النهاية الجزء ١

النهاية10%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الجزء ١ المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225291 / تحميل: 6344
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

لم يكن جيش فرعون مانعا من العذاب الإلهي ، ولم تكن سعة مملكتهم وأموالهم وثراؤهم سببا لرفع هذا العذاب ، ففي النهاية أغرقوا في أمواج النيل المتلاطمة إذ أنّهم كانوا يتباهون بالنيل ، فبماذا تفكرون لأنفسكم وأنتم أقل عدّة وعددا من فرعون وأتباعه وأضعف؟! وكيف تغترون بأموالكم وأعدادكم القليلة؟!

«الوبيل» : من (الوبل) ويراد به المطر الشديد والثقيل ، وكذا يطلق على كل ما هو شديد وثقيل بالخصوص في العقوبات ، والآية تشير إلى شدّة العذاب النازل كالمطر.

ثمّ وجه الحديث إلى كفّار عصر بنيّ الإسلامصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويحذرهم بقوله :( فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً ) (١) (٢) .

بلى إنّ عذاب ذلك اليوم من الشدّة والثقيل بحيث يجعل الولدان شيبا ، وهذه كناية عن شدّة ذلك اليوم.

هذا بالنسبة لعذاب الآخرة ، وهناك من يقول : إنّ الإنسان يقع أحيانا في شدائد العذاب في الدنيا بحيث يشيب منها الرأس في لحظة واحدة.

على أي حال فإنّ الآية تشير إلى أنّكم على فرض أنّ العذاب الدنيوي لا ينزل عليكم كما حدث للفراعنة؟ فكيف بكم وعذاب يوم القيامة؟

في الآية الاخرى يبيّن وصفا أدقّ لذلك اليوم المهول فيضيف :( السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً ) .

إنّ الكثير من الآيات الخاصّة بالقيامة وأشراط الساعة تتحدث عن

__________________

(١) يوما مفعول به لتتقون ، و «تتقون» ذلك اليوم يراد به تتقون عذاب ذلك اليوم ، وقيل (يوم) ظرف لـ (تتقون) أو مفعول به لـ (كفرتم) والاثنان بعيدان.

(٢) «شيب» جمع (أشيب) ويراد به المسن ، وهي من أصل مادة شيب ـ على وزن عيب ـ والمشيب يعني تغير لون الشعر إلى البياض.

١٤١

انفجارات عظيمة وزلازل شديدة ومتغيرات سريعة ، والآية أعلاه تشير إلى جانب منها.

فما حيلة الإنسان الضعيف العاجز عند ما يرى تفطر السموات بعظمتها لشدّة ذلك اليوم؟!(١)

وفي النّهاية يشير القرآن إلى جميع التحذيرات والإنذارات السابقة فيقول تعالى :( إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ ) .

إنّكم مخيرون في اختيار السبيل ، فمن شاء اتّخذ إلى ربّه سبيلا ، ولا فضيلة في اتّخاذ الطريق إلى الله بالإجبار والإكراه ، بل الفضيلة أن يختار الإنسان السبيل بنفسه وبمحض إرادته.

والخلاصة أنّ الله تعالى هدى الإنسان إلى النجدين ، وجعلهما واضحين كالشمس المضيئة في وضح النهار ، وترك الإختيار للإنسان نفسه حتى يدخل في طاعته سبحانه بمحض إرادته ، وقد احتملت احتمالات متعددة في سبب الإشارة إلى التذكرة ، فقد قيل أنّها إشارة إلى المواعظ التي وردت في الآيات السابقة ، وقيل هي إشارة إلى السورة بكاملها ، أو إشارة إلى القرآن المجيد.

ولعلها إشارة إلى إقامة الصلاة وقيام الليل كما جاء في الآيات من السورة ، والمخاطب هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والآية تدل على توسعة الخطاب وتعميمه لسائر المسلمين ، ولهذا فإنّ المراد من «السبيل» في الآية هو صلاة الليل ، والتي تعتبر سبيل خاصّ ومهمّة تهدي إلى الله تعالى ، كما ذكرت في الآية (٢٦) من سورة الدهر بعد أن أشير إلى صلاة الليل بقوله تعالى :( وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً ) .

ويقول بعد فاصلة قصيرة :( إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً )

__________________

(١) «المنفطر» : من الانفطار بمعنى الإنشقاق ، والضمير (به) يعود لليوم ، والمعنى السماء منشقة بسبب ذلك اليوم والسماء جائزة للوجهين أي أنّه تذكر وتؤنث.

١٤٢

وهي بعينها الآية التي نحن بصدد البحث فيها(١) .

وبالطبع هذا التّفسير مناسب ، والأنسب منه أن تكون الآية ذات مفهوم أوسع حيث تستوعب هذه السورة جميع مناهج صنع الإنسان وتربيته كما أشرنا إلى ذلك سابقا.

* * *

ملاحظة

المراحل الأربع للعذاب الإلهي

الآيات السابقة تهدد المكذبين المغرورين بأربعة أنواع من العذاب الأليم : النكال ، الجحيم ، الطعام ذو الغصّة ، والعذاب الأليم ، هذه العقوبات في الحقيقة هي تقع في مقابل أحوالهم في هذه الحياة الدنيا.

فمن جهة كانوا يتمتعون بالحرية المطلقة.

الحياة المرفهة ثانيا.

لما لهم من الأطعمة السائغة من جهة ثالثة.

والجهة الرابعة لما لهم من وسائل الراحة ، وهكذا سوف يجزون بهذه العقوبات لما قابلوا هذه النعم بالظلم وسلب الحقوق والكبر والغرور والغفلة عن الله تعالى.

* * *

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ١٤٧.

١٤٣

الآية

( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠) )

التّفسير

فاقرؤوا ما تيسر من القرآن :

هذه الآية هي من أطول آيات هذه السورة وتشتمل على مسائل كثيرة ، وهي مكملة لمحتوى الآيات السابقة ، وهناك أقوال كثيرة للمفسّرين حول ما إذا كانت

١٤٤

هذه الآية ناسخة لحكم صدر السورة أم لا ، وكذلك في مكّيتها أو مدنيتها ، ويتّضح لنا جواب هذه الأسئلة بعد تفسير الآية.

فيقول تعالى :( إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ ) (١) .

الآية تشير إلى نفس الحكم الذي أمر به الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في صدر السورة من قيام الليل والصلاة فيه ، وما أضيف في هذه الآية هو اشتراك المؤمنين في العبادة مع النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (بصيغة حكم استحبابي أو باحتمال حكم وجوبي لأنّ ظروف صدر الإسلام كانت تتجاوب مع بناء ذواتهم والاستعداد للتبليغ والدفاع عنه بالدروس العقائدية المقتبسة من القرآن المجيد ، وكذا بالعمل والأخلاق وقيام الليل ، ولكن يستفاد من بعض الرّوايات أنّ المؤمنين كانوا قد وقعوا في إشكالات ضبط الوقت للمدة المذكورة (الثلث والنصف والثلثين) ولذا كانوا يحتاطون في ذلك ، وكان ذلك يستدعي استيقاظهم طول الليل والقيام حتى تتورم أقدامهم ، ولذا بني هذا الحكم على التخفيف ، فقال :( عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) .

«لن تحصوه» : من (الإحصاء) وهو عد الشيء ، أي علم أنّكم لا تستطيعون إحصاء مقدار الليل الذي أمرتم بقيامه والإحاطة بالمقادير الثلاثة.

وقال البعض : إنّ معنى الآية أنّكم لا تتمكنون من المداومة على هذا العمل طيلة أيّام السنة ، ولا يتيسر لعامّة المكلّفين إحصاء ذلك لاختلاف الليالي طولا وقصرا ، مع وجود الوسائل التي توقظ الإنسان.

والمراد بـ( فَتابَ عَلَيْكُمْ ) خفف عليكم التكاليف ، وليس التوبة من الذنب ، ويحتمل أنّه في حال رفع الحكم الوجوبي لا يوجد ذنب من الأساس ، والنتيجة

__________________

(١) يجب الالتفات إلى أنّ (نصفه) و (ثلثه) معطوف على أدنى وليس على (ثلثي الليل) فيكون المعنى أنّه يعلم أنّك تقوم بعض الليالي أدنى من ثلثي الليل أو نصفه أو ثلثه ،. كذا الالتفات إلى أن أدنى تقال لما يقرب من الشيء ، وهنا إشارة إلى الزمن التقريبي.

١٤٥

تكون مثل المغفرة الإلهية.

وأمّا عن معنى الآية :( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) فقد قيل في تفسيرها أقوال ، فقال بعضهم : إنّها تعني صلاة الليل التي تتخللها قراءة الآيات القرآنية ، وقال الآخرون : إنّ المراد منها قراءة القرآن ، وإن لم تكن في أثناء الصلاة ، وفسّرها البعض بخمسين آية ، وقيل مائة آية ، وقيل مائتان ، ولا دليل على ذلك ، بل إنّ مفهوم الآية هو قراءة ما يتمكن عليه الإنسان.

وبديهي أنّ المراد من قراءة القرآن هو تعلم الدروس لبناء الذات وتقوية الإيمان والتقوى.

ثمّ يبيّن دليلا آخرا للتخفيف فيضيف تعالى :( عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ ) ، وهذا تخفيف آخر كما قلنا في الحكم ، ولذا يكرر قوله «فاقرؤوا ما تيسر منه» ، والواضح أنّ المرض والأسفار والجهاد في سبيل الله ذكرت بعنوان ثلاثة أمثلة للأعذار الموجهة ولا تعني الحصر ، والمعنى هو أنّ الله يعلم أنّكم سوف تلاقون ، كثيرا من المحن والمشاكل الحياتية ، وبالتالي تؤدي إلى قطع المنهج الذي أمرتم به ، فلذا خفف عليكم الحكم.

وهنا يطرح هذا السؤال ، وهو : هل أنّ هذا الحكم ناسخ للحكم الذي ورد في صدر السورة ، أم هو حكم استثنائي؟ طاهر الآيات يدل على النسخ ، وفي الحقيقة أنّ الغرض من الحكم الأوّل في صدر السورة هو إقامة المنهج العبادي ، وهذا ما حصل لمدّة معينة ثمّ نسخ بعد ذلك بهذه الآية ، وأصبح أخف من ذي قبل ، لأنّ ظاهر الآية يدل على وجود معذورين ، فلذا حفف الحكم على الجميع ، وليس للمعذورين فحسب ، ولذا لا يمكن أن يكون حكما استثنائيا بل هو حكم ناسخ.

ويرد سؤال آخر ، هو : هل أنّ الحكم المذكور بقراءة ما تيسّر من القرآن واجب أم مستحب؟ إنّه مستحب ، واحتمل البعض الآخر الوجوب ، لأنّ قراءة القرآن تبعث على معرفة دلائل التوحيد ، وإرسال الرسل ، وواجبات الدين ، وعلى

١٤٦

هذا الأساس تكون القراءة واجبة.

ولكن يجب الالتفات إلى أنّ الإنسان لا يلزم بقراءة القرآن ليلا أثناء صلاة الليل ، بل يجب على المكلّف أن يقرأ بمقدار ما يحتاجه للتعليم والتربية لمعرفة اصول وفروع الإسلام وحفظه وإيصاله إلى الأجيال المقبلة ، ولا يختص ذلك بزمان ومكان معينين ، والحقّ هو وجوب القراءة لما في ظاهر الأمر (فاقرؤا كما هو مبيّن في اصول الفقه) إلّا أن يقال بقيام الإجماع على عدم الوجوب ، فيكون حينها مستحبا ، والنتيجة هي وجوب القراءة في صدر الإسلام لوجود الظروف الخاصّة لذلك ، واعطي التخفيف بالنسبة للمقدار والحكم ، وظهر الاستحباب بالنسبة للمقدار الميسّر ، ولكن صلاة الليل بقيت واجبة على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيلة حياته (بقرينة سائر الآيات والرّوايات).

ونقرأ في حديث ورد عن الإمام الباقرعليه‌السلام حيث يقول : «... متى يكون النصف والثلث نسخت هذه الآية( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ ) واعلموا أنّه لم يأت نبيّ قط إلّا خلا بصلاة الليل ، ولا جاء نبي قط صلاة الليل في أوّل الليل»(١) .

والملاحظ في الآية ذكر ثلاثة نماذج من الأعذار ، أحدها يتعلق بالجسم (المرض) ، والآخر بالمال (السفر) ، والثالث بالدين (الجهاد في سبيل الله) ، ولذا قال البعض : إنّ المستفاد من الآية هو السعي للعيش بمثابة الجهاد في سبيل الله! وقالوا : إنّ هذه الآية مدنيّة بدليل سياقها في وجوب الجهاد ، إلّا أنّ الجهاد لم يكن في مكّة ، ولكن بالالتفات إلى قوله :( سَيَكُونُ ) يمكن أن تكون الآية مخبرة على تشريع الجهاد في المستقبل ، أي بسبب ما لديكم من الأعذار وما سيكون من الأعذار ، لم يكن هذا الحكم دائميا ، وبهذا الصورة يمكن أن تكون الآية مكّية ولا منافاة في ذلك.

ثمّ يشير إلى أربعة أحكام اخرى ، وبهذه الطريقة يكمل البناء الروحي للإنسان فيقول:( وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما

__________________

(١) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ٤٥١.

١٤٧

تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) .

هذه الأوامر الأربعة (الصلاة ، الزكاة ، القروض المستحبة ، الاستغفار) مع الأمر بالقراءة والتدبر في القران الذي ورد من قبل تشكّل بمجموعها منهجا للبناء الروحي ، وهذا مهم للغاية بالخصوص لمن كان في عصر صدر الإسلام.

والمراد من «الصلاة» هنا الصلوات الخمس المفروضة ، والمراد من «الزكاة» الزكاة المفروضة ومن إقراض الله تعالى هو إقراض الناس ، وهذه من أعظم العبارات المتصورة في هذا الباب ، فإنّ مالك الملك يستقرض بمن لا يملك لنفسه شيئا ، ليرغبهم بهذه الطريقة للإنفاق والإيثار واكتساب الفضائل منها وليتربى ويتكامل بهذه الطريقة.

وذكر «الاستغفار» في آخر هذه الأوامر يمكن أن يكون إشارة إلى هذا المعنى وإيّاكم والغرور إذا ما أنجزتم هذه الطاعات ، وبأنّ تتصوروا بأنّ لكم حقّا على الله ، بل اعتبروا أنفسكم مقصرين على الدوام واعتذروا لله.

ويرى البعض أنّ التأكيد على هذه الأوامر هو لئلا يتصور المسلّم أنّ التخفيف سار على جميع المناهج والأوامر الدينية كما هو الحال في التخفيف الذي امر به النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه في قيام وقراءة القرآن ، بل إنّ المناهج والأوامر الدينية باقية على متانتها وقوّتها(١) .

وقيل إنّ ذكر الزكاة المفروضة في هذه الآية هو دليل آخر على مدنيّة هذه الآية ، لأنّ حكم الزكاة نزل بالمدينة وليس في مكّة ، ولكن البعض قال : إنّ حكم الزكاة نزل في مكّة من غير تعيين نصاب ومقدار لها ، والذي فرض بالمدينة تعيين الأنصاب والمقادير.

* * *

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ١٥٦.

١٤٨

ملاحظات

١ ـ ضرورة الاستعداد العقائدي والثقافي

لغرض إيجاد ثورة واسعة في جميع الشؤون الحياتية أو إنجاز عمل اجتماعي ذي أهمية لا بدّ من وجود قوّة عزم بشرية قبل كل شيء ، وذلك مع الإعتقاد الراسخ ، والمعرفة الكاملة ، والتوجيه والفكري والثقافي الضروري والتربوي ، والتربية الأخلاقية ، وهذا ما قام به النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكّة في السنوات الاولى للبعثة ، بل في مدّة حياتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ولوجود هذا الأساس المتين للبناء أخذ الإسلام بالنمو السريع والرشد الواسع من جميع الجهات.

وما جاء في هذه السورة هو نموذج حي ومنطقي لهذا المنهج المدروس ، فقد خلّف القيام لثلثي الليل أو ثلثه وقراءة القرآن والتمعن فيه أثرا بالغا في أرواح المؤمنين ، وهيأهم لقبول القول الثقيل والسبح الطويل ، وتطبيق هذه الأوامر التي هي أشدّ وطأ وأقوم قيلا كما يعبّر عنه القرآن ، هي التي أعطتهم هذه الموفقية ، وجهزت هذه المجموعة المؤمنة القليلة ، والمستضعفة والمحرومة بحيث أهلتهم لإدارة مناطق واسعة من العالم ، وإذا ما أردنا نحن المسلمين إعادة هذه العظمة والقدرة القديمة علينا أن نسلك هذا الطريق وهذا المنهج ، ولا يجب علينا إزالة حكومة الصهاينة بالاعتماد على أناس عاجزين وضعفاء لم يحصلوا على ثقافة أخلاقية.

٢ ـ قراءة القرآن والتفكر

يستفاد من الرّوايات الإسلامية أنّ فضائل قراءة القرآن ليس بكثرة القراءة ، بل في حسن القراءة والتدبر والتفكر فيها ، ومن الطريف أنّ هناك رواية

وردت عن الإمام الرضاعليه‌السلام في تفسير ذيل الآية :( فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ ) رواها عن

١٤٩

جدّهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما تيسّر منه لكم فيه خشوع القلب وصفاء السر»(١) ، لم لا يكون كذلك والهدف الأساس للقراءة هو التعليم والتربية.

والرّوايات في هذا المعنى كثيرة.

٣ ـ السعي للعيش كالجهاد في سبيل الله

كما عرفنا من الآية السابقة فإنّ السعي لطلب الرزق جعل مرادفا للجهاد في سبيل الله ، وهذا يشير إلى أنّ الإسلام يعير أهمية بالغه لهذا الأمر ، ولم لا يكون كذلك فلأمّة الفقيرة والجائعة المحتاجة للأجنبي لا يمكن لها أن تحصل على الاستقلال والرفاه ، والمعروف أنّ الجهاد الاقتصادي هو قسم من الجهاد مع الأعداء ، وقد نقل في هذا الصدد قول عن الصحابي المشهور عبد الله بن مسعود : «أيما رجل جلب شيئا إلى مدينة من مدائن المسلمين صابرا محتسبا فباعه بسعر يومه كان عند الله بمنزلة الشهداء» ثمّ قرأ :( وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ ) (٢) .

اللهم! وفقنا للجهاد بكلّ أبعاده.

ربّنا! وفقنا لقيام الليل وقراءة القرآن الكريم وتهذيب أنفسنا بواسطة هذا النور السماوي.

ربّنا! منّ على مجتمعنا الإسلامي بمقام الرفعة والعظمة بالإلهام من هذه السورة العظيمة.

آمين ربّ العالمين

نهاية سورة المزّمل

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٨٢.

(٢) مجمع البيان ، وتفسير أبي الفتوح ، وتفسير القرطبي ، ذيل الآية مورد البحث وقد نقل القرطبي حديثا عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشابه هذه الحديث ، فيستفاد من ذلك أنّ عبد الله بن مسعود قد ذكر الحديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس هو من قوله.

١٥٠
١٥١

سورة

المدّثّر

مكيّة

وعدد آياتها ستّ وخمسون آية

١٥٢

«سورة المدّثّر»

محتوى السورة :

لا شك أنّ هذه السورة هي من السور المكّية ولكن هناك تساؤل عن أنّ هذه السورة هل هي الاولى النازلة على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم نزلت بعد سورة العلق؟

يتّضح من التمعن في محتوى سورة العلق والمدثر أنّ سورة العلق نزلت في بدء الدعوة ، وأنّ سورة المدثر نزلت في زمن قد امر النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه بالدعوة العلنية ، وانتهاء فترة الدعوة السرّية ، لذا قال البعض أنّ سورة العلق هي أوّل سورة نزلت في صدر البعثة ، والمدثر هي السورة الاولى التي نزلت بعد الدعوة العلنية ، وهذا الجمع هو الصحيح.

ومهما يكن فإنّ سياق السور المكّية التي تشير إلى الدعوة وإلى المبدأ والمعاد ومقارعة الشرك وتهديد المخالفين وإنذارهم بالعذاب الإلهي واضح الوضوح في هذه السورة.

يدور البحث في هذه السورة حول سبعة محاور وهي :

١ ـ يأمر الله تعالى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بإعلان الدعوة العلنية ، ويأمر أن ينذر المشركين ، وتمسك بالصبر والاستقامة في هذا الطريق والاستعداد الكامل لخوض هذا الطريق.

٢ ـ تشير إلى المعاد وأوصاف أهل النّار الذين واجهوا القرآن بالتكذيب والإعراض عنه.

١٥٣

٣ ـ الإشارة إلى بعض خصوصيات النّار مع إنذار الكافرين.

٤ ـ التأكيد على المعاد بالأقسام المكررة.

٥ ـ ارتباط عاقبة الإنسان بعمله ، ونفي كل أنواع التفكر غير المنطقي في هذا الإطار.

٦ ـ الإشارة إلى قسم من خصوصيات أهل النّار وأهل الجنّة وعواقبهما.

٧ ـ كيفية فرار الجهلة والمغرورين من الحقّ.

فضيلة السورة :

ورد في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من قرأ سورة المدثر اعطي من الأجر عشر حسنات بعدد من صدق بمحمّد وكذب به بمكّة»(١) .

وورد في حديث آخر عن الإمام الباقرعليه‌السلام قال : «من قرأ في الفريضة سورة المدثر كان حقّا على الله أن يجعله مع مجمّد في درجته ، ولا يدركه في حياة الدنيا شقاء أبدا»(٢)

وبديهي أنّ هذه النتائج العظيمة لا تتحقق بمجرّد قراءة الألفاظ فحسب ، بل لا بدّ من التمعن في معانيها وتطبيقها حرفيا.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٨٣.

(٢) المصدر السابق.

١٥٤

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (١) قُمْ فَأَنْذِرْ (٢) وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ (٣) وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ (٤) وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ (٥) وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (٦) وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (٧) فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (٨) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (٩) عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (١٠) )

التّفسير

قم وانذر النّاس :

لا شك من أنّ المخاطب في هذه الآيات هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإن لم يصرح باسمه ، ولكن القرائن تشير إلى ذلك ، فيقول أوّلا :( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ ) فلقد ولى زمن النوم الاستراحة ، وحان زمن النهوض والتبليغ ، وورد التصريح هنا بالإنذار مع أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مبشر ونذير ، لأنّ الإنذار له أثره العميق في إيقاظ الأرواح النائمة خصوصا في بداية العمل.

وأورد المفسّرون احتمالات كثيرة عن سبب تدثرهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعوته إلى القيام والنهوض.

١ ـ اجتمع المشركون من قريش في موسم الحج وتشاور الرؤساء منهم

١٥٥

كأبي جهل وأبي سفيان والوليد بن المغيرة والنضر بن الحارث وغيرهم في ما يجيبون به عن أسئلة القادمين من خارج مكّة وهم يناقشون أمر النّبي الذي قد ظهر بمكّة ، وفكروا في وأن يسمّي كلّ واحد منهم النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باسم ، ليصدوا الناس عنه ، لكنّهم رأوا في ذلك فساد الأمر لتشتت أقوالهم ، فاتفقوا في أن يسمّوه ساحرا ، لأنّ أحد آثار السحرة الظاهرة هي التفريق بين الحبيب وحبيبه ، وكانت دعوة النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أثّرت هذا الأثر بين الناس! فبلغ ذلك النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتأثر واغتم لذلك ، فأمر بالدثار وتدثر ، فأتاه جبرئيل بهذه الآيات ودعاه إلى النهوض ومقابلة الأعداء.

٢ ـ إنّ هذه الآيات هي الآيات الأولى التي نزلت على النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لما نقله جابر بن عبد الله قال : جاوزت بحراء فلمّا قضيت جواري نوديت يا محمّد ، أنت رسول الله ، فنظرت عن يميني فلم أر شيئا ، ونظرت عن شمالي فلم أر شيئا ، ونظرت خلفي فلم أر شيئا ، فرفعت رأسي فإذا الملك الذي جاءني بحراء جالس على كرسي بين السماء والأرض ، فملئت منه رعبا ، فرجعت إلى خديجة وقلت : «دثروني دثروني ، واسكبوا عليّ الماء البارد» ، فنزل جبرئيل بسورة :( يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ ) .

ولكن بلحاظ أن آيات هذه السورة نظرت للدعوة العلنية ، فمن المؤكّد أنّها نزلت بعد ثلاث سنوات من الدعوة الخفية ، وهذا لا ينسجم والروية المذكورة ، إلّا أن يقال بأنّ بعض الآيات التي في صدر السورة قد نزلت في بدء الدعوة ، والآيات الأخرى مرتبطة بالسنوات التي تلت الدعوة.

٣ ـ إنّ النّبي كان نائما وهو متدثر بثيابه فنزل عليه جبرائيلعليه‌السلام موقظا إيّاه ، ثمّ قرأ عليه الآيات أن قم واترك النوم واستعد لإبلاغ الرسالة.

٤ ـ ليس المراد بالتدثر التدثر بالثياب الظاهرية ، بل تلبسهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوّة والرسالة كما قيل في لباس التقوى.

١٥٦

٥ ـ المراد به اعتزالهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وانزواؤه واستعد لإنذار الخلق وهداية العباد(١) والمعني الأوّل هو الأنسب ظاهرا.

ومن الملاحظ أنّ جملة (فانذر) لم يتعين فيها الموضوع الذي ينذر فيه ، وهذا يدل على العمومية ، يعني إنذار الناس من الشرك وعبادة الأصنام والكفر والظلم والفساد ، وحول العذاب الإلهي والحساب المحشر إلخ (ويصطلح على ذلك بأن حذف المتعلق يدل على العموم). ويشمل ضمن ذلك العذاب الدنيوي والعذاب الاخروي والنتائج السيئة لأعمال الإنسان التي سيبتلى بها في المستقبل.

ثم يعطي للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خمسة أوامر مهمّة بعد الدعوة إلى القيام والإنذار ، تعتبر منهاجا يحتذي به الآخرون ، والأمر الأوّل هو في التوحيد ، فيقول :( وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ ) (٢) .

ذلك الربّ الذي هو مالكك مربيك ، وجميع ما عندك فمنه تعالى ، فعليك أن تضع غيره في زاوية النسيان وتشجب على كلّ الآلهة المصطنعة ، وامح كلّ آثار الشرك وعبادة الأصنام.

ذكر كلمة (ربّ) وتقديمها على (كبّر) الذي هو يدل على الحصر ، فليس المراد من جملة «فكبر» هو (الله أكبر) فقط ، مع أنّ هذا القول هو من مصاديق التكبير كما ورد من الرّوايات ، بل المراد منه أنسب ربّك إلى الكبرياء والعظمة اعتقادا وعملا ، قولا فعلا وهو تنزيهه تعالى من كلّ نقص وعيب ، ووصفه

__________________

(١) أورد الفخر الرازي هذه التفاسير الخمسة بالإضافة إلى احتمالات أخرى في تفسيره الكبير ، واقتبس منه البعض الآخر من المفسّرين (تفسير الفخر الرازي ، ج ٣٠ ، ص ١٨٩ ـ ١٩٠).

(٢) الفاء من (فكبر) زائدة للتأكيد بقول البعض ، وقيل لمعنى الشرط ، والمعنى هو : لا تدع التكبير عند كلّ حادثة تقع ، (يتعلق هذا القول بالآيات الاخرى الآتية أيضا).

١٥٧

بأوصاف الجمال ، بل هو أكبر من أن يوصف ، ولذا ورد في الرّوايات عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام في معنى الله أكبر : «الله أكبر من أن يوصف» ، ولذا فإنّ التكبير له مفهوم أوسع من التسبيح الذي هو تنزيهه من كل عيب ونقص.

ثمّ صدر الأمر الثّاني بعد مسألة التوحيد ، ويدور حول الطهارة من الدنس فيضيف :( وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ ) ، التعبير بالثوب قد يكون كناية عن عمل الإنسان ، لأنّ عمل الإنسان بمنزلة لباسه ، وظاهره مبين لباطنه ، وقيل المراد منه القلب والروح ، أي طهر قلبك وروحك من كلّ الأدران ، فإذا وجب تطهير الثوب فصاحبه اولى بالتطهير.

وقيل هو اللباس الظاهر ، لأنّ نظافة اللباس دليل على حسن التربية والثقافة ، خصوصا في عصر الجاهلية حيث كان الاجتناب من النجاسة قليلا وإن ملابسهم وسخة غالبا ، وكان الشائع عندهم تطويل أطراف الملابس (كما هو شائع في هذا العصر أيضا) بحيث كان يسحل على الأرض ، وما ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام في معنى أنّه : «ثيابك فقصر»(١) ، ناظر إلى هذا المعنى.

وقيل المراد بها الأزواج لقوله تعالى :( هُنَّ لِباسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِباسٌ لَهُنَ ) (٢) ، والجمع بين هذه المعاني ممكن ، والحقيقة أنّ الآية تشير إلى أنّ القادة الإلهيين يمكنهم إبلاغ الرسالة عند طهارة جوانبهم من الأدران وسلامة تقواهم ، ولذا يستتبع أمر إبلاغ الرسالة ولقيام بها أمر آخر ، هو النقاء والطهارة.

ويبيّن تعالى الأمر الثّالث بقوله :( وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ ) المفهوم الواسع للرجز كان سببا لأن تذكر في تفسيره أقوال مختلفة ، فقيل : هو الأصنام ، وقيل : المعاصي ، وقيل : الأخلاق الرّذيلة الذميمة ، وقيل : حبّ الدنيا الذي هو رأس كلّ خطيئة ، وقيل هو العذاب الإلهي النازل بسبب الترك والمعصية ، وقيل : كل ما يلهي

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٣٨٥.

(٢) البقرة ، ١٨٧.

١٥٨

عن ذكر الله.

والأصل أنّ معنى «الرجز» يطلق على الاضطراب والتزلزل(١) ثمّ اطلق على كل أنواع الشرك ، عبادة الأصنام ، والوساوس الشيطانية والأخلاق الذميمة والعذاب الإلهي التي تسبب اضطراب الإنسان ، فسّره البعض بالعذاب(٢) ، وقد اطلق على الشرك والمعصية والأخلاق السيئة وحبّ الدّنيا تجلبه من العذاب.

وما تجدر الإشارة إليه أنّ القرآن الكريم غالبا ما استعمل لفظ «الرجز» بمعنى العذاب(٣) ، ويعتقد البعض أنّ كلمتي الرجز والرجس مرادفان(٤) .

وهذه المعاني الثلاثة ، وإن كانت متفاوتة ، ولكنّها مرتبطة بعضها بالآخر ، وبالتالي فإنّ للآية مفهوما جامعا ، وهو الانحراف والعمل السيء ، وتشمل الأعمال التي لا ترضي اللهعزوجل ، والباعثة على سخر الله في الدنيا والآخرة ، ومن المؤكّد أنّ النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد هجر واتقى ذلك حتى قبل البعثة ، وتاريخه الذي يعترف به العدو والصديق شاهد على ذلك ، وقد جاء هذا الأمر هنا ليكون العنوان الأساس في مسير الدعوة إلى الله ، وليكون للناس أسوة حسنة.

ويقول تعالى في الأمر الرّابع :( وَلا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ ) .

هنا التعلق محذوف أيضا ، ويدل على سعة المفهوم كليته ، ويشمل المنّة على الله والخلائق ، أي فلا تمنن على الله بسعيك واجتهادك ، لأنّ الله تعالى هو الذي منّ عليك بهذا المقام المنيع.

ولا تستكثر عبادتك وطاعتك وأعمالك الصالحة ، بل عليك أن تعتبر نفسك مقصرا وقاصرا ، واستعظم ما وفقت إليه من العبادة.

__________________

(١) مفردات الراغب.

(٢) الميزان ، في ظلال القرآن.

(٣) راجع الآيات ، ١٣٤ ـ ١٣٥ من سورة الأعراف ، والآية ٥ من سورة سبأ ، والآية ١١ من سورة الجاثية ، والآية ٥٩ من سورة البقرة ، والآية ١٦٢ من سورة الأعراف ، والآية ٣٤ من سورة العنكبوت.

(٤) وذكر ذلك في تفسير الفخر الرازي بصورة احتمال ، ج ٣٠ ، ص ١٩٣.

١٥٩

وبعبارة أخرى : لا تمنن على الله بقيامك بالإنذار ودعوتك إلى التوحيد وتعظيمك لله وتطهيرك ثيابك وهجرك الرجز ، ولا تستعظم كل ذلك ، بل أعلم أنّه لو قدمت خدمة للناس سواء في الجوانب المعنوية كالإرشاد والهداية ، أم في الجوانب المادية كالإنفاق والعطاء فلا ينبغي أن تقدمها مقابل منّة ، أو توقع عوض أكبر ممّا أعطيت ، لأنّ المنّة تحبط الأعمال الصالحة :( يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذى ) (١) .

«لا تمنن» من مادة «المنّة» وتعني في هذه الموارد الحديث عن تبيان أهمية النعم المعطاة للغير ، وهنا يتّضح لنا العلاقة بينه وبين الاستكثار ، لأنّ من يستصغر عمله لا ينتظر المكافأة ، فكيف إذن بالاستكثار ، فإنّ الامتنان يؤدي دائما إلى الاستكثار ، وهذا ممّا يزيل قيمة النعم ، وما جاء من الرّوايات يشير لهذا المعنى : «لا تعط تلتمس أكثر منها»(٢) كما جاء في حديث آخر عن الإمام الصادقعليه‌السلام في تفسير الآية : «لا تستكثر ما عملت من خير لله»(٣) وهذا فرع من ذلك المفهوم.

ويشير في الآية الأخرى إلى الأمر الأخير في هذا المجال فيقول :( وَلِرَبِّكَ فَاصْبِرْ ) ، ونواجه هنا مفهوما واسعا عن الصبر الذي يشمل كلّ شيء ، أي اصبر في طريق أداء الرسالة ، واصبر على أذى المشركين الجهلاء ، واستقم في طريق عبودية الله وطاعته ، واصبر في جهاد النفس وميدان الحرب مع الأعداء.

ومن المؤكّد أنّ الصبر هو ضمان لإجراء المناهج السابقة ، والمعروف أنّ الصبر هو الثروة الحقيقية لطريق الإبلاغ والهداية ، وهذا ما اعتمده القرآن الكريم

__________________

(١) البقرة ، ٢٦٤.

(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٤٥٤ ، وتفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٤٠٠.

(٣) المصدر السابق.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

والمريض إذا تزوّج، كان عقده صحيحا، ويلزمه المهر قليلا كان أو كثيرا، إذا دخل بالمرأة. فإن لم يدخل بها، كان العقد باطلا.

وطلاق المريض غير جائز. فإن طلّق، ورثته المرأة ما بينه وبين سنة، إذا لم يبرأ المريض من مرضه، ولا تتزوّج المرأة. فإن برأ المريض، ثمَّ مرض بعد ذلك، ومات، لم ترثه المرأة. وكذلك إن تزوّجت المرأة بعد انقضاء عدّتها، لم يكن لها ميراث. وإن لم تتزوّج، ومضى بها سنة ويوم، لم يكن لها بعد ذلك ميراث، ويرث هو المرأة ما دامت في العدّة. فإذا خرجت من عدّتها، لم يكن له منها ميراث. ولا فرق بين أن تكون التّطليقة أولى أو ثانية أو ثالثة وعلى كلّ حال.

والوصيّة ماضية إذا تكلّم بها الموصي، وكان ثابت العقل. فإن اعتقل لسانه، وكان ممّن يحسن أن يكتب، كتبها، ثمَّ أمضيت على حسب ذلك. فإن لم يقدر أن يكتب، وأومى بها، وفهم بذلك غرضه منه، أمضيت أيضا بحسب ذلك. فإن قال له إنسان: تقول كذا وكذا، وتأمر بكذا وكذا، فأشار برأسه: أن نعم، كان ذلك أيضا جائزا، إذا كان عقله ثابتا. فإن كان عقله زائلا في شي‌ء من هذه الأحوال، لم يلتفت الى شي‌ء من ذلك.

وإذا وجدت وصيّة بخط الميّت، ولم يكن أشهد عليها،

٦٢١

ولا أمر بها، كان الورثة بالخيار بين العمل بها، وبين ردّها وإبطالها. فإن عملوا بشي‌ء منها، لزمهم العمل بجميعها.

وإذا كان على إنسان دين لغيره، ومات صاحبه، لم يجز له أن يعطيه لبعض ورثته إلّا باتّفاق الباقين. فإن أعطاه، كان ضامنا لحصّة الباقين، وقد سقط عنه نصيبه، وكان له مطالبته بما أخذ من نصيبهم.

وإذا غاب رجل عن أهله، وترك لهم نفقة سنة، ثمَّ مات بعد شهر، كان على أهله أن يردّوا ما فضل عن نفقة الشّهر الذي مضى الى الميراث.

٦٢٢

كتاب المواريث

باب ما يستحق به الميراث

الميراث يستحقّ بشيئين: أحدهما نسب والآخر سبب. والنّسب على ضربين: نسب الوالدين ومن يتقرّب بهما، والثّاني نسب الولد للصّلب ومن يتقرّب بهم.

فالميراث بالنّسب ثابت على كلّ حال، إلّا أن يكون هناك ذو نسب أولى منه بالميراث وأقرب منه، أو مع كونه مساويا أو أقرب يكون كافرا أو قاتلا أو مملوكا. فإنّ هذه الأسباب تمنع من الميراث مع وجود النّسب. وليس يمنع من الميراث بالنّسب شي‌ء غير ما ذكرناه.

وامّا السبب فهو على ضربين: سبب الزّوجية وسبب الولاء. فالميراث بالزّوجيّة ثابت على كلّ حال، مع وجود ذوي الأنساب ومع فقدهم على قدر استحقاقهم، إلّا ما يمنع من الميراث كما منع صاحب النّسب من الكفر والقتل والرّق.

وامّا سبب الولاء فعلى ثلاثة أضرب: ولاء العتق، ويكون ذلك مقصورا على المعتق، أو من يتقرّب به على ما يستحقّونه.

٦٢٣

والثّاني ولاء تضمّن الجريرة، وذلك مقصور على ضامن الجريرة والحدث خاصّة، ولا يتعدّى الى غيره على حال. والثالث ولاء الإمامة، ويكون ذلك خاصّا فيمن لا وارث له من ذي نسب أو سبب. وليس يخرج جميع أقسام الفرائض عن شي‌ء ممّا ذكرناه ولكلّ قسم منها أبواب وتفاصيل، نحن نبيّنها على ما تقتضيه الحاجة اليه، إن شاء الله.

باب ميراث الوالدين ومن يدخل عليهما

إذا خلّف الميّت والدين، ولم يخلّف غيرهما، كان ما خلّفه لهما: للأب الثّلثان، وللام الثلث. فإن ترك أحد أبويه أبا كان أو أمّا، ولم يخلّف غيره من ذوي الأنساب والأسباب، كان جميع ما خلّفه له.

فإن خلّف مع الأبوين أولادا ذكورا وإناثا، كان للأبوين السّدسان، وما بقي فللأولاد، للذّكر مثل حظّ الأنثيين. فإن خلّف معهما بنتا واحدة، كان لهما السّدسان، وللبنت النّصف ثلاثة أسهم من ستّة. وبقي سهم يردّ عليهم على قدر سهامهم، وهي خمسة أسهم. فيجعل أصل الفريضة من خمسة أسهم: للأبوين منهما سهمان، وللبنت ثلاثة أسهم. فإن خلّف مع الأبوين بنتين، كان للأبوين السّدسان، وللبنتين الثّلثان. وكذلك الحكم إن كنّ أكثر من بنتين، كان الثّلثان بينهنّ بالسّويّة.

٦٢٤

فإن خلّف مع الأبوين ولدا ذكرا، كان للأبوين السّدسان، وما بقي فللولد الذّكر.

فإن خلّف أحد أبويه وبنتا، كان لأحد أبويه السّدس، وللبنت النّصف، والباقي ردّ عليهما على قدر سهامهما. فتجعل الفريضة من أربعة: يكون للبنت منها ثلاثة أسهم، والسّهم الآخر لأحد الأبوين. فإن خلّف مع أحد الأبوين بنتين، كان لأحد الأبوين السّدس، وللبنتين الثّلثان، والباقي ردّ عليهم على قدر أنصبائهم. فتجعل الفريضة من خمسة: فيكون للبنتين أربعة أسهم منها، والسّهم الآخر لأحد الأبوين. فإن خلّف مع أحد الأبوين بنات جماعة، كان الحكم فيهنّ مثل الحكم في البنتين على السّواء. فإن خلّف مع أحد الأبوين ولدا ذكرا، كان لأحد الأبوين السّدس، والباقي للولد الذّكر.

وإذا خلّف الرّجل أبويه وزوجة، ولم يخلّف غيرهم، كان للزّوجة الرّبع من أصل المال، والباقي للأبوين: للأمّ الثّلث من أصل المال، والباقي للأب. فتجعل الفريضة من اثنى عشر: فتكون للزّوجة ثلاثة أسهم منها وهي الرّبع، وبقي تسعة أسهم: للأمّ منها أربعة أسهم، وما بقي وهو خمسة أسهم للأب.

فإن ترك الرّجل أباه وزوجة، ولم يخلّف غيرهما، كان للزّوجة الرّبع، والباقي للأب. فإن خلّف أمّا وزوجة، كان للزوجة

٦٢٥

الرّبع، وللأمّ الثّلث، وما بقي يردّ على الأمّ. فتجعل الفريضة من اثنى عشر: للزّوجة الرّبع ثلاثة أسهم، وللأمّ الثّلث أربعة أسهم، ويبقى خمسة أسهم، تردّ على الأمّ دون الزّوجة فتصير سهام الأمّ تسعة من اثنى عشر، وثلاثة أسهم للزّوجة.

فإن ترك أبويه وزوجة وولدا ذكورا وإناثا، كان للزّوجة الثّمن، وللأبوين السّدسان، والباقي للأولاد. فتجعل الفريضة من أربعة وعشرين: فيكون للأبوين السّدسان ثمانية أسهم، وللزّوجة الثّمن ثلاثة أسهم، ويبقى ثلاثة عشر سهما بين الأولاد، للذكر مثل حظّ الأنثيين.

فإن خلّف مع الأبوين زوجة وبنتا، كان للأبوين السّدسان، وللبنت النّصف، وللزّوجة الثّمن، وما يبقى ردّ على الأبوين والبنت دون الزّوجة. فتجعل الفريضة من مائة وعشرين: فيكون للزّوجة منها الثّمن خمسة عشر سهما، وللأبوين السّدسان أربعون سهما، وللبنت النّصف ستّون سهما. وتبقى خمسة أسهم تردّ على سهام البنت والأبوين، وهي خمسة فيعطى الأبوان سهمين منها، وللبنت الثّلاثة أسهم الأخر. فتصير سهام الأبوين اثنين وأربعين سهما، وسهام البنت ثلاثة وستّين سهما، وخمسة عشر سهما للزّوجة، فذلك مائة وعشرون سهما.

فإن خلّف مع الأبوين زوجة وبنتين فصاعدا، كان للزّوجة الثّمن، وللأبوين السّدسان، وما يبقى للبنتين أو البنات. فتجعل

٦٢٦

الفريضة من أربعة وعشرين سهما: للزّوجة الثّمن ثلاثة أسهم، وللأبوين السّدسان ثمانية أسهم، وتبقى ثلاثة عشر سهما، فهي للبنتين أو البنات بينهنّ بالسّويّة.

فإن ماتت امرأة، وخلّفت أبويها وزوجها، ولم تخلّف غيرهم، كان للزّوج النّصف من أصل المال، وللأمّ الثّلث، وما يبقى فللأب. فتجعل الفريضة من ستّة، فيكون للزّوج ثلاثة أسهم منها، وسهمان للأمّ، ويبقى سهم فهو للأب.

فإن خلّفت زوجها وأحد أبويها أمّا كان أو أبا، ولم تخلّف غيرهما، كان للزّوج النّصف، وما يبقى فلأحد الأبوين. فإن كانت أمّا، أعطيت الثّلث بالتّسمية، والباقي يردّ عليها، لأنّها أولى من غيرها بنصّ القرآن.

فإن خلّفت أبويها وزوجها وأولادا ذكورا وإناثا، كان للأبوين السّدسان، وللزّوج الرّبع، وما بقي للأولاد: للذّكر مثل حظّ الأنثيين. فتجعل الفريضة من اثنى عشر، يكون للزّوج الرّبع ثلاثة، وللأبوين السّدسان أربعة، وتبقى خمسة أسهم تكون بين الأولاد على ما بيّنّاه.

فإن خلّف أبويها وزوجها وبنتها أو بنتين فصاعدا، كان للأبوين السّدسان، وللزّوج الرّبع، وما يبقى فللبنت أو ما زاد عليها من البنات. فتجعل الفريضة من اثنى عشر. فيكون للأبوين السّدسان أربعة، وللزّوج الرّبع ثلاثة، وتبقى خمسة أسهم،

٦٢٧

فهي للبنت، إن كانت واحدة، وكذلك إن كانت اثنتين فما زاد عليهما.

فإن خلّفت أحد أبويها أبا كان أو أمّا وزوجا وبنتا، كان للزّوج الرّبع من أصل المال، ولأحد الأبوين السّدس، وللبنت النّصف، وما يبقى يردّ على أحد الأبوين والبنت، ولا يردّ على الزّوج شي‌ء. فتجعل الفريضة من ثمانية وأربعين سهما، فيكون للزّوج الرّبع منها اثنى عشر سهما، ولأحد الأبوين السّدس ثمانية أسهم، وللبنت النّصف أربعة وعشرون سهما، ويبقى أربعة أسهم، تردّ على البنت وأحد الأبوين على قدر سهامهم، وهي أربعة. فيكون منها لأحد الأبوين سهم واحد وللبنت ثلاثة أسهم. فتصير سهام أحد الأبوين تسعة أسهم، وسهام البنت سبعة وعشرين سهما، وسهام الزّوج اثنى عشر على ما ذكرناه. فذلك ثمانية وأربعون سهما.

فإن خلّفت أحد أبويها وزوجها وبنتين أو ما زاد عليهما، كان للزوج الرّبع، ولأحد الأبوين السّدس، وما يبقى بين البنتين فصاعدا بينهنّ بالسّويّة. فتجعل الفريضة من اثنى عشر سهما، فيكون للزّوج الرّبع ثلاثة أسهم، ولأحد الأبوين السّدس سهمان، وما يبقى وهو سبعة أسهم يكون بين البنتين فما زاد عليهما.

فإن خلّف الميّت أبويه، ولم يخلّف غيرهما من زوج أو

٦٢٨

ولد، وخلّف أخوين أو أخا وأختين أو أربع أخوات من جهة الأب والأم أو من جهة الأب خاصّة، حجبوا الأمّ عن الثّلث الى السّدس، فيكون الميراث للأب خمسة أسهم وللأمّ سهم واحد. وإن خلّف أخا واحدا، أو أختين أو ثلاث أخوات، لم يحجبوا، وإن كانوا من جهة الأب والأمّ أو من جهة الأب. وإن كانوا إخوة وأخوات جماعة من جهة الأمّ لم يحجبوا أيضا الأمّ عن الثّلث على حال. وكذلك إن كانت الإخوة والأخوات من قبل الأب أو الأب والأمّ كفّارا أو مماليك، لم يحجبوا الأمّ عن الثلث على حال. ولا يحجب أيضا ما كان حملا لم يولد بعد، وإنّما يحجب ما ولد واستهل.

فإن خلّف الميّت أبويه وأولادا وإخوة وأخوات، كان للأبوين السّدسان، والباقي للأولاد. وليس هاهنا للحجب تأثير لأنّه لا تنقص الأمّ من السّدس شيئا. فإن خلّف أبويه وبنتين فصاعدا وإخوة وأخوات، كان الأمر أيضا مثل ذلك: للأبوين السّدسان، وللبنتين أو البنات الثّلثان.

فإن خلّف أبويه وبنتا وإخوة وأخوات، كان للبنت النّصف، وللأبوين السّدسان، وبقي سهم يردّ على الأب خاصّة والبنت، ولم يردّ على الأمّ شي‌ء. لأنّ الله تعالى جعل للأمّ مع وجود الإخوة والأخوات إذا كان هناك أب، السّدس، لا أكثر من ذلك فتجعل الفريضة من أربعة وعشرين سهما، فيكون للبنت

٦٢٩

النّصف منها اثنى عشر سهما، ولكل واحد من الأبوين السّدس أربعة، فيصير عشرين وتبقى أربعة، فيردّ على البنت والأب على قدر سهامهم: للأب منها سهم، وللبنت ثلاثة أسهم. فتصير سهام البنت خمسة عشر سهما، وسهام الأب خمسة أسهم، وتبقى أربعة منها هي سهام الأمّ.

فإن خلّف الميّت أبويه وزوجا وبنتا أو بنات، كان للأبوين السّدسان على الكمال، وللزّوج الرّبع، وما يبقى فللبنت أو البنات. فإن خلّفت المرأة أبويها وبنتها وزوجها، كان للزّوج الرّبع وللأبوين السّدسان، وما يبقى فللبنت.

فإن خلّف الميّت أمّه وإخوة وأخوات. لم يحجبوا الأمّ عن الثّلث الى السّدس. وإنّما يحجبونها عن الثّلث مع وجود الأب، ليتوفّر عليه ما تمنع هي. فأمّا إذا انفردت، فهي تستحقّ الميراث كلّه إذا لم يكن غيرها على ما قدّمناه، أو يكون لها الثّلث مع وجود الزّوج أو الزّوجة بالتّسمية، والباقي ردّ عليها، وليس للإخوة والأخوات معها شي‌ء البتة. وإن كان معها بنت واحدة أو بنتان، وفضل من سهامهم شي‌ء، ردّ على الجميع بحساب سهامهم على ما بيّنّاه، ولا يحجبونها الإخوة والأخوات في أحد هذه المواضع على حال.

وولد الولد مع الأبوين يقوم مقام الولد، إذا لم يكن هناك ولد للصّلب. فولد الابن ذكرا كان أو أنثى يأخذ مع الأبوين

٦٣٠

نصيب أبيه، وولد البنت معهما ذكرا كان أو أنثى يقوم مقام البنت، يأخذ نصيب أمّه على الكمال. وعند اجتماع ذوي السّهام من الزّوج والزّوجة والأبوين يجري حكم ولد الولد حكم الولد على السّواء. وذكر بعض أصحابنا أنّ ولد الولد مع الأبوين لا يأخذ شيئا من المال. وذلك خطأ، لأنّه خلاف لظاهر التّنزيل والمتواتر من الأخبار.

والجدّ والجدّة من قبل الأب والجدّ والجدّة من قبل الأمّ لا يرثون مع الأبوين. فإن حضر جدّ أو جدّة من قبل الأب مع الأبوين، كان للأبوين المال: للأب سهمان، وللأمّ سهم واحد، ويؤخذ من نصيب الأب سدس، فيعطى الجدّ أو الجدّة على سبيل الطّعمة لا على جهة الميراث. وكذلك إن حضر جدّ أو جدّة من قبل الأمّ في هذه المسألة، أخذ سدس من ثلث الأمّ، فأعطي الجدّ أو الجدّة على ما ذكرناه من الطعمة. فإن حضرا في حال لا يستحقّ فيها كلّ واحد من الأبوين أكثر من السّدس، لم يكن لهما طعمة. وإنّما تكون الطّعمة إذا زاد حظّهما على السّدس. ولا طعمة للجدّ والجدّة من قبل الأب، إذا كان أب الميّت ميّتا، ويكون المال كلّه للأمّ. وكذلك لا طعمة لهما إذا كانا من قبل الأمّ، إلّا إذا كانت الأمّ حيّة. فإن كانت ميّتة، كان المال كله للأب.

وإذا خلّفت المرأة زوجها وأبويها، وجدّها أو جدّتها من

٦٣١

قبل أبيها، وجدّها أو جدّتها من قبل أمّها، كان للزّوج النّصف، وللأمّ الثلث، وللأب السّدس. ويؤخذ من ثلث الأمّ سدس أصل المال. فيعطى الجدّ أو الجدّة من قبلها، وسقط الجدّ والجدّة من قبل الأب.

وإن خلّف الميّت أبويه وإخوة وأخوات من قبل الأب، وجدّا أو جدّة من قبله وجدّا أو جدّة من قبل الأمّ، كان للأمّ السّدس لأنّها محجوبة عن الثّلث بالإخوة والأخوات، وبقي خمسة أسهم، فهي للأب، يؤخذ منها سدس أصل المال، فيعطى الجدّ أو الجدّة من قبل الأب، وسقط الجدّ والجدّة من قبل الأمّ.

وإذا اجتمع الجدّ والجدّة من قبل الأب أو من قبل الأمّ في حال يستحقّ فيها الطّعمة، قسم السّدس طعمة بينهما نصفين، لأنّ كلّ واحد منهما يستحقّ كما يستحقّ الآخر.

ولا يرث مع الأبوين ولا مع واحد منهما، سوى من ذكرناه من الزّوج والزّوجة والولد وولد الولد. ولا يرث معهما إخوة وأخوات ولا عمّ ولا عمّة ولا خال ولا خالة ولا أجداد ولا واحد من أولادهم على ما بيّنّاه.

باب ميراث الولد وولد الولد

إذا خلّف الميّت ولدا ذكرا، ولم يخلّف وارثا غيره، كان المال كلّه له. فإن خلّف ابنين ولم يخلّف غيرهما، كان المال

٦٣٢

بينهما نصفين. فإن خلّف أولادا ذكورا وإناثا، ولم يخلّف غيرهم، كان المال بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين. فإن خلّف بنتا، ولم يخلّف غيرها، كان لها النّصف بالتّسمية، والباقي يردّ عليها بآية أولي الأرحام.

فإن خلّف بنتين فصاعدا، كان لهما أولهنّ الثّلثان بالتّسمية الصّريحة، والباقي ردّ عليهما أو عليهنّ بمثل ما ذكرناه.

ولا يرث مع الولد ذكرا كان أو أنثى واحدا كان أو اثنين أحد سوى من ذكرناه في الباب الأوّل من الوالدين. ويرث معهم الزّوج والزّوجة. فإن خلّف الميّت زوجا أو زوجة، كان للزّوج الرّبع أو للزّوجة الثّمن، والباقي للولد على ما بيّنّاه.

ولا يرث مع الولد للصّلب ولد الولد ولا الأخ ولا الأخت ولا أولادهما ولا الجدّ ولا الجدّة ولا العمّ ولا العمّة ولا الخال ولا الخالة ولا غيرهم من ذوي الأرحام.

وإذا خلّف الميّت ولدين ذكرين أحدهما أكبر من الآخر، أعطي الأكبر منهما ثياب بدنه وخاتمه الذي كان يلبسه وسيفه ومصحفه. وعلى هذا الأكبر أن يقضي عنه ما فاته من صيام أو صلاة دون أخيه الآخر. وكذلك إن كانوا جماعة، أعطي الأكبر منهم ما ذكرناه. فإن كان الأكبر من الأولاد أنثى، لم تعط شيئا، وأعطي الأكبر من الذّكور. فإن كانوا سواء في السّن، لم يخصّ واحد منهم بشي‌ء من جملة التّركة. وكذلك

٦٣٣

إن كان الأكبر سفيها أو فاسد الرّأي، لم يحب من التّركة بشي‌ء. وإن لم يخلف الميّت غير ما ذكرناه من ثياب جلده وسيفه وخاتمه، كان بين الورثة، ولم يخصّ واحد منهم بشي‌ء على حال.

وولد الولد يقوم مقام الولد إذا لم يكن هناك ولد للصلب وكلّ واحد منهم يقوم مقام من يتقرّب به. فإن خلّف الميّت ابن بنت وبنت ابن، كان لبنت الابن الثّلثان، ولابن البنت الثّلث. فإن خلّف أولاد ابن وأولاد بنت ذكورا وإناثا، كان لأولاد الابن الثّلثان بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين، ولأولاد البنت الثّلث، الذّكر والأنثى فيه سواء عند بعض أصحابنا وعندي أنّ المال بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين.

فإن خلّف بنت ابن، ولم يخلّف غيرها، كان لها المال كلّه. وكذلك إن خلّف أكثر منها، كان المال كلّه لهنّ. فإن خلّف بنت بنت، ولم يخلّف غيرها، كان لها النّصف تسمية أمّها، والباقي ردّ عليها بآية أولي الأرحام. وإن خلّف بنتي بنت، كان لهما النّصف أيضا بالتّسمية التي تناولت أمّهما، والباقي ردّ عليهما على ما قلناه. فإن خلّف بنتي بنتين، كان لهما الثّلثان نصيب أمّهما، والباقي يردّ عليهما بآية أولي الأرحام وعلى هذا يجري مواريث ولد الولد قلّوا أم كثروا. فإن كلّ واحد منهم يأخذ نصيب من يتقرّب به حسب ما قدّمناه.

وكلّ من يأخذ الميراث مع الولد للصّلب، فإنّه يأخذ مع ولد

٦٣٤

الولد مثل ذلك من الوالدين والزّوج والزّوجة. ولا يرث مع ولد الولد وإن نزل، من لا يرث مع الولد للصّلب من أخ وأخت ولا أولادهما ولا جدّ ولا جدّة ولا عمّ ولا عمّة ولا خال ولا خالة ولا أولادهم على حال. ولا يرث مع ولد الولد ولد ولد الولد كما لا يرث مع الولد للصّلب ولد الولد لأنّهم أقرب ببطن.

باب ميراث الاخوة والأخوات

إذا خلّف الميّت أخا لأبيه وأمّه أو لأبيه، ولم يخلّف غيره، كان المال له. فإن خلّف أخوين لأب وأمّ أو لأب، ولم يخلّف غيرهما، كان المال بينهما نصفين. فإن خلّف ثلاثة إخوة فصاعدا لأب أو لأمّ وأب، ولم يخلّف غيرهم، كان المال بينهم بالسّويّة.

فإن خلّف إخوة وأخوات لأب أو لأب وأمّ، ولم يخلّف غيرهم، كان المال بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين.

فإن خلّف أخوين أحدهما لأب والآخر لأب وأمّ، كان المال للأخ من الأب والأمّ، وسقط الأخ من الأب. فإن خلّف أخا لأب وأمّ وإخوة وأخوات لأب، كان المال للأخ من قبل الأب والأمّ دون الإخوة والأخوات من الأب.

فإن خلّف أختا لأب وأمّ وأختا لأب أو أختين له أو أكثر منهما، أو أخا لأب أو إخوة له، كان المال للأخت من الأب

٦٣٥

والأمّ، وسقط الإخوة والأخوات من قبل الأب، يكون النّصف لها بالتّسمية، والباقي ردّ عليها، لأنّها تجمع السببين. ومن يتقرّب بسببين أولى ممّن يتقرّب بسبب واحد. وكذلك إن كانتا أختين مع من ذكرناه من الإخوة والأخوات، كان لهما الثّلثان بالتّسمية، والباقي ردّ عليهما، وسقط الباقون من قبل الأب.

فإن خلّف أخا لأمّ، ولم يخلّف غيره، كان المال كلّه له: السّدس بالتّسمية، والباقي ردّ عليه بآية أولي الأرحام. فإن خلّف أخوين من الأمّ فصاعدا، ولم يخلّف غيرهما، كان لهما المال كلّه: الثّلث بالتّسمية، والباقي ردّ عليهما لمثل ما ذكرناه. وإن خلّف إخوة وأخوات من قبل الأمّ، كان أيضا الميراث لهم: الثّلث بالتّسمية، والباقي ردّ عليهم، ويكون الذّكر والأنثى فيه سواء.

فإن خلّف أخا لأب وأمّ وأخا لأم، كان للأخ من الأمّ السّدس والباقي للأخ من الأب والأمّ. فإن خلّف إخوة من قبل الأمّ وإخوة من قبل الأب والأمّ، كان للإخوة من قبل الأمّ الثّلث، والباقي للإخوة من قبل الأب والأم. فإن خلّف إخوة وأخوات من قبل الأب والأمّ، وإخوة وأخوات من قبل الأم، كان للإخوة والأخوات من قبل الأمّ الثلث بينهم بالسّوية، والباقي للإخوة والأخوات من قبل الأب والأمّ للذّكر مثل حظّ الاثنين.

٦٣٦

فإن خلّف أختا لأمّ وأختا لأب وأم، كان للأخت من قبل الأمّ السّدس، والنصف للأخت من قبل الأب والأمّ بالتّسمية، والباقي ردّ على الأخت من قبل الأب والأم، لأنّها تجمع السّببين، ولأنّ النّقصان داخل عليها. ألا ترى أنّه لو كان معها زوج أو زوجة، كان له حقّه: إمّا النّصف إن كان زوجا أو الرّبع إن كانت زوجة، وللأخت من قبل الأمّ السّدس سهمهما المسمّى، وما يبقى فهو للأخت للأب والأمّ.

فإن خلّف أختين فصاعدا من قبل الأمّ، وأختين فصاعدا من قبل الأب والأمّ، كان للأختين أو الأخوات من قبل الأمّ الثّلث، وما يبقى وهو الثّلثان بين الأختين أو الأخوات من قبل الأب والأمّ، فإن كان معهنّ زوج أو زوجة، كان له حقّه: إمّا النّصف إن كان زوجا، أو الرّبع إن كانت زوجة، والثّلث للأختين أو الأخوات من قبل الأمّ، وما يبقى فللأختين أو الأخوات من قبل الأب والأمّ.

فإن خلّف أخا أو أختا من قبل الأمّ وأخا لأب، كان للأخ أو الأخت من قبل الأمّ السّدس، والباقي للأخ من قبل الأب فإن خلّف إخوة وأخوات من قبل الأمّ، وإخوة وأخوات من قبل الأب، كان للإخوة والأخوات من قبل الأمّ الثّلث بينهم بالسّويّة والباقي بين الإخوة والأخوات من قبل الأب، للذّكر مثل حظّ الأنثيين. فإن كان في الفريضة زوج أو زوجة، كان له حقّه، إمّا النّصف إن كان زوجا أو الرّبع إن كانت زوجة. والثلث

٦٣٧

للإخوة والأخوات من قبل الأم لا ينقصون عنه، والباقي للإخوة والأخوات من قبل الأب على ما بيّنّاه للذّكر مثل حظّ الأنثيين.

فإن خلّف أخا أو أختا أو إخوة وأخوات من قبل الأمّ وأختا من قبل الأب، كان للأخ أو الأخت أو الأخوة والأخوات من قبل الأمّ سهمهم المسمّى: السّدس أو الثّلث، وللأخت من قبل الأب النّصف بالتسمية، والباقي ردّ عليها. لأنّه لو نقص من النّصف كان النّقصان داخلا عليها. الا ترى أنّه لو كان في الفريضة زوج أو زوجة، كان له حقّه: النّصف إن كان زوجا، أو الرّبع إن كانت زوجة، وللأخ أو الأخت أو الإخوة والأخوات من الأمّ السّدس أو الثّلث، وما يبقى للأخت للأب.

فإن خلّف أختين أو إخوة وأخوات من قبل الأمّ، وأختين أو أخوات من قبل الأب، كان للإخوة والأخوات من قبل الأمّ، الثّلث بينهم بالسّويّة، والباقي وهو الثّلثان بين الأختين أو الأخوات من قبل الأب. فإن كان في الفريضة زوج أو زوجة، كان حقّه: إمّا النّصف إن كان زوجا، أو الرّبع إن كانت زوجة، والثّلث للإخوة والأخوات من قبل الأمّ لا ينقصون عنه والباقي للأختين أو الأخوات من قبل الأب لا يزادون على ما بقي شيئا.

فإن خلف ثلاثة إخوة متفرّقين، كان للأخ من الأمّ السّدس

٦٣٨

والباقي للأخ من قبل الأب والأمّ، وسقط الأخ من قبل الأب. فإن خلّف إخوة وأخوات من قبل أب وأمّ، وإخوة وأخوات من قبل الأب، وإخوة وأخوات من قبل الأمّ، كان للإخوة والأخوات من قبل الأمّ الثّلث بينهم بالسّويّة، لا ينقصون عنه، والباقي للإخوة والأخوات من قبل الأب والأمّ، وسقط الإخوة والأخوات من قبل الأب.

فإن خلّف ثلاث أخوات متفرّقات، كان للأخت من قبل الأمّ السّدس، والباقي للأخت من قبل الأب والأمّ، وسقطت الأخت من قبل الأب على ما بيّنّاه. فإن كان في الفريضة زوج أو زوجة، كان له حقّه: النّصف إن كان زوجا، والرّبع إن كانت زوجة، والسّدس للأخت من قبل الأمّ، والباقي للأخت من قبل الأب والأمّ على ما بيّنّاه، وسقطت الأخت من قبل الأب.

ولا يرث مع الإخوة والأخوات سواء كانوا من قبل الأمّ أو من قبل الأب والأمّ أو من قبل الأب، أحد من ذوي الأرحام، من العمّ والعمّة وأولادهما، والخال والخالة وأولادهما. ويرث معهم الجدّ والجدّة على ما نبيّنه في باب مفرد، إن شاء الله.

ولا يرث معهم أيضا وإن اختلفت أسبابهم أحد من أولاد الإخوة والأخوات، سواء كان أولاد الإخوة والأخوات من قبل الأب أو من قبل الأب والأمّ أو من قبل الأمّ وعلى كلّ حال.

٦٣٩

وسهم الزّوج والزّوجة ثابت معهم على ما بيّنّاه، لا ينقصان عمّا سمّي لهما، ولا يزادان عليه: النّصف إن كان زوجا، والرّبع إن كانت زوجة، ليس لهما أكثر من ذلك على ما بيّنّاه.

باب ميراث الأزواج

الزّوج له النصف مع عدم الولد مع جميع ذوي الأرحام قريبا كان أو بعيدا، لا يزاد عليه ولا ينقص منه، وله الرّبع مع وجود الولد واحدا كان أو اثنين، ذكرا كان أو أنثى، لا يزاد على الرّبع شيئا ولا ينقّص منه.

والزّوجة لها الرّبع مع عدم الولد مع جميع ذوي الأرحام، ولها الثّمن مع وجود الولد لا يزاد عليه ولا ينقص منه. فإن خلّف الرّجل زوجتين أو ثلاثا أو أربعا، كان لهنّ الثّمن أو الرّبع بينهن بالسّوية، لا يزدن عليه شيئا. وإن كان لرجل أربع نسوة، فطلّق واحدة منهنّ، ثمَّ تزوّج بأخرى، ثمَّ مات، ولم تتميّز المطلّقة من غيرهنّ، فإنّه يجعل ربع الثّمن للتي تزوّجها أخيرا والثلاثة أرباع الثّمن بين الأربع نسوة اللاتي طلّق واحدة منهنّ، ولم تتميّز منهنّ.

ومن طلّق امرأته طلاقا يملك فيه الرّجعة، ثمَّ مات، فإنها ترثه ما دامت في العدة، ويرثها هو أيضا إن ماتت في العدّة.

٦٤٠

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793