الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء ٢

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية0%

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 343

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: الصفحات: 343
المشاهدات: 217012
تحميل: 7905


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 343 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 217012 / تحميل: 7905
الحجم الحجم الحجم
الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

أولاً : الأدلة القرآنية

١ـ قوله تعالى :( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) (١) .

وفي هذه الآية دلالة واضحة على ضمان بقاء القرآن وسلامته من التحريف والتغيير وهو ضمان ووعد إلهي بالحفظ لا يتخلّف أبداً ، كما قال تعالى :( إِنَّ اللهَ لاَ يُخْلِفُ الْمِيعَادَ ) (٢) .

ولا ريب أنّ المراد بالذكر هو القرآن الكريم لا الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ كما أوّلها البعض ـ لأنّ آية الحفظ مسبوقة بقوله تعالى :( وَقَالُواْ يَا أَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ ) (٣) التي لا ينبغي الشك في أنّ المقصود بالذكر هو القرآن الكريم .

إشكال وجواب

الإشكال : قد يرد على الاستدلال بهذه الآية على عدم التحريف ، باعتبار أن مُدّعي التحريف يحتمل وجود التحريف في هذه الآية نفسها .

الجواب : إنّ القائلين بالتحريف يعتمدون على آيات معروفة يدّعون أنّها محرّفة وليس من بينها هذه الآية :( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) ، مضافاً إلى أنّ محل النـزاع في التحريف هو نقص آيات وليست زيادة ، فإنّ الزيادة متفق على بطلانها .

٢ـ قوله تعالى : ( وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ

ــــــــــــــ

(١) الحجر : ٩ .

(٢) الرعد : ٣١ .

(٣) الحجر : ٦ .

١٦١

منْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) (١) .

وهذه الآية صريحة ، في سلامة القرآن وحفظه ونفي الباطل بجميع أقسامه بما في ذلك التحريف اللفظي ، أي لا يعترضه فساد أو نقص لا في حاضره ولا في مستقبل الأيام

ولا يرد الإشكال باحتمال التحريف في هذه الآية ؛ لأنّه ـ كما تقدم ـ لم تعد هذه الآية بإجماع الفريقين في ضمن الآيات المدّعى وقوع التحريف فيها .

ثانياً : الأدلة الروائية

وهي كثيرة جداً نقتصر على ذكر طائفتين منها :

الطائفة الأُولى : أحاديث الثقلين ، حيث أوصى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أُمّته بالتمسّك بهما وأخبر أنّهما لن يفترقا حتى يردا عليهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الحوض ، وهما الكتاب والعترة ، وهذه الأخبار متضافرة ومتواترة من طرق الفريقين .

حاصل الاستدلال بهذه الطائفة

إنّ هذه الأخبار دلّت على أنّ وجوب التمسّك بالكتاب باقٍ إلى يوم القيامة ، كما هو الحال في العترة ؛ وذلك لأجل حفظ الأُمّة من الضلال ، وهذا بنفسه يستلزم كون القول بالتحريف باطل ؛ لأنّه لو كان القرآن محرّفاً لما صح أن يكون التمسّك به وبالعترة عاصماً من الضلال .

الطائفة الثانية : أحاديث وافرة مأثورة عن أهل البيتعليهم‌السلام تدلُّ على صيانة وسلامة القرآن من التحريف ، وإليك بعضها :

ــــــــــــــ

(١) فصلت : ٤١ ـ ٤٢ .

١٦٢

١ـ ما جاء في رسالة الإمام أبي جعفر الباقرعليه‌السلام إلى سعد الخير ، حيث قال :( وكان من نبذهم الكتاب أن أقاموا حروفه وحرفوا حدوده ) (١) وهذا تصريح واضح بأنّ الكتاب العزيز لم ينله التحريف في نصوصه الشريفة ؛ لأنّهم وإن غيّروا أحكامه وحرّفوا حدوده إلاّ أنّ تعبير الإمام الآخر ( أقاموا حروفه ) يعني حفظوا النص من التغيير والتبديل ، بمعنى أنّ أيدي المحرّفين لم تطل تحريف النص ، وإنّما حرّفوا حدوده ومعانيه حسب ما يروق لهم .

٢ـ ما جاء في صحيحة أبي بصير قال : (سألت الإمام الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى :( أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ ) (٢) فقال :نزلت في علي بن أبي طالب والحسن والحسين عليهم‌السلام ، فقلت له : إنَّ الناس يقولون : فما باله لم يُسمّ عليّاً وأهل بيتهعليه‌السلام في كتاب الله عزَّ وجل ؟ فقال :قولوا لهم : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نزلت عليه الصلاة ولم يسمّ لهم ثلاثاً ولا أربعاً حتى كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الذي فسّر لهم ذلك ... )(٣) .

وهذا تصريح واضح من الإمامعليه‌السلام أنّ القرآن الكريم لم يذكر أسماء أهل البيتعليهم‌السلام وإن جاء ذكرهم في كثير من العمومات القرآنية ؛ وذلك من خلال النعوت والأوصاف التي لا تنطبق إلاّ عليهمعليهم‌السلام ، كما أشارت لذلك الروايات النبوية المتضافرة .

إذن هذا الإقرار والتصريح من الإمامعليه‌السلام حاكم على تلك الروايات التي يظهر من بعضها ادّعاء ذكر أسمائهمعليهم‌السلام في الكتاب ، والتي اتخذها البعض ذريعة للنيل من الشيعة واتهامهم بالتحريف ، مع أنّ تلك الروايات جاءت في مقام التفسير كما سوف يتضح .

ــــــــــــــ

(١) أُصول الكافي ، الكليني : ج٢ ص٦٣١ ، ج٨ ص٥٣ .

(٢) النساء : ٥٩ .

(٣) أُصول الكافي ، الكليني : ج١ ص٢٨٦ ؛ شواهد التنزيل ، الحاكم الحسكاني : ج١ ص١٩١ .

١٦٣

٣ـ في ذيل الحديث الوارد عن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن الماضيعليه‌السلام : قال سألته عن قوله تعالى : (( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنـزِيلا ) (١) ، قال :بولاية علي عليه‌السلام تنـزيلاً ، قلت : هذا تنـزيل ؟ قال :نعم ، ذا تأويل )(٢) .

وفي هذا الحديث دلالة واضحة على أنّ المراد من التنـزيل هو التفسير ، وهذا الحديث يعتبر ردّاً حاكماً على كل مزاعم أهل التحريف ، كما هو الحال في الحديث السابق .

وغير ذلك من الروايات الواردة عن أهل البيتعليهم‌السلام كروايات العرض على الكتاب ، والرجوع إليه عند تشابه الأمور وغيرها .

ثالثاً : تواتر القرآن

فإنّ القرآن الكريم متواتر بين المسلمين جيلاً بعد جيل ؛ لأنّه مقرّ ومعترف به عند الجميع ، وأصلٌ لجميع الأحكام ، بل لا شك أنّ كل دواعي نقله متوفّرة لدى المسلمين ، كما هو واضح في مسألة تعدّد القراءات وتواتر بعضها ، وقد اشتهرت بين المسلمين قراءة عاصم برواية حفص التي تُعدّ من أبرز ما تواتر من القراءات .

إذن فالقرآن الكريم متواتر في مجموع ألفاظه وسوره وآياته ، لا سيّما إذا أخذنا بنظر الاعتبار أنّ القرآن الكريم معجزة الرسالة الخالدة وسند النبوّة ، فإذا لم يكن متواتراً فإنّه يقدح بالقطع بحصول النبوّة .

ــــــــــــــ

(١) الدهر : ٢٣ .

(٢) أصول الكافي ، الكليني : ج١ص٤٣٥ .

١٦٤

رابعاً : إعجاز القرآن

إنّ احتمال التحريف في كتاب الله تعالى يتنافى مع إعجازه وتحدّيه لكل البشر ؛ وذلك بعد أن تحدّاهم ، ولكن بشكل تدريجي ؛ حيث تحدّاهم أولاً بالإتيان بمثله كما قال تعالى :( قُل لَّئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَن يَأْتُواْ بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا ) (١) ومن ثمّ تحدّاهم أن يأتوا ببعض السور كقوله تعالى :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِعَشْرِ سُوَرٍ مثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ ) (٢) وبعد ذلك تحدّى البشرية على أن يأتوا ولو بسورة واحدة كما في قوله تعالى :( أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُواْ بِسُورَةٍ مِّثْلِهِ ) (٣) هذا في جانب الزيادة ، أمّا في جانب النقيصة في القرآن ، فلا يمكن احتماله ؛ لأنّ النقص بإسقاط كلمة أو كلمات ضمن جملة واحدة يؤدّي إلى الإخلال في الأسلوب البلاغي الذي هو ممّا تحدّى القرآن به البشرية أيضاً .

خامساً : روايات العرض على كتاب الله

فقد وردت عدّة روايات تبين أن القرآن الكريم ميزان لصحة وحجّيّة الروايات المشكوكة ، وبيان ما هو الصادق والكاذب منها ، فعن الإمام

ــــــــــــــ

(١) الإسراء : ٨٨ .

(٢) هود : ١٣ .

(٣) يونس : ٣٨ .

١٦٥

الصادقعليه‌السلام قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إنّ على كل حق حقيقة وعلى كلّ صواب نوراً ، فما وافق كتاب الله فخذوه وما خالف كتاب الله فدعوه ) (١) ونحوها .

فلو عرضنا روايات التحريف على القرآن الكريم نجد أنّها تخالفه كما في قوله تعالى :( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ ) وقوله تعالى :( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ) .

أضف إلى ذلك أنّ تحريفه يعني سقوطه عن الحجيّة فكيف يكون هو المقياس والمناط في عرض الروايات عليها لإثبات حجّيّتها وحقّانيّتها!

شواهد أخرى

وهنالك بعض الشواهد العقلية والوجدانية تشهد بعدم تحريف القرآن ، منها :

١ـ إنّ القرآن الكريم أنزله الله تعالى لهداية البشر وإرشادهم إلى كمالهم ، فلو وقع فيه التحريف فإنّه يؤدّي إلى نقض غرضه تعالى من القرآن الكريم وهو إرشاد الناس وهدايتهم .

٢ـ إنّ التحريف في القرآن يؤدّي إلى سقوط حجيّته من الاعتبار وهذا ممّا لا يمكن القول به ؛ لأنّ القرآن لا خلاف في حجّيّته ، فلو كان محرّفاً لم يكن حجّة ، والحال هو خلاف المتسالم عليه في حجّيّته .

ــــــــــــــ

(١) الكافي ، الكليني : ج١ ص٦٩ .

١٦٦

أقوال علماء الشيعة بعدم التحريف

لقد صرّح علماؤنا بعدم التحريف في مواطن عديدة جداً ، وإليك بعضها :

١ـ شيخ المحدّثين ، أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين الصدوق (ت ٣٨١ هـ) .

قال في رسالته ( الاعتقادات ) التي وضعها لبيان معتقدات الشيعة الإمامية حسب ما وصل إليه من النظر والتمحيص : ( اعتقادنا أنّ القرآن الذي أنزله الله تعالى على نبيّه محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو ما بين الدفّتين ، وهو ما في أيدي الناس ليس بأكثر من ذلك ، وعدد سوره على المعروف مائة وأربع عشرة سورة وعندنا تعدّ ( والضحى ) و ( ألم نشرح ) سورة واحدة ، و ( لإيلاف ) و ( ألم تر كيف ) سورة واحدة ثم قال : ( ومَن نسب إلينا أنّا نقول إنّه أكثر من ذلك فهو كاذب )(١) .

٢ـ عميد الطائفة ، محمد بن محمد بن النعمان المفيد (ت ٤١٣) .

قال في كتابه الفذّ ( أوائل المقالات ) وكذا في كتابه ( المسائل السروية ) الذي وضعه لبيان أصول المسائل الإسلامية فيما تفترق فيه الشيعة الإمامية عن غيرهم من أهل العدل : ( وقد قال جماعة من أهل الإمامة : إنّه لم ينقص من كلمة ولا من آية ولا من سورة ، ولكن حذف ما كان مثبتاً في مصحف أمير المؤمنينعليه‌السلام من تأويله وتفسير معانيه على حقيقة تنزيله ، وذلك كان ثابتاً منزلاً وإن لم يكن من جملة كلام الله تعالى الذي هو القرآن المعجز .

ــــــــــــــ

(١) الاعتقادات ، للشيخ الصدوق : ص٨٤ ، دار المفيد للطباعة والنشر .

١٦٧

وقد يسمّى تأويل القرآن قرآناً )(١) .

وقال : ( وعندي أنّ هذا القول أشبه [أي أقرب في النظر] من مقال مَن ادّعى نقصان كلم من نفس القرآن على الحقيقة دون التأويل ، وإليه أميل )(٢) .

وقال أيضاً : ( وأمّا الزيادة فيه فمقطوع على فسادها من وجه ويجوز صحّتها من وجه ، فالوجه الذي أقطع على فساده أن يمكن لأحد من الخلق زيادة مقدار سورة فيه على حد يلتبس به عند أحد من الفصحاء ، وأمّا الوجه المجوز فهو أن يزاد فيه الكلمة والكلمتان والحرف والحرفان وما أشبه ذلك ، ممّا لا يبلغ حد الإعجاز ويكون ملتبساً عند أكثر الفصحاء بكلم القرآن ، غير أنّه لابدَّ متى وقع ذلك من أن يدل الله عليه ، ويوضح لعباده عن الحق فيه ، ولستُ أقطع على كون ذلك بل أميل إلى عدمهِ وسلامة القرآن عنه ، ومعي بذلك حديث عن الصادق جعفر بن محمدعليه‌السلام )(٣) .

وقال في ( أجوبة المسائل السروية ) : ( فإن قال قائل : كيف يصحّ القول بأنّ الذي بين الدفّـتين هو كلام الله تعالى على الحقيقة من غير زيادة فيه ولا نقصان ، وأنتم تروون عن الأئمّةعليهم‌السلام أنّهم قرأوا :( كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ ) ،( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً ) وقرأوا ( يسْأَلُونَكَ الأَنفَالِ ) وهذا بخلاف ما في المصحف الذي في أيدي الناس ؟

قيل له : قد مضى الجواب عن هذا ، وهو : أنّ الأخبار التي جاءت بذلك أخبار آحاد لا يقطع على الله تعالى بصحّتها ؛ فلذلك وقفنا فيها ولم نعدل عمّا

ــــــــــــــ

(١) أوائل المقالات ، الشيخ المفيد : ص٨١ ؛ المسائل السروية ، الشيخ المفيد : ص٨٠ .

(٢) أوائل المقالات ، الشيخ المفيد : ص٨١ .

(٣) أوائل المقالات ، المفيد : ص٨١ ـ ٨٢ .

١٦٨

في المصحف الظاهر ، على ما أمرنا به حسب ما بيّناه مع أنّه لا ينكر أن تأتي القراءة على وجهين منزلين : أحدهما : ما تضمّنه المصحف والثاني : ما جاء به الخبر ، كما يعترف به مخالفونا من نزول القرآن على أوجه شتّى )(١) .

٣ـ الشريف المرتضى ، علي بن الحسين علم الهدى (ت ٤٣٦ هـ) .

قال في رسالته الجوابية الأُولى عن ( المسائل الطرابلسيات ) : ( إنّ العلم بصحّة نقل القرآن كالعلم بالبلدان والحوادث الكبار والوقائع العظام والكتب المشهورة وأشعار العرب المسطورة ، فإنّ العناية اشتدّت والدواعي توفّرت على نقله وحراسته ، وبلغت إلى حدّ لم يبلغه فيما ذكرناه ؛ لأنّ القرآن معجزة النبوّة ومأخذ العلوم الشرعيّة والأحكام الدّينية وعلماء المسلمين قد بلغوا في حفظه وحمايته الغاية ، حتى عرفوا كلّ شيء اختلف فيه من إعرابه وقراءته وحروفه وآياته ، فكيف يجوز أن يكون مغيّراً ومنقوصاً ، مع العناية الصادقة والضبط الشديد )(٢) !

وقال أيضاً : ( إنّ العلم بتفسير القرآن وأبعاضه في صحّة نقله كالعلم بجملته ، وجرى ذلك مجرى ما علم ضرورة من الكتب المصنّفة ، ككتاب سيبويه والمزني ، فإنّ أهل العناية بهذا الشأن يعلمون من تفصيلهما ما يعلمونه من جملتهما ، حتى لو أنّ مدخلاً أدخل في كتاب سيبويه باباً في النحو ليس من الكتاب لعرف وميّز وعلم أنّه ملحق وليس من أصل الكتاب ، وكذلك القول في كتاب المزني ، ومعلوم أنّ العناية بنقل القرآن وضبطه

ــــــــــــــ

(١) المسائل السروية ، المفيد : ص٨٢ ص٨٤ .

(٢) نقلاً عن مجمع البيان ، الطبرسي : ج١ ص١٥ .

١٦٩

أصدق من العناية بضبط كتاب سيبويه ودواوين الشعراء )(١) .

وذكر أخيراً : ( أنّ من خالف في ذلك من الإمامية والحشوية لا يعتدّ بخلافهم ، فإنّ الخلاف في ذلك مضاف إلى قوم من أصحاب الحديث نقلوا أخباراً ضعيفة ظنّوا صحّتها ، لا يرجع بمثلها عن المعلوم المقطوع على صحّته )(٢) .

٤ـ شيخ الطائفة ، أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي (ت٤٦٠)

قال في مقدّمة تفسيره ( التبيان ) : ( وأمّا الكلام في زيادته ونقصانه فممّا لا يليق بهذا الكتاب المقصود منه العلم بمعاني القرآن ؛ لأنّ الزيادة منه مجمع على بطلانها والنقصان منه ، فالظاهر أيضاً من مذهب المسلمين خلافه ، وهو الأليق بالصحيح من مذهبنا .

وهو الذي نصره المرتضى ، وهو الظاهر في الروايات ، غير أنّه رويت روايات كثيرة من جهة الخاصّة والعامّة بنقصان كثير من آي القرآن ، ونقل شيء منه من موضع إلى موضع ، طريقها الآحاد التي لا توجب علماً ولا عملاً ، والأولى الإعراض عنها ، وترك التشاغل بها ، لأنّه يمكن تأويلها )(٣) .

٥ـ وهكذا قال أبو علي الفضل بن الحسن الطبرسي (ت ٥٤٨ هـ) في ( مقدّمة التفسير ) وفي كتابه ( الاحتجاج ) قال : ( والكلام في زيادة القرآن ونقصانه ، ممّا لا يليق بالتفسير أمّا الزيادة فيه فمجمع على بطلانه ، وأما

ــــــــــــــ

(١) مجمع البيان ، الطبرسي : ج١ ص١٥ .

(٢) الاحتجاج ، الطبرسي : ج١ ص٣٧٨ .

(٣) التبيان ، الشيخ الطوسي : ج١ ص٣ .

١٧٠

النقصان منه : فقد روى جماعة من أصحابنا ، وقوم من حشوية العامة ، أنّ في القرآن تغييراً ونقصاناً ، والصحيح من مذهب أصحابنا خلافه ، وهو الذي نصره المرتضى واستوفى الكلام فيه غاية الاستيفاء )(١) .

وقد شهد بعض أعلام السنّة بنـزاهة بعض فرق الشيعة من تهمة التحريف :

منهم أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (م ٣٢٤ هـ) هو علم من أعلام الأشاعرة ، حيث قال : ( واختلفت الروافض في القرآن ، هل زيد فيه أو نقص منه ؟ وهم فرقتان ، فالفرقة الأولى منهم يزعمون أنّ القرآن قد نقص منه وأمّا الزيادة فذلك غير جائز أن يكون قد كان ، وكذلك لا يجوز أن يكون قد غيّر منه شيء عمّا كان عليه ، فأمّا ذهاب كثير منه فقد ذهب كثير منه ، والإمام يحيط علماً به .

والفرقة الثانية منهم وهم القائلون بالاعتزال ( لقولهم بأصل العدل ) والإمامية يزعمون أنّ القرآن ما نقص منه ولا زيد فيه ، وأنّه على ما أنزله الله تعالى على نبّيه عليه الصلاة والسلام ، لم يغيّر ولم يبدّل ، ولا زال عمّا كان عليه )(٢) .

هذا كلام أكبر زعيم من زعماء الفكر الإسلامي السنّي في مطلع القرن الرابع الهجري (توفّي سنة ٣٣٠ هـ) يشهد بوضوح أنّ الأعلام والمحقّقين من علماء الشيعة الإمامية يرفضون القول بالتحريف في جميع أشكاله ، فمَن ذا يا ترى يمكنه نسبة هذا القول إليهم إلاّ أن يكون تائهاً في الضلال ؟!

ــــــــــــــ

(١) تفسير مجمع البيان ، الطبرسي : ج١ ص٤٣ ؛ الاحتجاج : ج١ ص٣٧٩ .

(٢) مقالات الإسلاميين ، الشيخ أبو الحسن الأشعري : ج١ ص٤٧ .

١٧١

منشأ الشبهة في التحريف

لعلّ المنشأ في تلك الشبهة هو وجود بعض الروايات المرسلة عن أئمّة أهل البيتعليهم‌السلام ، حيث إنّ رواة هذه الأحاديث إمّا ضعيف الحديث فاسد المذهب ، أو مضطرب في حديثه أو متهم وأمثال هؤلاء ، ولا يمكن الاعتماد على رواياتهم ، مضافاً إلى أنّ تلك الروايات وخصوصاً المعتبر منها ـ كما سيأتي ـ لا دلالة فيها على شيء من التحريف ، فهي إمّا روايات تفسيرية لتوضيح الآية أو بيان النـزول أو تأويل الآية أو تعيين مصداق من مصاديقها الأجلى ، وقد اعتاد السلف جعل شيء من الشرح مع الأصل لأجل إزالة الإبهام من الآية .

ومن هذه الروايات ما روي عن الإمام الصادقعليه‌السلام في قوله تعالى :( ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجاً ممَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيماً ) (١) قال :( ممّا قضيت ( من أمر الوالي ) ويسلّموا ( لله الطاعة ) تسليماً ) (٢) .

وهذا واضح في كون المراد منه تفسير وتبيين لمواضع التقدير في الكلام على ما أراده المتكلّم ، ولا يمكن أن يكون وجهاً معقولاً دالاً على التحريف .

ومنها ما رُوي عن أبي الربيع الشامي قال : سألت أبا عبد اللهعليه‌السلام عن قول

ــــــــــــــ

(١) النساء : ٦٥ .

(٢) الكافي : ج٨ ص١٨٤ ح٢١٠ .

١٧٢

الله عزّ وجل :( وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ) (١) قال : فقالعليه‌السلام : ( الورقة : السقط ، والحبّة : الولد ، وظلمات الأرض الأرحام ، والرطب ما يحيي الناس به ، واليابس ما يفيض ، وكل ذلك في إمام مبين )(٢) والظاهر أنّ استبدال لفظ الإمام في كلامهعليه‌السلام هو تفسير للكتاب نظراً لقوله تعالى :( وَكُلَّ شَيْءٍ أحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ ) (٣) هذا مضافاً إلى أنّ أبا الربيع الشامي مهمل في الكتب الرجالية ، وممّا يؤيّد ذلك ما رواه السنّة والشيعة من أنّ الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لمّا نزلت هذه الآية أشار إلى عليعليه‌السلام وقال :( هذا هو الإمام المبين ) (٤) .

ومنها ما روي عن الصادقعليه‌السلام أنّه قال :( اللّهمّ العن الذين كذبوا رسلك وهدموا كعبتك وحرّفوا كتابك ) (٥) ومن الواضح أنّ المراد بقوله( حرّفوا كتابك ) هو تضييع حدود القرآن وعدم العمل بها ، وهو من التحريف المعنوي الذي لا خلاف في وقوعه من قِبل البعض الذين يفسّرون القرآن على حسب أهوائهم ورغباتهم .

وممّا يشهد لذلك أنّ هذه الرواية قرنت تحريف القرآن بهدم الكعبة وتعطيل المساجد ، ولا يعني بذلك المعنى الحقيقي للهدم ، وإنّما يعني ندرة الحجيج الذين يريدون وجه الله تعالى ، وخلو المساجد من أهل اليقين في عبادة الله تعالى .

إذن هذه الروايات لا دلالة فيها على التحريف بشيء فضلاً عن ضعف إسنادها

ــــــــــــــ

(١) الأنعام : ٥٩ .

(٢) الكافي : ج٨ ص٢٤٩ ح٣٤٩ .

(٣) يس : ١٢ .

(٤) انظر : البرهان في تفسير القرآن : ح٤ ص٣٦ .

(٥) كامل الزيارات : باب ٧٩ ص٣٨٧ ؛ انظر : ينابيع المودة : ج١ ص٢٣٠ ، دار الأسوة .

١٧٣

مصحف الإمام عليعليه‌السلام

ومن الشبهات التي تمسّك بها البعض لاتهام الشيعة بتحريف القرآن ، وجود مصحف خاص بعليعليه‌السلام وهو غير المصحف الموجود ، حيث إنّهعليه‌السلام أتى به إلى القوم فلم يقبلوه منه ، وأنّه كان مشتملاً على بعض الزيادات وهي غير موجودة في القرآن الذي بأيدينا ؛ وبذلك يلزم نقص القرآن الموجود عن مصحف أمير المؤمنين عليعليه‌السلام وهو عين التحريف الذي وقع النـزاع فيه

وقد وردت في ذلك بعض الروايات :

منها : ما احتجّ به عليعليه‌السلام على جماعة من المهاجرين والأنصار ، حيث قال :( يا طلحة ، إن كل آية أنزلها الله [تعالى] في كتابه على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عندي بإملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخطّي بيدي ، وتأويل كل آية أنزلها الله على محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكل حلال أو حرام أو حدّ أو حكم أو أي شيء تحتاج إليه الأُمّة إلى يوم القيامة عندي مكتوب بإملاء رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخط يدي حتى أرش الخدش ) (١) .

ومنها : ما في احتجاجهعليه‌السلام على بعض الزنادقة ، حيث قال :( ولقد

ــــــــــــــ

(١) كتاب سليم بن قيس : ص٢١١ ، تحقيق محمد باقر الأنصاري .

١٧٤

أحضروا الكتاب كملاً مشتملاً على التأويل والتنـزيل والمحكم والمتشابه والناسخ والمنسوخ لم يسقط منه حرف ألف ولا لام ) (١) .

ومنها : ما رواه الكافي عن أبي جعفرعليه‌السلام :( ما يستطيع أحد أن يدّعي أنّ عنده جميع القرآن كلّه ، ظاهره وباطنه غير الأوصياء ) (٢) .

والجواب على هذه الشبهة من وجوه :

١ـ إنّ هذه الزيادات الموجودة في مصحف الإمام عليعليه‌السلام لا دليل على أنّها قرآن ، بل كانت من التفسير والتأويل .

٢ـ بحكم الأدلة السابقة الدالة على بطلان التحريف ، يتضح بطلان هذه الشبهة من أساسها ، وأنّ هذه الزيادات الموجودة في مصحف الإمام عليعليه‌السلام ليست من أصل القرآن .

٣ـ وردت عدّة أقوال عن أهل السنّة تشهد على أنّ الاختلاف بين مصحف عليعليه‌السلام والمصحف الموجود إمّا راجع إلى زيادة الناسخ والمنسوخ ، أو اختلاف الترتيب حسب النـزول ونحوها .

فعن ابن حجر في فتح الباري قال : ( إنّ مصحف علي كان على ترتيب النـزول أوّله اقرأ ، ثم المدثّر ثم ن والقلم ثم المزمّل )(٣) .

٤ـ لو كان مصحف الإمام عليعليه‌السلام يختلف عن المصحف الموجود ، لأخرجه الإمام عليعليه‌السلام للناس بعد أن استلم منصب الخلافة ، لا سيّما الأخذ بنظر الاعتبار اهتمام وحرص الإمام عليعليه‌السلام على حفظ الإسلام والكتاب المنزل .

روايات تحريف القرآن عند أهل السنّة

إنّ بعض أهل السنّة ـ الذين رفعوا شعار التحريف ضد الشيعة ، استناداً إلى بعض الروايات الضعيفة ـ لم تخل مصادرهم المعتبرة من بعض هذه الروايات الدالة على وقوع التحريف في القرآن ، حيث آمن أكثر علماء السنّة بأنّ القرآن الكريم نسخت تلاوته .

ــــــــــــــ

(١) تفسير الصافي ، الفيض الكاشاني : ج١ ص٤٧ ، ط٢ ـ مكتبة الصدر ـ طهران .

(٢) أصول الكافي ، الكليني : ج١ ص٢٢٨ .

(٣) فتح الباري ، ابن حجر : ج٩ ص٣٤ ، ط٤ ، دار إحياء التراث العربي .

١٧٥

وقد حملوا كثيراً من أخبار التحريف المحتشدة والمتضافرة في كتبهم على ما ابتدعوه من اصطلاح نسخ التلاوة ، مع أنّ تغيير الاسم لا يغيّر من الواقع شيئاً ، لاسيّما وأنّ بعض الروايات تنص على أنّ الآية المزعومة كانت ممّا يتلى بعد وفاة الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً .

وإليك نماذج من أحاديث التحريف التي طفحت بها أُمّهات المصادر عندهم :

١ـ آية الرجم

كان عمر بن الخطاب يزعم أن آية الرجم كانت تقرأ في حياة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، إلاّ أنّها نسيت فيما بعد لسبب غير معروف ، وهذا ما يسجّله البخاري من أن عمر خطب قائلاً : ( إنّ الله بعث محمداًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحق وأنزل عليه الكتاب ، فكان ممّا أنزل آية الرجم ، فقرأناها وعقلناها ووعيناها ، فلذا رجم رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس الزمان أن يقول قائل : والله ، ما نجد آية الرجم في كتاب الله ، فيضلّوا بترك فريضة أنزلها الله ، والرجم في كتاب الله حقّ على مَن زنى ، إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البيّنة أو كان الحبل أو الاعتراف )(١) .

ومن الغريب والطريف ما ورد عن ابن سعد ، حيث قال : ( أوّل مَن جمع القرآن أبو بكر ، وكتبه زيد وأنّ عمر أتى بآية الرجم يكتبها ؛ لأنّه كان وحده )(٢) أي وطلب زيد بن ثابت منه شاهدين يشهدان بأنّهما آية من كتاب الله فلم يستطع عمر من إقامتهما .

وقد رُويت آية الرجم بوجه آخر وهو : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة بما قضيا من اللذة )(٣) ومن الواضح أنّ آية الرجم لا تشابه بقيّة الآيات في روعة بلاغتها وفصاحتها .

إذن فعمر يعترف بنقص القرآن لعدم وجود آية الرجم فيه ، وهي دعوى التحريف بعينها .

٢ـ آية الرغبة

وهي آية أخرى زعم عمر أنّها أُسقطت من القرآن الكريم ، حيث قال : ( إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله ، أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم أن ترغبوا عن آبائكم )(٤) وهذه الآية المزعومة بعيدة كل البعد عن المضامين العالية للقرآن الكريم .

ــــــــــــــ

(١) صحيح البخاري : ج٨ ص٢٦ ، باب رجم الحبلى .

(٢) الإتقان في علوم القرآن ، السيوطي : ج١ ص١٦٣ ، ط١ ـ تحقيق سعيد المندوب ـ دار الفكر .

(٣) الإتقان في علوم القرآن ، السيوطي : ج٢ ص٦٧ ، ط١ ، دار الفكر تحقيق سيعد المندوب .

(٤) صحيح البخاري : ج٨ ص٢٦ .

١٧٦

إذن يتضح من كلام عمر أنّ هذا المصحف الذي بأيدينا تنقصه آية الرغبة التي يرويها ، وهذا هو عين القول بالتحريف .

٣ـ القرآن (١٠٢٧٠٠٠) حرف !!

ما أخرجه الطبراني عن عمر بن الخطاب أنّه قال : ( القرآن ألف ألف حرف وسبعة وعشرون ألف حرف )(١) مع أنّ القرآن الذي بين أيدينا لا يبلغ ثلث هذا المقدار ، وهذا يعني أنّ عمر يقول : إنّ هذا القرآن الذي بأيدينا ناقص .

٤ـ ذهب من القرآن الكثير

روى نافع عن ابن عمر أنّه قال : ( لا يقولنّ أحدكم قد أخذت القرآن كلّه وما يدريه ما كلّه ؟ قد ذهب منه قرآن كثير ، ولكن ليقل قد أخذت منه ما ظهر )(٢) .

قال الآلوسي : ( وروايات في هذا الباب أكثر من أن تحصى )(٣) .

ومعنى قوله : ( ذهب منه قرآن كثير ) إنّ هذا القرآن الذي بين أيدينا ناقص !!

٥ـ ذهاب كثير من القرآن يوم اليمامة

روى ابن داود عن ابن شهاب ، قال : ( بلغنا أنّه كان أُنزل قرآن كثير ، فقتل علماؤه يوم اليمامة الذين كانوا قد وعوه ولم يعلم بعدهم ولم يكتب )(٤) .

ــــــــــــــ

(١) المعجم الأوسط ، الطبراني : ج٦ ص٣٦١ ، تحقيق طارق الحسيني ، دار الحرمين – القاهرة – ١٤١٥ .

(٢) الدر المنثور ، السيوطي : ج١ ص٢٥٨ .

(٣) روح المعاني ، الآلوسي : ج١ ص٢٥ .

(٤) كنـز العمّال ، المتقي الهندي : ج٢ ص٦٨٥ .

١٧٧

٦ـ زيادة في مصحف عائشة

أخرج السيوطي في الإتقان عن أبي عبيد بإسناده عن حميدة بنت أبي يونس قالت : قرأ عليَّ أبي وهو ابن ثمانين سنة في مصحف عائشة : ( إنّ الله وملائكته يصلّون على النبي يا أيّها الذين آمنوا صلّوا عليه وسلّموا تسليماً ، وعلى الذين يصلّون الصفوف الأول ، قالت : قبل أن يغيّر عثمان المصاحف )(١) .

ولا ريب أنّ معنى هذا القول أنّ عائشة ترى نقصان المصحف الموجود بين أيدينا من هذا المقطع من الآية وهو ( وعلى الذين يصلّون الصفوف الأول ) .

٧ـ آية الرضعات أكلها داجن البيت

أخرج مسلم عن عائشة قالت : ( كان فيما أنزل الله من القرآن عشر رضعات معلومات يحرّمن ، ثم نسخن بخمس معلومات فتوفّى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهنّ فيما يقرأ من القرآن )(٢) ونقل عنها ابن ماجه قولها : ( ولقد كان في صحيفة تحت سريري ، فلمّا مات رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتشاغلنا بموته دخل داجن فأكلها ) !!(٣) ! .

ــــــــــــــ

(١) الإتقان ، السيوطي : ج٢ ص٦٧ .

(٢) صحيح مسلم ، مسلم : ج٤ص١٦٧ .

(٣) سنن ابن ماجه ، محمد بن يزيد القزويني : ج١ ص٦٢٥ .

١٧٨

٨ـ آيات أُخر عند أُبي بن كعب

حيث روى أُبي بن كعب أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال له : إنّ الله أمرني أن أقرأ عليك فقرأ : ( لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب ) قال : فقرأ فيها إنّ الدين عند الله الحنيفية لا المشتركة ولا اليهودية ولا النصرانية من يعمل خيراً فلن يكفره وقرأ عليه : لو كان لابن آدم وادياً لابتغى إليه ثانياً ، ولو أعطى ثانياً لابتغى ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ويتوب الله على مَن تاب )(١) .

٩ـ آيتان لم تكتبا في المصحف

روى أبو سفيان الكلاعي ، أنّ مسلمة بن مخلد الأنصاري قال لهم ذات يوم : أخبروني بآيتين في القرآن لم يكتبا في المصحف ، فلم يخبروه وعندهم أبو الكنود سعد بن مالك ، فقال مسلمة : ( إنّ الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم ألا أبشروا أنتم المفلحون والذين آووهم ونصروهم وجادلوا عنهم القوم الذين غضب الله عليهم أولئك لا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرّة أعيُنٍ جزاءً بما كانوا يعملون )(٢) .

١٠ـ سورة الأحزاب أطول من البقرة

روى أحمد بن حنبل بإسناده عن زر قال : قال لي أبي بن كعب : ( كائن تقرأ سورة الأحزاب أو كائن تعدها قال : ( قلت له : ثلاثاً وسبعين آية ، فقال : قط ! لقد رأيتها وإنّها لتعادل سورة البقرة ولقد قرأنا فيها : ( الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة نكالاً من الله والله عزيز حكيم )(٣) .

ــــــــــــــ

(١) مسند أبي داود الطيالسي ، الطيالسي : ص٧٣ .

(٢) الإتقان ، السيوطي : ج٢ ص٦٨ .

(٣) مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج٥ ص١٣٢ ؛ الإتقان للسيوطي : ج ٣ص٧٢ .

١٧٩

وفي منتخب كنـز العمّال : ( إن كانت لتضاهي سورة البقرة أو هي أطول من سورة البقرة )(١) .

وفي حديث عروة عن خالته عائشة ، قالت : ( كانت سورة الأحزاب تُقرأ زمن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مائتي آية ، فلمّا كتب عثمان المصاحف ، لم يقدر منها إلاّ على ما هو الآن )(٢) .

١١ـ سورة البراءة كانت تعدل سورة البقرة

فقد روى جلال الدين السيوطي أنّ مالكاً قال في سورة البراءة : ( إنّ أوّلها لمّا سقط سقط معه البسملة ، فقد ثبت أنّها كانت تعدل البقرة لطولها )(٣) .

وأخرج الحاكم بإسناد عن حذيفة بن اليمان أنّه قال : ( ما تقرأون ربعها ، يعني براءة ، وأنّكم تسمّونها سورة التوبة وهي سورة العذاب )(٤) ونحوها من الروايات الواردة من مصادر أهل السنّة المعتبرة التي تصرّح بحذف آية أو آيتين أو أكثر من المصحف الموجود بأيدينا ، وقد وجد البعض مخرجاً لهذا المأزق بابتكار نسخ التلاوة ، متناسين أنّ هذا مجرّد اصطلاح وتعبير لفظي لا يغيّر من الواقع شيئاً .

مضافاً إلى وجود عدد من الروايات في مصادر السنّة المعتبرة تؤكّد على وجود خطأ ولحن أو زيادة كلمة ونحوها(٥) .

ــــــــــــــ

(١) كنز العمال ، المتقي الهندي : ج٢ ص٥٦٧ .

(٢) الإتقان ، السيوطي : ج٢ ص٦٦ .

(٣) الإتقان ، السيوطي : ج١ ص١٧٧ .

(٤) مستدرك الحاكم : ج٢ ص٣٣٠ـ٣٣١ .

(٥) راجع : صحيح البخاري مع فتح الباري : ج٧ ص٥١ ؛ الدر المنثور : ص٦٥ والآية ٥٢ من سورة الحج ؛ صحيح مسلم باب الدليل لمَن قال الصلاة الوسطى هي صلاة العصر ، ج١ ص٤٣٧ـ٤٣٨ ؛ ج١ ص٥٦٥ ؛ مسند أحمد : ج١ ص ٣٩٤ ؛ ج٣ ص١٧٧ ؛ ج٤ ص٨٥ ؛ ج٥ ص٢١٩ ؛ صحيح الترمذي : ج٥ ص١٩١ ؛ ج١٣ ص٢٠٣ـ ٢٠٤ ؛ صحيح البخاري : ج٣ ص٨٢ ؛ ج٢ ص٢١٠ ؛ الإتقان : ج١ ص٨٠ ؛ ج١ ص٦٧ ؛ ج١ ص٧٢ ؛ ج٣ ص٧٢ ؛ ج٢ ص٢٥ ؛ الدر المنثور : ج١ ص٢٠ ؛ ج١ ص٨ ؛ ج١ ص٣ ؛ البرهان في علوم القرآن : ج١ ص٢٤٩ ؛ وغيرها .

١٨٠