النهاية الجزء ١

النهاية7%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الجزء ١ المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225185 / تحميل: 6338
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أو قدّامه، بطلت صلاتهما معا. فإن كانا جميعا في محمل واحد، فليصلّ أوّلا الرّجل ثمَّ تصلّي المرأة. ولا يصليان معا في حالة واحدة.

وتكره صلاة الفرائض في جوف الكعبة أو فوقها مع الاختيار. ولا بأس بها في حال الاضطرار. ومتى اضطرّ الإنسان إلى الصّلاة فوق الكعبة، فليستلق على قفاه وليتوجّه إلى البيت المعمور وليوم إيماء.

ويستحبّ النّوافل في جوف الكعبة. وتكره الصّلاة في أربعة مواضع: بوادي ضجنان، وذات الصّلاصل، والبيداء، ووادي الشّقرة.

وتكره الصّلاة أيضا في مرابط الإبل والحمير والبغال والدواب. فإن خاف الإنسان على رحله، فلا بأس أن يصلّي فيها بعد أن يرشّها بالماء. ولا بأس بالصّلاة في مرابض الغنم على كلّ حال. ولا يصلّي وحائط قبلته ينزّ من بالوعة يبال فيها. ولا يصلّي في بيت فيه مجوسيّ. ولا بأس بالصّلاة وفيه يهوديّ أو نصرانيّ. ولا يصلّي وفي قبلته مصحف مفتوح. ولا بأس به إذا كان في غلاف. وإنما كره ذلك لئلّا يشتغل قلبه عن الصّلاة بالنّظر فيه.

ولا يجوز السّجود إلّا على الأرض أو ما أنبتته الأرض، إلّا ما أكل أو لبس، ولا يجوز السّجود على القبر. فإن اضطرّ إلى السّجود عليه، ولم يكن معه ما يسجد عليه، فلا بأس بذلك. ولا

١٠١

يجوز السّجود على ثوب عمل من قطن أو صوف أو كتّان إلّا في حال التّقيّة. فإن حصل في موضع قذر، ولم يكن معه ما يسجد عليه، لم يكن بالسّجود على هذه الثّياب بأس. ولا بأس بالسّجود على حشيش الأرض مثل الثّيّل وما أشبهه. ولا بأس بالسّجود على الجصّ والآجرّ والحجر والخشب. ولا يجوز السّجود على الزّجاج ولا بأس أن يدع الإنسان كفّا من حصى على البساط فيسجد عليه. ولا يسجد على الصّهروج. ولا بأس بالسّجود على الخمرة إذا كانت معمولة بالخيوط. ولا يجوز ذلك إذا كانت معمولة بالسّيور. ولا يجوز السّجود على الفضّة والذّهب. ولا بأس بالسّجود على القرطاس، إذا كان غير مكتوب. فإن كان مكتوبا، كره السّجود عليه. ولا بأس بالسّجود على البواري. وإذا أصابها بول، وجفّفتها الشّمس، لم يكن أيضا بالسّجود عليها بأس. وكذلك حكم الأرض. فإن كان قد جفّ بغير الشّمس، لم يجز السّجود عليها الا بعد تطهيرها.

وإذا خاف الإنسان الحرّ الشّديد من السّجود على الأرض، أو على الحصى، ولم يكن معه ما يسجد عليه، لا بأس أن يسجد على كمّه. فإن لم يكن معه ثوب، سجد على كفّه. وإذا حصل الإنسان في موضع فيه ثلج، ولم يكن معه ما يسجد عليه، ولا يقدر على الأرض، لم يكن بالسّجود عليه بأس. ولا بأس أن

١٠٢

يصلّي الرّجل والمرأة وهما مختضبان أو عليهما خرقة الخضاب إذا كانت طاهرة.

باب الجمعة وأحكامها

الاجتماع في صلاة الجمعة فريضة إذا حصلت شرائطه. ومن شرائطه ان يكون هناك إمام عادل أو من نصبه الإمام للصّلاة بالنّاس، ويبلغ عدد من يصلّي بهم سبعة نفر. فإن كانوا أقلّ من ذلك، لم تجب عليهم الجمعة. ويستحبّ لهم أن يجمّعوا إذا كانوا خمسة نفر.

ومع حصول هذه الشرائط تسقط عن تسعة نفر: الشيخ الكبير، والطّفل الصغير، والمرأة، والعبد، والمسافر، والأعمى، والأعرج، والمريض، ومن كان على رأس أكثر من فرسخين.

ويلزم هؤلاء المذكورين، إلّا من هو خارج عن التّكليف مثل الطّفل الصّغير، الفرض أربع ركعات. فإن حضروا الجمعة، وجب عليهم الدّخول فيها، وأجزأتهم صلاة ركعتين. وإن لم يحضروا، لم يجب عليهم الحضور حسب ما قدّمناه. ولا يجوز أن يجمع في بلد واحد في موضعين. وأقلّ ما يكون بين الجمعتين، ثلاثة أميال فصاعدا.

١٠٣

وإذا حضر الإمام في بلد، فلا يجوز أن يصلّي بالنّاس غيره، إلّا مع المرض المانع له من ذلك.

فإذا أراد الإنسان الصّلاة، فليمض إلى المسجد الأعظم، ويقدّم نوافل الجمعة كلّها قبل الزّوال. هذا هو الأفضل في يوم الجمعة خاصّة. فأمّا في غيره من الأيّام، فلا يجوز تقديم النّوافل قبل الزّوال. وإن صلّى ستّ ركعات عند انبساط الشّمس وستّ ركعات عند ارتفاعها وركعتين عند الزّوال من الشّمس وست ركعات بين الظّهر والعصر، لم يكن أيضا به بأس. وإن أخّر جميع النّوافل إلى بعد العصر، جاز له جميع ذلك، إلّا أنّ الأفضل ما قدّمناه. ومتى زالت الشّمس، ولم يكن قد صلّى من نوافله شيئا، أخّرها إلى بعد العصر. ويزيد في نوافل يوم الجمعة أربع ركعات.

ومن السّنن اللازمة، الغسل يوم الجمعة على النّساء والرّجال والعبيد والأحرار في السّفر والحضر مع التمكّن من ذلك. ووقت العسل من طلوع الفجر إلى زوال الشّمس. وكلّما قرب من الزّوال كان أفضل. فإن زالت الشّمس، ولم يكن قد اغتسل، قضاه بعد الزّوال. فإن لم يمكنه، قضاه يوم السّبت. فإن كان في سفر، وخاف ألّا يجد الماء يوم الجمعة، أو لا يتمكّن من استعماله، جاز له أن يغسل يوم الخميس.

ويستحبّ أن يتنظّف الإنسان يوم الجمعة، ويحلق رأسه،

١٠٤

ويقصّ أظفاره، ويأخذ من شاربه، ويلبس أطهر ثيابه، ويمسّ شيئا من الطّيب جسده. فإذا توجّه إلى المسجد الأعظم، مشى على سكينة ووقار، يدعو بالدّعاء المخصوص في ذلك اليوم.

وينبغي للإمام إذا قرب من الزّوال، أن يصعد المنبر، ويأخذ في الخطبة بمقدار ما إذا خطب الخطبتين، زالت الشّمس. فإذا زالت، نزل فصلّى بالنّاس. وينبغي أن يخطب الخطبتين ويفصل بينهما بجلسة، وبقراءة سورة خفيفة، ويحمد الله تعالى في خطبته، ويصلّي على النّبيّ،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ويدعو لأئمّة المسلمين، ويدعو أيضا للمؤمنين والمؤمنات، ويعظ ويزجر وينذر ويخوّف.

ويحرم الكلام على من يسمع الخطبة، ويجب عليه الإصغاء إليها، لأنّها بدل من الرّكعتين.

ومن لم يلحق الخطبتين، كانت صلاته تامّة، إذا كان الإمام ممّن يقتدى به. فإن وجد الإمام قد ركع في الثّانية، فقد فاتته الجمعة، وعليه أن يصلّي الظّهر أربع ركعات.

وينبغي أن تكون صفة الإمام الّذي يتقدّم أوّلا أن يكون حرّا بالغا طاهرا في ولادته، مجنّبا من الأمراض: الجذام والجنون والبرص. ويكون مسلما مؤمنا معتقدا للحقّ غير مرتكب لشي‌ء ممّا يدخل به في جملة الفسّاق، ويكون صادقا في خطبته، ومصلّيا للفرض في أوّل وقته، ويستحبّ له أن يلبس العمامة،

١٠٥

شاتيا كان أم قائظا، ويتردّى ببرد يمنيّ أو عدنيّ.

فإذا كان كذلك، وجب الاجتماع والاقتداء به في الصّلاة والإصغاء إلى قراءته. ومتى أخلّ بشي‌ء ممّا وصفناه، لم يجب الاجتماع، وكان حكم الجمعة حكم سائر الأيّام في لزوم الظّهر أربع ركعات.

وإذا صلّى الإنسان خلف من لا يقتدي به جمعة للتقيّة، فإن تمكّن أن يقدّم صلاته على صلاته، فعل. وإن لم يتمكّن، يصلّي معه ركعتين. فإذا سلّم الإمام، قام، فأضاف إليهما ركعتين أخراوين، ويكون ذلك تمام صلاته.

وإذا صلّى الإمام بالنّاس ركعتين، يجهر فيهما بالقراءة، ويقرأ في الأولى منهما الحمد وسورة الجمعة، وفي الثانية الحمد والمنافقين، ويقنت قنوتين: أحدهما في الرّكعة الأولى قبل الرّكوع، والثّاني في الركعة الثّانية بعد الرّكوع.

ومن يصلّي وحده، ينبغي أن يقرأ السّورتين اللّتين ذكرناهما في صلاة الظّهر. فإن سبق إلى سورة غيرهما ثمَّ ذكر، رجع إليهما ما لم يتجاوز فيما أخذ فيه نصف السّورة. فإن تجاوز نصفها، تمّم الرّكعتين، واحتسب بهما من النّوافل، واستأنف الفريضة بالسّورتين اللّتين ذكرناهما. وهذا على جهة الأفضل. فإن لم يفعل، وقرأ غير هاتين السّورتين، كانت صلاته ماضية، غير أنّه قد ترك الأفضل. وإذا صلّى أربع ركعات، فليس عليه

١٠٦

إلّا قنوت واحد. ويستحبّ له أن يجهر بالقراءة على كلّ حال.

ولا تكون جمعة إلّا بخطبة. ولا بأس أن يجتمع المؤمنون في زمان التقيّة بحيث لا ضرر عليهم، فيصلّوا جمعة بخطبتين. فإن لم يتمكنوا من الخطبة، جاز لهم أن يصلّوا جماعة، لكنّهم يصلّون أربع ركعات.

والصّلاة يوم الجمعة مع عدم الإمام في المسجد الأعظم أفضل من الصّلاة في المنزل. ومن صلّى مع الإمام ركعة، فإذا سلّم الإمام، قام، فأضاف إليها ركعة أخرى يجهر فيها، وقد تمّت صلاته. فإن صلّى مع الإمام ركعة، وركع فيها، ولم يتمكّن من السّجود فإذا قام الإمام من السّجود، سجد هو، ثمَّ ليلحق بالإمام. فإن لم يفعل ووقف حتّى ركع الإمام في الثّانية، فلا يركع معه. فإذا سجد الإمام، سجد هو أيضا، وجعل سجدتيه للرّكعة الأولى. فإذا سلّم، قام فأضاف إليها ركعة. وإن لم ينو بهاتين السّجدتين أنّهما للرّكعة الأولى، كان عليه إعادة الصّلاة. ولا يجوز الأذان لصلاة العصر يوم الجمعة، بل ينبغي إذا فرغ من فريضة الظّهر، أن يقيم للعصر، ثمَّ يصلّي، إماما كان أو مأموما.

باب فضل المساجد والصلاة وما يتعلق بها من الاحكام

روي ابن أبي عمير، عن إبراهيم بن عبد الحميد، عن

١٠٧

سعد الإسكاف، عن زياد بن عيسى، عن أبي الجارود، عن الأصبغ، عن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، قال: كان يقول: من اختلف إلى المسجد، أصاب إحدى الثّمان: أخا مستفادا في الله، أو علما مستطرفا، أو آية محكمة، أو سمع كلمة تدلّه على الهدى، أو رحمة منتظرة، أو كلمة ترده عن ردي، أو يترك ذنبا خشية أو حياء. وروي عن أبي عبد الله،عليه‌السلام ، أنّه قال: من مشى إلى المسجد، لم يضع رجلا على رطب ولا يابس، إلّا سبّحت له إلى الأرضين السّابعة. وروى السّكونيّ عن أبي عبد الله عن أبيه قال: قال النّبيّ،صلى‌الله‌عليه‌وآله : من كان القرآن حديثه، والمسجد بيته، بنى الله له بيتا في الجنّة. وروى يونس ابن ظبيان عن ابي عبد الله،عليه‌السلام ، أنّه قال: خير مساجد نسائكم البيوت. وروى السّكونيّ عن أبي عبد الله عن أبيه عن آبائه عن عليّعليه‌السلام أنّه قال: صلاة في بيت المقدّس ألف صلاة. وصلاة في المسجد الأعظم مائة صلاة. وصلاة في مسجد القبيلة خمس وعشرون صلاة. وصلاة في السّوق اثنتي عشرة صلاة. وصلاة الرّجل في بيته وحده صلاة واحدة.

بناء المسجد فيه فضل كبير وثواب جزيل. ويستحبّ أن لا تعلّى المساجد، بل تكون وسطا. ويستحب أن لا تكون مظلّلة ولا يجوز أن تكون مزخرفة أو مذهّبة أو فيها شي‌ء من التّصاوير. ولا يجوز أن تكون مشرّفة بل تبنى جمّا.

١٠٨

ولا يجوز أن تبنى المنارة في وسط المسجد، بل ينبغي أن تبنى مع حائطه، ولا تعلّى عليه على حال. ويكره أن تكون فيها محاريب داخلة في الحائط، وليس ذلك بمحظور. وينبغي أن تكون الميضاة على أبواب المساجد، ولا تكون داخلها.

فإذا استهدم مسجد، فينبغي أن يعاد مع التّمكّن من ذلك. ولا بأس باستعمال آلته في إعادته أو في بناء غيره من المساجد. ولا يجوز أن يؤخذ شي‌ء من المساجد لا في ملك ولا في طريق. ويكره أن تتّخذ المساجد طريقا على كلّ حال. وإذا أخذ الإنسان شيئا من آله المساجد، ينبغي أن يردّه إلى موضعه، أو يردّه في بعض المساجد.

ولا بأس بنقض البيع والكنائس واستعمال آلتهما في المساجد. ولا بأس أيضا أن تبنيا مساجد. ولا يجوز اتّخاذهما ملكا، ولا استعمال آلتهما في الأملاك.

وينبغي أن تجنّب المساجد البيع والشّرى، والمجانين والصّبيان، والأحكام والضّالّة، وإقامة الحدود، وإنشاد الشّعر، ورفع الأصوات فيها. ولا يجوز التوضّؤ من الغائط والبول في المساجد. ولا بأس بالوضوء فيها من غير ذلك.

ويكره النّوم في المساجد كلّها. وأشدّها تأكيدا المسجد الحرام ومسجد النّبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله . وإذا أجنب الإنسان في أحد هذين المسجدين، تيمّم من مكانه، ثمَّ يخرج ويغتسل،

١٠٩

وليس عليه ذلك في غيرهما.

ويستحبّ كنس المساجد وتنظيفها. ولا ينبغي إخراج الحصى منها. فمن أخرجها، ردّها إليها أو الى غيرها من المساجد.

وينبغي لمن أكل شيئا من المؤذيات مثل الثّوم والبصل وما أشبههما ألّا يقرب المسجد، حتّى تزول رائحته عنه. وإذا أراد الإنسان دخول المسجد، تعاهد نعله أو شمشكه باب المسجد، لئلّا يكون فيها شي‌ء من القذر، ثمَّ يدخل رجله اليمنى قبل اليسرى، ويقول: « بسم الله وبالله، اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وافتح لنا باب رحمتك، واجعلنا من عمّار مساجدك، جلّ ثناء وجهك » وإذا أراد الخروج منه، أخرج رجله اليسرى قبل اليمنى وقال: اللهمّ صلّ على محمّد وآل محمّد، وافتح لنا باب فضلك، ولا يتنعّل وهو قائم، بل يقعد ثمَّ يلبسها.

ولا ينبغي أن يبصق في المسجد. فإن فعل، غطّاه بالتّراب. ولا يقصع القمّل في المساجد. فإن فعل ذلك دفنها في التّراب. ويكره سلّ السيف وبري النّبل وسائر الصّناعات في شي‌ء من من المساجد. ولا يجوز كشف العورة ولا الرّكبة ولا الفخذ والسّرّة فإنّ جميعه من العورة. ولا يجوز رمي الحصا في المسجد حذفا.

ولا يجوز نقض شي‌ء من المساجد إلّا إذا استهدم. ومن كان في داره مسجد قد جعله للصّلاة، جاز له تغييره وتبديله وتوسيعه وتضييقه حسب ما يكون أصلح له.

١١٠

ولا يجوز الدّفن في شي‌ء من المساجد. ولا بأس أن تبنى المساجد على بئر غائط إذا طمّ وانقطعت رائحته. ولا يجوز ذلك مع وجود الرائحة. ويستحبّ الإسراج في المساجد كلّها.

والصّلاة المكتوبة في المسجد أفضل منها في البيت. وصلاة النّوافل في البيت أفضل، وخاصة نوافل اللّيل.

باب الجماعة وأحكامها وحكم الامام والمأمومين

الاجتماع في صلاة الفرائض كلّها مستحبّ مندوب إليه، وفيه فضل كثير. وأقل ما تكون الجماعة اثنان فصاعدا. فإذا حضر اثنان، فليتقدّم أحدهما، ويقف الآخر على جانبه الأيمن ويصلّيان جماعة. وإن كانوا جماعة، فليتقدّم أحدهم، ويقف في الوسط، ويقف الباقون خلفه، إلّا إذا كانوا عراة، فإنّه لا يتقدّم إمامهم، بل يقف معهم في الصّفّ. فإن وقف الإمام في طرف، وجعل المأمومين كلّهم على يمينه، لم يكن به بأس.

وينبغي أن يتقدّم للإمامة أقرأ القوم. فإن كانوا في القراءة سواء، فأفقههم. فإن كانوا في الفقه سواء، فأقدمهم هجرة. فإن كانوا في الهجرة سواء، فأكبرهم سنّا. فإن كانوا في السنّ سواء، فاحسنهم وجها. ولا يتقدّمن أحد أحدا في مسجده ولا في منزله ولا في إمارته. وإذا حضر قوم فيهم رجل من بني هاشم،

١١١

فهو أولى بالتقدّم، إذا كان ممّن يحسن القراءة.

ولا بأس أن يؤمّ الرّجل بالنّساء. وكذلك لا بأس أن تؤمّ المرأة بالنّساء. ولا تؤمّ المرأة بالرّجال. ويكره أن يتقدّم المتيمّم فيصلّي بالمتوضّئين، وكذلك يكره أن يتقدّم المسافر فيصلّي بالحاضرين. فإن تقدّم وصلّى فرضه الذي يلزمه، سلّم، وقدّم من يصلّي بهم تمام الصّلاة. وإذا صلّى المسافر خلف الحاضر، فإذا صلّى فرضه، سلّم ولا يصلّي معهم تمام الصّلاة، إلّا أن يقوم، فيصلّي معهم بنيّة صلاة أخرى، أو يتطوّع بذلك.

ولا يجوز أن يتقدّم ولد الزّنا على النّاس، ولا الأعرابيّ على المهاجرين، ولا العبيد على الأحرار. ويجوز أن يؤمّ العبد بمواليه، إذا كان أقرأهم للقرآن. ولا بأس أن يؤمّ الأعمى إذا كان من ورائه من يسدّده ويوجّهه إلى القبلة.

ولا تصلّ إلّا خلف من تثق بدينه. فإن كان غير موثوق بدينه، أو كان مخالفا لك في مذهبك، صلّيت لنفسك، ولم تقتد به. ولا تصلّ خلف الفاسق، وإن كان موافقا لك في الاعتقاد.

ولا يؤمّ المجذوم والأبرص والمجنون والمحدود، النّاس. ولا يؤمّ المقيّد المطلقين، ولا صاحب الفالج الأصحّاء.

ولا تصلّ خلف النّاصب، ولا خلف من يتولّى أمير المؤمنين، إذا لم يتبرأ من عدوّه، إلّا في حال التقيّة. ولا يجوز الصّلاة خلف من

١١٢

خالف في إمامة الاثني عشر من الكيسانيّة والنّاووسيّة والفطحيّة والواقفة وغيرهم من فرق الشّيعة. ولا يجوز أن يؤمّ الصّبيّ الّذي لم يبلغ، النّاس. ولا تصلّ خلف عاقّ أبويه ولا قاطع رحم ولا سفيه، ولا تجوز الصّلاة خلف الأغلف.

فإذا تقدّم من هو بشرائط الإمامة فلا تقرأنّ خلفه، سواء كانت الصّلاة ممّا يجهر فيها بالقراءة أو لا يجهر، بل تسبّح مع نفسك وتحمد الله تعالى. وإن كانت الصّلاة ممّا يجهر فيها بالقراءة، فأنصت للقراءة.

فإن خفي عليك قراءة الإمام، قرأت أنت لنفسك. وإن سمعت مثل الهمهمة من قراءة الإمام، جاز لك إلّا تقرأ، وأنت مخيّر في القراءة. ويستحبّ أن يقرأ الحمد وحدها فيما لا يجهر الإمام فيها بالقراءة. وإن لم تقرأها، فليس عليك شي‌ء.

وإذا صلّيت خلف من لا تقتدي به، قرأت خلفه على كلّ حال سواء جهر بالقراءة أو لم يجهر. فإن كان الموضع موضع تقيّة، أجزأك من القراءة مثل حديث النّفس. ولا يجوز لك ترك القراءة على حال. وإذا لم يمكنك أن تقرأ أكثر من الحمد خلف من لا تقتدي به، أجزأك، ولا يجوز أقلّ منها.

ومتى فرغ المأموم من القراءة قبل الإمام، فليسبّح الله وليحمده. ويستحبّ أن يبقي آية من السّورة الّتي يقرأها.

فإذا فرغ الامام من قراءته، تممها.

١١٣

ومتى صلّى الرّجل بالنّاس، وهو على غير وضوء، أو كان جنبا، ثمَّ ذكر بعد الصلاة، وجب عليه إعادتها، وليس عليهم شي‌ء. وكذلك إن صلّى بهم، وهو على ظاهر اعتقادهم، ثمَّ تبيّن لهم بعد ذلك انه كان مخالفا لهم فيما يعتقدونه، كانت صلاتهم ماضية. ومتى صلّى الرّجل بالقوم إلى غير القبلة متعمّدا كان عليه إعادة الصّلاة. ولم يكن عليهم ذلك، إذا لم يكونوا عالمين. فإن كانوا عالمين بذلك، وجب عليهم أيضا إعادة الصّلاة. ومتى لم يكن الإمام ولا المأمومون عالمين بذلك، كان حكمهم ما قدمناه في باب القبلة.

ومتى أحدث الإمام في الصّلاة بما يقطعها أو ينقض الوضوء فليقدّم رجلا يصلّي بهم تمام الصّلاة. ويستحبّ أن يكون ذلك الرّجل ممّن قد شهد الإقامة. فإن لم يكن شهدها، لم يكن به بأس. وإن كان ممّن فاته ركعة أو ركعتان، جاز ذلك أيضا فإذا صلّى بهم تمام صلاتهم أومأ إيماء يكون تسليما لهم، أو يقدّم من يسلّم بهم، ويقوم هو فيصلّي ما بقي عليه من الصّلاة وإذا مات الإمام فجأة، نحّي عن قبلته وتقدّم من يصلّي بهم تمام الصّلاة، ويغتسل من يمسّ شيئا من جسده.

ومن لحق تكبيرة الرّكوع، فقد أدرك تلك الرّكعة. فإن لم يلحقها، فقد فاتته. فإن سمع تكبيرة الرّكوع، وبينه وبين الصّفّ مسافة، جاز له أن يركع ويمشي في ركوعه، حتى

١١٤

يلحق بالصّفّ أو يتمّ ركوعه. فإذا رفع رأسه من الرّكوع، سجد. فإذا نهض إلى الثّانية، لحق بالصّفّ. ومن خاف فوت الرّكوع أجزأته تكبيرة واحدة للافتتاح والرّكوع. فإن لم يخف، فلا بدّ له من التكبيرتين.

ومن فاتته ركعة مع الإمام أو ركعتان، فليجعل ما يلحق معه أوّل صلاته. فإذا سلّم الإمام، قام فتمّ ما قد فاته، مثال ذلك من صلّى مع الإمام الظّهر أو العصر أو العشاء الآخرة، وفاتته ركعتان، فليقرأ فيما يلحقه الحمد وسورة في كلّ ركعة إن تمكّن من ذلك. فإن لم يتمكن، اقتصر على الحمد وحدها، ثمَّ يصلّي بعد تسليم الإمام ركعتين، يقرأ فيهما الحمد وحدها، أو يسبّح. وإن كان قد فاتته ركعة، فليقرأ في الثّانية الحمد وسورة، وليجلس مع الإمام في التشهّد الأول، ولا يتشهّد بل يحمد الله تعالى ويسبّحه. فإذا قام الإمام إلى الثّالثة، قام إليها، وكانت ثانية له. فإذا صلّى الإمام الثّالثة، جلس هو، وتشهّد تشهدا خفيفا، ثمَّ لحق به في الرّابعة للإمام، وتكون ثالثة له. فإذا جلس الإمام للتّشهّد الأخير، جلس معه يحمد الله تعالى ويسبّحه. فإذا سلّم الإمام، قام فأضاف إليها ركعة، وتشهد، ثمَّ يسلّم.

ومن صلّى خلف من يقتدى به، فلا يرفع رأسه قبل الإمام من الرّكوع. فإن رفع رأسه ناسيا، فليعد اليه، ليكون رفع

١١٥

رأسه مع رفع رأس الإمام. وكذلك يفعل في حال السّجود. وإن كان رفعه للرأس متعمّدا، فلا يعودّن لا إلى الرّكوع ولا إلى السّجود، بل يقف حتى يلحقه الإمام. وإن كان الإمام ممّن لا يقتدى به، ورفع رأسه من الرّكوع أو السّجود، فلا يعودنّ إليه، ناسيا كان ذلك أو متعمّدا، لأنّ ذلك زيادة في الصّلاة. ومن أدرك الإمام، وقد رفع رأسه من الرّكوع، فليسجد معه، غير أنّه لا يعتدّ بتلك السّجدة. فإن وقف حتى يقوم الإمام إلى الثّانية، كان له ذلك. وإن أدركه هو في حال التشهّد جلس معه حتى يسلّم. فإذا سلّم الإمام، قام فاستقبل صلاته.

والإمام إذا ركع، فسمع أصوات قوم يدخلون المسجد، فعليه أن يطيل ركوعه قليلا ليلحقوا به في ذلك الرّكوع. وتسليم الإمام في الصلاة مرّة واحدة تجاه القبلة، يشير بعينه إلى يمينه. ولا ينبغي له أن يبرح من مصلاه، حتّى يتمّ ـ من قد فاته شي‌ء من الصّلاة خلفه ـ صلاته. وينبغي للإمام أن يسمع من خلفه الشّهادتين في جميع الصّلوات. وليس عليهم يسمعوه شيئا من ذلك.

ولا يجوز لمن لم يصلّ صلاة الظّهر أن يصلّي مع الإمام العصر ويقتدي به. فإن نوى أنّه ظهر له، وإن كان عصرا للإمام، جاز له ذلك. ومن صلّى وحده ثمَّ لحق جماعة، جاز له أن يعيد مرّة أخرى، سواء كان إماما أو مأموما.

١١٦

ولا يقف في الصّفّ الأوّل، الصّبيان والعبيد والنّساء والمخنّثون. وينبغي أن يكون بين الصفين مقدار مربض عنز. ولا بأس أن يقف الرّجل وحده في صفّ، إذا كان قد امتلأت الصّفوف. فإن لم يكن قد امتلأت، كره له ذلك. ولا بأس بالوقوف بين الأساطين. ويكره وقوف الإمام في المحراب الدّاخل في الحائط، وإن كان ليس بمفسد للصلاة.

ولا يكون جماعة وبين المصلّي وبين الإمام أو بين الصّفّ، حائل من حائط أو غيره. ومن صلّى وراء المقاصير، لا تكون صلاته صلاة جماعة. وقد رخّص للنّساء أن يصلّين إذا كان بينهّن وبين الإمام حائط. ولا يجوز أن يكون الإمام على موضع مرتفع من الأرض مثل دكان أو سقف وما أشبه ذلك. فإن كان أرضا مستوية، لا بأس بوقوفه عليه، وإن كان أعلى من موضع المأمومين بقليل. ولا بأس للمأمومين أن يقفوا على موضع عال فيصلّوا خلف الإمام، إذا كان أسفل منهم.

وإذا صلّى نفسان، فذكر كلّ واحد منهما أنّه كان إماما لصاحبه، جازت صلاتهما، لأنّ كلّ واحد منهما قد احتاط في الصّلاة في القراءة والرّكوع والسّجود والعزم وغير ذلك. وإن قال كلّ واحد منهما: أنا كنت مأموما، كان عليهما إعادة الصّلاة، لأنّه قد وكل كلّ واحد منهما الأمر إلى صاحبه، فلم يأتيا بأركان الصّلاة.

١١٧

ولا بأس أن يسلّم الإنسان قبل الإمام، وينصرف في حوائجه عند الضّرورة إلى ذلك. وليس عليه الوقوف لتعقيب الإمام.

وإذا صلّى في مسجد جماعة، كره أن يصلّي دفعة أخرى جماعة، تلك الصّلاة بعينها. فإن حضر قوم وأرادوا أن يصلّوا جماعة، فليصلّ بهم واحد منهم، ولا يؤذّن ولا يقيم، بل يقتصر على ما تقدّم من الأذان والإقامة في المسجد، إذا لم يكن الصّفّ قد انفضّ. فإن انفضّ الصّفّ، وتفرّق النّاس، فلا بدّ من الأذان والإقامة. وإذا دخل الإنسان في صلاة نافلة، ثمَّ أقيمت الصّلاة، جاز له أن يقطعها ويدخل في الجماعة. فإن دخل في صلاة فريضة، وكان الإمام الذي يصلّي خلفه إمام عدل، جاز له أيضا قطعها، ويدخل معه في الجماعة. فإن لم يكن إمام عدل، وكان ممّن يقتدى به، فليتمّ صلاته التي دخل فيها ركعتين، يخفّفهما ويحسبهما من التّطوّع، ويدخل في الجماعة. وإن كان الإمام ممّن لا يقتدى به، فليبن على صلاته. ويدخل معه في الصّلاة. فإذا فرغ من صلاته، سلّم، وقام مع الإمام، فصلّى معه ما بقي له، واحتسبه من النّافلة. فإن وافق حال تشهّده حال قيام الإمام، فليقتصر في تشهّده على الشّهادتين، ويسلّم إيماء، ويقوم مع الإمام.

ولا يجوز للإمام أن يصلّي بالقوم وهو جالس، إلّا أن

١١٨

يكونوا عراة. فإنّهم يصلّون كلّهم جلوسا، ولا يتقدّمهم إمامهم إلّا بركبته.

وإذا أقيمت الصّلاة التي يقتدي بالإمام فيها، لا يجوز أن يصلّي النّوافل. وإذا صلّت المرأة مع الرّجال جماعة، فلا تقف معهم في صفّهم، بل تكون خلف الصّفوف، فإن وقفت في الصّف الأخير، ثمَّ جاء قوم أرادوا أن يقفوا في ذلك الصّفّ، فعليها أن تتأخّر عن ذلك الصّفّ من غير أن تستدبر القبلة. وإذا صلّيت خلف مخالف، وقرأ سورة تجب فيها السّجدة ولم يسجد، فأوم إيماء وقد أجزأك.

باب النوافل وأحكامها

قد بيّنّا أوقات النّوافل وعدد ركعاتها في اليوم واللّيلة غير أنّا نرتّبها هاهنا على وجه أليق به: إذا زالت الشّمس، فليصلّ ثمان ركعات للزوال، يقرأ فيها ما شاء من السّور والآيات، ويسلّم في كلّ ركعتين منها، ويقنت في كلّ ركعتين. ويصلّي ثمان ركعات بعد الفراغ من فريضة الظّهر. ويصلّي بعد المغرب أربع ركعات بتشهّدين وتسليمين. ويصلّي ركعتين من جلوس بعد العشاء الآخرة تعدّان بركعة، ويجعل هاتين الرّكعتين بعد كلّ صلاة يريد أن يصلّيها، ويقوم بعدهما إلى فراشه.

١١٩

ويستحب له أن لا ينام إلّا وهو على طهر. فإن نسي ذلك، وذكر عند منامه، فليتيمّم من فراشه. ومن خاف أن لا ينتبه آخر اللّيل، فليقل عند منامه( قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ ) إلى آخر السّورة، ثمَّ يقول: « اللهمّ أيقظني لعبادتك في وقت كذا »، فإنّه ينتبه إن شاء الله.

فإذا انتصف اللّيل، قام إلى صلاة اللّيل، ولا يصلّيها في أوّله، إلّا أن يكون مسافرا يخاف أن لا يتمكّن منه في آخر اللّيل. فإذا قام، فليعمد إلى السّواك، وليستك فاه، ولا يتركه مع الاختيار. ثمَّ ليستفتح الصّلاة بسبع تكبيرات على ما رتّبناه سنّة، ثمَّ يصلّي ثماني ركعات، يقرأ في الرّكعتين الأوليين الحمد وقل هو الله أحد في الأولى منهما، وفي الثّانية الحمد وقل يا أيها الكافرون، وفي السّتّ البواقي ما شاء من السّور، إن شاء طوّل وإن شاء قصّر. فإذا فرغ منها، صلّى ركعتي الشّفع ويسلّم بعدهما. ويستحبّ أن يقرأ فيهما سورة الملك وهل أتى على الإنسان. وإن كان الوقت ضيّقا، قرأ فيهما المعوّذتين، يقوم إلى الوتر، ويتوجّه فيه أيضا على ما قدّمناه.

فإذا قام إلى صلاة اللّيل، ولم يكن قد بقي من الوقت مقدار ما يصلّي كلّ ليلة، وخاف طلوع الفجر، خفّف صلاته، واقتصر على الحمد وحدها. فإن خاف مع ذلك طلوع الفجر، صلّى ركعتين، وأوتر بعدهما، ويصلّي ركعتي الفجر، ثمَّ

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

الثالث : لو كان الحسن والقبح شرعيّين لما حكم بهما من ينكر الشرائع ، والتالي باطل ؛ فإنّ البراهمة(٢) بأسرهم ينكرون الشرائع والأديان كلّها ، ويحكمون بالحسن والقبح ، مستندين إلى ضرورة العقل في ذلك(٣) .

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٣.

(٢) البراهمة أو البرهمانية : نسبة إلى برهمان أو برهام ، وهو اسم مؤسّس هذه الطريقة ، وقيل : هم قبيلة بالهند فيهم أشراف أهل الهند ، ويقولون : إنّهم من ولد برهمي ملك من ملوكهم ؛ ولهم علامة ينفردون بها ، وهي خيوط ملوّنة بحمرة وصفرة يتقلّدونها تقلّد السيوف ، وقيل : إنّهم قائلون بالتوحيد! ومن أصول هذه الطائفة ـ كذلك ـ نفي النبوّات أصلا وقرّروا استحالتها في العقول ، وقد تفرّقوا أصنافا ، فمنهم : أصحاب البددة ، وهم البوذيّون ؛ وأصحاب الفكر والوهم ، وهم العلماء منهم بالفلك والنجوم وأحكامها المنسوبة إليهم ؛ وأصحاب التناسخ.

انظر : الفصل في الملل والأهواء والنحل ١ / ٨٦ ، الملل والنحل ٣ / ٧٠٦ ـ ٧١٦.

(٣) الإرشاد ـ للجويني ـ : ٢٣٠ ـ ٢٣١ ، نهاية الإقدام في علم الكلام : ٣٧١ ، شرح المواقف ٨ / ١٩٢.

٤٢١

وقال الفضل(١) :

جوابه : إنّ البراهمة المنكرين للشرائع يحكمون بالحسن والقبح للأشياء لصفة الكمال والنقص والمصلحة والمفسدة ، لا تعلّق الثواب والعقاب.

وكيف يحكمون بالثواب والعقاب وهم لا يعرفونهما؟!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٦٨.

٤٢٢

وأقول :

البراهمة يحكمون بحسن الأفعال وقبحها بما هي أفعال ، كما هو محلّ الكلام على الصحيح

وما اختلقه بعض الأشاعرة من تعدّد المعاني والتفصيل فيها فإنّما قصدوا به الفرار لكن في غير الطريق المستقيم ، أو تسليم للحقّ لكن بوجه المعارضة.

* * *

٤٢٣

قال المصنّف ـ أعلى الله مقامه ـ(١) :

الرابع : الضرورة قاضية بقبح العبث ، كمن يستأجر أجيرا ليرمي من ماء الفرات في دجلة ، ويبيع متاعا ـ أعطي في بلده عشرة دراهم ـ في بلد يحمله إليه بمشقّة عظيمة ، ويعلم أنّ سعره كسعر بلده بعشرة دراهم أيضا.

وقبح تكليف ما لا يطاق كتكليف الزمن الطيران إلى السماء ، وتعذيبه دائما على ترك هذا الفعل.

وقبح ذمّ العالم الزاهد على علمه وزهده ، وحسن مدحه ، وقبح مدح الجاهل الفاسق على جهله وفسقه ، وحسن ذمّه عليهما.

ومن كابر في ذلك فقد أنكر أجلى الضروريات ؛ لأنّ هذا الحكم حاصل للأطفال ، والضروريات قد لا تحصل لهم.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٣.

٤٢٤

وقال الفضل(١) :

جوابه : إنّ قبح العبث لكونه مشتملا على المفسدة ، لا لكونه موجبا لتعلّق الذمّ والعقاب ، وهذا ظاهر.

وقبح مذمّة العاقل ، وحسن مدحة الزاهد ؛ للاشتمال على صفة الكمال والنقص.

فكلّ ما يذكر هذا الرجل من الدلائل هو إقامة الدليل على غير محلّ النزاع ، فإنّ الأشاعرة معترفون بأنّ كلّ ما ذكره من الحسن والقبح عقليّان ، والنزاع في غير هذين المعنيين.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٧٠.

٤٢٥

وأقول :

ليت شعري أكان محلّ الكلام في حسن الأفعال وقبحها عقلا مشروطا بأن لا تكون فيها مصلحة ومفسدة حتّى يقول : إنّ قبح العبث لكونه مشتملا على مفسدة؟!

ومنشأ اشتباهه أنّه رأى أصحابه يعبّرون عن ملاءمة الغرض ومنافرته بالمصلحة والمفسدة(١) ، فتخيّل ذلك ولم يعلم أنّهم إنّما جعلوا الحسن والقبح ـ اللذين بمعنى الملاءمة والمنافرة ، والمصلحة والمفسدة ـ خارجين عن محلّ النزاع ؛ لا أنّه يشترط في محلّ النزاع عدم المصلحة والمفسدة في الفعل واقعا.

على إنّ قبح العبث ضروري وإن لم يشتمل على مفسدة ، بل لو اشتمل عليها لم يثبت القبح عندهم بمعنى المنافرة للغرض ، إذ لا غرض للعابث ، فيلزم أن لا يقبح العبث عندهم وقد أقرّوا بقبحه!

وأمّا قوله : « وقبح مذمّة العالم ، وحسن مدحة الزاهد »

ففيه : تسليم للحقّ باسم المعارضة ، والوفاق بصورة الخلاف ، فما ضرّهم لو أنصفوا؟!

واعلم أنّ الخصم لم يجب عن قبح تكليف ما لا يطاق عجزا عن الجواب ؛ لأنّ التكليف المذكور ليس عندهم صفة نقص ولا مفسدة ، وإلّا لما أجازوه على الله تعالى.

__________________

(١) شرح المواقف ٨ / ١٨٢.

٤٢٦

قال المصنّف ـ قدّس الله روحه ـ(١) :

الخامس : لو كان الحسن والقبح باعتبار السمع لا غير لما قبح من الله تعالى شيء.

ولو كان كذلك لما قبح منه تعالى إظهار المعجزات على يد الكاذبين ، وتجويز ذلك يسدّ باب معرفة النبوّة(٢) .

فإنّ أيّ نبيّ أظهر المعجزة عقيب ادّعاء النبوّة لا يمكن تصديقه مع تجويز إظهار المعجزة على يد الكاذب في دعوى النبوّة.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٤.

(٢) انظر : شرح الأصول الخمسة : ٣١٨ و ٣٢١ ، ومؤدّاه في : المحيط بالتكليف : ٢٣٥.

٤٢٧

وقال الفضل(١) :

جوابه : إنّه لم يقبح من الله شيء.

قوله : « لو كان كذلك لما قبح منه إظهار المعجزات على يد الكاذبين ».

قلنا : عدم إظهار المعجزة على يد الكذّابين ليس لكونه مقبحا عقلا ، بل لعدم جريان عادة الله تعالى ، الجاري مجرى المحال العادي بذلك.

قوله : « تجويز هذا يسدّ باب معرفة النبوّة ».

قلنا : لا يلزم هذا ؛ لأنّ العلم العادي حاكم باستحالة هذا الإظهار ، فلا ينسدّ ذلك الباب.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٧١.

٤٢٨

وأقول :

كيف تصحّ دعوى العادة؟! والحال أنّه لا اطّلاع له على كلّ من ادّعى النبوّة!

ولو فرض الاطّلاع فمن المحتمل كذب كلّ من جاء بمعجزة ، فلا تثبت نبوّة صادقة فضلا عن جريان العادة بها.

على إنّه كيف يقطع بعدم تخلّف العادة في مقام تخلّف العادة بإظهار المعجزة؟!

* * *

٤٢٩

قال المصنّف ١(١) :

السادس : لو كان الحسن والقبح شرعيّين ، لحسن من الله تعالى أن يأمر بالكفر ، وتكذيب الأنبياء ، وتعظيم الأصنام ، والمواظبة على الزنا والسرقة ، والنهي عن العبادة والصدق ؛ لأنّها غير قبيحة في أنفسها ، فإذا أمر الله بها صارت حسنة ؛ إذ لا فرق بينها وبين الأمر بالطاعة ، فإنّ شكر المنعم ، وردّ الوديعة ، والصدق ، ليست حسنة في أنفسها ، ولو نهى الله عنها كانت قبيحة(٢) .

لكن لمّا اتّفق أنّه تعالى أمر بهذه مجانا لغير غرض ولا حكمة ، صارت حسنة ، واتّفق أنّه نهى عن تلك فصارت قبيحة ، وقبل الأمر والنهي لا فرق بينها.

ومن أدّاه عقله إلى تقليد من يعتقد ذلك فهو أجهل الجهّال ، وأحمق الحمقاء ، إذا علم أنّ معتقد رئيسه ذلك!

ومن لم يعلم ووقف عليه ثمّ استمرّ على تقليده فكذلك!

فلهذا وجب علينا كشف معتقدهم لئلّا يضلّ غيرهم وتستوعب البلية جميع الناس.

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٤.

(٢) انظر : شرح الأصول الخمسة : ٣١٨ ـ ٣٢٠.

٤٣٠

وقال الفضل(١) :

جوابه : إنّه لا يلزم من كون الحسن والقبح شرعيّين ، بمعنى أنّ الشرع حاكم بالحسن ، والقبح أن يحسن من الله الأمر بالكفر والمعاصي ؛ لأنّ المراد بهذا الحسن : إن كان استحسان هذه الأشياء ، فعدم هذه الملازمة ظاهر ؛ لأنّ من الأشياء ما يكون مخالفا للمصلحة لا يستحسنه الحكيم ، وقد ذكرنا أنّ المصلحة والمفسدة حاصلتان للأفعال بحسب ذواتها.

وإن كان المراد بهذا الحسن عدم الامتناع عليه ، فقد ذكرنا أنّه لا يمتنع عليه شيء عقلا ، لكن جرى عادة الله على الأمر بما اشتمل على مصلحة من الأفعال ، والنهي عمّا اشتمل على مفسدة من الأفعال.

فالعلم العادي حاكم بأنّ الله تعالى لم يأمر بالكفر وتكذيب الأنبياء قطّ ، ولم ينه عن شكر المنعم وردّ الوديعة ، فحصل الفرق بين هذا الأمر والنهي بجريان عادة الله الذي يجري مجرى المحال العادي ، فلا يلزم شيء ممّا ذكر هذا الرجل ، فقد زعم أنّه فلق الشعر في تدقيق هذا السؤال الظاهر دفعه عند أهل الحقّ ، حتّى رتّب عليه التشنيع والتفظيع ، فيا له من رجل ما أجهله!

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٧٢.

٤٣١

وأقول :

قد سبق أنّ القبيح عندهم ما نهي عنه شرعا ، والحسن ما لم ينه عنه كما في « المواقف »(١) .

وحينئذ فالأفعال كلّها ليست حسنة أو قبيحة بالنظر إلى ذواتها وقبل تعلّق التكاليف بها ، وإنّما تكون حسنة أو قبيحة بعد تعلّقها بها.

فلو تعلّق أمره تعالى مثلا بالكفر وتكذيب الأنبياء وتعظيم الشياطين كانت حسنة وكان أمره أيضا حسنا ؛ لأنّ أمره من فعله ، وفعله حسن ؛ لأنّه لم ينه عنه فيشمله تعريف الحسن المذكور ، كما صرّح به في « شرح المواقف »(٢) وذكرناه سابقا(٣)

وحينئذ يتمّ ما ذكره المصنّف ١ بقوله : « لو كان الحسن والقبح شرعيّين لحسن من الله تعالى أن يأمر بالكفر » فإنّ الكفر ـ مثلا ـ ليس قبيحا قبل التكليف ، فيصحّ تعلّق الأمر به ، وإذا تعلّق به صار حسنا كما يحسن الأمر به.

وبذلك يعلم أنّه لا محلّ لتفسير الخصم للحسن والقبح الشرعيّين بأنّ الشرع حاكم بهما ، ولا لترديده في مراد المصنّف ; بالحسن بين أمرين لا دخل لهما بمقصود المصنّف ولا بمصطلح الأشاعرة.

على إنّه لو أراد المصنّف الشقّ الأوّل فهو لازم لهم على مذهبهم ؛

__________________

(١) المواقف : ٣٢٣.

(٢) شرح المواقف ٨ / ١٨٢.

(٣) انظر الصفحتين ٤١٣ ـ ٤١٤ من هذا الجزء.

٤٣٢

لأنّ الأمور التي ذكرها المصنّف ، من الكفر وتكذيب الأنبياء وأشباههما مخلوقة لله تعالى عندهم ومن أفعاله ، فلو كانت مخالفة للمصلحة ولا يستحسنها الحكيم لما فعلها.

ودعوى أنّ فعله لها إنّما يدلّ على استحسانه لها من حيث فاعليّته لها ، لا من حيث كسب العبد إيّاها ومحلّيّته لها ، غير ضارّة في المطلوب لو سلّمت ، إذ لا يهمّنا إلّا إثبات ما أنكره الخصم من استحسانها على مذهبهم من أيّ حيثية كانت.

وقوله : « قد ذكرنا أنّ المصلحة والمفسدة حاصلتان للأفعال بحسب ذواتها »

خطأ ظاهر ؛ لأنّ الذي ذكره هو حصول المصلحة والمفسدة بمعنى الملاءمة والمنافرة لا الذاتيّين(١) .

وأمّا ما ذكره في الشقّ الثاني بقوله : « وإن كان المراد عدم الامتناع عليه ، فقد ذكرنا أنّه لا يمتنع عليه شيء عقلا ».

ففيه : إنّه بعد ما بيّن في الشقّ الأوّل أنّ الحكيم لا يستحسن ما يكون مخالفا للمصلحة ، كيف لا يمتنع عليه الأمر به؟! فإنّ الحكيم لا يجوز عليه أن يأمر بما يكون مخالفا للمصلحة ولا يستحسنه.

ثمّ ما ذكره من جريان العادة غير مفيد له ، فإنّه لو سلّم العلم بالعادة مع عدم الاطّلاع على أديان جميع الأنبياء ، فالإشكال إنّما هو من جهة جواز أمره تعالى بالكفر ونحوه وحسنه ، لا من جهة الوقوع حتّى يجيب بعدم جريان العادة.

__________________

(١) انظر الصفحة ٤١١ من هذا الجزء.

٤٣٣

وبالضرورة : إنّ تجويز مثله على الحكيم إخراج له عن الحكمة ، وهو كفر!

فظهر أنّ المصنّف قد فلق الشعر بتدقيقه ، فجزاه الله تعالى عن الدين وأهله أفضل جزاء المحسنين ، وجعلنا من أعوانه على الحقّ ، إنّه أكرم المسؤولين.

* * *

٤٣٤

قال المصنّف ـ أعلى الله درجته ـ(١) :

السابع : لو كان الحسن والقبح شرعيّين ، لزم توقّف وجوب الواجبات على مجيء الشرع ، ولو كان كذلك لزم إفحام الأنبياء ؛ لأنّ النبيّ إذا ادّعى الرسالة وأظهر المعجزة كان للمدعوّ أن يقول : إنّما يجب عليّ النظر في معجزتك بعد أن أعرف أنّك صادق ، فأنا لا أنظر حتّى أعرف صدقك ، ولا أعرف صدقك إلّا بالنظر ، وقبله لا يجب عليّ امتثال الأمر ؛ فينقطع النبيّ ولا يبقى له جواب!

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٤.

٤٣٥

وقال الفضل(١) :

جواب هذا قد مرّ في بحث النظر(٢)

وحاصله : إنّه لا يلزم الإفحام ؛ لأنّ المدعوّ ليس له أن يقول : إنّما يجب عليّ النظر في معجزتك بعد أن أعرف أنّك صادق ؛ بل النظر واجب عليه بحسب نفس الأمر.

ووجوب النظر لا يتوقّف على معرفته له ؛ للزوم الدور كما سبق ، فلا يلزم الإفحام.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٧٥.

(٢) انظر الصفحة ١٤٥ من هذا الجزء.

٤٣٦

وأقول :

قد سبق أنّ ارتفاع الإفحام إنّما يكون بعلم المدعوّ بالوجوب لا بمجرّد ثبوته واقعا ، كما ذكرناه موضّحا فراجع(١) .

* * *

__________________

(١) انظر الصفحتين ١٤٩ ـ ١٥٠ من هذا الجزء.

٤٣٧

قال المصنّف ـ طاب ثراه ـ(١) :

الثامن : لو كان الحسن والقبح شرعيّين لم تجب المعرفة ؛ لتوقّف معرفة الإيجاب على معرفة الموجب ، المتوقّفة على معرفة الإيجاب ، فيدور

* * *

__________________

(١) نهج الحقّ : ٨٤.

٤٣٨

وقال الفضل(١) :

جواب هذا أيضا قد مرّ في ما سبق(٢) ، وأنّ توقّف وجوب المعرفة على الإيجاب ممنوع.

* * *

__________________

(١) إبطال نهج الباطل ـ المطبوع ضمن إحقاق الحقّ ـ ١ / ٣٧٦.

(٢) انظر الصفحة ١٤٣ من هذا الجزء.

٤٣٩

وأقول :

قد مرّ فساد جوابه بما لا يخفى على ذي معرفة ، فراجع(١) .

* * *

__________________

(١) انظر الصفحة ١٤٨ ـ ١٥٠ من هذا الجزء.

٤٤٠

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793