الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء ٢

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية0%

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 343

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: الصفحات: 343
المشاهدات: 216772
تحميل: 7899


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 343 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216772 / تحميل: 7899
الحجم الحجم الحجم
الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

وأمّا بكاء السماء والأرض على الإمام الحسينعليه‌السلام فقد سطّرت المصادر العديدة من كتب السنّة ـ فضلاً عن الكتب الشيعية ـ تفاصيل حصول هذه الظاهرة الكونية عند مقتل الإمام الحسينعليه‌السلام من مطر السماء دماً واحمرارها مدّة مديدة ، ورؤية لون الدم على الجدران وتحت الصخور والأحجار في المدن والبلدان الإسلامية ، وإليك بعض تلك الوقائع :

بكاء السماء دماً حزنا على الحسينعليه‌السلام

١ ـ عن أمير المؤمنينعليه‌السلام قال عندما مرّ بكربلاء موضع قبر الحسينعليه‌السلام :( فتية من آل محمد يقتلون بهذه العرصة تبكي عليهم السماء والأرض ) (١) .

٢ ـ وذكر ابن حبان : ( لمّا قتل الحسين قطرت السماء دماً ، فأصبح جرارنا وكل شيء لنا ملأ دماً )(٢) .

٣ ـ عن ابن عباس : ( إنّ يوم قتل الحسين قطرت السماء دماً ، وإنّ هذه الحمرة التي ترى في السماء ظهرت يوم قتله ولم تر قبله ، وإنّ أيام قتله لم يرفع حجر في الدنيا إلاّ وُجد تحته دم )(٣) .

٤ ـ عن قرة بن خالد قال : ( ما بكت السماء على أحد إلاّ على يحيى بن زكريا والحسين بن علي ، وحمرتها بكاؤها )(٤) .

ــــــــــــــ

(١) الصواعق المحرقة ، ابن حجر الهيتمي : ص ٢٩٣ .

(٢) الثقات ، ابن حبان : ج ٥ ص ٤٨٧ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ١٤ ص ٢٢٧ ؛ سير أعلام النبلاء ، الذهبي : ج ٣ ص ٣١٢ .

(٣) ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٣ ص ١٠٢ .

(٤) تفسير القرطبي : ج ١٦ ص ١٤١ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ٦٤ ص ٢١٧ ، وانظر : تفسير ابن كثير ، ابن كثير : ج ٤ ص ١٥٤ ، الدّر المنثور ، السيوطي : ج ٤ ص ٢٦٤ .

٢١

٥ ـ قال سليمان القاضي : ( مطرنا دماً يوم قتل الحسين )(١) .

٦ ـ عن ابن عباس قال : ( إنّما حدثت هذه الحمرة التي في السماء حين قتل الحسين )(٢) .

٧ ـ أخرج الطبراني بسنده عن علي بن مسهر ، حدثتني أُمّ حكيم ، قالت : ( قتل الحسين بن عليعليه‌السلام وأنا يومئذ جويرية ، فمكثت السماء أياماً مثل العلقة )(٣) .

٨ ـ أخرج البيهقي عن نظرة الأزدية ، قالت : ( لمّا قتل الحسين بن علي مطرت السماء دماً فأصبحت جرارنا وكل شيء لنا ملأ دماً )(٤) .

٩ ـ عن السدي : ( لمّا قتل الحسين بكت السماء وبكاؤها حمرتها )(٥) .

١٠ ـ عن هلال بن ذكوان ، قال : ( لمّا قتل الحسين مكثنا شهرين أو ثلاثة ، كأنّما لطخت الحيطان بالدم من صلاة الفجر إلى غروب الشمس )(٦) .

١١ ـ وذكر ابن الأثير : ( لمّا قتل الحسين مكث الناس شهرين أو ثلاثة كأنّها تلطخ الحوائط بالدماء ساعة تطلع الشمس حتى ترتفع )(٧) .

ــــــــــــــ

(١) تفسير القرطبي : ج ١٦ ص ١٤١ ؛ ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٤٥ ؛ وانظر التاريخ الكبير : البخاري : ج ٤ ص ١٢٩ ؛ تاريخ دمشق ، ابن عساكر : ج ١٤ ص ٢٢٦ .

(٢) إحقاق الحق : ج ٢٧ ص ٣٧٩ .

(٣) مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٩٦ ، ثم قال : ورجاله رجال الصحيح ؛ دلائل النبوة ، البيهقي : ص ٤٧٢ ، المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ١١٣ ؛ تهذيب الكمال ، المزي : ج ٦ ص ٤٣٣ .

(٤) الثقات ، ابن حبان : ج ٥ ص ٤٨٧ ؛ دلائل النبوة ، البيهقي : ج ٦ ، ص ٤٧١ .

(٥) نظم درر السمطين ، الزرندي الحنفي : ص ٢٢٢ ؛ جامع البيان ، الطبري : ج ٢٥ ص ١٦٠ .

(٦) تذكرة الخواص ، ابن الجوزي : ص ٢٣٢ .

(٧) تاريخ الطبري : الطبري : ج ٤ ص ٢٩٦ ؛ الكامل في التاريخ ، ابن الأثير : ج ٤ ص ٩٠ ؛ البداية والنهاية ، ابن كثير : ج ٨ ص ١٨٥ ؛ أخبار الدول وآثار الأول في التاريخ ، أحمد بن يوسف القرماني : ج ١ ص ٣٢٥ .

٢٢

١٢ ـ عن ابن أبي جرادة بسند متصل : ( لمّا قتل الحسين مطرنا مطراً بقي أثره في ثيابنا مثل الدم )(١) .

١٣ ـ عن جعفر بن سليمان ، قال حدثتني خالتي أم سالم ، قالت : ( لمّا قتل الحسين بن علي مطرنا مطراً كالدم على البيوت والجدر ، قال : وبلغني أنّه كان بخراسان والشام والكوفة )(٢) .

١٤ ـ عن يزيد بن زياد ، قال : ( لمّا قتل الحسين بن علي (رضي الله عنهما) احمرت آفاق السماء أربعة أشهر )(٣) .

١٥ ـ عن أبي جرادة بسند متصل عن إبراهيم النخعي : ( لمّا قتل الحسين احمرت السماء من أقطارها ، ثم لم تزل حتى تفطّرت وقطرت دماً )(٤) .

١٦ ـ وعنه أيضاً بسند متصل عن مسعدة ، عن جابر ، عن قرط بن عبد الله ، قال : ( مطرت ذات يوم بنصف النهار ، فأصابت ثوبي فإذا دم ، فذهبت بالإبل إلى الوادي فإذا دم ، فلم تشرب ، وإذا هو يوم قتل الحسين (رحمة الله عليه) )(٥) .

ــــــــــــــ

(١) شرح إحقاق الحق : ج ٢٧ ص ٣٩٢ ؛ عن تاريخ حلب : ج ٦ ص ٢٦٤٩ .

(٢) تهذيب الكمال ، المزي : ج ٦ ص ٤٣٣ ؛ ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٤٥ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ١٤ ص ٢٢٨ .

(٣) الدر المنثور ، السيوطي : ج ٦ ص ٣١ ؛ تفسير القرطبي ، القرطبي : ج ١٦ ص ١٤١ ؛ وانظر : تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ١٤ ص ٢٢٧ .

(٤) الذرية الطاهرة النبوية ، محمد بن أحمد الدولابي : ص ٩٧ ، ١٤٠٧ هـ ، الدار السلفية .

(٥) الثقات ، ابن حبان : ص ٣٢٩ .

٢٣

١٧ ـ ابن حبان عن حماد بن سلمة وابن علية ، عن سليم القاص أبي إبراهيم ، قال : ( مطرنا يوم قتل الحسين دماً )(١) .

١٨ ـ ما في الصواعق ، عن أبي نعيم الحافظ ، عن نصرة الأزدية ، أنّها قالت : ( لمّا قتل الحسين بن علي أمطرت السماء دماً فأصبحنا وجبابنا وجرارنا مملؤة دماً )(٢) .

١٩ ـ في الصواعق أيضاً : ( قال أبو سعيد : ولقد مطرت السماء دماً بقي أثره في الثياب مدة حتى تقطّعت )(٣) .

٢٠ ـ فيه أيضاً : ( ظنّ الناس أنّ القيامة قد قامت )(٤) .

٢١ ـ وفي خطط المقريزي روي : ( أنّ السماء أمطرت دماً فأصبح كل شيء لهم ملآن دماً )(٥) ، أي يوم قتل الحسينعليه‌السلام .

بكاء الأرض دماً عبيطاً

١ ـ أخرج الهيثمي عن الزهري ، قال : ( لم ترفع حصاة ببيت المقدس إلاّ وجد تحتها دم عبيط ) قال الهيثمي : ( رواه الطبراني ، ورجاله ثقات )(٦) .

٢ ـ وفي خطط المقريزي : ( لم يقلب حجر من أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين إلاّ وجد تحته دم عبيط )(٧) .

ــــــــــــــ

(١) الثقات ، ابن حبان : ج ٤ ص ٣٢٩ ؛ لسان الميزان ، ابن حجر : ج ٣ ص ١١٣ .

(٢) الصواعق المحرقة ، ابن حجر الهيثمي : ص ٢٩٤ ؛ ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٤٥.

(٣) الصواعق المحرقة ، ابن حجر الهيثمي : ص ٢٩٥ .

(٤) الصواعق المحرقة ، ابن حجر : ص ٢٩٥ ؛ نظم درر السمطين ، الزرندي الحنفي : ص ٢٢٠ .

(٥) تهذيب الكمال ، المزي : ج ٦ ص ٤٣٣ ؛ سير أعلام النبلاء ، الذهبي : ج ٣ ص ٣١٢ .

(٦) مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٩٦ ؛ المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ١١٩ .

(٧) تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ١٤ ص ٢٣٠ .

٢٤

٣ ـ عن الزهري أيضاً ، قال : ( ما رُفع بالشام حجر يوم قتل الحسين إلاّ عن دم ) ، قال الهيثمي : ( رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح )(١) .

٤ ـ عن أبي سعيد ، قال : ( ما رفع حجر في الدنيا لما قتل الحسين إلاّ وتحته دماً عبيطاً ، لقد مطرت السماء دماً بقي أثره في الثياب مدة حتى تقطعت )(٢) .

٥ ـ عن خلاد صاحب السمسم ، قال : ( حدثتني أُمّي ، قالت : كنّا زماناً بعد مقتل الحسين وأنّ الشمس تطلع محمرّة على الحيطان والجدر بالغداة والعشيّ ، قالت : وكانوا لا يرفعون حجراً إلاّ وجد تحته دم )(٣) .

كسوف الشمس واضطراب الكواكب

١ ـ عن عيسى بن حارث الكندي ، قال : ( لمّا قتل الحسين (رضي الله عنه) مكثنا سبعة أيام إذا صلّينا العصر نظرنا إلى الشمس على أطراف الحيطان كأنّها الملاحف المعصفرة ، ونظرنا الكواكب يضرب بعضها بعضاً )(٤) .

٢ ـ عن خلف بن خليفة ، عن أبيه ، قال : ( لمّا قتل الحسين اسودت السماء وظهرت الكواكب نهاراً حتى رأيت الجوزاء عند العصر ، وسقط التراب الأحمر )(٥) .

ــــــــــــــ

(١) مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٩٦ ؛ المعجم الكبير ، الطبري : ج ٣ ص ١١٣ .

(٢) نظم درر السمطين ، الزرندي الحنفي : ص ٢٢ .

(٣) تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ١٤ ص ٢٢٦ .

(٤) مجمع الزوائد : ج ٩ ص ١٩٧ .

(٥) تهذيب الكمال ، المزي : ج ٦ ص ٤٣٢ .

٢٥

٣ ـ عن أبي قبيل ، قال : ( لمّا قتل الحسين بن علي (رضي الله عنهما) كسفت الشمس كسفة ، بدت الكواكب نصف النهار حتى ظننا أنّها هي )(١) ، قال الهيثمي : ( رواه الطبراني وإسناده حسن )(٢) بكاء ملائكة السماء

١ ـ عن زين العابدينعليه‌السلام في الشام ، قال :( أنا ابن مسلوب العمامة والرداء ، أنا ابن مَن بكت عليه ملائكة السماء ) (٣) .

جزور (٤) تنقلب دماً وأخرى ناراً

١ ـ عن دويد الجعفي ، عن أبيه ، قال : ( لمّا قتل الحسين انتهبت جزوراً من عسكره ، فلمّا طبخت إذا هي دم ) ، قال الهيثمي : ( رواه الطبري ورجاله ثقات )(٥) .

٢ ـ عن حميد الطحان ، قال : ( كنت في خزاعة فجاءوا بشيء من تركة الحسين ، فقيل لهم : ننحر أو نبيع ؟ قال : انحروا فجلست على جفنة ، فلمّا جلست فارت ناراً )(٦) .

ورس (٧) يتحوّل إلى رماد

١ ـ قال سفيان : ( رأيت الورس الذي أخذ من عسكر الحسين صار مثل

ــــــــــــــ

(١) السنن الكبرى ، البيهقي : ج ٣ ص ٣٣٧ .

(٢) مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٩٧ .

(٣) نور العين في مشهد الحسين ، أبو إسحاق الأسفراييني : ص ٧٠ .

(٤) الجزور ، الناقة المجزورة ، وجزر الناقة يجزرها جزراً نحرها وقطعها ، انظر : لسان العرب : ج ٤ ص ١٣٤ .

(٥) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ١٢١ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٩٦ .

(٦) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ١٢١ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ١٤ ص ٢٣١ ؛ تهذيب الكمال ، المزي : ج ٦ ص ٤٣٥ .

(٧) الورس : نبت أصفر يكون باليمن يتخذ الغمرة للوجه عن الصحاح ، الجوهري : ج ٣ ص ٩٨٨ .

٢٦

الرماد ) وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح(١) .

٢ ـ حكى ابن عينية عن جدته : ( إنّ جمالاً ممّن انقلب ورسه رماداً ، أخبرها بذلك )(٢) .

الحيطان تسيل دماً

١ ـ ( لمّا جيء برأس الحسينعليه‌السلام إلى دار زياد سالت حيطانها دماً )(٣) .

٢ ـ عن مروان مولى هند بنت المهلب ، قال : ( حدثني بواب عبيد الله بن زياد إنّه لمّا جيء برأس الحسين بين يديه رأيت حيطان دار الأمارة تسيل دماً )(٤) .

قلم يكتب من دم

عن أبي قبيل ، قال : ( لمّا قتل الحسين بن علي بعث برأسه إلى يزيد فنزلوا أول مرحلة فجعلوا يشربون النبيذ ، ويتحيون بالرأس ، فبينما هم كذلك إذ خرجت عليهم من الحائط يد معها قلم حديد فكتب سطراً بدم :

أترجو أُمّةٌ قتلت حسيناً

شفاعةَ جدّه يومَ الحسابِ

فهربوا وتركوا الرأس )(٥) .

ــــــــــــــ

(١) مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٩٧ .

(٢) الصواعق المحرقة ، ابن حجر الهيثمي : ص ٢٩٥ .

(٣) المصدر نفسه : ص ٢٩٥ .

(٤) ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٤٥ .

(٥) ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٤٥ ؛ الصواعق ، الهيثمي : ص ٢٩٤ .

٢٧

اضطرام القصر ناراً

عن حاجب عبيد الله بن زياد ، قال : ( دخلت القصر خلف عبيد الله حين قتل الحسين فأضطرم في وجهه نار )(١) .

نوح الجن

١ ـ عن أمّ سلمة (رضي الله عنها) ، قالت : ( سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي ) قال الهيثمي : ( رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح )(٢) .

٢ ـ وعنها أيضاً ، قالت : ( ما سمعت نوح الجن منذ قبض النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ الليلة ، وما أرى مشهورٌ إلاّ قد قُتل ، تعنى الحسين (رضي الله عنه) ، فقالت لجاريتها اخرجي فسلي ، فأخبرت أنّه قد قتل ، وإذا جنّية تنوح :

ألا يا عين فاحتفلي بجهد

ومَن يبكي على الشهداء بعدي

على رهط تقودهم المنايا

إلى متحير في ملك عبدي(٣)

٣ ـ عن ميمونة قالت : ( سمعت الجن تنوح على الحسين بن علي ) ، قال الهيثمي : ( رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح )(٤) .

٤ ـ عن أبي جناب الكلبي قال : ( حدثني الجصاصون ، قالوا : كنّا إذا خرجنا إلى الجبان بالليل عند مقتل الحسين سمعنا الجن ينوحون عليه ويقولون :

ــــــــــــــ

(١) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ١١٣ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٩٦ .

(٢) المصدر نفسه : ج ٣ ص ١٢١ ؛ المصدر نفسه : ج ٩ ص ١٩٩ .

(٣) المصدر نفسه : ج ٣ ص ١٢٣ ؛ المصدر نفسه : ج ٩ ص ١٩٩ .

(٤) المصدر نفسه : ج ٣ ص ١٢٢ ؛ المصدر نفسه : ج ٩ ص ١٩٩ .

٢٨

مسح الرسول جبينه

فله بريق في الخدود

أبواه من عليا قريش

جدّه خير الجدود )(١)

ثياب مصبوغة بدم

أخرج المغازلي الشافعي في مناقبه ، عن أبي أحمد عامر، قال : ( حدثنا علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، قال :حدثني أبي موسى بن جعفر عليه‌السلام ، قال : حدثني أبي جعفر بن محمد عليه‌السلام ، قال : حدثني أبي محمد بن علي عليه‌السلام ، قال : حدثني أبي علي بن الحسين عليه‌السلام ، قال : حدثني أبي الحسين بن علي عليه‌السلام ، قال : حدثني أبي علي بن أبي طالب عليه‌السلام ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : حشر ابنتي فاطمة ومعها ثياب مصبوغة بدمٍ ، فتعلقُ بقائمة من قوائم العرش ، وتقول : يا عدلُ يا جبار ! احكم بيني وبين قاتل ولدي ! قال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : فيحكم لابنتي وربّ الكعبة )(٢) .

انقلاب الدنانير خزفاً

ما أخرجه الهيثمي في صواعقه : ( كان مع أولئك الحرس دنانير أخذوها من عسكر الحسين ففتحوا أكياسها ليقتسموها فرأوها خزفاً ، وعلى أحد جانبي كل منها :( وَلاَ تَحْسَبَنّ اللهَ غَافِلاً عَمّا يَعْمَلُ الظّالِمُونَ ) وعلى الآخر( وَسَيَعْلَمُ الّذِينَ ظَلَمُوا أَيّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ ) (٣) .

ــــــــــــــ

(١) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ١٢١ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٩٩ .

(٢) مناقب علي بن أبي طالب ، الفقيه الحافظ أبو الحسن علي بن محمد الشافعي المغازلي : ص ٦٤ .

(٣) الصواعق المحرقة ، الهيثمي : ص ٣٠٢ .

٢٩

الدليل الثاني : البكاء والرثاء سنّة قرآنية

ويمكن أن نتناول هذا العنوان من ثلاث جهات :

الجهة الأولى : الندبة والرثاء في القرآن

إنّ القرآن الكريم تضمّن الرثاء والندبة والعزاء على المظلومين ، حيث استعرض ظلاماتهم بدءاً من هابيل ومروراً ببقية الأنبياء والرسل وروّاد الإصلاح والعدالة ، وكذلك استعرض ما وقع من المصائب والظلم والاضطهاد لبعض الجماعات التي تصدّت لمحاربة الفساد والظلم ، كأصحاب الأخدود وقوافل الشهداء عبر تاريخ الإنسانية ، كما جاء في قوله تعالى :( قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ * النّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ) (١) ، بل نجد أنّ القرآن الكريم رثى المظلومين من الأطفال الصغار المجني عليهم ، نتيجة جهل الجاهلية ، كما في وأد البنات ، قال تعالى :( وَإِذَا الْمَوْءُودَةُ سُئِلَتْ * بِأَيّ ذَنبٍ قُتِلَتْ ) (٢) ، بل أكثر من ذلك ، حيث رثى وندب القرآن الكريم ناقة صالحعليه‌السلام لكونها آية وشعيرة من شعائر الله تعالى .

ولم يقتصر القرآن الكريم على رثاء هؤلاء المظلومين فقط ، بل أخذ يتوعّد الظلمة بالعذاب والنقمة والهلاك والتنديد بهذه الأفعال القاسية ، ومن أبرز هذه الموارد هي :

١ ـ قصة الموءودة

حيث رثاها القرآن الكريم ـ كما سبق ـ فعرض ما حلّ بها في الجاهلية بشكل مثير للعاطفة والوجدان ؛ إذ كانت تدفن في التراب وهي حيّة مع براءتها وصفاء روحها .

ــــــــــــــ

(١) البروج : ٤ ـ ٦ .

(٢) التكوير : ٨ ـ ٩ .

٣٠

٢ ـ قصة يوسفعليه‌السلام

استعرض القرآن تفصيل القصة المأساوية ، التي جرت على يوسفعليه‌السلام مع إخوته ، وقد بدأ الله عزّ وجلّ الحديث عن يوسف وظلامته وهو طفل صغير ، بقوله تعالى :( لَقَدْ كَانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آيَاتٌ لِلسّائِلِينَ * إِذْ قَالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبّ إلَى‏ أَبِينَا مِنّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنّ أَبَانَا لَفي ضَلالٍ مّبِينٍ * اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِن بَعْدِهِ قَوْماً صَالِحِينَ ) ( فَلَمّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَن يَجْعَلُوهُ فِي غَيَابَتِ الْجُبّ ) ، فكشفت هذه الآية عن مدى قسوتهم وتعصّبهم وتجمّعهم ، وفضاعة فعلهم في إلقاء الطفل الصغير ـ الذي لا يقوى على شيء ـ في أعماق البئر ، ولا يخفى ما في هذا المشهد من تهييج العاطفة والحزن ، ليجعل من القارئ والسامع يعيش الحالة المأساوية ، وكأنّها متجسّدة أمامه .

ثم يتابع القصة باستعراض مقطع آخر لا يقل مأساةً عن سابقة ، وهو عظمة وشدّة آثار المصيبة على يعقوبعليه‌السلام بقوله تعالى :( وَتَوَلّى‏ عَنْهُمْ وَقَالَ يَا أَسَفَى‏ عَلَى‏ يُوسُفَ وَابْيَضّتْ عَينَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيم * قَالُوا تَاللهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى‏ تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنّمَا أَشْكُوا بَثّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) ، وهذا النص القرآني يكشف عن أنّ الجزع والندبة قد اشتدا وتفاقما على يعقوبعليه‌السلام إلى حد إصابته بالعمى ، وفي بعض الروايات ( دخل جبرئيل على يوسف وهو في السجن ، فقال : أيّها الملك الطيب الريح ، الطاهر الثياب أخبرني عن يعقوب أو ما فعل يعقوب ؟ قال : ذهب بصره ، قال ما بلغ من حزنه ؟ قال : حزن سبعين ثكلى )(١) ، كذلك يكشف النص القرآني الآنف الذكر أنّهعليه‌السلام قد اشتد حزنه ، كما هو معنى البث ، وشكواه إلى الله تعالى إلى درجة اتهام أبنائه له بالخلل في عقله أو بدنه كما هو معنى (الحرض) ، وهذا دليل قرآني قاطع على أنّ شدّة الحزن والجزع على الأصفياء ، والالتجاء إلى الله تعالى وبث الشكوى إليه تعالى ممدوح ؛ لأنّه من فعل الأنبياء المعصومين ، وفي تتمة الرواية السابقة سأل يوسفعليه‌السلام جبرائيلعليه‌السلام : ( قال : ما أجره ؟ قال : أجر مائة شهيد ) ، وهذا بخلاف ما لو كان الجزع جزعاً من قضاء الله وقدره ، فهو من الجزع المذموم ؛ لأنّه يعد اعتراضاً على الله تبارك وتعالى .

٣١

٣ ـ قصة أصحاب الأخدود

يسطر لنا القرآن الكريم مجموعة من الدروس الأساسية في حياة المسلمين ، فيبدأ أولاً بذكر ضرورة توثيق الحادثة قبل الخوض في تفاصيلها ، وهذا ما نلمسه في بداية سورة البروج ، فقبل استعراضها لقصة أصحاب الأخدود وتبدأ بالقسم الإلهي أربع مرات( وَالسّماءِ ذَاتِ الْبُرُوجِ * وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ * وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ ) (٢) ثم بعد ذلك تبدأ السورة المباركة برسم أحداث القصة فتقول :( قُتِلَ أَصْحَابُ الأُخْدُودِ ) وهذا الأسلوب يعد من أروع أساليب الندبة والرثاء ، وهو نظير قول الراثي : (قُتل الحسين عطشاناً مذبوحاً من القفا مسلوب العمامة والردا).

ــــــــــــــ

(١) المصنف ، ابن أبي شيبه : ج ٨ ص ١٢٢ ؛ الهمّ والحزن ، ابن أبي الدنيا ، ص ٧٧ ؛ وانظر : زاد المسير ، ابن الجوزي : ج ٤ ص ٢٠٤ ؛ وانظر : الدر المنثور ، السيوطي : ج ٤ ص ٣٠ ؛ وانظر : تفسير الثغالبي : ج ٣ ص ٣٤٦ .

(٢) البروج : ١ ـ ٣ .

٣٢

ثم يأخذ القرآن الكريم بتصوير الحادثة بشكل يثير العواطف ويؤججها ، حيث أن نَفْسَ وصفهم بأصحاب الأخدود ، إنّما هو للتأكيد على بيان كيفية قتلهم داخل الأخدود ، وهو الشق داخل الأرض ، ثم يصف النار التي أحرقتهم بأنها شديدة ، كما في قوله( النّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ ) ، ثم ينتقل إلى نقطة أخرى من المشاهد التي تكشف بشاعة الجريمة ، فيقول :( إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ ) وأي أنّ الظالمين لشدّة قسوتهم وتنكيلهم بالمؤمنين أجلسوهم على شفير الأخدود المتأجج بالنار من أجل إيجاد حالة من الرعب والخوف في أوساطهم من أجل التخلي عن دينهم وعقيدتهم التي آمنوا بها ، وبعد ذلك تتابع السورة بيان شدة الرحمة والشفقة الإلهية على الظلامة التي حلّت بالمؤمنين بقوله تعالى :( وَهُمْ عَلَى‏ مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ ) ، وبعد ذلك تنتقل السورة لعرض براءة ساحة المؤمنين ، وفي نفس الوقت تكشف وتبرز صمود المؤمنين وتماسكهم ، وسمو هدفهم ونبل مبادئهم ، كما في قوله تعالى :( وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلاّ أَن يُؤْمِنُوا بِاللهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ ) ، ومن هنا يبدأ الباري تعالى بالتنديد للظالمين وتهديدهم ، ليعلن بذلك عن قاعدة وسنّة إلهية ، وهي الوقوف إلى جانب المظلومين في مواجهة الظالمين ؛ ليعطي بذلك درساً آخر من الدروس القرآنية للمؤمنين ، وهو تربيتهم على ضرورة الوقوف مع المظلومين ، والتضامن معهم ومساندتهم ، والتنديد بالظالمين وأدانتهم وشجبهم والنفرة منهم والبراءة من أفعالهم ، منهم وضرورة عدم وقوف المؤمنين موقف اللامبالاة والتقاعس بذريعة أنّ هذه الأحداث إنّما حصلت في غابر التاريخ ، كما قال تعالى :( إِنّ الّذِينَ فَتَنُوا الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ ثُمّ لَمْ يَتُوبُوا فَلَهُمْ عَذَابُ جَهَنّمَ وَلَهُمْ عَذَابُ الْحَرِيقِ * إِنّ الّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحَاتِ لَهُمْ جَنّاتٌ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ ذلِكَ الْفَوْزُ الْكَبِيرُ * إِنّ بَطْشَ رَبّكَ لَشَدِيدٌ * إِنّهُ هُوَ يُبْدِئُ وَيُعِيدُ * وَهُوَ الْغَفُورُ الْوَدُودُ ) ، ونلمس من هذا الجو القرآني أنّه لا يرضى بالاكتفاء من المسلم والقارئ للسورة بالتعاطف وإثارة الأحاسيس تجاه المظلوم ، وإنّما يطلب من المسلم أن يكون على أشدّ درجة من النصرة والاستنكار للظالم ، وعمله والتنديد به ، ولو كان زمانه قد مضى ، وهذا درس آخر يمليه القرآن الكريم على المؤمنين ؛ مستهدفاً بذلك تطهير الإنسان من الانصهار والذوبان مع الظالمين ، كما قال تعالى :( هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ الْجُنُودِ * فِرْعَوْنَ وَثَمُودَ * بَلِ الّذِينَ كَفَرُوا فِي تَكْذِيبٍ * وَاللهُ مِن وَرَائِهِم مُحِيطٌ ) .

٣٣

٤ ـ قصة قتل قابيل هابيل

إنّنا نجد أنّ القرآن الكريم استعرض جريمة قتل قابيل لأخيه هابيل راثياً بقوله عزّوجلّ :( لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَا بِبَاسِطٍ يَدِيَ إِلَيْكَ لأَقْتُلَكَ إِنّي أَخَافُ اللهَ رَبّ الْعَالَمِينَ ) (١) .

فالسورة تبين لنا ما يحمله هابيل من إيمان وصفاء وخوف من الله عزّ وجل ، وتبيّن أيضاً ما يحمله قابيل من القساوة والوحشية والعدوان .

وهذا العرض بدوره يبين صورة من صور الرثاء في القرآن الكريم للمظلومين ، عرضها تعالى بأسلوب مثير للعاطفة والوجدان للوقوف مع المظلومين .

ــــــــــــــ

(١) المائدة : ٢٨ ـ ٣٠ .

٣٤

٥ ـ قصّة فرعون وهامان مع بني إسرائيل

الصورة التي يعكسها القرآن الكريم لعمل فرعون وهامان وما ارتكباه من ظلم واستكبار في الأرض ، قال تعالى :( يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مّنْهُمْ يُذبّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيي نِسَاءَهُمْ إِنّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ) (١) ، وقوله تعالى :( يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ وَيَسْتَحْيُونَ نِسَاءَكُمْ ) (٢) ، ولا يخفى ما في هذا التعبير من الرثاء والعزاء ، لما حلّ بالمؤمنين من بني إسرائيل .

٦ ـ تنديد واستنكار القرآن لقتل الأنبياء

وقد ذكر ذلك في مواضع عديدة من القرآن الكريم :

منها : قوله تعالى :( قُلْ فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللهِ مِنْ قَبْلُ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ ) (٣) .

ومنها : قوله عزّ وجلّ :( ذلِكَ بِأَنّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ النّبِيّينَ بِغَيْرِ الْحَقّ ) (٤) .

ومنها : قوله تبارك وتعالى :( وَيَقْتُلُونَ الّذِينَ يَأْمُرُونَ بالْقِسْطِ مِنَ النّاسِ فَبَشّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ ) (٥) ، وقد استنكر القرآن الكريم في هذه الآيات وغيرها قتل رواد الإصلاح من الأنبياء والأولياء ، وهذا من التنديد والشجب الذي تستهدفه الكثير من الشعائر الحسينية .

ــــــــــــــ

(١) القصص : ٤ .

(٢) إبراهيم : ٦ .

(٣) البقرة : ٩١ .

(٤) البقرة : ٦١ .

(٥) آل عمران : ٢١ .

٣٥

٧ ـ قصّة قتل ناقة صالح

إنّ من أروع صور العزاء والرثاء والندبة التي يعرضها القرآن الكريم هذه الجريمة البشعة ، التي ارتكبها الأشقى في حق ناقة صالحعليه‌السلام ، مع أنّها كانت تتمتع بنوع من الحرمة ؛ لكونها من الشعائر والحرمات التي أضافها الله سبحانه وتعالى لذاته المقدّسة ، حيث قال تعالى :( إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا * فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ نَاقَةَ اللهِ وَسُقْيَاهَا * فَكَذّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوّاهَا * وَلاَ يَخَافُ عُقْبَاهَا ) (١) .

فالسورة المباركة أسندت ذلك الفعل الشنيع إلى قوم ثمود بأجمعهم ، مع أنّ الذي قام به شخص واحد ، وهذا درس آخر يقدّمه القرآن الكريم من خلال استعراضه هذه القصة ، وهي أنّ مَن رضي بفعل قوم كان كمن شاركهم في فعلهم ؛ ولذا أسند الجريمة لقوم ثمود لرضاهم بفعل ذلك الأشقى .

وهذا يعني ضرورة التضامن والوقوف مع المظلومين ، والشجب والاستنكار لما يقوم به الظالمون ، فلابد من تفاعل الشخص مع آيات القرآن الكريم كل آية بحسبها ، وقد ورد في هذا المعنى روايات كثيرة :

عن جرير ، قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنفر من أصحابه :( إنّي قارئ عليكم آيات من آخر الزمر فمَن بكى منكم وجبت له الجنّة ، فقرأها من عند( وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقّ قَدْرِهِ ) إلى آخر السورة ، فمنّا مَن بكى ومنّا مَن لم يبك ، فقال الذين لم يبكوا : يا رسول الله لقد جهدنا فلم نبك ، فقال :إنّي سأقرأها عليكم

ــــــــــــــ

(١) الشمس : ١٢ ـ ١٥ .

٣٦

فمَن لم يبك فليتباك ) (١) ، ولا يخفى ما في الآيات الأخيرة من سورة الزمر من دواعي الحزن والبكاء والأسى ، كقوله تعالى :( وَنُفِخَ فِي الصّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السّماوَاتِ وَمَن فِي الأَرْضِ إِلاّ مَن شَاءَ اللهُ ثُمّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَى‏ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ ) (٢) ( وَسِيقَ الّذِينَ كَفَرُوا إِلَى‏ جَهَنّمَ زُمَراً حَتّى‏ إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هذَا قَالُوا بَلَى‏ وَلكِنْ حَقّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ * قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوَابَ جَهَنّمَ خَالِدِينَ فِيهَا فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبّرِينَ ) (٣) .

وهذا ما يقرّره أيضاً علماء فن التجويد من ضرورة قراءة السورة بطريقة تتناسب مع الجو الذي تثيره الآية ، فإن كانت تبشّر بالجنّة والثواب فلابد من قراءتها بأسلوب الفرح والابتهاج ، وإن كانت بنحو الإنذار والوعيد فلابد من أن تقرأ بكيفية الخوف والحزن والانكسار ، وإن كانت بنحو الرثاء والنوح فلابدّ أن تقرأ بهذا بالنحو المناسب لذلك .

ثم إنّ القرآن الكريم يقرّر المبدأ النبوي القائل :( لا يحب رجل قوماً إلاّ حُشر معهم ) (٤) ، فينسب القرآن الكريم قتل الأنبياء إلى الذين عاصروا نبيّنا محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مع أنّ بينهم وبين أنبياء بوناً واسعاً ؛ وما ذلك إلاّ لأنّهم كانوا راضين بما فعل أسلافهم من اليهود بالأنبياء .

والملاحظة الجديرة بالذكر أنّ القرآن الكريم ليس كتاباً قصصياً للتسلية ، وإنّما هو كتاب عبرة وموعظة ، قال تعالى :( قَدْ جَاءَتْكُم مَوْعِظَةٌ مِن رَبّكُمْ وَشِفَاءٌ ) فالغرض الذي يرمي إليه القرآن من خلال عرض القصة هو أخذ العبرة والموعظة من الأمم السابقة .

ــــــــــــــ

(١) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٢ ص ٣٤٨ .

(٢) الزمر : ٦٨ .

(٣) الزمر : ٧١ ـ ٧٢ .

(٤) المعجم الصغير ، الطبراني : ج ٢ ص ٤١ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ١٠ ص ٢٨٠ ، وقال ، ( رواه الطبراني في الصغير والأوسط ، ورجاله رجال الصحيح ) .

٣٧

ويتحصّل ممّا تقدّم :

١ ـ إنّ أسلوب وأدب الرثاء والعزاء وإقامة المآتم أسلوب اتخذه القرآن الكريم لإثارة المشاعر والعواطف للوقوف مع المظلومين والتضامن معهم والبراءة من الظالمين .

٢ ـ إذا كان أسلوب الرثاء والندبة والعزاء سنّة قرآنية اتخذها القرآن لبيان ظلامات المظلومين كالأنبياء والأولياء وكأصحاب الأخدود ، بل وحتى الناقة والموءودة ، فكيف بحبيب رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفلذّة كبده وريحانته ، وسيّد شباب أهل الجنة ؟ لا سيّما وأنّ القرآن الكريم أمر بمودتهم ، والمودة تعني التعاطف والتضامن معهمعليهم‌السلام ، بأن يفرح المؤمن لفرحهم ويحزن لحزنهم .

الجهة الثانية : رثاء أهل البيت ومودتهم

لا شك أنّ مفهوم الحب والمودة والرحمة من الصفات المهمة التي أكّد عليها القرآن الكريم ، واعتبرها من الصفات الأساسية في المؤمنين كقوله تعالى :( وَمِنَ النّاسِ مَن يَتّخِدُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْدَاداً يُحِبّونَهُمْ كَحُبّ اللهِ وَالّذِينَ آمَنُوا أَشَدّ حُبّاً للهِ‏ ) (١) ، وقوله تعالى :( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ

ــــــــــــــ

(١) البقرة : ١٦٥ .

٣٨

فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبّونَهُ أَذِلّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزّةٍ عَلَى الْكَافِرينَ ) (١) ، وقوله تعالى :( وَيُطْعِمُونَ الطّعَامَ عَلَى‏ حُبّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً ) (٢) .

وقوله عزّ وجلّ :( مُحَمّدٌ رّسُولُ اللهِ وَالّذِينَ مَعَهُ أَشِدّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ ) (٣) .

وقد أثبت القرآن صريحاً أيضاً وجوب محبّة الرسول الأكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام والمودة لهم ، والآيات في ذلك كثيرة من جملتها :

١ ـ قوله تعالى :( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٤) .

٢ ـ وقوله تعالى :( قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبّونَ اللهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) (٥) .

٣ ـ وقوله تعالى :( قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبّ إِلَيْكُم مِنَ اللهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبّصُوا حَتّى‏ يَأْتِيَ اللهُ بِأَمْرِهِ وَاللهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ) (٦) .

وقد دأب النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بيان أنّ محبة أهل البيتعليه‌السلام واجبة ومفروضة على كل مسلم ، وأنّها شرط شفاعته يوم القيامة ، وأنّ حبهم وولاءهم لا يفارق حب اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وولاءه ، كما لا ينفك حبه وولاؤهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن حب الله

ــــــــــــــ

(١) المائدة : ٥٤ .

(٢) الإنسان : ٨ .

(٣) الفتح : ٢٩ .

(٤) الشورى : ٢٣ .

(٥) آل عمران : ٣١ .

(٦) التوبة : ٢٤ .

٣٩

وولائه ، وأنّ بغضهم بغض لله ولرسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وفي مقام الاستشهاد لذلك نواجه حشداً واسعاً من الروايات :

١ ـ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا يؤمن عبد حتى أكون أحبّ إليه من نفسه وأهلي أحبّ إليه من أهله وعترتي أحبّ إليه من عترته وذاتي أحب إليه من ذاته ) (١) .

٢ ـ وعنه أيضاًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( شفاعتي لأُمّتي من أحبّ أهل بيتي وهم شيعتي ) (٢) .

٣ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( يرد الحوض أهل بيتي ومَن أحبهم من أُمّتي كهاتين السبّابتين ) (٣) .

٤ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع : عن عمره فيم أفناه ، وعن جسده فيم أبلاه ، وعن ماله فيم أنفقه ، وممّ اكتسبه ، وعن حبّنا أهل البيت ) (٤) .

٥ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( أدّبوا أولادكم على ثلاث : حبّ نبيكم ، وحبّ أهل بيتي ، وعلى قراءة القرآن ) (٥) .

٦ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن أراد التوسّل إليّ وأن يكون له عندي يد أشفع له بها يوم القيامة فليصل أهل بيتي ويدخل السرور عليهم ) (٦) .

ــــــــــــــ

(١) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٧ ص ٧٥ ؛ المعجم الأوسط ، الطبراني : ج ٦ ص ٥٩ ؛ نظم درر السمطين : ص ٢٣٣ .

(٢) تاريخ بغداد ، الخطيب البغدادي : ج ٢ ص ١٤٤ .

(٣) ذخائر العقبى ، الطبري : ص ١٨ ؛ مقاتل الطالبين ، أبو الفرج الأصفهاني : ص ٤٤ ؛ ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٢ ص ١١٦ .

(٤) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ١١ ص ٨٤ ؛ المعجم الأوسط ، الطبراني : ج ٩ ص ١٥٦ ؛ كنز العمال ، المتقي الهندي : ج ١٤ ص ٣٧٩ .

(٥) الجامع الصغير ، السيوطي : ج ١٠ ص ٥١ ؛ كنز العمال ، المتقي الهندي : ج ١٦ ص ٤٥٦.

(٦) الصواعق ، ابن حجر : ص ٢٦٧ ؛ ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٢ ص ٣٧٩ .

٤٠