النهاية الجزء ١

النهاية0%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

النهاية

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف:

الصفحات: 793
المشاهدات: 216227
تحميل: 5677


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216227 / تحميل: 5677
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

بالقطن. وكلّما وضع عليه القطن عصبه، وكذلك موضع الرأس، يجعل له من القطن شي‌ء كثير. وإن كان الرّأس قد بان من الجسد وهو معه، يغسل الرّأس إذا غسل اليدان وسفله، بدئ بالرأس ثمَّ بالجسد ويوضع القطن فوق الرقبة ويضمّ إليه الرّأس ويجعل في الكفن. وكذلك إذا أنزل إلى القبر يتناول مع الجسد فيدخل اللّحد ويوجّه إلى القبلة.

وإن كان الميّت محرما، غسل كما يغسل المحلّ، ويكفّن كتكفينه، غير أنه لا يقرّب شيئا من الكافور. وإن كان الميّت صبيا غسل كتغسيل الرجال ويكفّن ويحنّط كتكفينهم وتحنيطهم. وإن كان لم يبلغ ستّ سنين صلّي عليه تقية. وإن بلغ ذلك أو زاد عليه، صلّي عليه على كل حال. وإن كان الصّبيّ ابن ثلاث سنين أو أقلّ من ذلك، فلا بأس أن تغسله النساء عند عدم الرّجل مجرّدا من ثيابه. وإن كان سقطا وقد بلغ أربعة أشهر أو ما زاد عليه، غسل وكفّن وحنّط. وإن كان لأقلّ من ذلك، دفن كما هو بدمه.

وغسل المرأة كغسل الرجال سواء، وتكفينها كتكفينهم، إلّا أنّ المرأة تزاد لفافتين أو لفافة ونمطا. ويستحبّ أن تزاد خرقة يشدّ بها ثدياها الى صدرها. ويكثر من القطن لقبلها. وإذا أريد دفنها، جعل سريرها قدّام القبر، وتؤخذ إلى القبر عرضا. ويأخذها من قبل وركيها زوجها أو أحد من ذوي أرحامها.

٤١

ولا يتولّى ذلك أجنبيّ إلّا عند الضرورة. وإن كانت نفساء أو حائضا، غسلت كغسلها طاهرا. وإن كانت حبلى، لا يغمز بطنها في الغسلات، ويعمل بها فيما سوى ذلك ما يعمل بغيرها. وإن كانت صبية لها ثلاث سنين أو دونها، جاز للرّجال تغسيلها عند عدم النساء. فإن زادت على ذلك، لم يجز ذلك على حال. وإن مات الصبيّ معها في بطنها، دفن معها. وإن كانت ذمية، دفنت في مقابر المسلمين لحرمة ولدها إذا كان من مسلم. وإذا ماتت المرأة ولم يمت ولدها، شقّ بطنها من الجانب الأيسر، وأخرج الولد وخيط الموضع، وغسلت ودفنت. فإن مات الولد في بطنها، ولم تمت هي ولم يخرج منها، أدخلت القابلة أو من يقوم مقامها يدها في فرجها، فقطع الصبيّ وأخرجه قطعة قطعة، وغسل وحنّط وكفّن ودفن.

وإذا مات رجل مسلم بين رجال كفار ونساء مسلمات لا ذات رحم له فيهنّ، أمر بعض النّساء رجالا من الكفّار بالاغتسال، ثمَّ تعلّمهم تغسيل أهل الإسلام ليغسلوه كذلك. وإن مات بين نساء مسلمات ورجال كفار، وكان له فيهنّ محرم من زوجة أو غيرها من ذوي الأرحام، غسلنه من وراء الثياب، ولا يجرّدنه من ثيابه. وإن لم يكن له فيهنّ محرم ولا معهنّ رجال مسلمون ولا كفار، دفنه بثياب ولم يغسّله على حال. وإن ماتت امرأة بين رجال مسلمين لا ذا رحم لها فيهم ولا زوج، ونساء

٤٢

كافرات، أمر بعض الرجال نساء كافرات بالاغتسال وتغسيلها غسل أهل الإسلام. فإن ماتت بين رجال مسلمين ونساء كافرات، وكان لها فيهم ذو رحم أو زوج، غسلوها من وراء ثيابها ولم تقربها كافرة. وإن لم يكن فيهم ذو رحم ولا زوج ولا معهم نساء أصلا، دفنوها بثيابها من غير تغسيل. وقد روي انهم يغسلون منها محاسنها يديها ووجهها ثمَّ يدفنونها. فمن عمل على هذه الرواية لم يكن عليه بأس.

ولا يقصّ شي‌ء من شعر الميّت ولا من ظفره ولا يسرّح رأسه ولا لحيته. فإن سقط منه شي‌ء جعل معه في أكفانه.

وإذا خرج من الميّت شي‌ء من النجاسة بعد الفراغ من غسله، غسل منه، ولم يجب عليه إعادة الغسل. فإن أصاب ذلك كفنه، قرض الموضع منه بالمقراض.

والجريدة توضع مع جميع الأموات من الرجال والنّساء والصبيان والأطفال مع التمكن. فإن كانت الحال حال التقية ولم يتمكّن من وضعها مع الكفن، طرحت في القبر. فإن لم يمكن ذلك، ترك بغير جريدة. ولا ينبغي للمؤمن ان يغسل أهل الخلاف. فإن اضطرّ، غسله غسل أهل الخلاف، ولم يجعل معه الجريدة على حال.

والميّت إذا لم يوجد له كافور ولا سدر، فلا بأس أن يغسل بالماء القراح ويقتصر عليه.

٤٣

وإذا مات الميت في مركب في البحر، ولم يقدر على الشطّ لدفنه، غسل وحنّط وكفّن وصلّي عليه، ثمَّ نقل وطرح في البحر ليرسب الى قرار الماء.

ولا يجوز حمل ميّتين على جنازة واحدة مع الاختيار، لأنّ ذلك بدعة.

ويستحبّ أن يكون حفر القبر قدر قامة، أو إلى الترقوة. واللّحد ينبغي أن يكون واسعا مقدار ما يتمكّن الرجل فيه من الجلوس. ولا بأس بالاقتصار على الشّق، وإن لم يجعل هناك اللّحد. وإذا كان القبر نديا، فلا بأس أن يفرش بالساج.

ويكره نقل الميّت من الموضع الذي مات فيه إلى بلد آخر إلّا إذا نقل إلى واحد من المشاهد، فإن ذلك مستحب له. فاذا دفن في موضع، فلا يجوز نقله وتحويله من موضعه. وقد وردت رواية بجواز نقله إلى بعض مشاهد الأئمّة، سمعناها مذاكرة، والأصل ما ذكرناه.

ولا يترك المصلوب على خشبة أكثر من ثلاثة أيام، ثمَّ ينزل بعد ذلك ويوارى في التراب.

ويكره تجصيص القبور والتظليل عليها والمقام عندها وتجديدها بعد اندراسها. ولا بأس بتطيينها ابتداء.

ويكره أن يحفر قبر مع العلم به، فيدفن فيه ميت آخر، إلّا عند الضرورة إليه.

٤٤

والكفن يؤخذ من نفس التّركة قبل قسمة الميراث وقضاء الدّيون والوصايا، ثمَّ يتبع ذلك بقضاء الدّيون ثمَّ الوصايا ثمَّ الميراث. وإن كان الميّت امرأة، لزم زوجها أكفانها، ولا يلزم ذلك في مالها على حال.

باب التيمم وأحكامه

التيمّم على ضربين: تيمّم هو بدل من الوضوء، وتيمّم هو بدل من الغسل المفروض. ويحتاج فيه إلى العلم بخمسة أشياء!

أوّلها: من يجب عليه التيمّم وما يتبعه من أحكامه.

والثّاني: متى يجب عليه التّيمّم وما يلزمه من أحكامه.

والثّالث: ما يجوز أن يتيمّم به وما لا يجوز.

والرّابع: كيفيّة التّيمّم.

والخامس: ما ينقض التّيمّم.

امّا الذي يجب عليه التّيمّم، فكلّ من عدم الماء من المكلّفين للصّلاة، أو وجده غير أنّه لا يتمكّن من استعماله من برد شديد، أو مشقّة عظيمة تلحقه، أو مرض يخافه، أو لا يكون معه ما يتوصّل به إلى الماء من آلة ذلك أو ثمنه، أو يحول بينه وبين الماء حائل من عدوّ أو سبع أو غير ذلك. فمتى لم يكن شي‌ء ممّا ذكرناه، لم يجز له التّيمّم.

فان وجد الماء بالثّمن، وجب عليه شراؤه. فلا يجوز له

٤٥

التّيمّم، الّا أن يبلغ ثمنه مقدارا يضرّ به في الحال. فان كان معه ماء يسير يحتاج اليه للشّرب، وجب عليه التّيمّم. وكذلك إن كان معه من الماء ما لا يكفيه لطهارته، وجب عليه التّيمّم.

فاذا وجد الماء وجب عليه الطهارة. وليس عليه إعادة شي‌ء من الصّلاة الّتي صلّاها بذلك التّيمّم.

فان كان مريضا وجب عليه التّيمّم والصّلاة به. وليس عليه إعادة شي‌ء من صلاته التي صلاها بتيمّمه.

فان خاف البرد العظيم في سفر وحضر، وجب عليه التّيمّم والصّلاة، وليس عليه إعادة شي‌ء ممّا يصلّي بتيمّمه. فان كان هذا الّذي يخاف البرد يتيمّم، وكان تيمّمه بدلا من الغسل امّا من الاحتلام أو مسّ الأموات أو الحائض أو المستحاضة أو النّفساء، وجب عليه التّيمّم والصّلاة. وليس عليه إعادة شي‌ء من صلاته التي يصلّيها بذلك التّيمّم. فان كان غسله من الجنابة التي تعمّدها، وجب عليه الغسل، وان لحقه برد، إلّا أن يبلغ ذلك حدّا يخاف على نفسه التّلف، فإنّه يجب عليه حينئذ التّيمّم والصّلاة. فإذا زال الخوف، وجب عليه الغسل وإعادة تلك الصّلاة.

وإذا مات الميّت ولم يوجد الماء لغسله، أو وجد غير أنّه لا يمكن الحيّ استعماله لأحد الأسباب التي ذكرناها، وجب ان ان يتيمّم. فإذا تيمّم، كفّن وصلّي عليه ودفن. ويجب على من تيمّمه التّيمّم. فإذا زال عنه المانع، وجب عليه الاغتسال.

٤٦

والمجروح وصاحب القروح والمكسور والمجدور، إذا خافوا على نفوسهم استعمال الماء، وجب عليهم التيمّم عند حضور الصّلاة. وإذا حصل الإنسان يوم الجمعة في المسجد الجامع، فأحدث ما ينقض الوضوء، ولم يتمكّن من الخروج، فليتيمّم، وليصلّ. فإذا انصرف، توضّأ وأعاد الصّلاة.

وإذا احتلم الإنسان في المسجد الحرام أو مسجد الرّسول فلا يجوز له ان يخرج منهما الّا بعد أن يتيمّم. ولا بأس بترك ذلك في غيرهما من المساجد.

وإذا حصل الإنسان في أرض ثلج، ولا يقدر على الماء ولا على التّراب، فليضع يديه جميعا على الثلج باعتماد حتّى تنتديا، ثمَّ يمسح وجهه من قصاص شعر رأسه الى محادر شعر ذقنه مثل الدّهن، ثمَّ يضع يده اليسرى على الثّلج كما وصفناه، ويمسح بها يده اليمنى من المرفق إلى أطراف الأصابع، ثمَّ يضع يده اليمنى على الثّلج مثل ذلك، ويمسح بها يده اليسرى من المرفق إلى أطراف الأصابع، ويمسح بباقي نداوتهما رأسه وقدميه. وان كان قد وجب عليه الغسل، فعل بجميع بدنه مثل ذلك. فإن خاف على نفسه من البرد، أخّر الصّلاة إلى ان يجد الماء فيغتسل، أو التّراب فيتيمّم.

والتّيمّم يجب آخر الوقت الى تضيّقه. فلا يجوز التّيمّم قبل دخول وقت الصّلاة ولا بعد دخوله في أوّل وقت. فمن تيمّم

٤٧

قبل دخول الوقت أو بعد دخوله قبل آخر الوقت، وجب عليه إعادة التيمّم، ولم يجز له أن يستبيح بذلك التّيمّم والصّلاة، فإن صلّى بتيمّمه ذلك، وجب عليه إعادة الصلاة بتيمّم مستأنف أو طهارة إن كان قد وجد الماء.

ولا يجوز له التّيمّم في آخر الوقت لا بعد طلب الماء في رحله وعن يمينه ويساره مقدار رمية سهم أو رميتين إذا لم يكن هناك خوف. فإن خاف، لم يجب أن يتعدّى المكان الذي هو فيه.

فمتى لم يطلب الماء وتيمّم وصلّى، وجب عليه إعادة الصّلاة فإن نسي الماء في رحله، وقد تيمّم وصلّى، ثمَّ علم بعد ذلك، والوقت باق، وجب عليه الوضوء وإعادة الصلاة.

فإن وجد الماء، وقد دخل في الصّلاة وركع، لم يجب عليه الانصراف، بل يجب عليه المضيّ فيها. فإذا فرغ منها، توضّأ لما يستأنف من الصّلاة. فإن وجد الماء قبل الرّكوع، وجب عليه الانصراف والتوضّؤ واستقبال الصّلاة.

فإن أحدث في الصّلاة حدثا ينقض الطّهارة ناسيا، وجب عليه الطهارة والبناء على ما انتهى اليه من الصّلاة ما لم يستدبر القبلة أو يتكلّم بما يفسد الصّلاة. وان كان حدثه متعمّدا، وجب عليه الطّهارة واستيناف الصّلاة.

وامّا الذي يتيمّم به، فهو الصّعيد الطيب الذي ذكره الله في كتابه جلّ ذكره وهو التّراب الطّاهر. ويستحبّ أن يكون ذلك

٤٨

من ربا الأرض وعواليها. ولا يكون ذلك من مهابطها. فإن تيمّم من مهابط الأرض وكان الموضع طاهرا، لم يكن به بأس. ولا بأس بالتّيمّم بالأحجار ولا بالأرض الجصّيّة، ولا بأرض النّورة، إذا لم يقدر على التّراب.

فإن كان في أرض وحلة لا تراب فيها ولا صخر، وكانت معه دابة، فلينفض عرفها أو لبد سرجها، ويتيمّم بغبرته. فإن لم يكن معه دابّة وكان معه ثوب، تيمّم منه. فإن لم يكن معه شي‌ء من ذلك، وضع يده جميعا على الوحل، ويمسح إحديهما بالأخرى، وينقضهما حتّى يزول عنهما الوحل، ثمَّ يتيمّم ولا يجوز التّيمّم بما لا يقع عليه اسم الأرض بالإطلاق سوى ما ذكرناه. ولا يجوز التّيمّم من المعادن كلّها. ولا يجوز التّيمّم بالرّماد ولا بالأشنان، ولا بالدّقيق، ولا بما أشبهه في نعومته وانسحاقه، ولا بالزّرنيخ. ويكره التّيمّم من الأرض الرّملة. وكذلك يكره من الأرض السّبخة.

فإذا أراد التيمم، فليضع يديه جميعا مفرّجا أصابعه على التراب، وينفضهما، ثمَّ يمسح إحديهما على الأخرى ويمسح بهما وجهه من قصاص شعر رأسه الى طرف أنفه، ثمَّ يضع كفّه اليسرى على ظهر كفّه اليمنى فيمسحهما من الزّند إلى أطراف الإصبع مرة واحدة.

هذا إذا كان تيمّمه بدلا من الوضوء. فإن كان بدلا من

٤٩

الغسل، ضرب بيده على الأرض مرتين: مرة للوجه يمسح بهما على ما وصفناه، ومرة لليدين على ما بيناه.

والتيمّم يكون بعد الفراغ من الاستنجاء إما بالأحجاز أو بالخزف أو ما أشبههما. ولا يترك الاستنجاء على حال. وكذلك إن كان تيمّمه بدلا من غسل الجنابة، وجب عليه أن يستبرئ نفسه بالبول ويتنشّف، ثمَّ يتيمّم بعد ذلك.

وإذا تيمّم على ما وصفناه، جاز له أن يؤدّي به صلوات اللّيل والنّهار ما لم ينقض تيمّمه. وإن تيمّم لكلّ صلاة، كان أفضل.

والترتيب واجب في التيمم كوجوبه في الطّهارة. فإن قدّم مسح اليدين، وجب عليه مسح الوجه ثمَّ مسح اليدين.

وكلّ ما ينقض الوضوء. فإن ينقض التيمم، وينقضه زائدا على ذلك وجود الماء مع التمكّن من استعماله. فإن وجد الماء منه ولم يتطهّر، ثمَّ عدمه ودخل وقت صلاة أخرى، وجب عليه إعادة التيمم. فإن أحدث المتيمّم من الجنابة حدثا ينقض الوضوء وكان معه من الماء مقدار ما يكفيه للوضوء دون الغسل، وجب عليه استيناف التيمم دون الوضوء.

وإذا اجتمع ميّت ومحدث وجنب، ومعهم من الماء مقدار ما يكفي أحدهم، فليغتسل الجنب وليتيمّم المحدث، ويدفن الميت بعد أن ييمم حسب ما قدمناه. ويكره أن يؤمّ المتيمّم المتوضّين ولا بأس أن يأتمّ بهم. وكذلك لا بأس أن يؤمّ المتيمّم المتيمّمين،

٥٠

وأن يأتمّ بهم على كل حال.

باب تطهير الثياب من النجاسات والبدن والأواني

إذا أصاب ثوب الإنسان أو جسده بول أو غائط أو منيّ، وجب إزالته، قليلا كان ما أصابه أو كثيرا، وكذلك أبوال كلّ شي‌ء يجب إزالتها سوى أبوال ما يؤكل لحمه، وكذلك حكم الأرواث. فأما أبوال الحمير والبغال والخيول وأرواثها، فإنه يجب إزالتها. ولا بأس بذرق كلّ شي‌ء من الطيور مما أكل لحمه، وكذلك أبوالها، سوى ذرق الدّجاج خاصة، فإنه يجب إزالته على كلّ حال. فأما ما لا يؤكل لحمه فإنه يجب إزالة بوله وروثه وذرقه عن الثّياب والبدن معا.

ومتى أصاب ثوب الإنسان أو بدنه شي‌ء من الخمر أو الشراب المسكر أو الفقّاع قليلا كان أو كثيرا، فإنه يجب إزالته عن الثوب والبدن معا.

وإن أصاب الثوب دم وكان دم حيض أو استحاضة أو نفاس وجب إزالته قليلا أو كثيرا. فإن بقي له أثر، يستحبّ أن يصبغ بشي‌ء من الأصباغ يذهب أثره. وإن كان دم سمك أو بثور أو قروح دامية أو جراح لازمة أو دم براغيث، فإنه لا يجب ازالته قليلا كان أو كثيرا. وإن كان دم رعاف أو فصد أو غيرهما من الدّماء. وكان دون مقدار الدرهم مجتمعا في مكان، فإنه

٥١

لا يجب إزالته إلّا أن يتفاحش ويكثر. فإن بلغ مقدار الدرهم فصاعدا، وجبت إزالته.

وكلّ هذه النجاسات التي ذكرناها، فإنه يجب إزالتها بالماء المطلق، ولا يجوز بغيره. فإن أزيل بغيره، لم تجز الصلاة في ذلك الثوب.

ومتى حصل في الثوب شي‌ء من النجاسات التي يجب إزالتها، وجب غسل الموضع الذي أصابته. وإن لم يتيقّن الموضع، وكان حصول النجاسة فيه معلوما، وجب غسل الثّوب كلّه. وإن كان حصولها مشكوكا فيه، فإنه يستحبّ أن يرشّ الثوب بالماء.

ومتى صلّى الإنسان في ثوب فيه نجاسة مع العلم بذلك، وجب عليه إعادة الصلاة. فإن كان علم بحصول النجاسة في الثوب، فلم يزله ونسي، ثمَّ صلّى في الثوب، ثمَّ ذكر بعد ذلك، وجب عليه إعادة الصلاة، فإن لم يعلم حصولها في الثوب وصلّى، ثمَّ علم أنه كان فيه نجاسة: لم يلزمه إعادة الصلاة.

وإذا أصاب ثوب الإنسان كلب أو خنزير أو ثعلب أو أرنب أو فأرة أو وزغة وكان رطبا، وجب غسل الموضع الذي أصابه. فإن لم يتعيّن الموضع، وجب غسل الثوب كلّه. وإن كان يابسا، وجب أن يرشّ الموضع بعينه. فإن لم يتعيّن رشّ الثوب كلّه. وكذلك إن مسّ الإنسان بيده أحد ما ذكرناه، أو صافح ذميا أو ناصبا معلنا بعداوة آل محمد، وجب عليه غسل

٥٢

يده إن كان رطبا. وإن كان يابسا، مسحها بالتراب.

وإذا أصاب ثوب الإنسان ميت من الناس بعد برده وقبل تطهيره بالغسل أو غيره من الأموات، وجب عليه غسل الموضع الذي أصابه. فإن لم يتعيّن الموضع، وجب غسل الثوب كلّه. وإن مسّ الإنسان بيده ميتا من الناس بعد البرد بالموت، أو مس قطعة فيها عظم، أو مسّ ما قطع من حيّ وفيها عظم: وجب عليه الغسل حسب ما قدّمناه. وإن كان بعد الغسل أو قبل برده، لم يجب عليه الغسل، وان كان ما مسه من القطعة الميتة لا عظم فيه، لم يجب عليه الغسل، ولكن يجب غسل يده. وإن كان الميت من غير الناس، وجب عليه غسل ما مسه به.

ولا بأس بعرق الجنب والحائض في الثّوب، واجتنابه أفضل، اللهمّ إلا أن تكون الجنابة من حرام، فإنّه يجب عليه غسل الثّوب، إذا عرق فيه. وإذا أصاب الثّوب عرق الإبل الجلّالة، وجب عليه إزالته.

ومتى أصاب الأواني شي‌ء من هذه النّجاسات، وجب غسلها حسب ما قدّمناه. وتغسل من ولوغ الكلب ثلاث مرّات: أولاهنّ بالتّراب. وإن أصابها خمر أو شي‌ء من الشّراب المسكر، وجب غسلها سبع مرّات.

وإذا أصاب الأرض أو الحصير أو البارية بول، وطلعت الشّمس عليه وجفّفته، فإنّه لا بأس بالصّلاة عليه وبالسّجود. وإن

٥٣

كان قد جفّفته غير الشمس، لم يجز عليه السّجود، وجاز الوقوف عليه. وكذلك حكم الفراش إذا أصابته نجاسة، لم يكن بالوقوف عليه بأس في حال الصلاة، اللهمّ إلّا أن تكون النجاسة رطبة تتعدّى إلى الثوب، فإنه لا يجوز الوقوف عليه.

وإذا أصاب ثوب الإنسان أو بدنه مذي أو وذي، لم يجب إزالته. فإن أزاله، كان أفضل. والقي‌ء إذا أصاب الثوب أو البدن، لم يكن بالصّلاة فيه بأس.

وإذا أصاب خفّ الإنسان أو جوربه أو تكّته أو قلنسوته أو ما لا تتمّ الصّلاة فيه مفردا، شي‌ء من النّجاسة، فإنّه لا بأس بالصّلاة فيه وإن لم يزله. فإن أزاله، كان أفضل.

وكلّ ما ليس له نفس سائلة من الأموات، فإنّه لا ينجّس الثّوب ولا البدن ولا الشّراب والماء إذا وقع فيه سوى الوزغ والعقرب اللذين استثنيناهما فيما مضى.

وإذا أصاب ثوب الإنسان طين الطريق فلا بأس بالصّلاة فيه ما لم يعلم فيه نجاسة. فإذا أتي عليه ثلاثة أيّام. يستحبّ إزالته على كلّ حال.

وإذا أصاب ثوب الإنسان ماء المطر وقد خالطه شي‌ء من النجاسات، فلا بأس بالصّلاة فيه، ما لم يغلب النّجاسة على الماء. فإذا غلبت عليه، وجب إزالته على كلّ حال. وإذا رجع على ثوب الإنسان أو بدنه من الماء الذي يستنجى به أو يغتسل به من

٥٤

الجنابة، فإنّه لا بأس بالصّلاة فيه. فإن وقع الماء على نجاسة ظاهرة ثمَّ رجع على الثوب أو البدن، وجب إزالته.

وإذا كان مع الإنسان ثوبان، وحصلت في واحد منها نجاسة، ولم يعلمه بعينه، وجب عليه غسلهما معا. فإن لم يقدر على الماء صلّى في كلّ واحد منهما على الانفراد. وإن كان معه ثوب واحد، وأصابته نجاسة، ولم يقدر على الماء، وجب عليه نزعه، وإن يصلّي عريانا. فإن لم يتمكّن من نزعه، صلّى فيه. فإذا تمكّن من نزعه أو غسله، نزعه أو غسله وأعاد الصّلاة.

وإذا أصاب الثوب بول الخفّاش، وجب غسل الموضع الذي أصابه. فإن لم يعرفه بعينه، غسل الثّوب كلّه. والمرأة المربّية للصّبيّ إذا كان عليها ثوب لا تملك غيره، وتصيبه النجاسة في كلّ وقت، ولا يمكنها التحرّز من ذلك، ولا تقدر على غسله في كلّ حال، فلتغسل ثوبها في كلّ يوم مرّة واحدة، وتصلّي فيه، وليس عليها شي‌ء.

وبول الصّبيّ قبل أن يطعم، لا يجب غسل الثّوب منه، بل يصبّ الماء عليه صبّا. وبول الصّبية يجب غسله على كلّ حال

٥٥

كتاب الصلاة

العلم بالصّلاة علم بفرائضها وسننها. وهو ينقسم قسمين: قسم يتقدّم حال الصّلاة، وقسم يقارن حال الصّلاة.

فأمّا الذي يتقدّم حال الصّلاة، فخمسة أشياء: أربعة منها يشتمل على المفروض والمسنون، والخامس مسنون ليس بمفروض.

فالأوّل منها العلم بالطّهارة وأحكامها. والثاني العلم بأعداد الصّلاة. والثالث العلم بأوقات الصّلاة. والرابع العلم بالقبلة وأحكامها. والقسم الخامس معرفة الأذان والإقامة وأحكامها.

وأمّا العلم بالطّهارة فقد قدّمناه مستوفى. وما بقي من الأقسام الأخر، فنحن نفرد لكلّ قسم منها بابا، ونذكر ما فيه مستوفى، ونفرّق بين المفروض منه والمسنون، ثمَّ نتبع ذلك بما يقارن حال الصّلاة من الفرائض والسّنن. إن شاء الله تعالى.

باب أعداد الصلاة وعدد ركعاتها من المفروض والمسنون

الصّلاة تنقسم قسمين: مفروض ومسنون. وكلّ واحد منهما ينقسم قسمين: فرائض الحضر وسننه، وفرائض السّفر وسننه.

فأمّا فرائض الحضّر فسبع عشرة ركعة: الظهر اربع ركعات

٥٦

بتشهّدين: أحدهما في الثّانية بغير تسليم، والثّاني في الرّابعة بتسليم بعده. وفريضة العصر مثل ذلك. وفريضة المغرب ثلاث ركعات بتشهّدين: أحدهما في الثّانية بغير تسليم. والثّاني في الثّالثة بتسليم بعده. وفريضة العشاء الآخرة مثل فريضة الظّهر والعصر. وفريضة الغداة ركعتان بتشهّد في الثانية وتسليم بعده.

وأمّا سنن الحضر فأربع وثلاثون ركعة: ثمان ركعات بعد زوال الشّمس قبل الفريضة، وثمان ركعات بعد الفريضة قبل فريضة العصر، وأربع ركعات بعد المغرب، وركعتان من جلوس بعد العشاء الآخرة تعدّان بركعة، وإحدى عشرة ركعة صلاة اللّيل، وركعتان صلاة الفجر بتشهّد في كلّ ركعتين من من هذه النوافل كلّها وتسليم بعده.

وأمّا فرائض السفر فإحدى عشرة ركعة: الظهر ركعتان بتشهّد في الثانية وتسليم بعده، وكذلك العصر. والمغرب ثلاث ركعات كحالها في الحضر. والعشاء الآخرة ركعتان كالظهر والعصر. وركعتان صلاة الغداة كحالها في الحضر.

وأمّا سنن السّفر فسبع عشرة ركعة: أربع ركعات بعد المغرب كحالها في الحضر، وإحدى عشرة ركعة صلاة الليل وركعتا صلاة الفجر. فهذه سبع عشرة ركعة. ويجوز أن يصلّي الركعتين من جلوس الّتي يصلّيهما في الحضر بعد العشاء الآخرة. فإن لم يفعلها، لم يكن به بأس.

٥٧

باب أوقات الصلاة

اعلم أن لكلّ صلاة من الصّلوات المفروضة وقتين: أوّلا وآخرا. فالوقت الأول وقت من لا عذر له. والثّاني وقت لمن له عذر من المرض أو السّفر أو غير ذلك. ولا يجوز لمن ليس له عذر أن يؤخّر الصّلاة من أوّل وقتها إلى آخره مع الاختيار. فإن أخّرها كان مخطئا مهملا لفضيلة عظيمة وإن لم يستحقّ به العقاب، لأنّ الله تبارك وتعالى قد عفا له عن ذلك. وصاحب العذر يجوز له تأخير الصّلاة إلى آخر الوقت على كل حال.

واعلم أنّ وقت صلاة الظّهر إذا زالت الشّمس. ويعلم زوالها إمّا بالأصطرلاب أو الدائرة الهنديّة أو ميزان الشّمس، أو يستقبل الإنسان القبلة ويراقب الشّمس. فإذا وجدها على حاجبه الأيمن، علم أنّ الشّمس قد زالت. فإذا عرف زوالها، وجب عليه فريضة الظهر، إذا كان ممّن لا يصلّي النّوافل. فإن كان ممّن يصلّي النّوافل، قدّمها على الفريضة من بعد الزّوال. فإذا فرغ منها، صلّى الفريضة من غير تأخير. هذا إذا كان من غير يوم الجمعة. فأمّا إذا كان يوم الجمعة، وجب عليه عند زوال الشمس الفريضة. ولا يجوز له الاشتغال بالنّافلة. ويجب عليه إمّا تقديمها قبل الزّوال أو تأخيرها إلى بعد الفراغ من فريضة العصر. وهذا الوقت الذي ذكرناه وقت من لا عذر له. فإن كان له عذر، فوقته إذا زالت الشّمس. ثمَّ هو في فسحة الى اصفرارها. وآخر وقت

٥٨

الظهر لمن لا عذر له، إذا صارت الشّمس إلى أربعة أقدام.

ووقت العصر عند الفراغ من صلاة الظّهر في يوم الجمعة، وفي غيره من الأيّام. وإن كان ممّن يصلّي النّوافل في غير يوم الجمعة صلّى بين الظهر والعصر الثماني ركعات، ثمَّ يصلّي العصر بلا فصل. هذا إذا لم يكن له عذر. فإذا كان له عذر، فهو في فسحة من هذا الوقت إلى آخر النّهار أيّ وقت شاء صلّى العصر. ولا يكون ذلك مع الاختيار.

وأوّل وقت صلاة المغرب عند غيبوبة الشّمس. وعلامته سقوط القرص. وعلامة سقوطه عدم الحمرة من جانب المشرق. وآخر وقته سقوط الشّفق، وهو الحمرة من ناحية المغرب. ولا يجوز تأخيره من أوّل الوقت إلى آخره إلّا لعذر. وقد رخّص للمسافر تأخير المغرب إلى ربع الليل.

وأوّل وقت العشاء الآخرة سقوط الشّفق، وآخره إلى ثلث الليل. ولا يجوز تأخيره إلى آخر الوقت إلّا لعذر حسب ما قدّمناه. وقد رويت رواية: أنّ آخر وقت العشاء الآخرة ممتد إلى نصف الليل. والأحوط ما قدّمناه. ويجوز تقديم العشاء الآخرة قبل سقوط الشّفق في السّفر وعند الأعذار، ولا يجوز ذلك مع الاختيار.

وأوّل وقت صلاة الفجر طلوع الفجر المستطير المعترض في أفق السّماء. وهو وقت من لا عذر له. فمن كان له عذر، فهو

٥٩

وقته إلى طلوع الشّمس. فإذا طلعت، فقد فاتت الصّلاة.

ووقت نوافل الظهر من عند زوال الشّمس إلى أن يصير الفي‌ء على قدمين. فإذا صار كذلك، ولم يكن قد صلّى من النّوافل شيئا، بدأ بالفريضة أوّلا، ويؤخّر النّوافل. وإن كان قد صلّى منها ركعة أو ركعتين فليتمّمها، وليخفّف قراءتها، ثمَّ يصلّي الفرض.

وكذلك يصلّي نوافل العصر ما بين الفراغ من الظهر إلى أن يصير الفي‌ء على أربعة أقدام. فإن صار كذلك، ولم يكن قد صلّى شيئا منها، بدأ بالعصر، وأخّر النوافل. وإن كان قد صلّى منها شيئا، أتمّ ما بقي عليه، ثمَّ يصلّي العصر.

ووقت نوافل المغرب بعد الفراغ من فرضه إلى سقوط الشّفق فإن سقط ولم يكن قد صلّى النوافل، أخّرها إلى بعد العشاء الآخرة.

ووقت الركعتين من جلوس بعد العشاء الآخرة. فإن كان ممّن عليه قضاء صلاة، أخّرها إلى بعد الفراغ من القضاء، ويختم صلاته بهاتين الرّكعتين.

ووقت صلاة اللّيل بعد انتصافه إلى طلوع الفجر. وكلّما قارب الفجر، كان أفضل. فإن طلع الفجر ولم يكن قد صلّى من صلاة اللّيل شيئا، بدأ بصلاة الغداة وأخّر صلاة اللّيل. وإن كان قد صلّى من صلاة الليل عند طلوع الفجر أربع ركعات، أتمّ صلاة الليل، وخفّف القراءة فيها، ثمَّ صلّى الغداة. فإن قام إلى

٦٠