النهاية الجزء ١

النهاية10%

النهاية مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 793

الجزء ١ المقدمة
  • البداية
  • السابق
  • 793 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 225157 / تحميل: 6337
الحجم الحجم الحجم
النهاية

النهاية الجزء ١

مؤلف:
الناشر: دارالكتاب العربي
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

والرّكوع فريضة في كلّ ركعة من الصّلاة. فمن صلّى ولم يركع متعمّدا، فلا صلاة له. وإن ترك ناسيا، فسنذكر أحكامه إن شاء الله. وينبغي أن يكون في حال ركوعه على ما وصفناه.

والتسبيح في الرّكوع فريضة. من تركه متعمّدا، فلا صلاة له. وإن تركه ناسيا، فسنبيّنه، إن شاء الله، فيما بعد. وأقلّ ما يجزي من التّسبيح في الرّكوع تسبيحة واحدة. وهو أن يقول: « سبحان ربّي العظيم وبحمده ». والأفضل أن يقول ذلك ثلاث مرّات. وإن قالها خمسا أو سبعا، كان أفضل. وإن قال ثلاث مرّات: « سبحان الله » أجزأه أيضا. وإن قال بدلا من التسبيح: « لا إله إلّا الله، والله أكبر »، كان جائزا. ويستحبّ أن يقول في ركوعه: « اللهمّ لك ركعت، ولك خشعت، وبك آمنت، ولك أسلمت. وعليك توكّلت، وأنت ربّي. خشع لك سمعي وبصري وشعري وبشري ومخّي وعصبي وعظامي، وما أقلّته قدماي، غير مستنكف ولا مستحسر ولا مستكبر. سبحان ربّي العظيم وبحمده » ثلاثا أو خمسا أو سبعا. فإن لم يقل ذلك، واقتصر على التّسبيح، لم يكن عليه شي‌ء. ويكره أن يركع الإنسان ويداه تحت ثيابه. بل يستحبّ أن تكون بارزة، أو تكون في كمّه. فإن لم يفعل، لم يخلّ ذلك بصلاته.

فإذا رفع رأسه من الرّكوع يقول: « سمع الله لمن حمده. الحمد لله رب العالمين أهل الجود والجبروت والكبرياء والعظمة »

٨١

يرفع بذلك صوته إن كان إماما. وإن كان مأموما، أخفاه. ثمَّ يرفع يديه بالتّكبير للسّجود.

فإذا كبّر أهوى إلى السّجود، يتخوّى كما يتخوّى البعير الضّامر عند بروكه. ويكون سجوده على سبعة أعظم حسب ما قدمناه. والسّجود فريضة، في كلّ ركعة سجدتان. فمن تركهما معا أو واحدة منهما متعمّدا، فلا صلاة له. وإن تركهما أو واحدة منهما ناسيا فسنبيّن حكمه، إن شاء الله. والتّسبيح في السّجود أيضا فريضة. فمن تركه متعمّدا، فلا صلاة له. ومن تركه ناسيا، فسنذكر حكمه. إن شاء الله.

وأقلّ ما يجزي من التّسبيح في السّجود أن يقول: « سبحان ربّي الأعلى وبحمده » مرّة واحدة. والسّنّة أن يقول ذلك ثلاث مرّات، والأفضل سبع مرّات. ويستحبّ له أن يقول في سجوده: « اللهمّ لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، وعليك توكّلت، وأنت ربّي، سجد وجهي للّذي خلقه وصوره وشقّ سمعه وبصره. تبارك الله أحسن الخالقين. سبحان ربّي الأعلى وبحمده » مرّة واحدة ثلاثا أو خمسا أو سبعا.

وموضع السّجود من قصاص شعر الرّأس إلى الجبهة. أيّ شي‌ء وقع منه على الأرض، فقد أجزأه. فإن كان في جبهته دمّل أو جراح لم يتمكن من السّجود عليه، فلا بأس أن يسجد على أحد جانبيه. فإن لم يتمكّن، سجد على ذقنه، وقد أجزأه ذلك. وإن جعل لموضع

٨٢

الدمّل حفيرة ووضعه فيها، لم يكن به بأس. ولا يجوز أن لا يمكّن جبهته من الأرض في حال السّجود مع الاختيار.

ويستحبّ أن يكون موضع السّجود مساويا لموضع القيام، ولا يكون أرفع منه. فإن كان أرفع منه بمقدار لبنة، جار، ولم يكن به بأس، ولا يكون أكثر من ذلك.

ولا بأس أن يدعو الإنسان لدينه وديناه في حال الرّكوع والسّجود وفي جميع أحوال الصّلاة.

والتّشهّد فريضة في الصّلاة. فمن تركه متعمّدا، فلا صلاة له. وإن تركه ناسيا، فسنبيّن حكمه، إن شاء الله. ولا فرق بين التّشهد الأوّل والثّاني في وجوبهما وفرضهما. وأقلّ ما يجزي الإنسان في التّشهّد الشّهادتان والصّلاة على النّبيّ محمّد وآله الطّيبين. فإن زاد على ذلك، كان أفضل. ويستحبّ أن يقول الإنسان في تشهّده الأوّل. « بسم الله والأسماء الحسنى كلّها لله. أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له. وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي السّاعة. اللهمّ صل على محمّد وآل محمّد. وتقبّل شفاعته في أمّته وارفع درجته ». وإن قال هذا في التّشهّد الثاني وجميع الصّلوات، لم يكن به بأس، غير أنه يستحبّ أن يقول في التّشهّد الأخير « بسم الله وبالله والأسماء الحسنى كلّها لله. أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له. وأشهد أنّ محمدا عبده ورسوله، أرسله بالهدي ودين

٨٣

الحقّ ليظهره على الدّين كلّه، ولو كره المشركون. التّحيّات لله والصّلوات الطّيّبات الطاهرات الزّاكيات الرّائحات النّاعمات الغاديات المباركات لله ما طاب وطهر وزكا وخلص ونما. وما خبث فلغير الله. أشهد أن لا إله إلّا الله وحده لا شريك له. وأشهد أنّ محمّدا عبده ورسوله، أرسله بالحقّ بشيرا ونذيرا بين يدي السّاعة. أشهد أنّ الجنّة حق، وأنّ النار حق. وأن السّاعة آتية لا ريب فيها، وأنّ الله يبعث من في القبور، اللهم صلّ على محمّد وآل محمّد، وبارك على محمّد وآل محمّد، وارحم محمّدا وآل محمّد، كأفضل ما صلّيت وباركت ورحمت وترحّمت وتحنّنت على إبراهيم وآل إبراهيم في العالمين، إنّك حميد مجيد. السّلام عليك أيّها النبيّ ورحمة الله وبركاته. السّلام على جميع أنبياء الله وملائكته ورسله. السّلام على الأئمة الهادين المهديّين. السّلام علينا وعلى عباد الله الصّالحين » ثمَّ يسلّم حسب ما قدّمناه.

باب التعقيب

فإذا انصرف من صلاته يستحبّ له أن يقول قبل قيامه من مصلّاه: « الله أكبر » ثلاث مرّات يرفع بها يديه إلى شحمتي أذنيه، ثمَّ يقول: « لا إله إلّا الله إلها واحدا، ونحن له مسلمون. لا إله إلّا الله، لا نعبد إلّا إيّاه مخلصين له الدّين ولو كره الكافرون.

٨٤

لا إله إلّا الله وحده وحده وحده. أنجز وعده، ونصر عبده، وأعزّ جنده وغلب الأحزاب وحده. فله الملك وله الحمد، يحيي ويميت، ويميت ويحيي، وهو حيّ لا يموت بيده الخير وهو على كلّ شي‌ء قدير. اللهمّ اهدني لما اختلف فيه من الحقّ بإذنك. إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم.

ثمَّ يسبّح تسبيح الزّهراءعليها‌السلام . وهو أربع وثلاثون تكبيرة، وثلاث وثلاثون تحميدة، وثلاث وثلاثون تسبيحة. يبدأ بالتّكبير ثمَّ بالتحميد ثمَّ بالتسبيح. ثمَّ يقول: « اللهمّ أنت السّلام ومنك السّلام ولك السّلام وإليك السّلام وإليك يرجع السّلام. تباركت يا ذا الجلال والإكرام. السّلام على رسول الله، السّلام على نبيّ الله. السّلام على محمّد بن عبد الله خاتم النبيين. السّلام على جبرائيل وميكائيل وإسرافيل وعزرائيل ملك الموت، وحملة العرش. السّلام على رضوان خازن الجنان. السّلام على مالك خازن النّار. السّلام على آدم ومحمد ومن بينهما من الأنبياء والأوصياء والشّهداء والصّلحاء. السّلام علينا وعلى عباد الله الصالحين » ثمَّ يسلّم على الأئمةعليهم‌السلام واحدا واحدا، ثمَّ يقول: « اللهم إنّي أسألك من كلّ خير أحاط به علمك، وأعوذ بك من كلّ شرّ أحاط به علمك، وأسألك عافيتك في أموري كلّها، وأعوذ بك من خزي الدّنيا وعذاب الآخرة » ثمَّ يقرأ اثنتي عشرة مرّة سورة الإخلاص ويقول بعدها: « اللهمّ إنّي أسألك

٨٥

باسمك المكنون المخزون الطّاهر المطهر المبارك، وأسألك باسمك العظيم وسلطانك القديم، أسألك أن تصلّي على محمّد وآل محمّد يا واهب العطايا، ويا مطلق الأسارى، ويا فكّاك الرّقاب من النار، أسألك أن تصلّي على محمد وآل محمّد، وأن تعتق رقبتي من النار، وتخرجني من الدّنيا آمنا، وتدخلني الجنّة سالما، وأن تجعل دعائي أوّله فلاحا وأوسطه نجاحا وآخره صلاحا، إنّك أنت علّام الغيوب ».

وهذا القدر الّذي ذكرناه يستحبّ أن يدعو به الإنسان عقيب كل صلاة، ولا يتركه مع الاختيار. فإن لم يتمكّن اقتصر على تسبيح الزّهراءعليها‌السلام . ولا يترك ذلك الّا عند الضّرورة وإن دعا بهذا التعقيب في عقيب كلّ ركعتين من النّوافل، حاز به أجرا.

ثمَّ يسجد سجدتي الشّكر، ويكون لاطيا بالأرض ويقول فيه: « شكرا شكرا » مائة مرة. وإن قال: « عفوا عفوا »، كان أيضا جائزا. فإن لم يتمكّن قال ثلاث مرّات: « شكرا لله ».

باب فرائض الصلاة وسننها ومن ترك شيئا منها متعمدا أو ناسيا

من ترك الطّهارة متعمّدا وصلّى، وجبت عليه إعادة الصّلاة. فإن تركها ناسيا، ثمَّ ذكر بعد أن صلّى، وجب عليه أيضا الإعادة. فإن لم يذكر، لم يكن عليه شي‌ء، وكانت صلاته ماضية.

٨٦

ومن صلّى قبل دخول الوقت متعمّدا، وجبت عليه الإعادة. فإن صلّاها ناسيا ثمَّ ذكر بعد دخول وقتها، وهو في شي‌ء من الصّلاة، لم يجب عليه الإعادة. وإن كان قد فرغ منها عند دخول وقتها، وجب عليه أيضا الإعادة.

ومن صلّى إلى غير القبلة متعمّدا، وجبت عليه الإعادة. فإن صلّاها ناسيا ثمَّ تبيّن، فإن كان الوقت باقيا، وجبت عليه الإعادة وإن كان قد خرج وقتها، لم يكن عليه شي‌ء.

ومن صلّى بغير أذان وإقامة متعمّدا، كانت صلاته ناقصة، ولم تجب عليه إعادتها.

والنية واجبة في الصلاة. فمن صلّى بغير نية، فلا صلاة له، ووجب عليه إعادتها. ومن دخل في صلاة قد حضر وقتها بنيّتها، ثمَّ ذكر أن عليه صلاة أخرى، ولم يكن قد تضيّق وقت الحاضرة، فليعدل بنيّته إلى الصلاة الفائتة، ثمَّ يصلّي بعدها ما حضر وقتها.

وتكبيرة الافتتاح فريضة. فمن تركها متعمّدا، وجبت عليه الإعادة. وإن تركها ناسيا، وجب عليه الإعادة أيضا إذا ذكرها، سواء ذكر قبل الركوع أو بعده. فإن لم يذكر، لم يكن عليه شي‌ء.

ومن ترك القراءة متعمّدا، وجبت عليه الإعادة. فإن ترك قراءة ما زاد على الحمد في الفرائض، كانت صلاته ناقصة، ولم تجب عليه إعادتها. وإن تركها ناسيا حتى ركع، لم يجب عليه

٨٧

شي‌ء، سواء ذكر أو لم يذكر.

والركوع واجب في كل ركعة. فمن تركه متعمّدا، وجبت عليه الإعادة. فإن تركه ناسيا، ثمَّ ذكر في حال السّجود، وجب أيضا عليه الإعادة. فإن لم يذكر حتى صلّى ركعة أخرى، ودخل في الثّالثة، ثمَّ ذكر، أسقط الركعة الأولى، وبنى كأنه صلّى ركعتين. وكذلك إن كان قد ترك الرّكوع في الثّانية، وذكر في الثّالثة، أسقط الثّانية، وجعل الثّالثة ثانية، وتمّم الصلاة. فإن لم يذكر أصلا، مضى في صلاته، وليس عليه شي‌ء.

والتسبيح في الرّكوع فريضة. من تركه متعمّدا، فلا صلاة له. وإن تركه ناسيا، سواء ذكر بعد ذلك أو لم يذكر، لم يجب عليه شي‌ء.

والسجود فرض في كلّ ركعة مرتين. فمن تركهما أو واحدة منهما متعمّدا، وجبت عليه الإعادة. فإن تركهما ناسيا، ثمَّ ذكر بعد ذلك، وجبت عليه أيضا الإعادة. فإن ترك واحدة منهما ناسيا ثمَّ ذكر بعد قعوده أو قيامه قبل الركوع، عاد، فسجد سجدة أخرى. فإذا فرغ منها، قام إلى الصلاة، فاستأنف القراءة أو التّسبيح، إن كان مما يسبّح فيه. فإن لم يذكر حتّى يركع، مضى في صلاته، ثمَّ قضاها بعد التّسليم، وعليه سجدتا السّهو.

والتسبيح في السجود واجب أيضا. فمن تركه متعمّدا، وجبت عليه الإعادة. ومن تركه ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء. ومن

٨٨

لم يمكّن جبهته في حال السجود من الأرض متعمّدا، فلا صلاة له. فإن كان ذلك ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء.

والتشهّد في الصلاة واجب. وأقلّ ما يجزي فيه شهادتان. فمن تركهما متعمّدا، وجبت عليه الإعادة. ومن تركهما ناسيا، قضاهما ولم يجب عليه إعادة الصلاة.

وكذلك الصلاة على النّبي وآله،صلى‌الله‌عليه‌وآله ، فريضة. فمن تركها متعمّدا، وجبت عليه إعادة الصّلاة. ومن تركها ناسيا، قضاها بعد التّسليم، ولم يكن عليه شي‌ء.

والتّسليم سنّة ليس بفرض. من تركه متعمّدا، كان مضيّعا فضيلة، ولم تفسد صلاته. ومن تركه ناسيا، كانت صلاته تامّة.

والتّكبيرات السّبع مع سائر التّكبيرات سنّة ما عدا تكبيرة الافتتاح.

وكذلك رفع اليدين مع كلّ تكبيرة سنّة. فمن ترك ذلك متعمّدا أو ناسيا، لم تفسد صلاته.

ومن ترك الجهر فيما يجهر فيه وجهر فيها يخافت فيه متعمّدا. وجبت عليه الإعادة. وإن فعل ناسيا، لم يكن عليه شي‌ء.

والقنوت في الصّلوات كلّها سنّة مؤكّدة. وآكدها في صلاة الفرائض، وآكدها من الفرائض فيما يجهر فيها. فمن تركه متعمّدا، كان تاركا سنّة. ومن تركه ناسيا، ثمَّ ذكر في الرّكوع،

٨٩

قضاه بعد الرّكوع استحبابا. فإن لم يذكر إلّا بعد الدّخول في الرّكعة الثالثة، مضى في صلاته، ثمَّ قضاه بعد الفراغ من الصّلاة.

والتّعقيب بعد الفرائض والنّوافل سنّة. فمن فعله، كان له به أجر، ومن لم يفعله، فليس عليه شي‌ء.

باب السهو في الصلاة وأحكامه وما يجب منه اعادة الصلاة

من شك في الرّكعتين الأوليين من كلّ فريضة، فلم يعلم أنّه صلّى ركعة أو ركعتين، وجب عليه إعادة الصّلاة. وكذلك من شكّ في صلاة الغداة والمغرب ولم يدر كم صلّى منهما، وجبت عليه الإعادة. فإن صلّى ركعة من صلاة الغداة، وجلس وتشهّد وسلّم، ثمَّ ذكر أنّه كان قد صلّى ركعة، قام فأضاف إليها ركعة أخرى، ما لم يتكلّم أو يلتفت عن القبلة أو يحدث ما ينقض الصّلاة. فإن فعل شيئا من ذلك، وجبت عليه الإعادة. وكذلك الحكم في المغرب. فإنّه إن سلّم في التشهّد الأوّل ثمَّ ذكر، قام فأضاف إليه ركعة أخرى، وسجد سجدتي السّهو.

فإن شك في الصّلاة الرّباعية، فلم يدر: صلّى ركعتين أو أربعا، وغلب على ظنّه أحدهما، بني عليه، وليس عليه شي‌ء. فإن تساوت ظنونه، بنى على الأربع وسلّم، ثمَّ قام فأضاف إليها ركعتين من قيام، يقرأ في كلّ واحدة منهما الحمد وحدها.

٩٠

فإن كان قد صلّى أربعا، كانت هاتان نافلة. وإن كان قد صلّى ركعتين، كانت هاتان تمام الصّلاة.

فإن شكّ فلم يدر: أصلّي ثلاثا أو أربعا، وتساوت ظنونه، بنى على الأربع وسلّم، ثمَّ قام فصلّى ركعة من قيام أو ركعتين من جلوس. فإن كان قد صلّى أربعا، كانت هذه الرّكعة من قيام أو الرّكعتان من جلوس نافلة. وإن كان قد صلّى ثلاثا، كانت هذه الرّكعة من قيام أو الرّكعتان من جلوس تمام الصّلاة.

فإن شكّ فلم يدر أصلي ركعتين أم ثلاثا، وتساوت ظنونه، بنى على الثّلاث وتمّم الصّلاة. فإذا سلّم، قام ففعل كما يفعل من شكّ في الثلاث والأربع.

وإن شكّ فلم يدر: أصلّي ركعتين أم ثلاثا أم أربعا، وتساوت ظنونه، بنى على الأربع، ثمَّ قام، فصلّى ركعتين من قيام وركعتين من جلوس. فإن كان قد صلّى أربعا، كانت الرّكعتان من قيام والرّكعتان من جلوس نافلة. وإن كان قد صلّى ركعتين، كانت الرّكعتان من قيام تمام الصّلاة، والركعتان من جلوس نافلة. وإن كان قد صلّى ثلاثا، كانت الرّكعتان من جلوس تمام الصّلاة، والرّكعتان من قيام نافلة.

ومن شكّ فلم يدر أصلّي ركعة أم اثنين أم ثلاثا أم أربعا، وجب عليه استيناف الصّلاة، لأنّه لم تسلم له الرّكعتان الأوليان فإن شكّ فلم يدر: أصلّي أربعا أم خمسا، وتساوت ظنونه،

٩١

تشهّد وسلّم، وسجد سجدتي السّهو. وهما المرغمتان. فإن ذكر بعد ذلك أنّه كان قد صلّى خمسا، أعاد الصّلاة.

ومن شكّ في تكبيرة الافتتاح فلم يدر: كبّر أو لا، فليكبّر وليمض في صلاته.

وإن شكّ في القراءة فلم يدر: قرأ أم لا قبل الرّكوع، فليقرأ وليركع. فإن قرأ سورة ثمَّ ذكر أنّه لم يقرأ الحمد، رجع فقرأ الحمد، ثمَّ قرأ بعدها سورة، ثمَّ ليركع. فإن ركع ثمَّ ذكر أنّه كان قد قرأ، فليس عليه شي‌ء. وإن شكّ في القراءة بعد الرّكوع، رضى في صلاته وليس عليه شي‌ء.

ومن شكّ في الرّكوع أو السّجود في الرّكعتين الأوليين، أعاد الصّلاة. فإن كان شكّه في الرّكوع في الثالثة أو الرّابعة وهو قائم، فليركع. فإن ذكر في حال ركوعه أنّه كان قد ركع، أرسل نفسه إلى السّجود من غير أن يرفع رأسه. فإن ذكر بعد رفع رأسه من الرّكوع أنه كان قد ركع، أعاد الصّلاة. فإن شكّ في حال السّجود في الرّكوع، مضى في صلاته، وليس عليه شي‌ء. فإن شكّ في تسبيح الرّكوع وهو راكع، فليسبّح. فإن كان شكّه بعد رفع رأسه من الرّكوع، مضى في صلاته، وليس عليه شي‌ء. فإن شكّ في السّجدتين وهو قاعد أو قد قام قبل أن يركع، عاد فسجد السجدتين. فإن ذكر بعد ذلك أنّه كان قد سجدهما، أعاد الصّلاة. فإن شكّ بعد ما يركع، مضى في صلاته وليس عليه شي‌ء. وإن شكّ في واحد من السجدتين وهو قاعد أو قائم قبل الرّكوع،

٩٢

فليسجد. فإن ذكر بعد ذلك أنّه كان قد سجد، لم يكن عليه شي‌ء فإن كان شكّه فيها بعد الرّكوع، مضى في صلاته، وليس عليه شي‌ء. وحكم من شكّ في تسبيح السّجود حكم من شكّ في تسبيح الرّكوع على السّواء.

ومن شكّ في التّشهّد وهو جالس فليتشهّد. فإن كان شكّه في التّشهّد الأوّل بعد قيامه إلى الثالثة، مضى في صلاته، وليس عليه شي‌ء. فإن ذكر قبل الركوع أنّه لم يتشهّد، قعد فتشهّد، ثمَّ قام فقرأ، ثمَّ ركع. فإن لم يذكر حتّى يركع، مضى في صلاته، فإذا سلّم، قضى التشهّد وسجد سجدتي السّهو.

ومن تكلّم في الصّلاة ناسيا، وجب عليه بعد التّسليم سجدتا السّهو. وإن تكلم متعمّدا، كان عليه إعادة الصّلاة.

ومن سلّم في الركعتين الأوليين من الصّلاة الرّباعية أو الثلاثية ناسيا تمّم الصّلاة وسجد سجدتي السّهو. فإن سلّم متعمّدا أعاد الصّلاة.

وسجدتا السّهو يكونان بعد التسليم، ويكون بعدهما تشهّد خفيف وتسليمة بعده.

ولا سهو في نافلة. فمن سها في شي‌ء من النّوافل، بنى على ما أراد. ويستحبّ أن يبني على الأقلّ. ولا سهو أيضا في سهو. فمن سها في سهو، مضى في صلاته وليس عليه شي‌ء. ومن كثر سهوه في الصّلاة، فليتعوّذ بالله من الشيطان ويخفّف صلاته. ولا سهو

٩٣

على من صلّى خلف إمام يقتدى به. وكذلك لا سهو على الإمام إذا حفظ عليه من خلفه. فإن سها الإمام والمأمومون كلّهم أو أكثرهم أعادوا الصّلاة احتياطا.

ومن أحدث في الصّلاة ما ينقض الطّهارة، متعمّدا كان أو ناسيا، أعاد الصّلاة. فإن كان حدثه في التشهّد بعد الشّهادتين، لم يجب إعادة الصّلاة. وإن كان قبلهما، وجبت عليه الإعادة.

فإن رعف في الصّلاة، فلينصرف، ويغسل الموضع والثّوب إن أصابه ذلك، ثمَّ يتمّم الصّلاة ما لم ينحرف عن القبلة أو يتكلّم بما يفسد الصّلاة. فإن انحرف عن القبلة أو تكلّم متعمّدا، أعاد الصّلاة.

ومن صلّى في ثوب فيه نجاسة مع العلم بذلك، أعاد الصّلاة. فإن كان قد علم ونسي وصلّى، ثمَّ ذكر أنّه كان فيه نجاسة، أعاد أيضا الصلاة. فإن لم يكن قد علم، وصلّى ثمَّ علم بعد ذلك، فليس عليه الإعادة.

ومن صلّى في ثوب مغصوب أو مكان مغصوب، وجبت عليه إعادة الصّلاة.

والقهقهة في الصّلاة توجب استينافها. والتّبسّم لا يوجب ذلك.

وإذا عرض للإنسان حاجة في الصّلاة، فليوم بها إيماء، أو يضرب الحائط إذا أراد تنبيه إنسان على حاجته، وليس عليه

٩٤

بأس. ومن تثاءب في صلاته، أو تمطّي، أو فرقع أصابعه أو التفت يمينا أو شمالا، نقص ذلك من صلاته، ولا يجب عليه إعادتها. ولا يقطع الصّلاة ما يمرّ بين يدي المصلّي من كلب أو دابّة أو رجل أو امرأة أو شي‌ء من الحيوان. وإن جعل بينه وبين ممر الطريق ساترا ولو عنزة أو لبنة، كان أفضل.

وإذا عطش المصلّي، فليحمد الله على ذلك، وليس عليه بأس. وإذا سلّم عليه وهو في الصّلاة فليردّ مثل ذلك، يقول « سَلامٌ عَلَيْكُمْ » ولا يقول: « وعليكم السّلام ».

وإذا عرض للمصلّي شي‌ء يخافه على نفسه من عقرب أو حيّة أو سبع أو غير ذلك، فليدفعه عن نفسه أو يقتله ولا يقطع الصّلاة. فإن لم يمكنه إلّا بقطع الصّلاة، قطعها، ثمَّ استأنف الصّلاة بعد ذلك. وإذا كان في الصّلاة ورأى دابّة له قد انفلتت، أو غريما خاف فوته، أو مالا خاف ضياعه، جاز له أن يقطع الصّلاة، ويستوثق ممّا يخافه، ثمَّ ليستأنف الصّلاة، وليس عليه شي‌ء.

ولا بأس أن يقتل المصلّي البقّ والبراغيث وما أشبهها من المؤذيات.

ولا يصلّي الرّجل وهو معقوص الشّعر. فإن صلّى كذلك متعمّدا، وجبت عليه إعادة الصّلاة.

٩٥

باب ما يجوز الصلاة فيه من الثياب والمكان وما لا يجوز وما يجوز السجود عليه وما لا يجوز

لا تجوز الصّلاة في ثوب قد أصابته نجاسة مع العلم بذلك أو غلبة الظّنّ. فمن صلّى فيه والحال ما وصفناه، وجبت عليه الإعادة. فإن علم أن فيه نجاسة، وهو بعد في الصّلاة، لم يفرغ منها، طرح الثّوب الذي فيه النّجاسة، وتمّم الصّلاة فيما بقي عليه من الثّياب. فإن لم يكن عليه إلّا ثوب واحد، رجع، فغسل الثّوب، واستأنف الصّلاة.

ولا يجوز الصّلاة في جلود الميتة كلّها، ولا تطهر بالدّباغ، سواء كان ممّا تقع عليه الذّكاة، أو ممّا لا تقع. ولا يجوز الصّلاة في جلد ووبر ما لا يؤكل لحمه مثل الكلب والخنزير والثّعلب والأرنب وما أشبهها، سواء كانت مذكّاة أو مدبوغة أو لم تكن كذلك، فمن صلّى فيه، وجب عليه إعادة الصّلاة.

ولا يجوز الصّلاة للرّجال في الإبريسم المحض. فإن صلّى فيه مع الاختيار، وجبت عليه إعادة الصّلاة. وإن كانت صلاته فيه في حال الضّرورة أو الحرب، لم يجب عليه إعادتها. وإن كانت الثّوب سداه أو لحمته قطن أو كتّان والباقي إبريسم، لم يكن بالصلاة فيه بأس. ويكره أن يصلّي الإنسان في قميص مكفوف بديباج أو حرير محض.

٩٦

ولا يجوز الصّلاة في الخزّ المغشوش بوبر الأرانب والثّعالب. ورويت رواية في جواز ذلك. وهي محمولة على التقيّة. فأمّا مع الاختيار، فإنّه لا يجوز حسب ما قدّمناه. ولا بأس بالصّلاة في الخزّ الخالص، أو إذا خالطه شي‌ء من الإبريسم.

ولا بأس للنّساء أن يصلّين في الثّياب الإبريسم. وإن تنزّهن عنه، كان أفضل.

ولا يجوز الصّلاة في الفنك والسّمور ووبر كلّ ما لا يؤكل لحمه. وقد رويت رخصة في جواز الصّلاة في هذين الوبرين خاصّة. وهي محمولة على حالة الاضطرار. ولا بأس بالصّلاة في السّنجاب والحواصل وفي وبر كلّ شي‌ء يؤكل لحمه إذا ذكّي ودبغ. فإن لم يعلم أنّه مذكّى، فلا بأس بشرائه من أسواق المسلمين ممّن لم يستحلّ الميتة. ولا يجوز شراؤها ممّن يستحلّ ذلك أو إن كان متّهما فيه.

وتكره الصّلاة في الثّياب السّود كلّها ما عدا العمامة والخفّ، فإنّه لا بأس بالصّلاة فيهما وإن كانا سوداوين.

ولا بأس بالصّلاة في ثوب واحد للرّجال إذا كان صفيقا. فإن كان شافّا رقيقا، كره الصّلاة فيه، إلّا أن يكون تحته مئزر يستر العورة.

ويكره أن يأتزر الإنسان فوق القميص. ويكره أيضا اشتمال الصّمّاء، وهو أن يلتحف بالإزار ويدخل طرفيه من تحت يده

٩٧

ويجعلها جميعا على منكب واحد كما تفعل اليهود. وإذا لم يكن مع الإنسان إلا ثوب واحد، لا بأس أن يأتزر ببعضه ويرتدي بالبعض الآخر. فإن لم يكن معه إلّا سراويل، لبسه وطرح على عنقه خيطا أو تكّة أو ما أشبههما. ويكره للإنسان أن يصلّي في عمامة لا حنك لها.

ولا تصلّ المرأة الحرّة إلا في ثوبين: أحدهما تتقنّع به والآخر تلبسه. ولا بأس للأمة والصّبيّة الحرّة التي لم تبلغ أن تصليا بغير قناع. ولا يصلّي الرّجل وعليه لثام. بل يكشف موضع جبهته للسّجود، وفاه لقراءة القرآن. ويكره للمرأة النّقاب في الصّلاة. ولا يصلّي الرّجل وعليه قباء مشدود، إلّا أن يحلّه، إلا في حال الحرب.

ولا يصلّي الرّجل في الشّمشك ولا النّعل السنديّ. ويستحبّ الصّلاة في النّعل العربيّ. ولا بأس بالصّلاة في الخفّين والجرموقين إذا كان لهما ساق. ويكره للرّجل أن يصلّي بقوم وليس عليه رداء مع الاختيار. ولا بأس به في حال الاضطرار. ولا تجوز الصّلاة في الثّوب الّذي يكون تحت وبر الثّعلب، ولا في الذي فوقه. ولا تجوز الصّلاة في القلنسوة والتّكة إذا عملا من وبر الأرنب. ويكره الصّلاة فيهما إذا عملا من حرير محض. ولا تجوز الصّلاة في جلود السّباع كلّها.

ولا تجوز الصّلاة إذا كان مع الإنسان شي‌ء من حديد مشهّر

٩٨

مثل السّكّين والسّيف. فإن كان في غمد أو قراب فلا بأس بذلك والمفتاح إذا كان مع الإنسان، لفّه في شي‌ء. ولا يصلّي وهو معه مشهّر. وإذا كان مع المصلّي دراهم سود، لم يكن بالصّلاة فيها بأس إذا كانت مواراة.

ولا بأس أن يصلّي الرّجل في ثوب المرأة إذا كانت مأمونة وإذا عمل مجوسيّ ثوبا لمسلم، يستحبّ ألّا يصلّي فيه إلّا بعد غسله. وكذلك إذا استعار ثوبا من شارب خمر أو مستحلّ شي‌ء من النّجاسات، يستحبّ أن يغسل أوّلا بالماء ثمَّ يصلّي فيه.

ولا تصلّي المرأة وفي يدها أو رجلها خلاخل لها صوت. فإن كانت صمّا، لم يكن بالصّلاة فيها بأس.

ولا بأس ان يصلّي الإنسان وفي كمّه طائر إذا خاف ضياعه. ولا يصلّي الإنسان في ثوب فيه تماثيل. ولا يجوز الصّلاة فيها، ولا الخاتم الذي فيه صورة.

ولا يصلّي الإنسان في بيوت الغائط، ولا الحمّام، ولا معاطن الإبل، ولا قرى النّمل، ولا مجرى المياه، ولا أرض السّبخة، ولا الثلج، ولا بين القبور. فإن صلّى في المقابر فليجعل بينه وبين القبر ساترا ولو عنزة أو ما أشبهها. فإن لم يتمكّن من ذلك، فليكن بينه وبين القبر عشر أذرع عن قدّامه وعن يمينه ويساره. ولا بأس أن يكون ذلك من خلفه. وقد رويت رخصة من جواز الصّلاة الى قبور الأئمّة. وهي محمولة

٩٩

على النّوافل، وإن كان الأحوط ما قدّمناه.

وأرض السّبخة لا يصلّي فيها إذا كانت ممّا لا يتمكّن الجبهة من السّجود فيها. فإن تمكن من ذلك، لم يكن به بأس. ولا يصلّي على الثّلج. فإن لم يقدر على الأرض، فلا بأس أن يفرش فوقه ما يسجد عليه. فإن لم يجده، دقّ الثّلج وسجد عليه. ولا يسجد على الوحل. فإن اضطرّ إلى الصّلاة في الأرض الوحلة أو حوض الماء، فليصلّ إيماء، ولا يسجد عليهما.

ولا يجوز الصّلاة في بيوت النّيران ولا بيوت الخمور ولا على جوادّ الطّرق. ولا بأس بالصّلاة على الظّواهر التي بين الجوادّ. ولا بأس بالصّلاة في البيع والكنائس. ولا يصلّي في بيوت المجوس مع الاختيار. فإن اضطرّ إلى ذلك، رشّ الموضع بالماء. فإذا جفّ صلّى فيه. ولا يصلّي الإنسان وبين يديه صور وتماثيل، إلّا أن يغطّيها. ولا يصلّي وفي قبلته نار في مجمرة أو غيرها ولا في قنديل معلّق. ولا يصلّي وفي قبلته سلاح مشهّر.

ولا يصلّي في مكان مغصوب مع التمكّن من الخروج منه، فإن صلّى والحال ما ذكرناه، وجبت عليه الإعادة. وان كان مضطرّا أو ممنوعا، لم يكن به بأس.

ولا يجوز للرّجل الصّلاة إذا كان إلى جنبه أو بين يديه امرأة تصلّي. ولا بأس أن تكون خلفه وإن كانت تصلّي، أو تكون بين يديه قاعدة لا تصلّي. ومتى صلّى وصلّت هي عن يمينه أو شماله

١٠٠

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

261

262

263

264

265

266

267

268

269

270

271

272

273

274

275

276

277

278

279

280

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377

378

379

380

381

382

383

384

385

386

387

388

389

390

391

392

393

394

395

396

397

398

399

400

401

402

403

404

405

406

407

408

409

410

411

412

413

414

415

416

417

418

419

420

421

422

423

424

425

426

427

428

429

430

431

432

433

434

435

436

437

438

439

440

441

442

443

444

445

446

447

448

449

450

451

452

453

454

455

456

457

458

459

460

461

462

463

464

465

466

467

468

469

470

471

472

473

474

475

476

477

478

479

480

481

482

483

484

485

486

487

488

489

490

491

492

493

494

495

496

497

498

499

500

501

502

503

504

505

506

507

508

509

510

511

512

513

514

515

516

517

518

519

520

521

522

523

524

525

526

527

528

529

530

531

532

533

534

535

536

537

538

539

540

المعروف له الطلب إليهم و حظر عليهم قضاءه كما يحرّم الغيث على الأرض المجدبة ليهلكها و يهلك أهلها(١) .

و قال ابن أبي الحديد رأى العباس بن مأمون يوما بحضرة المعتصم خاتما في يد إبراهيم بن المهدي ، فاستحسنه فقال له : ما فص هذا الخاتم و من أين حصلته ؟ قال : هذا خاتم رهنته في دولة أبيك و افتككته في دولة الخليفة .

فقال له العباس : إن لم تشكر أبي على حقنه دمك ، فأنت لا تشكر الخليفة على فكّه خاتمك و قال الشاعر :

لعمرك ما المعروف في غير أهله

و في أهله إلاّ كبعض الودائع

فمستودع ضاع الذي كان عنده

و مستودع ما عنده غير ضائع

و ما النّاس في شكر الصنيعة عندهم

و في كفرها إلاّ كبعض المزارع

فمزرعة طابت و أضعف نبتها

و مزرعة أكدت على كلّ زارع(٢)

٥٩ الحكمة ( ٢٠٨ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ حَاسَبَ نَفْسَهُ رَبِحَ وَ مَنْ غَفَلَ عَنْهَا خَسِرَ وَ مَنْ خَافَ أَمِنَ وَ مَنِ اِعْتَبَرَ أَبْصَرَ وَ مَنْ أَبْصَرَ فَهِمَ وَ مَنْ فَهِمَ عَلِمَ « من حاسب نفسه ربح » في ( الكافي ) عن الكاظمعليه‌السلام : ليس منّا من لم يحاسب نفسه في كلّ يوم ، فإن عمل حسنة استزاد اللَّه تعالى ، و إن عمل سيّئة استغفر اللَّه منها و تاب إليه(٣) .

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ٤ : ٢٥ ح ٢ ، عن أبي حمزة الثمالي .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٢٤ .

( ٣ ) الكافي للكليني ٢ : ٤٥٣ .

٥٤١

« و من غفل عنها خسر » عن الباقرعليه‌السلام : لا يغرّنّك الناس من نفسك ، فإنّ الأمر يصل إليك دونهم ، و لا تقطع نهارك بكذا و كذا ، فإنّ معك من يحفظ عليك عملك .(١) .

« و من خاف أمن » و أمّا من خافَ مقامَ ربِّه و نهى النّفس عن الهوى .

( فإنّ الجنَّةَ هي المأوى ) (٢) .

« و من اعتبر أبصر » الاعتبار سبب لابصار جديد ، و إن كان هو بإبصار تليد ، قال تعالى :( فاعتبروا يا اُولي الأَبصار ) (٣) .

« و من أبصر فهم و من فهم علم » حمل الفهم على معرفة المقدّمات ، و العلم على معرفة النتيجة الّتي هي الثمرة الشريفة .

٦٠ الحكمة ( ٢٤٠ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْحَجَرُ اَلْغَصِيبُ فِي اَلدَّارِ رَهْنٌ عَلَى خَرَابِهَا أقول هكذا في ( الطبعة المصرية ) بلفظ « الغصيب »(٤) و الصواب :

( الغصب ) كما في ابن أبي الحديد(٥) و ابن ميثم(٦) و النسخة الخطية(٧) ، و الغصب هنا بمعنى المغصوب كما في قولهم : « شي‏ء غصب » .

____________________

( ١ ) الاختصاص للمفيد : ٢٣١ .

( ٢ ) النازعات : ٤٠ ٤١ .

( ٣ ) الحشر : ٢ .

( ٤ ) النسخة المصرية شرح محمّد عبده : ٧١٠ رقم ( ٢٤٢ ) .

( ٥ ) في شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٧٢ رقم ( ٢٣٧ ) بلفظ « الغصب » .

( ٦ ) شرح ابن ميثم النسخة المنقحة ٥ : ٣٦١ رقم ( ٢٢٦ ) بلفظ « الغصيب » .

( ٧ ) سقط النصّ من النسخة الخطية ( المرعشي ) .

٥٤٢

في ( كامل الجزري ) : و في سنة ( ٥٠٠ ) عزل الوزير أبو القاسم عليّ بن جهير و أمر الخليفة بنقض داره التي بباب العامّة و فيها عبرة ، فإنّ أباه أبا نصر بن جهير بناها بأنقاض أملاك الناس و أخذ بسببها أكثر ما دخل فيها فخربت عن قريب(١) .

و قال ابن أبي الحديد : قال ابن بسّام لابن مقلة لمّا بنى داره بالزاهر ببغداد من الغصب و ظلم الرعية :

بجنبك داران مهدومتان

و دارك ثالثة تهدم

و أشار بالدارين المهدومتين إلى دار ابن الفرات و دار ابن الجرّاح أي :

الوزيرين و قال أيضا :

قل لابن مقلة مهلا لا تكن عجلا

فإنّما أنت في أضغاث أحلام

تبني بأنقاض دور النّاس مجتهدا

دارا ستنقض أيضا بعد أيّام

و صار كما قال ، فنقضت داره في أيام الراضي حتى سوّيت بالأرض(٢) .

« قال الرضي و يروى هذا الكلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٣) لكن في ابن أبي الحديد « قال الرضي : و قد روي ما يناسب هذا الكلام عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله »(٤) و في ابن ميثم : « و نحو هذا الكلام قول الرسول : اتقوا الحرام في البنيان فإنّه أسباب الخراب »(٥) .

« و لا عجب أن يشتبه الكلامان لأن مستقاهما من قليب » أي : بئر واحدة ، قال أبو عبيد « قليب » البئر العادية القديمة .

____________________

( ١ ) الكامل في التاريخ لابن الأثير الجزري ١٠ : ٤٣٨ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٧٢ .

( ٣ ) النسخة المصرية المنقحة : ٧١٠ .

( ٤ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٧٢ ٧٣ .

( ٥ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٦٢ .

٥٤٣

« و مفرغهما » من فرغ الماء بالكسر ، أي : انصبّ « من ذنوب » بالفتح ، قال ابن السّكّيت : ذنوب ، دلو فيها ماء قريب من الملا تؤنث و تذكر(١) ، و لا يقال لها ذنوب و هي فارغة .

و في معنى قول المصنف قول البحتري :

عودهما من نبعة و ثراهما

من تربة و صفاهما من مقطع(٢)

٦١ الحكمة ( ٢٤١ ) و قالعليه‌السلام :

إِذَا كَثُرَتِ اَلْمَقْدِرَةُ قَلَّتِ اَلشَّهْوَةُ عشق رجل جارية و كان يتحرّق في ذلك ، فقيل له : لم لا تشتريها فإنّها ليست كالحرّة عسرة المطلب ؟ قال : إنّي إن ملكتها تذهب شهوتها و في ذلك أجد لذّة .

٦٢ الحكمة ( ٢٤٧ ) و قالعليه‌السلام :

اَلْكَرَمُ أَعْطَفُ مِنَ اَلرَّحِمِ قال البحتري في إبراهيم بن الحسن بن سهل :

بنعمتكم يا آل سهل تسهّلت

عليّ نواحي دهري المتوعّر

شكرتكم حتى استكان عدوّكم

و من يول ما أوليتموني يشكر

____________________

( ١ ) اصلاح المنطق لابن السكيت : ١٦٤ .

( ٢ ) ديوان البحتري ٢ : ٢١٩ .

٥٤٤

ألست ابنكم دون البنين و أنتم

أحباء أهلي دون معن و بحتر(١)

و كانت خنساء إلى أخيها من أبيها صخر أعطف منها إلى أخيها من أبويها معاوية لكرم صخر إليها(٢) .

و في ( شعراء ابن قتيبة ) : لم تزل خنساء تبكي صخرا حتى عميت و دخلت على عائشة و عليها صدار من شعر ، فقالت لها : ما هذا فو اللَّه لقد مات النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله فلم ألبس عليه صدارا قالت لها : إن له حديثا ، إنّ أبي زوّجني سيّدا من سادات قومي متلافا معطافا ، فأنفد ماله فقال لي : إلى أين يا خنساء ، فقلت :

إلى أخي صخر ، فأتيناه فقاسمنا ماله و أعطانا خير النصفين ، فأقبل زوجي يعطي و يهب و يحمل حتى أنفده ثم قال لي : إلى أين يا خنساء ؟ قلت : إلى أخي صخر ، فأتيناه و قاسمنا ماله و أعطانا خير النصفين إلى الثالثة ، فقالت له امرأته : أما ترضى أن تقاسمهم مالك حتى تعطيهم خير النصفين فقال لها :

و اللَّه لا أمنحها شرارها

و لو هلكت قدّدت خمارها

و اتّخذت من شعرها صدارها

فذلك الّذي دعاني إلى لبس الصدار(٣) .

ثم كما أن الكرم أعطف من الرحم كذلك المودّة أعطف منها ، قال العتابي :

إنّي بلوت الناس في حالاتهم

و خبرت ما وصلوا من الأسباب

فإذا القرابة لا تقرّب قاطعا

و إذا المودة أقرب الأنساب(٤)

____________________

( ١ ) ديوان البحتري ١ : ١٨٥ .

( ٢ ) أعلام النساء لعمر رضا كحالة : ٣٦٥ .

( ٣ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١٢٤ ١٢٥ .

( ٤ ) الأغاني للأصفهاني ١٧ : ١١٧ .

٥٤٥

٦٣ الحكمة ( ٢٥٤ ) و قالعليه‌السلام :

يَا اِبْنَ آدَمَ كُنْ وَصِيَّ نَفْسِكَ فِي مَالِكَ وَ اِعْمَلْ فِيهِ مَا تُؤْثِرُ أَنْ يُعْمَلَ فِيهِ مِنْ بَعْدِكَ هكذا في ( الطبعة المصرية )(١) ، و لفظ « في مالك » زائدة ، فليس في ابن أبي الحديد(٢) و ابن ميثم(٣) و النسخة الخطية(٤) ، و لا يحتاج المعنى إليه .

« و اعمل فيه ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٥) و الصواب ما في الثلاثة ( و اعمل في مالك ما تؤثر أن يعمل فيه من بعدك ) فبعد عدم وجود « في مالك » أوّلا كما عرفت ، لا بدّ من ذكره هنا ، يعني أن أغلب الأوصياء لا يعملون و يبدلون ، فإن كنت ناصح نفسك فكن أنت المتصدّي لنفسك .

و في ( سبب وقف غيبة الشيخ ) عن الحسين بن أحمد بن فضّال قال :

كنت أرى عند عمّي علي بن فضّال شيخا من أهل بغداد و كان يهازل عمي فقال له يوما : ليس شرّا منكم يا معشر الشيعة قال له : لم لعنك اللَّه ؟ قال : أنا زوج بنت أحمد بن أبي بشر السرّاج قال لي لمّا حضرته الوفاة : كان عندي عشرة آلاف دينار وديعة لموسى بن جعفرعليه‌السلام فدفعت ابنه عنها بعد موته و شهدت أنّه لم يمت ، فاللَّه اللَّه خلّصوني من النار و سلّموها إلى الرّضا قال :

____________________

( ١ ) النسخة المصرية : ٧١٣ رقم ( ٢٥٦ ) .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ٩٥ .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٥٦٣ رقم ( ٢٤٠ ) النسخة المنقحة مطابقة للنسخة المصرية : ٧١٣ رقم ( ٢٥٦ ) .

( ٤ ) سقط النصّ من النسخة الخطية ( المرعشي ) .

( ٥ ) راجع المصدرين السابقين فهما متطابقين أيضا في التكملة .

٥٤٦

فو اللَّه ما أخرجنا حبة و لقد تركناه يصلى في نار جهنم(١) .

و كان السجادعليه‌السلام : كلّما مرض أوصى بوصية فإذا برى‏ء أجرىعليه‌السلام بنفسه ما أوصى به(٢) .

هذا ، و في كنز الكراجكي قال المفيد : دخل رجل صحيح على مريض فقال له : أوص فقال له : بم أوصي و انّما يرثني زوجتاك و اختاك و خالتاك و عمتاك و جدتاك .

و قال في شرح الكلام : إنّ ذاك المريض كان تزوج جدّتي ذاك الصحيح امّ أمّه و امّ أبيه ، فأولد كلّ واحدة منهما ابنتين فابنتاه من جدته امّ أمّه خالتا ذاك الصحيح و ابنتاه من جدّته امّ أبيه عمتا ذاك ، و تزوج الصحيح جدتي المريض و تزوج أبو المريض ام الصحيح فأولدها ابنتين ، و حينئذ فقد ترك المريض إذا مات أربع بنات هما عمتا الصحيح و خالتاه و ترك جدتيه زوجتي الصحيح و ترك زوجتيه جدتي الصحيح و ترك اختيه لأبيه و هما اختا الصحيح لامه ، فلبناته الثلثان و لزوجتيه الثمن و لجدتيه السدس و لاختيه لأبيه ما بقي .

و هذه القسمة على مذهب العامة دون الخاصة(٣) .

____________________

( ١ ) الغيبة للطوسي : ٦٦ و ٦٧ ، و نقله عنه المجلسي في بحار الأنوار ٤٨ : ٢٥٥ ح ٩ .

( ٢ ) ورد في وسائل الشيعة ٦ : ٣٨٥ في باب جواز رجوع الموصي في الوصية قال علي بن الحسين : لرجل ان يغير وصيته فيعتق من كان أمر بملكه و يملك من كان أمر بعتقه و يعطي من كان حرمه ، و يحرم من كان اعطاء ما لم يمت ، لم نعثر على ما ذكر المؤلف في تراجم الإمام السجادعليه‌السلام .

( ٣ ) كنز الفوائد للكراجكي ١ : ١٠٢ ١٠٣ ، لم يورد العلاّمة التستري الأبيات الشعرية على لسان المريض و هي :

٥٤٧

اتيت الوليد ضحى عائدا

و قد خامر اللكب منه السقاما

فقلت له أوحي فيما تركت

فقال الا قد كفيت الكلاما

ففي عمتيك و في جدتيك

و في خالتيك تركت السواما

و زوجاك حقهما ثابت

و اختاك منه تجوز التماما

هنالك يا ابن أبي خالد

ظفرت بعشر حديث السهاما

٥٤٨

و في ( شعراء القتيبي ) : قيل للحطيئة حين احتضاره : أوص ، فقال : مالي للذكور من ولدي دون الإناث قالوا : فإنّ اللَّه لم يأمر بذلك قال : فإنّي آمر به .

قيل له : قل « لا إله إلاّ اللَّه » قال : ويل للشعر من راوية السوء قيل له : ألا توصي بشي‏ء للمساكين قال : أوصيهم بالمسألة ما عاشوا فإنّها تجارة لن تبور قيل له : أعتق عبدك يسارا قال : هو مملوك ما بقي عبسي قيل له : فلان اليتيم ما توصي له بشي‏ء ؟ قال : أوصيكم أن تأخذوا ماله و تنيكوا امه قيل له : ليس إلاّ هذا قال : إحملوني على حمار فإنّه لم يمت عليه كريم لعلّي أنجو ، ثم قال :

لكلّ جديد لذّة غير أنّني

وجدت جديد الموت غير لذيذ

له خبطة في الحلق ليس بسكّر

و لا طعم راح يشتهى و نبيذ

و مات مكانه(١) .

٦٤ من غريب كلامه رقم ( ٢ ) و في حديثهعليه‌السلام :

هَذَا اَلْخَطِيبُ اَلشَّحْشَحُ أقول : قال ابن أبي الحديد(٢) قال ابن ميثم(٣) : هذه الكلمة لصعصعة بن صوحان العبدي ، و كفى صعصعة بها فخرا أن يكون مثل عليعليه‌السلام يثني عليه بالمهارة و فصاحة اللسان ، و كان صعصعة من أفصح الناس ذكر ذلك الجاحظ(٤) .

____________________

( ١ ) الشعر و الشعراء لابن قتيبة : ١١٠ ١١١ .

( ٢ ) شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٦ .

( ٣ ) شرح ابن ميثم ٥ : ٣٧١ رقم « ٢ » .

( ٤ ) نقل الجاحظ في البيان و التبيين ١ : ٣٢٧ قول عبيد اللَّه بن زياد بن ظبيان لأشيم بن شقيق بن ثور : أنت يوم القيامة أخطب من صعصعة بن صوحان إذا تكلمت الخوارج ، ثم يقول الجاحظ : فما ظنك ببلاغة رجل عبيد اللَّه بن زياد

٥٤٩

قلت : بل قالعليه‌السلام هذه الكلمة ان صح كونها كلامهعليه‌السلام في شاب من قيس غير معروف ، ففي تاريخ الطبري بعد ذكره خبرا عن كليب الجرمي في أصحاب الجمل إلى أن قال قال كليب و نادىعليه‌السلام بعد ظفره : ألا لا تتبعوا مدبرا و لا تجهزوا على جريح و لا تدخلوا الدور ثم بعث إليهم ان أخرجوا للبيعة ، فبايعهم على الرايات و قال : من عرف شيئا فليأخذه حتى ما بقي في العسكرين شي‏ء إلاّ قبض ، فانتهى إليه قوم من قيس شبان فخطب خطيبهم فقال عليعليه‌السلام :

أين امراؤكم ؟ فقال الخطيب : أصيبوا تحت نظار الجمل ثم أخذ في خطبته فقال عليعليه‌السلام أما ان هذا لهو الخطيب الشحشح .(١) .

و ممّا يشهد انّهعليه‌السلام قال ذلك في خطيب غير معروف الاسم ان الجاحظ قال في الجزء الثاني من بيانه : في حديث عليعليه‌السلام حين رأى فلانا يخطب قال هذا الخطيب الشحشح(٢) .

و قال ابن الأثير في نهايته : في حديث عليعليه‌السلام انّه رأى رجلا يخطب فقال « هذا الخطيب الشحشح » أي : الماهر الماضي في الكلام .(٣) .

و لو كانعليه‌السلام قال هذا الكلام في معروف مثل صعصعة لقالا : رأى صعصعة ، و ابن الأثير رأى كتب جميع من صنف في الغريب و ذكر هذا الحديث فيه فيعلم انّه لم يعينه أحد .

و أما ما قاله ابن أبي الحديد من قوله « ذكر ذلك الجاحظ » مشيرا إلى يضرب به المثل ، ثم قال : و إنّما أردنا بهذا الحديث خاصة ، الدلالة على تقديم صعصعة بن صوحان في الخطب .

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري : كان في سيرة على أن لا يقتل مدبرا و لا يذفف على جريح و لا يكشف سترا و لا يأخذ مالا . إلى آخره ٣ : ٢٢٣ ، و ذكر في ٣ : ٢٢٢ قول الإمام عليعليه‌السلام أن من عرف شيئا فليأخذه الاّ سلاحا . إلى آخره أما بقية ما أورده العلاّمة التستري فهو زيادة على النصّ المذكور راجع الطبري ٣ : ٢٢٢ ٢٢٣ .

( ٢ ) لم يوجد في الهوامش يراجع : ٢٦٧ في الأصل .

( ٣ ) نهاية ابن الأثير ٢ : ٤٤٩ .

٥٥٠

جميع ما قاله(١) ، فإنّما يصح منه ان الجاحظ قال : ان صعصعة كان من أفصح الناس و كفاه فخرا ان يكون مثل عليعليه‌السلام يثنى عليه بالمهارة ، دون كون الجاحظ قال إنّهعليه‌السلام قال تلك الكلمة لصعصعة ، و هذا نص الجاحظ في بيانه في الجزء الأول : قال أشيم بن شقيق بن ثور لعبيد اللَّه بن زياد بن ظبيان : ما أنت قائل لربّك و قد حملت رأس مصعب إلى عبد الملك ؟ قال : اسكت فأنت يوم القيامة أخطب من صعصعة إذا تكلمت الخوارج ، فما ظنّك ببلاغة رجل مثل عبيد اللَّه بن زياد بن ظبيان يضرب به المثل(٢) ، و إنّما أردنا بهذا الحديث خاصة الدلالة على تقديم صعصعة في الخطب ، و أولى من كلّ دلالة استنطاق عليعليه‌السلام له .

فترى الجاحظ إنّما قال : إن قاتل مصعب ضرب المثل بخطيبية صعصعة ثم قال أولى من كلّ دلالة على خطيبية صعصعة استنطاقهعليه‌السلام له لا أنّهعليه‌السلام قال فيه « هو خطيب شحشح » ، و قد روى قول قاتل مصعب ( الأغاني ) أيضا فقال : قال رجل لعبيد اللَّه : بما ذا تحتجّ عند ربك من قتلك لمصعب فقال :

ان تركت أحتجّ رجوت أن أكون أخطب من صعصعة بن صوحان(٣) .

ثم الظاهر أصحية رواية ( الأغاني ) أن يكون قاتل مصعب قال : أنا أخطب من صعصعة ، من رواية البيان : أنت أخطب من صعصعة ، بشهادة السياق .

ثم الظاهر أن مراد الجاحظ من قوله : « و أولى من كلّ دلالة استنطاق عليعليه‌السلام له » ما رواه ( المروج ) أنّهعليه‌السلام بعد الجمل قال لصعصعة و نفرين

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٦ .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ١ : ٣٢٧ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٣٨ .

٥٥١

آخرين معه : أشيروا عليّ في أمر معاوية فقال صعصعة : الرأي أن ترسل إليه عينا من عيونك وثقة من ثقاتك بكتاب تدعوه إلى بيعتك ، فإن أجاب و إلاّ جاهدته فقال عليعليه‌السلام : عزمت عليك يا صعصعة إلاّ كتبت الكتاب بيدك و توجّهت به إلى معاوية و اجعل صدر الكتاب تحذيرا و تخويفا و عجزه استتابة و استنابة إلى أن قال ثم اكتب ما أشرت به عليّ و اجعل عنوان الكتاب( ألا إلى اللَّه تصير الاُمور ) (١) قال : اعفني من ذلك قال : عزمت عليك لتفعلن قال : أفعل ، فخرج بالكتاب إلى أن قال فقال معاوية لشي‏ء ما سوّده قومه ، وددت و اللَّه أنّي من صلبه ثم التفت إلى بني اميّة فقال هكذا فلتكن الرجال(٢) .

و بالجملة لا ريب في أنّ هذا الكلام إنّما قالهعليه‌السلام إن ثبت صحّة نسبته إليهعليه‌السلام في خطيب من أعدائه من أصحاب الجمل كما عرفت ، كما لا ريب في أنّ الجاحظ إنّما قال بتقديم صعصعة في الخطب لضرب المثل به و لأنّهعليه‌السلام استنطقه و استكتبه دون أن يقول : إنّهعليه‌السلام قال ذلك الكلام فيه .

و ممّا يشهد لمسلّميّة مقام صعصعة في الخطابة ما في ( الطبري ) في قصة خروج المستورد الخارجي على المغيرة أيام امارته على الكوفة من قبل معاوية و تعيين المغيرة أوّلا معقل بن قيس من الشيعة لحربه قال مرّة بن منقذ فقال صعصعة بعد معقل و قال : إبعثني إليهم أيّها الأمير فأنا و اللَّه لدمائهم مستحل و بحملها مستقل فقال المغيرة : إجلس فإنّما أنت خطيب فكان أحفظه ذلك و إنّما قال المغيرة ذلك لأنّه بلغه أن صعصعة يعيب عثمان و يكثر ذكر عليعليه‌السلام و يفضّله و قد كان دعاه و قال له : إيّاك أن يبلغني عنك أنّك تعيب

____________________

( ١ ) الشورى : ٥٣ .

( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٣٨ .

٥٥٢

عثمان عند أحد من الناس ، و إيّاك أن يبلغني عنك أنّك تظهر شيئا من فضل علي علانية ، فإنّك لست بذاكر من فضل عليّ شيئا أجهله بل أنا أعلم بذلك ، و لكن هذا السلطان قد ظهر و قد أخذنا بإظهار عيبه للناس فنحن ندع كثيرا ممّا أمرنا به و نذكر الشي‏ء الذي لا نجد بدا منه ندفع هؤلاء القوم عن أنفسنا تقيّة ، فإن كنت ذاكرا فضله فاذكره بينك و بين أصحابك و في منازلكم سرّا ، و أمّا علانية في المسجد فإنّ هذا لا يحتمله الخليفة لنا و لا يعذرنا فيه .

فكان صعصعة يقول : نعم افعل ، ثم يبلغه أنّه قد عاد إلى ما نهاه عنه ، فلمّا قام إليه و قال له : إبعثني إليهم ، و جد المغيرة قد حقد عليه خلافه إيّاه ، فقال له ما قال « إجلس ، فإنّما أنت خطيب » فقال له صعصعة : أو ما أنا إلاّ خطيب ، أجل و اللَّه أنا الخطيب الصليب الرئيس ، أما و اللَّه لو شهدتني تحت راية عبد القيس يوم الجمل حيث اختلف القنا فشؤن تفرى و هامة تختلى لعلمت أنّي أنا اللّيث الهزبر فقال له المغيرة : حسبك الآن ، لعمري لقد أوتيت لسانا فصيحا(١) .

و في ( ديوان معاني العسكري ) : تكلّم صعصعة عند معاوية بكلام أحسن فيه ، فحسده عمرو بن العاص فقال : هذا بالتمر أبصر منه بالكلام فقال صعصعة ، أجل أجوده ما دق نواه و رق سحاؤه و عظم لحاؤه و الريح تنفجه و الشمس تنضجه و البرد يدمجه ، و لكنك يابن العاص لا تمرا تصف و لا الخير تعرف بل تحسد فتقرف(٢) فقال معاوية لعمرو : رغما لك فقال عمرو :

و أضعاف الرغم لك و ما بي إلاّ بعض ما بك(٣) .

و في ( عقد ابن عبد ربه ) : قال عبد الملك في عبد القيس : أشد الناس

____________________

( ١ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٤ : ١٤٤ .

( ٢ ) أي تقذف .

( ٣ ) ديوان المعاني للعسكري ٢ : ٤١ .

٥٥٣

و أسخى الناس و أطوع الناس في قومه و أحلم الناس و أحضرهم جوابا و أخطب الناس ، أمّا أحضرهم جوابا فصعصعة .(١) .

و فيه دخل صعصعة على معاوية و ابن العاص جالس معه على سريره فقال له : وسع له على ترابيّة فيه فقال صعصعة : إني و اللَّه لترابي ، منه خلقت و إليه أعود و منه ابعث ، و إنّك لمارج من نار فقال له معاوية : إنّما أنت هاتف بلسانك لا تنظر في أود الكلام و استقامته ، فإن كنت تنظر في ذلك فأخبرني عن أفضل المال ، فقال : و اللَّه إنّي لأدع الكلام حتى يختمر في صدري ثم أذهب و لا أهتف به حتى أقيم أوده و اجيز متنه ، و ان أفضل المال لبرة سمراء في برية غبراء ، أو نعجة صفراء في نبعة خضراء ، أو عين فوّارة في أرض خوّارة فقال معاوية : للَّه أنت فأين الذهب و الفضة ؟ قال : حجران يصطكّان ، إن أقبلت عليهما نفدا و إن تركتهما لم يزيدا(٢) .

و في ( المروج ) : حبس معاوية صعصعة و ابن الكوّاء و رجالا من أصحاب عليعليه‌السلام مع رجال من قريش ، فدخل عليهم يوما فقال : نشدتكم باللَّه إلاّ ما قلتم حقّا و صدقا ، أيّ الخلفاء رأيتموني إلى أن قال فقال صعصعة :

تكلّمت يا ابن أبي سفيان فأبلغت و لم تقصر عمّا أردت و ليس الأمر على ما ذكرت ، أنّى يكون خليفة من ملك الناس قهرا و دانهم كبرا و استولى بأسباب الباطل كذبا و مكرا ، أما و اللَّه مالك في يوم بدر مضرب و لا مرمى ، و ما كنت فيه إلاّ كما قال القائل « لا حلّي و لا سيري » ، و لقد كنت و أبوك في العير و النفير ممّن أجلب على الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله ، و إنّما أنت طليق ابن طليق أطلقكما الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله

____________________

( ١ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٤ : ٣٦٧ ، أما أشد الناس فحكم بن جبل ، و أمّا أسخى الناس فعبد اللَّه بن سوار و أمّا أطوع الناس فالجارود بشر بن العلاء .

( ٢ ) العقد الفريد لابن عبد ربه ٥ : ١١٥ ( دار الكتب العلمية ) .

٥٥٤

و أنّى تصلح الخلافة لطليق(١) .

( و فيه ) قال معاوية يوما و عنده صعصعة و كان قدم عليه بكتاب عليعليه‌السلام و عنده وجوه الناس : الأرض للَّه و أنا خليفة اللَّه ، فما آخذ من مال اللَّه فهو لي و ما تركت منه كان جايزا لي فقال صعصعة :

تمنيّك نفسك ما لا يكون

جهلا معاوي لا تأثم

فقال معاوية : يا صعصعة تعلمت الكلام قال صعصعة : العلم بالتعلّم و من لا يعلم يجهل قال معاوية : ما أحوجك إلى أن اذيقك و بال أمرك قال : ليس ذلك بيدك ، ذاك بيد الذي لا يؤخّر نفسا إذا جاء أجلها قال : و من يحول بيني و بينك ؟ قال : الذي يحول بين المرء و قلبه قال معاوية : إتّسع بطنك للكلام كما اتّسع بطن البعير للشعير قال صعصعة : إتّسع بطن من لا يشبع و دعا عليه من لا يجمع(٢) .

( و فيه ) إن معاوية قال لابن عباس : ميّز لي أصحاب عليّعليه‌السلام و ابدأ بآل صوحان فإنّهم مخاريق الكلام قال : أمّا صعصعة فعظيم الشأن عضب اللّسان قائد فرسان قاتل أقران ، يرتق ما فتق و يفتق ما رتق قليل النظير(٣) .

و يكفيه أنّ مثل ابن عباس مع مقامه في الخطابة و الأدب كان يسأله عن أمور كثيرة و يجيبه ، فقال له : أنت يا ابن صوحان باقر علم العرب و لمّا سأله عن السؤدد و المروة فأجابه و أنشده أبياتا في ذلك من مرّة بن ذهل بن شيبان قال ابن عباس : لو أنّ رجلا ضرب آباط الإبل مشرقا و مغربا لفائدة هذه الأبيات ما عنّقته(٤) .

____________________

( ١ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٥٠ .

( ٢ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٥٠ .

( ٣ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٤٦ .

( ٤ ) مروج الذهب للمسعودي ٣ : ٤٦ .

٥٥٥

هذا و في ( بيان الجاحظ ) ذكر عليعليه‌السلام أكتل(١) فقال : « الصبيح الفصيح »(٢) .

و في ( الاستيعاب ) : أكتل من شماخ ، نسبه ابن الكلبي إلى عوف بن عبد مناة بن طابخة ، و قال : كان عليعليه‌السلام إذا نظر إليه قال : من أحبّ أن ينظر إلى الصبيح الفصيح فلينظر إلى أكتل بن شماخ(٣) .

قال المصنف ( يريد : الماهر بالخطبة الماضي فيها ، و كل ماض في كلام أو سير فهو شحشح ) قلت : أو في طيران فيقال قطاة شحشح أي سريع الطيران .

( و الشحشح في غير هذا الموضع البخيل الممسك ) .

قلت : و الفيروز آبادي ذكر للشحشح غير ما ذكر معاني اخر ، فقال :

الشحشح الفلاة الواسعة و السيّ‏ء الخلق و الشجاع و الغيور ، و من الغربان :

الكثير الصوت ، و من الأرض : ما لا تسيل إلاّ من مطر كثير و التي تسيل من أدنى مطر ضد ، و من الحمير : الخفيف ، و من القطا السريعة و الطويل(٤) .

٦٥ من غريب كلامه رقم ( ٣ ) و في حديثهعليه‌السلام :

إِنَّ لِلْخُصُومَةِ قُحَماً أقول : قال ابن أبي الحديد : هذه الكلمة قالهاعليه‌السلام حين وكّل عبد اللَّه بن

____________________

( ١ ) و هو أكتل بن شماخ بن زيد بن شداد العكلي ، شهد الجسر مع أبي عبيدة ، و أسر يومئذ و ضرب عنقه ، و شهد القادسية ، الإصابة في تمييز الصحابة ١ : ٤٨١ .

( ٢ ) البيان و التبيين للجاحظ ٢ : ١٧٢ .

( ٣ ) الاستيعاب لابن عبد البرّ ١ : ٤٣ ، الترجمة رقم ( ١٥٨ ) .

( ٤ ) القاموس المحيط للفيروز آبادي ١ : ٢٣٠ .

٥٥٦

جعفر في الخصومة عنه(١) .

و قال ابن ميثم : يروى أنّهعليه‌السلام وكّل أخاه في خصومة و قال : إن لها تقحّما و إنّ الشيطان يحضرها(٢) .

و في ( المستجاد ) دخل عمارة بن حمزة على المنصور فقعد في مجلسه ، فقام رجل فقال للمنصور : مظلوم قال : من ظلمك قال عمارة :

غصبني ضيعتي فقال المنصور : قم يا عمارة فاقعد مع خصمك فقال : ما هو لي بخصم قال : و كيف ذلك ؟ قال : ان كانت الضيعة له فلست انازعه و ان كانت لي فهي له ، و لا أقوم من مجلس قد شرّفني به الخليفة أمير المؤمنين و أقعد في أدنى منه بسبب ضيعة(٣) .

قال المصنف : ( يريد بالقحم المهالك لأنّها تقحم أصحابها في المهالك و المتالف في الأكثر ) في ( النهاية ) : اقتحم الأمر العظيم و تقحّمه ، إذا رمى نفسه فيه من غير رويّة ، و القحمة الورطة و الهلكه ، و منه حديث عليعليه‌السلام « ان للخصومة قحما »(٤) .

« و من ذلك قحمة الاعراب و هو ان تصيبهم السنة » أي : سنة القحط .

« فتتعرق أموالهم » هكذا في ( الطبعة المصرية )(٥) و الصواب ما في ابن أبي الحديد(٦) و ابن ميثم(٧) ( فتتقرف أموالهم ) .

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٧ .

( ٢ ) شرح نهج البلاغة لابن ميثم ٥ : ٣٧٢ .

( ٣ ) المستجاد للتنوخي : ١٩٣ ١٩٤ .

( ٤ ) النهاية لابن الأثير ١ : ١٨ .

( ٥ ) النسخة المصرية : ٧١٥ شرح محمّد عبده .

( ٦ ) في شرح ابن أبي الحديد ١٩ : ١٠٧ بلفظ « فتتفرق » .

( ٧ ) نسخة ابن ميثم المنقحة مطابقة للنسخة المصرية ٥ : ٣٧٢ .

٥٥٧

« فذلك تقحمها » أي : تقحّم السنة .

« فيهم » أي : في الاعراب .

« و قيل فيه » أي : في قول قحمة الاعراب .

« وجه آخر و هو أنّها تقحمهم » أي : تدخلهم .

« بلاد الريف » أي : الخصب .

« أي تحوجهم إلى دخول الحضر عند محول البدو » أي : قحط البادية .

قلت : و يشهد لكونه هو الوجه قولهم : « أقحمت السنة نابغة بني جعدة » أي : أخرجته من البادية و أدخلته الحضر .

٦٦ الحكمة ( ٢٩٨ ) و قالعليه‌السلام :

مَنْ بَالَغَ فِي اَلْخُصُومَةِ أَثِمَ وَ مَنْ قَصَّرَ فِيهَا ظُلِمَ وَ لاَ يَسْتَطِيعُ أَنْ يَتَّقِيَ اَللَّهَ مَنْ خَاصَمَ أقول : قال ابن أبي الحديد هذا مثل قولهعليه‌السلام في موضع آخر : « الغالب بالشرّ مغلوب »(١) و كان يقال : ما تسابّ اثنان إلاّ غلب ألامهما(٢) .

قلت : و أين ما ذكره ممّا قالهعليه‌السلام و إنّما كلامه هنا مثل قوله قبل : « إنّ للخصومة قحما » ، و كأنّ هذا تفصيل لإجمال ذاك ، و المراد بالخصومات التي ترفع إلى القضاة لا التسابّ الخارجي و يصير الرجل في خصومات القضاة موهونا اضافة إلى ما ذكره ، و لذا كان بعض الشرفاء يتركون حقّهم مع كون ادعائهم حقّا و يخسرون مع كون الادعاء باطلا حتى يخلصوا من الخصومة .

____________________

( ١ ) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٩ : ٢٠٤ ، و هو من الكلمات القصار .

( ٢ ) المصدر نفسه .

٥٥٨

٦٧ الحكمة ( ٢٦٥ ) و قالعليه‌السلام :

إِنَّ كَلاَمَ اَلْحُكَمَاءِ إِذَا كَانَ صَوَاباً كَانَ دَوَاءً وَ إِذَا كَانَ خَطَأً كَانَ دَاءً أي : إن صواب كلامهم دواء لباقي الناس من أمراضهم الباطنية ، كما أنّ خطأ كلامهم يولّد فيهم أمراضا حادثة ، فإنّ عامة الناس ينظرون إلى القائل و ليسوا هم أهل التمييز .

و مثل قول الحكماء علم العلماء ، فإنّه إذا كان مقرونا بالعمل يكون دواء و إذا كان عاريا عنه كان داء(١) .

و في ( الكافي ) قال عيسىعليه‌السلام للحواريين : بالتواضع تعمر الحكمة لا بالتكبّر ، و كذلك في السهل ينبت الزرع لا في الجبل(٢) ، و قالت الحواريون لعيسىعليه‌السلام : من نجالس ؟ قال : من يذكّركم اللَّه رؤيته و يزيدكم في علمكم منطقه ، و يرغّبكم في الآخرة عمله(٣) .

و أوحى اللَّه تعالى إلى داودعليه‌السلام : لا تجعل بيني و بينك عالما مفتونا بالدنيا فيصدّك عن طريق محبتي ، فإنّ اولئك قطّاع طريق عبادي المريدين ، إنّ أدنى ما أنا صانع بهم أن أنزع حلاوة مناجاتي من قلوبهم(٤) .

و عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله : الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدّنيا باتّباع السلطان ، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم(٥) .

____________________

( ١ ) ذكر ابن أبي الحديد في شرحه ١٩ : ٢٠٤ ما يشابه ذلك .

( ٢ ) الكافي للكليني ١ : ٣٧ ح ٦ .

( ٣ ) الكافي للكليني ١ : ٣٩ ح ٣ و هو عن أبي عبد اللَّه عن الرسول صلّى اللَّه عليه و آله .

( ٤ ) الكافي للكليني ١ : ٤٦ ح ٤ .

( ٥ ) الكافي للكليني ١ : ٤٦ ح ١ .

٥٥٩

و عن الصادقعليه‌السلام : إنّ العالم إذا لم يعمل بعلمه زلّت موعظته عن القلوب كما يزل المطر عن الصفا(١) .

٦٨ الحكمة ( ٢٩٦ ) وَ قَالَ ع لِرَجُلٍ يَسْعَى

 عَلَى عَدُوٍّ لَهُ بِمَا فِيهِ إِضْرَارٌ بِنَفْسِهِ إِنَّمَا أَنْتَ كَالطَّاعِنِ نَفْسَهُ لِيَقْتُلَ رِدْفَهُ أقول : الظاهر أنّ الأصل في هذا الكلام ما رواه الطبري عن سيف باسناده : أنّ الناس كانوا في الوليد فرقتين : العامة معه و الخاصة عليه ، حتى كانت صفّين فولّى معاوية فجعلوا يقولون : عيب عثمان بالباطل ، فقال لهم علي : إنّكم و ما تعيّرون به عثمان كالطّاعن نفسه ليقتل ردفه ، و ما ذنب عثمان في رجل قد ضربه بقوله و عزله عن عمله ، و ما ذنب عثمان فيما صنع عن أمرنا(٢) .

و الخبر كما ترى محرّف لا يفهم منه محصل ، ثم جميع ما يرويه الطبري عن سيف أمور منكرة خلاف ما يرويه الخاصة و العامّة(٣) ، و منها هذا الخبر فإنّ ضرب عثمان الوليد بن عقبة أخاه الرضاعي لمّا شكا أهل الكوفة صلاته بهم سكران و صلاته بهم الصبح أربعا و تغنّيه في الصّلاة إنّما كان بإجبار أمير المؤمنينعليه‌السلام له ، و كيف يعقل أن يعيب أحد عثمان بضربه الحدّ حتى ينكرعليه‌السلام ذلك ، و إنّما عابوا عثمان بتوليته مثل الوليد و آبائه عن إجراء الحد عليه حتى أنّبهعليه‌السلام بتضييعه حد اللَّه ، و تصدّىعليه‌السلام لضربه رغما لعثمان

____________________

( ١ ) الكافي للكليني ١ : ٤٤ ح ٣ .

( ٢ ) تاريخ الامم و الملوك للطبري ٢ : ٦١٢ .

( ٣ ) للسيد مرتضى العسكري بحث مطولة في هذا المضمار راجع كتابه « عبد اللَّه بن سبأ » .

٥٦٠

561

562

563

564

565

566

567

568

569

570

571

572

573

574

575

576

577

578

579

580

581

582

583

584

585

586

587

588

589

590

591

592

593

594

595

596

597

598

599

600

601

602

603

604

605

606

607

608

609

610

611

612

613

614

615

616

617

618

619

620

621

622

623

624

625

626

627

628

629

630

631

632

633

634

635

636

637

638

639

640

641

642

643

644

645

646

647

648

649

650

651

652

653

654

655

656

657

658

659

660

661

662

663

664

665

666

667

668

669

670

671

672

673

674

675

676

677

678

679

680

681

682

683

684

685

686

687

688

689

690

691

692

693

694

695

696

697

698

699

700

701

702

703

704

705

706

707

708

709

710

711

712

713

714

715

716

717

718

719

720

721

722

723

724

725

726

727

728

729

730

731

732

733

734

735

736

737

738

739

740

741

742

743

744

745

746

747

748

749

750

751

752

753

754

755

756

757

758

759

760

761

762

763

764

765

766

767

768

769

770

771

772

773

774

775

776

777

778

779

780

781

782

783

784

785

786

787

788

789

790

791

792

793