النهاية الجزء ١

النهاية7%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الجزء ١ المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225199 / تحميل: 6338
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

( أحكام الصلاة )

الصلوات الواجبة في زمان غيبة امام العصر ـ عجل الله فرجه الشريف ـ خمسة انواع :

(1) الصلوات اليومية وتندرج فيها صلاة الجمعة كما سيأتي.

(2) صلاة الآيات.

(3) صلاة الطواف الواجب.

(4) الصلاة الواجبة بالاجارة والنذر ، والعهد واليمين ونحو ذلك.

(5) الصلاة على الميت ، وتضاف إلى هذه : الصلاة الفائتة عن الوالد فان ـ الأحوط وجوباً ـ ان يقضيها عنه ولده الأكبر على تفصيل يأتي في محله.

١٠١

( صلاة الجمعة )

وهي ركعتان كصلاة الصبح ، وتجب قبلها خطبتان يلقيهما الإمام ففي الأولى : منهما يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويوصي بتقوى الله ، ويقرأ سورة قصيرة من الكتاب العزيز ثم يجلس قليلاً ، وفي الثانية يقوم ويحمد الله ويثني عليه ويصلي على محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى أئمة المسلمين ـ والأحوط استحباباً ـ أن يضم إلى ذلك الاستغفار للمؤمنين والمؤمنات.

( مسألة 176 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ إتيان الحمد والصلاة من الخطبة باللغة العربية ، وأما غيرهما من أجزائها كالثناء على الله والوصية بالتقوى فيجوز إتيانها بغير العربية أيضاً ، بل ـ الأحوط لزوماً ـ فيما إذا كان أكثر الحضور غير عارفين باللغة العربية أن تكون الوصية بتقوى الله تعالى باللغة التي يفهمونها.

( مسألة 177 ) : صلاة الجمعة واجبة تخييراً ، ومعنى ذلك ان المكلف يوم الجمعة مخير بين الاتيان بصلاة الجمعة على النحو الذي تتوفر فيه شروطها الآتية ، وبين الاتيان بصلاة الظهر ولكن الإتيان بالجمعة أفضل ، فإذا أتى بها بشروطها أجزأت عن الظهر.

( مسألة 178 ) : تعتبر في صحة صلاة الجمعة الجماعة ، فلا تصح فرادى.

( مسألة 179 ) : يشترط في جماعة الجمعة عدد خاص وهو خمسة نفر

١٠٢

أحدهم الامام ، فلا تصح الجمعة ما لم يكن المجتمعون خمسة نفر من المسلمين أحدهم الإمام.

( مسألة 180 ) : يشترط في صحة صلاة الجمعة استجماعها للأمور الآتية المعتبرة في صلاة الجماعة ، ومنها ان يكون الإمام جامعاً لشروط الإمامة من العدالة وغيرها ، فلا تصح الجمعة إذا لم يكن الامام جامعاً للشروط.

( مسألة 181 ) : تعتبر في صحة الجمعة في بلد أن لا تكون المسافة بينها وبين جمعة اخرى اقل من فرسخ ( ½5 كم تقريباً ) ، فلو اقيمت جمعة اخرى فيما دون فرسخ بطلتا جميعاً إن كانتا مقترنتين زماناً ، وأما إذا كانت أحداهما سابقة على الاُخرى ولو بتكبيرة الاحرام صحت السابقة دون اللاحقة.

( مسألة 182 ) : اقامة الجمعة إنما تكون مانعة عن جمعة اخرى في تلك المسافة إذا كانت صحيحة وواجدة للشرائط ، وأما إذا لم تكن واجدة لها فلا تمنع عن ذلك.

( مسألة 183 ) : إذا اقيمت الجمعة في بلد واجدة للشرائط فإن كان من اقامها الامامعليه‌السلام أو من يمثله وجب الحضور فيها تعييناً ، وان كان غيره لم يجب الحضور ، بل يجوز الاتيان بصلاة الظهر ولو في اول وقتها.

( مسألة 184 ) : لا يجب الحضور على المرأة ولا على المسافر ـ وإن كانت وظيفته الاتمام ـ ولا على المريض ، ولا على الأعمى ، ولا على الشيخ الكبير ، ولا على من كان بينه وبين الجمعة اكثر من فرسخين ( 11 كم تقريباً ) ولا على من كان الحضور عليه حرجياً لمطر ، أو برد شديد ، أو نحوهما ، فهؤلاء جميعاً لا يجب عليهم الحضور في صلاة الجمعة حتى في فرض وجوبها تعييناً الذي تقدم بيانه في المسألة السابقة.

١٠٣

( النوافل اليومية )

يستحب التنفل في اليوم والليلة بأربع وثلاثين ركعة : ثمان ركعات لصلاة الظهر قبلها ، وثمان ركعات لصلاة العصر كذلك ، وأربع ركعات بعد صلاة المغرب ، وركعتان بعد صلاة العشاء من جلوس وتحسبان بركعة ، وثمان ركعات نافلة الليل ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بها بعد منتصف الليل والأفضل اداؤها قريباً من الفجر الصادق ، وركعتا الشفع بعد صلاة الليل ، وركعة الوتر بعد الشفع ، وركعتان نافلة الفجر قبل فريضته ، ولا يبعد ان يكون مبدأ وقتها مبدأ وقت صلاة الليل ـ بعد مضي مقدار يتمكن المكلف من الاتيان بها ـ ويمتد إلى قبيل طلوع الشمس.

( مسألة 185 ) : النوافل ركعتان ركعتان ـ إلاّ صلاة الوتر فإنها ركعة واحدة ويجوز الاتيان بها متصلة بالشفع أيضاً ـ ويستحب فيها القنوت ولكن يؤتى به في صلاة الشفع رجاءً ، ويجوز الاكتفاء فيها بقراءة الحمد من دون سورة ، كما يجوز الاكتفاء ببعض انواعها دون بعض ، بل يجوز الاقتصار في نوافل الليل على الشفع والوتر بل على الوتر خاصة ، وفي نافلة العصر على أربع ركعات بل ركعتين ، وإذا اريد التبعيض في غير هذه الموارد ـ فالأحوط لزوماً ـ الاتيان به بقصد القربة المطلقة حتى في الاقتصار في نافلة المغرب على ركعتين.

والأولى أن يقنت في صلاة الوتر بالدعاء الآتي : « لا إلهَ إلاّ اللهُ الحَليمُ

١٠٤

الكَريم ، لا إله إلاّ اللهُ العَليّ العَظيم ، سُبْحانَ اللهِ رَبِّ السمواتِ السَبْع ، وَربّ الأرضينَ السبع ، وَما فيهن وما بَيْنَهُنّ ، وَرَبُّ العَرش العَظيم ، والحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمين ، وصلّى الله على محمّد وآله الطاهرين » ، وان يدعو لأربعين مؤمناً ، وان يقول : « أَسْتَغْفِرُ اللهَ رَبّي وَأَتوبُ إليه » سبعين مرة ، وأن يقول : « هذا مَقامُ العائِذِ بِكَ مِنَ النّار » سبع مرات ، وأن يقول : « العفو » ثلاثمائة مرة.

( مسألة 186 ) : تسقط ـ في السفر ـ نوافل الظهر والعصر بل والعشاء أيضاً ، ولا تسقط بقية النوافل ، ويجوز أن يأتي بنافلة العشاء رجاءً.

( مسألة 187 ) : صلاة الغفيلة ركعتان ما بين فرضي المغرب والعشاء ، يقرأ في الركعة الأولى بعد سورة الحمد( وَذَا النّونِ إذْ ذَهَبَ مُغاضِباً فَظَنَّ أنْ لَنْ نَقْدِرَ عَليه ، فَنَادى في الظُّـلُماتِ اَنْ لا إلهَ إلاّ أنت سُبْحانَك إنّي كُنْتُ من الظّالِمين ،فَاسْتَجَبْنا لَهُ وَنَجّيْناهُ مِنَ الغَمّ وَكَذَلِكَ نُنْجي المُؤمِنين ) ويقرأ في الركعة الثانية بعد سورة الحمد( وَعِنْدَهُ مَفاتِحُ الغَيبِ لا يَعْلَمُها إلاّ هو ،وَيَعْلَمُ مَا في البَرِّ والبَحرِ ،وما تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إلاّ يَعْلَمُها ،ولا حَبّةٍ في ظُلُماتِ الأرضِ ،ولا رَطْبٍ ولا يابِسٍ إلاّ في كِتَابٍ مُبِين ) ثم يقنت فيقول : « اللّهُمَّ إنّي أَسْأَلُكَ بِمَفاتِحِ الغَيبِ التي لا يَعْلَمُها إلاّ أَنْتَ أنْ تُصلي عَلى مُحمد وَآل مُحمد » ويطلب حاجته ويقول : « اللّهم أنت وَليّ نِعْمَتي والقادِرُ على طَلِبَتي تَعْلَمُ حاجَتي فَاسألك بحق محمد وآله عليه وعليهم السلام لمّا قضيتها لي » ويجوز أن يأتي بهاتين الركعتين بقصد نافلة المغرب أيضاً فتجزى عنهما جميعاً.

١٠٥

( مقدمات الصلاة )

مقدمات الصلاة خمس :

1 ـ الوقت

( مسألة 188 ) : وقت صلاة الظهرين من زوال الشمس إلى الغروب ، وتختص صلاة الظهر من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص صلاة العصر من آخره بمقدار ادائها ، ولا تزاحم كل منهما الاُخرى وقت اختصاصها ، ولو صلى الظهر قبل الزوال معتقداً دخول الوقت ثم علم بدخوله وهو في الصلاة صحت صلاته ، وجاز له الاتيان بصلاة العصر بعدها وإن كان ـ الأحوط استحباباً ـ إتمامها وإعادتها.

( مسألة 189 ) : يعتبر الترتيب بين الصلاتين ، فلا يجوز تقديم العصر على الظهر عمداً ، نعم إذا صلى العصر قبل ان يأتي بالظهر لنسيان ونحوه صحت صلاته ، فإن التفت في اثناء الصلاة عدل بها إلى الظهر وأتم صلاته وإن التفت بعد الفراغ صحت عصراً وأتى بالظهر بعدها.

( مسألة 190 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تأخير صلاة الظهرين إلى سقوط قرص الشمس ، نعم مع الشك في سقوط القرص واحتمال اختفائه بالأبنية ونحوها يجوز التأخير والاتيان بهما قبل زوال الحمرة المشرقية.

( مسألة 191 ) : وقت صلاة العشاءين للمختار من أول المغرب إلى نصف الليل ( منتصف ما بين غروب الشمس والفجر ) وتختص صلاة

١٠٦

المغرب من أوله بمقدار أدائها ، كما تختص العشاء من آخره بمقدار أدائها نظير ما تقدم في الظهرين ، وأما المضطر لنوم أو نسيان ، أو حيض أو غيرها فيمتد وقتهما له إلى الفجر ، وتختص العشاء من آخره بمقدار أدائها ، ويعتبر الترتيب بينهما ، ولكنه لو صلى العشاء قبل أن يصلي المغرب لنسيان ونحوه ولم يتذكر حتى فرغ منها صحت صلاته ، وأتى بصلاة المغرب بعدها ولو كان في الوقت المختص بالعشاء.

( مسألة 192 ) : لا يجوز تقديم صلاة المغرب على زوال الحمرة المشرقية عند الشك في سقوط قرص الشمس واحتمال استتاره بحاجب كالجبال ، والأبنية والأشجار بل ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقديمها عليه حتى مع العلم بسقوط القرص ، والأولى عدم تأخيرها عن ذهاب الشفق وهو الحمرة المغربية.

( مسألة 193 ) : إذا دخل في صلاة العشاء ، ثم تذكر انه لم يصلّ المغرب عدل بها إلى صلاة المغرب إذا كان تذكره قبل ان يدخل في ركوع الركعة الرابعة ، وإذا كان تذكره بعده صحت صلاته عشاءً ويأتي بعدها بصلاة المغرب ، وقد مرّ آنفاً حكم التذكر بعد الصلاة.

( مسألة 194 ) : إذا لم يصل صلاة المغرب أو العشاء إختياراً حتى انتصف الليل ـ فالأحوط وجوباً ـ ان يصليها قبل أن يطلع الفجر بقصد ما في الذمة ، من دون نية الأداء أو القضاء ، ومع ضيق الوقت يأتي بالعشاء ثم يقضيها بعد قضاء المغرب ـ احتياطاً وجوبياً ـ.

( مسألة 195 ) : وقت صلاة الفجر من الفجر إلى طلوع الشمس ، ويعرف الفجر باعتراض البياض في الاُفق المتزايد وضوحاً وجلاءً ويسمى بالفجر الصادق.

١٠٧

( مسألة 196 ) : وقت صلاة الجمعة أول الزوال عرفاً من يوم الجمعة ، ولو لم يصلها في هذا الوقت لزمه الاتيان بصلاة الظهر.

( مسألة 197 ) : يعتبر في جواز الدخول في الصلاة ان يستيقن بدخول الوقت ، أو تقوم به البينة ، ويجتزأ بالاطمينان الحاصل من اذان الثقة العارف بالوقت ، أو من اخباره أو من سائر المناشىء العقلائية ، ولا يكتفى بالظن وان كان للمكلف مانع شخصي عن معرفة الوقت ، كالعمى والحبس ، بل وان كان المانع نوعياً ـ كالغيم ـ على ـ الأحوط لزوماً ـ فلا بد في الحالتين من تأخير الصلاة إلى حين الاطمينان لدخول الوقت.

( مسألة 198 ) : إذا صلى معتقداً دخول الوقت بأحد الأمور المذكورة ثم انكشف له أنّ الصلاة وقعت بتمامها خارج الوقت بطلت صلاته ، نعم إذا علم أنّ الوقت قد دخل وهو في الصلاة صحت صلاته ، وإذا صلى غافلاً وتبين دخول الوقت في الأثناء لم تصح ولزمه اعادتها.

( مسألة 199 ) : لا يجوز تأخير الصلاة عن وقتها اختياراً ، ولا بد من الاتيان بجميعها في الوقت ، ولكنه لو أخرها عصياناً أو نسياناً حتى ضاق الوقت وتمكن من الاتيان بها فيه ولو بركعة وجبت المبادرة إليها وكانت الصلاة اداءً.

( مسألة 200 ) : يجوز التنفّل في وقت الفريضة ـ والأحوط الأولى ـ الاتيان بالفريضة أوّلاً في غير النوافل اليومية السابقة على الفريضة.

2 ـ القبلة وأحكامها

( مسألة 201 ) : يجب استقبال القبلة مع الإمكان في جميع الفرائض

١٠٨

وتوابعها من الأجزاء المنسية ، وصلاة الاحتياط ، دون سجدتي السهو ، وأما النوافل فلا يعتبر فيها الاستقبال حال المشي أو الركوب ـ والأحوط وجوباً ـ اعتباره فيها حال الاستقرار ، والقبلة هي المكان الواقع فيه البيت الشريف ويتحقق استقباله بمحاذاة عينه مع التمكن من تمييزها ، والمحاذاة العرفية عند عدم التمكن من ذلك.

( مسألة 202 ) : ما كان من الصلوات واجبة زمان حضور الامامعليه‌السلام كصلاة العيدين يعتبر فيها استقبال القبلة وان كانت مستحبة فعلاً ، وأما ما عرض عليه الوجوب بنذر وشبهه فلا يعتبر فيه الاستقبال حال المشي والركوب.

( مسألة 203 ) : يجب العلم باستقبال القبلة ، وتقوم البينة مقامه إذا كانت مستندة إلى المبادىء الحسية أو ما بحكمها ، كالاعتماد على الآلات المستحدثة لتعيين القبلة ، والظاهر حجيّة قول الثقة من أهل الخبرة في تعيين القبلة ، وان لم يفد الظن حتى مع التمكن من تحصيل العلم بها ، ومع عدم التمكن من تحصيل العلم أو ما بحكمه يجب ان يبذل المكلف جهده في معرفتها ويعمل على ما يحصل له من الظن ، ومع عدم التمكن منه أيضاً يجزئ التوجه إلى ما يحتمل وجود القبلة فيه ـ والأحوط استحباباً ـ ان يصلي إلى أربع جهات.

( مسألة 204 ) : إذا ثبت له بوجه شرعي ان القبلة في جهة فصلى إليها ، ثم إنكشف له الخلاف فان كان انحرافه عنها لم يبلغ حد اليمين أو اليسار توجه إلى القبلة وأتم صلاته فيما إذا كان الانكشاف اثناء الصلاة ، وإذا كان بعد الفراغ منها لم تجب الاعادة ، وأما إذا بلغ الانحراف حد اليمين أو اليسار أو كانت صلاته إلى دبر القبلة ، فان كان الانكشاف قبل مضي الوقت أعادها ،

١٠٩

ولا يجب القضاء إذا انكشف الحال بعد مضي الوقت وان كان ـ أحوط استحباباً ـ.

3 ـ الطهارة في الصلاة

( مسألة 205 ) : تعتبر في الصلاة طهارة ظاهر البدن حتى الظفر والشعر وطهارة اللباس ، نعم لا بأس بنجاسة ما لا تتم فيه الصلاة من اللباس كالقلنسوة ، والتكة ، والجورب ، بشرط أن لا يكون متخذاً من الميتة النجسة ، ولا نجس العين ، كالكلب على ـ الأحوط وجوباً ـ ولا بأس بحمل النجس والمتنجس في الصلاة كان يضع منديله المتنجس في جيبه.

( مسألة 206 ) : لا بأس بنجاسة البدن أو اللباس من دم القروح أو الجروح قبل البرء ، ولا سيما إذا كان التطهير أو التبديل حرجياً نوعاً ، نعم يعتبر في الجرح أن يكون مما يعتد به وله ثبات واستقرار ، وأما الجروح الجزئية فيجب تطهيرها إلاّ فيما سيأتي.

( مسألة 207 ) : لا بأس بالصلاة في الدم إذا كان اقل من الدرهم ـ أي ما يساوي عقد الابهام ـ بلا فرق بين اللباس والبدن ، ولا بين اقسام الدم ، ويستثنى من ذلك دم الحيض ، ويلحق به ـ على الأحوط لزوماً ـ دم نجس العين والميتة والسباع ، بل مطلق غير مأكول اللحم ، ودم النفاس والاستحاضة فلا يعفى عن قليلها أيضاً ، وإذا شك في دم انه أقل من الدرهم أم لا بنى على العفو عنه ، إلاّ إذا كان مسبوقاً بالأكثرية عن المقدار المعفو عنه ، وإذا علم انه اقل من الدرهم وشك في كونه من الدماء المذكورة المستثناة فلا بأس بالصلاة فيه.

١١٠

( مسألة 208 ) : إذا صلى جاهلاً بنجاسة البدن أو اللباس ، ثم علم بها بعد الفراغ منها صحت صلاته إذا لم يكن شاكاً فيها قبل الصلاة ، أو شك وفحص ولم يحصل له العلم بها ، وأما الشاك غير المتفحص ـ فالأحوط لزوماً ـ فيما إذا وجد النجاسة بعد الصلاة ان يعيدها في الوقت ويقضيها في خارجه ، وإذا علم بالنجاسة في الأثناء فان احتمل حدوثها بعد الدخول في الصلاة وتمكن من التجنب عنها بالتبديل أو التطهير ، أو النزع على نحو لا ينافي الصلاة فعل ذلك وأتم صلاته ولا شيء عليه ، وان لم يتمكن منه فان كان الوقت واسعاً استأنف الصلاة على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان ضيقاً اتمها مع النجاسة ولا شيء عليه ، وإن علم ان النجاسة كانت قبل الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ استينافها مع سعة الوقت ، وأما مع ضيقه حتى عن ادراك ركعة فإن أمكن التجنب عن النجاسة بالتبديل أو التطهير أو النزع ، من غير لزوم المنافي فعل ذلك واتم الصلاة ، وإلاّ صلى معها وتصح صلاته.

( مسألة 209 ) : إذا علم بنجاسة البدن أو اللباس فنسيها وصلى ، فان كان نسيانه ناشئاً عن الاهمال وعدم التحفظ ـ فالأحوط لزوماً ـ أن يعيد الصلاة ، سواءً تذكر في اثنائها أم بعد الفراغ منها ، وهكذا لو تذكر بعد مضي الوقت ، وأما إذا لم يكن منشأ نسيانه الاهمال فحكمه حكم الجاهل بالموضوع وقد تقدم في المسألة السابقة.

( مسألة 210 ) : تجب في الصلاة الطهارة من الحدث بالوضوء أو الغسل أو التيمم ، وقد مرّ تفصيل ذلك في مسائل الوضوء والغسل والتيمم.

4 ـ مكان المصلي

( مسألة 211 ) : يعتبر في مكان المصلي اباحته ، فلا تصح الصلاة في

١١١

المكان المغصوب على ـ الأحوط لزوماً ـ وان كان الركوع والسجود بالإيماء ، ويختص هذا الحكم بالعالم العامد ، فلو صلى من المغصوب غافلاً أو جاهلاً بغصبيته ، أو ناسياً لها ولم يكن هو الغاصب صحت صلاته.

( مسألة 212 ) : إذا أوصى الميت بصرف الثلث من تركته في مصرف ما وعيّن الثلث من دار أو بستان أو دكان ونحوها لم يجز التصرف فيه قبل اخراج الثلث ، فلا يجوز الوضوء أو الغسل ، أو الصلاة في ذلك المكان.

( مسألة 213 ) : إذا كان الميت مشغول الذمة بدين أو زكاة أو نحوهما من الحقوق المالية ـ عدا الخمس ـ لم يجز التصرف في تركته بما ينافي أداء الحق منها ، سواء أكان مستوعباً لها أم لا ، وأما التصرف بمثل الصلاة في داره فالظاهر جوازه باذن الورثة. وإذا كان مشغول الذمة بالخمس فان كان ممن يدفع الخمس جرى عليه ما تقدم ، وان كان ممن لا يدفعه ـ عصياناً أو اعتقاداً منه بعدم وجوبه ـ لم يجب على وارثه المؤمن ابراء ذمته وجاز له التصرف في التركة.

( مسألة 214 ) : لا تجوز الصلاة ولا سائر التصرفات في مال الغير إلاّ برضاه وطيب نفسه ، وهو يستكشف بوجوه :

(1) الإذن الصريح من المالك.

(2) الإذن بالفحوى ، فلو أذن له بالتصرف في داره ـ مثلاً ـ بالجلوس والأكل والشرب والنوم فيها ، وقطع بكونه ملازماً للاذن بالصلاة جاز له أن يصلي فيها ، وان لم يأذن للصلاة صريحاً.

(3) شاهد الحال ، وذلك بأن تدل القرائن على رضا المالك بالتصرف في ماله ولو لم يكن ملتفتاً إليه فعلاً لنوم أو غفلة بحيث يعلم او يطمأن بانّه

١١٢

لو التفت لأذن.

( مسألة 215 ) : لا بأس بالصلاة في الأراضي المتسعة اتساعاً عظيماً ، كما لا بأس بالوضوء من مائها وان لم يعلم رضا المالك به ، بل وان علم كراهته ـ سواء أكان كاملاً أم قاصراً ، صغيراً أم مجنوناً ـ وبحكمها أيضاً الأراضي غير المحجبة كالبساتين التي لا سور لها ولا حجاب فيجوز الدخول إليها والصلاة فيها وإن لم يعلم رضا المالك ، نعم إذا علم كراهته أو كان قاصراً ـ فالأحوط لزوماً ـ الاجتناب عنها ، ولا بأس أيضاً بالصلاة في البيوت المذكورة في القرآن والأكل منها ما لم يحرز كراهة المالك ، وتلك البيوت بيوت الأب والأم ، والأخ والاخت ، والعم والعمة ، والخال والخالة والصديق ، والبيت الذي يكون مفتاحه بيد الانسان.

( مسألة 216 ) : الأرض المفروشة لا تجوز الصلاة عليها إذا كان الفرش أو الأرض مغصوباً ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 217 ) : الأرض المشتركة لا تجوز فيها الصلاة ولا سائر التصرفات ، إذا لم يأذن جميع الشركاء ، ولو صلى بطلت على ـ الأحوط لزوماً ـ.

( مسألة 218 ) : العبرة في الأرض المستأجرة باجازة المستأجر دون المؤجر.

( مسألة 219 ) : إذا كانت الأرض المملوكة متعلقة لحق الغير وكان الحق مما ينافيه مطلق التصرف في متعلقه حتى بمثل الصلاة فيه ـ كحق السكنى ـ فلا بد في جواز التصرف فيها من اجازة المالك وذي الحق معاً.

( مسألة 220 ) : المحبوس في الأرض المغصوبة ـ إذا لم يتمكن من

١١٣

التخلص من دون ضرر أو حرج ـ تصح صلاته فيها ، ويصلي صلاة المختار إذا لم تستلزم تصرفاً زائداً على الكون فيها على الوجه المتعارف ، وإلاّ صلى بما يمكنه من دون تصرف زائد.

( مسألة 221 ) : يعتبر في مكان المصلي ان لا يكون نجساً على نحو تسري النجاسة منه إلى اللباس أو البدن نجاسة غير معفو عنها ، ومع عدم السراية كذلك لا بأس بالصلاة عليها ، نعم تعتبر الطهارة في مسجد الجبهة كما سيأتي.

( مسألة 222 ) : لا يجوز استدبار قبور المعصومين : في حال الصلاة وغيرها إذا عدّ هتكاً لحرمتهم واساءة للأدب معهم.

( مسألة 223 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ عدم تقدم المرأة على الرجل ولا محاذاتهما في الصلاة في مكان واحد فيلزم ، تأخرها عنه ـ ولو بمقدار يكون مسجد جبهتها محاذياً لركبتيه في حال السجود ـ أو يكون بينهما حائل ، أو مسافة أكثر من عشرة اذرع بذراع اليد ( ½4 متراً تقريباً ).

( مسألة 224 ) : تستحب الصلاة في المساجد للرجال والنساء ، وان كان الأفضل للمرأة ان تختار الصلاة في المكان الأستر حتى في بيتها.

5 ـ لباس المصلي

( مسألة 225 ) : يعتبر في الصلاة ستر العورة ، وهي في الرجل القبل ( القضيب والبيضتان ) والدبر ، وفي المرأة جميع بدنها غير الوجه ـ بالمقدار الذي لا يستره الخمار عادة مع ضربه على الجيب ـ واليدين إلى الزند ، والرجلين إلى أول جزء من الساق ، ولا يعتبر ستر الرأس وشعره والرقبة في

١١٤

صلاة غير البالغة.

( مسألة 226 ) : يكفي في الساتر الصلاتي في حال الإختيار مطلق ما يخرج المصلي عن كونه عارياً ، كالورق والحشيش ، والقطن والصوف غير المنسوجين ، بل الطين إذا كان من الكثرة بحيث لا يصدق معه كون المصلي عارياً ، وأما في حال الاضطرار فيجزي التلطخ بالطين ونحوه.

( مسألة 227 ) : إذا انكشف له اثناء الصلاة ان عورته لم تستر فعلاً وجبت المبادرة إلى سترها ـ مع عدم الاشتغال بشيء من الصلاة في حال الانكشاف على ـ الأحوط لزوماً ـ وتصح صلاته ، كما تصح أيضاً إذا كان الانكشاف بعد الفراغ من الصلاة.

( مسألة 228 ) : إذا لم يتمكن المصلي من الساتر بوجه فإن تمكن من الصلاة قائماً مع الركوع والسجود بحيث لا تبدو سوأته للغير المميِّز ـ إما لعدم وجوده أو لظلمة ـ أو نحوها ـ اتى بها كذلك ، ولو اقتضى التحفظ على عدم بدوّ سوءته ترك القيام والركوع والسجود صلى جالساً مومياً ، ولو اقتضى ترك واحد من الثلاثة تركه واتى ببدله فيومي بالرأس بدلاً عن الركوع والسجود ، ويجلس بدلاً عن القيام ، ـ والأحوط لزوماً ـ للعاري ستر السوأتين ببعض اعضائه كاليد في حال القيام ، والفخذين في حال الجلوس.

١١٥

( شروط لباس المصلي )

يشترط في لباس المصلي أمور :

( الأوّل ) : الطهارة وقد مرّ تفصيله في المسألة (205) وما بعدها.

( الثاني ) : اباحته على ـ الأحوط لزوماً ـ فيما كان ساتراً للعورة فعلاً واستحباباً في غيره.

( مسألة 229 ) : إذا صلى في ثوب جاهلاً بغصبيته ثم انكشف له ذلك صحت صلاته ، وكذلك إذا كان ناسياً وتذكر بعد الصلاة إذا لم يكن هو الغاصب وإلاّ ـ فالأحوط وجوباً ـ إعادتها.

( مسألة 230 ) : إذا اشترى ثوباً بما فيه الخمس كان حكمه حكم المغصوب ، وأما إذا اشترى بما فيه حق الزكاة فلا يلحقه حكمه كما سيأتي في المسألة (551).

( الثالث ) : أن لا يكون من اجزاء الميتة التي تحلها الحياة من دون فرق بين ما تتم الصلاة فيه وما لا تتم فيه الصلاة على الأحوط وجوباً ، ويختص هذا الحكم بالميتة النجسة وان كان ـ الأحوط الأولى ـ الاجتناب عن الميتة الطاهرة أيضاً ، وأما ما لا تحله الحياة من ميتة حيوان يحل أكل لحمه ـ كالشعر والصوف ـ فلا بأس بالصلاة فيه.

( مسألة 231 ) : يجوز حمل ما تحله الحياة من اجزاء الميتة النجسة في الصلاة وان كان ملبوساً ، كأن يضع الثوب المتخذ من جلد الميتة في جيبه.

١١٦

( مسألة 232 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد المسلم يحكم عليه بالتذكية ويجوز اكله بشرط اقترانها بما يقتضي تصرفه فيه تصرفاً يناسب التذكية ، وفي حكم المأخوذ من يد المسلم ما صنع في أرض غلب فيها المسلمون ، وما يوجد في سوق المسلمين إذا لم يعلم ان المأخوذ منه غير مسلم ، وأما ما يوجد مطروحاً في أرضهم فيحكم بطهارته ولا يحكم بحليته على ـ الأحوط لزوماً ـ إلاّ مع الاطمينان بسبق احد الأمور الثلاثة.

( مسألة 233 ) : اللحم أو الجلد ونحوهما المأخوذ من يد الكافر أو المجهول إسلامه ، وما وجد في بلاد الكفر ، وما اخذ من يد المسلم مما علم انه قد أخذه من يد الكافر ولم يحرز تذكيته لا يجوز أكله ، ولكن يجوز بيعه ويحكم بطهارته وبجواز الصلاة فيه إذا احتمل ان يكون مأخوذاً من الحيوان المذكى.

( مسألة 234 ) : تجوز الصلاة في ما لم يحرز انه جلد حيوان ، وان اخذ من يد الكافر.

( مسألة 235 ) : إذا صلى في ثوب ثم علم بعد الصلاة أنه كان متخذاً من الميتة النجسة صحت صلاته ، إلاّ اذا كان شاكاً ولم يفحص قبل الدخول في الصلاة حسبما تقدم في المسألة (208) ، واما إذا نسي ذلك وتذكره بعد الصلاة ـ فالأحوط لزوماً ـ إعادتها ـ سواء أكان الثوب مما تتم فيه الصلاة أم لا ـ إذا كان نسيانه ناشئاً من اهماله وعدم تحفظه وإلاّ فلا شيء عليه.

( الرابع ) : ان لا يكون من اجزاء السباع ، بل مطلق ما لا يؤكل لحمه من الحيوان على ـ الأحوط وجوباً ـ ويختص المنع بما تتم الصلاة فيه وان كان الاجتناب عن غيره أيضاً ـ أحوط استحباباً ـ وتجوز الصلاة في جلد

١١٧

الخز والسنجاب ووبرهما وإن كانا من غير مأكول اللحم.

( مسألة 236 ) : لا بأس بالصلاة في شعر الانسان ، سواء أكان من نفس المصلي أو من غيره.

( مسألة 237 ) : لا بأس بالصلاة في الشمع والعسل ، والحرير غير الخالص ودم البق والبرغوث والقمل ونحوها من الحيوانات التي لا لحم لها.

( مسألة 238 ) : لا بأس بالصلاة في ما يحتمل انه من غير مأكول اللحم ، وكذلك ما لا يعلم انه من أجزاء الحيوان. وما لا يعلم كون الحيوان المتخذ منه ذا لحم عرفاً.

( مسألة 239 ) : إذا صلى في ما لا يؤكل لحمه جهلاً أو نسياناً حتى فرغ من الصلاة صحت صلاته إلاّ إذا كان جاهلاً بالحكم عن تقصير فانه تجب عليه الاعادة.

( الخامس ) : ان لا يكون لباس الرجل من الذهب الخالص ، أو المغشوش دون الممّوه والمطّلي الذي يعد الذهب فيه لوناً محضاً ، والمراد باللباس هنا كل ما يطلق على استعماله عنوان ( اللبس ) عرفاً وان لم يكن من الثياب كالخاتم والزناجير المعلقة ، والساعة اليدوية ، نعم لا بأس بحمل الذهب في الصلاة ، ومن هذا القبيل حمل الساعة الذهبية الجيبية.

( مسألة 240 ) : يحرم لبس الذهب للرجال في غير حال الصلاة أيضاً ، والأحوط لزوماً ترك التزيُّن به مطلقاً حتى فيما لا يطلق عليه اللبس عرفاً كجعل ازرار اللباس من الذهب ، أو جعل مقدم الاسنان منه ، نعم لا بأس بشدها به أو جعل الأسنان الداخلية منه.

١١٨

( مسألة 241 ) : إذا شك في فلزّ ولم يعلم انه من الذهب جاز لبسه في نفسه ولا يضر بالصلاة.

( مسألة 242 ) : لا فرق في حرمة لبس الذهب وابطاله الصلاة بين أن يكون ظاهراً أو لا.

( مسألة 243 ) : إذا صلى في فلزّ لم يعلم انه من الذهب أو نسيه ثم التفت إليه بعد الصلاة صحت صلاته.

( السادس ) : ان لا يكون لباس الرجل الذي تتم فيه الصلاة من الحرير الخالص ، وأما إذا امتزج بغيره ولم يصدق عليه الحرير الخالص جاز لبسه والصلاة فيه.

( مسألة 244 ) : لا بأس بأن يكون سجاف الثوب ونحوه من الحرير الخالص ـ والأحوط استحباباً ـ ان لا يزيد عرضه على أربعة اصابع مضمومة.

( مسألة 245 ) : لا بأس بحمل الحرير في الصلاة ، وان كان مما تتم الصلاة فيه.

( مسألة 246 ) : لا يجوز للرجال لبس الحرير الخالص في غير حال الصلاة أيضاً ، نعم لا بأس به في الحرب والضرورة والحرج كالبرد والمرض ونحوهما ، وفي هذه الموارد تجوز الصلاة فيه أيضاً.

( مسألة 247 ) : إذا صلى في الحرير جهلاً أو نسياناً ، ثم انكشف له الحال بعد الصلاة صحت صلاته.

( مسألة 248 ) : إذا شك في لباس ولم يعلم انه من الحرير ، جاز لبسه والصلاة فيه.

١١٩

( مسألة 249 ) : تختص حرمة لبس الذهب والحرير بالرجال ـ كما تقدم ـ ولا بأس به للنساء في الصلاة وفي غيرها ، وكذلك الأطفال الذكور فيجوز للولي ان يلبسهم الذهب والحرير وتصح صلاتهم فيهما.

( مسألة 250 ) : يحرم لبس لباس الشهرة ، وهو اللباس الذي يظهر المؤمن في شنعة وقباحة وفظاعة عند الناس ، لحرمة هتك المؤمن نفسه واذلاله اياها.

( مسألة 251 ) : ـ الأحوط وجوباً ـ ان لا يتزيّ اي من الرجل والمرأة بزيّ الآخر في اللباس ، وأما لبس الرجل بعض ملابس المرأة لغرض آخر ـ وكذا العكس ـ فلا بأس به ، وفيما إذا حرم اللبس لم يضر بصحة الصلاة مطلقاً وإن كان ساتراً له حالها.

( مسألة 252 ) : إذا انحصر لباس المصلي بالمغصوب أو الحرير ، أو الذهب أو السباع صلى عارياً ، وإذا انحصر بما عدا السباع من غير مأكول اللحم من الحيوان ـ فالأحوط وجوباً ـ الجمع بين الصلاة فيه والصلاة عارياً ، وإذا انحصر في النجس جاز الصلاة فيه.

( مسألة 253 ) : ـ الأحوط لزوماً ـ تأخير الصلاة عن أول الوقت إذا لم يكن عنده ساتر واحتمل حصوله عليه في آخر الوقت ، أما لو يئس عن حصوله عليه فله ان يصلي عارياً ولا تلزمه اعادتها لو صادف فحصل على الساتر في الوقت.

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

ليسلّمه الى صاحب الأمر إذا ظهر، أو يوصّي به حسب ما وصي به إليه الى أن يصل الى صاحب الأمر.

وقال قوم: يجب دفنه لأنّ الأرضين تخرج كنوزها عند قيام القائم.

وقال قوم: يجب أن يقسم الخمس ستّة أقسام: فثلاثة أقسام للإمام يدفن أو يودع عند من يوثق بأمانته. والثلاثة أقسام الأخر يفرّق على مستحقّيه من أيتام آل محمّد ومساكينهم وأبناء سبيلهم.

وهذا ممّا ينبغي أن يكون العمل عليه، لأنّ هذه الثلاثة أقسام مستحقّها ظاهر، وإن كان المتولّي لتفريق ذلك فيهم، ليس بظاهر، كما أنّ مستحقّ الزّكاة ظاهر، وإن كان المتولّي لقبضها وتقريقها ليس بظاهر. ولا أحد يقول في الزّكاة: إنّه لا يجوز تسليمها الى مستحقّيها.

ولو أنّ إنسانا استعمل الاحتياط، وعمل على أحد الأقوال المقدّم ذكرها من الدّفن أو الوصاة لم يكن مأثوما. فأمّا التصرّف فيه على ما تضمّنه القول الأوّل، فهو ضدّ الاحتياط، والأولى اجتنابه حسب ما قدّمناه

٢٠١

كتاب الحج

باب وجوب الحج ومن يجب عليه وكيفية وجوبه

الحجّ فريضة على كلّ حرّ بالغ مكلّف مستطيع للحجّ رجلا كان أو امرأة.

ذكرنا كونه بالغا، لأنّ من ليس ببالغ من الرّجال ومن النّساء، لا يجب عليه الحج، فإن حجّ، وهو غير بالغ، أو حجّ به غيره وهو طفل، لم يجزأه ذلك من حجّة الإسلام، وكان عليه الإعادة بعد البلوغ.

وذكرنا كونه حرّا، لأنّ العبد لا يجب عليه الحج. فان حجّ في حال العبوديّة، ثمَّ أعتق بعد ذلك لم يجزأه ذلك عن حجّة الإسلام، وكانت عليه الإعادة، وسواء كانت الحجّة التي حجّها بإذن مولاه أو بغير إذنه، اللهم إلّا أن يلحقه العتاق قبل أن يفوته الوقوف بأحد الموقفين. فإن أدرك أحد الموقفين بعد العتق، فقد أجزأه عن حجّة الإسلام.

وذكرنا كونه مكلّفا، لأنّ من ليس بمكلّف من المجانين وغيرهم، لا تقع حجّتهم الموقع الصّحيح، ولا تجزي عنهم،

٢٠٢

وكانت الحجّة في ذمّتهم إن عادوا الى حال الصّحة وكمال العقل.

وذكرنا كونه مستطيعا، لأنّ من ليس بمستطيع لا يجب عليه الحج.

والاستطاعة هي الزّاد والرّاحلة والرّجوع الى كفاية وتخلية السّرب من جميع الموانع. فإن ملك الزّاد والرّاحلة، ولم يكن معه غيره، لم يجب عليه الحج. اللهم إلّا أن يكون صاحب حرفة وصناعة يرجع إليها، ويمكنه أن يتعيّش بها.

فان حصلت الاستطاعة، ومنعه من الخروج مانع من سلطان أو عدو أو مرض، ولم يتمكّن من الخروج بنفسه، كان عليه أن يخرج رجلا يحج عنه. فإذا زالت عنه بعد ذلك الموانع، كان عليه إعادة الحجّ. لأن الذي أخرجه إنّما كان يجب عليه في ماله، وهذا يلزمه على بدنه وماله. وإن لم تزل الموانع عنه، وأدركه الموت، كان ذلك مجزيا عنه.

فان لم يخرج أحدا عنه، والحال هذه، أو يكون متمكّنا من الخروج فلا يخرج، وأدركه الموت، وجب أن يخرج منه من صلب ماله، وما بقي بعد ذلك يكون ميراثا. فإن لم يخلّف إلّا قدر ما يحجّ به عنه، وكانت الحجّة قد وجبت عليه قبل ذلك، وجب أن يحجّ به عنه. وكذلك الحكم إذا ترك قدر ما يحجّ به من بعض المواقيت، وجب أيضا أن يحجّ عنه من ذلك الموضع. وإن خلّف قدر ما يحجّ به عنه، أو أقلّ من ذلك، ولم

٢٠٣

يكن قد وجب عليه الحجّ قبل ذلك، كان ميراثا لورثته.

ومن لم يملك الاستطاعة، وكان له ولد له مال، وجب عليه أن يأخذ من مال ابنه قدر ما يحجّ به على الاقتصاد، ويحج. فان لم يكن له ولد، وعرض عليه بعض إخوانه ما يحتاج اليه من مئونة الطّريق، وجب عليه أيضا الحج.

ومن ليس معه مال، وحجّ به بعض إخوانه، فقد أجزأه ذلك عن حجّة الإسلام، وإن أيسر بعد ذلك، إلا أنه يستحبّ له أن يحجّ بعد يساره، فإنّه أفضل. ومن فقد الاستطاعة أصلا، وكان متمكّنا من المشي، كان عليه الحجّ استحبابا مؤكّدا. وكذلك إن كان معه من النّفقة ما يركب بعضا ويمشي بعضا، يستحبّ له أن يخرج أيضا الى الحجّ. وإن خرج وتسكّع في الطّريق حتى يحج، كان ذلك أيضا جائزا، إلا أنه متى حجّ والحال على ما وصفناه، ثمَّ وجد بعد ذلك المال، كان عليه إعادة الحج.

ومتى كان الرجل مستطيعا للزّاد والرّاحلة، وأراد أن يحجّ ماشيا، فإن كان ذلك لا يضعفه، ولا يمنعه من أداء الفرائض، كان المشي أفضل له من الرّكوب. وإن أضعفه ذلك عن إقامة الفرائض، كان الرّكوب أفضل له.

ومتى عدم الرّجل الاستطاعة، جاز له أن يحجّ عن غيره، وإن كان صرورة لم يحجّ بعد حجّة الإسلام، وتكون الحجّة

٢٠٤

مجزأة عمّن يحجّ عنه. وهو إذا أيسر بعد ذلك، كان عليه إعادة الحج.

ومتى نذر الرّجل أن يحجّ لله تعالى، وجب عليه الوفاء به. فإن حجّ الذي نذر، ولم يكن قد حجّ حجّة الإسلام فقد أجزأت حجّته عن حجّة الإسلام. وإن خرج بعد النّذر بنيّة حجّة الإسلام، لم يجزئه عن الحجّة التي نذر بها، وكانت في ذمّته. ومن نذر أن يحجّ ماشيا، ثمَّ عجز عنه، فليسق بدنة، وليركب، وليس عليه شي‌ء. وإن لم يعجز عن المشي، كان عليه الوفاء به. فإذا انتهى الى مواضع العبور، فليكن فيها قائما، وليس عليه شي‌ء.

ومن حصلت معه الاستطاعة، وجب عليه الحجّ على الفور والبدار دون التراخي. فإن أخّره وهو متمكّن من تقديمه، كان تاركا فريضة من فرائض الإسلام.

ومن حجّ، وهو مخالف لم يعرف الحقّ على الوجه الذي يجب عليه الحج، ولم يخلّ بشي‌ء من أركانه، فقد أجزأته عن حجّة الإسلام، ويستحبّ له إعادة الحجّ بعد استبصاره. وإن كان قد أخلّ بشي‌ء من أركان الحجّ، لم يجزأه ذلك عن حجّة الإسلام، وكان عليه قضاؤها فيما بعد.

باب أنواع الحج

الحج على ثلاثة أضرب: تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، وقران، وإفراد.

٢٠٥

فأمّا التّمتّع، فهو فرض الله تعالى على جميع المكلّفين ممّن ليس هو من أهل مكّة وحاضريها. وهو من يكون بمكّة أو يكون بينه وبينها ثمانية وأربعون ميلا. ومن وجب عليه التّمتّع، لا يجزئه إفراد ولا قران، إلّا عند الضّرورة وفقد التّمكّن من التّمتّع. فإن كان متمكّنا، وحجّ قارنا أو مفردا، كان عليه إعادة الحجّ.

وأمّا الإفراد والقران، فهو فرض أهل مكّة وحاضريها. وهم الذين قدّمنا ذكرهم، ولا يجوز لهم التّمتّع.

ومن جاور بمكّة سنة واحدة أو سنتين، جاز له أن يتمتّع فيخرج الى الميقات ويحرم بالحجّ متمتّعا. فان جاور بها ثلاث سنين لم يجز له التّمتّع، وكان حكمه حكم أهل مكّة وحاضريها.

ومن كان من أهل مكّة أو حاضريها، ثمَّ نأى عن منزله إلى مثل المدينة أو غيرها من البلاد، ثمَّ أراد الرّجوع الى مكّة، وأراد أن يحجّ متمتّعا، جاز له ذلك.

فإذا أراد الإنسان أن يحجّ متمتّعا، فعليه أن يوفّر شعر رأسه ولحيته من أوّل ذي القعدة، وهو لا يمسّ شيئا منهما. فاذا جاء الى ميقات أهله، أحرم بالحجّ متمتّعا، ومضى إلى مكّة. فإذا شاهد بيوت مكّة، فليقطع التّلبية ثمَّ ليدخلها. فإذا دخلها، طاف بالبيت سبعا، وصلّى عند المقام ركعتين، ثمَّ سعى بين الصّفا والمروة، وقصّر من شعر رأسه. وقد أحلّ من جميع ما أحرم

٢٠٦

منه من النّساء والطّيب وغير ذلك إلّا الصّيد، فإنّه لا يجوز له ذلك، لكونه في الحرم. ثمَّ يكون على هيئته هذه إلى يوم التّروية عند الزّوال. فإذا كان ذلك الوقت صلّى الظّهر، وأحرم بعده بالحجّ ومضى إلى منى.

ثمَّ ليعد الى عرفات فيصلّي بها الظّهر والعصر، فيقف بها الى غروب الشّمس. ثمَّ يفيض الى المشعر الحرام، فيقف بها تلك اللّيلة. فإذا أصبح، غدا منها إلى منى، فقضى مناسكه هناك.

ثمَّ يجي‌ء يوم النّحر أو من الغد لا يؤخّر ذلك الى مكّة. ويطوف بالبيت طواف الحجّ، ويصلّي ركعتي الطّواف. ويسعى بين الصّفا والمروة. وقد فرغ من مناسكه كلّها، وحلّ له كلّ شي‌ء إلّا النساء والصّيد، وبقي عليه لتحلّة النّساء طواف. فليطف أيّ وقت شاء في مدّة مقامه بمكّة. فإذا طاف طواف النّساء، حلّت له النساء.

وعليه هدي واجب ينحره بمنى يوم النّحر. فإن لم يتمكّن منه، كان عليه صيام عشرة أيّام: ثلاثة في الحجّ يوم قبل التّروية ويوم التّروية ويوم عرفة، وسبعة إذا رجع الى أهله.

والمتمتّع إنّما يكون متمتّعا إذا وقعت عمرته في أشهر الحجّ، وهي شوّال وذو القعدة وذو الحجّة. فإن وقعت عمرته في غير هذه الأشهر، لم يجز له أن يكون متمتّعا بتلك العمرة وكان عليه لحجّته عمرة أخرى، يبتدئ بها في الأشهر التي قدّمناها.

٢٠٧

وكذلك لا يجوز الإحرام بالحجّ مفردا ولا قارنا، إلّا في هذه الأشهر. فإن أحرم في غيرها، فلا حجّ له. اللهمّ إلّا أن يجدّد الإحرام عند دخول هذه الأشهر عليه. فيكون ذلك مجزيا عنه.

وأمّا القارن، فعليه أن يحرم من ميقات أهله، ويسوق معه هديا يشعره من موضع الإحرام، يشقّ سنامه ويلطّخه بالدّم، ويعلّق في رقبته نعلا ممّا كان يصلّي فيه. وليسق الهدي معه إلى منى. ولا يجوز له ان يحلّ إلى أن يبلغ الهدي محلّه. فإن أراد أن يدخل مكّة، جاز له ذلك. لكنّه لا يقطع التّلبية. وإن أراد أن يطوف بالبيت تطوّعا، فعل، إلّا أنّه كلّما طاف بالبيت، لبّى عند فراغه من الطّواف ليعقد إحرامه بالتّلبية. وإنّما يفعل ذلك لأنّه لو لم يفعل ذلك، دخل في كونه محلا، وبطلت حجّته، وصارت عمرة. وقد بيّنا أنّه ليس له أن يحلّ الى أن يبلغ الهدي محلّه من يوم النّحر. وليقض مناسكه كلّها من الوقوف بالموقفين وما يجب عليه من المناسك بمنى، ثمَّ يعود إلى مكّة، فيطوف بالبيت سبعا، ويسعى بين الصّفا والمروة سبعا، ثمَّ يطوف طواف النّساء، وقد أحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه، وكانت عليه العمرة بعد ذلك.

والمتمتّع إذا تمتّع، سقط عنه فرض العمرة. لأن عمرته التي يتمتّع بها بالحجّ، قامت مقام العمرة المبتولة، ولم يلزمه

٢٠٨

إعادتها.

فأمّا المفرد، فإن عليه ما على القارن سواء لا يختلف حكمها في شي‌ء من مناسك الحج.

وانما يتميّز القارن من المفرد بسياق الهدي. فأمّا باقي المناسك، فهما مشتركان فيه على السّواء. ولا يجوز لهما أن يقطعا التّلبية إلّا بعد الزّوال من يوم عرفة، وليس عليهما هدي وجوبا. فان ضحيا استحبابا، كان لهما فيه فضل، وليس ذلك بواجب.

باب المواقيت

معرفة المواقيت واجبة، لأنّ الإحرام لا يجوز إلّا منها. فلو أنّ إنسانا أحرم قبل ميقاته، كان إحرامه باطلا، واحتاج الى استيناف الإحرام من الميقات. اللهمّ إلّا أن يكون قد نذر لله تعالى على نفسه أن يحرم من موضع بعينه. فإنّه يلزمه الوفاء به حسب ما نذره. ومن أراد أن يحرم بالعمرة في رجب، وقد قارب تقضّيه قبل أن يبلغ الميقات، جاز له أن يقدّم إحرامه قبل أن يبلغ الميقات. ومن عرض له مانع من الإحرام، جاز له أن يؤخّره أيضا عن الميقات. فإذا زال المنع، أحرم من الموضع الذي انتهى إليه. وإذا أحرم قبل الوقت، وأصاب صيدا، لم يكن عليه شي‌ء. وإن أخّر إحرامه عن الميقات، وجب عليه أن يرجع اليه، ويحرم

٢٠٩

منه، متعمّدا كان أو ناسيا. فان لم يمكنه الرّجوع الى الميقات، وكان قد ترك الإحرام متعمّدا، فلا حجّ له. وإن كان قد تركه ناسيا، فليحرم من الموضع الذي انتهى اليه. فإن كان قد دخل مكّة، ثمَّ ذكر أنّه لم يحرم، ولم يمكنه الرّجوع الى الميقات للخوف أو لضيق الوقت، وأمكنه الخروج الى خارج الحرم، فليخرج اليه. وإن لم يمكنه ذلك، أيضا أحرم من موضعه، وليس عليه شي‌ء.

وقد وقّت رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لكل قوم ميقاتا على حسب طرقهم:

فوقّت لأهل العراق ومن حجّ على طريقهم، العقيق. وله ثلاثة أوقات: أوّلها المسلح، وهو أفضلها. ولا ينبغي أن يؤخّر الإنسان الإحرام منه إلّا عند الضّرورة. وأوسطه غمرة. وآخره ذات عرق. ولا يجعل إحرامه من ذات عرق إلا عند الضّرورة والتّقية. ولا يتجاوز ذات عرق إلّا محرما على حال.

ووقّت لأهل المدينة ذا الحليفة، وهو مسجد الشّجرة. ووقّت لمن حجّ على هذا الطّريق عند الضّرورة الجحفة. ولا يجوز أن يجوز الجحفة إلّا محرما. ولا يجوز لمن خرج من المدينة أن يحرم إلّا من ميقات أهلها. وليس له أن يعدل الى العقيق فيحرم منها.

ووقّت لأهل الشّام الجحفة وهي المهيعة، ولأهل الطائف قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم.

٢١٠

ومن كان منزله دون هذه المواقيت إلى مكّة، فميقاته منزله، فعليه أن يحرم منه.

والمجاور بمكّة إذا أراد أن يحجّ، فعليه أن يخرج الى ميقات أهله، وليحرم منه. فإن لم يتمكّن، فليخرج الى خارج الحرم ويحرم منه وإن لم يتمكّن من ذلك أيضا، أحرم من مسجد الحرام.

ومن جاء الى الميقات، ولم يقدر على الإحرام لمرض أو غيره، فليحرم عنه وليّه، ويجنّبه ما يجتنبه المحرم، وقد تمَّ إحرامه.

باب كيفية الإحرام

الإحرام فريضة لا يجوز تركه. فمن تركه متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا، كان حكمه ما ذكرناه في الباب الأول إذا ذكر. فإن لم يذكر أصلا حتّى يفرغ من جميع مناسكه، فقد تمَّ حجّه. ولا شي‌ء عليه، إذا كان قد سبق في عزمه الإحرام.

فإذا أراد الإنسان أن يحرم بالحجّ متمتّعا، فاذا انتهى الى ميقاته، تنظّف، وقصّ أظفاره، وأخذ شيئا من شاربه، ولا يمسّ شعر رأسه حسب ما قدّمناه، ويزيل الشّعر من جسده وتحت يديه. وإن كان قد تنظّف واطّلى قبل الإحرام بيوم أو يومين إلى خمسة عشر يوما، كان أيضا جائزا. إلا أنّ إعادة ذلك أفضل في الحال.

٢١١

ثمَّ ليغتسل، ويلبس ثوبي إحرامه: يأتزر بأحدهما ويتوشّح بالآخر أو يرتدي به. ولا بأس أن يغتسل قبل بلوغه الى الميقات إذا خاف عوز الماء، وأن يلبس قميصه وثيابه. فإذا انتهى الى الميقات، نزع ثيابه، ولبس ثوبي إحرامه. وإن لبس ثوبي إحرامه من الموضع الذي اغتسل فيه، كان أفضل. وإن وجد الماء عند الإحرام، أعاد الغسل، فإنّه أفضل. وإذا اغتسل بالغداة، كان غسله كافيا لذلك اليوم. أي وقت أراد أن يحرم فيه، فعل. وكذلك إذا اغتسل في أوّل اللّيل، كان جائزا له إلى آخره ما لم ينم. فإن نام بعد الغسل قبل أن يعقد الإحرام، كان عليه إعادة الغسل استحبابا. ومتى اغتسل للإحرام، ثمَّ أكل طعاما لا يجوز للمحرم أكله، أو لبس ثوبا لا يجوز له لبسه، يستحبّ له إعادة الغسل استحبابا. ولا بأس أن يلبس المحرم أكثر من ثوبي إحرامه ثلاثة أو أربعة إذا اتّقى بذلك الحرّ أو البرد. ولا بأس أيضا أن يغيّر ثيابه وهو محرم. فإذا دخل الى مكّة، وأراد الطّواف، فلا يطوفنّ إلّا في ثوبيه اللذين أحرم فيهما.

وأفضل الأوقات التي يحرم الإنسان فيها، عند زوال الشّمس. ويكون ذلك بعد الفراغ من فريضة الظّهر. فإن اتّفق أن يكون في غير هذا الوقت، كان أيضا جائزا.

والأفضل أن يكون الإحرام بعد صلاة فريضة. فإن لم تكن صلاة فريضة، صلّى ستّ ركعات من النّوافل، وأحرم في دبرها.

٢١٢

فإن لم يتمكّن من ذلك، أجزأه ركعتان. فليصلّهما، وليقرأ في الأولة منهما بعد التّوجّه الحمد وقل هو الله أحد. وفي الثّانية الحمد وقل يا أيها الكافرون. فإذا فرغ منهما، أحرم عقيبهما بالتّمتّع الى الحجّ، فيقول: « اللهمّ إني أريد ما أمرت به من التّمتّع بالعمرة إلى الحجّ على كتابك وسنّة نبيّك،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فان عرض لي عارض يحبسني فحلّني حيث حبستني لقدرك الذي قدرت عليّ. اللهمّ إن لم تكن حجّة، فعمرة. أحرم لك شعري وجسدي وبشري من النّساء والطّيب والثّياب. أبتغي بذلك وجهك والدّار الآخرة ». وإن كان قارنا، فليقل: « اللهمّ إني أريد ما أمرت به من الحجّ قارنا ». وإن كان مفردا، فليذكر ذلك في إحرامه.

ومن أحرم من غير صلاة وغير غسل، كان عليه إعادة الإحرام بصلاة وغسل. ولا بأس أن يصلّي الإنسان صلاة الإحرام أيّ وقت كان من ليل أو نهار ما لم يكن وقت فريضة قد تضيّق. فإن تضيّق الوقت، بدأ بالفريضة ثمَّ بصلاة الإحرام. وإن لم يكن قد تضيّق، بدأ بصلاة الإحرام ثمَّ بصلاة الفريضة.

ويستحبّ للإنسان أن يشترط في الإحرام بالحج: إن لم تكن حجة فعمرة، وأن يحله حيث حبسه، سواء كانت حجّته تمتّعا أو قرانا أو إفرادا. وكذلك الحكم في العمرة. ولم يكن الاشتراط لسقوط فرض الحجّ في العام المقبل. فانّ من حجّ حجّة الإسلام

٢١٣

وأحصر، لزمه الحجّ من قابل. وإن كانت تطوّعا، لم يكن عليه ذلك.

ولا بأس أن يأكل الإنسان لحم الصيد وينال النّساء ويشمّ الطّيب بعد عقد الإحرام ما لم يلبّ. فإذا لبّى، حرم عليه جميع ذلك.

وإن كان الحاجّ قارنا، فإذا ساق، وأشعر البدنة أو قلّدها، حرم أيضا عليه ذلك، وإن لم يلبّ، لأنّ ذلك يقوم مقام التّلبية.

والإشعار هو أن يشقّ سنام البدنة من الجانب الأيمن. فإن كانت بدنا كثيرة، جاز للرّجل أن يدخل بين كلّ بدنتين، فيشعر إحداهما من جانبها الأيمن والأخرى من جانبها الأيسر. وينبغي إذا أراد الإشعار، أن يشعرها وهي باركة، وإذا أراد نحرها، نحرها وهي قائمة.

والتّقليد يكون بنعل قد صلّى فيه، ولا يجوز غيره.

وإذا أراد المحرم أن يلبّي، وكان حاجّا على طريق المدينة، فإن أراد أن يلبّي من الموضع الذي صلّى فيه، جاز له ذلك. والأفضل أن يلبّي إذا أتى البيداء عند الميل. فامّا الماشي، فلا بأس به أن يلبّي من موضعه، والأفضل للرّاكب أن يلبّي إذا علت به راحلته البيداء. وإذا كان حاجّا على طريق المدينة، لبّى من موضعه إن أراد. وإن مشى خطوات ثمَّ لبّى، كان أفضل. فإذا أراد التّلبية،

٢١٤

فليرفع صوته بها.

والتّلبية فريضة لا يجوز تركها على حال. والجهر بها سنّة مؤكّدة للرّجال، وليس ذلك على النّساء. ويقول: « لبّيك اللهمّ لبّيك، لا شريك لك لبّيك. إنّ الحمد والنّعمة لك والملك، لا شريك لك » فهذه التّلبيات الأربع فريضة لا بدّ منها. وإن زاد عليها من التّلبيات الأخر، كان فيه فضل كثير.

وأفضل ما يذكره في التّلبية الحجّ والعمرة معا. فإن لم يمكنه للتّقيّة أو غيرها، واقتصر على ذكر الحجّ، جاز. فإذا دخل مكّة، طاف وسعى وقصّر، وجعلها عمره، كان أيضا جائزا. فإن لم يذكر لا حجّا ولا عمرة، ونوى التّمتّع، لم يكن به بأس وان لبّى بالعمرة وحدها، ونوى التّمتّع، لم يكن به بأس. وإذا لبّى بالتّمتع، ودخل الى مكّة وطاف وسعى، ثمَّ لبّى بالحجّ قبل أن يقصّر، فقد بطلت متعته، وكانت حجّة مبتولة. هذا إذا فعل ذلك متعمّدا. فإن فعله ناسيا، فليمض فيما أخذ فيه، وقد تمّت متعته، وليس عليه شي‌ء. ومن لبّى بالحجّ مفردا، ودخل مكّة وطاف وسعى، جاز له أن يقصّر ويجعلها عمرة ما لم يلبّ بعد الطّواف. فإن لبّى بعده، فليس له متعة، وليمض في حجّته.

وينبغي أن يلبّي الإنسان في كلّ وقت، وعند كلّ صلاة، وإذا هبط واديا، أو صعد تلعة، وفي الأسحار. والأخرس يجزيه في تلبيته تحريك لسانه وإشارته بالإصبع. ولا بأس أن

٢١٥

يلبّي الإنسان وهو على غير طهر. ولا يقطع المتمتّع التّلبية إلّا إذا شاهد بيوت مكّة. فإذا شاهدها. قطعها. وإن كان قارنا أو مفردا فليقطع تلبيته يوم عرفة بعد الزّوال. وإذا كان معتمرا، فليقطع تلبيته إذا وضعت الإبل أخفافها في الحرم. فإن كان المعتمر ممّن قد خرج من مكّة ليعتمر، فلا يقطع التّلبية إلّا إذا شاهد الكعبة.

ويجرّد الصّبيان من فخّ إذا أرادوا الحجّ بهم، ويجنّبون كلّ ما يجتنبه المحرم، ويفعل بهم ما يجب على المحرم فعله. وإذا فعلوا ما يجب فيه الكفّارة، كان على أوليائهم أن يكفّروا عنهم. فإن كان الصّبيّ لا يحسن التّلبية، أو لا يتأتّى له، لبّى عنه وليّه. وكذلك يطوف به ويصلّي عنه، إذا لم يحسن ذلك. وإن حجّ بهم متمتعين، وجب أن يذبح عنهم إذا كانوا صغارا. وإذا كانوا كبارا، جاز أن يؤمروا بالصّيام. وينبغي أن يوقف الصّبيّ بالموقفين معا، ويحضر المشاهد كلّها، ويرمى عنه، ويناب عنه في جميع ما يتولّاه الرّجل بنفسه. وإذا لم يوجد لهم هدي، ولا يقدرون على الصّوم، كان على وليّهم أن يصوم عنهم.

باب ما يجب على المحرم اجتنابه وما لا يجب

إذا عقد المحرم إحرامه بالتّلبية أو الإشعار أو التّقليد،

٢١٦

حرم عليه لبس الثّياب المخيطة والنّساء والطّيب والصّيد، لا يحل له شي‌ء من ذلك. وأفضل ما يحرم الإنسان فيه من الثّياب ما يكون قطنا محضا بيضا. فإن كان غير بيض، كان جائزا. إلا أن تكون سودا، فإنّه لا يجوز الإحرام فيها، أو تكون مصبوغة بصبغ فيه طيب مثل الزّعفران وما أشبهه. فإن كان الثّوب قد صبغ بطيب وذهبت رائحته، لم يكن به بأس وكذلك إذا أصاب الثّوب طيب وذهبت رائحته. لم يكن به بأس. ويكره الإحرام في الثّياب المصبّغة بالعصفر وما أشبهه، لأجل الشّهرة، وإن لم يكن ذلك محظورا.

وكلّ ثوب يجوز الصّلاة فيه، فإنّه يجوز الإحرام فيه. وما لا يجوز الصّلاة فيه، لا يجوز الإحرام فيه، مثل الخزّ المغشوش والإبريسم المحض وما أشبههما. ولا يحرم الإنسان إلّا في ثياب طاهرة نظيفة. فإن كانت وسخة، غسلها قبل الإحرام. وإن توسّخت بعد الإحرام، فلا يغسلها إلّا إذا أصابها شي‌ء من النجّاسة. ولا بأس أن يستبدل بثيابه في حال الإحرام، غير أنّه إذا طاف لا يطوف إلّا فيما أحرم فيه. ولا بأس أن يلبس المحرم طيلسانا له أزرار، غير أنّه لا يجوز له أن يزرّه على نفسه. ويكره للمحرم النّوم على الفرش المصبوغة. وإن أصاب ثوب المحرم شي‌ء من خلوق الكعبة وزعفرانها، لم يكن به بأس.

٢١٧

وإذا لم يكن مع الإنسان ثوبا الإحرام، وكان معه قباء، فليلبسه مقلوبا، ولا يدخل يديه في يدي القباء. ولا يجوز له أن يلبس السّراويل إلّا إذا لم يجد الإزار. فان لم يجده، لم يكن عليه بأس بلبسه.

ويكره لبس الثّياب المعلمة في حال الإحرام. ولا يجوز أن يلبس الرّجل الخاتم يتزيّن به. فإن لبسه للسّنة لم يكن به بأس. ولا يجوز للمحرم أن يلبس الخفّين، وعليه أن يلبس النّعلين، فإن لم يجدهما، واضطرّ إلى لبس الخفّ، لم يكن به بأس.

ويحرم على المرأة في حال الإحرام من لبس الثّياب جميع ما يحرم على الرّجل، ويحلّ لها ما يحلّ له. ولا يجوز لها أن تلبس القفّازين ولا شيئا من الحليّ ممّا لم يجر عادتها بلبسه. فأمّا ما كانت تعتاد لبسه، فلا بأس به، غير أنّها لا تظهره لزوجها، ولا تقصد به الزّينة. فإن قصدت به الزّينة، كان أيضا غير جائز. ويكره لها أن تلبس الثّياب المصبوغة المفدّمة. وقد وردت رواية بجواز لبس القميص للنّساء. والأصل ما قدّمناه. فأما السّراويل فلا بأس بلبسه لهنّ على كلّ حال. ولا بأس أن تلبس المرأة الخاتم وإن كان من ذهب. ويجوز للحائض أن تلبس تحت ثيابها غلالة تقي ثيابها من النّجاسات.

ويحرم على المحرم الرّفث وهو الجماع وتقبيل النّساء

٢١٨

ومباشرتهنّ. ولا يجوز له ملامسة شي‌ء من أجسادهنّ بالشّهوة. ولا بأس بذلك من غير شهوة. ويحرم أيضا عليه الفسوق، وهو الكذب والجدال، وهو قول الرّجل: « لا والله وبلى والله » ولا يجوز له قتل شي‌ء من الدّواب، ولا يجوز له أن ينحّي عن بدنه القمّل والبراغيث وما أشبههما. ولا بأس أن ينحّي عنه القراد والحلمة.

ولا يجوز له أن يمسّ شيئا من الطّيب. والطّيب الذي يحرم مسّه وشمّه وأكل طعام يكون فيه: المسك والعنبر والزّعفران والورس والعود والكافور. فأمّا ما عدا هذا من الطّيب والرّياحين، فمكروه. يستحبّ اجتنابه، وإن لم يلحق في الحظر بالأوّل. فإن اضطرّ إلى أكل طعام يكون فيه طيب، أكله، غير أنّه يقبض على أنفه، ولا بأس بالسّعوط وإن كان فيه طيب عند الحاجة اليه. ومتى أصاب ثوب الإنسان شي‌ء من الطّيب، كان عليه إزالته، ومتى اجتاز المحرم في موضع يباع فيه الطّيب، لم يكن عليه فيه شي‌ء. فإن باشره بنفسه، أمسك على أنفه منه. ولا يمسك على أنفه من الرّوائح الكريهة.

ولا بأس للمحرم باستعمال الحنّاء للتّداوي به. ويكره ذلك للزّينة. ويكره للمرأة الخضاب، إذا قاربت حال الإحرام.

ولا يجوز للإنسان الصّيد، ولا الإشارة اليه، ولا أكل ما صاده غيره. ولا يجوز له أن يذبح شيئا من الصّيد. فان

٢١٩

ذبحه، كان ميتا، ولم يجز لأحد أكله.

ولا يجوز للرّجل ولا للمرأة أن يكتحلا بالسّواد، إلّا عند الحاجة الدّاعية الى ذلك. ولا بأس بأن يكتحلا بكحل ليس بأسود، إلّا إذا كان فيه طيب، فإنّه لا يجوز له ذلك على حال.

ولا يجوز للمحرم النّظر في المرآة، ولا استعمال الأدهان التي فيها طيب قبل أن يحرم، إذا كان ممّا تبقى رائحته الى بعد الإحرام. ولا بأس باستعمال سائر الأدهان التي ليست طيّبة في تلك الحال وبعد الإحرام، ما لم يلب. فإذا لبّى، حرم عليه استعمال الأدهان كلّها، إلّا عند الضّرورة، فإنّه لا بأس باستعمال ما ليس بطيّب منها مثل الشّيرج والسّمن. فامّا أكلها، فلا بأس به على جميع الأحوال. والأدهان الطيّبة إذا زالت عنها الرّائحة. جاز استعمالها.

ولا يجوز للمحرم أن يحتجم إلّا إذا خاف ضررا على نفسه. ولا يجوز له إزالة شي‌ء من الشّعر في حال الإحرام. فإن اضطرّ الى ذلك بأن يريد مثلا أن يحتجم ولا يتأتّى له ذلك، إلّا بعد إزالة شي‌ء من الشّعر، فليزله وليس عليه شي‌ء.

ولا يجوز للمحرم أن يرتمس في الماء، ولا يجوز له أن يغطّي رأسه. فأمّا المرأة، فلا بأس بها أن تغطّي رأسها غير أنّها تسفر عن وجهها، وتطرح ثوبا على رأسها وتسدله إلى

٢٢٠

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793