ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان الجزء ١

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان33%

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 233

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 233 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149581 / تحميل: 6676
الحجم الحجم الحجم
ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

الصدق مَنجاة

ما أكثر الأفراد الذين التزموا الصدق، في المواقع الحرجة، والمآزق الشديدة؛ وكان ذلك سبب خلاصهم.

لا يجهل أحد، مدى الجرائم التي قام بها الحَجَّاج بن يوسف الثقفي، والدماء التي أراقها بغير حَقٍّ.

وفي يوم مِن الأيَّام، جيء بجماعة مِن أصحاب عبد الرحمان مأسورين، وكان قد صمَّم على قتلهم جميعاً، فقام أحدهم واستأذن الأمير في الكلام، ثمَّ قال:

إنَّ لي عليك حَقَّاً! فأنقذني وفاءً لذلك الحَقَّ.

قال الحَجَّاج: وما هو؟

قال: كان عبد الرحمان يسبُّك في بعض الأيَّام، فقمت ودافعت عنك.

قال الحَجَّاج: ألك شهود؟

فقام أحد الأُسارى وأيَّد دعوى الرجل، فأطلقه الحَجَّاج، ثمَّ التفت إلى الشاهد، وقال له: ولماذا لم تُدافع عنِّي في ذلك المجلس؟

أجاب الشاهد - في أتمِّ صراحة ـ: لأنِّي كنت أكرهك.

فقال الحَجَّاج: أطلقوا سراحه لصدقه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج1.

٤١

احِفظ الله يَحفظك

خطب الحَجَّاج مَرَّة فأطال، فقام رجل فقال: الصلاة، فإنَّ الوقت لا ينتظرك، والرَّبَّ لا يعذرك، فأمر بحبسه، فأتاه قومه، وزعموا أنَّه مجنون، وسألوه أنْ يُخلِّي سبيله، فقال: إنْ أقرَّ بالجنون خلَّيت سبيله.

فقيل له، فقال: مَعاذ الله، لا أزعم أنَّ الله ابتلاني، وقد عافاني.

فبلغ ذلك الحَجَّاج فعفا عنه لصدقه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج1.

٤٢

المَنطق السليم

بلغ المنصور الدوانيقي، أنَّ مَبْلغاً ضَخماً مِن أموال بني أُميَّة مُودعة عند رجل، فأمر الربيع بإحضاره.

يقول الربيع: فأحضرت الرجل، وأخذته إلى مجلس المنصور.

فقال له المنصور: بلغني أنَّ أموال بَني أُميَّة مودَعة عندك، ويجب أنْ تُسلِّمني إيَّاها بأجمعها.

فقال الرجل: هل الخليفة وارث الأُمويِّين؟!

فأجاب: كلاَّ.

فقال: هل الخليفة وصيُّ الأُمويِّين؟!

فقال المنصور: كلاَّ.

فقال الرجل: فكيف تُطالبني بأموال بَني أُميَّة؟!

فأطرق المنصور بُرهةً، ثمَّ قال: إنَّ الأُمويِّين ظلموا المسلمين، وانتهكوا حُقوقهم، وغصبوا أموال المسلمين وأودعوها في بيت المال.

فقال الرجل: إنَّ الأُمويِّين امتلكوا أموالاً كثيرة، كانت خاصَّة بهم، وعلى الخليفة أنْ يُقيم شاهداً عدلاً، على أنَّ الأموال التي في يدي لبَني أُميَّة، هي مِن الأموال التي غصبوها وابتزُّوها مِن غير حَقٍّ.

فكَّر المنصور ساعة، ثمَّ قال للربيع: إنَّ الرجل يصدق.

فابتسم بوجهه، وقال له: ألك حاجة؟!

قال الرجل: لي حاجتان:

٤٣

الأُولى: أنْ تأمر بإيصال هذه الرسالة إلى أهلي بأسرع وقت؛ حتَّى يهدأ اضطرابهم، ويذهب رَوعهم.

والثانية: أنْ تأمر بإحضار مَن أبلغك بهذا الخبر؛ فو الله، لا توجد عندي لبَني أُميَّة وديعة أصلاً، وعندما أُحضرت بين يدي الخليفة، وعلمت بالأمر، تصوَّرت أنِّي لو تكلَّمت بهذه الصورة كان خلاصي أسهل.

فأمر المنصور الربيع بإحضار المُخبِر.

وعندما حضر نظر إليه الرجل نظرة، ثمَّ قال: إنَّه عبدي سَرَق مِنِّي ثلاثة آلاف دينار وهرب.

فأغلظ المنصور في الحديث مع الغلام، وأيَّد الغلام كلام سيِّده في أتمِّ الخَجَل، وقال: إنِّي اختلقت هذه التُّهمة لأنجو مِن القَبض عليَّ.

هنا رَقَّ قلب المنصور لحال العبد، وطلب مِن سيِّده أنْ يعفو عنه، فقال الرجل: عفوت عنه، وسأُعطيه ثلاثة آلاف أُخرى، فتعجَّب المنصور مِن كرامة الرجل وعظمته.

وكلَّما ذُكِر اسمه كان يقول: لم أرَ مثل هذا الرجل (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٤

النبي أولى بالمسلمين مِن أنفسهم

وزَّع رسول الله غنائم حُنين - تبعاً لمصالح مُعيَّنة - على المُهاجرين فقط، ولم يُعط الأنصار سَهماً واحداً...

ولمَّا كان الأنصار قد بذلوا جهوداً عظيمة، في رُفعة لواء الإسلام، وخدمات جليلة في نُصرة هذا الدين؛ فقد غَضب بعضهم مِن هذا التصرُّف، وحملوه على التحقير والإهانة، فبلغ الخبر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فأمر بأنْ يُجمع الأنصار في مكان ما، وأن لا يشترك معهم غيرهم في ذلك المجلس، ثمَّ حضر هو وعلي (عليهما السلام)، وجلسا في وسط الأنصار، ثمَّ قال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لهم: (أُريد أنْ أسألكم عن بعض الأمور فأجيبوني عليها).

قال الأنصار: سَلْ، يا رسول الله.

قال لهم: (ألم تكونوا في ضَلال مُبين، وهداكم الله بيَّ؟).

قالوا: بلى يا رسول الله.

قال: (ألم تكونوا على شَفا حُفرة مِن الهلاك والنار، والله أنقذكم بيَّ؟).

قالوا: بلى.

قال: (ألم يكن بعضكم عدوَّ بعض، فألَّف الله بين قلوبكم على يديَّ؟).

قالوا: بلى.

فسكت لحظة، ثمَّ قال لهم: (لماذا لا تُجيبونني بأعمالكم؟).

قالوا: ما نقول؟!

قال: (أما لو شِئتم لقُلتم: وأنت قد جئتنا طريداً فآويناك، وجئتنا خائفاً فآمنَّاك، وجئتنا مُكَذَّباً فصدَّقناك...).

هذه الكلمات الصادرة عن الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) أفهمت الأنصار

٤٥

أنه لا يُنكَر فضلهم، ولا يُنسى جهودهم، ولم يكن ما صدر منه تِجاههم صادراً عن احتقار أو إهانة...

ولذلك فقد أثَّر فيهم هذا الكلام تأثيراً بالغاً، وارتفعت أصواتهم بالبُكاء، ثمَّ قالوا له: هذه أموالنا بين يديك، فإنَّ شِئت فاقسمها على قومك، وبهذا أظهروا ندمهم على غضبهم واستغفروه.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (اللَّهمَّ اغفر للأنصار، ولأبنا الأنصار، ولأبناء أبناء الأنصار) (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٦

الكريم يَسأل عن الكريم

في إحدى الغزوات، كان رسول الله (صلى الله عليه وآله) يُصلِّي في مُعسكره، فمَرَّ بالمُعسكر عِدَّة رجال مِن المسلمين، وتوقَّفوا ساعة، وسألوا بعض الصحابة عن حال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ودعوا له، ثمَّ اعتذروا مِن عدم تمكُّنهم مِن انتظار النبي حتَّى يفرغ مِن الصلاة فيُسلِّموا عليه؛ لأنَّهم كانوا على عَجلٍ، ومضوا إلى سبيلهم. فانفتل رسول الله (صلى الله عليه وآله) مُغضباً، ثم قال لهم: (يقف عليكم الركب ويسألونكم عنِّي، ويُبلِّغوني السلام، ولا تعرضون عليهم الطعام!).

ثمَّ أخذ يتحدَّث عن جعفر الطيار، وعظمة نفسه، وكمال أدبه، واحترامه للآخرين... (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٧

مَن كانت أفعاله كريمة اتَّبعه الناس

ليست فضيلة احترام الناس، وتكريمهم في الشريعة الإسلاميَّة الغرَّاء، خاصَّة بالمسلمين فيما بينهم فقط، فإنَّ غير المسلمين أيضاً، كانوا ينالون هذا الاحترام والتكريم مِن المسلمين، فقد تصاحب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) مع رجل ذِمِّيٍّ خارج الكوفة، في أيَّام حكومته، وكان الذِمِّيُّ لا يعرف الإمام، فقال له: أين تُريد يا عبد الله؟

قال الإمام علي (عليه السلام): (أُريد الكوفة).

ولمَّا وصلا إلى مُفترق الطُّرق المؤدِّية إلى الكوفة، توجَّه الذِّمِّيِّ إلى الطريق الذي يُريده، وانفصل عن الإمام (عليه السلام)... ولكنَّه لم يَخطُ أكثر مِن بِضع خُطوات، حتَّى شاهد أمراً عَدَّه غريباً؛ فقد رأى أنَّ صاحبه الذي كان قاصداً الكوفة، ترك طريقه وشايعه قليلاً. فسأله ألست تقصد الكوفة؟

قال الإمام: (بلى؟).

قال الذِّمِّيُّ: (ذلك هو الطريق المؤدِّي إلى الكوفة).

قال الإمام: (أعلم ذلك).

سأل الذِّمِّيُّ باستغراب: ولماذا تركت طريقك؟

قال الإمام (عليه السلام): (هذا مِن تمام حُسن الصُّحبة، أنْ يُشيِّع الرجل صاحبه هُنيَّهة إذا فارقه، وكذلك أمرنا نبيِّنا).

قال الذِّمِّيُّ: هكذا أمر نبيُّكم؟!

قال الإمام: (أجلْ).

٤٨

قال الذِّمِّيُّ: لا جَرَمَ، أنَّما تبعه مَن تبعه لأفعاله الكريمة.

ثمَّ ترك طريقه الذي كان يقصده، وتوجَّه مع الإمام (عليه السلام) إلى الكوفة، وهما يتحدَّثان عن الإسلام وتعاليمه العظيمة، فأسلم الرجل (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٤٩

انزل عن مِنبر أبي!

زيد بن علي، عن أبيه: (إنَّ الحسين بن علي (عليهما السلام) أتى عمر بن الخطاب، وهو على المنبر يوم الجمعة، فقال: انزل عن مِنبر أبي، فبكى عمر، ثم قال: صدقت - يا بُني - مِنبر أبيك لا منبر أبي. وقام عليٌّ (عليه السلام).

وقال: ما هو - والله - عن رأيي.

قال: صدقت! والله، ما اتَّهمتك يا أبا الحسن).

هذا دليل على أنَّ عمر أيضاً، كان يعرف أنَّ الحسين ذو شخصيَّة مُمتازة، وله إرادة مُستقلَّة، وليس كلامه صادراً عن تلقين مِن أبيه، بل هو نِتاج فِكره (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٠

يَفرُّ مَن أخطأ!

قصد المأمون بغداد بعد وفاة الإمام الرضا (عليه السلام)، وخرج يوماً للصيد، فمَرَّ في أثناء الطريق برَهط مِن الأطفال يلعبون، ومحمد بن علي الجواد (عليه السلام) معهم، وكان عمره يومئذٍ إحدى عشرة سنة فما حوله... فلمَّا رآه الأطفال فرُّوا، بينما وقف الجواد (عليه السلام) في مكانه ولم يَفرَّ. مِمَّا أثار تَعجُّب المأمون؛ فسأله:

لماذا لم تلحق بالأطفال حين فرُّوا؟

ـ يا أمير المؤمنين، لم يكن بالطريق ضِيقٌ لأوسِّعه عليك بذهابي، ولم يكن لي جريمة فأخشاها، وظنِّي بك حَسنٌ أنَّك لا تضرب مَن لا ذنب له فوقفت.

تعجَّب المأمون مِن هذه الكلمات الحكيمة، والمنطق الموزون، والنبرات المُتَّزنة للطفل فسأله: ما اسمك؟

ـ محمد.

ـ محمد ابن مَن؟

ابن عليٍّ الرضا...

عند ذاك ترحَّم المأمون على الرضا (عليه السلام)، ثمَّ ذهب لشأنه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥١

رِفقاً بالحسين!

روي عن أُمِّ الفضل زوجة العباس بن عبد المطلب، مُرضعة الحسين (عليه السلام) أنَّها قالت: أخذ مِنِّي رسول الله (صلى الله عليه وآله) حسيناً أيَّام رضاعه، فحمله فأراق شيئاً على ثوبه، فأخذتُه بعنف حتَّى بكى. فقال (صلى الله عليه وآله): (مَهلاً يا أُمَّ الفضل، إنَّ هذا مِمَّا يُطهِّره الماء، فأيُّ شيء يُزيل هذا الغبار عن قلب الحسين؟!) (1).

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٢

كرهت أنْ أُعجِّله!

دعا النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى صلاة، والحسن مُتعلِّق، فوضعه النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى جانبه وصلَّى، فلمَّا سجد أطال السجود، فرفعت رأسي مِن بين القوم، فإذا الحسن على كتف رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، فلمَّا سلَّم قال له القوم: يا رسول الله، لقد سَجدت في صلاتك هذه سَجدةً ما كنت تسجدها! كأنَّما يوحى إليك؟!

فقال: (لم يوحَ إليَّ، ولكنَّ ابني كان على كتفي، فكرهت أنْ أُعجِّله حتَّى نزل).

هذا العمل مِن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) تجاه ولده الصغير، أمام ملأٍ مِن الناس، نموذج بارز مِن سلوكه في تكريم الطفل.

إنَّ الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) عمل أقصى ما يُمكن مِن احترام الطفل، في إطالته سجدته، وأرشد الناس ضمناً إلى كيفيَّة بناء الشخصيَّة عند الطفل (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٣

تكريم الطفل

عن الإمام الصادق (عليه السلام)، أنَّه قال: (صلَّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالناس الظهر، فخفَّف في الرَّكعتين الأخيرتين.

فلمَّا انصرف قال له الناس: هل حدث في الصلاة شيء؟!

قال: وما ذاك؟

قالوا: خفَّفت في الرَّكعتين الأخيرتين.

فقال لهم: أما سمعتم صُراخ الصبي؟!).

هكذا نجد النبي العظيم، يُطيل في سجدته تكريماً للطفل تارة، ويُخفِّف في صلاته تكريماً للطفل أيضاً تارة أُخرى، وهو في كلتا الحالتين، يُريد التأكيد في احترام شخصيَّة الصبي، وتعليم المسلمين طريق ذلك (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٤

هلاَّ ساويتَ بينهما؟!

نظر النبي (صلى الله عليه وآله) إلى رجل له ابنان، فقبَّل أحدهما وترك الآخر.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله): (فهلاَّ ساويت بينهما!).

وفي حديث آخر: (اعدلوا بين أولادكم، كما تُحبُّون أنْ يعدلوا بينكم).

إنَّ الأمل الوحيد للطفل، ومبعث فرحه ونشاطه، هو عطف الوالدين وحنانهما، ولا يوجد عامل يُهدِّئ خاطر الطفل، ويبعث فيه الاطمئنان والسكينة، مِثل عَطف الوالدين، كما لا يوجد عامل يبعث فيه القَلق والاضطراب، مِثل فُقدان جزء مِن حَنان الوالدين أو جميعه.

إنَّ حسد الولد تِجاه أخيه الصغير، الذي وِلد حديثاً لا غرابة فيه؛ لأنَّه يشعر بأنَّ قِسماً مِن العناية، التي كانت مُخصَّصة له، قد سُلِبت منه، والآن لا يُستأثر باهتمام الوالدين. بلْ إنَّ الحُبَّ والحنان يجب أنْ يتوزَّع عليه وعلى أخيه الأصغر (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٥

التصابي مع الصبي

عن يعلى العامري: أنَّه خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى طعام دُعي إليه، فإذا هو بحسين (عليه السلام) يلعب مع الصبيان، فاستقبل النبي (صلى الله عليه وآله) أمام القوم، ثمَّ بسط يديه، فطفر الصبي ههنا مَرَّة وههنا مَرَّة أُخرى، وجعل رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) يُضاحكه حتَّى أخذه، فجعل إحدى يديه تحت ذِقنه، والأُخرى تحت قَفاه، ووضع فاه على فيه وقبَّله.

إنَّ نبيَّ الإسلام العظيم، يُعامل سِبطه بهذه المُعاملة أمام الناس؛ لكي يُرشد الناس إلى ضرورة إدخال السرور على قلوب الأطفال، وأهميَّة اللعب معهم، فضلاً عن قيامه بواجب تربوي عظيم (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٦

أو ما ترضى أنْ تحمل بدناً حمله الرسول؟!

عن أبي رافع، قال: كنت أُلاعب الحسن بن عليٍّ (عليهما السلام) وهو صبيٌّ بالمَداحي، فإذا أصابت مِدحاتي مِدحاته؛ قلت احملني فيقول: (ويحَك! أتركب ظهراً حمله رسول الله؟!)، فأتركه.

فإذا أصابت مُدحاته مُدحاتي قلت: لا أحملك كما لا تحملني!

فيقول: (أوَ ما ترضى أنْ تحمل بدناً حمله رسول الله (صلى الله عليه وآله)؟!)، فأحمله.

مِن هذا الحديث يظهر جليَّاً إباء الحسن (عليه السلام)، وعِزَّة نفسه، وعُظم شخصيَّته.

إنَّ الطفل الذي يُربيه الإسلام في حِجره، ويُحيي شخصيَّته النفسيَّة، يعتقد بسموِّ مقامه، ولا يرضى التكلُّم بذلَّة وحقارة (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٧

وا حيائي مِنك يا أمير المؤمنين!

رأى الإمام علي (عليه السلام) امرأة في بعض الطُّرقات، تحمل قِربة مِن الماء، فتقدَّم لمُساعدتها، وأخذ القِربة وأوصلها إلى حيث تُريد، وفي الطريق سألها عن حالها، فقالت: إنَّ عليَّاً أرسل زوجي إلى إحدى النواحي فقُتِل، وقد خلَّف لي عِدَّة أطفال، لا أقدر على إعالتهم؛ فاضطررت للخدمة في بعض البيوت. فرجع عليٌّ (عليه السلام) وأمضى تلك الليلة في مُنتهى الانكسار والاضطراب، وعند الصباح حمل جِراباً مَملوءاً بالطعام، واتَّجه إلى دار تلك المرأة. وفي الطريق كان بعض الأشخاص يطلبون منه أنْ يَحمل عنه الجراب فيقول لهم: (مَن يحمل عني أوزاري يوم القيامة؟).

وصل إلى الدار، وطرق الباب، فقالت المرأة: مَن الطارق؟

قال: (الرجل الذي أعانك في الأمس على حمل القِربة. لقد جئتك ببعض الطعام لأطفالك).

فتحت الباب وقالت: رضي الله عنك، وحكم بيني وبين علي بن أبي طالب!

فقال لها: (أتخبزين أم تُسكِّتين الأطفال فأخبز؟).

قالت: أنا أقدر على الخبز، فقُم أنت بتسكيت الأطفال.

أخذتْ المرأة تعجن الدقيق، وأخذ عليٌّ (عليه السلام) يخلط اللَّحم بالتمر، ويُطعم الأطفال منه، وكلَّما ألقم طفلاً لقمة قال له برفق ولين: (يا بُني، اجعل علي بن أبي طالب في حِلٍّ).

ولمَّا اختمر العجين، أوقد عليٌّ (عليه السلام) التنور، وفي الأثناء دخلت امرأة تعرفه، وما أنْ رأته حتَّى صاحت بصاحبة الدار ويحَك! هذا أمير المؤمنين!

فبادرته المرأة، وهي تقول: وا حيائي منك يا أمير المؤمنين!

فقال: بلْ وا حيائي منكِ - يا أمة الله - فيما قصَّرت مِن أمرك (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٨

لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله لرحمتم الصِّبيان

ورد في الحديث: أنَّ النبي (صلى الله عليه وآله) كان يُصلِّي يوماً في فِئة، والحسين صغير بالقُرب منه، فكان النبي إذا سجد جاء الحسين (عليه السلام) فركب ظهره، ثمَّ حرَّك رجليه فقال: (حَلٍ، حَلٍ!).

فإذا أراد رسول الله (صلى الله عليه وآله) أنْ يرفع رأسه، أخذه فوضعه إلى جانبه، فإذا سجد عاد إلى ظهره، وقال: (حَلٍ، حَلٍ!)، فلم يزل يفعل ذلك حتَّى فرغ النبي مِن صلاته.

فقال يهودي: يا محمد، إنَّكم لتفعلون بالصبيان شيئاً ما نفعله نحن.

فقال النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): (أما لو كنتم تؤمنون بالله ورسوله لرحمتم الصبيان).

قال: فإنِّي أؤمن بالله وبرسوله؛ فأسلم لمَّا رأى كرمه مع عظيم قدره (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٥٩

أين الدُّرُّ والذهب مِن سورة الفاتحة؟

كان عبد الرحمان السلمي، يُعلِّم وَلداً للإمام الحسين (عليه السلام) سورة الحمد، فعندما قرأ الطفل السورة كاملة أمام والده مَلأ الإمام فمَ مُعلِّمه دُّرَّاً، بعد أنْ أعطاه نقوداً وهدايا أُخَر. فقيل له في ذلك!

فقال (عليه السلام): (وأين يقع هذا مِن عطائه)، يعني: تعليمه (1) .

____________________

(1) الطفل، ج2.

٦٠

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

أو ندب، عامدا عالما بالتحريم قبل المشعر فسدحجه، وعليه إتمامه وبدنة والحج من قابل، والافتراق إذا بلغا الموضع بمصاحبة ثالث إلى أن يفرغا، فإن طاوعته الزوجة لزمها مثله، وإلا صح حجها وعليه بدنتان.

ولو جامع بعد المشعر، أو في غير الفرجين قبله عامدا فبدنة.

وفي الاستمناء(١) بدنة، وفي الفساد به قولان(٢) .

ولو جامع أمته محلا وهي محرمة باذنه فبدنة أو بقرة أو شاة: فإن عجز فشاه أو صيام.

ولو جامع قبل طواف الزيارة فبدنة، فإن عجز فبقرة، فإن عجز فشاة.

ولو جامع وقد طاف للنساء ثلاثة أشواط فبدنة، ولو طاف خمسا(٣) فلا كفارة، وفي الاربعة قولان(٤) .

ولو جامع قبل سعي العمرة في إحرامها فسدت، وعليه بدنة وقضاؤها.

ولو نظر إلى غير أهله فأمنى، فبدنة على الموسر وبقرة على المتوسط وشاة على المعسر، ولو كان إلى أهله فلا شئ وإن أمنى، إلا أن يكون عن شهوة فبدنة.

_______________________

(١) وهو كما في غاية المراد: " طلب الامناء من غير جماع، سواء كان بالعبث باليد أو أى عضو أو بمجرد المس ".

(٢) ذهب إلى الفساد - وأنه اذا كان قبل الوقوف بالمشعر يفسد الحج ويلزمه الحج من قابل، واذا كان بعده لم تلزمه غير الكفارة ابن الجنيد كما عنه في المختلف: ٢٨٢، والشيخ في المبسوط ١ / ٣٣٧ والنهاية: ٢٣١ وابن البراج في المهذب ١ / ٢٢٢، وابن حمزة كما عنه في المختلف: ٢٨٢، وابن سعيد في الجامع: ١٨٨.

وذهب إلى عدم الفساد ووجوب بدنة فقط الحلبى في الكافى: ٢٠٣، وابن ادريس في السرائر: ١٢٩، والمحقق في الشرائع ١ / ٢٩٤.

(٣) في(س) و(م): " خمسة ".

(٤) ذهب إلى سقوط الكفارة الشيخ في النهاية: ٢٣١، وذكر أنه تسقط الكفارة ان كان قد طاف أكثر من النصف وذكر ابن ادريس في السرائر: ١٢٩ أن الاحوط يقتضى وجوب الكفارة.

١٠١

ولو مسها بغير شهوة فلا شئ، وبشهوة شاة وإن لم يمن، ولو قبلها فشاة، وبشهوة جزور.

ولو أمنى عن ملاعبة فجزور، ولو استمع على المجامع من غير نظر فلا شئ، ولو عقد المحرم على محرم فدخل فعلى كل منهما كفارة.وفي الطيب أكلا، وإطلاء، وبخورا، وصبغا، ابتداء واستدامة شاة.

وفي قص كل ظفر مد[ من ] طعام، وفي أظفار يديه شاة، وكذا في رجليه، ولو اتحد المجلس فشاة.

ولو أدمى إصبعة بالافتاء، فعلى المفتي شاة.وفي المخيط دم فإن اضطر جاز وعليه شاة.

وفي حلق الشعر شاة، أو إطعام عشرة لكل مسكين مد، أو صيام ثلاثة أيام.

وفي سقوط شئ[ بمس رأسه ] ولحيته كف[ من ] طعام، ولو كان في الوضوء فلا شئ.

وفي نتف الابطين شاة، وفي أحدهما إطعام ثلاثة مساكين.

وفي التظليل سائرا، وتغطية الرأس وإن كان بالارتماس أ والطين، وقلع الضرس شاة.

وفي الجدال مرة كاذبا شاة، ومرتين بقرة، وثلاثا بدنة، وصادقا ثلاثا شاة.

وفي قلع الشجرة الكبيرة من الحرم بقرة، وفي الصغير شاة وإن كان محلا، وفي الابعاض قيمة، ويعيدها، فإن جفت ضمن، ولا كفارة في قلع الحشيش وإن أثم.

وفي الادهان شاة ولو في الضرورة، ويجوز أكل ما ليس بطيب كالشيرج والسمن.

ولو تعددت الاسباب تعددت الكفارة مع الاختلاف، ولو كرر الوطء تكررت الكفارة، ولو كرر الحلق في وقتين تكررت لا في وقت واحد، ولو كرر اللبس أو الطيب في مجلس فواحدة، ولو تعدد المجلس تعددت.

وتسقط الكفارة عن الجاهل والناسي والمجنون، إلا في الصيد، فإن الكفارة تجب مع الجهل والنسيان والعمد.

وكل من أكل ما لا يحل للمحرم، أو لبس كذلك فعليه شاة.

١٠٢

المقصد الثاني: في الطواف

وهو ركن يبطل الحج بتركه عمدا، ويقضيه في السهو، ولو تعذر استناب.

ويجب فيه: الطهارة، وإزالة النجاسة عن الثوب والبدن، والختان في الرجل، والنية، والبدأة بالحجر، والختم به، والطواف سبعا، وجعل البيت على يساره، وإدخال الحجر، وإخراج المقام، وركعتاه في مقام إبراهيم عليه السلام، فإن منعه

زحام صلى خلفه أو إلى أحد جانبيه.

ويستحب: الغسل لدخول مكة، والغسل من بئر ميمون أو فخ فإن تعذر فمن منزله ومضغ الاذخر، ودخول مكه من أعلاها حافيا بسكينة ووقار، والغسل لدخول المسجد، ودخوله من باب بني شيبة، والوقوف عندها، والدعاء، والطهارة في النفل، والوقوف عند الحجر، وحمد الله، والصلاة على النبي وآله عليهم السلام، والدعاء، والاستلام، والتقبيل، والرمل ثلاثا والمشي أربعا، والتزام المستجار، وبسط اليدين عليه.

وإلصاق بطنه وخده به، والتزام الاركان خصوصا العراقي واليماني، وطواف ثلاثمائة وستين طوافا وإلا فثلاثمائة وستين شوطا والتداني من البيت.

ويكره: الكلام فيه لغير الدعاء والقراء‌ة[ والزيادة في النفل ].

وتحرم الزيادة على السبع في الواجب عمدا، فإن زاد سهوا أكمل اسبوعين استحبابا، وصلى للفرض أولا وللنفل بعد السعي.ولو طاف في النجس عالما أعاد، ولو لم يعلم صح، ولو علم في الاثناء

أزال النجاسة وتممه.

ولو نقص عدده، أو قطعه لدخول البيت أو[ لحاجة ] أو لمرض أو لحدث، فإن تجاوز النصف رجع فأتمه ولو عاد إلى أهله استناب ولو كان دونه استأنف.ولو ذكر في السعي النقص أتم الطواف مع تجاوز النصف ثم أتم السعي.

ولو ذكر الزيادة في الثامن قبل وصول الحجر قطع.

ولو شك في عدده بعد الانصراف لم يلتفت، وإن كان في الاثناء، فإن كان في الزيادة قطع ولا شئ، وإن كان في النقيصة استأنف، وفي النافلة يبني على الاقل، ولو ذكر عدم الطهارة استأنف في الفريضة.

١٠٣

وطواف النساء واجب على كل حاج ومعتمر، إلا في عمرة التمتع.ولو نسي طواف الزيارة حتى واقع بعد الذكر فبدنة، ويستنيب لو نسي طواف النساء.

ويجب تأخره عن الموقف ومناسك منى في حج التمتع، إلا للمعذور ويجوز تقديمه للمفرد والقارن ويجب تأخير طواف النساء عن السعي، إلا لعذر أو سهو، ولو كان عمدا لم يجز.

ويحرم الطواف وعليه برطلة في العمرة، ولا ينعقد نذر الطواف على أربع، ويجوز التعويل على الغير في العدد.

ولو حاضت قبل طواف العمرة انتظرت الوقوف، فإن ضاق بطلت متعتها ووقفت

وصارت حجتها مفردة وتقضي العمرة، ولو حضت بعد مجاوزة النصف تمت متعتها وقضت الباقي بعد المناسك، أو استنابت فيه مع التعذر، ولو حاضت قبله فهي كمن لم يطف.

والمستحاضة كالطاهر إذا فعلت ما يجب عليها.

المقصد الثالث: في السعى

وهو ركن يبطل الحج بتركه عمدا، ولو تركه سهوا أتى به، فإن خرج عاد، فإن تعذر استناب.

ويجب فيه: النية، والبدأة بالصفا: بأن يلصق عقبيه به، والختم بالمروة: بأن يلصق أصابع رجليه بها، والسعي سبعا من الصفا إليه شوطان.

١٠٤

ويستحب: الطهارة، واستلام الحجر، والشرب من زمزم، والصب على الجسد من الدلو المقابل للحجر، والخروج من الباب المحاذي له، والصعود على الصفا، واستقبال العراقي، والاطالة، والدعاء والتكبير سبعا، والتهليل سبعا، والمشي(١) طرفيه، والهرولة بين المنارة وزقاق العطارين ولو نسيها رجع القهقري(٢) والدعاء خلاله.

ويحرم: الزيادة عمدا ويبطل بها لا سهوا، وتقديمه على الطواف عمدا، فيعيده بعد الطواف لو قدمه.

ولو ذكر النقيصة قضاها، ولو كان متمتعا وظن إتمامه فأحل وواقع أو قلم أو قص(٣) شعره، فعليه بقرة وإتمامه(٤) .

ولو لم يحصل العدد، أو شك في المبدأ وكان(٥) في المزدوج على المروة أعاد،

_______________________

(١) في(الاصل): " ويمثى " وما أثبتناه من(س) و(م) وهو الانسب.

(٢) أى: الرجوع إلى خلف، وفى(س): " للقهقرى ".

(٣) في(س): " أو قصر ".

(٤) في(س): " وتمامه ".

(٥) في(الاصل) و(س): " أو كان " والمثبت من(م) و(ع) وذخيرة المعاد، وهو الصحيح.

١٠٥

وبالعكس لاإعادة.ويجوز قطعه لقضاء حاجة وصلاة فريضة، ثم يتمه.

فاذا فرغ من سعي عمرة التمتع قصر وأحل من كل شئ أحرم منه، وأدناه أن يقصر شيئا(١) من شعر رأسه، أو يقص أظفاره، ولايحلق، فإن فعل فعليه دم(٢) ، ولو نسيه(٣) حتى أحرم بالحج فعليه دم.

المقصد الرابع: في احرام الحج والوقوف فاذا فرغ من العمرة وجب عليه الاحرام بالحج من مكة.

ويستحب أن يكون يوم التروية عند الزوال من تحت الميزاب، فإن نسيه رجع، فإن تعذر أحرم ولو بعرفة.

وصفته كما تقدم، إلا أنه ينوي إحرام(٤) الحج، ثم يبيت بمنى مستحبا ليلة عرفة، ثم يمضي إلى عرفة فيقف بها بعد الزوال إلى الغروب.وهو(٥) ركن من تركه عمدا بطل حجه، وكذا لو كان سهوا ولم يقف بالمشعر.

ويجب فيه: النية، والكون بها إلى الغروب، فلو أفاض قبله جاهلا أو ناسيا وعاد(٦) قبل الغروب فلا شئ، وعامدا عليه بدنة، فإن عجز صام ثمانية عشر يوما، ولو لم يتمكن نهارا وقف ليلا، ولو فاته بالكلية جاهلا أو ناسيا أو مضطرا أجزأه المشعر.

_______________________

(١) لفظ " شيئا " ليس في(س).

(٢) في(م): " شاة ".

(٣) أى: التقصير.

(٤) في(الاصل): " في احرام " ولم نثبت لفظ " في " لاختلال المعنى به.

(٥) في(س) و(م): " إلى ".

(٦) في(م): " فتام ".

١٠٦

ويستحب: الوقوف في الميسرة في السفح(١) ، والدعاء له ولوالديه وللمؤمنين بالمنقول، وأن يضرب خباه بنمرة، وأن يجمع رحله، ويسد الخلل به وبنفسه، والدعاء قائما.

ويكره: راكبا، وقاعدا، وفي أعلى الجبل.

ولا يجزي(٢) لو وقف بنمرة، أو عرنة، أو ثوية، أوذي المجاز، أو تحت الاراك، فاذا غربت الشمس بعرفة أ فاض ليلة النحر إلى المشعر.

ويستحب: الاقتصاد في سيره، والدعاء عند الكثيب الاحمر، وتأخير العشاء‌ين إلى المشعر ولو تربع الليل(٣) فإن منع في الطريق صلى والجمع بأذان وإقامتين، وتأخير نافلة المغرب إلى بعد العشاء.

ويجب فيه: النية، والوفوف بعد الفجر قبل طلوع الشمس، فلو أفاض قبل الفجر عامدا بعد أن كان به ليلا فعليه دم(٤) شاة، ولا يبطل حجه إن كان وقف بعرفة.ويجوز للمرأة والخائف الافاضة قبل الفجر ولا شئ عليهما، وكذا الناسي.

ولا يقف بغير المشعر، وحده: ما بين المأزمين إلى الحياض وإلى(٥) وادي محسر، ويجوز مع الزحام الارتفاع إلى الجبل، ولو نواه ونام(٦) أو جن أو اغمي عليه صح وقوفه على رأي.

ويستحب: الوقوف بعد صلاة الفجر، والدعاء، ووطء الصرورة المشعر

_______________________

(١) قال المحقق السبزوارى: " الظاهر أن المراد ميسرته بالاضافة إلى القادم اليه من مكة.

وسفح الجبل: اسفاه حيث يسفح فيه الماء وهو على مضجعه " ذخيرة المعاد: ٦٥٣.

(٢) في(م): " ولا يجزيه ".

(٣) في(س) و(م): " ولو بربع الليل ".

(٤) لفظ " دم " ليس في(س) و(م).

(٥) في(س) و(م): " إلى ".

(٦) في(م): " فنام ".

١٠٧

برجله(١) ، وذكر الله على قزح، والاقامة بمنى أيام التشريق لمن فاته الحج، ثم يتحلل بعمرة.

خاتمة

وقت الاختيار لعرفة: من زوال الشمس يوم عرفة إلى غروبها، من تركه عامدا فسد حجه، وللمضطر: إلى طلوع الفجر، ولو نسي الوقوف بها رجع ووقف ولو إلى الفجر، إذا عرف إدراك المشعر.

ووقت الاختيار للمشعر: من طلوع الفجر إلى طلوع الشمس، وللمضطر: إلى الزوال.

ويدرك الحج بإدراك أحد الاختياريين، ولو أدرك الاضطراريين فقولان(٢) ، ولو أدرك أحدهما خاصة فاته الحج.

ولو لم يقف بالمشعر ليلا ولا بعد الفجر عامدا بطل حجه، وناسيا يصح إن أدرك عرفة.

_______________________

(١) في(م): " برجليه ".

(٢) قال الشهيد في غاية المراد: " الوقوف المدرك اما عرفات أو جمع أو هما، وعلى التقديرين اما اختياريا أو اضطراريا أو مركبا منهما، فالاقسام ثمانية:(أ) اختيارى عرفة(ب) اختيارى جمع(ج) اضطرارى عرفة(د) اضطرارى جمع(ه‍) اختياريهما(و) اضطراريهما(ز) اختيارى عرفة واضطرارى جمع(ح) اختيارى جمع واضطرارى عرفة، وموضع الخلاف اضطرارى أحدهما وهو ثلاث صور، والمصنف حكى الخلاف في الاضطرارين لاغير ".

فذهب إلى الادراك ابن الجنيد كما عنه في المختلف: ١٣١، والشيخ المفيد في المقنعة: ٦٧، كما استفاد العلامة من عبارته في المختلف: ١٣١، وابوالصلاح في الكافى: ١٩٧.

وذهب إلى عدم الادراك الشيخ في المبسوط ٨ / ٣٨٣ والنهاية:: ٢٧٣ - لكن العلامة في المختلف قال: وكلام الشيخ في النهاية والمبسوط لا دلالة فيه على أن من أدرك الاضطراريين أدرك الحج أولا - وابن ادريس في السرائر: ١٤٦.

١٠٨

ولو ترك الوقوفين معا بطل حجه، عمدا وسهوا(١) .

وتسقط أفعال الحج عمن فاته، ويتحلل بعمرة مفردة، ثم يقضيه واجبا مع وجوبه.

تتمة يستحب التقاط الحصى من جمع(٢) ، ويجوز من سائر الحرم إلا المساجد، ويجب أن تكون أحجارا أبكارا من الحرم.

ويستحب: أن تكون برشا(٣) رخوة منقطة كحلية بقدر الانملة ملتقطة، والافاضة إلى منى قبل طلوع الشمس لغير الامام لكن لا يجوز وادي محسر(إلا)(٤) بعد طلوعها، ويتأخر الامام حتى تطلع والسعي في وادي محسر داعيا.

المقصد الخامس: في مناسك منى

ومطالبه ثلاثة: الاول: الرمى

ويجب يوم النحر رمي جمرة العقبة بسبع حصيات مع النية بفعله، فلا يجزي لو وقعت بواسطة غيره من حيوان وغيره، ولا إذا أصابت الجمرة بمالا يسمى رميا، ولا مع الشك في وصولها.

ويستحب: الطهارة، والدعاء عند كل حصاة، والتباعد بعشرة أذرع إلى خمسة عشر، والرمي خذفا، واستقبالها(٥) مستدبر القبلة، وفي غيرها

يساقبلها(٦) ، ويجوز الرمي عن العليل.

_______________________

(١) في(م): " أو سهوا ".

(٢) قال المقدس الاردبيلى في مجمعه: " يعنى المشعر، وهو المزدلفة ".

(٣) وهى: المشتملة على ألوان مختلفة، انظر: مجمع البحرين ٤ / ١٢٩ برش.

(٤) في(الاصل): " إلى " والمثبت من(س) و(م) وهو الصحيح.

(٥) أى: الجمرة.

(٦)أى: وفى غير جمرة العقبة يستقبل القبلة والجمرة.

١٠٩

المطلب الثانى: الذبح

ويجب ذبح الهدي أو نحره على المتمتع وإن كان مكيا، ويتخير المولى بين الذبح عن عبده المأذون وبين أمره بالصوم فأن أدرك المشعر معتقا تعين الهدي مع القدرة.

ويجب فيه: النية منه أو من الذابح عنه، وذبحه يوم النحر بمنى قبل الحلق(١) ، والواحدة(٢) ، ويجزي المندوب عن سبعة وعن سبعين من أهل الخوان الواحد(٣) .

ولا تباع ثياب التجمل فيه(٤) ، ولا يجزي لو ذبح الضال عن صاحبه، ولا يجوز إخراج شئ منه عن منى ويجب أن يكون من النعم، ثنيا من الابل، وهو الذي دخل في السادسة، ومن البقر والغنم ما دخل في الثانية، ويجزي من الضأن الجذع لسنته.

وتاما، فلا يجزي العوراء، والعرجاء البين، ولا اللاتي انكسر قرنها الداخل، ولا المقطوعة الاذن، ولا الخصي، ولا المهزول، وهو: الذي ليس على كليتيه شحم.

فإن اشتراها سمينة فخرجت مهزولة، أو أنها مهزولة فخرجت سمينة أجزأ، ولو اشتراه(٥) على أنه تام فظهر ناقصا لم يجزء.

_______________________

(١) في(س) و(م): " قبل الحلق بمنى ".

(٢) يعنى: أن يكون واحد عن واحد، فلا يجزئ الواحد عن اثنين.

(٣) قال المحقق السبزوارى." المراد بكونهم أهل خوان واحد: كونهم رفقة مختلطين في الاكل، وقيل: ان ذلك كناية عن كونهم أهل بيت واحد، والاول أقرب " ذخيرة المعاد: ٦٦٥.

(٤) أى: في الهدى.

(٥) في(م): " اشتراها ".

١١٠

ويستحب: أن يبرك في سواد، ويمشي في مثله، وينظر في مثله، وأن يكون معرفا(١) ، وإناثا من الابل والبقر، وذكرانا من الضأن والمعز، ونحرها قائمة مربوطة بين الخف والركبة، والدعاء، والمباشرة مع المعرفة وإلا جعل يده مع يد الذابح والقمسة أثلاثا بين أكله وإهدائه وصدقته(٢) .

ويكره: الثور، والجاموس، والموجوء.ولو فقد الهدي ووجد الثمن خلفه عند من يذبحه عنه طول ذي الحجة.

ولو عجز صام عشرة: ثلاثة أيام في الحج متتابعات يوم عرفة ويومان قبله ويجوز تقديمها(٣) من أول ذي الحجة بعد التلبس بالمتعة وتأخيرها، فإن خرج ذو الحجة ولو يصمها تعين الهدي، ولو وجد الهدي بعد صومها استحب الذبح وسبعة إذا رجع إلى أهله، فإن أقام انتظر وصول أصحابه أو مضى شهر، ولو مات قبل الصوم صام الولي العشرة على رأي(٤) ، ولو مات الواجد اخرج الهدي من الاصل.

وأما هدي القران فلا يخرج عن ملكه، وله إبداله والتصرف فيه وإن أشعره أو قلده، لكن متى ساقه فلابد من نحره بمنى إن كان لاحرام الحج، وإن كان للعمرة فبالجزورة(٥) .

ولا يجب البدل لو هلك، ولو كان مضمونا كالكفارات وجب.

ولو عجز هدي السياق(٦) ذبح أو نحر وعلم علامة الهدي، ولو انكسر جاز بيعه وتصدق بثمنه أو أقام بدله، ولا يتعين هدي السياق للصدقة إلا بالنذر.

_______________________

(١) أى: الحضر عشية عرفة.

(٢) في(س) و(م): " وصدقته واهدائه ".

(٣) أى: الايام الثلاثة.

(٤) في(م): " ولو مات من وجب عليه الصوم قبله صام الولى العشرة ".

(٥) وهو: موضع بين الصفا والمروة.

(٦) أى: عن وصوله إلى منى.

١١١

ولو سرق من غير تفريط لم يضمن، ولو ضمن فذبح عن صاحبه أجزأ، ولو أقام بدله ثم وجده ذبحه ولم يجب ذبح الاخير، ولو ذبح الاخير استحب ذبح الاول.ويجوز ركوب الهدي، وشرب لبنه ما لم يضر به أو بولده.

ولا يعطى الجزار من الواجب حتى الجلد، ولا يأكل منها، فيضمن المأكول ويستحب: قسمة هدي السياق كالتمتع، والاضحية وأيامها ثلاثة، أولها النحر بالامصار، وأربعة بمنى بما يشتريه، ويجزئ الهدي الواجب عنها، ولو فقدها تصدق بثمنها، فإنم اختلفت تصدق بالاوسط.ويكره التضحية بما يربيه، وأخذ الجلود وإعطاؤها الجزار.

وإذا نذر اضحية معينة زال ملكه عنها، فإن تلفت بتفريط ضمن، وإلا فلا، ولو عابت من غير تفريط نحرها على مابها.

ولو ذبحها غيره ولم ينو عن المالك لم يجزء عنه، وإن نوى عنه أجزأ.

ولا يسقط استحباب الاكل من المنذورة، وتتعين بقوله: جعلت هذه الشاة اضحية، ولو قال: لله علي التضحية بهذه تعينت، ولو أطلق ثم قال: هذه عن نذري، ففي التعيين إشكال.وكل من وجب عليه بدنة في نذر أو كفارة فلم يجد فعليه سبع شياه.

المطلب الثالث: الحلق(١)

ويجب(بعد)(٢) الذبح الحلق أو التقصير بأقله بمنى والافضل الحلق، خصوصا للملبد والصرورة، ويتعين التقصير على النساء قبل طواف الزيارة، فإن أخره عمدا فشاة، وناسيا لا شئ ويعيد الطواف.

ولو رحل قبله رجع فحلق بها، فإن عجز حلق أو قصر مكانه واجبا وبعث بشعره ليدفن بها مستحبا، فإن عجز فلا شئ.

_______________________

(١) في(م): " في الحلق ".

(٢) في(الاصل): " مع " والمثبت من(س) و(م).

١١٢

ويمر الاقرع الموسى على رأسه.

وبعد الحلق أو التقصير يحل من كل شئ، عدا الطيب والنساء والصيد، فاذا طاف للزيارة حل الطيب، فاذا طاف للنساء حللن له.ويكره المخيط قبل طواف الزيارة، والطيب قبل طواف النساء.

فاذا فرغ من المناسك مضى إلى مكة من يومه، ويجوز تأخيره إلى غده لا أزيد، فيطوف للزيارة ويسعى ويطوف للنساء، ويجوز للمفرد والقارن التأخير طول ذي الحجة على كراهية.

(المقصد السادس)(١) في باقى المناسك

فاذا فرغ من الطوافين والسعي رجع إلى منى(وبات)(٢) بها ليالي التشريق، وهي الحادي عشر، والثاني عشر، والثالث عشر.

ويجوز النفر يوم الثاني عشر بعد الزوال لمن اتقى النساء والصيد، إلا أن تغرب الشمس بمنى.

ولو بات الليلتين بغيرها وجب عليه شاتان، إلا أن يبيت بمكة مشتغلا بالعبادة، ولو بات غير المتقي الثلاث وجب عليه ثلاث شياه، ويجوز أن يخرج من منى بعد نصف الليل.

ويجب أن يرمي كل يوم من أيام التشريق كل جمرة من الثلاث بسبع حصيات، يبدأ بالاولى، ثم الوسطى، ثم جمرة العقبة، فإن نكس أعاد على الوسطى وجمرة العقبة، ولو نقص العدد ناسيا حصل بالترتيب مع أربع لا بدونها(٣) .

_______________________

(١) في(الاصل) و(س) و(م) وذخيرة المعاد: " المطلب الرابع " وهو خطأ واضح، لان المصنف ذكر في المقصد الخامس أن مطالبه ثلاثة، والصحيح ما أثبتناه وهو من نسخة(ع) المساعدة.

(٢) في(الاصل) و(س): " فبات " والاولى ما اثبتناه وهو من(م).

(٣) قال المحقق السبزوارى: " يعنى أخل ببعض الرميات، فان أتى على المقدمةبأربع رميات حصل الترتيب فيأتى بما بقى ولا تجب عليه الاعادة، بخلاف ما اذا لم يأت بأربع " ذخيرة المعاد: ٦٨٩.

١١٣

ووقته من طلوع الشمس إلى غروبها، ولو نفر في الاول دفن حصى الثالث، ويرمي الخائف والمريض والراعي والعبد ليلا.

ولو نسي رمي يوم قضاه من الغد مقدما، ولو نسي الجميع حتى دخل مكه رجع، ولو خرج بعد انقضاء أيامه رمى(١) في القابل أو استناب ويجوز الرمي عن المعذور ولو نسي جمرة وجهل عينها أعاد الثلاث، ولو نسي حصاة ولم يعلم المحل رمى على الثلاث.

ويستحب: الاقامة بمنى أيام التشريق، ورمي الاولى عن يمينه واقفا داعيا، وكذا الثانية، والثالثة مستدبرا للقبلة(٢) مقابلا لها ولا يقف، والتكبير على رأي(٣) وصورته:(٤) الله أكبر الله أكبر(٥) لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر(٦) على ما هدانا والحمد لله(٧) على ما أولانا ورزقنا من بهيمة الانعام عقيب خمس عشرة صلاة أولها ظهر العيد، ثم يمضي حيث شاء(٨) .

ولو بقي عليه شي ء من المناسك بمكة عاد إليها واجبا وإلا مستحبا لطواف الوداع بعد صلاة ست ركعات بمسجد الخيف عند المنارة التي في وسطه وفوقها بنحو من ثلاثين ذراعا، وعن يمينها ويسارها كذلك.

ويستحب: لمن نفر في الاخير الاستلقاء في مسجد الحصبة بعد صلاة ركعتين،

_______________________

(١) في(م): " يرمى ".

(٢) في(س) و(م): " القبلة ".

(٣) في حاشية(س): " قيل: يجب ".

(٤) في(م): " صورته ".

(٥) في(م) لفظ " الله اكبر " مذكور ثلاث مرات.

(٦) لفظ " الله اكبر " لم يرد في(م).

(٧) في(س) و(م): " وله الحمد ".

(٨) أى: ثم يمضى بعد الفراغ من المناسك المذكورة حيث شاء.

١١٤

وللعائد دخول الكعبة خصوصا الصرورة، والصلاة بين الاسطوانتين على الرخامة الحمراء ركعتين بالحمد، وحم السجدة، وفي الثانية بعددها(١) وفي الزوايا، والدعاء، واستلام الاركان خصوصا اليماني والمستجار، والشرب من زمزم، والدعاء خارجا من باب الحناطين، والسجود مستقبل القبلة(٢) داعيا، وشراء(٣) تمر بدرهم يتصدق به، والعزم على العود، والنزول بالمعرس على طريق المدينة، وصلاة ركعتين به، والحائض تودع من باب المسجد.

ويكره: المجاورة بمكة، والحج على الابل الجلالات(٤) .

والطواف للمجاور أفضل من الصلاة، والمقيم بالعكس.

النظر الرابع في اللواحق

وفيه مطالب: الاول: في العمرة المفردة

وتجب على الفور على من يجب عليه الحج بشروطه في العمر مرة، إلا المتمتع، فإن عمرة تمتعه تجزئ عنها، وقد تجب بالنذر وشبهه، والاستئجار، والافساد، والفوات، والدخول إلى مكة لغير المتكرر، وتتكرر بتكرر السبب.

ويجب فيها: النية، والاحرام من الميقات أو من خارج الحرم وأفضله الجعرانة، ثم التنعيم، ثم الحديبية والطواف، وركعتاه، والسعي، والتقصير، وطواف النساء، وركعتاه.

وتصح في جميع أيام السنة وأفضلها رجب، ويجوز العدول بها إلى التمتع إن وقعت في أشهر الحج.

_______________________

(١) في(م): " بقدرها ".

(٢) في(م): " الكعبة ".

(٣) في(س): " واشتراء ".

(٤) في(م): " الجلالة ".

١١٥

ولو اعتمر متمتعا لم يجز الخروج حتى يأتي بالحج، فإن خرج من مكة بحيث لا يفتقر إلى استئناف إحرام آخر جاز، ولو خرج فاستأنف عمرة تمتع بالاخيرة.

وتستحب المفردة في كل شهر، وأقله عشرة أيام، والحلق فيها أفضل من التقصير، ويحل مع أحدهما من كل شئ عدا النساء، فاذا طاف طوافهن حللن له(١) .

المطلب الثاني: في الحصر والصد

من صد بالعدو بعد تلبسه ولا طريق غيره، أو كان وقصرت النفقة عن الموقفين أو مكة، نحر أو ذبح وتحلل بالهدي ونية التحلل، ولو كان هناك طريق آخر لم يتحلل، وإن خشي الفوات صبر حتى يتحقق ثم يتحلل بالعمرة ثم يقضي في القابل مع وجوبه وإلا ندبا، وكذا المعتمر إذا منع عن(٢) مكة.

ويكفي هدي السياق عن هدي التحلل، ولا بدل لهدي التحلل، فلو عجز عنه وعن ثمنه لم يتحلل وإن حل، ولا صد بالمنع عن منى.

ولو احتاج إلى المحاربة لم تجب وإن غلب السلامة، ولو افتقر إلى بذل مال مقدور عليه فالوجه الوجوب، ولو ظن مفارقة العدو قبل الفوات جاز التحلل، والافضل البقاء، فإن فارق أتمه(٣) ، والا تحلل بعمرة.

والمحبوس القادر على الدين غير مصدود، وغيره مصدود، وكذا المظلوم.

ولو صابر ففات لم يجز التحلل بالهدي بل بالعمرة ولا دم، ولو صد المفسد فعليه بدنة ودم التحلل، فلو انكشف العدو بعد التحلل واتسع الزمان للقضاء وجب،

_______________________

(١) لفظ.

(٢) في(م): " من ".

(٣) في(س) و(م): " أتم ".

١١٦

وهو حج يقضى لسنته، وإن كان لم يكن تحلل مضى فيه وقضاه في القابل.

والمحصور الممنوع بالمرض عن مكة أو الموقفين يبعث ما ساقه، وإلا هديا أو ثمنه ويتم محرما حتى يبلغ الهدي محله، إما منى للحاج أو مكة للمعتمر، ثم يحل بالتقصير، إلا من النساء، إلى أن يحج في القابل مع وجوبه، أو يطاف عنه للنساء مع ندبه.

ولو زال العارض فأدرك أحد الموقفين تم حجه، وإلا تحلل بعمرة وقضى في القابل واجبا مع وجوبه وإلا ندبا.

ولا يبطل تحلله لو بان أنه لم يذبح عنه، وكان عليه ذبحه في القابل.والمعتمر إذا تحلل يقضي العمرة عند المكنة، والقارن يحج في القابل كذلك إن كان واجبا، وإلا تخير.

المطلب الثالث: في نكت متفرقة

تحرم لقطة الحرم وإن قلت وتعرف سنة، فإن وجد المالك وإلا تخير بين الصدقة والحفظ ولا ضمان فيهما.

ويكره: منع الحاج سكنى دور مكة، ورفع بناء فوق الكعبة.

ويضيق على الملتجئ إلى الحرم الجاني في المطعم والمشرب حتى يخرج، ويقابل بجنايته فيه لو جنى فيه.

ويجبر الامام الناس على زيارة النبى عليه السلام مع تركهم.

وحرم المدينة بين عائر ووعير(١) لا يعضد شجره ولا يؤكل صيده، إلا ما صيد بين الحرتين على كراهية.

ويستحب: زيارة النبي عليه السلام مؤكدا، وزيارة فاطمة عليها السلام من الروضة، والائمة عليهم السلام بالبقيع، والمجاورة في المدينة، والصلاة في الروضة، وصوم الحاجة(٢) ثلاثه أيام، والصلاة ليلة الاربعاء عند اسطوانة أبي لبابة، وليلة الخميس عند اسطوانة مقام رسول الله صلى الله عليه وآله، وإتيان المساجد بالمدينة، وقبور الشهداء باحد خصوصا قبر حمزة عليه السلام.

_______________________

(١) وهما: جبلان بالمدينة كما في مجمع البحرين ٣ / ٤١٨ عير.

(٢) في(س) و(م): " والصوم للحاجة ".

١١٧

كتاب الجهاد

ومقاصده خمسة: الاول من يجب عليه

يجب جهاد أهل الذمة وهم: اليهود، والنصارى، والمجوس إذا أخلوا بشرائط أهل(١) الذمة.

وهي: قبول الجزية، وأن لا يفعلوا ما ينافي الامان كالعزم على حرب المسلمين وإمداد المشركين، وأن لا يؤذو المسلمين بالزنا واللواط والسرقة والتجسس عليهم وشبهه، وأن لا يتظاهروا بالمناكير كشرب الخمر وأكل الخنزير ونكاح المحرمات وأن لا يحدثوا كنيسة ولا يضربوا ناقوسا ولا يرفعوا بناء، وأن تجري عليهم أحكام المسلمين.

وبالاولين يخرجون عن الذمة، وأما الباقي فإن شرط(٢) في عقد الذمة وأخلوا به خرجوا، وإلا قوبلوا بمقتضى شرعنا.

ولو سبوا النبي عليه السلام(٣) قتل(الساب)(٤) ، ولو نالوه بدونه عزروا، ولو شرط الكف خرقوا(٥) ، ولو أسلموا كف عنهم.

ويجب جهاد غيرهم من أصناف الكفار إلى أن يسلموا أو يقتلوا، وجهاد البغاة على الكفاية على كل مكلف حر ذكر غيرهم، بشرط وجود الامام أو من نصبه.

ويسقط: عن الاعمى، والزمن، والمريض العاجز، والفقير العاجز عن نفقته ونفقة عياله وثمن سلاحه فإن بذل له ما يحتاج إليه وجب، ولا يجب لو كان اجرة وعمن منعه أبواه مع عدم التعيين.

_______________________

(١) لفظ " أهل " لم يرد في(س) و(م).

(٢) في(س) و(م): " شرطه ".

(٣) في(م): " صلى الله عليه وآله ".

(٤) في(الاصل): " السباب " والمثبت من(س) و(م) وهو الاولى.

(٥) أى: لو شرط الكف في عقد الذمة عن سب النبى صلى الله عليه وآله ولم يكفوا خرقوا الذمة.

١١٨

وليس لصاحب الدين المؤجل منع المديون قبل الاجل، ولا منع المعسر مطلقا على رأي.

ويتعين: بالنذر، وإلزام الامام، وقصور المسلمين، وبالدفع مع الخوف وإن كان بين أهل الحرب، ويقصد الدفع لا مساعدتهم.

والموسر العاجز يقيم عوضه استحبابا على رأي، والقادر إذا أقام غيره سقط عنه ما لم يتعين.

وتجب المهاجرة عن بلد الشرك إذا لم يتمكن من إظهار شعائر الاسلام.

وتستحب المرابطة بنفسه وبفرسه وغلامه وإن كان الامام غائبا، وحدها ثلاثة أيام إلى أربعين يوما، فإن زادت فله ثواب الجهاد، وتجب بالنذر مع الغيبة أيضا.

ولو نذر شيئا للمرابطين وجب صرفه إليهم على رأي، ولو آجر نفسه وجب وإن كان الامام غائبا.

المقصد الثانى في كيفيته

يحرم في أشهر الحرم، إلا أن يبدأ العدو فيها، أو يكون ممن لا يرى لها حرمة، ويجوز في الحرم، ويبدأ بقتال الاقرب، إلا مع الخوف من الابعد.وإنما يجوز بعد الدعاء من الامام أو نائبه إلى الاسلام لمن لا يعلمه(١) .

فاذا التقى الصنفان وجب الثبات، إلا أن يزيد العدو على الضعف، أو يريد التحرف لقتال، أو التحيز إلى فئة وإن غلب الهلاك.وتجوز المحاربة بأصنافها، إلا السم، ولو اضطر إليه جاز.

ولو تترسوا بالنساء أو الصبيان(٢) أو المسلمين ولم يمكن التوقي جاز قتل الترس، ولادية على قاتل المسلم وعليه الكفارة، ولو تعمد قتله مع إمكان التحرز وجب عليه القودو الكفارة.

ولا يجوز قتل المجانين والصبيان والنساء وإن عاون إلا مع الضرورة ولا التمثيل، ولا الغدر، ولا الغلول.

ويكره: الاغارة ليلا، والقتال قبل الزوال اختيارا، وتعرقب الدابة، والمبارزة بغير إذن.

_______________________

(١) في(م): " ولايعلم ".

(٢) في(م): " والصبيان ".

١١٩

ويجوز للامام ونائبه الذمام لاهل الحرب عموما وخصوصا، ولاحاد المسلمين العقلاء البالغين ذمام آحاد المشركين لا عموما، وكل من دخل بشبهة الامان رد إلى مأمنه.

وإنما ينعقد قبل الاسر، ويدخل ماله لو استأمن ليسكن دار الاسلام، فإن التحق بدار الكفر للاستيطان انتقض أمانه دون أمان ماله، فإن مات في الدارين ولا وارث له سوى الكفار صارفيئا للامام، ولو أسره المسلمون واسترقوه ملك ماله تبعا له.ويصح بكل عبارة تدل على الامان صريحا أو كناية، بخلاف لابأس أولا تخف.

ولو أسلم الحربي وفي ذمته مهر لم يكن للزوجة ولا لوارثها مطالبته، فإن ماتت ثم أسلم، أو أسلمت قبله ثم ماتت طالبه وارثها المسلم خاصة.

ويجوز عقد العهد على حكم الامام أو نائبه العدل، والمهادنة على حكم من يختاره الامام، فإن مات قبل الحكم بطل الامان ورد وإلى مأمنهم، ولو مات أحد الحكمين بطل حكم لباقي ويتبع حكمه المشروع، فإن حكم بالقتل والسبي والمال فأسلموا سقط القتل.ولو هادنهم على ترك الحرب مدة مضبوطة وجب، ولا تصح المجهولة.

ولو شرط إعادة المهاجرة لم يجز، فإن هاجرت وتحقق إسلامها لم تعد، ويعاد على زووجها ما سلمه من المهر المباح خاصة.

فول قدم وطالب بالمهر فماتت بعد المطالبة دفع إليه مهرها، وإن(١) ماتت قبل المطالبة لم يدفع إليه، ولو قدمت فطلقها بائنا لم يكن له المطالبة، ولو أسلم في الرجعية فهو أحق بها، ولو قدمت مسلمة وارتدت لم تعد لانها بحكم المسلمة.

وتجوز إعادة من تؤمن فتنته من الرجال، بخلاف من لا تؤمن بكثرة العشيرة وغيرها.

المقصد الثالث في الغنيمة

ومطالبه ثلاثة: الاول: كل ما ينقل ويحول مما حواه العسكر مما يصح تملكه يخرج الامام منه(٢) الجعائل للدال على المصلحة وغيره، والسلب والرضخ للراعي والحافظ(٣) ، وغيرهما إذا جعلها الوالي، الخمس لاربابه.

والباقي يقسم بين الغانمين، ومن حضر القتال وإن لم يقاتل حتى الطفل

_______________________

(١) في(س) و(م): " فان ".

(٢) في(م): " يخرج منه ".

(٣) في(س) و(م): " اللحافظ والراعى ".

١٢٠

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233