الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء ٢

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية0%

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: مناظرات وردود
الصفحات: 343

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

مؤلف: مؤسسة الكوثر للمعارف الإسلامية
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
تصنيف: الصفحات: 343
المشاهدات: 216777
تحميل: 7899


توضيحات:

الجزء 1 الجزء 2
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 343 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 216777 / تحميل: 7899
الحجم الحجم الحجم
الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية

الأجوبة الوافية في رد شبهات الوهابية الجزء 2

مؤلف:
الناشر: دهكده جهاني آل محمّد (صلّى الله عليه وآله)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة

٧ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا يحبنا أهل البيت إلاّ مؤمن تقي ، ولا يبغضنا إلاّ منافق شقي ) (١) .

٨ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( والذي نفسي بيده لا يدخل قلب امرئ الإيمان حتى يحبهم لله ولقرابتهم منّي ) (٢) ، يعني بهم أهل البيتعليهم‌السلام .

٩ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن أحبني وأحب هذين وأباهما وأُمّهما كان معي في درجتي يوم القيامة ) (٣) .

١٠ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا يؤمن رجل حتى يحب أهل بيتي لحبّي ) ، فقال عمر بن الخطاب : وما علامة حب أهل بيتك ؟ قال :( حب هذا وضرب بيده على علي) (٤) .

١١ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( إنّ السعيد حقّ السعيد مَن أحب عليّاً في حياته وبعد موته ، وإنّ الشقي كلّ الشقي مَن أبغض عليّاً في حياته وبعد موته ) (٥) .

١٢ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن أحبّ الحسن والحسين فقد أحبّني ، ومَن أبغضهما فقد أبغضني ) (٦) .

ــــــــــــــ

(١) المصدر نفسه : ص ٣٤٧ ؛ المصدر نفسه : ج ٢ ص ١١٦ ، ٤٦٠ .

(٢) سنن ابن ماجة ، ابن ماجه : ج ١ ص ٥٠ ؛ المستدرك ، الحاكم : ج ٤ ص ٧٥ .

(٣) سنن الترمذي ، محمد بن عيسى : ج ٥ ، ص ٣٠٥ ؛ مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ١ ص ٧٧ .

(٤) نضم درر السمطين ، الزرندي : ص ٢٣٣ ؛ بشارة المصطفى ، محمد بن علي الطبري : ص ٢٤٤ ؛ ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٢ ص ٢٦٥ .

(٥) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٢٢ ص ٤١٥ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٣٢ ؛ ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ٩٢ .

(٦) سنن ابن ماجه : ج ١ ص ٥١ ؛ مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ٢ ص ٢٨٨ ؛ المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ٤٨ ؛ الجامع الصغير ، السيوطي : ج ٢ ص ٥٥٤ ؛ ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٢٣ .

٤١

١٣ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( بأبي هما وأُمّي مَن أحبني فليحب هذين ) (١) .

١٤ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( اللّهمّ إنّي أحبّهما فأحبّهما وأحبّ مَن يحبّهما ) (٢) .

١٥ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن أحبّني فليحب هذين ) (٣) .

١٦ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( اللّهمّ إنّي أحبّه فأحببه وأحبّ مَن يحبه ) (٤) ، يعني الحسينعليه‌السلام .

١٧ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( حسين منّي وأنا من حسين ، أحبّ الله مَن أحب حسيناً ، حسين سبط من الأسباط ) (٥) .

وقد ذكر الفخر الرازي في تفسيره تعليقاً على آية المودة :( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) اختصاص أهل البيتعليهم‌السلام بمزيد من التعظيم ، وذكر لذلك وجوها قال : ( الثاني : لا شك أنّ النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يحب فاطمةعليها‌السلام ، قالصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما يؤذيها ) ، وثبت بالنقل المتواتر عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان يحب عليّاً والحسن والحسينعليها‌السلام وإذا ثبت ذلك،

ــــــــــــــ

(١) المصنف : ج ٧ باب ما جاء في الحسن والحسين عليهما‌السلام ، ص ٥١١ وانظر : مجمع الزوائد ، الهيثمي ، ج ٩ ص ١٧٩ ؛ ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٢٣ .

(٢) سنن الترمذي ، الترمذي : ج ٥ ص ٣٢٢ ؛ المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ٤٩ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٨٠ ؛ ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٢١ ؛ نظم درر السمطين ، الزرندي : ص ٢١١ ؛ أسد الغابة ، ابن الأثير : ج ٢ ص ١١ .

(٣) مسند أبي داود : الطيالسي : ص ٣٢٧ ؛ الإصابة : ج ٢ ص ٦٣ ؛ تاريخ مدينة دمشق : ج ١٣ ص ٢٠٠ ؛ البداية والنهاية ، ابن كثير : ج ٨ ص ٢٢٥ ؛ العلل ، الدار قطني : ج ٥ ص ٦٤ .

(٤) صحيح البخاري : ج ٧ ص ٥٥ ؛ مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ٢ ص ٢٤٩ ؛ السنن الكبرى ، النسائي : ج ٥ ص ٤٩ ؛ صحيح ابن حبان : ج ١٥ ص ٤١٧ ؛ سير أعلام النبلاء ، الذهبي : ج ٣ ص ٢٥٠ .

(٥) سنن الترمذي ، ج ٥ ص ٣٢٤ ؛ سنن ابن ماجه ج ١ ص ٥١ ، باب فضائل أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ مستدرك الصحيحين : ج ٣ ص ١٧٧ ؛ مسند أحمد ، أحمد بن حنبل ، ج ٤ ص ١٧٢ .

٤٢

وجب على كل الأُمّة مثله لقوله :( وَاتّبِعُوهُ لَعَلّكُمْ تَهْتَدُونَ ) (١) ، ولقوله تعالى :( فَلْيَحْذَرِ الّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ ) ، ولقوله :( قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبّونَ اللهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) ، ولقوله سبحانه :( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) ، الثالث إنّ الدعاء للآل منصب عظيم ؛ ولذلك جُعل هذا الدعاء خاتمة التشهّد في الصلاة ، وهو قوله :( اللّهم صلّ على محمد وآل محمد وارحم محمداً وآل محمد ) ، وهذا التعظيم لم يوجد في حق غير الآل ، فكل ذلك يدلّ على أنّ حب آل محمد واجب ، وقال الشافعي :

يا راكِباً قِف بِالمُحَصَّبِ مِن مِنىً

وَاِهتِف بِقاعِدِ خَيفِها وَالناهِضِ

سَحَراً إِذا فاضَ الحَجيجُ إِلى مِنىً

فَيضاً كَمُلتَطِمِ الفُراتِ الفائِضِ

إِن كانَ رَفضاً حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ

فَليَشهَدِ الثَقَلانِ أَنّي رافِضي

ونقل أيضاً عن الكشاف عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال :( مَن مات على حب آل محمد مات شهيداً ، ألا ومَن مات على حب آل محمد مات مغفوراً له ، ألا ومَن مات على حب آل محمد مات تائباً ، ألا ومَن مات على حب آل محمد مات مؤمناً مستكمل الإيمان ، وألا ومَن مات على حب آل محمد بشّره ملك الموت بالجنة ثم منكر ونكير ، ألا ومَن مات على حب آل محمد يزف إلى الجنة كما تزف العروس إلى بيت زوجها ، ألا ومَن مات على حب آل محمد فتح له في قبره بابان إلى الجنة ، ألا ومَن مات على حب آل محمد جعل الله قبره مزار ملائكة الرحمة ، ألا ومَن مات على حب آل محمد مات على السنّة والجماعة ، ألا ومَن مات على بغض آل محمد جاء يوم القيامة مكتوباً على جبينه آيس من رحمة الله ، ألا ومَن مات على بغض آل محمد مات كافراً ، ألا ومَن مات على بغض آل محمد لم يشم رائحة الجنة ) .

ــــــــــــــ

(١) الأعراف : ١٥٨ .

٤٣

هذا هو الذي رواه صاحب الكشاف ، وأنا أقول : آل محمدصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هم الذين يؤول أمرهم إليه ، فكل مَن كان أمرهم إليه أشدّ وأكمل كانوا هم الآل ، ولا شكّ أنّ فاطمة وعليّاً والحسن والحسين كان التعلّق بينهم وبين رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أشد التعلّقات ، وهذا كالمعلوم بالنقل المتواتر ، فوجب أن يكونوا هم الآل )(١) .

ولا يخفى أنّ المودة لأهل البيتعليهم‌السلام لا تقتصر على مجرد المحبة القلبية فقط ، وإنّما هي عمل قلبي تترجمه أفعال الشخص على أرض الواقع ، فلابدّ أن تتجلّى تلك المحبة في بعض المظاهر التي تجسّدها في الواقع الخارجي ، ومن أهم هذه المظاهر :

أولاً : لزوم اتّباعهم والأخذ منهم ، والتسليم لأمرهم ، لقوله تعالى :( قُلْ إِن كُنْتُمْ تُحِبّونَ اللهَ فَاتّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللهُ ) (٢) ، وهذه الآية المباركة دالة على أنّ المحبة الحقيقية لله عزّ وجلّ إنّما تكون بمحبة رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واتّباعه ، وهذا جارٍ فيمَن هم نفسه وأهله وورثته وأوصياؤه .

ثانياً : الحزن لحزنهم ، والفرح لفرحهم ، كما في قوله تعالى :( إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ ) (٣) ، فقد ذمّ الله تبارك وتعالى أعداء رسول الله من الكفّار بأنّهم يفرحون بما يسوء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويحزنون إذا أصابتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حسنة ، فالآية الكريمة تبيّن أنّ العداوة تستلزم الحزن لفرح النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام والفرح لمصيبتهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل بيتهعليهم‌السلام ، فتدل الآية ـ بدلالة المفهوم ـ أنّ المحبة تقتضي الحزن لمصابهم والفرح لفرحهم ، ونظير ذلك قوله تعالى :( إِن تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكُمْ سَيّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبروا وَتَتّقُوا لاَ يَضُرّكُمْ كَيْدُكُمْ ) .

إذن بمقتضى هذه الدلالات القرآنية يتّضح أنّ إقامة مظاهر الحزن من العزاء والرثاء على المصائب ـ التي حلّت بأهل البيتعليهم‌السلام وبالخصوص ما جرى على سيّد شباب أهل الجنة من الرزايا والمصائب ـ من أهم ما تفرضه وتوجبه مودة القربى .

ــــــــــــــ

(١) التفسير الكبير ، الفخر الرازي : ج ٢٧ ص ١٦٦ ـ ١٦٧ .

(٢) آل عمران : ٣١ .

(٣) البراءة : ٥٠ .

٤٤

الجهة الثالثة : مدح القرآن للبكاء

عند التأمّل والتدبّر في الآيات القرآنية ؛ نجد أنّ مدح البكاء والتحسّس والتأثّر العاطفي احتل مساحة واسعة من القرآن الكريم ، فهناك العديد من الآيات الكريمة التي اعتبرت الانفعال العاطفي ـ الذي يكون البكاء أحد مظاهره البارزة ـ بأنّه انفعال وتأثّر مطلوب وفطري ، وكمال للنفس الإنسانية ؛ إذا كان ناشئاً عن حقيقة من الحقائق الدينية ، وفيما يلي إشارة إلى بعض تلك الآيات :

أولاً : قوله تعالى :( لَتَجِدَنّ أَشَدّ النّاسِ عَدَاوَةً لِلّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنّ أَقْرَبَهُم مَوَدّةً لِلّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ قَالُوا إِنّا نَصَارى‏ ذلِكَ بِأَنّ مِنْهُمْ قِسّيسِينَ وَرُهْبَاناً وَأَنّهُمْ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ * وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرّسُولِ تَرَى‏ أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ مِمّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقّ يَقُولُونَ رَبّنَا آمَنّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشّاهِدِينَ ) (١) ، حيث نجد أنّ هذه الآية المباركة ذمّت اليهود لشدّتهم وقسوتهم وامتدحت القسّيسين والرهبان من النصارى لرقّة ولين قلوبهم وفيض دموعهم خضوعاً أمام الحق بعد أن عرفوه .

ــــــــــــــ

(١) المائدة : ٨٢ ـ ٨٣ .

٤٥

ثانياً : قوله تعالى :( لَيْسَ عَلَى الضّعَفَاءِ وَلاَ عَلَى الْمَرْضَى‏ وَلاَ عَلَى الّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنْفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا للهِ‏ِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ * وَلاَ عَلَى الّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلّوا وَأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدّمْعِ حَزَناً أَلاّ يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ ) (١) ، فمدح القرآن الكريم المؤمنين الذين يتشوّقون للمشاركة في الجهاد وفعل الخير والإنفاق .

ثالثاًً : قوله تعالى :( أُولئِكَ الّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِنَ النّبِيّينَ مِن ذُرّيّةِ آدَمَ وَمِمّنْ حَمَلْنَا مَعَ نُوحٍ وَمِن ذُرّيّةِ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْرَائِيلَ وَمِمّنْ هَدَيْنَا وَاجْتَبَيْنَا إِذَا تُتْلَى‏ عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرّحْمنِ خَرّوا سُجّداً وَبُكِيّاً ) (٢) ، فمن صفات المدح التي أثبتها القرآن الكريم للأنبياء ـ وهم الأسوة والقدوة المتحركة أمام الناس والنموذج الذي تقتدي به البشرية ـ هي تأثّرهم العاطفي الذي يظهر بمظهر البكاء غالباً عندما تتلى عليهم آيات الرحمن .

رابعاً : قوله تعالى حكاية عن يعقوبعليه‌السلام :( وَقَالَ يَا أَسَفَى‏ عَلَى‏ يُوسُفَ وَابْيَضّتْ عَينَاهُ مِنَ الْحُزْنِ فَهُوَ كَظِيم * قَالُوا تَاللهِ تَفْتَأُ تَذْكُرُ يُوسُفَ حَتّى‏ تَكُونَ حَرَضاً أَوْ تَكُونَ مِنَ الْهَالِكِينَ * قَالَ إِنّمَا أَشْكُوا بَثّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ) (٣) ، فقد خلّد القرآن الكريم بهذه الآيات المباركة بكاء يعقوب على يوسف ليسطّر بذلك درساً قرآنياً على مر الأجيال وهذا هدي من هدي الأنبياء ، الذين أمر الله سبحانه وتعالى رسولهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الاقتداء بهديهم حيث قال :( فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ ) وأمر أمة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالاقتداء به بقوله عزّ وجلّ :( لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ ) ( وَمَا آتَاكُمُ الرّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ) ، وهذا يعني إنّما جاء من قصص في القرآن الكريم لأجل العبرة والاقتداء( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولي الأَلْبَابِ ) ، فيعقوبعليه‌السلام الذي هو نبي من أنبياء الله المصطفين المعصومين استمرّ بكاؤه على يوسف طوال فترة غيابه ، واشتد به البكاء حتى أبيضت عيناه من الحزن ، أي عميت ، وقد كان بكاؤه ـ الذي أوصله إلى حالة العمى ـ بإرادة واختيار منه ، فإذا كان شوق وحزن وبكاء نبي على نبي آخر يصل إلى هذا الحد ، فكيف بنا نحن غير المعصومين عندما نرى ونسمع بما حلّ بالمعصومينعليهم‌السلام من المصائب والرزايا والقتل والاضطهاد ، فأيّ قلب لا يحزن وأيّ عين لا تدمع ،

ــــــــــــــ

(١) التوبة : ٩١ ـ ٩٢ .

(٢) مريم : ٥٨ .

(٣) يوسف : ٨٤ ـ ٨٦ .

٤٦

وكيف لا نعقد تلك المجالس التي عقدها يعقوبعليه‌السلام على يوسفعليه‌السلام حزناً وبكاءً ورثاءً وكان حزنه كحزن سبعين ثكلى ، ولم يكن يعلم أنّ يوسف قد مات أو قتل ، بل ظاهر الآيات القرآنية تدل على أنّه كان يعلم بحياته ، كما في قوله :( قَالَ إِنّمَا أَشْكُوا بَثّي وَحُزْنِي إِلَى اللهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * يَا بَنِيّ اذْهَبُوا فَتَحَسّسُوا مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُوا مِن رّوْحِ اللهِ إِنّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَوْحِ اللهِ إِلاّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ ) ، أخرج السيوطي عن عمر بن يونس اليماني ، والخطيب البغدادي عن يحيى بن سليم : ( إنّ ملك الموت أستأذن ربّه تعالى أن يسلّم على يعقوبعليه‌السلام فأذن له : فأتاه فسلّم عليه فقال له بالذي خلقك هل قبضت روح يوسف ؟ قال : لا )(١) .

إذن هذا السلوك والخلق النبوي الذي يسطّره القرآن الكريم ، أنّما هو لأجل التأسّي به ، وأخذ العبرة والموعظة ، قال تعالى :( لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لأولي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثاً يُفْتَرَى‏ وَلكِن تَصْدِيقَ الّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلّ شَي‏ءٍ وَهُدىً وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ ) (٢) .

خامساً : مدح القرآن الكريم البكاء الناتج عن الخشوع والتدبّر في الآيات الإلهية ، والشوق إلى لقاء الله عزّ وجلّ ، كما في قوله تعالى :( قُلْ آمِنُوا بِهِ أَوْ لاَ تُؤْمِنُوا إِنّ الّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مِن قَبْلِهِ إِذَا يُتْلَى‏ عَلَيْهِمْ يَخِرّونَ لِلأَذْقَانِ سُجّداً * وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبّنَا إِن كَانَ وَعْدُ رَبّنَا لَمَفْعُولاً * وَيَخِرّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوع ) (٣) .

سادساً : ذم القرآن الكريم ونهيه عن الضحك والإمساك عن البكاء كقوله تعالى :( أَفَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ تَعْجَبُونَ * وَتَضْحَكُونَ وَلاَ تَبْكُونَ ) (٤) .

كذلك ذمّه تعالى وزجره عن الفرح المذموم الذي يكون قريناً للفخر والزهو ، كما في قوله تعالى :( وَلَئِنْ أَذَقْنَاهُ نَعْمَاءَ بَعْدَ ضَرّاءَ مَسّتْهُ لَيَقُولَنّ ذَهَبَ السّيّئَاتُ عَنّي إِنّهُ لَفَرِحٌ فَخُورٌ ) (٥) ، فالقرآن يذم الفرح الذي يكون سببه غاية دنيوية أو ترقّب غاية دنيوية ، قال تعالى :( لاَ تَفْرَحْ إِنّ اللهَ لاَ يُحِبّ

ــــــــــــــ

(١) تاريخ بغداد : ج ١٣ ص ١٧٣ ؛ ونحوه الدر المنثور : ج ٤ ص ٣٦ ؛ ونحوه في تفسير القرطبي : ج ٩ ص ٢٥١ .

(٢) يوسف : ١١١ .

(٣) الإسراء : ١٠٧ ـ ١٠٩ .

(٤) النجم : ٥٩ ـ ٦٠ .

(٥) هود : ١٠ .

٤٧

الْفَرِحِينَ ) (١) ويخصص الفرح الممدوح فيما إذا كان في سياق الطريق إلى الكمال ، قال تعالى :( قُلْ بِفَضْلِ اللهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمّا يَجْمَعُونَ ) (٢) ، وهو نظير قول الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( ما أدري بأيّهما أشدّ فرحاً بقدوم جعفر أم بفتح خيبر ) (٣) .

إذن من ذلك يتّضح أنّ البكاء ليس مذموماً ولا سلبياً على إطلاقه ، بل إنّ أغلب أفراده لها آثار إيجابية على النفس الإنسانية بصريح القرآن الكريم كما تقدم فضلاً عمّا ورد من الروايات المستفيضة وفتاوى الفقهاء ، التي عدّت البكاء من خشية الله من أعظم القربات والعبادات :

١ ـ في دعاء لرسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( اللّهمّ ارزقني عينين هطّالتين ، تشفيان القلب تذرف الدموع من خشيتك قبل أن يكون الدمع دماً والأضراس جمراً ) (٤) .

٢ ـ عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :( سبعة يظلّهم الله رجل ذكر الله ففاضت عيناه ) (٥) .

٣ ـ عن مطرف عن أبيه قال : ( رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يصلّي وفي صدره أزيز كأزيز الرحى من البكاء )(٦) .

ــــــــــــــ

(١) القصص : ٧٦ .

(٢) يونس : ٥٨ .

(٣) المعجم الصغير ، الطبراني : ج ١ ص ١٩ ؛ المستدرك ، الحاكم : ج ٢ ص ٦٢٤ ، قال الحاكم ، ( هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ) ؛ تهذيب الكمال ، المزي : ج ٥ ص ٥٣ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ٢٧٢ ، قال فيه ، ( رواه الطبراني مرسلاً ورجاله رجال الصحيح ) .

(٤) كتاب الدعاء ، الطبراني : ص ٤٢٩ ؛ تاريخ دمشق : ج ١١ ص ١٢٠ ؛ فيض القدير في شرح الجامع الصغير ، المناوي : ج ٢ ص ١٨١ ، وقال فيه المناوي ( قال الحافظ العراقي وإسناده حسن ) .

(٥) صحيح البخاري ، البخاري : ج ٧ ص ١٨٥ ؛ فتح الباري : ج ١١ ص ٢٦٧ ؛ الجامع الصغير : ج ٢ ص ٤٣ .

(٦) سنن أبي داود : ج ١ ص ٢٠٦ ؛ ونحوه مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ٤ ص ٢٥ ؛ ونحو النسائي : ج ٣ ص ١٣ ؛ ونحوه المستدرك : ج ١ ص ٢٦٤ ، قال ، ( هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ) ؛ السنن الكبرى ، البيهقي : ج ٢ ص ٢٥١ ؛ فتح الباري : ج ٢ ص ١٧٣ ؛ ونحوه صحيح ابن حبان : ج ٢ ص ٤٤٠ ، ج ٣ ص ٣١ .

٤٨

٤ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( لا يلج النار رجل بكى من خشية الله ) (١) .

٥ ـ عن سعد بن مالك قال : سمعت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول :( إنّ هذا القرآن نزل بحزن فإذا قرأتموه فأبكوا ، فإن لم تبكوا فتباكوا ) (٢) .

٦ ـ عن عائشة قالت : (كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبيت فيناديه بلال بالأذان فيقوم فيغتسل ، فإنّي لأرى الماء ينحدر على خده وشعره ، ثم يخرج فيصلّي فاسمع بكاءه ) قال الهيثمي : رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح(٣) .

٧ ـ في بعض مناجاة الله تعالى لموسىعليه‌السلام :( وأمّا البكّاؤون من خيفتي فأولئك لهم الرفيق الأعلى لا يشاركون فيه ) (٤) .

٨ ـ عن أبي عبد اللهعليه‌السلام :( البكاؤون خمسة : آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد وعلي بن الحسين ، فأمّا آدم فبكى على الجنة حتى صار في خديه أمثال الأودية ، وأمّا يعقوب فبكى على يوسف حتى ذهب بصره وحتى قيل له تالله تفتؤا تذكر يوسف حتى تكون حرضاً أو تكون من الهالكين ، وأمّا يوسف فبكى على يعقوب حتى تأذّى به أهل السجن فقالوا : أمّا أن تبكي نهاراً وتسكت الليل وأمّا أن تبكي الليل وتسكت النهار فصالحهم على واحد منهما ، وأمّا فاطمة فبكت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى تأذّى بها أهل المدينة ،

ــــــــــــــ

(١) سنن الترمذي : ج ٣ ص ٣٨٠ ؛ سنن النسائي : ج ٦ ص ١٢ ؛ فتح الباري ، العسقلاني : ج ١١ ص ٢٦٧ ؛ قال ، ( وصححه الترمذي والحاكم ) ؛ الدر المنثور ، السيوطي : ج ١ ص ٢٤٨ .

(٢) السنن الكبرى ، البيهقي : ج ١٠ ، ص ٢٣١ ؛ سنن ابن ماجه ، ج ١ ص ٤٢٤ ؛ تهذيب الكمال ، المزني : ج ١٧ ص ١٢٩ ؛ مسند أبي يعلى ، أبي يعلى الموصلي : ج ٢ ص ٥٠ .

(٣) مسند أبي يعلى ، أبي يعلى ، ج ٨ ص ١٦٣ ؛ مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٢ ص ٨٨ ـ ٨٩ .

(٤) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ١٢ ص ٩٤ ؛ تاريخ مدينة دمشق ؛ ابن عساكر : ج ٦١ ص ١١٤ .

٤٩

فقالوا لها آذيتنا بكثرة بكائك ، فكانت تخرج إلى مقابر الشهداء فتبكي حتى تقضي حاجتها ثم تنصرف ، وأمّا علي بن الحسين فبكى على الحسين عشرين سنة أو أربعين سنة ما وضع بين يديه طعام إلاّ بكى حتى قال له مولى له جُعلت فداك يابن رسول الله إنّي أخاف عليك أن تكون من الهالكين ، قال إنّما أشكو بثّي وحزني إلى الله وأعلم من الله ما لا تعلمون إنّي لم أذكر مصرع بني فاطمة عليها‌السلام إلاّ خنقتني لذلك العبرة ) (١) .

٩ ـ عن أنس بن مالك : ( إنّ فاطمة بكت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت :يا أبتاه من ربهما أدناه يا أبتاه إلى جبريل أنعاه يا أبتاه جنة الفردوس مأواه )(٢) .

١٠ ـ وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( عينان لا تمسّهما النار : عين بكت من خشية الله ، وعين باتت تحرس في سبيل الله ) (٣) .

١١ ـ عن جرير قال : قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لنفر من أصحابه :( إنّي قارئ عليكم آيات من آخر الزمر فمَن بكى منكم وجبت له الجنة ، فقرأها من عند( وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقّ قَدْرِهِ ) إلى آخر السورة ، فمنّا مَن بكى ومنّا مَن لم يبك ، فقال الذين لم يبكوا يا رسول الله لقد جهدنا أن نبكي فلم نبك ، فقال :إنّي سأقرأها عليكم فمَن لم يبك فليتباك ) (٤) .

ــــــــــــــ

(١) كشف الغمّة ، الإربلي : ج ٢ ص ١٢١ .

(٢) مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ٣ ص ١٩٧ ؛ سنن النسائي : ج ٤ ص ١٣ ؛ المستدرك ، الحاكم : ج ٣ ص ٥٩ ؛ سنن البيهقي : ح٢ ص ٧١ .

(٣) سنن الترمذي : ج ٣ ص ٩٦ ؛ تاريخ بغداد : ج ٣ ص ١٦٣ ؛ الجامع الصغير ، السيوطي : ج ٢ ص ١٨٤ ؛ مجمع الزوائد : ج ٥ ص ٢٨٨ .

(٤) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٢ ص ٣٤٨ ؛ الدر المنثور ، السيوطي : ج ٥ ص ٣٣٥ ؛ ونحوه فتح القدير ، الشوكاني : ج ٥ ص ٤٨٨ .

٥٠

١٢ ـ وعنهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن بكى من خشية الله غفر الله له ) (١) .

١٣ ـ وعنه أيضاًصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :( مَن بكى على ذنبه في الدنيا حرّم الله ديباجة وجهه على جهنّم ) (٢) .

١٤ ـ وفي تفسير القرطبي ، يقول في سجدة الإسراء :( اللّهمّ اجعلني من الباكين إليك والخاشعين لك ) (٣) .

١٥ ـ وفيه أيضاً يقول : ( اللّهمّ اجعلني من عبادك المنعم عليهم المهديين الساجدين لك الباكين عند تلاوة آياتك )(٤) .

١٦ ـ قال النووي في (المجموع) : ( ويستحب البكاء عند القراءة وهي صفة العارفين وشعار عباد الله الصالحين ، قال تعالى :( وَيَخِرّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً ) والأحاديث والآثار فيه كثيرة )(٥) .

١٧ ـ عن ابن مسعود قال : ( ما رأينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم باكياً أشدّ من بكائه على حمزة ، وضعه في القبلة ثم وقف على جنازته وانتحب حتى بلغ به الغشي ، يقول :( يا عم رسول الله ، يا حمزة ، يا أسد الله وأسد رسوله ، يا حمزة يا فاعل الخيرات ، يا حمزة يا كاشف الكربات ، يا حمزة يا ذاب عن وجه رسول الله ) (٦) ، وقد ندبصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للبكاء على حمزة عندما قال :( ولكن حمزة لا

ــــــــــــــ

(١) كنز العمال ، المتقي الهندي : ج ٣ ص ١٤٨ .

(٢) ذكر أخبار أصبهان ، الحافظ الأصفهاني : ج ٢ ص ١٧١ .

(٣) تفسير القرطبي ، القرطبي : ج ١١ ص ١٢١ ؛ مغني المحتاج ، الشربيني : ج ١ ص ٢١٧ ، حواشي الشرواني : ج ٢ ص ٢١٥ .

(٤) تفسير القرطبي ، القرطبي : ج ١١ ص ١٢١ .

(٥) المجموع ، النووي : ج ٢ ص ١٦٤ .

(٦) ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٨١ .

٥١

بواكي له ) (١) ، وقد استمرت سنة البكاء على حمزة فـ ( فلم تبك امرأة من الأنصار على ميت بعد قول رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لكن حمزة لا بواكي له إلى اليوم إلاّ بدأت البكاء على حمزة )(٢) .

ويكشف ذلك أيضاً عن مشروعية الندبة والرثاء وإدامة العزاء والبكاء على العظماء من آل الرسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

١٨ ـ عن حماد بن زيد ، عن خالد بن سلمة قال : ( لمّا جاء نعي زيد بن حارثة أتى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منزل زيد فخرجت عليه ابنة لزيد فلمّا رأت النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أجهشت في وجهه فبكى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى انتحب فقيل يا رسول الله ما هذا ؟ قال :شوق الحبيب إلى حبيبه )(٣) .

ــــــــــــــ

(١) ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ٨٣ .

(٢) طبقات ابن سعد : ج ٣ ص ١١ ؛ ونحوه أسد الغابة : ج ٢ ص ٤٨ .

(٣) الأخوان ، الحافظ ابن أبي الدنيا : ص ١٥٢ ؛ فيض القدير : ج ٣ ص ٦٩٥ .

٥٢

الدليل الثالث : البكاء وإقامة المآتم على الإمام الحسين من سنن الأنبياء

لا شكّ أنّ الاعتماد في الاستدلال على مشروعية الشعائر الحسينية بسنن الأنبياءعليهم‌السلام يعد من العناصر المهمة التي لابد أن يعتمد عليها الباحث في المسائل الدينية ؛ وذلك لوجود الأمر الإلهي بوجوب الاقتداء بهم والاتّباع لهم ، ويمكن تقسيم هذا الدليل إلى قسمين :

القسم الأوّل : سنّة الأنبياء في البكاء بصورة عامة .

القسم الثاني : بكاء الأنبياء على الإمام الحسينعليه‌السلام خاصة .

القسم الأوّل :

والشواهد الدالة على هذا القسم بخصوصه كثيرة جداً ، منها :

١ ـ بكاء يعقوبعليه‌السلام على يوسفعليه‌السلام

وهو ما تقدّم من بكاء النبي يعقوبعليه‌السلام على ولده يوسفعليه‌السلام وما ادّخره الله تعالى له من الأجر ؛ حيث ورد في الأثر : ( كان منذ خرج يوسف من عند يعقوب إلى يوم رجع ثمانون سنة لم يفارق الحزن قلبه ، يبكي حتى ذهب بصره )(١) وذكر الطبري : ( قيل ما بلغ وجد يعقوب على ابنه قال وجد سبعين ثكلى ، قيل وما كان له من الأجر قال : أجر مائة شهيد ، وما ساء ظنّه بالله قط ساعة من ليل أو نهار )(٢) .

وفي رواية أخرى : ( دخل جبرئيل على يوسف وهو في السجن ، فقال :

ــــــــــــــ

(١) جامع البيان ، الطبري : ج ١٣ ص ٦٤ .

(٢) تاريخ الطبري ، الطبري : ج ١ ص ٢٥٠ ؛ الدّر المنثور ، السيوطي : ج ٤ ص ٣١ .

٥٣

أيّها الملك الطيب الريح ، الطاهر الثياب ما فعل يعقوب ؟ فقال : ذهب بصره ، قال ما بلغ من حزنه ؟ قال : حزن سبعين ثكلى ، قال : ما أجره ، قال : أجر مائة شهيد )(١) .

وفي ثالثة عن ابن عباس قال : ( إنّ يعقوب أُعطي على يوسف أجر مائة شهيد )(٢) .

٢ ـ بكاء يوسف على يعقوب

أخرج القرطبي عن ابن عباس قال في حق يوسفعليه‌السلام عندما دخل السجن : ( ويبكي حتى تبكي معه جدر البيوت وسقفها والأبواب )(٣) .

القسم الثاني : بكاء النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الإمام الحسينعليه‌السلام

١ ـ عن أُمّ سلمة : ( كان رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالساً ذات يوم في بيتي ، قال :لا يدخل عليّ أحد فانتظرت فدخل الحسين فسمعت نشيج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يبكي فاطلعت ، فإذا حسين في حجره والنبي يمسح جبينه وهو يبكي)(٤) ، قال الهيثمي : رواه الطبراني ، بأسانيد ورجال أحدها ثقات )(٥) .

٢ ـ وفي حديث آخر لأُمّ سلمة قالت : ( كان جبرائيل عند النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحسين معي فبكى فدنا من النبي فتركته فدنا منه فأخذته فبكى فتركته ،

ــــــــــــــ

(١) المصنف ، ابن أبي شيبه : ج ٨ ص ١٢٢ ؛ الهم والحزن ، ابن أبي الدنيا : ص ٧٧ ؛ ونحوه زاد المسير ، ابن الجوزي : ج ٤ ص ٢٠٤ ؛ الدر المنثور ، السيوطي : ج ٤ ، ص ٣٠ .

(٢) تفسير القرطبي ، القرطبي : ج ٩ ص ٢٤٧ .

(٣) المصدر نفسه : ج ٩ ص ٨٨ .

(٤) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ١٠٨ ـ ١٠٩ .

(٥) مجمع الزوائد ، الهيثمي : ج ٩ ص ١٨٩ .

٥٤

فقال له جبرئيل :أتحبّه يا محمد ؟ فقال :نعم ، قال جبرائيل :أما إنّ أمتك ستقتله ، وإن شئت أريتك الأرض التي يقتل بها )(١) .

٣ ـ وعن أُمّ الفضل بنت الحارث أنّها جاءت بالإمام الحسينعليه‌السلام بعد ولادته حيث قالت : ( فدخلت يوماً على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فوضعته في حجره ثم حانت منّي التفاتة فإذا عينا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تهريقان من الدموع ، قالت : فقلت : يا نبي الله ـ بأبي أنت وأُمّي ـ ما لك ؟ قال :( أتاني جبريل فأخبرني أنّ أُمّتي ستقتل أبني هذا ، فقالت : هذا ؟! فقال :نعم ، وأتاني بتربة من تربته حمراء ) (٢) .

٤ ـ وعن أُمّ سلمة أيضاً قالت : ( إنّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اضطجع ذات ليلة للنوم فاستيقظ وفي يده تربة حمراء يقبّلها ، فقلت : ما هذه التربة يا رسول الله ؟ قال :أخبرني جبرئيل عليه‌السلام إنّ هذا يقتل بأرض العراق ، فقلت لجبرئيل : أرني تربة الأرض التي يقتل بها ، فهذه تربته )(٣) .

٥ ـ كذلك عن أُمّ سلمة قالت : ( دخل الحسينعليه‌السلام على النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا جالسة على الباب فتطلعت فرأيت في كف النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئاً يقبّله وهو نائم على بطنه ، فقلت : يا رسول الله تطلعت فرأيتك تقلّب شيئاً في كفّك والصبي نائم على بطنك ودموعك تسيل ، فقال :إنّ جبرئيل أتاني بالتربة التي يقتل عليها فهي التي أقلّب بكفّي )(٤) .

ــــــــــــــ

(١) تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ١٤ ص ١٩٤ .

(٢) المستدرك ، الحاكم : ج ٣ ص ١٧٦ قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ) .

(٣) المستدرك ، الحاكم النيسابوري : ج ٤ ص ٣٩٨ ، قال الحاكم : ( هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ) .

(٤) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ١٠٩ ؛ المصنف ، ابن أبي شيبة الكوفي : ج ٨ ص ٦٣٢ ؛ مسند ابن راهويه : ج ٤ ص ١٣١ .

٥٥

٦ ـ وعن عائشة قالت : ( دخل الحسين به عليعليهما‌السلام على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يوحى إليه فنزل على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال جبريل لرسول للهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتحبّه يا محمد ؟ قال :وما لي لا أحب ابني ، قالفإنّ أُمّتك ستقتله من بعدك فمد جبرئيلعليه‌السلام يده فأتاه بتربة بيضاء ، فقال :في هذه الأرض يقتل ابنك هذا واسمها الطف ، فلما ذهب جبريل من عند رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خرج رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والتزمه في يده يبكي ، فقاليا عائشة إنّ جبريل أخبرني أنّ ابني حسين مقتول في أرض الطفّ ، وأنّ أُمّتي ستفتتن بعدي ، ثم خرج إلى أصحابه فيهم عليعليه‌السلام وأبو بكر وعمر وحذيفة وعمار وأبو ذر وهو يبكي ، فقالوا : ما يبكيك يا رسول الله ؟ فقالأخبرني جبريل أنّ ابني الحسين يقتل بعدي بأرض الطف ، وجاءني بهذه التربة وأخبرني أنّ فيها مضجعه )(١) .

٧ ـ ما أخرجه أحمد عن عبد الله بن نجا عن أبيه : ( إنّه سار مع عليعليه‌السلام وكان صاحب مطهّرته فلمّا حاذى نينوى وهو منطلق إلى صِفّين ، فنادى عليعليه‌السلام :اصبر أبا عبد الله اصبر أبا عبد الله بشط الفرات ، قال : قلت : وما ذاك ؟ قال : دخلت على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذات يوم وعيناه تفيضان ، قلت : يا نبي الله ما شأن عينيك تفيضان ؟ قال : قام من عندي جبرئيل فحدثني أنّ الحسين يقتل بشط الفرات ؟ قال : فقال : هل لك إلى أن أشمّك من تربته ؟ قال : قلت نعم ، فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها ، فلم أملك عيني أن فاضت )(٢) ، قال الهيثمي : أخرجه البزار والطبراني ورجاله ثقات .

ــــــــــــــ

(١) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ١٠٧ .

(٢) مسند أحمد ، أحمد بن حنبل : ج ١ ص ٨٥ ؛ وانظر : المصنف ، ابن أبي شيبة الكوفي : ج ٨ ص ٦٣٢ .

٥٦

٨ ـ وفي الصواعق للهيتمي ، عن ابن سعد الشعبي : ( مرّ علي (رضي الله عنه) بكربلاء عند مسيره إلى صِفّين وحاذى نينوى ، فوقف وسأل عن اسم الأرض ، فقيل : كربلاء ، فبكى حتى بلّ الأرض من دموعه ، ثم قال : دخلت على رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ) إلى آخر الحديث المتقدّم .

٩ ـ كذلك عن أُمّ سلمة ، قالت : كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في بيتي ، فنزل جبرئيل فقال :يا محمد ، إنّ أُمّتك تقتل ابنك هذا من بعدك ، وأومأ بيده إلى الحسينعليه‌السلام ، فبكى رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وضمّه إلى صدره ، ثم قال رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :وضعت عندك هذه التربة ، فشمّها رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال :ويح كرب وبلاء ، قالت : وقال :يا أُمّ سلمة إذا تحوّلت هذه التربة دماً فاعلمي أنّ مشهور (١) قد قتل ، فجعلتها أُمّ سلمة في قارورة ثم جعلت تنظر إليها كل يوم ، وتقول : إنّ يوماً تتحوّلين دماً ليوم عظيم )(٢) .

١٠ ـ وعن أُمّ سلمة أيضاً قالت : ( رأيت رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يمسح رأس الحسينعليه‌السلام ويبكي ، فقلت ، ما بكاؤك ؟ فقال :إنّ جبرئيل أخبرني إنّ ابني هذا يقتل بأرض يقال لها كربلاء ، قالت : ثم ناولني كفّاً من تراب أحمر وقال :إنّ هذا من تربة الأرض التي يقتل بها ، فمتى صار دماً فاعلمي أنّه قد قُتل ، قالت أمّ سلمة : فوضعت التراب في قارورة عندي ، وكنت أقول : إنّ يوماً يتحوّل فيه دماً ليوم عظيم )(٣) ، قال في الصواعق ، قالت أُمّ سلمة : ( فلمّا كانت ليلة

ــــــــــــــ

(١) هكذا ذكره الطبري وفي بقية المصادر بدل كلمة (مشهور) كلمة (ابني) .

(٢) المعجم الكبير ، الطبراني : ج ٣ ص ١٠٨ ؛ ونحوه تهذيب الكمال ، المزي : ج ٦ ص ٤٠٩ ؛ تهذيب التهذيب ، ابن حجر : ج ٢ ص ٣٠٠ ؛ تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ١٤ ص ١٩٣ .

(٣) ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٤٧ .

٥٧

قتل الحسينعليه‌السلام سمعت قائلاً يقول :

أيها القاتلون جهلاً حسيناً

ابشروا بالعذاب والتذليلِ

قد لعنتم على لسان ابن داود

وموسى وحامل الإنجيلِ

قالت : فبكيت وفتحت القارورة فإذا الحصيات قد جرت دماً )(١) .

الدليل الرابع : بكاء الأوصياء من الأئمّةعليهم‌السلام

إنّ البكاء والعزاء على الإمام الحسينعليه‌السلام سنّة الأوصياء والأئمّة من أهل البيتعليهم‌السلام ، ولا شك أنّ قيامهم بهذا الأسلوب من الحزن والبكاء يكون بنفسه دليلاً مستقلاً لجواز البكاء والعزاء على الإمام الحسينعليه‌السلام ، لما يتمتعون به من عصمة وطهارة ، كما نصّ على ذلك القرآن الكريم والروايات المتواترة كحديث الثقلين ، ومن ثمّ لا يكون عملهم إلاّ في طاعة ورضا الله تعالى ، فلابدّ من الاقتداء بهم والأخذ منهم ، وإليك بعض الأمثلة على ذلك :

١ ـ بكاء الإمام أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وقد تقدّم سابقاً .

٢ ـ بكاء الإمام علي بن الحسينعليه‌السلام :

( سُئل علي بن الحسين عن كثرة بكائه ، فقال :لا تلوموني ، فإنّ يعقوب فقد سبطاً من ولده فبكى حتى ابيضّت عيناه من الحزن ولم يعلم أنّه مات ، وقد نظرت إلى أربعة عشر رجلاً من أهل بيتي يذبحون في غداة واحدة ، فترون حزنهم يذهب من قلبي أبداً ؟ )(٢) .

ــــــــــــــ

(١) الصواعق المحرقة ، الهيتمي : ص ٢٩٣ .

(٢) تاريخ مدينة دمشق ، ابن عساكر : ج ٤١ ص ٣٨٦ ؛ تهذيب الكمال ، المزي : ج ٢٠ ص ٣٩٩ ؛ ونحوه البداية والنهاية ، ابن كثير : ج ٩ ص ١٢٥ .

٥٨

٣ ـ بكاء الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام حيث قال :( إنّ يوم عاشوراء أحرق قلوبنا وأرسل دموعنا وأرض كربلاء أورثتنا الكرب والبلاء ) (١) .

٤ ـ بكاء الإمام علي بن موسى الرضاعليه‌السلام ، عن دعبل الخزاعي قال : ( لمّا أنشدت مولاي الرضا قصيدتي التي أوّلها :

مَدارِسُ آياتٍ خَلَت مِن تِلاوَةٍ

وَمَنزِلُ وَحيٍ مُقفِرُ العَرَصاتِ

فلمّا انتهيت إلى قولي :

خُروجُ إِمامٍ لا مَحالَةَ خارِجٌ

يَقومُ عَلى اِسمِ اللهِ وَالبَرَكاتِ

يميّز فينا كل حقّ وباطلٍ

ويجزي على النعماء والنقماتِ

بكى الرضا بكاءً شديداً )(٢) .

الدليل الخامس : حثّ الرسول وأهل بيتهعليه‌السلام على البكاء

لقد حثّ رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الأُمّة الإسلامية على إدامة البكاء على الإمام الحسينعليه‌السلام وإحياء ذكرى شهادته ، التي أنبأ عنها قبل وقوعها ، وكذا حثّ أهل بيت العصمة والطهارة على إقامة مجالس إحياء ذكرى الإمام الحسينعليه‌السلام والبكاء عليه وعلى ما حلّ بأهله من القتل والسبي والتشريد والتطريد ، وذلك من أجل إدامة المبادئ التي قام من أجلها الإمام الحسينعليه‌السلام في نفوس الأمة ، وإليك بعض تلك الروايات :

١ ـ ما جاء عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال :( ما من عبد يبكي يوم أصيب

ــــــــــــــ

(١) نور العين في مشهد الحسين ، أبو إسحاق الأسفراييني : ص ٨٤ .

(٢) ينابيع المودة ، القندوزي الحنفي : ج ٣ ص ٣٠٩ .

٥٩

ولدي الحسين إلاّ كان يوم القيامة مع أُولي العزم من الرسل (وقال)البكاء في يوم عاشوراء نور تام يوم القيامة ) (١) .

٢ ـ وعن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً :( إذا كان يوم القيامة نادى منادٍ من بطنان العرش : يا أهل القيامة غضّوا أبصاركم لتجوز فاطمة بنت محمد مع قميص مخضوب بدم الحسين ، فتحتوي على ساق العرش فتقول : أنت الجبّار العدل : اقضِ بيني وبين مَن قتل ولدي ، فيقضي الله لابنتي ورب الكعبة ، ثم تقول : اللّهمّ اشفعني في مَن بكى على مصيبته فيشفعها الله فيهم ) (٢) .

٣ ـ وعن الإمام الحسينعليه‌السلام قال :( مَن دمعت عيناه فينا دمعة أو قطرت عيناه فينا قطرة آتاه الله عزّ وجلّ الجنّة ) (٣) .

٤ ـ عن الإمام محمد الباقرعليه‌السلام قال :( كان أبي علي بن الحسين يقول : أيّما مؤمن دمعت عيناه لقتل الحسين ومَن معه حتى تسيل على خديه بوّأه الله في الجنّة غرفاً ، وأيّما مؤمن دمعت عيناه دمعاً حتى يسيل على خديه ، لأذى مسّنا من عدونا بوّأه الله مبوء صدق ) (٤) .

٥ ـ عن الإمام جعفر بن محمد الصادقعليه‌السلام قال :( إنّ يوم عاشوراء أحرق قلوبنا وأرسل دموعنا ، وأرض كربلاء أورثتنا الكرب والبلاء ، فعلى مثل الحسين فليبك الباكون ، فإنّ البكاء عليه يمحو الذنوب أيها المؤمنون ) (٥) .

٦ ـ كذلك عن الإمام جعفر الصادقعليه‌السلام قال :( مَن ذَكرنا أو ذُكرنا عنده فخرج من عينيه مثل جناح بعوضة غفر الله له ذنوبه ولو كانت مثل زبد

ــــــــــــــ

(١) لسان الميزان ، ابن حجر : ج ٢ ص ٤٥١ .

(٢) ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٢ ص ٣٢٣ .

(٣) ذخائر العقبى ، أحمد بن عبد الله الطبري : ص ١٩ ؛ ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٢ ص ١١٧.

(٤) ينابيع المودة ، القندوزي : ج ٣ ص ١٠٢ .

(٥) نور العين في مشهد الحسين ، أبو إسحاق الأسفراييني : ص ٨٣ ـ ٨٤ .

٦٠