ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان الجزء ١

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان25%

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 233

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 233 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149642 / تحميل: 6684
الحجم الحجم الحجم
ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

المطلب الثالث: في الصرف

إنما يصح بيع الاثمان بمثلها مع التقابض قبل التفرق، فلو تفرقا قبله بطل، ولو قبض البعض بطل في الباقي، ولو فارقا مصطحبين أو وكل في القبض فقبض الوكيل قبل التفرق صح.

وإذا اتحد الجنس وجب التساوي قدرا وإن اختلفا في الجودة والرداء‌ة والصنعة، وإذا اختلفا فيه جاز الاختلاف.

والمغشوش من النقدين يباع بالاخر مع جهل(١) الغش، ومع علمه يجوز بصافيه مع زيادة تقابل الغش.

ومعدن أحدهما يباع بالاخر، ولو جمعا جاز بيعه بهما.

والمصوغ من النقدين يباع بهما أو بغيرهما إن جهل قدر كل منهما وأمكن تخليصه(٢) ، وإن لم يمكن بيع بالاقل(٣) ، ومع التساوي بهما، ولو علم كل منهما جاز بيعه بجنسه متساويا، وبغير الجنس مع التفاوت وعدمه.

والمراكب المحلاة والسيوف تباع بغير جنس الحلية مع الجهل، أو بالجنس مع العلم والزيادة أو الاتهاب.

ولو كان له عليه دراهم فاشترى بها دنانير أو بالعكس صح وإن لم يتقابضا، ولو زاد الثمن عن المقدر بما تجري العادة به فهو للبائع، وإلا فللمشتري، وروي تجويز بيع درهم بدرهم مع شرط صياغة خاتم(٤) .

_______________________

(١) في(م): " جمالة ".

(٢) في حاشية(س): " المراد بامكان التخليص: أن لا ينقص الوزن ولا القيمة بسبب التخليص ".

(٣) في حاشية(م): " قوله: بيع بالاقل، يعنى: ان كان الغالب فيها الذهب لم يبع الا بالفضة، وان كان الغالب فيها الفضة لم يبع الا بالذهب ".

(٤) وهى رواية محمد بن الفضيل عن أبى الصباح الكنانى، قال: سألت أبا عبداللهعليه السلام عن الرجل يقول للصائغ: صغ هذا الخاتم وابدل لك درهما طازجا بدرهم غلة؟ قال: لا بأس.

انظر: الكافى ٥ / ٢٤٩ حديث ٢٠، التهذيب ٧ / ١١٠ حديث ٤٧١.

١٤١

ولو اشترى بنصف دينار لزمه شق دينار، ولو أراد النصف صحيحا عرفا أو نطقا لزم.

وتراب الصياغة يباع بالنقدين معا أو بغيرهما، ويتصدق بالثمن لجهالة أربابه.

والاثمان تتعين بالتعيين(١) ، فلو اشترى أحد النقدين بالمثل معينا فوجده من غير الجنس بطل وكذا لو باع ثوب كتان فخرج صوفا أو ابريسما ولو وجد البعض بطل فيه، ويتخير المشتري وليس له الابدال، ولو كان منه(٢) معيبا فله الرد أو الامساك بغير شئ(٣) ، وليس له رد المعيب وحده ولا الابدال، ولو كان غير معين فوجده من غير الجنس(٤) فله الابدال قبل التفرق، وبعده يبطل(٥) ، ولو وجد منه معيبا فله الرد، والامساك(٦) بغير أرش، والبدل وإن تفرقا.

ويجوز إخراج الدراهم المغشوشة مع جهالة الغش إذا كانت معلومة الصرف بين الناس، ولا يجوز إذا كانت مجهولة الصرف إلا بعد الاعلام، ويجوز أن يقرضه شيئا ويشترط أن ينقده بأرض اخرى.

_______________________

(١) في(س): " بالتعين ".

(٢) قال الشهيد في غاية المراد: " الضمير في قوله " منه " يرجع إلى الجنس، أى: لو كان الثمن معيبا من الجنس فله الرد والامساك بغير شئ ".

(٣) في(س): " أرش " وفى حاشيتها: " شئ خ ل ".

(٤) في(م): " جنس ".

(٥) في(م): " بطل ".

(٦) في(الاصل): " أو الامساك " والمثبت من(س) و(م) وهو الانسب.

١٤٢

المقصد الثالث في أنواعها

وفيها ثلاثة مطالب: المطلب(١) الاول: في النقد والنسيئة

من باع مطلقا أو تعجيل الثمن كان الثمن حالا، وإن شرط التأجيل لزم إن كان مضبوطا، وإلا بطل.

ويبطل لو باعه بثمنين إلى أجلين، أو إلى أجل بثمن، وحالا بدونه.

ولو باع نسيئة ثم اشتراه قبل الاجل من غير شرط في العقد صح بأزيد وأنقص حالا ومؤجلا، ولو حل الاجل فاشتراه بغير الجنس صح سواء ساواه أولا، وإن كان بالجنس صح مع المساواة، والاقوى الجواز مع التفاوت.

ولا يجب دفع الثمن قبل الاجل ولا قبضه ويجب بعد الاجل، فإن امتنع دفعه إلى الحاكم، فإن تلف عند الحاكم فمن البائع، وكذا كل حق حال أو مؤجل حل فامتنع صاحبه من قبضه.

ويجوز بيع المتاع حالا ومؤجلا بأزيد من ثمنه أو أنقص مع علمهما بالقيمة، ولا يجوز تأخير(٢) الحال بالزيادة، ويجوز تعجيله باسقاط بعضه.

المطلب الثانى: في السلف

وفيه بحثان: الاول في شرائطه، وهي ثمانية: الايجاب كبعت وأسلفت وأسلمت، والقبول.

وذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة، لا من كل وجه، بل من الوجه

_______________________

(١) لفظ " المطلب " لم يرد في(م).

(٢) في(س): " تأخر ".

١٤٣

الذي تختلف الاعراض بتفاوته.

وقبض الثمن قبل التفرق، فلو تفرقا قبله بطل، ولو قبض البعض صح فيما قابله خاصة.

وتقدير المبيع بالكيل والوزن(١) المعلومين إن دخلا فيه، ولو أحلا على مكيال مجهول القدر لم يصح وإن كان معينا.

وتقدير الثمن كذلك، ولا تكفي المشاهدة، ولا يصح في المذروع جزافا ويصح فيه أذرعا، ولا يجوز في القصب أطنانا، ولا الحطب حزما، ولا الماء قربا، ولا المعدود عددا مع إختلاف قدره، ولا المجزوز جززا(٢) .

وتعيين الاجل بما لا يحتمل(٣) الزيادة والنقصان، فلو شرط قدوم الحاج أو إدراك الغلات لم يجز.

وغلبة وجوده وقت الحلول، فلا يصح اشتراط أجل(لفواكه)(٤) لا توجد فيه.

وعدم اسناده(٥) إلى معين، فلو شرط الغلة من زرع أرض معينة، أو الثمرة من شجرة معينة، أو الثوب من غزل امرأة بعينها أو نسج رجل بعينه، أو الصوف من نعجات بعينها لم يصح.

البحث الثانى في الاحكام: يجب على البائع دفع أقل ما يطلق عليه الوصف وعلى المشتري قبول الاجود، ولا يصح اشتراط الاجود ويصح اشتراط الاردأ.

_______________________

(١) في(س) و(م): " أو الوزن ".

(٢) في حاشية(س)." جزء خ ل ".

(٣) في(س): " بما لايقبل ".

(٤) في(الاصل): " للفواكه " والمثبت من(س) و(م) وهو الصحيح.

(٥) في(س): " استناده ".

١٤٤

وكل ما ينضبط وصفه يصح السلم فيه: كالحيوان والالبان، والسمون، والشحوم(١) ، والاطياب، والثياب، والثمار، والادوية، وفي شاة لبون ويلزم ما من شأنها وحامل وذات ولد.ولا يجوز في اللحم، والخبز، والجلد، والنبل المعمول، والجواهر، واللالي، والعقار، والارض.ولو(٢) قال: إلى ربيع حمل على الاول، وكذا الخميس(٣) ، وإلى شهرين حل(٤) بآخرهما، وإلى شهر كذا بأوله.وليس ذكر موضع التسليم شرطا، فإن شرطاه لزم، وإلا انصرف إلى بلد العقد.

ولا يجوز بيعه قبل حلوله، ويجوز بعده قبل قبضه(٥) على البائع وغيره.

ولو رضي بأقل صفة وقدرا صح، ولو دفع أجود وجب القبول بخلاف الازيد، ولو دفع من غير الجنس افتقر إلى التراضي، ولو وجد به عيبا رده وعاد الحق إلى الذمة سليما، ولو ظهر أن الثمن من غير الجنس بطل العقد، وإن كان منه معيبا كان له الارش والرد.

ويقدم قول مدعى القبض التفرق، ولو أخر التسليم فللمشتري الفسخ والالزام، ويجوز اشتراط سائغ مع السلف.

_______________________

(١) في(م): " والشحوم والسمون ".

(٢) في(م): " وان ".

(٣) في(س): " لخميس ".

(٤) في(س): " يحل ".

(٥) في(م): " القبض ".

١٤٥

المطلب الثالث: في المرابحة والمواضعة

يجب ذكر رأس المال قدرا ونقدا فيهما، وقدر الربح والوضيعة، فيقول: اشتريت بكذا، أو رأس ماله كذا، أو تقوم علي بكذا، أو هو علي بكذا، ولو عمل فيه قال: رأسماله كذا وعملت فيه بكذا، ولو عمل فيه باجرة جاز أن يقول:(١) تقوم علي أو هو علي.ويسقط الارش من رأس المال لا أرش الجناية، ولا ما يحطه عنه البائع وثمرة الشجرة.

ولو فدى جنايته لم يجز ضمها، ولو اشترى جملة لم يبع بعضها مرابحة وإن قوم، إلا أن يخبر بالحال، وكذا الدلال لو قوم عليه التاجر.

ويجوز أن يشتري ما باعه بزيادة أو نقيصة حالا ومؤجلا، ويكره قبل القبض في المكيل والموزون.

ولو شرط الشراء في العقد لم يصح(٢) ، ويجوز مع الاطلاق وإن قصداه، فلو باع غلامه الحر سلعة ثم اشتراها بأزيد جاز الاخبار بالزيادة، ولو بان الثمن أقل تخير المشتري بين الرضا بالمسمى والرد، ولا تقبل دعواه في الشراء بأكثر.

وينسب الربح إلى المبيع، فيقول: هو علي بكذا وأربح فيه كذا، ويكره نسبته إلى المال، فيقول: هو علي بكذا وأربح كل عشرة كذا.

ولو اشترى نسيئة أخبر بالاجل، فإن أهمل تخير المشتري بين الرد والاخذ حالا على رأي.

ولو قال: بعتك بمائة وربح كل عشرة درهم فالثمن مائة وعشرة.

ولو قال: وضيعة كل عشرة درهم، أو مواضعة العشرة درهم فالثمن تسعون، ويحتمل أحد وتسعون إلا جزء من أحد عشر جزء من درهم.

والتولية: البيع برأس المال، فاذا(٣) قال: وليتك إياه، أو بعتك بمثل ما اشتريت لزم المشتري ما وقع عليه العقد.

_______________________

(١) لفظ " أن يقول " لم يرد في(س) و(م).

(٢) في(م): " بطل ".

(٣) في(م): " فلو ".

١٤٦

المقصد الرابع في اللواحق

وفيه مطالب:الاول: في الخيار

وفيه فصلان:الاول في أقسامه،

وهي سبعة: خيار المجلس، ويثبت في البيع خاصة، ما لم يفترقا اختيارا، أو يشترطا سقوطه، أو يوجباه، ولو أوجبه أحدهما سقط خياره خاصة.

وخيار الحيوان، وهو ثابت للمشتري خاصة ثلاثة أيام من حين العقد على رأي شرطاه أولا، ولو شرطا سقوطه، أو أسقطاه بعد العقد، أو تصرف المشتري سقط.

وخيار الشرط، وهو ثابت لمن(شرطاه)(١) سواء كان أحدهما أو هما معا أو أجنبيا أو لاحدهما معه، ويجب ضبط المدة ومبدأها العقد ما لم يشرطا غيره، ويجوز اشتراط المؤامرة، واسترجاع المبيع بعد مدة إذا رد الثمن.

وخيار الغبن، وهو ثابت للمغبون بمالم تجربه العادة، ولا يسقط بالتصرف(٢) ، ولا يثبت به أرش.

وخيار التأخير، فمن اشترى شيئا ولم يشترط تأخير الثمن و لا قبض السلعة ولا قبض البائع الثمن، تخير البائع بعد ثلاثة أيام في امضائه أو فسخه، ولو تلف بعد الثلاثة فمن البائع، وكذا قبلها على رأي، والخيار فيما يفسد إلى الليل،

_______________________

(١) في(الاصل) و(س): " شرطاه " والمثبت هو الانسب وهو من(م).

(٢) قال الشهيد في غاية المراد: " يريد: أن خيار الغبن لايسقط بتصرف المشترى مطلقا، وان كان هو المشترى لايسقط بتصرفه، الا أن يخرجه عن الملك، أو يمنع مانع من رده، كالاستيلاد والعتق ".

١٤٧

فإن جاء بالثمن وإلا فالبائع أحق(١) .

وخيار الرؤية، ثابت لمن اشترى أو باع موصوفا أو غائبا بعد مشاهدته(٢) ، فإن خرج على الوصف أو العهد فلا فسخ، وإلا تخير البائع إن زاد وصفه والمشتري إن نقص.

وخيار العيب، وسيأتي.

الفصل الثانى في الاحكام:

خيار الشرط يثبث في كل عقد، سوى النكاح والوقف والابراء والطلاق والعتق، ويسقط بالتصرف، فلو تصرف أحدهما سقط خياره خاصة، ولو تصرفا أو تصرف أحدهما باذن الاخر سقط خيارهما، والخيار موروث.

ويقوم الولي مقام من تجدد جنونه، ويملك المشتري بالعقد(٣) على رأي، ولو(٤) فسخ بعد النماء فالنماء للمشتري.

وكل مبيع تلف قبل قبضه(٥) فهو من مال البائع، وبعد القبض وانقضاء الخيار من المشتري، وإن كان في الخيار فهو ممن لا خيار له، ولو كان الخيار لهما معا فالتلف من المشتري، ولو أبهم الخيار في أحد المبيعين صفقة بطل العقد.

ويجب في بيع خيار الرؤية ذكر الجنس والوصف الرافع للجهالة، فإن

_______________________

(١) قال الشهيد في غاية المراد: " هذه عبارة كثير من الاصحاب، وفيها التباس، فان عنى به ظن فيه النهار لخيار البائع أو المشترى فليس كذلك، وان عنى به ان الليل مبدأ الخيار فمسلم، ولكن العبارة آبية ذلك متجافية عنه ".

(٢) في(س) و(م): " مشاهدة ".

(٣) قال الشهيد في غاية المراد: " الباء في العقد سبية، أى: بسبب العقد، والمراد: أن العقد سبب تام في الملك، غاية ما في الباب أنه متزلزل في موضع الخيار حتى يسقط ".

(٤) في(س) و(م): " فلو ".

(٥) في(م): " القبض ".

١٤٨

أخل بأحدهما بطل، وإن ظهر على خلاف الوصف(١) تخير المشتري بين الفسخ(٢) والامضاء بغير أرش، ولو كان البائع باعه بوصف الوكيل فظهر أجود فالخيار له(٣) .

ولو اشترى ضيعة شاهد بعضها ووصف له الباقي ولم يوافق تخير في فسخ الجميع وامضائه.

المطلب الثاني: في العيب

وهو: كل ما يزيد أو ينقص عن المجرى الطبيعي.ولو شرط المشتري وصفا لم يوجد فله الفسخ وان لم يكن فواته عيبا، كالجعودة في الشعر.

وإطلاق العقد يقتضي السليم، فإن ظهر فيه عيب سابق على العقد تخير المشتري بين الرد والارش، وهو جزء من الثمن نسبته إليه كنسبة نقص قيمة المعيب عن الصحيح.

ولو تبرأ البائع في العقد إجمالا أو تفصيلا، أو علم المشتري به أو أسقط خياره سقط الارش والرد، ولو تصرف سقط الرد دون الارش، سواء تصرف قبل العلم به أو بعده، إلا وطء الحامل وحلب المصراة.ولو تجدد قبل القبض فله الرد أيضا، وفي الارش خلاف.ولو ظهر العيب في البعض فله الارش أورد الجميع دون المعيب خاصة، وكذا لو اشترى اثنان صفقة لم يكن لهم الاختلاف، بل يتفقان على الارش أو أو الرد.وله الرد بالعيب السابق وإن اخره عالما به مالم يصرح بالاسقاط، سواء كان غريمه حاضرا أو غائبا.

_______________________

(١) في(س) و(م): " ما وصف ".

(٢) في(م): " الرد ".

(٣) في(م): " فله الخيار ".

١٤٩

ولو ادعى البائع البراء(١) فالقول قول المشتري مع اليمين وعدم البينة، وقول البائع في عدم سبق العيب مع عدم البينة وشهادة الحال.

وترد الامة الحامل إذا وطأها مع نصف عشر قيمتها، والشاة(٢) المصراة مع اللبن أو مثله مع التعذر أو القيمة مع عدم(٣) المثل.

وتختبر التصرية بثلاثة أيام، وتثبت في الشاة والبقرة والناقة على إشكال، لا في الامة والاتانة(٤) ، ولو صارت التصرية عادة في الثلاثة سقط الخيار لا بعدها.

والاباق القديم، وعدم الحيض ستة أشهر ممن شأنها الحيض، والثقل في البرز(٥) وشبهه الخارج عن العادة، وبول الكبير في الفراش عيوب.

أما تحمر(٦) الوجه، ووصل الشعر، والثيوبة فليست عيبا(٧) ، لكن يثبت بها الرد لو شرط أضدادها ولا أرش.

ويرد الرقيق من المجنون والجذام والبرص الحادثة ما بين العقد وسنة لا أزيد مع عدم التصرف، ومعه الارش خاصة.

_______________________

(١) كذا في النسخ الثلاث المعتمدة، وفى(ع): " البراء‌ة " ولعله أولى.

(٢) في(س): " أو الشاة ".

(٣) في(م): " تعذر ".

(٤) في(م): " والاتان ".

(٥) قال المقدس في مجمعه: " حب يؤخذ منه دهن فيقال له دهن الكتان ".

(٦) في(س) و(م): " تحمير ".

(٧) في(س) و(م): " عيوبا ".

١٥٠

المطلب الثالث: في الربا

وتحريمه معلوم من الشرع، وإنما يثبت في بيع أحد المتساويين جنسابالاخر مع زيادة عينية أو حكمية إذا كانا مقدورين(١) بالكيل أو الوزن(٢) ، والجنس هنا: الحقيقة النوعية، كالحنطة والارز والتمر، ولا تخرج الحقيقة باختلاف الصفات العارضية.

فالحنطة ودقيقها جنس، والتمر ودبسه جنس، والعنب والزبيت جنس، واللبن المخيض(٣) والحليب واحد، وجيد كل جنس ورديؤه واحد، وثمرة النخل جنس، وكذا الكرم.واللحوم مختلفة، فلحم البقر والجاموس واحد، ولحم البقر والغنم جنسان، والوحشي مخالف لا نسيه.والحنطة والشعير هنا جنس على رأي، والالبان(هنا)(٤) مختلفه كاللحمان.

والشئ وأصله واحد، كالزبد والسمن واللبن، والسمسم ودهنه، والخلول تابعة لاصولها.

فلا يجوز بيع أحد المتجانسين بالاخر مع زيادة، كقفيز حنطة بقفيزين منها، ولا قفيز حنطة مقبوض(٥) بقفيز منها مؤجل.ويجوز التفاضل مع اخلاف الجنس نقدا، وفي النسيئة قولان(٦) .

_______________________

(١) في(س) و(م): " مقدرين ".

(٢) في(م): " والوزن ".

(٣) وهو الذى قد مخض واخذ زبده، انظر: اللسان ٧ / ٢٢٩ مخض، وفى(س): " واللبن والمخيض ".

(٤) زيادة من(س).

(٥) في(س): " مقبوضة ".

(٦) قال الشهيد: " يريد انه لو باع مختلفى الجنس وهما معا من غير الاثمان كالحنطة والارز متفاضلا فانه يجوز نقدا اجماعا، وهل يجوز التفاضل نسيئة أم لا؟ ".ذهب إلى الجواز: الشيخ في النهاية: ٣٧٧، وابن حمزة في الوسيلة: ٧٤٤.

المفيد في المقنعة: ٩٤، وسلار في المراسم: ١٧٩، وغيرهما.

١٥١

وكل ما يثبت أنه مكيل أو موزون في عهده عليه السلام بني عليه، وإلا اعتبر البلد، فإن اختلفت(١) البلدان فلكل بلد حكم نفسه.

وما لا يدخله الكيل والوزن(٢) فلا ربا فيه، كثوب بثوبين، ودابة بدابتين، ودار بدارين، وبيضة ببيضتين، وقيل: يثبت الربا في المعدود(٣) .

ولا يجوز بيع الرطب بالتمر متفاوتا ولا متساويا، لانه إذا جف نقص، وكذا ما شابهه، كاللحم الطري بالمشوي، والعنب بالزبيب، ومبلول الحنطة بيابسها.

ويجوز: بيع لحم الغنم بالشاة على رأي، وبيع قفيز حنطة بقفيز حنطة وفي أحدهما عقد التبن ويسير التراب وشبهه، وبيع درهم ودينار بدرهمين أو بدينارين ومد تمر، ودرهم بمدين أو بدرهمين، وكذا ما شابهه، وأن يبيع الناقص بمساويه من الزائد ويستوهب الزيادة.

ولا ربا بين الولد ووالده، ولا بين(٤) السيد وعبده المختص، ولا بين الرجل وزوجته، ولا بينه وبين الحربي، ويثبت بين المسلم والذمي على رأي،

المطلب الرابع: فيما يندرج في المبيع

وألفاظه ستة:

الاول: الارض والساحة والبقعة والعرصة فلا يندرج تحتها الشجر والزرع والبذر الكامن، ويتخير المشتري مع جهله به بين الرد والاخذ بالثمن، ويدخل في ضمان المشترى بالتسليم إليه وإن تعذر

_______________________

(١) في(س) و(م): " اختلف ".

(٢) في(م): " وما لا يدخل الكيل ولا الوزن ".

(٣) قاله الشيخ المفيد في المقنعة: ٩٤ - وذكر فيها انه لا يجوز نسيئة ويجوز نقدا - وسلار في المراسم: ١٧٩، وغيرهما.

(٤) في(م): " وبين ".

١٥٢

انتفاعه به، وتدخل الحجارة المخلوقة فيها دون المدفونة، وعلى البائع النقل وتسوية الحفر، ويتخير المشتري مع الجهل، ولا خيار للمشترى بترك البائع لها مع انتفاء الضرر بها.

الثانى: البستان ويدخل فيه الارض والشجر لا البناء على إشكال، نعم يدخل في القرية والدسكرة(١) (مع)(٢) الشجر دون المزارع.(٣)

الثالث: الدار ويندرج فيه الارض، والحيطان، والسقوف، والاعلى والاسفل إلا أن يستقل الاعلى بالسكنى عادة والثوابت، وما اثبت من المرافق: كالسلم المثبت، والخشب المستدخل في البناء، والابواب المعلقة، والاغلاق والرفوف المثبتين، ولا تندرج الاشجار وإن قال بحقوقها(٤) ، إلا أن يقول: وما اغلق عليه بابه وشبهه والمنقولات إلا المفاتيح، ولا الرحى المنصوبة.

الرابع: العبد ولا يتناول ماله إن قلنا أنه يملك بالتمليك، وفي الثياب الساترة للعورة إشكال الخامس: الشجر ويندرج فيه الاغصان والورق والعرق، ويستحق الابقاء مغروسا ولا يستحق المغرس بل يستحق منفعته للابقاء، ويدخل في بيع النخل خاصة الثمرة غير المؤبرة.

ولو انتقل النخل بغير البيع أو انتقلت شجرة غيره به أو كانت الثمرة مؤبره فلا انتقال،

ولو أبر البعض انتقل غيره خاصة، وللبائع إبقاء الثمرة إلى وقت أخذها، لكل من البائع والمشتري السقي إذا لم يتضرر به صاحبه، ولو تقابل الضرران قدمت مصلحة المشتري.

السادس: الثمر ويستحق المشتري الابقاء إلى القطاف ويرجع فيه إلى العرف، ويختلف باختلاف الثمار، ولو استثنى نخلة فله الدخول والخروج ومدى جرائدها من الارض، وكل ما قلنا بعدم دخوله فإنه يدخل مع الشرط.

_______________________

(١) قال المقدس في مجمعه: " كأن الدسكرة قرية صغيرة ".

(٢) في(الاصل): " بيع " والمثبت هو المناسب للمقام وهو من(س) و(م).

(٣) في(م): " ويدخل ".

(٤) بأن يقول: بعتك هذه الدار يجميع حقوقها.

١٥٣

المطلب الخامس: في التسليم

يجب على المتبايعين دفع العوضين من غير أولوية تقديم مع اقتضاء العقد التعجيل، ولو اقتضى تأخير أحدهما وجب على الاخر دفع المعجل.

والقبض في المنقول القبض باليد، وفي الحيوان الانتقال به، وفي المكيل الكيل، وفي نحو الارض التخلية.

وكل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال البائع، وكذا إذا(١) نقصت قيمته بحدث فيه.

والنماء قبل القبض للمشتري، فإن تلف الاصل رجع بالنماء والثمن.

ولو باع القابض ما قبضه وتلف الاخر قبله بطل الاول دون الثاني، فيلزم(٢) بائعه المثل أو القيمة.

ولو امتزج المبيع بغيره بحيث لا يتميز تخير المشتري بين الشركة والفسخ.

ولو تلف بعض الجملة وله قسط من الثمن كعبد من عبدين، فللمشتري الفسخ والاخذ بالحصة، ولو لم يكن له قسط كيد العبد، تخير بين الرد والاخذ بالارش على رأي.

ويجب تسليم المبيع مفرغا، ولو غصب من البائع، فإن استعاده بسرعة، وإلا تخير المشتري بين الصبر بغير اجرة والفسخ، ولو منعه البائع لزمه الاجرة.

ويكره بيع ما لم يقبض من المبيعات، ويحرم لو كان طعاما على رأي إلا تولية(٣) ، ولو(٤) باع مالم يقبض من الميراث والصداق وشبهه صح، ويصح أن يتولى الواحد طرفي القبض.

وإتلاف المشتري قبض منه، وإتلاف الاجنبي ليس بفسخ، وكذا الوجه في إتلاف البائع(٥) ، ويثبت الخيار للمشتري فيهما.

_______________________

(١) في(س) و(م): " ان ".

(٢) في(م): " ويلزم ".

(٣) قال الشهيد في غاية المراد: " يريد: أنه يحرم بيع الطعام المبيع قبل قبضه الا مع التولية ".

(٤) في(م): " فلو ".

(٥) قال الشهيد في غاية المراد: " أراد: أن البائع لو أتلف المبيع قبل قبضه فالوجه أنه لا يكون فسخا ".

١٥٤

نكت متفرقة

لا يجوز بيع الصبرة مجهولة ولا جزء مشاعا منها، ولو باعها كل قفيز بدرهم بطل.

ولو باع قدرا معلوما كقفيز صح، ولو باعه جزء من المشاهد غير المكيل والموزون صح كنصف الدار والثوب، ولو باعه كل ذراع بدرهم صح مع العلم بقدر الذراع(١) .

ولو قال: بعتك عشرة أذرع من هاهنا إلى حيث ينتهي صح، ولو لم يعين المبدأ ولا المنتهى بطل وإن كانت الاذرع معلومة.

ولو باعه على أنها جربان معينة فنقصت، تخير المشتري بين الرد وأخذ الناقص بالحصة من الثمن على رأي، ولو زاد متساوي الاجزاء فالزيادة للبائع، ولو

زاد المختلف تخير البائع بين الفسخ والامضاء.

ويجوز الجمع بين مختلفين(٢) ، كبيع وإجارة ونكاح وسلف بعوض واحد، ويقسط على المثل واجرته ومهره.

وإذا ادعى المشري النقص ولا بينة، فإن حضر الكيل أو الوزن قدم قول البائع مع اليمين، وإلا قوله معها.

وإذا أسلف من موضع وطالبه(٣) به في غيره لم يجب دفعه، وكذا لو طالبه بالقيمة، وكذا القرض، ولو طالبه بسعر موضع القرض لم يجبر، ولو كان غصبا وجب دفع المثل أين طلب(٤) ، فإن تعذر فالقيمة عند المطالبة في بلدها.

وإطلاق النقد والوزن ينصرف إلى البلد، ولو تعدد فالاغلب، فإن تساويا بطل إن لم يعين.

_______________________

(١) في(س) و(م): " الاذرع ".

(٢) في(س) و(م): المختنفين ".

(٣) في(س): " قطالبه ".

(٤) في(س): " طالب ".

١٥٥

ولو اختلفا في قدر الثمن ولا بينة فالقول قول البائع مع يمينه إن كانت السلعة قائمة، وقيل: إن كانت في يده(١) ، وقول المشتري مع التلف، وقيل: إن كانت في يده(٢) .

ولو اختلفا في تأخير الثمن، أو قدر الاجل، أو شرط رهن من البائع على الدرك، أو ضمين، أو قال: ثوبا فقال: بل ثوبين، فالقول قول البائع مع اليمين.

ولو قال: بعتك العبد فقال: بل الامة تحالفا وبطل(٣) ، ولو قال: بعتك بعبد فقال: بل(٤) بحر، أو قال: فسخت قبل التفرق فأنكر، قدم قول مدعي الصحة مع اليمين.

واجرة الكيال ووزان المتاع على البائع، واجرة الناقد ووزان الثمن على المشتري، واجرة الدلال على الامر، ولو باع واشترى فاجرة البيع على آمره واجرة الشراء على آمره.والدلال أمين، والقول(٥) قوله في عدم التفريط، والقيمة معه.

_______________________

(١) و(٢) ذهب اليهما ابن الجنيد كما عنه في المختلف: ٣٩٥.

(٣) في(س) و(م): " وبطلا ".

(٤) لفظ " بل " ليس في(س).

(٥) في(م): " فالقول ".

١٥٦

المطلب السادس: في الشفعة

وفيه فصلان:الاول في الشرائط:

إذا باع أحد الشريكين حصته، كان للاخر أخذه بما يقع(١) عليه العقد بشروط ثمانية:

الاول: أن لا يزيد الشركاء على اثنين.ولو باع بعض حصته فللاخر الشفعة بكمالها، ولو مات الشفيع قبل الاخذ فللورثة المطالبة، ولو عفا أحدهم فللباقي أخذ الجميع أو الترك.

الثاني: إنتقال الحصة بالبيع.فلو انتقلت بالهبة أو غيرها من العقود لم تثبت الشفعة، سواء تضمن العقد عوضا أولا.

الثالث: كون المبيع مما لا ينقل ويحول.كالارضين والبساتين والدور، ولا تثبت فيما ينقل كالاثاث والحيوان على رأي، وتثبت في النخل والشجر والبناء تبعا للارض،(٢) لا في الثمرة وإن كانت على الاصل وبيعا معا.

الرابع: أن يكون المبيع مما تصح قسمته.

فلا شفعة فيما لا تصح قسمته كالحمامات والدكاكين الضيقة والطرق الضيقة على رأي، ولو كان الطريق والنهر مما لا يتضرر صاحبه بالقمسة ثبتت الشفعة.

الخامس: أن يكون البائع شريكا بالجزء المشاع.فلو قسم وباع فلا شفعة، نعم تثبت بالشركة في النهر والطريق والساقية وإن تميز بالقسمة.

السادس: قدرة الشفيع على الثمن.فلو كان عاجزا عنه بطلت شفعته، وكذا لو ماطل أو هرب، ولو ادعى غيبة الثمن اجل ثلاثة أيام، فتبطل إن لم يحضره فيها، ولو ذكر غيبته في بلد آخر اجل قدر وصوله إليه وثلاثة أيام ما لم يتضرر المشتري.

السابع: المطالبة على الفور على رأي.فلو أخل بها مع قدرته بطلت، ولو أخل لعذر عنها وعن التوكيل، أو لعدم علمه، أو لتوهم كثرة الثمن، أو لتوهم نقد معين أو جنس بعينه لم تبطل.

_______________________

(١) في(س) و(م): " وقع ".

(٢) لفظ " للارض " لم يرد في(س) و(م).

١٥٧

والمحبوس على حق معذور مع عجزه لا بدونه، والمجنون والصبي معذوران مع إهمال الولي لغير المصلحة لا لها.

ولو قدم الغائب العاجز عن الحضور والوكالة كان له الاخذ وإن تطاول دهره ولم يشهد مع إمكانه.

ولا يجب تجاوز العادة في المشي، ولا قطع العبادة المندوبة، ولا ترك الصلاة بعد دخول وقتها.

الثامن: إسلام الشفيع إن كان المشتري مسلما.

فلا تثبت للكافر وإن كان ذميا على المسلم، ولا اعتبار بالبائع، وتثبت للمسلم والكافر على الكافر.

الفصل الثانى في الاحكام:

يستحق الشفيع الاخذ بالعقد، وإن اشتمل على خيار للبائع(١) فبعد انقضائه،

ولا يملك إلا بالاخذ، وإنما يأخذ الجميع أو يترك، ويأخذ بما وقع عليه العقد وإن بيع بأضعاف ثمن المثل وابرئ(٢) المشتري من أكثره حيلة لسقوطها، ولا يلزمه غيره من دلالة وشبهها وزيادة في مدة الخيار.

ولو دفع عرضا يساوي بعض الثمن أخذه الشفيع بالمسمى، ولو ضم المشفوع بغيره أخذ المشفوع بالحصة ولا خيار للمشتري، فإن كان الثمن مثليا دفع المثل، وإلا القيمة على رأي، ويعتبر يوم العقد.

ولو تقايل المتبايعان لم تبطل الشفعة، وكذا لو باع المشتري، فإن(٣) شاء أخذ من الثاني والشفيع يأخذ من المشتري والدرك عليه، ولا يجب على المشتري القبض من البائع.ولو تعيب بغير فعل المشتري أو بفعله قبل الطلب أخذ الشفيع بالجميع أو ترك والانقاض له، ولو تعيب بفعله بعد الطلب ضمن المشتري.

_______________________

(١) في(م): " البائع ".

(٢) في(س) و(م): " وابراء " والصحيح ما أثبتناه من(الاصل).

(٣) في(س) و(م): " وان ".

١٥٨

ولو غرس فأخذ الشفيع فقلع المشتري لم يجب عليه الاصلاح، ولو لم يقلع كان للشفيع القلع مع دفع الارش، والنماء المتصل للشفيع لا المنفصل.

ولو باع شقصين والشفع واحد أخذ الجميع أو أحدهما بحصته، ولو كان الثمن المعين مستحقا بطلت الشفعة بخلاف غيره، ولو رجع المشتري بأرش العيب السابق أخذه الشفيع بما بعده، ولو أسقطه أخذ الشفيع بالجميع.

ويملك بقوله: أخذت أو تملكت مع تسليم الثمن وإن لم يرض المشتري، أو بدون التسليم مع رضا المشتري بكونه في ذمته.

ولو قال: أخذت بالثمن وكان عالما بقدره صح، وإلا فلا وإن قال: بمهما كان.ولا يجب على المشتري الدفع حتى يقبض، فلو(١) كان الثمن مؤجلا فله

الاخذ في الحال بمؤجل، فإن لم يكن مليا أقام كفيلا به، ولو تعذر انتفاع الشفيع للشغل بالزرع فله تأخير المطالبة إلى الحصاد.

والشفعة تورث كالمال، ويصح الصلح على إسقاطها بعوض، ولو باع الشفيع نصيبه عالما أو جاهلا سقطت شفعته.

والفسخ المتعقب لا يبطل الشفعة، كرد البائع الثمن المعين من ذوات القيم لعيبه، فإنه يرجع بقيمة الشقص لا به، ولو رجع البائع بالارش لم يرجع على الشفيع إن كان أخذه بقيمة الصحيح.

ولو باع مدعي الوكالة عن الغائب ولا بينة لم يكن للشريك الشفعة إلا أن يصدقه، ولو اختلفا في قدر الثمن قدم قول المشتري مع اليمين، ولو اختلف المتبايعان فالقول قول البائع مع يمينه ويأخذ الشفيع بما ادعاه المشتري على رأي، والقول قول منكر الشفعة لو ادعى الشريك الابتياع أو تأخره، ولو تداعيا التأخر تحالفا واستقر بينهما.

وتبطل الشفعة بالترك مع علم البيع وعدم العذر وإن لم يصرح على رأي.

وبالنزول قبل البيع على رأي.

ولو شهد أو بارك أو أذن في الابتياع، أو ضمن الدرك أو توكل، ففي الابطال نظر.

والاقالة فسخ لا بيع، فلا تثبت بها شفعة، وشرطها المساواة في الثمن، ويصح في الجميع والبعض، ومع التقايل إن كان العوض موجودا أخذه، وإلا المثل أو القيمة.

_______________________

(١) في(س) و(م): " ولو ".

١٥٩

كتاب الديون وتوابعه

وفيه مقاصدالاول: تكره الاستدانة إلا مع الحاجة

ويستحب الاقراض، فإنه أفضل من الصدقة بمثله في الثواب، والايجاب مثل(١) : أقرضتك، أو ما أداه مثل: انتفع به أو تصرف فيه، والقبول: قبلت وشبهه.ولو شرط النفع حرم حتى شرط الصحيح عوض المكسر ولم يفد الملك، ولو تبرع المقترض بالزيادة جاز.وكل مضبوط بما يرفع الجهالة من الاوصاف يصح إقراضه، فإن كان مثليا ثبت في الذمة مثله، وإلا القيمة وقت التسليم.

ولا يجب دفع العين وإن كانت موجودة، ويملك(٢) المقترض بالقبض، ولا يلزم تأجيل الحال إلا أن يشرط في لازم.

وتجب نيه القضاء مع غيبة المالك.والوصية به مع أمارة الموت وعزله، ولو مات المالك سلمه إلى ورثته أو من يتفقون عليه، ولو جهله تصدق به عنه مع اليأس.ويجوز أخذ ثمن ما باعه الذمي من خمر وشبهه، ولا تصح قسمة ما في الذمم، ولو باع الدين بأقل منه وجب على المديون دفع ما عليه إلى المشتري على رأي، ولا يجوز بيع الدين بدين آخر وإن اختلفا، ويجوز بيعه بعد حلوله على المديون وغيره، وبيعه بمضمون حال لا مؤجل ومن عليه حق وله مثله تساقطا، وإن كان مخالفا افتقر إلى التراضي، ولو دفع المديون عروضا للقضاء من غير مساعرة احتسب بقيمتها يوم القبض.

وتحل الديون المؤجلة بموت المديون لا المالك، والدية في حكم مال المقتول تقضى(٣) منها ديونه ووصاياه عمدا كان أو خطأ.

_______________________

(١) لفظ " مثل " لم يرد في(س) و(م).

(٢) في(س) و(م): " ويملكه ".

(٣) في(الاصل): " ونقضى ".

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ثمّ يضيف :( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) ،( وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ) .(١)

في الحقيقة أنّ هذه الأقسام الثلاثة مرتبطة بعضها بالآخر ومكملة للآخر ، وكذلك لأنّنا كما نعلم أنّ القمر يتجلى في الليل ، ويختفي نوره في النهار لتأثير الشمس عليه ، والليل وإن كان باعثا على الهدوء والظلام وعنده سرّ عشاق الليل ، ولكن الليل المظلم يكون جميلا عند ما يدبر ويتجه العالم نحو الصبح المضيء وآخر السحر ، وطلوع الصبح المنهي الليل المظلم أصفى وأجمل من كل شيء حيث يثير في الإنسان إلى النشاط ويجعله غارقا في النور الصفاء.

هذه الأقسام الثلاثة تتناسب ضمنيا مع نور الهداية (القرآن) واستدبار الظلمات (الشرك) وعبادة (الأصنام) وطلوع بياض الصباح (التوحيد) ، ثمّ ينتهي إلى تبيان ما أقسم من أجله فيقول تعالى :( إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ) .(٢)

إنّ الضمير في (إنّها) إمّا يرجع إلى «سقر» ، وإمّا يرجع إلى الجنود ، أو إلى مجموعة الحوادث في يوم القيامة ، وأيّا كانت فإنّ عظمتها واضحة.

ثمّ يضيف تعالى :( نَذِيراً لِلْبَشَرِ ) .(٣)

لينذر الجميع ويحذرهم من العذاب الموحش الذي ينتظر الكفّار والمذنبين وأعداء الحق.

وفي النهاية يؤكّد مضيفا أنّ هذا العذاب لا يخص جماعة دون جماعة ، بل :( لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) فهنيئا لمن يتقدم ، وتعسا وترحا لمن يتأخر.

واحتمل البعض كون التقدم إلى الجحيم والتأخر عنه ، وقيل هو تقدم النفس

__________________

(١) «أسفر» من مادة (سفر) على وزن (قفر) ويعني انجلاء الملابس وانكشاف الحجاب ، ولذا يقال للنساء المتبرجات (سافرات) وهذا التعبير يشمل تشبيها جميلا لطلوع الشمس.

(٢) «كبر» : جمع كبرى وهي كبيرة ، وقيل المراد بكون سقر إحدى الطبقات الكبيرة لجهنّم ، هذا المعنى لا يتفق مع ما أشرنا إليه من قبل وكذا مع الآيات.

(٣) «نذيرا» : حال للضمير في «أنّها» الذي يرجع إلى سقر ، وقيل هو تمييز ، ولكنه يصح فيما لو كان النذير مصدرا يأتي بمعنى (الإنذار) ، والمعنى الأوّل أوجه.

١٨١

الإنسانية وتكاملها أو تأخرها وانحطاطها ، والمعنى الأوّل والثّالث هما المناسبان ، دون الثّاني.

* * *

١٨٢

الآيات

( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) )

التّفسير

لم صرتم من أصحاب الجحيم؟

إكمالا للبحث الذي ورد حول النّار وأهلها في الآيات السابقة ، يضيف تعالى في هذه الآيات :( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) .

«رهينة» : من مادة (رهن) وهي وثيقة تعطى عادة مقابل القرض ، وكأن نفس الإنسان محبوسة حتى تؤدي وظائفها وتكاليفها ، فإن أدت ما عليها فكت وأطلقت ، وإلّا فهي باقية رهينة ومحبوسة دائما ، ونقل عن أهل اللغة أنّ أحد

١٨٣

معانيها الملازمة والمصاحبة(١) ، فيكون المعنى : الكلّ مقترنون بمعية أعمالهم سواء الصالحون أم المسيئون.

لذا يضيف مباشرة :( إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ ) .

إنّهم حطموا أغلال وسلاسل الحبس بشعاع الإيمان والعمل الصالح ويدخلون الجنّة بدون حساب.(٢)

وهناك أقوال كثيرة حول المقصود من أصحاب اليمين :

فقيل هم الذين يحملون كتبهم بيمينهم ، وقيل هم المؤمنون الذين لم يرتكبوا ذنبا أبدا ، وقيل هم الملائكة ، وقيل غير ذلك والمعنى الأوّل يطابق ظاهر الآيات القرآنية المختلفة ، وما له شواهد قرآنية ، فهم ذو وإيمان وعمل صالح ، وإذا كانت لهم ذنوب صغيرة فإنّها تمحى بالحسنات وذلك بحكم( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) (٣) .

فحينئذ تغطّي حسناتهم سيئاتهم أو يدخلون الجنّة بلا حساب ، وإذا وقفوا للحساب فسيخفف عليهم ذلك ويسهل ، كما جاء في سورة الإنشقاق آية (٧) :( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) .

ونقل المفسّر المشهور «القرطبي» وهو من أهل السنة تفسير هذه الآية عن الإمام الباقرعليه‌السلام فقال : «نحن وشيعتنا أصحاب اليمين وكل من أبغضنا أهل البيت فهم مرتهنون».(٤)

وأورد هذا الحديث مفسّرون آخرون منهم صاحب مجمع البيان ونور

__________________

(١) لسان العرب مادة : رهن.

(٢) قال الشّيخ الطوسي في التبيان أن الاستثناء هنا هو منقطع وقال آخرون كصاحب (روح البيان) أنّه متصل ، وهذا الاختلاف يرتبط كما ذكرنا بالتفسيرات المختلفة لمعنى الرهينة ، وما يطابق ما اخترناه من التّفسير هو أن الاستثناء هنا منقطع وعلى التفسير الثّاني يكون متصلا.

(٣) سورة هود ، الآية ١١٤.

(٤) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٨٧٨.

١٨٤

الثقلين والبعض الآخر أورده تذييلا لهذه الآيات.

ثمّ يضيف مبيّنا جانبا من أصحاب اليمين والجماعة المقابلة لهم :

( فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ ) (١) ( عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) .

يستفاد من هذه الآيات أن الرابطة غير منقطعة بين أهل الجنان وأهل النّار ، فيمكنهم مشاهدة أحوال أهل النّار والتحدث معهم ، ولكن ماذا سيجيب المجرمون عن سؤال أصحاب اليمين؟ إنّهم يعترفون بأربع خطايا كبيرة كانوا قد ارتكبوها :

الاولى :( قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) .

لو كنّا مصلّين لذكّرتنا الصلاة بالله تعالى ، ونهتنا عن الفحشاء والمنكر ودعتنا إلى صراط الله المستقيم.

والأخرى :( وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) .

وهذه الجملة وإن كانت تعطي معنى إطعام المحتاجين ، ولكن الظاهر أنه يراد بها المساعدة والإعانة الضرورية للمحتاجين عموما بما ترتفع بها حوائجهم كالمأكل والملبس والمسكن وغير ذلك.

وصرّح المفسّرون أنّ المراد بها الزكاة المفروضة ، لأنّ ترك الإنفاق المستحب لا يكون سببا في دخول النّار ، وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى على أنّ الزّكاة كانت قد فرضت بمكّة بصورة إجمالية ، وإن كان التشريع بجزئياتها وتعيين خصوصياتها وتمركزها في بيت المال كان في المدينة.

والثّالثة :( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ ) .

كنّا نؤيد ما يصدر ضدّ الحقّ في مجالس الباطل. نقوم بالترويج لها ، وكنّا معهم

__________________

(١) «يتساءلون» : وهو وإن كان من باب (تفاعل) الذي يأتي عادة في الأعمال المشتركة بين اثنين أو أكثر ، ولكنه فقد هذا المعنى هنا كما في بعض الموارد الأخرى ، ولمعنى يسألون ، وتنكير الجنات هو لتبيان عظمتها و (في جنات) خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هو في جنات.

١٨٥

أين ما كانوا ، وكيف ما كانوا ، وكنّا نصدق أقوالهم ، ونضفي الصحة على ما ينكرون ويكذبون ونلتذ باستهزائهم الحقّ.

«نخوض» : من مادة (خوض) على وزن (حوض) ، وتعني في الأصل الغور والحركة في الماء ، ويطلق على الدخول والتلوث بالأمور ، والقرآن غالبا ما يستعمل هذه اللفظة في الإشتغال بالباطل والغور فيه.

(الخوض في الباطل) له معان واسعة فهو يشمل الدخول في المجالس التي تتعرض فيها آيات الله للاستهزاء أو ما تروج فيها البدع ، أو المزاح الواقح ، أو التحدث عن المحارم المرتكبة بعنوان الافتخار والتلذذ بذكرها ، وكذلك المشاركة في مجالس الغيبة والاتهام واللهو واللعب وأمثال ذلك ، ولكن المعنى الذي انصرفت إليه الآية هو الخوض في مجالس الاستهزاء بالدين والمقدسات وتضعيفها وترويج الكفر والشرك.

وأخيرا يضيف :( وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ) .

من الواضح أنّ إنكار المعاد ويوم الحساب والجزاء يزلزل جميع القيم الإلهية والأخلاقية ، ويشجع الإنسان على ارتكاب المحارم ، ويرفع كلّ مانع هذا الطريق ، خصوصا إذا استمر إلى آخر العمر ، على كل حال فإنّ ما يستفاد من هذه الآيات أنّ الكفار هم مكلّفون بفروع الدين ، كما هم مكلّفون بالأصول ، وكذلك تشير إلى أن الأركان الاربعة ، أي الصلاة والزّكاة وترك مجالس أهل الباطل ، والإيمان بالقيامة لها الأثر البالغ في تربية وهداية الإنسان ، وبهذا لا يمكن أن يكون الجحيم مكانا للمصلين الواقعيين ، والمؤتين الزّكاة ، والتاركين الباطل والمؤمنين بالقيامة.

بالطبع فإنّ الصلاة هي عبادة الله ، ولكنّها لا تنفع إذا لم يمتلك الإنسان الإيمان به تعالى ، ولهذا فإنّ أداءها رمز للإيمان والإعتقاد بالله والتسليم لأوامره ، ويمكن القول إنّ هذه الأمور الأربعة تبدأ بالتوحيد ينتهي بالمعاد ، وتحقق العلاقة والرابطة بين الإنسان والخالق ، وكذا بين المخلوقين أنفسهم.

١٨٦

والمشهور بين المفسّرين أنّ المراد من (اليقين) هنا هو الموت ، لأنّه يعتبر أمر يقيني للمؤمن والكافر ، وإذا شك الإنسان في شيء ما فلا يستطيع أن يشك بالموت ونقرأ أيضا في الآية (٩٩) من سورة الحجر :( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) .

ولكن ذهب البعض إلى أنّ اليقين هنا يعني المعرفة الحاصلة بعد موت الإنسان وهي التي تختص بمسائل البرزخ والقيامة ، وهذا ما يتفق نوعا ما مع التّفسير الأوّل.

وفي الآية الأخيرة محل البحث إشارة إلى العاقبة السيئة لهذه الجماعة فيقول تعالى :( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) .

فلا تنفعهم شفاعة الأنبياء ورسل الله والائمّة ، ولا الملائكة والصديقين والشهداء والصالحين ، ولأنّها تحتاج إلى عوامل مساعدة وهؤلاء أبادوا كل هذه العوامل ، فالشفاعة كالماء الزلال الذي تسقى به النبتة الفتية ، وبديهي إذا ماتت النبتة الفتية ، لا يكن للماء الزلال أن يحييها ، وبعبارة أخرى كما قلنا في بحث الشفاعة ، فإنّ الشفاعة من (الشفع) وتعني ضم الشيء إلى آخر ، ومعنى هذا الحديث هو أنّ المشفّع له يكون قد قطع قسطا من الطريق وهو متأخر عن الركب في مآزق المسير ، فتضم إليه شفاعة الشافع لتعينه على قطع بقية الطريق(١) .

وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى مسألة الشفاعة وتنوع وتعدد الشفعاء عند الله ، وهي جواب قاطع لمن ينكر الشفاعة ، وكذلك توكّد على أنّ للشفاعة شروطا وأنّها لا تعني إعطاء الضوء الأخضر لارتكاب الذنوب ، بل هي عامل مساعد لتربية الإنسان وإيصاله على الأقل إلى مرحلة تكون له القابلية على التشفع ، بحيث لا تنقطع وشائج العلاقة بينه وبين الله تعالى والأولياء.

* * *

__________________

(١) التّفسير الأمثل ، المجلد الأوّل ، ذيل الآية (٤٨) من سورة البقرة.

١٨٧

ملاحظة :

شفعاء يوم القيامة :

نستفيد من هذه الآيات والآيات القرآنية الأخرى أنّ الشفعاء كثيرون في يوم القيامة (مع اختلاف دائرة شفاعتهم) ويستفاد من مجموع الرّوايات الكثيرة والمنقولة من الخاصّة والعامّة أنّ الشفعاء يشفعون للمذنبين لمن فيه مؤهلات الشفاعة :

١ ـ الشفيع الأوّل هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كما نقرأ في حديث حيث قال : «أنا أوّل شافع في الجنّة»(١) .

٢ ـ الأنبياء من شفعاء يوم القيامة ، كما ورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع الأنبياء في كلّ من يشهد أن لا إله إلّا الله مخلصا فيخرجونهم منها»(٢) .

٣ ـ الملائكة من شفعاء يوم المحشر ، كما نقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يؤذن للملائكة والنّبيين والشّهداء أن يشفعوا»(٣) .

٤ ، ٥ ـ الأئمّة المعصومين وشيعتهم كما قال في ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال : «لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة»(٤)

٦ ، ٧ ـ العلماء والشّهداء كما ورد في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع يوم القيامة الأنبياء ثمّ العلماء ثمّ الشّهداء»(٥) .

وورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «يشفع الشّهيد في سبعين إنسانا

__________________

(١) صحيح مسلم ، ج ٢ ، ص ١٣٠.

(٢) مسند أحمد ، ج ٣ ، ص ١٢.

(٣) مسند أحمد ، ج ٥ ، ص ٤٣.

(٤) الخصال للصدوقرحمه‌الله ، ص ٦٢٤.

(٥) سنن ابن ماجة ، ج ٢ ، ص ١٤٤٣.

١٨٨

من أهل بيته»(١) .

وفي حديث آخر نقله المجلسي في بحار الأنوار : «إنّ شفاعتهم تقبل في سبعين ألف نفر»(٢) .

ولا منافاة بين الرّوايتين إذ أنّ عدد السبعين والسبعين ألف هي من أعداد الكثرة.

٨ ـ القرآن كذلك من الشفعاء في يوم القيامة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «واعلموا أنّه (القرآن) شافع مشفع»(٣) .

٩ ـ من مات على الإسلام فقد ورد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا بلغ الرجل التسعين غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفّع في أهله»(٤) .

١٠ ـ العبادة : كما جاء في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة»(٥) .

١١ ـ ورد في بعض الرّوايات أنّ العمل الصالح كأداء الأمانة يكون شافعا في يوم القيامة.(٦)

١٢ ـ والطريف هو ما يستفاد من بعض الرّوايات من أنّ الله تعالى أيضا يكون شافعا للمذنبين في يوم القيامة ، كما ورد في الحديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يشفع النّبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي»(٧) .

والرّوايات كثيرة في هذه الباب وما ذكرناه هو جانب منها.(٨)

__________________

(١) سنن أبي داود ، ج ٢ ، ص ١٥.

(٢) بحار الأنوار ، ج ١٠٠ ، ص ١٤.

(٣) نهج البلاغة الخطبة ، ١٧٦.

(٤) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ٨٩.

(٥) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ١٧٤.

(٦) مناقب ابن شهر آشوب ، ج ٢ ، ص ١٤.

(٧) صحيح البخاري ، ج ٩ ، ص ١٤٩.

(٨) للاستيضاح يمكن مراجعة كتاب مفاهيم القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٨٨ ـ ٣١١.

١٨٩

ونكرر أنّ للشفاعة شروطا لا يمكن بدونها التشفع وهذا ما جاء في الآيات التي بحثناها والتي تشير بصراحة الى عدم تأثير شفاعة الشفعاء في المجرمين ، فالمهم أن تكون هناك قابلية للتشفع ، لأنّ فاعلية الفاعل لوحدها ليست كافية (أوردنا شرحا مفصلا في هذا الباب في المجلد الأوّل في بحث الشفاعة)

* * *

١٩٠

الآيات

( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣)كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦) )

التّفسير

يفرّون من الحق كما تفرّ الحمر من الأسد :

تتابع هذه الآيات ما ورد في الآيات السابقة من البحث حول مصير المجرمين وأهل النّار ، وتعكس أوضح تصوير في خوف هذه الجماعة المعاندة ورعبها من سماع حديث الحقّ والحقيقة.

فيقول الله تعالى أوّلا :( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ) (١) لم يفرّون من دواء

__________________

(١) «ما» مبتدأ و (لهم) خبر و (معرضين) حال الضمير لهم (وعن التذكرة) جار ومجرور ومتعلق بالمعرضين ، وقيل تقديم (عن التذكرة) على (معرضين) دلالة على الحصر أي أنّهم أعرضوا عن التذكرة المفيدة فقط ، على كل حال فإنّ المراد من التذكرة هنا كلّ ما هو نافع ومفيد وعلى رأسها القرآن المجيد.

١٩١

القرآن الشافي؟ لم يطعنون في صدر الطبيب الحريص عليهم؟ حقّا إنّه مثير( كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) .

«حمر» : جمع (حمار) والمراد هنا الحمار الوحشي ، بقرينة فرارهم من قبضة الأسد والصياد ، وبعبارة أخرى أنّ هذه الكلمة ذات مفهوم عام يشمل الحمار الوحشي والأهلي.

«قسورة» : من مادة (قسر) أي القهر والغلبة ، وهي أحد أسماء الأسد ، وقيل هو السهم ، وقيل الصيد ، ولكن المعنى الأوّل أنسب.

والمشهور أنّ الحمار الوحشي يخاف جدّا من الأسد ، حتى أنّه عند ما يسمع صوته يستولي عليه الرعب فيركض إلى كلّ الجهات كالمجنون ، خصوصا إذا ما حمل الأسد على فصيل منها ، فإنّها تتفرق في كل الجهات بحيث يعجب الناظر من رؤيتها.

وهذا الحيوان وحشي ويخاف من كل شيء ، فكيف به إذا رأى الأسد المفترس؟!

على كل حال فإنّ هذه الآية تعبير بالغ عن خوف المشركين وفرارهم من الآيات القرآنية المربية للروح ، فشبههم بالحمار الوحشي لأنّهم عديمو العقل والشعور ، وكذلك لتوحشّهم من كل شيء ، في حين أنّه ليس مقابلهم سوى التذكرة.

( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) (١) ، وذلك لتكبّرهم وغرورهم الفارغ بحيث يتوقعون من الله تعالى أن ينزل على كلّ واحد منهم كتابا.

وهذا نظير ما جاء في الآية (٩٣) من سورة الإسراء :( وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى

__________________

(١) «صحف» : جمع صحيفة ، وهي الورقة التي لها وجهان ، وتطلق كذلك على الرسالة والكتاب.

١٩٢

تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ ) .

وكذا في الآية (١٢٤) من سورة الأنعام حيث يقول :( قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ ) .

وعلى هذا فإنّ كلّا منهم يتنظر أن يكون نبيّا من اولي العزم! وينزل عليه كتابا خاصّا من الله بأسمائهم ، ومع كل هذا فليس هناك من ضمان في أن يؤمنوا بعد كل ذلك.

وجاء في بعض الرّوايات أنّ أبا جهل وجماعة من قريش قالوا للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا نؤمن بك حتى تأتينا بصحف من السماء عليها فلان ابن فلان من ربّ العالمين ، ويأتي الأمر علنا باتباعك والإيمان بك.(١)

ولذا يضيف في الآية الأخرى :( كَلَّا ) ليس كما يقولون ويزعمون ، فإنّ طلب نزول مثل لهذا الكتاب وغيره هي من الحجج الواهية ، والحقيقة( بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ ) .

إذا كانوا يخافون الآخرة فما كانوا يتذرعون بكل هذه الذرائع ، ما كانوا ليكذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما كانوا ليستهزئوا بآيات الله تعالى ، ولا بعدد ملائكته ، ومن هنا يتّضح أثر الإيمان بالمعاد في التقوى والطهارة من المعاصي والذنوب الكبيرة ، والحقّ يقال إن الإيمان بعالم البعث والجزاء وعذاب القيامة يهب للإنسان شخصية جديدة يمكنه أن يغير إنسانا متكبرا ومغرورا وظالما إلى إنسان مؤمن متواضع ومتق عادل.

ثمّ يؤكّد القرآن على أنّ ما يفكرون به فيما يخصّ القرآن هو تفكّر خاطئ :( كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) .

إنّ القرآن الكريم قد أوضح الطريق ، ودعانا إلى التبصر فيه ، وأنار لنا السبيل

__________________

(١) تفسير القرطبي ، والمراغي ، وتفاسير اخرى.

١٩٣

ليرى الإنسان موضع أقدامه ، وفي الوقت نفسه لا يمكن ذلك إلّا بتوفيق من الله وبمشيئته تعالى ، وما يذكرون إلّا ما يشاء الله.

ولهذا الآية عدّة تفاسير :

إحداها : كما ذكرناه سابقا ، وهو أن الإنسان لا يمكنه الحصول على طريق الهداية إلّا بالتوسل بالله تعالى وطلب الموفقية منه.

وطبيعي أن هذا الإمداد والتوفيق الإلهي لا يتمّ إلّا بوجود أرضية مساعدة لنزوله.

والتّفسير الآخر : ما جاء في الآية السابقة :( فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) يمكن أن يوجد وهما وأنّ كل شيء مرتبط بإرادة الإنسان نفسه ، وأنّ إرادته مستقلة في كل الأحوال ، وتقول هذه الآية رافعة بذلك هذا الاشتباه ، إنّ الإنسان مرتبط بالمشيئة الإلهية ، وإن هذه الآية مختارا حرّا وهذه المشيئة هي الحاكمة على كل هذا العالم الموجود ، وبعبارة اخرى : إنّ هذا الاختبار والحرية والمعطاة للإنسان في بمشيئته تعالى وإرادته ، ويمكن سلبها أنّى شاء.

وأمّا التّفسير الثّالث فإنّه يقول : إنّهم لا يمكنهم الإيمان إلّا أن يشاء الله ذلك ويجبرهم ، ونعلم أنّ الله لا يجبر أحدا على الإيمان أو الكفر ، والتّفسير الأوّل والثّاني أنسب وأفضل.

وفي النهاية يقول :( هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) .

فهو أهل لأن يخافوا من عقابه وأن يتقوا في اتّخاذهم شريكا له تعالى شأنه ، وأن يأملوا مغفرته ، وفي الحقيقة ، أنّ هذه الآية إشارة إلى الخوف والرجاء والعذاب والمغفرة الإلهية ، وهي تعليل لما جاء في الآية السابقة ، لذا نقرأ

في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : «قال الله : أنا أهل

١٩٤

أن اتقى ولا يشرك بي عبدي شيئا وأنا أهل إن لم يشرك بي شيئا أن ادخله الجنّة»(١) .

وبالرغم من أنّ المفسّرين ـ كما رأينا ـ قد أخذوا التقوى هنا بمعناها المفعولي ، وقالوا إنّ الله تعالى أهل لأن يتّقى من الشرك والمعصية ، ولكن هناك احتمالا آخر ، وهو أنّ تؤخذ بمعناها الفاعلي ، أي أن الله أهل للتقوى من كلّ أنواع الظلم والقبح ومن كل ما يخاف الحكمة ، وما عند العباد من التقوى هو قبس ضعيف من ما عند الله ، وإنّ كان التعبير بالتقوى بمعناه الفاعلي والذي يقصد به الله تعالى قليل الاستعمال ، على كل حال فإنّ الآية قد بدأت بالإنذار والتكليف ، وانتهت بالدعوة إلى التقوى والوعد بالمغفرة.

ونتعرض هنا بالدعاء إليه خاضعين متضرعين تعالى :

ربّنا! اجعلنا من أهل التقوى والمغفرة.

اللهم! إن لم تشملنا ألطافك فإنّنا لا نصل إلى مرادنا ، فامنن علينا بعنايتك.

اللهم! أعنّا على طريق مليء بالمنعطفات والهموم والمصائد الشيطانية الصعبة ، وأعنا على الشيطان المتهيئ لإغوائنا ، فبغير عونك لا يمكننا المسير في هذا الطريق.

آمين يا ربّ العالمين.

نهاية سورة المدّثّر

* * *

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٤٠٥.

١٩٥
١٩٦

سورة

القيامة

مكيّة

وعدد آياتها أربعون آية

١٩٧
١٩٨

«سورة القيامة»

محتوى السورة :

كما هو واضح من اسم السورة فإنّ مباحثها تدور حول مسائل ترتبط بالمعاد ويوم القيامة إلّا بعض الآيات التي تتحدث حول القرآن والمكذبين ، وأمّا الآيات المرتبطة بيوم القيامة فإنّها تجتمع في أربعة محاور :

١ ـ المسائل المرتبطة بأشراط الساعة.

٢ ـ المسائل المتعلقة بأحوال الصالحين والطالحين في ذلك اليوم.

٣ ـ المسائل المتعلقة باللحظات العسيرة للموت والانتقال إلى العالم الآخر.

٤ ـ الأبحاث المتعلقة بالهدف من خلق الإنسان ورابطة ذلك بمسألة المعاد.

فضيلة السورة :

في حديث روي عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من قرأ سورة القيامة شهدت أنا وجبرائيل له يوم القيامة أنّه كا مؤمنا بيوم القيامة ، وجاء ووجهه مسفر على وجوه الخلائق يوم القيامة»(١) .

ونقرأ في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام قال : «من أدمن قراءة( لا أُقْسِمُ ) وكان يعمل بها ، بعثها الله يوم القيامة معه في قبره ، في أحسن صورة

__________________

(١) مجمع البيان ، ١٠ ـ ، ص ٣٩٣.

١٩٩

تبشّره وتضحك في وجهه ، حتى يجوز الصراط والميزان»(١) .

والجدير بالملاحظة أنّ ما كنّا نستفيد منه في القرائن التي في فضائل تلاوة السور القرآنية قد صرّح بها الإمام هنا في هذه الرّواية حيث يقول : «من أدمن قراءة لا اقسم وكان يعمل بها» ولذا فإنّ كل ذلك هو مقدمة لتطبيق المضمون.

* * *

__________________

(١) المصدر السّابق.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233