النهاية الجزء ١

النهاية7%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الجزء ١ المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225232 / تحميل: 6339
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

بمثلها وما يقابل العرض بمثله عندنا ، وعند المخالف بنقد البلد(١) .

مسألة ١٥١ : النصاب المعتبر في قيمة مال التجارة هنا هو أحد النقدين : الذهب أو الفضة دون غيرهما ، فلو اشترى بأحد النصب في المواشي مال التجارة وقصرت قيمة الثمن عن نصاب أحد النقدين ، ثم حال الحول كذلك فلا زكاة.

ولو قصر الثمن عن نصاب المواشي بأن اشترى بأربع من الإِبل متاع التجارة وكانت قيمة الثمن أو السلعة تبلغ نصاباً من أحد النقدين تعلّقت الزكاة به.

إذا عرفت هذا ، فالنصاب الأول قد عرفت أنّه عشرون ديناراً أو مائتا درهم ، فإذا بلغت القيمة أحدهما ثبتت الزكاة ، ثم الزائد إن بلغ النصاب الثاني وهو أربعة دنانير أو أربعون درهماً ثبتت فيه الزكاة وهو ربع عُشرة أيضاً ، وإلّا فلا ، ولم يعتبر الجمهور النصاب الثاني كالنقدين ، وقد سلف.

مسألة ١٥٢ : إذا اشترى سلعاً للتجارة في أشهر متعاقبة ، وقيمة كلّ واحد نصاب‌ يزكّي كلّ سلعة عند تمام حولها ، ولم يضمّ بعضها إلى بعض.

وإن كانت الاُولى نصاباً فحال حولها وهي نصاب وحال حول الثانية والثالثة وقيمة كلّ منهما أقلّ من نصاب أخذ من الأول الزكاة خمسة دراهم ، ومن الثاني والثالث من كلّ أربعين درهماً درهم.

ولو كان العرض الأول ليس بنصاب وكمل بالثاني نصاباً فحولهما من حين ملك الثاني ، ولا يضمّ الثالث إليهما ، بل ابتداء الحول من حين ملكه ، وتثبت فيه الزكاة - وإن كان أقلّ من النصاب الأول - إذا بلغ النصاب الثاني ، لأنّ قبله نصاباً.

مسألة ١٥٣ : إذا اشترى عرضاً للتجارة بأحد النقدين‌ ، وكان الثمن‌

____________________

(١) المجموع ٦ : ٦٦ - ٦٧ ، فتح العزيز ٦ : ٧٦.

٢٢١

نصاباً ، قال الشيخ : كان حولُ السلعة حولَ الأصل(١) ؛ وبه قال الشافعي ومالك وأحمد وأصحاب الرأي ، لأنّ زكاة التجارة تتعلّق بالقيمة وقيمته هي الأثمان نفسها لكنها كانت ظاهرةً فخفيت.

ولأنّ النماء في الغالب إنّما يحصل في التجارة بالتقليب ، فلو كان ذلك يقطع الحول لكان السبب الذي تثبت فيه الزكاة [ لأجله ](٢) مانعا منها(٣) .

ولو قيل : إن كان الثمن من مال تجارة بنى على حوله وإلاّ استأنف ، كان وجها.

ولو كان أقلّ من النصاب فلا زكاة ، فإن ظهر ربح حتى بلغ به نصاباً جرى في الحول من حين بلوغ النصاب عند علمائنا أجمع ، وهو أحد وجهي الشافعية ، والآخر : أنّه يبنى على الحول من حين الشراء ، لأنّه يعتبر النصاب في آخر الحول على الأقوى من وجهيه(٤) .

فروع :

أ - لو اشتراه بنصاب من السائمة فإن كانت للقُنية فالأقرب انقطاع حول السائمة ، ويبتدئ حول التجارة من يوم الشراء ؛ لاختلاف الزكاتين في القدر والتعلّق ، وهو أحد وجهي الشافعي ، وفي الآخر : يبني عليه كالنقدين(٥) .

وإن كانت للتجارة فالوجه البناء على حولها.

ب - البناء على حول الأصل إنّما يكون لو اشتراه بعين النصاب ، ولو‌

____________________

(١) الخلاف ٢ : ٩٤ ، المسألة ١٠٨ ، والمبسوط للطوسي ١ : ٢٢٠ - ٢٢١.

(٢) زيادة أثبتناها من المغني والشرح الكبير.

(٣) المغني ٢ : ٦٢٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٥ - ٦٣٦ ، المهذب للشيرازي ١ : ١٦٧ ، المجموع ٦ : ٥٨ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣ - ٥٤.

(٤) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٧ ، المجموع ٦ : ٥٦ ، فتح العزيز ٦ : ٥٤.

(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٦٧ ، المجموع ٦ : ٥٦ ، فتح العزيز ٦ : ٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٠١.

٢٢٢

اشتراه في الذمة ونقد النصاب في الثمن انقطع حول الثمن نقداً كان أو ماشيةً ، وابتدأ حول التجارة من يوم الشراء ، لأنّ النصاب لم يتعيّن للصرف إلى هذه الجهة.

ج - لو اشترى عرضاً للتجارة بعرض للقُنية كأثاث البيت كان حول السلعة من حين ملكها للتجارة ، وبه قال الشافعي وأحمد(١) .

وقال مالك : لا يدور في حول التجارة إلّا أن يشتريها بمال تجب فيه الزكاة كالذهب والفضة(٢) .

د - لو باع مال التجارة بالنقد من الذهب أو الفضة وقصد بالأثمان غير التجارة انقطع الحول ، وبه قال الشافعي(٣) ، لأنّه مال تجب الزكاة في عينه دون قيمته فانقطع الحول بالبيع به كالسائمة.

وقال أحمد : لا ينقطع ، لأنّه من جنس القيمة التي تتعلّق الزكاة بها فلم ينقطع الحول معها به(٤) .

والفرق : أنّ قصد التجارة انقطع ، وتعلّقت به حول زكاة اُخرى.

ولو قصد بالثمن التجارة ، فالأقرب عدم الانقطاع ، وبنى على حول الأول ؛ لأنّا لا نشترط في زكاة التجارة بقاء الأعيان بل القَيِم.

ه- لو أبدل عرض التجارة بما تجب الزكاة في عينه كالسائمة ولم يَنْو به التجارة لم يبن حول أحدهما على الآخر إجماعاً ؛ لأنّهما مختلفان ، وإن أبدله بعرض للقُنية بطل الحول.

و - لو اشتراه بنصاب من السائمة لم يبن على حوله إجماعاً ، لأنّهما مختلفان.

____________________

(١) المجموع ٦ : ٥٦ ، فتح العزيز ٦ : ٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٠٢ ، المغني ٢ : ٦٢٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٧.

(٢) حلية العلماء ٣ : ١٠٣.

(٣ و ٤ ) المغني ٢ : ٦٢٦ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٦.

٢٢٣

ز - لا يشترط بقاء عين السلعة طول الحول إجماعاً ، بل قيمتها وبلوغ القيمة النصاب.

مسألة ١٥٤ : لا تجتمع زكاة التجارة والمالية في مالٍ واحد‌ اتّفاقاً ؛ لقولهعليه‌السلام : ( لا ثني(١) في الصدقة )(٢) .

فلو ملك نصاباً من السائمة فحال الحول ، والسوم ونية التجارة موجودان قدّمت زكاة المال عندنا ؛ لأنّها واجبة دون زكاة التجارة ؛ لاستحبابها.

ومن قال بالوجوب اختلفوا ، فالذي قاله الشيخ - تفريعاً على الوجوب - : تقديم المالية أيضاً(٣) ؛ وبه قال الشافعي - في الجديد - لأنّها أقوى ؛ لانعقاد الإجماع عليها واختصاصها بالعين فكانت أولى(٤) .

وقال أبو حنيفة والثوري ومالك وأحمد والشافعي في القديم : يزكّيه زكاة التجارة ، لأنّها أحظّ للمساكين ، لتعلّقها بالقيمة فتجب فيما زاد بالحساب ، لأنّ الزائد عن النصاب قد وجد سبب وجوب زكاته فتجب كما لو لم يبلغ بالسوم نصاباً(٥) .

ونمنع اعتبار ترجيح المساكين ، بل مراعاة المالك أولى ؛ لأنّ الصدقة مواساة فلا تكون سبباً لإِضرار المالك ولا موجبة للتحكّم في ماله.

____________________

(١) أي : لا تؤخذ الزكاة مرّتين في السنة. النهاية لابن الأثير ١ : ٢٢٤.

(٢) كنز العمّال ٦ : ٣٣٢ / ١٥٩٠٢.

(٣) الخلاف ٢ : ١٠٤ ، المسألة ١٢٠ ، والمبسوط للطوسي ١ : ٢٢٢.

(٤) الاُم ٢ : ٤٨ ، المجموع ٦ : ٥٠ ، فتح العزيز ٦ : ٨١ ، حلية العلماء ٣ : ١٠٠ ، المغني ٢ : ٦٢٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٨.

(٥) المبسوط للسرخسي ٢ : ١٧٠ ، المغني ٢ : ٦٢٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٨ ، المجموع ٦ : ٥٠ ، فتح العزيز ٦ : ٨١ ، حلية العلماء ٣ : ١٠٠ ، المنتقى للباجي ٢ : ١٢١ ، وفيها ما عدا المجموع قال مالك بوجوب زكاة العين ؛ على خلاف ما نسب إليه المصنّف ، وأمّا في المجموع فلم يتعرض النووي لقوله.

٢٢٤

فروع :

أ - لو انتفى السوم ثبتت زكاة التجارة وإن كان النصاب ثابتاً ، وكذا لو انتفى النصاب وحصل السوم ؛ لعدم التصادم.

ب - لو فقد شرط زكاة التجارة بأن قصر الثمن عن النصاب أو طلبت بخسارة وجبت زكاة المال إجماعاً ، لعدم التضاد.

ج - لو سبق تعلّق وجوب المالية بأن يملك أربعين من الغنم قيمتها دون مائتي درهم ثم صارت في نصف الحول تعدل مائتين قدّمت زكاة المال ، لثبوت المقتضي في آخر الحول ، السالم عن معارضة المانع.

وقال بعض الجمهور بتأخّر وجوب الزكاة حتى يتم حول التجارة ، لأنّه أنفع للفقراء(١) . وهو ممنوع.

وعلى ما اخترناه إذا تمّ حول التجارة لم يزك الزائد عن النصاب ، لأنّه قد زكّى العين فلا يتعلّق بالقيمة.

وقال بعض الجمهور : تجب زكاة التجارة في الزائد عن النصاب ، لوجود المقتضي فإنّه مال للتجارة حال عليه الحول وهو نصاب(٢) .

وهو ممنوع ؛ لوجود المانع وهو تعلّق الزكاة بالعين.

د - لو اشترى أرضاً أو نخلاً للتجارة فزرعت الأرض وأثمر النخل فاتّفق حولهما بأن يكون بدوّ الصلاح في الثمرة واشتداد الحبّ عند تمام الحول ، وكانت قيمة الأرض والنخل بمفردها نصابا للتجارة فإنّه يزكّي الثمرة والحبّ زكاة العشر ، ويزكّي الأصل زكاه القيمة ، ولا تثبت في الثمرة الزكاتان ، وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور(٣) ، لأنّ زكاة العُشر أحظّ للفقراء فإنّ العُشر أكثر من ربع العُشر ، ولأنّ زكاة المال متّفق عليها.

____________________

(١ و ٢ ) المغني ٢ : ٦٢٧ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٩.

(٣) المغني ٢ : ٦٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤١.

٢٢٥

وقال أحمد : يزكّي الجميع زكاة التجارة ؛ لأنّه مال تجارة فتجب فيه زكاتها كالسائمة(١) .

والفرق : زكاة السوم أولى ، على أنّا نقول بموجبه هناك.

ه- لو اشترى أربعين سائمة للتجارة فعارض بها(٢) في أثناء الحول بأربعين سائمة للتجارة أيضاً ، فإن شرطنا في المالية بقاء عين النصاب سقطت وثبتت زكاة التجارة ، لعدم المانع ، وإلّا أوجبنا زكاة المال.

ولو عارضها بأربعين للقُنية سقطت زكاة التجارة وانعقد حول المالية من المعارضة.

ولو اشترى أربعين للقُنية وأسامها ، ثم عراضها في أثناء الحول بأربعين سائمة للتجارة انعقد حول المالية أو التجارة - على الخلاف - من حين المعارضة.

و - عبد التجارة يخرج عنه الفطرة وزكاة التجارة على ما يأتي.

ز - لو اشترى معلوفة للتجارة ثم أسامها ، فإن كان بعد تمام الحول ثبتت زكاة التجارة في الحول الأوّل ، وانعقد حول الماليّة من حين الإسامة ، وإن كان في الأثناء احتمل زكاة التجارة عند تمام الحول ؛ لعدم المانع ، وانعقاد حول الماليّة من حين الإِسامة.

مسألة ١٥٥ : إذا نوى بعرض التجارة القُنية صار للقنية وسقطت الزكاة‌ عند علمائنا - وبه قال الشافعي وأحمد وأصحاب الرأي(٣) - لأنّ القُنية الأصل ، ويكفي في الردّ إلى الأصل مجرّد النيّة ، ولأنّ نيّة التجارة شرط لثبوت الزكاة في‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٤١.

(٢) المعارضة : بيع المتاع بالمتاع لا نقد فيه. النهاية - لابن الأثير - ٣ : ٢١٤ « عرض ».

(٣) المجموع ٦ : ٤٩ - ٥٠ ، حلية العلماء ٣ : ١٠٠ ، المغني ٢ : ٦٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٠ - ٦٣١.

٢٢٦

العروض ، فإذا نوى القنية زال الشرط.

وقال مالك في رواية : لا يسقط حكم التجارة بمجرّد النية كما لو نوى بالسائمة العلف(١) .

والفرق أنّ الإِسامة شرط دون نيّتها فلا ينتفي الوجوب إلّا بانتفاء السوم.

وإذا صار العرض للقُنية بنيّتها فنوى به التجارة لم يصر للتجارة بمجرّد النية على ما قدّمناه ، وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي(٢) .

تذنيب : لو كانت عنده ماشية للتجارة نصف حول فنوى بها الإسامة وقطع نية التجارة انقطع حول التجارة واستأنف حولا للماليّة - وبه قال الثوري وأبو ثور وأصحاب الرأي(٣) - لأنّ حول التجارة انقطع بنيّة الاقتناء ، وحول السوم لا يبنى على حول التجارة.

والوجه : أنّها إن كانت سائمةً ابتداء الحول وجبت المالية عند تمامه - وبه قال إسحاق(٤) - لأنّ السوم سبب لوجوب الزكاة وجد في جميع الحول خالياً عن المعارض فتجب به الزكاة ، كما لو لم ينو التجارة.

مسألة ١٥٦ : المشهور عندنا وعند الجمهور أنّ نماء مال التجارة بالنتاج مال تجارة أيضاً‌ - وهو أحد قولي الشافعي(٥) - لأنّ الولد بعض الاُمّ فحكمه حكمها ، فلو اشترى جواري للتجارة فأولدت كانت الأولاد تابعةً لها ، هذا إذا لم تنقص قيمة الاُمّ بالولادة ، فإن(٦) نقصت جعل الولد جابراً بقدر قيمته ؛ لأنّ‌

____________________

(١) المغني ٢ : ٦٢٨ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣١ ، حلية العلماء ٣ : ١٠٠.

(٢) المغني ٢ : ٦٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣١ ، حلية العلماء ٣ : ٩٩ ، المجموع ٦ : ٤٨ ، فتح العزيز ٦ : ٤١.

(٣) المغني ٢ : ٦٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٢ - ٦٣٣.

(٤) المغني ٢ : ٦٢٩ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٣٣.

(٥) فتح العزيز ٦ : ٦٥.

(٦) في « ف » والطبعة الحجرية : فلو.

٢٢٧

سبب النقصان انفصاله.

وللشافعي قول آخر : إنّه ليس مالَ التجارة ؛ لأنّ الفائدة التي تحصل من عين المال لا تناسب الاستنماء بطريق التجارة(١) . وهو ممنوع.

إذا ثبت هذا ، فإنه يبتدئ بالحول في النتاج من حين انفصاله ، ولا يبني على حول الأصل ، خلافاً للشافعي(٢) ، وقد سبق(٣) .

فروع :

أ - لو اشترى من الماشية السائمة نصاباً للتجارة فنتجت ، فعندنا تقدّم زكاة المال ، ولا يتبع النتاج الاُمّهات في الحول ، فلم ينعقد سبب المالية في النتاج ، فيبقى سبب التجارة سالماً عن المعارض ، فينعقد حولها من حين الانفصال ، فتثبت الزكاة فيها بعد الحول ، ثم يعتبر حول المالية إن حصل السوم.

ب - لا يبنى النصاب هنا على نصاب الاُمّهات بمعنى أنه يقوّم النتاج بأحد النقدين فإن بلغت قيمته مائتي درهم أو عشرين ديناراً تعلّقت الزكاة به ، ولا يضمّ إلى الاُمّهات في النصاب ، لأنّ الاُمّهات لها زكاة بانفرادها ، ولا يكفي في اعتبار نصابها أربعون درهماً أو أربعة دنانير ، وإن كانت قيمة الاُمهات نصاباً فإشكال.

ج - لو اشترى حديقة للتجارة فأثمرت عنده ، وقلنا : إنّ ثمار التجارة مال تجارة ، أو اشتراها وهي مثمرة مع الثمار فبدا الصلاح عنده حكمنا بوجوب زكاة المال في الثمرة على ما قدّمناه.

ولا تسقط به زكاة التجارة عن قيمة الأشجار - وهو أحد وجهي‌

____________________

(١) فتح العزيز ٦ : ٦٥.

(٢) فتح العزيز ٦ : ٦٦.

(٣) سبق في المسألة ٣٤.

٢٢٨

الشافعية(١) - لأنّه ليس فيها زكاة مال حتى تسقط بها زكاة التجارة.

وفي الآخر : تسقط ، لأنّ المقصود منها ثمارها وقد أخذنا زكاتها(٢) .

وهو ممنوع.

وكذا لا تسقط عن أرض الحديقة.

وللشافعية طريقان : أحدهما : طرد الوجهين(٣) . والثاني : القطع بعدم السقوط ، لبُعد الأرض عن التبعية ؛ لأنّ الثمار خارجة عن الشجرة ، والشجرة حاصلة ممّا اُودع في الأرض لا من نفسها(٤) .

وأمّا الثمار التي اُخرج الزكاة المالية منها فإنّ حول التجارة ينعقد عليها أيضاً ، وتثبت الزكاة فيها في الأحوال المستقبلة للتجارة وإن كانت الماليّة لا تتكرر ، ويحسب ابتداء الحول للتجارة من وقت إخراج العشر بعد القطاف لا من وقت بدوّ الصلاح ، لأنّ عليه [ بعد ](٥) بدوّ الصلاح تربية [ الثمار ](٦) للمساكين ، فلا يجوز أن يحسب عليه وقت التربية.

د - لو اشترى أرضاً مزروعة للتجارة فأدرك الزرع ، والحاصل نصاب تعلّقت زكاة المال بالزرع ثم يبتدئ حول زكاة التجارة بعد التصفية ، وللشافعية الوجوه السابقة(٧) في الثمرة.

ولو اشترى أرضاً للتجارة وزرعها ببذر القُنية فعليه العُشر في الزرع ، وزكاة التجارة في الأرض ، ولا تسقط زكاة التجارة عن الأرض بأداء العُشر إجماعاً.

ه- الدَّين لا يمنع من زكاة التجارة كما لا يمنع من زكاة العين.

____________________

(١ و ٢ ) المجموع ٦ : ٥٢ ، فتح العزيز ٦ : ٨٣.

(٣) أي : الوجهان اللذان تقدّما آنفاً.

(٤) المجموع ٦ : ٥٢ ، فتح العزيز ٦ : ٨٣ - ٨٤.

(٥ و ٦ ) زيادة يقتضيها السياق.

(٧) سبق في المسألة ١٥٤ الوجهان للشافعي ، وانظر : فتح العزيز ٦ : ٨٣ ، والمجموع ٦ : ٥٢.

٢٢٩

الفصل الثاني

في باقي الأنواع التي تستحب فيها الزكاة‌

مسألة ١٥٧ : كلّ ما يخرج من الأرض من الغلّات غير الأربع تستحب فيها الزكاة‌ إن كان ممّا يكال أو يوزن كالعدس والماش والاُرز والذرّة وغيرها بشرط بلوغ النصاب في الغلّات الأربع - وهو خمسة أوسق - لعموم قولهعليه‌السلام : ( ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة )(١) .

والقدر المخرج هو العشر إن سقي سيحاً أو بعلاً أو عذياً ، ونصفه إن سقي بالقرب والدوالي كما في الغلّات.

ولو اجتمعا حكم للأغلب ، فإن تساويا قسّط ويؤخذ من نصفه العشر ومن نصفه نصف العُشر ، وتثبت بعد إخراج المؤن كالواجب.

ولا زكاة في الخُضراوات.

وفي ضمّ ما يزرع مرّتين في السنة كالذرّة بعضه مع بعض نظر ، وكذا الدّخن ، والأقرب : الضمّ ، لأنّها في حكم زرع عام واحد.

____________________

(١) صحيح البخاري ٢ : ١٣٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٦٧٣ / ٩٧٩ ، سنن أبي داود ٢ : ٩٤ / ١٥٥٨ ، سنن الترمذي ٣ : ٢٢ / ٦٢٦ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٧٢ / ١٧٩٤ ، سنن الدارقطني ٢ : ٩٩ / ٢٠ ، مسند أحمد ٢ : ٤٠٣ ، و ٣ : ٩٧ ، وسنن البيهقي ٤ : ١٢١.

٢٣٠

ويدلّ على استحباب الزكاة بعد ما تقدّم : قول الصادقعليه‌السلام : « كلّ ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق فعليه الزكاة » وقال : « جعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله الصدقة في كلّ شي‌ء أنبتته الأرض إلّا الخضر والبقول وكلّ شي‌ء يفسد من يومه »(١) .

وقالعليه‌السلام وقد سأله زرارة في الذرة شي‌ء؟ فقال : « الذرّة والعدس والسّلت والحبوب فيها مثل ما في الحنطة والشعير ، وكلّ ما كيل بالصاع فبلغ الأوساق التي تجب فيها الزكاة فعليه فيه الزكاة»(٢) .

أمّا الخُضر فلا زكاة فيها إلّا أن تباع ، ويحول على ثمنها الحول ، وتكون الشرائط موجودةً فيه ، لقول الصادقعليه‌السلام : « ليس على الخضر ولا على البطيخ ولا على البقول وأشباهه زكاة إلّا ما اجتمع عندك من غلّة فبقي عندك سنة »(٣) .

وسأل زرارة الصادقعليه‌السلام هل في القَضْب(٤) شي‌ء؟ قال : « لا »(٥) .

وسأل الحلبي ، الصادقعليه‌السلام ما في الخضرة؟ قال : « وما هي؟ » قلت : القضب والبطيخ ومثله من الخضر. فقال : « لا شي‌ء عليه إلّا أن يباع مثله بمال فيحول عليه الحول ففيه الصدقة » وعن شجر العضاة(٦) من الفرسك(٧) وأشباهه فيه زكاة؟ قال : « لا » قلت : فثمنه(٨) ؟ قال : « ما حال‌

____________________

(١) التهذيب ٤ : ٦٥ / ١٧٦ ، والكافي ٣ : ٥١٠ / ٢.

(٢) التهذيب ٤ : ٦٥ / ١٧٧.

(٣) الكافي ٣ : ٥١١ / ١ ، التهذيب ٤ : ٦٦ / ١٧٩.

(٤) القضب : كلّ نبت اقتضب واُكل طريّاً. مجمع البحرين ٢ : ١٤٤ « قضب ».

(٥) التهذيب ٤ : ٦٦ / ١٨٠.

(٦) العضاة : كلّ شجر يعظم وله شوك. الصحاح ٦ : ٢٢٤٠ « عضه ».

(٧) الفرسك : ضرب من الخوخ ليس يتفلّق عن نواه. الصحاح ٤ : ١٦٠٣ « فرسك ».

(٨) في « ف » والتهذيب : قيمته.

٢٣١

عليه الحول من ثمنه فزكِّه »(١) .

مسألة ١٥٨ : لا تجب الزكاة في الخيل‌ بإجماع أكثر العلماء ، وبه قال - في الصحابة - عليعليه‌السلام وعمر وابنه ، وفي التابعين : عمر بن عبد العزيز وعطاء والنخعي والشعبي والحسن البصري ، وفي الفقهاء : مالك والشافعي والأوزاعي والليث بن سعد واحمد وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد(٢) .

لما رواه عليعليه‌السلام : « أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق »(٣) .

وقالعليه‌السلام : ( ليس في الجَبْهة ولا في النخّة ولا في الكسعة صدقة )(٤) والجبهة : الخيل ؛ والنخة : الرقيق ، والكسعة : الحمير(٥) .

وقال ابن قتيبة : هي العوامل من الإِبل والبقر والحمير.

ومن طريق الخاصة قول الباقرعليه‌السلام : « وليس في الحيوان غير هذه الثلاثة الأصناف شي‌ء »(٦) وعنى الإِبل والبقر والغنم.

وللأصل ، ولأنّ كلّ جنس لا تجب الزكاة في ذكورة إذا انفردت لا تجب في إناثه ، ولكونه كالحُمُر.

وقال أبو حنيفة : إن كانت ذكوراً وإناثاً وجب فيها ، وإن كانت إناثاً منفردة فروايتان ، وكذا إن كانت ذكوراً منفردة ؛ لما رواه الصادقعليه‌السلام عن الباقر‌

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥١٢ / ٣ ، التهذيب ٤ : ٦٧ / ١٨٢.

(٢) المغني ٢ : ٤٨٦ - ٤٨٧ ، المجموع ٥ : ٣٣٩ ، بداية المجتهد ١ : ٢٥٢ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣.

(٣) سنن البيهقي ٤ : ١١٨ ، وشرح معاني الآثار ٢ : ٢٨ ، ومسند أحمد ١ : ١٢١ و ١٤٥.

(٤) سنن البيهقي ٤ : ١١٨ ، وغريب الحديث - للهروي - ١ : ٧.

(٥) قاله أبو عبيدة كما في غريب الحديث - للهروي - ١ : ٧.

(٦) التهذيب ٤ : ٢ / ٢ ، الاستبصار ٢ : ٢ / ٢.

٢٣٢

عليه‌السلام عن جابر أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( في الخيل السائمة في كلّ فرس دينار )(١) .

ولأنّه يطلب نماؤه من جهة السوم فأشبه النعم(٢) .

والحديث محمول على الاستحباب ، والنعم يضحّى بجنسها ، وتجب(٣) فيها من عينها ، بخلاف الخيل.

مسألة ١٥٩ : أجمع علماؤنا على استحباب الزكاة في الخيل بشروط ثلاثة : السوم والأنوثة والحول ، لأنّ زرارة قال للصادقعليه‌السلام : هل في البغال شي‌ء؟ قال : « لا » فقلت : فكيف صار على الخيل ولم يصر على البغال؟ فقال : « لأنّ البغال لا تلقح ، والخيل الإِناث ينتجن ، وليس على الخيل الذكور شي‌ء » قال ، قلت : هل على الفرس والبعير يكون للرجل يركبها شي‌ء؟ فقال : « لا ، ليس على ما يعلف شي‌ء ، إنّما الصدقة على السائمة المرسلة في مرجها(٤) عامها الذي يقتنيها فيه الرجل ، فأمّا ما سوى ذلك فليس فيه شي‌ء »(٥) .

مسألة ١٦٠ : قدر المخرج عن الخيل‌ عن كلّ فرس عتيق ديناران في كلّ حول ، وعن البرذون دينار واحد عند علمائنا ، لقول الباقر والصادقعليهما‌السلام : « وضع أمير المؤمنينعليه‌السلام على الخيل العتاق الراعية في كلّ‌

____________________

(١) سنن البيهقي ٤ : ١١٩.

(٢) المغني ٢ : ٤٨٦ - ٤٨٧ ، بدائع الصنائع ٢ : ٣٤ ، حلية العلماء ٣ : ١٣ - ١٤ ، فتح الباري ٣ : ٢٥٥.

(٣) أي : تجب الزكاة.

(٤) ورد في النُسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، والطبعة الحجرية : مراحها. وما أثبتناه من المصادر ، والمرج : الموضع الذي ترعى فيه الدواب. الصحاح ١ : ٣٤٠ ، القاموس المحيط ١ : ٢٠٧ « مرج ».

(٥) الكافي ٣ : ٥٣٠ / ٢ ، التهذيب ٤ : ٦٧ - ٦٨ / ١٨٤.

٢٣٣

فرس في كلّ عام دينارين ، وجعل على البراذين ديناراً »(١) .

وقال أبو حنيفة : يتخيّر صاحبها إن شاء أعطى من كلّ فرس ديناراً ، وإن شاء قوّمها وأعطى ربع عُشر قيمتها ؛ لما رواه جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام عن أبيه الباقرعليه‌السلام عن جابر : ( أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله قال : ( في الخيل السائمة في كلّ فرس دينار )(٢) .

وهو دليل لنا لا له.

مسألة ١٦١ : العقار المتّخذ للنماء تستحب الزكاة في حاصله‌ ، ولا يشترط فيه الحول ولا النصاب ؛ للعموم ، بل يخرج ممّا يحصل منه ربع العُشر ، فإن بلغ نصاباً وحال عليه الحول وجبت الزكاة ، لوجود المقتضي ، ولا تستحب الزكاة في شي‌ء غير ذلك من الأثاث والأمتعة والأقمشة المتّخذة للقنية بإجماع العلماء.

____________________

(١) الكافي ٣ : ٥٣٠ / ١ ، التهذيب ٤ : ٦٧ / ١٨٣ ، الاستبصار ٢ : ١٢ / ٣٤.

(٢) بدائع الصنائع ٢ : ٣٤ ، المغني ٢ : ٤٨٦ - ٤٨٧ ، فتح الباري ٣ : ٢٥٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٤ ، وانظر أيضاً : سنن البيهقي ٤ : ١١٩.

٢٣٤

٢٣٥

المقصد الرابع

في الإِخراج‌

وفيه فصول :

الأول : في من تخرج الزكاة إليه.

وفيه مباحث‌

٢٣٦

٢٣٧

الأول : في الأصناف‌

مسألة ١٦٢ : أصناف المستحقين للزكاة ثمانية‌ بإجماع العلماء ، وهُم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله :( إِنَّمَا الصَّدَقاتُ لِلْفُقَراءِ وَالْمَساكِينِ وَالْعامِلِينَ عَلَيْها وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقابِ وَالْغارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللهِ وَابْنِ السَّبِيلِ ) (١) .

وقد اختلف الفقهاء في الفقراء والمساكين أيّهما أسوأ حالاً ، فقال الشيخ : الفقير : الذي لا شي‌ء له ، والمسكين هو : الذي له بُلغة من العيش لا تكفيه(٢) . فجعل الفقير أسوأ حالاً ، وبه قال الشافعي والأصمعي(٣) ، لأنّه تعالى بدأ به ، والابتداء يدلّ على شدّة العناية والاهتمام في لغة العرب.

ولأنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله استعاذ من الفقر(٤) ، وقال : ( اللّهم أحيني مسكيناً ، وأمتني مسكيناً ، واحشرني في زمرة المساكين )(٥) .

____________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) المبسوط للطوسي ١ : ٢٤٦ ، الجمل والعقود ( الرسائل العشر ) : ٢٠٦.

(٣) المجموع ٦ : ١٩٦ - ١٩٧ ، حلية العلماء ٣ : ١٥١ - ١٥٢ ، المغني ٧ : ٣١٣.

(٤) سنن النسائي ٨ : ٢٦١ ، سنن البيهقي ٧ : ١٢ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٥٤٠ - ٥٤١ ، مسند أحمد ٢ : ٣٠٥ ، ٣٢٥ ، ٣٥٤.

(٥) سنن الترمذي ٤ : ٥٧٧ / ٢٣٥٢ ، سنن ابن ماجة ٢ : ١٣٨١ / ٤١٢٦ ، سنن البيهقي ٧ : ١٢ ، المستدرك - للحاكم - ٤ : ٣٢٢.

٢٣٨

ولقوله تعالى( أَمَّا السَّفِينَةُ فَكانَتْ لِمَساكِينَ يَعْمَلُونَ فِي الْبَحْرِ ) (١) وهي تساوي جملة من المال.

ولأنّ الفقر مشتق من كسر الفقار وذلك مهلك.

وقال آخرون : المسكين أسوأ حالاً من الفقير(٢) . وبه قال أبو حنيفة والفراء وثعلب وابن قتيبة ، واختاره أبو إسحاق(٣) ؛ لقوله تعالى( أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ ) (٤) وهو المطروح على التراب ، لشدّة حاجته ، ولأنّه يؤكّد به ، ولقول الشاعر :

أمّا الفقير الذي كانت حلوبته

وفق العيال فلم يترك له سبد(٥)

والمروي عن أهل البيتعليهم‌السلام هذا ، قال الصادقعليه‌السلام : « الفقير : الذي لا يسأل ، والمسكين أجهد منه ، والبائس أجهدهم »(٦) .

ولا فائدة للفرق بينهما في هذا الباب ؛ لأنّ الزكاة تدفع إلى كُلّ منهما ، والعرب تستعمل كلّ واحد منهما في معنى الآخر.

نعم يحتاج إلى الفرق بينهما في باب الوصايا والنذور وغيرهما ، والضابط في الاستحقاق : عدم الغنى الشامل لهما.

مسألة ١٦٣ : قد وقع الإِجماع على أنّ الغني لا يأخذ شيئاً من الزكاة‌ من‌

____________________

(١) الكهف : ٧٩.

(٢) منهم : الشيخ المفيد في المقنعة : ٣٩ ، وسلّار في المراسم : ١٣٢.

(٣) المبسوط - للسرخسي - ٣ : ٨ ، اللباب ١ : ١٥٣ - ١٥٤ ، المجموع ٦ : ١٩٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٢ ، المغني ٧ : ٣١٣ ، تفسير غريب القرآن - لابن قتيبة - : ١٨٨ ، أحكام القرآن - للجصّاص - ٣ : ١٢٢.

(٤) البلد : ١٦.

(٥) البيت للراعي ، كما في تهذيب اللغة - للأزهري - ٩ : ١١٤.

(٦) الكافي ٣ : ٥٠١ / ١٦ ، التهذيب ٤ : ١٠٤ / ٢٩٧.

٢٣٩

نصيب الفقراء ؛ للآية(١) ، ولقولهعليه‌السلام : ( لا تحلّ الصدقة لغني )(٢) .

ولكن اختلفوا في الغنى المانع من الأخذ ، فللشيخ قولان ، أحدهما : حصول الكفاية حولاً له ولعياله(٣) ، وبه قال الشافعي ومالك(٤) ، وهو الوجه عندي ، لأنّ الفقر هو الحاجة.

قال الله تعالى( يا أَيُّهَا النّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَراءُ إِلَى اللهِ ) (٥) أي المحاويج إليه ، ومن لا كفاية له محتاج.

وقولهعليه‌السلام : ( لا تحلّ الصدقة إلّا لثلاثة : رجل أصابته فاقة حتى يجد سداداً من عيش ، أو قواماً من عيش )(٦) .

ومن طريق الخاصة قول الصادقعليه‌السلام : « لا تحل(٧) لغني » يعني الصدقة ، قال هارون بن حمزة فقلت له : الرجل يكون له ثلاثمائة درهم في بضاعته وله عيال ، فإن أقبل عليها أكلها عياله ولم يكتفوا بربحها؟ قال : « فلينظر ما يستفضل منها فيأكله هو ومن يسعه ذلك ، وليأخذ لمن لم يسعه من عياله »(٨) .

____________________

(١) التوبة : ٦٠.

(٢) سنن أبي داود ٢ : ١١٨ / ١٦٣٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٨٩ / ١٨٣٩ ، سنن الترمذي ٣ : ٤٢ / ٦٥٢ ، سنن النسائي ٥ : ٩٩ ، المستدرك - للحاكم - ١ : ٤٠٧ ، مسند أحمد ٢ : ١٦٤ ، ١٩٢ ، ٣٨٩ و ٥ : ٣٧٥.

(٣) الخلاف ، كتاب قسم الصدقات ، المسألة ٢٤ ، المبسوط للطوسي ١ : ٢٥٦.

(٤) المجموع ٦ : ١٩٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٥٣ ، المغني ٢ : ٥٢٢ و ٧ : ٣١٥ ، الشرح الكبير ٢ : ٦٨٩.

(٥) فاطر : ١٥.

(٦) صحيح مسلم ٢ : ٧٢٢ / ١٠٤٤ ، سنن أبي داود ٢ : ١٢٠ / ١٦٤٠ ، سنن الدارقطني ٢ : ١٢٠ / ٢ ، سنن الدارمي ١ : ٣٩٦ ، وفيها بدل ( لا تحل الصدقة ) : ( لا تحل المسألة ).

(٧) في المصدر : « لا تصلح ».

(٨) التهذيب ٤ : ٥١ / ١٣٠.

٢٤٠

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

فإذا شهدت ثالثة، طالبها أن تشهد رابعة. فإذا شهدت، وعظها كما وعظ الرّجل، وقال لها: « اتّق الله،عزوجل ، فإنّ غضب الله شديد. وإن كنت قد اقترفت ما قد رماك به، فتوبي إلى الله. فعقاب الدّنيا أهون من عقاب الآخرة ». فإن اعترفت بالفجور، رجمها. وإن أقامت على تكذيب الزّوج، قال لها: قولي: « إنّ غضب الله عليّ، إن كان من الصّادقين ». فإذا قالت ذلك، فرّق الحاكم بينهما، ولا تحلّ له أبدا، وكان عليها العدة من وقت لعانها.

ومتى نكل الرّجل عن اللّعان قبل استكمال الشّهادات، كان عليها الحدّ حسب ما قدّمناه. فإن أكذب نفسه بعد مضيّ اللّعان، لم يكن عليه شي‌ء، ولا ترجع إليه امرأته. وإن اعترف بالولد قبل انقضاء اللّعان، ألحق به، وورثه أبوه، وهو يرث أباه، وكان عليه الحدّ. فإن اعترف به بعد مضيّ اللّعان، ألحق به، ويرثه ولده، وهو لا يرث ابنه، ويكون ميراث الابن لأمّه أو لمن يتقرّب إليه من جهة الأمّ دون الأب ومن يتقرّب إليه به، وكان عليه الحدّ على ما روي في بعض الرّوايات. والأظهر ما ذكرناه أوّلا: أنّه لا حدّ عليه بعد مضيّ اللعان.

ومتى نكلت المرأة عن اللّعان قبل استيفاء الشّهادات، كان عليها الرّجم. فإن اعترفت بالفجور بعد مضيّ اللّعان،

٥٢١

لم يكن عليها شي‌ء. إلّا أن تقرّ أربع مرّات على نفسها بالفجور فإذا أقرّت أربع مرّات: أنّها زنت في حال إحصانها، كان عليها الرّجم. وإن كانت غير محصنة، كان عليها الحدّ مائة جلدة.

ومتى قذف الرّجل امرأته بالزّنا، ولم يدّع المشاهدة مثل الميل في المكحلة، لم يثبت بينهما لعان، وكان عليه حدّ المفتري. وكذلك إن قال لها: « يا زانية » أو « قد زنيت »، ولم يقم بذلك بيّنة أربعة شهود، كان عليه حدّ المفتري. وإن قال: « وجدت معها رجلا في إزار، ولا أدري ما كان بينهما »، عزّر وأدّب، ولم يفرّق بينهما.

ومتى قذفها بالفجور، وادّعى المشاهدة، وهي في حباله، أو يكون قد طلّقها طلاقا يملك فيه رجعتها، ثبت بينهما لعان. فإن قذفها بعد انقضاء عدّتها، أو في عدّة لا رجعة له عليها فيها، لم يثبت بينهما لعان، وكان عليه حدّ المفتري.

وإذا قذف امرأته بما يجب فيه الملاعنة، وكانت خرساء أو صمّاء لا تسمع شيئا، فرّق بينهما، وجلد الحدّ، إن قامت عليه بيّنة. وإن لم تقم به بيّنة، لم يكن عليه حدّ، ولم تحلّ له أبدا، ولم يثبت أيضا بينهما لعان.

ولا يكون اللّعان بين الرّجل وامرأته إلّا بعد الدّخول بها. فإن قذفها قبل الدّخول بها، كان عليه الحدّ، وهي امرأته،

٥٢٢

لا يفرّق بينهما.

وإذا كان الزّوج مملوكا والمرأة حرّة، أو يكون الرّجل حرّا والمرأة مملوكة أو يهوديّة أو نصرانيّة، ثبت بينهما اللّعان. فإن كانت له أمة يطأها بملك اليمين، لم يكن بينهما لعان، وهو أبصر بشأنه معها.

وإن كانت الزّوجة متعة، فلا لعان بينهما.

وإذا انتقى الرّجل من ولد امرأة حامل منه، جاز له أن يتلاعنا، إلّا أنّها إن اعترفت ونكلت عن الشّهادات، لم يقم عليها الحدّ إلّا بعد وضع ما في بطنها.

وإذا طلّق الرّجل امرأته قبل الدّخول بها، فادّعت عليه أنّها حامل منه، فإن أقامت البيّنة أنّه أرخى سترا، وخلا بها، ثمَّ أنكر الولد، لاعنها، ثمَّ بانت منه، وعليه المهر كملا.

وإن لم تقيم بذلك بيّنة، كان عليه نصف المهر، ووجب عليها مائة سوط بعد أن يحلف بالله تعالى أنّه ما دخل بها.

وإذا قذف الرّجل امرأته، فترافعا الى الحاكم، فماتت المرأة قبل أن يتلاعنا، فإن قام رجل من أهلها مقامها، فلاعنه، فلا ميراث له. وإن أبى أحد من أوليائها أن يقوم مقامها، أخذ الزّوج الميراث، وكان عليه الحدّ ثمانين سوطا.

وإذا قذف امرأته بعد مضيّ اللّعان بينهما، كان عليه حدّ القاذف. وإذا قال لامرأته: لم أجدك عذراء، لم يكن عليه الحدّ

٥٢٣

تامّا، وكان عليه التّعزير.

وأمّا المرتدّ عن الإسلام، فعلى ضربين: فإن كان مسلما ولد على فطرة الإسلام، فقد بانت امرأته في الحال، وقسم ماله بين ورثته، ووجب عليه القتل من غير أن يستتاب، وكان على المرأة منه عدّة المتوفّى عنها زوجها.

وإن كان المرتدّ ممّن كان قد أسلم عن كفر، ثمَّ ارتدّ، استتيب فإن عاد إلى الإسلام، كان العقد ثابتا بينه وبين امرأته. وإن لم يرجع، كان عليه القتل. ومتى لحق هذا المرتدّ بدار الحرب، ثمَّ رجع الى الإسلام قبل انقضاء عدّة، المرأة، وهي ثلاثة أشهر، كان أملك بها. فإن رجع بعد انقضاء عدّتها، لم يكن له عليها سبيل. وإن مات الرّجل، وهو مرتدّ قبل انقضاء العدّة، ورثته المرأة، وكان عليها عدّة المتوفّى عنها زوجها. وإن ماتت هي، لم يرثها الزّوج وهو مرتدّ عن الإسلام.

باب الظهار والإيلاء

الظّهار هو قول الرّجل لامرأته: أنت عليّ كظهر أمي أو بنتي أو أختي أو عمّي أو خالتي، أو يذكر بعض المحرّمات عليه، وتكون المرأة طاهرا طهرا لم يقربها فيه بجماع، ويشهد على ذلك رجلين مسلمين، ويقصد بذلك التّحريم. فإذا فعل ذلك، حرم عليه وطؤها، ولا تحلّ له ذلك حتّى يكفّر ومتى اختلّ

٥٢٤

واحد من هذه الشرائط التي ذكرناها، فإنّه لا يقع ظهار.

ثمَّ إنّه ينقسم قسمين: قسم منه يجب فيه الكفّارة قبل المواقعة. والثّاني لا تجب فيه الكفّارة إلّا بعد المواقعة.

فالقسم الأوّل هو أنّه إذا تلفّظ بالظّهار على ما قدّمناه، ولا يعلّقه بشرط، فإنّه يجب عليه الكفّارة قبل مواقعتها. فإن واقعها قبل أن يكفّر، كان عليه كفّارة أخرى.

والضّرب الثّاني لا تجب فيه الكفّارة إلّا بعد أن يفعل ما شرط أنّه لا يفعله أو يواقعها. فمتى واقعها، كانت عليه كفّارة واحدة. فإن كفّر قبل أن يواقع، ثمَّ واقع، لم يجزه ذلك عن الكفّارة الواجبة بعد المواقعة، وكان عليه إعادتها. ومتى فعل ما ذكر أنّه لا يفعله، وجبت عليه الكفّارة أيضا قبل المواقعة. فإن واقعها بعد ذلك، كان عليه كفّارة أخرى، إذا فعل ذلك متعمّدا، فإن فعله ناسيا، لم يكن عليه أكثر من كفّارة واحدة.

والكفّارة عتق رقبة. فإن لم يجده، كان عليه صيام شهرين متتابعين. فإن لم يستطع، كان عليه إطعام ستّين مسكينا والصّوم لا يجزيه إلّا بعد العجز عن الرّقبة. وكذلك الإطعام لا يجزيه إلّا بعد العجز عن الصّوم. فإن عجز عن ذلك كلّه، لم يجز له أن يطأ المرأة، وجاز له المقام معها.

فإن طلبت مفارقته، ورفعته الى الحاكم، أجّله ثلاثة أشهر. فإن كفّر، وإلّا ألزمه طلاقها إذا كان متمكّنا من الكفّارة.

٥٢٥

فإن لم يكن متمكّنا منها، لم يلزم الطّلاق. فإن طلّق المظاهر امرأته قبل أن يكفّر، سقطت عنه الكفّارة. فإن راجعها قبل أن تخرج من العدّة، لم يجز له وطؤها حتّى يكفّر. فإن خرجت من العدّة، ثمَّ عقد عليها عقدا مستأنفا، لم تكن عليها كفّارة، وجاز له وطؤها.

ومتى ظاهر الرّجل من امرأته مرّة بعد أخرى، كان عليه بعدد كلّ مرّة كفّارة. فإن عجز عن ذلك لكثرته، فرّق الحاكم بينه وبين امرأته. وكذلك إن ظاهر الرّجل من نساء له جماعة بكلام واحد، كان عليه عن كلّ واحدة منهنّ كفّارة، ولم يجز له وطؤ واحدة منهنّ.

وإذا حلف الرّجل بالظّهار، لم يلزمه حكمه. وإذا قال الرّجل: أنت عليّ كيد أمّي أو كرجلها أو شعرها أو شي‌ء من أعضائها، وقصد بذلك الظّهار، لزمه حكمه. ولا يقع ظهار على الإكراه، ولا على الإجبار، ولا على الغضب، ولا في حال السّكر، ولا في إضرار.

وعلى الرّجل أن يكفّر بعدد كلّ مرّة يواقعها كفّارة، إذا كان لم يكفّر قبل المواقعة. والظّهار لا يقع إلّا على المدخول بها.

ومتى أراد أن يصوم في كفّارة ظهار، كان عليه أن يصوم شهرين متتابعين. فإن صام شهرا، وصام من الشّهر الثّاني شيئا، جاز له أن يفرّق ما بقي عليه. وإن لم يصم من الثّاني شيئا،

٥٢٦

وأفطر، وجب عليه استيناف الصّيام.

ومتى أفطر قبل أن يصوم شهرا لمرض، جاز له البناء عليه. ومتى دخل في الصّوم، ثمَّ قدر على الرّقبة، جاز له البناء على الصّوم وإتمامه. ويستحبّ له أن يترك الصّوم. ويعتق الرّقبة. ومتى عجز عن إطعام ستّين مسكينا، صام ثمانية عشر يوما. فإن عجز عن ذلك أيضا، كان حكمه ما قدّمناه من أنّها يحرم عليه وطؤها إلى أن يكفّر.

والإطعام يكون لكل رجل نصف صاع، وهو مدّان، أربعة أرطال ونصف بالعراقيّ.

والظّهار يقع بالحرّة والأمة، سواء كانت الأمة زوجة أو موطوءة بملك يمين، في أنّه متى ظاهر منها، لم يجز له وطؤها، إلّا بعد الكفّارة. والعبد إذا ظاهر من امرأته، كان ظهاره واقعا، إلّا أنّه لا يجب عليه من الكفّارة إلّا الصّوم. والصّوم عليه شهر واحد، لا أكثر منه.

وأمّا الإيلاء فهو أن يحلف الرّجل بالله تعالى ألّا يجامع زوجته، ثمَّ أقام على يمينه. فإذا فعل ذلك، كانت المرأة بالخيار: إن شاءت صبرت عليه أبدا، وإن شاءت خاصمته الى الحاكم. فإن استعدت عليه، أنظره الحاكم بعد رفعها إليه أربعة أشهر، ليراجع نفسه ويرتئي في أمره. فإن كفر عن يمينه، وراجع زوجته، فلا حقّ لها عليه. وإن أقام على عضلها والامتناع من

٥٢٧

وطيها، خيّره الحاكم بين أن يكفّر ويعود الى زوجته أو يطلّق. فإن أبى الرّجوع والطّلاق جميعا، وأقام على الإضرار بها، حبسه الحاكم في حظيرة من قصب وضيّق عليه في المطعم والمشرب حتّى يفي‌ء إلى أمر الله، ويرجع الى زوجته أو يطلّقها. فإن طلّقها، كان عليها العدّة من يوم طلّقها، وهو أملك برجعتها ما لم تخرج من العدّة. فإن خرجت من عدّتها، لم يكن له عليها رجعة.

ولا يكون الإيلاء إلّا بأسماء الله تعالى. ومتى آلى بغير اسم الله تعالى، أو حلف بالطّلاق أو العتاق وما أشبه ذلك: إلّا يطأ زوجته، فليرجع إليها وليطأها، وليس عليه كفّارة. ومتى آلى ألّا يقرب زوجته وهي مرضعة، خوفا من حملها، فيضر ذلك بالولد، لم يلزمه الحاكم حكم الإيلاء، لأنّه حلف في صلاح. ولا يقع الإيلاء إلّا بعد الدّخول بها. فإن آلى قبل الدّخول بها، لم يكن له تأثير. والمتمتّع بها، لا يقع بها إيلاء على حال. وإذا ادّعت المرأة على الرّجل أنّه لا يقربها، وزعم الرّجل أنّه يقربها، كان عليه اليمين بالله تعالى أنّ الأمر على ما قال، ويخلّي بينه وبينها وليس عليه شي‌ء.

باب الخلع والمبارأة والنشوز والشقاق

الخلع والمبارأة ممّا يؤثّران في كيفيّة الطّلاق. وهو أنّ كلّ واحد منهما متى حصل مع الطّلاق، كانت التّطليقة بائنة.

٥٢٨

والفرق بينهما أن الخلع لا يكون إلّا بشي‌ء من جهة المرأة خاصّة. والمبارأة تكون من جهة المرأة والرّجل معا، ولا يختصّ ذلك واحدا منهما دون الآخر.

وإنّما يجب الخلع إذا قالت المرأة لزوجها: إنّي لا أطيع لك أمرا، ولا أقيم لك حدّا، ولا أغتسل لك من جنابة، ولأوطئنّ فراشك من تكرهه إن لم تطلّقني. فمتى سمع منها هذا القول، أو علم من حالها عصيانه في شي‌ء من ذلك، وإن لم تنطق به وجب عليه خلعها.

فإذا أراد خلعها، اقترح عليها شيئا معلوما تعطيه، سواء كان ذلك مثل المهر الذي أعطاها، أو أكثر منه، أو أنقص، حسب ما يختاره. أيّ ذلك فعل، جاز، وحلّ له ما يأخذ منها.

فإذا تقرّر بينهما على شي‌ء معلوم، طلّقها بعد ذلك، وتكون تطليقة بائنة لا يملك فيها رجعتها. اللهمّ إلّا أن ترجع المرأة فيما بذلته من مالها. فإن رجعت في شي‌ء من ذلك، كان له الرّجوع أيضا في بعضها ما لم تخرج من العدّة. فإن خرجت من العدّة، ثمَّ رجعت في شي‌ء ممّا بذلته، لم يلتفت إليها، ولم يكن له أيضا عليها رجعة. فإن أراد مراجعتها قبل انقضاء عدّتها، إذا لم ترجع هي فيما بذلته أو بعد انقضائها، كان ذلك بعقد مستأنف ومهر جديد.

والخلع لا يقع، إلّا أن تكون المرأة طاهرا طهرا لم يقربها

٥٢٩

فيه بجماع، أو تكون غير مدخول بها، أو يكون غائبا عنها زوجها المدّة التي قدّمناها، أو لم تكن قد بلغت مبلغ النّساء، أو تكون قد أيست من المحيض. وإن مات الرّجل أو المرأة بعد الخلع قبل انقضاء العدّة، لم يقع بينهما توارث، لأنّه قد انقطعت العصمة بينهما.

وامّا المبارأة فهي ضرب من الخلع، إلّا أنّه تكون الكراهة من جهة الرّجل والمرأة من كلّ واحد منهما لصاحبه. فمتى عرفا ذلك من حالهما، أو قالت المرأة لزوجها: أنا كرهت المقام معك وأنت أيضا قد كرهت المقام معي فبارئني، أو يقول الرّجل: مثل ذلك على أن تعطيني كيت وكيت، أو تتركي عليّ بعض المهر، ويقترح عليها شيئا معلوما، ويكون ذلك دون المهر الذي أعطاها، ولا يكون أكثر منه، فإذا بذلت من نفسها ذلك، طلّقها حينئذ تطليقة واحدة للسّنة بشرائط الطّلاق، وتكون التّطليقة بائنة لا رجعة له عليها، إلّا أن ترجع في شي‌ء ممّا وهبته له. فإن رجعت في شي‌ء من ذلك، كان له أيضا الرّجوع في بعضها ما لم تخرج من العدّة. فإن خرجت من عدّتها، لم يكن لأحدهما على الآخر سبيل، إلّا بعقد مستأنف ومهر جديد.

وأمّا النّشوز فهو أن يكره الرّجل المرأة، وتريد المرأة المقام معه، وتكره مفارقته، ويريد الرّجل طلاقها، فتقول له: لا تفعل، إنّي أكره أن تشمت بي، ولكن انظر ليلتي، فاصنع

٥٣٠

فيها ما شئت، وما كان سوى ذلك من نفقة وغيرها فهو لك، وأعطيك أيضا من مالي شيئا معلوما، ودعني على حالتي، فلا جناح عليهما أن يصالحا بينهما على هذا الصّلح.

وامّا الشّقاق فهو أنّه إذا كره كلّ واحد من الزّوجين الآخر، ووقع بينهما الخصومة، ولا يصطلحان لا على المقام ولا على الطّلاق، فلا بأس أن يبعث الرّجل حكما من أهله، وتبعث المرأة حكما من أهلها، ويجعلا الأمر إليهما على ما يريان من الصّلاح. فإن رأيا من الصّلاح الجمع بينهما، جمعا، ولم يستأذنا، ولم يكن لهما مخالفتهما. وإن رأيا من الصّلاح التّفريق بينهما، لم يفرّقا حتّى يستأذنا، فإذا استأذناهما، ورضيا بالطّلاق، فرّقا بينهما. وإن رأى أحد الحكمين التّفريق والآخر الجمع، لم يكن لذلك حكم حتّى يصطلحا على أمر واحد: إما جمع أو تفريق.

باب العدد وأحكامها

إذا طلّق الرّجل زوجته قبل الدّخول بها، لم يكن عليها منه عدّة، وحلّت للأزواج في الحال. وإن قد كان فرض لها المهر، كان عليه نصف ما فرض لها. وإن لم يكن سمّى لها مهرا، كان عليه أن يمتّعها على قدر حاله: إن كان موسرا، بجارية أو ثوب تبلغ قيمته خمسة دنانير فصاعدا، وإن كان متوسّطا، فبما بين

٥٣١

الثّلاثة دنانير الى ما زاد عليها، وإن كان معسرا، بخاتم وما أشبهه أو دينار فما زاد عليه. وتعتبر المتعة على ما جرت به عادة أمثال ذلك الرّجل وأمثال تلك المرأة في المتعة.

وإذا دخل بها، ثمَّ أراد طلاقها، فإن كانت لم تبلغ المحيض، ومثلها لا تحيض، وحدّ ذلك ما دون التّسع سنين، لم يكن عليها منه عدّة، ووجب عليه المهر كملا، إذا سمّى لها المهر. وإن لم يكن قد سمّى المهر، كان عليه مثل مهر نسائها، ولا يجاوز خمسمائة درهم. وإن كانت لا تحيض، ومثلها تحيض، كان عليها أن تعتدّ بثلاثة أشهر. فإذا مضت، فقد بانت منه، وملكت نفسها. وإن كانت ممّن تحيض حيضا مستقيما، كان عليها أن تعتدّ بثلاثة أقراء، وهي الأطهار. فإذا رأت الدّم من الحيضة الثّالثة، فقد ملكت نفسها، ولم يكن له عليها سبيل، إلّا أنّه لا يجوز لها أن تتزوّج إلّا بعد أن تطهر من حيضها وتغتسل. فإن عقدت على نفسها قبل الغسل، كان العقد ماضيا غير أنّها تكون تاركة فضلا. ولا يجوز لها أن تمكّن الزّوج من نفسها إلّا بعد الغسل. وإذا مات الرّجل أو المرأة قبل أن تنقطع العصمة بينهما، فإنّه يرث كلّ واحد منهما صاحبه.

وإذا كانت المرأة مسترابة، فإنّها تراعي الشّهور والحيض. فإن مرّت بها ثلاثة أشهر بيض لم تر فيها دما، فقد بانت منه بالشّهور. وإن مرّت بها ثلاثة أشهر إلّا يوما، ثمَّ رأت الدّم،

٥٣٢

كان عليها أن تعتدّ بالأقراء. فإن تأخّرت عنها الحيضة الثّانية، فلتصبر من يوم طلّقها الى تمام التّسعة أشهر. فإن لم تر دما، فلتعتدّ بعد ذلك بثلاثة أشهر، وقد بانت منه. وإن رأت الدّم فيما بينها وبين التسعة أشهر ثانيا، واحتبس عليها الدّم الثّالث، فلتصبر تمام السّنة، ثمَّ تعتدّ بعد ذلك بثلاثة أشهر تمام الخمسة عشر شهرا، وقد بانت منه. وأيّهما مات ما بينه وبين الخمسة عشر شهرا، ورثه صاحبه.

وإذا حاضت المرأة حيضة واحدة، ثمَّ ارتفع حيضها، وعلمت أنّها لا تحيض بعد ذلك، فلتعتدّ بعد ذلك بشهرين، وقد بانت منه.

وإذا كانت المطلّقة مستحاضة، وتعرف أيّام حيضها، فلتعتدّ بالأقراء. وإن لم تعرف أيّام حيضها، اعتبرت صفة الدّم، واعتدّت أيضا بالأقراء. فإن اشتبه عليها دم الحيض بدم الاستحاضة، ولم يكن لها سبيل الى الفرق بينهما، اعتبرت عادة نسائها في الحيض، فتعتدّ على عادتهنّ في الأقراء. فإن لم تكن لها نساء. أو كنّ مختلفات العادة، اعتدّت بثلاثة أشهر، وقد بانت منه.

ومتى كانت المرأة لها عادة بالحيض في حال الاستقامة، ثمَّ اضطربت أيّامها، فصارت مثلا بعد أن كانت تحيض كلّ شهر لا تحيض إلّا في شهرين أو في ثلاثة أو فيما زاد عليه، فلتعتدّ

٥٣٣

بالأقراء على ما جرت به عادتها في حال الاستقامة، وقد بانت منه وإذا كانت المرأة لا تحيض إلّا في ثلاث سنين أو أربع سنين مرّة واحدة، وكان ذلك عادة لها، فلتعتدّ بثلاثة أشهر، وقد بانت منه، ليس عليها أكثر من ذلك.

وإذا طلّقها، وكانت حاملا، فعدّتها أن تضع حملها، وإن كان بعد الطّلاق بلا فصل، وحلّت للأزواج، سواء كان ما وضعته سقطا أو غير سقط، تامّا أو غير تامّ. وإن كانت حاملا باثنين ووضعت واحدا، فقد ملكت نفسها، غير أنّه لا يجوز لها أن تعقد على نفسها، إلّا بعد وضع جميع ما في بطنها.

فإن ارتابت بالحمل بعد أن طلّقها، أو ادّعت ذلك، صبر عليها تسعة أشهر، ثمَّ تعتدّ بعد ذلك ثلاثة أشهر، وقد بانت منه فإن ادّعت بعد انقضاء هذه المدّة حملا، لم يلتفت الى دعواها، وكانت باطلة.

وإذا طلّق الرّجل امرأته طلاقا يملك فيه رجعتها، فلا يجوز له أن يخرجها من بيته، ولا لها أن تخرج إلّا أن تأتي بفاحشة مبيّنة. والفاحشة أن تفعل ما يجب فيه عليها الحدّ. فإذا فعلت ذلك، أخرجت، وأقيم عليها الحدّ. وقد روي أنّ أدنى ما يجوز له معه إخراجها: أن تؤذي أهل الرّجل. فإنّها متى فعلت ذلك، جاز له إخراجها. ومتى اضطرّت المرأة إلى الخروج، أو أرادت

٥٣٤

قضاء حقّ، فلتخرج بعد نصف اللّيل، ولترجع الى بيتها قبل الصّبح.

وإذا كانت عليها حجّة الإسلام، جاز لها أن تخرج فيها غير أن يأذن لها زوجها. فإن أرادت أن تحجّ تطوّعا، فلا يجوز لها ذلك، إلّا بعد انقضاء عدّتها، اللهمّ إلّا أن يأذن لها الزّوج في الخروج اليه.

ومتى كانت التّطليقة بائنة لا يملك فيها الرّجعة، جاز له إخراجها في الحال، ولا تلزمه أيضا نفقتها. اللهمّ إلّا أن تكون حاملا، فتلزمه النّفقة عليها، حتّى تضع ما في بطنها. وإذا لم تكن حاملا، لزمته النّفقة عليها، ما دام له عليها رجعة. فإذا انقطعت العصمة، سقطت عنه النّفقة على كلّ حال.

وإذا طلّقها وهي آيسة من المحيض، ومثلها تحيض، كان عدّتها ثلاثة أشهر. وإن كانت آيسة من المحيض، ومثلها لا تحيض، فليس عليها منه عدّة، وبانت في الحال، وحلّت للأزواج.

والحرّة إذا كانت تحت مملوك، فعدّتها مثل عدّتها، إذا كانت تحت حرّ، لا يحتلف الحكم فيه.

والأمة إذا كانت تحت حرّ، وطلّقها، فعدّتها قرءان إن كانت ممّن تحيض. وإن كانت ممّن لا تحيض، ومثلها تحيض فعدّتها خمسة وأربعون يوما. فإن طلّقها طلاقا يملك فيه

٥٣٥

الرّجعة، ثمَّ أعتقت، وجب عليها أن تعتدّ عدّة الحرّة. وإن كانت التّطليقة بائنة، فعدّتها عدّة الأمة حسب ما قدّمناه.

والمتمتّع بها إذا انقضى أجلها، فعدّتها قرءان. وإن كانت ممّن لا تحيض، ومثلها تحيض، فعدّتها خمسة وأربعون يوما.

وعدّة المتوفّى عنها زوجها، أربعة أشهر وعشرة أيّام، إذا كانت حرّة، سواء كانت زوجة على طريق الدّوام أو متمتّعا بها، وسواء دخل بها الرّجل أو لم يدخل. وان كانت أمة، فإن كانت أمّ ولد لمولاها، فعدّتها أيضا مثل عدّة الحرّة، أربعة أشهر وعشرة أيّام، وإن كانت مملوكة ليست أمّ ولد، فعدّتها شهران وخمسة أيّام.

فإن طلّقها الرّجل، ثمَّ مات عنها، فإن كان طلاقا يملك فيه رجعتها، كان عدّتها أربعة أشهر وعشرة أيام، إذا كانت أمّ ولد، وإن لم تكن أمّ ولد، كانت عدّتها شهرين وخمسة أيّام حسب ما قدّمناه، وإن لم يملك رجعتها، فعدّتها عدّة المطلّقة حسب ما قدّمناه.

وإذا مات عنها زوجها، ثمَّ عتقت، كان عدّتها أربعة أشهر وعشرة أيّام. وكذلك إن كانت الأمة يطؤها بملك يمين وأعتقها بعد وفاته، كان عليها أن تعتدّ أربعة أشهر وعشرة أيّام فإن أعتقها في حال حياته، كان عدّتها ثلاثة قروء، أو ثلاثة أشهر حسب ما قدّمناه.

٥٣٦

وإذا طلّق الرّجل زوجته الحرّة، ثمَّ مات عنها، فإن كان طلاقا يملك فيه الرّجعة، فعدّتها أبعد الأجلين: أربعة أشهر وعشرة أيّام، وإن لم يملك رجعتها، كان عدّتها عدّة المطلّقة.

وإن مات الرّجل عن زوجته وهي حامل، فعدّتها أيضا أبعد الأجلين. فإن وضعت قبل انقضاء أربعة أشهر وعشرة أيّام، كان عليها أن تستوفي تمام ذلك. وإن مضى بها المدّة المذكورة، ولم تضع ما في بطنها، فعليها أن تعتدّ الى أن تضع ما في بطنها.

ولا نفقة للتي مات عنها زوجها من تركة الرّجل. فإن كانت حاملا أنفق عليها من نصيب ولدها الذي في بطنها. ويجوز لها أن تبيت في الدّار التي مات فيها زوجها حيث شاءت.

وعليها الحداد إذا كانت حرّة. فإن كانت أمة لم يكن عليها حداد.

والحداد هو ترك الزّينة وأكل ما فيه الرائحة الطيبة وشمّه.

وإذا مات الرّجل غائبا، ثمَّ جاء نعيه إلى المرأة، وجب عليها أن تعتدّ من يوم يبلغها الخبر، لأنّ عليها الحداد.

وإذا طلّقها، وهو غائب، فلتعتدّ من يوم طلّقها، ويكون عدّتها بالشهور ثلاثة أشهر. فإن كان قد انقضى ثلاثة أشهر من يوم طلّقها، جاز لها أن تتزوّج في الحال. وإن لم يكن قد انقضى ذلك، كان عليها أن تستوفي المدّة، وقد بانت منه. هذا إذا قامت البيّنة لها على أنّه طلّقها في يوم معلوم. فإن لم

٥٣٧

تقم لها بيّنة بأكثر من أنّه طلّقها، كان عليها أن تعتدّ من يوم يبلغها.

وعدّة اليهوديّة والنّصرانيّة مثل عدّة الحرّة المسلمة إذا مات عنها زوجها: أربعة أشهر وعشرة أيّام.

وإذا غاب الرّجل عن زوجته غيبة لم يعرف فيها خبره، فالأمر إليها في ذلك: إن صبرت، كان لها، وإن لم تصبر، ورفعت خبرها إلى الإمام، كان عليه أن يلزم وليّه النّفقة عليها. فإن أنفق، لم يكن لها بعد ذلك خيار، ووجب عليها الصّبر أبدا. وإن لم يكن له وليّ، أو يكون غير أنّه لا يكون في يده مال للغائب فعلى الإمام أن يبعث من يتعرّف خبره في الآفاق، وتصبر أربع سنين.

فإن وجد له خبر، لم يكن لها سبيل الى التّزويج، وكان على الإمام أن ينفق عليها من بيت المال. وإن لم يعرف له خبر بعد أربع سنين، من يوم رفعت أمرها الى الإمام، اعتدّت من الزّوج عدّة المتوفّى عنها زوجها، ثمَّ لتتزوّج إن شاءت. فإن جاء زوجها كان أملك بها ما لم تخرج من العدّة، أو تكون قد خرجت، غير أنها لم تكن قد تزوّجت. فإن كانت تزوّجت بعد انقضاء عدّتها، فلا سبيل للأوّل عليها، وكانت زوجة للثّاني.

٥٣٨

كتاب العتق والتدبير والمكاتبة

باب من يصح ملكه ومن لا يصح ومن إذا ملك انعتق اما في الحال أو فيما بعده من غير أن يعتقه صاحبه

كلّ من أقرّ على نفسه بالعبوديّة، وكان بالغا، أو قامت البيّنة على عبوديّته، وإن لم يكن بلغ، جاز تملّكه، والتصرّف بالبيع والشّراء والهبة وما أشبهها.

وكلّ من خالف الإسلام من سائر أصناف الكفّار يصحّ استرقاقهم، ثمَّ هم ينقسمون قسمين:

قسم منهم تقبل منهم الجزية، ويقرّون على دينهم وأحكامهم ويعفون من الاسترقاق، وهم أهل الكتاب: اليهود والنّصارى. والمجوس حكمهم حكم أهل الكتاب. فإن امتنعوا من قبول الجزية، قتلوا، وسبي ذراريّهم، واسترقّوا.

ومن عدا أهل الكتاب لا يقبل منهم إلّا الإسلام. فإن امتنعوا كان الحكم فيهم القتل واسترقاق الذّراريّ.

ولا بأس باسترقاق جميع أصناف الكفّار، وإن سباهم أهل الفسق والضّلال.

٥٣٩

وكذلك لا بأس أن يشتري الإنسان ممّا يسبي بعض الكفّار من بعض.

ولا بأس أيضا أن يشتري من الكافر بعض أولاده أو زوجته أو أحد ذوي أرحامه، ويكون ذلك حلالا له، ويسوغ له التّصرّف فيه بالبيع والهبة والوطي وغير ذلك.

وإذا كان العبد ممّا يباع في أسواق المسلمين فلا بأس بشرائه. فإن ادّعى أنّه حرّ، لم يقبل قوله إلّا ببيّنة عادلة.

ومتى ملك الإنسان أحد والديه، أو ولده ذكرا كان أو أنثى، أو أخته أو عمّته أو خالته، أو واحدة من المحرّمات عليه في النّكاح من ذوي أرحامه، انعتقوا في الحال، ولم يثبت لهم معه استرقاق على حال.

ولا بأس أن يملك أخاه أو ابن أخيه أو ابن أخته أو عمّه أو خاله وغيرهم من الرّجال، إلّا أنّه يستحبّ له إذا ملك واحدا من ذوي أرحامه أن يعتقهم.

وكلّ من ذكرناه من المحرّمات من جهة النسب، وأنّه لا يثبت استرقاقهم، فإنّه لا يثبت استرقاقهم، إذا كانوا من جهة الرّضاع، وهم الأبوان والولد والأخت والعمّة والخالة. ومن عدا هؤلاء، فلا بأس باسترقاقهم على جميع الوجوه.

والمملوك إذا عمي أو جذم أو أقعد أو نكّل به صاحبه أو مثّل به، انعتق في الحال، ولا سبيل لصاحبه عليه.

٥٤٠

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793