النهاية الجزء ١

النهاية7%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الجزء ١ المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225259 / تحميل: 6342
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

يصلّي ركعتي الغداة، ثمَّ يقضي الثّماني ركعات. وإن كان قد صلّى أربع ركعات من صلاة اللّيل، ثمَّ طلع الفجر، تمّم ما بقي عليه، وخفّفها، ثمَّ صلّى الفرض. وقد رويت رواية في جواز صلاة اللّيل بعد طلوع الفجر قبل الفرض، وهي رخصة في جواز فعل النافلة في وقت الفريضة، إذا كان ذلك في أوّل وقته. فإذا تضيّق الوقت لم يجز ذلك. ومع هذا فلا ينبغي أن يكون ذلك عادة. والأحوط ما قدّمناه.

ومن نسي ركعتين من صلاة اللّيل، ثمَّ ذكر بعد أن أوتر، قضاهما وأعاد الوتر. ومن نسي التّشهّد في النّافلة، ثمَّ ذكر بعد أن ركع أنّه لم يتشهّد، أسقط الرّكوع، وجلس، فتشهّد.

وإذا فرغ من صلاة الليل، قام فصلّى ركعتي الفجر، وإن لم يكن قد طلع الفجر بعد. ويستحبّ أن يضطجع ويقول في حال اضطجاعه الدّعاء المعروف في ذلك. وإن جعل مكان الضّجعة سجدة، كان ذلك جائزا.

ولا بأس أن يصلّي الإنسان النّوافل جالسا، إذا لم يتمكّن من الصّلاة قائما. فإن تمكّن منها قائما، وأراد أن يصلّيها جالسا، صلّى لكلّ ركعة ركعتين. فإن صلّى لكلّ ركعة ركعة والحال ما وصفناه، كان تاركا للفضل.

ومن كان في دعاء الوتر، ولم يرد قطعه. ولحقه عطش، وبين يديه ماء، جاز له أن يتقدّم خطا فشرب الماء، ثمَّ يرجع

١٢١

إلى مكانه فيتمّم صلاته من غير أن يستدبر القبلة.

باب الصلاة في السفر

التّقصير واجب في السّفر، إذا كانت المسافة ثمانية فراسخ فإن كانت المسافة أربعة فراسخ، وأراد الرّجوع من يومه، وجب أيضا التّقصير. فإن لم يرد الرّجوع، فهو بالخيار في التّقصير والإتمام.

ولا يجوز التّقصير، الا لمن كان سفره طاعة لله، أو في سفر مباح. فإن كان سفره معصية أو اتّباعا لسلطان جائز، لم يجز له التّقصير. وكذلك إن كان سفره إلى صيد لهو أو بطر، لم يجز له التّقصير. وإن كان الصيد لقوته وقوت عياله، وجب أيضا التّقصير. وإن كان صيده للتّجارة، وجب عليه التّمام في الصلاة، والتّقصير في الصوم. ولا يجوز التّقصير للمكاري وللملّاح والرّاعي والبدويّ إذا طلب القطر والنّبت، والذي يدور في جبايته، والذي يدور في إمارته، ومن يدور في التّجارة من سوق إلى سوق، ومن كان سفره أكثر من حضره، هؤلاء كلّهم لا يجوز لهم التقصير ما لم يكن لهم في بلدهم مقام عشرة أيّام. فإن كان لهم في بلدهم مقام عشرة أيّام، وجب عليهم التّقصير. وإن كان مقامهم في بلدهم خمسة أيّام،

١٢٢

قصّروا بالنّهار، وتمّموا الصّلاة باللّيل.

ولا يجوز التقصير للمسافر، إلّا إذا توارى عنه جدران بلده وخفي عليه أذان مصره. فإن خرج بنيّة السّفر، ثمَّ بدا له وكان قد صلّى على التّقصير، فليس عليه شي‌ء. فإن لم يكن قد صلّى، أو كان في الصّلاة وبدا له من السّفر، تمّم صلاته. فإن خرج من منزله، وقد دخل الوقت، وجب عليه التّمام، إذا كان قد بقي من الوقت مقدار ما يصلّي فيه على التّمام. فإن تضيّق الوقت، قصّر ولم يتمّم. وإن دخل من سفره بعد دخول الوقت، وكان قد بقي من الوقت مقدار ما يتمكّن فيه من أداء الصّلاة على التّمام، فليصلّ، وليتمّم. وإن لم يكن قد بقي مقدار ذلك، قصّر. ومن ذكر أنّ عليه صلاة فاتته في حال السّفر، قضاها على التّقصير. وكذلك من ذكر أنّ عليه صلاة فاتته في الحضر، وهو في السّفر، قضاها على التّمام.

ومن تمّم في السّفر، وقد تليت عليه آية التّقصير، وعلم وجوبه، وجب عليه إعادة الصّلاة. فإن لم يكن علم ذلك، فليس عليه شي‌ء. فإن كان قد علم، غير أنّه قد نسي في حال الصلاة، فإن كان في الوقت، أعاد الصّلاة، وإن كان قد مضى وقتها، فليس عليه شي‌ء. وقد روي أنّه إن ذكر في ذلك اليوم أنّه صلّى على التّمام، وجبت عليه الإعادة. والأول أحوط.

وإذا عزم المسافر على مقام عشرة أيّام في بلد، وجب عليه

١٢٣

التّمام. فإن عزم عشرة أيّام وصلّى صلاة واحدة أو أكثر على التّمام، ثمَّ بدا له في المقام، فليس له أن يقصّر إلّا بعد خروجه من البلد. وإن لم يكن قد صلّى شيئا من الصّلوات على التّمام، فعليه التّقصير، إذا غيّر نيّته عن المقام عشرة أيّام ما بينه وبين ثلاثين يوما. فإذا مضت ثلاثون، ولم يكن قد خرج، وجب عليه التّمام ولو صلاة واحدة. ومن خرج إلى ضيعة له، وكان له فيها موضع ينزله ويستوطنه، وجب عليه التّمام. فإن لم يكن له فيها مسكن، وجب عليه التّقصير.

ويستحبّ الإتمام في أربعة مواطن: في السفر بمكّة، والمدينة، ومسجد الكوفة، والحائر، على ساكنه السلام. وقد رويت رواية بلفظة أخرى، وهو أن يتمّم الصّلاة في حرم الله، وفي حرم رسوله، وفي حرم أمير المؤمنين، وفي حرم الحسين، عليهم أجمعين السّلام. فعلى هذه الرّواية، جاز التّمام خارج المسجد بالكوفة. وعلى الرّواية الأولى، لم يجز إلّا في نفس المسجد. ولو أن إنسانا قصّر في هذه المواطن كلّها، لم يكن عليه شي‌ء، إلّا أنّ الأفضل ما قدمناه.

وليس على المسافر صلاة الجمعة ولا صلاة العيدين. والمشيع لأخيه المؤمن يجب أيضا عليه التقصير، والمسافر في طاعة إذا مال إلى الصّيد لهوا، وجب عليه التّمام. فإذا رجع إلى السّفر، عاد إلى التّقصير. وإذا خرج قوم إلى السّفر، وساروا

١٢٤

أربعة فراسخ، وقصّروا من الصّلاة، ثمَّ أقاموا ينتظرون رفقة لهم في السّفر، فعليهم التّقصير إلى أن يتيسّر لهم العزم على المقام، فيرجعون إلى التّمام، ما لم يتجاوز ثلاثين يوما على ما قدّمناه. وإن كان مسيرهم أقلّ من أربعة فراسخ، وجب عليهم التّمام إلى أن يسيروا. فإذا ساروا، رجعوا إلى التقصير.

ويستحب للمسافر أن يقول عقيب كلّ صلاة ثلاثين مرّة « سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر » فإنّ ذلك جبران للصّلاة. ولا بأس أن يجمع الإنسان بين الظّهر والعصر وبين المغرب والعشاء الآخرة في حال السّفر.

وكذلك لا بأس أن يجمع بينهما في الحضر. إلّا أنّه إذا جمع بينهما، لا يجعل بينهما شيئا من النّوافل. وليس على المسافر شي‌ء من نوافل النّهار. فإذا سافر بعد زوال الشّمس قبل أن يصلّي نوافل الزّوال، فليقضها في السفر باللّيل أو بالنّهار. وعليه نوافل اللّيل كلّها حسب ما قدّمناه.

باب قضاء ما فات من الصلوات

من فاتته صلاة فريضة، فليقضها حين يذكرها أيّ وقت كان، ما لم يكن وقت صلاة فريضة حاضرة قد تضيّق وقتها. فإن حضر وقت صلاة، ودخل فيها في أوّل وقتها، ثمَّ ذكر أنّ

١٢٥

عليه صلاة، عدل بنيّته إلى ما فاتته من الصّلاة، ثمَّ استأنف الحاضرة.

مثال ذلك أنّه إذا فاتته صلاة الظّهر، فإنّه يصلّيها ما دام يبقى من النّهار بمقدار ما يصلّي فيه الظّهر والعصر، يبدأ بالظّهر، ثمَّ يعقّبه بالعصر. فإن لم يبق من النّهار إلّا مقدار ما يصلّي فيه العصر، بدأ به، ثمَّ قضى الظّهر. فإن كان قد دخل في العصر ما بينه وبين الوقت الذي ذكرناه، فليعدل بنيّته إلى الظّهر، ثمَّ يصلّي بعده العصر.

ومتى دخل وقت المغرب، وعليه صلاة، فليصلّ ما فاته ما بينه وبين أن يبقى إلى سقوط الشّفق مقدار ما يصلّي فيه ثلاث ركعات. فان بدأ بالمغرب قبل ذلك، فليعدل بنيّته إلى الصّلاة التي فاتته، ثمَّ ليستأنف المغرب.

وإذا دخل وقت العشاء الآخرة، وعليه صلاة، فليصلّ الفائتة ما بينه وبين نصف اللّيل، ثمَّ يصلّي بعدها العشاء الآخرة. فإن انتصف اللّيل، بدأ بالعشاء الآخرة، ثمَّ صلّى الفائتة. وإذا طلع الفجر وعليه صلاة، فليصلّها ما بينه وبين أن يبقى إلى طلوع الشّمس مقدار ما يصلّي فيه ركعتي الغداة. فان بدأ بهما، فليعدل بنيّته إلى التي فاتته من الصّلاة، ثمَّ يصلّي بعدها الغداة.

ومن دخل في صلاة نافلة، ثمَّ ذكر أن عليه فريضة قبل

١٢٦

أن يفرغ منها، استأنف التي فاتته، ثمَّ عاد إلى النّافلة.

ومن فاتته صلاة، ولم يدر أيّها هي، فليصلّ أربعا وثلاثا وركعتين، وقد برئت ذمّته، فإن فاتته صلاة مرّات كثيرة، وهو يعلمها بعينها، غير أنه لا يعلم كم دفعة فاتته، فليصلّ من تلك الصّلاة إلى أن يغلب على ظنّه أنّه قضى ما فاته، أو زاد عليه. فإن لم يعلم الصّلاة بعينها، فليصلّ في كلّ وقت ثلاثا وأربعا وثنتين، إلى أن يغلب على ظنّه قضى ما عليه.

ومن فاتته صلاة فريضة بمرض، لزمه قضاؤها حسب ما فاتته، إذا كان المرض ممّا لا يزيل العقل. فان كان ممّا يزيل العقل مثل الاغماء وما يجري مجراه، لم يلزمه قضاء شي‌ء ممّا فاته على جهة الوجوب، ويستحبّ له أن يقضيه على طريق النّدب. فإن لم يتمكن من قضاء ذلك أجمع، قضى صلاة يومه الذي أفاق فيه. ويجب عليه قضاء الصّلاة التي يفيق في وقتها على كلّ حال.

ومن فاته شي‌ء من النّوافل، قضاه أيّ وقت ذكره، ما لم يكن وقت فريضة. فإن فاته شي‌ء كثير منها، فليصلّ منها إلى أن يغلب على ظنّه أنّه قضاها. فإن لم يتمكّن من ذلك، جاز له أن يتصدّق عن كلّ ركعتين بمدّ من طعام. فان لم يتمكّن، فعن كلّ يوم بمد منه. فإن لم يمكنه ذلك، فلا شي‌ء عليه. ومن فاته شي‌ء من النّوافل بمرض، فليس عليه قضاؤه.

١٢٧

ويستحب أن يقضي نوافل النّهار باللّيل ونوافل اللّيل بالنّهار.

ومن فاتته صلاة اللّيل، فليصلّها أيّ وقت شاء، وإن كان بعد الغداة أو بعد العصر. ومتى قضاها، ليس عليه الّا ركعة مكان ركعة. ولا بأس أن يقضي الإنسان وترا جماعة في ليلة واحدة.

باب صلاة المريض والموتحل والعريان وغير ذلك من المضطرين

المريض يلزمه الصّلاة حسب ما يلزم الصّحيح، ولا يسقط عنه فرضها إذا كان عقله ثابتا. فإن تمكّن من الصّلاة قائما، لزمه كذلك. وإن لم يتمكن من القيام بنفسه، وأمكنه أن يعتمد على حائط أو عكّاز، فليفعل، وليصلّ قائما. فإن لم يتمكن من ذلك، فليصلّ جالسا، وليقرأ. فإذا أراد الرّكوع، قام فركع. فإن لم يقدر على ذلك، فليركع جالسا، وليسجد مثل ذلك. فإن لم يتمكّن من السّجود إذا صلّى جالسا، جاز له أن يرفع خمرة أو ما يجوز السّجود عليه، فيسجد فإن لم يتمكّن من الصّلاة جالسا، فليصلّ مضطجعا على جانبه الأيمن، وليسجد فإن لم يتمكّن من السّجود، أومى إيماء. فإن لم يتمكّن من الاضطجاع، فليستلق على قفاه، وليصلّ موميا، يبدأ الصّلاة بالتّكبير، ويقرأ. فإذا أراد الرّكوع غمض عينيه. فإذا رفع

١٢٨

رأسه من الرّكوع، فتحهما. فإذا أراد السّجود، غمضهما. فإذا أراد رفع رأسه من السّجود فتحهما. فإذا أراد السّجود ثانيا، غمّضهما. فإذا أراد رفع رأسه ثانيا، فتحهما. وعلى هذا تكون صلاته.

والموتحل والغريق والسّابح إذا دخل عليهم وقت الصّلاة، ولم يتمكنوا من موضع يصلون فيه، فليصلّوا إيماء ويكون ركوعهم وسجودهم بالإيماء، ويكون سجودهم أخفض من ركوعهم. ويلزمهم في هذه الأحوال كلّها استقبال القبلة مع الإمكان. فإن لم يمكنهم، فليس عليه شي‌ء.

وإذا كان المريض مسافرا، ويكون راكبا، جاز له أن يصلّي الفريضة على ظهر دابّته، ويسجد على ما يتمكّن منه. ويجزيه في النّوافل أن يومي إيماء، وإن لم يسجد.

وحدّ المرض الّذي يبيح الصّلاة جالسا، ما يعلمه الإنسان من حال نفسه أنّه لا يتمكّن من الصّلاة قائما، أو لا يقدر على المشي بمقدار زمان صلاته.

والمبطون إذا صلى، ثمَّ حدث به ما ينقض صلاته، فليعد الوضوء، وليبن على صلاته. ومن به سلس البول، فلا بأس أن يصلّي كذلك بعد الاستبراء. ويستحبّ له أن يلفّ خرقة على ذكره، لئلّا تتعدّى النّجاسة إلى بدنه وثيابه.

والمريض إذا صلّى جالسا، فليقعد متربّعا في حال القراءة.

١٢٩

فإذا أراد الرّكوع، ثنّى رجليه. فإن لم يتمكن من ذلك، جلس كيف ما سهل عليه.

والممنوع بالقيد، ومن يكون في يد المشركين، إذا حضر وقت الصّلاة، ولم يقدر أن يصلّي قائما، فليصلّ على حالته إيماء، وقد أجزأه.

والعريان، إذا لم يكن معه ما يستتره، وكان وحده بحيث لا يرى أحد سوأته، فليصلّ قائما. فإن كان معه غيره، أو يكون بحيث لا يأمن اطّلاع غيره عليه، فليصلّ جالسا. فإن كانوا جماعة بهذه الصّفة، وأرادوا أن يصلّوا جماعة، فليتقدّم إمامهم بركبتيه، وليصلّ بهم جالسا، وهم جلوس. ويكون ركوع الإمام وسجوده إيماء، ويجعل سجوده أخفض من ركوعه، ويركع من خلفه، ويسجد. وإذا وجد العريان الذي معه غيره، شيئا يستر به عورته، من حشيش الأرض وغيره، فليستر به عورته، وليصلّ قائما. فإن لم يجد، فليقتصر على الصّلاة جالسا، حسب ما قدّمناه.

باب صلاة الخوف والمطاردة والمسايفة

إذا خاف الإنسان من عدوّ أو لص أو سبع، جاز له أن يصلّي الفرائض على ظهر دابّته، فإن لم تكن له دابّة، وأمكنه

١٣٠

أن يصلّي بركوع وسجود على التخفيف، صلّى كذلك. فإن خاف أن يركع ويسجد، فليوم إيماء، وقد أجزأه. ويكون سجوده أخفض من ركوعه.

وإذا أراد قوم أن يصلّوا جماعة عند لقائهم العدوّ، فليفترقوا فرقتين: فرقة منهم تقف بحذاء العدوّ، والفرقة الأخرى تقوم إلى الصّلاة. ويقوم الإمام، فيصلّي بهم ركعة. فإذا قام الإمام إلى الثّانية، وقف قائما، وصلّوا هم الرّكعة الثّانية، وتشهّدوا وسلّموا، ويقومون إلى لقاء العدوّ، ويجي‌ء الباقون، فيقفون خلف الإمام، ويفتتحون الصّلاة بالتّكبير، ويصلّي بهم الإمام الرّكعة الثّانية له، وهي أولة لهم. فإذا جلس الإمام في تشهّده، قاموا هم إلى الرّكعة الثّانية لهم، فيصلّونها. فإذا فرغوا منها، تشهّدوا، ثمَّ يسلّم بهم الإمام. وإن كانت الصّلاة صلاة المغرب، فليفعل الإمام مثل ما قدّمناه: يصلّي بالطائفة الأولى ركعة، ويقف في الثّانية. وليصلّوا هم ما بقي لهم من الرّكعتين، ويخففوا. فإذا سلّموا، قاموا إلى لقاء العدوّ. ويجي‌ء الباقون، فيستفتحون الصّلاة بالتكبير، ويصلّي بهم الإمام الثّانية له، وهي الأولة لهم. فإذا جلس في تشهّده الأوّل، جلسوا معه، وذكروا الله.

فإذا قام إلى الثّالثة له، قاموا معه، وهي ثانية لهم، فيصلّيها. فإذا جلس للتّشهّد الثّاني، جلسوا معه، وليتشهّدوا

١٣١

لهم، وهو أوّل تشهّد لهم، ويخفّفوا، ثمَّ يقوموا إلى الثّالثة لهم، فليصلّوها. فاذا جلسوا للتّشهّد الثّاني، وتشهّدوا، سلّم بهم الإمام.

وإذا كان الرّجل في حال القتال، ودخل وقت الصّلاة، فليصلّ على ظهر دابّته، وليسجد على قربوس سرجه، يستقبل بتكبيرة الافتتاح القبلة، ثمَّ يصلّي كيف ما دارت به الدّابّة. فإن لم يتمكّن من السّجود صلّى موميا، وينحني للرّكوع والسّجود.

وإذا كان في حال المسايفة، جاز له أن يقتصر على تكبيرة واحدة لكلّ ركعة من الصّلاة التي تجب عليه، يقول: « سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلّا الله، والله أكبر » وذلك يجزيه عن الرّكوع والسّجود.

باب الصلاة في السفينة

لا بأس أن يصلّي الإنسان فرائضه ونوافله في السّفينة إذا لم يتمكّن من الشّطّ. فإن تمكّن منه، فالأفضل أن يخرج اليه، ويصلّي على الأرض. فإن لم يفعل، وصلّى فيه، كان جائزا، غير أنّ الأفضل ما قدّمناه.

١٣٢

وإذا صلّى في السّفينة، فليصلّ قائما، وليستقبل، إذا أمكنه ذلك. فإن لم يمكنه الصّلاة قائما، صلّاها جالسا متوجها إلى القبلة. فإن دارت السّفينة، فليدر معها كيف ما دارت، ويستقبل القبلة. فإن لم يمكنه ذلك، استقبل بأوّل تكبيرة القبلة، ثمَّ يصلّي كيف دارت. ولا بأس أن يصلّي النّوافل إلى رأس السّفينة، إذا لم يمكنه استقبال القبلة.

ولا يختلف الحكم في أن تكون السفينة في البحار الكبار، أو في الأنهار الصّغار في كون الصّلاة جائزة فيها على كلّ حال.

وإذا لم يجد الإنسان فيها ما يسجد عليه، فليسجد على خشبها. فان كانت مقيّرة، فليغطّها بثوب، وليسجد عليه فإن لم يكن معه ثوب، سجد على القير، وقد أجزأه.

باب صلاة العيدين

صلاة العيدين فريضة بشرط وجود الإمام العادل، أو وجود من نصبه الإمام للصّلاة بالنّاس، وتلزم صلاة العيدين كلّ من تلزمه جمعة، وتسقط عمّن تسقط عنه. ومن فاتته هذه الصّلاة فليس عليه قضاؤها. وإن تأخر عن الحضور في المصلّى لعارض، فليصلّ في بيته، كما يصلّيها مع الإمام سنّة وفضيلة.

ولا يجوز صلاة العيدين الا تحت السّماء في الصّحراء في

١٣٣

سائر البلاد مع القدرة والاختيار إلّا بمكّة، فإنّه يصلّي بها في المسجد الحرام.

ويستحبّ أن لا يسجد المصلّي إلّا على الأرض. ولا أذان ولا إقامة في صلاة العيدين. بل يقول المؤذن ثلاث مرّات: « الصّلاة » ووقت هذه الصّلاة عند انبساط الشّمس.

ولا يصلّي يوم العيد قبل صلاة العيد ولا بعدها، شيئا من النّوافل لا ابتداء ولا قضاء إلّا بعد الزّوال، إلّا بالمدينة خاصّة، فإنه يستحبّ أن يصلّي ركعتين في مسجد النّبي،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قبل الخروج الى المصلّى. ولا بأس بقضاء الفرائض قبل الزّوال.

ويستحبّ أن يخرج الإنسان إلى المصلّى ماشيا بخضوع وسكينة ووقار والذّكر لله تعالى. والإمام يستحبّ له أن يمشي حافيا، ويستحبّ له أن يطعم شيئا قبل الخروج إلى المصلّى في يوم الفطر. ويكره له ذلك يوم الأضحى، إلّا بعد الرّجوع. ويستحبّ أن يكون إفطاره يوم الفطر على شي‌ء من الحلاوة، ويوم الأضحى على شي‌ء ممّا ينحره أو يذبحه إن كان ممّن يفعل ذلك.

وإذا اجتمعت صلاة عيد وجمعة في يوم واحد، فمن شهد صلاة العيد، كان مخيّرا بين حضور الجمعة وبين الرّجوع

١٣٤

إلى بيته. وعلى الإمام أن يعلمهم ذلك في خطبته بعد صلاة العيد.

ويستحبّ أن يغتسل الإنسان يوم العيدين بعد طلوع الفجر، ويتطيّب، ويلبس أطهر ثيابه.

وصلاة العيدين ركعتان باثنتي عشرة تكبيرة سبع في الأولى. يفتتح صلاته بتكبيرة الإحرام، ويتوجّه إن شاء. تمَّ يقرأ الحمد وسورة الأعلى، ثمَّ يكبّر خمس تكبيرات. يقنت بين كلّ تكبيرتين منها بالدّعاء المعروف في ذلك. وإن قنت بغيره، كان أيضا جائزا. ثمَّ يكبّر السّابعة، ويركع بها. فإذا قام إلى الثّانية، قام بغير تكبير، ثمَّ يقرأ الحمد ويقرأ بعدها والشمس وضحيها ثمَّ يكبّر أربع تكبيرات، يقنت بين كلّ تكبيرتين فيها، ثمَّ يكبّر الخامسة ويركع بها. فإذا فرغ من الصّلاة، قام الإمام، فخطب بالنّاس. ولا تجوز الخطبة إلا بعد الصّلاة.

ومن حضر الصّلاة، وصلّاها، كان مخيّرا في سماع الخطبة وفي الرّجوع إلى منزله. وليقم الإمام حال الخطبة على شبه المنبر معمول من طين. ولا ينقل المنبر من موضعه.

ويستحب أن يكبّر الإنسان ليلة الفطر بعد صلاة المغرب والعشاء الآخرة والغداة وصلاة العيد، يقول: « الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، والله أكبر، الحمد لله على ما

١٣٥

هدانا، وله الشّكر على ما أولانا ». ويكبّر في عيد الأضحى مثل ذلك عقيب خمس عشرة صلاة إذا كان بمنى. وإذا كان في غيره من الأمصار كبّر عقيب عشر صلوات، يبدأ بالتّكبير عقيب صلاة الظّهر من يوم العيد، ثمَّ يستوفي العدد. ويزيد في التّكبير في هذا العيد بعد قوله « وله الشّكر على ما أولانا »، « ورزقنا من بهيمة الأنعام » وإذا أراد الإنسان الشخوص من بلد، فلا يخرج منه بعد طلوع الفجر الّا بعد أن يشهد الصّلاة. وإن شخص قبل ذلك، لم يكن به بأس. ولا ينبغي أن يخرج النّاس الى المصلّى بالسّلاح الا عند الخوف من العدوّ.

باب صلاة الكسوف والزلازل والرياح السود

صلاة الكسوف والزّلازل والرّياح المخوفة والظّلمة الشّديدة فرض واجب، لا يجوز تركها على حال. ويستحبّ أن تصلّى هذه الصّلاة في جماعة. فإن صلّي فرادى، كان جائزا.

ومن ترك هذه الصّلاة متعمّدا عند انكساف الشّمس وانخساف القمر، وكانا قد احترقا بأجمعهما، وجب عليه القضاء مع الغسل. فإن تركها ناسيا، والحال ما وصفناه، كان عليه القضاء بلا غسل. وإن كان قد احترق بعض الشّمس أو القمر، وترك الصّلاة متعمّدا، كان عليه القضاء بلا غسل. وإن تركها

١٣٦

ناسيا، والحال ما وصفناه، لم يكن عليه شي‌ء.

ووقت هذه الصّلاة، إذا انكسفت الشّمس، أو انخسف القمر، إلى أن يبتدئ في الانجلاء. فإذا ابتدأ في ذلك، فقد مضى وقتها. فإن كان وقت الكسوف وقت صلاة فريضة، بدأ بالفريضة، ثمَّ يصلّيها على أثرها. فان بدأ بصلاة الكسوف، ودخل عليه وقت الفريضة، قطعها، وصلّى الفريضة، ثمَّ رجع، فتمّم صلاته. وإن كان وقت صلاة الليل، صلّى أولا صلاة الكسوف ثمَّ صلاة الليل. فإن فاتته صلاة اللّيل، قضاها بعد ذلك، وليس عليه بأس.

وهذه الصلاة عشر ركعات بأربع سجدات وتشهّد واحد: يركع خمس ركعات، ويسجد في الخامسة، ثمَّ يقوم فيصلّي خمس ركعات ويسجد في العاشرة، ويقرأ في أوّل ركعة سورة الحمد وسورة أخرى إن أراد. وإن أراد أن يقرأ بعضها، كان له ذلك. فمتى أراد أن يقرأ في الثّانية بقيّة تلك السّورة، فليقرأها. ولا يقرأ سورة الحمد، بل يبتدي بالموضع الذي انتهى اليه. فإذا أراد أن يقرأ سورة أخرى، قرأ الحمد، ثمَّ قرأ بعدها سورة. وكذلك الحكم في باقي الرّكعات.

ويقنت في كلّ ركعتين قبل الرّكوع. فإن لم يفعل، واقتصر على القنوت في العاشرة، كان أيضا جائزا. وكلّما رفع رأسه من الرّكوع، يقول: « الله أكبر » إلا في الخامسة

١٣٧

والعاشرة، فإنه يقول: « سمع الله لمن حمده ».

ويستحبّ أن يكون مقدار قيام الرّجل في صلاته بمقدار زمان الكسوف. ويكون مقدار قيامه في الرّكوع مقدار قيامه في حال القراءة. ويطوّل أيضا في سجوده. ويستحبّ أن يقرأ في صلاة الكسوف السّور الطّوال مثل الكهف والأنبياء. فإن فرغ الإنسان من صلاته، ولم يكن الكسوف قد انجلى، يستحبّ له إعادة الصّلاة. وإن اقتصر على التّسبيح والتّحميد، لم يكن به بأس. ولا بأس أن يصلّي الإنسان صلاة الكسوف على ظهر دابّته، أو يصلّي وهو ماش، إذا لم يمكنه النّزول والوقوف.

باب صلاة الاستسقاء

إذا أجدبت البلاد، وقلّت الأمطار، يستحبّ أن يصلّي صلاة الاستسقاء: يتقدّم الإمام، أو من نصبه الإمام إلى النّاس، بأن يصوموا ثلاثة أيّام، ثمَّ يخرجون اليوم الثّالث إلى الصّحراء ويستحبّ أن يكون ذلك يوم الاثنين. ولا يصلّوا في المساجد في البلدان كلّها إلّا بمكّة خاصّة. ويقدم المؤذّنين كما يفعل في صلاة العيدين.

ويخرج الإمام على أثرهم بسكينة ووقار. فإذا انتهى إلى الصّحراء، قام، فصلّى ركعتين من غير أذان ولا إقامة، يقرأ فيهما ما شاء من السّور. ويكون ترتيب الرّكعتين كترتيب

١٣٨

صلاة العيدين باثنتي عشرة تكبيرة: سبع في الأولى، وخمس في الثّانية. ويقدّم القراءة على التّكبير في الرّكعتين معا، كما يفعل في صلاة العيدين.

فإذا فرغ منهما، استقبل القبلة، ويكبّر الله مائة تكبيرة، يرفع بها صوته. ويكبّر من حضر معه، ثمَّ يلتفت عن يمينه فيسبّح الله مائة مرّة، يرفع بها صوته ويسبّح معه من حضر. ثمَّ يلتفت عن يساره فيهلّل الله مائة مرّة. يرفع بها صوته، ويقول ذلك معه من حضره. ثمَّ يستقبل النّاس بوجهه، ويحمد الله مائة مرّة، يرفع بها صوته ويقول مثل ذلك من حضر معه.

ثمَّ ليدع وليخطب بخطبة الاستسقاء المرويّة عن أمير المؤمنينعليه‌السلام . فإن لم يتمكّن اقتصر على الدّعاء.

باب نوافل شهر رمضان وغيرها من الصلوات المرغبة فيها

يستحبّ أن يصلّي الإنسان في شهر رمضان من أوّل ليلة فيه إلى آخر الشّهر زيادة ألف ركعة على نوافله في سائر الشّهور. يصلّي في تسع عشرة ليلة منه في كلّ ليلة عشرين ركعة: ثماني ركعات بعد المغرب، واثنتي عشرة ركعة بعد العشاء

١٣٩

الآخرة قبل الوتيرة، ويختم الصّلاة بالوتيرة. وفي ليلة تسع عشرة مائة ركعة، وفي ليلة إحدى وعشرين أيضا مثل ذلك، وفي ليلة ثلاث وعشرين أيضا مثل ذلك. ويصلّي في ثمان ليال من العشر الأواخر في كلّ ليلة ثلاثين ركعة: يصلّي بعد المغرب ثماني ركعات واثنتين وعشرين ركعة بعد العشاء الآخرة. وإن أراد أن يصلّي بعد المغرب اثنتي عشرة ركعة، وبعد العشاء الآخرة ثمان عشرة ركعة، كان أيضا جائزا. فهذه تسعمائة وعشرون ركعة.

ويصلّي في كلّ يوم جمعة من شهر رمضان أربع ركعات لأمير المؤمنين، وركعتين صلاة فاطمةعليها‌السلام ، وأربع ركعات صلاة جعفر بن أبي طالب، رحمة الله عليه. ويصلّي في ليلة آخر جمعة من الشّهر عشرين ركعة صلاة أمير المؤمنين، وفي عشيّة تلك الجمعة عشرين ركعة صلاة فاطمة،عليها‌السلام . فهذه تمام ألف ركعة.

ويستحبّ أيضا أن يصلّي ليلة النّصف مائة ركعة: يقرأ في كلّ ركعة الحمد مرة وقل هو الله أحد عشرين مرّة. ويستحبّ أن يصلّي ليلة الفطر ركعتان: يقرأ في أوّل ركعة منهما الحمد مرّة وألف مرّة قل هو الله احد، وفي الثّانية الحمد مرة وقل هو الله أحد مرّة واحدة.

فأمّا صلاة أمير المؤمنين، فإنها أربع ركعات بتسليمتين:

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

يده مع يد الذّابح، ويسمّي الله تعالى، ويقول « وَجَّهْتُ وَجْهِيَ » إلى قوله « وأنا من المسلمين » ثمَّ يقول: « اللهم منك ولك. بسم الله، والله أكبر. اللهمّ تقبّل منّي » ثمَّ يمرّ السّكين. ولا ينخعه حتّى يموت. ومن أخطأ في الذّبيحة، فذكر غير صاحبها، كانت مجزئة عنه بالنّيّة. وينبغي أن يبدأ أيضا بالذّبح قبل الحلق، وفي العقيقة بالحلق قبل الذّبح. فإن قدّم الحلق على الذّبح ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء.

ومن السّنّة أن يأكل الإنسان من هديه لمتعته، ومن الأضحيّة ويطعم القانع والمعترّ: يأكل ثلثه، ويطعم القانع والمعترّ ثلثه، ويهدي لأصدقائه الثّلث الباقي. وقد بيّنّا أنه لا يجوز أن يأكل من الهدي المضمون إلّا إذا كان مضطرّا. فإن أكل منه من غير ضرورة، كان عليه قيمته. ولا بأس بأكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادّخارها. ولا يجوز أن يخرج من منى من لحم ما يضحّيه. ولا بأس بإخراج السّنام منه. ولا بأس أيضا بإخراج لحم قد ضحّاه غيره. ويستحبّ أن لا يأخذ شيئا من جلود الهدي والأضاحي، بل يتصدّق بها كلّها. ولا يجوز أيضا أن يعطيها الجزّار. وإذا أراد أن يخرج شيئا منها لحاجته إلى ذلك، تصدّق بثمنه.

ولا يجوز أن يحلق الرّجل رأسه، ولا أن يزور البيت، إلا بعد الذّبح، أو أن يبلغ الهدي محلّه. وهو أن يحصل في رحله

٢٦١

فإذا حصل في رحله بمنى، وأراد أن يحلق، جاز له ذلك. ومتى فعل ذلك ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء. ومن وجبت عليه بدنة في نذر أو كفّارة، ولم يجدها، كان عليه سبع شياه. فإن لم يجد، صام ثمانية عشر يوما إمّا بمكّة أو إذا رجع إلى أهله.

والصّبيّ إذا حجّ به متمتّعا، وجب على وليّه أن يذبح عنه.

ومن لم يتمكّن من شراء هدي، إلّا يبيع بعض ثيابه التي يتجمّل بها، لم يلزمه ذلك، وكان الصوم مجزئا عنه.

ويجزي الهدي عن الأضحيّة. وإن جمع بينهما، كان أفضل. ومن لم يجد الأضحيّة، جاز له أن يتصدّق بثمنها. فإن اختلفت أثمانها، نظر إلى الثّمن الأوّل والثّاني والثّالث، وجمعها ثمَّ يتصدّق بثلثها، وليس عليه شي‌ء.

ومن نذر لله تعالى أن ينحر بدنة، فإن سمّى الموضع الذي ينحرها فيه، وجب عليه الوفاء به، وإن لم يسمّ الموضع، لم يجز له أن ينحرها إلّا بفناء الكعبة. ويكره للإنسان أن يضحّي بكبش قد تولّى تربيته، ويستحبّ أن يكون ذلك ممّا يشتريه.

باب الحلق والتقصير

يستحبّ أن يحلق الإنسان رأسه بعد الذّبح. وإن كان صرورة، لا يجزئه غير الحلق. وإن كان ممّن حجّ حجّة الإسلام، جاز له التّقصير، والحلق أفضل. اللهمّ إلّا أن يكون قد لبّد

٢٦٢

شعره. فإن كان كذلك، لم يجزئه غير الحلق في جميع الأحوال.

ومن ترك الحلق عامدا أو التّقصير إلى أن يزور البيت، كان عليه دم شاة. وإن فعله ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء، وكان عليه إعادة الطّواف. ومن رحل من منى قبل الحلق، فليرجع إليها، ولا يحلق رأسه إلّا بها مع الاختيار. فإن لم يتمكّن من الرّجوع إليها، فليحلق رأسه في مكانه، ويردّ شعره إلى منى، ويدفنه هناك فإن لم يتمكّن من ردّ الشعر، لم يكن عليه شي‌ء.

والمرأة ليس عليها حلق، ويكفيها من التّقصير مقدار أنملة.

وإذا أراد أن يحلق، فليبدأ بناصيته من القرن الأيمن ويحلق إلى العظمين ويقول إذا حلق: « اللهمّ أعطني بكلّ شعرة نورا يوم القيامة ». ومن لم يكن على رأسه شعر، فليمرّ الموسى عليه. وقد أجزأه. وإذا حلق رأسه، فقد حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النّساء والطّيب، إن كان متمتّعا. فإن كان حاجّا غير متمتّع، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء. فإذا طاف طواف الزّيارة، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء. فإذا طاف طواف النّساء، حلّت له أيضا النّساء.

ويستحبّ ألا يلبس الثّياب إلّا بعد الفراغ من طواف الزّيارة، وليس ذلك بمحظور. وكذلك يستحبّ ألّا يمسّ الطّيب إلّا بعد الفراغ من طواف النّساء، وإن لم يكن ذلك محظورا على ما قدّمناه.

٢٦٣

باب زيارة البيت والرجوع الى منى ورمي الجمار

فإذا فرغ من مناسكه بمنى، فليتوجّه إلى مكّة، وليزر البيت يوم النّحر، ولا يؤخره إلّا لعذر. فإن أخّره لعذر، زار من الغد ولا يؤخر أكثر من ذلك. هذا إذا كان متمتّعا. فإن كان مفردا أو قارنا، جاز له أن يؤخر الى أيّ وقت شاء، غير أنّه لا تحلّ له النّساء. وتعجيل الطّواف للقارن والمفرد أفضل من تأخيره.

ويستحبّ لمن أراد زيارة البيت أن يغتسل قبل دخول المسجد والطّواف بالبيت، ويقلّم أظفاره، ويأخذ من شاربه، ثمَّ ثمَّ يزور. ولا بأس أن يغتسل الإنسان بمنى، ثمَّ يجي‌ء إلى مكّة، فيطوف بذلك الغسل بالبيت. ولا بأس أن يغتسل بالنّهار ويطوف بالليل ما لم ينقض ذلك الغسل بحدث أو نوم. فإن نقضه بحدث أو نوم، فليعد الغسل استحبابا، حتّى يطوف وهو على غسل. ويستحبّ للمرأة أيضا أن تغتسل قبل الطّواف.

وإذا أراد أن يدخل المسجد، فليقف على بابه، ويقول: « اللهمّ أعنّي على نسكك » إلى آخر الدّعاء الذي ذكرناه في الكتاب المقدّم ذكره. ثمَّ يدخل المسجد، ويأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبّله. فإن لم يستطع، استلمه بيده وقبّل يده. فإن لم يتمكّن من ذلك أيضا، استقبله، وكبّر، وقال ما قال حين طاف بالبيت يوم قدم مكّة. ثمَّ يطوف بالبيت أسبوعا كما قدّمنا وصفه

٢٦٤

ويصلّي عند المقام ركعتين. ثمَّ ليرجع الى الحجر الأسود فيقبّله، إن استطاع، ويستقبله ويكبّر. ثمَّ ليخرج إلى الصّفا، فيصنع عنده ما صنع يوم دخل مكّة. ثمَّ يأتي المروة، ويطوف بينهما سبعة أشواط، يبدأ بالصّفا ويختم بالمروة.

فإذا فعل ذلك، فقد حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النّساء. ثمَّ ليرجع الى البيت، فيطوف به طواف النّساء أسبوعا، يصلّي عند المقام ركعتين، وقد حلّ له النّساء.

وأعلم أنّ طواف النّساء فريضة في الحجّ وفي العمرة المبتولة. وليس بواجب في العمرة التي يتمتّع بها الى الحج. فإن مات من وجب عليه طواف النّساء. كان على وليّه القضاء عنه. وإن تركه وهو حيّ، كان عليه قضاؤه. فإن لم يتمكّن من الرّجوع الى مكّة، جاز له أن يأمر من يتوب عنه. فإذا طاف النّائب عنه، حلّت له النّساء. وطواف النّساء فريضة على النّساء والرّجال والشّيوخ والخصيان، لا يجوز لهم تركه على حال.

فإذا فرغ الإنسان من الطّواف فليرجع إلى منى ولا يبيت ليالي التّشريق إلّا بها. فإن بات في غيرها، كان عليه دم شاة. فإن بات بمكّة ليالي التّشريق، ويكون مشتغلا بالطّواف والعبادة، لم يكن عليه شي‌ء. وإن لم يكن مشتغلا بهما، كان عليه ما ذكرناه، وان خرج من منى بعد نصف اللّيل، جاز له أن يبيت بغيرها، غير أنّه لا يدخل مكّة إلّا بعد طلوع الفجر. وإن تمكّن ألّا يخرج

٢٦٥

منها إلّا بعد طلوع الفجر، كان أفضل. ومن بات الثّلاث ليال بغير منى متعمّدا، كان عليه ثلاثة من الغنم. والأفضل أن لا يبرح الإنسان أيّام التّشريق من منى. فإن أراد أن يأتي مكّة للطّواف بالبيت تطوّعا، جاز له ذلك، غير أنّ الأفضل ما قدّمناه.

وإذا رجع الإنسان إلى منى لرمي الجمار، كان عليه أن يرمي ثلاثة أيّام: الثّاني من النّحر والثّالث والرّابع، كلّ يوم بإحدى وعشرين حصاة. ويكون ذلك عند الزّوال، فإنّه الأفضل. فإن رماها ما بين طلوع الشمس الى غروبها، لم يكن به بأس.

فإذا أراد أن يرمي، فليبدأ بالجمرة الأولى، فليرمها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات يرميهنّ خذفا. ويكبّر مع كلّ حصاة، ويدعوا بالدّعاء الذي قدّمناه. ثمَّ يقوم عن يسار الطّريق ويستقبل القبلة، ويحمد الله تعالى ويثني عليه، ويصلّي على النّبيّ وآله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ ليتقدم قليلا ويدعوا ويسأله أن يتقبّل منه. ثمَّ يتقدّم أيضا ويرمي الجمرة الثّانية، ويصنع عندها كما صنع عند الأولى، ويقف ويدعوا، ثمَّ يمضي إلى الثّالثة فيرميها كما رمى الأوليين، ولا يقف عندها.

وإذا غابت الشّمس، ولم يكن قد رمى بعد، فلا يجوز له أن يرمي إلّا في الغد. فإذا كان من الغد، رمى ليومه مرّة، ومرّة قضاء لما فاته، ويفصل بينهما بساعة. وينبغي أن يكون الذي يرمي لأمسه بكرة، والذي ليومه عند الزّوال. فإن فاته رمي يومين،

٢٦٦

رماها كلّها يوم النّفر، وليس عليه شي‌ء. وقد بينا أنّه لا يجوز الرّمي باللّيل. وقد رخّص للعليل والخائف والرّعاة والعبيد الرّمي باللّيل. ومن نسي رمي الجمار الى أن أتى مكّة، عاد إلى منى، ورماها، وليس عليه شي‌ء. وحكم المرأة في جميع ما ذكرناه حكم الرّجل سواء.

فإن لم يذكر الى أن يخرج من مكّة، لم يكن عليه شي‌ء. إلّا أنّه إن حجّ في العام المقبل، أعاد ما كان قد فاته من رمي الجمار. وإن لم يحجّ أمر وليّه أن يرمي عنه. فإن لم يكن له وليّ، استعان برجل من المسلمين في قضاء ذلك عنه.

والترتيب واجب في الرّمي. يجب أن يبدأ بالجمرة العظمى ثمَّ الوسطى ثمَّ جمرة العقبة. فمن خالف شيئا منها، أو رماها منكوسة، كان عليه الإعادة. ومن بدأ بجمرة العقبة ثمَّ الوسطى ثمَّ الأولى، أعاد على الوسطى ثمَّ جمرة العقبة وقد أجزأه. فإن نسي فرمى الجمرة الأولى بثلاث حصيات، ورمى الجمرتين الأخريين على التّمام، كان عليه ان يعيد عليها كلّها. وإن كان قد رمى من الجمرة الأولى بأربع حصيات ثمَّ رمى الجمرتين على التّمام، كان عليه أن يعيد على الأولى بثلاث حصيات. وكذلك إن كان قد رمى على الوسطى أقل من أربعة، أعاد عليها وعلى ما بعدها. وإن رماها بأربعة، تمّمها، وليس عليه شي‌ء من الإعادة على الثّالثة. ومن رمى جمرة بست حصيات، وضاعت عنه واحدة،

٢٦٧

أعاد عليها بحصاة، وإن كان من الغد. ولا يجوز له أن يأخذ من حصى الجمار فيرمي بها. ومن علم أنّه قد نقص حصاة واحدة، ولم يعلم من أي الجمار هي، أعاد على كلّ واحدة منها بحصاة. فإن رمى بحصاة، فوقعت في محمله، أعاد مكانها حصاة أخرى. فإن أصابت إنسانا أو دابّة، ثمَّ وقعت على الجمرة، فقد أجزأه.

ولا بأس أن يرمي الإنسان راكبا. وإن رمى ماشيا، كان أفضل ولا بأس أن يرمى عن العليل والمبطون والمغمى عليه والصّبيّ.

وينبغي أن يكبّر الإنسان بمنى عقيب خمس عشرة صلاة. يبدأ بالتّكبير يوم النّحر من بعد الظّهر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّالث من أيّام التّشريق، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات، يبدأ عقيب الظّهر من يوم النّحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّاني من أيّام التّشريق، ويقول في التّكبير: « الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، والله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام ».

باب النفر من منى ودخول الكعبة ووداع البيت

لا بأس أن ينفر الإنسان من منى اليوم الثّاني من أيّام التّشريق وهو اليوم الثّالث من يوم النّحر. فإن أقام إلى النّفر الأخير، وهو اليوم الثّالث من أيّام التّشريق والرّابع من يوم النّحر، كان أفضل. فإن كان ممّن أصاب النّساء في إحرامه أو صيدا، لم يجز له أن

٢٦٨

ينفر في النّفر الأوّل. ويجب عليه المقام الى النّفر الأخير. وإذا أراد أن ينفر في النّفر الأوّل، فلا ينفر إلّا بعد الزّوال، إلّا أن تدعوه ضرورة إليه من خوف وغيره، فإنّه لا بأس أن ينفر قبل الزّوال، وله أن ينفر بعد الزّوال ما بينه وبين غروب الشّمس. فإذا غابت الشّمس، لم يجز له النّفر، وليبت بمنى الى الغد. وإذا نفر في النّفر الأخير، جاز له أن ينفر من بعد طلوع الشّمس أيّ وقت شاء. فإن لم ينفر وأراد المقام بمنى، جاز له ذلك، إلّا الإمام خاصّة، فإنّ عليه أن يصلّي الظّهر بمكّة.

ومن نفر من منى، وكان قد قضى مناسكه كلّها، جاز له أن لا يدخل مكّة. وإن كان قد بقي عليه شي‌ء من المناسك، فلا بدّ له من الرّجوع إليها. والأفضل على كلّ حال الرّجوع إليها لتوديع البيت وطواف الوداع.

ويستحبّ أن يصلّي الإنسان بمسجد منى، وهو مسجد الخيف. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مسجده عند المنارة التي في وسط المسجد، وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا، وعن يمينها وعن يسارها مثل ذلك. فإن استطعت أن يكون مصلّاك فيه، فافعل. ويستحبّ أن يصلّي الإنسان ستّ ركعات في مسجد منى. فإذا بلغ مسجد الحصباء، وهو مسجد رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليدخله وليسترح فيه قليلا وليستلق على قفاه.

٢٦٩

فإذا جاء إلى مكّة فليدخل الكعبة، إن تمكّن من ذلك سنّة واستحبابا. والصّرورة لا يترك دخولها على حال مع الاختيار. فإن لم يتمكّن من ذلك، لم يكن عليه شي‌ء.

فإذا أراد دخول الكعبة فليغتسل قبل دخولها سنّة مؤكّدة. فإذا دخلها، فلا يمتخط فيها، ولا يبصق. ولا يجوز دخولها بحذاء. ويقول إذا دخلها: « اللهمّ إنّك قلت: ومن دخله كان آمنا، فآمنّى من عذابك عذاب النار ».

ثمَّ يصلّي بين الأسطوانتين على الرّخامة الحمراء ركعتين، يقرأ في الأولى منهما « حم السّجدة » وفي الثّانية عدد آياتها، ثمَّ ليصلّ في زوايا البيت كلّها، ثمَّ يقول: « اللهمّ من تهيّأ وتعبّأ » إلى آخر الدّعاء. فإذا صلّى عند الرّخامة على ما قدّمناه، وفي زوايا البيت، قام فاستقبل الحائط بين الرّكن اليمانيّ والغربيّ، ويرفع يديه، ويلتصق به، ويدعوا. ثمَّ يتحوّل الى الرّكن اليمانيّ، فيفعل به مثل ذلك. ثمَّ يأتي الرّكن الغربيّ، ويفعل به أيضا مثل ذلك، ثمَّ ليخرج. ولا يجوز أن يصلّي الإنسان الفريضة جوف الكعبة مع الاختيار. فإن اضطرّ الى ذلك، لم يكن عليه بأس بالصّلاة فيها. فأمّا النّوافل فالصّلاة فيها مندوب اليه.

فإذا خرج من البيت ونزل عن الدرجة، صلّى عن يمينه ركعتين. فإذا أراد الخروج من مكّة، جاء الى البيت، فطاف به أسبوعا طواف الوداع سنّة مؤكّدة. فإن استطاع أن يستلم الحجر

٢٧٠

والرّكن اليمانيّ في كل شوط، وفعل. وإن لم يتمكّن، افتتح به، وختم به، وقد أجزأه. فإن لم يتمكن من ذلك أيضا، لم يكن عليه شي‌ء. ثمَّ يأتي المستجار، فيصنع عنده كما صنع يوم قدم مكّة. ويتخيّر لنفسه من الدّعاء ما أراد. ثمَّ يستلم الحجر الأسود، ثمَّ يودّع البيت ويقول: « اللهمّ لا تجعله آخر العهد من بيتك » ثمَّ ليأت زمزم فيشرب منه، ثمَّ ليخرج، ويقول: « آئبون تائبون، عابدون، لربّنا حامدون، الى ربّنا راغبون، الى ربّنا راجعون ». فإذا خرج من باب المسجد، فليكن خروجه من باب الحنّاطين. فيخرّ ساجدا، ويقوم مستقبل الكعبة، فيقول: « اللهمّ إني أنقلب على لا إله إلا الله ».

ومن لم يتمكّن من طواف الوداع، أو شغله شاغل عن ذلك حتى خرج، لم يكن عليه شي‌ء. فإذا أراد الخروج من مكّة، فليشتر بدرهم تمرا، وليتصدّق به، ليكون كفّارة لما دخل عليه في الإحرام، إن شاء الله.

باب فرائض الحج

فرائض الحجّ: الإحرام من الميقات، والتّلبيات الأربع، والطّواف بالبيت، إن كان متمتّعا، ثلاثة أطواف: طواف للعمرة، وطواف للزيارة، وطواف للنّساء، وإن كان قارنا أو مفردا، طوافان: طواف للحجّ، وطواف للنّساء، ويلزمه مع

٢٧١

كلّ طواف ركعتان عند المقام، وهما أيضا فرضان، والسّعي بين الصّفا والمروة، والوقوف بالموقفين: عرفات والمشعر الحرام وإن كان متمتّعا، كان الهدي أيضا واجبا عليه أو ما يقوم مقامه.

فمن ترك الإحرام متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا حتّى يجوز الميقات، كان عليه أن يرجع إليه، ويحرم منه، إذا تمكّن منه. فإن لم يتمكّن لضيق الوقت أو الخوف أو ما جرى مجراهما من أسباب الضّرورات، أحرم من موضعه وقد أجزأه. فإن كان قد دخل مكّة، وأمكنه الخروج الى خارج الحرم، فليخرج وليحرم منه. فإن لم يستطع ذلك، أحرم من موضعه.

ومن ترك التّلبية متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركها ناسيا، ثمَّ ذكر، فليجدّد التّلبية، وليس عليه شي‌ء.

ومن ترك طواف الزّيارة متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا، أعاد الطّواف أيّ وقت ذكره.

ومن ترك طواف النّساء متعمّدا، لم يبطل حجّة، إلّا أنّه لا تحلّ له النّساء، حتى يطوف عنه حسب ما قدّمناه. وركعتا الطّواف متى تركهما ناسيا، كان عليه قضاءهما حسب ما قدّمناه.

ومن ترك السّعي متعمّدا، فلا حجّ له. فإن تركه ناسيا،

٢٧٢

عليه قضاؤه حسب ما قدّمناه.

ومن ترك الوقوف بعرفات متعمّدا، أو بالمشعر الحرام، فلا حجّ له. فإن ترك الوقوف بعرفات ناسيا، كان عليه أن يعود، فيقف بها ما بينه وبين طلوع الفجر من يوم النّحر. فإن لم يذكر إلّا بعد طلوع الفجر، وكان قد وقف بالمشعر، فقد تمَّ حجّه، وليس عليه شي‌ء.

وإذا ورد الحاجّ ليلا، وعلم: أنّه مضى الى عرفات، وقف بها وإن كان قليلا، ثمَّ عاد الى المشعر الحرام قبل طلوع الشّمس، وجب عليه المضيّ إليها والوقوف بها، ثمَّ يجي‌ء إلى المشعر الحرام. فإن غلب على ظنّه أنّه إن مضى الى عرفات، لم يلحق المشعر قبل طلوع الشّمس، اقتصر على الوقوف بالمشعر، وقد تمَّ حجّه، وليس عليه شي‌ء.

ومن أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشّمس، فقد أدرك الحجّ. وإن أدركه بعد طلوع الشّمس، فقد فاته الحجّ.

ومن وقف بعرفات، ثمَّ قصد المشعر، فعاقه في الطّريق عائق، فلم يلحق الى قرب الزّوال، فقد تمَّ حجّه، ويقف قليلا بالمشعر ويمضي إلى منى. ومن لم يكن قد وقف بعرفات، وأدرك المشعر بعد طلوع الشّمس، فقد فاته الحجّ، لأنّه لم يلحق أحد الموقفين في وقته.

ومن فاته الحجّ، فليقم على إحرامه الى انقضاء أيّام

٢٧٣

التّشريق، ثمَّ يجي‌ء، فيطوف بالبيت، ويسعى بين الصّفا والمروة، ويجعل حجّته عمرة. وإن كان قد ساق معه هديا، فلينحره بمكّة وكان عليه الحجّ من قابل إن كانت حجته حجّة الإسلام. وإن كانت حجّة التّطوّع، كان بالخيار: إن شاء حجّ، وإن شاء لم يحجّ. ومن حضر المناسك كلّها ورتّبها في مواضعها. إلّا أنّه كان سكرانا، فلا حجّ له، وكان عليه الحجّ من قابل.

باب مناسك النساء في الحج والعمرة

قد بيّنّا فيما تقدّم من أن الحجّ واجب على النّساء كوجوبه على الرّجال. فمتى كانت المرأة لها زوج، فلا تخرج إلّا معه. فإن منعها زوجها من الخروج في حجّة الإسلام، جاز لها خلافه. ولتخرج، وتحجّ حجّة الإسلام. وإن أرادت أن تحجّ تطوّعا، فمنعها زوجها، فليس لها مخالفته.

وينبغي أن لا تخرج إلّا مع ذي محرم لها من أب أو أخ أو عمّ أو خال. فإن لم يكن لها أحد ممّن ذكرناه. جاز لها أن تخرج مع من تثق بدينه من المؤمنين.

وإذا كانت المرأة في عدّة الطّلاق، جاز لها أن تخرج في حجّة الإسلام، سواء كان للزّوج عليها رجعة أو لم تكن. وليس لها أن تخرج إذا كانت حجّتها تطوّعا، إلّا أن تكون العدّة

٢٧٤

لزوجها عليها فيها رجعة. فأمّا عدّة المتوفّى عنها زوجها، فلا بأس بها أن تخرج فيها الى الحجّ فرضا كان أو نفلا.

وإذا خرجت المرأة، وبلغت ميقات أهلها، فعليها أن تحرم منه، ولا تؤخره. فإن كانت حائضا، توضّأت وضوء الصّلاة واحتشت واستثفرت وأحرمت، إلّا أنها لا تصلّي ركعتي الإحرام فإن تركت الإحرام ظنّا منها أنّه لا يجوز لها ذلك، وجازت الميقات، كان عليها أن ترجع الى الميقات، فتحرم منه، إذا أمكنها ذلك. فإن لم يمكنها، أحرمت من موضعها. إذا لم تكن قد دخلت مكّة. فإن كانت قد دخلت مكّة، فلتخرج الى خارج الحرم، وتحرم من هناك. فإن لم يمكنها ذلك، أحرمت من موضعها، وليس عليها شي‌ء.

فإذا دخلت المرأة مكّة، وكانت متمتّعة، طافت بالبيت، وسعت بين الصّفا والمروة، وقصّرت. وقد أحلّت من كلّ ما أحرمت منه مثل الرّجل سواء.

فإن حاضت قبل الطّواف، انتظرت ما بينها وبين الوقت الذي تخرج الى عرفات. فإن طهرت، طافت وسعت. وإن لم تطهر، فقد مضت متعتها، وتكون حجّة مفردة، تقضي المناسك كلّها ثمَّ تعتمر بعد ذلك عمرة مبتولة. فإن طافت بالبيت ثلاثة أشواط ثمَّ حاضت، كان حكمها حكم من لم يطف. وإذا طافت أربعة أشواط، ثمَّ حاضت، قطعت الطّواف،

٢٧٥

وسعت بين الصّفا والمروة، وقصّرت، ثمَّ أحرمت بالحجّ، وقد تمّت متعتها.

فإذا فرغت من المناسك، وطهرت تمّمت الطّواف. وإن كانت قد طافت الطّواف كلّه، ولم تكن قد صلّت الرّكعتين عند المقام، فلتخرج من المسجد، ولتسع، وتعمل ما قدّمناه من الإحرام بالحجّ وقضاء المناسك، ثمَّ تقضي الرّكعتين إذا طهرت. وإذا طافت بالبيت بين الصّفا والمروة وقصّرت، ثمَّ أحرمت بالحجّ، وخافت أن يلحقها الحيض فيما بعد، فلا تتمكّن من طواف الزّيارة وطواف النّساء، فجائز لها أن تقدّم الطّوافين معا، والسّعي بين الصّفا والمروة، ثمَّ تخرج فتقضي المناسك كلّها، ثمَّ ترجع الى منزلها.

فإن كانت قد طافت طواف الزّيارة، وبقي عليها طواف النّساء، فلا تخرج من مكّة إلّا بعد أن تقضيه. وإن كانت قد طافت منه أربعة أشواط وأرادت الخروج، جاز لها أن تخرج وإن لم تتمّ الطّواف.

والمستحاضة لا بأس بها أن تطوف بالبيت، وتصلّي عند المقام، وتشهد المناسك كلّها، إذا فعلت ما تفعله المستحاضة. والفرق بينها وبين الحائض، أنّ الحائض لا يحلّ لها دخول المسجد، فلا تتمكّن من الطّواف، ولا يجوز لها أيضا الصّلاة، والطّواف لا بدّ فيه من الصّلاة، وليس هذا حكم المستحاضة.

٢٧٦

وإذا أرادت الحائض وداع البيت، فلا تدخل المسجد، ولتودّع من أدنى باب من أبواب المسجد، وتنصرف، إن شاء الله.

وإذا كانت المرأة عليلة لا تقدر على الطّواف، طيف بها، وتستلم الأركان والحجر. فإن كان عليها زحمة، فتكفيها الإشارة. ولا تزاحم الرّجال. وإن كان بها علّة تمنع من حملها والطّواف بها، طاف عنها وليّها، وليس عليها شي‌ء. وكذلك إذا كانت عليلة لا تعقل عند الإحرام، أحرم عنها وليّها، وجنّبها ما يجتنب المحرم، وقد تمَّ إحرامها. وليس على النّساء حلق ولا دخول البيت. فإن أرادت دخول البيت، فلتدخله إذا لم يكن هناك زحام. ولا يجوز للمستحاضة دخول البيت على حال.

باب من حج عن غيره

من وجب عليه الحجّ، لا يجوز له أن يحجّ عن غيره إلّا بعد أن يقضي حجّته التي وجبت عليه. فإذا قضاها، جاز له بعد ذلك أن يحجّ عن غيره. ومن ليس له مال يجب عليه الحجّ، جاز له أن يحجّ عن غيره. فإن تمكّن بعد ذلك من المال، كان عليه أن يحجّ عن نفسه، وقد أجزأت الحجّة التي حجّها عمّن حجّ عنه.

وينبغي لمن يحجّ عن غيره أن يذكره في المواضع كلّها،

٢٧٧

فيقول عند الإحرام: اللهمّ ما أصابني من تعب أو نصب أو لغوب فأجر فلان بن فلان، وأجرني في نيابتي عنه. وكذلك يذكره عند التّلبية والطّواف والسّعي وعند الموقفين وعند الذّبح وعند قضاء جميع المناسك، فإن لم يذكره في هذه المواضع، وكانت نيته الحجّ عنه، كان جائزا.

ومن أمر غيره أن يحجّ عنه متمتّعا، فليس له أن يحجّ عنه مفردا ولا قارنا. فإن حجّ عنه كذلك، لم يجزئه، وكان عليه الإعادة. وإن أمره أن يحجّ عنه مفردا أو قارنا، جاز له أن يحجّ عنه متمتّعا، لأنه يعدل الى ما هو الأفضل. ومن أمر غيره أن يحجّ عنه على طريق بعينها، جاز له أن يعدل عن ذلك الطّريق الى طريق آخر. وإذا أمره أن يحجّ عنه بنفسه، فليس له أن يأمر غيره بالنّيابة عنه. فإن جعل الأمر في ذلك اليه، جاز له أن يستنيب غيره فيه. وإذا أخذ حجة عن غيره، لا يجوز له أن يأخذ حجة أخرى، حتى يقضي التي أخذها.

وإذا حجّ عن غيره، فصدّ عن بعض الطّريق، كان عليه ممّا أخذه بمقدار ما بقي من الطّريق. اللهم إلّا أن يضمن الحجّ فيما يستأنف، ويتولّاه بنفسه.

فإن مات النّائب في الحجّ، وكان موته بعد الإحرام ودخول الحرم، فقد سقطت عنه عهدة الحجّ، وأجزأ عمّن حجّ عنه وإن مات قبل الإحرام ودخول الحرم، كان على ورثته، إن

٢٧٨

خلّف في أيديهم شيئا، مقدار ما بقي عليه من نفقة الطّريق. وإذا أخذ حجة، فأنفق ما أخذه في الطّريق من غير إسراف، واحتاج الى زيادة، كان على صاحب الحجّة أن يتمّمه استحبابا. فإن فضل من النّفقة شي‌ء، كان له، وليس لصاحب الحجّة الرّجوع عليه بالفضل. ولا يجوز للإنسان أن يطوف عن غيره وهو بمكّة، إلّا أن يكون الذي يطوف عنه مبطونا لا يقدر على الطّواف بنفسه، ولا يمكن حمله والطّواف به. وإن كان غائبا، جاز أن يطوف عنه.

وإذا حجّ الإنسان عن غيره من أخ له أو أب أو ذي قرابة أو مؤمن، فإن ثواب ذلك يصل الى من حجّ عنه من غير أن ينقض من ثوابه شي‌ء. وإذا حجّ الإنسان عمّن يجب عليه الحجّ بعد موته تطوّعا منه بذلك، فإنّه يسقط عن الميّت بذلك فرض الحجّ.

ومن كان عنده وديعة، فمات صاحبها، وله ورثة، ولم يكن قد حجّ حجّة الإسلام، جاز له أن يأخذ منها بقدر ما يحجّ عنه، ويردّ الباقي على ورثته، إذا غلب على ظنّه أنّ ورثته لا يقضون عنه حجّة الإسلام. فإن غلب على ظنّه أنّهم يتولّون القضاء عنه، فلا يجوز له أن يأخذ منها شيئا إلّا بأمرهم.

ولا بأس أن تحجّ المرأة عن الرّجل إذا كانت قد حجّت

٢٧٩

حجّة الإسلام، وكانت عارفة. وإذا لم تكن حجّت حجّة الإسلام، وكانت صرورة، لم يجز لها أن تحجّ عن غيرها على حال.

ولا يجوز لأحد أن يحجّ عن غيره إذا كان مخالفا له في الاعتقاد، اللهمّ إلّا أن يكون أباه، فإنّه يجوز له أن يحجّ عنه.

باب العمرة المفردة

العمرة فريضة مثل الحجّ، لا يجوز تركها. ومن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، سقط عنه فرضها. وإن لم يتمتّع، كان عليه أن يعتمر بعد انقضاء الحجّ، إن أراد، بعد انقضاء أيّام التّشريق، وإن شاء أخّرها إلى استقبال المحرّم. ومن دخل مكّة بالعمرة المفردة في غير أشهر الحجّ، لم يجز له أن يتمتّع بها الى الحجّ. فإن أراد التّمتّع كان عليه تجديد عمرة في أشهر الحجّ. وإن دخل مكّة بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ، جاز له أن يقضيها، ويخرج الى بلده أو أيّ موضع شاء. والأفضل له أن يقيم حتى يحجّ، ويجعلها متعة. وإذا دخلها بنيّة التّمتّع، لم يجز له أن يجعلها مفردة، وأن يخرج من مكّة، لأنّه صار مرتبطا بالحجّ. وأفضل العمرة ما كانت في رجب، وهي تلي الحجّ في الفضل.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793