ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان الجزء ١

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان25%

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 233

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 233 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149619 / تحميل: 6680
الحجم الحجم الحجم
ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

س: ما هي التغيّرات الإيجابية التي لمستها في حياتك منذ اعتناقك الإِسلام؟

ج: لقد وجدتُ السلام الداخلي.. لقد عشتُ السلام في قلبي وروحي وفي علاقاتي بالآخرين، حتى باتت حياتي مستقرة، وانعكس ذلك على حياة ابنتيّ أيضاً، واندفعت إلى الحياة بقوة وإرادة أكبر، فعدت لمتابعة دراستي في الجامعة.

س: يعني أنك تشعرين الآن براحة أكبر من ذي قبل؟

ج: طبعاً، والحمد لله، أشعر بلذة كبرى أثناء الصلاة وصوم شهر رمضان المبارك، وأعلم أن عليّ أن أتعلم الكثير الكثير عن الإِسلام، فكلما وقعت على معرفة معينة تبيّن لي أن الذي أعرفه لا يوازي ذرة في كتاب هذا الوجود، فعليّ البحث أكثر، علماً أن حياة الفرد قصيرة، قياساً بما يجب أن يتعلّمه الإنسان في هذه الحياة.

س: على ضوء تجربتك، هل تقترحين أساليب معينة لدعوة غير المسلمين للإِسلام؟

ج: أتمنى أن تطابق أقوالنا أفعالنا، فنمارس قولاً وعملاً ما تدعو إليه العقيدة الإِسلامية، وأن نستحضر الله تعالى في كل ما نقوم به، ونسير على هدي النبي محمد (ص) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) ، وأن نحدّث الناس عن الإِسلام باللين والكلمة الحسنى، وألا تزعزع الأزمات والمصاعب إيماننا بالله تعالى.

س: ما هو الدور الذي تقومين به أو تنوين القيام به لخدمة الدعوة الإِسلامية؟

ج: أبذل قصارى جهدي لأتمتع بصفات المرأة المسلمة المتديّنة، وهذا بحد ذاته دعوة إلى الله من خلال أفعالي وسلوكي، وأسأل الله أن أكون عند حسن ظنه تعالى.

س: ما مدى إمكانية الدعوة إلى الدين الحنيف في بلادك؟

ج: يحتاج الإِسلام في بلادي إلى القدوة الحسنة، فبقدر ما يلتزم المسلمون بتعاليم الإِسلام هنا، يسهل تغلغل الإِسلام إلى القلوب والعقول، فالإِسلام يحمل بداخله مقومات قادرة على إنقاذ الناس من التيه والضياع ولجوئهم إلى المخدرات، وبإمكان هذا الدين إنقاذنا من الغرائز المنحطة التي سجن الإنسان نفسه خلف قضبانها.

لقد وضع الإِسلام في أيدينا المفتاح إلى الجنة، وكل ما علينا هو إدارة هذا المفتاح للولوج إلى عالم الآخرة، ولا يكون ذلك إلا باتباع أوامر الله تعالى وسُنَّة نبيه (ص) والأئمة الأطهار (عليهم السلام) برضىً وطمأنينة.

١٤١

س: كيف ترين أوضاع المسلمين الحالية؟

ج: في الواقع أجد الكثيرين منهم منغمسين في أمور دنياهم دون الالتفات إلى أمر الآخرة، وهؤلاء كسالى عن الدعوة إلى الله، وعن تطبيق الإِسلام في حياتهم الفردية والاجتماعية، همّهم الاستمتاع بهذه الدنيا الفانية التي تعمي بصائرهم عن سعادة الإيمان والتقوى والعمل بما أنزله الله تعالى.

س: كيف ترين أوضاع المرأة المسلمة؟

ج: أعلّم ابنتيّ أنهما غاليتان، وعليهما ألا تفرطا بنفسيهما بثمن بخس، فالفتاة أم المستقبل وعلى الجميع من حولها احترامها. وعلى جميع الرجال المسلمين حماية النساء، وعلى هؤلاء أيضاً حماية أنفسهن.

لقد وُهبنا والحمد لله هذا الإيمان، ولكن هذا الإيمان يجب أن يتسع ويقوى، ويتغلب على جميع الشرور التي تتجه إلى تشويه دور المرأة كواهبة للحياة، ومنارة للحب والراحة والسرور.

١٤٢

الأخت المسلمة السويدية

الدكتورة سمية «بارنيللا» تقول لـ «نور الإِسلام»

· العناية الإلهية شملتني بألطافها ووضعتني على طريق الهداية إلى دين الله تعالى.

· الإِسلام دين المنطق والعدل، يقبل النقاش العقلي الحر. ويضفي التوازن على كل جوانب الحياة الإنسانية.

· أدعو المرأة المسلمة وخاصة في البلاد الإِسلامية. لتعتبر أن حصنها هو حجابها، وأن التزامها بدينها هو طريق تقدّمها ومستقبلها. لا تقليد الحضارة الغربية الزائفة.

السويد كغيرها من الدول الغربية التي نجح الإِسلام، بما يمتلكه من قوة الإقناع، أن يستقطب إلى صفوفه أعداداً متزايدة من أبنائها الذين أتيح لهم أن يطلعوا على أفكاره ونظمه.. فلا أسوار التعصب والجهل التاريخية، ولا حواجز الحضارة المادية بكل بهارجها ومغرياتها، ولا الدعايات المضادة للإِسلام بكل لؤمها وخبثها.. ليس كل هذا بقادر على أن يمنع أنوار الهداية الإلهية، من أن تضيء العقول والنفوس التي تهفو إلى الحق وتبحث عن الحقيقة.

هذه الحقيقة تؤكدّها وتبيّنها بوضوح حكاية الأخت المسلمة السويدية الدكتورة سمية - بارنيللا سابقاً - مع الإِسلام الذي شدّها إليه وضوح عقيدته وعقلانيته وشمولية رسالته، فاستنقذها كما تقول مما كانت تعانيه من فراغ عقائدي وروحي، ومنحها الطمأنينة والدافع لكي تنخرط في نشاطات فكرية واجتماعية عديدة من أجل رعاية المسلمين في منطقتها، وحمل مهمة تبليغ الإِسلام في أنحاء دولة السويد كافة.

في منزلها الزوجي في بلدة «شاملينغ» التابعة لمدينة لوند السويدية، التقتها «نور الإِسلام» بحضور زوجها الأخ جميل الجزائري الجنسية، وأطفالها الأربعة، ومنهم ابنتها التي ذكرت لنا أنها الوحيدة المحجبة في صفها، وهي معتزة بذلك.. وبعد الترحيب كان السؤال الأول:

س: كيف تصفين لنا رحلتك نحو اعتناق الإِسلام؟

ج: في الحقيقة أنا أعتبر أن العناية الإلهية هي التي شملتني بألطافها ووضعتني على طريق الهداية لدين الله تعالى، الذي اختاره وارتضاه ليقود خطى البشرية نحو شاطىء الأمان، وهو الدين الصالح لكل زمان ومكان.

١٤٣

وكانت رحلتي نحو الإِسلام قد بدأت منذ أوائل الثمانينيات، وهي لم تكن سهلة أو سريعة، حيث أخذتُ متسعاً من الوقت للاطلاع والتأمل، قبل أن أتخذ القرار السعيد باعتناق الإِسلام والالتزام بتعاليمه والجهر بذلك، بعدما حصل لديّ الاقتناع واليقين بصحة هذه الخطوة المصيرية بالنسبة إليّ.. وإذا شئتم ذكر بعض التفاصيل حول الكيفية التي تعرّفت فيها إلى الإِسلام والتي قادتني إليه، فإن الفضل في ذلك بعد التوفيق الإلهي يعود إلى أختي مريم، التي نشأتُ معها في قريتنا «سفل - Siffle »، وكانت قد اختارت الدراسة الجامعية في إحدى الجامعات الصينية، وهناك رغبت في الاطلاع على البوذية بحكم الفراغ العقائدي الذي كانت تعيشه، ولكن بحمد الله، فإن الطريق بدلاً من أن يقودها إلى البوذية أوصلها إلى الإِسلام، حيث تعرّفت هناك إلى مجموعة من الطلاب المسلمين الذين كانوا يدرسون في الجامعة نفسها، وبواسطتهم اطلعت على الإِسلام فاقتنعت به وأعلنت إسلامها، وتزوّجت من أحد الطلبة المصريين. وعندما عادت إلى السويد جرى بيني وبينها نقاشات مطوّلة حول الإِسلام، جعلت صدري ينشرح لهذا الدين، وأعادتني إلى التفكير بالحياة الدينية والروحية بعد أن كنت غير مبالية، وهذا ما دفعني إلى مزيد من الاطلاع على الإِسلام، فكان لي لقاءات مع بعض الطلبة المسلمين المثقفين الذين أجلوا لي بعض الغوامض وزودوني بالعديد من الكتب التي استفدت منها كثيراً، حيث بدأتُ أحصل على أجوبة مقنعة على الأسئلة التي كان تحيّرني وتبعث في نفسي الشك، وهكذا وجدت الإِسلام دين العقل والمنطق والعدل، ووجدته يؤمّن التوازن بين العقل والعاطفة، وفي كل جوانب الحياة الإنسانية، ويضع للإنسان منهجاً يؤمّن له السعادة في الحياتين.. الدنيا والآخرة، كما يطرح حلولاً متميزة لكل المشاكل التي تعترض حياة الإنسان، وهذا ما دفعني للتحول نحوه.

س: كيف كان صدى التزامك بالإِسلام بين أهلك وفي محيطك؟

ج: قبل ارتدائي الحجاب والالتزام باللباس الشرعي، اقتصر رد فعل أهلي وأصدقائي على بعض التعجّب والتساؤل عمّا إذا كنت سأثبت على قناعاتي الجديدة، وعمّا إذا كنت سأتعدّى مجرد القناعة إلى الالتزام الظاهري، ولكن بعد زواجي ذهبتُ مع زوجي جميل إلى الجزائر، وهناك التزمتُ بالحجاب واللباس الشرعي، وبعد عودتي إلى السويد واجهتُ الكثير من الاستغراب والأسئلة المعترضة على وضعي الجديد سواءً من الأهل أو الأصدقاء حيث لم يكن أحد يتصوّر أنني سألتزم إلى هذا الحد، وقد عرفوني سابقاً غير مبالية بالدين، ولم يدر في خلدهم أن الإِسلام أمر مختلف وأنه ليس مجرد ديانة تعنى بباطن الفرد فقط، بل هو أسلوب للحياة والتعامل.

١٤٤

وبارتدائي الحجاب في ذلك الوقت، أصبحت في نظرهم أنتمي إلى الأقليات المسلمة التي يتجنبها الإنسان السويدي، الذي هو بطبيعته يعيش العزلة والخوف من الجديد والمختلف، غير أن هذا لم يمنعني من أن أشق طريقي بكل ثقة وصبر، وأن أفرض احترامي واحترام ما التزمت به على الكثيرين ممن تبرموا في البداية.

س: كيف ترين أهمية الحجاب بالنسبة إلى المرأة المسلمة وخصوصاً في الغرب؟

ج: الحجاب بنظري هو حصن تعيش المرأة في داخله بكل طمأنينة، واثقة بالنفس، وهو يفسح المجال أمام المرأة للتفكير بما هو أهم من الملابس والزينة، ويعطيها الفرصة لتصبّ جهودها أكثر على ما يدفعها ويدفع محيطها للتقدّم، لأنها تحرّر نفسها من الاستغلال الرخيص لأنوثتها فتتحرّر من سطوة جشع تجار الأزياء وتفاهاتهم، ومن عبث وفساد وسائل الإعلام والإعلان التي تسيّر النساء الفارغات في عالمنا المعاصر.

س: هل يمكن أن تعطينا صورة عن المستوى العلمي الذي توصّلت إليه وعن مجال عملك؟

ج: لقد تابعتُ دراستي بعد إسلامي حتى نلتُ شهادة الدكتوراه من جامعة لوند، وذلك في قسم البيئة البشرية، وكان موضوع أطروحتي هو «المسلمون في الشرق الأوسط»، الذي هو محل اهتمامي الشخصي، وهذا ما اقتضي مني زيارة عدة دول إسلامية في الشرق الأوسط لاستكمال المعلومات حول هذا الموضوع، وأنا الآن أعمل باحثة في جامعة لوند نفسها.

س: علمنا أن لديك نشاطات إسلامية متعددة، فما هي؟

ج: لقد انتخبتُ عضواً في الأكاديمية الإِسلامية، وهي جمعية تضم الجامعيين المسلمين في جميع أنحاء السويد، وتهتم بالتعريف بالإِسلام، وإجلاء صورته في المجتمع السويدي، والدعوة إليه عن طريق المحاضرات والندوات والكتب والمنشورات، وأنا أساهم قدر طاقتي في نشاطات هذه الجمعية.

١٤٥

أمّا نشاطي الإِسلامي الأساسي فيتم من خلال النادي النسائي في مدينة لوند وجمعية الإرشاد الإِسلامية الخاصة بالنساء المسلمات السويديات والمهاجرات، وتهتم الجمعية بالتوعية الثقافية الإِسلامية عن طريق تدريس التربية الدينية والعلوم الإِسلامية واللغة العربية. وتقيم الجمعية الندوات واللقاءات العامة، كما تنظم زيارات للمدارس والجامعات بهدف التبليغ الإِسلامي. إلى جانب ذلك، لدينا اهتمام خاص بالأطفال لتنشئتهم نشأة إسلامية سليمة، وإبعادهم عن المحيط المنحرف.

س: ما رأيك بمستقبل النشء المسلم الجديد في السويد والمجتمعات الغربية؟

ج: برأيي أن الأطفال المسلمين سيواجهون صعوبة أقل لدى انخراطهم بالمجتمعات الغربية، لأنه من الأسهل عليهم فهم تركيبة المجتمع الذي نشأوا فيه والتكيّف معه بمرونة أكثر من كبار السن المهاجرين، سواء في السويد أم في غيرها.

س: ما هي المشكلات التي يعاني منها المسلمون في السويد؟

ج: يعاني المسلمون في السويد من مشاكل عدة، تنعكس سلباً على تحسين أوضاعهم، منها:

- انخفاض المستوى التعليمي، حيث أن الأكثرية منهم جاءوا إلى السويد للاستفادة من الرفاهية المادية الموجودة هنا، وهذا ما يعيقهم عن الحصول على وظائف عالية.

- المشاكل القائمة بين المجموعات المسلمة ذاتها، حيث يختلف بعضهم على المرجعية التي تبتّ في القضايا المهمة التي تهم جميع المسلمين.

س: كيف ينظر السويديون والغربيون عامة إلى المسلمين الموجودين بينهم؟

ج: يصنّف المسلمون في الغرب عادة إلى قسمين: قسم يسمّونهم متطرفين، وهم الذين يتمسّكون بدينهم ويطبقون شعائره ولا يجاملون في ذلك. وقسم آخر يسمّونهم معتدلين، وهم عادة الذين لا يبالون بأمور الدين ويهملون واجباتهم الشرعية، لأنهم متأثرين بالحياة الغربية المادية. ولكن على العموم فإن نظرة الغربيين إلى الإِسلام والمسلمين هي عموماً سلبية، وهي ناشئة عن رؤيتهم الحضارية والدينية المختلفة والاحتكاكات التاريخية، كما أن الإعلام المعادي الموجّه يغذي هذه النظرة السلبية، ويعمل على تضخيم وهم الخطر الإِسلامي على الغرب. كما لا ننسى هنا أخطاء المهاجرين المسلمين وأفعال الكثيرين منهم التي تعطي صورة سيئة عنهم، وعمّا يمثلون.

١٤٦

ولا يعني هذا أن ليس هناك تفهّم للإِسلام وتعاطف مع المسلمين وقضاياهم لدى جهات وأشخاص كثيرين في الغرب، وهنا تأتي مسؤولية المسلمين لكي يبذلوا الجهود المضاعفة كي تتسع هذه النظرة الإيجابية للإِسلام في الغرب.

س: هل من كلمة أخيرة؟

ج: أريد أن أوجّه عبر مجلتكم الموقرة نداءً مختصراً إلى المرأة المسلمة عموماً وإلى النساء في البلاد الإِسلامية بشكل مباشر لأدعوهن إلى مزيد من الوعي والتعقل والتمسك بالإِسلام، هذه الرسالة العظيمة، كي يساهمن بشكل أفضل في تماسك وتطوير وسلامة مجتمعاتهن لإبعادها عن الموبقات والمفاسد التي تعصف بالمجتمعات الغربية، والتي تحطّ من قدر الإنسان، وألا ينخدعن بمظاهر الحياة الغربية ومغرياتها وحرياتها الزائفة، التي تزيّنها لهن وسائل الإعلام المفسدة، فهذه لا تؤدي إلّا إلى سقوطهن وتدمير كل مقومات القوة التي يوفرها لهن الإِسلام في أنفسهن ومجتمعاتهن، وأني آمل من كل اللواتي انبهرن بهذه القشور وتخلين عن مزايا شخصيتهن الإِسلامية الكريمة أن يراجعن أنفسهن ويواجهن الحقيقة بإرادة وصدق.

١٤٧

الأخ المسلم البريطاني جان هانز (محمد علي)

يقول:

· السلوك النظيف والقويم لبعض العمّال المسلمين الملتزمين جعلني أُكبِر الإِسلام وأرغب في اعتناقه.

· في الغرب نحلم بالسعادة ولا نجدها، بل نعيش الحسرة والأسف عند انقضاء كل متعة ننالها.

· تفرّغت لطلب العلوم الدينية الإِسلامية من أجل خلاص نفسي وهداية أهلي ومجتمعي.

· النبي الأعظم (ص) وأهل بيته الأطهار (عليهم السلام) هم معلمو البشر وقادتهم، ويجب أن نتخذهم قدوة لنا.

في الوقت الذي تنتشر فيه الفلسفات المادية والتيارات الإلحادية وهي تغزو وسائل الإعلام في كل قطر وبلد، مدعومة بأحدث وسائل الاتصال والنشر. تجد ثلّة من الناس طريقها الواضح المستقيم، وسط الغبار والزحام المتراكم من الأيديولوجيات والأفكار، مهتدية بنور الإِسلام الذي يجذب إلى ساحته كثيراً ممن أنعم الله عليهم بنعمة الدين الحنيف، ومن قلب الغرب الذي أدار ظهره للدين منذ أن أعرض عن النهج الإلهي، في مطلع النهضة العلمية التي حققت له رفاهية مادية ولكنها فشلت في أن توصله إلى رحاب الطمأنينة وواحة السعادة في هذه الدنيا فضلاً عن الآخرة. من بين هؤلاء النخبة المهتدية، نبدأ حديثنا عن إسلام الشاب البريطاني جان هانز «محمد علي» بهذه اللمحة الدالة التي توجز حوار مجلة «نور الإِسلام» مع هذا الشاب المهتدي.

التقيناه في رحاب المقام الشريف للسيدة زينب (عليها السلام) في ضاحية دمشق الشام، هناك ذات مساء، بعد أداء شعائر الزيارة المباركة، وبعد الفراغ من الصلاة، من بين تلك الوجوه الطيبة التي أمّت المقام الشريف، طالعنا بوجهه المشرق وثغره المبتسم، والطريف في هذا الأمر، أن هذا الشاب كان يرتدي الزي الخاص بطلاب العلم الديني، وكان مظهره يحمل أكثر من دلالة.. بعد أن رحبنا به دار بيننا الحوار التالي:

١٤٨

س: هل لك أن تعطينا لمحة عن نشأتك؟

ج: نعم بكل ترحيب، وُلدت في بريطانيا، وعشتُ طفولتي كأي فرد مسيحي، يذهب مع عائلته إلى الكنيسة أيام الآحاد والأعياد، ولم أكن أشعر بأن شيئاً يمكن أن يطرأ على حياتي فيبدلها، ولكني كنت أشعر كأكثر الناس بأن الحياة تمضي بنا حثيثية دون أن تحمل إلينا معنى أو هدفاً نبيلاً، فالناس تعيش دون مُثُل أو قيم، مكتفية بالاستغراق في الحياة المادية العابثة التي تجعل منّا أناساً أشبه بالأنعام التي تعيش ليومها ولا تفكر بغد.

كانت حياتنا رتيبة، نحلم بالسعادة ولا نجدها، فتشنا عنها كثيراً فلم نجدها في حدود متع الدنيا ولذاتها، بل كنا نصاب بالحسرة والأسف عند انقضاء كل متعة ننال منها نصيباً، لهذا كنا نعيش حياة ينتهي وجودنا بانتهائها؛ ولهذا كان الكثير من الشباب يفكرون بالتخلص من هذه الحياة الفارغة، إما بالهروب إلى المخدرات، هروباً آنياً وإمّا بالانتحار. وقد حصل أن أقدم شبان كثر على قتل أنفسهم عندما قرأوا كتاب «آلام فرتر» للكاتب الألماني «غوته» في الحقبة الماضية. في تلك الفترة لم أكن أختلف بشيءٍ عن أقراني، لقد درستُ وتعلمتُ في إنكلترا وتخرجت من الجامعة مهندساً، ثم سافرت للعمل في الخارج.

س: هل لك أن تحدثنا عن تجربتك الجديدة في ظل الإِسلام؟

ج: كانت بداية التحوّل في حياتي الشخصية حينما سافرت إلى الباكستان للعمل هناك، وبعد انقضاء فترة على وجودي في تلك البلاد، كنت خلالها أراقب العمّال البسطاء الذين كانوا يشتغلون تحت إشرافي. وقد لفت نظري إخلاصهم في العمل فضلاً عن صدقهم في المعاملة، وتفانيهم في أداء ما يُطلب منهم بكل أدب واحترام، ولاحظتُ أن السبب في ذلك يعود إلى روح النظام وجو الطهارة الذي اكتسبوه من عادة حسنة، فقد كانوا يقفون بانتظام صفاً للصلاة بضع مرات في اليوم، بعد أن يقوموا بتنظيف أجسامهم في أحواض الماء، ويغسلون بعض أعضائهم أو يمسحونها، وهي دلالة ظاهرة على طهارة الأبدان، ودلالة باطنة على نظافة الروح وتطهير النفس، وقد تعلمت منهم قول الرسول (ص) :

١٤٩

«أفضل الطيب الماء» .. أما عندنا فما نفع العطور التي يضعها الإنسان على جسم تتنازعه الأقذار والنجاسات، من الخمرة إلى الميتة ولحم الخنزير وما أشبه ذلك. ثم تعلمتُ من هؤلاء العمّال، كيف أملأ وقتي بما يفيد، وكيف أنظِّم ساعات يومي، بعد أن أقف مثلهم لحظات بخشوع وأتلفظ بالكلمات ذاتها، التي تشيع الأمن والطمأنينة في نفسي.

وعرفتُ من هنا أن الفرد المسلم يمثّل الطهارة المادية المتجسّدة في نظافة جسمه من الأدران ونظافة روحه من الآثام.

س: هل من سبب آخر دفعك إلى اعتناق الإِسلام؟

ج: لقد كان في حياتنا نحن الغربيين، كما أشرتُ إليك، فراغ هائل، نابع من انتفاء القِيم في واقع الإنسان الغربي، وهذا ما يبعث على القلق المؤدي إلى عذاب الروح، فعندنا كلمة شائعة يتداولها الناس تدلّ على اللامبالاة وعدم الاكتراث مثل «لا يهمني» أو أن يقول قائلنا لكل أمر جديد أو مدهش «حسناً».

والجدة عندنا معيار وقيمة توزن بها الأشياء، فكل شيء إذا مضى عليه وقت يفقد قيمته ويتطلع الإنسان إلى الجديد الذي يبهر ثم سرعان ما يفقد هذا الجديد سحره وتأثيره، وهكذا يظل الإنسان يلهث وراء كل جديد، حتى يتبلد إحساسه فلا يشعر بقيمة الأشياء، فتفقد الأشياء معناها وجوهرها، فيصبح الإنسان عديم الإحساس، من هنا يفكر في الخلاص بأي طريق كان.

بينما يعطي الإِسلام منهجاً وسطاً في المنع والعطاء، في التمنع والحرمان، هذا المنهج الوسط يبقي للأشياء معناها، لأن الحرية المطلقة التي تبلغ الإباحية والإسراف، تستهلك جوهر الأشياء وتبطل معناها، وهنا تكمن الكارثة في الحياة الغربية القائمة على البراغماتية والمتعة الآنيّة.

لقد وهبني الإِسلام منهجاً في الحياة قرّت به عيني واطمأنت إليه نفسي، بعد سنوات من الضياع والقلق الذي يغرق فيه مجتمعنا المتردي في دوامة الانحلال على الصعيدين المادي والروحي.

ولم أصدق أن هناك عقيدة تحمل إلى الإنسان السكينة والاستقرار إلّا بعد أن رأت عيناي وسمعت أذناي ولمستُ الحقيقة التي لا ريب فيها أن الإِسلام بصفاته وسماحته هو المنتجع الآمن والواحة التي تستظل بها النفوس التواقة إلى رحاب السعادة. كان ذلك التحوّل الكبير في حياتي حين تعرفت إلى خاتم الديانات وجوهر الرسالات، الإِسلام الحنيف، وكان ذلك بفضل العناية الإلهية.

١٥٠

س: ما هي الأسباب التي دفعتك لتكون طالباً في مدرسة العلوم الدينية؟

ج: عندما اهتديتُ إلى الإِسلام، فكرت بأهلي ومجتمعي، وعرفت أني سأواجه اعتراضاتهم، لذلك شئت أن أتسلح بالحجة والبرهان، وسبيلها العلم والمعرفة، لذا عقدتُ العزم على تلقي العلوم والمعارف الإِسلامية.

س: ألا يسبب لك حرجاً ارتداؤك الزي الخاص برجال الدين؟

ج: في الأساس لم أفكر في خلاص نفسي فحسب، بل فكرت في خلاص الآخرين من أهل وطني، لهذا وطّنت النفس على تجاوز الصعاب، إنني فخور بارتداء العمامة والزي الديني، وهذا يمنحني الحرية في الحركة، بهذه الثياب الفضفاضة، كي يحررني من الزي الغربي الملاصق للجسد، فذاك يضغط عليّ ويرهقني، وهذا يتيح لي التحرك بسهولة، وهو رمز للتجرد عن زيف الحضارة في الزينة والتجمل.

ثم إن المجتمع الغربي يدّعي الحرية والديمقراطية، فأنا من هذا المنطلق يحق لي أن أرتدي ما أشاء.

س: ماذا تنوي أن تفعل عندما تعود إلى وطنك؟

ج: انطلاقاً من قول الإمام علي (ع) : «أحب لغيرك ما تحب لنفسك»، لهذا فإنني أبغي الخير لإخواني في الإنسانية من أبناء وطني كما قال الإمام (ع) : «واعلم أن الناس إمّا أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق». فسوف أقوم بواجبي في التبليغ الإِسلامي، وإنني آمل منهم أن يستجيبوا.

س: ما هو مدى اطلاعك على الثقافة الإِسلامية؟

ج: إني سعيت للاطلاع على المعارف والعلوم الإِسلامية بشغف ومحبة، وإنني ملم بحياة النبي (ص) والأئمة (عليهم السلام) ، ومطّلع على الكثير مما قالوه وفعلوه، وإنني أؤمن بعصمتهم وأنهم معلمو البشر وقادتهم، وأتخذهم قدوة وأجعل من أقوالهم شعاراً ومن أفعالهم أمثولة في الحياة.

١٥١

س: هل من كلمة أخيرة تتوجه بها إلى القرّاء؟

ج: إنني أؤكد إنني وجدتُ للحياة قيمة بعد اعتناقي الإِسلام، فنحن لم نخلق عبثاً، بل لغاية سامية، والجدة التي هي معيار كاذب وزائف لم تعد تعني لي شيئاً.

وإنني أردد ما قاله المرجع الكبير الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء «بلّغوا الإِسلام إلى الغرب، فإذا نجحتم في رسالتكم هناك، حققتم أهدافكم في التبليغ هنا»، لأن الشرق مولع بتقليد الغرب، وهو مرض العصر، ولقد كان الغرب الإسباني في عصر الإِسلام، يتوجه بأنظاره قِبَل المشرق، وإنني أدعو جميع الناس إلى قراءة الإِسلام ومعرفته عن كثب ليتسنى لهم الاهتداء ثم هداية الآخرين، لأن الناس أعداء ما جهلوا، والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله.

١٥٢

الأخت الروسية المهتدية، يلينا كوشيليوفا

تقول «لنور الإِسلام»:

- على الرغم من الدعاية الإلحادية التي كان يفرضها النظام التعليمي الشيوعي السابق، كان ينتابني إحساس بوجود إله واحد.

- من خلال كتاب «حياة محمد» لأحد الكتّاب الروس، أعجبت بشخصية الرسول (ص) ثم صرت أبحث عن الكتب الإِسلامية.

- الأسف يعتصر قلبي، كيف لم تهتدِ النسوة السافرات إلى نعمة الحجاب، وما يمثّله من قيم النقاء والطهر.

- إنني أنصح أختي المسلمة أن لا تسير بخطى عشواء على طريق المدنية القادمة من الغرب.

يلينا يورينيفا كوشيليوفا

لم تكن تدري يلينا وهي الفتاة الروسية التي تعيش في مجتمع شيوعي يؤمن بالقيم الماركسية، أنها على موعد مثير، مع صدفة رائعة حملها إليها عيد الأضحى، حينما التقت بمن هيَّأته العناية الإلهية لينقلها من الظلمات إلى النور، ومن الشرك إلى الدين الحنيف، لقد وُلدت من جديد، كما تقول يلينا، وكنت أشعر بإرهاصات تنبئ عن استعداد وتوجه في عمق وجداني. كالظافر بالماء وسط الصحراء، لأجد الحوض الطاهر النقي، الذي ألقيت بنفسي في لجته، لأتطهر من أدران هذا العالم الذي أضاع قيم الروح والإنسانية.

تجربتي مع الإِسلام مثيرة وغنية بالعبر إذا ولجتم إلى أعماقي ستجدون أنني جد سعيدة بهذه المصادفة الرائعة. وكأن القطار الذي كان ينقلني من إحدى المدارس في ضواحي «لاتيا» كان يحملني إلى شاطئ السعادة والأمان وواحة الهداية واليقين.

في مسكنها الزوجي في بيروت وبين عائلتها السعيدة التقت نور الإِسلام السيدة يلينا وكان لنا معها هذه المقابلة:

١٥٣

س: هل لك أن تعطينا لمحة موجزة عن نشأتك وتربيتك الأولى:

ج: وُلدت سنة 1973 في طاجكستان التي كانت واحدة من جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاً، من أصل روسي، وكان والدي ضابطاً برتبة كولونيل، إلى جانب كونه محامياً، وكانت أمي طبيبة، وقد تعرضت عائلتي للتنقل إلى أكثر من بلد، إذ هاجر أهلي إلى سيبيريا، إلا أنني بقيتُ أعيش مع جدتي في طاجكستان حيث دخلت إلى المدرسة، وعندما سافر أهلي إلى جمهورية لاتيا اصطحبوني معهم إلى مدينة ريفا ثم استقرت بنا السكنى أخيراً في أوكرانيا.

لقد فرضت علينا ظروف عمل والديَّ أن نتنقل بين بلدان الاتحاد السوفياتي سابقاً، مما أتاح لي فرص التعرف إلى هذه البلدان المختلفة، والخروج إلى العالم الأوسع؛ ما أكسبني مرونة في التصرف، ومزيداً من الوعي، وهذا ما أدى إلى أن لا تترسخ في نفسي عادات بلد معين، بل كنت أبحث دائماً عن الأفضل في العادات والسلوك. لقد ترعرعت وسط عائلة مثقفة. فالبيئة التي عرفتها في لاتيا تشبه البيئة الأوروبية من حيث توفر الحرية والمناخ الثقافي والفكري، قياساً على بقية البلدان الروسية.

كانت طفولتي موزعة بين البيت والمدرسة، فلم أكن أهتم بما يوليه أترابي من اهتمام.

ولست أعلم بالتأكيد لماذا كان ينتابني إحساس بوجود إله واحد مع أن التعاليم الإلحادية التي يفرضها النظام التعليمي، كانت لا تعترف بذلك، وربما كان لجدتي أثر في هذا الاستعداد لديَّ.

وكان والدي يشتري لي كتباً علمية حول نشوء العالم، حسب ما يقرره الإنجيل، وكنت أميل كثيراً إلى التأمل. وعندما بلغت السادسة أو السابعة عشرة جربتُ أن أصوم على الطريقة الأرثوذكسية، حيث كنت أمتنع عن تناول اللحوم والمشتقات الحيوانية لمدة أربعين يوماً.

١٥٤

س: هل لك أن توضحي لنا الأسباب التي حملتك على اعتناق الإِسلام:

ج: أجل. حينما كنت في الرابعة عشرة من عمري، كنت أتعلم في مدرسة تضم أولاداً من الطاجيك الذين يعتنقون الإِسلام، ولاحظتُ كيف أن العائلة المسلمة تضم عدداً كبيراً من الأولاد، وفي أثناء ذلك كان يسترعي انتباهي منظر الأولاد المؤثر، وهم يصومون طوال النهار عن الطعام والشراب، وكان بعضهم يصاب بالإعياء آخر النهار، حيث كان شهر حزيران القائظ بنهاره الطويل. وكان ذلك يحملني على التساؤل، لماذا يتحمل هؤلاء هذا العناء كله ومن أجل أي شيء يضحون بالتمتع بما يشتهون من الطعام. كان ذلك بداية التجربة مع الإِسلام بالنسبة إليّ.

وعندما بلغتُ الثامنة عشرة، كنت أدرس الكيمياء في إحدى الكليات، التي تبعد عن منزلنا ثلاثة أرباع الساعة تقريباً، وكان عليّ أن أتنقل بالقطار، وهنا حدثت الصدفة الرائعة، حيث تعرّفت إلى زوجي المهندس اللبناني فهد سويدان، وتجدَّد اللقاء وعرّفني أنه مسلم ملتزم وكان آنذاك لا يحسن اللغة تماماً.

وشاءت الصدف أن ننتقل جميعاً إلى كييف في أوكرانيا للدراسة، فتوثقت علاقتنا، من ذلك الحين بدأ اهتمامي بالإِسلام يتزايد وأخذتُ أتردد على المكتبة، وكان أن اطلّعتُ على كتاب «حياة محمد» وهو لأحد الكتّاب الروس المستشرقين فأعجبتُ بشخصية الرسول (ص) ، ثم صرتُ أبحث عن الكتب الإِسلامية لأطالعها، وتلقيتُ كثيراً من العون. وفي الوسط الطلابي في كييف لمست أن هناك إسلاماً حقيقياً حيث الصفاء الروحي والصدق الذي يتحلى به الطلاب المسلمون القادمون من بلدان المختلفة.

س: ما هو موقف أُسرتك وأصحابك من هذا التحول:

ج: بالنسبة إلى والدتي لم يشكل هذا التحول حرجاً، وأما والدي فقال لي: إنك ستبقين مسيحية، ولو حاولت أن تكوني غير ذلك، أما أنا فقد أصبحتُ مسلمة، في الواقع، ولكنني لن أتنكر للقيم الصحيحة في المسيحية.

والذي سهَّل عليّ هذا التحول هو ما كانت تشهده بلادنا من تحول كبير في بنية النظام في جمهوريات الاتحاد السوفياتي السابق. فكل شيء كان من حولنا يتغير ويتبدل.

١٥٥

س: ما هي التغيرات الإيجابية التي تمَّت بعد اعتناقك الإِسلام؟

ج: شعرتُ بأنني بلغتُ هدفي، وأنني أدركتُ ما كنت أصبو إليه، من يقين وطمأنينة! فقد كنت متعطشة للوصول إلى الحقيقة، التي كانت ترد بشكل تساؤلات حول العقيدة والسلوك في الحياة، تبحث عن جواب شافٍ.

وما يجدر ذكره أنني لم أجرِّب المحرمات قبل زواجي واعتناقي الإِسلام. إذ كان كلٌّ من روحي وجسدي طاهرين، وبقيا طاهرين، وبكلمة أقول: «كأنني وقعْت في حوض الماء الذي كنت أتوق للسباحة فيه»، كرمز للطهارة التي يمنحها الإِسلام لأتباعه. ولقد استفدتُ في لبنان كثيراً من إحدى المدرِّسات، وأنا مدينة لها بتعلم بعض العربية وقراءة القرآن الكريم وتفسير بعض الأدعية.

س: كيف تنظرين إلى ظاهرة السفور المنتشرة في المجتمع الإِسلامي؛ كونك فتاة روسية قادمة من خارج البلاد الإِسلامية؟

ج: إن هؤلاء النسوة يعانين من ضياع، وإنني لأشعر بالأسف يعتصر قلبي كيف لم يهتدين إلى نعمة الحجاب وما يمثِّله من قيم النقاء والطهر. ولكن المرأة المسلمة، وهي ترتدي الحجاب لا بدّ لها من أن تراعي مستلزمات هذا الحجاب، في حديثها وتصرفاتها ومعاملاتها.

وإني أنظر إلى ظاهرة السفور في مجتمعاتنا الحديثة، كظاهرة غير طبيعية، طرأت على المجتمع الإِسلامي والمسيحيي في الشرق والغرب، وكان من أهم الدواعي إليها، نزول المرأة إلى ميدان العمل وما أحدثته الثورة الصناعية من تبدل في القيم الاجتماعية والخلقية.

إذ العودة إلى الحجاب، هي بنظري رجوع إلى الفطرة والأصل.

س: ما هي رؤيتك لواقع المرأة المسلمة اليوم؟

ج: على المرأة المسلمة المحجبة أن تثبت للآخرين أنها ليست متقوقعة في حياتها ومنعزلة عن المجتمع، بل إنها تختزن طاقة يمكن أن تستثمرها في هداية الفتيات الأخريات، مع المحافظة على واجباتها البيتية التي هي أهم من أي نشاط اجتماعي خارج المنزل، وطبعاً مع المحافظة على طبيعتها الأنثوية.

١٥٦

س: ماذا تقترحين لهداية الجيل المعاصر:

ج: في نظري إن الجيل من الأحداث والشباب منجذب بشكلٍ ملفتٍ للنظر، إلى مشاهدة وسائل الإعلام المضرة وخاصة التلفاز، وهذا ما يشكل ظاهرة ذات آثار سلبية كبيرة بالنسبة إلى الأطفال بشكل خاص، فعلى الآباء أن ينتبهوا لتربية أولادهم، فلا يتركوهم فريسة للمسلسلات العبثية الفارغة.

س: هل من كلمة أخيرة توجهينها إلى القرّاء؟

ج: إني أنصح أختي المسلمة أن لا تسير بخطى عشواء على خطى المدنية القادمة من الشرق والغرب، بل تعود إلى أصالتها وأن لا تستورد إلا ما هو الأحسن والأفضل،، ولتستفد من تجربة الغرب الذي نظر في حضارتنا فأخذ بأحسنها، بينما نرى العكس في بلاد المسلمين، حيث ينبهرون بالأمور الخدّاعة والبرَّاقة التي تعبر عن أسوأ ما عند مجتمعات الغرب من خلاعة وسفور وابتعاد عن الدين والفضيلة.

١٥٧

الأخت المهتدية كارمن سركسيان «هدى»

هكذا تعرفت إلى الإِسلام وهكذا اهتديت

تلك الفتاة الأرمنية التي اهتدت إلى نور الإِسلام واعتنقت الدين الضيف بعد رحلة مثيرة، وتجربة غنية في البحث والاستكشاف، هذه الهداية التي كان مفتاحها التعرف على شريك لها في الحياة، ولكن الرحلة الإيمانية لم تقف عند حد، بل إن الفتاة المهتدية سارت يحفِّزها حب المعرفة، إلى أن تنهل من معين الثقافة الإِسلامية لتغترف من المكتبات ما جعلها جديرة بأن تكتب تجربتها في كتاب يمتع القارئ ويفيد في آنٍ معاً، بعنوان «قصة إسلامي» وإليك أيها القارئ مقتطفات مما أوردته في هذا الكتاب.

عن ولادتها ونشأتها تقول:

وُلدت في الكويت عام 1965، نشأتُ وترعرعتُ وقضيتُ أجمل أيام عمري في رحابها، ولا أزال أحلم بالعودة لأعيش على أرضها الطيبة مرة أخرى، حيث ولادتي ونشأتي ودراستي وعملي وزواجي وإنجابي طفلي علي، والأهم من ذلك كله، أن الله هداني للإِسلام على أرضها، فكيف أنساها، إنها نبضة في القلب، وبدون نبضات القلب لا يحيا الإنسان.

كيف تعرفت إلى الإِسلام؟

في صيف «سبتمبر/أيلول» 1985، كنت أعمل كموظفة في شركة كويتية للمشاريع الهندسية، وكنت أنظم الملفات وأقوم بأعمال أمانة السر لذلك الإنسان الذي أصبح زوجي فيما بعد. ومع أنني وافقت على الزواج منه، إلّا أن تلك الموافقة كانت مصحوبة بشيء من الخوف لأنني مسيحية وأرمنية وهو مسلم.

ولا بدّ أن أوضح معنى كلمة أرمنية، إن الكثير من الناس حين يسمع كلمة أرمني أو أرمنية، تتبادر إلى أذهانهم كلمة مرادفة هي مسيحي، وفي الحقيقة هذا خطأ، فكلمة أرمني تعني أن جذور الشخص تعود إلى أرمينيا، إحدى جمهوريات الاتحاد السوفياتي سابقاً، وهي الآن جمهورية مستقلة، ثم إن أرمينيا فيها عدد كبير من المسلمين الأرمن، لذا إن كلمة أرمني هي مثل سوري ولبناني ومصري.

١٥٨

أما سبب مخاوفي فهو أني أعرف بعض المسيحيات اللواتي اقترنَّ بمسلمين، وكان الفشل حليف هذا الزواج فطُلِّقن فيما بعد، أما أنا فكنت واثقة من نجاح زواجنا، فقد تيقنت من صدق زوجي، كما أنه استطاع أن يجذبني إلى اعتناق الإِسلام، إذ كان يمثل لي القدوة الصالحة والأسوة الحسنة في سلوكه وتصرفه معي. وبعد أن أصبحت مسلمة، اخترت لنفسي اسم هدى بدلاً من اسمي السابق «كارمن».

كيف كان تأثير إسلامها وزواجها من مسلم على أقربائها؟

كان زواجنا في البداية غير مُعْلَن، تحاشياً لردود الفعل من قِبَل الأهل والأصحاب، ولكن فوجئت بأن أختي تتصل بي عبر الهاتف وتخبرني بمعرفتها بهذا الزواج وكان ذلك مفاجأة لي، وتذكرت الآية الكريمة﴿یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُوا لا یَحِلُّ لَکُمْ أَنْ تَرِثُوا النِّسَاءَ کَرْهًا وَلا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَیْتُمُوهُنَّ إِلا أَنْ یَأْتِینَ بِفَاحِشَةٍ مُبَیِّنَةٍ وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ کَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَنْ تَکْرَهُوا شَیْئًا وَیَجْعَلَ اللَّهُ فِیهِ خَیْرًا کَثِیرًا ﴿19﴾ ﴾ [النساء: 19]، فأخبرتها الحقيقة، وكان أهلي يسكنون في المدينة نفسها، فطلبوا من زوجي الحضور لمناقشة الموضوع.

وتمَّ الاتفاق أن أغادر منزل أهلي لأعيش مع زوجي بعد أن يئس الأهل من التأثير عليّ، وكانت دموع والدتي تنطق بأبلغ الكلام. قاطعني أهلي مدة أسبوعين فقط، بعدها قاموا بزيارتي دون أن يسمحوا لي بأن أزورهم.

ولم تعلم والدة زوجي بأمر زواجنا إلّا حين أُدخل زوجي إلى المستشفى لإجراء عملية جراحية، وكان قد أخبر أهله حفاظاً عليّ وعلى حصتي في الميراث، إذا حصل القضاء. وقد اصطحبتني والدة زوجي إلى منزلهم للمرة الأولى، فإذا بي أرى مكتبة كبيرة تضم كتباً في مختلف العلوم والآداب والتاريخ الإِسلامي، ومع أننا تأخرنا في السهر ليلاً فقد استيقظ الجميع في ساعة مبكرة من الصباح لأداء صلاة الصبح.

١٥٩

ولكن كيف اعتنقت الإِسلام؟

كانت لقاءاتي بأهله تثير عندي تساؤلات عن الصلاة، وعن الحجاب، وعن الفصل بين مجلس الرجال ومجلس النساء، وهنا بدأت رحلة المعرفة، والاستكشاف حين بدأت بالانصراف إلى مطالعة الكتب، وكانت والدته تدفعني إلى ذلك. قبل ذلك كنت أعيش في صراع، والآن بدأت رحلتي السعيدة مع الدين الحنيف. لم يكن زوجي يحدِّثني كثيراً عن الإِسلام، لأنه لا يريد أن يرغمني على اعتناقه، كما هو الشرط بيننا سابقاً، فكان يجيب باختصار على كل سؤال أطرحه عليه، ويصمت إذا لم أوجه إليه سؤالاً، كان يتألم لكوني غير مسلمة، لا أصلي، ولا أرتدي الحجاب.

كنت غير راغبة في ذلك، كنت أعلم مدى الحرج الذي أسببه لزوجي، بالرغم من ذلك كان له الدور غير المباشر في تقريبي إلى الإِسلام، ومن أجل ذلك كان يكثر من الاستماع إلى برامج القرآن الكريم، والإذاعات التي تبث برامج ثقافية حول الدين الحنيف.

انطباعاتها وشهادتها على أسلوب الحوار

إنني أعترف وأشهد بأن الطريقة التي كان يتم فيها النقاش لم تكن تؤذي مشاعري حول المسيحية - ديني السابق - فلم أتذكر أن المسلمين الذين تحاورت معهم أساءوا إلى المسيح (ع) وأمه أبدأ، بل إنهم يكنون من المحبة والتقديس لهما ما يثير الإعجاب ويؤمنون برسالته، وعندهم أن مَن لا يؤمن برسالة عيسى (ع) فليس بمسلم، وإن آمن برسالة محمد (ص) ، والغريب أنهم يستشهدون لعظمة النبي محمد (ص) بآراء كتّاب ومفكرين مسيحيين أمثال برنارد شو وغوته وكارلايل ولامارتين وجرداق وجبران ونعيمة، وحتى من غير أهل الكتاب أمثال نهرو، كنت ألتزم الصمت خلال مناقشاتهم، لأنهم يعرفون عن المسيحية أكثر مما أعرف.

كيف تم التزامها بالدين الحنيف فكرةً وسلوكاً؟

ولما كنت أتابع القراءة والمطالعة كان زوجي يقوم بشرح ما يصعب عليّ فهمه، واستمر الحال هكذا حتى أواخر عام 1987، وكنت أستمع إلى إحدى الإذاعات التي تنشر رسائل دكتوراه وماجستير يتقدم بها طلاب يرغبون بالتخصص في العلوم الإِسلامية، وقد كانت مناقشات تلك الرسائل ذات فائدة عظيمة بالنسبة إليّ.

١٦٠

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

كانت وديعة لم يقبل.

ولو قال: له قفيز حنطة بل قفيز شعير لزمه القفيزان، ولو قال: قفيز حنطة قفيزان لزمه اثنان، ولو قال: له هذا الدرهم بل هذا الدرهم لزمه اثنان، ولو قال: له درهم بل درهم لزمه درهم.

ولو قال: كان له علي ألف لزمه، ولم تقبل دعوى السقوط.

ولو أقر بما في يده لزيد ثم قال: بل لعمرو لم يقبل رجوعه ويغرم(١) لعمرو، وكذا لو قال: غصبته من فلان بل من فلان.

ولو قال: غصبته من فلان وهو لفلان دفع إلى المغصوب منه ولا غرم، وكذا لو قال: هذا لزيد غصبته من عمرو يسلم إلى زيد ولا غرم.

ولو قال: له عندي وديعة وقد هلكت لم يقبل ولو أتى ب‍ " كان " قبل، ولو قال: له عشرة لابل تسعة لزمه عشرة.

ولو ادعى المواطأة في الاشهاد، فإن شهدت البينة بالقبض لم يلتفت إليه، وإلا كان له الاحلاف.

ولو قال: له عشرة إلا درهما لزمه تسعة، ولو رفع فعشرة.

ولو قال: ماله عندي عشرة إلا درهم لزمه درهم، ولو نصب لم يكن مقرا.

ولو كرر الاستثناء، فإن كان بحرف العطف أن كان الثاني مساويا للاول أو زائدا رجعا إلى المستثنى منه وحكم عليه بما بعدها، وإلا عاد الثاني إلى الاول ودخل تحت الاقرار.

فلو قال: له علي عشرة إلا تسعة إلا ثمانية، وهكذا إلى الواحد لزمه خمسة.

ولو قال: له هذه الدار والبيت لي، أو إلا البيت قبل.والاستثناء من الجنس حقيقة ومن غير مجاز.

فلو قال: له ألف إلا درهما فالجميع دراهم، ويصدق لو قال: لم أرد المتصل،

_______________________

(١) في(م): " وغرم ".

١٨١

فيطالب بتفسير الالف، ويقبل لو بقي بعد الاسثناء شئ.

ولو قال: ألفدرهم إلا ثوبا طولب بالتفسير القيمة واسقطت، ولو استوعبت لم يسمع وطولب بالمحتمل.

ولو قال: ألف إلا شيئا طولب بتفسيرهما، ويقبل مع عدم الاستغراق.

ولو عقب الجملتين بالاستثناء رجع إلى الاخيرة، إلا أن يقصد عوده إليهما.

ولو قال: له درهم ودرهم إلا درهما بطل الاستثناء وإجن رده إليهما، ويبطل الاستثناء المستوعب.

المقصد(السابع)(١) في الوكالة

وفيه مطلبان:الاول: في أركانها

وهي أربعة:

الاول: الموكل وشرطه أن يملك مباشرة ذلك التصرف بملك أو ولاية، فلا يصح توكيل الصبي والمجنون والمحجور عليه في المال والعبد، ولو وكل العبد في الطلاق والمحجور عليه للفلس والسفه فيما لهما فعله صح.

وللاب والجد له أن يوكلا عن الصبي، وكذا للوصي وليس للوكيل أن يوكل إلا بالاذن الصريح أو القرينة، ولو وكله في شراء نفسه من مولاه صح وللحاضر أن يوكل في الطلاق كالغائب على رأي، وللحاكم أن يوكل عن السفهاء.

ويكره لذوي المروات مباشرة الخصومة، بل يوكلون من ينازع.

_______________________

(١) في(س): " السادس " والمثبت من(م) وهو الصحيح.

١٨٢

الثاني: الوكيل ويعتبر فيه: البلوغ، والعقل، والاسلام إن كان الغريم مسلما، ولا يشترط الاسلام إن كان الغريم كافرا(١) .وينبغي أن يكون فاهما عارفا باللغة.ولا تبطل بارتداد الوكيل، ولا تصح نيابة المحرم في المحرم عليه كعقد النكاح وشراء الصيد.وللمرأة أن تتوكل حتى في نكاح نفسها وطلاقها، وللعبد أن يتوكل بإذن المولى وإن كان(٢) في عتق نفسه، والمحجور عليه للسفه والفلس في المال وغيره.

الثالث: فيما فيه الوكالة وله شرطان: أن يكون مملوكا للموكل، وقبوله للنيابة.فلو وكله في طلاق زوجة سينكحها أو عتق عبد سيشتريه لم يصح، ولو وكله فيما تعلق(٣) غرض الشارع بايقاعه مباشرة كالنكاح والقسمة والعبادات مع القدرة إلا في الحج المندوب وأداء الزكاة لم يصح، ولو وكله فيما لا يتعلق غرض الشارع بالمباشرة صح، كالبيع وعقد النكاح والطلاق وإن كان الزوج حاضرا.على رأي، أو كان الوكيل فيه الزوجة على رأي والمطالبة بالحقوق واستيفائها.ولا يجوز في المعاصي، كالسرقة والغضب والقتل، بل أحكامها تلزم المباشر.وفي صحة التوكيل بإثبات اليد على المباحات كالاصطياد إشكال، وكذا الاشكال في التوكيل في الاقرار، ولا يقتضي ذلك إقرارا، ولا يشترط في توكيل الخصومة رضا الغريم.

ولو وكله على كل قليل وكثير صح، وتعتبر المصلحة في فعل الوكيل، ولو وكله في شراء عبد صح وإن لم يعينه.

الرابع: الصيغة ولابد من إيجاب مثل: وكلتك واستتنبتك وبع واعتق، وقبول إما لفظا أو فعلا، وبجوز تأخره(٤) عن الايجاب، ويشترط التنجيز، فلو علقه بشرط بطل، ولو نجزه وشرط تأخير التصرف جاز.

_______________________

(١) لفظ " ان كان الغريم كافرا " لم يرد في(م).

(٢) في(م): " كانت ".

(٣) في(م): " يتعلق ".

(٤) في(م): " بأخيره ".

١٨٣

المطلب الثانى: في الاحكام

الوكالة جائزة من الطرفين، فلو عزله انعزل إن علم بالعزل، وإلا فلا، ولو عزل نفسه بطلت.

وتبطل بموت أحدهما، وخروجه عن التكليف ولو بالاغماء، وبفعل الموكل متعلق الوكالة، وبتلفه لا بالنوم المتطاول، والتعدي، وعتق العبد وبيعه، وطلاق الزوجه.أما لو أذن لعبده ثم باعه أو أعتقه بطل الاذن.

والاطلاق يقتضي البيع بثمن المثل بنقد البلد حالا، تسويغ البيع على ولده أو زوجته لا على نفسه إلا مع الاذن، فيجوز حينئذ أن يتولى طرفي العقد على رأي.ولو قدر له أجل النسيئة لم يتخطاه، وإن أطلق تقيد بالمصلحة عرفا.

ووكيل البيع لا يملك تسليم المبيع قبل توفية الثمن، وبعده لا يجوز له المنع، ولا يملك قبض الثمن، ووكيل الشراء يملك تسليم الثمن، وقبض المبيع كقبض الثمن، ولا يملك وكيل الحكومة والاثبات الاستيفاء وبالعكس.

ولو اشترى معيبا بثمن مثله جاهلا بالعيب وقع عن الموكل، ولو علم افتقر إلى الاجازة، ولو كان بغبن فكذلك عالما كان أو جاهلا، ثم إن ذكر الموكل في العقد لم يقع عنه ولا عن الموكل ولا بالاجازة، وإلا وقع عن الوكيل، وللوكيل الرد بالعيب مع حضور الموكل وغيبته، ولو رضي الموكل بطل رده.

وإذا قال له: افعل ما شئت، أو وكله في مقدار يعجز عنه اقتضى الاذن في التوكيل للامين.

ولو قال له: بع من زيد في زمان، أو في سوق له فيه غرض، أو صرح فيه بالنهي عن غيره أو بحال لم يجز العدول.

ولو باع بأزيد، أو باع حالا بمثل ما أذن في النسيئة، أو اشترى نسيئة بمثل ما أذن نقدا صح، إلا أن يصرح بالمنع.

ولو قال: اشتر شاة بدينار، فاشترى شاتين به ثم باع إحداهما بالدينار، صح، لكن يفتقر في البيع إلى إجازته.

١٨٤

وليس لوكيل الخصومة الاقرار ولا الصلح ولا الابراء.

ولو قال: صالح عن الدم الذي استحقه بخمر ففعل حصل العفو، بخلاف ما لو صالح على خنزير.

ولو وكله في شئ لم ينطلق في غيره، فلو وكله في شراء فاسد لم يملك الصحيح، ولو وكله في الشراء بالعين فاشترى في الذمة أو بالعكس لم يقع عن الموكل، فإن اشترى في الذمة ولم يصرح بالاضافة وقع عنه.

والوكيل أمين وإن كان بجعل، ويقع الشراء للموكل لا له، وكل موضع يبطل الشراء للموكل فإن أضاف(١) في العقد لم يقع عن أحدهما، وإلا قضى على الوكيل.وكذا لو أنكر الوكالة ولا بينة، فإن كان الوكيل كاذبا فالملك له باطنا وظاهرا، وإلا ظاهرا، فيقول الموكل: إن كان لي فقد بعته منه، ولو امتنع استوفى الوكيل ما غرم، ويرد الفاضل أو يرجع.وليس له التصرف بغير ذلك من وطء وانتفاع.

ولو وكل اثنين وشرط الاجتماع أو أطلق لم يكن لاحدهما الانفراد ولا القسمة، ولو مات أحدهما بطلت، وليس للحاكم أن يضم إليه، ولو شرط الانفراد جاز.

ولو قال: اقبض حقي من فلان فمات بطلت، بخلاف اقبض حقي الذي عليه.

ولو وكل المديون في الشراء بالدين صح، ويبرأ بالتسليم إلى البائع.

ولا تثبت إلا بعدلين اتفقا، لا بشاهد وامرأتين، ولا بشاهد ويمين، ولا موافقة(٢) الغريم.

ولو اختلفا في تاريخ الايقاع، أو في اللغة، أو في العبارة لم يقبل، ولو كان ذلك في الاقرار قبل.ويجب التسليم مع المطالبة والقدرة، فإن أخر ضمن، ولو وكله في القضاء ولم يشهد به ضمن، بخلاف الايداع.

وللبائع مطالبة الوكيل مع جهل الوكالة والموكل مع علمه، وتقبل شهادة الوكيل لموكله فيما لاولاية له.

ولو عزل قبلت في الجيمع، ما لم يكن أقام بها أو شرع في المنازعة.

_______________________

(١) في(م): " أضافه ".

(٢) في(م): " بموافقة ".

١٨٥

مسائل النزاع

لو أنكر المالك الاذن في البيع بذلك الثمن وادعى الازيد، فالقول قوله مع اليمين، ثم تستعاد العين إن أمكن، وإلا المثل أو القيمة، فإن صدق المشتري الوكيل وتلفت السلعة في يده رجع المالك على من شاء، فإن رجع على المشتري لم يرجع المشتري على الوكيل، وإن رجع على الوكيل رجع الوكيل على المشتري بالاقل من ثمنه وما غرمه.

ولو قال: ما أذنت إلا في الشراء بعشرة وكان الشراء بأزيد حلف ويغرم الوكيل الزائد إن انكر البائع الوكالة، وإلا اندفع الشراء.

ولو أنكر الغريم وكالة الغائب له فلا يمين، ولو صدقه لم يؤمر بالتسليم إليه.والقول قول منكر الوكالة، وقول الوكيل في التلف وعدم التفريط، والقيمة معه، وإيقاع الفعل والابتياع له أو للموكل، وقول الموكل في الرد وإن لم يكن بجعل على رأي، وفي قدر الثمن المشترى به على رأى.

ولو أنكر وكالة التزويج حلف وألزم الوكيل بالمهر، وقيل بالنصف،(١) وقيل بالبطلان ويجب على الموكل الطلاق مع كذبه ودفع نصف المهر،(٢) وهو جيد.

ولو قال: قبضت الثمن وتلف في يدي وكان ذلك بعد التسليم قدم قوله، إذ الموكل يطلب جعله خائنا بالتسليم قبل الاستيفاء، ولو كان قبل التسليم قدم قول الموكل، لان الاصل بقاء حقه.

وكل من عليه حق فله الامتناع من التسليم إلى المستحقق ووكيله، إلا بالاشهاد.

ولو ادعى على الوكيل قبض الثمن فجحد، فاقيم بينة القبض، فادعى تلفا أو ردا قبل الجحود لم يقبل قوله لخيانته، ولا بينته لعدم سماع دعواه، ولو ادعى بعد الجحود ردا سمعت دعواه ولا يصدق لخيانته وتسمع بينته، ولو ادعى التلف صدق ليبرأ من العين، ولكنه خائن فيلزمه الضمان.

_______________________

(١) قاله ابن ادريس في السرائر: ١٧٧، وابن سعيد في الجامع: ٣٢١، غيرهما.

(٢) قاله المحقق في الشرائغ ٢ / ٢٠٦.

١٨٦

كتاب الاجارة وتوابعها

وفيه مقاصد:الاول في الاجارة

وفيه مطلبان:الاول: في الشرائط

وهي ستة:

الاول: الصيغة فالايجاب: آجرتك أو أكريتك، والقبول وهو: قبلت، لا يكفي ملكتك إلا أن يقول: سكناها سنة مثلا أو أعرتك، ولا تنعقد بلفظ البيع.

ويشترط فيه جواز تصرف المتعاقدين، فلا تمضي إجارة المجنون والصبي(١) المميز وغيره وإن أجازه الولي، ولا المحجور عليه للسفه والفلس، ولا العبد إلا بإذن المولى.

الثانى: ملكية المنفعة إما بانفرادها أو بالتبعية للاصل، ولو شرط استيفاء المنفعة بنفسه لم يكن له أن يؤجر، ولو أجر غير المالك وقف على الاجازة.

الثالث: العلم بها إما بتقدير العمل كخياطة الثوب، أو بالمدة كالخياطة يوما، ولو جمعهما بطل.

وليس للاجير الخاص العمل للغير إلا بالاذن، ويجوز للمشترك، فإن عين مبدأ المدة صح وإن تأخر عن العقد، وإلا اقتضى الاتصال، وتملك المنفعة بالعقد كما تملك الاجرة به.وإذا سلم العين ومضت مدة يمكنه الاستيفاء لزمت الاجرة وإن لم ينتفع، وكذا لو مضت مدة يمكنه فيها قلع الضرس، ولو زال الالم عقيب العقد بطلت.ولو تلف العين قبل التسليم أو عقيبه بطلت، ولوكان بعد مدة بطل(٢) في الباقى.

ولو استأجر للزراعة ما لا ينحسر عنه الماء لم يجز لعدم الانتفاع، ولو كان على التدريج لم يجز لجهالة وقت الانتفاع.

_______________________

(١) في(م): " ولا الصبى ".

(٢) في(م): " بطلت ".

١٨٧

ويشترط تعيين المحمول بالمشاهدة أو الكيل والوزن، والراكب، والمحمل، وقدر الزاد وليس له البدل مع الفناء إلا بالشرط والمشاهدة للدابة(١) المركوبة أو وصفها.

ويلزم المؤجر: آلات الركوب كالقتب(٢) والحزام، ورفع المحمل وشده وإعانة الراكب للركوب، والنزول في المهمات المتكررة، ومشاهدة الدولاب والارض المطلوب حرثها، وتعيين وقت السير مع عدم العادة، ومشاهدة العقار أو وصفه بما يرفع الجهالة، وتعيين أرض البئر وقدر نزولها وسعتها فلو انهارت لم يلزم الاجير إزالته، ولو حفر البعض يرجع(٣) بالنسبة من اجرة المثل ومشاهدة الصبي المرتضع لا إذن الزوج إلا مع منع حقه.ولا يجب تقسيط المسمى على أجزاء المدة، ويجوز استئجار الارض ليعمل مسجدا والدراهم والدنانير.ولو زاد المحمول، فإن كان المعتبر المؤجر فلا ضمان وعليه الرد، وإن كان المستأجر ضمن الاجرة ونصف الدابة، ويحتمل الجميع، وكذا الاجنبي.

ولو قال: آجرتك كل شهر بكذا بطل على رأي، وصح في شهر على رأي.

ولو قال: إن خطته فارسيا فدرهم وروميا فدرهمان، أو إن عملته اليوم فدرهم وغدا درهمان صح على إشكال.

الرابع: العلم بالاجرة إما بالكيل أو الوزن، وتكفي المشاهدة فيهما على إشكال وفي غيرهما، ومع الاطلاق أو اشتراط التعجيل فهي معجلة.

وإلا بحسب الشرط إما في نجم أو أزيد بشرط العلم، ولو وجد بها عيبا تخير بين الفسخ والعوض إن كانت مطلقة، وبين الفسخ والارش إن كانت معينة.ويجوز أن يؤجر ما استأجره أو بعضه بأكثر مال الاجارة، ولا يجوز بأكثر منه مع التساوي جنسا، إلا أن يحدث حدثا أو يقبل غيره بأنقص مما تقبل بعمله، إلا مع الحدث على رأي.

_______________________

(١) في(م): " ومشاهدة الدابة ".

(٢) بالتحريك: رحل البعير صغير على قدر السنام، انظر: مجمع البحرين ٢ / ١٣٩ قتب.

(٣) في(م): " رجع ".

١٨٨

ولو شرط إسقاط البعض إن لم يحمله إلى الموضع المعين في الوقت المعين صح، ولو شرط إسقاط الجميع بطل.

ويستحق الاجير الاجرة بالعمل وإن كان في ملكه، ولا يتوقف على التسليم.

وكل موضع يبطل فيه العقد تثبت فيه اجرة المثل مع استيفاء المنفعة أو بعضها، زادت عن المسمى أو نقصت، ويكره الاستعمال قبل المقاطعة.

الخامس: اباحة المنفعة فلو استأجر المسكن لاحراز الخمر والدابة لحمله(١) والدكان لبيعه(٢) بطل.

الساس: القدرة على تسليمها فلو آجره الابق لم يصح، ولو منعه المؤجر سقطت، والاقرب جواز المطالبة بالتفاوت، ولو منعه ظالم قبل القبض تخير في الفسخ والرجوع على الظالم، ولو كان بعده لم يبطل وله الرجوع على الظالم خاصة.

ولو انهدم المسكن فله الفسخ، فيرجع بنسبة المتخلف إلا أن يعيده المالك(٣) ، وليس له الالزام بالعمارة ولا الانتزاع(٤) من الغاصب وإن تمكن.

المطلب الثانى: في الاحكام

الاجارة عقد لازم من الطرفين لا تبطل إلا بالتقايل أو أحد أسباب الفسخ، لا بالبيع والعذر مع إمكان الانتفاع، ولا بالموت من المؤجر والمستأجر على رأي، ولا بالعتق.ولا يرجع العبد بما بعد العتق، ونفقته على مولاه على إشكال، وتبطل بالبلوغ، وتصح إجارة كل ما تصح إعارته، والمشاع.والمستأجر أمين لا يضمن إلا بالتفريط، أو التعدي، أو تسليم العين بغير إذن، لا بالتضمين.ويصح خيار الشرط فيها، ولو وجد بالعين عيبا فسخ أو رضي بالاجرة بكمالها وإن فاتت به بعض المنفعة.ويجب على المستأجر سقي الدابة وعلفها، فلو أهمل ضمن، والقول قوله في القيمة مع التفريط.

_______________________

(١) في حاشية(س): " احملها خ ل ".

٢) في حاشية(س): " لبيعها ".

(٣) في حاشية: " بسرعة خ ل ".

(٤) في(م): " والانتزاع ".

١٨٩

ويضمن الصانع كالقصار بحرق الثوب أو بخرقه، والطبيب والختان والحجام وغيرهم وإن كان حاذقا واحتاط واجتهد، ولو تلف في يده من غير سببه فلا ضمان، ولا يضمن الملاح والمكاري إلا بالتفريط، وضمان ما يفسده المملوك على مولاه المؤجر، ولا يضمن صاحب الحمام إلا ما يودع ويفرط فيه.

ونفقة الاجير المنفذ في الحوائج على المستأجر إلا مع الشرط، ولا يضمن الاجير لو تسلمه صغيرا وكبيرا حرا وعبدا، ولو أمره بعمل له اجرة بالعادة فعليه الاجرة، وإلا فلا.والقول قول منكر الاجارة، وزيادة المدة، والمستأجر(١) ، والرد، ومنكر زيادة الاجرة، والتفريط، وقول المالك لو ادعى قطعه قباء وادعى الخياط قميصا.وكل ما يتوقف استيفاء المنفعة عليه فعلى المؤجر، كالخيوط على الخياط، والمداد على الكاتب.وعلى المؤجر تسليم المفتاح، فإن ضاع فلا ضمان وليس على المؤجر إبداله.

ولو عدل من الزرع إلى الغرس تعين اجرة المثل، ولو عدل من حمل خمسين رطلا إلى مائة تعين المسمى وطلب اجرة المثل للزيادة، ولو عدل من الاثقل ضررا إلى الاخف لم يكن له الرجوع بالتفاوت.

ولو استأجر دابة معينة للركوب فتلفت انفسخت، ولو استأجر للركوب مطلقا لم تبطل، وله أن يركب ويركب مثله إلا مع التخصيص.ويجوز للمستأجر أن يؤجر المالك، ولو باع على المستأجر صح، والاقرب بطلان الاجارة على إشكال.

المقصد الثانى في المزارعة والمساقاة

وفيه مطلبان:الاول المزارعة

عقد لازم من الطرفين، والايجاب: زارعتك أو ازرع هذه أو سلمتها إليك وما شابهه مدة معينة بحصة معلومة من حاصلها، والقبول: قبلت.

ولا تبطل إلا بالتفاسخ لا بالموت والبيع، وشرطها شياع النماء، وتعيين(٢) المدة، وإمكان زرع الارض.

_______________________

(١) أى: والقول قبل نكر زيادة المستأجر، كقرل الؤجر: آجرتك، وقول المستأجر: بل عبدين.

(٢) في(م): " وتعين ".

١٩٠

فلو شرط أحدهما النماء لنفسه أو نوعا من الزرع أو قدرا من الحاصل والباقي بينهما بطل، ولو شرط أحدهما شيئا من غير الحاصل جاز.

ولا يجوز إجازة الارض للزراعة بالحنطة والشعير مما يخرج منها.ولو مضت المدة المشترطة والزرع باق فللمالك إزالته، سواء كان بتفريط من الزارع، أو بسببه تعالى كتغير(١) الاهوية وتأخر(٢) المياه.ويجوز التبقية مدة معلومة بالعوض، ولو شرطا في العقد تأخيره إن بقي بعدها بطل.

ولو أهمل الزراعة حتى خرجت المدة لزمه اجرة المثل، ولو زارع على ما لا ماء له بطل إلا مع علمه، ولو انقطع في الاثناء تخير العامل، فإن فسخ فعليه اجرة ما سلف.

وله زرع ماشاء مع الاطلاق، ولو عين فزرع الاضر(٣) تخير المالك في الفسخ فيأخذ اجرة المثل، أو الامضاء فيأخذ المسى مع الارش.

ولو شرط الزرع والغرس افتقر إلى تعيين كل منهما، وكذا الزرعين متفاوتي الضرر، وللعامل المشاركة وأن يعامل من غير إذن، ولو شرط التخصيص لم يجز التعدي والقول قول منكر زيادة المدة، وقول صاحب البذر في الحصة، وقول المالك في عدم العارية، فتثبت الاجرة مع يمين الزراع على انتفاء الحصة والوجه الاقل، وللزارع التبقية.

ولو ادعى المالك الغصب طالب بالاجرة، والارش، وطم الحفر، والازالة.والخراج على المالك إلا مع الشرط، وللمالك اجرة المثل في كل موضع تبطل المزارعة.

ويجوز الخرص ويستقر بالسلامة، ولو كان الغرس يبقى بعد المدة فعلى المالك الابقاء، والارش(٤) لو أزاله.

_______________________

(١) في(م): " كتغيير ".

(٢) في(م): " وتأخير ".

(٣) كأن عين البطخ قزرع القطن، فان القطن أضر بالارض من البطيخ كما قيل.

(٤) في(م): " او الارش ".

١٩١

ولو كان من أحدهما الارض ومن الاخر البذر والعمل والعوامل، أو من أحدهما الارض والبذر ومن الاخر العمل، أو من أحدهما الارض والعمل ومن الاخر البذر صح بلفظ المزارعة، ولو أجره بالحصة بطل.

المطلب الثانى: المساقاة

وفيه مقامان:الاول في الاركان:

وهي أربعة: العقد، ولمحل، والمدة، والفائدة.

وصيغة الايجاب: ساقيتك، أو عاملتك، أو سلمت إليك وشبهه.

وهي لازمة لا تبطل بالموت ولا البيع بل بالتقايل، وتصح قبل ظهور الثمرة وبعدها إن ظهر للعمل زيادة.

وأما المحل فهو: كل أصل ثابت(١) له ثمرة ينتفع بها مع بقائه كالنخل والشجر، وفي التوت ولحناء نظر، وإنما تصح إذا كانت الاشجار مرئية.

ولو ساقاه على ودي(٢) غير مغروس ففاسد، ولو كان مغروسا وقدر العمل بمدة لا يثمر فيها قطعا أو ظنا أو تساوى الاحتمالان بطل.وتصح إلى مدة تحمل فيها غالبا وإن لم تحمل، ولو كانت الثمرة لا تتوقع إلا في آخر في المدة صح، ويشترط في المدة تقديرها بما لا يحتمل الزيادة والنقصان، وأن تحصل الثمرة فيها غالبا.ويشترط شياع الفائدة، فلو اختص بها أحدهما، أو شرط مقدارا معينا لا بالجزء المشاع والباقي للاخرأو لهما، أو شرط ثمرة نخلات بعينها والباقي للاخر لم يصح.ويجوز اختلاف الحصة من الانواع إذا علم العامل مقدار الانواع.ويكره اشتراط رب الارض مع الحصة شيئا من ذهب أو فضة، ويجب الوفاء مع السلامة.ولو شرط فيما سقت السماء النصف وفيما سقي بالناضح الثلث، أو شرط مع الحصة جزء من الاصل بطل.

_______________________

(١) في(م): " نابت ".

(٢) وهو: صغار النخل قبل أن يحمل، انظر: مجمع البحرين ١ / ٤٣٣ ودا.

١٩٢

المقام الثانى في الاحكام:

وإطلاق العقد يقتضي قيام العامل بكل عمل يتكرر في كل سنة وتحتاج الثمرة إليه: من السقى، والتقليب، وتنقية الاجاجين والانهار، وإزالة الحشيش المضر، وتهذيب(الجريد)(١) والتلقيح، والتعديل، واللقاط، وإصلاح موضع التشميس، ونقل الثمرة إليه وحفظها.

وما لا يتكرر في كل السنة ويعد من الاصول فهو على المالك: كحفر الابار والانهار، وبناء الحائط، ونصب الدولاب والدالية والكش، ولو شرط على العامل لزم.

ولو شرط العامل كله على المالك بطل، ولو شرط البعض لزم، ولو شرط أن يعمل غلام المالك معه جاز وإن شرط عمله لخاصته، ويصح لو شرط عليه اجرة الاجراء أو خروج اجرتهم منهما(٢) ، وكل موضع تفسد فيه المساقاة فللعامل الاجرة والثمن للمالك.ولو ساقاه الاثنان واختلفا في النصيب صح إن علم حصته كل منهما، وإلا فلا، ولو ساقاه على بستان على أن يساقيه على الاخر صح، ولو هرب العامل ولا باذل جاز له الفسخ والاستيجار عنه بإذن الحاكم، وإن تعذر فبغير إذنه مع الاشهاد لا بدونه.

والقول قول العامل في عدم الخيانة وعدم التفريط، ولو ظهر استحقاق الاصل فللعامل الاجرة على الامر ويرجع المالك على كل منهما بنصيبه، وليس للعامل أن يساقي غيره، والخراج على المالك إلا مع الشرط، والفائدة تملك بالظهور.والمغارسة باطلة، والغرس لصاحبه، وعليه اجرة الارض، ولصاحبه أرش نقص القلع، ولو بذل أحدهما للاخر القيمة لم يجب القبول.

_______________________

(١) في(س): " الجرائد " والمثبت من(م) وهو الانسب.

(٢) أى: العامل والمالك.

١٩٣

المقصد الثالث في الجعالة

وهي تصح على كل عمل مقصود محلل، معلوما كان أو مجهولا.ويجب العلم بالعوض بالكيل أو الوزن أو المشاهدة أو العدد، ولو جهله مثل: من رد عبدي فله ثوب أو دابة، فاجرة المثل.

وكون الجاعل جائز التصرف، وإمكان العامل من العمل(١) ، ويلزم المتبرع ما جعله على(٢) غيره، ولا يستحق المتبرع بالعمل وإن جعل لغيره، ويستحق الجعل بالتسليم.

وهي جائزة قبل التلبس، ومعه ليس للجاعل الفسخ إلا مع بذل اجرة ما عمل، ويعمل بالمتأخر من الجعالتين.

ولو حصلت الضالة في يده قبل الجعل فلا شئ ووجب الرد، وإذا عين سلم مع الرد، وإن لم يعين فاجرة المثل، إلا في البعير أو الابق بردهما من غير المصر فأربعة دنانير قيمتها أربعون درهما، ومن المصر دينار وإن نقست القيمة، ولو استدعى الرد ولم يبذل اجرة فلا شئ.

ولو جعل للرد شيئا فرده جماعة استحقوه(و)(٣) يقسم بينهم، ولو جعل للدخول فدخل جماعة فلكل واحد ذلك الشئ، ولو جعل لكل من الثلاثة جعلا مخالفا للاخر فردوه فلكل ثلث ما عينه.وكذا لو اتفقوا، ولو جعل للبعض معينا وللاخر مجهولا فلكل من المعين الثلث وللمجهول ثلث اجرة المثل.ولو تبرع واحد مع المجعول له فلا شئ له وللمجعول النصف، ولو رد من البعض فله بالنسبة.والقول قول المالك في عدم الاشتراط، وفي حصول الضال(٤) في يد العامل قبل الجعل، وفي كون المأتي به غير المقصود، وفي قدر الجعل وجنسه، لكن يحلف على ماادعاه العامل، وحينئذ يثبت أقل الامرين من اجرة المثل وما ادعاه العامل، إلا أن يزيد ما ادعاه الجاعل على الاجرة فيثبت عليه ما ادعاه.

_______________________

(١) في(م): " وامكان العمل من العامل ".

(٢) في(م): " عن ".

(٣) زيادة من(م) تقتضيها العبارة.

(٤) في(م): " الضالة ".

١٩٤

المقصد الرابع في السبق والرماية

وإنما يصحان في السهم، والنشاب، والحراب، والسيف، والابل، والفيلة، والفرس، والحمار،: والبغل، دون الطيور والقدم والسفن والمصارعة وشبهها.فإن اكتفينا بالا يجاب فهو جائز، وإلا فلازم.

وتفتقر المسابقة: إلى تقدير المسافة وتقدير العوض دينا كان أو عينا من أحدهما أو أجنبي، وتعيين ما يسابق عليه، واحتماله السبق، وجعل العوض لهما أو للمحلل أو الاجنبي على إشكال، والرمي إلى عدده، وعدد الاصباة وصفتها، وقدر المسافة، والعوض، والغرض، وتماثل جنس الالة.ولا يشترط تعيين القوس، ولا السهم، ولا المبادرة والمحاطة، ولا تساوي الموقف.وكما يصح الرهن على الاصابة يصح على التباعد، وأن يبذل(١) العوض أجنبي أو من بيت المال، وجعله للسابق أو للمحلل، ولو جعل للسابق خمسة فتساووا فلا شئ، ولو سبق من واحد أو اثنان فلهما أوله.وجعل السبق للسابق وإن تعدد، وجعل المصلى لمن صلى وإن تكثر، ولا شئ للاخير.

ولو أخرجا(٢) وقالا من سبق فهما له، فإن سبق أحدهما أو المحلل فهما له، وإن سبقا فلكل ماله، وإن سبق أحدهما والمحلل فللسابق مال نفسه ونصف الاخر وللمحلل الباقي.

ولو شرطا المبادرة والرشق عشرين والاصابة خمسة فأصابا خمسة من عشرة لم يجب الاكمال، ولو أصاب أحدهما خمسة منهما والاخر أربعة نضل(٣) صاحب الخمسة.

ولو شرطا المحاطة فأصابا خمسة منها تحاطا وأكملا، ولو أصاب أحدهما تسعة منها والاخر خمسة تحاطا وأكملا، ولو بادر أحدهما بعد المحاطة إلى إكمال العدد مع انتهاء الرشق فقد نضل صاحبه، وإن كان قبله وطلب المسبوق الاكمال اجيب مع الفائدة كرجاء الرجحان أو المساواة أو اقصور عن العدد، وإن لم تكن فائدة لم يجب كما لو رميا خمسة عشر فأصابها أحدهما والاخر خمسة.ويملك العوض بتمام النضال، ولو فسد العقد فلا عوض، ولو خرج مستحقا فعلى باذله المثل أو القيمة.

_______________________

(١) أى: ويصح أن يبذل.

(٢) أى: مالا.

(٣) أى: غلب، انظر: مجمع البحرين ٥ / ٤٨٤ نضل.

١٩٥

المقصد الخامس في الشركة

وفيه بحثان:

الاول: الشركة عقد جائز من الطرفين، ولا يصح شرط الاجل لكن يثمر المنع

من التصرف(١) إلا بإذن جديد.

وتتحقق: بمزج المتساويين، وباستحقاق الاثنين الشئ إما بالارث أو الحيازة، وبابتياع جزء من أحد المختلفين بجزء من الاخر.

وإنما تصح بالاموال دون الابدان والوجوه والمفاوضة، والربح والخسران على قدر رأس المالين، ما لم يشترطا الضد على رأي.ولا يصح لاحدهما التصرف إلا بإذن شريكه، ويقتصر على المأذون فيضمن لو خالف، وله الرجوع في الاذن والمطالبة بالقسمة متى شاء، وليس له المطالبة بالانضاض.والشريك أمين لا يضمن بدون التعدي، ويقبل قوله في عدمه وعدم الخيانة واختصاص الشراء واشتراكه، ويبطل الذن بالجنون والموت.

ولو دفع إليه اثنان دابة ورواية على الشركة لم يصح، والحامل للسقاء وعليه اجرتهما، وقيل: يقسم أثلاثا ويرجع كل منهم على صاحبه بثلث اجرته(٢) .ويكره مشاركة الكفار، ولو باعا سلعة صفقة وقبض أحدهما نصيبه شاركه الاخر.

البحث الثانى: في القسمة وكل من طلب القسمة مع انتفاء الضرر اجبر الممتنع، ولو أنفق الشركاء مع الضرر لم يجز، ويحصل الضرر بنقص القيمة، وقيل: بعدم الانتفاع(٣) .

ولا تصح قسمة الوقف، وتصح قسمته مع الطلق، ولا يشترط إيمان(٤) القاسم ولا إسلامه لو تراضا الخصمان به، وتكفي القرعة في المتعين(٥) بعد التعديل.

_______________________

(١) في(م): " لتصرفات ".

(٢) حكاه الشيخ في المبسوط ٣ / ٣٤٦ وجعله قريبا.

(٣) ذهب اليه الشيخ في المبسوط ٨ / ١٣٥.

(٤) لفظ " ايمان " لم يرد في(م).

(٥) في(م): " في التعيين ".

١٩٦

ويستحب للامام نصب قاسم، ويشترط عدالته، ومعرفته بالحساب، ولا يكفي الواحد في قسمة الرد إلا مع الرضا، والاجرة من بيت المال، فإن ضاق فمنهما بالحصص.

ومتساوي الاجزاء يقسم قسمة إجبار، وغيره إن التمس المتضرر بالقسمة اجبر غيره عليها، ويقسم ما اشتمل على الرد قسمة تراض.ويقسم الثياب والعبيد بعد التعديل، والعلو والسفل معا لا بأن ينفرد أحدهما بواحد منهما، ولا يقسم كل واحد على حدة والارض المزروعة والزرع الظاهر والقرحان المتعددة كل واحد بانفراده لا قسمتها بعضا في بعض، والقراح(١) الواحد وإن اختلفت أشجار أقطاعه بعد التعديل، والدكاكين المتجاورة بعضا في بعض، قسمة إجبار.

ثم تخرج السهام على الاسماء: بأن يكتب كل سهم في رقعة ويؤمر الجاهل بإخراج بعضها على اسم أحدهما، أو على السهام: بأن يكتب اسم كل واحد في رقعة ويؤمر الجاهل بإخراج بعضها على سهم منها.وتعدل السهام قيمة لا قدرا، فلو كانا متساويين وكان الثلث بإزاء الثلثين جعل الثلث محاذيا للثلثين، ولو تساوت قيمة لا قدرا بأن كان لاحدهما النصف من متساوي الاجزاء وللاخر الثلث وللثالث السدس سويت على أقلهم وتخرج على الاسماء.

ويجعل للساهم أول وثان إلى آخرها، فإن خرج صاحب النصف فله الثلاثة الاول، وإن خرج صاحب الثلث فله الاولان، وكذا في المرتبة الثانية، ولو اختلفت قدرا وقيمة ميزت(٢) على الاقل.

وقسمة الرد تفتقر إلى الرضا، ولو اتفقا عليه وعدلت السهام افتقر بعد القرعة إلى الرضا ثانيا، ولو ادعى الغلط كان عليه البينة فتبطل أو الاحلاف، ولو ظهر استحقاق البعض بطلت إن كان معينا مع أحدهما أو معهما لا بالسوية أو مشاعا، ولو كان معينا بالسوية لم يبطل، ولو ظهر دين بعد قسمة الوارث فإن دفعوه وإلا بطلت.

_______________________

(١) القراح: لمزرعة التى ليس عليها بناء ولا فيها شجر، انظر: مجمع البحرين ٢ / ٣٠٤ قرح.

(٢) في(م): " سويت ".

١٩٧

المقصد السادس في المضاربة

وهي جائزة من الطرفين لكل منهما فسخه وإن كان بالمال عروض، ولا يلزم الاجل، وتثمر المنع.

ولا يتعدى العامل المأذون، فيضمن لو خالف، أو أخذ ما يعجر عنه، أو مزج المال بغيره بغير إذن، ولا يؤثر في الاستحقاق.

وإذا أطلق تولى ما يتولاه المالك، من عرض القماش ونشره وطيه وإحرازه، وقبض الثمن واستيجار ماجرت العادة له، ولو عمله بنفسه لم يستحق اجرة، كما أنه يضمن الاجرة لو أستأجر للاول، ويبتاع المعيب ويرد به ويأخذ الارش مع الغبطة.والاطلاق يقتضي البيع نقدا بثمن المثل من نقد البلد والشراء بالعين، فيقف على الاجازة لو خالف، ولو اشترى في الذمة ولم يضف وقع له.وتبطل بالموت منهما والخروج عن أهلية التصرف، وينفق في السفر كمال النفقة من الاصل، ويقسط لوضم.

ولا تصح إلا بالاثمان الموجودة المعلومة القدر المعينة، ولو كانت مشاعة، فلو قارضه بأحد الالفين، أو بالعروض، أو بالمشاهد المجهول، أو بالفلوس، أو بالنقرة على إشكال، أو بالمغشوشة، أو بالدين وإن كان على العامل، أو بثمن ما يبيعه لم يصح، وتصح بالمغصوب.ويبرأ بالتسليم إلى البائع، والعامل، ويقدم قوله في التلف وعدم التفريط والخسارة وقدر رأس المال والربح ولا يضمن إلا مع التفريط وقول المالك في عدم الرد والحصة.ويشترط في الربح الشياع فلو شرط إخراج معين من الربح والباقي للشركة

بطل وتعيين حصة العامل.

ولو قال: الربح بيننا فهو تنصيف، ولو شرط حصة لغلامه صح وإن لم يعمل، ويشترط في الاجنبي العمل.

ولو قال: لكما نصف الربح تساويا، ويملك العامل حصته بالظهور، ولو شرط المريض للعامل ربحا صح، ولو أنكر القراض وادعى التلف بعد البينة أو ادعى الغلط في الاخبار بالربح أو بقدره ضمن، أما لو قال: ثم خسرت أو تلف المال بعد الربح قبل.

١٩٨

ولو اشترى بالعين أبا لالمالك بإذنه فله الاجرة وعتق وإلا فلا، ولو اشترى زوج المالكة بإذنها بطل النكاح وإلا بطل البيع، ولو اشترى أبا نفسه عتق ما يصيبه(١) من الربح ويستعسى العبد في الباقي، ولو اشترى جارية جاز له وطؤها.مع إذن المالك بعده لا قبله على رأى، والتالف بعد دورانه في التجارة من الربح.

ولو خسر من المائة عشرة، ثم أخذ المالك عشرة، ثم ربح(٢) فرأس المال تسعة وثمانون إلا تسعا.

ولو اشترى بالعين فتلف الثمن قبل الدفع بطل، وإن(٣) اشترى في الذمة بالاذن الزم صاحب المال عوض التالف، وهكذا دائما، فيكون الجميع رأس المال، وإن كان بغير الاذن بطل مع الاضافة.

ولو فسخ المالك فللعامل اجرته إلى وقت الفسخ، وعليه جباية السلف لا الانضاض.

ولو ضارب العامل بإذنه صح والربح بين الثاني والمالك، وبغير إذنه لا يصح والربح بين المالك والاول وعلى الاول اجرة الثاني. ولو خسر بعد قسمة الربح رد العامل أقل الامرين، وكل موضع تفسد فيه المضاربة يكون الربح للمالك وعليه الاجرة.

المقصد السابع في الوديعة

وهي عقد جائز من الطرفين يبطل بالموت والجنون.ولا بد من إيجاب، وهو: كل لفظ يدل على الاستنابة في الحفظ، ولا يشترط القبول لفظا.

ويجب حفظها مع القبول بما جرت عادتها بالحفظ، ويختلف الحفظ(٤) ، كالصندوق للثوب والنقد، والاصطبل للدابة، والمراح للشاة، ولا يجب الحفظ لو طرحها عنده من غير قبول أو اكره على القبض.

ويجب سقي الدابة وعلفها بنفسه وبغلامه، ولا يخرجها من منزله للسقي إلا مع الحاجة، ولو أهمل ضمن إلا أن ينهاه المالك فيزول الضمان لا التحريم.ويقتصر على ما يعينه المالك من الحرز، فإن نقل ضمن إلا مع الخوف أو إلى أحرز.

_______________________

(١) في(م): " ما نصيبه ".

(٢) في(م): " ثم عمل الساعى فربح ".

(٣) في(م): " ولو ".

(٤) في حاشية(س): " الحرز خ ل ".

١٩٩

ولو قال: لا تنقلها ضمن كيف كان إلا مع الخوف وإن قال: وإن تلفت.والمستودع أمين لا يضمن بدون التفريط ولا بأخذها منه قهرا، ويجوز الحلف للظالم ويوري.

ولا تصح وديعة غير العاقل فيضمن القابض، ولا يبرأ بالرد إليه وإن كان مميزا، ولو اودع لم يضمن بالتفريط.

ويجوز السفر بها مع خوف الاقامة، ولو ظهرت أمارة الخوف في السفر لم يجز.

ولو أنكر الوديعة، أؤ ادعى التلف، أو الرد على إشكال، أو عدم التفريط، أو قدر القيمة فالقول قوله مع اليمين.

ولا يبرأ لو فرط بالرد إلى الحرز، ويبرأ بالرد إلى المالك، أو وكيله، أو الحاكم مع الحاجة، أو إلى ثقة معها إذا فقد الحاكم، ولو دفعها إلى الثقة مع قدرته عليه أو على المالك ضمن، ولو أراد السفر فدفنها ضمن إلا مع خوف المسارعة.

ولو ادعى الاذن في الدفع إلى غير المالك، أو أنكرها فقامت عليه البينة فادعى التلف، أو أخر الاحراز مع المكنة، أو سلم إلى زوجته، أو أخر دفعها مع الطلب والامكان، أو فرط بطرحها في غير الحرز، أو ترك سقي الدابة أو نشر الثوب، أو سافر مع الامن والخوف(١) ، أو لبس الثوب، أو ركب الدابة، أو خلطها بماله بحيث لا يتميز، أو مزج الكيسين، أو حملها أثقل من المأذون أو أشق، أو فتح قفل المالك وأخذ بعضها أولا ضمن.

ولو أخذ البعض من تحت قفله ضمن المأخوذ خاصة، ولو أعاده ومزجه بحيث لا يتميز لم يبرأ ولا يضمن الباقي، ولو أعاد بدله ومزجه بحيث لا يتميز ضمن الجميع.ويجب أن يشهد لو خاف الموت، ولو مات ولم توجد اخذت من التركة على إشكال.

ويجب ردها على المالك وإن كان كافرا لا غاصبا، بل يرد على المغصوب منه، ولو جهله تصدق وضمن، أو أبقاها أمانة ولا ضمان، ويحلف لو طلبها، ولو مزجها الغاصب بماله بحيث لا يتميز رد الجميع إليه.

ولو مات المال سلمت إلى وارثه، فإن تعدد سلم إلى الجميع أو وكيلهم، ولو دفع إلى البعض ضمن حصص الباقين.

ولو ادعاها اثنان صدق في التخصيص، ولو ادعى الاخر علمه أو ادعياه مع الاشتباه حلف.

_______________________

(١) في(م): " أو الخوف ".

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233