النهاية الجزء ١

النهاية0%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

النهاية

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف:

الصفحات: 793
المشاهدات: 216116
تحميل: 5677


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216116 / تحميل: 5677
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

الحسين،عليه‌السلام .

ومن حقّ الولد على والده أن يحسّن اسمه. والأسماء المستحبّة جميع أسماء الأنبياء والأئمّة،عليهم‌السلام . وأفضلها « محمد وعليّ والحسن والحسين » ثمَّ أسماء الأئمّة،عليهم‌السلام . ولا بأس أن يكنّي الرّجل ابنه في حال صغره. ولا يكنّيه « أبا القاسم » إذا كان اسمه « محمدا ». ويكره أن يسمّي الرّجل ابنه « حكما أو حكيما أو خالدا أو مالكا أو حارثا ».

فإذا كان يوم السّابع، يستحبّ للإنسان أن يعقّ عن ولده بكبش إن كان ذكرا، أو نعجة إن كانت أنثى. وهي سنّة مؤكّدة لا يتركها مع الاختيار. فإن لم يعقّ الوالد عن ولده، ثمَّ أدرك، استحبّ له أن يعقّ عن نفسه. ولا تقوم مقام العقيقة الصّدقة بثمنها. وإذا لم يتمكّن من العقيقة، فليس عليه شي‌ء. وإن تمكّن بعد ذلك، استحبّ له قضاؤها.

ويستحبّ أيضا أن يحلق رأس الصّبيّ يوم السّابع، ويتصدّق بوزن شعره ذهبا أو فضّة. ويكون ذلك مع العقيقة في موضع واحد.

وكلّ ما يجزئ في الأضحيّة فهو جائز في العقيقة، إلّا أنّ الأفضل ما قدّمناه: أن يعقّ عن الذّكر بالذّكر، وعن الأنثى بالأنثى. فإن لم يوجد ووجد حمل كبير، جاز ذلك أيضا.

وإذا ذبح العقيقة، فليعط القابلة ربعها. فإن لم يكن له

٥٠١

قابلة، أعطى أمّه الرّبع، تتصدّق به، ولا تأكل منه. وإن كانت القابلة ذمّيّة، أعطيت ثمن الرّبع، ولا تعطى اللّحم، وإن كانت القابلة أمّ الرّجل أو من هو في عياله، لم تعط من العقيقة شيئا. ويستحبّ أن يطبخ اللّحم ويدعى عليه جماعة من المؤمنين. وكلّما كثر عددهم، كان أفضل. فإن لم يفعل ذلك، وفرّق اللّحم على الفقراء، كان أيضا جائزا. ولا يجوز للوالدين أن يأكلا من العقيقة البتّة. ولا ينبغي أن يكسر العظم بل تفصل الأعضاء.

ويستحبّ أن يختن الصّبيّ اليوم السّابع، ولا يؤخّر. فإن أخّر لم يكن فيه حرج الى وقت بلوغه. فإذا بلغ، وجب ختانه. ولا يجوز تركه على حال.

وأمّا خفض الجواري، فإن فعل، كان فيه فضل كبير وثواب جزيل. وإن لم يفعل، لم يكن بذلك بأس.

ومتى أسلم الرّجل، وهو غير مختتن، ختن، وإن كان شيخا كبيرا.

وإذا مات الصّبيّ يوم السّابع، فإن مات قبل الظّهر، لم يعقّ عنه، وإن مات بعد الظّهر، استحبّ أن يعقّ عنه.

ويكره أن يترك للصّبيان القنازع، وهو أن يحلق موضع من رأسه ويترك موضع. ولا بأس أن يحلق الرّأس كلّه للرّجال.

٥٠٢

وكذلك إزالة الشّعر عن جميع البدن، بل ذلك مندوب اليه مستحب.

وإذا ولد الصّبيّ، فمن السّنة أن يرضع سنتين كاملين لا أقلّ منهما ولا أكثر. فإن نقص عن السّنتين مدّة ثلاثة أشهر، لم يكن به بأس. فإن نقص عن ذلك، لم يجز، وكان جورا على الصّبيّ. ولا بأس أن يزاد على السّنتين في الرّضاع، إلّا أنّه لا يكون أكثر من شهرين. ولا تستحقّ المرضعة الأجر على ما يزيد على الحولين.

وأفضل الألبان التي يرضع بها الصّبيّ لبان الأمّ. فإن كانت أمّه حرّة، واختارت رضاعه، كان ذلك لها وان لم تختر، فلا تجبر على رضاع ولدها. وإن كانت أمة، جاز أن تجبر على رضاع ولدها. وإن طلبت الحرّة أجر الرّضاع، كان لها ذلك على أب الولد. فإن كان أبوه قد مات، كان أجرها من مال الصّبيّ. وكذلك إن أرضعته من لبان خادمة لها، كان لها أجر مثلها في الرّضاع.

ومتى وجد الرّجل من ترضع ولده بأجرة مخصوصة، ورضيت بذلك، كانت هي أولى به من غيرها. فإن طلبت أكثر من ذلك، لم يكن ذلك لها على حال، وجاز للأب أن يأخذ الولد منها، ويسترضع غيرها. والأمّ أولى بالولد من الأب مدّة الرّضاع. فإذا خرج عن حدّ الرّضاع، كان الوالد أحقّ به منها، إذا كان الولد

٥٠٣

ذكرا. فإن كانت أنثى فهي أحقّ بها إلى سبع سنين ما لم تتزوّج. فإن تزوّجت، كان الوالد أحقّ بها. وإن كان الوالد قد مات، كانت هي أحقّ به من الوصيّ، سواء كان الولد ذكرا أو أنثى، الى أن يبلغ. فإن كان الأب مملوكا، والأمّ حرّة، كانت هي أحقّ بولدها من الأب، وإن تزوّجت، الى أن يعتق الأب. فإذا أعتق، كان أحقّ بهم منها.

وإذا أراد الإنسان أن يسترضع لولده، فلا يسترضع إلّا امرأة عاقلة مسلمة عفيفة وضيئة الوجه. ولا يسترضع كافرة مع الاختيار فإن اضطرّ إليها، فليسترضع يهوديّة أو نصرانيّة، وليمنعها من شرب الخمر وأكل لحم الخنزير، وتكون معه في منزله، ولا يسلّم الولد إليها لتحمله الى منزلها. ولا يسترضع المجوسيّة إلّا أن لا يجد غيرها من النّساء. ولا يسترضع من ولد من الزّنا مع الاختيار.

ولا بأس باسترضاع الإماء. وإن كانت له أمة قد ولدت أو كانت ولدت من الزّنا، واحتاج الى لبنها، فليجعلها في حلّ من فعلها، ليطيب بذلك لبنها.

وإذا أسلم الرّجل ولده الى ظئر، ثمَّ جاءت به بعد أن فطمته، فأنكره الرّجل، وقال: « هذا ليس ولدي » لم يكن له ذلك، لأنّ الظّئر مأمونة. ومتى تسلّمت الظّئر الولد، وسلّمته إلى

٥٠٤

ظئر أخرى، كانت ضامنة له الى أن تجي‌ء به. فإن لم تجي‌ء به، كان عليها الدّية.

باب إلحاق الأولاد بالآباء وأحكامهم

إذا ولدت امرأة الرّجل ولدا على فراشه، لزمه الإقرار به، ولم يجز له نفيه. فإن جاءت به لأقلّ من ستّة أشهر حيّا سليما، جاز له نفيه عن نفسه. وكذلك إن جاءت بالولد لأكثر من تسعة أشهر، كان له نفيه. إلّا أنه متى نفاه، ورافعته المرأة إلى الحاكم، كان عليه ملاعنتها. ومتى أقرّ الرّجل بولد، وقبله، ثمَّ نفاه بعد ذلك، لم يقبل نفيه، وألزم الولد. ومتى طلّق امرأته، أو باع جاريته، فتزوّجت المرأة، أو وطئت الجارية، ثمَّ أتت بولد لأقلّ من ستة أشهر، كان لاحقا بالزّوج الأوّل أو المولى الأوّل. وإن كان الولد لستّة أشهر فصاعدا، كان لاحقا بمن عنده المرأة أو الجارية.

ومتى كان للرّجل جارية، فوطئها، ثمَّ باعها من آخر قبل أن يستبرئها، فوطئها الذي اشتراها قبل أن يستبرئها، ثمَّ باعها من آخر، فوطئها أيضا قبل أن يستبرئها، كلّ ذلك في طهر واحد ثمَّ جاءت بولد، كان لاحقا بالأخير الذي عنده الجارية.

وإذا كانت الجارية بين شريكين أو أكثر منهما، فوطئاها جميعا في طهر واحد، وجاءت بولد، أقرع بينهم الحاكم. فمن

٥٠٥

خرج اسمه، ألحق الولد به، وغرّم نصف ثمنه للشّريك الآخر.

ومن وطئ امرأته أو جاريته، وكان يعزل عنهما، وجاءت بولد، وجب عليه الإقرار به، ولا يجوز له نفيه لمكان العزل.

وإذا ولد للرّجل من المتعة، لزمه الإقرار به، ولم يجز له نفيه على حال.

وإذا كان للرّجل امرأة لم يدخل بها، أو يكون قد دخل بها، غير أنّه يكون قد غاب عنها غيبة تزيد على زمان الحمل، وجاءت امرأته أو جاريته بولد، لم يكن ذلك ولدا له، ووجب عليه نفيه عن نفسه.

وإذا نعي الرّجل إلى امرأته أو أخبرت بطلاق زوجها لها، فاعتدّت، وتزوّجت، ورزقت أولادا، ثمَّ جاء زوجها الأول، وأنكر الطّلاق، وعلم أنّ شهادة من شهد بالطّلاق كانت شهادة زور، فرّق بينهما وبين الزّوج الأخير، ثمَّ تعتدّ منه وترجع إلى الأوّل بالعقد المتقدّم، ويكون الأولاد للزّوج الأخير دون الأوّل.

ومتى كان للرّجل امرأة فوطئها، ووطئها بعده غيره فجورا بلا فصل، كان الولد لاحقا به، ولم يجز له نفيه. وإن كانت له جارية فوطئها، ووطئها بعده غيره فجورا، كان الولد أيضا لاحقا به. وإذا اشتبه عليه الأمر، فإن غلب على ظنّه أنه ليس منه بشي‌ء من الأمارات، فلا يلحقه بنفسه، ولا يجوز له بيعه،

٥٠٦

وينبغي أن يوصي له من ماله بشي‌ء، ولا يورّثه ميراث الأولاد. ومتى جاءت جاريته بولد، ولا يكون قد وطئها هو، جاز له بيع الولد على كلّ حال. وإذا اشترى الرّجل جارية حبلى، فوطئها قبل أن تمضي عليها أربعة أشهر وعشرة أيّام، فلا يبيع ذلك الولد، لأنّه غذّاه بنطفته، وكان عليه أن يعزل له من ماله شيئا، ويعتقه. وإن كان وطؤه لها بعد انقضاء الأربعة أشهر وعشرة أيّام، جاز له بيع الولد على كلّ حال.

وكذلك إن كان الوطؤ قبل انقضاء الأربعة أشهر وعشرة أيّام، إلّا أنّه يكون قد عزل عنها، جاز له بيع ولدها على كلّ حال. ولا يجوز للرّجل أن ينفي ولد جاريته أو امرأة يتّهمها بالفجور، بل يلزمه الإقرار به. وإنّما يسوغ له نفيه مع اليقين والعلم. وإذا فجر الرّجل بامرأة أو جارية فحبلت منه، ثمَّ تزوّجها، أو اشترى الجارية، لم يجز له إلحاق الولد به على حال.

٥٠٧

كتاب الطلاق

باب أقسام الطلاق وشرائطه

الطّلاق على ضربين: طلاق السّنّة وطلاق العدّة. وهو ينقسم أقساما: منها طلاق التي لم يدخل بها، والتي دخل بها ولم تبلغ المحيض ولا في سنّها من تحيض، والتي لم تبلغ المحيض وفي سنّها من تحيض، والمستحاضة، والمستقيمة الحيض، والحامل المستبين حملها، والآئسة من المحيض وفي سنّها من تحيض، والآئسة من المحيض ولا تكون في سنّها من تحيض، وطلاق الغائب عن زوجته، وطلاق الغلام والعبد.

وما يلحق بالطّلاق وإن لم يكن طلاقا في الحقيقة على ضربين: ضرب منه يوجب البينونة مثل الطّلاق، وضرب آخر يوجب التّحريم وإن لم تقع فرقة. فالقسم الأوّل اللّعان والارتداد عن الإسلام. والقسم الثّاني الظّهار والإيلاء.

ويدخل في هذا الباب ما يؤثّر في بعض أنواع الطّلاق وهو الخلع والمبارأة. ويدخل فيه أيضا ما يكون كالسّبب للطّلاق وهو النّشوز والشّقاق. ونحن نبيّن كلّ ذلك في أبوابه، إن شاء الله.

٥٠٨

وجميع أقسام الطّلاق التي قدّمناها، فلا بدّ فيها من اعتبار العدّة بعده، إلّا ما نستثنيه منه، إن شاء الله.

فأمّا شرائط الطّلاق فعلى ضربين: ضرب منه عام في سائر أنواعه. وضرب منه خاصّ في بعضه. فأمّا الذي هو عامّ فهو أن يكون الرّجل غير زائل العقل، ويكون مريدا للطّلاق غير مكره عليه، ولا مجبر، ويكون طلاقه بمحضر من شاهدين مسلمين ويتلفّظ بلفظ مخصوص أو ما يقوم مقامه إذا لم يمكنه.

والضّرب الآخر في الطّلاق وهو الخاصّ من القسمين هو ألّا تكون المرأة حائضا، لأنّ هذا القسم مراعى في المدخول بها غير غائب عنها زوجها مدة مخصوصة على ما سنبيّنه فيما بعد.

فإن طلّق الرّجل امرأته، وهو زائل العقل بالسّكر أو الجنون أو المرّة أو ما أشبهها، كان طلاقه غير واقع. فإن احتاج من هذه صورته، إلّا السّكران، الى الطّلاق، طلّق عنه وليّه. فإن لم يكن له وليّ، طلّق عنه الإمام أو من نصبه الإمام.

فإذا طلّق الرّجل امرأته، وهو مريض، فإنّهما يتوارثان، ما دامت في العدّة. فإن انقضت عدّتها، ورثته ما بينها وبين سنة ما لم تتزوّج. فإن تزوّجت، فلا ميراث لها. وإن زاد على السّنة يوم واحد، لم يكن لها ميراث. ولا فرق في جميع هذه الاحكام بين أن تكون التّطليقة هي الأولى أو الثانية أو الثّالثة، وسواء كان له عليها رجعة أو لم يكن، فإنّ الموارثة ثابتة بينهما

٥٠٩

على ما قدّمناه. هذا إذا كان المرض يستمرّ به الى أن يتوفّى. فإن صحّ من مرضه ذلك، ثمَّ مات، لم يكن لها منه ميراث، إلّا إذا كان طلاقا يملك فيه رجعتها، فإنّها ترثه ما لم تخرج من العدّة.

ومتى طلّق الرّجل، وهو غير مريد للطّلاق، أو كان مكرها عليه، كان طلاقه غير واقع. ومتى طلّق، ولم يشهد شاهدين ممّن ظاهره الإسلام، كان طلاقه غير واقع.

فإن أشهد رجلين واحدا بعد الآخر، ولم يشهدهما في مكان واحد، لم يقع أيضا طلاقه، فإن طلّق بمحضر من رجلين مسلمين ولم يقل لهما: اشهدا، وقع طلاقه، وجاز لهما أن يشهدا بذلك. وشهادة النّساء لا تقبل في الطّلاق لا على الانفراد ولا مع الرّجال.

ومتى طلّق ولم يشهد، ثمَّ أشهد بعد ذلك بأيّام، كان الطّلاق واقعا من الوقت الذي أشهد فيه، وكان على المرأة العدّة من ذلك اليوم.

وإذا أراد الطّلاق، ينبغي أن يقول: فلانة طالق، أو يشير إلى المرأة بعد أن يكون قد سبق العلم بها من الشهود، فيقول: هذه طالق. فمتى قال غير ذلك من كنايات الطّلاق، لم يقع طلاقه: مثل أن يقول لها: اعتدّي، أو أنت خليّة، أو بريّة، أو باتّة، أو حبلك على غاربك، أو الحقي بأهلك، أو أنت عليّ حرام، أو جعل إليها الخيار، فاختارت نفسها، فإنّ ذلك كلّه، لا يؤثر في الطّلاق، ولا تحصل به بينونة ولا تحريم

٥١٠

على حال. فإن قيل للرّجل: هل طلّقت فلانة؟ فقال: نعم، كان الطّلاق واقعا. وما ينوب مناب قوله: أنت طالق بغير العربيّة بأيّ لسان كان، فإنّه تحصل به الفرقة.

ولا يقع الطّلاق إلا باللّسان. فإن كتب بيده: أنّه طالق امرأته، وهو حاضر ليس بغائب، لم يقع الطّلاق. وإن كان غائبا، وكتب بخطّه: أنّ فلانة طالق، وقع الطّلاق. وإن قال لغيره: اكتب إلى فلانة امرأتي بطلاقها، لم يقع الطّلاق. فإن طلّقها بالقول ثمَّ قال لغيره: اكتب إليها بالطّلاق، كان الطّلاق واقعا بالقول دون الأمر.

وإذا وكل الرّجل غيره بأن يطلّق عنه، لم يقع طلاقه، إذا كان حاضرا في البلد. فإن كان غائبا، جاز توكيله في الطّلاق. ومتى أراد عزل الوكيل فليعلمه ذلك. فإن لم يمكنه، فليشهد شاهدين على عزله. فإن طلّق الوكيل، وكان طلاقه قبل العزل، وقع طلاقه. وإن كان بعد العزل، كان باطلا. ومتى وكل رجلين على الطّلاق، لم يجز لأحدهما أن يطلّق فإن طلّق. لم يقع طلاقه إلّا برضا الآخر. فإن اجتمعا عليه، وقع الطّلاق.

ومن لم يتمكّن من الكلام، مثل أن يكون أخرس، فليكتب الطّلاق بيده، إن كان ممّن يحسنه. فإن لم يحسن، فليوم إلى الطّلاق كما يومي إلى بعض ما يحتاج اليه. فمتى فهم من إيمائه الطّلاق، وقع طلاقه. وقد روي أنّه ينبغي أن

٥١١

يأخذ المقنعة فيضعها على رأسها، ويتنحى عنها، فيكون ذلك منه طلاقا. فإذا أراد مراجعتها أخذ القناع من رأسها.

متى علّق الطّلاق بشرط من الشّروط، كان باطلا. وكذلك العتاق. ولا يقع الطّلاق قبل العقد على حال من الأحوال.

ومن شرائط الطّلاق العامّة أن يطلّقها تطليقة واحدة. فإن طلّقها أكثر من ذلك ثنتين أو ثلاثا أو ما زاد عليه، لم يقع أكثر من واحدة. وإذا جمعت الشّرائط كلّها، فإن كان المطلّق مخالفا، وكان ممّن يعتقد وقوع الثّلاث، لزمه ذلك، ووقعت الفرقة به. وإنّما لا يقع الفرقة، إذا كان الرّجل معتقدا للحقّ.

وأمّا الشرائط الخاصّة، فهو الحيض. لأنّ الحائض لا يقع طلاقها، إذا كان الرّجل حاضرا. ويكون قد دخل بها. فإن طلّقها وهي حائض، كان طلاقه باطلا. وكذلك إن طلّقها في طهر قد قربها فيه لم يقع الطّلاق. ومتى لم يكن قد دخل بالمرأة، وطلّقها، وقع الطّلاق. وإن كانت حائضا. وكذلك إن كان عنها غائبا شهرا فصاعدا، وقع طلاقه إذا طلّقها، وإن كانت حائضا. ومتى عاد من غيبته، وصادف امرأته حائضا، وإن لم يكن واقعها، لم يجز له طلاقها حتّى تطهر، إن شاء الله.

٥١٢

باب كيفية أقسام الطلاق

إذا أراد الرّجل أن يطلّق امرأته التي دخل بها، وهو غير غائب عنها طلاق السّنّة، فليطلّقها وهي طاهر طهرا لم يقربها فيه بجماع، ويشهد على ذلك شاهدين، تطليقة واحدة، ثمَّ يتركها حتّى تخرج من العدّة. فإذا خرجت من العدّة، ملكت نفسها، وكان خاطبا من الخطّاب. وما لم تخرج من عدّتها، فهو أملك بها برجعتها. فمتى خرجت من عدّتها، وأراد أن يتزوّجها، عقد عليها عقدا جديدا بمهر جديد.

فإن أراد بعد ذلك طلاقها، فعل معها ما فعل في الأوّل من استيفاء الشّروط، ويطلّقها تطليقة أخرى، ويتركها حتّى تخرج من العدّة. فإذا خرجت من العدّة، ملكت نفسها مثل الأوّل. فإن أراد أن يعقد عليها عقدا آخر، فعل كما فعل في الأوليين بمهر جديد وعقد جديد.

فإذا أراد بعد ذلك طلاقها، طلّقها على ما ذكرناه، ويستوفي شرائط الطّلاق. فإذا طلّقها الثّالثة، لم تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره. فإن تزوّجت فيما بين التّطليقة الأولى أو الثّانية أو الثّالثة زوجا بالغا، ودخل بها، ويكون التّزويج دائما، هدم ما تقدّم من الطّلاق. وكذلك إن تزوّجت بعد التّطليقات الثّلاث، هدم الزّوج الثّلاث تطليقات، وجاز لها أن ترجع إلى الأوّل بعقد

٥١٣

جديد ومهر جديد.

ومتى أراد أن يطلّقها طلاق العدّة، فليطلّقها كما قدّمناه في طهر لم يقربها فيه بجماع بمحضر من شاهدين. فإذا فعل ذلك، فليراجعها قبل أن تخرج من عدّتها ولو بيوم واحد. وليواقعها، ثمَّ يستبرئها بحيضة. فإذا طهرت، طلّقها ثانية حسب ما طلّقها الأولة، ثمَّ يراجعها قبل أن تخرج من عدّتها. فاذا راجعها، وأراد أن يطلّقها الثّالثة، واقعها، ثمَّ استبرأها بحيضة. فإذا طهرت، طلّقها الثّالثة، وقد بانت منه ساعة طلّقها، ولا تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره. إلّا أنّه لا يجوز لها أن تتزوّج إلّا بعد خروجها من العدّة. فإذا تزوّجت زوجا غيره تزويج الدّوام، وكان بالغا، ودخل بها، ثمَّ طلّقها، أو مات عنها، جاز لها أن ترجع إلى الأوّل بعقد جديد ومهر جديد.

فإِن طلَّقها بعد ذلك ثلاث تطليقات أُخر طلاق العدَّة، لم تحلَّ له حتَّى تنكح زوجاً غيره. فاذا تزوّجت زوجاً غيره حسب ما قدَّمناه ثم طلقها اومات عنها جاز لها أن ترجع الى الأول بمهر جديد وعقد جديد.

فإن طلّقها بعد ذلك ثلاث تطليقات أخر طلاق العدّة، لم تحلّ له أبدا.

ومتى أراد المراجعة، يستحبّ له أن يشهد شاهدين مسلمين على ذلك. فإن لم يفعل، كان ذلك جائزا. غير أنّ الأفضل

٥١٤

ما قدّمناه. وأدنى ما تكون به المراجعة أن ينكر طلاقها أو يقبلها أو يلمسها. فإن بذلك أجمع ترجع إلى العقد الأوّل. وإنّما يستحبّ الإشهاد، لأنّه متى لم يشهد على المراجعة، وأنكرت المرأة ذلك، وشهد لها بالطّلاق شاهدان، فإن الحاكم يبينها منه، ولم يكن له عليها سبيل. وإن لم يشهد في حال المراجعة، ثمَّ أشهد بعد ذلك، كان أيضا جائزا. ومتى أنكر الرّجل الطّلاق، وكان ذلك قبل انقضاء العدة، كان ذلك أيضا رجعة.

ومتى راجعها، لم يجز له أن يطلّقها تطليقة أخرى طلاق العدة، إلّا بعد أن يواقعها ويستبرئها بحيضة. فإن لم يواقعها، أو عجز عن وطئها، وأراد طلاقها، طلّقها طلاق السّنة. ومتى واقعها، وارتفع حيضها، وأراد طلاقها، استبرأها بثلاثة أشهر، ثمَّ يطلّقها بعد ذلك.

والزّوج الذي يحلّل الرّجوع إلى الأوّل هو أن يكون بالغا حرّا كان أو عبدا، ويكون التّزويج دائما، ويدخل بها. فمتى اختلّ شي‌ء من ذلك، بأن يكون الزّوج غير بالغ، أو يكون مع بلوغه لم يدخل بها، أو يكون العقد متعة، لم يجز لها الرّجوع إلى الأوّل.

وإذا أراد الرّجل أن يطلّق امرأة لم يدخل بها، طلّقها أيّ وقت شاء، سواء كانت حائضا أو لم تكن كذلك، إلّا أنّه

٥١٥

يستوفي الشّرائط كلّها حسب ما قدّمناه، ويطلّقها تطليقة واحدة فإذا طلّقها، فقد بانت منه في الحال، وكان خاطبا من الخطّاب. فإن أراد مراجعتها، كان ذلك بعقد جديد ومهر جديد. فإن تزوّجها ثانيا، ثمَّ طلّقها قبل الدّخول بها، فقد بانت منه بتطليقتين، وهو خاطب من الخطّاب. فإن تزوّجها ثالثا، ثمَّ أراد طلاقها قبل الدخول بها، طلّقها. فإذا طلّقها، فقد بانت منه، ولا تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره.

وإذا أراد أن يطلّق امرأة قد دخل بها، ولم تكن قد بلغت مبلغ النّساء، ولا مثلها في السنّ قد بلغ ذلك، وحدّ ذلك دون تسع سنين، فليطلّقها أيّ وقت شاء. فإذا طلّقها، فقد بانت منه في الحال، وهو خاطب من الخطّاب.

ومتى كان لها تسع سنين فصاعدا، ولم تكن حاضت بعد، وأراد طلاقها، فليصبر عليها ثلاثة أشهر، ثمَّ يطلّقها بعد ذلك إن شاء.

وحكم الآئسة من المحيض، ومثلها لا تحيض، حكم التي لم تبلغ مبلغ النّساء سواء في أنّه يطلّقها أيّ وقت شاء. وحدّ ذلك خمسون سنة فصاعدا. ومتى كانت آيسة من المحيض، ومثلها تحيض، استبرأها بثلاثة أشهر، ثمَّ طلّقها بعد ذلك. وحدّ ذلك إذا نقص سنّها عن خمسين سنة.

وإذا أراد أن يطلّق امرأته وهي حبلى مستبين حملها،

٥١٦

فليطلّقها أيّ وقت شاء. فإذا طلّقها واحدة، كان أملك برجعتها ما لم تضع ما في بطنها. فإذا راجعها، وأراد طلاقها للسّنّة، لم يجز له ذلك، حتّى تضع ما في بطنها. فإن أراد طلاقها للعدة، واقعها، ثمَّ طلّقها بعد المواقعة. فإذا فعل ذلك، فقد بانت منه بتطليقتين، وهو أملك برجعتها. فإن راجعها، وأراد طلاقها ثالثة، واقعها، ثمَّ يطلقها. فإذا طلّقها الثّالثة، لم تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره. ولا يجوز لها أن تتزوج حتّى تضع ما في بطنها. فإن كانت حاملا باثنين فإنها تبين من الرّجل عند وضعها الأوّل. ولا تحلّ للأزواج حتّى تضع جميع ما في بطنها.

وإذا أراد الرّجل طلاق زوجته، وهو غائب عنها، فإن خرج إلى السّفر، وقد كانت طاهرا طهرا لم يقربها فيه بجماع جاز له أن يطلّقها أيّ وقت شاء. ومتى كانت طاهرا طهرا قد قربها فيه بجماع، فلا يطلّقها حتّى يمضي ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر، ثمَّ يطلّقها بعد ذلك أيّ وقت شاء. ومتى أراد طلاقها، فليطلّقها تطليقة واحدة، ويكون هو أملك برجعتها ما لم تمض لها ثلاثة أشهر، وهي عدّتها إذا كانت من ذوات الحيض. فإذا راجعها، أشهد على المراجعة كما أشهد على الطّلاق. فإن لم يشهد على المراجعة، وبلغ الزّوجة الطّلاق، فاعتدّت، وتزوّجت، لم يكن له عليها سبيل. وكذلك إن

٥١٧

انقضت عدّتها، ولم تتزوّج، لم يكن له عليها سبيل إلّا بعقد مستأنف ومهر جديد.

ومتى طلّقها، وأشهد على طلاقها، ثمَّ قدم أهله، وأقام معها، ودخل بها، وأتت المرأة بولد، ثمَّ ادّعى أنّه كان قد طلّقها، لم يقبل قوله ولا بيّنته، وكان الولد لاحقا به.

ومتى كان عند الرّجل أربع نساء، وهو غائب عنهنّ. وطلّق واحدة منهنّ، لم يجز له أن يعقد على أخرى، إلا بعد أن يمضي تسعة أشهر، لأنّ في ذلك مدّة الأجلين: فساد الحيض ووضع الحمل.

ومتى كان للرّجل زوجة معه في البلد، غير أنّه لا يصل إليها، فهو بمنزلة الغائب عن زوجته. فإذا أراد طلاقها، فليصبر إلى أن يمضي ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر، ثمَّ يطلّقها إن شاء. وإذا أراد الرّجل أن يطلّق المسترابة، صبر عليها ثلاثة أشهر ثمَّ طلّقها بعد ذلك أيّ وقت شاء.

والغلام إذا طلّق، وكان ممّن يحسن الطّلاق، وقد أتى عليه عشر سنين فصاعدا، جاز طلاقه، وكذلك عتقه وصدقته ووصيّته. ومتى كان سنّه أقلّ من ذلك، ولا يكون ممّن يحسن الطّلاق، فإنّه لا يجوز طلاقه، ولا يجوز لوليّه أن يطلّق عنه. اللهمّ إلّا أن يكون قد بلغ، وكان فاسد العقل، فإنّه، والحال

٥١٨

على ما ذكرناه، جاز طلاق الوليّ عنه.

والحرّ إذا كان تحته أمة، فطلاقها تطليقتان، فإذا طلّقها ثنتين، لم تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره. فإن وطئها مولاها، لم يكن ذلك محلّلا للزّوج من وطئها حتّى تدخل في مثل ما خرجت منه من نكاح. فإن اشتراها الذي كان زوّجها، لم يجز له وطؤها حتّى يزوّجها رجلا، ويدخل بها، ثمَّ يطلّقها أو يموت عنها. فإذا حصل ذلك، جاز له بعد ذلك وطؤها بالملك. ومتى طلّقها واحدة ثمَّ أعتقت، بقيت معه على تطليقة واحدة. فإن تزوّجها بعد ذلك، وطلّقها الثّانية، لم تحلّ له حتّى تنكح زوجا غيره.

والعبد إذا كان تحته حرّة، فطلاقها ثلاث تطليقات. فإن كانت تحته أمة، فطلاقها تطليقتان حسب ما قدّمناه. فإن طلّقها واحدة، ثمَّ أعتقا معا، بقيت على واحدة. فإن أعتقا جميعا قبل أن يطلقها شيئا، كان حكمها حكم الحرّة من كونها على ثلاث تطليقات.

باب اللعان والارتداد

إذا انتفى الرّجل من ولد زوجة له في حباله، أو بعد فراقها بمدّة الحمل، إن لم تكن نكحت زوجا غيره، أو أنكر ولدها لأقلّ من ستّة أشهر من وقت فراقه لها، وإن كانت نكحت

٥١٩

زوجا غيره، وجب عليه ملاعنتها. وكذلك إن قذفها بالفجور، وادّعى أنّه رأى معها رجلا يفجر بها مشاهدة وعيانا ولم يقم بذلك أربعة من الشّهود، كان عليه ملاعنتها.

وصفة اللّعان أن يجلس الإمام، أو من نصبه الإمام، مستدبر القبلة، ويوقف الرّجل بين يديه، والمرأة عن يمينه، قائمين ولا يقعدان، ويقول له: قل: « أشهد بالله إنّي من الصّادقين فيما ذكرته عن هذه المرأة من الفجور ». فإذا قالها مرّة، قال له: « أشهد ثانية ». فإذا شهد أمره بأن يشهد ثالثة. فإذا شهد، طالبه بأن يشهد رابعة. فإذا شهد أربع شهادات بالله: إنه لمن الصّادقين، قال له الحاكم: « اتّق الله،عزوجل ، واعلم أنّ لعنة الله شديدة وعقابه أليم. فإن كان حملك على ما قلت غيرة أو سبب من الأسباب، فراجع التّوبة. فإنّ عقاب الدّنيا أهون من عقاب الآخرة ». فإن رجع عن قوله، جلده حدّ المفتري ثمانين جلدة، وردّت امرأته عليه.

وإن أقام على ما ادّعاه، قال له: قل: « إنّ لعنة الله عليّ إن كنت من الكاذبين ». وإذا قالها، قال للمرأة: « ما تقولين فيما رماك به هذا الرّجل؟ » فإن اعترفت به، رجمها حتّى تموت. وإن أنكرت، قال لها: « اشهدي بالله إنّه لمن الكاذبين فيما قذفك به من الفجور ». فإن شهدت مرّة، قال لها: اشهدي ثانية. فإذا شهدت، أمرها أن تشهد ثالثة.

٥٢٠