الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ٣

الدروس الشرعية في فقه الامامية19%

الدروس الشرعية في فقه الامامية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 416

الجزء ١ الجزء ٢ الجزء ٣
  • البداية
  • السابق
  • 416 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 95385 / تحميل: 4875
الحجم الحجم الحجم
الدروس الشرعية في فقه الامامية

الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ٣

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

أي فئتين من المؤمنين وقع القتال بينهما، وأنّه لا ينبغي لأحد أن يفضّل أي فئة منهما على الأُخرى، حتّى لا تحدث فتنة. (1)

2 - حرّمت الإباضيّة الزواج بين من ربطت بينهما علاقة إثم، وقد كانوا في تحريمهم لهذا الزواج يستندون إلى روح الإسلام الّذي يحارب الفاحشة. (2) وقد انفردوا به من بين سائر المذاهب.

3 - منعت الإباضيّة المسلم من إراقة ماء الوجه والتعرّض لمذلّة السؤال؛ فإذا هانت عليه كرامته، وذهب يسأل الناس الزكاة، حَرُم منها عقاباً له على هذا الهوان، وتعويداً له على الاستغناء عن الناس، والاعتماد على الكفاح. (3)

مؤسّس المذهب الإباضي ودعاته في العصور الأُولى:

قد تعرّفت على عقائد الإباضيّة، فحان البحث عن أئمّتهم ودعاتهم في العصور الأُولى.

1 - عبد الله بن إباض، مؤسّس المذهب:

هو عبد الله بن إباض، المقاعسي، المري، التميمي، ابن عبيد، ابن مقاعس، من دعاة الإباضيّة، بل هو مؤسّس المذهب.

____________________

(1) انظر: الإباضيّة في مصر والمغرب: 61.

(2) الإباضيّة في موكب التاريخ: 111 - 112.

(3) الإباضيّة في موكب التاريخ: 116.

١٤١

قد اشتهرت هذه الفِرقة بالإباضيّة من أوّل يوم، وهذا يدلُّ على أنّه كان لعبد الله بن إباض، دور في نشوء هذه الفِرقة وازدهارها.

2 - جابر بن زيد العماني، الأزدي:

جابر بن زيد، أبو الشعثاء، الأزدي، اليحمدي، البصري، مشهور بكنيته، فقيه الإباضيّة، مات سنة 93هـ، ويقال: مائة. يروي عن عبد الله بن عبّاس.

3 - أبو عبيدة، مسلم بن أبي كريمة (المتوفّى حوالي 158هـ):

مسلم بن أبي كريمة التميمي، توفّي في ولاية أبي جعفر المنصور المتوفّى سنة 158هـ، قال عنه ابن الجوزي: مجهول.

أخذ العلم عن جابر بن عبد الله، وجابر بن زيد، وضمار السعيدي، وجعفر السمّاك وغيرهم.

حمل العلم عنه الربيع بن حبيب الفراهيدي؛ صاحب المسند، وأبو الخطّاب المعافري، وعبد الرحمن بن رستم، وعاصم السدراتي، وغيرهم.

4 - أبو عمرو، ربيع بن حبيب الفراهيدي:

هو من أئمّة الإباضيّة، وهو صاحب المسند المطبوع، ولم نجد له ترجمة وافية في كتب الرجال لأهل السنّة، ويُعدّ في طليعة الجامعين للحديث والمصنّفين فيه.

١٤٢

5 - أبو يحيى عبد الله بن يحيى الكندي:

عبد الله بن يحيى بن عمر الكندي، من حضرموت، وكان قاضياً لإبراهيم بن جبلة؛ عامل القاسم بن عمر على حضرموت، وهو عامل مروان على اليمن، خرج بحضرموت والتفَّ حوله جماعة عام 128هـ، وبسط سيطرته على عُمان واليمن والحجاز، وفي عام 130هـ جهّز مروان بن محمد جيشاً بقيادة عبد الملك بن محمد بن عطيّة السعدي، فكانت بينهم حرب عظيمة، قُتل فيها عبد الله بن يحيى وأكثر من معه من الإباضيّة، ولحق بقيّة الخوارج ببلاد حضرموت.

دول الإباضيّة:

قد قام باسم الإباضيّة، عدد من الدول في أربعة مواضع من البلاد الإسلاميّة:

1 - دولة في عُمان، استقلّت عن الدولة العباسيّة في عهد أبي العباس السفّاح، سنة 132هـ، ولا تزال إلى اليوم.

2 - دولة في ليبيا، سنة 140هـ، ولم تعمّر طويلاً؛ فقد انتهت بعد ثلاث سنوات.

3 - دولة في الجزائر، قامت سنة 160هـ، وبقيت إلى حوالي 190هـ، ثُمَّ قضت عليها الدولة العبيديّة.

١٤٣

4 - دولة قامت في الأندلس، ولا سيّما في جزيرتي ميورقة ومينورقة، وقد انتهت يوم انتهت الأندلس.

هذه هي الإباضيّة، وهذا ماضيهم وحاضرهم، وقد قدّمنا إليك صورة موجزة من تاريخهم ونشأتهم وشخصيّاتهم وعقائدهم.

١٤٤

13

الشِّيعة الإماميّة

الشّيعة لغة واصطلاحاً:

الشيعة لغة هم: الجماعة المتعاونون على أمر واحد في قضاياهم، يقال تشايع القوم إذا تعاونوا، وربّما يطلق على مطلق التابع، قال سبحانه: ( فَاسْتَغَاثَهُ الّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الّذِي مِنْ عَدُوّه ) (1) ، وقال تعالى: ( وَإِنّ مِن شِيعَتِهِ لَإِبْرَاهِيمَ * إِذْ جَاءَ رَبّهُ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ ) (2) .

وأمّا اصطلاحاً، فلها إطلاقات عديدة، بملاكات مختلفة:

1 - الشيعة: من أحبَّ عليّاً وأولاده باعتبارهم أهل بيت النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) الّذين فرض الله سبحانه مودّتهم، قال عزَّ وجلَّ: ( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) (3) . والشّيعة بهذا المعنى تعمّ كلّ المسلمين، إلاّ النواصب؛ بشهادة أنّهم يصلّون على نبيّهم وآله في صلواتهم وأدعيتهم، ويتلون الآيات النازلة في حقّهم صباحاً ومساءً، وهذا هو الإمام الشافعي يصفهم بقوله:

يـا أهل بيت رسول الله حبكم

فرض من الله في القرآن أنزله

____________________

(1) القصص: 15.

(2) الصافات: 83 - 84.

(3) الشورى: 23.

١٤٥

كـفاكم مـن عـظيم الشأن أنّكم

مَن لم يصلّ عليكم لا صلاة له (1)

2 - من يفضّل عليّاً على عثمان، أو على الخلفاء عامّة، مع اعتقاده بأنّه رابع الخلفاء، وإنّما يقدّم؛ لاستفاضة مناقبه وفضائله عن الرسول الأعظم، والّتي دوّنها أصحاب الحديث في صحاحهم ومسانيدهم.

3 - الشيعة من يشايع علياً وأولاده باعتبار أنّهم خلفاء الرسول وأئمة الناس بعده، نَصَبهم لهذا المقام بأمر من الله سبحانه، وذكر أسماءهم وخصوصيَّاتهم. والشيعة بهذا المعنى هو المبحوث عنه في المقام، وقد اشتُهر بأنّ عليّاً هو الوصيّ حتّى صار من ألقابه، وذكره الشعراء بهذا العنوان في قصائدهم، وهو يقول في بعض خطبه:

«لا يقاس بآل محمد من هذه الأُمّة أحد، ولا يسوّى بهم من جرت نعمتهم عليه أبداً، هم أساس الدين، وعماد اليقين، إليهم يفيء الغالي، وبهم يلحق التالي، ولهم خصائص حقِّ الولاية، وفيهم الوصيّة والوراثة». (2)

ومُجمل القول: إنّ هذا اللفظ يشمل كلَّ من قال إنّ قيادة الأُمّة لعليّ بعد الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وإنّه يقوم مقامه في كلِّ ما يمتُّ إليه، سوى النبوّة ونزول الوحي عليه، كلّ ذلك بتنصيص من الرسول.

وعلى ذلك، فالمقوّم للتشيّع، وركنه الرّكين، هو القول بالوصاية والقيادة، بجميع شؤونها، للإمام (عليه السّلام)، فالتشيّع هو الاعتقاد بذلك، وأمّا ما سوى ذلك، فليس مقوّماً لمفهوم التشيّع، ولا يدور عليه إطلاق الشيعة.

____________________

(1) الصواعق: 148.

(2) نهج البلاغة: الخطبة 2.

١٤٦

الفصل الأوّل:

مبدأ التشيّع وتاريخ تكوّنه

زعم غير واحد من الكتّاب القدامى والجدد، أنّ التشيّع كسائر المذاهب الإسلاميّة، من إفرازات الصراعات السياسيّة، وذهب بعض آخر إلى القول إنّه نتيجة الجدال الكلامي والصراع الفكري، فأخذوا يبحثون عن تاريخ نشوئه وظهوره في الساحة الإسلاميّة، وكأنّهم يتلقّون التشيّع كظاهرة طارئة على المجتمع الإسلامي، ويظنّون أنّ القطاع الشيعي من جسم الأُمّة الإسلاميّة، باعتباره قطاعاً تكوّن على مرّ الزمن؛ لأحداث وتطورات سياسيّة أو اجتماعيّة أو فكريّة، أدَّت إلى تكوين ذلك المذهب كجزء من ذلك الجسم الكبير، ثُمَّ اتسع ذلك الجزء بالتدريج.

وبعد أن افترض هؤلاء أنّه أمر طارئ، أخذوا بالفحص والتفتيش عن علّته أو علله، فذهبوا في تعيين المبدأ إلى كونه ردّة فعل سياسيّة أو فكريّة، ولكنّهم لو كانوا عارفين أنّ التشيّع وُلِد منذ عهد النبيّ الأكرم (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؛ لَمَا تسرّعوا في إبداء الرأي في ذلك المجال، ولعلموا أنّ التشيّع والإسلام وجهان لعملة واحدة، وليس للتشيّع تاريخ ولا مبدأ، سوى تاريخ الإسلام ومبدئه، وانّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) هو الغارس لبذرة التشيّع في صميم الإسلام، من أوّل يوم أمَر بالصدع وإظهار الحقيقة، إلى أن لبىَّ دعوة ربه.

١٤٧

فالتشيّع ليس إلاّ عبارة عن استمرار قيادة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بعد وفاته، عن طريق من نصبه إماماً للناس وقائداً للأُمّة، حتّى يرشدها إلى النهج الصحيح والهدف المنشود، وكان هذا المبدأ أمراً ركّز عليه النبيّ في غير واحد من المواقف الحاسمة، فإذا كانّ التشيع متبلوراً في استمرار القيادة بالوصيّ، فلا نجد له تاريخاً سوى تاريخ الاسلام، والنصوص الواردة عن رسوله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم).

والشيعة هم المسلمون من المهاجرين والأنصار، ومن تبعهم بإحسان في الأجيال اللاحقة، هم الّذين بقوا على ما كانوا عليه في عصر الرسول في أمر القيادة، ولم يغيّروه، ولم يتعدّوا عنه إلى غيره، ولم يأخذوا بالمصالح المزعومة في مقابل النصوص، وصاروا بذلك المصداق الأبرز لقوله سبحانه: ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا لاَ تُقَدّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللّهِ وَرسُولِهِ وَاتّقُوا اللّهَ إِنّ اللّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ) (1) .

ففزعوا في الأُصول والفروع إلى عليّ وعترته الطاهرة، وانحازوا عن الطائفة الأُخرى؛ الّذين لم يتعبدوا بنصوص الخلافة والولاية وزعامة العترة؛ حيث تركوا النصوص وأخذوا بالمصالح.

إنّ الآثار المرويّة في حق شيعة الإمام عن لسان النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ترفع اللّثام عن وجه الحقيقة، وتُعرب عن التفاف قسم من المهاجرين حول الوصيّ، فكانوا معروفين بشيعة عليّ في عصر الرسالة، وأنّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وصفهم في كلماته بأنّهم هم الفائزون، وإن كنت في شك من هذا الأمر، فسأتلو عليك بعض ما ورد من النصوص في المقام.

____________________

(1) الحجرات: 1.

١٤٨

1 - أخرج ابن مردويه، عن عائشة، قالت: قلت: يا رسول الله من أكرم الخلق على الله؟، قال: يا عائشة، أما تقرأين ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) (1) . (2)

2 - أخرج ابن عساكر، عن جابر بن عبد الله، قال: كنّا عند النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فأقبل عليّ، فقال النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «والّذي نفسي بيده، إنّ هذا وشيعته لهم الفائزون يوم القيامة»، ونزلت: ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) ، فكان أصحاب النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، إذا أقبل عليّ قالوا: جاء خير البريّة. (3)

3 - أخرج ابن عدي، عن ابن عبّاس، قال: لمّا نزلت ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) لعلي: «هو أنت وشيعتك يوم القيامة، راضين مرضيّين». (4)

4 - أخرج ابن مردويه، عن عليّ، قال: قال لي رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «ألم تسمع قول الله: ( إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيّةِ ) أنت وشيعتك، وموعدي وموعدكم الحوض، إذا جاءت الأُمم للحساب تدعون غرّاً محج<لين». (5)

5 - روى ابن حجر في صواعقه، عن أُم سلمة: كانت ليلتي، وكان النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) عندي، فأتته فاطمة، فتبعها عليّ (رضي الله عنه)، فقال النبيّ: «يا عليّ أنت وأصحابك في الجنّة، أنت وشيعتك في الجنة». (6)

____________________

(1) البينة: 7.

(2 و3 و4 و5) الدر المنثور: 6/589.

(6) الصواعق: 161.

١٤٩

6 - روى أحمد في المناقب: إنّه (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) قال لعليّ: «أمَا ترضى أنّك معي في الجنّة، والحسن والحسين وذريّتنا خلف ظهورنا، وأزواجنا خلف ذريّتنا، وشيعتنا عن أيماننا وشمائلنا». (1)

7 - أخرج الديلمي: (يا عليّ، إنّ الله قد غفر لك ولذريّتك ولولدك ولأهلك ولشيعتك، فابشر إنّك الأنزع البطين). (2)

8 - روى المغازلي بسنده عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «يدخلون من أُمّتي الجنة سبعون ألفاً لا حساب عليهم»، ثُمَّ التفت إلى عليّ، فقال: «هم شيعتك وأنت أمامهم». (3)

إلى غير ذلك من الروايات الّتي تُعرب عن أنّ عليّاً (عليه السّلام) كان متميّزاً بين أصحاب النبيّ؛ بأنّ له شيعة وأتباعاً، ولهم مواصفات وسمات كانوا مشهورين بها، في حياة النبيّ وبعدها.

الشيعة في كلمات المؤرّخين وأصحاب الفِرق:

قد غلب استعمال الشيعة بعد عصر الرسول، تبعاً له فيمن يوالي عليّاً وأهل بيته، ويعتقد بإمامته ووصايته، ويَظهر ذلك من خلال كلمات المؤرّخين وأصحاب المقالات؛ نشير إلى بعضها:

1 - روى المسعودي في حوادث وفاة النبيّ: إنّ الإمام عليّاً أقام ومن

____________________

(1) الصواعق: 161.

(2) المصدر نفسه.

(3) مناقب المغازلي: 293.

١٥٠

معه من شيعته في منزله، بعد أن تمّت البيعة لأبي بكر. (1)

2 - وقال النوبختي (المتوفّى 313هـ): إنّ أوّل الفِرق، الشيعة؛ وهم فِرقة عليّ بن أبي طالب، المسمّون شيعة عليّ في زمان النبيّ وبعده، معروفون بانقطاعهم إليه، والقول بإمامته. (2)

3 - وقال أبو الحسن الأشعري: وإنّما قيل لهم: الشيعة، لأنّهم شايعوا عليّاً، ويقدّمونه على سائر أصحاب رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم). (3)

4 - ويقول الشهرستاني: الشيعة هم الّذين شايعوا عليّاً في الخصوص، وقالوا بإمامته وخلافته نصّاً ووصيّةً. (4)

5 - وقال ابن حزم: ومن وافق الشيعة في أنّ عليّاً أفضل الناس بعد رسول الله وأحقّهم بالإمامة، وولْده من بعده. (5)

هذا غيض من فيض، وقليل من كثير، ممّا جاء في كلمات المؤرّخين وأصحاب المقالات، تُعرب عن أنّ لفيفاً من الأُمّة في حياة الرسول وبعده، إلى عصر الخلفاء وبعدهم، كانوا مشهورين بالتشيّع لعليّ، وأنّ لفظة الشيعة ممّا نطق بها الرسول وتبعته الأُمّة عليه.

____________________

(1) الوصيّة: 121.

(2) فِرق الشيعة: 15.

(3) مقالات الإسلاميّين: 1/65.

(4) الملِل والنحل: 1/131.

(5) الفصل في الملِل والنحل: 2/113.

١٥١

رواد التشيع في عصر النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم):

وإليك أسماء لفيف من الصحابة الشيعة المعروفين بالتشيّع:

1 - عبد الله بن عبّاس. 2 - الفضل بن العبّاس. 3 - عبيد الله بن العبّاس. 4 - قثم بن العبّاس. 5 - عبد الرحمن بن العبّاس. 6 - تمام بن العبّاس. 7 - عقيل بن أبي طالب. 8 - أبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب. 9 - نوفل بن الحرث. 10 - عبد الله بن جعفر بن أبي طالب. 11 - عون بن جعفر. 12 - محمد بن جعفر. 13 - ربيعة بن الحرث بن عبد المُطّلب. 14 - الطفيل بن الحرث. 15 - المغيرة بن نوفل بن الحارث. 16 - عبد الله بن الحرث بن نوفل. 17 - عبد الله بن أبي سفيان بن الحرث. 18 - العبّاس بن ربيعة بن الحرث. 19 - العبّاس بن عُتبة بن أبي لهب. 20 - عبد المُطّلب بن ربيعة بن الحرث. 21 - جعفر بن أبي سفيان بن الحرث.

هؤلاء من مشاهير بني هاشم، وأمّا غيرهم، فإليك أسماء لفيف منهم:

22 - سلمان المحمّدي. 23 - المقداد بن الأسود الكندي. 24 - أبوذر الغفاري. 25 - عمّار بن ياسر. 26 - حذيفة بن اليمان. 27 - خزيمة بن ثابت. 28 - أبو أيّوب الأنصاري. 29 - أبو الهيثم مالك بن التيهان. 30 - أُبي بن كعب. 31 - سعد بن عبادة. 32 - قيس بن سعد بن عبادة. 33 - عدي بن حاتم. 34 - عبادة بن الصامت. 35 - بلال بن رباح الحبشي. 36 - أبو رافع مولى رسول الله. 37 - هاشم بن عتبة. 38 - عثمان بن حُنيف. 39 - سهل بن حُنيف. 40 - حكيم بن جبلة العبدي. 41 - خالد بن سعيد بن العاص. 42 - أبو الحصيب الأسلمي. 43 - هند بن أبي هالة

١٥٢

التميمي. 44 - جعدة بن هبيرة. 45 - حجر بن عدي الكندي. 46 - عمرو بن الحمق الخزاعي. 47 - جابر بن عبد الله الأنصاري. 48 - محمّد بن أبي بكر. 49 - أبان بن سعيد بن العاص. 50 - زيد بن صوحان الزيدي.

هؤلاء خمسون صحابيّاً من الطبقة العليا للشيعة، فمن أراد التفصيل والوقوف على حياتهم وتشيّعهم، فليرجع إلى الكتب المؤلَّفة في الرجال.

١٥٣

الفصل الثاني:

شبهات حول تاريخ الشيعة

قد تعرّفت على تاريخ التشيع، وأنّه ليس وليد الجدال الكلامي، ولا إنتاج السياسات الزمنيّة؛ وإنّما هو وجه آخر للإسلام، وهما وجهان لعملة واحدة، إلاّ أنّ هناك جماعة من المؤرّخين وكتّاب المقالات، ظنّوا أنّ التشيّع أمر حادث وطارئ على المجتمع الإسلامي، فأخذوا يفتّشون عن مبدئه ومصدره، وراحوا يثيرون الشبهات حول تاريخه، وإليك استعراض هذه الشبهات نقداً وتحليلاً.

الشبهة الأُولى:

الشيعة ويوم السقيفة

إنّ مأساة السقيفة جديرة بالقراءة والتحليل، وقد تخيّل لبعض المؤرخين أنّ التشيّع ظهر بعدها.

يقول الطبري: اجتمع الأنصار في سقيفة بني ساعدة؛ ليبايعوا سعد بن عبادة، فبلغ ذلك أبا بكر، فأتاهم ومعه عمر وأبو عبيدة بن الجراح، فقال: ما هذا؟، فقالوا: منّا أمير ومنكم أمير، فقال أبو بكر: منّا الأمراء ومنكم الوزراء - إلى أن

١٥٤

قال: - فبايعه عمر، وبايعه الناس، فقالت الأنصار أو بعض الأنصار: لا نبايع إلاّ عليّاً، ثُمَّ قال: أتى عمر بن الخطاب منزل عليّ، وفيه طلحة والزّبير ورجال من المهاجرين، فقال: والله لأحرقنّ عليكم أو لتخرجنّ إلى البيعة، فخرج عليه الزبير مسلطاً بالسيف فعثر، فسقط السيف من يده، فوثبوا عليه فأخذوه.

وقال أيضاً: وتخلّف عليّ والزّبير، واخترط الزبير سيفه، وقال: لا أغمده حتّى يُبَايَع عليّ، فبلغ ذلك أبا بكر وعمر، فقالا: خذوا سيف الزبير. (1)

يُلاحظ عليه: أنّ هذه النصوص تدلّ على أنّ فكرة التشيّع لعليّ، كانت مختمرة في أذهانهم منذ عهد الرسول إلى وفاته، فلمّا رأت الجماعة أنّ الحق خرج عن محوره، عمدوا إلى التمسّك بالحق بالاجتماع في بيت عليّ، الّذي أوصّاهم النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) به طيلة حياته؛ إذ من البعيد جداً أن يجتمع رأيهم على عليّ في يوم واحد في ذلك اليوم العصيب، فالمعارضة كانت استمراراً لما كانوا يلتزمون به في حياة النبيّ، ولم تكن فكرة خلقتها الظروف والأحداث.

كان أبوذر وقت أخذ البيعة غائباً، ولمّا جاء، قال: أصبتم قناعة، وتركتم قرابة، لو جعلتم الأمر في أهل بيت نبيّكم، لَمَا اختلف عليكم اثنان. (2)

وقال سلمان: أصبتم ذا السن، وأخطأتم المعدن، أمّا لو جعلتموه فيهم، ما اختلف منكم اثنان، ولأكلتموها رغداً.

وروى الزبير بن بكار في الموفقيّات: إنّ عامّة المهاجرين، وجلّ الأنصار، كانوا لا يشكّون أنّ عليّاً هو صاحب الأمر.

____________________

(1) تاريخ الطبري: 2/443 - 444.

(2) تاريخ اليعقوبي: 2/103.

١٥٥

وروى الجوهري في كتاب السقيفة: إنّ سلمان والزبير وبعض الأنصار، كان هواهم أن يبايعوا عليّاً.

وروى أيضاً: إنّه لمّا بويع أبو بكر واستقرَّ أمره، ندم قوم كثير من الأنصار على بيعته، ولام بعضهم بعضاً، وهتفوا باسم الإمام عليّ، ولكنّه لم يوافقهم. (1)

ومن المستحيل عادة، اختمار تلك الفكرة بين هؤلاء، في يوم واحد، بل يُعرب ذلك عن وجود جذور لها، قبل رحلة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، ويؤكد ذلك نداءاته الّتي ذكرها في حق عليّ وعترته، في مواقف متعدّدة، فامتناع الصحابة عن بيعة الخليفةن ومطالبتهم بتسليم الأمر إلى عليّ؛ إنّما هو لأجل مشايعتهم لعليّ زمن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وما هذا إلاّ إخلاصاً و وفاءاً منهم للنبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وأين هو من تكوّن التشيع يوم السقيفة؟!

الشبهة الثانية:

التشيّع صنيع عبد الله بن سبأ

كتب الطبري في تاريخه يقول:

كان عبد الله بن سبأ يهوديّاً من أهل صنعاء، أُمّه سوداء، فأسلم زمان عثمان، ثُمَّ تنقّل في بلدان المسلمين يحاول إضلالهم، فبدأ بالحجاز، ثُمَّ البصرة، ثُمَّ الكوفة، ثُمَّ الشام، فلم يقدر على ما يريد عند أحد من أهل الشّام، فأخرجوه حتّى أتى

____________________

(1) شرح نهج البلاغة: 6/43 - 44.

١٥٦

مصر، فاعتمر فيهم، فقال لهم فيما يقول: لعجب ممّن يزعم أنّ عيسى يرجع، ويكذِّب بأنّ محمّداً يرجع، وقد قال الله عز وجل: ( إِنّ الّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادّكَ إِلَى‏ مَعَادٍ ) (1) ، فمحمّد أحق بالرجوع من عيسى، قال: فقُبل ذلك عنه، ووضع لهم الرجعة، فتكلّموا فيها، ثُمَّ قال لهم بعد ذلك: إنّه كان ألف نبيّ، ولكلّ نبيّ وصيّ، وكان عليّ وصيّ محمّد، ثُمَّ قال: محمّد خاتم الأنبياء، وعليّ خاتم الأوصياء، وإنّ عثمان غاصب حق هذا الوصيّ وظالمه، فيجب مناهضته لإرجاع الحق إلى أهله.

وقد بثّ عبد الله بن سبأ دُعاته في البلاد الإسلاميّة، وأشار عليهم أن يُظهروا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والطعن في الأُمراء، فمال إليه وتبعه على ذلك جماعات من المسلمين، فيهم الصحابي الكبير، والتابعي الصالح، من أمثال: أبي ذر، وعمّار بن ياسر، ومحمّد بن حذيفة، وعبد الرحمن بن عديس، ومحمّد بن أبي بكر، وصعصعة بن صوحان العبدي، ومالك الأشتر، إلى غيرهم من أبرار المسلمين وأخيارهم، فكانت السبئيّة تثير الناس على ولاتهم، تنفيذاً لخطة زعيمها، وتضع كتباً في عيوب الأمراءن وترسل إلى غير مصرهم من الأمصار، فنتج عن ذلك قيام جماعات من المسلمين؛ بتحريض السبئيّين، وقدومهم إلى المدينة، وحصرهم عثمان في داره؛ حتّى قتل فيها، كلّ ذلك كان بقيادة السبئيّين ومباشرتهم.

إنّ المسلمين بعدما بايعوا علياً، ونكث طلحة والزبير بيعتهما، وخرجا إلى البصرة، رأى السبئيّون أنّ رؤساء الجيشين أخذوا يتفاهمون، وأنّه إن تمّ ذلك

____________________

(1) القصص: 85.

١٥٧

سيؤخذون بدم عثمان، فاجتمعوا ليلاً وقرروا أن يندسّوا بين الجيشين، ويثيروا الحرب بكرة، دون علم غيرهم، وإنّهم استطاعوا أن ينفّذوا هذا القرار الخطير في غلس الليل، قبل أن ينتبه الجيشان المتقاتلان، فناوش المندسّون من السبئيّين في جيش عليّ، من كان بإزائهم من جيش البصرة، ففزع الجيشان وفزع رؤساؤهما، وظنّ كلّ بخصمه شرّاً، ثُمَّ إنّ حرب البصرة وقعت بهذا الطريق، دون أن يكون لرؤساء الجيشين رأي أو علم. (1)

إلى هنا انتهت قصة السبئيّة؛ الّتي ذكرها الطبري في تاريخه.

نظرنا في الموضوع:

1 - إنّ ما جاء في تاريخ الطبري من القصة، لا يصحّ نسبته إلاّ إلى عفاريت الأساطير ومردة الجن؛ إذ كيف يصحّ لإنسان أن يصدّق أنّ يهوديّاً جاء من صنعاء، وأسلم في عصر عثمان، استطاع أنّ يُغري كبار الصحابة والتابعين ويخدعهم، ويطوف بين البلاد، واستطاع أن يكوّن خلايا ضدَّ عثمان، ويستقدمهم إلى المدينة، ويؤلّبهم على الخلافة الإسلاميّة، فيهاجموا داره ويقتلوه، بمرأى ومسمع من الصحابة العدول ومن تبعهم بإحسان، هذا شيء لا يحتمله العقل، وإن وطّن على قبول العجائب والغرائب!!

إنّ هذه القصّة تمسّ كرامة المسلمين والصحابة والتابعين، وتصوّرهم أُمّه ساذجة؛ يغترّون بفكر يهوديٍّ وفيهم السادة والقادة والعلماء والمفكرون.

2 - إنّ القراءة الموضوعيّة للسيرة والتاريخ، تُوقفنا على سيرة عثمان بن

____________________

(1) انظر تاريخ الطبري: 3/378، نقل بتصرف وتلخيص.

١٥٨

عفّان، ومعاوية بن أبي سفيان، فإنّهما كانا يعاقبان المعارضين لهم، وينفون المخالفين ويضربونهم، فهذا أبوذر الغفاري نفاه عثمان من المدينة إلى الربذة؛ لاعتراضه عليه في تقسيم الفيء وبيت المال بين أبناء بيته، كما أنّ غلمانه ضربوا عمّار بن ياسر؛ حتّى أنفتق له فتق في بطنه، وكسروا ضلعاً من أضلاعه. إلى غير ذلك من مواقفهم من مخالفيهم ومعارضيهم، ومع ذلك نرى أنّ رجال الخلافة وعمالها، يغضّون الطرف عمّن يؤلّب الصحابة والتابعين على إخماد حكمهم، وقتل خليفتهم في عقر داره، ويجر الويل والويلات على كيانهم!!

3 - إنّ رواية الطبري، نقلت عن أشخاص لا يصحّ الاحتجاج بهم؛ مثلاً: السري؛ الّذي يروي عنه الطبري، إنّما هو أحد رجلين:

أ - السري بن إسماعيل الهمداني؛ الّذي كذّبه يحيى بن سعيد، وضعّفه غير واحد من الحفّاظ. (1)

ب - السري بن عاصم بن سهل الهمداني؛ نزيل بغداد (المتوفّى عام 258هـ)، وقد أدرك ابن جرير الطبري شطراً من حياته؛ يربو على ثلاثين سنة، كذّبه ابن خراش، ووهّاه ابن عدي، وقال: يسرق الحديث، وزاد ابن حبان: ويرفع الموقوفات؛ لا يحلّ الاحتجاج به، فالاسم مشترك بين كذّابين، لا يهمّنا تعيين أحدهما.

4 - عبد الله بن سبأ، أسطورة تاريخيّة، لأنّ القرائن والشواهد والاختلاف الموجود في حق الرجل ومولده، وزمن إسلامه، ومحتوى دعوته، يُشرف

____________________

(1) ميزان الاعتدال: 2/117.

١٥٩

المحقّق على القول: بأنّ عبد الله بن سبأ، شخصيّة خرافيّة، وضعها القصّاصون، وأرباب السمر والمجون، في عصر الدولتين: الأُمويّة والعباسيّة.

وفي المقام كلام للكاتب المصري الدكتور طه حسين، يدعم كون الرجل أسطورة تاريخيّة، حاكها أعداء الشيعة، نكاية بالشيعة؛ حيث قال:

وأكبر الظنِّ أنّ عبد الله بن سبأ هذا، إنّما قال ودعا إلى ما دعا إليه بعد أن كانت الفتنة، وعظم الخلاف، فهو قد استغلَّ الفتنة ولم يثرها.

إنّ خصوم الشيعة أيّام الأُمويّين والعباسيّين، قد بالغوا في أمر عبد الله بن سبأ هذا، ليشكّكوا في بعض ما نسب من الأحداث إلى عثمان وولاته، من ناحية، وليشنعوا على عليّ وشيعته من، ناحية أُخرى، فيردوا بعض أُمور الشيعة إلى يهوديٍّ أسلم كيداً للمسلمين، وما أكثر ما شنّع خصوم الشيعة على الشيعة؟!، وما أكثر ما شنع الشيعة على خصومهم؛ في أمر عثمان، وفي غير أمر عثمان؟

فلنقف من هذا كلّه، موقف التحفّظ والتحرّج والاحتياط، ولنُكبر المسلمين في صدر الإسلام عن أن يعبث بدينهم وسياستهم وعقولهم ودولتهم، رجل أقبل من صنعاء وكان أبوه يهوديّاً وكانت أُمّه سوداء، وكان هو يهوديّاً ثُمَّ أسلم لا رغباً ولا رهباً، ولكن مكراً وكيداً وخداعاً، ثُمَّ أُتيح له من النجاح ما كان يبتغي، فحرّض المسلمين على خليفتهم حتّى قتلوه، وفرّقهم بعد ذلك أو قبل ذلك شيعاً وأحزاباً.

هذه كلّها أُمور لا تستقيم للعقل، ولا تثبت للنقد، ولا ينبغي أنّ تُقام عليها أُمور التاريخ. (1)

____________________

(1) الفتنة الكبرى: 134.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

بالمشاهدة فيما يكفي فيه، وبالاعتبار كيلا ووزنا أو عددا فيما شأنه ذلك.

ويجوز إقراض الخبز وزنا وعددا، إلا أن يعلم التفاوت فيعتبر الوزن.

ويجوز إقراض المثلي إجماعا، وكذا القيمي الذي يمكن السلف فيه.

وفيما لا يضبطه الوصف كالجواهر واللحم والجلد قولان، مع اتفاقهم على جواز إقراض الخبز عملا بالعرف العام، ولا يجوز السلم فيه والمنع للمبسوط(١) ، والجواز للسرائر(٢) .

ثم المثلي يثبت في الذمة مثله والقيمي قيمته، ومال المحقق(٣) إلى ضمانه بالمثل أيضا.

وتظهر الفائدة فيما إذا وجد مثله من كل الوجوه التي لها مدخل في القيمة ودفعه الغريم، فعلى قوله يجب قبوله، وعلى المشهور لا يجب.

وفيما إذا تغيرت أسعار القيمي، فعلى المشهور المعتبر قيمته يوم القبض، وعلى الآخر يوم دفع العوض، وهو ظاهر الخلاف(٤) ، لان النبي صلى الله عليه وآله(٥) أخذ قصعة إمرأة كسرت قصعة اخرى، وحكم(٦) بضمان عائشة أناء حفصة وطعامها بمثلهما.

قلنا: معارض بحكمه عليه السلام بالقيمة في معتق الشقص(٧) ، وحكاية الحال لا تعم فلعله وقع بالتراضي.

فروع:

لو أقرضه المقدر غير معتبر لم يفد الملك وضمنه القابض، فإن تلف وتعذر

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ ص ١٦١.

(٢) السرائر: ج ٢ ص ٦٠.

(٣) الشرائع: ج ٢ ص ٦٨.

(٤) الخلاف: ج ٢ ص ٧٨.

(٥) سنن البيهقي: ج ٦ ص ٩٦.

(٦) سنن البيهقي: ج ٦ ص ٩٦.

(٧) سنن البيهقي: ج ١٠ ص ٢٧٣ و ٢٧٧.

٣٢١

استعلامه فالصلح.

الثاني: لو شرط رهنا وسوغ للمرتهن الانتفاع به جاز، واستثنى في النهاية(١) وطئ الامة، ولعله أراد من غير تحليل، بل بمجرد الشرط والاذن السابق، وفي المبسوط(٢) جوزه وتبعه ابن إدريس(٣) ومرادهما مع التحليل.

الثالث: يملك المقترض بالقبض على الاصح وهو قول الشيخ(٤) ، ولا يعتبر التصرف في الملك، لانه فرع الملك فيمتنع كونه شرطا فيه، ولانه لا يتباعد عن الهبة المملوكة بالقبض، وقيل: يملك بالتصرف بمعنى الكشف عن سبق الملك، لانه ليس عقدا محققا، ولهذ اغتفر فيه ما في التصرف، بل هو راجع إلى الاذن في الاتلاف المضمون، والاتلاف يحصل بإزالة الملك أو العين فهو كالمعاطاة.

فعلى الاصح لو اقترض من ينعتق عليه عتق بالقبض وله وطئ الامة وردها ما لم تنقص أو تحمل، فلو ردها وتبين النقص استردت، وإن اتفقا على الارش جاز، ولو تبين الحمل منه رجعت إليه، وعليه قيمتها يوم القبض.

وفي التراجع في المنفعة والنفقة نظر أقره ذلك، وفي الخلاف(٥) والمبسوط(٦) لا نص لنا ولا فتيا في إقراض الجواري، وقضية الاصل الجواز.

الرابع: لو أقرضه نصف دينار أو نصف عبد فرد إليه الدينار تاما أو العبد تاما أو مثل الدينار لم يجب القبول وإن رضي بجعله أمانة، أما لو كان عليه نصف آخر فإنه يجب.

____________________

(١) النهاية: ص ٣١٢.

(٢) لم نعثر عليه في المبسوط، ولكن نقله عنه ابن إدريس في السرائر: ج ٢ ص ٦٣، والعلامة في المختلف: ج ١ ص ٤١٥.

(٣) السرائر: ج ٢ ص ٦٣.

(٤) المبسوط: ج ٢ ص ١٦١.

(٥) الخلاف: ج ٢ ص ٧٧.

(٦) المبسوط: ج ٢ ص ١٦١.

٣٢٢

الخامس: لو ظهر في العين المقرضة عيب فله ردها ولا أرش، فإن أمسكها فعليه مثلها أو قيمتها معيبة.وهل يجب إعلام المقترض الجاهل بالعيب؟ عندي نظر، من اختلاف الاغراض وحسم مادة النزاع، ومن قضية الاصل.نعم لو اختلفا في العيب حلف المقرض مع عدم البينة، ولو تجدد عنده عيب آخر منع من الرد، إلا أن يرضى المقرض به مجانا أو بالارش.

السادس: لو اشترى بالمعيب من المقترض صح الشراء، وعليه رد مثله أو قيمته، ولو جهل المقرض العيب فله الفسخ إن اشترى بالعين، وإن اشترى في الذمة طالبه بصحيح واحتسب المقرض المدفوع قضاء.

السابع: لوسقطت المعاملة بالدراهم المقرضة فليس على المقترض إلا مثلها، فإن تعذر فقيمتها من غير الجنس حذرا من الربا وقت الدفع، لا وقت التعذر، ولا وقت القرض، خلافا للنهاية(١) ، وقال ابن الجنيد(٢) والصدوق(٣) : عليه ماينفق بين الناس، والقولان مرويان(٤) ، إلا أن الاول أشهر.

ولو سقطت المعاملة بعد الشراء فليس على المشتري إلا الاولى، ولو تبايعا بعد السقوط وقبل العلم فالاولى.نعم يتخير المغبون في فسخ البيع وإمضائه.

الثامن: لو أوصى المقرض بمال القرض للمقترض أو لغيره صح، ولو قال إذا مت فأنت في حل أو برئ كان وصيته، ولو علق بأن قيل: يبطل.

والفرق تحقق مدلول إذا بخلاف إن، والاقرب العمل بقصده، فإن المدلول محتمل في العبارتين.

____________________

(١) النهاية: ص ٣١٣.

(٢) المختلف: ج ١ ص ٤١٥.

(٣) المقنع (الجوامع الفقهية): ص ٣١.

(٤) وسائل الشيعة: باب ٢٠ من أبواب الصرف ح ١ و ٢ ج ١٢ ص ٤٨٧ و ٤٨٨.

٣٢٣

التاسع: لو أسلم مقرض الخمر أو مقترضه سقط، والاقرب لزوم القيمة بإسلام الغريم، ولو كان المقرض خنزيرا أو آلة لهو فالقيمة في الموضعين، وعلى القول بضمان المثل فهو كالاول.

العاشر: لا يجب على المقرض إمهال المقترض إلى قضاء وطره وإن كان قضية العرف ذلك، ولو شرط فيه الاجل لم يلزم.

ولو شرط تأجيله في عقد لازم قال الفاضل(١) : يلزم تبعا للازم، ويشكل بأن الشرط في اللازم يجعله جائزا فكيف ينكعس.

وفي رواية الحسين بن سعيد(٢) فيمن اقترض إلى أجل ومات بحل، وفيها إشعار بجواز التأجيل، ويمكن حملها على الندب.

____________________

(١) القواعد: ج ١ ص ١٥٦.

(٢) وسائل الشيعة: باب ١٢ من أبواب الدين والقرض ح ٢ ج ١٣ ص ٩٧.

٣٢٤

كتاب الصلح

٣٢٥

٣٢٦

قال النبي صلى الله عليه وآله(١) : الصلح جائز بين المسلمين، إلا صلحا أحل حراما أو حرم حلالا.

والاقرب أنه أصل لا فرع البيع والهبة والاجارة والعارية والابراء كما في المبسوط(٢) ، فعلى هذا يكون بيعا إن وقع ابتداء وبعد تنازع على جميع العين، وإن وقع على بعضها بعد الاقرار فهو هبة، وإن وقع على دين بإسقاط بعضه فهو إبراء، وعلى منفعة فهو إجارة.ولو أقر له بالمنفعة ثم صالحه المقر له على الانتفاع فهو عارية، فيثبت أحكام هذه العقود.والاصح أنه يشترط العلم في العوضين إذا أمكن.ويصح على الاقرار والانكار مع سبق نزاع ولا معه، فيستبيح المدعي ما يدفع إليه المنكر صلحا إن كان المدعي محقا، وإلا فهو حرام باطنا.

ولو صالح أجنبي المدعي عن المنكر صح عينا كان أو دينا أذن أو لا، لانه في معنى قضاء الدين.

ويرجع عليه إن دفع المال بإذنه، سواء صالح بإذنه أم لا،

____________________

(١) وسائل الشيعة: باب ٣ من أبواب أحكام الصلح ح ٢ ج ١٣ ص ١٦٤.

(٢) المبسوط: ج ٢ ص ٢٨٨.

٣٢٧

وإلا فلا رجوع، لانه متبرع قاله في المبسوط(١) ، وتوقف الفاضل(٢) في الرجوع إذا صالح بغير إذنه وأدى بإذنه، وهو قوي، لان الصلح يلزم المال الاجنبي، فلا عبرة بالاذن، إلا أن نقول الصلح موقوف على رضا المدعى عليه.

والاقرب أنه إن صالح ليؤديه هو فلا عبرة بالاذن، وكذا لو صالح مطلقا على احتمال، وإن صالح ليؤدي المدعى عليه توقف على إجازته، وإن صالح لنفسه صح وانتقلت الخصومة إليه، فإن تعذر عليه انتزاع المصالح عليه فله الفسخ، لعدم سلامة العوض.ولا فرق بين اعتراف المدعى عليه بالحق قبل الصلح أو لا على الاقوى.ولو ادعى الاجنبي أنه وكيل المدعى عليه في الصلح فصالحه المدعي صح، فإن أنكر المدعى عليه وكالته حلف، وله إجازة العقد بعد حلفه وقبله.

ولو صالح عن غير الربوي(٣) بنقيصة صح، ولو كان ربويا وصالح بجنسه روعي أحكام الربا، لانها عامة في المعاوضات على الاقوى، إلا أن نقول الصلح هنا ليس معاوضة بل هو في معنى الابراء، وهو الاصح، لان النبي صلى الله عليه وآله(٤) قال لكعب بن مالك: اترك الشطر وأتبعه ببقيته، وروي ذلك عن الصادق عليه السلام(٥) .

وينبغي أن يكون صورته صالحتك على ألف بخمسمائة، فلو قال بهذه الخمسمائة ظهرت المعاوضة، والاقوى جوازه أيضا، لاشتراكهما في الغاية.

فرع:

الاقرب الافتقار إلى قبول الغريم هنا، وإن لم نشترط في الابراء القبول

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ ص ٢٩٠.

(٢) التحريم: ج ١ ص ٢٢٩.

(٣) في (ق): على غير الربوي.

(٤) مستدرك الوسائل: ج ١٣ ص ٤٤٤.

(٥) مستدرك الوسائل: ج ١٣ ص ٤٤٣.

٣٢٨

مراعاة للفظ.

ولا ريب أنه لو أقر له بعين وصالح على بعضها اشترط القبول، لانه في معنى هبة الباقي، ويحتمل البطلان، لانه يجعل بعض ملكه عوضا عن كل ملكه وهو غير معقول، فإن جوزناه فليس له رجوع في القدر الباقي، وإن كان في معنى الهبة، إلا أن نقول بالفرعية هذا.

ولو أتلف عليه ثوبا قيمته عشرة فصالح بأزيد أو أنقص فالمشهور الجواز، لان مورد الصلح الثوب، ويشكل على القول الاصح بضمان القيمي بقيمته فيؤدي إلى الربا، ومن ثم منعه في الخلاف(١) والمبسوط(٢) .

ولو صالح عن ألف بمائة معينة وأبرأه من الباقي صح بلفظ الابراء، فلو استحقت المائة لم يكن له الرجوع في الابراء، ولو ضم(٣) الابراء الصلح وقلنا بجوازه فسد الصلح والابراء.

ولو كانت المائة غير معينة لم يبطل وطالب بمائة، والصلح لازم من طرفيه لا ينفسخ، إلا بالتقايل أو ظهور الاستحقاق في أحد العوضين، ولا يكون طلبه إقرارا لصحته مع الانكار.ولو طلب البيع أو التمليك أو الهبة فهو إقرار في الجملة، وفي كونه إقرار للمخاطب نظر، من إحتمال وكالته حتى لو ادعى وكالته خرج، من كونه مقرا له.ويصح الصلح بعين أو منفعة أو بهما على متماثل أو مخالف.

ولو تعذر العلم بما صولح عليه جاز، كما في وارث يتعذر علمه بحصته، وكما

____________________

(١) الخلاف: ج ٢ ص ١٢٨.

(٢) المبسوط: ج ٢ ص ٣٠٤.

(٣) في باقي النسخ: ولو ضمن.

٣٢٩

لو(١) امتزج مالاهما بحيث لا يتميز، ولا يضر الجهالة، ورواية منصور بن حازم(٢) تدل عليه.

ولو كان تعذر العلم، لعدم المكيال والميزان في الحال ومساس الحاجة إلى الانتقال فالاقرب الجواز.

ولو علم أحدهما وجب إعلام الآخر أو إيصال حقه إليه، فلو صالحه بدون حقه لم يفد إسقاط الباقي، إلا مع علمه ورضاه، ورواية ابن أبي حمزة(٣) نص فيه.

ولا يشترط في مورد الصلح أن يكون مالا، فيصح عن القصاص، أما عن الحد والتعزير والقسمة بين الزوجات فلا، ولو صالح عن القصاص بحر أو بمستحق فهو فاسد علما أو لا، ولا يترتب عليه بطلان الحق ولا وجوب الدية على الاصح، لان الفاسد يفسد ما يضمنه.

وكل ما لا يصح الاعتياض عنه لا يصح الصلح عليه، لانه من باب تحريم الحلال أو تحليل الحرام، كصلح الشاهد ليشهد أو يكف أو إمرأة لتقر بزوجيته أو رجلا ليقر بزوجية إمرأة.

وكذا لا يصح الصلح على الخمر والخنزير وما نهي عنه لعينه، ولا على ترك القسم بين الزوجات، أو ترك الاستمتاع بهن، أو ترك التكسب بالبيع والشراء والاجارة.

ولو جعل تزويج الامة مصالحا عليه بطل، وإن جعله عوضا للصلح فالاقرب الجواز، فإن زوجه لزم، وإلا فله الفسخ فيقول زوجتك فلانة بدفع

____________________

(١) في (ق): وكذا.

(٢) وسائل الشيعة: باب ٥ من أبواب أحكام الصلح ج ١٣ ص ١٦٥، ذيل الحديث ١.

(٣) وسائل الشيعة: باب ٥ من أبواب أحكام الصلح ح ٢ ج ١٣ ص ١٦٦.

٣٣٠

دعواك، فإن فسخ النكاح بمسقط المهر، كعيبها وردتها وإسلامها قبل الدخول فالدعوى بحالها، ولو كان بمسقط نصفه كعنته وردته وطلاقه قبل الدخول سقطت الدعوى في نصف المدعى به.

ولو ادعى دارا فأقر له بها فصالحه على سكنى المقر سنة صح، ولا رجوع إن جعلناه أصلا وجوزناه بغير عوض، ولو أنكر فصالحه المدعى عليه على سكنى المدعي سنة فهو أولى بعدم الرجوع، لانه عوض عن دعواه، وكذا لو كان الساكن المنكر، لانه عوض عن حجوره.ولو ظهر عيب في أحد العوضين جاز الفسخ ولا أرش هنا مع احتماله.ولو هظر غبن فاحش مع جهالة المغبون فالاقرب الخيار كالبيع وإن لم يحكم بالفرعية.ولو ادعيا عينا نصفين فصدق أحدهما وصالحه على مال، فإن كان سببها موجبا للشركة، كالارث والابتياع صفقة صح في الربع بنصف العوض ووقف في الربع على إجازة الشريك، وإن كان غير موجب للشركة صح في النصف بكل العوض.

ولو أقر لاحدهما بالجميع فله أن يدعيه الآن مالم يكن قد سبق إقراره لصاحبه ويخاصمه الآخر.

ولو صالح على المؤجل بإسقاط بعضه حالا صح إذا كان بغير جنسه، وأطلق الاصحاب الجواز، أما لان الصلح هنا معاوضة، أو لان الربا يختص بالبيع، أو لان النقيصة في مقابلة الحلول، فلو ظهر استحقاق العوض أو تعيبه فرده فالاقرب أن الاجل بحال، وقال ابن الجنيد(١) : يسقط.

ولو ادعى على الميت ولا بينة فصالح الوصي تبع المصلحة، وأطلق ابن الجنيد(١) المنع.

____________________

(١) المختلف: ج ٢ ص ٤٧٦.

٣٣١

(٢٦٦) درس

فيه مسائل: لو صالح على النقد بنقد آخر لم يعتبر القبض في المجلس، لان الصلح أصل لا فرع البيع، وقال في المبسوط(٢) : يعتبر، وهو خيرة ابن الجنيد(٣) .

الثانية: لو اصطلح المتبايعان على الاقالة بزيادة من البائع في الثمن، أو بنقيصة من المشتري صح عند ابن الجنيد(٤) والفاضل في المختلف(٥) ، والاصحاب على خلافه، لانها فسخ لا بيع.

الثالثة: روى إسحاق بن عمار(٦) في ثوبين أحدهما بعشرين والآخر بثلاثين واشتبها، فإن خير ذوالعشرين الآخر وقد أنصفه، وإلا بيعا وقسم الثمن أخماسا، وعليها المعظم، وخرج ابن إدريس(٧) القرعة، والفاضل(٨) إن بيعا مجتمعين فكذلك للشركة الاجبارية كما لو امتزج الطعامان، وإن بيعا منفردين متساويين فلكل واحد ثمن ثوب، وإن تفاوتا فالاكثر لصاحبه، بناء على الغالب.

ويلزم على هذا ترجيح أحد الامرين من بيعهما معا أو منفردين، إذا الحكم

____________________

(١) المختلف: ج ٢ ص ٤٧٦.

(٢) المبسوط: ج ٢ ص ٣٠٤.

(٣) المختلف: ج ٢ ص ٤٧٦.

(٤) المختلف: ج ٢ ص ٤٧٦.

(٥) المختلف: ج ٢ ص ٤٧٦.

(٦) وسائل الشيعة: باب ١١ من أبواب أحكام الصلح ح ١ ج ١٣ ص ١٧٠.

(٧) السرائر: ج ٢ ص ٦٩.

(٨) المختلف: ج ٢ ص ٤٧٦.

٣٣٢

مختلف، ويظهر أنه متى أمكن بيعهما منفردين امتنع الاجتماع، والرواية مطلقة في البيع، ويؤيدها أن الاشتباه مظنة تساوي القيمتين، فاحتمال تملك كل منهما لكل منهما قام فيهما بمثابة الشريكين.

فرع: إن عملنا بالرواية ففي تعديها إلى الثياب والامتعة والاثمان المختلفة نظر، من تساوي الطريق في الجميع، وعدم النص، والاقرب القرعة هنا.

الرابعة: لو اصطلح الشريكان عند إرادة الفسخ على أن يأخذ أحدهما رأس ماله والآخر الباقي ربح أو توى(١) جاز، للرواية الصحيحة(٢) ، ولو جعلا ذلك في إبتداء الشركة فالاقرب المنع، لمنافاته موضوعها، والرواية لم تدل عليه.

الخامسة: لو كان معهما درهمان فادعاهما أحدهما وادعى الآخر إشتراكهما، ففي الرواية(٣) المشهورة للثاني نصف درهم وللاول الباقي، ويشكل إذا ادعى الثاني النصف مشاعا فإنه يقوي القسمة نصفين ويحلف الثاني اللاول، وكذا كل مشاع.

ولو اودعه واحد دينارين وآخر دينار فضاع دينار واشتبه، ففي رواية السكوني(٤) لصاحب الدينار نصف دينار وللآخر الباقي، والعمل بها مشهور، وهنا الاشاعة ممتنعة، ولو كان ذلك في أجزاء ممتزجة كان الباقي أثلاثا، ولم يذكر الاصحاب في هاتين المسألتين يمينا، وذكروهما في باب الصلح فجائز أن يكون ذلك الصلح قهريا، وجائز أن يكون إختياريا، فإن امتنعا فاليمين،

____________________

(١) التوى: هو ذهاب مال لا يرجى لسان العرب ج ١٤ ص ١٠٦.

(٢) وسائل الشيعة: باب ٤ من أبواب أحكام الصلح ح ١ ج ١٣ ص ١٦٥.

(٣) وسائل الشيعة: باب ٩ من أبواب أحكام الصلح ح ١ ج ١٣ ص ١٦٩.

(٤) وسائل الشيعة: باب ١٢ من أبواب أحكام الصلح ح ١ ج ١٣ ص ١٧١.

٣٣٣

والفاضل(١) في أحد أقواله يحكم في مسألة الوديعة بأن الدينارين الباقيين بينهما أثلاثا كمختلط الاجزاء، وفيه بعد، ولو قيل: بالقرعة أمكن.

السادسة: لا يمنع الصلح على المنفعة من بيع العين على المصالح وغيره.نعم يتخير المشتري لو جهل. وكذا لا يمنع من عتق العبد والمنفعة للمصالح، ولا يرجع المعتق بها على المولى.

السابعة: يصح الصلح على الثمرة والزرع قبل بدو الصلاح وإن منعنا بيعهما، لاصالة الصلح، ويجوز جعلهما عوضا عن الصلح على الاقوى.ولوجعل العوض سقي الزرع والشجر بمائه بمدة معلومة فالاقوى الصحة، وكذا لو كان معوضا، ومنع الشيخ من ذلك لجهالة الماء، مع أنه قائل بجواز بيع ماء العين والبئر، وبيع جزء مشاع منه، وجواز جعله عوضا للصلح.

الثامنة: لو صالح عن ألف مؤجل بألف حال احتمل البطلان، لانه في معنى إسقاط الاجل وهو لا يسقط بإسقاطه.نعم لو دفعه إليه وتراضيا جاز، وكذا لو صالح عن الحال بالمؤجل بطل زاد في العوض أو لا، إذ لا يجوز تأجيل الحال، والفاضل(٢) حكم بسقوط الاجل في الاولى وثبوته في الثانية عملا بالصلح اللازم.

ولو صالحه(٣) عن ألف حال بخمسمائة مؤجلة فهو إبراء من خمسمائة، ولا يلزم الاجل، بل يستحب الوفاء به.

التاسعة: لو ادعى عليه عينا فأنكر ثم صالح على بعضها جاز عندنا.

ولا يتحقق هنا فرعية الهبة، لانه بالنسبة إلى المدعى عليه ملك، وإن كان بالنسبة

____________________

(١) التذكرة: ج ٢ ص ١٩٥.

(٢) التذكرة: ج ٢ ص ١٧٨.

(٣) في باقي النسخ: ولو صالح.

٣٣٤

إلى المدعي هبة.

العاشرة: لو ادعى عليه دينا فأنكر فصالحه على بعضه صح، عين مال الصلح أو جعله في الذمة، لصحة الصلح على الانكار، ولا يكون فرع الابراء، لعدم اعتراف المدعى عليه بالحق، فيحنئذ لو رجع المدعى عليه إلى التصديق طولب بالباقي.

٣٣٥

٣٣٦

كتاب تزاحم الحقوق

٣٣٧

٣٣٨

يجوز فتح باب في الطريق النافذ وإحداث روشن وساباط مالم يضر بالمارة، ولا عبرة بمعارضة مسلم.

وقال في الخلاف(١) والمبسوط(٢) : لكل مسلم منعه، لانه حق لجميع المسلمين، ولانه لو سقط شئ منه ضمن بلا خلاف، وهو يدل على عدم جوازه إلا بشرط الضمان، ولانه لا يملك القرار فلا يملك الهواء.

قلنا: الفرض عدم التضرر به فالمانع معاند، ولا تفاق الناس عليه في جميع الاعصار والامصار من غير نكر، ولا حاجة فيه إلى إذن الحاكم أيضا.

نعم لو أظلم بها الدرب منع على الاقوى.

فإن كان الطريق مما يمر عليه الحاج والقوافل اعتبر علو ذلك بحيث لا يصدم الكنيسة على البعير، ولا يشترط أن لا يصدم رمحا منصوبا بيد فارس، لعدم مساس الحاجة إليه ولسهولة إمالته.

والاقرب عدم جواز إحداث دكة فيه على باب داره وغيرها لاهل الدرب وغيرهم، اتسع الطريق أو ضاق، لان إحياء الطريق غير جائز، اذ هو مشترك

____________________

(١) الخلاف: ج ٢ ص ١٢٥.

(٢) المبسوط: ج ٢ ص ٢٩١.

٣٣٩

بين مارة المسلمين، فليس له الاختصاص المانع من الاشتراك.

وكذا لا يجوز الغرس فيه وإن كان هناك مندوحة، لان الزقاق قد تصدم ليلا وتزدحم فيه البهائم، ولانه مع تطاول الازمنة ينقطع أثر الاستطراق في ذلك. ويحتمل جوازه مالم يتضرر به المارة من ذلك كالروشن والساباط، ويضعف بأنهما في الهواء، بخلاف الدكة والشجرة.

فرع:

الفاضل(١) أفتى به وأمر بتأمله، لعدم وقوفه على نص فيه.

ولو خيف(٢) من الروشن بالاشراف على جاره منع منه، وإن كان لا يمنع من تعلية ملكه بحيث يشرف على جاره عندنا. والفرق أنه مسلط على ملكه مطلقا، والروشن يشترط فيه عدم التضرر، لان الهواء ليس ملكه. وأما السكة المرفوعة أي المنسدة الاسفل فلا يجوز إحداث روشن ولا جناح فيها، إلا إذن جميع أهله، سواء كان في أسفلها أو أعلاها. ولا فتح باب أدخل من بابه سد بابه أو لا. ويجوز له إخراج بابه، وإن لم يسد الاول على قول. ولو أذن أهل الاسفل في إدخال الباب فهل لاهل الاعلى المنع؟ فيه إشكال، من عدم إستطراقهم، ومن الاحتياج إليه عند إزدحام الدواب والناس، وهو أقوى.

وكذ لا يجوز فتح باب لغير الاستطراق كالاستضاء‌ة دفعا للشبهة على ممر

____________________

(١) التذكرة: ج ٢ ص ١٨٢.

(٢) في باقي النسخ: ولو تشرف.

٣٤٠

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416