الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة0%

الفقه على المذاهب الخمسة مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 650

الفقه على المذاهب الخمسة

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: محمد جواد مغنية
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
تصنيف: الصفحات: 650
المشاهدات: 239680
تحميل: 32078

توضيحات:

الفقه على المذاهب الخمسة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 650 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 239680 / تحميل: 32078
الحجم الحجم الحجم
الفقه على المذاهب الخمسة

الفقه على المذاهب الخمسة

مؤلف:
الناشر: مؤسسة الصادق للطباعة والنشر
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

ولا يزيله عنه شيء، فلدى الاجتماع يُقدّم ويبدأ به، وما بقي تأخذه البنات أو الأخوات.

وقال الشيخ أبو زهرة في كتاب (الميراث عند الجعفرية): قال ابن شهاب الزهري(١) : (لولا تقدم فتوى الإمام العادل عمر بن الخطاب على فتوى ابن عباس لكان كلام ابن عباس جديراً بأن يتبعه كل أهل العلم، ويصادف الإجماع عليه). وإنّ الإمامية قد اختاروا رأي ابن عباس رضي الله عنهما، وإنّه لفقه جيد، كما أشار إلى ذلك ابن شهاب الزهري، وهو بحر العلم.

____________________

(١) فقيه تابعي جليل ومعروف، أثنى عليه علماء السنّة أجمل الثناء وأبلغه، ولقي عشرة من الصحابة.

٥٢١

الحجب

المراد بالحجب - هنا -: منع بعض الأقارب عن الإرث، وهو إمّا حجب عن أصل التركة، كما يحجب الجد بالأب، ويُسمّى حجب حرمان، وإمّا حجب بعض الإرث، كما يحجب الولدُ الزوجَ من النصف إلى الربع، ويُسمّى حجب نقصان.

واتفقوا على أنّ الأبوين والأولاد والزوجين لا يُحجَبون حجب حرمان، وأنّه متى وجِدوا أخذوا حظهم من الميراث، لا يمنعهم عنه مانع، لأنّهم أقرب الجميع إلى الميت يمتّون إليه بلا واسطة، وغيرهم يتقرب به بالواسطة.

واتفقوا على أنّ الابن يمنع الإخوة والأخوات من الميراث، وبالأولى الأعمام والأخوال، ولا يمنع الابن الجد لأب، ولا الجدة لأُم عند أهل السنّة، وابن الابن تماماً كالابن عند فقد الابن، يرث كما يرث ويحجب كما يحجب.

واتفقوا على أنّ الأب يمنع الإخوة والأخوات من الميراث، ويمنع الجد لأب أيضاً، أمّا الجدة لأُم فإنّها تشترك مع الأب، وتأخذ معه السدس عند عدم الأُم - عند السنّة - وتشترك الجدة لأب مع الأب،

٥٢٢

أي مع ابنها عند الحنابلة. وقال الشافعية والحنفية والمالكية: لا تأخذ معه شيئاً؛ لأنّها محجوبة به. (المغني ج٦ ص٢١١، والبداية والنهاية ج٢ ص٣٤٤).

وقال الإمامية: الأب كالابن لا يرث معه الأجداد ولا الجدات من جميع الجهات؛ لأنّهم من المرتبة الثانية، والأب من المرتبة الأُولى من مراتب الميراث.

وقال الأربعة: إنّ الأُم تحجب الجدات من جميع الجهات (المغني ج٦ ص٢٠٦)، ولا تحجب الأجداد ولا الإخوة والأخوات، ولا العمومة لأبوين أو لأب، فإنّ هؤلاء يشتركون معها في أصل الميراث.

وقال الإمامية: الأُم كالأب تمنع الأجداد والجدات والإخوة والأخوات من جميع الجهات.

وقال الأربعة: البنت لا تحجب ابن الابن، وإنّ البنتين فأكثر يحجبن بنات الابن إلاّ إذا كان مع بنات الابن ذكر، أمّا البنت الواحدة فلا تحجب بنات الابن، والبنت الواحدة والبنات يحجبن الإخوة لأُم.

وقال الإمامية: البنت كالابن تحجب أولاد الأولاد ذكوراً وإناثاً، وبالأولى الإخوة والأخوات.

واتفقوا على أنّ كلاً من الجد والأخ يحجب الأعمام، وأنّ الولد ذكراً كان أو أنثى يحجب الزوج من النصف إلى الربع، والزوجة من الربع إلى الثُمن، واختلفوا في أقلّ ما يحجب الأُم من الثلث إلى السدس:

قال المالكية: أقلّ ما يحجبها عن الثلث اثنان من الإخوة. وقال الحنفية والشافعية والحنابلة: اثنان من الإخوة أو الأخوات.

وقال الإمامية: لا تحجب الإخوة الأم إلا بشروط:

١ - أن يكونوا أخوين أو أخاً وأختين أو أربع أخوات، والخُناثى كالإناث.

٢ - انتفاء موانع الإرث كالقتل والاختلاف في الدِّين.

٥٢٣

٣ - أن يكون الأب موجوداً.

٤ - أن يكونوا أخوة الميت لأبيه وأُمه أو لأبيه فقط.

٥ - أن يكونوا منفصلين، فلو كانوا حملاً لم يحجبوا.

٦ - أن يكونوا أحياء، فلو كان بعضهم ميتاً لم يحجب.

وعلى الجملة فالفرق بين مذاهب السنّة ومذاهب الإمامية: إنّ الإمامية يُقدّمون الأقرب على مَن دونه في القرابة، سواء أكان من صنفه - كتقديم الولد على ولد الولد وتقديم الأب على الجد - أو كان من صنفٍ آخر - كتقديم ولد الولد على الإخوة -، وقالوا: إنّ مَن يتقرب بالأبوين يمنع المتقرب بالأب وحده مع تساوي الحيز، فالأخت لأبوين تمنع الأخ لأب، والعمة لأبوين تمنع العم لأب، وكذلك الخالة، ولا يمنع المتقرب بالأبوين من الأعمام المتقرب بالأب فقط من الأخوال لاختلاف الحيز، ولا فرق عندهم - الإمامية - بين الذكور والإناث في استحقاق الميراث، فكما أنّ أولاد الأولاد يقومون مقام الأولاد عند فقدهم، كذلك أولاد الإخوة والأخوات يقومون مقام آبائهم عند فقدهم.

وأهل السنّة يقولون بقاعدة الأقرب فالأقرب، لكن لا مطلقاً بل بشرط الاتحاد في الصنف، أي أنّ الأقرب يمنع القريب الذي يدلي به، ما عدا أخوة الأُم فإنّهم لا يُحجَبون بالأُم التي يتقربون بها، وكذا أُم الجدة فإنّها ترث مع الجدة، أي مع ابنتها. أمّا إذا أدلى بغيره فلا، كالأب فإنّه يمنع أب الأب ولا يمنع أُم الأُم، وكالأُم فإنّها تمنع أُم الأُم ولا تمنع أب الأب، وعمومة الميت يُقدَّمون على عمومة أب الميت، كذلك أجداد الميت يُقدَّمون على أجداد أبيه، والجدة القربى تمنع الجدة البعدى، كل ذلك لقاعدة الأقرب(١) ، ويفرّقون بين الذكور والإناث،

____________________

(١) الجدة القربى من جهة الأب لا تحجب البعدى من جهة الأُم عند الشافعية والمالكية، كأُم الأب مع أُم الأُم، وتحجبها عند الحنفية والحنابلة. (الميراث في الشريعة الإسلامية للصعيدي).

٥٢٤

فإخوة الميت يرثون مع بناته ولا يرثون مع أبنائه، وأولاد الإخوة عندهم لا يشاركون الأجداد، على عكس ما هي عليه الإمامية.

هذه صورة مجملة جداً للحجب، أردت بها الإشارة إلى ما هي عليه الإمامية من جهة والمذاهب الأخرى من جهة ثانية، وإلاّ فإنّ باب الحجب واسع ويمكن أن يدخل الكاتب فيه جميع مسائل الإرث، ويتبين ذلك من البحوث الآتية.

٥٢٥

الرد

لا يتحقق الرد إلاّ مع أصحاب الفروض؛ لأنّ سهامهم مقدّرة ومحدودة، وقد تستغرق جميع التركة كأبوين وبنتين، وللأبوين الثلث وللبنتين الثلثان، وقد لا تستغرقها كبنت وأم، للبنت النصف وللأم السدس، ويبقى الثلث فماذا نصنع به، وعلى مَن نرده؟ أمّا إذا لم يكن للورثة سهام مقدّرة كالإخوة والأعمام الذين يرثون بغير الفرض فلا يتأتى الرد.

وقال الأربعة: ما زاد عن أصحاب الفروض يُعطى للعصبة، فإذا كان للميت بنت واحدة أخذت النصف والباقي للأب، فإن لم يكن فللأخوات لأبوين أو لأب؛ لأنّهن عصبة مع البنت، فإن لم يكن فلابن الأخ لأبوين، فإن لم يكن فلابن الأخ لأب، فالعم لأبوين، فالعم لأب، فابن العم لأب، فإن فُقد هؤلاء جميعاً رُد الفاضل على ذوي الفروض بقدر سهامهم إلاّ الزوج والزوجة فلا يُردّ عليهما، وإليك المثال: إذا ترك الميت أُماً وبنتاً، فللأُم السدس وللبنت النصف فرضاً، والباقي يُردّ عليهما أرباعاً وتكون الفريضة من أربعة، الربع للأُم وثلاثة أرباع للبنت، وكذلك إذا ترك أختاً لأب وأختاً لأُم، أخذت الأُولى سهم البنت والثانية سهم الأُم.

٥٢٦

وقال الشافعية والمالكية: إذا لم يكن ذو عصبة يُعطى الباقي عن ذوي الفروض لبيت المال.

وقال الإمامية: يُرد الفاضل على كل ذي فرض بحسب سهمه إذا لم يوجد قريب في مرتبته، أمّا إذا وجِد فيأخذ ذو الفرض فرضه والباقي للقريب، كأم وأب، تأخذ الأُم نصيبها المفروض والباقي للأب، وإذا وجِد ذو الفرض مع مَن هو في غير مرتبته من الأقارب أخذ ذو الفرض فرضه، ورُد الباقي عليه، كأُم وأخ، للأُم الثلث بالفرض والباقي يُرد عليها، ولا شيء للأخ؛ لأنّه من المرتبة الثانية وهي من الأُولى. وكذلك الأخت لأب مع العم، ترث الأخت النصف فرضاً والنصف الثاني رداً، ولا شيء للعم؛ لأنّه من المرتبة الثالثة وهي من الثانية.

والإمامية لا يردّون على وِلد الأُم إذا اجتمعوا مع ولد الأب، فإذا ترك الميت أختاً لأُم وأختاً لأب، فللأُولى السدس وللثانية النصف، والباقي يُرد عليها دون الأخت لأُم، أجل، يُرد على ولد الأُم إذا لم يكن غيرهم في مرتبتهم، كما لو ترك الميت أختاً لأُم وعماً لأب، فالمال كله لها دونه؛ لأنّه مرتبة ثالثة وهي مرتبة ثانية.

وأيضاً لا يرد الإمامية على الأُم مع وجود ما يحجبها عما زاد عن السدس، فلو كان للميت بنت وأبوان، وأخوة يحجبونها عن الثلث، فالباقي يُرد على الأب والبنت فقط، وإذا لم يوجد ما يحجبها رُد الباقي على الأب والبنت والأُم على حسب سهامهم.

ويأتي في ميراث الزوجين أنّ الإمامية يردّون على الزوج دون الزوجة إذا لم يكن وارث غيرهما.

٥٢٧

الحمل وولد الملاعنة والزنا

الحمل:

إذا مات وامراته حامل، فإن أمكن وقف الأمر إلى أن يتبين فهو، وإلاّ فيوقف للحمل شيء، واختلفوا في مقدار ما يوقف، قال الحنفية: (يوقف للحمل حظ ابن واحد؛ لأنّه الغالب والزائد موهوم). (كشف الحقائق في شرح كنز الدقائق ج٢ باب الفرائض في فقه الحنفية).

وفي كتاب (الميراث في الشريعة الإسلامية) لمعوض محمد مصطفى ومحمد محمد سعفان نقلاً عن كتاب (سراجية) إنّ مالكا ًوالشافعي قالا: يوقف نصيب أربعة بنين وأربع بنات.

ومن الطريف ما جاء في ج٦ من كتاب (المغني) طبعة ثالثة ص٣١٤.

(حكي عن المارديني أنّ يمنياً من أهل الدين والفضل أخبره أنّ امرأة وُلِدَت باليمن شيئاً كالكرش، فظُنّ أن لا ولد فيه، فأُلقي على قارعة الطريق، فلمّا طلعت الشمس وحمي بها تحرك فشقّ فخرج منه سبعة أولاد ذكور، عاشوا جميعاً، وكانوا خلقاً سوياً، إلاّ أنّه كان

٥٢٨

في أعضائهم قصر، قال اليمني الفاضل: وصارعني أحدهم فصرعني، فكنتُ أُعيَّر به، ويقول لي الناس: صرعكَ سبع رجل).

وقال الإمامية: يوقف نصيب ذكرين من باب الاحتياط، ويُعطى أصحاب الفروض كالزوج والزوجة أقلّ النصيبين.

وإنّما يرث الحمل بشرط سقوطه حياً(١) ، وبأن تأتي به لأقلّ من ستة أشهر، بل ولو لستة أشهر إذا جامع ومات بعد الجماع بلا فاصل، وأن لا يتجاوز أقصى مدة الحمل بعد الوفاة على اختلاف المذاهب في هذه المدة كما ذكرناها في كتاب الزواج والطلاق، فلو ولدته بعد أن مضى على الوفاة أكثر من أقصى مدة الحمل فلا يرث بالاتفاق.

ولد الملاعنة:

اتفقوا على أنّه لا توارث بين الزوجين المتلاعنين، ولا بين ولد الملاعنة وأبيه، ومَن يتقرب بالولد من جهة الأب، وعلى أنّ التوارث يتحقق بين الولد وأُمه ومن يتقرب بها، ويتساوى في ميراثه مَن يتقرب بأبويه ومَن يتقرب بأُمه فقط، فأخوته لأبيه وأخوته لأُمه سواء.

وقال الإمامية: لو رجع الأب واعترف بالابن بعد الملاعنة ورث الابن من الأب، ولا يرث الأب من الابن.

ولد الزنا:

اتفق الأربعة على أنّ ولد الزنا كولد الملاعنة في كل ما ذُكر من

____________________

(١) اختلفوا فيما تتحقق به الحياة: هل هو الاستهلاك أو الحركة أو الصراخ أو الرضاع؟ والمهم إثبات الحياة كيف كان، فلو ثبت أنّه خُلِق مغمياً عليه وأنّ الحياة كانت فيه مستقرة يرث بلا شك.

٥٢٩

عدم التوارث بينه وبين أبيه، وعلى ثبوت التوارث بينه وبين أُمه. (المغني ج٦ باب الفرائض).

وقال الإمامية: لا توارث بين ولد الزنا وأُمه الزانية، كما لا توارث بينه وبين أبيه الزاني؛ لأنّ السبب في كل منهما واحد وهو الزنا.

٥٣٠

زواج المريض وطلاقه

قال الحنفية والشافعية والحنابلة: الزواج في المرض كالزواج في حالة الصحة من جهة تورّث كل من صاحبه، سواء أدخل الزوج أو لم يدخل. والمراد بالمريض هنا مرض الموت.

وقال المالكية: إذا جرى عقد الزواج في حالة مرض الرجل أو المرأة فالزواج يكون فاسداً إلاّ أن يدخل الزوج. (المغني باب الفرائض).

وقال الإمامية: إذا تزوج في مرض الموت، ومات قبل أن يدخل فلا مهر ولا ميراث له منها، بل لا ميراث له منها لو ماتت هي قبله من دون دخول، ثمّ مات هو بعدها في ذلك المرض (الجواهر باب الميراث). وإذا تزوجت المرأة وهي في مرض الموت فحُكمها حكم الصحيحة من جهة توريث الزوج منها.

واتفقوا على أنّ المريض إذا طلّق زوجته ومات قبل أن تنقضي العدة فإنّها ترثه، سواء أكان الطلاق رجعياً أو بائناً(١) ، ولا ترث بالاتفاق إذا مات بعد انقضاء عدتها وزواجها من الغير، واختلفوا إذا كان الموت بعد انقضاء العدة وقبل التزويج من الغير، قال المالكية والحنابلة:

____________________

(١) هذا قول الشافعي في القديم، وقال في الجديد: ترث الرجعية في العدة دون البائنة.

٥٣١

ترثه مهما طال الزمن.

وقال الحنفية والشافعية: إذا انقضت عدتها تصبح أجنبية لا يحق لها شيء من الميراث. (المغني باب الفرائض).

وهذا القول موافق للقواعد والأصول؛ لانقطاع العلاقة الزوجية بانقضاء العدة؛ لأنّها تباح للأزواج الأجانب، وكل مَن تباح للأزواج فلا ترث ممّن كان بينها وبينه زوجية سابقة، وهذا الأصل لا يخرج عنه إلاّ بآية منزلة أو رواية مثبتة.

وقال الإمامية: إذا طلّق الرجل زوجته في مرض موته طلاقاً رجعياً أو بائناً كالمطلّقة ثلاثاً، وكغير المدخول بها والآيسة، ثمّ مات قبل أن تمضي سنة على تاريخ وقوع الطلاق، فإنّها ترثه بشروط ثلاثة:

١ - أن يكون الموت مستنداً إلى المرض الذي طلّقها فيه.

٢ - أن لا تتزوج.

٣ - أن لا يكون الطلاق بطلب منها، واستدلوا على ذلك بروايات عن أهل البيت.

٥٣٢

ميراث الاب

لميراث الأب حالات:

١ - اتفقوا على أنّ الأب إذا انفرد عن الأُم والأولاد وأولادهم، وعن الجدات وأحد الزوجين حاز المال كله، ولكن يحوزه بالقرابة عند الإمامية، وبالتعصيب عند السنّة، أي أنّ الخلاف بينهم في تسمية السبب الموجب للإرث لا في أصل الإرث ومقدار الميراث.

٢ - إذا كان معه أحد الزوجين أخذ نصيبه الأعلى، والباقي للأب بالاتفاق.

٣ - إذا كان معه ابن أو بنون أو بنون وبنات، أو ابن ابن وإن نزل، يأخذ الأب السدس، والباقي للآخر أو للآخرين بالاتفاق.

٤ - إذا كان معه بنت واحدة، فله السدس بالفرض ولها النصف كذلك، ويبقى الثلث يُردّ عليه بالتعصيب عند أهل السنّة، فيكون النصف لها فرضاً والنصف الآخر فرضاً ورداً. والأب يحجب الأجداد والإخوة والأخوات من سائر الجهات، لأبوين كانوا أم لأب أو لأُم.

وقال الإمامية: يُردّ الباقي على الأب والبنت معاً لا على الأب فقط،

٥٣٣

وتكون الفريضة من أربعة، واحد منها للأب، وثلاثة للبنت؛ لأنّ كل موضع من مواضع الرد كان الوارث فيه اثنين من ذوي الفروض فالرد أرباعاً، وإن كان الورثة فيه ثلاثاً فالرد فيه أخماساً. (مفتاح الكرامة مجلد ٢٨ ص١١٥).

٥ - إذا كان معه بنتان فأكثر، فللبنات الثلثان وله الثلث عند أهل السنّة.

وقال الإمامية: للأب الخمس، وللبنات أربعة أخماس؛ لأنّ السدس الباقي عن فرضه وفرضهن يُردّ على الجميع، لا على الأب وحده، كما تقدّم في الفقرة السابقة.

٦ - أن يكون معه جدة لأُم - أي أُم أُم - فإنّها تأخذ السدس، ويأخذ هو الباقي؛ لأنّ هذه الجدة عند أهل السنّة لا تحجب بالأب. (الإقناع في حل ألفاظ أبي شجاع ج٢ باب الفرائض).

وقال الإمامية: المال كله للأب، وليس للجدة شيء من أيّة جهة كانت؛ لأنّها من المرتبة الثانية، وهو من الأُولى.

٧ - إذا كان معه أُم، تأخذ الثلث إذا لم تحجب عنه باثنين من الإخوة أو الأخوات عند أهل السنّة، و بأخوين أو أخ وأختين أو أربع أخوات عند الإمامية كما قدّمنا في الكلام عن الحجب، والباقي يأخذ الأب، وإن حُجِبت بالإخوة تأخذ السدس والباقي للأب إجماعاً.

ويتجه هذا السؤال: لماذا لم يرد الإمامية الباقي على الأُم والأب، كما فعلوا في اجتماع الأب والبنت؟

والجواب: إنّ كلاً من الأب والبنت من أصحاب الفروض عند اجتماعهما - وإذا اجتمع ذوو الفروض - أخذ كل ذي فرض فرضه، وما بقي يُردّ على كل حسب فرضه ونصيبه، وفي صورة اجتماع الأب مع الأُم - كما فيما نحن فيه - لا يرث الأب بالفرض لعدم الولد، وإرثه كان بالقرابة، أمّا الأُم فإنّها ترث بالفرض، وكلّما اجتمع ذو فرض مع غيره كان

٥٣٤

الباقي للآخر غير ذي الفرض. (المسالك ج٢ باب الميراث).

٨ - إذا كان معه ابن بنت، يأخذ الأب كل التركة، ولا شيء لابن البنت عند الأربعة؛ لأنّه من ذوي الأرحام.

وقال الإمامية: للأب السدس بالفرض، ولابن البنت نصيب والدته النصف، ويُردّ الباقي عليهما معاً، تماماً كمسألة اجتماعه مع البنت التي أشرنا إليها في الفقرة الرابعة.

٥٣٥

ميراث الأُم

لميراث الأُم حالات:

١ - قال الإمامية: تحوز الأُم الميراث كله إذا لم يكن معها أب، ولا أولاد ولا أولادهم، ولا أحد الزوجين.

وقالت بقية المذاهب: لا تأخذ الأُم جميع المال إلاّ عند فقد جميع أصحاب الفروض والعصبات، أي لا أب وجد لأب، ولا أولاد وأولادهم، ولا أخوة وأخوات وأولادهم، ولا أجداد، ولا أعمام وأولادهم، أمّا الجدّات فلا يمنعها من حيازة جميع التركة؛ لأنّهنّ جميعاً يسقطن بها، كما يسقط الأجداد بالأب، وكذا الأخوال والخالات لا يمنعن الأُم من حيازة التركة؛ لأنّهم يدلون بها، ومن أدلى بغيره حجب به(١) .

٢ - الصورة الأُولى بحالها مع وجود أحد الزوجين، فيأخذ نصيبه الأعلى، وما بقي للأُم.

____________________

(١) إنّ قاعدة مَن أدلى بغيره حجب به مسلّمة عند الإمامية، واستثنى أهل السنّة من هذه القاعدة الإخوة لأُم فإنّهم يرثون معها مع أنّهم يدلون بها، وقال الحنابلة بتوريث الجدة لأب مع الأب، أي مع ابنها. (المغني ج٦ ص٢١١ طبعة ثالثة).

٥٣٦

٣ - إذا كان معها ابن أو بنون أو بنون وبنات، أو ابن ابن وإن نزل، تأخذ السدس والباقي للآخر أو للآخرين بالاتفاق(١) .

٤ - إذا كان معها بنت واحدة دون غيرها من العصبات كالجد لأب والإخوة والأعمام، ودون أصحاب الفروض كالأخوات وأحد الزوجين تأخذ الأُم السدس بالفرض، وتأخذ البنت النصف كذلك، والباقي يُردّ عليها عند الإمامية والحنفية والحنابلة، وتكون الفريضة من أربعة الربع للأُم، وثلاثة أرباع للبنت.

وقال الشافعية والمالكية: يُردّ الباقي لبيت المال، وجاء في كتاب. (الإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع ج٢): إنّ بيت المال إذا لم يُنظّم، كما لو كان الإمام غير عادل يُردّ الباقي على أصحاب الفروض بنسبة سهامهم.

٥ - أن يكون معها بنتان دون غيرهما من ذوي الفروض والعصبات، كما هي الحال في الفقرة السابقة، والأقول هنا هي الأقوال هناك، سوى أنّ الفريضة هنا تكون من خمسة، للأُم منها الخمس، وأربعة أخماس للبنتين.

٦ - أن يكون معها أب، وتقدّم الكلام عن ذلك في الفقرة السابعة من ميراث الأب.

٧ - أن يكون معها جد لأب عند فقد الأب، قال الأربعة: يقوم الجد مقام الأب، والحكم فيها واحد.

وقال الإمامية: المال كله للأُم ولا شيء للجد؛ لأنّه من المرتبة الثانية وهي من الأُولى.

____________________

(١) عند السنّة تأخذ الأُم السدس إذا كان للميت أولاد للصُلب، أو أولاد ابن وإن سفل، أمّا أولاد البنت فوجودهم وعدمهم سواء لا يحجبون الأُم عمّا زاد عن السدس، وأولاد البنت عند الإمامية كأولاد الصُلب، فبنت البنت تُعتبر ولداً تحجب الأُم عمّا زاد عن السدس، تماماً كالابن دون فرق.

٥٣٧

ولا ترث الجدات مع الأُم، سواء أكان لأب أم لأُم، وكذا الجد لأُم لا يرث مع الأُم إجماعاً. لا يرث مع الأب أحد من الأجداد والجدات إلاّ أب الأب، ولا يرث مع الأب أحد منهم ومنهن إلاّ أُم الأُم عند أهل السنّة، أمّا الإمامية فلا يَشركون أحداً من الأجداد والجدات مع الأُم ولا مع الأب.

٨ - إذ كان معها أخ لأبوين أو لأب أخذت الأُم الثلث بالفرض وبالباقي للأخ بالتعصيب - عند أهل السنّة - وإذا كان معها اثنان من الإخوة أو الأخوات للميت لأبوين أو لأب أو لأُم(١) أخذت السدس، والباقي للأخوة؛ لأنّها تحجب بهم عمّا زاد عن السدس، وعند الإمامية تأخذ المال كله فرضاً ورداً ولا شيء للأخوة.

٩ - إذا كان معها أخت أو أختان لأبوين أو لأب، فكما لو كان معها بنت أو بنتان على ما تقدّم في الفقرة الرابعة والخامسة.

١٠ - إذا كان معها واحد من الإخوة أو الأخوات لأُم دون غيره من ذوي الفروض والعصبات، أخذ الواحد من قرابة الأُم السدس بالفرض، وأخذت الأُم الثلث كذلك، والباقي يُردّ على كلٍ حسب فرضه، وإذا كان معها اثنان أو أكثر من الإخوة والأخوات لأُم أخذوا الثلث فرضاً، وأخذت الأُم الثلث كذلك، والباقي يُردّ عليهما معاً؛ لأنّ ما يفضل عن صاحب الفروض يُردّ عليهم على قدر سهامهم عند الحنفية والحنابلة، ويُعطى لبيت المال عند الشافعية والمالكية، وعند الإمامية تحوز المال كله.

١١ - إذا كان معها أخت لأبوين وأخت لأب، فللأُم الثلث، وللأخت لأبوين النصف، وللأخت لأب فقط السدس تكملة الثلثين، أي ليصبح سدسها ونصف أختها ثلثين، وعند الإمامية المال كله للأُم.

____________________

(١) كشف الحقائق شرح كنز الدقائق ج٢، والإقناع في حلّ ألفاظ أبي شجاع ج٢ باب الفرائض.

٥٣٨

١٢ - إنّ اجتماع العمومة لأبوين أو لأب معها، كاجتماع الإخوة لأبوين أو لأب معها من حيث التوريث ومقدار الأنصبة عند أهل السنّة.

١٣ - إذا كان معها عم لابن وأخت لأُم، أخذت الأُم الثلث، والأخت السدس، والباقي للعم، فالعم الذي هو من المرتبة الثالثة عند الإمامية يجتمع مع الأخت التي هي من المرتبة الثانية ومع الأُم التي هي من المرتبة الأُولى. وعند الإمامية المال كله للأُم.

١٤ - إذ كان معها زوج، وأخوة لأُم فقط، وأخوة لأب وأُم، وتُسمّى هذه المسألة: المسألة الحمارية؛ لأنّ عمر ورث الإخوة لأُم، وأسقط الإخوة لأبوين من الميراث، فقال بعضهم: يا أمير المؤمنين، هب أنّ أبانا كان حماراً. فعاد عمر، وأشركهم في الميراث.

قال الحنفية والحنابلة: يأخذ الزوج النصف، والأُم السدس، والإخوة من الأُم الثلث، ولا شيء للأخوة من الأبوين؛ لأنّهم عصبة، وقد تمّ المال بالفروض، أي أخذ كل ذي فرض فرضه، ولم يبقَ للعصبة شيء.

وقال المالكية والشافعية: إنّ الثلث يكون للأخوة لأبوين، والإخوة لأُم يقتسمونه بينهم للذكر مثل حظ الأُنثيين. (المغني ج٦ ص١٨٠ طبعة ثالثة).

وقال الإمامية: المال كله للأُم.

١٥ - إذا كان معها بنت بنت فقط، للأُم الثلث فرضاً والباقي رداً، ولا شيء لبنت البنت عند أهل السنّة.

وقال الإمامية: إنّ حال الأُم مع بنت البنت كحالها مع البنت على ما مرّ في الفقرة الرابعة.

هل تأخذ الأُم ثلث الباقي؟

قال أهل السنّة: إذا كان مع الأُم أب وأحد الزوجين تأخذ الأُم

٥٣٩

ثلث الباقي عن سهم أحد الزوجين، لا ثلث أصل المال؛ وعللوا ذلك - كما في المغني - بأنّه لو أخذت ثلث الأصل لزاد سهمها على سهم الأب. وقال الشيخ أبو زهرة في (ميراث الجعفرية): (إنّ أخذَ الأب نصف نصيب الأُم بعيدٌ عن مرمى الآية)، يريد بذلك أنّه بناء على أنّ للأُم ثلث الأصل لا ثلث الباقي يكون لها ٨ من ٢٤، وللزوج ١٢، وللأب ٤، وهو نصف سهم الأُم، وبعيد أن تريده الآية، أمّا إذا أخذت الأُم ثلث الباقي فيكون لها ٤ من ٢٤، وللأب ٨ من٢٤ وهو ضعف سهم الأُم، وهذا قريب وممكن أن تريده الآية.

وقال صاحب كشف الحقائق: إذا كان مكان الأب جد فإنّ الجد لا يردّها إلى ثلث الباقي، بل تأخذ الأُم ثلث الأصل، وعلى هذا تنحصر هذه المسألة في خصوص ما لو كان مع الأُم أب وأحد الزوجين فقط، ولا تشمل غيرها من المسائل.

وقال الإمامية: إنّ للأُم ثلث الأصل لا ثلث الباقي، سواء أكان معها أحد الزوجين أم لم يكن، لأنّ الآية الكريمة( فَِلأَمِّهِ الثُّلُثُ ) تدلّ بظاهرها على ثلث جميع ما ترك الميت، ولم تقيِّد ذلك بعدم وجود أحد الزوجين، والأحكام الشرعية لا تصاب بالعقول، ولا تُبنى على مجرد الاستبعاد.

٥٤٠