النهاية الجزء ١

النهاية5%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الجزء ١ المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 232187 / تحميل: 6695
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

المصحف، فلا يمسّ الكتابة. ويجوز له أن يمسّ أطراف الأوراق.

ويكره أن يأكل الجنب الطّعام أو يشرب الشّراب. فإن أرادهما، فليتمضمض أوّلا وليستنشق.

ويكره للمحتلم والجنب أن يناما قبل الاغتسال. فإن أرادا ذلك، توضّئا وناما الى وقت الاغتسال.

فإذا أراد الغسل من الجنابة فليستبرأ نفسه بالبول. فإن تعذّر عليه، فليجتهد. فإن لم يتأتّ له، فليس عليه شي‌ء. وكذلك تفعل المرأة. ثمَّ ليغسل يده قبل إدخالها الإناء ثلاث مرّات استحبابا. فإن لم يفعل فليس عليه شي‌ء، إلا أن يكون على يده نجاسة، فإنّه يفسد الماء إن كان قليلا على ما قدّمناه. ثمَّ ليغسل فرجه. وإن كان قد أصاب شيئا من جسده منيّ غسله أيضا. ثمَّ ليتمضمض وليستنشق ثلاثا سنّة. ثمَّ ليأخذ كفّا من الماء، فيضعه على أمّ رأسه، ويمسح يده عليه ويغسله، ويميّز الشّعر بأنامله حتّى يوصل الماء الى جميع أصول شعره، ويخلّل أذنيه بإصبعيه. ثمَّ يأخذ كفّا ثانية وثالثة، فيغسل بهما رأسه حسب ما قدّمناه، فإذا فرغ من غسل رأسه ثلاث مرّات بثلاث أكفّ من ماء أو ما زاد عليه، بدأ بوضع الماء على جانبه الأيمن مقدار ثلاث أكفّ من ماء أو ما زاد عليه. وليغسله إلى قدمه، ثمَّ ليغسل جانبه الأيسر مثل ذلك. ويوصل الماء الى جميع جسده، ولا يبقي شيئا منه على حال.

٢١

وأقلّ ما يجزئه من الماء للغسل ما يكون كالدّهن للبدن. وهذا يكون عند الضّرورة. والإسباغ يكون بتسعة أرطال من ماء. فإن استعمل أكثر من ذلك، جاز.

وإن ارتمس الجنب في الماء ارتماسة واحدة، أجزأه. ويكون ذلك في الماء الجاري، أو فيما زاد على الكرّ من الواقف، ولا يكون ذلك فيما هو أقلّ. وإن وقف تحت السّماء حتّى جاء عليه المطر وغسل بدنه، أجزأه.

والنيّة واجبة أيضا في الغسل من الجنابة.

ويجب أيضا فيه التّرتيب: يبدأ بغسل الرّأس ثمَّ بالجانب الأيمن ثمَّ بالأيسر. فإن قدّم مؤخّرا أو أخّر مقدّما، وجب عليه تقديم المؤخّر وتأخير المقدّم.

والموالاة ليست واجبة في الغسل من الجنابة. بل يجوز أن يغسل الإنسان رأسه بالغداة، ثمَّ يغسل سائر جسده وقت الظهر ما لم يحدث شيئا. فإن أحدث، وجب عليه إعادة جميع الغسل.

فإذا فرغ من الغسل ثمَّ وجد بعد فراغه عنه بللا، فإن كان قد استبرأ بالبول على ما قدّمناه، فليس عليه شي‌ء. فإن لم يكن قد استبرأ، فعليه إعادة الغسل. وإن كان قد اجتهد وتعرّض للبول، فلم يتأتّ له ذلك واغتسل، ثمَّ وجد بللا بعد ذلك، لم يجب عليه إعادة الغسل.

وغسل المرأة كغسل الرجل سواء. ويستحبّ لها أن تحلّ

٢٢

شعرها إن كان مشدودا. وإن لم تفعل، فليس به بأس، إلّا أن يمنع من إيصال الماء إلى أصول شعرها، فإنّه يلزمها حينئذ حلّ شعرها ليصل الماء إلى أصله.

فإن كان على الرّجل خاتم أو على المرأة دملج أو سير وما أشبهها، فليوصل الماء إلى ما تحت ذلك. فإن لم يمكن ذلك إلّا بنزعه، نزعاه. وإن جري الماء تحت قدم الجنب، فقد أجزأه. وإن لم يجر، وجب عليه غسله. ولا بأس ان يختضب الجنب، واجتنابه أفضل.

وليس على المغتسل من الجنابة وضوء لا قبله ولا بعده. فإن توضّأ قبله أو بعده معتقدا بأنّ الغسل لا يجزيه، كان مبدعا. وكلّ ما عدا غسل الجنابة في الأغسال، فإنّه يجب تقديم الطّهارة عليه أو تأخيرها. وتقديمها أفضل، إذا أراد الدّخول به في الصّلاة. ولا يجوز الاقتصار على الغسل. وإنّما ذلك في الغسل من الجنابة حسب. وإن لم يرد الصّلاة في الحال، جاز أن يفرد الغسل من الوضوء، غير أن الأفضل ما قدّمناه.

باب حكم الحائض والمستحاضة والنفساء واغسالهن

الحائض هي التي ترى الدّم الحارّ الأسود الذي له دفع. وبهذه الصّفات يتميّز من دم الاستحاضة والعذرة والقرح وغيرها. فإن اشتبه دم الحيض بدم العذرة، فلتدخل المرأة قطنة: فإن

٢٣

خرجت منغمسة بالدّم فذلك دم حيض، وإن خرجت متطوّقة فذلك دم العذرة. وإن اشتبه عليها دم الحيض بدم القرح، فلتدخل إصبعها: فإن كان الدّم خارجا من الجانب الأيمن فهو دم قرح، وإن كان خارجا من الجانب الأيسر فهو دم حيض.

ودم الاستحاضة أصفر بارد. والصّفرة في أيّام الحيض حيض، وفي أيّام الطّهر طهر. فإن اشتبه على المرأة دم الحيض بدم الاستحاضة، فلتعتبر بالصّفات التي ذكرناها. فإن اشتبه عليها وكانت ممّن لها عادة بالحيض، فلتعمل في أيّام حيضها على ما عرفت من عادتها، وتستظهر بيوم أو يومين، إذا كان عادتها في الحيض أقلّ من عشرة أيّام. فإن كان عادتها عشرة أيّام، فليس عليها استظهار، بل تغتسل.

فإن كانت امرأة لها عادة، إلّا أنّها اختلطت عليها العادة واضطربت وتغيّرت عن أوقاتها وأزمانها: فكلّما رأت الدّم تركت الصّوم والصّلاة، وكلّما رأت الطّهر صلّت وصامت إلى أن ترجع إلى حال الصّحّة. وقد روي أنّها تفعل ذلك ما بينها وبين شهر، ثمَّ تفعل ما تفعله المستحاضة.

فإن كانت المرأة مبتدأة في الحيض، ولم يمكنها تميّز دم الحيض من غيره، واستمرّ بها الدّم، فلترجع إلى عادة نسائها في أيّام الحيض، وتعمل عليها. فإن كنّ نسائها مختلفات العادة أو لا يكون لها نساء، فلتترك الصّلاة والصّوم في كلّ شهر سبعة

٢٤

أيّام، وتصلّي وتصوم ما بقي، ثمَّ لا يزال هذا دأبها إلى أن تعلم حالها وتستقرّ على حال.

وقد روي أنّها تترك الصّلاة والصّوم في الشّهر الأوّل عشرة أيّام، وتصلّي عشرين يوما، وهي أكثر أيّام الحيض. وفي الشّهر الثّاني تترك الصّوم والصّلاة ثلاثة أيّام، وتصلّي وتصوم سبعة وعشرين يوما، وهي أقلّ أيّام الحيض. والروايتان متقاربتان.

وتستقرّ عادة المرأة بأن يتوالى عليها شهران ترى في كلّ واحد منهما الدّم أيّاما سواء، لا زيادة فيها ولا نقصان. فمتى ثبت لها ذلك جعلت ذلك عادتها وعملت عليه.

والحبلى إذا رأت الدّم في الأيّام التي كانت تعتاد فيها الحيض فلتعمل ما تعمله الحائض. فإن تأخّر عنها الدّم بمقدار عشرين يوما ثمَّ رأته، فإنّ ذلك ليس بدم حيض، فلتعمل ما تعمله المستحاضة. ونحن نبيّن حكمها إن شاء الله.

فإذا حاضت المرأة، فيجب عليها أن تعتزل الصّلاة، وتفطر الصّوم. وتتوضّأ عند كلّ صلاة، وتحتشي، وتجلس في مصلّاها، فتذكر الله تعالى بمقدار زمان صلواتها. وإن سمعت سجدة القرآن، لا يجوز لها ان تسجد. ولا تدخل المسجد إلّا عابرة سبيل، ولا تضع فيه شيئا. ويجوز لها أن تتناول منه. ولا بأس أن تقرأ القرآن ما عدا العزائم الأربع. ولا تمسّ

٢٥

المصحف ولا شيئا فيه اسم الله تعالى.

وأقلّ الحيض ثلاثة أيّام، وأكثره عشرة أيّام. فإن رأت المرأة الدّم يوما أو يومين، فلتترك الصّلاة والصّوم. فإن رأت الدّم اليوم الثالث أو في ما بعدهما إلى اليوم العاشر، فذلك دم حيض. فإن لم تر بعد ذلك إلّا بعد انقضاء العشرة الأيّام، فإن ذلك ليس بدم حيض، ووجب عليها قضاء الصّلاة والصّوم فيما تركته. فإن رأت الدّم بعد عشرة أيّام فذلك ليس بدم حيض، وربّما كان دم استحاضة، ونحن نبيّن حكمه إن شاء الله.

ولا يجوز للرجل مجامعة امرأته وهي حائض في الفرج. وله مجامعتها فيما دون الفرج ومضاجعتها وملامستها بما دون الجماع فإذا انقطع عنها الدّم، فالأولى لزوجها ألّا يقربها حتّى تغتسل. فإن غلبته الشّهوة، أمرها بغسل فرجها، ثمَّ يطأها إن شاء. ومتى وطئها في أوّل حيضها، تصدّق بدينار قيمته عشرة دراهم جياد. وإن وطئها في وسطه، تصدّق بنصف دينار، وإن وطئها في آخره، تصدق بربع دينار. كلّ ذلك ندبا واستحبابا، فإن لم يتمكّن، فليس عليه شي‌ء. وليستغفر الله ولا يعود.

فإذا انقطع الدّم عن المرأة ولم تعلم أهي بعد حائض أم لا، فلتدخل قطنة: فإن خرجت وعليها شي‌ء من الدّم فهي بعد بحكم الحائض، وإن خرجت نقيّة فليست بحكم الحائض فلتغتسل. هذا إذا كان انقطاع الدّم فيما دون العشرة الأيّام. فأمّا إذا زاد

٢٦

على ذلك، فقد مضى حيضها على كلّ حال.

وإذا طهرت واغتسلت، وجب عليها قضاء الصّوم، ولا يلزمها قضاء الصلاة، فإن رأت الدّم وقد دخل وقت الصلاة ولم تكن قد صلّت، وجب عليها قضاء تلك الصلاة عند اغتسالها من الحيض. وإن طهرت في وقت صلاة، وأخذت في تأهّب الغسل، فخرج وقت تلك الصلاة، لم يجب عليها القضاء. وإن توانت عن الاغتسال حتّى خرج وقتها، وجب عليها القضاء. وإن طهرت بعد زوال الشّمس إلى بعد دخول وقت العصر، وجب عليها قضاء الصّلاتين معا. ويستحبّ لها قضاؤها إذا طهرت قبل مغيب الشّمس. وكذلك إن طهرت بعد مغيب الشمس الى نصف الليل، لزمها قضاء صلاة المغرب والعشاء الآخرة. ويستحبّ لها قضاء هاتين الصّلاتين، إذا طهرت قبل الفجر. ويلزمها قضاء الفجر، إذا طهرت قبل طلوع الشّمس على كلّ حال.

وإذا أصبحت المرأة صائمة ثمَّ حاضت، فلتفطر أيّ وقت رأت الدّم، وإن كان قبل غروب الشّمس بشي‌ء يسير، ثمَّ تقضي ذلك اليوم. والأفضل لها إذا رأت الدّم بعد العصر أن تمسك بقيّة يومها تأديبا، وعليها القضاء على كلّ حال. وإذا أصبحت حائضا ثمَّ طهرت، فلتمسك بقيّة يومها تأديبا، وعليها قضاء ذلك اليوم. وإذا أرادت المرأة الاغتسال من الحيض

٢٧

فلتبدأ بوضوء الصّلاة ثمَّ لتغتسل كما تغتسل من الجنابة: تبدأ بغسل رأسها ثمَّ بجانبها الأيمن ثمَّ بجانبها الأيسر حسب ما قدّمناه. وتستعمل في غسل الحيض تسعة أرطال من الماء. وإن زادت على ذلك، كان أفضل. وإن كان دون التّسعة أرطال، أو كان مثل الدّهن في حال الضّرورة، لم يكن به بأس، وأجزأها عن الغسل.

ويكره للمرأة أن تختضب وهي حائض. ولا بأس أن تكون مختضبة ثمَّ يجيئها الحيض.

والمستحاضة هي التي ترى الدّم الّذي وصفناه، أو تكون قد مضت عليها أيّام حيضها ثمَّ رأت بعد ذلك الدّم، فإنّه أيضا دم استحاضة وإن لم يكن بهذه الصفة. وكذلك إذا مضى عليها أكثر أيّام نفاسها، ثمَّ رأت الدّم. فإنّه أيضا دم استحاضة.

ومتى رأت هذا الدّم، وجب عليها أن تستبرأ نفسها بقطنة تحتشي بها. فإن خرج الدّم يسيرا ولم يترشّح على القطنة وجب عليها الوضوء لكلّ صلاة والاستبدال بالقطنة والخرقة. وإن رأت الدّم قد رشح على القطنة إلا أنّه لم يسل، وجب عليها الغسل لصلاة الغداة، والوضوء لكلّ صلاة ممّا عداها، وتغيير القطنة والخرقة. وإن كثر الدّم حتى سال على القطنة، وجب عليها في اليوم واللّيلة ثلاثة أغسال مع تغيير القطنة والخرقة عند كل غسل منها: أحدها لصلاة الظهر والعصر، تؤخّر الظّهر عن

٢٨

أول وقته وتصلّي في آخر الوقت وتصلّي العصر في أول وقته، وغسل للمغرب والعشاء الآخرة. تؤخر المغرب إلى آخر الوقت وتصلّي العشاء الآخرة في أوّل وقتها، تجمع بينهما في الحال، وغسل لصلاة الليل وصلاة الغداة، تؤخّر صلاة اللّيل إلى قرب الفجر وتصلّي صلاة الفجر في أوّل وقتها. هذا إذا كان عادتها صلاة الليل. فإن لم يكن ذلك عادتها لعذر بها، تغتسل لصلاة الغداة.

والمستحاضة لا يحرم عليها شي‌ء ممّا يحرم على الحائض، ويحلّ لزوجها وطؤها على كلّ حال إذا غسلت فرجها وتوضّأت وضوء الصّلاة، أو اغتسلت حسب ما قدّمناه. ولا يجوز لها ترك الصّلاة ولا الصّوم إلّا في أيّام كانت تعتاد فيها الحيض، فإنّه يجب عليها في هذه الأيّام ترك الصّلاة والصيام.

والنّفساء هي التي تضع الحمل وترى الدّم، فعليها ما على الحائض بعينه من ترك الصّلاة والصّوم وامتناع دخول المساجد ومسّ القرآن وما فيه اسم من أسماء الله تعالى، وغير ذلك، لا يختلف الحكم فيه. فإذا انقطع الدّم عنها، وجب عليها الاستبراء بالقطنة كما يجب على الحائض. فإن استمرّ بها الدّم، فعلت كما تفعله الحائض عشرة أيّام. فإن انقطع عنها الدّم، وإلّا فعلت ما تفعله المستحاضة.

ولا يكون حكم نفاسها أكثر من عشرة أيّام. وقد رويت

٢٩

روايات مختلفة في أقصى مدّة النفاس من ثمانية عشر يوما إلى عشرين وإلى ثلاثين وإلى أربعين وإلى شهرين. والعمل على ما قدّمناه.

وإذا أرادت النّفساء الغسل، تقدّم وضوء الصّلاة ثمَّ تغتسل كما تغتسل الحائض على السّواء. ويكره للنّفساء الخضاب كما يكره ذلك للحائض حسب ما قدّمناه.

باب تغسيل الأموات وتكفينهم وتحنيطهم وإسكانهم الأجداث

إذا أردنا أن نبيّن غسل الأموات، فالواجب أن نبيّن ما يتقدّم ذلك من السّنن والآداب. فإذا حضر الإنسان الوفاة، يستقبل بوجهه القبلة، ويجعل باطن قدميه إليها، ويلقّن الشهادتين والإقرار بالأئمّةعليهم‌السلام واحدا واحدا، ويلقّن أيضا كلمات الفرج. ولا يحضره جنب ولا حائض.

فإن تصعّب عليه خروج الرّوح، نقل الى مصلاه الذي كان يصلّي فيه في حياته، ويتلى القرآن عنده ليسهل الله تعالى عليه خروج نفسه.

فإذا قضى نحبه، فليغمض عيناه ويشد لحية ويمدّ ساقاه ويطبق فوه ويمدّ يداه إلى جنبه ويغطّى بثوب. وإن كان بالليل، أسرج عنده في البيت مصباح إلى الغداة. ولا يترك وحده، بل

٣٠

يكون عنده من يذكر الله تعالى.

وينبغي إذا مات الميّت أن يؤخذ في أمره عاجلا، ولا يؤخّر إلّا لضرورة تدعو إلى ذلك، ثمَّ يؤخذ في تحصيل أكفانه وحنوطه أوّلا.

والكفن المفروض ثلاثة أثواب، لا يجوز الاقتصار على أقلّ منها مع التمكّن. ونهايته خمسة أثواب لا يجوز الزيادة عليها. وهي لفّافتان: أحدهما حبرة يمنيّة عبريّة غير مطرّزة بالذّهب أو بشي‌ء من الإبريسم، وقميص وإزار وخرقة. فهذه الخمسة جملة الكفن. وتضاف إليها العمامة. وليست من الكفن، لأن الكفن هو ما يلفّ به جسد الميّت. هذا إذا كان الميّت رجلا. فإن كان امرأة، يستحبّ أن يزاد في أكفانها لفّافة أخرى ونمط. وإن اقتصر بها على مثل ما للرّجل، لم يكن به بأس. ولا يجوز أن يكفّن الميّت في شي‌ء من الحرير والإبريسم المحض، فإنّه محظور. ولا في الإبريسم المخلّط في الغزل مع الاختيار. ويكره أن يكفّن الميّت في الكتّان. وينبغي أن تكون الأكفان كلّها قطنا محضا.

وإن لم يكن للميّت ما يكفّن به من هذه الثّياب، وكانت له قميص مخيطة، فلا بأس أن يكفّن فيها إذا كانت نظيفة. ويقطع أزرارها ولا يقطع أكمامها. وإنّما يكره الأكمام فيما يبتدئ من القمصان.

٣١

فإذا حصلت الأكفان فلتفرش الحبرة على موضع نظيف. وينثر عليها شي‌ء من الذريرة المعروفة بالقمحة، ويفرش فوقها الإزار وينثر عليه شي‌ء من الذريرة، ويفرش فوق الإزار القميص.

ويستحبّ أن يكتب على الحبرة والإزار والقميص والعمامة: « فلان يشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وأنّ أمير المؤمنين والأئمة من ولده بعده ـ يذكرون واحدا واحدا ـ أئمّته أئمّة الهدى الأبرار » ويكتب ذلك بتربة الحسينعليه‌السلام إن وجد. فإن لم يوجد، كتب بالإصبع. ولا يجوز أن يكتب ذلك بالسّواد.

وإن لم يكن للميّت حبرة يجعل بدلا منها لفّافة أخرى.

فإذا فرغ من تحصيل الكفن لفّ بجميعه وعزل.

ويستعد معه من الكافور الّذي لم تمسّه النّار وزن ثلاثة عشر درهما وثلث إن تمكّن من ذلك. وهي السّنّة الأوفى. فإن لم يتمكّن منه، فالأوسط وزن أربعة مثاقيل. فإن لم يتمكّن منه، فمقدار درهم. فإن لم يوجد أصلا، فما تيسّر. وإلّا دفن في حال الضرورة بغير كافور. ولا يكون مع الكافور مسك أصلا.

ويستعدّ أيضا شي‌ء من السّدر لغسل رأسه وجسده، وشي‌ء من الكافور للغسلة الثانية.

وتؤخذ أيضا جريدتان خضراوان من النّخل إن وجد منه. وإن لم يوجد، فمن السّدر. فان لم يوجد، فمن الخلاف. فان

٣٢

لم يوجد، فمن غيره من الشجر الرّطب. فإن لم يوجد أصلا، فلا بأس بتركه. ويكتب عليهما أيضا ما كتب على الأكفان، ويلفّ عليهما شي‌ء من القطن.

ويستعدّ مع ما ذكرناه مقدار رطل من القطن ليحشى به المواضع التي يخاف من خروج شي‌ء منها. فاذا فرغ من تحصيل أكفانه، فليأخذ في غسله أولى النّاس بالميّت أو من يأمره هو به. فلتوضع ساجة أو سرير مستقبل القبلة، ويوضع الميّت عليها مستقبل القبلة كما كان في حال الاحتضار.

ويحفر لمصبّ الماء حفيرة يدخل الماء إليها. فإن لم يمكن ودخل في البالوعة جاز. ويكره أن ينصبّ الماء الذي يغسل به الميّت في الكنيف. ولا يسخّن الماء لغسل الأموات إلّا أن يكون برد شديد يخاف الغاسل على نفسه من استعمال الماء، فإنّه يسخّن له.

ثمَّ يؤخذ السّدر فيطرح في إجّانة ويصبّ عليه الماء، ويضرب ضربا جيّدا حتّى يرغو، ثمَّ يؤخذ رغوته، فتطرح في موضع نظيف، حتّى يغسل به رأسه.

ثمَّ يؤخذ الميّت فيوضع على تلك السّاجة مستقبل القبلة حسب ما قدّمناه. ويستحبّ أن يكون ذلك تحت السّقف، ولا يكون ذلك تحت السماء. ثمَّ ينزع قميصه منه، يفتق جيبه وينزع من تحته، ويترك على عورته ما يسترها. ثمَّ تليّن أصابعه

٣٣

برفق. فإن امتنعت، تركت على حالها. ثمَّ يبدأ بفرجه فيغسل بماء السّدر والحرض ويغسل ثلاث مرّات، ويكثر من الماء، ويمسح بطنه مسحا رقيقا. ثمَّ يتحوّل الغاسل إلى رأسه فيبدأ بشقّه الأيمن من لحيته ورأسه، ثمَّ يثنّي بشقّه الأيسر من رأسه ولحيته ووجهه فيغسله برفق ولا يعنف به، بل يغسله غسلا ناعما. ثمَّ يضجعه على شقّه الأيسر ليبدو له الأيمن، ثمَّ يغسله من قرنه إلى قدمه ثلاث غسلات، ثمَّ يردّه على جنبه الأيمن حتّى يبدو له الأيسر، فيغسله من قرنه إلى قدمه ثلاث غسلات، ويمسح يده على ظهره وبطنه. ثمَّ يردّه على قفاه، فيبدأ بفرجه بماء الكافور، فيصنع كما صنع أوّل مرّة، فيغسله ثلاث مرّات بماء الكافور، ويمسح يده على بطنه مسحا رقيقا. ثمَّ يتحوّل إلى رأسه فيصنع كما صنع أوّلا بلحيته من جانبيه كليهما ورأسه ووجهه، فيغسله بماء الكافور ثلاث غسلات. ثمَّ يردّه إلى جانبه الأيسر حتّى يبدو له الأيمن من قرنه إلى قدمه فيغسله ثلاث غسلات، ويدخل يده تحت منكبه وذراعيه. ويكون الذراع والكفّ مع جنبه ظاهرة، كلّما غسلت شيئا منه دخلت يدك تحت منكبه، ومن باطن ذراعيه. ثمَّ تردّه على طهره وتغسله بماء قراح كما صنعت أوّلا: تبدأ بالفرج ثمَّ تتحوّل إلى الرأس والوجه، وتصنع كما صنعت أوّلا بماء قراح، ثمَّ الجانب الأيمن ثمَّ الأيسر تغسله من قرنه إلى قدمه كما غسلته في الغسلتين

٣٤

الأوليين.

وكلّما غسل الميّت غسلة، فليغسل الغاسل يديه إلى المرفقين، وليغسل الإجّانة بماء قراح، ثمَّ يطرح فيها ماء آخر للغسلة المستأنفة.

ولا يركب الميّت في حال غسله بل يكون على جانبه الأيمن، ولا يقعده ولا يغمز بطنه. وقد رويت أحاديث أنّه ينبغي أن يوضّأ الميّت قبل غسله، فمن عمل بها، كان أحوط.

فاذا فرغ من غسله، نشّف بثوب نظيف ثمَّ يأخذ في تكفينه، فيتوضّأ الغاسل أوّلا وضوء الصّلاة. وإن ترك تكفينه حتّى اغتسل كان أفضل، إلّا أن يخاف على الميّت من ظهور حادثة به.

ويغتسل الغاسل للميّت فرضا واجبا، وكذلك كلّ من مسّه بعد برده بالموت وقبل تغسيله، فإنّه يجب عليه الغسل.

فإذا فرغ منه، أخذ في تحنيطه، فيعمد إلى قطن، فيذر عليه شيئا من الذريرة، ويضعه على فرجيه قبله ودبره ويحشو القطن في دبره، لئلّا يخرج منه شي‌ء، ويأخذ الخرقة، ويكون طولها ثلاثة أذرع ونصفا في عرض شبر إلى شبر ونصف، فيشدّها من حقويه ويضمّ فخذيه ضمّا شديدا، ويلفّها في فخذيه، ثمَّ يخرج رأسها من تحت رجليه إلى الجانب الأيمن، ويغمزها في الموضع الّذي لفّ فيه الخرقة، ويلفّ فخذيه من حقويه إلى ركبتيه لفّا شديدا، ثمَّ يأخذ الإزار فيوزره به. ويكون عريضا

٣٥

يبلغ من صدره إلى الرّجلين. فإن نقص عرضه عن ذلك، لم يكن به بأس.

ويعمد إلى الكافور، فيسحقه بيده ويضعه على مساجده على جبهته وباطن كفيه، ويمسح به راحتيه وأصابعهما، ويضع على عيني ركبتيه وظاهر أصابع قدميه. ولا يجعل في سمعه وبصره وفيه شيئا من الكافور. ولا يجعل فيها شيئا أيضا من القطن إلّا أن يخاف خروج شي‌ء منها، فإنّه لا بأس والحال هذه أن يجعل فيها شيئا من القطن. فإن فضل من الكافور شي‌ء، جعله على صدره ويمسح به صدره، ثمَّ يردّ القميص عليه.

ثمَّ يأخذ الجريدتين فيجعل إحديهما من جانبه الأيمن مع ترقوته ويلصقها بجلده ويضع الأخرى من جانبه الأيسر ما بين القميص والإزار.

ثمَّ يعمّمه فيأخذ وسط العمامة فيثنّيها على رأسه بالتّدوير، ويحنّكه بها ويطرح طرفيها جميعا على صدره، ولا يعمّمه عمّة الأعرابيّ.

ثمَّ يلفّه في اللّفّافة فيطوي جانبها الأيسر على جانبها الأيمن وجانبها الأيمن على جانبها الأيسر. ثمَّ يضع بالحبرة أيضا مثل ذلك. ويعقد طرفيها مما يلي رأسه ورجليه.

فاذا فرغ من جميع ما ذكرنا، فليحمله إلى قبره على سريرة. وأفضل ما يمشي المشيّع للجنازة، خلفها أو عن يمينها أو

٣٦

شمالها. فإن تقدّمها لعارض أو ضرورة، لم يكن عليه حرج. وإن كان لغير ضرورة، يكون قد ترك الأفضل، وليس عليه شي‌ء. ويكره لمن يشيّع جنازة أن يكون راكبا إلّا لضرورة تدعو الى ذلك.

ويستحبّ لمن يشيّع جنازة المؤمن أن يحمله من أربع جوانبه: يبدأ بمقدّم السّرير الأيمن، يمرّ عليه ويدور من خلفه إلى الجانب الأيسر، ثمَّ يمرّ عليه حتّى يرجع إلى المقدّم كذلك دور الرّحا.

وينبغي أن يؤذّن المؤمنون بجنازة المؤمن إذا لم يعلموا ليتوفّروا على تشييعه. ويستحبّ لمن رأى جنازة أن يقول: « الحمد لله الّذي لم يجعلني من السّواد المخترم » ثمَّ يمرّ بها إلى المصلّى، فيصلّي على ما سنبيّنه إن شاء الله. ثمَّ يحمله إلى القبر.

فاذا دنا من القبر، وضعه دون القبر بمقدار ذراع، ثمَّ يمرّ بها إلى شفير القبر ممّا يلي رجليه في ثلاث دفعات إن كان رجلا. ولا يفدحه بالقبر دفعة واحدة.

وإن كانت امرأة، تركها على جانب القبر. ثمَّ ينزل إلى القبر الولي أو من يأمره الولي. ولا بأس أن يكون شفعا أو وترا. وإن كانت الميّت امرأة، لا ينزل إلى قبرها إلّا زوجها أو ذو رحم لها. فإن لم يكن أحد منهم، جاز أن ينزل إليه بعض الرّجال المؤمنين ويدفنها. وإن كان من ينزل إلى قبرها عند عدم ذوي أرحامها بعض النّساء المؤمنات، كان أفضل. وليتحفّ من ينزل إلى القبر ويكشف رأسه ويحلّ أزراره. ويجوز عند الضّرورة

٣٧

والتقيّة أن ينزل بالخفّين.

ثمَّ يؤخذ الميت من قبل الرّجلين في القبر، فيسلّ سلّا، فيبدأ برأسه، فيؤخذ. وينزل به القبر، ويقول عند معاينة القبر من يأخذه: « اللهم اجعلها روضة من رياض الجنّة، ولا تجعلها حفرة من حفر النّيران » ويقول إذا تناوله: « بسم الله وبالله وفي سبيل الله وعلى ملّة رسول الله. اللهمّ إيمانا بك وتصديقا بكتابك.( هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ. وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ ) . اللهمّ زدنا إيمانا وتسليما ». ثمَّ يضجعه على جانبه الأيمن ويستقبل به القبلة، ويحلّ عقد كفنه من قبل رأسه ورجليه، ويضع خدّه على التّراب.

ويستحبّ أن يجعل معه شي‌ء من تربة الحسينعليه‌السلام . ثمَّ يشرّج عليه اللّبن ويقول من يشرّجه: « اللهمّ صل وحدته، وآنس وحشته، وارحم غربته، وأسكن إليه من رحمتك رحمة يستغني بها عن رحمة من سواك، واحشره مع من كان يتولّاه ».

ويستحبّ أن يلقّن الميّت الشّهادتين وأسماء الأئمّة عند وضعه في القبر قبل تشريح اللّبن عليه، فيقول الملقّن: « يا فلان ابن فلان اذكر العهد الّذي خرجت عليه من دار الدّنيا: شهادة أنّ لا إله إلّا الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّدا عبده ورسوله، وأنّ عليا أمير المؤمنين والحسن والحسين ـ ويذكر الأئمة إلى آخرهم ـ أئمتك أئمة الهدى الأبرار ».

٣٨

فإذا فرغ من تشريج اللّبن عليه، أهال التّراب عليه. ويهيل كلّ من حضر الجنازة استحبابا بظهور أكفّهم، ويقولون عند ذلك: «إِنّا لِلّهِ وَإِنّا إِلَيْهِ راجِعُونَ .هذا ما وَعَدَنَا اللهُ وَرَسُولُهُ .وَصَدَقَ اللهُ وَرَسُولُهُ . اللهمّ زدنا إيمانا وتسليما ». ولا يهيل الأب على ولده التّراب، ولا الولد على والده، ولا ذو رحم على ذي رحمه، وكذلك لا ينزل إلى قبره، فإنّ ذلك يقسي القلب.

فإذا أراد الخروج من القبر، فليخرج من قبل رجليه، ثمَّ يطمّ القبر، ويرفع من الأرض مقدار أربع أصابع. ولا يطرح فيه من غير ترابه. ويجعل عند رأسه لبنة أو لوح. ثمَّ يصبّ الماء على القبر، يبدأ بالصّبّ من عند الرّأس ثمَّ يدار من أربع جوانبه ثمَّ يعود إلى موضع الرّأس. فإن فضل من الماء شي‌ء، صبّ على وسط القبر. فإذا سوّى القبر وضع يده على القبر من أراد ذلك، ويفرّج أصابعه، ويغمزها فيه بعد ما نضح بالماء، ويدعو للميّت.

فإذا انصرف الناس عن القبر، يتأخّر أولى النّاس بالميّت، ويترحم عليه، وينادي بأعلى صوته إن لم يكن في موضع تقيّة: « يا فلان بن فلان: الله ربّك ومحمد نبيّك وعليّ إمامك والحسن والحسين ـ ويسمّي الأئمّة واحدا واحدا ـ أئمّتك أئمّة الهدى الأبرار ».

وإذا كان الميّت مجدورا أو كسيرا أو صاحب قروح أو محترقا ولم يخف من غسله، غسل. فإن خيف من مسّه، صبّ

٣٩

عليه الماء صبّا. فإن خيف أيضا من ذلك، يتيمّم بالتّراب.

وإن كان الميّت غريقا أو مصعوقا أو مبطونا أو مدّخنا أو مهدوما عليه، استبرئ بعلامات الموت. فإن اشتبه، ترك ثلاثة أيّام وغسل ودفن بعد أن يصلّى عليه.

فإن كان الميّت شهيدا، وهو أن يقتل بين يدي إمام عدل في نصرته أو بين يدي من نصبه الإمام، دفن بثيابه ولم يغسل، ويدفن معه جميع ما عليه ممّا أصابه الدّم، إلّا الخفّين. وقد روي أنّهما إذا أصابهما الدّم دفنا معه. وإن حمل من المعركة وبه رمق ثمَّ مات، نزعت عنه ثيابه، وغسل وكفّن وحنّط وصلّي عليه ودفن. وكلّ قتيل سوى ذلك، فلا بدّ من غسله وتحنيطه وتكفينه. فإن كان المقتول قودا أو مرجوما، يومر بالاغتسال والتكفّن والتحنّط. ثمَّ يقام عليه الحد. فإذا وجد من المقتول قطعة، فإن كان فيها عظم، وجب غسلها وتحنيطها وتكفينها ودفنها. وإن كان موضع الصدر، وجب مثل ذلك أيضا والصّلاة عليها. ويجب على من مسّها الغسل. وكذلك إن كانت القطعة الّتي فيها العظم قطعت من الحيّ، وجب على من مسّها الغسل. وإن لم يكن فيها عظم، دفنت كما هو ولم تغسل، ولا يجب على من مسّها أيضا الغسل.

وإذا أراد الغاسل للمقتول غسله، بدأ بغسل دمه ثمَّ صبّ عليه الماء صبا. ولا يدلك جسده. ويبدأ بيديه ودبره. ويربط جراحاته

٤٠

بالقطن. وكلّما وضع عليه القطن عصبه، وكذلك موضع الرأس، يجعل له من القطن شي‌ء كثير. وإن كان الرّأس قد بان من الجسد وهو معه، يغسل الرّأس إذا غسل اليدان وسفله، بدئ بالرأس ثمَّ بالجسد ويوضع القطن فوق الرقبة ويضمّ إليه الرّأس ويجعل في الكفن. وكذلك إذا أنزل إلى القبر يتناول مع الجسد فيدخل اللّحد ويوجّه إلى القبلة.

وإن كان الميّت محرما، غسل كما يغسل المحلّ، ويكفّن كتكفينه، غير أنه لا يقرّب شيئا من الكافور. وإن كان الميّت صبيا غسل كتغسيل الرجال ويكفّن ويحنّط كتكفينهم وتحنيطهم. وإن كان لم يبلغ ستّ سنين صلّي عليه تقية. وإن بلغ ذلك أو زاد عليه، صلّي عليه على كل حال. وإن كان الصّبيّ ابن ثلاث سنين أو أقلّ من ذلك، فلا بأس أن تغسله النساء عند عدم الرّجل مجرّدا من ثيابه. وإن كان سقطا وقد بلغ أربعة أشهر أو ما زاد عليه، غسل وكفّن وحنّط. وإن كان لأقلّ من ذلك، دفن كما هو بدمه.

وغسل المرأة كغسل الرجال سواء، وتكفينها كتكفينهم، إلّا أنّ المرأة تزاد لفافتين أو لفافة ونمطا. ويستحبّ أن تزاد خرقة يشدّ بها ثدياها الى صدرها. ويكثر من القطن لقبلها. وإذا أريد دفنها، جعل سريرها قدّام القبر، وتؤخذ إلى القبر عرضا. ويأخذها من قبل وركيها زوجها أو أحد من ذوي أرحامها.

٤١

ولا يتولّى ذلك أجنبيّ إلّا عند الضرورة. وإن كانت نفساء أو حائضا، غسلت كغسلها طاهرا. وإن كانت حبلى، لا يغمز بطنها في الغسلات، ويعمل بها فيما سوى ذلك ما يعمل بغيرها. وإن كانت صبية لها ثلاث سنين أو دونها، جاز للرّجال تغسيلها عند عدم النساء. فإن زادت على ذلك، لم يجز ذلك على حال. وإن مات الصبيّ معها في بطنها، دفن معها. وإن كانت ذمية، دفنت في مقابر المسلمين لحرمة ولدها إذا كان من مسلم. وإذا ماتت المرأة ولم يمت ولدها، شقّ بطنها من الجانب الأيسر، وأخرج الولد وخيط الموضع، وغسلت ودفنت. فإن مات الولد في بطنها، ولم تمت هي ولم يخرج منها، أدخلت القابلة أو من يقوم مقامها يدها في فرجها، فقطع الصبيّ وأخرجه قطعة قطعة، وغسل وحنّط وكفّن ودفن.

وإذا مات رجل مسلم بين رجال كفار ونساء مسلمات لا ذات رحم له فيهنّ، أمر بعض النّساء رجالا من الكفّار بالاغتسال، ثمَّ تعلّمهم تغسيل أهل الإسلام ليغسلوه كذلك. وإن مات بين نساء مسلمات ورجال كفار، وكان له فيهنّ محرم من زوجة أو غيرها من ذوي الأرحام، غسلنه من وراء الثياب، ولا يجرّدنه من ثيابه. وإن لم يكن له فيهنّ محرم ولا معهنّ رجال مسلمون ولا كفار، دفنه بثياب ولم يغسّله على حال. وإن ماتت امرأة بين رجال مسلمين لا ذا رحم لها فيهم ولا زوج، ونساء

٤٢

كافرات، أمر بعض الرجال نساء كافرات بالاغتسال وتغسيلها غسل أهل الإسلام. فإن ماتت بين رجال مسلمين ونساء كافرات، وكان لها فيهم ذو رحم أو زوج، غسلوها من وراء ثيابها ولم تقربها كافرة. وإن لم يكن فيهم ذو رحم ولا زوج ولا معهم نساء أصلا، دفنوها بثيابها من غير تغسيل. وقد روي انهم يغسلون منها محاسنها يديها ووجهها ثمَّ يدفنونها. فمن عمل على هذه الرواية لم يكن عليه بأس.

ولا يقصّ شي‌ء من شعر الميّت ولا من ظفره ولا يسرّح رأسه ولا لحيته. فإن سقط منه شي‌ء جعل معه في أكفانه.

وإذا خرج من الميّت شي‌ء من النجاسة بعد الفراغ من غسله، غسل منه، ولم يجب عليه إعادة الغسل. فإن أصاب ذلك كفنه، قرض الموضع منه بالمقراض.

والجريدة توضع مع جميع الأموات من الرجال والنّساء والصبيان والأطفال مع التمكن. فإن كانت الحال حال التقية ولم يتمكّن من وضعها مع الكفن، طرحت في القبر. فإن لم يمكن ذلك، ترك بغير جريدة. ولا ينبغي للمؤمن ان يغسل أهل الخلاف. فإن اضطرّ، غسله غسل أهل الخلاف، ولم يجعل معه الجريدة على حال.

والميّت إذا لم يوجد له كافور ولا سدر، فلا بأس أن يغسل بالماء القراح ويقتصر عليه.

٤٣

وإذا مات الميت في مركب في البحر، ولم يقدر على الشطّ لدفنه، غسل وحنّط وكفّن وصلّي عليه، ثمَّ نقل وطرح في البحر ليرسب الى قرار الماء.

ولا يجوز حمل ميّتين على جنازة واحدة مع الاختيار، لأنّ ذلك بدعة.

ويستحبّ أن يكون حفر القبر قدر قامة، أو إلى الترقوة. واللّحد ينبغي أن يكون واسعا مقدار ما يتمكّن الرجل فيه من الجلوس. ولا بأس بالاقتصار على الشّق، وإن لم يجعل هناك اللّحد. وإذا كان القبر نديا، فلا بأس أن يفرش بالساج.

ويكره نقل الميّت من الموضع الذي مات فيه إلى بلد آخر إلّا إذا نقل إلى واحد من المشاهد، فإن ذلك مستحب له. فاذا دفن في موضع، فلا يجوز نقله وتحويله من موضعه. وقد وردت رواية بجواز نقله إلى بعض مشاهد الأئمّة، سمعناها مذاكرة، والأصل ما ذكرناه.

ولا يترك المصلوب على خشبة أكثر من ثلاثة أيام، ثمَّ ينزل بعد ذلك ويوارى في التراب.

ويكره تجصيص القبور والتظليل عليها والمقام عندها وتجديدها بعد اندراسها. ولا بأس بتطيينها ابتداء.

ويكره أن يحفر قبر مع العلم به، فيدفن فيه ميت آخر، إلّا عند الضرورة إليه.

٤٤

والكفن يؤخذ من نفس التّركة قبل قسمة الميراث وقضاء الدّيون والوصايا، ثمَّ يتبع ذلك بقضاء الدّيون ثمَّ الوصايا ثمَّ الميراث. وإن كان الميّت امرأة، لزم زوجها أكفانها، ولا يلزم ذلك في مالها على حال.

باب التيمم وأحكامه

التيمّم على ضربين: تيمّم هو بدل من الوضوء، وتيمّم هو بدل من الغسل المفروض. ويحتاج فيه إلى العلم بخمسة أشياء!

أوّلها: من يجب عليه التيمّم وما يتبعه من أحكامه.

والثّاني: متى يجب عليه التّيمّم وما يلزمه من أحكامه.

والثّالث: ما يجوز أن يتيمّم به وما لا يجوز.

والرّابع: كيفيّة التّيمّم.

والخامس: ما ينقض التّيمّم.

امّا الذي يجب عليه التّيمّم، فكلّ من عدم الماء من المكلّفين للصّلاة، أو وجده غير أنّه لا يتمكّن من استعماله من برد شديد، أو مشقّة عظيمة تلحقه، أو مرض يخافه، أو لا يكون معه ما يتوصّل به إلى الماء من آلة ذلك أو ثمنه، أو يحول بينه وبين الماء حائل من عدوّ أو سبع أو غير ذلك. فمتى لم يكن شي‌ء ممّا ذكرناه، لم يجز له التّيمّم.

فان وجد الماء بالثّمن، وجب عليه شراؤه. فلا يجوز له

٤٥

التّيمّم، الّا أن يبلغ ثمنه مقدارا يضرّ به في الحال. فان كان معه ماء يسير يحتاج اليه للشّرب، وجب عليه التّيمّم. وكذلك إن كان معه من الماء ما لا يكفيه لطهارته، وجب عليه التّيمّم.

فاذا وجد الماء وجب عليه الطهارة. وليس عليه إعادة شي‌ء من الصّلاة الّتي صلّاها بذلك التّيمّم.

فان كان مريضا وجب عليه التّيمّم والصّلاة به. وليس عليه إعادة شي‌ء من صلاته التي صلاها بتيمّمه.

فان خاف البرد العظيم في سفر وحضر، وجب عليه التّيمّم والصّلاة، وليس عليه إعادة شي‌ء ممّا يصلّي بتيمّمه. فان كان هذا الّذي يخاف البرد يتيمّم، وكان تيمّمه بدلا من الغسل امّا من الاحتلام أو مسّ الأموات أو الحائض أو المستحاضة أو النّفساء، وجب عليه التّيمّم والصّلاة. وليس عليه إعادة شي‌ء من صلاته التي يصلّيها بذلك التّيمّم. فان كان غسله من الجنابة التي تعمّدها، وجب عليه الغسل، وان لحقه برد، إلّا أن يبلغ ذلك حدّا يخاف على نفسه التّلف، فإنّه يجب عليه حينئذ التّيمّم والصّلاة. فإذا زال الخوف، وجب عليه الغسل وإعادة تلك الصّلاة.

وإذا مات الميّت ولم يوجد الماء لغسله، أو وجد غير أنّه لا يمكن الحيّ استعماله لأحد الأسباب التي ذكرناها، وجب ان ان يتيمّم. فإذا تيمّم، كفّن وصلّي عليه ودفن. ويجب على من تيمّمه التّيمّم. فإذا زال عنه المانع، وجب عليه الاغتسال.

٤٦

والمجروح وصاحب القروح والمكسور والمجدور، إذا خافوا على نفوسهم استعمال الماء، وجب عليهم التيمّم عند حضور الصّلاة. وإذا حصل الإنسان يوم الجمعة في المسجد الجامع، فأحدث ما ينقض الوضوء، ولم يتمكّن من الخروج، فليتيمّم، وليصلّ. فإذا انصرف، توضّأ وأعاد الصّلاة.

وإذا احتلم الإنسان في المسجد الحرام أو مسجد الرّسول فلا يجوز له ان يخرج منهما الّا بعد أن يتيمّم. ولا بأس بترك ذلك في غيرهما من المساجد.

وإذا حصل الإنسان في أرض ثلج، ولا يقدر على الماء ولا على التّراب، فليضع يديه جميعا على الثلج باعتماد حتّى تنتديا، ثمَّ يمسح وجهه من قصاص شعر رأسه الى محادر شعر ذقنه مثل الدّهن، ثمَّ يضع يده اليسرى على الثّلج كما وصفناه، ويمسح بها يده اليمنى من المرفق إلى أطراف الأصابع، ثمَّ يضع يده اليمنى على الثّلج مثل ذلك، ويمسح بها يده اليسرى من المرفق إلى أطراف الأصابع، ويمسح بباقي نداوتهما رأسه وقدميه. وان كان قد وجب عليه الغسل، فعل بجميع بدنه مثل ذلك. فإن خاف على نفسه من البرد، أخّر الصّلاة إلى ان يجد الماء فيغتسل، أو التّراب فيتيمّم.

والتّيمّم يجب آخر الوقت الى تضيّقه. فلا يجوز التّيمّم قبل دخول وقت الصّلاة ولا بعد دخوله في أوّل وقت. فمن تيمّم

٤٧

قبل دخول الوقت أو بعد دخوله قبل آخر الوقت، وجب عليه إعادة التيمّم، ولم يجز له أن يستبيح بذلك التّيمّم والصّلاة، فإن صلّى بتيمّمه ذلك، وجب عليه إعادة الصلاة بتيمّم مستأنف أو طهارة إن كان قد وجد الماء.

ولا يجوز له التّيمّم في آخر الوقت لا بعد طلب الماء في رحله وعن يمينه ويساره مقدار رمية سهم أو رميتين إذا لم يكن هناك خوف. فإن خاف، لم يجب أن يتعدّى المكان الذي هو فيه.

فمتى لم يطلب الماء وتيمّم وصلّى، وجب عليه إعادة الصّلاة فإن نسي الماء في رحله، وقد تيمّم وصلّى، ثمَّ علم بعد ذلك، والوقت باق، وجب عليه الوضوء وإعادة الصلاة.

فإن وجد الماء، وقد دخل في الصّلاة وركع، لم يجب عليه الانصراف، بل يجب عليه المضيّ فيها. فإذا فرغ منها، توضّأ لما يستأنف من الصّلاة. فإن وجد الماء قبل الرّكوع، وجب عليه الانصراف والتوضّؤ واستقبال الصّلاة.

فإن أحدث في الصّلاة حدثا ينقض الطّهارة ناسيا، وجب عليه الطهارة والبناء على ما انتهى اليه من الصّلاة ما لم يستدبر القبلة أو يتكلّم بما يفسد الصّلاة. وان كان حدثه متعمّدا، وجب عليه الطّهارة واستيناف الصّلاة.

وامّا الذي يتيمّم به، فهو الصّعيد الطيب الذي ذكره الله في كتابه جلّ ذكره وهو التّراب الطّاهر. ويستحبّ أن يكون ذلك

٤٨

من ربا الأرض وعواليها. ولا يكون ذلك من مهابطها. فإن تيمّم من مهابط الأرض وكان الموضع طاهرا، لم يكن به بأس. ولا بأس بالتّيمّم بالأحجار ولا بالأرض الجصّيّة، ولا بأرض النّورة، إذا لم يقدر على التّراب.

فإن كان في أرض وحلة لا تراب فيها ولا صخر، وكانت معه دابة، فلينفض عرفها أو لبد سرجها، ويتيمّم بغبرته. فإن لم يكن معه دابّة وكان معه ثوب، تيمّم منه. فإن لم يكن معه شي‌ء من ذلك، وضع يده جميعا على الوحل، ويمسح إحديهما بالأخرى، وينقضهما حتّى يزول عنهما الوحل، ثمَّ يتيمّم ولا يجوز التّيمّم بما لا يقع عليه اسم الأرض بالإطلاق سوى ما ذكرناه. ولا يجوز التّيمّم من المعادن كلّها. ولا يجوز التّيمّم بالرّماد ولا بالأشنان، ولا بالدّقيق، ولا بما أشبهه في نعومته وانسحاقه، ولا بالزّرنيخ. ويكره التّيمّم من الأرض الرّملة. وكذلك يكره من الأرض السّبخة.

فإذا أراد التيمم، فليضع يديه جميعا مفرّجا أصابعه على التراب، وينفضهما، ثمَّ يمسح إحديهما على الأخرى ويمسح بهما وجهه من قصاص شعر رأسه الى طرف أنفه، ثمَّ يضع كفّه اليسرى على ظهر كفّه اليمنى فيمسحهما من الزّند إلى أطراف الإصبع مرة واحدة.

هذا إذا كان تيمّمه بدلا من الوضوء. فإن كان بدلا من

٤٩

الغسل، ضرب بيده على الأرض مرتين: مرة للوجه يمسح بهما على ما وصفناه، ومرة لليدين على ما بيناه.

والتيمّم يكون بعد الفراغ من الاستنجاء إما بالأحجاز أو بالخزف أو ما أشبههما. ولا يترك الاستنجاء على حال. وكذلك إن كان تيمّمه بدلا من غسل الجنابة، وجب عليه أن يستبرئ نفسه بالبول ويتنشّف، ثمَّ يتيمّم بعد ذلك.

وإذا تيمّم على ما وصفناه، جاز له أن يؤدّي به صلوات اللّيل والنّهار ما لم ينقض تيمّمه. وإن تيمّم لكلّ صلاة، كان أفضل.

والترتيب واجب في التيمم كوجوبه في الطّهارة. فإن قدّم مسح اليدين، وجب عليه مسح الوجه ثمَّ مسح اليدين.

وكلّ ما ينقض الوضوء. فإن ينقض التيمم، وينقضه زائدا على ذلك وجود الماء مع التمكّن من استعماله. فإن وجد الماء منه ولم يتطهّر، ثمَّ عدمه ودخل وقت صلاة أخرى، وجب عليه إعادة التيمم. فإن أحدث المتيمّم من الجنابة حدثا ينقض الوضوء وكان معه من الماء مقدار ما يكفيه للوضوء دون الغسل، وجب عليه استيناف التيمم دون الوضوء.

وإذا اجتمع ميّت ومحدث وجنب، ومعهم من الماء مقدار ما يكفي أحدهم، فليغتسل الجنب وليتيمّم المحدث، ويدفن الميت بعد أن ييمم حسب ما قدمناه. ويكره أن يؤمّ المتيمّم المتوضّين ولا بأس أن يأتمّ بهم. وكذلك لا بأس أن يؤمّ المتيمّم المتيمّمين،

٥٠

وأن يأتمّ بهم على كل حال.

باب تطهير الثياب من النجاسات والبدن والأواني

إذا أصاب ثوب الإنسان أو جسده بول أو غائط أو منيّ، وجب إزالته، قليلا كان ما أصابه أو كثيرا، وكذلك أبوال كلّ شي‌ء يجب إزالتها سوى أبوال ما يؤكل لحمه، وكذلك حكم الأرواث. فأما أبوال الحمير والبغال والخيول وأرواثها، فإنه يجب إزالتها. ولا بأس بذرق كلّ شي‌ء من الطيور مما أكل لحمه، وكذلك أبوالها، سوى ذرق الدّجاج خاصة، فإنه يجب إزالته على كلّ حال. فأما ما لا يؤكل لحمه فإنه يجب إزالة بوله وروثه وذرقه عن الثّياب والبدن معا.

ومتى أصاب ثوب الإنسان أو بدنه شي‌ء من الخمر أو الشراب المسكر أو الفقّاع قليلا كان أو كثيرا، فإنه يجب إزالته عن الثوب والبدن معا.

وإن أصاب الثوب دم وكان دم حيض أو استحاضة أو نفاس وجب إزالته قليلا أو كثيرا. فإن بقي له أثر، يستحبّ أن يصبغ بشي‌ء من الأصباغ يذهب أثره. وإن كان دم سمك أو بثور أو قروح دامية أو جراح لازمة أو دم براغيث، فإنه لا يجب ازالته قليلا كان أو كثيرا. وإن كان دم رعاف أو فصد أو غيرهما من الدّماء. وكان دون مقدار الدرهم مجتمعا في مكان، فإنه

٥١

لا يجب إزالته إلّا أن يتفاحش ويكثر. فإن بلغ مقدار الدرهم فصاعدا، وجبت إزالته.

وكلّ هذه النجاسات التي ذكرناها، فإنه يجب إزالتها بالماء المطلق، ولا يجوز بغيره. فإن أزيل بغيره، لم تجز الصلاة في ذلك الثوب.

ومتى حصل في الثوب شي‌ء من النجاسات التي يجب إزالتها، وجب غسل الموضع الذي أصابته. وإن لم يتيقّن الموضع، وكان حصول النجاسة فيه معلوما، وجب غسل الثّوب كلّه. وإن كان حصولها مشكوكا فيه، فإنه يستحبّ أن يرشّ الثوب بالماء.

ومتى صلّى الإنسان في ثوب فيه نجاسة مع العلم بذلك، وجب عليه إعادة الصلاة. فإن كان علم بحصول النجاسة في الثوب، فلم يزله ونسي، ثمَّ صلّى في الثوب، ثمَّ ذكر بعد ذلك، وجب عليه إعادة الصلاة، فإن لم يعلم حصولها في الثوب وصلّى، ثمَّ علم أنه كان فيه نجاسة: لم يلزمه إعادة الصلاة.

وإذا أصاب ثوب الإنسان كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو فأرة أو وزغة وكان رطبا، وجب غسل الموضع الذي أصابه. فإن لم يتعيّن الموضع، وجب غسل الثوب كلّه. وإن كان يابسا، وجب أن يرشّ الموضع بعينه. فإن لم يتعيّن رشّ الثوب كلّه. وكذلك إن مسّ الإنسان بيده أحد ما ذكرناه، أو صافح ذميا أو ناصبا معلنا بعداوة آل محمد، وجب عليه غسل

٥٢

يده إن كان رطبا. وإن كان يابسا، مسحها بالتراب.

وإذا أصاب ثوب الإنسان ميت من الناس بعد برده وقبل تطهيره بالغسل أو غيره من الأموات، وجب عليه غسل الموضع الذي أصابه. فإن لم يتعيّن الموضع، وجب غسل الثوب كلّه. وإن مسّ الإنسان بيده ميتا من الناس بعد البرد بالموت، أو مس قطعة فيها عظم، أو مسّ ما قطع من حيّ وفيها عظم: وجب عليه الغسل حسب ما قدّمناه. وإن كان بعد الغسل أو قبل برده، لم يجب عليه الغسل، وان كان ما مسه من القطعة الميتة لا عظم فيه، لم يجب عليه الغسل، ولكن يجب غسل يده. وإن كان الميت من غير الناس، وجب عليه غسل ما مسه به.

ولا بأس بعرق الجنب والحائض في الثّوب، واجتنابه أفضل، اللهمّ إلا أن تكون الجنابة من حرام، فإنّه يجب عليه غسل الثّوب، إذا عرق فيه. وإذا أصاب الثّوب عرق الإبل الجلّالة، وجب عليه إزالته.

ومتى أصاب الأواني شي‌ء من هذه النّجاسات، وجب غسلها حسب ما قدّمناه. وتغسل من ولوغ الكلب ثلاث مرّات: أولاهنّ بالتّراب. وإن أصابها خمر أو شي‌ء من الشّراب المسكر، وجب غسلها سبع مرّات.

وإذا أصاب الأرض أو الحصير أو البارية بول، وطلعت الشّمس عليه وجفّفته، فإنّه لا بأس بالصّلاة عليه وبالسّجود. وإن

٥٣

كان قد جفّفته غير الشمس، لم يجز عليه السّجود، وجاز الوقوف عليه. وكذلك حكم الفراش إذا أصابته نجاسة، لم يكن بالوقوف عليه بأس في حال الصلاة، اللهمّ إلّا أن تكون النجاسة رطبة تتعدّى إلى الثوب، فإنه لا يجوز الوقوف عليه.

وإذا أصاب ثوب الإنسان أو بدنه مذي أو وذي، لم يجب إزالته. فإن أزاله، كان أفضل. والقي‌ء إذا أصاب الثوب أو البدن، لم يكن بالصّلاة فيه بأس.

وإذا أصاب خفّ الإنسان أو جوربه أو تكّته أو قلنسوته أو ما لا تتمّ الصّلاة فيه مفردا، شي‌ء من النّجاسة، فإنّه لا بأس بالصّلاة فيه وإن لم يزله. فإن أزاله، كان أفضل.

وكلّ ما ليس له نفس سائلة من الأموات، فإنّه لا ينجّس الثّوب ولا البدن ولا الشّراب والماء إذا وقع فيه سوى الوزغ والعقرب اللذين استثنيناهما فيما مضى.

وإذا أصاب ثوب الإنسان طين الطريق فلا بأس بالصّلاة فيه ما لم يعلم فيه نجاسة. فإذا أتي عليه ثلاثة أيّام. يستحبّ إزالته على كلّ حال.

وإذا أصاب ثوب الإنسان ماء المطر وقد خالطه شي‌ء من النجاسات، فلا بأس بالصّلاة فيه، ما لم يغلب النّجاسة على الماء. فإذا غلبت عليه، وجب إزالته على كلّ حال. وإذا رجع على ثوب الإنسان أو بدنه من الماء الذي يستنجى به أو يغتسل به من

٥٤

الجنابة، فإنّه لا بأس بالصّلاة فيه. فإن وقع الماء على نجاسة ظاهرة ثمَّ رجع على الثوب أو البدن، وجب إزالته.

وإذا كان مع الإنسان ثوبان، وحصلت في واحد منها نجاسة، ولم يعلمه بعينه، وجب عليه غسلهما معا. فإن لم يقدر على الماء صلّى في كلّ واحد منهما على الانفراد. وإن كان معه ثوب واحد، وأصابته نجاسة، ولم يقدر على الماء، وجب عليه نزعه، وإن يصلّي عريانا. فإن لم يتمكّن من نزعه، صلّى فيه. فإذا تمكّن من نزعه أو غسله، نزعه أو غسله وأعاد الصّلاة.

وإذا أصاب الثوب بول الخفّاش، وجب غسل الموضع الذي أصابه. فإن لم يعرفه بعينه، غسل الثّوب كلّه. والمرأة المربّية للصّبيّ إذا كان عليها ثوب لا تملك غيره، وتصيبه النجاسة في كلّ وقت، ولا يمكنها التحرّز من ذلك، ولا تقدر على غسله في كلّ حال، فلتغسل ثوبها في كلّ يوم مرّة واحدة، وتصلّي فيه، وليس عليها شي‌ء.

وبول الصّبيّ قبل أن يطعم، لا يجب غسل الثّوب منه، بل يصبّ الماء عليه صبّا. وبول الصّبية يجب غسله على كلّ حال

٥٥

كتاب الصلاة

العلم بالصّلاة علم بفرائضها وسننها. وهو ينقسم قسمين: قسم يتقدّم حال الصّلاة، وقسم يقارن حال الصّلاة.

فأمّا الذي يتقدّم حال الصّلاة، فخمسة أشياء: أربعة منها يشتمل على المفروض والمسنون، والخامس مسنون ليس بمفروض.

فالأوّل منها العلم بالطّهارة وأحكامها. والثاني العلم بأعداد الصّلاة. والثالث العلم بأوقات الصّلاة. والرابع العلم بالقبلة وأحكامها. والقسم الخامس معرفة الأذان والإقامة وأحكامها.

وأمّا العلم بالطّهارة فقد قدّمناه مستوفى. وما بقي من الأقسام الأخر، فنحن نفرد لكلّ قسم منها بابا، ونذكر ما فيه مستوفى، ونفرّق بين المفروض منه والمسنون، ثمَّ نتبع ذلك بما يقارن حال الصّلاة من الفرائض والسّنن. إن شاء الله تعالى.

باب أعداد الصلاة وعدد ركعاتها من المفروض والمسنون

الصّلاة تنقسم قسمين: مفروض ومسنون. وكلّ واحد منهما ينقسم قسمين: فرائض الحضر وسننه، وفرائض السّفر وسننه.

فأمّا فرائض الحضّر فسبع عشرة ركعة: الظهر اربع ركعات

٥٦

بتشهّدين: أحدهما في الثّانية بغير تسليم، والثّاني في الرّابعة بتسليم بعده. وفريضة العصر مثل ذلك. وفريضة المغرب ثلاث ركعات بتشهّدين: أحدهما في الثّانية بغير تسليم. والثّاني في الثّالثة بتسليم بعده. وفريضة العشاء الآخرة مثل فريضة الظّهر والعصر. وفريضة الغداة ركعتان بتشهّد في الثانية وتسليم بعده.

وأمّا سنن الحضر فأربع وثلاثون ركعة: ثمان ركعات بعد زوال الشّمس قبل الفريضة، وثمان ركعات بعد الفريضة قبل فريضة العصر، وأربع ركعات بعد المغرب، وركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة تعدّان بركعة، وإحدى عشرة ركعة صلاة اللّيل، وركعتان صلاة الفجر بتشهّد في كلّ ركعتين من من هذه النوافل كلّها وتسليم بعده.

وأمّا فرائض السفر فإحدى عشرة ركعة: الظهر ركعتان بتشهّد في الثانية وتسليم بعده، وكذلك العصر. والمغرب ثلاث ركعات كحالها في الحضر. والعشاء الآخرة ركعتان كالظهر والعصر. وركعتان صلاة الغداة كحالها في الحضر.

وأمّا سنن السّفر فسبع عشرة ركعة: أربع ركعات بعد المغرب كحالها في الحضر، وإحدى عشرة ركعة صلاة الليل وركعتا صلاة الفجر. فهذه سبع عشرة ركعة. ويجوز أن يصلّي الركعتين من جلوس الّتي يصلّيهما في الحضر بعد العشاء الآخرة. فإن لم يفعلها، لم يكن به بأس.

٥٧

باب أوقات الصلاة

اعلم أن لكلّ صلاة من الصّلوات المفروضة وقتين: أوّلا وآخرا. فالوقت الأول وقت من لا عذر له. والثّاني وقت لمن له عذر من المرض أو السّفر أو غير ذلك. ولا يجوز لمن ليس له عذر أن يؤخّر الصّلاة من أوّل وقتها إلى آخره مع الاختيار. فإن أخّرها كان مخطئا مهملا لفضيلة عظيمة وإن لم يستحقّ به العقاب، لأنّ الله تبارك وتعالى قد عفا له عن ذلك. وصاحب العذر يجوز له تأخير الصّلاة إلى آخر الوقت على كل حال.

واعلم أنّ وقت صلاة الظّهر إذا زالت الشّمس. ويعلم زوالها إمّا بالأصطرلاب أو الدائرة الهنديّة أو ميزان الشّمس، أو يستقبل الإنسان القبلة ويراقب الشّمس. فإذا وجدها على حاجبه الأيمن، علم أنّ الشّمس قد زالت. فإذا عرف زوالها، وجب عليه فريضة الظهر، إذا كان ممّن لا يصلّي النّوافل. فإن كان ممّن يصلّي النّوافل، قدّمها على الفريضة من بعد الزّوال. فإذا فرغ منها، صلّى الفريضة من غير تأخير. هذا إذا كان من غير يوم الجمعة. فأمّا إذا كان يوم الجمعة، وجب عليه عند زوال الشمس الفريضة. ولا يجوز له الاشتغال بالنّافلة. ويجب عليه إمّا تقديمها قبل الزّوال أو تأخيرها إلى بعد الفراغ من فريضة العصر. وهذا الوقت الذي ذكرناه وقت من لا عذر له. فإن كان له عذر، فوقته إذا زالت الشّمس. ثمَّ هو في فسحة الى اصفرارها. وآخر وقت

٥٨

الظهر لمن لا عذر له، إذا صارت الشّمس إلى أربعة أقدام.

ووقت العصر عند الفراغ من صلاة الظّهر في يوم الجمعة، وفي غيره من الأيّام. وإن كان ممّن يصلّي النّوافل في غير يوم الجمعة صلّى بين الظهر والعصر الثماني ركعات، ثمَّ يصلّي العصر بلا فصل. هذا إذا لم يكن له عذر. فإذا كان له عذر، فهو في فسحة من هذا الوقت إلى آخر النّهار أيّ وقت شاء صلّى العصر. ولا يكون ذلك مع الاختيار.

وأوّل وقت صلاة المغرب عند غيبوبة الشّمس. وعلامته سقوط القرص. وعلامة سقوطه عدم الحمرة من جانب المشرق. وآخر وقته سقوط الشّفق، وهو الحمرة من ناحية المغرب. ولا يجوز تأخيره من أوّل الوقت إلى آخره إلّا لعذر. وقد رخّص للمسافر تأخير المغرب إلى ربع الليل.

وأوّل وقت العشاء الآخرة سقوط الشّفق، وآخره إلى ثلث الليل. ولا يجوز تأخيره إلى آخر الوقت إلّا لعذر حسب ما قدّمناه. وقد رويت رواية: أنّ آخر وقت العشاء الآخرة ممتد إلى نصف الليل. والأحوط ما قدّمناه. ويجوز تقديم العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق في السّفر وعند الأعذار، ولا يجوز ذلك مع الاختيار.

وأوّل وقت صلاة الفجر طلوع الفجر المستطير المعترض في أفق السّماء. وهو وقت من لا عذر له. فمن كان له عذر، فهو

٥٩

وقته إلى طلوع الشّمس. فإذا طلعت، فقد فاتت الصّلاة.

ووقت نوافل الظهر من عند زوال الشّمس إلى أن يصير الفي‌ء على قدمين. فإذا صار كذلك، ولم يكن قد صلّى من النّوافل شيئا، بدأ بالفريضة أوّلا، ويؤخّر النّوافل. وإن كان قد صلّى منها ركعة أو ركعتين فليتمّمها، وليخفّف قراءتها، ثمَّ يصلّي الفرض.

وكذلك يصلّي نوافل العصر ما بين الفراغ من الظهر إلى أن يصير الفي‌ء على أربعة أقدام. فإن صار كذلك، ولم يكن قد صلّى شيئا منها، بدأ بالعصر، وأخّر النوافل. وإن كان قد صلّى منها شيئا، أتمّ ما بقي عليه، ثمَّ يصلّي العصر.

ووقت نوافل المغرب بعد الفراغ من فرضه إلى سقوط الشّفق فإن سقط ولم يكن قد صلّى النوافل، أخّرها إلى بعد العشاء الآخرة.

ووقت الركعتين من جلوس بعد العشاء الآخرة. فإن كان ممّن عليه قضاء صلاة، أخّرها إلى بعد الفراغ من القضاء، ويختم صلاته بهاتين الرّكعتين.

ووقت صلاة اللّيل بعد انتصافه إلى طلوع الفجر. وكلّما قارب الفجر، كان أفضل. فإن طلع الفجر ولم يكن قد صلّى من صلاة اللّيل شيئا، بدأ بصلاة الغداة وأخّر صلاة اللّيل. وإن كان قد صلّى من صلاة الليل عند طلوع الفجر أربع ركعات، أتمّ صلاة الليل، وخفّف القراءة فيها، ثمَّ صلّى الغداة. فإن قام إلى

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793