين والعشاء صلّى معه ركعتين وتشهّد معه، وسلّم منفرداً، ويمضي الإمام في صلاته إلى النهاية، وإن صلّى المقيم خلف المسافر صلّى ركعتين، ثمّ أتم ما تبقّى مِن صلاته منفرداً.

١٤٠