النهاية الجزء ١

النهاية0%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

النهاية

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف:

الصفحات: 793
المشاهدات: 216209
تحميل: 5677


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216209 / تحميل: 5677
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

يتزوّج بضرّة أمّه إذا كانت مع غير أبيه.

باب مقدار ما يحرم من الرضاع وأحكامه

الذي يحرّم من الرّضاع ما أنبت اللّحم وشدّ العظم. فإن علم بذلك، وإلّا كان الاعتبار بخمس عشرة رضعة متواليات لم يفصل بينهنّ برضاع امرأة أخرى. فإن لم ينضبط العدد، اعتبر برضاع يوم وليلة، إذا لم ترضع امرأة أخرى. فمتى كان الرّضاع أقلّ ممّا ذكرناه ممّا لا ينبت اللّحم ولا يشدّ العظم، أو كان أقلّ من خمس عشرة رضعة، أو مع استيفاء العدد قد فصل بينهنّ برضاع امرأة أخرى، أو كان أقلّ من يوم وليلة لمن لا يراعي العدد، أو مع تمام يوم وليلة دخل بينه رضاع امرأة أخرى، فإنّ ذلك لا يحرّم، ولا تأثير له.

وينبغي أن يكون الرّضاع في مدّة الحولين. فإن حصل الرّضاع بعد الحولين، سواء كان قبل الفطام أو بعده، قليلا كان أو كثيرا، فإنّه لا يحرّم. وكذلك إن درّ لبن امرأة ليست مرضعة، فأرضعت صبيّا أو صبيّة، فإنّ ذلك لا تأثير له في التّحريم.

ومتى حصل الرّضاع على الصّفة التي ذكرناها، فإنّه بمنزلة النّسب، ويحرم منه ما يحرم من النّسب، إلّا أنّ النّسب منه يراعى من جهة الأب خاصّة دون الأمّ. ومعنى ذلك: أن

٤٦١

المرأة إذا أرضعت صبيّا بلبن بعل لها، وكان لزوجها عدّة أولاد من أمّهات شتّى، فإنّهم يحرمون كلّهم على الصّبيّ المرتضع وعلى أبيه وعلى إخوته الذين ينتسبون إلى أبيه بالولادة والرّضاع، والذين ينتسبون إلى أمّه من جهة الولادة دون الرّضاع. وكذلك إن كان للبعل أولاد ينتسبون إليه من جهة الرّضاع من غير هذه المرأة، فإنّهم يحرمون كلهم على الصّبيّ المرتضع. وكذلك يحرم جميع إخوة المرتضع على هذا البعل وعلى جميع أولاده من جهة الولادة والرّضاع. ولا يحرم على الصّبيّ من ينتسب إلى أمّه المرضعة من جهة الرّضاع من غير لبن هذا الزّوج. ويحرم عليه جميع أولادها الذين ينتسبون إليها بالولادة.

والرّضاع لا يثبت إلّا ببيّنة عادلة. وإذا ادّعت المرأة أنّها أرضعت صبيّا، لم يقبل قولها، وكان الأمر على أصل الإباحة.

وإذا أرضعت المرأة صبيّين، ولكلّ واحد من الصّبيّين إخوة وأخوات ولادة ورضاعا من غير الرّجل الذي رضعا من لبنه، جاز التّناكح بين إخوة وأخوات هذا، وإخوة وأخوات ذاك. ولا يجوز التّناكح بينهما أنفسهما ولا بين أخواتهما من جهة لبن الرّجل الذي رضعا من لبنه حسب ما قدّمناه.

وإذا ربّت امرأة جديا بلبنها، فإنّه يكره لحمه ولحم كلّ ما كان من نسله، وليس ذلك بمحظور.

٤٦٢

باب الكفاءة في النكاح واختيار الأزواج

المؤمنون بعضهم أكفاء لبعض في عقد النّكاح كما أنّهم متكافئون في الدّماء وإن اختلفوا في النّسب والشّرف. وإذا خطب المؤمن إلى غيره بنته، وكان عنده يسار بقدر ما يقوم بأمرها والإنفاق عليها، وكان ممّن يرضى دينه وأمانته، ولا يكون مرتكبا لشي‌ء من الفجور، وإن كان حقيرا في نسبه قليل المال، فلم يزوّجه إيّاها، كان عاصيا لله مخالفا لسنّة نبيّه،صلى‌الله‌عليه‌وآله . ويكره للرّجل أن يزوّج بنته شارب خمر أو متظاهرا بالفسق. فإن فعل ذلك، كان العقد ماضيا، ويكون تاركا للأفضل.

وإذا أراد الرّجل أن يتزوّج، فينبغي أن يطلب ذوات الدّين والأبوات والأصول الكريمة. ويجتنب من لا أصل له ولا عقل له. ولا يتزوّج المرأة لجمالها، أو مالها، إذا لم تكن مرضيّة في الاعتقاد ولا تكون عاقلة سديدة الرأي. وقد بيّنّا أنّه لا يجوز أن يتزوّج من يخالفه في الاعتقاد، إلّا إذا كانت مستضعفة ولا يعرف منها نصبا ولا انحرافا عن الحقّ. وإذا وجد امرأة لها دين وأصل، فلا يمتنع من مناكحتها لأجل فقرها فإنّ الله تعالى يقول:( إِنْ يَكُونُوا فُقَراءَ يُغْنِهِمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ ) .

ويختار من النّساء الولود، وإن كانت سوداء قبيحة المنظر.

٤٦٣

ويجتنب العقيم منهنّ، وإن كانت حسناء جميلة المنظر. ويستحبّ التّزويج بالأبكار. فإنّ النّبيّ،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، قال: « إنّهنّ أطيب شي‌ء أفواها وأدرّ شي‌ء أخلافا وأحسن شي‌ء أخلاقا وأفتح شي‌ء أرحاما ».

ويكره نكاح جميع السّودان من الزّنج وغيرهم إلّا النّوبة خاصّة. ويكره التّزويج بالأكراد. ويكره تزويج المجنونة. ولا بأس بوطئها بملك اليمين، غير أنّه لا يطلب ولدها.

ولا بأس أن يتزوّج بامرأة قد علم منها الفجور إذا تابت وأقلعت. فإن عقد على امرأة، ثمَّ علم بعد العقد أنّها كانت زنت، كان له أن يرجع على وليّها بالمهر ما لم يدخل بها. فإن دخل بها، كان لها المهر بما استحلّ من فرجها، وهو مخيّر في إمساكها وطلاقها.

باب من يتولى العقد على النساء

يجوز للرّجل أن يعقد على بنته إذا كانت صغيرة لم تبلغ مبلغ النّساء من غير استيذان لها. ومتى عقد عليها، لم يكن لها خيار، وإن بلغت. ومتى كانت البكر بالغا، استحبّ للأب أن لا يعقد عليها، إلّا بعد استيذانها. ويكفي في إذنها أن يعرض عليها التّزويج. فإذا سكتت، كان ذلك رضا منها. فإن عقد الأب على بكر قد بلغت مبلغ النّساء من غير استيذان لها،

٤٦٤

مضى العقد، ولم يكن لها خلافه. وإن أبت التّزويج، وأظهرت كراهيته، لم يلتفت الى كراهيتها.

ولا يجوز للبكر أن تعقد على نفسها نكاح الدّوام إلّا بإذن أبيها. فإن عقدت على نفسها بغير إذن أبيها، كان العقد موقوفا على رضا الأب. فإن أمضاه، مضى. وإن لم يمضه، وفسخ، كان مفسوخا. فإن عضل الرّجل بنته، وهو ألّا يزوّجها بالأكفاء إذا خطبوها، جاز لها العقد على نفسها، وإن لم يرض بذلك الأب، ولم يكن لكراهية الأب تأثير. وقد روي أنّه يجوز للبكر أن تعقد على نفسها نكاح المتعة من غير إذن أبيها، غير أنّ الذي يعقد عليها لا يطأها في الفرج. هذا إذا كانت البكر بالغة. فإن كانت دون البالغ، لم يجز العقد عليها من غير إذن أبيها. وكان حكم المتعة في هذا الباب حكم نكاح الدّوام.

والبكر البالغ إذا لم يكن لها أب، جاز لها أن تعقد على نفسها أيّ نكاح شاءت من غير وليّ. ولها أن تولّي من شاءت العقد عليها.

وإذا كان لها جدّ وأب، كان لكل واحد منهما، العقد عليها، والجدّ أولى. فإن عقد كلّ واحد منهما عليها، كان الذي سبق بالعقد أولى من الذي تأخّر. فإن اتّفق عقداهما في حالة واحدة: كان العقد ما عقده الجدّ. وإذا اختار أبوها رجلا، واختار جدّها آخر، كان الذي اختاره الجدّ أولى من الذي اختاره

٤٦٥

الأب. هذا إذا كانت البكر أبوها الأدنى حيّا. فإن لم يكن أبوها حيّا، لم يجز للجدّ أن يعقد عليها إلّا برضاها، وجرى مجرى غيره. ويستحبّ للبكر ألّا تعدل عنه الى غيره، ولا تخالفه فيما يراه. فإن لم تفعل، لم يكن له خيار مع كراهيتها.

وإذا لم يكن لها جدّ، وكان لها أخ، يستحبّ لها أن تجعل الأمر إلى أخيها الكبير. وإن كان لها أخوان، فجعلت الأمر إليهما، ثمَّ عقد كلّ واحد منهما عليها لرجل، كان الذي عقد عليها له أخوها الأكبر أولى بها من الآخر. فإن دخل بها الذي عقد عليه أخوها الصّغير، كان العقد ماضيا، ولم يكن للأخ الكبير أمر مع الدّخول. فإن كان الأخ الكبير سبق بالعقد، ودخل بها الذي عقد له الأخ الصّغير، فإنّها تردّ إلى الأوّل، وكان لها الصّداق بما استحلّ من فرجها، وعليها العدّة. وإن جاءت بولد، كان لاحقا بأبيه.

ومتى عقد الأبوان على ولديهما قبل أن يبلغا، ثمَّ ماتا، فإنّهما يتوارثان: ترث الجارية الصّبيّ، والصّبيّ الجارية. ومتى عقد عليهما غير أبويهما، ثمَّ مات واحد منهما فإن كان الذي مات الجارية، فلا يرث الصّبيّ، سواء كان بلغ أو لم يبلغ لأنّ لها الاختيار عند البلوغ، وإن كان الذي مات الزوج قبل أن يبلغ، فلا ميراث لها أيضا، لأنّ له الخيار عند البلوغ.

وإن كان موته بعد بلوغه، ورضاه بالعقد قبل ان تبلغ الجارية، فإنّه يعزل ما ترثه منه الى أن تبلغ. فإذا بلغت عرض عليها

٤٦٦

العقد. فإن رضيت به، حلّفت بالله تعالى: أنّها ما دعاها الى الرّضا الطّمع في الميراث. فإذا حلفت، أعطيت الميراث. وإن أبت، لم يكن لها شي‌ء.

ومتى عقد على صبيّة لم تبلغ غير الأب أو الجدّ مع وجود الأب، كان لها الخيار إذا بلغت، سواء كان ذلك العاقد جدّا مع عدم الأب، أو الأخ أو العمّ أو الأمّ.

والمرأة إذا كانت ثيّبا، مالكة لأمرها، نافذا أمرها في البيع والشّراء والعتق والهبة في مالها، غير مولى عليها لفساد عقلها، جاز لها العقد على نفسها لمن شاءت من الأكفاء، سواء كان أبوها حيّا أو ميّتا، إلّا أنّ الأفضل لها مع وجود الأب إلّا تعقد على نفسها إلّا برضاه. فإن كانت مولى عليها، لم يجز لها العقد على نفسها، وكان الأمر إلى وليّها في تولّي العقد عليها.

ومتى عقد الرّجل لابنه على جارية، وهو غير بالغ، كان له الخيار إذا بلغ. وإذا أراد الأخ العقد على أخته البكر، استأمرها فإن سكتت كان ذلك رضا منها.

وإذا ولّت المرأة غيرها العقد عليها، وسمّت له رجلا بعينه، لم يجز له العقد لغيره عليها. فإن عقد لغيره، كان العقد باطلا. وإذا عقد الرّجل على ابنه، وهو صغير، وسمّى مهرا، ثمَّ مات الأب، كان المهر من أصل التّركة قبل القسمة، إلّا أن يكون للصّبيّ مال في حال العقد، فيكون المهر من مال الابن دون الأب.

٤٦٧

وحدّ الجارية التي يجوز لها العقد على نفسها، أو يجوز لها أن تولّي من يعقد عليها، تسع سنين فصاعدا.

ومتى عقدت الأمّ لابن لها على امرأة، كان مخيّرا إذا بلغ في قبول العقد أو الامتناع منه: فإن قبل، لزمه المهر، وإن أبى، لزمها هي المهر. وإذا عقدت المرأة على نفسها وهي سكرى، كان العقد باطلا. فإن أفاقت، ورضيت بفعلها، كان العقد ماضيا. وإن دخل بها الرّجل في حال السّكر، ثمَّ أفاقت الجارية، فأقرّته على ذلك، كان ذلك ماضيا.

والذي بيده عقدة النّكاح، الأب، أو الجدّ مع وجود الأب الأدنى، أو الأخ إذا جعلت الأخت أمرها اليه، أو من وكّلته في أمرها. فأيّ هؤلاء كان، جاز له أن يعفو عن بعض المهر، وليس له أن يعفو عن جميعه.

وإذا كان لرجل عدّة بنات، فعقد لرجل على واحدة منهنّ، ولم يسمّها بعينها: لا للزّوج ولا للشّهود، فإن كان الزّوج قد رآهن كلّهنّ، كان القول قول الأب، وعلى الأب أن يسلّم إليه التي نوى العقد عليها عند عقدة النّكاح، وإن كان الزّوج لم يرهنّ كلّهنّ، كان العقد باطلا.

باب المهور وما ينعقد به النكاح وما لا ينعقد

المهر ما تراضيا عليه الزّوجان. ممّا له قيمة، ويحلّ تملّكه،

٤٦٨

قليلا كان أو كثيرا، من ذهب أو فضّة أو ضيعة أو دار أو رقيق أو حيوان، وما أشبه ذلك ممّا يتملّكه الإنسان. ولا يجوز في المهر ما لا يحلّ تملّكه من خمر أو نبيذ أو لحم خنزير وما أشبه ذلك. فإن عقد على شي‌ء من ذلك، كان العقد باطلا. ويجوز العقد على تعليم آية من القرآن أو شي‌ء من الحكم والآداب، لأنّ كلّ ذلك له أجر معيّن وقيمة مقدّرة. ولا يجوز العقد على إجارة. وهو أن يعقد الرّجل على أن يعمل لها أو لوليّها أيّاما معلومة أو سنين معيّنة.

ولا يجوز نكاح الشّغار. وهو أن يزوّج الرّجل بنته أو أخته لغيره، ويتزوّج بنت المزوّج أو أخته، ولا يكون بينهم مهر غير تزويج هذا من هذه، وهذه من ذاك. ومتى عقد على هذا كان العقد باطلا.

ويستحبّ ألّا يتجاوز بالمهر السّنّة المحمّديّة، وهو خمسمائة درهم جياد. فمن خطب الى غيره، وبذل له هذا الصّداق، وكان كفوا، فلم يزوّجه، كان عاصيا لله تعالى مخالفا لسنّة نبيّه،صلى‌الله‌عليه‌وآله . ويجوز العقد على ما دون ذلك، ولو كان درهما. ومتى عقد الرّجل على أكثر من خمسمائة درهم، لزمه الوفاء به على التّمام.

ويستحبّ للرّجل أن لا يدخل بامرأته حتّى يقدّم لها مهرها. فإن لم يفعل، قدّم لها شيئا من ذلك، أو من غيره من الهديّة،

٤٦٩

ليستبيح به فرجها، ويجعل الباقي دينا عليه. فإن لم يفعل، ودخل بها، وجعل المهر في ذمّته، لم يكن به بأس. ومتى سمّى المهر، ثمَّ دخل بها، ولم يكن أعطاها شيئا، كان في ذمّته، ووجب عليه الوفاء به. وكذلك إن كان قد قدّم لها من جملة المهر شيئا، ثمَّ دخل بها، كان الباقي في ذمّته. وإن لم يكن قد سمّى لها مهرا، وأعطاها شيئا، ثمَّ دخل بها، لم يكن لها شي‌ء، سوى ما أخذته. وإن لم يسمّ المهر، ولم يعطها شيئا، ودخل بها، لزمه مهر المثل، ولا يتجاوز بذلك خمسمائة درهم جياد.

ومتى طلّق الرّجل امرأته قبل الدّخول بها، وكان سمّى لها مهرا، كان عليه نصف الصّداق. وإن كان قد قدّم لها مهرها، رجع عليها بنصف ما أعطاها إيّاه. فإن وهبت المرأة صداقها قبل تطليقه لها، ثمَّ طلّقها الزّوج، كان له أن يرجع عليها بمثل نصف المهر. وإن كان المهر ممّا له أجر، مثل تعليم شي‌ء من القرآن أو صناعة معروفة، ثمَّ طلّقها قبل الدّخول بها، رجع عليها بمثل نصف أجرة ذلك على ما جرت به العادة. وإن كان الذي قدّم لها من المهر شيئا من الحيوان أو الرّقيق، وكان الحيوان أو الرّقيق حاملا، ثمَّ وضع عندها، كان له أن يرجع عليها بنصف ما أعطاها ونصف ما وضعت. وإن كان الحيوان قد حمل عندها، لم يكن له شي‌ء من الحمل، بل له النّصف ممّا ساق إليها.

ومتى ادّعت المرأة المهر على زوجها بعد الدّخول بها، لم

٤٧٠

يلتفت الى دعواها. فإن ادّعت أنّها جعلته دينا عليه، كان عليها البيّنة، وعلى الزّوج اليمين.

ومتى طلّقها قبل الدّخول بها، ولم يكن قد سمّى لها مهرا، كان عليه أن يمتّعها: إن كان موسرا بدابّة أو مملوك أو ما أشبهها، وإن كان متوسّطا بثوب وما أشبهه، وإن كان فقيرا فبخاتم وما أشبهه.

ومتى خلا الرّجل بامرأته، فأرخى السّتر، ثمَّ طلّقها، وجب عليه المهر على ظاهر الحال، وكان على الحاكم أن يحكم بذلك، وإن لم يكن قد دخل بها، إلّا أنّه لا يحلّ للمرأة أن تأخذ أكثر من نصف المهر ما لم يدخل بها. فإن أمكن الزّوج إقامة البيّنة على أنّه لم يدخل بها، مثلا أن تكون المرأة بكرا، فتوجد على هيئتها، لم يلزمه أكثر من نصف المهر.

ومتى مات الرّجل عن زوجته قبل الدّخول بها، وجب على ورثته أن يعطوا المرأة المهر كاملا. ويستحبّ لها أن تترك نصف المهر. فإن لم تفعل، كان لها المهر كلّه. وإن ماتت المرأة قبل الدّخول بها، كان لأوليائها نصف المهر. وان ماتت المرأة بعد الدّخول بها، كان لأوليائها نصف المهر. وان ماتت المرأة بعد الدّخول بها، ولم تكن قد قبضت المهر على الوفاء، ولا طالبت به مدّة حياتها، فإنّه يكره لأوليائها المطالبة بعدها. فإن طالبوا به، كان لهم ذلك، ولم يكن محظورا.

٤٧١

ومتى تزوّج الرّجل امرأة على كتاب الله وسنّة نبيّه، ولم يسمّ مهرا، كان مهرها خمسمائة درهم لا غير.

ومتى اختلف الزّوجان في مقدار المهر، ولم يكن هناك بيّنة، كان القول قول الزّوج مع يمينه.

ولا ينعقد التّزويج بهبة المرأة نفسها للرّجل لأنّ ذلك كان للنّبيّ،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، خاصّة.

فإن تزوّج الرّجل امرأة على حكمها، فحكمت بدرهم فما فوقه إلى خمسمائة درهم، كان حكمها ماضيا. فإن حكمت بأكثر من ذلك، ردّ إلى الخمسمائة درهم. فإن تزوّجها على حكمه، فبأيّ شي‌ء حكم، كان له قليلا أو كثيرا. فإن طلّقها قبل الدّخول بها، وقد تزوّجها على حكمها، كان لها نصف ما تحكم به الى خمسمائة درهم. وإن كان قد تزوّجها على حكمه، كان لها نصف ما يحكم به الرّجل قليلا كان أو كثيرا. فإن مات الرّجل أو ماتت المرأة قبل أن يحكما، لم يكن لها مهر، وكان لها المتعة حسب ما قدّمناه.

ومتى عقد الرّجل لامرأة على مهر معلوم، وأعطاها بذلك عبدا آبقا وشيئا آخر معه، ورضيت به، ثمَّ طلّقها قبل الدّخول بها، كان عليها أن تردّ عليه نصف المهر، ويكون العبد لها. وإن لم يعطها غير العبد، كان ذلك غير صحيح. وكان

٤٧٢

لها أن ترجع على زوجها بنصف المهر.

ومتى عقد على دار ولم يذكرها بعينها، أو خادم ولم يذكره بعينه، كان للمرأة دار وسط من الدّور وخادم وسط من الخدم.

وإذا عقد لها على جارية مدبّرة، ورضيت المرأة بها، ثمَّ طلّقها قبل الدخول بها، كان لها يوم من خدمتها وله يوم. فإذا مات المدبّر، صارت حرّة، ولم يكن لها عليها سبيل. وإن ماتت المدبّرة، وكان لها مال، كان نصفه للرّجل ونصفه للمرأة.

وإذا أمر الرّجل غيره بالعقد له على امرأة، ثمَّ مات الرّجل الآمر، وقد عقد الرّجل له على المرأة، فإن كان قد عقد عليها قبل موت الرّجل، كان لها الصّداق والميراث وكان عليها العدّة، وإن كان قد عقد عليها بعد موت الرّجل، كان العقد باطلا.

وإذا عقد الرّجل على امرأة، وسمّى لها مهرا، ولأبيها أيضا شيئا، كان المهر لازما له، وما سمّاه لأبيها لم يكن عليه منه شي‌ء.

وإذا عقد لامرأة على مملوك جعله مهرها، وأعطاها إيّاه، فزاد في ثمن المملوك، ثمَّ طلّقها قبل الدّخول بها، كان له أن يرجع عليها بنصف ثمن المملوك يوم أعطاها إيّاه، وليس له من الزّيادة شي‌ء.

فإن عقد الرّجل على امرأة، وشرط لها في الحال شرطا مخالفا

٤٧٣

للكتاب والسّنّة، كان العقد صحيحا، والشرط باطلا، مثلا أن يشرط لها ألّا يتزوّج عليها. ولا يتسرّى أو لا يتزوّج بعد موتها، وما أشبه ذلك: فإنّ ذلك كلّه باطل. فليفعل، وليس عليه شي‌ء.

فإن شرطت عليه في حال العقد ألّا يفتضّها، لم يكن له افتضاضها. فإن أذنت له بعد ذلك في الافتضاض، جاز له ذلك. وإن شرط ألّا نفقة لها، لزمته النّفقة إذا كان التزويج دائما. وإن كان متعة، لم يكن عليه شي‌ء.

ومتى عقد الرّجل، وسمّى المهر إلى أجل معلوم إن جاء به، وإلّا كان العقد باطلا، ثبت العقد، وكان المهر في ذمّته، وإن تأخّر عن الوقت المذكور.

ومتى أعتق الرّجل عبده، وشرط عليه في حال العقد أن يزوّجه جاريته، فإن تسرّى عليها أو تزوّج، لزمه شي‌ء بعينه، فتزوّج العبد أو تسرّى، لزمه ما شرط عليه مولاه.

ومتى شرط الرّجل لامرأة في حال العقد ألّا يخرجها من بلدها، لم يكن له أن يخرجها إلّا برضاها. فإن شرط عليها أنّه: إن أخرجها الى بلده، كان عليه المهر مائة دينار، وإن لم يخرج كان مهرها خمسين دينارا، فمتى أراد إخراجها في بلاد الشّرك، فلا شرط له عليها، ولزمه المهر كاملا، وليس عليها الخروج معه،

٤٧٤

وإن أراد إخراجها إلى بلاد الإسلام، كان له ما اشترط عليها.

ولا يجوز للمرأة أن تبرئ زوجها من صداقها في حال مرضها إذا لم تملك غيره. فإن أبرأته، سقط عن الزّوج ثلث المهر، وكان الباقي لورثتها.

ومتى تزوّج الرّجل بامرأة على أنّها بكر، فوجدها ثيّبا، فإنّه يجوز له أن ينتقص من مهرها شيئا. وليس للرّجل أن يأكل من مهر ابنته، ولا أن يتصرّف فيه إلّا بإذنها. والذّمّي متى عقد على امرأة بما لا يحلّ للمسلمين تملّكه من خمر أو خنزير أو غير ذلك من المحظورات، ثمَّ أسلما قبل أن يعطيها، لم يكن عليه أن يعطيها ما سمّاه، وكان عليه قيمته عند مستحلّيه.

وللمرأة أن تمتنع من زوجها حتّى تقبض منه المهر. فإذا قبضته، لم يكن لها الامتناع. فإن امتنعت بعد استيفاء المهر كانت ناشزا، ولم يكن لها عليه نفقة، ومتى لم يقم الرّجل بنفقة زوجته وبكسوتها، وكان متمكّنا من ذلك، ألزمه الإمام النّفقة أو الطّلاق. وإن لم يكن متمكّنا، أنظر حتّى يوسّع الله عليه، إن شاء الله.

٤٧٥

باب العقد على الإماء والعبيد وأحكامه

يجوز للرّجل الحرّ أن يعقد على أمة غيره إذا لم يجد طولا. ويكره له العقد عليها مع وجود الطّول. فإن عقد مع وجود الطّول، كان العقد ماضيا، غير أنّه يكون تاركا للأفضل.

ومتى أراد العقد على أمة غيره، فلا يعقد عليها إلّا بإذن سيّدها وأن يعطيه المهر قليلا كان أو كثيرا. فمتى عقد عليها بإذن سيّدها، ثمَّ رزق منها أولادا، كانوا أحرارا لاحقين به، لا سبيل لأحد عليهم، اللهمّ إلّا أن يشرط المولى استرقاق الولد. فمتى شرط ذلك، كانوا أرقّاء لا سبيل لأبيهم عليهم. ولا يبطل هذا العقد إلّا بطلاق الزّوج لها، أو بيع مولاها لها، أو عتقها. فإن باعها، كان الذي اشتراها بالخيار: بين إقرار العقد وفسخه. فإن أقرّ العقد، لم يكن له بعد ذلك خيار. وإن أعتقها مولاها، كانت مخيّرة بين الرّضا بالعقد وبين فسخه، سواء كان زوجها حرّا أو عبدا. فإن رضيت بعد العتق بالعقد، لم يكن لها بعد ذلك خيار.

ومتى عقد على أمة غيره بغير إذن مولاها، كان العقد باطلا. فإن رضي المولى بذلك العقد، كان رضاه به كالعقد المستأنف يستباح به الفرج. فإن رزق منها أولادا، وكان قد عقد عليها بغير إذن مولاها عالما بذلك، كان أولاده رقّا لمولاها، لا سبيل له عليهم.

٤٧٦

وإن عقد عليها على ظاهر الأمر بشهادة الشاهدين لها بالحرّيّة ورزق منها أولادا، كان أولادها أحرارا.

وإن عقد عليها على ظاهر الحال، ولم تقم عنده بيّنة بحرّيتها، ثمَّ تبيّن أنّها كانت رقّا، كان أولادها رقّا لمولاها، ويجب عليه أن يعطيهم إيّاه بالقيمة، وعلى الأب أن يعطيه قيمتهم. فإن لم يكن له مال استسعي في قيمتهم. فإن أبى ذلك، كان على الإمام أن يعطي مولى الجارية قيمتهم من سهم الرّقاب. ولا يسترق ولد حرّ. وإن كان قد أعطاها مهرا، فلا سبيل له عليها، وكان له أن يرجع على وليّها بالمهر كلّه، وكان عليه لمولى الجارية عشر قيمتها إن كانت بكرا. وإن لم تكن بكرا، فنصف عشر قيمتها.

فإن عقد الرّجل على امرأة يظنّ أنّها حرّة، وإذا الذي عقد له عليها كان قد دلّسها، وكانت أمته، كان له الرّجوع عليه بمهرها. وإن رزق منها أولادا، كانوا أحرارا.

والحرّة لا يجوز لها أن تتزوّج بمملوك إلّا بإذن مولاه. فإن تزوّجت به بإذن مولاه، فرزق منها ولدا، كان حرّا، إلّا أن يشرط مولى العبد استرقاق الولد. وكان الطّلاق بيد الزّوج دون مولاه. فإن طلّقها، كان الطّلاق واقعا. وإن لم يطلّق، كان العقد ثابتا، إلّا أن يبيعه مولاه. فإن باعه، كان الذي يشتريه بالخيار: بين الإقرار على العقد وبين فسخه. فإن أقرّ العقد، لم يكن له بعد ذلك اختيار. وإن عتق العبد لم يكن للحرّة عليه

٤٧٧

اختيار، لأنّها رضيت به وهو عبد، فإذا صار حرّا، كانت أولى بالرّضا به.

فإن عقد العبد على حرّة بغير إذن مولاه، كان العقد موقوفا على رضا مولاه. فإن أمضاه، كان ماضيا، ولم يكن له بعد ذلك فسخه، إلّا أن يطلّق العبد أو يبيع هو عبده. فإن طلّق العبد، كان طلاقه واقعا، ليس لمولاه عليه اختيار. وإن فسخه، كان مفسوخا فإن رزق منها أولادا، وكانت عالمة بأنّ مولاه لم يأذن له في التّزويج، كان أولاده رقّا لمولى العبد. وإن لم تكن عالمة بذلك، كان أولادها أحرارا لا سبيل لمولى العبد عليهم.

والأمة إذا تزوجت بغير إذن مولاها بعبد، كان أولادها رقّا لمولاها، إذا كان العبد مأذونا له في التزويج. فإن لم يكن العبد مأذونا له في التّزويج، كان الأولاد رقا لمولى العبد ومولى الأمة بينهما بالسّوية.

وإذا زوّج الرّجل جاريته عبده، فعليه أن يعطيها شيئا من ماله مهرا لها، وكان الفراق بينهما بيده، وليس للزّوج طلاق على حال. فمتى شاء المولى أن يفرّق بينهما، أمره باعتزالها، أو أمرها باعتزاله، ويقول: « قد فرّقت بينكما ». وإن كان قد وطئها العبد، استبرأها بحيضة أو خمسة وأربعين يوما، ثمَّ يطأها إن شاء. وإن لم يكن وطئها العبد، جاز له وطؤها في الحال. فإن باعهما، كان الذي يشتريهما بالخيار بين إمضاء العقد

٤٧٨

وفسخه. فإن رضي بالعقد، كان حكمه حكم المولى الأوّل. وإن أبى لم يثبت بينهما عقد على حال. وإن باع المولى أحدهما، كان ذلك أيضا فراقا بينهما. ولا يثبت العقد إلّا أن يشاء هو ثبات العقد على الذي بقي عنده، ويشاء الذي اشترى أحدهما ثباته على الذي اشتراه. فإن أبى واحد منهما ذلك، لم يثبت العقد. وإن رزق بينهما أولادا، كانوا رقا لمولاهما. ومتى أعتقهما جميعا، كانت المرأة بالخيار بين الرّضا بالعقد الأوّل وبين إبائه. فإن رضيت، كان ماضيا. وإن أبت كان مفسوخا.

ومتى عقد الرّجل على أمة غيره بإذنه، جاز العقد، وكان الطّلاق بيد العبد. فمتى طلّق، جاز طلاقه، وليس لمولاه أن يطلّق امرأته. فإن باعه، كان ذلك فراقا بينه وبينها، إلّا أن يشاء المشتري إقراره على العقد، ويرضى بذلك مولى الجارية. فإن أبى واحد منهما ذلك، لم يثبت العقد على حال. وكذلك إن باع مولى الجارية جاريته، كان ذلك فراقا بينهما، إلّا أن يشاء الذي اشتراها إقرارها على العقد، ويرضى بذلك مولى العبد. فإن أبى واحد منهما، كان العقد مفسوخا. ومتى أعتق مولى الجارية جاريته، كانت بالخيار حسب ما قدّمناه. وإن أعتق العبد، لم يكن لمولى الجارية عليه خيار. ولا يفسد العقد إلّا ببيعهما أو عتقهما. ومتى رزق بينهما ولد، فإن كان بين مولاهما شرط، كان على ما اشترطا عليه. لأنّه إن شرط مولى الجارية أن

٤٧٩

يكون الأولاد رقّا له، كانوا كذلك. وإن شرط ذلك مولى العبد، كانوا كذلك. وإن لم يقع بينهما شرط، كان الولد بينهما على السّواء. ولا توارث بين الزّوجين، إذا كان أحدهما رقّا: لا يرث الرّجل المرأة، ولا المرأة الرّجل.

وإذا كانت الجارية بين شريكين أحدهما غائب والآخر حاضر، فعقد عليها الحاضر لرجل، لم يجز العقد إلّا بعد رضا الغائب. وإذا تزوّج الرّجل جارية بين شريكين، ثمَّ اشترى نصيب أحدهما، حرمت عليه، إلّا أن يشتري النّصف الآخر أو يرضى مالك نصفها بالعقد، فيكون ذلك عقدا مستأنفا.

وإذا عقد الرّجل لجاريته على مملوك له، ثمَّ مات، لم يكن لها عليه خيار ما دام الورثة راضين بالعقد. فإن أبوا العقد، كان ذلك إليهم.

باب ما يستحب فعله لمن أراد العقد أو الزفاف وآداب الخلوة والجماع والقسمة بين الأزواج

يستحبّ لمن أراد عقدة النّكاح أن يستخير الله تعالى أوّلا، فيصلّي ركعتين ويحمد الله تعالى، ويقول: « اللهمّ إني أريد أن أتزوّج. اللهمّ قدّر لي من النساء أعفّهنّ فرجا وأحفظهن لي في نفسها وفي مالي وأوسعهنّ رزقا وأعظمهنّ بركة. وقدّر لي

٤٨٠