الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء ٣

الدروس الشرعية في فقه الامامية0%

الدروس الشرعية في فقه الامامية مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 416

الدروس الشرعية في فقه الامامية

مؤلف: محمد بن جمال الدين مكي العاملي
تصنيف:

الصفحات: 416
المشاهدات: 90320
تحميل: 4312


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2 الجزء 3
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 416 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 90320 / تحميل: 4312
الحجم الحجم الحجم
الدروس الشرعية في فقه الامامية

الدروس الشرعية في فقه الامامية الجزء 3

مؤلف:
العربية

كتاب الرهن

٣٨١

٣٨٢

وهو لغة الثبات والدوام، ومنه نعمة راهنة، واللغة الغالبة رهن وارهن لغية. وشرعا وثيقة للمدين يستوفى منه المال. وجوازه بالنص(١) والاجماع، ويجوز سفرا وحضرا، والآية(٢) خرجت مخرج الاغلب. ولا يجب الرهن. وإيجابه رهنت ووثقت وهذا رهن عندك أو وثيقة. والقبول قبلت أو ارتهنت وشبهه. ويكفي إشارة الاخرس. ويجوز بغير العربية وفاقا للفاضل(٣) . ولا يجوز بلفظ الآتي. ولو قال خذه على مالك أو بمالك فهو رهن.

ولو قال إمسكه حتى أعطيك مالك وأراد الرهن جاز، ولو أراد الوديعة أو اشتبه فليس برهن، تنزيلا للفظ على أقل محتملاته، وهو لازم من طرف الراهن خاصة. والفرق إنه يسقط حق غيره والمرتهن حق نفسه. والقبض شرط فيه على الاصح، وخالف فيه الشيخ(٤) في أحد قوليه وابن

____________________

(١) وسائل الشيعة: باب ١ من أبواب أحكام الرهن ج ١٣ ص ١٢١.

(٢) البقرة: ٢٨٣.

(٣) قواعد الاحكام: ج ١ ص ١٥٨.

(٤) الخلاف: ج ٢ ص ٩٧.

٣٨٣

إدريس(١) والفاضل(٢) ، مستمسكين(٣) بعموم(٤) الوفاء بالعقد، ويدفعه خصوص الآية(٥) فإنها دالة على الاشتراط، لاشتراط(٦) التراضي في التجارة والعدالة في الشهادة حيث قرنا بهما، وفي رواية محمد بن قيس(٧) لارهن إلا مقبوضا، ويتفرع عليه.

فروع:

وقوعه من المرتهن أو القائم مقامه، ولو وكل الراهن ليقبضه من نفسه، أو وكل عبده أو مستولدته فالاقرب الجواز.

الثاني: القبض هنا كما تقدم في المبيع من الكيل أو الوزن أو النقل في المنقول والتخلية في غيره، ولو رهن ما هو في يد المرتهن صح، وفي افتقاره إلى إذن جديد للقبض عن الرهن خلاف، فعند الشيخ(٨) يفتقر، وحكي أنه لابد من مضي زمان يمكن فيه.

الثالث: لابد فيه من إذن الراهن، لانه من تمام العقد، فلو قبض من دون إذنه لغا، فلو رهن(٩) المشاع جاز وافتقر إلى إذن الشريك أيضا في المنقول وغيره، وقال الشيخ(١٠) : إنما يعتبر إذن الشريك في المنقول كالجوهر والسيف.

____________________

(١) السرائر: ج ٢ ص ٤١٧.

(٢) المختلف: ج ١ ص ٤١٦.

(٣) في (ق): متمسكين.

(٤) المائدة: ١.

(٥) في (ق): كاشتراط.

(٦) البقرة: ٢٨٣.

(٧) وسائل الشيعة: باب ٣ من أبواب أحكام الرهن ح ١ ج ١٣ ص ١٢٣.

(٨) المبسوط: ج ٢ ص ٢٠٢.

(٩) في باقي النسخ: ولو رهن.

(١٠) المبسوط: ج ٢ ص ٢٠٤.

٣٨٤

الرابع: لو كان مغصوبا في يده فارتهنه صح، وكفى القبض والضمان بحاله على الاقرب حتى يقبضه الراهن، أو من يقوم مقامه أو يبرئه من ضمانه عند الشيخ(١) ، لانه حقه فله إسقاطه، ولوجود سبب الضمان، ويحتمل المنع، لانه إبراء ممالم يجب.

الخامس: لو مات الراهن قبله أو جن أو اغمي عليه أو رجع في إذنه بطل، وفي المبسوط(٢) : إذا جن الراهن واغمي عليه أو رجع قبل القبض قبض المرتهن، لان العقد أوجب القبض، وهذا يشعر بأن القبض ليس بشرط، وإن كان للمرتهن طلبه ليوثق به. ولو مات المرتهن انتقل حق القبض إلى وراثه.

والفرق تعلق حق الورثة والديان بعد موت الراهن به فلا يستأثر به أحد، بخلاف موت المرتهن فإن الدين باق فتبقى وثيقته.

ويحتمل البطلان فيهما، لانه من العقود الجائزة قبل القبض، والصحة فيهما، وفاقا للقاضي(٣) والمبسوط(٤) والفاضل(٥) ، لان مصيره إلى اللزوم كبيع الخيار أو لكون لازما بالعقد، ويحتمل عندهما الفرق بين الرهن المشروط وغيره. ولو جن المرتهن أو اغمي عليه قام وليه مقامه. ولا يجبر الراهن على الاقباض، سواء كان مشروطا أم لا. نعم يتخير المرتهن في فسخ العقد لو امتنع من الاقباض، وفاقا لابن الجنيد(٦) والفاضل(٧) ،

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ ص ٢٠٤.

(٢) المبسوط: ج ٢ ص ١٩٩.

(٣) المهذب: ج ٢ ص ٤٦.

(٤) المبسوط: ج ٢ ص ١٩٩.

(٥) المختلف: ج ١ ص ٤٢٠.

(٦) المختلف: ج ١ ص ٤٢١.

(٧) قواعد الاحكام: ج ١ ص ١٦٢.

٣٨٥

وأوجب الشيخ(١) الاقباض مع الشرط.

السادس: يشترط فيه شروط العقد، من البلوغ والعقل وعدم الحجر، ولا يشترط فيه الفورية، ولا يمتنع من جريان الحول بالنسبة إلى المالك قبل القبض. والتصرف قبله من البيع والهبة والوقف والاصداق ناقض للرهن، محكوم بصحته. ولو رهنه عند آخر تخير في إقباض أيهما شاء. ولو وطئها فأحبلها بطل، بخلاف الوطئ المجرد والتزويج والاجارة والتدبير فإنه لا يبطل، ويحتمل قويا في التدبير الابطال لتنافي غايته وغاية الرهن، وإشعاره بالرجوع.

السابع: لو انقلب خمرا قبل القبض بطل، ولو عاد خلا لم يعد الرهن، بخلاف ما إذا انقلب بعد القبض فإنه يخرج ويعود بعود الخل، ولو قبضه خمرا لم يعتد به. نعم لو صار خلا في يده أمكن اعتباره حينئذ إذا كان قبض الخمر بإذن.

الثامن: لو حجر على الراهن للسفه أو الفلس فليس له الاقباض، ولو أقبض لم يعتد به. والاقرب أن العبارة لا تبطل، فلو أقبض بعد زوال الحجر كان ماضيا.

التاسع: لوتلف الرهن أوبعضه قبل القبض للمرتهن فسخ العقد المشروط به، بخلاف التلف بعد القبض، وكذا لو تعيب.

العاشر: لواختلفا في الاذن في القبض حلف الراهن، ولو اتفقا عليه واختلفا في وقوع القبض تعارض الاصل والظاهر، ويمكن ترجيح صاحب اليد.

ولو قال رجعت في الاذن قبل أن تقبض لم يسمع منه، إلا ببينة أو تصديق المرتهن، ولو ادعى عليه العلم بالرجوع فله إحلافه.

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ ص ١٩٩.

٣٨٦

الحادي عشر: لا يشترط في القبض الاستدامة، فلو رده إلى الراهن فالرهن بحاله، ولو كان مشتركا واتفقا على وضعه بيد أحدهما أو المرتهن أو عدل صح. وإن تعاسروا عين الحاكم عدلا لقبضه وإجارته إن كان ذا اجرة، وقسمها على الشريكين. ويتعلق الرهن بحصة الراهن من الجرة. ولتكن مدة الاجارة لا تزيد عن أجل الحق، فلو زادت بطل الزائد، وتخير المستأجر الجاهل، إلا أن يجبر المرتهن.

الثاني عشر: لو أقر الراهن بالقبض حكم عليه به، إلا أن يعلم عدمه مثل أن يقول بمكة رهنته اليوم داري بمصر وأقبضته، لان خرق العادة ملحق(١) بالمحال. ولو رجع عن الاقرار المممكن لم يقبل.

ولو قال أقررت لاقامة الرسم أو لورود كتاب وكيلي أوظننت أن القول كاف حلف المرتهن على الاقوى. ولو أقام بينة على مشاهدة القبض فلا يمين.

(٢٧٦) درس

يشترط في الرهن كونه عينا مملوكة يصح قبضها ويمكن بيعها، فلو رهن الدين لم يجز لاعتماده القبض والدين في الذمة لا ينحصر القبض فيه، ويحتمل الصحة كهبة مافي الذمم، ويجتزئ بقبض مايعينه المدين. والعجب أن الفاضل(٢) لم يشترط القبض في الرهن، وجوز هبة مافي الذمة لغير من عليه، ومنع من رهن الدين. ولا رهن المنفعة، لعدم إمكان بيعها، ولان المنافع لابقاء لها فلا ينتفع بها المرتهن، إلا خدمة المدبر وفاقا لجماعة، وقد سلف.

____________________

(١) في (م): يلحق.

(٢) المختلف: ج ١ ص ٤٢٠.

٣٨٧

ولا رهن أحد العبدين أو العبيد لا بعينه للغرر، والظاهر أنه يعتبر علم الراهن والمرتهن بالمرهون مشاهدة أو وصفا، وهو ظاهر الشيخ(١) حيث منع من رهن الحق بما فيه للجهالة، وجوزه الفاضل(٢) واكتفى بتمييزه عن غيره، والشيخ(٣) نقل الاجماع على بطلان رهن مافيه ويصح رهن الحق عنده.

ولا رهن غير المملوك، إلا أن يجيزه المالك، ولو ضمه(٤) إلى المملوك صح فيه، ووقف في غيره على الاجازة.

وتصح الاستعارة للرهن، لان التوثق بأعيان الاموال من المنافع، وليس بضمان معلق بالمال، لانه لو قال ألزمت دينك في رقبة هذا العبد بطل.

ولا استبعاد في اقتضاء العارية إلى اللزوم كالاعارة للدفن، إلا أن يقال: المعير أناب المستعير في الضمان عنه في ذمته ومصرفه هذا العين، وفي المبسوط(٥) هو عارية.

وهنا مسائل: لو قال إرهن عبدك على ديني من فلان صح، فإذا فعل فهو كما لو صدر من المستعير، وهذه الاستعارة تلزم بقبض الرهن.

نعم للمعير المطالبة بفكه في الحال وعند الاجل في المؤجل، وفي المبسوط(٦) له المطالبة بفكه قبل الاجل، لانه عارية، وتبعه الفاضل في التذكرة(٧) ، وفي غيرها ليس له، ولو لم يقبضه المرتهن فللمعير الرجوع ولو جلعناه ضمانا، لان الضمان لايتم بدون القبض هنا.

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ ص ٢٤٦.

(٢) المختلف: ج ١ ص ٤٢٣.

(٣) الخلاف: ج ٢ ص ١١٠.

(٤) في (م): ولو ضم.

(٥) و(٦) المبسوط: ج ٢ ص ٢٢٨.

(٧) التذكرة: ج ٢ ص ١٥.

٣٨٨

الثانية: لايجب على المستعير ذكر قدر الدين وجنسه ووصفه وحلوله أو تأجيله إن جعلناه عارية، وإلا وجب، بناء على أن ضمان المجهول باطل، وفيه خلاف يأتي إن شاء الله.

وعلى كل حال، لو عين أمرا فتخطاه الراهن فله الفسخ، إلا أن يكون ما عدل إليه داخلا في الاذن، كالرهن على انقص قدرا، ويحتمل في الزيادة صحته في المأذون فيه، لوجود المقتضي.

الثالثة: لو هلك في يد المستعير قبل الرهن فالاقرب انتفاء الضمان على التقديرين، لعدم موجبه، ولو هلك عند المرتهن أو جنى فبيع في الجانية ضمنه الراهن على القول بالعارية، لا على القول بالضمان قاله الشيخ(١) ، مع أنه لو دفع إليه مال ليصرفه إلى دينه ضمنه.

والفرق أن هذا إقتراض متعين للصرف، بخلاف المستعار فإنه قد لايصرف في القضاء، ويحتمل عدم ضمان الراهن على القول بالعارية، كأحد قولي الفاضل(٢) ، لانها أمانة عندنا، إلا أن نقول: الاستعارة المعرضة للتلف مضمونة، وهو ظاهر المبسوط(٣) والتذكرة(٤) ، ولا ضمان على المرتهن على القولين.

الرابعة: ليس للمرتهن بيعه بدون إذن، إلا أن يكون وكيلا شرعيا أو وصيا على القولين، فلو امتنع الراهن من الاذن أذن الحاكم، ويجب على الراهن بذل المال، فإن تعذر وباعه ضمن أكثر الامرين من قيمته وثمنه، ولو بيع بأقل من قيمته بما لا يتغابن به بطل، وإن كان يتغابن به كالخمسة في المائة صح، وضمن

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ ص ٢٢٩.

(٢) تحرير الاحكام: ج ١ ص ٢٧٠.

(٣) المبسوط: ج ٢ ص ٢٢٩.

(٤) التذكرة: ج ٢ ص ١٥.

٣٨٩

الراهن النقيصة على قول العارية، وعلى الضمان لا يرجع، لان الضمان إنما يرجع بما غرمه.

الخامسة: لو تبرع متبرع برهن ماله على دين الغير جاز، لانه في معنى قضاء الدين، ويلزم العقد من جهته بالقبض، فإن بيع فلا رجوع له على المدين. ولو أذن له المالك في البيع والقضاء أو أذن في القضاء بعد البيع احتمل رجوعه، لانه ملكه إلى ذلك الوقت، وعدمه لتعينه للقضاء فهو كالمقضي. نعم لو تبرع المدين بقضاء الدين صح قطعا، ولكن بناء الاول على القولين، فعلى العارية يرجع عليه، وعلى الضمان لايرجع كالضامن المتبرع.

(٢٧٧) درس

لا يصح رهن أرض الخراج، لانها ليست مملوكة على الخصوص، ويصح رهن ما بها من الشجر والبناء، ولو قلنا بملكها تبعا لهما صح رهنها. ولا رهن الخمر والخنزير عند المسلم، وإن كان الراهن ذميا ووضعهما عند ذمي. ولا رهن المصحف والعبد المسلم عند الكافر، إلا أن يوضعا عند مسلم. ولا رهن الوقف وإن اتحد الموقوف عليه، للمنع من صحة بيعه أو لعدم ملكه أو تمام ملكه. ورهن المدبر إبطال لتدبيره عند الفاضلين(١) ، وعلى القول بجواز بيع الخدمة فيصح في خدمته، وفي النهاية(٢) يبطل رهن المدبر، وفي المبسوط(٣) والخلاف(٤)

____________________

(١) قواعد الاحكام: ج ١ ص ١٥٨ وشرائع الاسلام: ج ٢ ص ٧٦.

(٢) النهاية: ص ٤٣٣.

(٣) المبسوط: ج ٢ ص ٢١٣.

(٤) الخلاف: ج ٢ ص ١٠٢.

٣٩٠

يصح ويبطل تدبيره، ثم قوى صحتهما، فإن بيع بطل التدبير، وإلا فهو بحاله، وتبعه إبن إدريس(١) ، وهو حسن. ورهن ذي الخيار جائز، ويكون من البائع فسخا ومن المشتري إجازة عند الفاضلين(٢) .

ولو رهن غريم المفلس عينه التي له الرجوع فيها قبله فالاجود المنع. وأولى منه لو رهن الزوج نصف الصداق قبل طلاق غير الممسوسة. ورهن الموهب في موضع يصح فيه الرجوع كرهن ذي الخيار.

ورهن المرتد عن غير فطرة جائز، ولو كان عنها ومات السلطان قيل: جاز، وهو ظاهر الشيخ(٣) ، وأطلق ابن الجنيد(٤) المنع، وللفاضل(٥) قولان إلا أن تكون أمة.

ولو جهل المشتري(٦) بحاله فله فسخ البيع المشروط به.

ويجوز رهن الجارية بولدها الصغير، ولا بحث فيه، وبدونه فيباعان معا إن حرمنا التفرقة، ويكون للمرتهن ماقابلها. ثم إما أن يقوما جميعا ثم يقوم الولد وحده، أو تقوم الام وحدها ومع الولد، أو كل منهما وحده، لان الام تنقص قيمتها إذا ضمت إليه لمكان اشتغالها بالحضانة، والولد تنقص قيمته منفردا لضياعه.

ووجه تقويم الام وحدها أن الرهن ورد عليها منفردة وهو قول الشيخ(٧) وكذا لو حملت بعد الارتهان، وقلنا بعدم دخول النماء المتجدد، أو كان قد شرطا

____________________

(١) السرائر: ج ٢ ص ٤٢٨.

(٢) قواعد الاحكام: ج ١ ص ١٥٩. وشرائع الاسلام: ج ٢ ص ٧٧.

(٣) المبسوط: ج ٢ ص ٢١١.

(٤) المختلف: ج ١ ص ٤٢١.

(٥) المختلف: ج ١ ص ٤٢١.

(٦) في باقي النسخ: ولو جهل المرتهن.

(٧) المبسوط: ج ٢ ص ٢١٤.

٣٩١

عدم دخوله.

ويجوز رهن الجاني عمدا أو خطأ خلافا للخلاف(١) فيهما، وحق الجناية مقدم، فإن افتكه المولى أو المرتهن، وإلا بيع في الجانية فالفاضل رهن.

ولو أقر المرهون بالجناية وصدقه المرتهن والراهن فكالجاني، وإن صدقه الراهن خاصة لم ينفذ في حق المرتهن، ولا يمين عليه، إلا أن يدعى عليه العلم، وإن صدقه المرتهن خاصة بطل الرهن خاصة(٢) ، إلا أن يعفو المجنى عليه أو يفديه أحد أو يفضل منه فضل عن الجناية، ويحتمل بقاء الرهن، لعدم صحة إقرار المرتهن واعتراف الراهن بالصحة.

فروع:

لو بيع في الرهن لتكذيب المرتهن، ففي رجوع المجنى عليه على الراهن وجهان: من قضاء دينه به، ومن عدم نفوذ إقراره في حق المرتهن.

الثاني: لو جنى بعد الرهن قدمت الجانية في العمد واالخطأ، فإن أفتك فالرهن بحاله، ولو أفتكه المرتهن على أن يكون له الرجوع على الراهن، وعلى أن يكون العبد رهنا على مال الفك والدين الاول جاز.

الثالث: لو جنى على مولاه عمدا اقتص منه، ولا يجوز أخذ المال من المرتهن في الخطأ والعمد، ولا افتكاكه، لان المال ليس عليه مال، وإلا لزم تحصيل الحاصل.

الرابع: لو جنى على مورث مولاه ثبت للمولى ما كان للمورث من القصاص والافتكاك.

ولو جنى على عبد مولاه فله القصاص، إلا أن يكون أبا المقتول.

____________________

(١) الخلاف: ج ٢ ص ١٠٢.

(٢) هذه الكلمة غير موجودة في باقي النسخ.

٣٩٢

وليس له العفو على مال، إلا أن يكون مرهونا عند غير مرتهن المجنى عليه أو عنده، واختلف الدينان فيجوز نقل ماقابل الجناية بدلا ن المجنى عليه إلى مرتهنه، هذا.

ولا يصح رهن السمك في المياه غير المحصورة، ولا الطير في الهواء، لعدم إمكان القبض.

نعم لو قضت العادة بعوده صح إذا قبض.

ولا رهن ام الولد في غير ثمنها، موسرا كان المولى أو معسرا، ولا في ثمنها مع اليسار، ويجوز مع الاعسار، لجواز بيعها فرهنها أولى، وظاهر ابن الجنيد(١) جواز رهنها مطلقا، ولم يستبعده الفاضل(٢) .

فرع:

لو رهنها فتجدد له اليسار إنفسخ الرهن ووجب الوفاء، ويحتمل بقاؤه حتى يوفي، لجواز تجدد إعساره قبل الايفاء، ولعله أقرب.

(٢٧٨) درس

تدخل زوائد الرهن فيه، متصلة كانت أو منفصلة على المشهور، ونقل فيه ابن إدريس(٣) الاجماع، وخالف فيه الشيخ(٤) في الكتابين وتبعه الفاضل(٥) ، وهو منقول عن المحقق في الدرس، ولم نجد شاهدا على القولين، غير أن المعتمد المشهور، والفاضل تمسك بروايتي إسحاق بن عمار(٦) والسكوني(٧) ، ولا دلالة فيهما.

____________________

(١) و(٢) المختلف: ج ١ ص ٤٢٢.

(٣) السرائر: ج ٢ ص ٤٢٤.

(٤) الخلاف: ج ٢ ص ١٠٩. والمبسوط: ج ٢ ص ٢٣٧.

(٥) قواعد الاحكام: ج ١ ص ١٦٤.

(٦) وسائل الشيعة: باب ٥ من أبواب أحكام الرهن ح ٦ ج ١٣ ص ١٢٦.

(٧) وسائل الشيعة: باب ١٢ من أبواب أحكام الرهن ح ٢ ج ١٣ ص ١٣٤.

٣٩٣

نعم لو شرط انتفاء دخولها صح، ولو شرط دخولها زال الخلاف عندنا وإن لم يصح رهن المعدوم، لانها تابعة هنا. ولا فرق بين المتولد منها كالولد والثمرة، وبين غيره ككسب العبد وعقر الامة.

ونفقة الرهن على الراهن لا على المرتهن، فإن أنفق تبرعا فلا رجوع، وإن كان بإذن الراهن، أو الحاكم عند تعذره، أو أشهد عند تعذر الحاكم رجع بها على الراهن.

ولو كان له منفعة كالركوب والدر فالمشهور جواز الانتفاع بهما، ويكون بإزاء النفقة، وهو في رواية أبي(١) ولاد والسكوني(٢) ، وفي النهاية(٣) إن انتفع وإلا رجع بالنفقة، ومنع ابن إدريس(٤) من الانتفاع، فإن انتفع تقاصا، وعليه المتأخرون.

والروايتان ليستا صريحتين في المقابلة، ولا مانعتين من المقاصة. نعم تدلان على جواز ذلك، وهو حسن، لئلا تضيع المنفعة على المالك. نعم يجب استئذانه إن أمكن وإلا فالحاكم.

ولو رهن مايسارع إليه الفساد قبل الاجل قطعا، وشرط بيعه عند الاشراف عليه صح.

وإن شرط نفي البيع بطل، وإن أطلق بطل عند الشيخ(٥) في الكتابين، لان الاطلاق يقتضي قبض الراهن عليه، وصح عند الفاضلين(٦) ويباع ويجعل ثمنه

____________________

(١) وسائل الشيعة: باب ١٢ من أبواب أحكام الرهن ح ١ ج ١٣ ص ١٣٤.

(٢) وسائل الشيعة: باب ١٢ من أبواب أحكام الرهن ح ٢ ج ١٣ ص ١٣٤.

(٣) النهاية: ص ٤٣٥.

(٤) السرائر: ج ٢ ص ٤٢٥.

(٥) المبسوط: ج ٢ ص ٢١٦. والخلاف: ج ٢ ص ١٠٤.

(٦) قواعد الاحكام: ج ١ ص ١٥٩. وشرائع الاسلام: ج ٢ ص ٧٧.

٣٩٤

رهنا للاصل.ولو توهم فساده فهو أولى بالصحة ويباع عند الاشراف على الفساد.

ولو كان على دين حال أو مؤجل يحل قبل تسارع الفساد فلا مانع من الصحة، وإن ظن الفساد قبل القبض بطل، وإن كان بعده لم ينفسخ العقد ولو قلنا ببطلان رهنه مع عدم شرط البيع، لان الطارئ لايساوي المقارن.ومن ثم يتعلق الرهن بالقيمة لو أتلف الرهن متلف وهي دين.ولا يجوز رهن الدين إبتداء فيحنئذ يباع ويتلعق بثمنه.

فروع:

لو اتفق المتراهنان على نقل الرهن عند الخوف من الفساد إلى عين اخرى احتمل الجواز، لان الحق لا يعدوهما، ويجري مجرى بيعه وجعل ثمنه رهنا، ويحتمل المنع، لان النقل لا يشعر بفسخ الاول، ويمتنع البدل مع بقاء الاول.

فإن قلنا: بجواز النقل هنا فهل يجوز في رهن قائم لم يعرض له نقص؟ وجهان مرتبان، وأولى بالمنع، لان المعرض بالفساد يجب بيعه، فهو في حكم الفائت، ونقل الحق إلى بدل الفائت معهود ولا فوات هنا.

الثاني: لو رهن نصيبه في بيت معين من جملة دار مشتركة صح، لان رهن المشاع عندنا جائز، فإن استقسم الشريك وظهرت القرعة له على ذلك البيت، فهو كإتلاف الراهن يلزم قيمته، ولا يلحق بالتلف من قبل الله تعالى.

الثالث: لونذر عتق العبد عند شرط(١) ففي صحة رهنه قبله وجهان.نعم لبقاء الملك وأصالة عدم الشرط، ولا لان سبب العتق سابق والشرط متوقع، وعلى الاول لو وقع الشرط اعتق أو عتق وخرج عن الرهن.

____________________

(١) في (م): عند شرطه.

٣٩٥

ولا يجب إقامة بدله إذا كان المرتهن عالما بحاله، وإلا فالاقرب الوجوب هذا. ولا كراهة في رهن الامة. نعم يكره تسليمها إلى الفاسق وخصوصا الحسناء، إلا أن تكون محرما له، وفي المبسوط(١) يكره رهن الامة إلا أن توضع عند إمرأة ثقة. ولو رهن الثمرة على الشجرة بعد بدو الصلاح أو قبله جاز، ومؤنة الاصلاح على الراهن. ولو اختلطت بالمتلاحق قبل القبض فالاقرب الفسخ، ولو كان بعده لم ينفسخ، وكذا اللقطة من الخيار وحينئذ يصطلحان، وفي المبسوط(٢) لو رهن لقطة منه إلى أجل يحصل فيه الاختلاط بطل.

ولا تدخل الثمرة غير المؤبرة في رهن النخلة، إلا مع الشرط، لاختصاص البيع بالنص. ولو رهن الجدار أو الشجرة ففي دخول الآس أو المغرس وجه بعيد. نعم يستحق بقاؤهما فيهما أبدا.

ولا تدخل الارض في رهن الشجر وإن كانت قليلة لا ينتفع بها على حالها.

(٢٧٩) درس

يجوز اشتراط السائغ في الرهن دون غيره، كشرط عدم تسليمه وعدم بيعه، أو توقفه على رضا الراهن أو أجنبي فيفسد ويفسد، وفي المبسوط(٣) لايفسد الرهن.

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ ص ٢٣٨.

(٢) المبسوط: ج ٢ ص ٢٤٢.

(٣) المبسوط: ج ٢ ص ٢٤٥.

٣٩٦

ولو شرط الراهن على المؤجل الزيادة في الاجل صح عند الفاضل(١) ، خلافا للمبسوط(٢) حيث أبطل الشرط والرهن. ولو شرط في الرهن انتفاع المرتهن به جاز. ولو شرط تملك الزوائد المنفصلة فسد وأفسد على الاقرب، لعدم تراضيهما بدونه. ولو شرط كونه مبيعا عند الاجل بطل، لان البيع لا يكون معلقا. والرهن لايكون مؤقتا إلا بالوفاء.

ويضمن بعد الاجل لاقبله، إلحاقا لفاسد البيع والرهن بالصحيح في الضمان وعدمه. ويمنع الراهن من كل تصرف يزيل الملك كالبيع والهبة، أو ينافي حق المرتهن كالرهن من آخر، أو يعرضه للنقص كالوطئ والتزويج، وفي رواية الحلبي(٣) يجوز وطؤها سرا، وهي متروكة، ونقل في المبسوط(٤) الاجماع عليه.

ولا فرق بين المأمون حبلها لصغر أو يأس، وبين غيرها. ولو وطئ لم يحد وعزر، إلا مع الشبهة، ولو حملت صارت مستولدة. ولا قيمة على الراهن إن قلنا بعدم تبعية النماء في الرهن، ولو قلنا(٥) بالتبعية فكذلك، لان الحر لاقيمة له، ولان استحقاق المرتهن بواسطة ثبوت قيمته في ذمة الراهن، وهو بعيد.

وفي بيعها أو وجوب إقامة بدلها تردد، من سبق حق الراهن، وعموم النهي عن بيعها فيقام بدلها أو يتوقع قضاء الدين أو موت ولدها، ولو كانت مرهونة في

____________________

(١) قواعد الاحكام: ج ١ ص ١٦١.

(٢) المبسوط: ج ٢ ص ٢٣٥.

(٣) وسائل الشيعة: باب ١١ من أبواب أحكام الرهن ح ٢ ج ١٣ ص ١٣٣.

(٤) المبسوط: ج ٢ ص ٢٠٦.

(٥) في باقي النسخ: وإن قلنا.

٣٩٧

ثمن رقبتها فبيعها أوجه، وفي الخلاف(١) يلزم الموسر إقامة بدلها وتباع على المعسر، وأطلق.

ولو وطئ المرتهن فهو زان إلا مع الشبهة، وعليه العقر، وإن طاوعته فلا شئ، وولده رق مع العلم، ومع الجهل حريفك(٢) بقيمته.

ولو أذن له الراهن فلا مهر ولا قيمة عليه عند الشيخ(٣) ، وهو بعيد، إلا أن يحمل على التحليل، لكن كلام الشيخ ينفيه، لان الغرض من الرهن الوثيقة، ولا وثيقة مع تسلط المالك على البيع والوطئ، وغيره من المنافع المعرضة للنقص أو الاتلاف.

وليس له أن يوجره وإن كان الدين حالا، لان الاجارة تقلل الرغبة فيه، وإن كان مؤجلا والمدة لا تنقضي قبله فكذلك، وإن كانت تنقضي فالاقرب البطلان للتعريض بالنقص وقلة الرغبة، وكذا يمنع من الاعتاق موسرا كان أو معسرا، لان يتضمن إبطال حجر لازم بفعل مالكه.

ولا يلزم من نفوذه في حصة الشريك نفوذه هنا، لقيام عتق حصته سببا في ذلك.

ولو انفك الرهن لم ينفذ العتق، لانه لا يقع معلقا، وأولى منه إذا بيع في الرهن ثم عاد إليه.

ولو أذن المرتهن في ذلك كله جاز، وكذا لا يتصرف فيه المرتهن، إلا بإذن الراهن، أو إجازته، إلا العتق فإنه باطل إن لم يأذن.

وليس له إنزاء الفحل المرهون، سواء نقصت قيمته أم لا.

وأما الانزاء على الانثى، فإن كانت آدمية منع منه، وكذا غيرها على الاقوى، لانه يعرضها

____________________

(١) الخلاف: ج ٢ ص ٩٩.

(٢) في (م): يفكه.

(٤) المبسوط: ج ٢ ص ٢٠٦.

٣٩٨

للنقص، وقال الشيخ(١) : ليس للمرتهن منعه من الانزاء مطلقا.

وللراهن رعي الماشية وختن العبد وخفض الجارية، إلا أن يؤدي إلى النقص، وتأبير النخل والمداواة مع عدم خوف الضرر، وكذا تجوز المداواة من المرتهن.

وفي جواز تزويج الامة أو العبد بدون إذن المرتهن للشيخ(٢) قولان، وعلى القول به لايسلمها إلى الزوج بغير إذنه، وهو قريب، وكذا يجوز تدبيره، لانه لاينافي الغرض، خلافا للشيخ(٣) .

ويمنع الراهن من الغرس، لانه ينقص الارض، ومن الزرع وإن لم ينقص به الارض حسما للمادة، فلو فعل قلعا عند الحاجة إلى البيع ولو حمل السيل نوى مباحا فنبت، فليس له إلزامه بإزالته قبل حلول الدين، لعدم تعديه، فلو احتيج إلى البيع قلع إن التمسه المرتهن، فإن بيعا معا ففي توزيع الثمن ماتقدم في بيع الام مع ولدها. ولو شرط ضمان الرهن بطلا، ويحتمل صحة العقد ولا ضمان. ويجوز اشتراط الوكالة للمرتهن والوصية ولوارثه ولاجنبي، ولا يملك الراهن فسخها.

ولو مات أحدهما انتقلت الرهينة دونها، إلا مع الشرط، واشتراط وضعه على يد عدل فصاعدا، واشتراط وكالته في بيعه. وليس للراهن عزله وللمرتهن عزله عن البيع، لان البيع لحقه، ولهذا يفتقر إلى إذنه عند حلول الاجل، ولا يفتقر إلى إذن الراهن.

ولو مات العدل أو فسق أو جن أو اغمي عليه زالت الامانة والوكالة، وكذا لو صار عدوا لاحدهما، لان العدو لا يؤتمن على عدوه، فإن اتفقا على غيره، وإلا

____________________

(١) المبسوط: ج ٢ ص ٢٣٨.

(٢) المبسوط: ج ٢ ص ٢٣٨.

(٣) المبسوط: ج ٢ ص ٢١٣.

٣٩٩

استأمن الحاكم عليه.

ولو باع فالثمن بيده أمانة، فلو تلق فمن ضمان الراهن. ولو ظهر المبيع مستحقا فالدرك عليه لا على العدل، إلا أن يعلم بالاستحقاق. ولو اختلفا فيما يباع به بيع بنقد البلد بثمن المثل حالا، سواء كان موافقا للدين، أو اختيار أحدهما، أم لا. ولو كان فيه نقدان بيع بأغلبهما، فإن تساويا فبمناسب الحق، فإن بايناه عين الحاكم إن امتنعا من التعيين. ولو كان أحد المتباينين أسهل صرفا إلى الحق تعين، وللعدل رده عليهما، لان قبول الوكالة جائز من طرف الوكيل أبدا، فإن امتنعا أجبرهما الحاكم، فإن استترا نصب الحاكم عدلا يحفظه.

وليس له تسليمه إلى الحاكم، إلا مع تعذرهما، ولو دفعه إلى أحدهما ضمن هو والمدفوع إليه، وقرار الضمان على من تلف في يده. ولو أضطر العدل إلى السفر، أو أدركه مرض يخاف منه الموت، أو عجز عن الحفظ وتعذر أسلمه إلى الحاكم، فإن تعذر فإلى عدل بشهادة عدلين. ولا يجوز وضعه عند العبد إلا بإذن مولاه، وكذا المكاتب إذا كان مجانا، ولو كان(١) بجعل أو إجرة لم يعتبر إذن المولى.

ويصح إشتراط رهن المبيع على الثمن وفاقا للفاضلين(٢) ، وأبطل الشيخ(٣) العقد به، لانه شرط رهن ما لا يملك، إذ لا يملك المبيع قبل تمام العقد، ولان قضية الرهن الامانة والبيع الضمان وهما متنافيان، وتبعه ابن إدريس(٤) ، ويظهر من الخلاف(٥) صحة البيع وفساد الشرط.

____________________

(١) في (م): وإن كان.

(٢) المختلف: ج ١ ص ٤٢١. وشرائع الاسلام: ج ٢ ص ٧٧.

(٣) المبسوط: ج ٢ ص ٢٣٥.

(٤) السرائر: ج ٢ ص ٤٢٩.

(٥) الخلاف: ج ٣ ص ٢٥٤.

٤٠٠