النهاية الجزء ١

النهاية7%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الجزء ١ المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225258 / تحميل: 6342
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

يده مع يد الذّابح، ويسمّي الله تعالى، ويقول « وَجَّهْتُ وَجْهِيَ » إلى قوله « وأنا من المسلمين » ثمَّ يقول: « اللهم منك ولك. بسم الله، والله أكبر. اللهمّ تقبّل منّي » ثمَّ يمرّ السّكين. ولا ينخعه حتّى يموت. ومن أخطأ في الذّبيحة، فذكر غير صاحبها، كانت مجزئة عنه بالنّيّة. وينبغي أن يبدأ أيضا بالذّبح قبل الحلق، وفي العقيقة بالحلق قبل الذّبح. فإن قدّم الحلق على الذّبح ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء.

ومن السّنّة أن يأكل الإنسان من هديه لمتعته، ومن الأضحيّة ويطعم القانع والمعترّ: يأكل ثلثه، ويطعم القانع والمعترّ ثلثه، ويهدي لأصدقائه الثّلث الباقي. وقد بيّنّا أنه لا يجوز أن يأكل من الهدي المضمون إلّا إذا كان مضطرّا. فإن أكل منه من غير ضرورة، كان عليه قيمته. ولا بأس بأكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثة أيام وادّخارها. ولا يجوز أن يخرج من منى من لحم ما يضحّيه. ولا بأس بإخراج السّنام منه. ولا بأس أيضا بإخراج لحم قد ضحّاه غيره. ويستحبّ أن لا يأخذ شيئا من جلود الهدي والأضاحي، بل يتصدّق بها كلّها. ولا يجوز أيضا أن يعطيها الجزّار. وإذا أراد أن يخرج شيئا منها لحاجته إلى ذلك، تصدّق بثمنه.

ولا يجوز أن يحلق الرّجل رأسه، ولا أن يزور البيت، إلا بعد الذّبح، أو أن يبلغ الهدي محلّه. وهو أن يحصل في رحله

٢٦١

فإذا حصل في رحله بمنى، وأراد أن يحلق، جاز له ذلك. ومتى فعل ذلك ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء. ومن وجبت عليه بدنة في نذر أو كفّارة، ولم يجدها، كان عليه سبع شياه. فإن لم يجد، صام ثمانية عشر يوما إمّا بمكّة أو إذا رجع إلى أهله.

والصّبيّ إذا حجّ به متمتّعا، وجب على وليّه أن يذبح عنه.

ومن لم يتمكّن من شراء هدي، إلّا يبيع بعض ثيابه التي يتجمّل بها، لم يلزمه ذلك، وكان الصوم مجزئا عنه.

ويجزي الهدي عن الأضحيّة. وإن جمع بينهما، كان أفضل. ومن لم يجد الأضحيّة، جاز له أن يتصدّق بثمنها. فإن اختلفت أثمانها، نظر إلى الثّمن الأوّل والثّاني والثّالث، وجمعها ثمَّ يتصدّق بثلثها، وليس عليه شي‌ء.

ومن نذر لله تعالى أن ينحر بدنة، فإن سمّى الموضع الذي ينحرها فيه، وجب عليه الوفاء به، وإن لم يسمّ الموضع، لم يجز له أن ينحرها إلّا بفناء الكعبة. ويكره للإنسان أن يضحّي بكبش قد تولّى تربيته، ويستحبّ أن يكون ذلك ممّا يشتريه.

باب الحلق والتقصير

يستحبّ أن يحلق الإنسان رأسه بعد الذّبح. وإن كان صرورة، لا يجزئه غير الحلق. وإن كان ممّن حجّ حجّة الإسلام، جاز له التّقصير، والحلق أفضل. اللهمّ إلّا أن يكون قد لبّد

٢٦٢

شعره. فإن كان كذلك، لم يجزئه غير الحلق في جميع الأحوال.

ومن ترك الحلق عامدا أو التّقصير إلى أن يزور البيت، كان عليه دم شاة. وإن فعله ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء، وكان عليه إعادة الطّواف. ومن رحل من منى قبل الحلق، فليرجع إليها، ولا يحلق رأسه إلّا بها مع الاختيار. فإن لم يتمكّن من الرّجوع إليها، فليحلق رأسه في مكانه، ويردّ شعره إلى منى، ويدفنه هناك فإن لم يتمكّن من ردّ الشعر، لم يكن عليه شي‌ء.

والمرأة ليس عليها حلق، ويكفيها من التّقصير مقدار أنملة.

وإذا أراد أن يحلق، فليبدأ بناصيته من القرن الأيمن ويحلق إلى العظمين ويقول إذا حلق: « اللهمّ أعطني بكلّ شعرة نورا يوم القيامة ». ومن لم يكن على رأسه شعر، فليمرّ الموسى عليه. وقد أجزأه. وإذا حلق رأسه، فقد حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النّساء والطّيب، إن كان متمتّعا. فإن كان حاجّا غير متمتّع، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء. فإذا طاف طواف الزّيارة، حلّ له كلّ شي‌ء إلّا النّساء. فإذا طاف طواف النّساء، حلّت له أيضا النّساء.

ويستحبّ ألا يلبس الثّياب إلّا بعد الفراغ من طواف الزّيارة، وليس ذلك بمحظور. وكذلك يستحبّ ألّا يمسّ الطّيب إلّا بعد الفراغ من طواف النّساء، وإن لم يكن ذلك محظورا على ما قدّمناه.

٢٦٣

باب زيارة البيت والرجوع الى منى ورمي الجمار

فإذا فرغ من مناسكه بمنى، فليتوجّه إلى مكّة، وليزر البيت يوم النّحر، ولا يؤخره إلّا لعذر. فإن أخّره لعذر، زار من الغد ولا يؤخر أكثر من ذلك. هذا إذا كان متمتّعا. فإن كان مفردا أو قارنا، جاز له أن يؤخر الى أيّ وقت شاء، غير أنّه لا تحلّ له النّساء. وتعجيل الطّواف للقارن والمفرد أفضل من تأخيره.

ويستحبّ لمن أراد زيارة البيت أن يغتسل قبل دخول المسجد والطّواف بالبيت، ويقلّم أظفاره، ويأخذ من شاربه، ثمَّ ثمَّ يزور. ولا بأس أن يغتسل الإنسان بمنى، ثمَّ يجي‌ء إلى مكّة، فيطوف بذلك الغسل بالبيت. ولا بأس أن يغتسل بالنّهار ويطوف بالليل ما لم ينقض ذلك الغسل بحدث أو نوم. فإن نقضه بحدث أو نوم، فليعد الغسل استحبابا، حتّى يطوف وهو على غسل. ويستحبّ للمرأة أيضا أن تغتسل قبل الطّواف.

وإذا أراد أن يدخل المسجد، فليقف على بابه، ويقول: « اللهمّ أعنّي على نسكك » إلى آخر الدّعاء الذي ذكرناه في الكتاب المقدّم ذكره. ثمَّ يدخل المسجد، ويأتي الحجر الأسود فيستلمه ويقبّله. فإن لم يستطع، استلمه بيده وقبّل يده. فإن لم يتمكّن من ذلك أيضا، استقبله، وكبّر، وقال ما قال حين طاف بالبيت يوم قدم مكّة. ثمَّ يطوف بالبيت أسبوعا كما قدّمنا وصفه

٢٦٤

ويصلّي عند المقام ركعتين. ثمَّ ليرجع الى الحجر الأسود فيقبّله، إن استطاع، ويستقبله ويكبّر. ثمَّ ليخرج إلى الصّفا، فيصنع عنده ما صنع يوم دخل مكّة. ثمَّ يأتي المروة، ويطوف بينهما سبعة أشواط، يبدأ بالصّفا ويختم بالمروة.

فإذا فعل ذلك، فقد حلّ له كلّ شي‌ء أحرم منه إلّا النّساء. ثمَّ ليرجع الى البيت، فيطوف به طواف النّساء أسبوعا، يصلّي عند المقام ركعتين، وقد حلّ له النّساء.

وأعلم أنّ طواف النّساء فريضة في الحجّ وفي العمرة المبتولة. وليس بواجب في العمرة التي يتمتّع بها الى الحج. فإن مات من وجب عليه طواف النّساء. كان على وليّه القضاء عنه. وإن تركه وهو حيّ، كان عليه قضاؤه. فإن لم يتمكّن من الرّجوع الى مكّة، جاز له أن يأمر من يتوب عنه. فإذا طاف النّائب عنه، حلّت له النّساء. وطواف النّساء فريضة على النّساء والرّجال والشّيوخ والخصيان، لا يجوز لهم تركه على حال.

فإذا فرغ الإنسان من الطّواف فليرجع إلى منى ولا يبيت ليالي التّشريق إلّا بها. فإن بات في غيرها، كان عليه دم شاة. فإن بات بمكّة ليالي التّشريق، ويكون مشتغلا بالطّواف والعبادة، لم يكن عليه شي‌ء. وإن لم يكن مشتغلا بهما، كان عليه ما ذكرناه، وان خرج من منى بعد نصف اللّيل، جاز له أن يبيت بغيرها، غير أنّه لا يدخل مكّة إلّا بعد طلوع الفجر. وإن تمكّن ألّا يخرج

٢٦٥

منها إلّا بعد طلوع الفجر، كان أفضل. ومن بات الثّلاث ليال بغير منى متعمّدا، كان عليه ثلاثة من الغنم. والأفضل أن لا يبرح الإنسان أيّام التّشريق من منى. فإن أراد أن يأتي مكّة للطّواف بالبيت تطوّعا، جاز له ذلك، غير أنّ الأفضل ما قدّمناه.

وإذا رجع الإنسان إلى منى لرمي الجمار، كان عليه أن يرمي ثلاثة أيّام: الثّاني من النّحر والثّالث والرّابع، كلّ يوم بإحدى وعشرين حصاة. ويكون ذلك عند الزّوال، فإنّه الأفضل. فإن رماها ما بين طلوع الشمس الى غروبها، لم يكن به بأس.

فإذا أراد أن يرمي، فليبدأ بالجمرة الأولى، فليرمها عن يسارها من بطن المسيل بسبع حصيات يرميهنّ خذفا. ويكبّر مع كلّ حصاة، ويدعوا بالدّعاء الذي قدّمناه. ثمَّ يقوم عن يسار الطّريق ويستقبل القبلة، ويحمد الله تعالى ويثني عليه، ويصلّي على النّبيّ وآله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، ثمَّ ليتقدم قليلا ويدعوا ويسأله أن يتقبّل منه. ثمَّ يتقدّم أيضا ويرمي الجمرة الثّانية، ويصنع عندها كما صنع عند الأولى، ويقف ويدعوا، ثمَّ يمضي إلى الثّالثة فيرميها كما رمى الأوليين، ولا يقف عندها.

وإذا غابت الشّمس، ولم يكن قد رمى بعد، فلا يجوز له أن يرمي إلّا في الغد. فإذا كان من الغد، رمى ليومه مرّة، ومرّة قضاء لما فاته، ويفصل بينهما بساعة. وينبغي أن يكون الذي يرمي لأمسه بكرة، والذي ليومه عند الزّوال. فإن فاته رمي يومين،

٢٦٦

رماها كلّها يوم النّفر، وليس عليه شي‌ء. وقد بينا أنّه لا يجوز الرّمي باللّيل. وقد رخّص للعليل والخائف والرّعاة والعبيد الرّمي باللّيل. ومن نسي رمي الجمار الى أن أتى مكّة، عاد إلى منى، ورماها، وليس عليه شي‌ء. وحكم المرأة في جميع ما ذكرناه حكم الرّجل سواء.

فإن لم يذكر الى أن يخرج من مكّة، لم يكن عليه شي‌ء. إلّا أنّه إن حجّ في العام المقبل، أعاد ما كان قد فاته من رمي الجمار. وإن لم يحجّ أمر وليّه أن يرمي عنه. فإن لم يكن له وليّ، استعان برجل من المسلمين في قضاء ذلك عنه.

والترتيب واجب في الرّمي. يجب أن يبدأ بالجمرة العظمى ثمَّ الوسطى ثمَّ جمرة العقبة. فمن خالف شيئا منها، أو رماها منكوسة، كان عليه الإعادة. ومن بدأ بجمرة العقبة ثمَّ الوسطى ثمَّ الأولى، أعاد على الوسطى ثمَّ جمرة العقبة وقد أجزأه. فإن نسي فرمى الجمرة الأولى بثلاث حصيات، ورمى الجمرتين الأخريين على التّمام، كان عليه ان يعيد عليها كلّها. وإن كان قد رمى من الجمرة الأولى بأربع حصيات ثمَّ رمى الجمرتين على التّمام، كان عليه أن يعيد على الأولى بثلاث حصيات. وكذلك إن كان قد رمى على الوسطى أقل من أربعة، أعاد عليها وعلى ما بعدها. وإن رماها بأربعة، تمّمها، وليس عليه شي‌ء من الإعادة على الثّالثة. ومن رمى جمرة بست حصيات، وضاعت عنه واحدة،

٢٦٧

أعاد عليها بحصاة، وإن كان من الغد. ولا يجوز له أن يأخذ من حصى الجمار فيرمي بها. ومن علم أنّه قد نقص حصاة واحدة، ولم يعلم من أي الجمار هي، أعاد على كلّ واحدة منها بحصاة. فإن رمى بحصاة، فوقعت في محمله، أعاد مكانها حصاة أخرى. فإن أصابت إنسانا أو دابّة، ثمَّ وقعت على الجمرة، فقد أجزأه.

ولا بأس أن يرمي الإنسان راكبا. وإن رمى ماشيا، كان أفضل ولا بأس أن يرمى عن العليل والمبطون والمغمى عليه والصّبيّ.

وينبغي أن يكبّر الإنسان بمنى عقيب خمس عشرة صلاة. يبدأ بالتّكبير يوم النّحر من بعد الظّهر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّالث من أيّام التّشريق، وفي الأمصار عقيب عشر صلوات، يبدأ عقيب الظّهر من يوم النّحر إلى صلاة الفجر من اليوم الثّاني من أيّام التّشريق، ويقول في التّكبير: « الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلّا الله، والله أكبر، الله أكبر على ما هدانا، والحمد لله على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الأنعام ».

باب النفر من منى ودخول الكعبة ووداع البيت

لا بأس أن ينفر الإنسان من منى اليوم الثّاني من أيّام التّشريق وهو اليوم الثّالث من يوم النّحر. فإن أقام إلى النّفر الأخير، وهو اليوم الثّالث من أيّام التّشريق والرّابع من يوم النّحر، كان أفضل. فإن كان ممّن أصاب النّساء في إحرامه أو صيدا، لم يجز له أن

٢٦٨

ينفر في النّفر الأوّل. ويجب عليه المقام الى النّفر الأخير. وإذا أراد أن ينفر في النّفر الأوّل، فلا ينفر إلّا بعد الزّوال، إلّا أن تدعوه ضرورة إليه من خوف وغيره، فإنّه لا بأس أن ينفر قبل الزّوال، وله أن ينفر بعد الزّوال ما بينه وبين غروب الشّمس. فإذا غابت الشّمس، لم يجز له النّفر، وليبت بمنى الى الغد. وإذا نفر في النّفر الأخير، جاز له أن ينفر من بعد طلوع الشّمس أيّ وقت شاء. فإن لم ينفر وأراد المقام بمنى، جاز له ذلك، إلّا الإمام خاصّة، فإنّ عليه أن يصلّي الظّهر بمكّة.

ومن نفر من منى، وكان قد قضى مناسكه كلّها، جاز له أن لا يدخل مكّة. وإن كان قد بقي عليه شي‌ء من المناسك، فلا بدّ له من الرّجوع إليها. والأفضل على كلّ حال الرّجوع إليها لتوديع البيت وطواف الوداع.

ويستحبّ أن يصلّي الإنسان بمسجد منى، وهو مسجد الخيف. وكان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله مسجده عند المنارة التي في وسط المسجد، وفوقها إلى القبلة نحوا من ثلاثين ذراعا، وعن يمينها وعن يسارها مثل ذلك. فإن استطعت أن يكون مصلّاك فيه، فافعل. ويستحبّ أن يصلّي الإنسان ستّ ركعات في مسجد منى. فإذا بلغ مسجد الحصباء، وهو مسجد رسول الله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فليدخله وليسترح فيه قليلا وليستلق على قفاه.

٢٦٩

فإذا جاء إلى مكّة فليدخل الكعبة، إن تمكّن من ذلك سنّة واستحبابا. والصّرورة لا يترك دخولها على حال مع الاختيار. فإن لم يتمكّن من ذلك، لم يكن عليه شي‌ء.

فإذا أراد دخول الكعبة فليغتسل قبل دخولها سنّة مؤكّدة. فإذا دخلها، فلا يمتخط فيها، ولا يبصق. ولا يجوز دخولها بحذاء. ويقول إذا دخلها: « اللهمّ إنّك قلت: ومن دخله كان آمنا، فآمنّى من عذابك عذاب النار ».

ثمَّ يصلّي بين الأسطوانتين على الرّخامة الحمراء ركعتين، يقرأ في الأولى منهما « حم السّجدة » وفي الثّانية عدد آياتها، ثمَّ ليصلّ في زوايا البيت كلّها، ثمَّ يقول: « اللهمّ من تهيّأ وتعبّأ » إلى آخر الدّعاء. فإذا صلّى عند الرّخامة على ما قدّمناه، وفي زوايا البيت، قام فاستقبل الحائط بين الرّكن اليمانيّ والغربيّ، ويرفع يديه، ويلتصق به، ويدعوا. ثمَّ يتحوّل الى الرّكن اليمانيّ، فيفعل به مثل ذلك. ثمَّ يأتي الرّكن الغربيّ، ويفعل به أيضا مثل ذلك، ثمَّ ليخرج. ولا يجوز أن يصلّي الإنسان الفريضة جوف الكعبة مع الاختيار. فإن اضطرّ الى ذلك، لم يكن عليه بأس بالصّلاة فيها. فأمّا النّوافل فالصّلاة فيها مندوب اليه.

فإذا خرج من البيت ونزل عن الدرجة، صلّى عن يمينه ركعتين. فإذا أراد الخروج من مكّة، جاء الى البيت، فطاف به أسبوعا طواف الوداع سنّة مؤكّدة. فإن استطاع أن يستلم الحجر

٢٧٠

والرّكن اليمانيّ في كل شوط، وفعل. وإن لم يتمكّن، افتتح به، وختم به، وقد أجزأه. فإن لم يتمكن من ذلك أيضا، لم يكن عليه شي‌ء. ثمَّ يأتي المستجار، فيصنع عنده كما صنع يوم قدم مكّة. ويتخيّر لنفسه من الدّعاء ما أراد. ثمَّ يستلم الحجر الأسود، ثمَّ يودّع البيت ويقول: « اللهمّ لا تجعله آخر العهد من بيتك » ثمَّ ليأت زمزم فيشرب منه، ثمَّ ليخرج، ويقول: « آئبون تائبون، عابدون، لربّنا حامدون، الى ربّنا راغبون، الى ربّنا راجعون ». فإذا خرج من باب المسجد، فليكن خروجه من باب الحنّاطين. فيخرّ ساجدا، ويقوم مستقبل الكعبة، فيقول: « اللهمّ إني أنقلب على لا إله إلا الله ».

ومن لم يتمكّن من طواف الوداع، أو شغله شاغل عن ذلك حتى خرج، لم يكن عليه شي‌ء. فإذا أراد الخروج من مكّة، فليشتر بدرهم تمرا، وليتصدّق به، ليكون كفّارة لما دخل عليه في الإحرام، إن شاء الله.

باب فرائض الحج

فرائض الحجّ: الإحرام من الميقات، والتّلبيات الأربع، والطّواف بالبيت، إن كان متمتّعا، ثلاثة أطواف: طواف للعمرة، وطواف للزيارة، وطواف للنّساء، وإن كان قارنا أو مفردا، طوافان: طواف للحجّ، وطواف للنّساء، ويلزمه مع

٢٧١

كلّ طواف ركعتان عند المقام، وهما أيضا فرضان، والسّعي بين الصّفا والمروة، والوقوف بالموقفين: عرفات والمشعر الحرام وإن كان متمتّعا، كان الهدي أيضا واجبا عليه أو ما يقوم مقامه.

فمن ترك الإحرام متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا حتّى يجوز الميقات، كان عليه أن يرجع إليه، ويحرم منه، إذا تمكّن منه. فإن لم يتمكّن لضيق الوقت أو الخوف أو ما جرى مجراهما من أسباب الضّرورات، أحرم من موضعه وقد أجزأه. فإن كان قد دخل مكّة، وأمكنه الخروج الى خارج الحرم، فليخرج وليحرم منه. فإن لم يستطع ذلك، أحرم من موضعه.

ومن ترك التّلبية متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركها ناسيا، ثمَّ ذكر، فليجدّد التّلبية، وليس عليه شي‌ء.

ومن ترك طواف الزّيارة متعمّدا، فلا حجّ له. وإن تركه ناسيا، أعاد الطّواف أيّ وقت ذكره.

ومن ترك طواف النّساء متعمّدا، لم يبطل حجّة، إلّا أنّه لا تحلّ له النّساء، حتى يطوف عنه حسب ما قدّمناه. وركعتا الطّواف متى تركهما ناسيا، كان عليه قضاءهما حسب ما قدّمناه.

ومن ترك السّعي متعمّدا، فلا حجّ له. فإن تركه ناسيا،

٢٧٢

عليه قضاؤه حسب ما قدّمناه.

ومن ترك الوقوف بعرفات متعمّدا، أو بالمشعر الحرام، فلا حجّ له. فإن ترك الوقوف بعرفات ناسيا، كان عليه أن يعود، فيقف بها ما بينه وبين طلوع الفجر من يوم النّحر. فإن لم يذكر إلّا بعد طلوع الفجر، وكان قد وقف بالمشعر، فقد تمَّ حجّه، وليس عليه شي‌ء.

وإذا ورد الحاجّ ليلا، وعلم: أنّه مضى الى عرفات، وقف بها وإن كان قليلا، ثمَّ عاد الى المشعر الحرام قبل طلوع الشّمس، وجب عليه المضيّ إليها والوقوف بها، ثمَّ يجي‌ء إلى المشعر الحرام. فإن غلب على ظنّه أنّه إن مضى الى عرفات، لم يلحق المشعر قبل طلوع الشّمس، اقتصر على الوقوف بالمشعر، وقد تمَّ حجّه، وليس عليه شي‌ء.

ومن أدرك المشعر الحرام قبل طلوع الشّمس، فقد أدرك الحجّ. وإن أدركه بعد طلوع الشّمس، فقد فاته الحجّ.

ومن وقف بعرفات، ثمَّ قصد المشعر، فعاقه في الطّريق عائق، فلم يلحق الى قرب الزّوال، فقد تمَّ حجّه، ويقف قليلا بالمشعر ويمضي إلى منى. ومن لم يكن قد وقف بعرفات، وأدرك المشعر بعد طلوع الشّمس، فقد فاته الحجّ، لأنّه لم يلحق أحد الموقفين في وقته.

ومن فاته الحجّ، فليقم على إحرامه الى انقضاء أيّام

٢٧٣

التّشريق، ثمَّ يجي‌ء، فيطوف بالبيت، ويسعى بين الصّفا والمروة، ويجعل حجّته عمرة. وإن كان قد ساق معه هديا، فلينحره بمكّة وكان عليه الحجّ من قابل إن كانت حجته حجّة الإسلام. وإن كانت حجّة التّطوّع، كان بالخيار: إن شاء حجّ، وإن شاء لم يحجّ. ومن حضر المناسك كلّها ورتّبها في مواضعها. إلّا أنّه كان سكرانا، فلا حجّ له، وكان عليه الحجّ من قابل.

باب مناسك النساء في الحج والعمرة

قد بيّنّا فيما تقدّم من أن الحجّ واجب على النّساء كوجوبه على الرّجال. فمتى كانت المرأة لها زوج، فلا تخرج إلّا معه. فإن منعها زوجها من الخروج في حجّة الإسلام، جاز لها خلافه. ولتخرج، وتحجّ حجّة الإسلام. وإن أرادت أن تحجّ تطوّعا، فمنعها زوجها، فليس لها مخالفته.

وينبغي أن لا تخرج إلّا مع ذي محرم لها من أب أو أخ أو عمّ أو خال. فإن لم يكن لها أحد ممّن ذكرناه. جاز لها أن تخرج مع من تثق بدينه من المؤمنين.

وإذا كانت المرأة في عدّة الطّلاق، جاز لها أن تخرج في حجّة الإسلام، سواء كان للزّوج عليها رجعة أو لم تكن. وليس لها أن تخرج إذا كانت حجّتها تطوّعا، إلّا أن تكون العدّة

٢٧٤

لزوجها عليها فيها رجعة. فأمّا عدّة المتوفّى عنها زوجها، فلا بأس بها أن تخرج فيها الى الحجّ فرضا كان أو نفلا.

وإذا خرجت المرأة، وبلغت ميقات أهلها، فعليها أن تحرم منه، ولا تؤخره. فإن كانت حائضا، توضّأت وضوء الصّلاة واحتشت واستثفرت وأحرمت، إلّا أنها لا تصلّي ركعتي الإحرام فإن تركت الإحرام ظنّا منها أنّه لا يجوز لها ذلك، وجازت الميقات، كان عليها أن ترجع الى الميقات، فتحرم منه، إذا أمكنها ذلك. فإن لم يمكنها، أحرمت من موضعها. إذا لم تكن قد دخلت مكّة. فإن كانت قد دخلت مكّة، فلتخرج الى خارج الحرم، وتحرم من هناك. فإن لم يمكنها ذلك، أحرمت من موضعها، وليس عليها شي‌ء.

فإذا دخلت المرأة مكّة، وكانت متمتّعة، طافت بالبيت، وسعت بين الصّفا والمروة، وقصّرت. وقد أحلّت من كلّ ما أحرمت منه مثل الرّجل سواء.

فإن حاضت قبل الطّواف، انتظرت ما بينها وبين الوقت الذي تخرج الى عرفات. فإن طهرت، طافت وسعت. وإن لم تطهر، فقد مضت متعتها، وتكون حجّة مفردة، تقضي المناسك كلّها ثمَّ تعتمر بعد ذلك عمرة مبتولة. فإن طافت بالبيت ثلاثة أشواط ثمَّ حاضت، كان حكمها حكم من لم يطف. وإذا طافت أربعة أشواط، ثمَّ حاضت، قطعت الطّواف،

٢٧٥

وسعت بين الصّفا والمروة، وقصّرت، ثمَّ أحرمت بالحجّ، وقد تمّت متعتها.

فإذا فرغت من المناسك، وطهرت تمّمت الطّواف. وإن كانت قد طافت الطّواف كلّه، ولم تكن قد صلّت الرّكعتين عند المقام، فلتخرج من المسجد، ولتسع، وتعمل ما قدّمناه من الإحرام بالحجّ وقضاء المناسك، ثمَّ تقضي الرّكعتين إذا طهرت. وإذا طافت بالبيت بين الصّفا والمروة وقصّرت، ثمَّ أحرمت بالحجّ، وخافت أن يلحقها الحيض فيما بعد، فلا تتمكّن من طواف الزّيارة وطواف النّساء، فجائز لها أن تقدّم الطّوافين معا، والسّعي بين الصّفا والمروة، ثمَّ تخرج فتقضي المناسك كلّها، ثمَّ ترجع الى منزلها.

فإن كانت قد طافت طواف الزّيارة، وبقي عليها طواف النّساء، فلا تخرج من مكّة إلّا بعد أن تقضيه. وإن كانت قد طافت منه أربعة أشواط وأرادت الخروج، جاز لها أن تخرج وإن لم تتمّ الطّواف.

والمستحاضة لا بأس بها أن تطوف بالبيت، وتصلّي عند المقام، وتشهد المناسك كلّها، إذا فعلت ما تفعله المستحاضة. والفرق بينها وبين الحائض، أنّ الحائض لا يحلّ لها دخول المسجد، فلا تتمكّن من الطّواف، ولا يجوز لها أيضا الصّلاة، والطّواف لا بدّ فيه من الصّلاة، وليس هذا حكم المستحاضة.

٢٧٦

وإذا أرادت الحائض وداع البيت، فلا تدخل المسجد، ولتودّع من أدنى باب من أبواب المسجد، وتنصرف، إن شاء الله.

وإذا كانت المرأة عليلة لا تقدر على الطّواف، طيف بها، وتستلم الأركان والحجر. فإن كان عليها زحمة، فتكفيها الإشارة. ولا تزاحم الرّجال. وإن كان بها علّة تمنع من حملها والطّواف بها، طاف عنها وليّها، وليس عليها شي‌ء. وكذلك إذا كانت عليلة لا تعقل عند الإحرام، أحرم عنها وليّها، وجنّبها ما يجتنب المحرم، وقد تمَّ إحرامها. وليس على النّساء حلق ولا دخول البيت. فإن أرادت دخول البيت، فلتدخله إذا لم يكن هناك زحام. ولا يجوز للمستحاضة دخول البيت على حال.

باب من حج عن غيره

من وجب عليه الحجّ، لا يجوز له أن يحجّ عن غيره إلّا بعد أن يقضي حجّته التي وجبت عليه. فإذا قضاها، جاز له بعد ذلك أن يحجّ عن غيره. ومن ليس له مال يجب عليه الحجّ، جاز له أن يحجّ عن غيره. فإن تمكّن بعد ذلك من المال، كان عليه أن يحجّ عن نفسه، وقد أجزأت الحجّة التي حجّها عمّن حجّ عنه.

وينبغي لمن يحجّ عن غيره أن يذكره في المواضع كلّها،

٢٧٧

فيقول عند الإحرام: اللهمّ ما أصابني من تعب أو نصب أو لغوب فأجر فلان بن فلان، وأجرني في نيابتي عنه. وكذلك يذكره عند التّلبية والطّواف والسّعي وعند الموقفين وعند الذّبح وعند قضاء جميع المناسك، فإن لم يذكره في هذه المواضع، وكانت نيته الحجّ عنه، كان جائزا.

ومن أمر غيره أن يحجّ عنه متمتّعا، فليس له أن يحجّ عنه مفردا ولا قارنا. فإن حجّ عنه كذلك، لم يجزئه، وكان عليه الإعادة. وإن أمره أن يحجّ عنه مفردا أو قارنا، جاز له أن يحجّ عنه متمتّعا، لأنه يعدل الى ما هو الأفضل. ومن أمر غيره أن يحجّ عنه على طريق بعينها، جاز له أن يعدل عن ذلك الطّريق الى طريق آخر. وإذا أمره أن يحجّ عنه بنفسه، فليس له أن يأمر غيره بالنّيابة عنه. فإن جعل الأمر في ذلك اليه، جاز له أن يستنيب غيره فيه. وإذا أخذ حجة عن غيره، لا يجوز له أن يأخذ حجة أخرى، حتى يقضي التي أخذها.

وإذا حجّ عن غيره، فصدّ عن بعض الطّريق، كان عليه ممّا أخذه بمقدار ما بقي من الطّريق. اللهم إلّا أن يضمن الحجّ فيما يستأنف، ويتولّاه بنفسه.

فإن مات النّائب في الحجّ، وكان موته بعد الإحرام ودخول الحرم، فقد سقطت عنه عهدة الحجّ، وأجزأ عمّن حجّ عنه وإن مات قبل الإحرام ودخول الحرم، كان على ورثته، إن

٢٧٨

خلّف في أيديهم شيئا، مقدار ما بقي عليه من نفقة الطّريق. وإذا أخذ حجة، فأنفق ما أخذه في الطّريق من غير إسراف، واحتاج الى زيادة، كان على صاحب الحجّة أن يتمّمه استحبابا. فإن فضل من النّفقة شي‌ء، كان له، وليس لصاحب الحجّة الرّجوع عليه بالفضل. ولا يجوز للإنسان أن يطوف عن غيره وهو بمكّة، إلّا أن يكون الذي يطوف عنه مبطونا لا يقدر على الطّواف بنفسه، ولا يمكن حمله والطّواف به. وإن كان غائبا، جاز أن يطوف عنه.

وإذا حجّ الإنسان عن غيره من أخ له أو أب أو ذي قرابة أو مؤمن، فإن ثواب ذلك يصل الى من حجّ عنه من غير أن ينقض من ثوابه شي‌ء. وإذا حجّ الإنسان عمّن يجب عليه الحجّ بعد موته تطوّعا منه بذلك، فإنّه يسقط عن الميّت بذلك فرض الحجّ.

ومن كان عنده وديعة، فمات صاحبها، وله ورثة، ولم يكن قد حجّ حجّة الإسلام، جاز له أن يأخذ منها بقدر ما يحجّ عنه، ويردّ الباقي على ورثته، إذا غلب على ظنّه أنّ ورثته لا يقضون عنه حجّة الإسلام. فإن غلب على ظنّه أنّهم يتولّون القضاء عنه، فلا يجوز له أن يأخذ منها شيئا إلّا بأمرهم.

ولا بأس أن تحجّ المرأة عن الرّجل إذا كانت قد حجّت

٢٧٩

حجّة الإسلام، وكانت عارفة. وإذا لم تكن حجّت حجّة الإسلام، وكانت صرورة، لم يجز لها أن تحجّ عن غيرها على حال.

ولا يجوز لأحد أن يحجّ عن غيره إذا كان مخالفا له في الاعتقاد، اللهمّ إلّا أن يكون أباه، فإنّه يجوز له أن يحجّ عنه.

باب العمرة المفردة

العمرة فريضة مثل الحجّ، لا يجوز تركها. ومن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ، سقط عنه فرضها. وإن لم يتمتّع، كان عليه أن يعتمر بعد انقضاء الحجّ، إن أراد، بعد انقضاء أيّام التّشريق، وإن شاء أخّرها إلى استقبال المحرّم. ومن دخل مكّة بالعمرة المفردة في غير أشهر الحجّ، لم يجز له أن يتمتّع بها الى الحجّ. فإن أراد التّمتّع كان عليه تجديد عمرة في أشهر الحجّ. وإن دخل مكّة بالعمرة المفردة في أشهر الحجّ، جاز له أن يقضيها، ويخرج الى بلده أو أيّ موضع شاء. والأفضل له أن يقيم حتى يحجّ، ويجعلها متعة. وإذا دخلها بنيّة التّمتّع، لم يجز له أن يجعلها مفردة، وأن يخرج من مكّة، لأنّه صار مرتبطا بالحجّ. وأفضل العمرة ما كانت في رجب، وهي تلي الحجّ في الفضل.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

541

542

543

544

545

546

547

548

549

550

551

552

553

554

555

556

557

558

559

560

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

وللأمّ الثّلث، وللأب ما يبقى، وهو السّدس.

وكذلك لو خلّف الرّجل امرأة وخالا أو خالة وعمّا أو عمّة، كان للزّوجة الرّبع من أصل المال، وللخال أو الخالة الثّلث، وما يبقى فهو للعمّ أو العمّة. فتكون الفريضة من اثنى عشر: للزّوجة الرّبع من ذلك ثلاثة، وللخال أو الخالة أو لهما الثّلث أربعة، وتبقى خمسة، فهي للعمّ أو العمّة أو لهما. وقد استوفيت الفريضة. وهذه المسألة أيضا مثل رجل مات وخلف زوجة وأبوين، يكون للزّوجة الرّبع وللأمّ الثلث، وما يبقى فيكون للأب مثل الأولى سواء.

وكذلك إن خلّفت المرأة أو الرّجل زوجا أو زوجة وبني خال أو بني خالة، وبني عمّ أو بني عمّة، كان للزّوج النّصف، وللزّوجة الرّبع، ولبني الخال أو الخالة الثّلث، وما يبقى فلبني العمّ أو العمّة. لأنّ النّقصان يدخل عليهم كما يدخل على الإخوة من قبل الأب وعلى الأب نفسه دون الإخوة من قبل الأمّ ودون الأمّ نفسها.

وكذلك إن خلّف الرّجل أو المرأة زوجا أو زوجة، وجدّا من قبل الأب أو جدّة، أو جدّا وجدّة من قبل الأمّ، أو جدّا وجدّة من قبلهما، كان للزّوج النّصف، أو للزّوجة الرّبع، والثّلث للجدّ أو الجدّة من قبل الأمّ أو لهما، وما يبقى فللجدّ

٦٦١

أو الجدّة أو لهما من قبل الأب، يدخل النّقصان عليهما كما دخل على الأب.

فإن خلّف الميّت عمّة لأب هي خالة لأمّ، وعمّة أخرى لأب، وخالة لأب وأمّ، كان للعمّتين من قبل الأب الثّلثان، اثنى عشر من ثمانية عشر سهما، لكلّ واحدة منهما ستّة، وللخالة من الأمّ التي هي إحدى العمّتين من الأب سدس الثلث، وهو واحد من ثمانية عشر، فيصير معها سبعة، وللخالة الأخرى من الأب والأمّ خمسة أسهم من ثمانية عشر سهما.

باب توارث أهل الملتين

الكافر لا يرث المسلم على حال من الأحوال، كافرا أصليا كان أو مرتدا عن الإسلام، ولدا كان أو والدا أو ذا رحم، زوجا كان أو زوجة.

والمسلم يرث الكافر على كلّ حال كائنا من كان، إلّا أن يكون هناك من هو أولى منه بالميراث، فمنعه إيّاه.

فإذا خلّف المسلم ولدا كافرا، ولم يخلّف غيره من ولد ولا والد ولا ذي رحم ولا زوج ولا زوجة، كان ميراثه لبيت المال.

فإن خلّف مع الولد الكافر ولدا آخر مسلما، كان المال له

٦٦٢

ذكرا كان أو أنثى دون الكافر.

فإن كان بدل الولد المسلم، والدا أو والدة أو أحد ذوي أرحامه، قريبا كان أو بعيدا، كان المال للمسلم كائنا من كان، وسقط الولد الكافر، ولا يستحقّ منه شيئا على حال.

فإن خلّف ولدين أو ثلاثة وما زاد عليهم مسلمين، وولدا كافرا، كان المال لولده المسلمين دون الكافر. فإن أسلم الولد الكافر قبل أن يقسم المال، كان له نصيبه معهم. وإن أسلم بعد قسمتهم المال، لم يكن له شي‌ء على حال.

فإن خلّف ولدا واحدا مسلما، وآخر كافرا، كان المال للمسلم دون الكافر. فإن أسلم الكافر، لم يكن له من المال شي‌ء، لأنّ المسلم قد استحقّ المال عند موت الميّت. وإنّما يتصوّر القسمة إذا كانت التّركة بين نفسين فصاعدا. فإذا أسلم قبل القسمة قاسمهم على ما بيّنّاه. وذلك لا يتأتى في الواحد على حال.

فإن خلّف أولادا مسلمين ووالدين كافرين، كان المال لأولاده المسلمين دون الوالدين. فإن أسلما أو واحد منهما قبل قسمة المال، كان له سهمه مع الأولاد. وإن أسلم بعد القسمة، لم يكن له شي‌ء على حال.

فإن خلّف والدين مسلمين وولدا كافرا، كان المال للوالدين المسلمين. فإن أسلم الولد قبل قسمة الوالدين المال، كان لهما

٦٦٣

سهمهما السّدسان. والباقي للولد. وإن أسلم الولد بعد قسمتهما المال لم يكن له شي‌ء على حال. وإن كان المسلم من الوالدين أحدهما، كان المال له. فإن أسلم بعد ذلك الولد، لم يقاسمه المال على الأصل الذي بيّنّاه.

وإن خلّف الميّت ولدا كافرا، أو والدين كافرين أو أحدهما وكان كافرا، وابن ابن ابن عمّ أو عمة، أو ابن ابن خال أو خالة، أو من هو أبعد منهم، وكان مسلما، كان الميراث للبعيد المسلم، دون الولد والوالدين الكفّار.

فإن أسلم الولد أو الوالدان أو أحدهما، قبل قسمتهم المال، رجع الميراث إليهم، وسقط ذوو الأرحام. وإن أسلموا بعد قسمة المال، لم يكن لهم شي‌ء على حال.

وإذا خلّفت المرأة زوجها وكان مسلما، وولدا أو والدا أو ذوي أرحام كفّارا، كان الميراث للزّوج كلّه، وسقط هؤلاء كلّهم. فإن أسلموا، ردّ عليهم ما يفضل من سهم الزوج.

وإن خلّف الرّجل امرأة مسلمة، ولم يخلّف وارثا غيرها مسلما، وخلّف ورّاثا كفّارا، كان ربع ما تركه لزوجته، والباقي لإمام المسلمين، وسقط هؤلاء كلّهم. فإن أسلموا بعد ذلك قبل قسمة المال، ردّ عليهم ما يفضل عن سهم الزّوجة وإن كان إسلامهم بعد ذلك، لم يكن لهم شي‌ء على حال.

وإذا خلّف الكافر وارثا مسلما، ولدا كان أو والدا، أو ذا

٦٦٤

رحم، قريبا كان أو بعيدا، ذكرا كان أو أنثى، أو زوجا أو زوجة ولم يخلّف غيره، كان المال له. فإن خلّف مع المسلم كائنا من كان، وارثا كافرا، قريبا أو بعيدا، أو زوجا أو زوجة كان الميراث للوارث المسلم دون الكافر. فإن أسلم الكافر قبل قسمة المال، كان له ميراثه على قدر استحقاقه. وإن أسلم بعد ذلك، لم يكن له شي‌ء على حال.

وإذا خلّف الكافر أولادا صغارا، وإخوة وأخوات من قبل الأب، وإخوة وأخوات من قبل الأمّ مسلمين، كان للإخوة والأخوات من قبل الأمّ الثّلث، وللإخوة والأخوات من قبل الأب الثّلثان، وينفق الإخوة من قبل الأمّ على الأولاد بحساب حقّهم ثلث النّفقة، وينفق الإخوة والأخوات من الأب بحساب حقهم ثلثي النّفقة. فإذا بلغ الأولاد، فأسلموا، سلّم الإخوة إليهم ما بقي من الميراث. وإن اختاروا الكفر، تصرّفوا في باقي التّركة، ولم يعطوا الأولاد منها شيئا.

وإن كان أحد أبوي الأولاد الصّغار مسلما، وخلّف إخوة وأخوات من قبل أب، أو من قبل أمّ، كان الميراث للأولاد الصّغار. فإذا بلغوا أجبروا على الإسلام. وقهروا عليه. فإن أبوا، كانوا بحكم المرتدّين، وجرى عليهم ما يجري عليهم سواء.

والمسلم إذا كان له أولاد ذمّيّون وقرابة كفّار ومولى نعمة مسلم،

٦٦٥

كان ميراثه لمولى نعمته المسلم دون أولاده وقراباته الكفّار.

والمسلمون يتوارث بعضهم من بعض، وإن اختلفوا في الآراء والدّيانات، لأنّ الذي به تثبت الموارثة، إظهار الشّهادتين، والإقرار بأركان الشّريعة من الصّلاة والزكاة والصّوم والحجّ، دون فعل الإيمان الذي يستحقّ به الثّواب.

والكفّار على اختلافهم يتوارث بعضهم من بعض، لأنّ الكفر كالملّة الواحدة، لقول ابي عبد الله،عليه‌السلام : « لا يتوارث أهل ملّتين، نحن نرثهم ولا يرثونا » فجعل من خالف الإسلام ملّة واحدة.

والمسلم الذي ولد على الإسلام، ثمَّ ارتدّ، فقد بانت منه امرأته، ووجب عليها عدّة المتوفّى عنها زوجها، وقسم ميراثه بين أهله. ولا يستتاب بل يقتل على كلّ حال.

فإن لحق بدار الحرب، ثمَّ مات، وله أولاد كفّار، وليس له وارث مسلم، كان ميراثه لإمام المسلمين.

ومن كان كافرا، فأسلم، ثمَّ ارتدّ، عرض عليه الإسلام. فإن رجع إليه، وإلّا ضربت عنقه. فإن لحق بدار الحرب، ولم يقدر عليه، اعتدّت منه امرأته عدّة المطلّقة، ثمَّ يقسم ميراثه بين أهله. فإن رجع إلى الإسلام قبل انقضاء عدّتها، كان أملك بها. وإن رجع بعد انقضاء عدّتها، لم يكن له عليها سبيل. فإن مات على كفره، وله أولاد كفّار، ولم يخلّف

٦٦٦

وارثا مسلما، كان ميراثه لبيت المال. وقد روي: أنّه يكون ميراثه لورثته الكفّار. وذلك محمول على ضرب من التّقية لأنّه مذهب العامّة.

باب الحر المسلم يموت ويترك وارثا مملوكا

المملوك لا يرث الحرّ ما دام مملوكا، ولدا كان أو والدا أو ذا رحم مع وجود غيره من الورثة الأحرار، سواء كان ذلك الغير ولدا أو والدا، أو ذا رحم، قريبا أو بعيدا، ذكرا كان أو أنثى، على كلّ حال.

فإن خلّف الميّت الحرّ ولدا مملوكا وآخر حرّا، كان ميراثه لولده الحرّ دون المملوك. فإن أعتق المملوك قبل قسمة المال بين الورثة الأحرار، كان له نصيبه معهم، على حسب استحقاقه. وإن أعتق بعد قسمة الميراث، فلا ميراث له.

وكذلك إن كان الوارث الحرّ واحدا، لم يرث معه المملوك، وإن أعتق، لأنّ عند موت الميّت قد استحقّ الحرّ الميراث.

وإن خلّف الميّت ولدا مملوكا، وذا رحم، بعيد منه أو قريب حرّ، كان الميراث لذي رحمه. دون ولده المملوك. فإن أعتق الولد قبل قسمة المال، كان المال له دون ذي رحمه. وإن أعتق بعد قسمة الميراث، لم يكن له شي‌ء على حال.

فإن خلّف ولدا مملوكا، ولولده ولد حرّ، كان الميراث لولد

٦٦٧

ولده الحرّ دون ولده المملوك، ولم يمنع ولد الولد الميراث من حيث كان من يتقرّب به مملوكا. وكذلك الحكم في باقي ذوي الأرحام.

فإن كان للميّت وارث حرّ، وزوج أو زوجة مملوك، كان الميراث للحرّ، ولم يكن للزّوج والزّوجة شي‌ء على حال. فإن خلّف زوجا أو زوجة حرّا ووارثا آخر مملوكا، كان المال للزّوج أو الزّوجة على ما بيّنّاه ميراثهما مع فقد الوارث.

وإذا لم يخلّف الميّت وارثا حرّا على وجه، وخلّف وارثا مملوكا، ولدا كان أو والدا، أو أخا أو إخوة، أو واحدا من ذوي أرحامه، وجب أن يشترى من تركته، وأعتق، وأعطي بقية المال، ولم يكن لمالكه الامتناع من بيعه، بل يقهر عليه. هذا إذا كان قدر ما خلّفه بقيمة المملوك أو أكثر منه. فإن كانت التركة أقلّ من قيمة المملوك، لم يجب شراء الوارث على حال، وكان المال لبيت مال المسلمين. وحكم الزّوج والزّوجة حكم ذوي الأرحام في أنّه إذا لم يخلّف غيرهما اشتريا وأعتقا وورّثا على ما بيّنّاه. وقال بعض أصحابنا: « أنّه إذا كانت التّركة أقلّ من ثمن المملوك، استسعي في باقيه ». ولست أعرف بذلك أثرا. وينبغي أن يكون العمل على ما قلناه.

وكذلك إن خلّف وارثين مملوكين كلّ واحد منهما يرث مع صاحبه مثل ولدين، أو والدين، أو ولدا ووالدين، أو

٦٦٨

ولدا وأحد الأبوين، وما أشبه ذلك، ولم يخلّف إلّا مقدار ما يشترى به أحدهما، لم يجب شراء واحد منهما على حال. لأنّ القدر الذي يستحقّه قد نقص عن ثمنه. وذلك لا يوجب شراءه على ما بيّنّاه.

وأمّ الولد تجعل في نصيب ولدها، وتنعتق على ما بيّنّاه، وليس لها ميراث.

باب ميراث الموالي مع وجود ذوي الأرحام ومع فقدهم

إذا مات المعتق، وخلّف ذا رحم له حرّا مسلما، ولدا كان أو والدا، أو ذا رحم قريبا أو بعيدا، وعلى كلّ حال، كانت تركته له دون مواليه الذين أعتقوه. فإن لم يخلّف أحدا من ذوي أرحامه، فهو على ضربين: فإن كان سائبة، وهو الذي أعتق في الواجبات من النذور والأيمان والكفّارات، أو يكون قد أعتقه مولاه وتبرّأ من ضمان جريرته، وأشهد على ذلك، كان ميراث هؤلاء كلّهم لإمام المسلمين، إذا لم يكونوا توالوا إلى أحد يضمن عنهم جريرتهم وحدثهم، لأنّه من الأنفال وإن لم يكن المعتق سائبة، كان ميراثه لمن أعتقه رجلا كان أو امرأة.

٦٦٩

فإن كان الذي أعتقه لم يكن حيّا، وكان له أولاد ذكور وإناث، كان ميراث المعتق لولده الذّكور منهم دون الإناث. فإن لم يخلّف غير إناث من الأولاد، وخلّف معهنّ عصبة، كان ميراثه لعصبة مولاه دون بناته.

والوالدان يرثان المعتق إذا لم يكن للمعتق ولد. فإن لم يكن له والدان، وكان له إخوة وأخوات من قبل أب وأم أو من قبل أب، كان ميراث المولى لهم بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين. فإن كانوا من قبل أمّ، لم يكن لهم من ميراث المعتق شي‌ء على حال وكان المال للعصبة. فإن لم يكن له عصبة ولا أحد ممّن ذكرناه كان المال لبيت المال.

هذا إذا كان المعتق رجلا. فإن كانت امرأة، فميراث مولاها لها، إن كانت حيّة. وإن لم تكن حيّة فميراثه لعصبتها دون ولدها، ذكورا كانوا أو إناثا. وقد بيّنّا في باب الولاء من كتاب العتق تعلّق الولاء بعضه ببعض. فعلى ذلك تجري أحكام المواريث.

وسهم الزّوج والزّوجة ثابت في المعتق مع وجود ذوي الأرحام ومع فقدهم، والباقي إمّا للمولى أو للإمام.

ومن توالى إلى غيره، فضمن جريرته وحدثه، ثمَّ مات وخلّف وارثا قريبا كان أو بعيدا، كان ميراثه له دون من توالى إليه. فإن لم يكن له أحد من قريب ولا بعيد، وكان له زوج

٦٧٠

أو زوجة، كان له حقه، والباقي لمولاه الذي ضمن جريرته.

وإن مات، ولا يعرف له وارث، ولا يكون قد توالى إلى أحد، كان ميراثه للإمام. وهو القسم الثّالث من أقسام الموالي، وهو ميراث من لا وارث له، وذلك خاصّ له، لأنّه من الأنفال على ما بيّنّاه. وكان أمير المؤمنين،عليه‌السلام ، يعطي ميراث من لا وارث له فقراء أهل بلده وضعفاءهم. وذلك على سبيل التبرّع منه،عليه‌السلام .

وإذا خلّف الميّت ولدا غائبا لا يعرف خبره، وورثة شهودا، غير أنّ الغائب أولى به من الحاضر، فإنّه توقف تركته إلى أن يجي‌ء الغائب. فإن تطاولت المدّة، قسم بين الحاضرين، وكانوا ضامنين له إن جاء. وإن مات في غيبته بعد الموروث منه، وله ورثة، كان هؤلاء ضامنين للمال لورثته.

ومتى خلّف إنسان مالا، وليس له وارث، ولم يتمكّن من إيصاله إلى سلطان الحق، قسم ذلك في الفقراء والمساكين، ولا يعطى سلطان الجور منه شيئا على حال، إلّا أن يتغلّب عليه أو يخاف سطوته، فيجوز حينئذ تسليمه إليه للتقيّة والخوف.

باب ميراث القاتل ومن يستحق الدية

القاتل على ضربين: قاتل عمد، وقاتل خطأ.

فإذا كان قاتل عمد، فإنّه لا يرث المقتول: لا من تركته، ولا من ديته، إن قبل أولياؤه الدّية، ولدا كان أو والدا،

٦٧١

قريبا كان أو بعيدا، زوجا كان أو زوجة. وتكون تركة المقتول وديته لمن عدا القاتل من ورثته قريبا كان أو بعيدا.

فإن لم يكن للمقتول أحد غير الذي قتله، كان ميراثه لبيت المال، ولا يعطى القاتل شيئا منه على حال.

فإن قتل الرّجل ابنه، لم يرثه. فإن كان للقاتل أب وابن، ورثا المقتول، وكان الميراث بينهما نصفين لأنّه جدّ المقتول وأخوه.

وإن قتل الرّجل أباه، لم يرثه على حال. فإن كان للأب أولاد غير القاتل، كان ميراثه لهم. فإن لم يكن له ولد غير القاتل، وكان لولده ولد، ورث جدّه المقتول دون أبيه القاتل، ولم يمنع المال حيث كان من يتقرّب به ممنوعا.

وإذا كان القاتل خطأ، فإنه يرث المقتول على كلّ حال، ولدا كان أو والدا أو ذا رحم، أو زوجا أو زوجة، من نفس التّركة ومن الدّية. وقد رويت رواية بأنّ القاتل لا يرث وإن كان خطأ. وهذه رواية شاذّة لا عمل عليها، لأنّ أكثر الرّوايات على ما قدّمناه. وكان شيخنا،رحمه‌الله ، يحمل هذه الرّواية على أنّه: إذا كان القاتل خطأ، فإنّه لا يرث من الدّية، ويرث من التّركة، ليجمع بين الأخبار. وعلى هذا أعمل، لأنّه أحوط.

وإذا كان للمقتول وارث كافر، كان ميراثه لبيت المال.

٦٧٢

فإن أسلم الكافر كان له الميراث والمطالبة بالدّم. وإن لم يسلم، وكان المقتول عمدا، كان الإمام وليّه، وهو مخيّر بين أن يأخذ الدّية، فيجعلها في بيت مال المسلمين، أو يقيد به القاتل. وليس له أن يعفو لأنّ ذلك ليس بحقّه، فيجوز له تركه، وإنّما هو حقّ لجميع المسلمين.

وإذا كان على المقتول دين، وجب قضاؤه من الدّية كما يجب قضاؤه من نفس التّركة، سواء كان المقتول عمدا أو خطأ وعلى كلّ حال.

وقاتل العمد إذا كان مطيعا بالقتل، لم يمنع الميراث ولم يحرمه. وإنّما يحرم، إذا كان ظالما. ومثال ما ذكرناه أن يقتل الرّجل أباه وهو كافر أو باغ على إمام عادل، أو قتله بأمر الإمام إمّا قودا أو لغير ذلك. فإن ميراثه منه ثابت، ولم يستحقّ الحرمان.

والدّية يستحقّها جميع ورثة المقتول على سهام الله تعالى: الوالدان والولد والإخوة والأخوات، وكلّ من يتقرّب من جهة الأب خاصّة ذكرا كان أو أنثى. ولا يستحقّها الإخوة والأخوات من قبل الأمّ ولا أحد من ذوي أرحامها.

والزّوج والزّوجة يرث كلّ واحد منهما الآخر من نفس الدّية كما يرثه من نفس التّركة ما لم يقتل أحدهما صاحبه. فإن قتله، منع الميراث من التّركة والدية معا على ما بيّنّاه.

٦٧٣

والمطلّقة طلاقا يملك رجعتها إذا قتلت، ورثها الزّوج من تركتها وديتها. وان قتل الزّوج، ورثته أيضا مثل ذلك، ما دامت في العدّة من التّركة والدّية وتكون عليها عدّة المتوفّى عنها زوجها. فإذا خرجت من العدة لم يكن لها ميراث على حال. وكذلك إن كان طلاقا لا يملك فيها الرّجعة، لم يكن لواحد منهما ميراث من صاحبه على ما بيّنّاه.

باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم في وقت واحد ومن يشكل أمره من الناس

إذا غرق جماعة يتوارثون في وقت واحد، أو انهدم عليهم حائط، وما أشبه ذلك، ولم يعلم: أيّهم مات قبل صاحبه، ورّث بعضهم من بعض من نفس تركته لا ممّا يرثه من الآخر، يقدّم الأضعف في استحقاق الميراث ويؤخّر الأقوى ذلك.

مثال ذلك زوج وزوجة غرقا، فإنّه تفرض المسألة: كأنّ الزّوج مات أوّلا، وتورّث منه الزّوجة، لأنّ سهمها في الاستحقاق أقلّ من سهم الزّوج، ألا ترى أن أكثر ما تستحقّه المرأة الرّبع، والرّجل أكثر ما يستحقّه النّصف، فهو أقوى حظّا منها، فتعطى المرأة حقّها منه، والباقي لورثته. ثمَّ تفرض المسألة: بأنّها ماتت أوّلا، ويورّث الزّوج منها حقّه من نفس تركتها، لا ممّا ورثته، وتعطى ورثتها بقيّة المال.

ومثل أب وابن، فإنّه يفرض: كأنّ الابن مات أوّلا

٦٧٤

فيورّث الأب منه، لأنّ سهمه السّدس مع الولد، والباقي للابن فهو أضعف منه وتعطى ورثته ما يبقى من المال. ثمَّ تفرض المسألة أنّ الأب مات فيعطى الابن حقّه منه، والباقي لورثته. فإن فرضنا في هذه المسألة أنّ للأب وارثا، غير أنّ هذا الولد أولى منه، وفرضنا أنّ للولد وارثا، غير أنّ أباه أولى منه، فإنّه يصير ميراث الابن لورثة الأب، وميراث الأب لورثة الابن. لأنّا إذا فرضنا موت الابن أوّلا، صارت تركته للأب، وإذا فرضنا موت الأب بعد ذلك، صارت تركته خاصّة للولد، وصار ما كان ورثه من ابنه لورثته الأخر. وكذلك إذا فرضنا موت الأب تصير تركته خاصّة لورثة الابن، وعلى هذا يجري أصل هذا الباب.

فإن مات نفسان أحدهما لم يخلّف شيئا، والآخر خلّف، فالذي خلّف يرثه الآخر، وينتقل منه إلى ورثته دون ورثة الذي خلّف.

مثال ذلك المسألة الأولى: الأب والابن. فإنّه إن فرضنا أنّ الابن لم يخلّف شيئا، فالأب ليس له منه حظ. فإذا قدّرنا بعد ذلك موت الأب، ورثه الابن، فصارت تركة الأب لورثة الابن، وكذلك إن فرضنا انّ الابن له مال، وليس للأب مال، فإنّه إذا فرضنا موت الابن، انتقلت تركته إلى الأب. فإذا فرضنا بعد ذلك موت الأب لم يكن له شي‌ء إلى الابن. لأنّ الذي ورثه من الابن لا يرث الابن منه على ما بيّنّاه،

٦٧٥

فيصير ما ورثه من ابنه لورثته خاصة.

وللمسألة مثال آخر. وهو أن يفرض في أخوين معتقين ماتا، يرث كلّ واحد منهما صاحبه، ولأحدهما مال، وليس للآخر شي‌ء، ولهما موليان، ليس لهما غيرهما من الورّاث، فيصير ميراث الذي له مال لمولى الذي ليس له مال. لأنّا إذا فرضنا موت أحدهما الذي له مال، ورثه الآخر الذي ليس له مال. فإذا فرضنا بعد ذلك موته، لم يكن له شي‌ء له يرثه الآخر. والذي ورثه من أخيه ليس له وارث يرثه، فيصير لمولاه الذي أعتقه.

وهذه المسألة لا ترجيح فيها لتقديم أحدهما في التوريث على الآخر. لأنّه إن كانا أخوين من أب أو من أب وأم أو من أمّ، فإنّه يرث كلّ واحد منهما صاحبه مثل ما يرثه صاحبه من غير زيادة ولا نقصان، فليس أحدهما أقوى من الآخر. وإذا كانا كذلك، فأنت مخيّر في تقديم أيّهما شئت.

وإذا غرق نفسان ليس لكلّ واحد منهما وارث غير صاحبه، فميراثهما لبيت المال. لأنّ ما ينتقل إلى كلّ واحد منهما من صاحبه لا وارث له، فيصير ذلك لبيت المال. فإن كان أحدهما له وارث من ذي رحم أو مولى نعمة أو مولى ضامن جريرة أو زوج أو زوجة، فإنّ ميراث الذي له وارث لمن ليس له وارث، وينتقل منه إلى بيت المال، ويصير مال من ليس له وارث لمن له وارث، فينتقل منه إلى ورثته. وعلى هذا

٦٧٦

المثال يجري هذا الباب. فينبغي أن يتأمّل ما فيه، فإنّه يطلع منه على كلّ ما يرد من هذا الباب.

وإذا غرق نفسان في حالة واحدة يرث أحدهما صاحبه والآخر لا يرثه لا يورّث بعضهم من بعض، ويكون ميراث كلّ واحد منهما لورثته. مثال ذلك أن يغرق أخوان، ولأحد الأخوين أولاد، فإن مع وجود الأولاد لا يرثه الآخر، وأخوه ليس له ولد ولا والد إن صحّ أن يرثه هذا الأخ. فإذا كان كذلك، فينبغي أن يسقط هذا الحكم، لأنّه إنّما جعل ذلك بأن قيل: يورّث بعضهم من بعض. فإذا لم يصحّ ذلك فيه، فالحكم ساقط.

وإذا مات نفسان حتف أنفهما، لم يورّث بعضهما من بعض، ويكون ميراث كلّ واحد منهما لمن يرثه من الورّاث الأحياء، لأنّ هذا الحكم جعل في الموضع الذي يجوز فيه تقديم موت كلّ واحد منهما على صاحبه.

وإذا خلّف الميّت وارثا له ما للرّجال وما للنّساء، فإنّه يعتبر حاله بالبول، فأيهما سبق منه البول، ورّث عليه. فإن خرج من الموضعين سواء فأيّهما انقطع منه البول ورّث عليه. فإن انقطع منهما معا، ورّث ميراث الرّجال والنساء: نصف ميراث الرّجال ونصف ميراث النساء.

وقد روي عن أبي الحسن الثّالث،عليه‌السلام ، أنّه سأله

٦٧٧

يحيى بن أكثم عن هذه المسألة، وقال له: من ينظر إلى المبال: الرّجل أو المرأة؟ فإن نظر الرّجل، فإنّه لا يؤمن أن يكون الشّخص امرأة، ولا يحلّ له النّظر إلى فرجها. وان نظرت امرأة، فلا يؤمن أيضا أن يكون الشّخص رجلا، وليس لها أن تنظر إلى فرج رجل ليس بذي محرم لها ولا زوج. فأجاب،عليه‌السلام ، بأن قال: ينظر قوم عدول، يأخذ كلّ واحد منهم مرآة وتقوم الخنثى خلفهم عريانة، فينظرون في المرآة، فيرون شبحا فيها، فيحكمون عليه.

وقد روي أنّه تعدّ أضلاعه من الجانبين: فإن تساويا، ورّث ميراث المرأة، وإن زاد أحدهما على الآخر، ورّث ميراث الرّجال.

والأول أحوط وأكثر في الرّوايات.

فإن خلّف الميّت مولودا ليس له ما للرّجال ولا ما للنّساء، فإنّه يورّث بالقرعة، فيكتب على سهم « عبد الله » وعلى سهم آخر « أمة الله »، ويخلّطان بالرّقاع المبهمة، ثمَّ يستخرج واحد منهما، فأيهما خرج، ورّث عليه.

وإذا خلف الميّت شخصا له رأسان أو بدنان على حقو واحد، ترك حتّى ينام، ثمَّ ينبّه أحدهما: فإذا انتبه الآخر معه، ورّث ميراث شخص واحد، وإن لم ينتبه الآخر، ورّث ميراث شخصين.

٦٧٨

باب ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا والحميل واللقيط والمشكوك فيه

ولد الملاعنة لا يرثه أبوه سواء اعترف به بعد اللّعان أو لم يعترف به، ولا أحد من جهته من جدّ وجدّة وأخوات وعمومة وعمّات وأولادهم، وهو لا يرث واحدا منهم أيضا على حال. اللهمّ إلّا أن يعترف به أبوه بعد انقضاء اللّعان. فإن اعترف به، ورث الابن الأب دون غيره ممّن يتقرّب إليه من جهته، وميراثه لولده ومن يرث معهم من أمّ وزوج أو زوجة.

فإن لم يكن له ولد، فميراثه لأمّه إذا كانت حيّة. فإن لم تكن حيّة، فلإخوته وأخواته أو أولادهم من جهتها، الذّكر والأنثى فيه سواء.

فإن كان مع الإخوة والأخوات أو أولادهم جدّ أو جدّة، قاسمهم كواحد منهم. فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات ولا أولادهم ولا جدّ ولا جدّة، فميراثه لأخواله وخالاته بينهم بالسّويّة. فإن لم يكن له أحد منهم، فميراثه لأقرب النّاس إليه من جهة أمّه، ويكون الذّكر والأنثى فيه سواء.

فإن لم يكن له أحد من قبل أمّه، وكان له أقارب من جهة أبيه الذي نفاه، كان ميراثه لإمام المسلمين، ولم يكن لأقاربه من جهة أبيه شي‌ء على حال.

وولد الملاعنة يرث أمّه وجميع من يتقرّب إليه من جهتها

٦٧٩

من إخوة وأخوات وجد وجدّة وخال وخالة وغيرهم من الأقارب منها.

وقد روي أنّه لا يرث أحدا منهم، وهم يرثونه. والأوّل أحوط، لأنّ نسبه من جهة الأمّ ثابت نسبا شرعيّا، وبه تثبت الموارثة في شريعة الإسلام.

وقد روي أنّ ميراث ولد الملاعنة ثلثه لأمّه، والباقي لإمام المسلمين، لأنّ جنايته عليه، والعمل على ما قدّمناه.

فإن ترك ولد الملاعنة أخوين له أو أختين أو أخا وأختين، أحدهما أخا كان أو أختا من قبل الأب والأمّ، والآخر من قبل الأمّ، فالمال بينهما نصفين، لأنّ نسب الأخ من جهة الأب غير معتدّ به. وإنّما يعتدّ بما كان من جهة الأمّ. فكأنّه خلّف أخوين لأمّ وأختين لها، أو أخا وأختا لها، فيكون المال بينهما نصفين. فإن خلّف ابن أخيه لأمّه وابنة أخته لها، كان المال أيضا بينهما نصفين. وكذلك إن ترك بنت أخيه لأمّه وابن أخته لها، كان المال بينهما نصفين. لأنّ كلّ واحد منهما يأخذ نصيب من يتقرّب به، ومن يتقرّبون به من الأخ والأخت متساويان في القسمة. وكذلك إن خلّف أخا وأختا أو ابن أخ أو ابن أخت مع جدّ وجدّة من قبلها، كان المال بينهما أثلاثا لمثل ما ذكرناه.

وعلى هذا الأصل يجري ميراث ولد الملاعنة، فينبغي أن

٦٨٠

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793