ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان الجزء ١

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان25%

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 233

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 233 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149686 / تحميل: 6685
الحجم الحجم الحجم
ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان الجزء ١

مؤلف:
العربية

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان

تأليف العلامة الحلى أبى منصور الحسن بن يوسف بن المطهر الاسدى

٦٤٨ ه‍ ٧٢٦ ه‍

تحقيق الشيخ فارس الحسون

الجزء الاول

١

(خطبة الكتاب)

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله المتفرد بالقدم والدوام، المتنزه عن مشابهة الاعراض والاجسام، المتفضل بسوابغ(١) الانعام، المتطول(٢) بالفواضل الجسام، أحمده على ما فضلنا به من الاكرام، وأشكره على جميع الاقسام.

وصلى الله على سيدنا محمد النبي المبعوث إلى الخاص والعام، وعلى عترته الاماجد الكرام.

أما بعد: فإن الله تعالى كما أوجب على الولد طاعة أبويه، كذلك أوجب عليهما الشفقة عليه، بإبلاغ مراده في الطاعات، وتحصيل مآربه(٣) من القربات.

_______________________

(١) جمع سابغ، وهو: الكامل الواف، انظر: الصحاح ٤ / ١٣٢١ سبغ.

(٢) من الطول بالفتح، وهو: المن، انظر: الصحاح ٥ / ١٧٥٥ طول.

(٣) المآرب: الحوائج، واحدها مأربة مثلثة الراء، انظر: مجمع البحرين ١ / ٦ أرب.

٢

ولما كثر طلب الولد العزيز محمد(١) أصلح الله تعالى أمر داريه، ووفقه

_______________________

(١) هو الشيخ محمد بن الحسن بن يوسف بن على بن مطهر الحلى، أبوطالب فخر الدين، المعروف بفخر المحققين، من وجوه الطائفة وثقاتها وفقهائها، جليل القدر عظيم المنزلة رفيع الشأن، حاله في علو قدره وسمو رتبته وكثرة علومه أشهر من أن يذكر، وكفى في ذلك أنه فاز بدرجة الاجتهاد في السنة العاشرة من عمره الشريف.

يروى عن أبيه العلامة وغيره، ويروى عنه شيخنا الشهيد، وأثنى عليه في بعض اجاز انه ثناء بليغا جدا.

وكان والده بعظمه ويثنى عليه ويعتنى بشأنه كثيرا، حتى أنه ألف هذا الكتاب وغيره من الكتب بطلب منه، والتمس منه اصلاح ما يجده من الخلل وانقصان، وأمره في وصيته له التى ختم بها القواعد باتمام ما بقى ناقصا من كتبه.

له مصنفات كثيرة، منها: ايضاح الفوائد في حل مشكلات القواعد، وحاشية الارشاد، وغيرهما.

وكانت ولادته في سنة ٦٨٢ ه‍، ووفاته في سنة ٧٧١ ه‍.

انظر: نقد الرجال: ٣٥٢، أمل الامل القسم الثانى: ٢٦٠، رياض العلماء ٥ / ٧٧، الكنى والالقاب ٣ / ١٢.

٣

للخير وأعانه عليه، ومد الله له في العمر السعيد والعيش الرغيد لتصنيف كتاب يحوي(١) النكت البديعة في مسائل(٢) الشريعة، على وجه الايجاز والاختصار(٣) ، خال عن التطويل والاكثار فأجبت مطلوبه، وصنفت هذا الكتاب الموسوم ب‍: " ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان " مستمدا من الله تعالى حسن(٤) التوفيق وهدية الطريق.

والتمست منه المجازاة على ذلك، بالترحم علي عقيب الصلوات، والاستغفار لي في الخلوات، وإصلاح ما يجده من الخلل والنقصان، فإن السهو كالطبيعة الثانية للانسان(٥) ، ومثلي لا يخلو من تقصير في اجتهاد(٦) ، والله الموفق للسداد، فليس(٧) المعصوم إلا من عصمه الله تعالى من أنبيائه وأوصيائه عليهم أفضل الصلوات وأكمل التحيات.

ونبدأ في الترتيب(٨) بالاهم فالاهم.

_______________________

(١) في(م): " محتوى ".

(٢) في(م): " بمسائل ".

(٣) في(م): " والاقتصار ".

(٤) في(م): " بحسن ".

(٥) قال الشهيد الثانى: " وتوضيح ذلك: أن الطبيعة الاولى للشئ هى ذاته وماهيته كالحيوان الناطق بانسبة إلى الانسان، وماخرج عن ماهيته من الصفات والكمالات الوجودية اللاحقة لها سمى طبيعة ثانية. ثم لما كان السهو ليس طبيعة اولى وهو ظاهر، ولا ثانية لانه أمر عدمى - فان العدم جزء مفهومه، لانه زوال الصورة العلمية عن القوة الذاكرة، أو عدم العلم بعد حصوله عما من شأنه أن يكون عالما كما تقدم - لكنه أشبه الطبيعة الثانية في العروض والكثرة التى تشبه اللزوم، كان كالطبيعة الثانية للانسان " روض الجنان: ١١.

(٦) في(م): " الاجتهاد ".

(٧) في(س): " وليس ".

(٨) في(م): " بالترتيب ".

٤

كتاب الطهارة

والنظر في أقسامها، وأسبابها، وما تحصل به، وتوابعها

الاول في أقسامها

وهي: وضوء، وغسل، وتيمم.

وكل منها: واجب، وندب.

فالوضوء يجب: للصلاة والطواف الواجبين، ومس كتابة القرآن إن وجب.

ويستحب: لمندوبي الاولين، ودخول المساجد، وقراء‌ة القران، وحمل المصحف، وللنوم(١) ، وصلاة الجنائز، والسعي في حاجة، وزيارة المقابر، ونوم الجنب، وجماع المحتلم، وذكر الحائض، والكون على طهارة(٢) .

والغسل يجب: لما وجب له الوضوء، ولدخول المساجد وقراء‌ة العزائم إن وجبا، ولصوم الجنب، والمستحاضة مع غمس القطنة.

ويستحب: للجمعة، وأول ليلة من شهر(٣) رمضان، وليلة نصفه، وسبع عشرة، وتسع عشرة، وإحدى وعشرين، وثلاث وعشرين، وليلة الفطر، ويومي العيدين، وليلة نصف رجب وشعبان، ويوم المبعث، والغدير، والمباهلة، وعرفة،

_______________________

(١) في(س) و(م): " والنوم ".

(٢) في(ع): " والكون على الطهارة والتجديد " وكذا ذكر الشهيد الثانى في روض الجنان: ١٦، والحقق السبزوارى في ذخيرة المعاد: ٤ كلمة " والتجديد " في المتن وشرحاها.

وذكرها المقدس الاردبيلى في مجمع الفائدة في المتن قبل " والكون على الطهارة " وشرحها أيضا، ولم ترد في النسخ الثلاث المعتمدة.

(٣) لفظ " شهر " ساقط من(س) و(م).

٥

وغسل الاحرام، والطواف، وزيارة النبي والائمة عليه السلام، وقضاء الكسوف للتارك عمدا مع استيعاب الاحتراق، والمولود، وللسعي إلى رؤية المصلوب بعد ثلاثة، وللتوبة، وصلاة الحاجة، والاستخارة، ودخول الحرم، والمسجد الحرام، ومكة، والكعبة، والمدينة، ومسجد النبي عليه السلام، ولاتتداخل(١) .

والتيمم يجب: للصلاة والطواف الواجبين، ولخروج الجنب من المسجدين والندب: ماعداه(٢) .

وقد تجب الثلاثة(٣) بالنذر وشبهه.

_______________________

(١) أى: لاتتداخل هذه الاغسال بأن يكفى غسل واحد عند اجتماع سببين أو اكثر من أسباب الغسل، لان كل واحد منها سبب مستقل في استحباب الغسل، والاصل عدم تداخلها، وان تداخلت في بعض الصور فعلى خلاف أصلها، لامر عرضى من نص غيره.

انظر: روض الجنان: ١٨، ذخيرة المعاد: ٨.

(٢) في(س) و(م): " لما عداه ".

(٣) وهى: الوضوء، والغسل، والتيمم.

٦

النظر الثانى في أسباب الوضوء وكيفيته

إنما يجب الوضوء من: البول، والغائط، والريح من المعتاد والنوم الغالب على الحاستين، والجنون، والاغماء، والسكر، والاستحاضة القليلة لا غير.

ويجب على المتخلي: ستر العورة، وعدم استقبال القبلة واستدبارها في الصحاري والبنيان، وغسل موضع البول بالماء خاصة، وكذا مخرج الغائط مع التعدي حتى تزول العين والاثر، ويتخير مع عدمه بين ثلاثة أحجار طاهرة وشبهها مزيلة للعين وبين الماء، ولو لم ينق بالثلاثة وجب الزائد، ولو نقي بالاقل وجب الاكمال، ويكفي ذوالجهات الثلاث.

ويستحب: تقديم اليسرى دخولا واليمنى خروجا، وتغطية الرأس، والاستبراء، والدعاء دخولا وخروجا وعند الاستنجاء والفراغ منه، والجمع بين الماء والاحجار.

ويكره: الجلوس في الشوارع، والمشارع، وفئ النزال(١) ، وتحت المثمرة ومواضع اللعن، واستقبال النيرين والريح بالبول، والبول في الصلبة، وثقوب الحيوان، وفي الماء والاكل والشرب والسواك والاستنجاء باليمين، وباليسار وفيها خاتم عليه اسم الله تعالى وأنبيائه(٢) وأئمته عليهم السلام، والكلام بغير الذكر والحاجة وآية الكرسي.

ويجب في الوضوء: النية، وهي: إرادة الفعل لوجوبه أو ندبه متقربا وفي وجوب رفع الحدث أو الاستباحة قولان(٣) واستدامتها حكما إلى الفراغ، فلو نوى التبرد خاصة أو ضم الرياء بطل بخلاف ما لو ضم التبرد، ويقارن بها غسل اليدين، وتتضيق(٤) عند غسل الوجه.

وغسل الوجه بما يسمى غسلا من قصاص(٥) شعر الرأس إلى محادر الذقن

_______________________

(١) فئ لانزال: موضع الظلل المعد لنزولهم، انظر: مجمع البحرين ١ / ٣٣٤ فيا.

(٢) في(م): " عليه اسم الله أو أنبيائه ".

(٣) ذهب إلى وجوب الجمع بينهما ابن حمزة في الوسيلة: ٥١، وأبوالصلاح في الكافى: ١٣٢، وابن زهرة في الغنية: ٤٩١، ونقل عن المهذب ولا اصباح والاشارة، ونسبه الشهيد في غاية المراد إلى الراوندى.

وذهب إلى وجوب أحدهما تخييرا الشيخ في المبسوط ١ / ١٩، ونقل عن ابن ادريس.

وذهب إلى وجوب نية الاستباحة تعينا السيد المرتضى كما عنه في غاية المراد، ونسب إلى كتاب الاقتصاد أيضا.

وذهب إلى وجوب نية الرفع تعينا صاحب كتاب عمل يوم ليلة كما نقل عنه.

واستظهر المحقق في الشرائع ١ / ١٩ عدم وجوب شئ منهما.

(٤) في(س): " وتضيق ".

(٥) قصاص الشعر: نهاية منبته من مقدم الرأس، انظر: العين ٥ / ١٠.

٧

طولا، وما دارت عليه الابهام والوسطى عرضا من مستوي الخلقة، وغيره يحال عليه.

ولا يجزئ منكوسا، ولايجب تخليل اللحية وإن خفت أو كانت للمرأة.

وغسل اليدين من المرفقين إلى أطراف الاصابع، ويدخل المرفقين في الغسل.

ولو نكس بطل، ولو كان له يد زائدة وجب غلسها، وكذا اللحم الزائد تحت المرفق والاصبع الزائدة، ومقطوع اليد يغسل الباقي، ويسقط لو قطعت من المرفق.

ومسح بشرة مقدم الرأس أو شعره المختص به بأقل اسمه، ولا يجزي الغسل عنه، ويستحب المسح مقبلا، ولا يجوز على حائل كعمامة وغيرها.ومسح بشرة الرجلين بأقل اسمه من رؤوس الاصابع إلى الكعبين، وهما: مجمع القدم وأصل الساق،.ويجوز منكوسا كالرأس، ولا يجوز على حائل كخف(١) وغيره اختيارا، ويجوز للتقية والضرورة، ولو غسل مختارا بطل وضوؤه.

ويجب مسح الرأس والرجلين ببقية نداوة الوضوء، فإن استأنف ماء جديدا بطل وضوؤه، فإن جف أخذ من لحيته وأشفار عينيه ومسح به، فإن جفت بطل.

ويجب الترتيب: يبدأ بغسل الوجه، ثم اليد اليمنى، ثم اليسرى، ثم يمسح الرأس، ثم الرجلين ولا ترتيب فيهما.

وتجب الموالاة، وهي: المتابعة اختيارا، فإن أخر فجف(٢) المتقدم استأنف.

وذو الجبيرة ينزعها أو يكرر الماء حتى يصل البشرة إن تمكن، وإلا مسح عليها.وصاحب السلس يتوضأ لكل صلاة، وكذا المبطون.

ويستحب: وضع الاناء على اليمين، والاغتراف بها، والتسمية،، وتثنية الغسلات، والدعاء عند كل فعل، وغسل اليدين قبل إدخالهما(٣) الاناء

_______________________

(١) في حاشية(س): " كالخف خ ل ".

(٢) في(م): " وجف ".

(٣) في(س) و(م): " وغسل اليد بل ادخالها ".

٨

مرة من النوم والبول، ومرتين من الغائط، وثلاثا من الجنابة، والمضمضة، والاستنشاق، وبدأة الرجل بظاهر ذراعيه في الاولى، وبباطنهما(١) في الثانية عكس المرأة، والتوضؤ بمد.

وتكره: الاستعانة، والتمندل.وتحرم التولية(اختيارا)(٢) .

ويجب الوضوء وجميع الطهارات بماء: مطلق، طاهر، مملوك أو مباح ولو تيقن الحدث وشك في الطهارة، أو تيقنهما وشك في المتأخر، أو شك في شئ منه وهو على حاله أعاد.ولو تيقن الطهارة وشك في الحدث، أو شك في شئ منه بعد الانصراف لم يلتفت.

ولو جدد ندبا، ثم ذكر بعد الصلاة إخلال عضو جهل تعيينه(٣) أعاد الطهارة والصلاة، ون إلا مع ندبية الطهارتين، ولو تعددت الصلاة أيضا أعاد الطهارة والصلاتين.

ولو تطهر وصلى وأحدث، ثم تطهر وصلى، ثم ذكر إخلال عضو مجهول(٤) أعاد الصلاتين بعد الطهارة إن اختلفتا(٥) عددا، وإلا فالعدد.

_______________________

(١) في(م): " وباطنهما ".

(٢) لفظ " اختيارا " لم يرد في الاصل، وأثبتناه من(س) و(م).

(٣) في(س) و(م): " تعينه ".

(٤) أى: مجهول كونه من الطهارة الاولى آو الثانية.

(٥) في(س): " اختلفا ".

٩

النظر الثالث في أسباب الغسل

إنما يجب: بالجنابة، والحيض، والاستحاضة، والنفاس، ومس الاموات بعد بردهم بالموت وقبل الغسل، وغسل الاموات.

وكل الاغسال لابد معها من الوضوء إلا الجنابة.

فهنا(١) مقاصد:

المقصد الاول: في الجنابة

وهى تحصل للرجل والمرأة: بإنزال المني(٢) مطلقا، وبالجماع في قبل المرأة حتى تغيب الحشفة، وفى دبر الادمي كذلك وإن لم ينزل.

ولو اشتبه المني اعتبر: بالشهوة، والدفق، وفتور الجسد، وفي المريض لايعتبر الدفق.

ولو وجد على جسده أو ثوبه المختص به منيا وجب الغسل ولا يجب في المشترك.

ويحرم عليه: قراء‌ة العزائم، وأبعاضها، ومس كتابة القرآن، أو شئ عليه مكتوب اسمه تعالى أو أسماء أنبيائه وأئمته(٣) عليهم السلام، واللبث في المساجد، ووضع شئ فيها، والاجتياز في المسجدين.

ويكره: الاكل والشرب إلا بعد المضمضة والاستنشاق، ومس المصحف، والنوم إلا بعد الوضوء، والخضاب، وقراء‌ة ما زاد على سبعين(٤) ويجب عليه الغسل، ويجب فيه: النية عند الشروع مستدامة الحكم حتى يفرغ، وغسل بشرة جميع الجسد بأقله، وتخليل ما لا يصل إليه الماء إلا به، والترتيب: يبدأ بالرأس، ثم الجانب الايمن، ثم الايسر، إلا في الارتماس.

_______________________

(١) في(م): " وهنا ".

(٢) في(س): " بالانزال للمنى ".

(٣) في(س): " أو شئ مكتوب عليه اسم الله تعالى وأسماء أنبيائه أو أئمته ".

(٤) كذا في النسخ الثلاث المعتمدة، لكن في(ع)، وروض الجنان: ٥٠ و ٥١، ومجمع الفائدة والبرهان ذكر النص فيها هكذا: " وقراء‌ة ما زاد على سبع آيات، وتشتد الكراهة فيما زاد على سبعين " وكذا نقل السيد العاملى في المفتاح: ١ / ٣٢٧ عن الارشاد: بأن الكراهة تشتد فيما زاد على السبعين.

١٠

ويستحب: الاستبراء فإن وجد بللا مشتبها بعده لم يلتفت، وبدونه يعيد الغسل وإمرار اليد على الجسد، وتخليل ما يصل إليه الماء، والمضمضة، والاستنشاق، والغسل بصاع.

وتحرم التولية، وتكره الاستعانة، ولو أحدث في أثنائه بما يوجب الوضوء أعاده.

المقصد الثانى: في الحيض

وهو في الاغلب: أسود، حار، ويخرج بحرقة من الايسر فإن اشتبه بالعذرة، فإن خرجت القطنة مطوقة فهو عذرة، وإلا فحيض.وما قبل التسع.

ومن الايمن، وبعد اليأس، وأقل من ثلاثة متوالية، والزائد عن أكثره وأكثر النفاس ليس بحيض.

وتيأس غير القرشية والنبطية(١) ببلوغ خمسين، وأحديهما بستين.

وأقله ثلاثة أيام متواليات، وأكثره عشرة هي أقل الطهر، وما بينهما بحسب العادة، وتستقر بشهرين متفقين عددا ووقتا.

والصفرة والكدرة(٢) في أيام الحيض حيض، كما أن الاسود الحار في أيام الطهر فساد(٣) .

ولو تجاوز الدم عشرة، رجعت ذات العادة المستقرة إليها، وذات التمييز إليه، فإن(٤) فقدا رجعت المبتدأة إلى عادة أهلها، فإن اختلفن أو فقدن رجعت

_______________________

(١) النبط والنبيط: قوم ينزلون بالبطائح بين العراقيين، انظر: الصحاح ٣ / ١١٦٢ نبط.

(٢) أى: والدم ذو الصفرة وهى لون الاصفر وذو الكدرة وهى ضد الصفاء، انظر: روض الجنان: ٦٤.

(٣) أى: استحاضة، وانما سماها فسادا لانها مرض مخصوص بخلاف الحيض فانه دال على اعتدال المزاج، انظر: روض الجنان: ٦٤ و ٦٥.

(٤) في(م): " وان ".

١١

إلى أقرانها، فإن اختلفن أو فقدن تحيضت في كل شهر بسبعة أيام أو بثلاثة(١) من شهر وعشرة من آخر، والمضطربة بالسبعة أو الثلاثة والعشرة.

ولو ذكرت أول الحيض أكملته(٢) ثلاثة، ولو ذكرت آخره فهو نهايتها، وتعمل في باقي الزمان ماتعمله المستحاضة، وتغسل لانقطاع الحيض في كل وقت محتمل، وتقضي صوم أحد عشر.

ولو ذكرت العدد خاصة عملت في كل وقت ما تعمله المستحاضة، وتغتسل للحيض في كل وقت يحتمل الانقطاع، وتقضي صوم عادتها.

هذا إن نقص العدد عن نصف الزمان أو ساواه، ولو زاد فالزائد وضعفه حيض، كالخامس والسادس لو كان العدد ستة في العشرة.وكل دم يمكن أن يكون حيضا فهو حيض.ولو رأت ثلاثة وانقطع، ثم رأت العاشر خاصة فالعشرة حيض.

ويجب عليها الاستبراء عند الانقطاع لدون العشرة، فإن خرجت القطنة نقية فطاهر(٣) ، وإلا صبرت المعتادة يومين ثم تغتسل وتصوم، فإن انقطع على العاشر قضت ما صامته(٤) ، وإلا فلا، والمبتدأة تصبر حتى تنقى أو تمضي عشرة.

وقد تتقدم العادة وتتأخر، فلو(٥) رأت العادة والطرفين، أو أحدهما ولم يتجاوز(العشرة)(٦) فالجميع حيض، وإلا فالعادة.

ويجب الغسل عند الانقطاع كغسل الجنابة، ويحرم عليها كل مشروط

_______________________

(١) في(م): " أو ثلاثة ".

(٢) في(س): " أكملت ".

(٣) في(م): " فطاهرة ".

(٤) في(س) و(م): " ما صامت ".

(٥) في(س) و(م): " ولو ".

(٦) زيادة من(م).

١٢

بالطهارة(١) كالصلاة والطواف ومس كتابة القرآن، ولايصح منها الصوم، ولايصح طلاقها مع الدخول وحضور الزوج أو حكمه.

ويحرم: اللبث في المسجد، وقراء‌ة العزائم وتسجد(٢) لو تلت أو استمعت.

ويحرم على زوجها وطؤها(ويعزر)(٣) ويستحب الكفارة في اوله بدينار، وفي أوسطه بنصفه، وفي آخره بربعه.

ويكره: بعد انقطاعه قبل الغسل(٤) ، والخضاب، وحمل المصحف، ولمس هامشه، والجواز في المساجد، وقراء‌ة غير العزائم، والاستمتاع منها(٥) بما بين السرة والركبة.

ويستحب أن تتوضأ عند كل(٦) صلاة: وتجلس في مصلاها ذاكرة، ويجب عليها قضاء الصوم دون الصلاة.

المقصد الثالث: في الاستحاضة والنفاس

دم الاستحاضة في الاغلب: اصفر، بارد، رقيق، يخرج بفتور.

والناقص عن ثلاثة مما ليس بقرح ولا جرح، والزائد عن العادة مع تجاوز العشرة، وعن أيام النفاس، ومع اليأس استحاضة.

فإن كان الدم لا يغمس القطنة وجب الوضوء لكل صلاة وتغيير القطنة، وإن غمسها وجب مع ذلك تغيير الخرقة والغسل لصلاة الغداة، وإن سالت(٧) وجب مع ذلك غسل للظهر والعصر تجمع بينهما وغسل للمغرب والعشاء(الاخرة)(٨) وهي مع ذلك بحكم الطاهر.

_______________________

(١) في(س): " بطهارة ".

(٢) في(س): " فتسجد ".

(٣) في(الاصل) و(س): " فيعزر " والانسب ما أثبتناه وهو من(م).

(٤) أى يكره وطء الحائض بعد انقطاع الحيض قبل الغسل.

(٥) لفظ " منها " لم يرد في(س) و(م).

(٦) في(س): " لكل ".

(٧) في(س) و(م): " سال ".

(٨) زيادة من(س).

١٣

ولو أخلت بالاغسال لم يصح الصوم، ولو اخلت بالوضوء أو الغسل لم تصح صلاتها، وغسلها كالحائض، ولاتجمع بين صلاتين بوضوء.

وأما النفاس فدم الولادة معها أو بعدها لا قبلها، ولاحد لاقله، وأكثره عشرة أيام للمبتدأة ولمضطربة.

أما ذات العادة المستقر في الحيض، فأيامها وحكمها كالحائض في كل الاحكام، إلا الاقل، ولو تراخت ولادة أحد التوأمين فعدد أيامها من الثاني وابتداؤه من الاول، ولو رأت يوم العاشر فهو النفاس، ولو رأته والاول فالعشرة نفاس.

المقصد الرابع: في غسل الاموات

وهو فرض على الكفاية وكذا باقي أحكامه لكل ميت مسلم، عدا الخوارج والغلاة، ويغسل المخالف غسله.

ويجب عند الاحتضار توجيهه إلى القبلة على ظهره، بحيث لو جلس كان مستقبلا(١) .

ويستحب: التلقين بالشهادتين، والاقرار بالائمة عليهم السلام، وكلمات الفرج، ونقله إلى مصلاه، والتغميض، وإطباق فيه، ومد يديه، وتغطيته بثوب، والتعجيل إلا المشتبه.

ويكره: طرح الحديد على بطنه، وحضور الجنب والحائض عنده.

وأولى الناس بغسله أولاهم بميراثه، والزوج أولى في كل أحكام الميت، ويغسل كل من الرجل والمرأة مثله، ويجوز لكل من الزوجين تغسيل الاخر اختيارا، ويغسل الخنثى المشكل محارمه من وراء الثياب، ويغسل الاجنبي بنت ثلاث سنين مجردة، وكذا المرأة، وتأمر الاجنبية مع فقد المسلم وذات الرحم الكافر بالغسل ثم يغسل المسلم غسله، وكذا الاجنبي.

_______________________

(١) في(م): " إلى القبلة ".

١٤

ويجب: إزالة النجاسة أولا، ثم تغسيله بماء السدر كالجنابة، ثم بماء الكافور كذلك ثم بالقراح(١) كذلك، فإن فقد السدر والكافور غسل ثلاثا بالقراح، ولو خيف تناثر جسده(٢) يمم(٣) .

ويستحب: وضعه على ساجة(٤) ، مستقبل القبلة، تحت الظلال، ووقوف الغاسل على يمينه، وغمز بطنه في الاولتين(٥) إلا الحامل، والذكر، وصب الماء إلى حفيرة، وتليين أصابعه برفق، وغسل فرجه بالحرض(٦) والسدر، ورأسه بالرغوة(٧) أولا، وتكرار كل عضو ثلاثا، وأن يوضأ، وتنشيفه بثوب.

ويكره: إقعاده، وقص أظفاره(٨) ، وترجيل شعره.

فإذا(٩) فرغ من غسله وجب: أن يكفنه في ثلاثة أثواب: مئزر وقميص

_______________________

(١) المراد من الماء القراح هو: الماء الخالى من السدر والكافور، لامن كل شئ كما توهمه بعضهم - بناء على ما ذكره أهل اللغة من تفسير الماء القراح بالذى لا يشوبه شئ - حتى التجأ إلى أن الماء المشوب بالطين كماء السيل ونحوه لا يجوز تغسيل الميت به، لعدم تسميته قراحا لغة وان جاز التطهير به في غيره، وهو فاسد، لان الماء القراح هو الماء الخالى من السدر والكافور لا من كل شئ كما ذكره أهل اللغة.

انظر: روض الجنان: ٩٩، الصحاح ١ / ٣٩٦، القاموس ١ / ٢٥١.

(٢) في(س) و(م): " جلده ".

(٣) في(س): تيمم ".

(٤) هى: لوح من الخشب المخصوص، انظر: مجمع البحرين ٢ / ٣١١ سوج.

(٥) في(س): " الاولين " وفى(م): " الاوليين ".

(٦) الحرض والحرض: الاشنان تغسل به الايدى على أثر الطعام، انظر: الصحاح ٣ / ١٠٧٠ حرض، لسان العرب ٧ / ١٣٥ حرض.

(٧) أى: رغوة السدر.

(٨) في(م): " أظافره ".

(٩) في(س): " واذا ".

١٥

وإزار بغير الحرير، وأن يمسح مساجده بالكافور بأقله إلا المحرم ويدفن بغير كافور(١) لو تعذر(٢) .

ويستحب: أن يكون ثلاثة عشر درهما وثلثا، واغتسال الغاسل قبل التكفين أوالوضوء، وزيادة حبرة(٣) غير مطرزة بالذهب للرجل وخرقة لفخذيه، ويعمم بعمامة محنكا، وتزاد المرأة(٤) لفافة اخرى لثدييها ونمطا(٥) وقناعا عوض العمامة، والذريرة(٦) ، والجريدتان من النخل وإلا فمن السدر، وإلا فمن الخلاف(٧) وإلا فمن شجر رطب وكتبة اسمه، وأنه يشهد الشهادتين، والاقرار بالائمة عليهم السلام على اللفافة والقميض والازار والجريدتين بالتربة، وسحق الكافور باليد، وجعل فاضله على صدره، وخياطة الكفن بخيوطه، والتكفين بالقطن.

ويكره: الكتان، والاكمام المبتدأة(٨) ، والكتبة بالسواد، وجعل كافور(٩)

_______________________

(١) في(م): " الكافور ".

(٢) لفظ " لو تعذر " لم يرد في(س).

فبناء على وروده كما في(الاصل) و(م) ومجمع الفائدة والبرهان، وذخيرة المعاد: ٨٧ يكون قوله: " الا المحرم " جملة معترضة، وما بعده مرتبط بما قبله.وبناء على عدم وروده كما في(س) وروض الجنان: ١٠٤ يكون قوله: " ويدفن بغير كافور " حكم المحرم.لكن الاول هو الاولى، لانه حينئذ فرع يحتوى على حكم حال التعذر، وبناه على الثانى ينقص فرع من الكتاب هذا موضعه، لانه لو كان متعلقا بالمحرم لعطف بالفاء لاالواو.

(٣) الحبرة: ضرب من برود اليمن، انظر: العين ٣ / ٢١٨ حبر.

(٤) في(س) و(م): " للمرأة ".

(٥) النمط: ضرب من البسط، والجمع أنماط، انظر: الصحاح: ٣ / ١١٦٥، نمط، النهاية ٥ / ١١٩ نمط.

(٦) هو نوع من الطيب مجموع من أخلاط، انظر: النهاية ٢ / ٥٧ ذرر.

(٧) شجر الخلاف معروف، وموضعه المخلفة، انظر: الصحاح: ٤ / ١٣٥٧ خلف.

(٨) لفظ " المبتدأة " ساقط من(م).

(٩) في(س) و(م): " الكافور ".

١٦

في سمعه وبصره؟ وتجمير الاكفان(١) .

وكفن المرأة الواجب(٢) على زوجها وإن كانت موسرة، ويقدم الكفن من الاصل، ثم الدين، ثم الوصية من الثلث، والباقي ميراث، ويستحب للمسلمين بذل الكفن لو فقده(٣) .

ولو خرج منه نجاسة بعد التكفين غسلت من جسده وكفنه، ولو أصابت الكفن بعد وضعه في القبر قرضت.

ويجب أن يطرح معه في الكفن(٤) ما يسقط من جسمه وشعره(٥) .والشهيد يصلى عليه من غير غسل ولا كفن، بل يدفن بثيابه ن.

وصدر الميت كالميت في جميع أحكامه، وذات العظم والسقط لاربعة(أشهر)(٦) كذلك، إلا في الصلاة، والخالية تلف في خرقة وتدفن، وكذا السقط لاقل من أربعة(٧) .

ويؤمر من وجب قتله بالاغتسال أولا ثم يغسل(٨) .

ومن مس ميتا من الناس بعد برده بالموت وقبل تطهيره بالغسل، أو مس قطعة ذات عظم ابينت منه أو من حي وجب عليه الغسل، ولو خلت من عظم(٩) ، أو كان الميت من غير الناس غسل يده خاصة.

_______________________

(١) أى: تبخيرها وتدخينها، انظر: النهاية ١ / ٢٩٣ جمر، مجمع البحرين ٣ / ٤٤٩ جمر.

(٢) في(س): " واجب ".

(٣) في(س) و(م): " لو فقد ".

(٤) لفظ " في الكفن " ساقط من(م).

(٥) في(س): " من شعره وجسمه " وفى(م): " من شعره وجسده ".

(٦) زيادة من(م).

(٧) في(س): " الاربعة ".

(٨) في(س) و(م): " لا يغتسل ".

(٩) في(م): " العظم ".

١٧

النظر الرابع في أسباب التيمم وكيفيته

يجب التيمم لما تجب له الطهارتان، وإنما يجب: عند فقد الماء أو تعذر استعماله للمرض، أو البرد، أو الشين(١) ، أو خوف العطش، أو اللص، أو السبع(٢) ، أو ضياع المال، او عدم الالة، أو عدم الثمن.

ولو وجده(٣) وخاف الضرر بدفعه جاز التيمم، ولو وجده بثمن لايضره في الحال وجب الشراء وإن زاد عن ثمن المثل على إشكال، وكذا الاله(٤) .

ولو فقده(٥) وجب الطلب غلوة(٦) سهم في الحزنة(٧) من كل جانب، وسهمين في السهلة.

ولو وجد ماء(٨) لا يكفيه للطهارة تيمم، ولو وجد ما يكفيه لازالة النجاسة خاصة أزالها وتيمم.

ولا يصح إلا بالارض: كالتراب، وأرض النورة، والجص، وتراب القبر، والمستعمل(٩) .

_______________________

(١) في(س): " أو للبرد والشين " وفى(م): " أو البرد والشين ".

والشين: ما يحدث في ظاهر الجلد من الخشونة، يحصل به تشويه الخلقة، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٢٧٣ شين.

(٢) في(س): " والسبع ".

(٣) أى: الثمن.

(٤) أى: الماء.

(٥) أى: الماء.

(٦) الغلوة: الغاية مقدار رمية، انظر: الصحاح ٦ / ٢٤٤٨ غلا.

(٧) الحزن ما غلظ من الارض، انظر: الصحاح ٥ / ٢٠٩٨ حزن.

(٨) قال الشهيد الثانى: " بالتنوين، ويجوز كونه نكرة موصوفة، أى: وجد من الماء شيئا " روض الجنان: ١١٩، وفى(٣): " مالايكفيه ".

(٩) المراد به: الممسوح به، أو المتساقط عن محل الضرب بنفسه أو بالنفض، لا المضروب عليه اجماعا، بل هو كالماء المغترف منه، انظر: روض الجنان: ١٢٠.

١٨

ولا يصح: بالمعادن، والرماد، والاشنان(١) ، والدقيق، والمغضوب، والنجس.

ويجوز بالوحل مع عدم التراب وبالحجر معه، ويكره بالسبخة(٢) والرمل.

ولو فقده(٣) تيمم بغبار ثوبه، ولبد سرجه، وعرف دابته.

والاولى تأخيره إلى آخر وقت الصلاة(إلا لعارض لا يرجى زواله)(٤) .

ويجب فيه: النية للفعل لوجوبه أو ندبه متقربا ولا يجوز رفع الحدث، ويجوز الاستباحة مستدامة الحكم ثم يضرب يديه على التراب(ثم)(٥) يمسح بهما جبهته من القصاص إلى طرف الانف الاعلى، ثم يمسح ظهر كفه اليمنى من الزند إلى أطراف الاصابع ببطن اليسرى، ثم ظهر اليسرى ببطن اليمنى.

وإن كان التيمم بدلا من الغسل ضرب للوجه ضربة، ولليدين اخرى.

ويجب الترتيب والاستيعاب، ولا يشترط فيه ولا في الوضوء طهارة غير محل الفرض من العينية.

ولو أخل بالطلب ثم وجد الماء مع أصحابه أو في رحله أعاد، ولو عدم الماء والتراب(٦) سقطت أداء وقضاء.

وينقضه كل نواقض الطهارة، ويزيد وجود الماء مع تمكنه من استعماله، فإن وجده(٧) قبل دخوله تطهر، وإن وجده وقد تلبس بالتكبيرة(٨) أتم.

_______________________

(١) الاشنان: معروف، الذى يغسل به الايدى، انظر: العين ٦ / ٢٨٨ شن.

(٢) السبخة بالفتح واحدة السباخ، وهى: أرض مالحة يعلوها الملوحة، ولاتكاد تنبت الا بعض الاشجار، انظر: مجمع البحرين ٢ / ٤٣٣ سبخ.

(٣) قال الشهيد الثانى: " أى جميع ماتقدم، ولايجوز عود الضمير إلى التراب، لانه اخص مما يجوز عليه التيمم، والارض مونثة سماعية لا يحسن عود الضمير اليها " روض الجنان: ١٢١.

(٤) زيادة من(م).

(٥) زيادة من(س) و(م).

(٦) في(س): " التراب والماء ".

(٧) في(س): " وجد ".

(٨) في(س) و(م): " باتكبير ".

١٩

ويستباح به كل ما يستباح بالمائية، ولا يعيد ما صلى به.

ويخص الجنب بالماء المباح أو المبذول(١) ، ويتيمم المحدث والميت(٢) .

ولو أحدث المجنب المتيمم أعاد بدلا من الغسل وإن كان أصغر.

ويجوز التيمم مع وجود الماء للجنازة، ولا يدخل به في غيرها.

النظر الخامس فيما به تحصل الطهارة(٣)

أما الترابية فقد بيناها، وأما المائية فبالماء المطلق لا غير، وكذا إزالة النجاسة.

والمطلقة: ما يصدق عليه إطلاق الاسم من غير قيد، والمضاف بخلافه، وهما في الاصل طاهران، فإن لاقتهما نجاسة فأقسامهما أربعة(٤) : الاول: المضاف كالمعتصر من الاجسام كماء الورد، والممتزج بها مزجا يسلبه(٥) الاطلاق كالمرق، وهو ينجس بكل ما يقع فيه من النجاسة، قليلا كان أو كثيرا.

الثاني: الجاري من المطلق، ولا ينجس إلا بتغير لونه أو طعمه أو ريحه بالنجاسة، فإن تغير نجس المتغير خاصة، ويطهر بتدافع الماء الطاهر عليه حتى يزول التغير.

_______________________

(١) في(س) و(م): " والمبذول ".

(٢) أى: لو اجتمع جنب وميت ومحدث بالاصفر، ومعهم من الماء قدر ما يكفى أحدهم، يخص الجنب بالماء المباح أو المبذول، ويتيمم المحدث والميت.

(٣) في(س): " فيما تحصل به الطهارة ".

(٤) قال الشهيد الثانى: " ونسبة الاقسام اليهما - مع أن المنقسم انما هو أحدهما - جائز، باعتبار كون غير المنقسم أحد الاقسام، أو لكون المنقسم هو المجموع من حيث هو مجموع " روض الجنان: ١٣٣.

(٥) في(س): " يسلب ".

٢٠

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

المحتسب كالمجاهد مع الإمام منقذ العالم(1) ، وأنَّ المنتظر المخلص في ولائه من أهل الجنَّة(2) ، وأنَّ الإيمان في دولة الباطل أفضل منهُ في دولة الحقّ.(3)

د : وفي قوله تعالى:( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُ‌وا وَصَابِرُ‌وا وَرَ‌ابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّـهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) (4) . وجوب الثبات على الاعتقاد بإمامة المهدي عليه السلام وانتظاره وتوقّع ظهوره، فقد ورد عن الإمام الباقر عليه السلام:(اصبروا على أداء الفرائض، وصابروا عدوكم، ورابطوا إمامكم المنتظر) (5) .

2: في العهدين

«أشعيا» يبشّر الجميع بالقائم المنقذ:

في جانب آخر من (سفر اشعيا -ع -) نجد اشارات صريحة بظهور مُنقذ العالم وكيفية حكمه وارتباطه بالله تعالى، التي لها دلالات لما ورد عن الرسول(ص) والائمة (ع) وعموم المسلمين بخصوص الامام المهدي (عج )، وقد جاءت الاشارة الى الامام (عج ) بأحد القابه المهمّة وهو «القائم »:

(10 وفي ذلك اليوم سَيرفَعُ « القائمُ » رايةً للشعوب والامم التي تَطلبُهُ وتَنتظرُهُ ويكونُ محلُّهُ مَجداً).(6)

____________________

(1) انظر: مجمع البيان ج 9 ص 238. الكافي، ج 2ص 21. المحاسن، ص 173.

(2) انظر: الكافي ج 8 ص 76. البحا ج46 ص 361.

(3) انظر: الكافي، ج1 ص 333. الإختصاص، ص20. كمال الدين، ج2 ص 645.

(4) سورة آل عمران: آية 200.

(5) انظر: معجم أحاديث الإمام المهدي (ع)، ج 5، ص 66-67. الزام الناصب: ج 1 ص53.

(6) سفر أشعيا 11: 10:ألأصل العبرى،العهد القديم، ص625. وسنقف على ترك كلمة (يسَّى) دون ترجمة على التوالي.(أهل البيت فى الكتاب المقدس)، ص 123 - 127.

١٦١

وكما هو واضح فانّ هذه الفقرة باطلاقها تؤكّدعلى: أنّ كلّ الشعوب والامم تطلبه وتنتظره قبل مجيئه،وليس قسماً من هذه الشعوب والأمم، وهذا يدلّ على معرفة هذه الشعوب والامم بهذا الرجل الالهيّ المقدس، فهي تعرفه بكلّ أبعاد المعرفة: معرفة فطريّة ومعرفة عقلية ومعرفة سماويّة.

حيث زرع الله عزّ وجلّ في فطرتهم معرفة خليفته الأعظم المدّخر، وأوحى اليهم ذلك عبرَ مختلف العصور، وأدركوا ذلك أيضاً بعقولهم من خلال الأدلّة الهائلة التي لاتحدّ ولاتحصى:

ومنها انّ الخالق القادر الحكيم الذي أتقن صنع كلّ شيء في الوجود بدءً بالفيروس الصغير الذي لايُرى بالعين المجرّدة وانتهاءً بأعظم مجرّةٍٍ تمّ أكتشافها لحدّ الآن؛ فمن دواعي حكمته وربوبيّته أن يُمضي حكمَهُ في الأرض، ويُرينا عدلَهُ وقسطَهُ بواسطة ممثّله الشرعي الدّال عليه والحاكم بأسمه، ولايترك الدنيا هكذا على علاّتها، والشعوبَ لقمةً سائغةً لازال يمضغها بفكّيه فرعون وهامان وجنودهما وبقوانين وضعيّة قد تبرّأَ منها كلّ شريف.

فهذه الشعوب والأمم: تطلبُهُ ناصراً ومعيناً ومغيثاً ومنقذاً لما أصابها من حيفٍٍ وظلم على مدى تعاقب العصور!.

وهي تنتظرُهُ: إنتظارَ الحبيب لحبيبه، انتظاراً فيه الأملُ والرجاءُ، كشوق الأرض الجدباء لقطر السماء؛ وتحنّ اليه حنيناً منقطع النظير.

وبعدما بيّنت الفقرة العاشرة انتظار الشعوب والأمم وطلبهم للقائم، ذكرت نتيجة هذا الطلب والانتظار المقدّس عندما يحلّ بينهم حيث قالت: ( ويكونُ محلهُ مجداً): أي يكون وجودُهُ بين شعوب الأرض وأممها مفخرةً

١٦٢

كبرى، وبركةً ونعمةً، وأرتقاءً بمستوى الانسانيّة الى أعلى ذُرى المجد والعزّة والكرامة ومباركة الربّ جلّ وعلا.

وبسبب أهميّة هذا النصّ وهذه الفقرة منه خاصّة فقد عمد (أعداء الحقّ والصّدق) الى طمس الحقيقة الالهية الدامغة وتشويشها لقلب معناها أو لصرفه عن الأذهان قدَرَ الامكان وقد نجحوا في ذلك الى أمد غير بعيد. ولإماطَة اللّثام عن هذه المحاولة البائسة وكشفها، نشير الى أمرين:

الأول: إنّ اللفظة المخصوصة (يسّسي) (1) التي وردت في الفقرة(10) من النصّ العبري، تعني: (سيرفع)، وقد جاءت بصيغة الاستقبال لدخول حرف (الياء) عليها(2) . والماضي منه (ناسا) بمعنى: (رفع)(3) ، ومترجم (العهد القديم) في النسخة العربيّة(4) لم يترجم لفظة (يسّسي) العبريّة والتي تعني: (سيرفع)، بل أبقاها على حالها من غير ترجمة الى اللّغة العربيّة محاولةً منه لبس المعنى واثارة الغموض حول مفهوم - القائم - (عج).

____________________

(1) (اهل البيت (ع ) في الكتاب المقدس ) ص 127-128، عن سفر أشعيا 11: 10، ص 1005، النسخة العربية. وجاءت في المصادر كلمة (يسَّي) بسينٍ واحدةٍ مشدَّدةٍ ومفتوحةٍ، ولعلّ صاحب (أهل البيت في الكتاب المقدس) أثبتها بسينيين للتوضيح فأُضيفت الشدَّة إشتباهاً.

(2) قواعد اللغة العربية، ص98.

(3) المعجم الحديث، عبري - عربي، ص 315.

(4) العهد القديم، سفر إشعياء، الإصحاح 11، الفقرة، 10، الكتاب المقدّس باللغة العربية، مصر: فقد أردف كلمة (يسّي) بالقائم، فقال: يسّي القائم...الخ.

١٦٣

وأمّا الأمر الثاني: انّ لفظة (عوميد) جاءت (كاسم فاعل)(1) وتعني (القائم)(2) ...الخ.(3)

وأما ما جاء في الكتاب المقدس، طبعة أُولى، بيروت،دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، العهد القديم، الإصدار الثاني 1995، في سفر إشعيا 11: (1 و 10) فهو من الروعة بمكان، ويستحقُّ التأمُّل، وهو كالآتي:

(1 يخرُجُ فرعٌ من جذع يَسَّى(4) وينمو غُصنٌ من أُصوله).ثمّ يبيّن عبر ثمانية فقرات صفات ومؤهلات وخيرات هذا الموعود المبارك، ويخلص في القول الى:

____________________

(1) قواعد اللغة العربية، ص38.

(2) (اهل البيت (ع ) في الكتاب المقدس ) ص 127-128 بتصرّف.

(3) المعجم الحديث: 349.

(4) يسّي: هو والدُ داود (ع)، وقد بشّرت التوراة بأن المنقذ ومخلص العالم هو من نسل داود(ع) حيناً، وحينأً آخر من نسل يوسف (ع)... الخ، غير ان مفسري التوراة يصرون على القول أنَّ هذه الشخصيات تمثّلُ المسيح (ع)...، فهل الحقّ كذلك؟ لكن لو رجعنا على سبيل التمثيل لا الحصر: الى المزمور 72، في الكتاب المقدّس، مصر: حيث جاء فيه:

(1 اللهم اعط احكامك للملك و برك لابن الملك* 2 يدين شعبك بالعدل و مساكينك بالحق* 3 تحمل الجبال سلاما للشعب و الاكام بالبر* 4 يقضي لمساكين الشعب يخلص بني البائسين و يسحق الظالم* 5 يخشونك ما دامت الشمس و قدام القمر الى دور فدور* 6 ينزل مثل المطر على الجزاز و مثل الغيوث الذارفة على الارض* 7 يشرق في ايامه الصديق و كثرة السلام الى ان يضمحل القمر* 8 و يملك من البحر الى البحر و من النهر الى اقاصي الارض* =

١٦٤

(في ذلك اليوم يرتفعُ أصلُ يسَّى رايةً للشعوب. تطلُبُهُ الأُمم ويكونُ موطنهُ مجيداً، 11 وفي ذلك اليوم يعودُ الربُّ فيمُدُّ يدَهُ لافتداء بَقيَّة شعبه في أشُّورَ ومصرَ وفتروسَ وكوشَ وعيلامَ وشنعارَ وحماةَ وفي جُزُر البحر، 12 ويرفعُ الربُّ رايةً في الأُمم...).(1)

وهنا سؤالٌ يطرحُ نفسهُ وهو:

____________________

= 9 امامه تجثو اهل البرية و اعداؤه يلحسون التراب* 10 ملوك ترشيش و الجزائر يرسلون تقدمة ملوك شبا و سبا يقدمون هدية* 11 و يسجد له كل الملوك كل الامم تتعبد له* 12 لانه ينجي الفقير المستغيث و المسكين اذ لا معين له* 13 يشفق على المسكين و البائس و يخلص انفس الفقراء* 14 من الظلم و الخطف يفدي انفسهم و يكرم دمهم في عينيه* 15 و يعيش و يعطيه من ذهب شبا و يصلي لاجله دائما اليوم كله يباركه* 16 تكون حفنة بر في الارض في رؤوس الجبال تتمايل مثل لبنان ثمرتها و يزهرون من المدينة مثل عشب الارض* 17 يكون اسمه الى الدهر قدام الشمس يمتد اسمه و يتباركون به كل امم الارض يطوبونه* 18 مبارك الرب الله اله اسرائيل الصانع العجائب وحده* 19 و مبارك اسم مجده الى الدهر و لتمتلئ الارض كلها من مجده امين ثم امين تمت صلوات داود بن يسى*).مع ملاحظة الإختلاف في ألفاظ الترجمة (وكلا المعنيين واحد) في: الكتاب المقدس، طبعة أُولى، بيروت،دار الكتاب المقدس في الشرق الأوسط، العهد القديم، الإصدار الثاني 1995م،ص 787، المزمور 72. ونضيرُ هذا كثير.

فهل يمكن أن يكون هذا المسيح (ع) وهو لم يقم بشيءٍ من هذا؟ انظر: المهدي المنتظر بين الدين والفكر البشري، ص 57 وما بعدها، تحت عنوان: المخلّص في التوراة.

(1) الكتاب المقدس، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، العهد القديم، ص 924، سفر إشعيا 11: (1،10، 11، 12).

١٦٥

من هو القضيب المبارك الذي يخرجُ في آخر الزمان كمنقذٍ لكلّ الشعوب والأُمم وهو من ذريّة الأنبياء (عليهم السلام)، ومن جذع (يَسَّى) كما في هذا النصّ وغيره في الكتاب المقدّس، وتارةً في نصوص أُخر قال إنَّه من نسل يوسف (ع)(1) ، و(يَسَّى) هذا، هل هُوَ (يس) في قوله تعالى:

( يس ﴿1﴾ وَالْقُرْ‌آنِ الْحَكِيمِ ﴿2﴾ إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْ‌سَلِينَ ) (2) ؟

و(ياسين) (3) في قوله تعالى:( سَلَامٌ عَلَىٰ إِلْ يَاسِينَ ) (4) ؟

وفي إنجيل برنابا سُمّيَ بـ (مسّيا)؟.(5)

ولو أنا تمعنّا في سفر إشعياء النبيّ (ع)(6) ، الإصحاح 65: 11 - 25، وقارنّاها مع:

____________________

(1) وفي نصوص أُخرى، أنه من نسل يوسف (ع)، انظر: المهدي المنتظر بين الدين والفكر البشري، ص 57.

(2) سورةُ يس: 1- 3.

(3) أحدُ أسماء النبيّ محمد (ص) وقد وردَ في القرآن.

(4) انظر: المسيح الموعود والمهدي النتظر، ص48، وما بعدها.

(5) وشرحُهُ في انجيل برنابا، في الفصل الثامن والثمانون: 15-18، برنابا: من تلاميذ المسيح (ع)، ونسخة الإنجيل المنسوبة اليه، ترجمها العلامة المسيحي اللبناني الدكتور خليل سعادة من الإنكليزية الى العربية، وهي من خزائن الفاتيكان باللغة الإيطالية.

(6) انظر: العهد القديم، سفر إشعياء، الإصحاح 65، الفقرة: 11-25، الكتاب المقدّس باللغة العربية 73 سفراً، مصر. فقد جاءت كما يلي:(11 اما انتم الذين تركوا الرب و نسوا جبل قدسي و رتبوا للسعد الاكبر مائدة و ملاوا للسعد الاصغر خمرا ممزوجة* 12 فاني اعينكم للسيف و تجثون كلكم للذبح لاني دعوت فلم تجيبوا تكلمت فلم تسمعوا بل عملتم =

١٦٦

الآيات المباركة 4 - 8 من سورة الإسراء(1) ، لخلصنا الى نتيجةٍ مهمّةٍ كما أثبتها العلاّمة محمد الصادقي في كتابه (الإسلام في الكتب السماوية)

____________________

= الشر في عيني و اخترتم ما لم اسر به* 13 لذلك هكذا قال السيد الرب هوذا عبيدي ياكلون و انتم تجوعون هوذا عبيدي يشربون و انتم تعطشون هوذا عبيدي يفرحون و انتم تخزون* 14 هوذا عبيدي يترنمون من طيبة القلب و انتم تصرخون من كابة القلب و من انكسار الروح تولولون* 15 و تخلفون اسمكم لعنة لمختاري فيميتك السيد الرب و يسمي عبيده اسما اخر* 16 فالذي يتبرك في الارض يتبرك باله الحق و الذي يحلف في الارض يحلف باله الحق لان الضيقات الاولى قد نسيت و لانها استترت عن عيني* 17 لاني هانذا خالق سماوات جديدة و ارضا جديدة فلا تذكر الاولى و لا تخطر على بال* 18 بل افرحوا و ابتهجوا الى الابد في ما انا خالق لاني هانذا خالق اورشليم بهجة و شعبها فرحا* 19 فابتهج باورشليم و افرح بشعبي و لا يسمع بعد فيها صوت بكاء و لا صوت صراخ* 20 لا يكون بعد هناك طفل ايام و لا شيخ لم يكمل ايامه لان الصبي يموت ابن مئة سنة و الخاطئ يلعن ابن مئة سنة* 21 و يبنون بيوتا و يسكنون فيها و يغرسون كروما و ياكلون اثمارها* 22 لا يبنون و اخر يسكن و لا يغرسون و اخر ياكل لانه كايام شجرة ايام شعبي و يستعمل مختاري عمل ايديهم* 23 لا يتعبون باطلا و لا يلدون للرعب لانهم نسل مباركي الرب و ذريتهم معهم* 24 و يكون اني قبلما يدعون انا اجيب و فيما هم يتكلمون بعد انا اسمع* 25 الذئب و الحمل يرعيان معا و الاسد ياكل التبن كالبقر اما الحية فالتراب طعامها لا يؤذون و لا يهلكون في كل جبل قدسي قال الرب). وللوقوف على النص بجماله وروعته، انظر: سفر أشعيا 65: 11-25،العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 990. والفرقُ في الترجمة واضحٌ!

(1) سورة الإسراء: الآيات، 4-10:( وَقَضَيْنَا إِلَىٰ بَنِي إِسْرَ‌ائِيلَ فِي الْكِتَابِ لَتُفْسِدُنَّ فِي الْأَرْ‌ضِ مَرَّ‌تَيْنِ وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيرً‌ا ﴿4﴾ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَّنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ‌ وَكَانَ وَعْدًا مَّفْعُولًا ﴿5﴾ ثُمَّ رَ‌دَدْنَا لَكُمُ الْكَرَّ‌ةَ عَلَيْهِمْ وَأَمْدَدْنَاكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ‌ نَفِيرً‌ا ﴿6﴾ إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ وَإِنْ =

١٦٧

مفسّراً أقوال إشعياء اللنبيّ (ع) الآنفة الذكر على الشكل التالي: هذه الآياتُ البيّناتُ تُبشّرُ عن زمنٍ منيرٍ تبدَّلت شريعة إسرائيل الى أُخرى، وكذلك خيرةُ الله عن إسرائيل لمختارين آخرين، فلا اسمَ إلاّ اسم القائد الديني ألأخير.(1)

مضافاً الى ذلكَ أنَّ العهد الجديد يذكرُ الى جانب المسيح شخصيةً أُخرى وهي شخصية الأمين الصادق، فقد ورد في سفر رؤيا يوحنا اللاهوتي:

(ثم رأيتُ السماء مفتوحة وإذا فرس أبيض والجالس عليه يُدعى أميناً وصادقاً بالعدل يحكم ويحار، وعيناهُ كليب نارٍ، وعلى رأسه تيجانٌ كثيرةٌ ولهُ اسمٌ مكتوبُ ليسَ أحدٌ يعرفهُ إلاّ هو(2) ، وهو متسربلٌ بثوبٍ مغموس بدمٍ ويدعى أسمهُ كلمةُ الله، والأجناد الذين في السماء كانوا يتبعونهُ على خيلٍ بيضٍ لابسينَ بزاً أبيض ونقيّاً).(3)

____________________

=أَسَأْتُمْ فَلَهَا فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَ‌ةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّ‌ةٍ وَلِيُتَبِّرُ‌وا مَا عَلَوْا تَتْبِيرً‌ا ﴿7﴾ عَسَىٰ رَ‌بُّكُمْ أَن يَرْ‌حَمَكُمْ وَإِنْ عُدتُّمْ عُدْنَا وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِ‌ينَ حَصِيرً‌ا ﴿8﴾ إِنَّ هَـٰذَا الْقُرْ‌آنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ‌ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرً‌ا كَبِيرً‌ا ﴿9﴾ وَأَنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَ‌ةِ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ) . ومفاد هذه الآيات المباركة في: الصحيح من سيرة النبى الأعظم (ص): ج3 ص35-36.

(1) انظر: الإسلام في الكتب السماوية، ص 237-238.المسيح الموعود والمهدي النتظر، ص53 وما بعدها.

(2) هذا الاسم: هل هو اسمُ الله الأعظم؟، والذي يحمله هل هو صاحبُ الخلافة ألأسمائية (الخلافة والإمامة التي قال بها القرآن الكريم) عند أهل الله... الخ، للمزيد: دروس السيد كمال الحيدري، شرح فصوص الحكم للقيصري، ص56 وما قبلها وما بعدها.

(3) العهد الجديد، سفر الرؤيا (رؤيا يوحنا اللاهوتي)، الإصحاح 19، الفقرة 11، الكتاب المقدّس باللغة العربية 73 سفراً، مصر.

١٦٨

فمن هو الصادقُ الأمين الراكب على الفرس الأبيض؟، هل هو يسوع المسيح؟، إنّ الكلامَ عن المسيح يسبقُ هذا المقطع، ثم إنَّ يسوع (ع) يُسمّى أحياناً باسمه وأحياناً بابن الإنسان، فيبقى أن يكون النبيُّ محمد (ص) أو المهدي(ع).

ولما كانت الآثار الإسلامية لاتتحدَّث عن قدوم للرسول (ص) وبهذا الشكل، لاعندما جاء أولاً ولا في آخر الزمان، فيبقى أنهُ المهدي (ع) لتطابق هذه الأوصاف مع بعض مايرد في المصادر الإسلامية.(1)

ثانياً: الضيقُ والحرجُ والعسرُ وتضرُّر المؤمنين

1: في القرآن الكريم والروايات الشريفة

ويكون كلُّ ذلك قبيل الظهور المبارك ويعمُّ جميعَ الموحدين في العالم(2) ، بسبب تسلّط مؤسسات الكفر والجور والظلم العالمية، وطول مدّة الإنتظار المؤلم لمنقذ العالم التي يملُّهاُ الكثيرون بسبب ضعف إيمانهم ووهن عقيدتهم. ولكنَّ الله سبحانه وتعالى تكفَّلَ بلطفهِ وكرمه بتسديد المؤمنين وتثبيتهم على على طريق الحقّ الذي رسمهُ لهم، وذلك في قوله تبارك وتعالى:( يُثَبِّتُ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَ‌ةِ وَيُضِلُّ اللَّـهُ الظَّالِمِينَ وَيَفْعَلُ اللَّـهُ مَا يَشَاءُ ) (3) .

____________________

(1) المهدي المنتظر بين الدين والفكر البشري، ص 61-62، بإيجاز وتصرّثف.

(2) انظر: المهدي المنتظر بين الدين والفكر البشري، ص 141-143.

(3) سورة ابراهيم: آية 27.

١٦٩

فقد جاء في كمال الدين وتمام النعمة: قال حمّاد بن زياد: سألت موسى بن جعفر: يابن رسول الله! أويكون في الائمة من يغيب؟ قال: نعم، يغيب عن ابصار الناس شخصه، ولا يغيب عن قلوب المؤمنين ذكره، وهو الثاني عشر، يسهّل الله له كل عسير... الى ان يقول (عليه السلام):«وله غيبةٌ يطول أمدها خوفاً على نفسه، يرتدُّ فيها أقوام ويثبت آخرون،فطوبى لشيعتنا المتمسكين بحبلنا في غيبة قائمنا، الثابتين على موالاتنا والبرائة من اعدائنا، أولئك منا و نحن منهم، فقد رضوا بنا أئمة ورضينا بهم شيعة، فطوبى لهم ثم طوبى لهم، هم والله معنا في درجتنا» (1) .

أقول: ومن اكبر الامتحانات غبيبة الحجة، ليميز الخببيث من الطيّب، والمؤمن من المنافق، والمخلص من المرتاب، فعلى هذا لا يظهر حتى يتميّزوا كما في الخبر:(لا والله لا يأتيكم إلاّ بعد اليأس، ولا والله لا يأتيكم حتى تتميّزوا ولا والله لا يأتيكم حتى تمحّصوا، ولا والله لا يأتيكم حتى يشقى من شقي ويسعد من سعد.) (2) وقوله:(لايأتيكم إلاّ بعد اليأس ) ، يعني بعد أن ينتظره المنتظر حتى ييأس...(3) .

وفي هذه الايام، فان الامتحان يعسرُ شيئاً فشيئاً، وتضيق الحلقة على المؤمنين والموحدين في كل الدنيا، جرّاءَ الهجمة الشرسة لاقطاب الاستكبار والكفر العالمي، وما زالوا يحشّدونَ العُدَّةِ والعدد، ويرصّونَ

____________________

(1) كمال الدين وتمام النعمة، ص 368. كفاية الأثر، ص27. بحار الأنوار، ج 51 ص 150.

(2) غيبة النعماني، ص208-209. الكافي، ج 1، ص 330 و 331.

(3) نور الأبصار: ص350ـ 354.

١٧٠

الصفوفَ، ويبذلون الأموال الطائلة، ويخطِّطونَ ليلَ نهار، لإحكام القبضةِ على العالم كما يزعمون، لذا فانّ الاختبارات القادمة والفتن الآتية ستكون أشدّ وطئةً واقوى من سابقتها، وستكون النجاة لمن إتّقى، وتمسّك بالعروة الوثقى وحبلَ الله المتين، وسيكون المدُّ والتسديد الإلهي بأروع صوره.

2: في العهدين

في سفر إشعياء (ع): أنَّ المؤمنين يتضرَّرون قبل مجيء يوم الله الأعظم، ويكونون جرّاء الضيق والشدَّة كالمرأة الحامل التي تتلوّى من ألم المخاض:

(16 يا رب في الضيق طلبوك سكبوا مخافتة عند تاديبك اياهم* 17 كما ان الحبلى التي تقارب الولادة تتلوى و تصرخ في مخاضها هكذا كنا قدامك يا رب* 18 حبلنا تلوينا كاننا ولدنا ريحا لم نصنع خلاصاً في الارض...

20 هلم يا شعبي ادخل مخادعك و اغلق ابوابك خلفك اختبئ نحو لحيظة حتى يعبر الغضب* 21 لانه هُوَ ذا الرب يخرج من مكانه ليعاقب إثمَسُكان الارض فيهم فتكشف الارض دماءها و لا تغطي قتلاها في ما بعد*).(1)

____________________

(1) العهد القديم، سفر إشعياء، الإصحاح 26، الفقرات 2-18 و 20-21، الكتاب المقدّس باللغة العربية 73 سفراً، مصر. سفر أشعيا 26: 2-18 و 20-21،العهد القديم، جمعية الكتاب المقدس في لبنان، الكتاب المقدس، ص 938-939.

١٧١

١٧٢

المبحث الثاني: أوصافُ القائم المنقذ

لقد أثنى الله تباركَ وتعالى على وليِّهِ وخليفتهِ (منقذ العالم) وذكرهُ بأسماءٍ وصفاتٍ ونعوتٍ تبيِّنُ مقامَهُ ومَنزلتهُ عندَ ربِّهِ عزَّ وجلَّ، وتحكي تلكَ المهمَّة العظمى الملقات على عاتقهِ (عليه الصلاةُ والسلام) والمدَّخر أساساً لأجلها، وجاء ذلكَ في الكتب السماوية المقدَّسة وصحف الأنبياء والروايات الشريفة المباركة على حدٍّ سواء، وبلغَ ذلكَ من الكثرة والسعةِ مالا نستطيع الوقوف عليهِ هنا ولكن نذكرُ شيئاً منها على نحو الإختصارِ والإجمال، حيث نبدأُ اولاً: بأوصافهِ في القرآن والروايات، وثانياً: بأوصافهِ في العهدين.

اولاً: أوصاف القائم المقذ في القرآن والروايات

1: أنه الكوكب الدري:

في قوله تعالى:( اللَّـهُ نُورُ‌ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ مَثَلُ نُورِ‌هِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّ‌يٌّ يُوقَدُ مِن شَجَرَ‌ةٍ مُّبَارَ‌كَةٍ زَيْتُونَةٍ لَّا شَرْ‌قِيَّةٍ وَلَا غَرْ‌بِيَّةٍ يَكَادُ زَيْتُهَا يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نَارٌ‌ نُّورٌ‌ عَلَىٰ نُورٍ‌ يَهْدِي اللَّـهُ لِنُورِ‌هِ مَن يَشَاءُ وَيَضْرِ‌بُ اللَّـهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّـهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) (1) .

أن المهدي عليه السلام هو الكوكب الدري في الآية. فعن (أمير المؤمنين عليه السلام):

____________________

(1) سورة النور: آية 35.

١٧٣

النور: القرآن، والنور اسم من أسماء الله تعالى، والنور النورية، والنور ضوء القمر، والنور ضوء المؤمن وهو الموالاة التي يلبس لها نورا يوم القيامة والنور في مواضع من التوراة والإنجيل والقرآن حجة الله على عباده، وهو المعصوم... فقال تعالى:( وَاتَّبَعُوا النُّورَ‌ الَّذِي أُنزِلَ مَعَهُ أُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ) فالنور في هذا الموضع هو القرآن، ومثله في سورة التغابن قوله تعالى:( فَآمِنُوا بِاللَّـهِ وَرَ‌سُولِهِ وَالنُّورِ‌ الَّذِي أَنزَلْنَا ) يعني سبحانه القرآن وجميع الأوصياء المعصومين، من حملة كتاب الله تعالى، وخزانه، وتراجمته، الذين نعتهم الله في كتابه فقال:( وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّـهُ وَالرَّ‌اسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَ‌بِّنَا ) فهم المنعوتون الذين أنار الله بهم البلاد، وهدى بهم العباد، قال الله تعالى في سورة النور:( اللَّـهُ نُورُ‌ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ مَثَلُ نُورِ‌هِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ الْمِصْبَاحُ فِي زُجَاجَةٍ الزُّجَاجَةُ كَأَنَّهَا كَوْكَبٌ دُرِّ‌يٌّ ) إلى آخر الآية، فالمشكاة رسول الله صلى الله عليه وآله والمصباح الوصي، والأوصياء عليهم السلام والزجاجة فاطمة، والشجرة المباركة رسول الله صلى الله عليه وآله والكوكب الدري القائم المنتظر عليه السلام الذي يملأ الأرض عدلا).(1)

____________________

(1) المحكم والمتشابه، ص 112، عن تفسير النعماني.وعنه البحار، ج 93 ص 3. معجم أحاديث الإمام المهدي (ع)، ج 5، ص 274-275. بحار الأنوار، ج90 ص 21.

١٧٤

2: أنَّهُ القوَّة وأصحابهُ الركن الشديد:

في قوله تعالى:( قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَىٰ رُ‌كْنٍ شَدِيدٍ ) (1) .

- (عن الإمام الصادق (ع) في قوله الله: قالَ لو أنَّ لي بكم قوَّةً أو آوي الى ركنٍ شديد: قال قوَّة القائم والركن الشديد: الثلاث مئة وثلاثة عشر أصحابه).(2)

3: أنَّهُ بقيَّةُ الله:

في قوله تعالى:( بَقِيَّتُ اللَّـهِ خَيْرٌ‌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) (3) .

روى محمد بن يحيى، عن جعفر بن محمد قال: حدثني إسحاق بن إبراهيم الدينوري عن عمر بن زاهر، عن أبي عبد الله عليه السلام قال: سأله رجل عن القائم يسلم عليه بإمرة المؤمنين؟ قال: لا ذاك اسم سمى الله به أمير المؤمنين عليه السلام، لم يسم به أحد قبله ولا يتسمى به بعده إلا كافر، قلت جعلت فداك كيف يسلم عليه؟ قال: يقولون: السلام عليك يا بقية الله، ثم قرأ:( بَقِيَّتُ اللَّـهِ خَيْرٌ‌ لَّكُمْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ) (4) .

____________________

(1) سورة هود: آية 80.

(2) تفسير العياشي، ج2 ص 156. تفسير القمي، ج1ص 335. البحار، ج 12ص158 وص170. اثبات الهداة، ج3 ص 551.

(3) سورة هود: آية 86.

(4) الكافي، ج1 ص 411. تفسير فرات الكوفي، ص 193.

١٧٥

4: أنَّهُ السراط السوي:

في قوله تعالى:( فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَ‌اطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَىٰ ) (1) .

روى (محمد بن العباس عن محمد بن همام عن محمد بن إسماعيل العلوي عن عيسى بن داود عن موسى بن جعفر عن أبيه عليه السلام في قول الله عز وجل:( فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَ‌اطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَىٰ ) قال: الصراط السوي هو القائم عليه السلام، والهدى من اهتدى إلى طاعته، ومثلها في كتاب الله عز وجل:( وَإِنِّي لَغَفَّارٌ‌ لِّمَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا ثُمَّ اهْتَدَىٰ ) (2) قال: إلى ولايتنا)(3) .

5: وأنَّهُ يُسلِمُ لهُ من في السماوات والأرض:

في قولهِ تعالى:( وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ طَوْعًا وَكَرْ‌هًا ) (4) .

عن ابن بكير قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن قوله:( وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْ‌ضِ طَوْعًا وَكَرْ‌هًا ) قال: (أنزلت في القائم عليه السلام إذا خرج (أمرَ) باليهود و النصارى والصابئين والزنادقة وأهل الردة والكفار في شرق الأرض وغربها، فعرض عليهم الاسلام فمن أسلم

____________________

(1) سورة طه:آية 135.

(2) سورة طه: آية 82.

(3) كنز الفوائد: 162. بحار الأنوار، ج 24، ص 150.

(4) سورة آل عمران:آية 83.

١٧٦

طوعا أمره بالصلاة والزكاة وما يؤمر به المسلم ويجب لله عليه، ومن لم يسلم ضرب عنقه حتى لا يبقى في المشارق والمغارب ‹ صفحة 184 › أحد الا وحد الله، قلت له: جعلت فداك ان الخلق أكثر من ذلك؟ فقال: ان الله إذا أراد امرا قلل الكثير وكثر القليل)(1) .

6: وأنهُ هو (الغيب والآية)(2) :

في قوله تعالى:( الم ﴿1﴾ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَ‌يْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿2﴾ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَ‌زَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ ) .(3)

في كمال الدين: (حدثنا علي بن أحمد بن موسي - رحمه الله - قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي قال: حدثنا موسى بن عمران النخعي، عن عمه الحسين بن يزيد، عن علي بن أبي حمزة عن يحيى بن أبي القاسم قال: سألت الصادق جعفر بن محمد عليهما السلام عن قول الله عزو جل:( الم ﴿1﴾ ذَٰلِكَ الْكِتَابُ لَا رَ‌يْبَ فِيهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿2﴾ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) فقال: المتقون شيعة علي عليه السلام والغيب فهو الحجة الغائب. وشاهد ذلك قول الله عزو جل:( وَيَقُولُونَ لَوْلَا أُنزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِّن رَّ‌بِّهِ فَقُلْ إِنَّمَا الْغَيْبُ لِلَّـهِ فَانتَظِرُ‌وا إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِ‌ينَ ) (4) فأخبر (عزّو جلّ)

____________________

(1) تفسير العياشي، ج 1، ص 183-184. البحار ج 13 ص188. اثبات الهداة ج 7 ص 96. البرهان ج 1 ص 296. الصافي ج1 ص276.

(2) أي هو المصداق الأكمل للغيب، وآية من آيات الله الكبرى.

(3) سورة البقرة: 1-3

(4) سورة يونس: آية 20.

١٧٧

أن الآية هي الغيب، والغيب هو الحجة، وتصديق ذلك قول الله (عزو جل):( وَجَعَلْنَا ابْنَ مَرْ‌يَمَ وَأُمَّهُ آيَةً ) (1) يعني حجة)(2) .

وفي كمال الدين وتمام النعمة أيضاً: (حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل - رحمه الله - قال: حدثنا محمد بن يحيى العطار قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى، عن عمر بن عبد العزيز، عن غير واحد، عن داود ابن كثير الرقي، عن أبي عبد الله عليه السلام في قول الله عز وجل:( هُدًى لِّلْمُتَّقِينَ ﴿2﴾ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ ) قال: من أقر بقيام القائم عليه السلام أنه حق)(3) .

7: ومن بقيَّةِ أسمائهِ وأوصافه ونعوتهِ الشريفة:

أ: في جمالهِ وعدلهِ والرِّضى بخلافته:

- (عن حذيفة بن اليمان، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: المهدي من ولدي وجهه كالقمر الدري اللون لون عربي الجسم جسم إسرائيلي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا يرضى بخلافته أهل السماوات وأهل الأرض والطير في الجو يملك عشرين سنة)(4) .

ب: في عددٍ من أوصافهِ وأسمائهِ وكراماتهِ:

- (عن أبي جعفر محمد بن علي الباقر، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام - وهو على المنبر -: يخرج رجل من ولدي في

____________________

(1) سورة المؤمنون: آية 50.

(2) كمال الدين وتمام النعمة، ص 17-18.

(3) كمال الدين وتمام النعمة، ص 17.

(4) بحار الأنوار، ج 51، ص 91.

١٧٨

آخر الزمان أبيض اللون، مشرب بالحمرة، مبدح البطن(1) عريض الفخذين، عظيم مشاش المنكبين(2) بظهره شامتان: شامة على لون جلده(3) وشامة على شبه شامة النبي صلى الله عليه وآله، له اسمان: اسم يخفى واسم يعلن، فأما الذي يخفى فأحمد وأما الذي يعلن فمحمد، إذا هز رايته أضاء لها ما بين المشرق والمغرب، و وضع يده على رؤوس العباد فلا يبقى مؤمن إلا صار قلبه أشد من زبر الحديد، و أعطاه الله تعالى قوة أربعين رجلا، ولا يبقى ميت إلا دخلت عليه الفرحة (في قلبه) وهو في قبره، وهم يتزاورون في قبورهم، ويتباشرون بقيام القائم صلوات الله عليه)(4) .

ج: في إشياق الجنَّة وحبِّ الله ورسولهُ للقائم المنقذ:

- (عن جابر بن عبد الله، عن النبيِّ (ص): الجنَّةُ تشتاقُ الى أربعةٍ من أهلي، قد أحبَّهم اللهُ وأمرني بحبّهم:عليّ بن أبي طالب والحسن والحسين والمهدي الذي يصلّي خلفهُ عيسى بن مريم)(5) .

____________________

(1) مبدح البطن أي واسعه وعريضه-والبداح: المتسع من الأرض. والبدح-بالكسر -: الفضاء الواسع وامرأة بيدح أي بادن. والأبدح: الرجل الطويل (السمين والعريض الجنين من الدواب (القاموس).

(2) مشاش: جمع المشاشة-بالضم-وهي رأس العظم الممكن المضغ.

(3) الشامة علامة تخالف البدن الذي هي فيه اما باللون أو التورم، وهي الخال.

(4) كمال الدين وتمام النعمة، ص 653.

(5) كشف اليقين، ص117. كشف الغمة، ج1ص52. المعجم الموضوعي لأحاديث الإمام المهدي، ص274.

١٧٩

د: في شجاعتهِ الإلهية وكرمهِ وعلمهِ وخُلُقِهِ:

- (عن سليمان بن هلال قال: حدثنا جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن الحسين بن علي عليهم السلام قال: جاء رجل إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال له: يا أمير المؤمنين نبئنا بمهديكم هذا؟ فقال: إذا درج الدارجون، وقل المؤمنون، وذهب المجلبون، فهناك، فقال: يا أمير المؤمنين عليك السلام ممن الرجل؟ فقال: من بني هاشم من ذروة طود العرب وبحر مغيضها إذا وردت، ومجفو أهلها إذا أتت، ومعدن صفوتها إذا اكتدرت لا يجبن إذا المنايا هلعت، ولا يحور إذا المؤمنون اكتنفت ولا ينكل إذا الكماة اصطرعت مشمر مغلولب طفر ضرغامة حصد مخدش ذكر سيف من سيوف الله رأس قثم نشق رأسه في باذخ السؤدد، وغارز مجده في أكرم المحتد، فلا يصرفنك عن تبعته صارف عارض ينوص إلى الفتنة كل مناص إن قال فشر قائل وإن سكت فذو دعاير.

ثم رجع إلى صفة المهدي عليه السلام فقال: أوسعكم كهفاً، وأكثركم علماً وأوصلكم رحماً اللهم فاجعل بيعته خروجاً من الغمة واجمع به شمل الأمة فأنى جاز لك فاعزم ولا تنثن عنه إن وفقت له ولا تجيزن عنه إن هديت إليه هاه وأومأ بيده إلى صدره شوقاً إلى رؤيته)(1) .

هـ: أنَّه محبوب في عموم الخلائق:

- (عن الإمام الصادق (ع) قال: المهدي محبوبٌ في الخلائق يُطفيء الله بهِ الفتنة الصمّاء)(2) .

____________________

(1) الغيبة، النعماني، ص 212. اثبات الهداة، ج3 ص 537. بحار الأنوار، ج 51، ص 115.

(2) بشارة الإسلام، ص185.

١٨٠

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233