النهاية الجزء ١

النهاية0%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

النهاية

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف:

الصفحات: 793
المشاهدات: 216134
تحميل: 5677


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216134 / تحميل: 5677
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

وإذا اشترى إنسان من غيره شيئا من القصب أطنانا معروفة ولم يتسلّمها، غير أنّه شاهدها، فهلك القصب قبل أن يقبض، كان من مال البائع دون المبتاع، لأنّ الذي اشتري منه في ذمّته. ولا يجوز بيع ما في الآجام من السّمك، لأنّ ذلك مجهول. فإن كان فيها شي‌ء من القصب، فاشتراه واشترى معه ما فيها من السّموك، لم يكن به بأس. وكذلك إن أخذ شيئا من السّمك، وباعه إيّاه مع ما في الاحمة، كان البيع ماضيا. ولا بأس أن يندر لظروف السّمن والزّيت وغيرهما شيئا معلوما، إذا كان ذلك معتادا بين التّجار، ويكون ممّا يزيد تارة وينقص أخرى، ولا يكون ممّا يزيد ولا ينقص. فإن كان ممّا يزيد ولا ينقص، لم يجز ذلك على حال.

ومن وجد عنده سرقة، كان غارما لها إلى أن يأتي ببيّنة أنّه اشتراها. ومتى اشتراها مع العلم بأنّها سرقة، كان لصاحب السّرقة أخذها، ولم يكن له الرّجوع على البائع بالثّمن. فإن لم يعلم أنّها سرقة، كان له الرّجوع على بائعها إذا كان موجودا. فإن كان قد مات، رجع على ورثته بالثّمن. ولا يجوز أن يشتري من الظالم شيئا يعلم أنّه ظلم بعينه. ولا بأس أن يشتري منه إذا لم يعلم كذلك، وإن علم أن بايعه ظالم. وتجنّب ذلك أفضل. ولا بأس بشراء ما يأخذ السّلطان من الغلّات والثّمرات والأنعام على جهة الخراج والزّكاة، وإن كان الأخذ له غير مستحقّ لذلك.

٤٠١

ومن غصب غيره متاعا، وباعه من غيره، ثمَّ وجده صاحب المتاع عند المشتري، كان له انتزاعه من يده. فإن لم يجده، حتّى هلك في يد المبتاع، رجع على الغاصب بقيمته يوم غصبه إيّاه، إلّا أن يكون المشتري علم أنّه مغصوب واشتراه، فيلزمه قيمته لصاحبه، ولا درك له على الغاصب فيما غرمه لصاحب المتاع. فإن اختلف في قيمة المتاع، كان القول قول صاحبه مع يمينه بالله تعالى. ومتى أمضى المغصوب منه البيع، لم يكن له بعد ذلك درك على المبتاع، وكان له الرّجوع على الغاصب بما قبضه من الثّمن فيه.

ومن ابتاع بيعا فاسدا، فهلك المبيع في يده، أو حدث فيه فساد، كان ضامنا لقيمته في هلاكه، ولأرش ما نقص من قيمته بفساده.

ولا بأس أن يشترط الإنسان على البائع فيما يشتريه منه شيئا ما أفعاله: مثل أن يشتري ثوبا على أن يقصره أو يخيطه أو يصبغه وما أشبه ذلك، وكان البيع ماضيا، ويلزمه ما شرط له. ولا يجوز له أن يشرط ما ليس في مقدوره: مثل أن يبيع الزّرع على أن يجعله سنبلا والرّطب على أن يجعله تمرا. فإن باع ذلك بشرط أن يدعه في الأرض أو الشّجر الى وقت ما يريد المبتاع، كان البيع صحيحا. ولا بأس أن يبيع الإنسان ثوبا ويستثني منه نصفه أو ثلثه أو ما أراد منه من الأذرع، لأنّ ذلك معلوم. ولا يجوز

٤٠٢

أن يبيع متاعا بدينار غير درهم، لأنّه مجهول.

ولا بأس ببيع الجوارح من الطّير والسّباع من الوحش. ولا يجوز بيع المسوخ منها على حال. ولا بأس ببيع عظام الفيل واتّخاذ الأمشاط منها وغيرها من الآلات. ولا بأس باستعمال ما يعمل منها. ولا يشتري الإنسان الجلود إلّا ممّن يثق من جهته أنّه لا يبيع إلّا ذكيّا. فإن اشتراها ممّن لا يثق به، فلا يجوز له بيعها على أنّها ذكيّة، بل يبيعها كما اشتراها من غير ضمان.

ولا بأس ببيع الخشب ممّن يتّخذه ملاهي، وكذلك بيع العنب ممّن يجعله خمرا، ويكون الإثم على من يجعله كذلك، واجتناب ذلك أفضل.

ويكره استعمال الصّور وشراء ما عليه التّماثيل. ولا بأس باستعماله في الفرش وما يوطأ بالأرجل. ولا بأس ببيع الحرير والدّيباج وأنواع الإبريسم. ولا يجوز لبسه للرّجال ولا الصّلاة فيه، إلّا ما كان مختلطا حسب ما بيّنّاه فيما مضى من « كتاب الصّلاة ». ولا يجوز بيع شي‌ء من الكلاب إلّا كلب الصّيد خاصّة، فإنّه لا بأس ببيعه والانتفاع بثمنه.

والمجوسيّ إذا باع ما لا يجوز للمسلم بيعه من الخمر والخنزير وغير ذلك، ثمَّ أسلم، كان له المطالبة بالثّمن، وكان حلالا له. وإذا أسلم وفي ملكه شي‌ء من ذلك، لم يجز له بيعه على حال. فإن

٤٠٣

كان عليه دين، جاز أن يتولّى بيع ذلك غيره ممّن ليس بمسلم، ويقضي بذلك دينه. ولا يجوز له أن يتولّاه بنفسه، ولا أن يتولّى عنه غيره من المسلمين.

ومن غصب غيره مالا، واشترى به جارية، كان الفرج له حلالا، وعليه وزر المال. ولا يجوز له أن يحجّ به. فإن حجّ به، لم يجزئه عن حجّة الإسلام.

وكلّ شي‌ء من المطعوم والمشروب يمكن الإنسان اختباره من غير إفساد له، كالأدهان الطّيّبة المستخبرة بالشّمّ وصنوف الطّيب والحلاوات والحموضات، فإنّه لا يجوز بيعه بغير اختبار له. فإن بيع من غير اختبار، كان البيع غير صحيح. والمتبايعان فيه بالخيار. فإن تراضيا بذلك، لم يكن به بأس.

وما لا يمكن اختباره إلّا بإفساده وإهلاكه كالبيض والبطّيخ والقثّاء والباذنجان وأشباه ذلك، فابتياعه جائز على شرط الصّحّة أو البراء من العيوب. فإن وجد فيه فاسد، كان للمبتاع ما بين قيمته صحيحا ومعيبا. وإن شاء ردّ الجميع واسترجع الثّمن وليس له ردّ المعيب دون ما سواه.

ولا بأس بابتياع الأعمى بشرط الصّحّة أو البراء من العيوب اليه. والأفضل أن يوكّل الأعمى من يشتري له ما يريد، ولا يتولّى ذلك بنفسه مع التّمكّن وحال الاختيار. وإذا ابتاع الأعمى شيئا بشرط الصّحّة، فكان معيبا، كان بالخيار في رده أو أرش

٤٠٤

العيب، إلّا أن يكون تصرّف فيه على ما بيّنّاه في « باب العيوب » وإذا ابتاع الأعمى شيئا بشرط البراء من العيوب، لم يكن له بعد ذلك ردّه ولا أرش العيب مثل البصراء سواء.

ولا بأس أن يبتاع الإنسان من غيره متاعا أو حيوانا أو غير ذلك بالنّقد والنّسيئة، ويشرط أن يسلفه البائع شيئا في مبيع، أو يستسلف منه في شي‌ء، أو يقرضه شيئا معلوما إلى أجل، أو يستقرض منه. وإذا ابتاع على ذلك، كان البيع صحيحا، ووجب عليهما الوفاء بما اشترطا فيه.

وإذا ابتاع الإنسان أرضا، فبنى فيها، أو غرس، وأنفق عليها، فاستحقّها عليه إنسان آخر، كان للمستحقّ الأوّل قلع البناء والغرس، ويرجع المبتاع على البائع بقيمة ما ذهب منه. فإن كان ما غرسه قد أثمر، كان ذلك لربّ الأرض، وعليه للغارس ما أنفقه وأجر مثله في عمله. فإن فسدت الأرض بالغرس، كان لربّها عليه أرش ما أفسد، ويرجع هو على البائع له بذلك.

ومن كان له على غيره مال أو متاع إلى أجل، فدفعه اليه قبل حلول الأجل، كان بالخيار بين قبضه وبين تركه الى وقت حلول الأجل، وكان ذلك في ضمان المديون عليه، وليس لأحد أن يجبره على قبضه قبل حلول أجله. وإذا كان له على غيره مال بأجل، فسأله تأخيره عنه إلى أجل ثان، فأجابه الى ذلك، كان بالخيار: إن شاء أمضى الأجل الثّاني، وإن شاء لم يمضه

٤٠٥

ومتى تقايل المتبايعان البيع، انفسخ البيع. فإن عقداه بعد الإقالة بأجل لم يكن للبائع الرّجوع فيه، ووجب عليه الوفاء به.

ولا يصحّ بيع بإكراه، ولا يثبت إلّا بإيثار صاحبه.

وإذا باع إنسان ملكا لغيره، والمالك حاضر، فسكت، ولم يطالب، ولا أنكر ذلك، لم يكن ذلك دلالة على إجازته البيع، ولا دليلا على أنّه ليس المبيع ملكا له. وكذلك، لو صالح عليه مصالح، وهو ساكت، لم يمض الصّلح عليه، وكان له المطالبة به. وبيع الأب على الابن إذا كان كبيرا غير جائز، فإن كان صغيرا، جاز بيعه عليه.

باب أجرة السمسار والدلال والناقد والمنادي

أجرة الكيّال ووزّان المتاع على البائع، لأنّ عليه توفية المتاع. وأجرة النّاقد ووزّان المال على المبتاع، لأنّ عليه توفيه المال على الكمال. ومن نصب نفسه لبيع الأمتعة، كان له أجر البيع على البائع دون المبتاع. ومن كان منتصبا للشّرى، كان أجره على المبتاع دون البائع. فإن كان ممّن يبيع ويشتري للنّاس، كان له أجره على ما يبيع من جهة البائع، وأجره على ما يشتري من جهة المبتاع.

وإذا دفع الإنسان إلى السّمسار متاعا، ولم يأمره ببيعه، فباعه، كان بالخيار بين إمضاء البيع وبين فسخه. فإن أمره ببيعه، ولم يذكر له لا نقدا ولا نسيئة، فباع نسيئة، كان صاحب

٤٠٦

السّلعة بالخيار: إن شاء فسخ البيع، وإن شاء أمضاه. وكذلك إن قال له: « بعها نقدا »، فباعها نسيئة، كان أيضا بالخيار بين إمضاء البيع وبين فسخه على ما قدّمناه. فإن قال له: بعها نسيئة بدراهم معلومة، فباعها نقدا بدون ذلك، كان مخيّرا في ذلك بين إمضاء البيع وفسخه. فإن أمضى البيع، كان له مطالبة الوسيط بتمام المال. وإن باعها نقدا بأكثر ممّا سمّى له، كان ذلك لصاحب السّلعة إلّا أن يفسخ البيع لمخالفة الوسيط له وخلافه شرطه.

وإذا اختلف الواسطة وصاحب المتاع، فقال الواسطة: قلت لي: بعه بكذا وكذا، وقال صاحب المال: بل قلت: بعه بكذا وأكثر من الذي قال، ولم يكن لأحدهما بيّنة على دعواه، كان القول قول صاحب المتاع مع يمينه بالله. وله أن يأخذ المتاع، إن وجده بعينه. وإن كان قد أحدث فيه ما ينقصه أو استهلك، ضمن الواسطة من الثّمن ما حلف عليه صاحب المتاع. وكذلك الحكم إذا اختلفا في النّقد.

ومتى هلك المتاع من عند الواسطة من غير تفريط من جهته، كان من مال صاحب المتاع، ولم يلزم الواسطة شي‌ء. فإن كان هلاكه بتفريط من جهة الواسطة كان ضامنا لقيمته. فإن اختلفا في ذلك، كان على صاحب المتاع البيّنة أنّه فرّط فيه. فإن عدمها، فعلى الواسطة اليمين بأنّه لم يفرّط في ذلك.

٤٠٧

وإذا قال الإنسان لغيره: بع لي هذا المتاع، ولم يسمّ له ثمنا. فباعه بفضل من قيمته، كان البيع ماضيا، والثّمن على تمامه لصاحب المتاع. وإن باعه بأقلّ من ثمنه، كان ضامنا لتمام القيمة، حتّى يسلّمها الى صاحب المتاع على الكمال.

ولا ضمان على الواسطة فيما يغلبه عليه ظالم. والدّرك في جودة المال والمبيع على المبتاع والبائع دون الواسطة في الابتياع

باب ابتياع الحيوان وأحكامه

قد بيّنّا أنّ الشّرط في الحيوان كلّه ثلاثة أيّام. فإن حدث في هذه الثّلاثة أيّام فيه حدث أو هلك عينه، كان من مال البائع دون المشتري، ما لم يحدث فيه المشتري حدثا. فإن أحدث فيه حدثا، كان ذلك رضا منه بالبيع، ولم يكن له بعد ذلك ردّه، إلّا أن يجد فيه عيبا يوجب الرّدّ على ما ذكرناه فيما مضى.

ولا يصحّ أن يملك الإنسان أحد والديه، ولا واحدا من أولاده ذكرا كان أو أنثى، ولا واحدة من المحرّمات عليه مثل الأخت وبناتها وبنات الأخ والعمّة والخالة. ويصحّ أن يملك من الرّجال من عدا الوالد والولد من الأخ والعمّ والخال. ومهما حصل واحدة من المحرمات اللّاتي ذكرناهنّ في ملكه، فإنّهنّ ينعتقن في الحال.

ويكره للإنسان أن يملك أحدا من ذوي أرحامه. ويستحبّ

٤٠٨

له متى ملكه أن يعتقه في الحال. وكلّ من ذكرناه ممّن لا يصحّ ملكه من جهة النّسب، فكذلك لا يصح ملكه من جهة الرضاع. ولا يصحّ أيضا أن يملك الرّجل زوجته إذا كانت أمة، ولا المرأة أن تملك زوجها. فمتى ملك واحد منهما زوجة، بطل العقد بينهما في الحال.

وكل من اشترى شيئا من الحيوان، وكان حاملا من الأناسي غيره، ولم يشرط الحمل، كان ما في بطنه للبائع دون المبتاع. فإن اشترط المبتاع ذلك كان له.

ولا يجوز ان يشتري الإنسان عبدا آبقا على الانفراد. فإن اشتراه، لم ينعقد البيع. ومتى اشتراه مع شي‌ء آخر من متاع أو، غيره، كان العقد ماضيا. ومن ابتاع عبدا أو أمة، وكان لهما مال، كان مالهما للبائع دون المبتاع. اللهمّ إلّا أن يشرط المبتاع ماله، فيكون حينئذ له دون البائع، سواء كان ما معه أكثر من ثمنه أو أقلّ منه. ويجوز ابتياع أبعاض الحيوان كما يصحّ ابتياع جميعه، وكذلك يصحّ الشّركة فيه. وإذا ابتاع اثنان عبدا أو أمة، ووجدا به عيبا، وأراد أحدهما الأرش والآخر الرّدّ، لم يكن لهما إلّا واحد من الأمرين حسب ما يتراضيان عليه.

ومن اشترى جارية، لم يجز له وطؤها إلّا بعد أن يستبرئها بحيضة ان كانت ممّن تحيض. وإن كانت ممّن لا تحيض فخمسة وأربعين يوما. وإن كانت آيسة من المحيض ومثلها

٤٠٩

لا تحيض، لم يكن عليها استبراء. ويجب على البائع أن يستبرئ الأمة قبل بيعها. ومتى استبرأها، وكان عدلا مرضيّا، جاز للمبتاع أن يعوّل على قوله، ولا يستبرئها. والأحوط له استبراؤها فيما بعد.

ومن اشترى من سوق المسلمين عبدا أو أمة، فادّعيا الحرّيّة، لم يلتفت الى دعواهما إلّا ببيّنة. ولا يجوز التّفرقة بين الأطفال وأمّهاتهم إذا ملكوا حتّى يستغنوا عنهنّ. ومن اشترى جارية فأولدها، ثمَّ ظهر له أنّها كانت مغصوبة لم تكن لبائعها، كان لمالكها انتزاعها من يد المبتاع وقبض ولدها، إلّا أن يرضيه الأب بشي‌ء عن ذلك، وللمبتاع الرّجوع على البائع بما قبضه من ثمنها وغرمه ولدها.

ولا بأس ببيع أمّهات الأولاد بعد موت أولادهنّ على كلّ حال. ولا يجوز بيعهنّ مع وجود أولادهن إلّا في ثمن رقبتهنّ بأن يكون دينا على مولاها. وإذا مات السّيد وخلّف أمّ ولد وولدها وأولادا، جعلت في نصيب ولدها. فإذا حصلت من نصيبه انعتقت في الحال. وإن لم يخلّف الميّت غيرها، انعتقت بنصيب ولدها، واستسعيت فيما بقي لباقي الورثة من غيرها.

ولا بأس أن يشتري الإنسان ما يسبيه الظّالمون إذا كانوا مستحقّين للسّبي. ولا بأس بوطي من هذه صفتها، وإن كان فيها الخمس لمستحقّيه لم يصل إليهم، لأنّ ذلك قد جعلوه

٤١٠

لشيعتهم من ذلك في حلّ وسعة.

ومن قال لغيره: اشتر حيوانا بشركتي، والرّبح بيني وبينك، فاشتراه، ثمَّ هلك الحيوان، كان الثّمن بينها، كما لو زاد في ثمنه، كان أيضا بينهما على ما اشترطا عليه. فإن اشترط عليه أنّه يكون له الرّبح إن ربح، وليس عليه من الخسران شي‌ء، كان على ما اشترطا عليه.

والوصيّ والمتولّي في أموال اليتامى، لا بأس أن يبيع من مالهم العبد والأمة إذا رأى ذلك صلاحا لهم. ولا بأس لمن يشتري الجارية منه أن يطأها، ويستخدمها منه من غير حرج في ذلك.

ولا بأس بشراء المماليك من الكفّار إذا أقرّوا لهم بالعبوديّة. وإذا اشتريت مملوكا فلا ترينّ ثمنه في الميزان، لأنّه لا يفلح على ما جاء في الأخبار.

ومن اشترى من رجل عبدا، وكان عند البائع عبدان، فقال للمبتاع: اذهب بهما، فاختر أيّهما شئت، وردّ الآخر وقبض المال، فذهب بهما المشتري، فأبق أحدهما من عنده، فليردّ الذي عنده منهما، ويقبض نصف الثّمن ممّا أعطى، ويذهب في طلب الغلام: فإن وجده، اختار حينئذ أيهما شاء، وردّ النّصف الذي أخذ، وإن لم يجد، كان بينهما نصفين.

وإذا كانت الجارية بين شركاء، فتركوها عند واحد منهم، فوطئها، فإنّه يدرأ عنه من الحدّ بقدر ماله منها من

٤١١

الثّمن، ويضرب بمقدار ما لغيره من القيمة، وتقوّم الأمة قيمة عادلة، ويلزمها. فإن كانت القيمة أقلّ من الثّمن الذي اشتريت به. ألزم ثمنها الأوّل. وإن كانت قيمتها في ذلك اليوم الذي قوّمت فيه أكثر من ثمنها، ألزم ذلك الأكثر. فإن أراد واحد من الشّركاء الجارية، كان له أخذها، ولا يلزمه إلّا ثمنها الذي يسوى في الحال.

والمملوكان إذا كانا مأذونين في التّجارة، فاشترى كلّ واحد منهما صاحبه من مولاه، فكلّ من سبق منهما بالبيع، كان البيع له، وكان الآخر مملوكا له. فإن اتّفق أن يكون العقدان في حالة واحدة، أقرع بينهما. فمن خرج اسمه، كان البيع له، ويكون الآخر مملوكه. وقد روي: أنّه إذا اتّفق العقدان في حالة واحدة، كانا باطلين. والأحوط ما قدّمناه وإذا قال مملوك إنسان لغيره: اشترني! فإنّك إذا اشتريتني كان لك عليّ شي‌ء معلوم، فاشتراه، فإن كان للملوك في حال ما قال ذلك له مال، لزمه أن يعطيه ما شرط له، وإن لم يكن له مال في تلك الحال، لم يكن عليه شي‌ء.

وإذا أراد الإنسان شراء أمة، جاز له أن ينظر إلى وجهها ومحاسنها نظرا من غير شهوة. ولا يجوز له النّظر إليها، وهو لا يريد شرائها على حال. وإن كان لإنسان جارية، فجاءت بولد من الزّنا، جاز له بيعها وبيع الولد. ويجوز له أن يحج

٤١٢

بذلك الثّمن، ويتصدّق به، وينفقه على نفسه حسب ما أراد والتّنزّه عن ذلك أفضل لي كلّ حال ويجتنب أيضا من وطي من ولد من الزّنا مخافة العار بالعقد والملك معا. فإن كان لا بدّ فاعلا، فليطأهن بالملك دون العقد، وليعزل عنهنّ.

واللّقيط لا يجوز بيعه ولا شراؤه، لأنّه حرّ حكمه حكم الأحرار.

ولا يجوز للإنسان أن يشتري شيئا من الغنم أو غيره من الحيوان من جملة القطيع بشرط أن ينتقي خيارها، لأن ذلك مجهول، بل ينبغي أن يميّز ما يريد شراءه أو يعيّنه بالصّفة وإذا اشترك نفسان في شراء إبل أو بقر أو غنم، ووزنا المال، وقال واحد منهما: إنّ لي الرّأس والجلد بمالي من الثّمن، كان ذلك باطلا، ويقسم ما اشترياه على أصل المال بالسّوية.

ومتى اشترى الإنسان حيوانا، فهلك في مدّة الثّلاثة أيّام، كان لصاحبه أن يحلّفه بالله تعالى: أنّه ما كان أحدث فيه حدثا. فإن حلف، برئ من الضّمان، وكان من مال البائع. وإن امتنع من اليمين، لزمه البيع، ووجب عليه الثّمن.

وإذا باع الإنسان بعيرا أو بقرا أو غنما، واستثنى الرّأس والجلد، كان شريكا للمبتاع بمقدار الرّأس والجلد.

وإذا اشترى الإنسان ثلاث جوار مثلا كلّ واحدة منهنّ بثمن معلوم، ثمَّ حملهنّ إلى البيع وقال له: بيع هؤلاء الجواري

٤١٣

ولك عليّ نصف الرّبح، فباع الثّنتين منها بفضل، وأحبل هو الثّالثة، لزمه أن يعطيه نصف الرّبح فيما باع، وليس عليه فيما أحبل شي‌ء من الرّبح. ومن اشترى جارية كانت سرقت من أرض الصّلح، كان له ردّها على من اشتراها منه واسترجاع ثمنها. وإن كان قد مات، فعلى ورثته. فإن لم يخلّف وارثا استسعيت الجارية في ثمنها.

ومن أعطى مملوك غيره مأذونا له في التّجارة مالا ليعتق عنه نسمة ويحجّ، فاشترى المملوك أباه، وأعتقه، وأعطاه بقيّة المال ليحجّ عن صاحب المال، ثمَّ اختلف مولى المملوك وورثة الآمر ومولى الأب الذي اشتراه منه، فكلّ واحد منهم قال: إنّ المملوك اشتري بمالي، كان الحكم يردّ المعتق على مولاه الذي كان عنده، يكون رقّا له كما كان، ثمَّ أيّ الفريقين الباقيين منهما أقام البيّنة بأنّه اشترى بماله، سلّم إليه، وإن كان المعتق قد حجّ ببقيّة المال، لم يكن إلى ردّها سبيل.

باب بيع الثمار

إذا أراد الإنسان بيع ثمرة من شجرة بعينها فلا يبعها إلّا بعد أن يبدو صلاحها إذا باعها سنة واحدة. وحدّ بدوّ صلاحها إن كان كرما أن ينعقد الحصرم، وإن كان شجر الفواكه أن ينعقد بعد ما يسقط عنه الورد، وإن كان نخلا فحين يصفرّ

٤١٤

البسر ويتلوّن. فإن باع قبل أن يبدو صلاحها، لم يكن البيع ماضيا. ومتى هلكت الثّمرة، والحال هذه، كانت من مال البائع دون مال المبتاع. ومتى باعها بعد بدوّ صلاحها ثمَّ هلكت، كان من مال المبتاع دون البائع. ومتى أراد بيع الثّمرة سنتين فصاعدا، جاز أن يبيعها وإن لم يبد صلاحها. فإن خاست في سنة، زكت في الأخرى. وإن أراد بيعها في سنة واحدة قبل أن يبدو صلاحها، ويكون معها شي‌ء من غلة الأرض من الخضر أو غيرها، كان أيضا جائزا. وإذا كانت الثّمرة أنواعا كثيرة، وبدا صلاح بعضها وأدرك، جاز بيع الجميع. فإن هلك منها نوع أو خاس، كان الثّمن في النوع الآخر.

ومتى باع الإنسان نخلا قد أبّر ولقّح، كانت ثمرته للبائع دون المبتاع، إلّا أن يشرط المبتاع الثّمرة. فإن شرط، كان له على ما شرط. وكذلك الحكم فيما عدا النّخل من شجرة الفواكه.

ولا يجوز بيع الخضراوات قبل أن يبدو صلاحها. ولا بأس ببيع ما يخرج حملا بعد حمل، كالباذنجان والقثّاء والخيار والبطّيخ وأشباهها. والأحوط بيع كلّ حمل منه، إذا بدا صلاحه وخرج.

ولا بأس ببيع الزّرع قصيلا، وعلى المبتاع قطعه قبل أن يسنبل. فإن لم يقطعه، كان البائع بالخيار: إن شاء قطعه، وإن شاء تركه، وكان على المبتاع خراجه. وإن اشترى الإنسان

٤١٥

نخلا على أن يقطعه أجذاعا، فتركه حتى أثمر، كانت الثّمرة له، دون صاحب الأرض. فإن كان صاحب الأرض ممّن قام بسقيه ومراعاته، كان له أجرة المثل. ولا بأس ببيع الرّطبة الجزّة والجزّتين وكذلك ورق الشّجر من التّوت والآس والحنّاء وغير ذلك. ولا بأس ببيعها خرطة وخرطتين.

ولا بأس أن يبيع الإنسان ما ابتاعه من الثّمرة بزيادة ممّا اشتراه وإن كان قائما في الشّجر. ولا يجوز بيع الثّمرة في رءوس النّخل بالتّمر كيلا ولا جزافا، وهي المزابنة التي نهى النّبيّ،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عنها. وكذلك لا يجوز بيع الزّرع بالحنطة من تلك الأرض لا كيلا ولا جزافا، وهي المحاقلة. فإن باعه بحنطة من غير تلك الأرض، لم يكن به بأس. وكذلك إن باع التّمرة بالتّمر من غير ذلك النّخل، لم يكن أيضا به بأس. ولا بأس أن يبيع الإنسان الثّمرة ويستثني منها أرطالا معلومة أو كيلا معلوما. واستثناء الرّبع أو الثّلث أو النّصف أحوط. ولا بأس أن يبيع النّخل ويستثني منه نخلة بعينها أو عددا منه مذكورا إذا خصّصه وعيّنه بالذّكر. ومتى استثنى شيئا من النّخل ولم يعيّنه بالصّفة، كان الاستثناء باطلا. ومتى اشترى الثّمرة، فهلكت، لم يكن للمبتاع رجوع على البائع. فإن كان قد استثنى من ذلك شيئا، كان له من ذلك بحسابه من غير زيادة ولا نقصان.

٤١٦

وإذا مرّ الإنسان بشي‌ء من الفواكه، جاز له أن يأكل منها مقدار كفايته من غير إفساد. ولا يجوز له أن يحمل منها شيئا معه، إلّا بإذن صاحبه.

وإذا كان بين نفسين نخل أو شجر فاكهة، فقال أحدهما لصاحبه: أعطني هذا النّخل بكذا وكذا رطلا، أو خذ منّي أنت بذلك، فأيّ الأمرين فعل، كان ذلك جائزا.

باب بيع المياه والمراعي وحريم الحقوق وأحكام الأرضين وغير ذلك

إذا كان للإنسان شرب في قناة، فاستغنى عنه، جاز له أن يبيعه بذهب أو فضّة أو حنطة أو شعير أو غير ذلك. وكذلك، إن أخذ الماء من نهر عظيم في ساقية يعملها، ولزم عليها مئونة، ثمَّ استغنى عن الماء، جاز له بيعه. والأفضل أن يعطيه لمن يحتاج إليه من غير بيع عليه. وهذه هي النّطاف والأربعاء التي نهى النّبيّ،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، عنهما. وقضى رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، في سبيل وادي مهزور: أن يحبس الأعلى على الذي هو أسفل منه للنّخل إلى الكعب، وللزّرع إلى الشّراك، ثمَّ يرسل الماء إلى من هو دونه، ثمَّ كذلك يعمل من هو دونه مع من هو أدون منه. قال ابن أبي عمير: المهزور موضع الوادي.

٤١٧

ولا بأس أن يحمي الإنسان الحمى من المرعى والكلاء إذا كان في أرضه وسقاه بمائه. فأما غير ذلك، فلا يجوز بيعه، لأنّ النّاس كلّهم فيه شرع سواء.

وقد رخّص النّبيّ،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أن تشترى العرايا بخرصها تمرا. والعرايا جمع عريّة، وهي النّخلة تكون في دار إنسان لرجل آخر، فيجوز له أن يبيعها بخرصها تمرا، ولا يجوز ذلك في غيرها. ومن باع نخيلا فاستثنى منها نخلة معيّنة في وسطها، كان له الممرّ إليها والمخرج منها وله مدى جرائدها من الأرض.

وحدّ ما بين بئر المعطن إلى بئر المعطن أربعون ذراعا، وما بين بئر الناضح إلى بئر الناضح ستّون ذراعا، وما بين العين إلى العين خمسمائة ذراع، إذا كانت الأرض صلبة. فإن كانت رخوة فألف ذراع. والطّريق إذا تشاح عليه أهله، فحدّه سبع أذرع.

وإذا كان للإنسان رحا على نهر، والنّهر لغيره، وأراد صاحب النّهر أن يسوق الماء في نهر آخر إلى القرية، لم يكن له ذلك إلّا برضا صاحب الرّحا وموافقته.

والأرضون على أقسام أربعة:

قسم منها أرض الخراج. وهي كلّ أرض أخذت عنوة بالسّيف وعن قتال. فهي أرض للمسلمين قاطبة، لا يجوز

٤١٨

بيعها ولا شراؤها، والتّصرّف فيها، إلّا بإذن النّاظر في أمر المسلمين. وللنّاظر أن يقبّلها بما شاء من ثلث أو ربع أو نصف أو أقلّ أو أكثر مدّة من الزّمان. وله أن ينقل من متقبّل إلى غيره ويزيد عليه وينقص إذا مضى مدة زمان القبالة، ليس عليه اعتراض في ذلك.

ومنها أرض الصّلح. وهي أرض أهل الذّمّة يصالحهم الإمام على أن يأخذ منهم شيئا معلوما بحسب ما يراه من المصلحة قلّ ذلك أم كثر. وله أن يزيد عليهم وينقص بحسب ما يراه صلاحا. ولأرباب هذه الأرضين أن يبيعوها. ومتى باعوها انتقلت الجزية عنها إلى رءوسهم وأموالهم. وإن اشتراها مسلم، كانت ملكا له، يجوز له التّصرّف فيها كما يتصرّف في سائر الأملاك. وليس عليه فيها أكثر من الزّكاة: العشر أو نصف العشر، حسب ما قدّمناه فيما مضى من الكتاب.

ومنها أرض من أسلم عليها طوعا، فهم أملك بها، وكانت ملكا لهم. وليس عليهم أكثر من الزّكاة: العشر أو نصف العشر. ويجوز لهم بيعها وهبتها ووقفها والبناء فيها حسب ما يريدون من أنواع التصرف.

ومنها أرض الأنفال، وهي كلّ أرض انجلى أهلها عنها من غير قتال، والأرضون الموات ورءوس الجبال والآجام والمعادن وقطائع الملوك. وهذه كلّها خاصّة للإمام، يقبّلها من شاء بما

٤١٩

أراد، ويهبها ويبيعها إن شاء حسب ما أراد.

ومن أحيا أرضا ميتا، كان أملك بالتصرّف فيها من غيره. فإن كانت الأرض لها مالك معروف كان عليه أن يعطي صاحب الأرض طسق الأرض، وليس للمالك انتزاعها من يده ما دام هو راغبا فيها. وإن لم يكن لها مالك، وكانت للإمام، وجب على من أحياها أن يؤدّي إلى الإمام طسقها، ولا يجوز للإمام انتزاعها من يده إلى غيره، إلّا أن لا يقوم بعمارتها كما يقوم غيره أو لا يقبل عليها ما يقبله الغير.

ومتى أراد المحيي لأرض من هذا الجنس الذي ذكرناه، أن يبيع شيئا منها، لم يكن له أن يبيع رقبة الأرض، وجاز له أن يبيع ما له من التّصرّف فيها. وإذا اشترى الإنسان من غيره جربانا معلومة من الأرض، ووزن الثّمن، ثمَّ مسح الأرض، فنقص عن المقدار الذي اشتراه، كان بالخيار: بين ان يردّ الأرض ويسترجع الثّمن بالكليّة، وبين أن يطالب بردّ ثمن ما نقص من الأرض. وإن كان للبائع أرض بجنب تلك الأرض وجب عليه أن يوفّيه تمام ما باعه إيّاه.

١ ـ وكتب محمّد بن الحسن الصّفار الى أبي محمد العسكريّ،عليه‌السلام : رجل اشترى من رجل بيتا في دار له بجميع حقوقه، وفوقه بيت آخر، هل يدخل البيت الأعلى في حقوق البيت الأسفل، أم لا؟ فوقّععليه‌السلام : ليس له

٤٢٠