إشارة السبق الى معرفة الحق الجزء ٢

إشارة السبق الى معرفة الحق66%

إشارة السبق الى معرفة الحق مؤلف:
تصنيف: فقه استدلالي
الصفحات: 56

  • البداية
  • السابق
  • 56 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 3992 / تحميل: 5986
الحجم الحجم الحجم
إشارة السبق الى معرفة الحق

إشارة السبق الى معرفة الحق الجزء ٢

مؤلف:
العربية

اشارة السبق إلى معرفة الحق الجزء الثاني

تأليف

الشيخ الفقيه الجليل أبي الحسن علي بن الحسن بن ابي المجد الحلبي

تحقيق الشيخ ابراهيم بهادري وتليها

قاعدة ضمان اليد للشهيد الشيخ فضل الله النوري

١

رسالة قاعدة ضمان اليد

تأليف

شيخ الاسلام والمسلمين آية الله العظمى الشهيد فضل الله النوري

- قدس سره - ١٢٥٩ – ١٣٢٧

تحقيق الشيخ قاسم شيرزاده

٢

بسم الله الرحمن الرحيم

الشيخ فضل الله النوري - قدس سره - رجل العلم والجهاد على الشهادة والكرامة والعلى * وحليف علم الدين والآثار الحمد لله الذي خص أصحاب الشهادة بالسعادة، واصطفاهم لدار العز والكرامة، ثم الصلاة والسلام على نبيه وآله الطيبين الطاهرين، وعلى عباد الله الصالحين، لاسيما الشهداء والصديقين.

اما بعد: فإن العالم العامل، يضيئ الطريق للسائي، والشهيد يكتسح العقبات والعراقيل للسالك، فالعالم بمداده وحبره ينير العقول، ويزيل الظلمات والاوهام عن البصائي والافكار، والشهيد بتضحيته يزيل المانع، ويقطع أيدي المتطاولين على شرف الامة ودينها، وثروتها، فالشهيد والعالم بطلان يسيران على طريق واحد، يهدفان إلى هدف فارد، بهما انيط بقاء الاسلام، بجهادهما وجهودهما يتهافت الكفر والالحاد.

هذا إذا جردت الشهادة، عن العلم، فما ظنك بمن كرس حياته بالعلم والدراسة وكللها بالشهادة في سبيل الله فقد حاز حينئذ فضيلة المزيتين، وصار رجلا مثاليا في مجالي القلم والسيف، وفاز القدح المعلى.إن الانسان يتصور في بادئ الامر: أن الشهداء‌هم وحدهم الابطال في

٣

ميدان الدفاع والجهاد، دون حملة الفكر والعلم، أو قادة البيان والخطابة، أو أن العلماء‌هم الذين لايهمهم شئ سوى تدارس العلم وكتابته، وإلقاء الخطابة، وبالتالي هم أمراء البيان وأصحاب الفتيا، فهم يخوضون الوعظ والارشاد ولا يقتحمون لجج المعارك الدامية، ولا تعرفهم ساحات القتال.

هذا هو الذي يتصوره البعض من مفهومي العالم والشهيد، ولكن عند ما يسبر الانسان تاريخ العلم والشهادة ويقرأه بإمعان وهدوء، ينتبه إلى خطأ الفكرة، لانه يجد في ثنايا التاريخ بل في متونه، مجموعة كبيرة من العلماء والمفكرين بين مقتول في المعارك الدامية، ومستشهد في ميادين الحروب الضارية، بين مصلوب على المشانق والاعواد، وبين مقيد في قعر السجون بقي فيها إلى أن لفظ أنفاسه الاخيرة في ظلمها، وبلين مسموم احترقت أحشاؤه وأمعاؤه إلى غير ذلك من الوان التعذيب.

وكأن شاعرنا المبجل المفلق الفقيه الشيخ محمود البغدادي يشير بقوله إلى هذا لمعنى وفي حق هذا النمط من العلماء الشهداء حيث قال:

رجلان في دنيا الثبات

وهبان الحياة إلى الحياة

رجل الصراع المريع‍

صف باللئام وبالطغاة

والعالم الوثاب أمن‍

ية الشعوب الناهضات

عاشا بلاذرات وماك‍

العز في سحق الذوات

فكانوا يمثلون قول الامام الوصي أميرالمؤمنين - عليه أفضل صلوات المصلين -: " رهبان بالليل واسد بالنهار "(١) فلم يحجهم الخوض في المفاهيم السامية والمعاني الدقيقة أو عكوفهم على استنباط الاحكام من الكتاب والسنة، عن خوض عباب الحروب

___________________

١ - بحار الانوار: ٨٣ / ٢٠٧ من كلام الامام - عليه السلام - لنوف البكالي.

٤

وتحمل قتار الغزوات، ومجابهة الاعداء، وفي الحقيقة هؤلاء‌هم الامة المثالية والطبقة الوسطى في المجتمع أثنى عليهم الذكر الحكيم(١) ، وبجلتهم السنه الكريمة، و أكبرتهم الشعوب الاسلامية في كل عصر.وها نحن نوقفك على حياة عالم كبير، ومصلح عظيم من هذا النمط...عالم كرس حياته في مدارسة العلم، وإصلاح المجتمع، وختمها بالشهادة، وكان أكبر قائد روحي في عاصمة ايران - طهران - كافح الضلال والالحاد، وجابه ضوضاء الباطل بلسانه وقلمه.

ألا وهو الشيخ العلامة آية الله العظمى الشيخ فضل الله النوري - قدس الله سره -: شهيد الصمود في طريق الحق والفضيلة، ودفع التطاول على المقدسات الاسلامية، بأيدي رجال متغربين، أرادوا القضاء على الاسلام وأهله، تحت غطاء الثورة على الرجعية والتخلف، وواجهة انشاء نظام ديمقراطي برلماني، فكان شعارهم هذا، كلمة حق يراد بها باطل فقد حاولوا إبعاد الاسلام عن الساحة، وإحلال الكفر والالحاد مكانه، تحت شعارات خداعة، وعناوين رنانة، فكانوا يديفون السم بالعسل.

لقد ظهرت - في العقد الثالث من القرن الرابع عشر في المنطقة - فكرة الحرية والتخلص من السلطة الاستبداديه والقضاء على حكومة الفرد على الشعب، بإحلال الحكومة البرلمانية مكان الملكية، وقد ظهرت هذه الفكرة في المجتمع الايراني بعد ما كانت السلطة عبر القرون والاجيال هي السلطة الفردية المتمثلة في النظام الملكي، ولما برزت فكرة التحرر بثوبها الرائع، وجمالها الخداع، النجذبت إليها القلوب، وتعلقت بها النفوس، فصارت فاكهة المجالس وزينة العرائس، يتحدث عنها الناس في كل مناسبة، وكل مكان، حتى استهوت لفيفا

___________________

١ - حيث طبقوا العلم على العمل، دعوا للجهاد والقتال، فقدموا النفس والنفيس في ذلك المضمار.

٥

من العلماء والآيات والمراجع في العراق، مثل الشيخ محمد كاظم الخراساني، والشيخ حسين الطهراني والشيخ عبدالله المازندراني - قدس الله أسرارهم - فصوتوا مع الامة، وأفتوا بلزوم تطريقها على صعيد الحكومة والواقع.

وكان شيخنا المترجم له في عاصمة إيران، ممن يدعم هذه الفكرة ويؤيدها، فترة قليلة من الزمن، ولما أشرفت النظرية على مرحلة النضوج، وقف على أن الفكرة سراب لا ماء، وأن الهدف من التظاهر بالحرية، هو الانحلال والتجرد عن الضوابط الشرعية، والقوانين الالهية، وبالتالي إقصاء الاسلام عن جميع المجالات: القضائية، الثقافية، والاجتماعية، والاخذ بالانظمة الالحادية، وحصر الاسلام في المنازل والبيوت، وقصره على الاحوال الشخصية كالزواج والطلاق والميراث.

فلما وقف شيخنا المترجم المغفور له على خطورة الموقف، ثارت ثائرته وأحس أن هذا هو الوقت الذي عناه نبي العظمة صلى الله عليه وآله إذ قال: " إذا ظهرت البدع في أمتي فليظهر العامل علمه، وإلا فعليه لعنه الله "(١) فشرع في إيقاظ الناس من الغفلة، وتنبيههم على المؤامرات التي تحاك ضدهم، واستمرت مواجهته للفكرة سنوات عديدة فلقي في ذلك ما يلاقي فيه كل مصلح غيور على أمته ودينه.

لقد كان لخطابات شيخنا وكتاباته إلى الزعماء والروساء، تأثير بالغ في منع الامة من التسرع إلى التصويت مع أصحاب تلك الفكرة إلى أن بلغ السيل الزبى، ولم تجد الطغمة المعتدية على شرف الشعب ودينه، مناصا من المؤامرة على الشيخ وقتله بصورة بشعة تكون عبرة لغيره، فاختطفوه من داره بعد هجوم عنيف عليها في الثالث عشر من شهر رجب من شهور سنة ١٣٢٧ ه‍ فساقوه وحيدا إلى المديرية العامة للشرطة وحاكموه محاكمة صورية، وأصدر القاضي حكما بإعدامه شيقا،

___________________

١ - الكافي ١: ٥٤ باب البدع والرأي.

٦

وقد كان الحكم هذا مهيئا قبل المحاكمة، ثم أخرجوه من المديرية بعد المحاكمة ولم تمض بضع دقائق حتى رؤي حثمانه الطاهر مشنوقا وأعداؤه حوله يصفقون ويظهرون المسرة والابتهاج، فلقى ربه بحياة مشرقة وجهاد متواصل، ومضى شهيدا بيد الظلم والعدوان في سبيل الحمية والدين، وقد رثاه غير واحد من العلماء والشعراء، نكتفي بأبيات من قصائد الاديب الاريب والحكيم البارع السيد أحمد الرضوي البيشاوري نزيل طهران(ت ١٣٤٩ ه‍) بقوله:

لازال من فضل الاله وجوده

جود يفيض على ثراك همولا(١)

روى عظامك وابل من سيبه

يعتاد لحدك بكرة وأصيلا

تلكم عظام كدن أن يأخذن من

جو إلى عرش الاله سبيلا

همت عظامك أن تشايع روحها

يوم الزماع(٢) إلى الجنان رحيلا

فتصعدت معه قليلا ثم ما

وجدت لسنة ربها تبديلا

فالروح ترقى والعظام تنزلت

كالآية اليوحى بها تنزيلا

آمنت إذ حادوا برب محمد

وصبرت في ذات الاله جميلا

خنقوك لا حنقا عليك وإنما

خنقوك كي ما يخنقوا التهليلا(٣)

ولعمر الحق إن القصيدة هي القصيدة الفريدة في باب الرثاء في علو المضمون، وبداعة المعاني، ورصانة الاسلوب، ولو افتخر أبوالحسن التهمامي عند رثاء ولده بقصيدته المعروفة التي تنوف على سبعين بيتا وكلها حكم وأمثال، فليفتخر شاعرنا المبجل الاديب البيشاوري بهذه القصيدة الزاهرة.

___________________

١ - هملت السماء: دام مطرها.

٢ - يوم الخوف والذعر.

٣ - وكأنه اقتفى " الشاعر المعروف ب " ديك الجن " حيث يرثي الحسين سيد الشهداء بقوله: ويكبرون بأن قتلت وإنما قتلوا بك التكبير والتهليلا تكملة أمل الآمل للسيد حسن الصدر: ٢٦٠.

٧

لقد استقبلت قصيدة التهامي استقبالا رائعا وحل في القلوب حيث يقول:

حكم المنية في البرية جار

ما هذه الدنيا بدار قرار

بينا يرى الانسان فيها مخبرا

حتى يرى خبرا من الاخبار

وما أحسن قوله في تلك القصيدة:

جاورت أعدائي وجاور ربه

شتان بين جواره وجواري(١)

وما ألطف وأرق قول شاعرنا المفلق:

همت عظامك أن تشايع روحها

يوم الزماع إلى الجنان رحيلا

ويجدر بي أن أقول في حقها كلمة اخرى وهي ك إن هذه القصيدة التي نقلنا منها عدة أبيات أشبه بقصيدة أبي الحسن الانباري في رثاء أبي طاهر بن بقية الذي صلبه عضدالدولة - بقوله:

علو في الحياة وفي الممات

لحق أنت إحدى المعجزات

يصف المشنوق وصفا عجيبا ويقول:

ولم أر قبل جذعك قط جذعا

تمكن من عناق المكرمات

ومالك تربة فأقول تسقى

لانك نصب هطل الهاطلات

ركبت مطية من قبل زيد

علاها في السنين الماضيات

وتلك قضية فيها تأس

تباعد عنك تعيير العداة(٢)

هكذا كان ختام حياة شيخنا المعظم وإليك لمحة عن أوليات حياته

___________________

١ - القصيدة برمتها موجودة في جواهر الادب / ٦١٦.

٢ - القصيدة موجودة في جواهر الادب / ٦٢٤، توفي ابوالحسن الانباري عام ٣٢٨.

٨

وأوسطها إلى أوان شهادته وهي تسلط الضوء على مكارمه وفضائله.

ولد شيخنا في قرية " لاشك " من توابع كجور من مدن مازندران عام ١٢٥٩ ه‍.ق وتلقى الاوليات في منطقة نور ثم غادر إلى طهران، وجد في دراسته، إلى أن نال بعض ما كان يتمناه ولم يكتف بما أخذه في البلدين فأعد العدة للسفر إلى النجف الاشرف - عاصمة العلم للشيعة - وهو بعد في عنفوان الشباب وفي أوائل العقد الثالث من عمره، فنزل مدينة النجف بحضر عند أساطين العلم، وأخص بالذكرمنهم:

١ - الفقيه الجليل الشيخ راضي من آل خضر النجفي علم الفقه الخفاق، والزعيم الكبير في النجف الاشرف(ت١٢٩٠).

٢ - الفقيه والتحقيق الشيخ حبيب الله الرشتي(١٢٣٤ - ١٣١٢ ه‍)، وكان من كبار الفقهاء والمدرسين في عصره، حضر أبحاثه سنين متمادية وكتب من أبحاثه الشئ الكثير، منها هذه الرسالة التي يزفها الطبع للقراء وقد عرضها بعد التأليف على أستاذه فكتب عليها كلمة قيمة نأتي برمتها عن قريب.

٣ - القائد المناضل الكبير والمرجع الاعلى للشيعة في عصره السيد محمد حسن الشيرازي(١٢٣٠ - ١٣١٢ ه‍) حضر أبحاثه في النجف الاشرف، ولما غادر الامام الشيرازي ذلك البلد، وألقى رحله في سامراء سنة ١٢٩١ ه‍، ارتحل شيخنا مصطحبا خاله العلامة المحدث الكبير الشيخ حسين النوري(ت ١٣٢٠ ه‍) مؤلف مستدرك الوسائل في السنة التالية(١٢٩٢ ه‍)، وبقي بها إلى أوائل القرن الرابع عشر حتى غادرها سنة ١٣٠٣ ه‍ إلى عاصمة ايران - طهران -، كقائد روحي وأستاذ كبير، ومرجع علمي، فقام بواجبه في مجالات العلم وخدمة المجتمع وإحياء القيم الاسلامية إلى أن لقي ربه شهيدا.

٩

كلمات الثناء في حق المترجم:

١ - يقول المحدث الكبير خاله الشيخ حسين النوري في حقه: عالم فاضل، ومجمع المحاسن والفواضل، مالك أزمة الفروع والاصول، والآخذ بنواصي المعقول والمنقول، علم الاعلام، والحبر القمقام - ابن اختنا المفخم الشيخ فضل الله النوري....(١) .

٢ - ويقول المجتهد الكبير أستاذه الرشتي في تقريظه لرسالة المترجم له ما هذا نصه: بسم الله الرحمن الرحيم أيها الواقف على هذه الاوراق، لو خضت زواجر البحار، وضربت آباط الابل في مهامة القفار، لما وجدت أحسن مما فيها تحقيقا، وأزيد منه تدقيقا، فمن الواجب أن ينادى بفضل صاحبها في كل ناد، ويحث إليها الركاب في كل بلاد، فقد سرحت فيها لحظي فرأيتها ملحظا وجيها، وأمعنت فيها نظري فوجدتها منظرا صبيحا، فكم أودع فيها من الدرر الفاخرة، واللآلي الباكرة، فيليق ان يكتب بالتبر على الاحداق، لا بالحبر على الاوراق، فلله در مؤلفها وهو العالم الاواه قرة عيني، الشيخ فضل الله - له فضله وعلاه - فقد أتعب نفسه وعرق جبينه، في تحصيل القواعد العلمية، والاصول الاجتهادية، التي يدور عليها مدار الاجتهاد وبها يصح أعمال العباد.

وحضر لدي ولدى الاساتيذ العظام، والاساطين الكرام، شطرا وافيا من الزمان، ودهرا طويلا كافيا من الاوان، فبلغ بحمد الله مناه، وصار عالما ربانيا،

___________________

١ - مقدمة " شجره طوبى " للمحدث النورى.

١٠

وعلما حقانيا، مجتهدا ماهرا، متبحرا كاملا، جامعا للمعقول والمنقول، فحقيق أن يرجع إليه عباد الله المؤمنين في أمور دينهم، وينقادون إليه فيما يتعلق بآخرتهم ودنياهم، وفي حقه وأمثاله ورد في الاثر من سيد البشر: الراد عليه راد علينا، وهو في حد الشرك، معاذ الله منه ومن شر الشيطان، وسيئات الاعمال، ورجائي منه هو سلوك طريق الاحتياط في الاحكام والمؤضوعات، وأن لاينساني عن الدعوات عند قاضي الحاجات، إنه ولي التوفيق.

حبيب الله الغروى الجيلاني.

٣ - قال العلامة الاميني عند سرد حياته: قفل شيخنا المترجم له إلى طهران، ولم يبرح بها إماما، وقائدا روحيا، وزعيما دينيا، يعظم شعائر الله، وينشر مآثر دينه، ويرفع أعلام الحق، ويبرز كلمة الحقيقة حتى حكمت بواعث العيث والفساد، بعد ما جابه الالحاد والمنكر، زمنا طويلا، فمضى شهيدا بيد الظلم والعدوان، ضحية الدعوة إلى الله، ضحية الدين، ضحية النهي عن المنكر، ضحية الحمية والديانة، ودقن في دار المؤمنين بلدة قم.(١) وقد أثنى الموافق والمخالف على الشيخ وكثر عليه الثناء من مختلف الطبقات، حتى لم يجد المعاند منتدحا من الاعتراف بدينه وصلابته في طريق عقيدته، ومسؤوليته أمام شعبه ودينهم، وانه هو الذي اختار الشهادة والقتل في سبيل الله، على التعاون مع هؤلاء رجال العيث والفساد.

وأنا أستميح الشيخ الشهيد عذرا حيث أعيى البيان وضاق المجال عن ترجمته بجميع نواحيه العلمية والسياسية وخدماته الاجتماعية وزمالته لزعماء

___________________

١ - شهداء الفضيلة: ص ٣٥٧ وله في بلدة قم مقبرة عامرة، حيث دفن في إحدى حجرات الصحن الشريف حيث تزور تربته عامة الطبقات.

١١

الدين، وأخص بالذكر السيد الكبير الشيرازي في مسألة تحريم التدخين الصادر عام ١٣٠٨ ه‍ فقد ذكر غير واحد من المؤرخين مواقفه المشكورة في ذلك المجال، ولنكتف ببيان آثاره العلمية الواصلة إلينا.

آثاره العلمية خلف الشيخ آثارا واشتغل بالتأليف من أيام شبابه إلى شيخوخته غير أن مؤلفاته لم تزل مخطوطة لم تر النور إلا القليل النادر منها.وإليك بعض ما وقفنا على أسمائه وخصوصياته.

١ - درر التنظيم منظومة حول القواعد الفقيه وقد طرح فيها خمسا وعشرين قاعدة فقهية مع الاشارة إلى مبانيها، صاغها في بوتقة النظم، وهو في أواخر العقد الثاني من عمره أي شرع فيها عام ١٢٧٩ ه‍، يقول فيها:

قد انتقضى من سني العشرونا

في سنه التاسعة والسبعونا

من بعد ألف وكذا المائتين

من هجرة النبي دون المين(١)

وقد ختمه بقوله: قد وقع الفراغ من تصنيف هذه النسخة بيد مؤلفه الفقير فضل الله بن عباس النوري يوم الاحد سابع عشر ذي القعدة الحرام سنة ١٢٨٠ ه‍ في دار الخلافة طهران ويبلغ عدد الابيات خمسمائة بيت، وإليك القواعد التي طرحها الشيخ في تلك المنظومة:

___________________

١ - المين: الكذب.

١٢

١ - الاسباب الشرعية معرفات لاعلل حقيقية.

٢ - الاصل عدم تداخل الاسباب.

٣ - في قاعدة لا ضرر ولا ضرار.

٤ - في قاعدة العقد ينحل إلى العقود.

٥ - القاعدة العقيلة لا تخصص.

٦ - دلالة الالفاظ وضعية لا ذاتية.

٧ - الاصل عدم جواز التوكيل إلا ما خرج.

٨ - أصاله الطهارة في الشبهة الحدثية والخبثية.

٩ - الاصل في الدماء، النجاسة.

١٠ قاعده الامكان في الحيض وبيان حدودها.

١١ - من جملة أسباب الضمان، اليد.

١٢ - من جملة ما جعل الشرع سببا للضمان، الاتلاف.

١٣ - من جملة اسباب الضمان، الاخذ بالعقد الفاسد.

١٤ - من جملة ما جعله في الشرع سببا للضمان، الغرور.

١٥ - من جملة ما جعله في الشرع سببا للضمان، التعدي والتفريط.

في مسقطات الضمان:

١٦ - من جمله المسقطات في الشرع، الاحسان.

١٧ - من جملة المسقطات في الشرع، الاقدام.

١٨ - من جملة المسقطات في الشرع، الاستيمان.

١٩ - من جمله المسقطات في الشرع، الاذن من ذي السطان.

١٣

٢٠ - قاعدة القرعة وتشخيص مواردها.

٢١ - في أن الاصل، وجوب القضاء، في ما وجبت فيه الاعادة.

٢٢ - في قاعده من ملك شيئا ملك الاقرار به.

٢٣ - في بيان حرمة الاسراف ومدركها.

٢٤ - عدم حجية عدم القول بالفصل " إذا كان البعض مثبتا بالاصل ".

٢٥ - في شأن اشتراط العربيه في العقود.

والمنظومة بعيدة عن التكلف والتعسف يقرأها الانسان بسهولة، وإليك نماذج منها وهو طرح دلالة الالفاظ على المعاني وأنها وضعية أو ذاتيه:

وعن سليمان بن عباد حكي

دلالة اللفظ لذاته فاترك

حجته لزوم ترجيح بلا

مرجح، كذاك منه نقلا

لكنه مخالف المشهور

مخالف لمذهب الجمهور

لانها وضعية تدور

مدار وضع وهو المنصور

لو لم تكن، لم يكن المنقول

لان ما بالذات لا يزول

وقد أشار في البيت الاخير إلى أن دلالتها وضعية لاذاتية وإلا لامتنع نقل لفظ من معنى إلى معنى، والسير في المنظومة يعرب عن أنه قرأ القواعد والفوائد للهيد الاول(٧٣٤ - ٧٨٦ ه‍) والعوائد للشيخ أحمد النراقي(ت ١٢٤٨ه‍)، والعناوين للعلامة السيد فتاح المراغي الذي فرغ منه عام ١٢٤٥ ه‍، وتوفي عام ١٢٥٠ ه‍.

فربما يرد عليهم أو يقبل قول بعضهم وهو في أوائل العقد الثالث من عمره.(١)

___________________

١ - توجد نسخة من هذا الكتاب في المكتبة المركزية لجامعة طهران.

١٤

٢ - رساله المشتق هذه الرساله تقرير لآراء أستاذه الكبير السيد المجدد الشيرازي طبعت عام ١٣٠٥ ه‍ ضمن رسائل للشيخ الانصاري وتلميذه الجليل الشيخ أبي القاسم الطهراني المعروف ب‍: كلانتر(ت ١٣١٣ ه‍) مؤلف مطارح الانظار الذي هو تقرير لدرس أستاذه الانصاري.

٣ - حرمة الاستطراق إلى مكة عن طريق جبل هذه الرسالة ألفها الشيخ بعد ما زار بيت الله الحرام من هذا الطريق ورأى فيها المخاوف التي تحدق بالزائر ذهابا وإيابا ووجد فيه عدم الامن وعدم تخلية السرب، وقد أفتى بالحرمة غير واحد من مراجع ذلك العصر وطبعت الرسالة عام ١٣٢٠ ه‍.

٤ - الصحيفة المهدوية أو القائمية جمع فيها أدعية الامام المنتظر وهي بعد غير مطبوعة ألفها في أخريات أيام إقامته في سامراء بالعراق عام ١٣٠٢ ه‍.وقد كتب عليها خاله العلامة المحدث النوري تقريظا، وأطرى فيها على المؤلف ابن أخته وأجازه في الرواية.

٥ - تذكره الغافل وإرشاد الجاهل كانت هذه الرسالة قارعة على رؤوس المخالفين الذين كانوا يؤيدون الحركة الدستورية غير الشرعية وقد طبعت عام ١٣٢٦ ه‍.وقد فضح فيها أهداف

١٥

أصحاب تلك الحركة المشبوهة، وأيقظ الناس على ما يبيت لهم في تلك المؤامرة الخطيرة.

ثم إن للشيخ خطبا ومكاتيب، وبيانات بليغة مدوية، لو جمعت في موضع واحد لتكون منها سفر قيم، وكتاب ثمين، تتجلى فيه بلاغة الشيخ الشهيد، وقوة بيانه، وعمق تفكيره، وشجاعة جنانه، وبعد نظره، وأصالة رأيه.

٦ - رسالة قاعدة ضمان اليد هذه الرسالة هي التي يزفها الطبع الآن إلى القراء وهي تعرب عن تضلعه في الفقه، وإحاطته بالفروع وهذه الرسالة موجودة بخطه الشريف في مكتبة مشهد الرضوي برقم ٩٦٣٢.وبما أنه غادر النجف الاشرف عام ١٢٩٢ ه‍.يرجع تاريخ تأليفها إلى قبيل عام المغادرة، بشهادة أن المحقق الرشتي قرظها وهو في النجف الاشرف يحضر أندية دروس الاكابر. ولاجل إحياء مآثر شهيدنا المبجل ونظرا لما في تلك الرسالة من بدائع الافكار، قام الشيخ الفاضل العلامة الشيخ قاسم شيرزاده بتحقيقها وتصحيحها والتعليق عليها حسب الحاجة، وقامت مؤسسة النشر الاسلامي لجماعة المدرسين بنشرها، فشكر الله مساعي المولف والمعلق وشكر جهد الناشرين لافكار علمائنا الابرار، وآثارهم.مصادر المقدمة لقد كثر التأليف والتحقيق حول شخصية وحياة شيخنا الشهيد النوري

١٦

من الموافق والمخالف، ربما تربو على العشرين كتابا بين مختص به أو مشير إليه ضمن دراسات أخرى.

وها نحن نشير إلى بعض تلكم المصادر:

* - باللغة العربية.

١ - أعيان الشيعة - للسيد محسن الامين العاملي(ت ١٣٧١ ه‍) ج ٢٤ طبعة بيروت.

٢ - شهداء الفضيلة - للشيخ عبدالحسين الاميني(١٣٢٠ - ١٣٩٠ ه‍) ص ٣٥٦ - ٣٥٨.

٣ - معارف الرجال في تراجم العلماء والادباء للشيخ محمد حسين حرز الدين ج ٢ ص ١٥٨.

٤ - أحسن الوديعة في تراجم مشاهير مجتهدي الشيعة، للسيد محمد مهدي الموسوي ج ٢ ص ٩١.

٥ - نقباء البشر في علماء القرن الرابع عشر للشيخ آغا بزرك الطهراني(١٢٩٣ - ١٣٨٩ ه‍) مخطوط.

* - المصادر باللغة الفارسية (فهي كثيرة جدا نشير إلى بعضها)

١ - المآثر والآثار، تأليف اعتماد السلطنة، طبع في طهران ١٣٠٦ ه‍ ص ١٣١.

٢ - مقال " عقائد وآراء شيخ فضل الله نورى " تأليف فريدون آدميت، نشره ضمن مجلة " جمعه ".

١٧

٣ - بايدارى تا باى دار، تأليف المحقق البارع الشيخ علي أبوالحسني، طبع عام ١٣٦٨ ه‍.ش، وهذا الكتاب أوسع ما ألف حول حياة الشيخ وأهدافه.

٤ - شيخ فضل الله نورى ومشروطيت ; روياروئى دو انديشه، تأليف ولدنا المحقق الشيخ مهدي الانصاري طبع عام ١٤١١ ه‍.

٥ - ريحانة الادب لاستاذنا الجليل الشيخ محمد علي المدرس التبريزي(١٢٩٦ - ١٣٧٣ ه‍).

٦ - مكتوبات، اعلاميه‌ها... بيرامون نقش شيخ شهيد فضل الله نورى، بقلم محمد تركمان، ٢ - ١.

ومن أراد التوسع في معرفة المصادر فليرجع إلى ما ألف حوله - رحمه الله -.قم - ٢٠ شعبان المعظم عام ١٤١٢ مؤسسة الامام الصادق عليه السلام جعفر السبحاني

١٨

بسم الله الرحمن الرحيم رسالة " قاعدة ضمان اليد " من القواعد المقررة عند الاصحاب " قاعدة ضمان اليد " وقد تداول فيهم الاعتماد عليها، في أغلب الابواب.

والاصل في ذلك النبوي المشهور " على اليد ما أخذت حتى تؤدي " أو " حتى تؤدية "(١) وإرسال الاستدلال به في كتب الاصحاب قديما وحديثا من غير نكير قطعا.

فلنعطف عنان القلم إلى دلالته، ولقد اطلعت على كلام لبعض المتأخرين، حيث حكم بإجماله من حيث احتياجه إلى التقدير، وتردده بين أمور لا يرجح بعضها على بعض، وأطال الكلام فيه بما لايخلو كل سطر منه عن وجوه النظر لايهمنا التعرض لها ونحن نشير إلى ما يساعد إليه النظر بتوفيق الله وإعانة رسول الله والائمة الاثنى عشر - عليهم صلوات الله ماطلعت الشمس والقمر -.

فنقول: بعد مساعدة الظاهر، على أن المأخوذ نفسه، على صاحب اليد، المعبر عنه باليد، لمناسبة أنه الآلة في البطش والقبض غالبا بالنسبة إلى سائر

___________________

١ - أخرجه أصحاب السنن والمسانيد مسندا، لاحظ سنن إبن ماجة ٢ / ٨٠٢، وسنن البيهقي ٦ / ٩٠، ومسند أحمد ٥ / ٨ و ١٢، ورواه المحدث النوري في المستدرك ١٧ / ٨٨ مرسلا والحديث ينتهي إلى " سمرة بن جندب " وحاله معلوم ولكن إتقان المتن يحكي عن صحته وإن كان السند ضعيفا.

١٩

الجوارج كإطلاق العين، على الريبة لمناسبة حصول الاطلاع منها: إن معنى كون الشئ المأخوذ على صاحب اليد، أنه في عهدته، وهو إطلاق شائع في العرف قريب في تفاهمهم.

وتوضيح ذلك ; أنه كما أن الذمة أمر معتبر عند العقلاء، قابلة لان يعتبر ثبوت المال فيها فيحكم باشتغالها، وأن يعتبر عدمه فيها، فيحكم بفراغها، فكذلك العهدة أيضا اعتبار عقلائي ; صح اعتبار ثبوت العين فيها وعدمه.

فكما أن مفاد قول القائل: " علي دين كذا " ; الاخبار بثبوت المال في الذمة، فكذا قوله: " علي العين الفلاني " ; إخبار بثبوت العين في العهدة، وكلاهما اعتباران عند العقل والعقلاء، موجودان في الخارج بوجود منشأ انتزاعهما كسائر الاعتبارات العقلائية الانتزاعية، كالملك والحق ونحوهما، سيحكمون عليهما بآثار كثيرة في مقاصدهم ومهماتهم.

بل صح الحكم باعتبارهما في وجه واحد، وإنما الفارق بينهما ; أنهم يسندون إلى الذمة مطلق المالية الكلية، وإلى العهدة المقيدة منها بالتشخصات العينية، فكلمة " علي " في المقامين ; للاستعلاء الحاصل في ثبوت متعلقة على وجه البت والجزم ; بحيث يتقطع به الاختيار.

فصار معنى الرواية على مايساعده النظر بحسب متفاهم العرف ; أن المال المأخوذ نفسه على عهدة الآخذ، أي محكوم بأنه على عهدته، كما هو المحكم في القضايا الشرعية ما لم يثبت أنها اخبار حتى يؤديه إلى مالكه، ولا يذهب عليك أنها مسوقة حينئذ لبيان الحكم الوضعي وأما وجوب الحفظ والاداء، عينا أو بدلا فهو من لوازم العهدة ولا حاجة إلى تقديرها، بل ولا حاجة إلى تقديره العهدة إذ هي عبارة

٢٠

عن ثبوته عليه.

ثم إنه يحتمل أن تكون الرواية مخصوصة بإثبات عهدة العين إلى غاية الاداء من دون تعرض لحكم صورة التلف، وثمرة إثبات العهدة لزوم أدائها.

فإن قلت: إنه لا معنى حينئذ لجعل الاداء غاية لوجوب الاداء، لانه من توضيح الواضح، لثبوت كل شئ إلى أن يرتفع، وثبوت كل حكم إلى أن يمتثل.

قلت: القضية غير مسوقة بمدلولها المطابقي لوجوب الاداء حتى تكون الغاية ثابتة له، بل إنما مدلولها المطابقي هو: الحكم بثبوت العين في العهدة، وسيقت الغاية غاية لهذا الثبوت، ولايخفى أن ارتفاع ثبوت العين فيها بالاداء، ليس من الواضحات ولا مما حكم به العقل، إذ من الممكن ثبوتها فيها على وجه الدوام غير ممتد إلى غاية، إلا أنه حكم الشرع الشريف بارتفاعه عند الاداء.

ولازم هذا الوجه ; أنه لوتلفت العين ; فالعهدة باقية إلى يوم القيامة ولا تسقط بشئ لانحصار الغاية المجعولة في الاداء وإن قلنا بلزوم أداء المثل والقيمة لو قام عليه دليل، إذ الرواية حينئذ ساكتة عن حكم صورة التلف.

لكن الانصاف: أن اللوازم المذكورة مما لا يلتزم به الفقيه، لوضوح إمكان تفريغ العهدة عند الفقهاء، وأنه لامستند لهم في تضمين المثل والقيمة في كثير من الموارد إلا الحديث المذكور بل ترى منهم أنهم استفادوا منه خصوص صورة التلف، فتدبر.

ويحتمل أن تكون مخصوص العين بمرتبتها الشخصية، بل تعمها بجميع مراتبها، الاقرب فالاقرب، والامثل فالامثل، فتكون الرواية بمدلولها المطابقي دالة على ثبوت المراتب في العهدة، وهذا هو المناسب لكلمات الاصحاب، والاعتماد

٢١

عليها لحكم صورة التلف في أغلب الابواب ولباب التضمين ; ويشهد له أن العرف لايعدون مالية المال أمرا مباينا عنه، بل النظر الاصلي في مهم الاموال على ماليتها، وإن كانت لشخصيتها أيضا مدخلية في أغراضهم الخاصة، فيكون توضيح معناها ; ان العين بجميع مراتبها ثابتة في العهدة حتى يؤديها إلى ربها، فإذا أداها إليه فرغت العهدة بمقداره، فإن كان المؤدى عينا حصل الفراغ التام، وإن كان المثل أو القيمة فقد فرغت عن المالية وبقيت مشغولة لشخصية المال، لانها أيضا كانت مثبوتة فيه ولها دخل في الاغراض.

ثم إن الفراغ عن المالية أيضا يختلف بحسب أداء الفرد من النوع أو الجنس أو المساوي في القيمة ; وعليه فلا حاجة في الحكم بوجوب أداء المثل والقيمة، بل ولا في تقديم المثل على القيمة: إلى التماس دليل من خارج، وهذا هو فارق بين هذا الوجه والوجه السابق.

فإن قلت: فعلى هذا صح أداء المثل والقيمة بحكم الرواية مع وجود العين ويحصل معه الخروج عن عهدة المالية ولاينبغي أن يتفوه به أحد.

قلت: ليس ثبوت مراتب العين على نحو واحد، بل ولا عن سبب واحد، بل المقصود أن المفهوم من الرواية ; كون العين بواسطة الاخذ بإذنه بجميع مراتبها في العهدة على نحو التعدد المطلوبي.

فنفس الاخذ سبب لثبوت العين ويترتب عليه وجوب أدائها، وهو مع التلف سبب لثبوت المثل فيها، وهما مع تعذر أداء المثل سبب لثبوت القيمة فيها.

إلا أن الانصاف، أن الالتزام بتعدد السبب مشكل، إذ الرواية غير متعرضة إلا لاثبات ماتسبب عن الاخذ دون ما تسبب عنه شئ آخر.

٢٢

فالوجه أن يقال: إن السبب واحد وهو نفس الاخذ، وإنما يتسبب عنه أمور مترتبة في الوجود، نظير الملكية الحاصلة لمراتب الموقوف عليهم على الترتيب بالجعل الاولي من المالك، بل وأمر المقام أوجه منها ; لان المراتب حاصلة بنفس الحصول الاولي على نحو من الحصول.

غاية الامر أن اختصاص الاداء إنما يحصل بعد تعذر المراتب الفوقانية وهذا كله واضح للمتدبر العارف بوجوه المعاني أو صروف الكلام.

فإن قلت: إن التي تشتمل عليها العين من الحصة أو المالية فهي مقيدة بها متعذر أداؤها بتعذر أدائها، وأما الحصة الاخرى والمالية المطلقة الموجودة في فرد آخر، فثبوتها ووجوب أدائها يحتاج إلى دليل آخر لمغايرتها لما هي الثابتة بثبوت العين.

قلت: لو سلمنا المغايرة عند التدقيق العقلي، فلا يخفى عدمها عند العرف كما عرفت، ومن أن نظرهم الاصلي إلى المالية المطلقة، لاخصوص ماهي القائمة منها بالعين، والرواية مسوقة لاثبات العين مع مراتبها المحكومة في العرف أنها من مراتبها في العهدة، هذا كله.ولكن الانصاف أن هذا الوجه أيضا لا يخلو عن تعسف.

ويحتمل أن تكون مخصوصة بحسب الدلالة المطابقية بعهدة العين، ودلت على وجوب أداء المثل والقيمة بالالتزام العرفي، إذ عهدة الشئ يلازم عندهم لوجوب أداء العين مع بقائه، والمثل عند تلفه.فالغاية إنما سيقت لعهدة العين فقط.

لايقال: لو عمت العهدة صورة التلف فلا يعقل أن يكون الاداء غاية لها، إذ

٢٣

يعتبر فيها إمكان حصولها ويمتنع الاداء مع التلف: لانا نقول: الغاية إنما تصح في مابقي فيه الموضوع، وأما مع ارتفاعه فلاتختص بدلالة الاقتضاء بصورة بقاء العين.ثم مع أن فرض التلف قد عرفت أنه ليس في حقيقة العهدة، بل إنما هو من لوازم العهدة.هذا، ولكن يرد على هذا الوجه لو سلمنا الملازمة العرفية أن مقتضاه ثبوت وجوب أداء المثل والقيمة من دليل خارج، وهذا خلاف ماعليه طريقة الاصحاب من الاعتماد بالحديث لوجوب أداء المثل والقيمة.

إلا أن يقال: إنه بعد ماثبت أن الحكم من لوازم الموضوع عرفا، فإثبات الموضوع جعلا أو إمضاء إثبات لحكمه كذلك، فتدبر.هذا كله في الوجوه المحتملة وقد عرفت أن خيرها أخيرها ثم أوسطها.ثم إنه ينبغي التنبيه على أمور راجعة إلى حال الاخذ والآخذ والمأخوذ، وأما المأخوذ منه فلا تتفاوت فيه الحالات والصفات إلا من جهة الاسلام والكفر، فإن المعتبر فيه أن يكون مسلما أو من بحكمه من أولى الذمة، وأما مال الحربي بشروطه فهو مما ينتقل إلى صاحب اليد بالاخذ على الوجه المقرر في محله.أما ما يرجع إلى الاخذ فأمور.

الاول: قد يتوهم اختصاص الاخذ بالعدوان والقهر بحسب الاستعمالات العرفية كما يدعى ظهوره فيه بالتتبع في مواردها وعليه ; فيختص مورد التضمين بالغصب وهو فاسد لعموم الوضع وعدم حصول النقل العرفي ولا الانصراف المعتدبه.

٢٤

نعم في بعض المقامات لخصوصية المقام يستفاد العدوان والقهر، وعليه ; فتكون قاعدة اليد أعم من الغصب، بل وهو كذلك قطعا لان مدار رحى(١) باب الضمانات يدور غالبا عليها فيدخل المقبوض بالسوم(٢) والمقبوض بالعقود الفاسدة مجانية كانت أو معوضة، بل وجميع الايدي المأذونة بالاذن الشرعي، بل والمالكي في وجه كما سيجئ إن شاء الله.

ومنه يد الغاصب بعد إذن المالك وغيرها، وهذا واضح للمتدبر والمتتبع في باب الضمانات.

الثاني: قد عرفت عدم اعتبار عنوان القهر على المالك، وهل يعتبر القصد أم لا؟ فنقول: أما القصد إلى عنوان أنه مال الغير فغير معتبر قطعا، لصدق أخذ مال الغير بدونه، وعدم مدخلية القصد والعلم في الحكم الوضعي، فيعم الاخذ السهوي والنسياني والخطائي.

نعم قد يقال: يعتبر القصد إلى عنوان الاخذ، فلو لم يكن قاصدا عنوانه لم يحكم بالعهدة لظهور إرشاد العقل في كونه مقصودا، بل وكونه اختياريا، فلو كان على وجه الاضطرار لم يؤثر، وضعفه واضح لمنع اعتبار القصد والاختيار في نسبة العقل، نعم لو كان الاضطرار بحيث لا يصدق الاستيلاء العرفي أمكن منع التضمين - كما سيأتي إن شاء الله من أن المفهوم هو الاستيلاء العرفي، وعلى هذا فيشمل القاعدة بحكم عموم الخبر فلاخذ المجنون والصغير والمضطر ما لم يبلغ إلى ذلك الحد المشار إليه، بل وربما يمكن دعوى شمولها لمثل يد النائم ولكن لم أجد في كتب الاصحاب في مسألة ضمان النائم من حيث التلف السماوي تصريحا بل

___________________

١ - " الرحى " بفتح الراء والالف المقصورة، الدائرة التي تطحن الحب.

٢ - سام - سوما وسواما - السلعة: عرضها وذكر ثمنها.

٢٥

ولا تلويحا إلا من بعض الطبقة الثالثة(١) في مطاوي كلمات عناوينه، حيث يستفاد منه القبول ; ومن الشيخ في بعض أبواب جواهره حيث يستشم منه المنع.وربما يقرب القبول بعد ما عرفت من عدم اعتبار القصد والاختيار في صدق الاخذ، أن الظاهر عدم الريب عندهم في ضمان ما أتلفه النائم، وليس المدرك فيه إلا عموم قوله: من أتلف، فإذا صدق الاتلاف منه فليصدق الاخذ، هذا مع أنه يمكن دعوى القصد منه ولو من وجه فتدبر، والمسألة محل إشكال.

الثالث: وهل تختص الرواية بالاخذ الحدوثي أو تعمه والاستمراري، فلو كان على غير وجه الضمان من أول الامر، كما لو كان مالا لذي اليد، ثم إنه انتقل بالاسباب القهرية كحلول الحول في الزكاة، أو الاختيارية، أو كان مال الغير ولم يكن مضمونا بأن يكون وديعة أو غيرها ; فيحكم بالعهدة وجهان.والذي يقتضيه النظر هو الاخير.

وتوضيح ذلك ; أنه لا ريب أن الاخذ بخصوص الجارحة المخصوصة وهي اليد ليس له خصوصية، بل نقطع بعدم اعتباره، بل وكذلك الاخذ بمطلق الجوارح، فلابد من الخروج عن الظاهر البدوي ; إما بالتزام أو مجاز مرسل، وحينئذ فقد يتوهم أنه كناية عن الاستيلاء المطلق وهو ضعيف، لانه مع عدم كونه أقرب إلى المعنى الحقيقي ; مستلزم لان يكون كل على التصرف ضامنا كالسلطان القادر على التصرف في ما بأيدي رعاياه، وكالقوي القادر على ما في أيدي الضعفاء وهو بديهي البطلان، مخالف للاجماع بل الضرورة، بل التحقيق أنه كناية عن التسلط الفعلي الصادق عليه الاخذ عرفا، وهو يختلف باختلاف المقامات، فقد يحتاج إلى

___________________

١ - المراد هو متأخري المتأخرين.

٢٦

التقليب والتحريك وقد لايحتاج إليه نظير القبض المختلف في المنقولات وغيرها، وهذا ليس اختلافا في معنى الاخذ والقبض، بل لهما حقيقتان وجدانيتان، وإنما الاختلاف بحسب خصوصيات المقام، فالمال المطروح في صندوقه الذي بيده مفتاحه ; مقبوض ومأخوذ بلا تحريك، بل ولا قصد مثل المطروح في جيبه، وأما المطروح في الصحراء مثلا فيحتاج في صدق الاخذ عليه غالبا إلى نحو من التقليب والتحريك، ولا يكفي فيه القصد فضلا عن عدمهما، وقد يكفي ف يه القصد ولا يحتاج إلى تحريك وتقليب، فالاوجه إحالة المصاديق إلى العرف، فإن ضبطها على الوجه الكلي متعسر بل متعذر.والميزان هو ما عرفت من صدق الاستيلاء الفعلي.

إذا عرفت هذا، فنقول: قد يتوهم ظهور الاخذ في الحدوثي من جهة أن الماضي بهيئته ظاهر فيه، وهو ممنوع، ولو سلمناه فهو ظهور بدوي لا اعتداد به بعد ما يستفاد من الحديث ومن سائي الاخبار المتفرقة في الابواب ; في أن المناط في التضمين هو الاستيلاء على مال الغير.

والانصاف ; أن هذا الظهور كظهور كون الاخذ على وجه العدوان لو سلمناه في بعض المقامات، فإنما هو لخصوصيات فيها.فالمرجع في المقام هو العموم يعني الحكم بتضمين مطلق الاخذ، عدوانيا كان أو غيره، حدوثيا أو استمراريا بمقتضى الظهور الوضعي بعد منع الانصراف، نعم قد يقال: إن في الاستيلاء الاستمراري يعتبر القصد إلى الاستمرار لعدم صدق الاخذ مع عدمه، إذ يعتبر فيه بحسب تفاهم العرف جهة اتصال إلى المالك وفيه تأمل، لاختلاف الاستمرار بحسب المقامات، فما كان في حدوثه لايحتاج إلى القصد كالمقبوض

٢٧

باليد ; لايحتاج إليه في الاستمرار، إذ الاخذ أمر مستمر على الفرض، وإنما المعتبر هو عنوان كونه ماله أو مال الغير وهو غير محتاج إلى القصد حاصل في نفسه، وأما انتساب الاخذ إليه كما هو ظاهر الخبر فهو أيضا حاصل بدون القصد، وإن قلنا بأن نسبة الفعل ظاهر في الاختيار، إذ الاستمرار تابع للحدوث فتأمل.والحاصل أن حال الاخذ في الحدوث والاستمرار واحد، وإن اختلف بحسب موارد صدقه.ثم إن ما ذكرناه من شمول اليد للاستمرار والحدوث مما اتفقت عليه كلمة الاصحاب في مطاوي الابواب، فإن بناء‌هم في أبواب الامانات كلية على أن الامين إذا تعدى أو فرط يضمن وإن لم يكن التلف مستندا إلى فعله، بل إلى الآفة السماوية، بل ويضمنون الودعي بمجرد قصد الخيانة لزوال أمانته به.

إلا أن يقال: إن الاخذ كما سيأتي يقتضي الضمان حتى في الامناء، وإنما خرجت بالدليل، فإذا زال المانع وهو الامانة فلا مانع من تأثير الاخذ الاولي، وهذا بخلاف ما إذا كان المال أولا مال الآخذ به فإن أخذ مال الغير يقتضي الضمان لامال نفسه، وفيه مع ما يجئ من منع الاقتضاء على وجه العموم أولا، وعدم معنى لتأثير الاخذ الاولي ثانيا كما لايخفى، إن حكمهم بضمان قيمة يوم الخيانة أو يوم التلف ينافي أن يكون المؤثر هو الاخذ الحدوثي فتدبر، ومن هنا يمكن تطبيق حكمهم بأن تلف المبيع، بل وكل مقبوض قبل القبض من مال بائعه على القاعدة من وجه، وإن كان ينافيه التضمين بخصوص الثمن فتأمل.هذا في حال الاخذ، وأما ما رجع إلى الآخذ فأمور:

الاول: لا إشكال في شمول الخبر لاخذ من لم يكن مأذونا من المالك، ولم يقع الاخذ برضاه، وإنما الكلام والاشكال في مقامين:

الاول: أنه هل يعم المأذون أيضا

٢٨

فيكون خروج ماخرج من الايدي المأذونة من باب التخصيص أو لايعمه؟ والثاني: أن الخارج تخصيصا أو تخصصا مطلق اليد المأذونة، بل وما كانت برضا المالك كالاخذ بشاهد الحال ونحوه أو خصوص الامين.

أما المقام الاول ; فمقتضى ظاهر قالب ألفاظ الخبر في نفسه كما عرفت هو الشمول لجميع الايادي.

لكن يمكن أن يقال: إنه لا يشمل مثل يد الامين، وتوضيح ذلك يحتاج إلى بسط في الكلام فنقول: قد يدعى أن أيدي الامناء منزلة منزلة يد المالك، فإن حقيقة الاستيمان استنابة عن المالك ومعه فخروج الامناء يساوق خروج المالك في أنه خروج موضوعي، إلا أن الدعوى المذكورة لاشاهد لها الفقد الدليل العام الدال على التنزيل وما ثبت من الاستنابة، فإنما هي في خصوص الحفظ وما عنه من التقليب والتحريك، مع أنها لو سلمناها فإنما هي مختصة بمثل يد الوكيل والودعي، وأما سائر الامناء كالمستأجر والمستعير وغيرهما فدعوى الاستنابة فيها ساقطة جدا، والحاصل أن في اغلب الموارد ليست حقيقة الاستيمان استنابة، ولم يدل دليل شرعي أو عقلي من خارج أيضا على التنزيل.

فالاوجه، أن يقال: إن إطلاق الرواية منصرف إلى غير الامين.

والسر فيه أن أسباب الانصراف كثيرة ومن جملتها المناسبات الحكمية، فإن مناط الحكم وإن كان ظنيا ; قد يوجب الانصراف كما عليه بنائهم في كثير من الموارد ومنها: اعتبار الملاقات، ونجاسة الماء القليل مع إطلاق مفهوم قولهعليه‌السلام " إذا بلغ الماء قدر كر لم ينجسه شئ "(١) وعلى هذا فيمكن دعوى أن المناط في تضمين الآخذ لمال

___________________

١ - الوسائل: ج ١، الباب ٩ من أبواب الماء المطلق، الحديث: ١ وغيره.

٢٩

الغير، ولو بالتلف السماوي، إما مراعاة عدم وقوع الضرر على المالكين من جهة أنه لو انحصر المضمن في الاتلاف والتعدي لكان طريق إثبات الاتلاف والتعدي مسدودا غالبا، لصعوبة إثباتهما، وإما من جهة مال المسلم وأن وقوع اليد عليه يوجب الغرامة صيانة لماله وكلا الوجهين لا يأتيان في أيدى الامناء إذ بعد تسليط المالك الغير على ماله على وجه الاطمينان به كما هو مفاد الاستيمان لا وجه للملاحظتين لانه المسلط غيره على ماله.

وإن شئت توضيح ذلك بوجه أمتن، فنقول: إذا فرض تسليط المالك غيره على ماله على عنوان الاطمينان به كما عليه بناء العقود الاستيمانية فإن القبض فيها على هذا العنوان وإن كان للتغير محل لايثق به المالك فالاطمينان المذكور وإن كان لايقتضى إلا الفراغ عن جهة التعدي والتفريط إلا أن إعطاء‌ه على هذا الوجه يلازم عرفا لرفع اليد عن نفس تلفه أي عن جهة احترام ماله من حيث التلف السماوي إذ لا معنى لرفع التعدي والتفريط بملاحظة الاطمينان مع كون التلف ولو بدونهما مضمنا إذ عليه فهو ضامن على كل تقدير، فلاثمرة في الملاحظة المذكورة، فهي إنما تنفع بعد رفع اليد عن الجهات الاخر.

وربما يشهد لهذا المعنى الاخبار الواردة في أبواب الاستيمان وتعليلاتها، مثل ما رواه محمد بن مسلم، عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سأته عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق أعلى صاحبه ضمان؟ فقال: ليس عليه غرم بعد أن يكون الرجل أمينا(١) فإن نفي الغرم عن المستبضع على الاطلاق وتعليله بأنه أمين إما أن يشمل التغريم مطلقا ولو من جهة التلف السماوي كما هو فرض السؤال، أو يختص بدعوى التعدى والتفريط، كما هو المناسب للتعليل فيكون

___________________

١ - الوسائل: ج ١٣، الباب ١ من أبواب أحكام العارية، الحديث: ٨.

٣٠

عدم الضمان من جهة التلف السماوي مفروغا عنه بين السائل والمسؤول عنهعليه‌السلام من حيث إن من المركوزات عند العقلاء أن الاستبضاع ونحوه من الاستيمانات، ليس فيها اقتضاء من جهة التلف.

ومثل قولهعليه‌السلام : ليس لك أن تتهم من قد ائتمنته.(١) فإن النهي عن الاتهام لا يناسب مع كون التلف مضمنا، فدل على أن عدم الضمان بالتلف أمر لا حاجة إلى بيانه لفراغ العقلاء عنه بعد الاستيمان.

ومثل قولهعليه‌السلام : في مكاتبة القاساني بعد السوال عن رجل أمر رجلا أن يشتري له متاعا أو غير ذلك، فاشتراه فسرق أو قطع عليه الطريق من مال من ذهب المتاع من مال الآمر أو من مال المأمور؟ فكتبعليه‌السلام : من مال الآمر.(٢) فإن الظاهر منه أن الامر والتسليط ينافي التطمين.ومثل قولهعليه‌السلام -: صاحب الوديعة والعارية مؤتمن.(٣) بالتقريب المتقدم.إلى غير ذلك من الاخبار التي تشهد له بالتقريبات المتقدمة مما قدمناها.

هذا تمام ما يمكن في توجيه دعوى الانصراف في الحديث الشريف للمناسبة الحكمية، تارة بالرجوع إلى الوجدان، وأخرى باستكشافها من كلمات من علمهم الله جل جلاله الحكمة والبيان ونزل عليهم القرآن والفرقان، عليهم صلوات الله الملك المنان.

___________________

١ - الوسائل: ج ١٣، الباب ٤ من أبواب أحكام الوديعة، الحديث: ١٠.

٢ - المصدر نفسه: الباب ٣٠ من أبواب أحكام الاجارة، الحديث: ١٥.

٣ - المصدر نفسه: الباب ١ من أبواب احكام العارية، الحديث: ٦.

٣١

ولكن الانصاف، أن النفس بعد في تزلزل من ذلك إذ نعلم مناط اقتضاء اليد على مال الغير، أن يكون عليه تلفه حتى يدعى انتفاؤه في الامين، إذ من الممكن، أن يكون الوجه أمرا ساريا في جميع الايادي، ومجرد الستنباط مناط لم يعلم كونه مظنونا فضلا عن كونه معلوما لا يوجب صرف الاطلاق بعد احراز كونه في مقام البيان، لان الانصراف في قوة التقييد بل هو تقييد لبي لا يصار إليه إلا بعد ثبوت المقيد على الوجه المعتب ولا يكفي الاحتمال فيه.

وأما الاخبار الواردة، فممنوعة، بشهادتها على التقييد اللبي، سواء كان نفي الضمان المسبب عن التلف السماوي مدلوله التضمني أو الالتزامي، أو لعله من جهة مفروغيته من جهة الشرع، هذا ولكن مع هذا ليس دعوى الانصراف بذلك البعيد، فتدبر.

المقام الثاني: قد يتوهم أن الخارج من قاعدة اليد مطلق الايادي المأذونة، من المالك أو من قام مقامه، بل وما كان برضاه وإن لم يكشف عنه فعل، ولا لفظ كالاخذ بشاهد الحال، وربما يؤيده تعليل كثير من الاصحاب في كثير من الابواب لعدم الضمان، بأنها مأذونة، بل ربما يدعى أن الامين الذي علل به عدم الضمان في الاخبار وفي كلمات الاخيار هو مطلق المأذون إذ ليس المعتبر، الوثاقة الواقعية، بل كونه أمينا، من جهة تسليط المالك إياه على وجه الاطمينان وهذا موجود في موارد الاذن كلها، إذ العاقل لا يسلط على ماله أحدا إلا على وجه الاطمينان ببقائه، وعدم إتلافه وعليه، فالخارج من القاعدة، بمقتضى استيناس الحكم وأخبار الامين ومعاقد الاجماعات، هو المأذون من المالك المساوي في الصدق مع الامين.وأورد عليه، بانتقاض ذلك بموارد كثيرة، حكموا بالضمان، مع وجود الاذن

٣٢

كالمقبوض بالسوم والمقبوض بالعقد الفاسد والغاصب الذي أذن له المالك ومع عدم التوكيل في القبض، والطبيب والصائغ، والملاح والمكاري والاجير وغير ذلك.

أقول: ولا يخفى عدم ورود أكثر موارد النقض كالمقبوض بالعقد الفاسد الذي أذن المالك فيه على وجه الضمان وكالطبيب والصائغ وغيرهما إذ الحاكم بالضمان فيها لو قلنا به، فإنما هو للاخبار الواردة فيها ولاغرو في ثبوت المخصص في اليد المأذونة إذ ليس مما يدعى عدم قابليته للتخصيص، نعم يبقى مثل المقبوض بالسوم والغاصب المأذون لو قلنا فيها بالضمان.

فالتحقيق في المقام، بحيث يرتفع عنه غواشي الاوهام أن يقال: إن الثابت من الادلة وهي الاجماعات المحكية البالغة حدا يمكن تحصيل الاجماع منها، والاخبار المعللة المستفيضة والمتفرقة في أبواب الاستيمانات التي سنتلو عليك طائفة منها، هو خروج الامين، ولم يدل دليل على خروج المأذون بهذا العنوان إلا دعوى الانصراف للمناسبة الحكمية التي لو سلمناها فهي مقصورة على الامين.

ودعوى أن مطلق المأذون أمين مدفوعة، بوضوح الفرق بين الاستيمان والاذن، فإن الاذن ليس إلا إعلام الرضا ورفع المنع، والاستيمان تسليط الغير على المال على وجه الابانة أي المعاملة معه معاملة الامين، ومن المعلوم أن الثاني أخص من الاول إذ لم يؤخذ في الاول تسليط فضلا عن كونه على وجه الاطمينان.

توضيح ذلك، أن معنى كون العقود الاستيمانية مثل الاجارة والوكالة والرهن والمضاربة والمساقات ونحوها استيمانات، أنها بحقائقها تقتضى تسليط الغير على المال، إذ به تتحقق الانتفاعات المقصودة بالاصالة، وهذا معاملة مع

٣٣

الغير معاملة الامين، لانه سلطه على أن ينتفع ويثقه، وإلا فليس المعتبر فيها أن يكون الغير أمينا موثوقا به قطعا، وأما مطلق الاذن فهو عبارة عن رفع المنع عن التصرف، نظير الامانة الشرعية، ومن المعلوم أن هذا المقدار ليس تسلطا فضلا عن كونه على الوجه الخاص، ولا منافاة بينه وبين القسمين، وإنما المسلم، لو تنزلنا منافاته مع تسليطه.

والحاصل، أنه لاينبغي الريب في أن المالك لو صرح " بأبي لا أمنعك عن التصرف " وقد ارتفع من جانبه المنع من التصرف، فلا يقتضي ذلك لرفع اليد عما تقتضيه اليد من الضمان، عند التلف وليس هذا استيمانا حتى يتمسك بذيل أدلة الامين، نعم لو سلطه ببعثه على الاخذ، أمكن القول بالمنافاة، نظرا إلى ما عرفت من أن من لوازمه عرفا رفع اليد عما تقتضيه اليد مراعاة للمالك وأنه استيمان، وقد اطلعت على كلمات كثيرة من الاصحاب تشهد بما ادعيناه من مغايرة الاذن والاستيمان وإن كانت كثيرة منها تشهد بخلافه، حيث صرحوا في باب العارية بأن حقيقته الاذن وأنه لا يعتبر فيها لفظ خاص ولا مطلق اللفظ، قال في التذكرة: " ويكفي قرينة الاذن بالانتفاع من غير لفظ دال على الاعارة أو الاستعارة "(١) وإن كان ربما يستشكلون في مثل الفراش المبسوطة للانتفاع، إلا أنه من جهة اعتبارهم الاذن لشخص خاص، لالعدم كفاية الاذن فتسالمهم على أن العارية إذن وأنها لاضمان فيها لانها استيمان يكشف عن أن الاستيمان عندهم مساوق للاذن.

ومما يشهد لما ادعيناه ما صرح به في التذكرة أيضا في باب الوكالة " إذا تعدى

___________________

١ - التذكرة: ج ٢، كتاب العارية، ص ٢١٠.

٣٤

الوكيل أو فرط مثل أن يلبس الثوب الذي دفعه الموكل ليبيعه، ضمن إجماعا لان الوكالة تضمنت شيئين الامانة والاذن في التصرف فإذا تعدى زالت الامانة وبقي الاذن بحاله "(١) .

وهذا صريح في أن الاذن بنفسه لا يقتضي سقوط الضمان، فلابد من تأويل في ظاهر كلامه السابق من إرادة الاذن الخاص، فتأمل، وإن أبيت عن ذلك فكلماتهم تسبب التشويش ولا يصح الاعتماد عليها، ولا يحسب ما هو المتيقن منها من التسليطات الخاصة الحاصلة في العقود الاستيمانية، ولو تنزلنا فمطلق التسليط، وأما مطلق الاذن فلا دليل عليه لما عرفت من تشويش كلمات الاصحاب ومعاقد الاجماع، ولقد اطلعت على كلام شيخنا الاستاذ الاكبر في مطاوي كلامه، في قاعدة " مالا يضمن بصحيحه لا يضمن بفاسده " ينطبق على بعض ما قررناه " قال: فإن قلت: إن الفاسد وإن لم يكن له دخل في الضمان إلا أن مقتضى عموم " على اليد " هو الضمان خرج منه المقبوض بصحاح العقود التي تكون مواردها غير مضمونه وبقي الباقي، قلت: ما خرج به المقبوض بصحاح تلك العقود يخرج به المقبوض بفاسدها وهي عموم مادل " أن من لم يضمنه المالك سواء ملكه إياه بغير عوض أو سلطه على الانتفاع به، أو استأمنه عليه لحفظه أو دفعه إليه لاستيفاء حقه أو تصرفه بلا أجرة أو معها، إلى غير ذلك فهو غير ضامن " أما في غير التمليك بلا عوض، أعني: الهبة فإنه مثل المخصص لقاعدة الضمان، عموم مادل على أن من استأمنه المالك على ملكه غير ضامن بل ليس لك أن تتهمه، وأما في الهبة الفاسدة، فيمكن الاستدلال على خروجها بفحوى ما ذكر - إلى أن قال -

___________________

١ - التذكرة: ج ٢، كتاب الوكالة، ص ١٢٩.

٣٥

فحاصل أدلة عدم ضمان المتأمن، أن في دفع المالك إليه ملكه على وجه لايضمنه بعوض واقعي، أعني: المثل والقيمة ولاجعلي، فليس عليه نماؤه، انتهى كلامه ".وفيه مواقع للتأمل.

فبالحري ذكر الاخبار التي عثرت عليها في الابواب المتفرقة مما يدل على عدم ضمان الامين لانه أمين، تيمنا بها ولعله يستفاد منها ما يغنينا عن هذه الكلمات بالمرة فإن كلامهم - عليهم السلام - نور للقلب وضياء للباصرة.

فمنها: ما رواه القاساني: كتبت إليه - يعني: أباالحسن - عليه السلام - - وأنا بالمدينة سنة إحدى وثلاثين ومائتين: جعلت فداك رجل أمر رجلا أن يشتري له متاعا أو غير ذلك فاشتراه فسرق منه أو قطع عليه الطريق من مال من ذهب المتاع؟ من مال الآمر أو من مال المأمور؟ فكتبتعليه‌السلام : من مال الآمر.(١) ويمكن أن يستفاد من هذا الخبر أن مطلق التسليط والبعث، موجب لصرف الضمان.

ومنها: مارواه يعقوب بن شعيب، قال: سألت أبا عبداللهعليه‌السلام عن الرجل يبيع للقوم بالآجر وعليه ضمان مالهم؟ قال: إنما كره ذلك من أجل أني أخشى أن يغرموه أكثر مما يصيب عليهم فإذا طابت نفسه فلا بأس.(٢) أقول: تعلق الضمان على طيب النفس مما لا يصح إلا بأن يراد السؤال عن اشتراط الضمان فليس هذا بذلك البعيد خصوصا بعد ما عرفت وعليه فلا دخل للرواية بالمقام إلا من جهة مفروغية عدم ضمان الاجير للتلف.

___________________

١ - الوسائل: ج ١٣، الباب ٣٠ من أبواب أحكام الاجارة، الحديث: ١٥.

٢ - المصدر نفسه: الباب ٢٩ من أبواب أحكام الاجارة، الحديث: ١٥.

٣٦

ومنها: ما رواه محمد بن مسلم عن أبي جعفرعليه‌السلام قال: سألته عن الرجل يستبضع المال فيهلك أو يسرق، أعلى صاحبه ضمان؟ فقال: ليس عليه غرم بعد أن يكون الرجل أمينا.(١) أقول: قولهعليه‌السلام " بعد أن يكون الرجل أمينا " يحتمل أن يكون شرطا للحكم في قوة القول، بأنه ليس عليه غرم إذا كان أمينا، ويحتمل أن يكون علة للحكم في قوة القول، بأنه كذا لانه أمين أي من جهة استبضاعه الذي وضع على الاستيمان، فيدل على أن الامين لا يدخله التغريم، لكن غير بعيد ظهوره في الوجه الاول كما يشهد له جملة من الاخبار في أبواب الاستيمانات، مثل قولهعليه‌السلام : إذا كان عدلا مسلما فليس عليه ضمان.(٢) وقولهعليه‌السلام : لاغرم على مستعير عارية إذا هلكت، إذا كان مأمونا.(٣) وقولهعليه‌السلام : العامل إن كان مأمونا فليس عليه شئ وإن كان غير مأمون فهو ضامن.(٤) إلى غير ذلك مما يقف عليه المتتبع في الابواب، ولكن يبعده، أن الظاهر نفي الضمان بحسب الواقع وهذا لا يدخل للامانة والعدالة فيه إلا إذا كان المراد الضمان من جهة التعدي والتفريط، مع أن الضمان من جهتهما أيضا تابع لواقعهما فلابد أن يراد بالنفي نفي التغريم بلا بينة من مدعيهما فيكون معنى النذي تقديم قوله في مقام الدعوى، ويؤيده، العدول في التعبير عن الضمان إلى الغرم، ولكن مع هذا لا ينفع لاستفادة كلية عدم ضمان الامين بالتلف السماوي

___________________

١ - الوسائل: ج ١٣، الباب ١ من أبواب أحكام العارية، الحديث ٨.

٢ - المصدر نفسه: الحديث: ٢.

٣ - المصدر نفسه: الحديث: ٣.

٤ - المصدر نفسه: الباب ٢٩ من أبواب أحكام الاجارة، الحديث ١١.

٣٧

منه إلا من جهة المفروغية التي تطابق عليها الاخبار عند الانصاف، وإلا فالاخبار المتقدمة مع شهادة ما عرفت منها في التصريح باشتراط الامانة ظاهرة في دعوى التفريط والتعدي فحمل على الكراهة، وإلا فدعوى التعدي والتفريط، مسموعة حتى على الامين العادل.

ومنها: قول الصادقعليه‌السلام في رواية الحلبي: صاحب الوديعة والبضاعة مؤتمنان.(١) أقول: وهذا أحسن روايات الباب من جهة دلالتها على أن الايتمان أمر مفروغ عنه بحسب الحكم بحيث يغني ذكر موضوعه عن حكمه، ولكن فيها ما عرفت فيما تقدم من أنها لا تدل على أزيد من أن الامين يقدم قوله في دعوى التعدي والتفريط، فإنها ناظرة إلى المرسلة المشهورة: ليس على الامين إلا اليمين.نعم هي كسوابقها تدل على عدم الضمان بالتلف السماوي من جهة المفروغية وأنه لاوجه لنفي توجه شئ عليه إلا اليمين، مع كون تلفه مضمنا مطلقا، والحاصل، أن القدر المتيقن من آثار الامانة هي ما عرفت وهو المناسب لعنوان الامانة.

ومنها: مارواه السكوني، عن جعفر، عن أبيه، عن عليعليه‌السلام في رهن اختلف فيه الراهن والمرتهن فقال الراهن: هو بكذا وكذا، وقال المرتهن: هو بأكثر، قال عليعليه‌السلام : يصدق المرتهن حتى يحيط بالثمن لانه أمينه.(٢) أقول: مع ضعف سندها وإعراض الاصحاب غير الاسكافي عنها لبنائهم على تقديم قول الراهن الموافق للاصل في وجه للاخبار المدعى في محكي جامع

___________________

١ - الوسائل: ج ١٣، الباب ٤ من أبواب أحكام الوديعة، الحديث: ١.

٢ - المصدر نفسه: الباب ١٧ من أبواب أحكام الرهن، الحديث: ٤.

٣٨

المقاصد تواترها وموافقتها للتقية أنه لا يلائم التعليل لعدم اقتضاء الامانة لتصديق المرتهن فيما على الرهن لعدم رجوع الدعوى إلى أمر ينافي الامانة، فلذا يحتمل قويا أن يكون المراد الامانة والوثاقة لا الاستيمان العقدي، فتأمل، وعلى كل حال فلايستفاد منها ما ينفع للمقام كما لايخفى.

ومنها: قولهعليه‌السلام : وصاحب العارية والوديعة مؤتمن(١) وقد تقدم الكلام في نظيرها.

ومنها: قولهعليه‌السلام : ليس لك أن تتهم من قد ائتمنته ولا تأمن الخائن.(٢) وفيها أيضا ماعرفت مرارا.

ومنها: قولهعليه‌السلام كان أميرالمؤمنينعليه‌السلام يضمن القصار والصائغ احتياطا للناس كان أبي يتطول عليه إذا كان مأمونا.(٣) ومنها: الاخبار الكثيرة الواردة في باب القصار والحمال والجمال والملاح، من أنه كان مأمونا فلا يضمنه وأنه ضامن إلا أن يكون ثقة مأمونا، وفيها ما عرفت من أنها لاتنفع في المقام بوجه.

أقول: والانصاف أن الاخبار المذكورة بحسب الدلالة المطابقية غير واردة إلا في مقام دعوى التعدي والتفريط، نعم بحسب الالتزام تدل على في الضمان عن الامين بسبب التلف السماوي إذ لولاه لكان نفي الضمان على الوجه المذكور لغوا.

___________________

١ - الوسائل: ج ١٣، الباب ١ من أبواب أحكام العارية، الحديث: ٦.

٢ - المصدر نفسه: الباب ٩ من أبواب أحكام العارية، الحديث: ١.

٣ - المصدر نفسه: الباب ٢٩ من أبواب أحكام الاجارة، الحديث: ٤.

٣٩

ثم إن الظاهر منها أن المفروغية المذكورة، نظرا إلى منافاة الاستيمان مع التضمين، ليست من جهة وضوح الحكم بحسب الشرع، وإلا لكان في تلك الاخبار بكثرتها سؤالا عنه بل من جهة وضوحه عند العقلاء، على نحو ما عرفت فتكون نفس تلك الاخبار قرينة على ماتقدم من دعوى الانصراف في حديث إلى غير الامين، ومما قررناه في تضاعيف ذكر الاخبار وما بعده ظهر ما في كلام شيخنا الاستاذ الاكبر، من التسمك بعموم أدلة الاستيمان لقاعدة " ما لا يضمن " في غير التمليك بلا عوض وبفحواه فيه، فتأمل، ثم إن المستخرج منها إما بالمطابقة أو الالتزام، ليس إلا الامين الذي قد عرفت أنه أخص من عنوان المأذون.

ولو فرضنا التمسك في الخارج، وأنه خصوص الامين أو الاعم منه ومن المأذون فإن اعتمدنا في الخروج على الادلة اللفظية، وقلنا بأن عنوان الامين مجمل فالمرجع هو اطلاق دليل " اليد " لدوران التقييد المنفصل بين الاقل والاكثر فيقتصر على الاقل، وإن اعتمدنا على الدليل اللبي، أعني: حكم العقل من جهة الاستيناس بالحكم، فالاقوى سريان الاجمال إلى الاطلاق ووجوب الرجوع إلى الاصول العملية.

ودعوى أن القضايا العقلية كما علم في محله معلومة الموضوع، فكيف يفرض فيها الاجمال الساري، مع أنه لو فرض الاجمال فيها فهي في حكم التقييد المنفصل لاستقلاله في الحكم فلا وجه للحكم بالسريان، مدفوعة بأن المقصود من الحكم العقلي في المقام ماعرفت مرارا هو إدراكه الظني لمناط الحكم الموجب لانصراف المطلق، وهذا قابل لان يدخل فيه الشك والتردد في الموضوع، كما لايخفى.وأما حديث الانفصال، فهو حق في العقل المستقل، وأما في مثل المقام

٤٠

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56