زمنية بين ظهور المهدي المنتظر وحدوث الرّجعة , ولكنّ هذه العلاقة لا تدلّ أبداً على الوحدة بين هاتين القضيتين.
والمسألة الأخرى، التي لابد لنا من توضحيها هي:
لو أنّنا أسمينا الظهور بعد الغيبة بالرّجعة لوجب علينا - طبقا لِما يراه أهل السنّة - أن نؤمن بالرّجعة في موضعين:
1- لا يشكّ أحد في أنّ سيدنا موسى (عليه السلم) وفقا للآية:
(
وَوَاعَدْنَا مُوسَى ثَلاَثِينَ لَيْلَةً...
)
قد فارق قومه أربعين يوماً بلياليها، وعاش بعيداً عن أنظارهم، ثمّ عاد إليهم بعد انقضاء هذه المدة.
2- روى الطبري وابن سعد وغيرهما ما يلي: (حين لبّى رسول الله نداء ربه، قام الخليفة الثاني وصاح قائلاً: إنّ نفراً من المنافقين يظنّون أنّ النبيَّ قد مات، فوالله إنّه لم يمت، بل ذهب إلى ربه كما فعل موسى بن عمران إذ غاب عن قومه أربعين ليلة ثمّ عاد إليهم بعد أن ظنّ الناس أنّه قد مات، والله إنّ الرسول سيعود فيقطع أيدي الذين نسبوا الموت إليه وأرجلهم)
إلاّ أنّه غيّر رأيه بعد حديث قصير مع أبي بكر، وصدّق بوفاة النبي، ولكنّ هذه العبارات تدلّ على عدم استحالة الظهور بعد الغيبة.
وسوف نبادر - فيما سيأتي من سطور - إلى دراسة البراهين العقلية والنقلية على إمكانية وقوع الرّجعة، وتوافقها مع المعارف الإسلامية، مع بحث بعض الموارد حول حدوث الرّجعة في الأزمنة السابقة، وذكر الدلائل على تحققّها في ما يستقبل من الزمان.
4. إمكانية حدوث الرّجعة:
قبل أن نتطرق إلى أدلّة الرّجعة في القرآن والحديث، سوف نبحث إمكانية حدوث ظاهرة كهذه من وجهة النظر الفلسفية العلمية ثمّ نعرج على القرآن.
في البداية لابد أن نعرف أنّ مسألة الرّجعة إلى العالم المادي تشبه تماما بعث الحياة من جديد في يوم القيامة، وأنّ الرّجعة والمعاد ظاهرتان متماثلتان ومن نوع واحد، مع فارق أنّ الرّجعة محدودة أكثر، وتحدث قبل يوم القيامة، بينما يُبعث جميع الناس في يوم القيامة ليبدأوا حياتهم الخالدة.
____________________