النهاية الجزء ١

النهاية0%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

النهاية

مؤلف: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن الحسن الطوسي (شيخ الطائفة)
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف:

الصفحات: 793
المشاهدات: 216120
تحميل: 5677


توضيحات:

الجزء 1 المقدمة
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216120 / تحميل: 5677
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء 1

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

وللأمّ الثّلث، وللأب ما يبقى، وهو السّدس.

وكذلك لو خلّف الرّجل امرأة وخالا أو خالة وعمّا أو عمّة، كان للزّوجة الرّبع من أصل المال، وللخال أو الخالة الثّلث، وما يبقى فهو للعمّ أو العمّة. فتكون الفريضة من اثنى عشر: للزّوجة الرّبع من ذلك ثلاثة، وللخال أو الخالة أو لهما الثّلث أربعة، وتبقى خمسة، فهي للعمّ أو العمّة أو لهما. وقد استوفيت الفريضة. وهذه المسألة أيضا مثل رجل مات وخلف زوجة وأبوين، يكون للزّوجة الرّبع وللأمّ الثلث، وما يبقى فيكون للأب مثل الأولى سواء.

وكذلك إن خلّفت المرأة أو الرّجل زوجا أو زوجة وبني خال أو بني خالة، وبني عمّ أو بني عمّة، كان للزّوج النّصف، وللزّوجة الرّبع، ولبني الخال أو الخالة الثّلث، وما يبقى فلبني العمّ أو العمّة. لأنّ النّقصان يدخل عليهم كما يدخل على الإخوة من قبل الأب وعلى الأب نفسه دون الإخوة من قبل الأمّ ودون الأمّ نفسها.

وكذلك إن خلّف الرّجل أو المرأة زوجا أو زوجة، وجدّا من قبل الأب أو جدّة، أو جدّا وجدّة من قبل الأمّ، أو جدّا وجدّة من قبلهما، كان للزّوج النّصف، أو للزّوجة الرّبع، والثّلث للجدّ أو الجدّة من قبل الأمّ أو لهما، وما يبقى فللجدّ

٦٦١

أو الجدّة أو لهما من قبل الأب، يدخل النّقصان عليهما كما دخل على الأب.

فإن خلّف الميّت عمّة لأب هي خالة لأمّ، وعمّة أخرى لأب، وخالة لأب وأمّ، كان للعمّتين من قبل الأب الثّلثان، اثنى عشر من ثمانية عشر سهما، لكلّ واحدة منهما ستّة، وللخالة من الأمّ التي هي إحدى العمّتين من الأب سدس الثلث، وهو واحد من ثمانية عشر، فيصير معها سبعة، وللخالة الأخرى من الأب والأمّ خمسة أسهم من ثمانية عشر سهما.

باب توارث أهل الملتين

الكافر لا يرث المسلم على حال من الأحوال، كافرا أصليا كان أو مرتدا عن الإسلام، ولدا كان أو والدا أو ذا رحم، زوجا كان أو زوجة.

والمسلم يرث الكافر على كلّ حال كائنا من كان، إلّا أن يكون هناك من هو أولى منه بالميراث، فمنعه إيّاه.

فإذا خلّف المسلم ولدا كافرا، ولم يخلّف غيره من ولد ولا والد ولا ذي رحم ولا زوج ولا زوجة، كان ميراثه لبيت المال.

فإن خلّف مع الولد الكافر ولدا آخر مسلما، كان المال له

٦٦٢

ذكرا كان أو أنثى دون الكافر.

فإن كان بدل الولد المسلم، والدا أو والدة أو أحد ذوي أرحامه، قريبا كان أو بعيدا، كان المال للمسلم كائنا من كان، وسقط الولد الكافر، ولا يستحقّ منه شيئا على حال.

فإن خلّف ولدين أو ثلاثة وما زاد عليهم مسلمين، وولدا كافرا، كان المال لولده المسلمين دون الكافر. فإن أسلم الولد الكافر قبل أن يقسم المال، كان له نصيبه معهم. وإن أسلم بعد قسمتهم المال، لم يكن له شي‌ء على حال.

فإن خلّف ولدا واحدا مسلما، وآخر كافرا، كان المال للمسلم دون الكافر. فإن أسلم الكافر، لم يكن له من المال شي‌ء، لأنّ المسلم قد استحقّ المال عند موت الميّت. وإنّما يتصوّر القسمة إذا كانت التّركة بين نفسين فصاعدا. فإذا أسلم قبل القسمة قاسمهم على ما بيّنّاه. وذلك لا يتأتى في الواحد على حال.

فإن خلّف أولادا مسلمين ووالدين كافرين، كان المال لأولاده المسلمين دون الوالدين. فإن أسلما أو واحد منهما قبل قسمة المال، كان له سهمه مع الأولاد. وإن أسلم بعد القسمة، لم يكن له شي‌ء على حال.

فإن خلّف والدين مسلمين وولدا كافرا، كان المال للوالدين المسلمين. فإن أسلم الولد قبل قسمة الوالدين المال، كان لهما

٦٦٣

سهمهما السّدسان. والباقي للولد. وإن أسلم الولد بعد قسمتهما المال لم يكن له شي‌ء على حال. وإن كان المسلم من الوالدين أحدهما، كان المال له. فإن أسلم بعد ذلك الولد، لم يقاسمه المال على الأصل الذي بيّنّاه.

وإن خلّف الميّت ولدا كافرا، أو والدين كافرين أو أحدهما وكان كافرا، وابن ابن ابن عمّ أو عمة، أو ابن ابن خال أو خالة، أو من هو أبعد منهم، وكان مسلما، كان الميراث للبعيد المسلم، دون الولد والوالدين الكفّار.

فإن أسلم الولد أو الوالدان أو أحدهما، قبل قسمتهم المال، رجع الميراث إليهم، وسقط ذوو الأرحام. وإن أسلموا بعد قسمة المال، لم يكن لهم شي‌ء على حال.

وإذا خلّفت المرأة زوجها وكان مسلما، وولدا أو والدا أو ذوي أرحام كفّارا، كان الميراث للزّوج كلّه، وسقط هؤلاء كلّهم. فإن أسلموا، ردّ عليهم ما يفضل من سهم الزوج.

وإن خلّف الرّجل امرأة مسلمة، ولم يخلّف وارثا غيرها مسلما، وخلّف ورّاثا كفّارا، كان ربع ما تركه لزوجته، والباقي لإمام المسلمين، وسقط هؤلاء كلّهم. فإن أسلموا بعد ذلك قبل قسمة المال، ردّ عليهم ما يفضل عن سهم الزّوجة وإن كان إسلامهم بعد ذلك، لم يكن لهم شي‌ء على حال.

وإذا خلّف الكافر وارثا مسلما، ولدا كان أو والدا، أو ذا

٦٦٤

رحم، قريبا كان أو بعيدا، ذكرا كان أو أنثى، أو زوجا أو زوجة ولم يخلّف غيره، كان المال له. فإن خلّف مع المسلم كائنا من كان، وارثا كافرا، قريبا أو بعيدا، أو زوجا أو زوجة كان الميراث للوارث المسلم دون الكافر. فإن أسلم الكافر قبل قسمة المال، كان له ميراثه على قدر استحقاقه. وإن أسلم بعد ذلك، لم يكن له شي‌ء على حال.

وإذا خلّف الكافر أولادا صغارا، وإخوة وأخوات من قبل الأب، وإخوة وأخوات من قبل الأمّ مسلمين، كان للإخوة والأخوات من قبل الأمّ الثّلث، وللإخوة والأخوات من قبل الأب الثّلثان، وينفق الإخوة من قبل الأمّ على الأولاد بحساب حقّهم ثلث النّفقة، وينفق الإخوة والأخوات من الأب بحساب حقهم ثلثي النّفقة. فإذا بلغ الأولاد، فأسلموا، سلّم الإخوة إليهم ما بقي من الميراث. وإن اختاروا الكفر، تصرّفوا في باقي التّركة، ولم يعطوا الأولاد منها شيئا.

وإن كان أحد أبوي الأولاد الصّغار مسلما، وخلّف إخوة وأخوات من قبل أب، أو من قبل أمّ، كان الميراث للأولاد الصّغار. فإذا بلغوا أجبروا على الإسلام. وقهروا عليه. فإن أبوا، كانوا بحكم المرتدّين، وجرى عليهم ما يجري عليهم سواء.

والمسلم إذا كان له أولاد ذمّيّون وقرابة كفّار ومولى نعمة مسلم،

٦٦٥

كان ميراثه لمولى نعمته المسلم دون أولاده وقراباته الكفّار.

والمسلمون يتوارث بعضهم من بعض، وإن اختلفوا في الآراء والدّيانات، لأنّ الذي به تثبت الموارثة، إظهار الشّهادتين، والإقرار بأركان الشّريعة من الصّلاة والزكاة والصّوم والحجّ، دون فعل الإيمان الذي يستحقّ به الثّواب.

والكفّار على اختلافهم يتوارث بعضهم من بعض، لأنّ الكفر كالملّة الواحدة، لقول ابي عبد الله،عليه‌السلام : « لا يتوارث أهل ملّتين، نحن نرثهم ولا يرثونا » فجعل من خالف الإسلام ملّة واحدة.

والمسلم الذي ولد على الإسلام، ثمَّ ارتدّ، فقد بانت منه امرأته، ووجب عليها عدّة المتوفّى عنها زوجها، وقسم ميراثه بين أهله. ولا يستتاب بل يقتل على كلّ حال.

فإن لحق بدار الحرب، ثمَّ مات، وله أولاد كفّار، وليس له وارث مسلم، كان ميراثه لإمام المسلمين.

ومن كان كافرا، فأسلم، ثمَّ ارتدّ، عرض عليه الإسلام. فإن رجع إليه، وإلّا ضربت عنقه. فإن لحق بدار الحرب، ولم يقدر عليه، اعتدّت منه امرأته عدّة المطلّقة، ثمَّ يقسم ميراثه بين أهله. فإن رجع إلى الإسلام قبل انقضاء عدّتها، كان أملك بها. وإن رجع بعد انقضاء عدّتها، لم يكن له عليها سبيل. فإن مات على كفره، وله أولاد كفّار، ولم يخلّف

٦٦٦

وارثا مسلما، كان ميراثه لبيت المال. وقد روي: أنّه يكون ميراثه لورثته الكفّار. وذلك محمول على ضرب من التّقية لأنّه مذهب العامّة.

باب الحر المسلم يموت ويترك وارثا مملوكا

المملوك لا يرث الحرّ ما دام مملوكا، ولدا كان أو والدا أو ذا رحم مع وجود غيره من الورثة الأحرار، سواء كان ذلك الغير ولدا أو والدا، أو ذا رحم، قريبا أو بعيدا، ذكرا كان أو أنثى، على كلّ حال.

فإن خلّف الميّت الحرّ ولدا مملوكا وآخر حرّا، كان ميراثه لولده الحرّ دون المملوك. فإن أعتق المملوك قبل قسمة المال بين الورثة الأحرار، كان له نصيبه معهم، على حسب استحقاقه. وإن أعتق بعد قسمة الميراث، فلا ميراث له.

وكذلك إن كان الوارث الحرّ واحدا، لم يرث معه المملوك، وإن أعتق، لأنّ عند موت الميّت قد استحقّ الحرّ الميراث.

وإن خلّف الميّت ولدا مملوكا، وذا رحم، بعيد منه أو قريب حرّ، كان الميراث لذي رحمه. دون ولده المملوك. فإن أعتق الولد قبل قسمة المال، كان المال له دون ذي رحمه. وإن أعتق بعد قسمة الميراث، لم يكن له شي‌ء على حال.

فإن خلّف ولدا مملوكا، ولولده ولد حرّ، كان الميراث لولد

٦٦٧

ولده الحرّ دون ولده المملوك، ولم يمنع ولد الولد الميراث من حيث كان من يتقرّب به مملوكا. وكذلك الحكم في باقي ذوي الأرحام.

فإن كان للميّت وارث حرّ، وزوج أو زوجة مملوك، كان الميراث للحرّ، ولم يكن للزّوج والزّوجة شي‌ء على حال. فإن خلّف زوجا أو زوجة حرّا ووارثا آخر مملوكا، كان المال للزّوج أو الزّوجة على ما بيّنّاه ميراثهما مع فقد الوارث.

وإذا لم يخلّف الميّت وارثا حرّا على وجه، وخلّف وارثا مملوكا، ولدا كان أو والدا، أو أخا أو إخوة، أو واحدا من ذوي أرحامه، وجب أن يشترى من تركته، وأعتق، وأعطي بقية المال، ولم يكن لمالكه الامتناع من بيعه، بل يقهر عليه. هذا إذا كان قدر ما خلّفه بقيمة المملوك أو أكثر منه. فإن كانت التركة أقلّ من قيمة المملوك، لم يجب شراء الوارث على حال، وكان المال لبيت مال المسلمين. وحكم الزّوج والزّوجة حكم ذوي الأرحام في أنّه إذا لم يخلّف غيرهما اشتريا وأعتقا وورّثا على ما بيّنّاه. وقال بعض أصحابنا: « أنّه إذا كانت التّركة أقلّ من ثمن المملوك، استسعي في باقيه ». ولست أعرف بذلك أثرا. وينبغي أن يكون العمل على ما قلناه.

وكذلك إن خلّف وارثين مملوكين كلّ واحد منهما يرث مع صاحبه مثل ولدين، أو والدين، أو ولدا ووالدين، أو

٦٦٨

ولدا وأحد الأبوين، وما أشبه ذلك، ولم يخلّف إلّا مقدار ما يشترى به أحدهما، لم يجب شراء واحد منهما على حال. لأنّ القدر الذي يستحقّه قد نقص عن ثمنه. وذلك لا يوجب شراءه على ما بيّنّاه.

وأمّ الولد تجعل في نصيب ولدها، وتنعتق على ما بيّنّاه، وليس لها ميراث.

باب ميراث الموالي مع وجود ذوي الأرحام ومع فقدهم

إذا مات المعتق، وخلّف ذا رحم له حرّا مسلما، ولدا كان أو والدا، أو ذا رحم قريبا أو بعيدا، وعلى كلّ حال، كانت تركته له دون مواليه الذين أعتقوه. فإن لم يخلّف أحدا من ذوي أرحامه، فهو على ضربين: فإن كان سائبة، وهو الذي أعتق في الواجبات من النذور والأيمان والكفّارات، أو يكون قد أعتقه مولاه وتبرّأ من ضمان جريرته، وأشهد على ذلك، كان ميراث هؤلاء كلّهم لإمام المسلمين، إذا لم يكونوا توالوا إلى أحد يضمن عنهم جريرتهم وحدثهم، لأنّه من الأنفال وإن لم يكن المعتق سائبة، كان ميراثه لمن أعتقه رجلا كان أو امرأة.

٦٦٩

فإن كان الذي أعتقه لم يكن حيّا، وكان له أولاد ذكور وإناث، كان ميراث المعتق لولده الذّكور منهم دون الإناث. فإن لم يخلّف غير إناث من الأولاد، وخلّف معهنّ عصبة، كان ميراثه لعصبة مولاه دون بناته.

والوالدان يرثان المعتق إذا لم يكن للمعتق ولد. فإن لم يكن له والدان، وكان له إخوة وأخوات من قبل أب وأم أو من قبل أب، كان ميراث المولى لهم بينهم للذّكر مثل حظّ الأنثيين. فإن كانوا من قبل أمّ، لم يكن لهم من ميراث المعتق شي‌ء على حال وكان المال للعصبة. فإن لم يكن له عصبة ولا أحد ممّن ذكرناه كان المال لبيت المال.

هذا إذا كان المعتق رجلا. فإن كانت امرأة، فميراث مولاها لها، إن كانت حيّة. وإن لم تكن حيّة فميراثه لعصبتها دون ولدها، ذكورا كانوا أو إناثا. وقد بيّنّا في باب الولاء من كتاب العتق تعلّق الولاء بعضه ببعض. فعلى ذلك تجري أحكام المواريث.

وسهم الزّوج والزّوجة ثابت في المعتق مع وجود ذوي الأرحام ومع فقدهم، والباقي إمّا للمولى أو للإمام.

ومن توالى إلى غيره، فضمن جريرته وحدثه، ثمَّ مات وخلّف وارثا قريبا كان أو بعيدا، كان ميراثه له دون من توالى إليه. فإن لم يكن له أحد من قريب ولا بعيد، وكان له زوج

٦٧٠

أو زوجة، كان له حقه، والباقي لمولاه الذي ضمن جريرته.

وإن مات، ولا يعرف له وارث، ولا يكون قد توالى إلى أحد، كان ميراثه للإمام. وهو القسم الثّالث من أقسام الموالي، وهو ميراث من لا وارث له، وذلك خاصّ له، لأنّه من الأنفال على ما بيّنّاه. وكان أمير المؤمنين،عليه‌السلام ، يعطي ميراث من لا وارث له فقراء أهل بلده وضعفاءهم. وذلك على سبيل التبرّع منه،عليه‌السلام .

وإذا خلّف الميّت ولدا غائبا لا يعرف خبره، وورثة شهودا، غير أنّ الغائب أولى به من الحاضر، فإنّه توقف تركته إلى أن يجي‌ء الغائب. فإن تطاولت المدّة، قسم بين الحاضرين، وكانوا ضامنين له إن جاء. وإن مات في غيبته بعد الموروث منه، وله ورثة، كان هؤلاء ضامنين للمال لورثته.

ومتى خلّف إنسان مالا، وليس له وارث، ولم يتمكّن من إيصاله إلى سلطان الحق، قسم ذلك في الفقراء والمساكين، ولا يعطى سلطان الجور منه شيئا على حال، إلّا أن يتغلّب عليه أو يخاف سطوته، فيجوز حينئذ تسليمه إليه للتقيّة والخوف.

باب ميراث القاتل ومن يستحق الدية

القاتل على ضربين: قاتل عمد، وقاتل خطأ.

فإذا كان قاتل عمد، فإنّه لا يرث المقتول: لا من تركته، ولا من ديته، إن قبل أولياؤه الدّية، ولدا كان أو والدا،

٦٧١

قريبا كان أو بعيدا، زوجا كان أو زوجة. وتكون تركة المقتول وديته لمن عدا القاتل من ورثته قريبا كان أو بعيدا.

فإن لم يكن للمقتول أحد غير الذي قتله، كان ميراثه لبيت المال، ولا يعطى القاتل شيئا منه على حال.

فإن قتل الرّجل ابنه، لم يرثه. فإن كان للقاتل أب وابن، ورثا المقتول، وكان الميراث بينهما نصفين لأنّه جدّ المقتول وأخوه.

وإن قتل الرّجل أباه، لم يرثه على حال. فإن كان للأب أولاد غير القاتل، كان ميراثه لهم. فإن لم يكن له ولد غير القاتل، وكان لولده ولد، ورث جدّه المقتول دون أبيه القاتل، ولم يمنع المال حيث كان من يتقرّب به ممنوعا.

وإذا كان القاتل خطأ، فإنه يرث المقتول على كلّ حال، ولدا كان أو والدا أو ذا رحم، أو زوجا أو زوجة، من نفس التّركة ومن الدّية. وقد رويت رواية بأنّ القاتل لا يرث وإن كان خطأ. وهذه رواية شاذّة لا عمل عليها، لأنّ أكثر الرّوايات على ما قدّمناه. وكان شيخنا،رحمه‌الله ، يحمل هذه الرّواية على أنّه: إذا كان القاتل خطأ، فإنّه لا يرث من الدّية، ويرث من التّركة، ليجمع بين الأخبار. وعلى هذا أعمل، لأنّه أحوط.

وإذا كان للمقتول وارث كافر، كان ميراثه لبيت المال.

٦٧٢

فإن أسلم الكافر كان له الميراث والمطالبة بالدّم. وإن لم يسلم، وكان المقتول عمدا، كان الإمام وليّه، وهو مخيّر بين أن يأخذ الدّية، فيجعلها في بيت مال المسلمين، أو يقيد به القاتل. وليس له أن يعفو لأنّ ذلك ليس بحقّه، فيجوز له تركه، وإنّما هو حقّ لجميع المسلمين.

وإذا كان على المقتول دين، وجب قضاؤه من الدّية كما يجب قضاؤه من نفس التّركة، سواء كان المقتول عمدا أو خطأ وعلى كلّ حال.

وقاتل العمد إذا كان مطيعا بالقتل، لم يمنع الميراث ولم يحرمه. وإنّما يحرم، إذا كان ظالما. ومثال ما ذكرناه أن يقتل الرّجل أباه وهو كافر أو باغ على إمام عادل، أو قتله بأمر الإمام إمّا قودا أو لغير ذلك. فإن ميراثه منه ثابت، ولم يستحقّ الحرمان.

والدّية يستحقّها جميع ورثة المقتول على سهام الله تعالى: الوالدان والولد والإخوة والأخوات، وكلّ من يتقرّب من جهة الأب خاصّة ذكرا كان أو أنثى. ولا يستحقّها الإخوة والأخوات من قبل الأمّ ولا أحد من ذوي أرحامها.

والزّوج والزّوجة يرث كلّ واحد منهما الآخر من نفس الدّية كما يرثه من نفس التّركة ما لم يقتل أحدهما صاحبه. فإن قتله، منع الميراث من التّركة والدية معا على ما بيّنّاه.

٦٧٣

والمطلّقة طلاقا يملك رجعتها إذا قتلت، ورثها الزّوج من تركتها وديتها. وان قتل الزّوج، ورثته أيضا مثل ذلك، ما دامت في العدّة من التّركة والدّية وتكون عليها عدّة المتوفّى عنها زوجها. فإذا خرجت من العدة لم يكن لها ميراث على حال. وكذلك إن كان طلاقا لا يملك فيها الرّجعة، لم يكن لواحد منهما ميراث من صاحبه على ما بيّنّاه.

باب ميراث الغرقى والمهدوم عليهم في وقت واحد ومن يشكل أمره من الناس

إذا غرق جماعة يتوارثون في وقت واحد، أو انهدم عليهم حائط، وما أشبه ذلك، ولم يعلم: أيّهم مات قبل صاحبه، ورّث بعضهم من بعض من نفس تركته لا ممّا يرثه من الآخر، يقدّم الأضعف في استحقاق الميراث ويؤخّر الأقوى ذلك.

مثال ذلك زوج وزوجة غرقا، فإنّه تفرض المسألة: كأنّ الزّوج مات أوّلا، وتورّث منه الزّوجة، لأنّ سهمها في الاستحقاق أقلّ من سهم الزّوج، ألا ترى أن أكثر ما تستحقّه المرأة الرّبع، والرّجل أكثر ما يستحقّه النّصف، فهو أقوى حظّا منها، فتعطى المرأة حقّها منه، والباقي لورثته. ثمَّ تفرض المسألة: بأنّها ماتت أوّلا، ويورّث الزّوج منها حقّه من نفس تركتها، لا ممّا ورثته، وتعطى ورثتها بقيّة المال.

ومثل أب وابن، فإنّه يفرض: كأنّ الابن مات أوّلا

٦٧٤

فيورّث الأب منه، لأنّ سهمه السّدس مع الولد، والباقي للابن فهو أضعف منه وتعطى ورثته ما يبقى من المال. ثمَّ تفرض المسألة أنّ الأب مات فيعطى الابن حقّه منه، والباقي لورثته. فإن فرضنا في هذه المسألة أنّ للأب وارثا، غير أنّ هذا الولد أولى منه، وفرضنا أنّ للولد وارثا، غير أنّ أباه أولى منه، فإنّه يصير ميراث الابن لورثة الأب، وميراث الأب لورثة الابن. لأنّا إذا فرضنا موت الابن أوّلا، صارت تركته للأب، وإذا فرضنا موت الأب بعد ذلك، صارت تركته خاصّة للولد، وصار ما كان ورثه من ابنه لورثته الأخر. وكذلك إذا فرضنا موت الأب تصير تركته خاصّة لورثة الابن، وعلى هذا يجري أصل هذا الباب.

فإن مات نفسان أحدهما لم يخلّف شيئا، والآخر خلّف، فالذي خلّف يرثه الآخر، وينتقل منه إلى ورثته دون ورثة الذي خلّف.

مثال ذلك المسألة الأولى: الأب والابن. فإنّه إن فرضنا أنّ الابن لم يخلّف شيئا، فالأب ليس له منه حظ. فإذا قدّرنا بعد ذلك موت الأب، ورثه الابن، فصارت تركة الأب لورثة الابن، وكذلك إن فرضنا انّ الابن له مال، وليس للأب مال، فإنّه إذا فرضنا موت الابن، انتقلت تركته إلى الأب. فإذا فرضنا بعد ذلك موت الأب لم يكن له شي‌ء إلى الابن. لأنّ الذي ورثه من الابن لا يرث الابن منه على ما بيّنّاه،

٦٧٥

فيصير ما ورثه من ابنه لورثته خاصة.

وللمسألة مثال آخر. وهو أن يفرض في أخوين معتقين ماتا، يرث كلّ واحد منهما صاحبه، ولأحدهما مال، وليس للآخر شي‌ء، ولهما موليان، ليس لهما غيرهما من الورّاث، فيصير ميراث الذي له مال لمولى الذي ليس له مال. لأنّا إذا فرضنا موت أحدهما الذي له مال، ورثه الآخر الذي ليس له مال. فإذا فرضنا بعد ذلك موته، لم يكن له شي‌ء له يرثه الآخر. والذي ورثه من أخيه ليس له وارث يرثه، فيصير لمولاه الذي أعتقه.

وهذه المسألة لا ترجيح فيها لتقديم أحدهما في التوريث على الآخر. لأنّه إن كانا أخوين من أب أو من أب وأم أو من أمّ، فإنّه يرث كلّ واحد منهما صاحبه مثل ما يرثه صاحبه من غير زيادة ولا نقصان، فليس أحدهما أقوى من الآخر. وإذا كانا كذلك، فأنت مخيّر في تقديم أيّهما شئت.

وإذا غرق نفسان ليس لكلّ واحد منهما وارث غير صاحبه، فميراثهما لبيت المال. لأنّ ما ينتقل إلى كلّ واحد منهما من صاحبه لا وارث له، فيصير ذلك لبيت المال. فإن كان أحدهما له وارث من ذي رحم أو مولى نعمة أو مولى ضامن جريرة أو زوج أو زوجة، فإنّ ميراث الذي له وارث لمن ليس له وارث، وينتقل منه إلى بيت المال، ويصير مال من ليس له وارث لمن له وارث، فينتقل منه إلى ورثته. وعلى هذا

٦٧٦

المثال يجري هذا الباب. فينبغي أن يتأمّل ما فيه، فإنّه يطلع منه على كلّ ما يرد من هذا الباب.

وإذا غرق نفسان في حالة واحدة يرث أحدهما صاحبه والآخر لا يرثه لا يورّث بعضهم من بعض، ويكون ميراث كلّ واحد منهما لورثته. مثال ذلك أن يغرق أخوان، ولأحد الأخوين أولاد، فإن مع وجود الأولاد لا يرثه الآخر، وأخوه ليس له ولد ولا والد إن صحّ أن يرثه هذا الأخ. فإذا كان كذلك، فينبغي أن يسقط هذا الحكم، لأنّه إنّما جعل ذلك بأن قيل: يورّث بعضهم من بعض. فإذا لم يصحّ ذلك فيه، فالحكم ساقط.

وإذا مات نفسان حتف أنفهما، لم يورّث بعضهما من بعض، ويكون ميراث كلّ واحد منهما لمن يرثه من الورّاث الأحياء، لأنّ هذا الحكم جعل في الموضع الذي يجوز فيه تقديم موت كلّ واحد منهما على صاحبه.

وإذا خلّف الميّت وارثا له ما للرّجال وما للنّساء، فإنّه يعتبر حاله بالبول، فأيهما سبق منه البول، ورّث عليه. فإن خرج من الموضعين سواء فأيّهما انقطع منه البول ورّث عليه. فإن انقطع منهما معا، ورّث ميراث الرّجال والنساء: نصف ميراث الرّجال ونصف ميراث النساء.

وقد روي عن أبي الحسن الثّالث،عليه‌السلام ، أنّه سأله

٦٧٧

يحيى بن أكثم عن هذه المسألة، وقال له: من ينظر إلى المبال: الرّجل أو المرأة؟ فإن نظر الرّجل، فإنّه لا يؤمن أن يكون الشّخص امرأة، ولا يحلّ له النّظر إلى فرجها. وان نظرت امرأة، فلا يؤمن أيضا أن يكون الشّخص رجلا، وليس لها أن تنظر إلى فرج رجل ليس بذي محرم لها ولا زوج. فأجاب،عليه‌السلام ، بأن قال: ينظر قوم عدول، يأخذ كلّ واحد منهم مرآة وتقوم الخنثى خلفهم عريانة، فينظرون في المرآة، فيرون شبحا فيها، فيحكمون عليه.

وقد روي أنّه تعدّ أضلاعه من الجانبين: فإن تساويا، ورّث ميراث المرأة، وإن زاد أحدهما على الآخر، ورّث ميراث الرّجال.

والأول أحوط وأكثر في الرّوايات.

فإن خلّف الميّت مولودا ليس له ما للرّجال ولا ما للنّساء، فإنّه يورّث بالقرعة، فيكتب على سهم « عبد الله » وعلى سهم آخر « أمة الله »، ويخلّطان بالرّقاع المبهمة، ثمَّ يستخرج واحد منهما، فأيهما خرج، ورّث عليه.

وإذا خلف الميّت شخصا له رأسان أو بدنان على حقو واحد، ترك حتّى ينام، ثمَّ ينبّه أحدهما: فإذا انتبه الآخر معه، ورّث ميراث شخص واحد، وإن لم ينتبه الآخر، ورّث ميراث شخصين.

٦٧٨

باب ميراث ولد الملاعنة وولد الزنا والحميل واللقيط والمشكوك فيه

ولد الملاعنة لا يرثه أبوه سواء اعترف به بعد اللّعان أو لم يعترف به، ولا أحد من جهته من جدّ وجدّة وأخوات وعمومة وعمّات وأولادهم، وهو لا يرث واحدا منهم أيضا على حال. اللهمّ إلّا أن يعترف به أبوه بعد انقضاء اللّعان. فإن اعترف به، ورث الابن الأب دون غيره ممّن يتقرّب إليه من جهته، وميراثه لولده ومن يرث معهم من أمّ وزوج أو زوجة.

فإن لم يكن له ولد، فميراثه لأمّه إذا كانت حيّة. فإن لم تكن حيّة، فلإخوته وأخواته أو أولادهم من جهتها، الذّكر والأنثى فيه سواء.

فإن كان مع الإخوة والأخوات أو أولادهم جدّ أو جدّة، قاسمهم كواحد منهم. فإن لم يكن له إخوة ولا أخوات ولا أولادهم ولا جدّ ولا جدّة، فميراثه لأخواله وخالاته بينهم بالسّويّة. فإن لم يكن له أحد منهم، فميراثه لأقرب النّاس إليه من جهة أمّه، ويكون الذّكر والأنثى فيه سواء.

فإن لم يكن له أحد من قبل أمّه، وكان له أقارب من جهة أبيه الذي نفاه، كان ميراثه لإمام المسلمين، ولم يكن لأقاربه من جهة أبيه شي‌ء على حال.

وولد الملاعنة يرث أمّه وجميع من يتقرّب إليه من جهتها

٦٧٩

من إخوة وأخوات وجد وجدّة وخال وخالة وغيرهم من الأقارب منها.

وقد روي أنّه لا يرث أحدا منهم، وهم يرثونه. والأوّل أحوط، لأنّ نسبه من جهة الأمّ ثابت نسبا شرعيّا، وبه تثبت الموارثة في شريعة الإسلام.

وقد روي أنّ ميراث ولد الملاعنة ثلثه لأمّه، والباقي لإمام المسلمين، لأنّ جنايته عليه، والعمل على ما قدّمناه.

فإن ترك ولد الملاعنة أخوين له أو أختين أو أخا وأختين، أحدهما أخا كان أو أختا من قبل الأب والأمّ، والآخر من قبل الأمّ، فالمال بينهما نصفين، لأنّ نسب الأخ من جهة الأب غير معتدّ به. وإنّما يعتدّ بما كان من جهة الأمّ. فكأنّه خلّف أخوين لأمّ وأختين لها، أو أخا وأختا لها، فيكون المال بينهما نصفين. فإن خلّف ابن أخيه لأمّه وابنة أخته لها، كان المال أيضا بينهما نصفين. وكذلك إن ترك بنت أخيه لأمّه وابن أخته لها، كان المال بينهما نصفين. لأنّ كلّ واحد منهما يأخذ نصيب من يتقرّب به، ومن يتقرّبون به من الأخ والأخت متساويان في القسمة. وكذلك إن خلّف أخا وأختا أو ابن أخ أو ابن أخت مع جدّ وجدّة من قبلها، كان المال بينهما أثلاثا لمثل ما ذكرناه.

وعلى هذا الأصل يجري ميراث ولد الملاعنة، فينبغي أن

٦٨٠