النهاية الجزء ١

النهاية10%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الجزء ١ المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225293 / تحميل: 6344
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

(الاول): في الانساب.

ومراتبهم ثلاث: (الاولى): الآباء والاولاد: لا لاب يرث المال إذا انفرد.

والام الثلث والباقي بالرد.

ولو اجتمعا فللام الثلث وللاب الباقي.

ولو كان له أخوة كان لها السدس.

ولو شاركهما زوج او زوجة، فللزوج النصف، وللزوجة الربع.

وللام ثلث الاصل إذا لم يكن حاجب والباقي للاب، ولو كان لها حاجب كان لها السدس.

ولو انفرد الابن فالمال له.

ولو كانوا أكثر اشتركوا بالسوية.

ولو كانوا ذكرانا وإناثا فللذكر سهمان، وللانثى سهم.

ولو اجتمع معهما الابوان فلهما السدسان والباقي للاولاد ذكرانا كانوا او اناثا او ذكرانا وإناثا ولو كانت بنت فلها النصف وللابوين السدسان، والباقي يرد أخماسا.

ولوكان من يحجب الام ردعلى الاب والبنت أرباعا.

ولو كانت بنتان فصاعدا فللابوين: السدسان، وللبنتين او البنات: الثلثان بالسوية.

ولو كان معهما او معهن أحد الابوين كان له: السدس، ولهما اولهن: الثلثان والباقي يرد أخماسا.

ولو كان مع البنت والابوين زوج او زوجة كان للزوج: الربع، وللزوجة الثمن، وللابوين: السدسان، والباقي للبنت.

وحيث يفضل عن النصف يرد الزائد عليها وعلى الابوين أخماسا.

ولو كان من يحجب الام رددناه على البنت والاب أرباعا.

ويلحق مسائل: (الاولى): الاولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل فريق نصيب من يتقرب به، ويقسمونه للذكر مثل حظ الانثيين، اولاد ابن كانوا او أولاد البنت على الاشبه.

(ويمنع) الاقرب الابعد.

ويرد على ولد البنت كما يرد

٢٦١

على امه ذكرا كان او انثى.

ويشاركون الابوين كما يشاركهما الاولاد للصلب على الاصح.

(الثانية): يحبى الولد الاكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه إذا خلف الميت غير ذلك.

ولو كان الاكبر بنتا أخذه الاكبر من الذكور ويقضي عنه ما ترك من صيام او صلاة.

وشرط بعض الاصحاب ألا يكون سفيها ولا فاسد الرأي.

(الثالثة): لا يرث مع الابوين ولا مع الاولاد جد ولا جدة ولاأحد من ذوي القرابة.

لكن يستحب للاب أن يطعم أباه وأمه: السدس من أصل التركة بالسوية، إذا حصل له الثلثان.

وتطعم الام أباها وأمها: النصف من نصيبها بالسوية إذا حصل لها الثلث فما زاد.

ولو حصل لاحدهما نصيبه الاعلى دون الآخر استحب له طعمة الجد والجدة دون صاحبه.

ولا طعمة لاحد الاجداد إلا مع وجود من يتقرب به.

(الرابعة): لا يحجب الاخوة الام إلا بشروط أربعة: أن يكون أخوين او أخا وأختين او أربع أخوات فما زاد لاب وأم او لاب مع وجود الاب، غير كفرة ولا رق.

وفي القتلة قولان، أشبههما: عدم الحجب وان يكونوا منفصلين لا حملا.

(المرتبة الثانية): الاخوة والاجداد اذا لم يكن أحد الابوين، ولا ولد وان نزل، فالميراث للاخوة والاجداد.

فالاخ الواحد للاب والام يرث المال، وكذا الاخوة.

والاخت انما ترث النصف بالتسمية، والباقي بالرد.

وللاختين فصاعدا الثلثان بالتسمية والباقي بالرد.

ولو اجتمع الاخوة والاخوات لهما كان المال بينهم للذكر سهمان وللانثى سهم.

٢٦٢

وللواحد من ولد الام السدس ذكرا كان او انثى.

وللاثنين فصاعدا الثلث بينهم بالسوية ذكرانا كانوا او اناثا.

ولا يرث مع الاخوة للاب والام ولا مع أحدهم أحد من ولد الاب، لكن يقومون مقامهم عند عدمهم.

ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع ذلك الحكم.

ولو اجتمع الكلالات كان لولد الام السدس إن كان واحدا، والثلث ان كانوا أكثر، والباقي لولد الاب والام ويسقط أولاد الاب.

فان أبقت الفريضة فالرد على كلالة الاب والام، وان ابقت الفريضة مع ولد الام وولد الاب، ففي الرد قولان، أحدهما: يرد على كلالة الاب، لان النقص يدخل عليهم، مثل أخت لاب مع واحد او اثنين فصاعدا من ولد الام، او أختين للاب، مع واحد من ولد الام.

والآخر: يرد على الفريقين بنسبة مستحقهما وهو أشبه.

وللجد المال إذا انفرد لاب كان او لام.

وكذا الجدة.

ولو اجتمع جد وجدة، فان كانا لاب فلهما المال، للذكر مثل حظ الانثيين وإن كانا لام فالمال بالسوية.

واذا اجتمع الاجداد المختلفون، فلمن يتقرب بالام الثلث على الاصح، واحدا كان او اكثر.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان ولو كان واحدا.

ولو كان معهم زوج او زوجة أخذ النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

والجد الادنى يمنع الاعلى.

واذا اجتمع معهم الاخوة، فالجد كالاخ والجدة كالاخت.

مسألتان: (الاولى): لو اجتمع أربعة أجداد لاب ومثلهم لام كان لاجداد الام الثلث بينهم أرباعا.

ولاجداد الاب وجداته الثلثان، لابوي أبيه ثلثا الثلثين

٢٦٣

أثلاثا ولابوي امه الثلث أثلاثا أيضا فيصح من مئة وثمانية.

(الثانية): الجد وإن علا يقاسم الاخوة والاخوات.

وأولاد الاخوة والاخوات وإن نزلوا، يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الاجداد والجدات ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به.

ثم إن كانوا أولاد أخوة او أخوات لاب اقتسموا المال، للذكر مثل حظ الانثيين.

وإن كانوا لام اقتسموا بالسوية.

(المرتبة الثانية): الاعمام والاخوال: المعلم المال اذا انفرد.

وكذا للعمين فصاعدا.

وكذا العمة والعمتان والعمات.

والعمومة والعمات: للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو كانوا متفرقين، فلمن تقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا أكثر بالسوية.

والباقي لمن يتقرب بالاب والام للذكر مثل حظ الانثيين ويسقط من يتقرب بالاب معهم.

ويقومون مقامهم عند عدمهم.

ولا يرث الابعد مع الاقرب مثل ابن خال مع خال او عم.

اوابن عم مع خال او عم، الا ابن عم لاب وأم مع عم لاب فابن العم أولى.

وللخال المال اذا انفرد.

وكذا للخالين والاخوال والخالة والخالتين والخالات.

ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كانوا.

ولو كانوا متفرقين، فلمن يتقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا اكثر.

والثلثان لمن يتقرب بالاب والام.

ويسقط من يتقرب بالام معهم.

والقسمة بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو اجتمع الاخوال والاعمام فللاخوال الثلث وللاعمام الثلثان.

ولو كان معهم زوج او زوجة فلهما النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

ولو اجمتع عم الاب وعمته وخاله وخالته وعم الام وعمتها وخالها وخالتها كان

٢٦٤

لمن يتقرب بالام الثلث بينهم أرباعا.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان: ثلثاه لعمه وعمته أثلاثا.

وثلثه لخاله وخالته بالسوية، على قول.

مسائل: (الاولى): عمومة الميت وعماته وخئولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى من عمومة أبيه وخئولته.

وكذا أولاد كل بطن أقرب.

أولى من البطن الابعد.

ويقوم اولاد العمومة والعمات والخئولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به واحدا كان أو أكثر.

(الثانية): من اجتمع له سببان ورث بهما ما لم يمنع أحدهما الآخر.

فالاول كابن عم لاب هو خال لام، وزوج هو ابن عم، وعمة لاب هي خالة لام.

والثاني كابن عم هو أخ لام.

(الثالثة): حكم أولاد العمومة والخئولة مع الزوج والزوجة حكم آبائهم، يأخذ من يتقرب بالام ثلث الاصل والزوج نصيبه الاعلى.

وما يبقى لمن يتقرب بالاب.

المقصد الثاني في ميراث الازواج: للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع.

ومع وجوده وإن نزل نصف النصيب.

ولو لم يكن وارث سوى الزوج، رد عليه الفاضل.

وفي الزوجة قولان: أحدهما: لها الربع والباقي للامام.

والآخر: يرد عليها الفاضل كالزوج.

وقال ثالث: بالرد مع عدم الامام والاول: أظهر.

واذا كن اكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع أو الثمن.

وترث الزوجة وإن لم يدخل بها الزوج.

وكذا الزوج.

وكذا في العدة

٢٦٥

الرجعية خاصة.

لكن لو طلقها مريضا ورثت وإن كان بائنا ما لم تخرج السنة ولم يبرأ ولم تتزوج.

ولا ترث البائن إلا هنا.

ويرث الزوج من جمع ما تركته المرأة، وكذا المرأة عدا العقار، وترث من قيمة الآلات والابنية، ومنهم من طرد الحكم في أرض المزارع والقرب، وعلم الهدى يمنعها العين دون القيمة.

مسألتان: (الاولى): إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى فاشتبهت كان للاخيرة ربع الثمن مع الولد او ربع الربع مع عدمه، والباقي بين الاربعة بالسوية.

(الثانية): نكاح المريض مشروط بالدخول، فان مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.

المقصد الثالث في الولاء وأقسامه ثلاثة.

(القسم الاول): ولاء العتق: ويشترط التبرع بالعتق وألا يتبرأ من ضمان جريرته.

فلو كان واجبا كان المعتق سائبة.

وكذا لو تبرع بالعتق وتبرأ من الجريرة ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وإن بعد.

ويرث مع الزوج والزوجة.

وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا، واشتركوا في المال ان كانوا أكثر.

ولو عدم المنعم فللاصحاب فيه أقوال، أظهرهما.

انتقال الولاء إلى الاولاد الذكور دون الاناث.

فان لم يكن الذكور، فالولاء لعصبة المنعم.

ولو كان المعتق امرأة فالى عصبها دون أولادها ولو كانوا ذكورا.

ولا يرث الولاء من يتقرب بأم المنعم.

ولا يصح بيعه ولا هبته.

ويصح جره من مولى الام إلى المولى الاب اذا كان الاولاد مولودين على الحرية.

٢٦٦

القسم الثاني ولاء تضمن الجريرة: من توالى إنسانا يضمن حدثه: ويكون ولاؤه له.

ثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن، ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات أو من لا وارث له.

ولا يرث الضامن الا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق.

ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى وما بقي له، وهو أولى من بيت مال الامام.

القسم الثالث ولاء الامامة: ولا يرث الا مع فقد وارث عدا الزوجة فانها تشاركه على الاصح.

ومع وجوده (ع) فالمال له يصنع به ما شاء.

وكان عليعليه‌السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا.

ومع غيبته يقسم في الفقراء ولا يعطي الجائر إلا مع الخوف.

وأما اللواحق فأربعة: (الاول): في ميراث ابن الملاعنة: ميراثه لامه وولده، للام السدس والباقي للولد.

ولو انفردت كان لها الثلث والباقي بالرد.

ولو انفردت الاولاد فللواحد النصف وللاثنتين فصاعدا الثلثان.

وللذكران المال بالسوية.

وان اجتمعوا فللذكر سهمان وللانثى سهم.

ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى مع عدم الولد وان نزل، والادنى معهم.

ولو عدم الولد يرثه من تقرب بأمه الاقرب فالاقرب الذكر والانثى سواء.

ومع عدم الوارث يرثه الامام.

ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الاظهر.

ولا يرث أباه ولا من يتقرب به ولا يرثونه.

ولو اعترف به الاب لحق به، وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه ولا عبرة بنسب الاب.

فلو ترك اخوة الاب وأم مع أخ أو اخت لام كانوا سواء في المال.

وكذا لو ترك جدا لام مع أخ أو أخت أو اخوة أو أخت من أب وأم.

٢٦٧

خاتمة تشتمل على مسائل: (الاولى): ولد الزنا لا ترثه أمه ولا غيرها من الانساب.

ويرثه ولده إن نزل والزوج أو الزوجة.

ولو لم يكن أحدهم فميراثه للامام.

وقيل: ترثه أمه كابن الملاعنة.

(الثانية): الحمل يرث ان سقط حيا وتعتبر حركة الاحياء كالاستهلال، والحركات الارادية، دون التقلص.

(الثالثة): قال الشيخ: يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا.

ولو كان ذو فرض أعطوا النصيب الادنى.

(الرابعة): يرث دية الجنين أبواه ومن يتقرب بهما أو بالاب.

(الخامسة): اذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف أحدهما البينة.

(السادسة): المفقود يتربص بماله.

وفى قدر التربص روايات: أربع سنين، وفي سندها ضعف.

وعشر سنين وهي في حكم خاص.

وفي ثالثة يقتسمه الورثة اذا كانوا ملاء، وفيها ضعف أيضا.

وقال في الخلاف حتى يمضي مدة لا يعيش مثله إليها، وهو أولى في الاحتياط وأبعد من التهجم على الاموال المعصومة بالاخبار الموهومة.

(السابعة): لو تبرأ من جريرة ولده و ميراثه، ففي رواية يكون ميراثه للاقرب إلى أبيه، وفي الرواية ضعف.

(الثاني): في ميراث الخنثى: من له فرج الرجال والنساء يعتبر بالبول، فمن أيهما سبق يورث عليه.

فان

٢٦٨

بدر منهما قال الشيخ: يورث على الذي ينقطع منه أخيرا، وفيه تردد.

وإن تساويا، قال في الخلاف: يعمل فيه بالقرعة، وقال المفيد وعلم الهدى: تعد أضلاعه.

وقال في النهاية والايجاز والمبسوط: يعطى نصف ميراث رجل ونصف امرأة، وهو أشهر.

ولو اجتمع مع الانثى ذكر وانثى، قيل: للذكر أربعة، وللخنثى ثلاثة وللانثى سهمان.

وقيل: تقسم الفريضة مرتين فتفرض مرة ذكرا ومرة انثى ويعطى نصف النصيبين وهو أظهر.

مثاله خنثى وذكر تفرضهما ذكرين تارة وذكرا وأنثى أخرى، وتطلب أقل مال له نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف، فيكون اثنا عشر فيحصل للخنثى خمسة وللذكر سبعة.

ولو كان بدل الذكر انثى حصل للخنثى سبعة وللانثى خمسة.

ولو شاركهم زوج أو زوجة صححت فريضة الخنثى ثم ضربت فخرج نصيب الزوج أو الزوجة في تلك الفريضة فما ارتفع فمنه تصح.

ومن ليس له فرج النساء ولا الرجال يورث بالقرعة.

ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد يوقظ أو يصاح به، فان انتبه أحدهما فهما اثنان.

(الثالث): في الغرقى والمهدوم عليهم: وهؤلاء يرث بعضهم إذا كان لهم أو لاحدهم مال وكانوا يتوارثون واشتبه المتقدم في الموت بالمتأخر.

وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق والهدم تردد.

ومع الشرائط يورث الاضعف أولا، ثم الاقوى، ولا يورث مما ورث منه.

وفيه قول آخر.

والتقديم على الاستحباب على الاشبه.

فلو غرق أب وابن، ورث الاب أولا نصيبه، ثم ورث الابن من أصل تركة

٢٦٩

أبيه مما لا ورث منه، ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه.

ولو كان لاحدهما وارث اعطي ما اجتمع لدى الوراث لهم، وما اجتمع للآخر للامام.

ولو لم يكن لهما غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر ثم منهما إلى الامام.

واذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم، كأخوين، فان كان لهما مال ولا مشارك لهما انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما إلى ورثتهما.

وإن كان لاحدهما مال صار ماله لاخيه، ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر شئ ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الامام.

ولو ماتا حتف أنفهما لم يتوارثا، وكان ميراث كل منهما لورثته.

(الرابع): في ميراث المجوس: وقد اختلف الاصحاب فيه.

فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم إلا بالصحيح من النسب والسبب.

وعن الفضل بن شاذان: أنه يورثهم بالنسب، صحيحه وفاسده.

والسبب الصحيح خاصة، وتابعه المفيدرحمه‌الله .

وقال الشيخ: يورثون بالصحيح والفاسد فيهما.

واختيار الفضل أشبه.

ولو خلف أما هي زوجة، فلها نصيب الام دون الزوجة.

ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.

ولا كذا لو خلف بنتا هي أخت، لانه لا ميراث للاخت مع البنت.

٢٧٠

خاتمة في حساب الفرائض مخارج الفروض ستة: ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا.

فالنصف من اثنين، والربع من أربعة، والثمن من ثمانية، والثلثان والثلث من ثلاثة، والسدس من ستة.

والفريضة إما بقدر السهام أو أقل أو أكثر: فما كان بقدرها فان انقسم من غير كسر وإلا فاضرب عدد من انكسر عليهم في أصل الفريضة مثل: أبوين وخمس بنات، تنكسر الاربعة على الخمسة، فتضرب خمسة في اصل الفريضة فما اجتمع فمنه الفريضة، لانه لا وفق بين نصيبهن وعددهن.

ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصيب في اصل الفريضة مثل: أبوين وست بنات، للبنات أربعة، وبين نصيبهن وهو أربعة وعددهن وهو ستة، وفق، وهو النصف فيضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة فما اجتمع صحت منه.

ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ويدخل النقص على البنت أو البنات أو من يتقرب بالاب والام، أو الاب، مثل: ابوين، وزوج وبنت.

فللابوين السدسان وللزوج الربع، والباقي للبنت.

وكذا الابوان أو أحدهما، وبنت او بنات وزوج، النقص يدخل على البنت او البنات، واثنان من ولد الام والاختان للاب والام أو للاب مع زوج أو زوجة يدخل النقص على من يتقرب بالاب والام، أو الاب خاصة.

ثم ان انقسمت الفريضة على صحة والا ضربت سهام من انكسر عليهم.

في أصل الفريضة.

٢٧١

ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم.

ولا تعصيب.

ولا يرد على الزوج والزوجة، ولا على الام مع وجود من يحجبها، مثل أبوين وبنت.

فاذا لم يكن حاجب فالرد أخماسا.

وان كان حاجب فالرد ارباعا تضرب فخرج سهام الرد في أصل الفريضة فما اجتمع صحت منه الفريضة.

تتمة في (المناسخات) ونعني به أن يموت الانسان فلا تقسم تركته، ثم يموت أحد وراثه ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.

فان اختلف الوارث او الاستحقاق اوهما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه والا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الاولى، ان كان بين الفريضتين وفق.

وان لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الاولى فما بلغ صحت منه الفريضتان.

٢٧٢

كتاب القضاء والنظر في الصفات، والآداب، وكيفية الحكم، وأحكام الدعوى

والصفات ست: التكليف، والايمان، والعدالة، وطهارة المولد، والعلم، والذكورة ويدخل في العدالة اشتراط الامانة والمحافظة على الواجبات.

ولا ينعقد الا لمن له أهلية الفتوى، ولا يكفيه فتوى العلماء.

ولابد أن يكون ضابطا، فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء.

وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الاشبه: نعم، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الا بها، ولا ينعقد للمرأة.

وفي انعقاده للاعمى تردد، والاقرب: أنه لا ينعقد لمثل ما ذكرناه في الكتابة وفي اشتراط الحرية تردد، الاشبه: أنه لا يشترط.

ولا بد من اذن الامام ولا ينعقد بنصب العوام له.

نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم.

ومع عدم الامام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيتعليهم‌السلام ، الجامع للصفات.

وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق بنفسه، وربما وجب النظر الثاني في الآداب: وهي مستحبة ومكروهة.

فالمستحب: اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره.

والجلوس في قضائه مستدبر القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم.

والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب اطلاقه، وتفريق الشهود عند الاقامة، فانه اوثق، خصوصا في موضع الريبة.

٢٧٣

عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه(١) في المسائل المشتبهة.

والمكروهات: الاحتجاب وقت القضاء، وان يقضي مع ما يشغل النفس، كالغضب، والجوع، والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس، وأن يرتب قوما للشهادة، وأن يشفع إلى الغريم في اسقاط أو ابطال.

مسائل: (الاولى): للامام أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق، ولغيره في حقوق الناس، وفي حقوق الله قولان.

(الثانية): إن عرف عدالة الشاهدين حكم، وان عرف فسقهما اطرح، وإن جهل الامرين، فالاصح: التوقف حتى يبحث عنهما.

(الثالثة): تسمع شهادة التعديل مطلقة، ولا تسمع شهادة الجرح الا مفصلة.

(الرابعة): اذا التمس الغريم احضار الغريم وجب اجابته ولو كان امرأة ان كانت برزة.

ولو كان مريضا او امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما.

(الخامسة): الرشوة على الحاكم حرام وعلى المرتشي اعادتها.

النظر الثالث في كيفية الحكم، وفيه مقاصد: (الاول): في وظائف الحاكم، وهي أربع: (الاولى): التسوية بين الخصوم في السلام، والكلام، والمكان، والنظر، والانصات، والعدل في الحكم.

ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون الكافر قائما والمسلم قاعدا أو أعلى منزلا.

(الثانية): لا يجوز أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهره على خصمه.

٢٧٤

(الثالثة): اذا سكتا استحب له أن يقول: تكلما، او ان كنتما حضرتما لشئ فاذكراه او ما ناسبه.

(الرابعة): اذا بدر أحد الخصمين سمع منه.

ولو قطع عليه غريمه منعه حتى تنتهي دعواه او حكومته.

ولو ابتدرا الدعوى.

سمع من الذي عن يمين صاحبه.

وان اجتمع خصوم كتب أسماء المدعين واستدعى من يخرج اسمه.

المقصد الثاني - في جواب المدعى عليه.

وهو إما اقرار، او انكار، او سكوت.

أما الاقرار فيلزم إذا كان جائز الامر، رجلا كان او امرأة.

فان التمس المدعي الحكم به حكم له.

ولا يكتب على المقر حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه او يشهد بذلك عدلان إلا أن يقنع المدعي بالحلية.

ولو امتنع المقر من التسليم أمر الحاكم خصمه بالملازمة، ولو التمس حبسه حبس.

ولو ادعى الاعسار كلف البينة، ومع ثبوته ينظر.

وفي تسليمه إلى الغرماء رواية، وأشهر منها: تخليته.

ولو ارتاب بالمقر توقف في الحكم حتى يستبين حاله.

وأما الانكار فعنده يقال للمدعي: ألك بينة؟ فان قال: نعم، امر باحضارها فاذا حضرت سمعها. ولو قال: البينة غائبة، اجل بمقدار احضارها.

وفي تكفيل المدعى عليه تردد، ويخرج من الكفالة عند انقضاء الاجل.

وإن قال: لا بينة، عرفه الحاكم أن له اليمين. ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي.

فان تبرع او احلفه الحاكم لم يعتد بها، واعيدت مع التماس المدعي.

ثم المنكر: إما أن يحلف او يرد او ينكل، فان حلف سقطت الدعوى، ولو ظفر له المدعي بمال لم يجز له المقاصة.

ولو عاود الخصومة لم تسمع دعواه.

ولو

٢٧٥

أقام بينة لم تسمع، وقيل: يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها.

ولو أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته.

فان رد اليمين على المدعي صح.

فان حلف استحق.

وان امتنع سقطت دعواه.

ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر، قضي عليه بالنكول، وهو المروي.

وقيل: يرد اليمين على المدعي، فان حلف ثبت حقه، وان نكل بطل.

ولو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بالنكول لم يلتفت اليه.

ولا يستحلف المدعي مع بينة إلا في الدين على الميت يستحلف على بقائه في ذمته استظهارا.

وأما السكوت: فان كان لآفة توصل إلى معرفة إقراره او انكاره.

ولو افتقر إلى مترجم لم يقتصر على الواحد.

ولو كان عنادا حبسه حتى يجيب.

المقصد الثالث - في كيفية الاستحلاف: ولا يستحلف أحد إلا بالله ولو كان كافرا، لكن ان رأى الحاكم احلاف الذمي بما يقتضيه دينه اردع جاز.

ويستحب للحاكم تقديم العظة.

ويجزيه ان يقول: والله ماله قبلي كذا.

ويجوز تغليظ اليمين بالقول والزمان والمكان.

ولا تغليظ لما دون نصاب القطع.

ويحلف الاخرس بالاشارة، وقيل: يوضع يده على اسم الله تعالى في المصحف وقيل: يكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد اعلامه فان شربه كان حالفا وإن امتنع الزم الحق.

ولا يحلف الحاكم أحدا إلا في مجلس قضائه إلا معذورا كالمريض، او امرأة غير برزة.

٢٧٦

ولا يحلف المنكر إلا على القطع.

ويحلف على فعل غيره على نفي العمل كما لو ادعى على الوارث فأنكر، او ادعى أن يكون وكيله قبض او باع.

واما المدعي ولا شاهد له، فلا يمين عليه إلا مع الرد او مع نكول المنكر على قول.

ويحلف على الجزم.

ويكفي مع الانكار الحلف على نفي الاستحقاق.

فلو ادعى المنكر الابراء او الاداء انقلب مدعيا.

والمدعي منكرا، فيكفيه اليمين على بقاء الحق.

ولا يتوجه على الوارث بالدعوى على موروثه الا مع دعوى علمه بموجبه أو إثباته وعلمه بالحق وأنه ترك في يده مالا.

ولا تسمع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة.

ولا يتوجه بها يمين على المنكر.

ولو ادعى الوارث لموروثه مالا سمع دعواه سواء كان عليه دين يحيط بالتركة أو لم يكن.

ويقضى بالشاهد واليمين في الاموال والديون.

ولا يقبل في غيره مثل الهلال والحدود والطلاق والقصاص.

ويشترط شهادة الشاهد أولا، وتعديله.

ولو بدأ باليمين وقعت لاغية.

ويفتقر إلى اعادتها بعد الاقامة.

ولا يحلف مع عدم العلم ولا يثبت مال غيره(١) .

مسألتان: (الاولى): لا يحكم الحاكم باخبار لحاكم آخر، ولا بقيام البينة بثبوت الحكم عند غيره.

نعم لو حكم بين الخصوم واثبت الحكم واشهد على نفسه فشهد شاهدان

____________________ ___

(١) إي: مال لغيره.

وفى الشرح الكبير: فلو ادعى غريم الميت مالا له (للميت) على آخر مع شاهد فان حلف الوارث ثبت وان امتنع لم يحلف الغريم ولا يجبر الوارث عليه.. لان يمينه لاثبات مال الغير.

(*)

٢٧٧

يحكم عند آخر وجب على المشهود عنده انفاذ ذلك الحكم.

(الثانية): القسمة تميز الحقوق ولا يشترط حضور قاسم بل هو أحوط فاذا عدلت السهام كفت القرعة في تحقق القسمة.

وكل ما يتساوى اجزاؤه يجبر الممتنع على قسمته كالحنطة، والشعير، وكذا ما لا يتساوى أجزاؤه اذا لم يكن في القسمة ضرر.

كالارض، والخشب.

ومع الضرر لا يجبر الممتنع.

المقصد الرابع - في الدعوى.

وهي تستدعي فصولا: (الاول) في المدعي: وهو الذي يترك لو ترك الخصومة.

وقيل: هو الذي يدعي خلاف الاصل او امرا خفيا.

ويشترط التكليف، وان يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه، وايراد الدعوى بصيغة الجزم وكون المدعى به مملوكا.

ومن كانت دعواه عينا فله انتزاعها.

ولو كان دينا والغريم مقر باذل او مع جحوده عليه حجة لم يستقل المدعي بالانتزاع من دون الحاكم.

ولو فات احد الشروط وحصل للغريم في يد المدعي مال كان له المقاصة ولو كان من غير جنس الحق.

وفي سماع الدعوى المجهولة تردد، اشبهه: الجواز.

مسائل: (الاولى): من انفرد بالدعوى لما لا يد عليه قضى له به.

ومن هذا ان يكون بين جماعة كيس فيدعيه أحدهم.

(الثانية): لو انكسرت سفينة في البحر فما اخرجه البحر فهو لاهله.

وما اخرج بالغوص فهو لمخرجه، وفي الرواية ضعف.

(الثالثة): روي في رجل دفع إلى رجل دراهم بضاعة يخلطها بماله ويتجر بها، فقال: ذهبت، وكان لغيره معه مال كثير فأخذوا أموالهم، قال: يرجع عليه

٢٧٨

بماله ويرجع هو على اولئك بما أخذوا.

ويمكن حمل ذلك على من خلط المال ولم يأذن له صاحبه وأذن الباقون.

(الرابعة): لو وضع المستأجر الاجرة على يد أمين فتلفت كان المستأجر ضامنا إلا أن يكون الآجر دعاه إلى ذلك فحقه حيث وضعه.

(الخامسة): يقضى على الغائب مع قيام البينة، ويباع ماله، ويقضى دينه ويكون الغائب على حجته، ولا يدفع اليه المال إلا بكفلاء.

(الفصل الثاني): في الاختلاف في الدعوى: وفيه مسائل: (الاولى): لو كان في يد رجل وامرأة جارية فادعى أنها مملوكته وادعت المرأة حريتها وأنها بنتها، فان أقام أحدهما بينة قضي له وإلا تركت الجارية حتى تذهب حيث شاء‌ت.

(الثانية): لو تنازعا عينا في يدهما قضي لهما بالسوية ولكل منهما احلاف صاحبه.

ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للمتشبث وللخارج احلافه.

ولو كانت في يد ثالث وصدق أحدهما قضي له، وللآخر إحلافه.

ولو صدقهما قضى لهما بالسوية.

ولكل منهما احلاف الآخر وإن كذبهما أقرت في يده.

(الثالثة): اذا تداعيا خصا قضي لمن اليه القمط(١) وهي رواية عمرو بن شمر عن جابر، وفي عمرو ضعف.

وعن منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام أن علياعليه‌السلام قضى بذلك، وهي قضية في واقعة.

(الرابعة): إذا ادعى ابوالميتة عارية بعض متاعها كلف البينة وكان كغيره من الانساب.

وفيه رواية بالفرق ضعيفة.

(الخامسة): اذا تداعى الزوجان متاع البيت فله ما للرجال، ولها ما للنساء وما يصلح لهما يقسم بينهما.

وفي رواية: هو للمرأة وعلى الرجال البينة.

____________________ ___

(١) القمط بالكسر: الحبل الذى يشد به الخص.

(*)

٢٧٩

وفي المبسوط: اذا لم يكن بينة ويدهما عليه كان بينهما.

(الثالث): في تعارض البينات: يقضى مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملك المطلق على الاشبه.

ولصاحب اليد لو انفردت بينته بالسبب كالنتاج وقديم الملك وكذا الابتياع.

ولو تساويا في السبب فروايتان، أشبههما: القضاء للخارج.

ولو كانت يداهما عليه قضي لكل منهما بما في يد الآخر، فيكون بينهما نصفين.

ولو كان المدعى به في يد ثالث قضي بالاعدل فالاكثر، فان تساويا عدالة وكثرة أقرع بينهما، فمن خرج اسمه أحلف وقضي له.

ولو امتنع احلف الآخر.

ولو امتنعا قسم بينهما.

وفي المبسوط: يقرع بينهما إن شهدتا بالملك المطلق.

ويقسم إن شهدتا بالملك المقيد.

والاول أشبه.

كتاب الشهادات

والنظر في امور أربعة: (الاول): في صفات الشاهد، وهي ستة: (الاول): البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي ما لم يصر مكلفا.

وقيل: تقبل اذا بلغ عشرا، وهو شاذ.

واختلفت عبارة الاصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات و محصلها القبول في الجراح مع بلوغ العشر ما لم يختلفوا، ويؤخذ بأول قولهم.

وشرط الشيخ في الخلاف: ألا يفترقوا.

(الثاني): كمال العقل: فالمجنون لا تقبل شهادته.

ومن يناله الجنون أدوارا تقبل في حال الوثوق باستكمال فطنته.

٢٨٠

ويستحبّ أن يعتمر الإنسان في كلّ شهر إذا تمكّن من ذلك. وقد روي أنّه يجوز أن يعتمر في كلّ عشرة أيّام. فمن عمل على ذلك، لم يكن به بأس.

وينبغي إذا أحرم المعتمر أن يذكر في دعائه أنّه محرم بالعمرة المفردة. وإذا دخل الحرم، قطع التّلبية حسب ما قدّمناه. فإذا دخل مكّة، طاف بالبيت طوافا واحدا للزّيارة، ويسعى بين الصّفا والمروة، ثمَّ يقصّر إن شاء، وإن شاء حلق. والحلق أفضل. ويجب عليه بعد ذلك لتحلّة النّساء طواف، وقد أحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه.

باب المحصور والمصدور

المحصور هو الذي يلحقه المرض في الطّريق، فلا يقدر على النّفوذ إلى مكّة. فإذا كان كذلك، فإن كان قد ساق هديا، فليبعث به الى مكّة، ويجتنب هو جميع ما يجتنبه المحرم الى أن يبلغ الهدي محلّه. ومحلّه منى يوم النّحر، إن كان حاجّا. وإن كان معتمرا، فمحلّه مكّة بفناء الكعبة. فإذا بلغ الهدي محلّه، قصر من شعر رأسه، وحلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء، ويجب عليه الحجّ من قابل، إذا كان صرورة. وإن لم يكن صرورة، كان عليه الحجّ من قابل استحبابا، ولم تحلّ له النّساء الى أن يحجّ في القابل، إن كان ممن يجب عليه ذلك، أو

٢٨١

يأمر من يطوف عنه طواف النّساء، إن كان متطوّعا. فإن وجد من نفسه خفّة بعد أن بعث هديه، فليلحق بأصحابه. فإن أدرك مكّة قبل أن ينحر هديه، قضى مناسكه كلّها، وقد وقد أجزأه، وليس عليه الحجّ من قابل.

وإن وجدهم قد ذبحوا الهدي، فقد فاته الحجّ، وكان عليه الحجّ من قابل. وإنما كان الأمر على ذلك، لأن الذّبح إنّما يكون يوم النّحر. فإذا وجدهم قد ذبحوا الهدي، فقد فاته الموقفان، وإن لحقهم قبل الذّبح، يجوز أن يلحق أحد الموقفين. فمتى لم يلحق واحدا منهما، فقد فاته أيضا الحجّ. ومن لم يكن قد ساق الهدي فليبعث بثمنه مع أصحابه، ويواعدهم وقتا بعينه بأن يشتروه ويذبحوا عنه، ثمَّ يحلّ بعد ذلك. فإن ردّوا عليه الدراهم، ولم يكونوا وجدوا الهدي، وكان قد أحلّ، لم يكن عليه شي‌ء. ويجب عليه أن يبعث به في العام القابل، ويمسك ممّا يمسك عنه المحرم الى أن يذبح عنه. وإن كان المحصور معتمرا، فعل ما ذكرناه، وكانت عليه العمرة فرضا في الشّهر الدّاخل، إذا كانت واجبة. وإن كانت نفلا، كان عليه العمرة في الشّهر الدّاخل تطوّعا.

وأمّا المصدود، فهو الذي يصدّه العدوّ عن الدّخول إلى مكّة، كما صدوا رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله . فإذا كان ذلك، ذبح هديه في المكان الذي صدّ فيه، ويحلّ من كلّ

٢٨٢

شي‌ء أحرم منه من النّساء وغيره.

والمحصور إن كان قد أحصر، وقد أحرم بالحجّ قارنا، فليس له أن يحجّ في المستقبل متمتّعا، بل يدخل بمثل ما خرج منه.

ومن أراد أن يبعث بهدي تطوّعا، فليبعثه، ويواعد أصحابه يوما بعينه، ثمَّ ليجتنب جميع ما يجتنبه المحرم من الثّياب والنّساء والطّيب وغيره، إلّا أنّه لا يلبّي. فإن فعل شيئا ممّا يحرم عليه، كانت عليه الكفّارة، كما يجب على المحرم سواء. فإذا كان اليوم الذي واعدهم، أحلّ. وإن بعث بالهدي من أفق من الآفاق، يواعدهم يوما بعينه بإشعاره وتقليده. فإذا كان ذلك اليوم اجتنب ما يجتنبه المحرم الى أن يبلغ الهدي محلّه، ثمَّ إنّه قد أحلّ من كلّ شي‌ء أحرم منه.

باب آخر من فقه الحج

إذا وصّى الرّجل بحجّة، وكانت حجّة الإسلام، أخرجت من أصل المال. وإن كانت نافلة، أخرجت من الثّلث. فإن لم يبلغ الثلث ما يحجّ به عنه من موضعه، حجّ عنه من بعض الطّريق. فإن لم يمكن أن يحجّ به أصلا، صرف في وجوه البر. ومن نذر أن يحجّ الله تعالى، ثمَّ مات قبل أن يحجّ، ولم يكن أيضا قد حجّ حجّة الإسلام، أخرجت عنه حجّة

٢٨٣

الإسلام من صلب المال، وما نذر فيه من ثلثه. فإن لم يكن المال إلّا بقدر ما يحجّ به عنه حجّة الإسلام، حجّ به. ويستحبّ لوليّه أن يحجّ عنه ما نذر فيه. ومن وجبت عليه حجّة الإسلام، فخرج لأدائها، فمات في الطّريق، فان كان قد دخل الحرم، فقد أجزأ عنه، وإن لم يكن قد دخل الحرم، كان على وليّه أن يقضي عنه حجّة الإسلام من تركته.

ومن أوصى أن يحجّ عنه كلّ سنة من وجه بعينه. فلم يسع ذلك المال الحجّ في كلّ سنة جاز أن يجعل مال سنتين لسنة واحدة. ومن أوصى أن يحج عنه، ولم يذكر كم مرّة ولا بكم من ماله، وجب عليه أن يحجّ عنه ما بقي من ثلثه شي‌ء يمكن أن يحجّ به.

ومن أحدث حدثا في غير الحرم، فلجأ الى الحرم، فليضيّق عليه في المطعم والمشرب، حتى يخرج، فيقام عليه الحدّ.

فإن أحدث في الحرم ما يجب عليه إقامة الحدّ، أقيم عليه فيه. ولا ينبغي لأحد أن يمنع الحاجّ شيئا من دور مكّة ومنازلها لأنّ الله تعالى قال:( سَواءً الْعاكِفُ فِيهِ وَالْبادِ ) . ولا ينبغي لأحد أن يرفع بناء فوق الكعبة.

ومن وجد شيئا في الحرم، فلا يجوز له أخذه. فإن أخذه، فليعرّفه سنة. فإن جاء صاحبه، وإلا تصدق به، وكان ضامنا،

٢٨٤

إذا جاء صاحبه، ولم يرض بفعله. وإذا وجد في غير الحرم فليعرّفه سنة، ثمَّ هو كسبيل ماله يعمل به ما شاء، إلّا أنّه ضامن له، إذا جاء صاحبه. وتكره الصّلاة في ثلاثة مواضع: في طريق مكّة: البيداء، وذات الصّلاصل، وضجنان.

ويستحبّ الإتمام في الحرمين: مكّة والمدينة ما دام مقيما وإن لم ينو المقام عشرة أيّام. فإن لم يفعل وقصّر، لم يكن عليه شي‌ء. وكذلك يستحبّ الإتمام في مسجد الكوفة والحائر. وقد رويت رواية في الإتمام في حرم أمير المؤمنين،عليه‌السلام ، وحرم الحسين،عليه‌السلام . فعلى هذه الرّواية يجوز الإتمام في نفس المشهد بالنّجف وخارج الحير، إلّا أنّ الأحوط ما قدّمناه.

ويكره الحجّ والعمرة على الإبل الجلّالات.

ويستحبّ لمن حجّ على طريق العراق أن يبدأ أوّلا بزيارة النّبيّعليه‌السلام بالمدينة، فإنّه لا يأمن أن لا يتمكّن من العود إليها. فإن بدأ بمكّة، فلا بدّ له من العود إليها للزّيارة.

وإذا ترك النّاس الحجّ، وجب على الإمام أن يخبرهم على ذلك. وكذلك إن تركوا زيارة النّبيّ، كان عليه إجبارهم عليها. ولا بأس أن يستدين الرّجل ما يحجّ به، إذا كان من ورائه ما إن مات قضي عنه. فإن لم يكن له ذلك، كره له الاستدانة للحجّ. ويستحبّ الاجتماع يوم عرفة، والدعاء عند

٢٨٥

مشاهد الأئمّةعليهم‌السلام . وليس ذلك بواجب. ويستحبّ للرّجل إذا انصرف من الحجّ أن يعزم على العود إليها، ويسأل الله تعالى ذلك.

وأشهر الحجّ قد بيّنّا أنها شوّال وذو القعدة وذو الحجّة. والأيام المعلومات أيّام التّشريق. والأيّام المعدودات هي عشر ذي الحجّة.

ومن جاور بمكّة، فالطّواف له أفضل من الصّلاة، ما لم يجاوز ثلاث سنين. فإن جاوزها، أو كان من أهل مكّة، كانت الصّلاة له أفضل. ولا بأس أن يحجّ الإنسان عن غيره تطوّعا، إذا كان ميّتا، فإنّه يلحقه ثواب ذلك، إلّا أن يكون مملوكا، فإنّه لا يحجّ عنه. وتكره المجاورة بمكّة.

ويستحبّ للإنسان إذا فرغ من مناسكه الخروج منها، ومن أخرج شيئا من حصى المسجد الحرام، كان عليه ردّه اليه. ويكره للإنسان أن يخرج من الحرمين بعد طلوع الشّمس قبل أن يصلّي الصّلاتين. فإذا صلاهما، خرج إن شاء.

فإذا خرج الإنسان من مكّة فليتوجّه إلى المدينة لزيارة النّبيّعليه‌السلام . فإذا بلغ الى المعرّس، فليدخله وليصل فيه ركعتين استحبابا ليلا كان أو نهارا. فإن جازه ونسي، فليرجع، وليصلّ فيه ركعتين. وليضطجع فيه قليلا. وإذا انتهى الى مسجد الغدير، فليدخله وليصلّ فيه ركعتين. واعلم

٢٨٦

أنّ للمدينة حرما مثل حرم مكّة. وحدّه ما بين لابتيها وهو من ظلّ عائر إلى ظلّ وعير. لا يعضد شجرها. ولا بأس أن يؤكل صيدها، إلّا ما صيد بين الحرّتين.

ويستحبّ ألّا يدخل الإنسان المدينة إلّا بغسل. وكذلك إذا أراد دخول مسجد النّبي،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فإذا دخله، أتى قبر النّبي،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وزاره. فإذا فرغ من زيارته أتى المنبر فمسحه استحبابا. ويمسح أيضا رمّانتيه. ويستحبّ أن يصلّي ما بين القبر والمنبر ركعتين. فإن فيه روضة من رياض الجنّة. وقد روي أنّ فاطمة،عليها‌السلام ، مدفونة هناك. وقد روي أنّها مدفونة في بيتها. وقد روي أنّها مدفونة بالبقيع. وهذا بعيد. والروايتان الأوليان أشبه وأقرب الى الصّواب. وينبغي أن يزور فاطمة،عليها‌السلام ، من عند الروضة.

ويستحبّ المجاورة في المدينة وإكثار الصّلاة في مسجد النّبيّ،صلى‌الله‌عليه‌وآله . ويكره النّوم في مسجد النّبيّ، عليه وآله السّلام. ويستحبّ لمن له مقام بالمدينة أن يصوم ثلاثة أيّام: الأربعاء والخميس والجمعة. ويصلّي ليلة الأربعاء عند أسطوانة أبي لبابة. وهي أسطوانة التّوبة. ويقعد عندها يوم الأربعاء، ويأتي ليلة الخميس الأسطوانة التي تلي مقام رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ومصلّاه. ويصلّي عندها

٢٨٧

ويصلّي ليلة الجمعة عند مقام النّبيّ،صلى‌الله‌عليه‌وآله ويستحبّ أن تكون هذه الثّلاثة أيّام معتكفا في المسجد. ولا يخرج منه الا لضرورة.

ويستحبّ إتيان المشاهد كلّها بالمدينة: مسجد قبا، ومشربة أمّ إبراهيم، ومسجد الأحزاب، وهو مسجد الفتح، ومسجد الفضيخ، وقبور الشّهداء كلّهم. ويأتي قبر حمزة بأحد، ولا يتركه إلّا عند الضّرورة، إن شاء الله.

٢٨٨

كتاب الجهاد وسيرة الإمام

باب فرض الجهاد ومن يجب عليه وشرائط وجوبه وحكم الرباط

الجهاد فريضة من فرائض الإسلام وركن من أركانه وهو، فرض على الكفاية. ومعنى ذلك أنّه إذا قام به من في قيامه كفاية وغناء عن الباقين، ولا يؤدّي الى الإخلال بشي‌ء من أمر الدين، سقط عن الباقين. ومتى لم يقم به أحد، لحق جميعهم الذّمّ، واستحقّوا بأسرهم العقاب. ويسقط الجهاد عن النّساء والصبيان والشّيوخ الكبار والمجانين والمرضى ومن ليس به نهضة الى القيام بشرطه.

ومن كان متمكّنا من إقامة غيره مقامه في الدّفاع عنه، وهو غير متمكّن من القيام به بنفسه، وجب عليه إقامته، وإزاحة علّته في ما يحتاج اليه. ومن تمكّن من القيام بنفسه، فأقام غيره مقامه، سقط فرضه، إلّا أن يلزمه النّاظر في أمر المسلمين القيام بنفسه، فحينئذ يجب عليه أن يتولّى هو الجهاد ولا يكفيه إقامة غيره.

٢٨٩

ومن وجب عليه الجهاد إنّما يجب عليه عند شروط، وهي أن يكون الإمام العادل الذي لا يجوز لهم القتال إلّا بأمره ولا يسوغ لهم الجهاد من دونه ظاهرا، أو يكون من نصبه الإمام للقيام بأمر المسلمين حاضرا، ثمَّ يدعوهم الى الجهاد، فيجب عليهم حينئذ القيام به. ومتى لم يكن الإمام ظاهرا، ولا من نصبه الإمام حاضرا، لم يجز مجاهدة العدوّ. والجهاد مع أئمّة الجور أو من غير إمام، خطأ يستحقّ فاعله به الإثم. وإن أصاب لم يؤجر عليه. وإن أصيب كان مأثوما. اللهمّ إلّا أن يدهم المسلمين أمر من قبل العدوّ يخاف منه على بيضة الإسلام ويخشى بواره، أو يخاف على قوم منهم، وجب حينئذ أيضا جهادهم ودفاعهم. غير أنّه يقصد المجاهد، والحال على ما وصفناه، الدّفاع عن نفسه وعن حوزة الإسلام وعن المؤمنين، ولا يقصد الجهاد مع الإمام الجائر، ولا مجاهدتهم ليدخلهم في الإسلام.

والمرابطة في سبيل الله، فيها فضل كبير وثواب جزيل. غير أنّ الفضل فيها يكون حال كون الإمام ظاهرا. وحدّها ثلاثة أيّام إلى أربعين يوما. فإن زاد على ذلك، كان حكمه حكم المجاهدين وثوابه ثوابهم.

ومتى لم يكن الإمام ظاهرا، لم يكن فيه ذلك الفضل. فإن نذر في حال استتار الامام وانقباض يده عن التّصرف أن

٢٩٠

يرابط، وجب عليه الوفاء به. غير أنّه يكون حكمه ما ذكرناه من أنّه لا يبدأ العدوّ بالقتال، وإنّما يدفعهم إذا خاف سطوتهم.

وإن نذر أن يصرف شيئا من ماله الى المرابطين في حال ظهور الإمام، وجب عليه الوفاء به. وإن نذر ذلك في حال انقباض يد الإمام، صرف ذلك في وجوه البر. اللهمّ إلّا أن يكون قد نذر ظاهرا ويخاف في الإخلال به الشّنعة عليه. فحينئذ يجب الوفاء به.

ومن أخذ من إنسان شيئا، ليرابط عنه في حال انقباض يد الإمام، فليردّ عليه، ولا يلزمه الوفاء به. فإن لم يجد من أخذه منه، وجب عليه الوفاء به، ولزمته المرابطة.

ومن لا يمكنه المرابطة بنفسه، فرابط دابّة، أو أعان المرابطين بشي‌ء يقوم بأحوالهم، كان له في ذلك أجر كبير.

ومن دخل أرض العدوّ بأمان من جهتهم، فغزاهم قوم آخرون من الكفّار، جاز له قتالهم، ويكون قصده بذلك الدّفاع عن نفسه، ولا يقصد معاونة المشركين والكفّار.

باب من يجب قتاله من المشركين وكيفية قتالهم

كلّ من خالف الإسلام من سائر أصناف الكفّار يجب مجاهدتهم وقتالهم. غير أنّهم ينقسمون قسمين:

قسم لا يقبل منهم إلّا الإسلام والدّخول فيه، أو يقتلون

٢٩١

وتسبى ذراريّهم وتؤخذ أموالهم. وهم جميع أصناف الكفّار، إلّا اليهود والنّصارى والمجوس.

والقسم الآخر هم الذين تؤخذ منهم الجزية. وهم الأجناس الثلاثة الذين ذكرناهم. فإنّهم متى انقادوا للجزية وقبلوها وقاموا بشرائطها، لم يجز قتالهم، ولم يسغ سبي ذراريهم. ومتى أبوا الجزية أو أخلّوا بشرائطها، كان حكمهم حكم غيرهم من الكفّار في أنّه يجب عليهم القتل وسبي الذراري وأخذ الأموال.

ولا يجوز قتال أحد من الكفّار إلّا بعد دعائهم إلى الإسلام وإظهار الشّهادتين والإقرار بالتّوحيد والعدل والتزام جميع شرائع الإسلام. فمتى دعوا الى ذلك، فلم يجيبوا حلّ قتالهم. ومتى لم يدعوا، لم يجز قتالهم. والدّاعي ينبغي أن يكون الإمام أو من يأمره الإمام.

ولا يجوز قتال النّساء. فإن قاتلن المسلمين وعاونّ أزواجهنّ ورجالهنّ، أمسك عنهنّ. فإن اضطرّوا الى قتلهنّ، جاز حينئذ قتلهنّ، ولم يكن به بأس.

وشرائط الذّمّة الامتناع من مجاهرة المسلمين بأكل لحم الخنزير وشرب الخمور وأكل الرّبا ونكاح المحرّمات في شريعة الإسلام. فمتى فعلوا شيئا من ذلك، فقد خرجوا من الذّمّة، وجرى عليهم أحكام الكفّار.

ومن أسلم من الكفّار وهو بعد في دار الحرب، كان إسلامه

٢٩٢

حقنا لدمه من القتل، وولده الصّغار من السّبي، فأمّا الكبار منهم والبالغون، فحكمهم حكم غيرهم من الكفّار، وماله من الأخذ، كلّ ما كان صامتا أو متاعا أو أثاثا، وما يمكن نقله الى دار الإسلام. واما الأرضون والعقارات وما لا يمكن نقله، فهو في‌ء للمسلمين.

ويجوز قتال الكفّار بسائر أنواع القتل إلّا السمّ، فإنّه لا يجوز أن يلقى في بلادهم السّم. ومتى استعصى على المسلمين موضع منهم، كان لهم أن يرموهم بالمناجيق والنّيران وغير ذلك ممّا يكون فيه فتح لهم، وإن كان في جملتهم قوم من المسلمين النّازلين عليهم. ومتى هلك المسلمون فيما بينهم، أو هلك لهم من أموالهم شي‌ء، لم يلزم المسلمين ولا غيرهم غرامتهم من الدّية والأرش، وكان ضائعا.

ولا بأس بقتال المشركين في أيّ وقت كان، وفي أيّ شهر كان، إلّا الأشهر الحرم. فإن من يري منهم خاصّة لهذه الأشهر حرمة لا يبتدءون فيها بالقتال. فإن بدءوهم بقتال المسلمين، جاز حينئذ قتالهم. وإن لم يبتدءوا أمسك عنهم الى انقضاء هذه الأشهر. فأمّا غيرهم من سائر أصناف الكفّار فإنّهم يبتدءون فيها بالقتال على كلّ حال. ولا بأس بالمبارزة بين الصّفّين في حال القتال، ولا يجوز له أن يطلب المبارزة، إلّا بإذن الإمام. ولا يجوز لأحد أن يؤمن إنسانا على نفسه ثمَّ يقتله، فإنّه يكون غادرا. ويلحق

٢٩٣

بالذّراريّ من لم يكن قد أنبت بعد. ومن أنبت، ألحق بالرّجال، وأجري عليه أحكامهم. ويكره قتل من يجب قتله صبرا. وإنّما يقتل على غير ذلك الوجه. ولا يجوز أن يفرّ واحد من واحد ولا اثنين. فإن فرّ منهما، كان مأثوما. ومن فرّ من أكثر من اثنين، لم يكن عليه شي‌ء.

باب قسمة الفي‌ء وأحكام الأسارى

قد بيّنّا في كتاب الزّكاة كيفيّة قسمة الفي‌ء على التفصيل، غير أنّا نذكره هاهنا مجملا، ونزيد عليه ما يحتاج اليه ممّا يليق بهذا المكان.

كلّ ما غنمه المسلمون من المشركين، ينبغي للإمام أن يخرج منه الخمس، فيصرفه إلى أهله ومستحقّيه حسب ما قدّمناه في كتاب الزّكاة.

والباقي على ضربين:

ضرب منه للمقاتلة خاصّة دون غيرهم من المسلمين.

وضرب هو عام لجميع المسلمين مقاتلتهم وغير مقاتلتهم.

فالذي هو عامّ لجميع المسلمين، فكلّ ما عدا ما حوى العسكر من الأرضين والعقارات وغير ذلك، فإنّه بأجمعه في‌ء للمسلمين: من غاب منهم ومن حضر على السّواء.

وما حوى العسكر يقسم بين المقاتلة خاصّة، ولا يشركهم

٢٩٤

فيه غيرهم. فإن قاتلوا، وغنموا، فلحقهم قوم آخرون لمعاونتهم، كان لهم من القسمة مثل ما لهم، يشاركونهم فيها. وينبغي للإمام أن يسوّي بين المسلمين في القسمة، ولا يفضّل أحدا منهم لشرفه أو علمه أو زهده على من ليس كذلك في قسمة الفي‌ء.

وينبغي أن يقسم للفارس سهمين وللرّاجل سهما: فإن كان مع الرّجل أفراس جماعة لم يسهم منها الّا لفرسين منها. ومن ولد في أرض الجهاد، كان له من السّهم مثل ما للمقاتل على السّواء. وإذا قاتل قوم من المسلمين المشركين في السفينة، فغنموا. وفيهم الفرسان والرّجّالة، كان قسمتهم مثل قسمتهم لو قاتلوا على البرّ، سواء: للفارس سهمان، وللرّجل سهم.

وعبيد المشركين، إذا لحقوا بالمسلمين قبل مواليهم، وأسلموا كانوا أحرارا، وحكمهم حكم المسلمين، وإن لحقوا بهم بعد مواليهم كان حكمهم حكم العبيد.

ومتى أغار المشركون على المسلمين، فأخذوا منهم ذراريّهم وعبيدهم وأموالهم، ثمَّ ظفر بهم المسلمون، فأخذوا منهم ما كانوا أخذوا منهم المشركون، فإنّ أولادهم يردّون إليهم بعد أن يقيموا بذلك بيّنة، ولا يسترقّون. فأمّا العبيد فإنّهم يقوّمون في سهام المقاتلة. ويعطي الإمام مواليهم أثمانهم من بيت المال. وكذلك الحكم في أمتعتهم وأثاثاتهم على السّواء.

٢٩٥

والأسارى على ضربين: ضرب منهم هو كلّ أسير أخذ قبل أن( تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزارَها ) ، وينقضي القتال، فإنّه لا يجوز للإمام استبقاءهم، ويكون مخيّرا بين أن يضرب رقابهم أو يقطع أيديهم وأرجلهم، ويتركهم حتّى ينزفوا ويموتوا. والضّرب الآخر هو كلّ أسير أخذ بعد أن وضعت( الْحَرْبُ أَوْزارَها ) ، فإنّه يكون الإمام فيه مخيّرا: إن شاء منّ عليه فأطلقه، وإن شاء استبعده، وإن شاء فاداه.

ومن أخذ أسيرا، فعجز عن المشي، ولم يكن معه ما يحمله عليه الى الإمام، فليطلقه، فإنّه لا يدري: ما حكم الإمام فيه. ومن كان في يده أسير، وجب عليه أن يطعمه ويسقيه، وإن أرادوا قتله بعد لحظة.

والمسلم إذا أسره المشركون، لم يجز له أن يتزوّج فيما بينهم. فإن اضطرّ، جاز له أن يتزوّج في اليهود والنّصارى. فأمّا غيرهم فلا يقربهم على حال.

باب قتال أهل البغي والمحاربين وكيفية قتالهم والسيرة فيهم

كلّ من خرج على إمام عادل، ونكث بيعته، وخالفه في أحكامه، فهو باغ، وجاز للإمام قتاله ومجاهدته. ويجب على من يستنهضه الإمام في قتالهم، النّهوض معه. ولا يسوغ له

٢٩٦

التّأخّر عن ذلك. ومن خرج على إمام جائر، لم يجز قتالهم على حال. ولا يجوز لأحد قتال أهل البغي إلّا بأمر الإمام. ومن قاتلهم، فلا ينصرف عنهم إلّا بعد الظّفر أو يفيئوا إلى الحقّ. ومن رجع عنهم من دون ذلك، كان فارّا من الزّحف.

وأهل البغي على ضربين: ضرب منهم يقاتلون ولا تكون لهم فئة يرجعون اليه. والضّرب الآخر تكون لهم فئة يرجعون إليه.

فإذا لم يكن لهم فئة يرجعون إليه، فإنّه لا يجاز على جريحهم ولا يتّبع مدبرهم ولا تسبى ذراريّهم، ولا يقتل أسيرهم.

ومتى كان لهم فئة يرجعون اليه، جاز للإمام أن يجيز على جرحاهم وأن يتّبع مدبرهم وأن يقتل أسيرهم. ولا يجوز سبي الذّراري على حال. ويجوز للإمام أن يأخذ من أموالهم ما حوى العسكر، ويقسم على المقاتلة حسب ما قدّمناه. وليس له ما لم يحوه العسكر، ولا له اليه سبيل على حال.

والمحارب هو كلّ من قصد إلى أخذ مال الإنسان وأشهر السّلاح في برّ أو بحر أو سفر أو حضر. فمتى كان شي‌ء من ذلك، جاز للإنسان دفعه عن نفسه وعن ماله. فإن أدّى ذلك الى قتل اللّصّ، لم يكن عليه شي‌ء. وإن أدّى الى قتله هو، كان شهيدا، وثوابه ثواب الشّهداء.

٢٩٧

باب من الزيادات في ذلك

يجوز للإمام أن يذمّ لقوم من المشركين، ويجوز له أن يصالحهم على ما يراه. ولا يجوز لأحد أن يذمّ عليه إلّا بإذنه وإذا كانوا جماعة من المسلمين في سريّة، فأذمّ واحد منهم لمشرك، كانت ذمّته ماضية على الكلّ، ولم يجز لأحد منهم الخلاف عليهم، وإن كان أدونهم في الشّرف، حرّا كان أو عبدا. ومتى استذمّ قوم من المشركين الى المسلمين، فقال لهم المسلمون لا نذمّكم، فجاءوا إليهم ظنّا منهم أنّهم أذمّوهم، كانوا مأمونين ولم يكن عليهم سبيل. ومن أذمّ مشركا أو غير مشرك، ثمَّ أخفره ونقض ذمامه، كان غادرا آثما.

ويكره أن يعرقب الإنسان الدّابة على جميع الأحوال. فإن وقفت عليه في أرض العدوّ، فليخلّها ولا يعرقبها.

وإذا اشتبه قتلى المشركين بقتلى المسلمين، فليوار منهم من كان صغير الذّكر على ما روي في بعض الأخبار.

ولا بأس أن يغزو الإنسان عن غيره، ويأخذ منه على ذلك الجعل.

ويكره تبييت العدوّ ليلا، وإنّما يلاقون بالنّهار. ويستحبّ ألّا يؤخذ في القتال إلّا بعد زوال الشّمس، فإن اقتضت المصلحة تقديمه قبل الزّوال، لم يكن به بأس. ولا يجوز التّمثيل

٢٩٨

بالكفّار ولا الغدر بهم ولا الغلول منهم. ولا ينبغي أن تقطع المثمرة في أرض العدوّ والإضرار بهم، إلّا عند الحاجة إليها. ولا ينبغي تغريق المساكن والزّروع إلّا عند الحاجة الشّديدة الى ذلك.

وليس للأعراب من الغنيمة شي‌ء، وإن قاتلوا مع المهاجرين.

باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن له اقامة الحدود والقضاء ومن ليس له ذلك

الأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر فرضان من فرائض الإسلام، وهما فرضان على الأعيان، لا يسع أحدا تركهما والإخلال بهما.

والأمر بالمعروف والنّهي عن المنكر يجبان بالقلب واللّسان واليد، إذا تمكّن المكلّف من ذلك، وعلم أنّه لا يؤدّي الى ضرر عليه ولا على أحد من المؤمنين لا في الحال ولا في مستقبل الأوقات، أو ظنّ ذلك. فإن علم الضّرر في ذلك، إمّا عليه أو على غيره، إمّا في الحال أو في مستقبل الأوقات، أو غلب على ظنّه. لم يجب عليه من هذه الأنواع، إلّا ما يأمن معه الضّرر على كلّ حال.

والأمر بالمعروف يكون باليد واللّسان. فأمّا باليد، فهو أن يفعل المعروف ويجتنب المنكر على وجه يتأسّى به النّاس. وأمّا باللّسان، فهو أن يدعو النّاس الى المعروف، ويعدهم على فعله المدح والثّواب، ويزجرهم، ويحذرهم في الإخلال به من العقاب.

٢٩٩

فمتى لم يتمكّن من هذين النّوعين، بأن يخاف ضررا عليه أو على غيره، اقتصر على اعتقاد وجوب الأمر بالمعروف بالقلب، وليس عليه أكثر من ذلك.

وقد يكون الأمر بالمعروف باليد بأن يحمل النّاس على ذلك بالتأديب والرّدع وقتل النّفوس وضرب من الجراحات، إلّا أنّ هذا الضّرب لا يجب فعله إلّا بإذن سلطان الوقت المنصوب للرّئاسة. فإن فقد الإذن من جهته، اقتصر على الأنواع التي ذكرناها.

وإنكار المنكر يكون بالأنواع الثلاثة التي ذكرناها: فأمّا باليد، فهو أن يؤدّب فاعله بضرب من التأديب: إمّا الجراح أو الألم أو الضّرب، غير أنّ ذلك مشروط بالإذن من جهة السّلطان حسب ما قدّمناه. فمتى فقد الإذن من جهته اقتصر على الإنكار باللّسان والقلب. ويكون الإنكار باللّسان، بالوعظ والإنذار والتّخويف من فعله بالعقاب والذّمّ. وقد يجب عليه إنكار المنكر بضرب من الفعل، وهو أن يهجر فاعله، ويعرض عنه وعن تعظيمه، ويفعل معه من الاستخفاف ما يرتدع معه من المناكير. وإن خاف الفاعل للإنكار باللّسان ضررا، اقتصر على الإنكار بالقلب حسب ما قدّمناه في المعروف سواء.

فأمّا إقامة الحدود، فليس يجوز لأحد إقامتها، إلّا لسلطان الزّمان المنصوب من قبل الله تعالى، أو من نصبه الإمام لإقامتها

٣٠٠

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793