الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة0%

الفقه على المذاهب الخمسة مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 650

الفقه على المذاهب الخمسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جواد مغنية
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 650
المشاهدات: 239639
تحميل: 32078

توضيحات:

الفقه على المذاهب الخمسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 650 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 239639 / تحميل: 32078
الحجم الحجم الحجم
الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٦ - أن تكون الحصاة حجراً، فلا يكفي الرمي بالملح والحديد والنحاس والخشب والخزف، وما إلى ذاك عند الجميع - ما عدا أبا حنيفة - فإنّه قال: يجزي كل ما كان مِن جنس الأرض، خزفاً أو طيناً أو حجراً. (المغني).

٧ - أن تكون الحصى أبكاراً، أي لَم يُرمَ بها مِن قَبل.

صرح بذلك الحنابلة.

ولا يُشترط الطهارة في الرمي، وإن كان معها أفضل.

وقال الإمامية: يستحب أن تكون الحصاة بقدر رأس الأنملة، وأن تكون خرشاً، لا سوداً ولا بيضاً ولا حمراً. وقال غيرهم: يستحب أن تكون بقدر حبة الباقلاء، أي الفول.

وقال الإمامية: يستحب للحاج أن يؤدي جميع أفعاله، وهو مستقبل القبلة إلاّ جمرة العقبة يوم العيد، فيتسحب له أن يكون مستدبراً؛ لأنّ النبي رماها كذلك.

وقال غيرهم: بل يستحب الاستقبال، حتى في هذه الحال.

ويستحب أن يكون حال الرمي راجلاً، ويجوز راكباً، وأن لا يبعد عن الجمرة أكثر مِن ١٠ أذرع، وأن يكون الرمي باليد اليمنى، وأن يدعو بالمأثور وغيره، ومِن المأثور:

(اللهمّ اجعله حجاً مبروراً، وذنباً مغفوراً.. اللهمّ إنّ هذه حصياتي، فأحصهن لي، وارفعهن في عملي.. الله أكبر، اللهمّ ادحر الشيطان عني).

الشك

إذا شك في أنّه أصاب الهدف أو لا، بنى على عدم الإصابة، وإذا شك في العدد بنى على الأقل؛ لأنّ الأصل عدم الزيادة.

٢٦١

وبالتالي، فإنّ جمرة العقبة أوّل منسك يؤديه الحاج مِن مناسك منى في يوم العيد، ثمّ يذبح أو يحلق أو يقصر، ثمّ يمضي إلى مكة لأجل الطواف في هذا اليوم بالذات، ولا جمرة غير هذه يوم العيد. وإلى الكلام عن الهدي في الفصل التالي.

٢٦٢

الهدي

الواجب الثاني مِن أعمال منى يوم العيد هو الهدي، والكلام عنه يقع أوّلاً: في تقسيمه إلى واجب وغيره، ثمّ تقسيم الواجب إلى أقسام. ثانياً: فيمن يجب عليه الهدي. ثالثاً: في صفات الهدي. رابعاً: في وقته ومحل نحره أو ذبحه. خامساً: في حكم لحمه. سادساً: في البدل عنه لمن لَم يجد الهدي ولا ثمنه. وإليك التفصيل:

أقسام الهدي

ينقسم الهدي إلى واجب ومستحب، والمستحب هو الأضحية. وجاء في تفسير قوله تعالى:( فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ ) أنّ الله أمر نبيه المرسل (صلّى الله عليه وسلّم) بالنحر بَعد صلاة العيد، وجاءت الرواية أنّ النبي ضحّى بكبشين أقرنين أملحين. والأقرن: ما له قرن. والأملح: ما غلب بياضه على سواده.

وقال المالكية والحنفية: إنّ الأضحية واجبة على كل أهل بيت في كل عام كما هي الحال بالقياس إلى زكاة الفطر.

وقال الإمامية والشافعية: إنّ أيام الأضحية المستحبة في منى أربعة: يوم العيد، والثلاثة التي تليه - وهي أيام التشريق -، أمّا في غير منى فأيّام الأضحية

٢٦٣

ثلاثة فقط: يوم العيد، والحادي عشر، والثاني عشر.

وقال المالكية والحنابلة والحنفية: إنّ أيامها ثلاثة في منى وغير منى.

ومهما يكن، فإنّ أفضل أوقاتها يوم الأضحى بَعد طلوع الشمس، ومضي ما يتسع لصلاة العيد والخطبتين. (التذكرة).

والدماء الواجبة بنص القرآن الكريم أربعة: (١) دم التمتع، قال تعالى:( فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِّ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ ) . (٢) دم الحلق، وهو مخير، قال عزّ مِن قائل:( فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضاً أَوْ بِهِ أَذىً مِنْ رَأْسِهِ فَفِدْيَةٌ مِنْ صِيَامٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ نُسُكٍ ) . (٣) هدي الجزاء، قال سبحانه:( فمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزَاءٌ مِثْلُ مَا قَتَلَ مِنْ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ هَدْياً بَالِغَ الْكَعْبَةِ ) . (٤) وهدي الحصار، قال عزّ شأنه:( فَإِنْ أُحْـصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنْ الْهَدْيِ ) . (التذكرة).

ويضاف إلى هذه الأربعة ما وجب بالعهد، أو النذر، أو اليمين. ونتحدث في الفقرة التالية عن الهدي، كجزء مِن أعمال الحج ومنسك مِن مناسكه.

مَن يجب عليه الهدي؟

لا يجب الهدي على مَن اعتمر بعمرة مفردة، ولا على الحاج المفرِد بالاتفاق، وأيضاً اتفقوا قولاً واحداً على وجوب الهدي على المتمتع غير المكّي. وقال الأربعة: يجب على القارن أيضاً.

وقال الإمامية: لا يجب الهدي على القارن إلاّ بنذر، أو بسياق الهدي معه مِن الإحرام.

واختلفوا في المكي إذا تمتع: هل عليه دم أو لا؟ قال الأربعة: لا يجب عليه الهدي، فقد جاء في كتاب (المغني): (لا خلاف بين أهل العلم أنّ دم

٢٦٤

المتعة لا يجب على حاضري المسجد الحرام).

وقال الإمامية: لو حج المكي حج التمتع(١) يجب عليه الهدي، فقد جاء في كتاب (الجواهر): (لو تمتع المكّي وجب عليه الهدي على المشهور شهرة عظيمة).

واتفقوا على أنّ الهدي الواجب ليس ركناً مِن أركان الحج.

صفات الهدي

يشترط في الهدي ما يلي:

١ - أن يكون مِن الأنعام: الإبل، والبقر، والغنم، والمعز بالاتفاق. وجاء في كتاب (المغني) أنّ الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة قالوا: (لا يجزي مِن الضأن إلاّ الجذع، وهو الذي له ستة أشهر، ومِن المعز الثني، وهو ما له سنة، ومِن البقر ما له سنتان، ومِن الإبل ما له خمس سنوات).

ويتفق هذا مع ما جاء في كتاب (الجواهر) للإمامية، سوى أنّه فسّر الثني مِن الإبل بما دخل في السادسة، والمعز ما دخل في الثانية.

وقال السيد الحكيم والسيد الخوئي: يجزي مِن الإبل ما دخل في السادسة، ومِن البقر والمعز ما دخل في الثالثة، ثمّ قالا: ومِن الغنم ما دخل في الثانية على الأحوط.

٢ - أن يكون الهدي تاماً خالياً مِن العيوب، فلا تجزي العوراء، ولا العرجاء، ولا المريضة، ولا الكبيرة التي لا مخ لها بالاتفاق.

واختلفوا في الخصي، وفي الجماء وهي: التي لا قرن لها، وفي الصماء وهي:

____________________

(١) قدّمنا أنّ فرض المكي عند الإمامية القران أو الإفراد، وعند غيرهم مخير بين أنواع الحج الثلاثة.

٢٦٥

التي لا إذن لها، أو لها إذن صغيرة، وفي البتراء وهي: المقطوعة الذنب.

فقال السيد الحكيم والسيد الخوئي: لا يجزي شيء منها.

وقال صاحب المغني: بل يجزي كل نوع منها.

وقال العلاّمة الحلّي في التذكرة: الإناث مِن الإبل والبقر أفضل، والذكران مِن الضأن والمعز أولى، ولا خلاف في جواز العكس في البابين.

وقال صاحب المغني: الذكر والأنثى في الهدي سواء.

وقت الهدي ومكانه

امّا وقت ذبح الهدي أو نحره فقال المالكية والحنفية والحنابلة: إنّه يوم العيد وتالياه الحادي عشر والثاني عشر، سوى أنّ الحنفية قالوا: إنّ هذا الوقت لهدي القران والتمتع، أمّا غيره فلا يتقيد بزمان، ولَم يفرق المالكية بين أنواع الهدي، كما جاء في كتاب الفقه على المذاهب الأربعة.

وقال الحنابلة: إن قدّم الذبح عن وقته وجب عليه البدل، وإن أخره عنه: فإن كان تطويعاً سقط بذهاب وقته، وإن كان واجباً قضاه.

وقال الحنفية: إن ذبح هدي التمتع والقران قَبل أيام العيد الثلاثة لَم يجز، وإن تأخر أجزأ، وعليه كفارة عن التأخر.

وقال الشافعية: وقت الهدي الواجب على المتمتع إحرامه بالحج ويجوز تقديمه عليه، ولا حد لآخره، والأفضل يوم النحر. (الفقه على المذاهب الأربعة).

وبَعد أن أوجب الإمامية النية في الذبح أو النحر قالوا: إنّ وقت الذبح أو النحر هو يوم العيد، وإن أخره إلى اليوم الثاني أو الثالث أو الرابع يجزي ولكن يأثم بالتأخير، وكذلك يجزي لو ذبحه بقية أيام ذي الحجة. ونقل صاحب

٢٦٦

الجوار عدم الخلاف في ذلك، حتى ولو كان التأخير بدون عذر.

ولا يجوز تقديم الذبح أو النحر على اليوم العاشر عند الإمامية.

أمّا مكان الهدي فهو الحرم عند الحنفية والشافعية والحنابلة، ويشمل الحرم منى(١) وغيرها، وقد أشرنا إلى تحديده في فصل سابق بعنوان (محظورات الإحرام) فقرة (حدّ الحرمين).

وقال المالكية: لذبح الهدي بمنى ثلاثة شروط: الأوّل: أن يكون مسوقاً في إحرام الحج، لا في إحرام العمرة. الثاني: أن يقف بالهدي بعرفة جزءاً مِن ليلة يوم العيد. والثالث: أن يريد نحره أو ذبحه في يوم العيد أو تاليه.

وقال الإمامية: لن يكون النحر أو الذبح للمتمتع إلاّ بمنى، حتى لو تمتع ندباً لا وجوباً، أمّا ما يُساق في إحرام العمرة فينحر أو يذبح بمكة. (التذكرة).

وعلى أيّة حال، فإنّ الهدي بمنى جائز عند الجميع، وهو الأفضل، قال ابن رشد: (وبالجملة، النحر بمنى إجماع مِن العلماء). وبالتالي، فإنّ الخلاف بين الإمامية وبين غيرهم: إنّ الإمامية يقولون بتعيين منى، وغيرهم يقولون بالتخيير بينها وبين غيرها مِن أجزاء الحرم.

لحم الهدي

قال الحنابلة والشافعية: ما وجب نحره بالحرم وجب تفرقة لحمه فيه على المساكين.

وقال الحنفية والمالكية: بل يجوز تفرقة لحمه في الحرم وغيره.

وقال الشافعية: كل ما كان واجباً مِن الهدي لا يجوز الأكل منه، وكل ما

____________________

(١) تبعد منى عن مكة فرسخاً واحداً.

٢٦٧

كان تطوعاً يجوز الأكل منه.

وقال المالكية: يأكل مِن الهدي كله إلاّ فدية الأذى، وجزاء الصيد، وما نذر للمساكين، وهدي التطوع إذا عطب قَبل محله.

(المغني، والفقه على المذاهب الأربعة، وفقه السنّة).

وقال الإمامية: يتصدق بثلث الهدي على الفقير المؤمن، ويهدي الثلث إلى المؤمنين حتى ولو كانوا أغنياء، ويأكل مِن الثلث الباقي. (الجواهر، ومنسكا السيدين الحكيم والخوئي).

البدل

اتفقوا على أنّ الحاج إذا لَم يجد الهدي ولا ثمنه انتقل إلى البدل عنه، وهو صوم عشرة أيام، ثلاثة منها متتابعات في أيام الحج، وسبعة إذا رجع إلى أهله؛ لقوله تعالى:( فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ فِي الْحَجِّ وَسَبْعَةٍ إِذَا رَجَعْتُمْ تِلْكَ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ ) (١) .

وتعتبر القدرة على الهدي في مكانه، فمتى عدم مِن موضعه انتقل إلى الصوم، حتى ولو كان قادراً عليه في بلده؛ لأنّ وجوبه مؤقت، وما كان كذلك اعتبرت القدرة عليه في وقته، تماماً كالماء في الطهارة. (التذكرة).

التوكيل بالذبح

الأفضل أن يتولى الحاج الذبح بنفسه، ويجوز أن يوكل فيه غيره؛ لأنّه

____________________

(١) يلاحظ أنّ كل ما فيه نص صريح مِن القرآن فهو محل وفاق بين جميع المذاهب الإسلامية، لا فرق بين الشيعة منها وبين السنّة، وأنّ الاختلاف بينهم إنّما يكون لعدم النص، أو إجماله، أو ضعفه، أو معارضته في غيره، أو في تفسيره وتطبيقه، وهذا دليل قاطع على أنّ الجميع يصدرون مِن معين واحد.

٢٦٨

مِن الأفعال التي تقبل النيابة، على أن ينوي الوكيل النيابة في الذبح عن الأصيل، والأفضل أن ينويا معاً.

وقال الإمامية: يستحب أن يضع الحاج يده مع يد الذابح، أو يحضر حال الذبح.

وجاء في كتاب (مناهج اليقين) للشيخ عبد الله المامقاني مِن الإمامية: (إذا غلط الوكيل في اسم الأصيل، أو نسي اسمه لَم يضر ذلك؛ لأنّ العمدة على القصد). وهو جيد، فقد جاء عن الإمام أنّ وكيلاً في الزواج أخطأ باسم الجارية، فسمّى غيرها. فقال الإمام: (لا بأس).

القانع والمعتر

جاء في القرآن الكريم الآية ٣٦ مِن سورة الحج:( فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْقَانِعَ وَالْمُعْتَرَّ ) . قال الإمام الصادق: (القانع: هو الذي يرضى بما تعطيه، ولا يسخط، ولا يكلح، ولا يلوي شدقه غضباً. والمعتر: هو الذي يمر بك لتعطيه، أي يعترض لك).

عوض البدنة

مَن وجبت عليه بدنة في كفارة أو نذر ولَم يجدها كان عليه سبع شيات يذبحها على الترتيب، وإن لَم يتمكن صام ثمانية عشر يوماً. (التذكرة).

التقليد والإشعار

التقليد: أن يجعل في عنق الهدي نعلاً وما أشبهه. والإشعار: أن يشق صفحة السنام الأيمن للإبل أو البقر حتى يدميها، ويلطخها بالدم.

٢٦٩

وقد استحب الإشعار والتقليد عامة فقهاء المذاهب إلاّ (أبو حنيفة) فإنّه قال: يسن تقليد الغنم، ويسن تقليد الإبل، أمّا الإشعار فلا يجوز بحال؛ لأنّه تعذيب وإيلام للحيوان. (المغني).

وكلّنا مِن انصار الرفق بالحيوان، وكلّنا في الوقت نفسه مسلمون، وقد أباح الإسلام ذبح الحيوان ونحره، بل أوجبه في الهدي باعتراف أبي حنيفة وفتواه وعمله، فالإشعار بطريق أولى.

الصدقة على غير المسلم

قال السيد الخوئي في مناسك الحج: (إذا تصدق الحاج أو أهدى الذبيحة إلى إنسان جاز لهذا الأخير أن يعطيها لمن شاء حتى لغير المؤمن والمسلم).

وبصورة عامة، أباح الإمامية الوقف والصدقة غير الواجبة على المسلم وغير المسلم. قال السيد أبو الحسن الأصفهاني في وسيلة النجاة: (لا يعتبر في المتصدق عليه في الصدقة المندوبة الفقر ولا الإيمان، بل ولا الإسلام، فتجوز على الغني وعلى غير الإمامي، وعلى الذمي، وإن كانا أجنبيين)، أي ليسا مِن قرابة المتصدق. بل قال السيد كاظم في ملحقات العروة: تجوز الصدقة حتى على الحربي.

حرق الهدي وطمره

مِن عادة الحجاج - اليوم - أن يدفعوا نقوداً لمن يقبل الهدي(١) ثمّ يدفنه أو يطرحه جانباً، بالنظر لكثرة الهدي وعدم وجود المستهلكين.

ولَم أرَ أحداً فيما قرأت تعرّض لجواز ذلك أو منعه، رغم الحاجة الماسة

____________________

(١) قال السيد الحكيم: إذا تعذر التصدق بالهدي سقط وإذا لَم يقبل الفقير الصدقة إلاّ ببذل مال لَم يجب.

٢٧٠

إلى معرفة حكمه ودليله. وفي سنة ١٩٤٩ استفتى الحجاج المصريون جامع الأزهر في ذلك، وطلبوا الإذن بدفع ثمن الهدي إلى المحتاجين، فنشر فضيلة الشيخ محمود شلتوت(١) كلمة في العدد الرابع مِن المجلد الأوّل مِن رسالة الإسلام التي تصدرها دار التقريب بالقاهرة، أوجب فيها الذبح حتى ولو استوجب الحرق أو الطمر.

ورددتُ عليه في مقال مطول نُشر في عددين على التوالي مِن أعداد الرسالة المذكورة سنة ١٩٥٠، وحين أعادت (دار العلم للملايين) ببيروت نشر كتاب (الإسلام مع الحياة) أدرجته فيه بعنوان: (هل تعبّدنا الشرع بالهدي في حال يترك فيه للفساد؟). وكان قد انتهى بي القول إلى أنّ الهدي إنّما يجب حيث يوجد الآكل، أو يمكن الانتفاع به بتجفف اللحم، أو تعليبه بصورة فنية بحيث يسوغ أكله، أمّا إذا انحصر الهدي في الإتلاف كالحرق والطمر فإنّ جوازه - والحال هذه - محل للنظر والإشكال. ومَن أراد التفصيل ومعرفة الدليل فليرجع إلى كتاب (الإسلام مع الحياة) الطبعة الثانية.

وبعدها اطلعتُ على حديث في الوسائل يؤيد ما ذهبنا إليه، فقد نقل صاحب الوسائل في الأضحية - بعنوان: باب تأكد استحباب الأضحية - هذه الرواية عن الصادق عن آبائه عن رسول الله (صلّى الله عليه وسلّم) أنّه قال: (إنّما جعل هذا الأضحى لتشبع مساكينكم مِن اللحم فأطعموهم).

وهذا الحديث وإن كان خاصاً في الأضحية المستحبة لكنّه يلقي ضوءاً على الهدي الواجب.

____________________

(١) لقد أصبح سنة ١٩٦٣ شيخ الأزهر، وكان يومذاك عضواً في جماعة كبار العلماء.

٢٧١

بين مكة ومنى

قدّمنا أنّ العمل الأوّل في اليوم العاشر بمنى هو رمي جمرة العقبة، وفي الثاني الهدي، أمّا في الثالث فهو الحلق أو التقصير، وقد تكلمنا عنه في فصل سابق بعنوان (السعي والتقصير)، كما أشرنا إلى حكم تقديم الحلق أو التقصير على الذبح بعنوان (في منى)، ومَن أحب التفصيل فليرجع إلى هذين الفصلين.

وإذا قضى الحاج مناسكه في منى يوم العيد مِن الرمي والذبح رجع إلى مكة، وطاف بالبيت طواف الزيارة، وصلّى ركعتيه، ثمّ سعى بين الصفا والمروة.

وعند الأربعة يعود إلى منى بَعد هذا الطواف، ويحلّ له عندهم كل شيء حتى النساء.

وعند الإمامية يطوف طوافاً آخر، وهو طواف النساء، ويصلّي ركعتيه ولا تحلّ النساء عندهم إلاّ بهذا الطواف، وتكلمنا عن ذلك مفصلاً فيما تقدم.

المبيت بمنى

إذا انتهى مِن الطواف وجب عليه العودة إلى منى في ليالي التشريق، وهي ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر وليلة الثالث عشر، إلاّ إذا تعجّل وخرج بَعد الزوال وقَبل غروب شمس اليوم الثاني عشر، فلا يجب عليه شيء والحال هذه

٢٧٢

في اليوم الثالث؛ لقوله تعالى:( فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلاَ إِثْمَ عَلَيْهِ ) .

وقال أبو حنيفة: المبيت بمنى سنّة، وليس بواجب.

واتفق القائلون بوجوب المبيت على أنّه نُسك وليس بركن، واختلفوا في وجوب الكفارة على تاركه:

قال ابن حنبل: لا شيء عليه.

وقال الشافعي: عليه أن يكفّر بمُد. (التذكرة، والمغني، وفقه السنّة).

وقال المالكية: عليه دم. (شرح الزرقاني على موطأ مالك).

وقال الإمامية: (إذا بات بغير منى فإن كان بمكة مشتغلاً بالعبادة حتى أصبح فلا فدية عليه، أمّا إذا بات غير متعبد أو بات في غير مكة وإن تعبّد كان عليه عن كل ليلة شاة، حتى ولو كان ناسياً أو جاهلاً). (مناهج السالكين للسيد الحكيم).

ولا يجب شيء مِن الأعمال في ليالي منى، ويستحب التهجد والعبادة.

الرمي أيام التشريق

لا عمل للحاج - متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً - أيام التشريق إلاّ أن يرمي في كل يوم منها ثلاث جمار بالاتفاق، أمّا عدد الحصى وما يتصل بها فعلى ما مر في جمرة العقبة التي رماها يوم العيد.

وقال الإمامية: يبدأ وقت الرمي مِن كل يوم مِن الأيام الثلاثة مِن طلوع الشمس إلى غروبها.

وقال الأربعة: بل مِن زوال الشمس إلى غروبها، فإن رماها قَبل الزوال أعاد، على أنّ الإمامية قالوا: عند الزوال أفضل.

٢٧٣

وأجاز أبو حنيفة الرمي قَبل الزوال في اليوم الثالث فقط، ويجوز تأخير الرمي إلى ما بَعد الغروب لأُولي الأعذار.

ونحمد الله سبحانه، حيث اتفقوا جميعاً على عدد هذه الجمار، وكيفية رميها في الأيام الثلاثة. وفيما يلي نذكر صورة الرمي كما جاءت في كتاب (التذكرة) وكتاب (المغني):

يومي الحاج في كل يوم مِن الأيام الثلاثة إحدى وعشرين حصاة على ثلاث دفعات، كل واحدة منها سبع حصى، يبتدئ بالأُولى، وهي أبعد الجمرات مِن مكة وتلي مسجد الخيف، ويستحب أن يرميها حذفاً(١) عن يسارها مِن بطن المسيل بسبع حصى، ويكبّر عند كل حصاة، ويدعو.

ثمّ يتقدم إلى الجمرة الثانية - وتُسمّى الوسطى - ويقف عن يسار الطريق، ويستقبل القبلة، ويحمد الله ويثني عليه، ويصلّي على النبي (صلّى الله عليه وسلّم)، ثمّ يتقدم قليلاً ويدعو، ثمّ يرمي الجمرة، ويصنع كما صنع عند الأًُولى، ويقف، ويدعو أيضاً بَعد الحصاة الأخيرة.

ثمّ يمضي إلى الجمرة الثالثة - وتُسمّى أيضاً بجمرة العقبة - ويرميها كالسابقة ولا يقف بعدها، وبها يختم الرمي(٢) .

فمجموع ما يرميه في الأيام الثلاثة بمنى ٦٣ حصاة - إن بات بمنى ليلة الثالث عشر - كل يوم ٢١، تضاف إلى السبع التي رماها يوم العيد، فتتم على السبعين.

بَعد أن نقل هذا صاحب التذكرة قال: لا نعلم فيه خلافاً، وقال صاحب الغني: (ولا نعلم في جميع ما ذكرنا خلافاً إلاّ مالكاً فقد خالف موضوع رفع اليدين).

____________________

(١) الحذف: أن يضع الحصاة على باطن الإبهام، ويدفعها بظاهر السبابة.

(٢) قال السيد الحكيم: ينبغي أن يرمي الثالثة مستدبراً القبلة، وجاء في المغني: يرميها مستقبلاً الكعبة.

٢٧٤

وما ذكره صاحب المغني عين ما ذكره صاحب التذكرة، أو قريب منه.

وبهذا يتبين أنّ لكل واحدة مِن الجمار الثلاث مكاناً خاصاً بها مِن منى، لا يجوز التعدي عنه.

واتفقوا جميعاً - ما عدا أبا حنيفة - على وجوب الترتيب بين هذه الجمار، فلو قدّم بعضها على بعض وجبت الإعادة على ما يحصل به الترتيب.

وقال أبو حنيفة: لا يجب الترتيب. (التذكرة، والمغني).

ويجوز الرمي راكباً وماشياً، والمشي أفضل. ويجوز لمن له عذر أن يرمي عنه غيره، ولو ترك التكبير أو الدعاء أو الوقوف بَعد الثانية فلا شيء عليه.

وإذا أخر رمي يوم إلى ما بعده عامداً أو جاهلاً أو ناسياً، أو أخر الرمي بكامله إلى آخر أيام التشريق ورماها في يوم واحد فلا شيء عليه عند الشافعية والمالكية.

وقال أبو حنيفة: إن ترك حصاة أو حصاتين أو ثلاثاً إلى الغد استدرك رميها في الغد، وعليه عن كل حصاة إطعام مسكين، وإن ترك أربعاً رماها في الغد وعليه دم.

واتفق الأربعة على أنّ مَن لَم يرم الجمار حتى مضت أيّام التشريق فلا يجب عليه أن يرميها أبداً.

ثمّ اختلف الأربعة فيما بينهم في التكفير عن ذلك، فقال المالكية: مَن ترك الجمار كلها أو بعضها ولو واحدة فعليه دم.

وقال الحنفية: إن تركها فعليه دم، وإن ترك جمرة فصاعداً فعن كل جمرة إطعام مسكين.

وقال الشافعية: عليه عن الحصاة الواحدة مُد مِن طعام وعن حصاتين مدان، وعن الثلاث دم. (بداية ابن رشد، والمغني).

٢٧٥

وقال الإمامية: إذا نسي رمي جمرة أو بضها أعاد مِن الغد ما دامت أيام التشريق، وإن نسي الجمار بكاملها حتى وصل إلى مكة وجب عليه الرجوع إلى منى والرمي إن كانت أيام التشريق باقية، وإلاّ قضى الرمي في السنة القادمة بنفسه، أو استناب عنه، ولا كفارة عليه. (التذكرة).

ويتفق هذا مع فتوى السيدين الحكيم والخوئي، إلاّ أنّ الأوّل نعَت وجوب القضاء بالأقوى، ونعته الثاني بالأحوط، واتفقا على أنّ مَن ترك الرمي متعمداً لَم يبطل حجه.

وأشرنا فيما سبق إلى اتفاق المذاهب على أنّ للحاج أن يكتفي بيومين مِن أيام التشريق، فيخرج مِن منى قَبل أن تغرب شمس اليوم الثاني عشر، فإن غربت وهو بها وجب عليه المبيت والرمي في اليوم الثالث عشر، ولكنّ الإمامية قالوا: إنّما يجوز هذا الخروج والتعجيل لمن كان قد اتّقى الصيد والنساء في إحرامه، وإلاّ يجب عليه المبيت في ليلة الثالث عشر أيضاً.

وتستحب الصلاة في مسجد الخيف بمنى، وفي سفح كل جبل يُسمّى خيفاً. (التذكرة).

وإذا عاد إلى مكة بَعد الانتهاء مِن مناسك منى استُحب أن يطوف طواف الوداع عند الإمامية والمالكية.

وقال الحنفية والحنابلة: طواف الوداع واجب على غير المكي، وعلى مَن لا يريد الإقامة بمكة بَعد الرجوع مِن منى.

وإذا حاضت المرأة قَبل أن تودّع خرجت، ولا وداع عليها ولا فدية عند مَن قال بالوجوب على غير الحائض، ولكن يستحب أن تودّع مِن أدنى باب مِن أبواب المسجد ولا تدخل.

وبهذا يختم الحاج أعماله، وفي الفصل التالي صورة الحج على المذاهب.

٢٧٦

صورة الحج

رغبة في التوضيح والتيسير على القارئ، نذكر فيما يلي صورة جامعة لأعمال الحج حسب الترتيب الشرعي بينها:

يُحْرِم الحاج البعيد عن مكة مِن الميقات الذي مر به أو بما يحاذيه، ويشرع بالتلبية(١) لا فرق في ذلك بين معتمِر بعمرة مفردة، أو متمتع أو مفرِد أو قارن، أمّا أهل الحرم فيحرمون مِن منازلهم(٢) .

فإذا رأى البيت كبّر وهلل - استحباباً -.

وإذا دخل مكة اغتسل - استحباباً أيضاً -.

ثمّ يدخل البيت، ويستلم الحجر الأسود ويقبّله إن استطاع، وإلاّ أشار إليه بيده، ويطوف طواف القدوم - استحباباً-(٣) إن كان مفرِداً أو قارناً،

____________________

(١) التلبية واجبة عند الإمامية والحنفية والمالكية، مستحبة عند الحنابلة. أمّا وقتها فعند الشروع بالإحرام.

(٢) الإمامية يوجبون حج التمتع على غير المكي، أمّا المكي فيخيرونه بين القران والإفراد. والمذاهب الأربعة لا تفرق بين المكي وغيره في أن يختار أي نوع شاء مِن أنواع الحج سوى أنّ أبا حنيفة كره للمكي حج التمتع والقران.

(٣) طواف القدوم مستحب عند الجميع إلاّ مالكاً فقد ذهب إلى وجوبه.

٢٧٧

ثمّ يصلّي ركعتي الطواف، ثمّ يستلم الحجر إن استطاع، ويخرج مِن البيت، ثمّ يقيم بمكة باقياً على إحرامه، فإذا جاء يوم التروية - وهو اليوم الثامن مِن ذي الحجة - خرج إلى عرفة، وإن شاء خرج قَبله بيوم.

وإن كان معتمِراً بعمرة مفردة، أو حاجاً حج التمتع طاف - وجوباً - وصلّى ركعتي الطواف، ثمّ سعى بين الصفا والمروة، ثمّ حلق أو قصر(١) ، ويتحلل حينئذٍ مِن إحرامه ويباح له كل شيء حتى النساء(٢) .

ثمّ يُنشئ المتمتع إحراماً آخر مِن مكة في وقت يمكنه فيه أن يدرك الوقوف بعرفة حين الزوال مِن اليوم التاسع مِن ذي الحجة، والأفضل الإحرام يوم التروية - وهو اليوم الثامن مِن ذي الحجة - وأن يكون تحت الميزاب.

ويتجه الحاج متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً إلى عرفة ماراً بمنى، ويبدأ وقت الوقوف بعرفة مِن زوال اليوم التاسع إلى فجر اليوم العاشر عند الحنفية والشافعية والمالكية.

ومِن فجر التاسع إلى فجر العاشر عند الحنابلة.

ومِن زوال التاسع إلى غروب شمسه عند الإمامية، وللمضطر إلى فجر

____________________

(١) قال الإمامية: يُخير بين الحلق والتقصير إن كان معتمِراً بعمرة مفردة، أمّا إذا كان متمتعاً فيتعين عليه التقصير، كما أوجبوا على مَن اعتمر بعمرة مفردة أن يطوف ثانية طواف النساء بَعد الحلق أو التقصير ولا تحلّ له النساء بَعد هذا الطواف. وقال الأربعة بالتخيير بين الحلق والقصر للإثنين، ولَم يوجبوا طواف النساء على أحدٍ معتمِراً كان أو حاجاً، كما أنّ مالكاً لَم يوجب الحلق أو التقصير على المعتمِر بعمرة مفردة.

(٢) قال الإمامية: يحلّ المتمتع إذا قصر، حتى ولو كان معه هدي، أي ساقه وقت الإحرام. وقال غيرهم: إنّ المتمتع الذي أحرم بالعمرة مِن الميقات يحلّ إن حلق أو قصر إن لَم يكن معه هدي، ويبقى محرِماً إن كان معه هدي، أمّا المعتمِر بعمرة مفردة فإنّه يحلّ مطلقاً، سواء أكان معه هدي أم لَم يكن. وبَعد أن ذكر هذا صاحب المغني قال: لا نعلم فيه خلافاً.

٢٧٨

اليوم العاشر(١) .

ويدعو الحاج بعرفة، ويلح في الدعاء - استحباباً -.

ثمّ يتجه إلى المزدلفة يصلّي فيها صلاة المغرب والعشاء ليلة العيد جامعاً بينهما - استحباباً - بالاتفاق.

ويجب عليه المبيت في هذه الليلة بالمزدلفة عند الحنفية والشافعية والحنابلة. ولا يجب عند الإمامية والمالكية، ولكنّه الأفضل.

وفيها يجب الوقوف بالمشعر الحرام بَعد طلوع الفجر عند الإمامية والحنفية، ومستحب عند غيرهم.

ومِن المزدلفة يأخذ الحاج سبعين حصاة - استحباباً - ليرميها بمنى.

ثمّ يتجه إلى منى قَبل طلوع الشمس مِن يوم العيد فيرمي جمرة العقبة، متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً، ويرميها بين طلوع الشمس وغيابها، ويكبّر ويسبّح عند الرمي - استحباباً -.

ثمّ يذبح إن كان متمتعاً غير مكي بالاتفاق، ولا يجب على المفرِد بالاتفاق، ولكن يستحب. أمّا القارن فيجب عليه الذبح عند الأربعة، ولا يجب عليه عند الإمامية إلاّ إذا صحب معه الأضحية وقت الإحرام، وإذا تمتع المكي وجب عليه الذبح عند الإمامية، ولا يجب عند بقية المذاهب.

ثمّ يحلق أو يقصر - متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً - ويحلّ له بالحلق أو التقصير ما حرُم عليه إلاّ النساء عند الحنابلة والشافعية والحنفية، وإلاّ النساء والطيب عند الإمامية والمالكية.

ثمّ يعود إلى مكة في نفس اليوم - أي يوم العيد - فيطوف طواف الزيارة،

____________________

(١) يجب الوقوف بعرفة في جميع الوقت المحدد عند الإمامية، وتكفي ولو لحظة منه عند غيرهم. وأجتمعت المذاهب على استحباب الجمع بين الصلاتين؛ لأنّ النبي (ص) جمع بعرفة.

٢٧٩

ويصلّي ركعتيه - متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً - ويحلّ له كل شيء، حتى النساء عند الأربعة.

ثمّ يسعى بين الصفا والمروة إن كان متمتعاً بالاتفاق، وإن كان مفرِداً أو قارناً وجب عليه السعي بَعد طواف الزيارة عند الإمامية على كل حال، وعند غيرهم لا يجب عليه السعي إذا كان قد سعى بَعد طواف القدوم، وإلاّ وجب.

وعند الإمامية يجب أن يطوف طوافاً آخر بَعد السعي - متمتعاً كان أو قارناً أو مفرِداً - وهذا هو طواف النساء، ولا تحلّ إلاّ به عندهم.

ثمّ يعود الحاج إلى منى في نفس اليوم العاشر، وينام فيها ليلة الحادي عشر، ويرمي الجمار الثلاث عند زوال الشمس إلى غروبها مِن يوم الحادي عشر بالاتفاق. وأجاز الإمامية الرمي بَعد طلوع الشمس وقبل الزوال.

ثمّ يفعل في اليوم الثاني عشر ما فعل بالأمس.

وله أن يترك منى قَبل غروب هذا اليوم بالاتفاق، وإن دخل الغروب وهو فيها وجب عليه المبيت ليلة الثالث عشر، ورمي الجمار الثلاث في هذا اليوم.

وبَعد الرمي يعود إلى مكة قَبل الزوال أو بعده إن شاء.

وإذا دخل مكة طاف طواف الوداع - استحباباً - عند الإمامية والمالكية، ووجوباً على غير المقيم بمكة عند غيرهم.

وبهذا تُختم أعمال الحج. وصلّى الله على محمد وآله.

٢٨٠