النهاية الجزء ١

النهاية5%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الجزء ١ المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225276 / تحميل: 6343
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

يصلّي ركعتي الغداة، ثمَّ يقضي الثّماني ركعات. وإن كان قد صلّى أربع ركعات من صلاة اللّيل، ثمَّ طلع الفجر، تمّم ما بقي عليه، وخفّفها، ثمَّ صلّى الفرض. وقد رويت رواية في جواز صلاة اللّيل بعد طلوع الفجر قبل الفرض، وهي رخصة في جواز فعل النافلة في وقت الفريضة، إذا كان ذلك في أوّل وقته. فإذا تضيّق الوقت لم يجز ذلك. ومع هذا فلا ينبغي أن يكون ذلك عادة. والأحوط ما قدّمناه.

ومن نسي ركعتين من صلاة اللّيل، ثمَّ ذكر بعد أن أوتر، قضاهما وأعاد الوتر. ومن نسي التّشهّد في النّافلة، ثمَّ ذكر بعد أن ركع أنّه لم يتشهّد، أسقط الرّكوع، وجلس، فتشهّد.

وإذا فرغ من صلاة الليل، قام فصلّى ركعتي الفجر، وإن لم يكن قد طلع الفجر بعد. ويستحبّ أن يضطجع ويقول في حال اضطجاعه الدّعاء المعروف في ذلك. وإن جعل مكان الضّجعة سجدة، كان ذلك جائزا.

ولا بأس أن يصلّي الإنسان النّوافل جالسا، إذا لم يتمكّن من الصّلاة قائما. فإن تمكّن منها قائما، وأراد أن يصلّيها جالسا، صلّى لكلّ ركعة ركعتين. فإن صلّى لكلّ ركعة ركعة والحال ما وصفناه، كان تاركا للفضل.

ومن كان في دعاء الوتر، ولم يرد قطعه. ولحقه عطش، وبين يديه ماء، جاز له أن يتقدّم خطا فشرب الماء، ثمَّ يرجع

١٢١

إلى مكانه فيتمّم صلاته من غير أن يستدبر القبلة.

باب الصلاة في السفر

التّقصير واجب في السّفر، إذا كانت المسافة ثمانية فراسخ فإن كانت المسافة أربعة فراسخ، وأراد الرّجوع من يومه، وجب أيضا التّقصير. فإن لم يرد الرّجوع، فهو بالخيار في التّقصير والإتمام.

ولا يجوز التّقصير، الا لمن كان سفره طاعة لله، أو في سفر مباح. فإن كان سفره معصية أو اتّباعا لسلطان جائز، لم يجز له التّقصير. وكذلك إن كان سفره إلى صيد لهو أو بطر، لم يجز له التّقصير. وإن كان الصيد لقوته وقوت عياله، وجب أيضا التّقصير. وإن كان صيده للتّجارة، وجب عليه التّمام في الصلاة، والتّقصير في الصوم. ولا يجوز التّقصير للمكاري وللملّاح والرّاعي والبدويّ إذا طلب القطر والنّبت، والذي يدور في جبايته، والذي يدور في إمارته، ومن يدور في التّجارة من سوق إلى سوق، ومن كان سفره أكثر من حضره، هؤلاء كلّهم لا يجوز لهم التقصير ما لم يكن لهم في بلدهم مقام عشرة أيّام. فإن كان لهم في بلدهم مقام عشرة أيّام، وجب عليهم التّقصير. وإن كان مقامهم في بلدهم خمسة أيّام،

١٢٢

قصّروا بالنّهار، وتمّموا الصّلاة باللّيل.

ولا يجوز التقصير للمسافر، إلّا إذا توارى عنه جدران بلده وخفي عليه أذان مصره. فإن خرج بنيّة السّفر، ثمَّ بدا له وكان قد صلّى على التّقصير، فليس عليه شي‌ء. فإن لم يكن قد صلّى، أو كان في الصّلاة وبدا له من السّفر، تمّم صلاته. فإن خرج من منزله، وقد دخل الوقت، وجب عليه التّمام، إذا كان قد بقي من الوقت مقدار ما يصلّي فيه على التّمام. فإن تضيّق الوقت، قصّر ولم يتمّم. وإن دخل من سفره بعد دخول الوقت، وكان قد بقي من الوقت مقدار ما يتمكّن فيه من أداء الصّلاة على التّمام، فليصلّ، وليتمّم. وإن لم يكن قد بقي مقدار ذلك، قصّر. ومن ذكر أنّ عليه صلاة فاتته في حال السّفر، قضاها على التّقصير. وكذلك من ذكر أنّ عليه صلاة فاتته في الحضر، وهو في السّفر، قضاها على التّمام.

ومن تمّم في السّفر، وقد تليت عليه آية التّقصير، وعلم وجوبه، وجب عليه إعادة الصّلاة. فإن لم يكن علم ذلك، فليس عليه شي‌ء. فإن كان قد علم، غير أنّه قد نسي في حال الصلاة، فإن كان في الوقت، أعاد الصّلاة، وإن كان قد مضى وقتها، فليس عليه شي‌ء. وقد روي أنّه إن ذكر في ذلك اليوم أنّه صلّى على التّمام، وجبت عليه الإعادة. والأول أحوط.

وإذا عزم المسافر على مقام عشرة أيّام في بلد، وجب عليه

١٢٣

التّمام. فإن عزم عشرة أيّام وصلّى صلاة واحدة أو أكثر على التّمام، ثمَّ بدا له في المقام، فليس له أن يقصّر إلّا بعد خروجه من البلد. وإن لم يكن قد صلّى شيئا من الصّلوات على التّمام، فعليه التّقصير، إذا غيّر نيّته عن المقام عشرة أيّام ما بينه وبين ثلاثين يوما. فإذا مضت ثلاثون، ولم يكن قد خرج، وجب عليه التّمام ولو صلاة واحدة. ومن خرج إلى ضيعة له، وكان له فيها موضع ينزله ويستوطنه، وجب عليه التّمام. فإن لم يكن له فيها مسكن، وجب عليه التّقصير.

ويستحبّ الإتمام في أربعة مواطن: في السفر بمكّة، والمدينة، ومسجد الكوفة، والحائر، على ساكنه السلام. وقد رويت رواية بلفظة أخرى، وهو أن يتمّم الصّلاة في حرم الله، وفي حرم رسوله، وفي حرم أمير المؤمنين، وفي حرم الحسين، عليهم أجمعين السّلام. فعلى هذه الرّواية، جاز التّمام خارج المسجد بالكوفة. وعلى الرّواية الأولى، لم يجز إلّا في نفس المسجد. ولو أن إنسانا قصّر في هذه المواطن كلّها، لم يكن عليه شي‌ء، إلّا أنّ الأفضل ما قدمناه.

وليس على المسافر صلاة الجمعة ولا صلاة العيدين. والمشيع لأخيه المؤمن يجب أيضا عليه التقصير، والمسافر في طاعة إذا مال إلى الصّيد لهوا، وجب عليه التّمام. فإذا رجع إلى السّفر، عاد إلى التّقصير. وإذا خرج قوم إلى السّفر، وساروا

١٢٤

أربعة فراسخ، وقصّروا من الصّلاة، ثمَّ أقاموا ينتظرون رفقة لهم في السّفر، فعليهم التّقصير إلى أن يتيسّر لهم العزم على المقام، فيرجعون إلى التّمام، ما لم يتجاوز ثلاثين يوما على ما قدّمناه. وإن كان مسيرهم أقلّ من أربعة فراسخ، وجب عليهم التّمام إلى أن يسيروا. فإذا ساروا، رجعوا إلى التقصير.

ويستحب للمسافر أن يقول عقيب كلّ صلاة ثلاثين مرّة « سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر » فإنّ ذلك جبران للصّلاة. ولا بأس أن يجمع الإنسان بين الظّهر والعصر وبين المغرب والعشاء الآخرة في حال السّفر.

وكذلك لا بأس أن يجمع بينهما في الحضر. إلّا أنّه إذا جمع بينهما، لا يجعل بينهما شيئا من النّوافل. وليس على المسافر شي‌ء من نوافل النّهار. فإذا سافر بعد زوال الشّمس قبل أن يصلّي نوافل الزّوال، فليقضها في السفر باللّيل أو بالنّهار. وعليه نوافل اللّيل كلّها حسب ما قدّمناه.

باب قضاء ما فات من الصلوات

من فاتته صلاة فريضة، فليقضها حين يذكرها أيّ وقت كان، ما لم يكن وقت صلاة فريضة حاضرة قد تضيّق وقتها. فإن حضر وقت صلاة، ودخل فيها في أوّل وقتها، ثمَّ ذكر أنّ

١٢٥

عليه صلاة، عدل بنيّته إلى ما فاتته من الصّلاة، ثمَّ استأنف الحاضرة.

مثال ذلك أنّه إذا فاتته صلاة الظّهر، فإنّه يصلّيها ما دام يبقى من النّهار بمقدار ما يصلّي فيه الظّهر والعصر، يبدأ بالظّهر، ثمَّ يعقّبه بالعصر. فإن لم يبق من النّهار إلّا مقدار ما يصلّي فيه العصر، بدأ به، ثمَّ قضى الظّهر. فإن كان قد دخل في العصر ما بينه وبين الوقت الذي ذكرناه، فليعدل بنيّته إلى الظّهر، ثمَّ يصلّي بعده العصر.

ومتى دخل وقت المغرب، وعليه صلاة، فليصلّ ما فاته ما بينه وبين أن يبقى إلى سقوط الشّفق مقدار ما يصلّي فيه ثلاث ركعات. فان بدأ بالمغرب قبل ذلك، فليعدل بنيّته إلى الصّلاة التي فاتته، ثمَّ ليستأنف المغرب.

وإذا دخل وقت العشاء الآخرة، وعليه صلاة، فليصلّ الفائتة ما بينه وبين نصف اللّيل، ثمَّ يصلّي بعدها العشاء الآخرة. فإن انتصف اللّيل، بدأ بالعشاء الآخرة، ثمَّ صلّى الفائتة. وإذا طلع الفجر وعليه صلاة، فليصلّها ما بينه وبين أن يبقى إلى طلوع الشّمس مقدار ما يصلّي فيه ركعتي الغداة. فان بدأ بهما، فليعدل بنيّته إلى التي فاتته من الصّلاة، ثمَّ يصلّي بعدها الغداة.

ومن دخل في صلاة نافلة، ثمَّ ذكر أن عليه فريضة قبل

١٢٦

أن يفرغ منها، استأنف التي فاتته، ثمَّ عاد إلى النّافلة.

ومن فاتته صلاة، ولم يدر أيّها هي، فليصلّ أربعا وثلاثا وركعتين، وقد برئت ذمّته، فإن فاتته صلاة مرّات كثيرة، وهو يعلمها بعينها، غير أنه لا يعلم كم دفعة فاتته، فليصلّ من تلك الصّلاة إلى أن يغلب على ظنّه أنّه قضى ما فاته، أو زاد عليه. فإن لم يعلم الصّلاة بعينها، فليصلّ في كلّ وقت ثلاثا وأربعا وثنتين، إلى أن يغلب على ظنّه قضى ما عليه.

ومن فاتته صلاة فريضة بمرض، لزمه قضاؤها حسب ما فاتته، إذا كان المرض ممّا لا يزيل العقل. فان كان ممّا يزيل العقل مثل الاغماء وما يجري مجراه، لم يلزمه قضاء شي‌ء ممّا فاته على جهة الوجوب، ويستحبّ له أن يقضيه على طريق النّدب. فإن لم يتمكن من قضاء ذلك أجمع، قضى صلاة يومه الذي أفاق فيه. ويجب عليه قضاء الصّلاة التي يفيق في وقتها على كلّ حال.

ومن فاته شي‌ء من النّوافل، قضاه أيّ وقت ذكره، ما لم يكن وقت فريضة. فإن فاته شي‌ء كثير منها، فليصلّ منها إلى أن يغلب على ظنّه أنّه قضاها. فإن لم يتمكّن من ذلك، جاز له أن يتصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ من طعام. فان لم يتمكّن، فعن كلّ يوم بمد منه. فإن لم يمكنه ذلك، فلا شي‌ء عليه. ومن فاته شي‌ء من النّوافل بمرض، فليس عليه قضاؤه.

١٢٧

ويستحب أن يقضي نوافل النّهار باللّيل ونوافل اللّيل بالنّهار.

ومن فاتته صلاة اللّيل، فليصلّها أيّ وقت شاء، وإن كان بعد الغداة أو بعد العصر. ومتى قضاها، ليس عليه الّا ركعة مكان ركعة. ولا بأس أن يقضي الإنسان وترا جماعة في ليلة واحدة.

باب صلاة المريض والموتحل والعريان وغير ذلك من المضطرين

المريض يلزمه الصّلاة حسب ما يلزم الصّحيح، ولا يسقط عنه فرضها إذا كان عقله ثابتا. فإن تمكّن من الصّلاة قائما، لزمه كذلك. وإن لم يتمكن من القيام بنفسه، وأمكنه أن يعتمد على حائط أو عكّاز، فليفعل، وليصلّ قائما. فإن لم يتمكن من ذلك، فليصلّ جالسا، وليقرأ. فإذا أراد الرّكوع، قام فركع. فإن لم يقدر على ذلك، فليركع جالسا، وليسجد مثل ذلك. فإن لم يتمكّن من السّجود إذا صلّى جالسا، جاز له أن يرفع خمرة أو ما يجوز السّجود عليه، فيسجد فإن لم يتمكّن من الصّلاة جالسا، فليصلّ مضطجعا على جانبه الأيمن، وليسجد فإن لم يتمكّن من السّجود، أومى إيماء. فإن لم يتمكّن من الاضطجاع، فليستلق على قفاه، وليصلّ موميا، يبدأ الصّلاة بالتّكبير، ويقرأ. فإذا أراد الرّكوع غمض عينيه. فإذا رفع

١٢٨

رأسه من الرّكوع، فتحهما. فإذا أراد السّجود، غمضهما. فإذا أراد رفع رأسه من السّجود فتحهما. فإذا أراد السّجود ثانيا، غمّضهما. فإذا أراد رفع رأسه ثانيا، فتحهما. وعلى هذا تكون صلاته.

والموتحل والغريق والسّابح إذا دخل عليهم وقت الصّلاة، ولم يتمكنوا من موضع يصلون فيه، فليصلّوا إيماء ويكون ركوعهم وسجودهم بالإيماء، ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم. ويلزمهم في هذه الأحوال كلّها استقبال القبلة مع الإمكان. فإن لم يمكنهم، فليس عليه شي‌ء.

وإذا كان المريض مسافرا، ويكون راكبا، جاز له أن يصلّي الفريضة على ظهر دابّته، ويسجد على ما يتمكّن منه. ويجزيه في النّوافل أن يومي إيماء، وإن لم يسجد.

وحدّ المرض الّذي يبيح الصّلاة جالسا، ما يعلمه الإنسان من حال نفسه أنّه لا يتمكّن من الصّلاة قائما، أو لا يقدر على المشي بمقدار زمان صلاته.

والمبطون إذا صلى، ثمَّ حدث به ما ينقض صلاته، فليعد الوضوء، وليبن على صلاته. ومن به سلس البول، فلا بأس أن يصلّي كذلك بعد الاستبراء. ويستحبّ له أن يلفّ خرقة على ذكره، لئلّا تتعدّى النّجاسة إلى بدنه وثيابه.

والمريض إذا صلّى جالسا، فليقعد متربّعا في حال القراءة.

١٢٩

فإذا أراد الرّكوع، ثنّى رجليه. فإن لم يتمكن من ذلك، جلس كيف ما سهل عليه.

والممنوع بالقيد، ومن يكون في يد المشركين، إذا حضر وقت الصّلاة، ولم يقدر أن يصلّي قائما، فليصلّ على حالته إيماء، وقد أجزأه.

والعريان، إذا لم يكن معه ما يستتره، وكان وحده بحيث لا يرى أحد سوأته، فليصلّ قائما. فإن كان معه غيره، أو يكون بحيث لا يأمن اطّلاع غيره عليه، فليصلّ جالسا. فإن كانوا جماعة بهذه الصّفة، وأرادوا أن يصلّوا جماعة، فليتقدّم إمامهم بركبتيه، وليصلّ بهم جالسا، وهم جلوس. ويكون ركوع الإمام وسجوده إيماء، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، ويركع من خلفه، ويسجد. وإذا وجد العريان الذي معه غيره، شيئا يستر به عورته، من حشيش الأرض وغيره، فليستر به عورته، وليصلّ قائما. فإن لم يجد، فليقتصر على الصّلاة جالسا، حسب ما قدّمناه.

باب صلاة الخوف والمطاردة والمسايفة

إذا خاف الإنسان من عدوّ أو لص أو سبع، جاز له أن يصلّي الفرائض على ظهر دابّته، فإن لم تكن له دابّة، وأمكنه

١٣٠

أن يصلّي بركوع وسجود على التخفيف، صلّى كذلك. فإن خاف أن يركع ويسجد، فليوم إيماء، وقد أجزأه. ويكون سجوده أخفض من ركوعه.

وإذا أراد قوم أن يصلّوا جماعة عند لقائهم العدوّ، فليفترقوا فرقتين: فرقة منهم تقف بحذاء العدوّ، والفرقة الأخرى تقوم إلى الصّلاة. ويقوم الإمام، فيصلّي بهم ركعة. فإذا قام الإمام إلى الثّانية، وقف قائما، وصلّوا هم الرّكعة الثّانية، وتشهّدوا وسلّموا، ويقومون إلى لقاء العدوّ، ويجي‌ء الباقون، فيقفون خلف الإمام، ويفتتحون الصّلاة بالتّكبير، ويصلّي بهم الإمام الرّكعة الثّانية له، وهي أولة لهم. فإذا جلس الإمام في تشهّده، قاموا هم إلى الرّكعة الثّانية لهم، فيصلّونها. فإذا فرغوا منها، تشهّدوا، ثمَّ يسلّم بهم الإمام. وإن كانت الصّلاة صلاة المغرب، فليفعل الإمام مثل ما قدّمناه: يصلّي بالطائفة الأولى ركعة، ويقف في الثّانية. وليصلّوا هم ما بقي لهم من الرّكعتين، ويخففوا. فإذا سلّموا، قاموا إلى لقاء العدوّ. ويجي‌ء الباقون، فيستفتحون الصّلاة بالتكبير، ويصلّي بهم الإمام الثّانية له، وهي الأولة لهم. فإذا جلس في تشهّده الأوّل، جلسوا معه، وذكروا الله.

فإذا قام إلى الثّالثة له، قاموا معه، وهي ثانية لهم، فيصلّيها. فإذا جلس للتّشهّد الثّاني، جلسوا معه، وليتشهّدوا

١٣١

لهم، وهو أوّل تشهّد لهم، ويخفّفوا، ثمَّ يقوموا إلى الثّالثة لهم، فليصلّوها. فاذا جلسوا للتّشهّد الثّاني، وتشهّدوا، سلّم بهم الإمام.

وإذا كان الرّجل في حال القتال، ودخل وقت الصّلاة، فليصلّ على ظهر دابّته، وليسجد على قربوس سرجه، يستقبل بتكبيرة الافتتاح القبلة، ثمَّ يصلّي كيف ما دارت به الدّابّة. فإن لم يتمكّن من السّجود صلّى موميا، وينحني للرّكوع والسّجود.

وإذا كان في حال المسايفة، جاز له أن يقتصر على تكبيرة واحدة لكلّ ركعة من الصّلاة التي تجب عليه، يقول: « سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر » وذلك يجزيه عن الرّكوع والسّجود.

باب الصلاة في السفينة

لا بأس أن يصلّي الإنسان فرائضه ونوافله في السّفينة إذا لم يتمكّن من الشّطّ. فإن تمكّن منه، فالأفضل أن يخرج اليه، ويصلّي على الأرض. فإن لم يفعل، وصلّى فيه، كان جائزا، غير أنّ الأفضل ما قدّمناه.

١٣٢

وإذا صلّى في السّفينة، فليصلّ قائما، وليستقبل، إذا أمكنه ذلك. فإن لم يمكنه الصّلاة قائما، صلّاها جالسا متوجها إلى القبلة. فإن دارت السّفينة، فليدر معها كيف ما دارت، ويستقبل القبلة. فإن لم يمكنه ذلك، استقبل بأوّل تكبيرة القبلة، ثمَّ يصلّي كيف دارت. ولا بأس أن يصلّي النّوافل إلى رأس السّفينة، إذا لم يمكنه استقبال القبلة.

ولا يختلف الحكم في أن تكون السفينة في البحار الكبار، أو في الأنهار الصّغار في كون الصّلاة جائزة فيها على كلّ حال.

وإذا لم يجد الإنسان فيها ما يسجد عليه، فليسجد على خشبها. فان كانت مقيّرة، فليغطّها بثوب، وليسجد عليه فإن لم يكن معه ثوب، سجد على القير، وقد أجزأه.

باب صلاة العيدين

صلاة العيدين فريضة بشرط وجود الإمام العادل، أو وجود من نصبه الإمام للصّلاة بالنّاس، وتلزم صلاة العيدين كلّ من تلزمه جمعة، وتسقط عمّن تسقط عنه. ومن فاتته هذه الصّلاة فليس عليه قضاؤها. وإن تأخر عن الحضور في المصلّى لعارض، فليصلّ في بيته، كما يصلّيها مع الإمام سنّة وفضيلة.

ولا يجوز صلاة العيدين الا تحت السّماء في الصّحراء في

١٣٣

سائر البلاد مع القدرة والاختيار إلّا بمكّة، فإنّه يصلّي بها في المسجد الحرام.

ويستحبّ أن لا يسجد المصلّي إلّا على الأرض. ولا أذان ولا إقامة في صلاة العيدين. بل يقول المؤذن ثلاث مرّات: « الصّلاة » ووقت هذه الصّلاة عند انبساط الشّمس.

ولا يصلّي يوم العيد قبل صلاة العيد ولا بعدها، شيئا من النّوافل لا ابتداء ولا قضاء إلّا بعد الزّوال، إلّا بالمدينة خاصّة، فإنه يستحبّ أن يصلّي ركعتين في مسجد النّبي،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قبل الخروج الى المصلّى. ولا بأس بقضاء الفرائض قبل الزّوال.

ويستحبّ أن يخرج الإنسان إلى المصلّى ماشيا بخضوع وسكينة ووقار والذّكر لله تعالى. والإمام يستحبّ له أن يمشي حافيا، ويستحبّ له أن يطعم شيئا قبل الخروج إلى المصلّى في يوم الفطر. ويكره له ذلك يوم الأضحى، إلّا بعد الرّجوع. ويستحبّ أن يكون إفطاره يوم الفطر على شي‌ء من الحلاوة، ويوم الأضحى على شي‌ء ممّا ينحره أو يذبحه إن كان ممّن يفعل ذلك.

وإذا اجتمعت صلاة عيد وجمعة في يوم واحد، فمن شهد صلاة العيد، كان مخيّرا بين حضور الجمعة وبين الرّجوع

١٣٤

إلى بيته. وعلى الإمام أن يعلمهم ذلك في خطبته بعد صلاة العيد.

ويستحبّ أن يغتسل الإنسان يوم العيدين بعد طلوع الفجر، ويتطيّب، ويلبس أطهر ثيابه.

وصلاة العيدين ركعتان باثنتي عشرة تكبيرة سبع في الأولى. يفتتح صلاته بتكبيرة الإحرام، ويتوجّه إن شاء. تمَّ يقرأ الحمد وسورة الأعلى، ثمَّ يكبّر خمس تكبيرات. يقنت بين كلّ تكبيرتين منها بالدّعاء المعروف في ذلك. وإن قنت بغيره، كان أيضا جائزا. ثمَّ يكبّر السّابعة، ويركع بها. فإذا قام إلى الثّانية، قام بغير تكبير، ثمَّ يقرأ الحمد ويقرأ بعدها والشمس وضحيها ثمَّ يكبّر أربع تكبيرات، يقنت بين كلّ تكبيرتين فيها، ثمَّ يكبّر الخامسة ويركع بها. فإذا فرغ من الصّلاة، قام الإمام، فخطب بالنّاس. ولا تجوز الخطبة إلا بعد الصّلاة.

ومن حضر الصّلاة، وصلّاها، كان مخيّرا في سماع الخطبة وفي الرّجوع إلى منزله. وليقم الإمام حال الخطبة على شبه المنبر معمول من طين. ولا ينقل المنبر من موضعه.

ويستحب أن يكبّر الإنسان ليلة الفطر بعد صلاة المغرب والعشاء الآخرة والغداة وصلاة العيد، يقول: « الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، والله أكبر، الحمد لله على ما

١٣٥

هدانا، وله الشّكر على ما أولانا ». ويكبّر في عيد الأضحى مثل ذلك عقيب خمس عشرة صلاة إذا كان بمنى. وإذا كان في غيره من الأمصار كبّر عقيب عشر صلوات، يبدأ بالتّكبير عقيب صلاة الظّهر من يوم العيد، ثمَّ يستوفي العدد. ويزيد في التّكبير في هذا العيد بعد قوله « وله الشّكر على ما أولانا »، « ورزقنا من بهيمة الأنعام » وإذا أراد الإنسان الشخوص من بلد، فلا يخرج منه بعد طلوع الفجر الّا بعد أن يشهد الصّلاة. وإن شخص قبل ذلك، لم يكن به بأس. ولا ينبغي أن يخرج النّاس الى المصلّى بالسّلاح الا عند الخوف من العدوّ.

باب صلاة الكسوف والزلازل والرياح السود

صلاة الكسوف والزّلازل والرّياح المخوفة والظّلمة الشّديدة فرض واجب، لا يجوز تركها على حال. ويستحبّ أن تصلّى هذه الصّلاة في جماعة. فإن صلّي فرادى، كان جائزا.

ومن ترك هذه الصّلاة متعمّدا عند انكساف الشّمس وانخساف القمر، وكانا قد احترقا بأجمعهما، وجب عليه القضاء مع الغسل. فإن تركها ناسيا، والحال ما وصفناه، كان عليه القضاء بلا غسل. وإن كان قد احترق بعض الشّمس أو القمر، وترك الصّلاة متعمّدا، كان عليه القضاء بلا غسل. وإن تركها

١٣٦

ناسيا، والحال ما وصفناه، لم يكن عليه شي‌ء.

ووقت هذه الصّلاة، إذا انكسفت الشّمس، أو انخسف القمر، إلى أن يبتدئ في الانجلاء. فإذا ابتدأ في ذلك، فقد مضى وقتها. فإن كان وقت الكسوف وقت صلاة فريضة، بدأ بالفريضة، ثمَّ يصلّيها على أثرها. فان بدأ بصلاة الكسوف، ودخل عليه وقت الفريضة، قطعها، وصلّى الفريضة، ثمَّ رجع، فتمّم صلاته. وإن كان وقت صلاة الليل، صلّى أولا صلاة الكسوف ثمَّ صلاة الليل. فإن فاتته صلاة اللّيل، قضاها بعد ذلك، وليس عليه بأس.

وهذه الصلاة عشر ركعات بأربع سجدات وتشهّد واحد: يركع خمس ركعات، ويسجد في الخامسة، ثمَّ يقوم فيصلّي خمس ركعات ويسجد في العاشرة، ويقرأ في أوّل ركعة سورة الحمد وسورة أخرى إن أراد. وإن أراد أن يقرأ بعضها، كان له ذلك. فمتى أراد أن يقرأ في الثّانية بقيّة تلك السّورة، فليقرأها. ولا يقرأ سورة الحمد، بل يبتدي بالموضع الذي انتهى اليه. فإذا أراد أن يقرأ سورة أخرى، قرأ الحمد، ثمَّ قرأ بعدها سورة. وكذلك الحكم في باقي الرّكعات.

ويقنت في كلّ ركعتين قبل الرّكوع. فإن لم يفعل، واقتصر على القنوت في العاشرة، كان أيضا جائزا. وكلّما رفع رأسه من الرّكوع، يقول: « الله أكبر » إلا في الخامسة

١٣٧

والعاشرة، فإنه يقول: « سمع الله لمن حمده ».

ويستحبّ أن يكون مقدار قيام الرّجل في صلاته بمقدار زمان الكسوف. ويكون مقدار قيامه في الرّكوع مقدار قيامه في حال القراءة. ويطوّل أيضا في سجوده. ويستحبّ أن يقرأ في صلاة الكسوف السّور الطّوال مثل الكهف والأنبياء. فإن فرغ الإنسان من صلاته، ولم يكن الكسوف قد انجلى، يستحبّ له إعادة الصّلاة. وإن اقتصر على التّسبيح والتّحميد، لم يكن به بأس. ولا بأس أن يصلّي الإنسان صلاة الكسوف على ظهر دابّته، أو يصلّي وهو ماش، إذا لم يمكنه النّزول والوقوف.

باب صلاة الاستسقاء

إذا أجدبت البلاد، وقلّت الأمطار، يستحبّ أن يصلّي صلاة الاستسقاء: يتقدّم الإمام، أو من نصبه الإمام إلى النّاس، بأن يصوموا ثلاثة أيّام، ثمَّ يخرجون اليوم الثّالث إلى الصّحراء ويستحبّ أن يكون ذلك يوم الاثنين. ولا يصلّوا في المساجد في البلدان كلّها إلّا بمكّة خاصّة. ويقدم المؤذّنين كما يفعل في صلاة العيدين.

ويخرج الإمام على أثرهم بسكينة ووقار. فإذا انتهى إلى الصّحراء، قام، فصلّى ركعتين من غير أذان ولا إقامة، يقرأ فيهما ما شاء من السّور. ويكون ترتيب الرّكعتين كترتيب

١٣٨

صلاة العيدين باثنتي عشرة تكبيرة: سبع في الأولى، وخمس في الثّانية. ويقدّم القراءة على التّكبير في الرّكعتين معا، كما يفعل في صلاة العيدين.

فإذا فرغ منهما، استقبل القبلة، ويكبّر الله مائة تكبيرة، يرفع بها صوته. ويكبّر من حضر معه، ثمَّ يلتفت عن يمينه فيسبّح الله مائة مرّة، يرفع بها صوته ويسبّح معه من حضر. ثمَّ يلتفت عن يساره فيهلّل الله مائة مرّة. يرفع بها صوته، ويقول ذلك معه من حضره. ثمَّ يستقبل النّاس بوجهه، ويحمد الله مائة مرّة، يرفع بها صوته ويقول مثل ذلك من حضر معه.

ثمَّ ليدع وليخطب بخطبة الاستسقاء المرويّة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام . فإن لم يتمكّن اقتصر على الدّعاء.

باب نوافل شهر رمضان وغيرها من الصلوات المرغبة فيها

يستحبّ أن يصلّي الإنسان في شهر رمضان من أوّل ليلة فيه إلى آخر الشّهر زيادة ألف ركعة على نوافله في سائر الشّهور. يصلّي في تسع عشرة ليلة منه في كلّ ليلة عشرين ركعة: ثماني ركعات بعد المغرب، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء

١٣٩

الآخرة قبل الوتيرة، ويختم الصّلاة بالوتيرة. وفي ليلة تسع عشرة مائة ركعة، وفي ليلة إحدى وعشرين أيضا مثل ذلك، وفي ليلة ثلاث وعشرين أيضا مثل ذلك. ويصلّي في ثمان ليال من العشر الأواخر في كلّ ليلة ثلاثين ركعة: يصلّي بعد المغرب ثماني ركعات واثنتين وعشرين ركعة بعد العشاء الآخرة. وإن أراد أن يصلّي بعد المغرب اثنتي عشرة ركعة، وبعد العشاء الآخرة ثمان عشرة ركعة، كان أيضا جائزا. فهذه تسعمائة وعشرون ركعة.

ويصلّي في كلّ يوم جمعة من شهر رمضان أربع ركعات لأمير المؤمنين، وركعتين صلاة فاطمةعليها‌السلام ، وأربع ركعات صلاة جعفر بن أبي طالب، رحمة الله عليه. ويصلّي في ليلة آخر جمعة من الشّهر عشرين ركعة صلاة أمير المؤمنين، وفي عشيّة تلك الجمعة عشرين ركعة صلاة فاطمة،عليها‌السلام . فهذه تمام ألف ركعة.

ويستحبّ أيضا أن يصلّي ليلة النّصف مائة ركعة: يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد عشرين مرّة. ويستحبّ أن يصلّي ليلة الفطر ركعتان: يقرأ في أوّل ركعة منهما الحمد مرّة وألف مرّة قل هو الله احد، وفي الثّانية الحمد مرة وقل هو الله أحد مرّة واحدة.

فأمّا صلاة أمير المؤمنين، فإنها أربع ركعات بتسليمتين:

١٤٠

يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرّة، وخمسين مرّة قل هو الله احد.

وصلاة فاطمة،عليها‌السلام ، ركعتان: يقرأ في الأولى منهما الحمد مرّة واحدة، وإنا أنزلناه مائة مرّة، وفي الثّانية الحمد مرّة وقل هو الله أحد مائة مرّة.

وصلاة جعفر أربع ركعات بثلاثمائة مرّة « سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر »: يبتدئ الصّلاة، فيقرأ الحمد ويقرأ في الأولى منهما إذا زلزلت. فإذا فرغ منها، سبّح خمس عشرة مرة، ثمَّ ليركع، ويقول ذلك عشرا. فإذا رفع رأسه، قاله عشرا. فإذا سجد، قاله عشرا. فإذا رفع رأسه من السّجود، قاله عشرا. فإذا سجد الثّانية، قاله عشرا. فإذا رفع رأسه من السّجود ثانيا، قاله عشرا. فهذه خمس وسبعون مرّة. ثمَّ لينهض إلى الثّانية، وليصلّ أربع ركعات على هذا الوصف، ويقرأ في الثّانية و « العاديات »، وفي الثّالثة إذا جاء نصر الله، وفي الرّابعة قل هو الله أحد ويقول في آخر سجدة منه « يا من لبس العزّ والوقار » إلى آخر الدّعاء.

ويستحبّ أن يصلّي الإنسان يوم الغدير إذا بقي إلى الزّوال نصف ساعة بعد أن يغتسل ركعتين: يقرأ في كلّ واحدة منهما الحمد مرّة، وقل هو الله أحد عشر مرّات وآية الكرسيّ

١٤١

عشر مرّات، وإنا أنزلناه عشر مرّات. فإذا سلّم، دعا بعدهما بالدعاء المعروف.

ويستحبّ أن يصلّي الإنسان يوم المبعث، وهو اليوم السابع والعشرون من رجب، اثنتي عشرة ركعة: يقرأ في كل واحدة منهما « الحمد ويس ». فان لم يتمكّن، قرأ ما سهل عليه من السّور. فإذا فرغ منها، جلس في مكانه، وقرأ أربع مرّات سورة الحمد، وقُلْ هو اللهُ أَحد مثل ذلك، والمعوذّتين، كلّ واحدة منهما أربع مرّات. ثمَّ يقول: « سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر » أربع مرّات، ويقول: « الله الله لا أشرك به شيئا » أربع مرّات.

ويستحبّ أن يصلّي ليلة النّصف من شعبان أربع ركعات: يقرأ في كلّ واحدة منهما الحمد مرّة وقل هو الله أحد مائة مرّة.

وإذا أراد الإنسان أمرا من الأمور لدينه أو دنياه، يستحبّ له أن يصلّي ركعتين: يقرأ فيهما ما شاء من السّور، ويقنت في الثّانية. فإذا سلّم: دعا بما أراد، ثمَّ ليسجد وليستخر الله في سجوده مائة مرّة، يقول: « أستخير الله في جميع أموري »، ثمَّ يمضي في حاجته.

وإذا غرض للإنسان حاجة، فليصم الأربعاء والخميس والجمعة، ثمَّ ليبرز تحت السّماء في يوم الجمعة وليصلّ

١٤٢

ركعتين، يقرأ فيهما بعد الحمد مأتي مرّة وعشر مرّات قل هو الله أحد على ترتيب صلاة التّسبيح، إلّا أنه يجعل بدل التّسبيح في صلاة جعفر، خمس عشرة مرّة قل هو الله أحد في الرّكوع والسّجود وفي جميع الأحوال. فإذا فرغ منها سأل الله حاجته.

وإذا قضيت حاجته، فليصلّ ركعتين شكرا لله تعالى: يقرأ فيهما الحمد وإِنا أَنزلناه أو سورة قُلْ هو اللهُ أَحد، ثمَّ ليشكر الله تعالى على ما أنعم في حال السّجود والرّكوع وبعد التّسليم، إن شاء الله.

باب الصلاة على الموتى

الصّلاة على الأموات فريضة. وفرضه على الكفاية، إذا قام به البعض، سقط عن الباقين. ولا يختلف الحكم في ذلك، سواء كان الميّت رجلا أو امرأة، حرّا أو عبدا، إذا كان له ستّ سنين فصاعدا، وكان على ظاهر الإسلام. فإن نقص سنّه عن ستّ سنين، لم تجب الصّلاة عليه، بل يصلّى عليه استحبابا وتقيّة.

وإذا حضر القوم للصّلاة عليه، فليتقدّم أولى النّاس به، أو من يأمره الوليّ بذلك. وإن حضر الإمام العادل، كان أولى بالصّلاة عليه. وإن حضر رجل من بني هاشم معتقد للحقّ،

١٤٣

كان أيضا أولى بالصّلاة عليه، إذا قدّمه الولي. ويستحب له تقديمه. فإن لم يفعل، فليس له أن يتقدّم للصّلاة عليه. والزّوج أحقّ بالصّلاة على المرأة من أخيها وأبيها.

وإذا كانوا جماعة، فليتقدّم الإمام ويقف الباقون خلفه صفوفا أو صفا واحدا. وإن كان فيهم نساء، فليقفن آخر الصّفوف، فلا يختلطن بالرّجال. فإن كان فيهنّ حائض، فلتقف وحدها في صفّ بارزة عنهن وعنهم. وإن كان من يصلّي على الميّت نفسين، فليتقدّم واحد ويقف الآخر خلفه سواء، ولا يقف على جنبه.

وينبغي أن يقف الإمام من الجنازة، إن كانت لرجل، عند وسطها، وان كانت لامرأة، عند صدرها. وإذا اجتمع جنازة رجل وامرأة فلتقدّم المرأة إلى القبلة، ويجعل الرّجل ممّا يليها، ويقف الإمام عند الرّجل. وان كان رجل وامرأة وصبي، فليقدّم الصّبي، ثمَّ المرأة، ثمَّ الرّجل. وإن كان معهم عبد فليقدّم أوّلا الصّبي، ثمَّ المرأة، ثمَّ العبد، ثمَّ الرّجل، ويقف الإمام عند الرّجل ويصلّي عليهم صلاة واحدة. وكذلك الحكم، إن زادوا في العدد على ما ذكرناه، ويكون على هذا ترتيبهم.

وينبغي أن يكون بين الإمام وبين الجنازة شي‌ء يسير، ولا يبعد منها. وليتحفّ عند الصّلاة عليه، ان كان عليه نعلان.

١٤٤

فإن لم يكن عليه نعل، أو كان عليه خفّ، فلا بأس أن يصلّي كذلك.

ثمَّ يرفع الإمام يده بالتّكبير، ويكبّر خمس تكبيرات، يرفع يده في أوّل تكبيرة منها حسب، ولا يرفع فيما عداها. هذا هو الأفضل. فإن رفع يده في التّكبيرات كلّها، لم يكن به بأس. وإذا كبّر الأولة، فليشهد: أن لا إله إلّا الله. وأنّ محمدا رسول الله، ثمَّ يكبّر الثّانية ويصلّي على النّبي وآله، ثمَّ يكبّر الثّالثة ويدعوا للمؤمنين، ثمَّ يكبّر الرّابعة ويدعوا للميّت إن كان مؤمنا.

فإن لم يكن كذلك، وكان ناصبا معلنا بذلك، لعنه في صلاته، وتبرّأ منه. وإن كان مستضعفا فليقل: ربنا اغفر( لِلَّذِينَ تابُوا ) إلى آخر الآية. وإن كان ممّن لا يعرف مذهبه، فليدع الله أن يحشره مع من كان يتولّاه. وإن كان طفلا فليسأل الله أن يجعله له ولأبويه فرطا. فإذا فرغ من ذلك، كبّر الخامسة.

ولا يبرح من مكانه حتّى ترفع الجنازة، فيراها على أيدي الرّجال، ومن فاته شي‌ء من التّكبيرات، فليتمّه عند فراغ الإمام من الصّلاة متتابعة. فإن رفعت الجنازة، كبّر عليها، وان كانت مرفوعة. وإن كانت قد بلغت إلى القبر، كبّر على القبر ما بقي له، وقد أجزأه. ومن كبّر تكبيرة قبل

١٤٥

الإمام، فليعدها مع الإمام.

ومن فاتته الصّلاة على الجنازة، فلا بأس أن يصلّي على القبر بعد الدّفن يوما وليلة. فإن زاد على ذلك، لم يجز الصّلاة عليه. ويكره أن يصلّي على جنازة واحدة مرّتين.

ولا بأس أن يصلّى على الجنازة أيّ وقت كان من ليل أو نهار، ما لم يكن وقت فريضة. فإن كان وقت فريضة، بدئ بالفرض ثمَّ بالصّلاة على الميّت، اللهمّ إلّا أن يكون الميّت مبطونا أو ما أشبه ذلك ممّن يخاف عليه الحوادث، فإنّه يبدأ بالصّلاة عليه، ثمَّ بصلاة الفريضة.

ولا بأس بالصّلاة على الجنائز في المساجد. وإن صلّي عليها في مواضعها المختصّة بذلك، كان أفضل. ومتى صلّي على جنازة، ثمَّ تبيّن بعد ذلك أنّها كانت مقلوبة، سوّيت، وأعيد عليها الصّلاة، ما لم يدفن. فإن دفن، فقد مضت الصّلاة.

والأفضل أن لا يصلّي الإنسان على الجنازة إلّا على طهر. فإن فاجأته جنازة، ولم يكن على طهارة، تيمّم، وصلّى عليها. فإن لم يمكنه، صلّى عليها بغير طهر. وكذلك الحكم في من كان جنبا، والمرأة إذا كانت حائضا، فإنّه لا بأس أن يصليا عليه من غير اغتسال. فإن تمكّنا من الاغتسال، اغتسلا، فإنّ ذلك أفضل.

وإذا كبّر الإمام على الجنازة تكبيرة أو تكبيرتين،

١٤٦

وأحضرت جنازة أخرى، فهو مخيّر بين أن يتمّ خمس تكبيرات على الجنازة الأولى، ثمَّ يستأنف الصّلاة على الأخرى، وبين أن يكبّر خمس تكبيرات من الموضع الذي انتهى إليه، وقد أجزأه ذلك عن الصّلاة عليهما.

فإذا حضر جماعة من النساء للصّلاة على الميّت، ليس فيهنّ رجل، فلتقف واحدة منهنّ في الوسط، والباقيات عن يمينها وشمالها ويصلّين عليها. وكذلك إذا صلّوا جماعة عراة على الجنازة، فلا يتقدّم منهم أحد، بل يقف في الوسط، ويكبّر، ويكبّر الباقون معه. فإن كان الميّت عريانا، ترك في القبر أوّلا، وغطّى سوأته، ثمَّ صلّي عليه بعد ذلك، ودفن.

١٤٧

كتاب الصيام

باب ماهية الصوم ومن يجب عليه ذلك ومن لا يجب عليه

الصوم في اللغة هو الإمساك، وهو في الشّريعة كذلك، إلا أنّه إمساك عن أشياء مخصوصة في زمان مخصوص.

والّذي يقع الإمساك عنه على ضربين: ضرب يجب الإمساك عنه، والآخر الأولى الإمساك عنه.

والذي يجب الإمساك عنه على ضربين: ضرب منهما متى لم يمسك الإنسان عنه، بطل صومه. والقسم الآخر متى لم يمسك عنه، كان مأثوما، وإن لم يبطل ذلك صومه.

فأما الذي يجب الإمساك عنه ممّا يبطل الصّوم بفعله. فهو الأكل والشّرب والجماع والارتماس في الماء والكذب على الله ورسوله وازدراد كلّ شي‌ء يفسد الصّيام والحقنة والقي‌ء على طريق العمد.

وأمّا الذي يجب الإمساك عنه، وإن لم يبطل الصّوم بفعله فهو النّظر إلى ما لا يجوز النظر اليه، والإصغاء إلى ما لا يحلّ

١٤٨

الإصغاء إليه من الغناء وقول الفحش، والكلام بما لا يسوغ التّكلّم به، ولمس ما لا يحلّ ملامسته، والمشي إلى المواضع المنهيّ عنها.

والذي الأولى الإمساك عنه، فالتّحاسد والتّنازع والمماراة وإنشاد الشعر، وما يجري مجرى ذلك ممّا نذكره من بعد في باب ما يفسد الصّيام وما لا يفسده.

والصّوم على ضربين: مفروض ومسنون.

فالمفروض على ضربين: ضرب يجب على كافّة المكلّفين مع التمكّن منه بالإطلاق. والضّرب الآخر يجب على من حصل فيه سبب وجوبه.

فالقسم الأوّل هو صوم شهر رمضان. فإنّه يلزم صيامه لسائر المكلّفين من الرّجال والنّساء والعبيد والأحرار، ويسقط فرضه عمّن ليس بكامل العقل من الصّبيان وغيرهما. ويستحبّ ان يؤخذ الصّبيان بالصّيام إذا أطافوه، وبلغوا تسع سنين وإن لم يكن ذلك واجبا عليهم. ويسقط فرض الصّيام عن العاجز عنه بمرض أو كبر أو ما يجري مجراهما ممّا سنبيّنه فيما بعد، إن شاء الله.

والذين يجب عليهم الصّيام على ضربين: منهم من إذا لم يصم متعمّدا، وجب عليه القضاء والكفّارة أو القضاء. ومنهم من لا يجب عليه ذلك. فالذين يجب عليهم ذلك، كل من

١٤٩

كان ظاهره ظاهر الإسلام. والذين لا يجب عليهم، هم الكفّار من سائر أصناف من خالف الإسلام. فإنه وإن كان الصّوم واجبا عليهم، فإنّما يجب بشرط الإسلام. فمتى يصوموه، لم يلزمهم. القضاء ولا الكفّارة.

والقسم الثّاني مثل صوم النّذور والكفّارات وما يجري مجراهما ونحن نبيّن كلّ ذلك في أبوابه، إن شاء الله.

باب علامة شهر رمضان وكيفية العزم عليه ووقت فرض الصوم ووقت الإفطار

علامة الشّهور رؤية الهلال مع زوال العوارض والموانع. فمتى رأيت الهلال في استقبال شهر رمضان، فصم بنيّة الفرض من الغد. فإن لم تره لتركك التّراءي له، ورؤي في البلد رؤية شائعة، وجب أيضا عليك الصّوم. فإن كان في السّماء علة، ولم يره جميع أهل البلد، ورآه خمسون نفسا، وجب أيضا الصّوم. ولا يجب الصّوم إذا رآه واحد أو اثنان، بل يلزم فرضه لمن رآه حسب، وليس على غيره شي‌ء.

ومتى كان في السّماء علة، ولم ير في البلد الهلال أصلا، ورآه خارج البلد شاهدان عدلان، وجب أيضا الصّوم. وإن لم

١٥٠

يكن هناك علة، وطلب فلم ير الهلال، لم يجب الصّوم إلّا أن يشهد خمسون نفسا من خارج البلد أنّهم رأوه.

ومتى لم ير الهلال في البلد، ولم يجي‌ء من الخارج من يخبر برؤيته، عددت من الشّهر الماضي ثلاثين يوما، وصمت بعد ذلك بنية الفرض. فان ثبت بعد ذلك بيّنة عادلة أنّه كان قد رئي الهلال قبله بيوم، قضيت يوما بدله.

والأفضل أن يصوم الإنسان يوم الشّكّ على أنّه من شعبان. فان قامت له البيّنة بعد ذلك أنّه كان من رمضان، فقد وفّق له، وأجزأ عنه، ولم يكن عليه قضاء. وإن لم يصمه، فليس عليه شي‌ء. ولا يجوز له أن يصوم ذلك اليوم على أنّه من شهر رمضان حسب ما قدّمناه، ولا أن يصومه وهو شاك فيه لا ينوي به صيام يوم من شعبان. فان صام على هذا الوجه، ثمَّ انكشف له أنّه كان من شهر رمضان، لم يجزئ عنه، وكان عليه القضاء.

والنيّة واجبة في الصّيام. ويكفي في نيّة صيام الشّهر كلّه أن ينوي في أوّل الشّهر، ويعزم على أن يصوم الشّهر كلّه. وإن جدّد النيّة في كلّ يوم على الاستيناف، كان أفضل. فإن لم يفعلها، لم يكن عليه شي‌ء. وإن نسي أن يعزم على الصّوم في أوّل الشّهر، وذكر في بعض النّهار، جدّد النّيّة، وقد أجزأه. فان لم يذكرها، وكان من عزمه قبل

١٥١

حضور الشّهر صيام الشّهر إذا حضر، فقد أجزأه أيضا. فإن لم يكن ذلك في عزمه، وجب عليه القضاء.

وإذا صام الإنسان يوم الشّكّ على أنّه من شعبان، ثمَّ علم بعد ذلك أنّه كان من شهر رمضان، فقد أجزأه. وكذلك إن كان في موضع لا طريق له إلى العلم بالشهر، فتوخّى شهرا فصامه، فوافق ذلك شهر رمضان، أو كان بعده، فقد أجزأه عن الفرض. وان انكشف له أنّه كان قد صام قبل شهر رمضان، وجب عليه استيناف الصّوم وقضاؤه.

وإذا نوى الإنسان الإفطار يوم الشّكّ، ثمَّ علم أنّه يوم من شهر رمضان، جدّد النّيّة ما بينه وبين الزّوال، وقد أجزأه، إذا لم يكن قد فعل ما يفسد الصّيام. وإن كان تناول ما يفسد الصّيام، أمسك بقيّة النّهار، وكان عليه القضاء. وإن لم يعلم الا بعد زوال الشمس، أمسك بقيّة النّهار عمّا يفسد الصّيام، وكان عليه قضاء ذلك اليوم.

والوقت الذي يجب فيه الإمساك عن الطّعام والشّراب، هو طلوع الفجر المعترض الذي يجب عنده الصّلاة، وقد بيّناه فيما مضى من الكتاب ومحلّل الأكل والشّرب إلى ذلك الوقت. فأما الجماع، فإنه محلّل إلى قبل ذلك بمقدار ما يتمكّن الإنسان من الاغتسال. فإن غلب على ظنّه، وخشي أن يلحقه الفجر قبل الغسل، لم يحلّ له ذلك.

١٥٢

ووقت الإفطار سقوط القرص. وعلامته ما قدّمناه من زوال الحمرة من جانب المشرق، وهو الوقت الذي يجب فيه الصّلاة. والأفضل أن لا يفطر الإنسان إلا بعد صلاة المغرب. فإن لم يستطع الصّبر على ذلك، صلّى الفرض، وأفطر، ثمَّ عاد، فصلّى نوافله. فإن لم يمكنه ذلك، أو كان عنده من يحتاج إلى الإفطار معه، قدّم الإفطار. فإذا فرغ منه، قام إلى الصّلاة، فصلّى المغرب.

باب ما على الصائم اجتنابه مما يفسد الصيام وما لا يفسده والفرق بين ما يلزم بفعله القضاء والكفارة وبين ما يلزم منه القضاء دون الكفارة

الذي على الصّائم اجتنابه على ضربين: ضرب يفسد الصّيام وضرب لا يفسده بل ينقضه. والذي يفسده على ضربين: ضرب منهما يجب منه القضاء والكفّارة، والضّرب الآخر يجب منه القضاء دون الكفّارة.

فأمّا الذي يفسد الصّيام ممّا يجب منه القضاء والكفّارة، فالأكل، والشّرب، وازدراد كلّ شي‌ء يقصد به إفساد الصّيام والجماع، والإمناء على جميع الوجوه، إذا كان عند ملاعبة أو ملامسة، وان لم يكن هناك جماع. والكذب على الله وعلى رسوله وعلى الأئمّةعليهم‌السلام ، متعمّدا مع الاعتقاد لكونه

١٥٣

كذبا، وشمّ الرائحة الغليظة التي تصل إلى الحلق، والارتماس في الماء، والمقام على الجنابة والاحتلام باللّيل متعمّدا إلى طلوع الفجر. وكذلك، من أصابته جنابة، ونام من غير اغتسال، ثمَّ انتبه، ثمَّ نام، ثمَّ انتبه ثانيا، ثمَّ نام إلى طلوع الفجر. فهذه الأشياء كلّها تفسد الصّيام، ويجب منها القضاء والكفّارة.

والكفّارة عتق رقبة، أو صيام شهرين متتابعين، أو إطعام ستّين مسكينا، وقضاء ذلك اليوم. أيّ ذلك فعل، فقد أجزأه. فإن لم يتمكّن، فليتصدّق بما تمكّن منه. فإن لم يتمكّن من الصّدقة، صام ثمانية عشر يوما. فإن لم يقدر، صام ما تمكّن منه. فإن لم يستطع، قضا ذلك اليوم، وليستغفر الله تعالى، وليس عليه شي‌ء. ومتى وطئ الرّجل امرأته نهارا في شهر رمضان، كان عليها أيضا القضاء والكفّارة، إن كانت طاوعته على ذلك. وإن كان أكرهها، لم يكن عليها شي‌ء، وكان عليه كفّارتان.

وأمّا الذي يفسد الصّيام ممّا يجب منه القضاء دون الكفّارة، فمن أجنب في أوّل اللّيل، ونام، ثمَّ انتبه، ولم يغتسل، فنام ثانيا، واستمرّ به النّوم الى طلوع الفجر، كان عليه القضاء، وصيام ذلك اليوم، وليس عليه كفّارة. ومن تمضمض للتبرّد دون الطّهارة، فدخل الماء حلقه، وجب عليه

١٥٤

القضاء دون الكفّارة. وكذلك من تقيّأ متعمّدا، وجب عليه القضاء دون الكفّارة. فإن ذرعه القي‌ء، لم يكن عليه شي‌ء. وليبصق بما يحصل في فيه. فإن بلعه، كان عليه القضاء.

ومن أكل أو شرب عند طلوع الفجر من غير أن يرصده، ثمَّ تبيّن بعد ذلك أنّه كان طالعا، كان عليه القضاء. فإن رصده ولم يتبيّنه لم يكن عليه شي‌ء. فإن بدأ بالأكل، فقيل له: قد طلع الفجر، فلم يمتنع، ثمَّ تبيّن بعد ذلك أنّه كان طالعا، وجب عليه القضاء. ومن قلّد غيره في أنّ الفجر لم يطلع، ثمَّ تبيّن أنّه كان طالعا، وجب عليه القضاء.

ومن شكّ في دخول اللّيل لوجود عارض في السّماء، ولم يعلم بدخول الليل، ولا غلب على ظنّه ذلك، فأفطر، ثمَّ تبيّن بعد ذلك أنّه كان نهارا، كان عليه القضاء. فإن كان قد غلب على ظنّه دخول اللّيل، ثمَّ تبيّن أنّه كان نهارا، لم يكن عليه شي‌ء.

وجميع ما قدّمناه ممّا يفسد الصّيام، ممّا يجب منه القضاء والكفّارة، أو القضاء وحده، متى فعله الإنسان ناسيا وساهيا، لم يكن عليه شي‌ء. ومتى فعله متعمّدا، وجب عليه ما قدّمناه، وكان على الإمام أن يعزّره بحسب ما يراه. فإن تعمّد الإفطار ثلاث مرّات، يرفع فيها إلى الإمام: فإن كان عالما بتحريم ذلك عليه، قتله الإمام في الثّالثة والرّابعة. وإن لم

١٥٥

يكن عالما، لم يكن عليه شي‌ء.

ويكره للصّائم الكحل إذا كان فيه مسك. وإن لم يكن فيه ذلك، لم يكن به بأس.

ولا بأس للصّائم أن يحتجم ويفتصد، إذا احتاج إلى ذلك، ما لم يخف الضّعف. فإن خاف، كره له ذلك، إلّا عند الضّرورة اليه.

ويكره له تقطير الدّهن في أذنه إلّا عند الحاجة اليه، ويكره له أن يبلّ الثّوب على جسده. ولا بأس أن يستنقع في الماء الى عنقه، ولا يرتمس فيه حسب ما قدّمناه. ويكره ذلك للنّساء. ويكره للصّائم السّعوط. وكذلك الحقنة بالجامدات. ولا يجوز له الاحتقان بالمائعات. ويكره له دخول الحمّام إذا خاف الضّعف. فإن لم يخف، فليس به بأس.

ولا بأس بالسّواك للصّائم بالرّطب منه واليابس. فان كان يابسا، فلا بأس أن يبلّه أيضا بالماء. وليحفظ نفسه من ابتلاع ما حصل في فيه من رطوبته. ويكره له شمّ النّرجس وغيره من الرّياحين. وليس كراهية شمّ النّرجس مثل الرّياحين بل هي آكد. ولا بأس أن يدّهن بالأدهان الطيّبة وغير الطيّبة. ويكره له شمّ المسك وما يجري مجراه.

ويكره للصّائم أيضا القبلة، وكذلك مباشرة النّساء وملاعبتهنّ. فإن باشرهنّ بما دون الجماع أو لاعبهن بشهوة،

١٥٦

فأمذى، لم يكن عليه شي‌ء. فإن أمنى، كان عليه ما على المجامع. فإن أمنى من غير ملامسة لسماع كلام أو نظر، لم يكن عليه شي‌ء. ولا يعود إلى ذلك.

ولا بأس للصّائم أن يزقّ الطّائر، والطّباخ أن يذوق المرق، والمرأة أن تمضغ الطّعام للصّبي ولا تبلغ شيئا من ذلك. ولا يجوز للصائم مضغ العلك. ولا بأس ان يمص الخاتم والخرز وما أشبههما.

باب حكم المريض والعاجز عن الصيام

المريض الذي لا يقدر على الصّيام أو يضرّ به، يجب عليه الإفطار، ولا يجزي عنه إن صامه، وكان عليه القضاء إذا برأ منه. فإن أفطر في أوّل النّهار، ثمَّ صحّ فيما بقي منه، أمسك تأديبا، وكان عليه القضاء.

فإن لم يصحّ المريض، ومات من مرضه الذي أفطر فيه، يستحبّ لولده الأكبر من الذّكور أن يقضي عنه ما فاته من الصّيام. وليس ذلك بواجب عليه. فإن برأ من مرضه ذلك، ولم يقض ما فاته، ثمَّ مات، وجب على وليّه القضاء عنه. وكذلك إن كان قد فاته شي‌ء من الصّيام في السفر، ثمَّ مات قبل أن يقضي، وكان متمكّنا من القضاء، وجب على وليّه أن يصوم عنه.

١٥٧

فإن فات المريض صوم شهر رمضان، واستمرّ به المرض إلى رمضان آخر، ولم يصحّ فيما بينهما، صام الحاضر، وتصدّق عن الأول عن كلّ يوم بمدين من طعام. فإن لم يمكنه فبمد منه. فان لم يتمكّن، لم يكن عليه شي‌ء، وليس عليه قضاء. فإن صحّ فيما بين الرّمضانين، ولم يقض ما عليه، وكان في عزمه القضاء قبل الرّمضان الثّاني، ثمَّ مرض، صام الثّاني، وقضى الأوّل، وليس عليه كفّارة. فإن أخّر قضاءه بعد الصحّة توانيا، وجب عليه أن يصوم الثّاني، ويتصدّق عن الأوّل ويقضيه أيضا بعد ذلك. وحكم ما زاد على الرّمضانين حكم رمضانين على السّواء. وكذلك لا يختلف الحكم في أن يكون الذي فاته الشّهر كلّه أو بعضه، بل الحكم فيه سواء.

والمريض إذا كان قد وجب عليه صيام شهرين متتابعين، ثمَّ مات، تصدّق عنه عن شهر، ويقضي عنه وليّه شهرا آخر.

والمرأة أيضا، حكمها حكم ما ذكرناه، في أنّ ما يفوتها من الصّيام بمرض أو طمث، لا يجب على أحد القضاء عنها، إلا أن تكون قد تمكّنت من القضاء، فلم تقضه، فإنّه يجب القضاء عنها. ويجب أيضا القضاء عنها ما يفوتها بالسّفر حسب ما قدّمناه في حكم الرّجال.

وحدّ المرض الذي يجب معه الإفطار، إذا علم الإنسان من

١٥٨

نفسه: أنه إن صام، زاد ذلك في مرضه، أو أضرّ به. وسواء الحكم أن يكون المرض في الجسم، أو يكون رمدا، أو وجع الأضراس. فإن عند جميع ذلك يجب الإفطار مع الخوف من الضّرر.

والشّيخ الكبير والمرأة الكبيرة، إذا عجزا عن الصّيام، أفطرا وتصدّقا عن كل يوم بمدّين من طعام. فإن لم يقدرا عليه فبمدّ منه. وكذلك الحكم فيمن يلحقه العطاش ولا يقدر معه على الصّوم. وليس على واحد منهم القضاء. والحامل المقرب والمرضع القليلة اللّبن لا بأس أن تفطرا، إذا أضرّ بهما الصّوم وتتصدّقا عن كلّ يوم وتقضيا ذلك اليوم فيما بعد.

وكلّ هؤلاء الذين ذكرنا: أنه يجوز لهم الإفطار، فليس لهم أن يأكلوا شبعا من الطعام، ولا أن يشربوا ريّا من الشراب، ولا يجوز لهم أن يواقعوا النّساء.

باب حكم من أسلم في شهر رمضان ومن بلغ فيه والمسافر إذا قدم أهله والحائض إذا طهرت والمريض إذا برأ

من أسلم في شهر رمضان، وقد مضت منه أيّام، فليس عليه قضاء شي‌ء ممّا فاته من الصّيام، وعليه صيام ما يستأنف من الأيام. وحكم اليوم الذي يسلم فيه، إن أسلم قبل طلوع الفجر، كان عليه صيام ذلك اليوم. فإن لم يصمه. كان عليه

١٥٩

القضاء. وإذا أسلم بعد طلوع الفجر، لم يجب عليه صيام ذلك اليوم، وكان عليه أن يمسك تأديبا إلى آخر النّهار.

وحكم من بلغ في شهر رمضان أيضا ذلك الحكم في أنّه يجب عليه صيام ما بقي من الأيام بعد بلوغه، وليس عليه قضاء ما قد مضى ممّا لم يكن بالغا فيه.

والمسافر إذا قدم أهله، وكان قد أفطر، فعليه أن يمسك بقيّة النّهار تأديبا، وكان عليه القضاء. فإن لم يكن قد فعل شيئا ينقض الصّوم، وجب عليه الإمساك، ولم يكن عليه القضاء. فإن طلع الفجر، وهو بعد خارج البلد، كان مخيّرا بين الإمساك ممّا ينقض الصّوم، ويدخل بلده، فيتمّ صومه ذلك اليوم، وبين أن يفطر، فإذا دخل إلى بلده، أمسك بقيّة نهاره تأديبا، ثمَّ قضاه حسب ما قدّمناه. والأفضل، إذا علم أنّه يصل إلى بلده، أن يمسك عمّا ينقض الصّيام. فإذا دخل الى بلده، تمّم صومه، ولم يكن عليه قضاء.

والحائض، إذا طهرت في وسط النّهار، أمسكت بقيّة النّهار تأديبا، وكان عليها القضاء، سواء كانت أفطرت قبل ذلك، أو لم تفطر. ويجب عليها قضاء ما فاتها من الصّيام في أيّام حيضها.

والمريض، إذا برأ من مرضه في وسط النّهار، أو قدر على الصّوم، وكان قد تناول ما يفسد الصّوم، كان عليه الإمساك

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793