ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان الجزء ١

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان25%

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان مؤلف:
تصنيف: متون فقهية ورسائل عملية
الصفحات: 233

الجزء ١ الجزء ٢
  • البداية
  • السابق
  • 233 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 149641 / تحميل: 6684
الحجم الحجم الحجم
ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان

ارشاد الاذهان إلى أحكام الايمان الجزء ١

مؤلف:
العربية

1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

كتاب الزكاة

النظر في امور ثلاثة الاول في زكاة المال

وفيه مقاصد: الاول: في شرائط الوجوب ووقته

إنما تجب على: البالغ، العاقل، الحر، المالك للنصاب، المتمكن من التصرف.

فلا زكاة على الطفل، ولا على المجنون مطلقا على رأي، ويستحب لمن اتجر في مالهما بولاية لهما إخراجها، ولو اتجر لنفسه وكان وليا مليا كان الربح له والزكاة المستحبة عليه، ولو فقد أحدهما كان ضامنا والربح لهما ولا زكاة، وتستحب في غلات الطفل ومواشيه.

ولا زكاة على المملوك، ولا على(١) المكاتب المشروط، والذي لم يؤد، ولو تحرر من المطلق شئ وجبت الزكاة في نصيبه إن بلغ نصابا.

ولابد من تمامية الملك، فلا يجزي الموهوب في الحول إلا بعد القبض، ولا الموصى به إلا بعد القبول بعد الوفاة، والغنيمة بعد القسمة، والقرض حين القبض، وذو الخيار حين البيع.

ولا زكاة في المغصوب، والغائب عن المالك ووكيله، والوقف، والضال، والمفقود فإن عاد بعد سنين استحب(٢) زكاة سنة ولا الدين حتى يقبضه وإن كان تأخيره(٣)

_______________________

(١) لفظ " على " لم يرد في(س) و(م).

(٢) في(س) و(م): " تستحب ".

(٣) في(س) و(م) " تأخره ".

٦١

من جهة مالكه.والقرض إن تركه المقترض بحاله حولا فالزكاة عليه، وإلا سقطت.

وشرط الضمان: الاسلام، وإمكان الاداء، فلو تلفت بعد الوجوب وإمكان الاداء ضمن المسلم لا الكافر، ولو تلفت قبل الامكان فلا ضمان، ولو تلف البعض سقط من الواجب النسبة.ولا يجمع بين ملكي شخصين امتزجا، ولا يفرق بين ملكي شخصى واحد وإن تباعدا.والدين لا يمنع الزكاة، ولا الشركة مع بلوغ النصيب نصابا.

ووقت الوجوب في الغلات بدو صلاحها، وفي غيرها إذا أهل هلال(١) الثاني عشر من حصولها في يده، ولا يجوز التأخير مع المكنة فإن أخر معها ضمن ولا التقديم، فإن دفع مثلها قرضا احتسبه من الزكاة عند الحلول مع بقاء الشرائط في المال والقابض، ولو كان المدفوع تمام النصاب سقطت، ويجوز أخذها وإعطاء غيره، وللفقير حينئذ دفع عوضها مع بقائها، ولو استغنى بعين المدفوع جاز الاحتساب، ولو استغنى بغيره لم يجز.

المقصد الثانى: فيما تجب فيه

وهي تسعة لا غير: الابل، والبقر، والغنم، والذهب، والفضة، والحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب.

فهاهنا مطالب

الاول: تجب الزكاة في الانعام الثلاثة(٢)

بشروط أربعة:

_______________________

(١) لفظ " هلال " ساقط من(س) و(م).

(٢) لفظ " الثلاثة " ساقط من(س) و(م).

٦٢

الاول: الحول(وهو)(١) أحد عشر شهرا كاملة، ولو(٢) اختل أحد الشروط في أثنائه سقطت، وكذا لو عاوضها(بجنسسها)(٣) أو بغيره وإن كان فرارا، ولو ارتد عن فطرة استأنف ورثته الحول، ولا ينقطع لو كان عن غيرها.

الثاني: السوم بطول(٤) الحول، فلو(٥) اعتلفت أو(أعلفها)(٦) مالكها في أثنائه وإن قل استأنف الحول عند استئناف السوم، وكذا لو منعها الثلج أو غيره، ولا اعتبار باللحظة عادة، ولا تعد السخال إلا بعد استغنائها بالرعي، ولها حول بانفرادها.

الثالث: أن لا تكون عوامل، فإنه لا زكاة في العوامل السائمة.

الرابع: النصاب، وهو: في الابل اثنا عشر: خمس وفيها(٧) شاة: ثم عشر وفيه شاتان، ثم خمس عشرة وفيها ثلاث شياه(٨) ، ثم عشرون وفيها أبع، ثم خمس وعشرون وفيه خمس، ثم ست وعشرون وفيها بنت مخاض، ثم ست وثلاثون وفيها بنت لبون، ثم ست وأربعون وفيها حقة، ثم إحدى وستون وفيها جذعة، ثم ست وسبعون وفيه بنتا لبون، ثم إحدى وتسعون وفيه حقتان، ثم مائة وإحدى وعشرون ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون، وهكذا الزائد دائما.

وفي البقر نصابان: ثلاثون وفيه تبيع أو تبيعة، ثم أربعون وفيه مسنة، وهكذا دائما.

_______________________

(١) في(الاصل): " وهى " وما أثبتناه من(س) و(م).

(٢) في(س) و(م): " فلو ".

(٣) في(الاصل): " بجنسه " وما أثبتناه من(س) و(م).

(٤) في(س) و(م): " طول ".

(٥) في(س) و(م): " ولو ".

(٦) في(الاصل) و(م): " علفها " وما أثبتناه من(س).

(٧) في(س) و(م): " وفيه " في جميع هذه المواضع.

(٨) لفظ " شياه " لم يرد في(س) و(م).

٦٣

وفي الغنم خمسة: أربعون وفيها شاة، ثم مائة وإحدى وعشرون وفيها شاتان، ثم مائتان وواحدة ففيه ثلاث شياه، ثم ثلاثمائة وواحدة ففيه أربع على رأي، ثم أربعمائة ففي كل مائة شاة، وهكذا دائما، وما بين النصابين لا زكاة فيه.

ويسمى في الابل شنقا، وفي البقر وقصا، وفي الغنم عفوا.

خاتمة

بنت المخاض والتبيع والتبيعة ما دخلت في الثانية، وبنت اللبون والمسنة ما دخلت في الثالثة، والحقة ما دخلت في الرابعة، والجذعة في الخامسة، والشاة المأخوذة أقلها الجذع من الضأن والثني من المعز.

ولا تؤخذ المريضة من الصحاح، ولا الهرمة، ولا ذات العوار، ولا الوالد، ولا تعد الاكولة، ولا فحل الضراب، ويجزي الذكر والانثى، والخيار في التعيين للمالك، وتجزي المريضة عن مثلها، ويخرج من الممتزج بالنسبة، ويجزي ابن اللبون عن بنت المخاض وإن كان أدون قيمة.

ولو وجب عليه سن من الابل ولم يجد إلا الاعلى بسن دفعها واستعاد شاتين أو عشرين درهما، وبالعكس يدفع معها شاتين أو عشرين درهما، والخيار إليه سواء كانت القيمة السوقية أقل أو لا.

ولو كان(التفاوت)(١) بأكثر من سن فالقيمة على رأي، وكذا تعتبر القيمة فيما عدا الابل وفيما زاد على الجذع، ويتخير في مثل مائتين بين(٢) الحقاق وبنات اللبون.

_______________________

(١) في(الاصل): " المتفاوت " والمثبت من(س) و(م) وهو الاولى.

(٢) في(م): " ما بين ".

٦٤

المطلب الثانى: في زكاة الاثمان:

تجب الزكاة في الذهب والفضة بشروط ثلاثة:

الحول على ما تقدم.وكونها منقوشة بسكة المعاملة، أو ما كان يتعامل به.

والنصاب، وهو: في الذهب: عشرون مثقالا وفيه نصف مثقال، ثم أربعة وفيه قيراطان، وهكذا دائما(في الذهب)(١) .

وفي الفضة: مائتا درهم وفيه خمسة دراهم، ثم أربعون وفيه درهم، هكذا دائما.

ولا زكاة في الناقص عن النصيب والدرهم ستة دوانيق، والدانق ثمان حبات من أوسط حب الشعير، تكون العشرة سبع مثاقيل ولو نقص في أثناء الحول، أو عاوض بجنسها أو بغيره، أو أقرضها أو بعضها مما يتم(به)(٢) النصاب، أو جعلها حليا قبل الحول وإن فر به سقطت.

ولا زكاة في الحلي ولا السبائك(٣) ولا النقار(٤) ولا التبر(٥) ، ولو صاغها بعد الحول وجبت.

ولا تخرج المغشوشة عن الصافية، ولا زكاة فيها حتى يبلغ الصافي نصابا، ولو جهل البلوغ لم تجب التصفية، بخلاف ما لو جهل المقدر(٦) ، ويضم الجوهران

_______________________

(١) زيادة من(س) و(م).

(٢) زيادة من(س) و(م).

(٣) قال الجوهرى: " سبكت الفضة وغيرها أسبكها سبكا: أذبتها، والفضة سبيكة، والجمع السبائك " الصحاح ٤ / ١٥٨٩ سبك.

(٤) وهو: ما ليس بمضروب من الذهب والفضة، انظر: مجمع البحرين ٣ / ٥٠١ نقر.

(٥) التبر: ما كان من الذهب غير مضروب، فاذا ضرب دنانير فهو عين، ولا يقال تبر الا للذهب، انظر: الصحاح ٢ / ٦٠٠ تبر.

(٦) في(س) و(م): " القدر ".

من الواحد مع تساويهما وإن اختلف الرغبة، لكن يخرج بالنسبة إن لم يتطوع بالارغب.

٦٥

المطلب الثالث: في زكاة الغلات

إنما تجب في الغلات الاربع إذا ملكت بالزراعة لا بالابتياع وغيره، إذا بلغت النصاب، وهو: خمسة أوسق في كل واحد، والوسق ستون صاعا، والصاع أربعة أمداد، والمد رطلان وربع بالعراقي.

وفيه العشر إن سقي سيحا(١) أو بعلا أو عذيا(٢) ، ونصف العشر إن سقي بالغرب(٣) والدوالي وما يلزمه مؤونة بعد إخراج المؤن، من حصة سلطان واكار(٤) وبذر وغيره ولو سقي بهما اعتبر الاغلب، وإن(٥) تساويا قسط، ثم يجب في الزائد مطلقا وإن قل.

ويتعلق الوجوب عند بدو الصلاح، وهو: انعقاد الحصرم، واشتداد الحب واحمرار التمرة واصفرارها(٦) .

والاخراج عند التصفية والجذاذ والصرام، ولا يجب بعد ذلك زكاة وإن بقي أحوالا، بخلاف باقي النصب.

وتضم الثمار في البلاد المتباعدة وإن اختلفت في الادراك، والطلع الثاني إلى الاول فيما يطلع مرتين في السنة.

_______________________

(١) السيح: الماء الجارى، تسمية بالمصدر، ومنه الحديث: ما سقى بالسيح ففيه العشر، انظر: مجمع البحرين ٢ / ٣٧٧ سيح.

(٢) العذى: ما سقته السماء، والبعل: ما شرب من عروقه من غير سقى ولا سماء، انظر: مجمع البحرين ٥ / ٣٢٣ بعل.

(٣) هو كفلس: الدلوا العظيم الذى يتخذ من جلد الثور، انظر: مجمع البحرين ٢ / ١٣٠ غرب.

(٤) قال الطريحى: " في الحديث ذكر الاكار بالفتح والتشديد، وهو: الزراع " مجمع البحرين ٣ / ٢٠٨ أكر.

(٥) في(س) و(م): " فان ".

(٦) في(س) و(م): " أو اصفرارها ".

٦٦

ولو اشترى ثمرة قبل البدو فالزكاة عليه، وبعده على البائع.

ويجزئ الرطب والعنب عن مثله لا عن التمر والزبيب، ولا يجزئ المعيب كالمسوس عن الصحيح.

ولو مات المديون بعد بدو الصلاح اخرجت الزكاة وإن ضاقت التركة عن الدين، ولو مات قبله صرفت في الدين إن استوعب التركة، وإلا وجبت على الوارث(١) إن فضل النصاب بعد تقسيط الدين على جميع التركة.

ولو بلغت حصة عامل المزارعة والمساقاة نصابا وجبت(٢) عليه، ويجوز الخرص بشرط السلامة.

خاتمة

الزكاة تجب في العين لا في الذمة، فلو تمكن من إيصالها إلى المستحق أو الساعي أو الامام ولم يدفع ضمن، ولو لم يتمكن سقطت، ولو حال على النصاب أحوال وكان يخرج من غيره تعددت الزكاة، ولو لم يخرج أخرج عن سنة لا غير، ولو كان أزيد من نصاب، تعددت الزكاة(٣) ، ويجبر من الزائد في كل سنة حتى ينقص النصاب فلو حال على ست وعشرين ثلاثة أحوال وجب بنت مخاض وتسع شياه.

والجاموس والبقر جنس، وكذا الضأن والمعز والبخاتي والعراب، ويخرج من أيهما شاء.

ويصدق المالك في عدم الحول، ونقصان الخرص المحتمل، وإبدال النصاب، والاخراج من غير يمين.

_______________________

(١) في(م): " الوارث ".

(٢) في(س) و(م): " وجب ".

(٣) لفظ " الزكاة " لم يرد في(س) و(م).

٦٧

ولو شهد عليه اثنان حكم عليه، ولو طلقها بعد حول المهر قبل الدخول فالزكاة عليها أجمع، ولا زكاة لو نقصت الاجناس وإن زادت مع الانضمام.

المطلب الرابع: فيما تستحب فيه الزكاة

(وهي)(١) أصناف:

الاول: مال التجارة(و)(٢) هو: ما ملك(٣) بعقد معاوضة للاكتساب عند التملك.

وإنما تستحب إذا بلغت قيمته بأحد النقدين نصابا، وطلب برأس المال أو الربح طول الحول، فلو نقض رأس ماله في أثنائه أو طلب بنقيصته ولو حبة سقط الاستحباب، وكذا لو نوى القنية(٤) في الاثناء.

ولو اشترى بالنصاب للتجارة استأنف حولها من حين الشراء، ولو كان رأس المال أقل من نصاب استأنف عند بلوغه، وتتعلق بالقيمة لا بالمتاع.

ولو بلغت النصاب بأحد النقدين خاصة استحب، ولو ملك الزكوي للتجارة وجبت المالية، ولو عاوض الزكوي بمثله للتجارة استأنف الحول للمالية، ولو ظهر الربح في المضاربة ضم المالك الاصل إلى حصته وأخرج عنهما.

ويخرج العامل عن نصيبه إن بلغ نصابا وإن لم ينض(٥) .

الثاني: كل ما ينبت(٦) من الارض مما يدخل المكيال والميزان غير

_______________________

(١) في(الاصل): " وفيه " وما أثبتناه من(س) و(م).

(٢) زيادة من(س) و(م).

(٣) في(م): " ما يملك ".

(٤) قال الجوهرى: " قنوت الغنم وغيرها قنوة وقنوة، وقنيت أيضا قنية وقنية: اذا اقتنيتها لنفسك لا للتجارة " الصحاح ٦ / ٢٤٦٧ قنا.

(٥) نض المال ينض: اذا تحول نقدا بعد أن كان متاعا، انظر: النهاية ٥ / ٧٢ نضض.

(٦) في(س): " نبت ".

٦٨

الاربعة تستحب فيه الزكاة، إذا حصلت الشرائط التي(١) في الاربعة.

الثالث: الخيل الاناث السائمة مع الحول يستحب عن كل فرس عتيق(٢) ديناران، وبرذون دينار(٣) .

الرابع: الحلي المحرم والمال الغائب والمدفون إذا مضى عليه أحوال ثم عاد.

الخامس: العقار المتخذ للنماء يخرج الزكاة من حاصله استحبابا، ولو بلغ نصابا وحال عليه حول وجبت، ولا يستحب في المساكن ولا الثياب والالات(٤) وأمتعة القنية.

المقصد الثالث: في المستحق

يستحق الزكاة ثمانية أصناف: الفقراء والمساكين، ويشملهما من يقصر ماله عن مؤونة السنة له ولعياله.

والعاملون عليها، وهم: السعاة لتحصيلها.

والمؤلفة، وهم: الكفار الذين يستمالون للجهاد.

وفي الرقاب، وهم: المكاتبون والعبيد تحت الشدة، أو في غير شدة مع عدم المستحق.

_______________________

(١) لفظ " التى " ليس في(س) و(م).

(٢) فرس عتيق: رائع كريم بين العتق، وقد عتق عتاقة، والاسم العتق، والجمع العتاق، انظر: لسان العرب ١٠ / ٢٣٦ عتق.

(٣) أى: وعن كل فرس برذون دينار، والبرذون بكسر الباء الموحدة وفتح الذال المعجمة: التركى من الخيل، والجمع البراذين، وخلافها العراب، انظر: مجمع البحرين ٦ / ٢١٣ برذن.

(٤) في(س): " ولا آلات " وفى(م): " ولا آلات ".

٦٩

والغارمون، وهم: الذين علتهم(١) الديون في غيرمعصية.

وفي سبيل الله، وهو: الجهاد، وكل مصلحة يتقرب بها إلى الله تعالى، كبناء القناطر وعمارة المساجد وغيرهما.

وابن السبيل، وهو: المنقطع به وإن كان غنيا في بلده، والضيف، بشرط إباحة سفرهما.

ويشترط في المستحقين: الايمان إلا المؤلفة لا العدالة على رأي، ويعطى أطفال المؤمنين دون غيرهم، و يعيد المخالف لو أعطى مثله.

وأن لا يكونوا واجبي النفقة، كالابوين وإن علوا والاولادو إن نزلوا والزوجة والمملوك، من سهم الفقراء(٢) ، ويجوز من غيرهم.

وأن لا يكون(٣) هاشميا، إذا لم يكن المعطي منهم، وهم: أولاد أبي طالب، والعباس، والحارث، وأبي لهب.

ولو قصر الخمس عن كفايتهم، أو كان العطاء من المندوبة، أو كان المعطي منهم، أو اعطي مواليهم جاز.

ويشترط العدالة في العامل، وعلمه بفقه الزكاة، ويتخير الامام بين الجعالة والاجرة.

والقادر على تكسب لقوته بصنعة(٤) أو غيرها ليس بفقير وإن كان معه خمسون درهما، ولو قصر تكسبه جاز وإن كان معه ثلاثمائة.

_______________________

(١) في(س): " عليهم ".

(٢) قال المقدس الاردبيلى في معجمة: " فقوله: من سهم الفقراء قيد للكل، ويحتاج إلى تقدير، إى: اذا كان المعطى من سهم الفقراء ونحوه ".

(٣) في(م): " وأن لا يكونوا ".

(٤) في(س) و(م): " والقادر على تكسب المؤونة بصنعة ".

٧٠

ويعطى صاحب دار السكنى، وعبد الخدمة، وفرس الركوب.

ويصدق في ادعاء الفقر وإن كان قويا، وفي ادعاء تلف ماله، وفي ادعاء الكتابة إذا لم يكذبه المولى، وفي ادعاء الغرم إذا(١) لم يكذبه الغريم.

ولا يجب إعلامه أنها زكاة.

ولو ظهر عدم الاستحقاق ارتجعت مع المكنة، وإلا أجزأت، ولا يملكها الاخذ.

ولو صرف المكاتب في غير الكتابة، والغازي في غير الغزو، والغارم في غير الدين استعيد، إلا أن يدفع(إليه)(٢) من سهم الفقراء.

ويجوز أن يعطى الغارم ما أنفقه في المعصية من سهم(الفقراء)(٣) ، وأن يعطى من سهم الغرم ما(٤) جهل حاله.

ويجوز مقاصة الفقير بما عليه، وأن تقضى عنه حيا وميتا ولو كان واجب النفقة.

ولا يشترط الفقر في الغازي والعامل(والمؤلفة)(٥) ، ويسقط في الغيبة سهم الغازي إلا أن يجب والعامل والمؤلفة.

المقصد الرابع: في كيفية الاخراج

يجوز أن يتولاه المالك بنفسه ووكيله والامام، والساعي إن أذن له الامام، وإلا فلا.

ويستحب حملها إلى الامام، ولو طلبها وجب، ولو فرق حينئذ أثم وأجزأ على رأي، وحال الغيبة يستحب دفعها إلى الفقيه ليفرقها، ويستحب بسطها على

_______________________

(١) في(س) و(م): " ان ".

(٢) زيادة من(س) و(م).

(٣) في(الاصل): " الفقير " وما أثبتناه من(س) و(م) وهو الانسب.

(٤) في(الاصل): " ما ان ".

(٥) لفظ " المؤلفة " ساقط من(الاصل) وأثبتناه من(س) و(م).

٧١

الاصناف، ويجوز تخصيص واحدبها، وأن يعطى غناه دفعة.

ويحرم حملها عن بلدها مع وجود المستحق فيه، وتأخير الدفع مع المكنة فيضمن لابدونها، ويجوز النقل مع عدم المستحق ولا ضمان، ولو حفظها حينئذ في البلد حتى يحضر المستحق فلا ضمان.

ويستحب صرفها في بلد المال(و)(١) لو كان غيربلده، ويجوز دفع العوض في بلده، وفي الفطرة الافضل صرفها في بلده.

ويدعو الامام أو الساعي إذا قبضها وجوبا على رأي، وتبرأ ذمة المالك لو تلفت من(٢) يد أحدهما، ويعطى ذو الاسباب بكل(٣) سبب شيئا، وأقل ما يعطى الفقير ما يجب في الاول استحبابا.

ولو فقد المستحق وجبت الوصية بها عند الوفاة، ويستحب(٤) عزلها قبله(٥) .

وتجب النية عند الدفع المشتملة على الوجه، وكونه(٦) عن زكاة مال أو فطرة متقربا من الدافع(٧) ، إماما كان أو ساعيا أو مالكا أو وكيلا، ولو كان الدافع غير المالك جاز أن ينوي أحدهما، ولو نوى بعد الدفع احتمل الاجزاء.

ولو قال: إن كان مالي الغائب سالما فهذه زكاته وإن كان تالفا فنافلة صح، ولو قال: أو نافلة بطل.

_______________________

(١) زيادة من(س).

(٢) في حاشية(س): " في خ ل ".

(٣) في(س) ولكل ".

(٤) في(م): " واستحب ".

(٥) قال السبزوارى: " أى: قبل حضور الوفاة " ذخيرة المعاد: ٤٦٧.

(٦) في(م): " وكونها ".

(٧) قال المقدس الاردبيلى في مجمعه." يعنى: يشترط كون النية عند الدفع إلى آخره صادرة من الدافع الذى عينه الشارع لذلك ".

٧٢

ولو أخرج عن أحد ماليه من غير تعيين صح، ولو أخرج عن الغائب إن كان سالما فبان تالفا جاز النقل، ولو نوى عما يصل عما يصل لم يجز وإن وصل.ولو نوى الدافع لا المالك صح طوعا كان الاخذ أو كرها.

ولو مات من اعتق من الزكاة ولا وارث(له)(١) فميراثه للامام على رأي.واجرة الكيل والوزن على المالك.

ويكره تملكه(٢) لما تصدق(٣) به اختيارا، ولا كراهية في الميراث وشبهه وينبغي وسم(٤) النعم في المنكشف الصلب.

النظر الثانى في زكاة الفطرة

يجب عند هلال شوال إخراج صاع من القوت الغالب كالحنطة، والشعير، والتمر، والزبيب، والارز، واللبن، والاقط إلى مستحق زكاة المال، على كل مكلف حر متمكن من قوت السنة له ولعياله، عنه وعن كل من يعوله، وجوبا وتبرعا، مسلما كان المعال أو كافرا، حرا أو عبدا، صغيرا أو كبيرا عند الهلال.

وكذا يخرج عن الضيف إذا كان عنده قبل الهلال، وعن المولود كذلك، والمتجدد في ملكه حينئذ، ولو كان بعد الهلال لم يجب، ولو تحرر بعض المملوك وجب عليه بالنسبة، ولو عاله المولى وجبت عليه.

_______________________

(١) زيادة من(س) و(م).

(٢) في(م): " التملك ".

(٣) في(م) و(س): " يتصدق ".

(٤) قال الجوهرى: " وسمته وسما وسمة اذا أثرت فيه بسمة وكى " الصحاح ٥ / ٢٠٥١ وسم.

٧٣

ويستحب للفقير إخراجها: بأن يدير صاعا على عياله ثم يتصدق به.

ولو بلغ قبل الهلال أو أسلم أو أفاق(١) من جنونه أو استغنى وجب اخراجها، ولو كان بعده استحب ما لم يصل العيد.

ويخرج عن الزوجة والمملوك وإن كاتبه مشروطا إذا لم يعلهما غيره، ويسقط عن الموسرة والضيف الغني بالاخراج عنه، وزكاة المشترك عليهما إذا عالاه أو لم يعله أحد.

ولو قبل وصية الميت بالعبد قبل الهلال وجبت عليه، وإلا سقطت عنه وعن الورثة على رأي.

ولو لم يقبض الموهوب(له)(٢) فلا زكاة عليه، ولو مات الواهب فالزكاة على الوارث، وتتقسط(٣) التركة على الدين.

وفطرة العبد بالحصص لو مات بعد الهلال، وقبله تسقط.ويجزئ من اللبن أربعة أرطال، والافضل التمر، ثم الزبيب، ثم غالب قوته.

ويجوز إخراج القيمة السوقية، وتقديمها قرضا في رمضان، وإخراجها بعد الهلال، وتأخيرها إلى قبل صلاة العبد أفضل، فإن خرج وقتها وهو وقت العيد وقد عزلها أخرجها، وإن لم يعزلها وجب قضاؤها على رأي، ويضمن لو عزل وتمكن ومنع، ولا يضمن مع عدم المكنة.ولا يجوز حملها إلى بلد آخر مع وجود المستحق فيضمن، ويجوز مع عدمه ولا ضمان.ويتولى المالك إخراجها، والافضل الامام أو نائبه أو الفقيه.ولا يعطى الفقير أقل من صاع إلا مع الاجتماع والقصور، ويجوز أن يعطى

_______________________

(١) في(س) و(م): " أو عقل ".

(٢) زيادة من(م).

(٣) في(س) و(م): " وتقسط ".

غناه دفعة، ويستحب اختصاص القرابة بها ثم الجيران.

٧٤

النظر الثالث في الخمس

وهو واجب في غنائم دار الحرب حواها العسكر أو لا إذا لم يكن مغصوبا.

وفي المعادن: كالذهب، والفضة، والرصاص، والياقوت، والزبرجد، والكحل، والعنبر، والقير، والنفط والكبريت بعد المؤونة، و بلوغ عشرين دينارا.

وفي الكنوز المأخوذة في دارالحرب أو دار الاسلام وليس عليه أثره، والباقي له، ولوكان عليه سكة الاسلام فلقطة على رأي، ولو كان في مبيع عرفه البائع، فإن عرفه فهو له، وإلا فللمشتري بعد الخمس، وكذا لو اشترى دابة فوجد في جوفها شيئا، ولو اشترى سمكة فوجد في جوفها شيئا فهو للواجد من غير تعريف بعد الخمس.

وفي الغوص، كالجواهر(والدرر)(١) إذا بلغ قيمته دينارا بعد المؤونة، ولو اخذ من البحر شئ بغير غوص فلا خمس، والعنبر إن اخذ بالغوص فله حكمه، وإن اخذ من وجه الماء فمعدن.وفيما يفضل عن مؤونة السنة له ولعياله من أرباح التجارات(والصناعات)(٢) والزراعات.وفي أرض الذمي إذا اشتراها من مسلم.

وفي الحلال المختلط بالحرام، ولا يتميز ولا يعرف صاحبه ولا قدره، ولو عرف المالك خاصة صالحه، ولو عرف القدر خاصة تصدق به.

_______________________

(١) في(الاصل): " والدرر " وما أثبتناه من(س) و(م) وهو الانسب.

(٢) ما بين المعقوفتين ساقط من(الاصل) وأثبتناه من(س) و(م).

٧٥

ويجب على واجد الكنز والمعدن والغوص، صغيرا كان أو كبيرا، حرا كان(١) أو عبدا.

ولا يعتبر الحول في الخمس، بل متى حصل وجب، وتؤخر الارباح حولا احتياطا(له)(٢) .

والقول قول مالك الدار في ملكية الكنز، وقول المستأجر في قدره.

ويقسم الخمس ستة أقسام: ثلاثة للامام عليه السلام، وثلاثة لليتامى والمساكين(وأبناء)(٣) السبيل من الهاشميين المؤمنين، ويجوز تخصيص الواحد بها على كراهية، ويقسم بقدر الكفاية، فالفاضل(٤) للامام والمعوز عليه.

ويعتبر في اليتيم الفقر، وفي ابن السبيل الحاجة عندنا لا في بلده، ولا يحل نقله مع المستحق فيضمن، ويجوز مع عدمه.

والانفال تختص بالامام عليه السلام، وهي: كل أرض موات سواء ماتت بعد الملك أو لا، وكل أرض ملكت من غير قتال سواء انجلى أهلها أو أسلموها(٥) طوعا، ورؤوس الجبال، وبطون الاودية والاجام(٦) ، وصفايا الملوك، وقطائعهم غير المغصوبة.ويصطفي من الغنيمة ماشاء، وغنيمة من قاتل بغير إذنه له.

ثم إن كان ظاهرا تصرف كيف شاء، ولا يجوز لغيره التصرف في حقه إلا بإذنه، ويجب عليه الوفاء فيما قاطع عليه، وإن كان غائبا ساغ لنا خاصة المناكح والمساكن

_______________________

(١) لفظ " كان " ساقط من(س).

(٢) زيادة من(س) و(م).

(٣) في(الاصل): " وابن " وما أثبتناه من(س) و(م) وهو الانسب.

(٤) في(م): " والفاضل ".

(٥) في(س) و(م): " أو سلموها ".

(٦) الاجمة: الشجر الكثيف الملتف، والجمع: أجم واجم واجم وآجام واجام، انظر: لسان العرب ١٢ / ٨ أجم.

٧٦

والمتاجر في نصيبه ولا يجب صرف حصص الموجودين فيه وأما غيرها فيجب صرف حصة الاصناف إليهم، وما يخصه عليه السلام يحفظ له إلى حين ظهوره، أو يصرفه من له أهلية الحكم بالنيابة عنه في(١) المحتاجين من الاصناف على سبيل التتمة، ولو فرقة غير الحاكم ضمن.

كتاب الصوم

والنظر في ماهيته، وأقسامه، ولواحقه

الاول الصوم

هو: الامساك مع النية - من طلوع الفجر الثاني إلى ذهاب الحمرة المشرقية - عن الاكل والشرب المعتاد وغيره، وعن الجماع قبلا ودبرا حتى تغيب الحشفة، وعن تعمد البقاء على الجنابة حتى يطلع الفجر، وعن النوم عليها من غير نية الغسل حتى يطلع، وعن معاودة النوم بعد انتباهتين، وعن إيصال الغبار الغليظ إلى الحلق، وعن الاستمناء، وعن تعمد القئ، وعن الحقنة، وعن معاودة النوم للجنب بعد انتباهه(٢) .

فلو فعل شيئا من ذلك بطل الصوم، ثم إن كان(الصوم)(٣) متعينا بالاصالة - كرمضان - أو بالنذر وشبهه، وجب القضاء والكفارة، إلا بفعل الثلاثة الاخيرة، فإنه يجب بها القضاء خاصة.

ويجب القضاء أيضا: بفعل المفطر قبل مراعاة الفجر مع القدرة ويكون طالعا، وبالافطار لاخبار الغير بعدم الطلوع مع القدرة على المراعاة مع طلوعه، وبالافطار مع الاخبار بطلوعه لظن كذبه والقدرة على المراعاة وطلوعه، وبالافطار للاخبار

_______________________

(١) في(س) و(م): " إلى ".

(٢) انما أفرد الحكمين - أى: " عن معاودة النوم بعد انتباهتين " و " عن معاودة النوم للجنب بعد انتباهه " مع أنه يستطيع أن يكتفى بالحكم الثانى فقط، لاستلزام الاول منه - لاختلاف الحكمين: في وجوب الكفارة في الاول، وعدمه في الثانى، كما سيصرح به، انظر: مجمع الفائدة والبرهان، ذخيرة المعاد: ٤٩٩.

(٣) زيادة من(م).

٧٧

بدخول الليل ثم يظهر(١) الفساد، وللظلمة الموهمة دخول الليل، ولو ظن لم يفطر(٢) ، وحكم الموطوء حكم الواطئ.

ويحرم: وطء الدابة، والكذب على الله ورسوله وأئمته(٣) عليهم السلام، والارتماس، ولا قضاء، ولا كفارة على رأي(٤) .

ويكره: تقبيل النساء ولمسهن وملاعبتهن، والاكتحال بما(فيه)(٥) صبر أو مسك، وإخراج الدم ودخول الحمام المضعفان، والسعوط(٦) بما لايتعدى الحلق، وشم الرياحين خصوصا النرجس، وبل الثوب على الجسد وجلوس المرأة في الماء.

ولو أجنب ونام ناويا للغسل وطلع(٧) الفجر، أو أجنب نهارا، أو نظر إلى امرأة فأمنى، أو استمع فأمنى لم يفسد صومه.

ولو تمضمض للتبرد فدخل الماء حلقه فالقضاء، بخلاف مضمضة الصلاة والتداوي والعبث على رأي(٨) .

_______________________

(١) في(م): " ظهر ".

(٢) أى: لو ظن دخول الليل فأفطر ثم انكشف فساد ظنه لم يفطر، أى: لا يسمى مفطرا بحيث يجب عليه القضاء.

(٣) في(س) و(م): " والائمة ".

(٤) الظاهر أن نفى القضاء والكفارة يعود إلى الاحكام الثلاثة المتقدمة، وهو الذى يفهم من مجموع كلام المحقق السبزوارى في الذخيرة: ٥٠٣، وذهب بعض إلى أنه يرجع إلى الارتماس فقط.

(٥) زيادة من(س) و(م).

(٦) السعوط الدواء يصب في الانف، انظر: اللسان ٧ / ٣١٤ سعط.

(٧) في(س) و(م): " فطلع ".

(٨) قال المقدس الاردبيلى في مجمعه: " وبالجملة هذه المسألة أيضا من المشكلات، حيث ان الروايات خلاف مقتضى الاصل وخلاف كلام الاصحاب، فان قلنا بها يلزم طرح قولهم، وبالعكس العكس.

وظاهر المصنف هنا وجوب القضاء للتبرد فقط، دون العبث ولوضوء الصلاة مطلقا وللتداوى، وهو خلاف ما في المنتهى وبعض العبارات والروايات أيضا ".

٧٨

ولو ابتلع بقايا الغذاء في أسنانه عامدا كفرا، ولو صب في إحليله دواء فوصل جوفه فالقضاء على رأي.

ولا يفسد مص الخاتم وغيره، ومضغ العلك والطعام للصبي، وزق الطائر، والاستنقاع في الماء(١) ، والحقنة بالجامد على رأي، وابتلاع النخامة والبصاق إذا لم ينفصل عن الفم، والمسترسل من الفضلات من الدماغ من غير قصد - ولو قصد ابتلاعه أفسد - وفعل المفطر سهوا، ولو كان عمدا أو جهلا أفسد.

والاكراه على الافطار غير مفسد، وناسي غسل الجنابة الشهر يقضي الصلاة والصوم على الرأي.

وإنما تجب الكفارة: في صوم رمضان(٢) ، وقضائه بعد الزوال، والنذر المعين وشبهه، والاعتكاف الواجب لا غير.

وهي في رمضان مخيرة: بين عتق رقبة، أو اطعام ستين مسكينا، أو صيام شهرين متتابعين، ولو أفطر بالمحرم وجب الجميع.ولو أكل عمدا لظنه الافطار بأكله سهوا، أو طلع الفجر فابتلع(باقي)(٣) ما ما في فيه كفر.والمتفرد(٤) برؤية رمضان إذا أفطر كفر، وإن ردت شهادته.

والمجامع مع علم ضيق الوقت عن إيقاعه والغسل يكفر، ولو ظن السعة مع المراعاة فلا شئ، وبدونها يقضي.

ويتكرر بتكرر الموجب في يومين مطلقا، وفي يوم مع الاختلاف، ولو أفطر ثم سقط الفرض باقي النهار فلا كفارة.

_______________________

(١) أى: " اللبث فيه متبردا، انظر: العين ١ / ١٧١ نقع.

(٢) أى: في افساد صوم شهر رمضان، وكذا البواقى.

(٣) زيادة من(س).

(٤) في(س) و(م): " والمنفرد ".

٧٩

ويعزر المتعمد للافطار، فإن عاد عزر، فإن عاد ثالثا قتل.

والمكره لزوجته بالجماع يتحمل عنها الكفارة وصومها صحيح، ولو طاوعته فسد صومها أيضا وكفرت، ويعزر الواطئ بخمسة وعشرين سوطا، وفي التحمل عن الاجنبية المكرهة قولان(١) ، وتبرع الحي بالتكفير يبرئ الميت.

خاتمة يكفي في المتعين نية الصوم غدا متقربا إلى الله تعالى لوجوبه أو ندبه، ولابد في غيره من نية التعيين، ويجب إيقاعها ليلا في أوله أو آخره، والناسي يجدد إلى الزوال، فإن زالت فات وقتها وقضى.

ولابد في كل يوم من رمضان من نية على رأي، ولا تكفي المتقدمة عليه للناسي على رأي.

_______________________

(١) قال الشيخ في المبسوط ١ / ٢٧٥: ".

وان أكره أجنبية على الفجور بها، ليس لاصحابنا فيه نص، والذى يقتضيه أن عليه كفارة واحدة، لان حملها على الزوجة قياس لا نقول به، ولو قلنا ان عليه كفارتين لعظم الماثم فيه كان أحوط ".

وقال ابن ادريس في السرائر: ٨٨: ".

فان كانت أمنه والحال ما وصفناه فلا يلزمه غير كفارة واحدة، وحملها على الزوجة قياس لا نقول به في الاحكام الشرعية، وكذلك ان كانت مزنيا بها ".وقال المصنف في المختلف: ٢٢٣ معقبا على كلام ابن ادريس: " والاقرب الحاق الامة بالزوجة، عملا بالحديث الذى رويناه في المسألة السابقة عن الفضل بن عمر عن الصادق عليه السلام بأن المرأة تصدق في حق الزوجة والامة، فان كلا منهما يصدق عليهما أنها امرأته، وأما المزنى بها فاشكال، ينشأ: من كون الكفارة عقوبة على الذنب وهو هنا أفحش فكان ايجاب الكفارة أولى، ومن أن الكفارة لتكفير الذنب وقد يكون الذنب قويا تؤثر في اسقاطه بل ولا في تخفيفه الكفارة ".

وقال المحقق في الشرائع ١ / ١٩٤ " من وطأ زوجته في شهر رمضان وهما صائمان كان عليه كفارتان ولا كفارة عليها.وكذا لو كان الاكراه لاجنبية، وقيل: لايحتمل هنا وهو الاشبه ".وعلى كل حال فلم أجد حسب تفحصى من يذهب إلى وجوب التحمل هنا.

٨٠

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

ثمّ يضيف :( وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ ) ،( وَالصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ ) .(١)

في الحقيقة أنّ هذه الأقسام الثلاثة مرتبطة بعضها بالآخر ومكملة للآخر ، وكذلك لأنّنا كما نعلم أنّ القمر يتجلى في الليل ، ويختفي نوره في النهار لتأثير الشمس عليه ، والليل وإن كان باعثا على الهدوء والظلام وعنده سرّ عشاق الليل ، ولكن الليل المظلم يكون جميلا عند ما يدبر ويتجه العالم نحو الصبح المضيء وآخر السحر ، وطلوع الصبح المنهي الليل المظلم أصفى وأجمل من كل شيء حيث يثير في الإنسان إلى النشاط ويجعله غارقا في النور الصفاء.

هذه الأقسام الثلاثة تتناسب ضمنيا مع نور الهداية (القرآن) واستدبار الظلمات (الشرك) وعبادة (الأصنام) وطلوع بياض الصباح (التوحيد) ، ثمّ ينتهي إلى تبيان ما أقسم من أجله فيقول تعالى :( إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ ) .(٢)

إنّ الضمير في (إنّها) إمّا يرجع إلى «سقر» ، وإمّا يرجع إلى الجنود ، أو إلى مجموعة الحوادث في يوم القيامة ، وأيّا كانت فإنّ عظمتها واضحة.

ثمّ يضيف تعالى :( نَذِيراً لِلْبَشَرِ ) .(٣)

لينذر الجميع ويحذرهم من العذاب الموحش الذي ينتظر الكفّار والمذنبين وأعداء الحق.

وفي النهاية يؤكّد مضيفا أنّ هذا العذاب لا يخص جماعة دون جماعة ، بل :( لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ ) فهنيئا لمن يتقدم ، وتعسا وترحا لمن يتأخر.

واحتمل البعض كون التقدم إلى الجحيم والتأخر عنه ، وقيل هو تقدم النفس

__________________

(١) «أسفر» من مادة (سفر) على وزن (قفر) ويعني انجلاء الملابس وانكشاف الحجاب ، ولذا يقال للنساء المتبرجات (سافرات) وهذا التعبير يشمل تشبيها جميلا لطلوع الشمس.

(٢) «كبر» : جمع كبرى وهي كبيرة ، وقيل المراد بكون سقر إحدى الطبقات الكبيرة لجهنّم ، هذا المعنى لا يتفق مع ما أشرنا إليه من قبل وكذا مع الآيات.

(٣) «نذيرا» : حال للضمير في «أنّها» الذي يرجع إلى سقر ، وقيل هو تمييز ، ولكنه يصح فيما لو كان النذير مصدرا يأتي بمعنى (الإنذار) ، والمعنى الأوّل أوجه.

١٨١

الإنسانية وتكاملها أو تأخرها وانحطاطها ، والمعنى الأوّل والثّالث هما المناسبان ، دون الثّاني.

* * *

١٨٢

الآيات

( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (٣٨) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (٣٩) فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (٤٠) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (٤١) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (٤٢) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (٤٣) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (٤٤) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (٤٥) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (٤٦) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (٤٧) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (٤٨) )

التّفسير

لم صرتم من أصحاب الجحيم؟

إكمالا للبحث الذي ورد حول النّار وأهلها في الآيات السابقة ، يضيف تعالى في هذه الآيات :( كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ ) .

«رهينة» : من مادة (رهن) وهي وثيقة تعطى عادة مقابل القرض ، وكأن نفس الإنسان محبوسة حتى تؤدي وظائفها وتكاليفها ، فإن أدت ما عليها فكت وأطلقت ، وإلّا فهي باقية رهينة ومحبوسة دائما ، ونقل عن أهل اللغة أنّ أحد

١٨٣

معانيها الملازمة والمصاحبة(١) ، فيكون المعنى : الكلّ مقترنون بمعية أعمالهم سواء الصالحون أم المسيئون.

لذا يضيف مباشرة :( إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ ) .

إنّهم حطموا أغلال وسلاسل الحبس بشعاع الإيمان والعمل الصالح ويدخلون الجنّة بدون حساب.(٢)

وهناك أقوال كثيرة حول المقصود من أصحاب اليمين :

فقيل هم الذين يحملون كتبهم بيمينهم ، وقيل هم المؤمنون الذين لم يرتكبوا ذنبا أبدا ، وقيل هم الملائكة ، وقيل غير ذلك والمعنى الأوّل يطابق ظاهر الآيات القرآنية المختلفة ، وما له شواهد قرآنية ، فهم ذو وإيمان وعمل صالح ، وإذا كانت لهم ذنوب صغيرة فإنّها تمحى بالحسنات وذلك بحكم( إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ) (٣) .

فحينئذ تغطّي حسناتهم سيئاتهم أو يدخلون الجنّة بلا حساب ، وإذا وقفوا للحساب فسيخفف عليهم ذلك ويسهل ، كما جاء في سورة الإنشقاق آية (٧) :( فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتابَهُ بِيَمِينِهِ فَسَوْفَ يُحاسَبُ حِساباً يَسِيراً ) .

ونقل المفسّر المشهور «القرطبي» وهو من أهل السنة تفسير هذه الآية عن الإمام الباقرعليه‌السلام فقال : «نحن وشيعتنا أصحاب اليمين وكل من أبغضنا أهل البيت فهم مرتهنون».(٤)

وأورد هذا الحديث مفسّرون آخرون منهم صاحب مجمع البيان ونور

__________________

(١) لسان العرب مادة : رهن.

(٢) قال الشّيخ الطوسي في التبيان أن الاستثناء هنا هو منقطع وقال آخرون كصاحب (روح البيان) أنّه متصل ، وهذا الاختلاف يرتبط كما ذكرنا بالتفسيرات المختلفة لمعنى الرهينة ، وما يطابق ما اخترناه من التّفسير هو أن الاستثناء هنا منقطع وعلى التفسير الثّاني يكون متصلا.

(٣) سورة هود ، الآية ١١٤.

(٤) تفسير القرطبي ، ج ١٠ ، ص ٦٨٧٨.

١٨٤

الثقلين والبعض الآخر أورده تذييلا لهذه الآيات.

ثمّ يضيف مبيّنا جانبا من أصحاب اليمين والجماعة المقابلة لهم :

( فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ ) (١) ( عَنِ الْمُجْرِمِينَ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ) .

يستفاد من هذه الآيات أن الرابطة غير منقطعة بين أهل الجنان وأهل النّار ، فيمكنهم مشاهدة أحوال أهل النّار والتحدث معهم ، ولكن ماذا سيجيب المجرمون عن سؤال أصحاب اليمين؟ إنّهم يعترفون بأربع خطايا كبيرة كانوا قد ارتكبوها :

الاولى :( قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ ) .

لو كنّا مصلّين لذكّرتنا الصلاة بالله تعالى ، ونهتنا عن الفحشاء والمنكر ودعتنا إلى صراط الله المستقيم.

والأخرى :( وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ ) .

وهذه الجملة وإن كانت تعطي معنى إطعام المحتاجين ، ولكن الظاهر أنه يراد بها المساعدة والإعانة الضرورية للمحتاجين عموما بما ترتفع بها حوائجهم كالمأكل والملبس والمسكن وغير ذلك.

وصرّح المفسّرون أنّ المراد بها الزكاة المفروضة ، لأنّ ترك الإنفاق المستحب لا يكون سببا في دخول النّار ، وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى على أنّ الزّكاة كانت قد فرضت بمكّة بصورة إجمالية ، وإن كان التشريع بجزئياتها وتعيين خصوصياتها وتمركزها في بيت المال كان في المدينة.

والثّالثة :( وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ ) .

كنّا نؤيد ما يصدر ضدّ الحقّ في مجالس الباطل. نقوم بالترويج لها ، وكنّا معهم

__________________

(١) «يتساءلون» : وهو وإن كان من باب (تفاعل) الذي يأتي عادة في الأعمال المشتركة بين اثنين أو أكثر ، ولكنه فقد هذا المعنى هنا كما في بعض الموارد الأخرى ، ولمعنى يسألون ، وتنكير الجنات هو لتبيان عظمتها و (في جنات) خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هو في جنات.

١٨٥

أين ما كانوا ، وكيف ما كانوا ، وكنّا نصدق أقوالهم ، ونضفي الصحة على ما ينكرون ويكذبون ونلتذ باستهزائهم الحقّ.

«نخوض» : من مادة (خوض) على وزن (حوض) ، وتعني في الأصل الغور والحركة في الماء ، ويطلق على الدخول والتلوث بالأمور ، والقرآن غالبا ما يستعمل هذه اللفظة في الإشتغال بالباطل والغور فيه.

(الخوض في الباطل) له معان واسعة فهو يشمل الدخول في المجالس التي تتعرض فيها آيات الله للاستهزاء أو ما تروج فيها البدع ، أو المزاح الواقح ، أو التحدث عن المحارم المرتكبة بعنوان الافتخار والتلذذ بذكرها ، وكذلك المشاركة في مجالس الغيبة والاتهام واللهو واللعب وأمثال ذلك ، ولكن المعنى الذي انصرفت إليه الآية هو الخوض في مجالس الاستهزاء بالدين والمقدسات وتضعيفها وترويج الكفر والشرك.

وأخيرا يضيف :( وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ ) .

من الواضح أنّ إنكار المعاد ويوم الحساب والجزاء يزلزل جميع القيم الإلهية والأخلاقية ، ويشجع الإنسان على ارتكاب المحارم ، ويرفع كلّ مانع هذا الطريق ، خصوصا إذا استمر إلى آخر العمر ، على كل حال فإنّ ما يستفاد من هذه الآيات أنّ الكفار هم مكلّفون بفروع الدين ، كما هم مكلّفون بالأصول ، وكذلك تشير إلى أن الأركان الاربعة ، أي الصلاة والزّكاة وترك مجالس أهل الباطل ، والإيمان بالقيامة لها الأثر البالغ في تربية وهداية الإنسان ، وبهذا لا يمكن أن يكون الجحيم مكانا للمصلين الواقعيين ، والمؤتين الزّكاة ، والتاركين الباطل والمؤمنين بالقيامة.

بالطبع فإنّ الصلاة هي عبادة الله ، ولكنّها لا تنفع إذا لم يمتلك الإنسان الإيمان به تعالى ، ولهذا فإنّ أداءها رمز للإيمان والإعتقاد بالله والتسليم لأوامره ، ويمكن القول إنّ هذه الأمور الأربعة تبدأ بالتوحيد ينتهي بالمعاد ، وتحقق العلاقة والرابطة بين الإنسان والخالق ، وكذا بين المخلوقين أنفسهم.

١٨٦

والمشهور بين المفسّرين أنّ المراد من (اليقين) هنا هو الموت ، لأنّه يعتبر أمر يقيني للمؤمن والكافر ، وإذا شك الإنسان في شيء ما فلا يستطيع أن يشك بالموت ونقرأ أيضا في الآية (٩٩) من سورة الحجر :( وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ) .

ولكن ذهب البعض إلى أنّ اليقين هنا يعني المعرفة الحاصلة بعد موت الإنسان وهي التي تختص بمسائل البرزخ والقيامة ، وهذا ما يتفق نوعا ما مع التّفسير الأوّل.

وفي الآية الأخيرة محل البحث إشارة إلى العاقبة السيئة لهذه الجماعة فيقول تعالى :( فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ ) .

فلا تنفعهم شفاعة الأنبياء ورسل الله والائمّة ، ولا الملائكة والصديقين والشهداء والصالحين ، ولأنّها تحتاج إلى عوامل مساعدة وهؤلاء أبادوا كل هذه العوامل ، فالشفاعة كالماء الزلال الذي تسقى به النبتة الفتية ، وبديهي إذا ماتت النبتة الفتية ، لا يكن للماء الزلال أن يحييها ، وبعبارة أخرى كما قلنا في بحث الشفاعة ، فإنّ الشفاعة من (الشفع) وتعني ضم الشيء إلى آخر ، ومعنى هذا الحديث هو أنّ المشفّع له يكون قد قطع قسطا من الطريق وهو متأخر عن الركب في مآزق المسير ، فتضم إليه شفاعة الشافع لتعينه على قطع بقية الطريق(١) .

وهذه الآية تؤكّد مرّة أخرى مسألة الشفاعة وتنوع وتعدد الشفعاء عند الله ، وهي جواب قاطع لمن ينكر الشفاعة ، وكذلك توكّد على أنّ للشفاعة شروطا وأنّها لا تعني إعطاء الضوء الأخضر لارتكاب الذنوب ، بل هي عامل مساعد لتربية الإنسان وإيصاله على الأقل إلى مرحلة تكون له القابلية على التشفع ، بحيث لا تنقطع وشائج العلاقة بينه وبين الله تعالى والأولياء.

* * *

__________________

(١) التّفسير الأمثل ، المجلد الأوّل ، ذيل الآية (٤٨) من سورة البقرة.

١٨٧

ملاحظة :

شفعاء يوم القيامة :

نستفيد من هذه الآيات والآيات القرآنية الأخرى أنّ الشفعاء كثيرون في يوم القيامة (مع اختلاف دائرة شفاعتهم) ويستفاد من مجموع الرّوايات الكثيرة والمنقولة من الخاصّة والعامّة أنّ الشفعاء يشفعون للمذنبين لمن فيه مؤهلات الشفاعة :

١ ـ الشفيع الأوّل هو النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : كما نقرأ في حديث حيث قال : «أنا أوّل شافع في الجنّة»(١) .

٢ ـ الأنبياء من شفعاء يوم القيامة ، كما ورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع الأنبياء في كلّ من يشهد أن لا إله إلّا الله مخلصا فيخرجونهم منها»(٢) .

٣ ـ الملائكة من شفعاء يوم المحشر ، كما نقل عن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يؤذن للملائكة والنّبيين والشّهداء أن يشفعوا»(٣) .

٤ ، ٥ ـ الأئمّة المعصومين وشيعتهم كما قال في ذلك أمير المؤمنينعليه‌السلام حيث قال : «لنا شفاعة ولأهل مودتنا شفاعة»(٤)

٦ ، ٧ ـ العلماء والشّهداء كما ورد في حديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث قال : «يشفع يوم القيامة الأنبياء ثمّ العلماء ثمّ الشّهداء»(٥) .

وورد في حديث آخر عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «يشفع الشّهيد في سبعين إنسانا

__________________

(١) صحيح مسلم ، ج ٢ ، ص ١٣٠.

(٢) مسند أحمد ، ج ٣ ، ص ١٢.

(٣) مسند أحمد ، ج ٥ ، ص ٤٣.

(٤) الخصال للصدوقرحمه‌الله ، ص ٦٢٤.

(٥) سنن ابن ماجة ، ج ٢ ، ص ١٤٤٣.

١٨٨

من أهل بيته»(١) .

وفي حديث آخر نقله المجلسي في بحار الأنوار : «إنّ شفاعتهم تقبل في سبعين ألف نفر»(٢) .

ولا منافاة بين الرّوايتين إذ أنّ عدد السبعين والسبعين ألف هي من أعداد الكثرة.

٨ ـ القرآن كذلك من الشفعاء في يوم القيامة كما قال أمير المؤمنينعليه‌السلام : «واعلموا أنّه (القرآن) شافع مشفع»(٣) .

٩ ـ من مات على الإسلام فقد ورد عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا بلغ الرجل التسعين غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر وشفّع في أهله»(٤) .

١٠ ـ العبادة : كما جاء في حديث عن الرّسولصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «الصّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة»(٥) .

١١ ـ ورد في بعض الرّوايات أنّ العمل الصالح كأداء الأمانة يكون شافعا في يوم القيامة.(٦)

١٢ ـ والطريف هو ما يستفاد من بعض الرّوايات من أنّ الله تعالى أيضا يكون شافعا للمذنبين في يوم القيامة ، كما ورد في الحديث عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «يشفع النّبيون والملائكة والمؤمنون فيقول الجبار بقيت شفاعتي»(٧) .

والرّوايات كثيرة في هذه الباب وما ذكرناه هو جانب منها.(٨)

__________________

(١) سنن أبي داود ، ج ٢ ، ص ١٥.

(٢) بحار الأنوار ، ج ١٠٠ ، ص ١٤.

(٣) نهج البلاغة الخطبة ، ١٧٦.

(٤) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ٨٩.

(٥) مسند أحمد ، ج ٢ ، ص ١٧٤.

(٦) مناقب ابن شهر آشوب ، ج ٢ ، ص ١٤.

(٧) صحيح البخاري ، ج ٩ ، ص ١٤٩.

(٨) للاستيضاح يمكن مراجعة كتاب مفاهيم القرآن ، ج ٤ ، ص ٢٨٨ ـ ٣١١.

١٨٩

ونكرر أنّ للشفاعة شروطا لا يمكن بدونها التشفع وهذا ما جاء في الآيات التي بحثناها والتي تشير بصراحة الى عدم تأثير شفاعة الشفعاء في المجرمين ، فالمهم أن تكون هناك قابلية للتشفع ، لأنّ فاعلية الفاعل لوحدها ليست كافية (أوردنا شرحا مفصلا في هذا الباب في المجلد الأوّل في بحث الشفاعة)

* * *

١٩٠

الآيات

( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (٤٩) كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (٥٠) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (٥١) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً (٥٢) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (٥٣)كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (٥٤) فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (٥٥) وَما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (٥٦) )

التّفسير

يفرّون من الحق كما تفرّ الحمر من الأسد :

تتابع هذه الآيات ما ورد في الآيات السابقة من البحث حول مصير المجرمين وأهل النّار ، وتعكس أوضح تصوير في خوف هذه الجماعة المعاندة ورعبها من سماع حديث الحقّ والحقيقة.

فيقول الله تعالى أوّلا :( فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ ) (١) لم يفرّون من دواء

__________________

(١) «ما» مبتدأ و (لهم) خبر و (معرضين) حال الضمير لهم (وعن التذكرة) جار ومجرور ومتعلق بالمعرضين ، وقيل تقديم (عن التذكرة) على (معرضين) دلالة على الحصر أي أنّهم أعرضوا عن التذكرة المفيدة فقط ، على كل حال فإنّ المراد من التذكرة هنا كلّ ما هو نافع ومفيد وعلى رأسها القرآن المجيد.

١٩١

القرآن الشافي؟ لم يطعنون في صدر الطبيب الحريص عليهم؟ حقّا إنّه مثير( كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ) .

«حمر» : جمع (حمار) والمراد هنا الحمار الوحشي ، بقرينة فرارهم من قبضة الأسد والصياد ، وبعبارة أخرى أنّ هذه الكلمة ذات مفهوم عام يشمل الحمار الوحشي والأهلي.

«قسورة» : من مادة (قسر) أي القهر والغلبة ، وهي أحد أسماء الأسد ، وقيل هو السهم ، وقيل الصيد ، ولكن المعنى الأوّل أنسب.

والمشهور أنّ الحمار الوحشي يخاف جدّا من الأسد ، حتى أنّه عند ما يسمع صوته يستولي عليه الرعب فيركض إلى كلّ الجهات كالمجنون ، خصوصا إذا ما حمل الأسد على فصيل منها ، فإنّها تتفرق في كل الجهات بحيث يعجب الناظر من رؤيتها.

وهذا الحيوان وحشي ويخاف من كل شيء ، فكيف به إذا رأى الأسد المفترس؟!

على كل حال فإنّ هذه الآية تعبير بالغ عن خوف المشركين وفرارهم من الآيات القرآنية المربية للروح ، فشبههم بالحمار الوحشي لأنّهم عديمو العقل والشعور ، وكذلك لتوحشّهم من كل شيء ، في حين أنّه ليس مقابلهم سوى التذكرة.

( بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى صُحُفاً مُنَشَّرَةً ) (١) ، وذلك لتكبّرهم وغرورهم الفارغ بحيث يتوقعون من الله تعالى أن ينزل على كلّ واحد منهم كتابا.

وهذا نظير ما جاء في الآية (٩٣) من سورة الإسراء :( وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى

__________________

(١) «صحف» : جمع صحيفة ، وهي الورقة التي لها وجهان ، وتطلق كذلك على الرسالة والكتاب.

١٩٢

تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ ) .

وكذا في الآية (١٢٤) من سورة الأنعام حيث يقول :( قالُوا لَنْ نُؤْمِنَ حَتَّى نُؤْتى مِثْلَ ما أُوتِيَ رُسُلُ اللهِ ) .

وعلى هذا فإنّ كلّا منهم يتنظر أن يكون نبيّا من اولي العزم! وينزل عليه كتابا خاصّا من الله بأسمائهم ، ومع كل هذا فليس هناك من ضمان في أن يؤمنوا بعد كل ذلك.

وجاء في بعض الرّوايات أنّ أبا جهل وجماعة من قريش قالوا للنّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لا نؤمن بك حتى تأتينا بصحف من السماء عليها فلان ابن فلان من ربّ العالمين ، ويأتي الأمر علنا باتباعك والإيمان بك.(١)

ولذا يضيف في الآية الأخرى :( كَلَّا ) ليس كما يقولون ويزعمون ، فإنّ طلب نزول مثل لهذا الكتاب وغيره هي من الحجج الواهية ، والحقيقة( بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ ) .

إذا كانوا يخافون الآخرة فما كانوا يتذرعون بكل هذه الذرائع ، ما كانوا ليكذبوا رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وما كانوا ليستهزئوا بآيات الله تعالى ، ولا بعدد ملائكته ، ومن هنا يتّضح أثر الإيمان بالمعاد في التقوى والطهارة من المعاصي والذنوب الكبيرة ، والحقّ يقال إن الإيمان بعالم البعث والجزاء وعذاب القيامة يهب للإنسان شخصية جديدة يمكنه أن يغير إنسانا متكبرا ومغرورا وظالما إلى إنسان مؤمن متواضع ومتق عادل.

ثمّ يؤكّد القرآن على أنّ ما يفكرون به فيما يخصّ القرآن هو تفكّر خاطئ :( كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) .

إنّ القرآن الكريم قد أوضح الطريق ، ودعانا إلى التبصر فيه ، وأنار لنا السبيل

__________________

(١) تفسير القرطبي ، والمراغي ، وتفاسير اخرى.

١٩٣

ليرى الإنسان موضع أقدامه ، وفي الوقت نفسه لا يمكن ذلك إلّا بتوفيق من الله وبمشيئته تعالى ، وما يذكرون إلّا ما يشاء الله.

ولهذا الآية عدّة تفاسير :

إحداها : كما ذكرناه سابقا ، وهو أن الإنسان لا يمكنه الحصول على طريق الهداية إلّا بالتوسل بالله تعالى وطلب الموفقية منه.

وطبيعي أن هذا الإمداد والتوفيق الإلهي لا يتمّ إلّا بوجود أرضية مساعدة لنزوله.

والتّفسير الآخر : ما جاء في الآية السابقة :( فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ ) يمكن أن يوجد وهما وأنّ كل شيء مرتبط بإرادة الإنسان نفسه ، وأنّ إرادته مستقلة في كل الأحوال ، وتقول هذه الآية رافعة بذلك هذا الاشتباه ، إنّ الإنسان مرتبط بالمشيئة الإلهية ، وإن هذه الآية مختارا حرّا وهذه المشيئة هي الحاكمة على كل هذا العالم الموجود ، وبعبارة اخرى : إنّ هذا الاختبار والحرية والمعطاة للإنسان في بمشيئته تعالى وإرادته ، ويمكن سلبها أنّى شاء.

وأمّا التّفسير الثّالث فإنّه يقول : إنّهم لا يمكنهم الإيمان إلّا أن يشاء الله ذلك ويجبرهم ، ونعلم أنّ الله لا يجبر أحدا على الإيمان أو الكفر ، والتّفسير الأوّل والثّاني أنسب وأفضل.

وفي النهاية يقول :( هُوَ أَهْلُ التَّقْوى وَأَهْلُ الْمَغْفِرَةِ ) .

فهو أهل لأن يخافوا من عقابه وأن يتقوا في اتّخاذهم شريكا له تعالى شأنه ، وأن يأملوا مغفرته ، وفي الحقيقة ، أنّ هذه الآية إشارة إلى الخوف والرجاء والعذاب والمغفرة الإلهية ، وهي تعليل لما جاء في الآية السابقة ، لذا نقرأ

في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام في تفسير هذه الآية أنّه قال : «قال الله : أنا أهل

١٩٤

أن اتقى ولا يشرك بي عبدي شيئا وأنا أهل إن لم يشرك بي شيئا أن ادخله الجنّة»(١) .

وبالرغم من أنّ المفسّرين ـ كما رأينا ـ قد أخذوا التقوى هنا بمعناها المفعولي ، وقالوا إنّ الله تعالى أهل لأن يتّقى من الشرك والمعصية ، ولكن هناك احتمالا آخر ، وهو أنّ تؤخذ بمعناها الفاعلي ، أي أن الله أهل للتقوى من كلّ أنواع الظلم والقبح ومن كل ما يخاف الحكمة ، وما عند العباد من التقوى هو قبس ضعيف من ما عند الله ، وإنّ كان التعبير بالتقوى بمعناه الفاعلي والذي يقصد به الله تعالى قليل الاستعمال ، على كل حال فإنّ الآية قد بدأت بالإنذار والتكليف ، وانتهت بالدعوة إلى التقوى والوعد بالمغفرة.

ونتعرض هنا بالدعاء إليه خاضعين متضرعين تعالى :

ربّنا! اجعلنا من أهل التقوى والمغفرة.

اللهم! إن لم تشملنا ألطافك فإنّنا لا نصل إلى مرادنا ، فامنن علينا بعنايتك.

اللهم! أعنّا على طريق مليء بالمنعطفات والهموم والمصائد الشيطانية الصعبة ، وأعنا على الشيطان المتهيئ لإغوائنا ، فبغير عونك لا يمكننا المسير في هذا الطريق.

آمين يا ربّ العالمين.

نهاية سورة المدّثّر

* * *

__________________

(١) تفسير البرهان ، ج ٤ ، ص ٤٠٥.

١٩٥
١٩٦

سورة

القيامة

مكيّة

وعدد آياتها أربعون آية

١٩٧
١٩٨

«سورة القيامة»

محتوى السورة :

كما هو واضح من اسم السورة فإنّ مباحثها تدور حول مسائل ترتبط بالمعاد ويوم القيامة إلّا بعض الآيات التي تتحدث حول القرآن والمكذبين ، وأمّا الآيات المرتبطة بيوم القيامة فإنّها تجتمع في أربعة محاور :

١ ـ المسائل المرتبطة بأشراط الساعة.

٢ ـ المسائل المتعلقة بأحوال الصالحين والطالحين في ذلك اليوم.

٣ ـ المسائل المتعلقة باللحظات العسيرة للموت والانتقال إلى العالم الآخر.

٤ ـ الأبحاث المتعلقة بالهدف من خلق الإنسان ورابطة ذلك بمسألة المعاد.

فضيلة السورة :

في حديث روي عن النّبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من قرأ سورة القيامة شهدت أنا وجبرائيل له يوم القيامة أنّه كا مؤمنا بيوم القيامة ، وجاء ووجهه مسفر على وجوه الخلائق يوم القيامة»(١) .

ونقرأ في حديث ورد عن الإمام الصّادقعليه‌السلام قال : «من أدمن قراءة( لا أُقْسِمُ ) وكان يعمل بها ، بعثها الله يوم القيامة معه في قبره ، في أحسن صورة

__________________

(١) مجمع البيان ، ١٠ ـ ، ص ٣٩٣.

١٩٩

تبشّره وتضحك في وجهه ، حتى يجوز الصراط والميزان»(١) .

والجدير بالملاحظة أنّ ما كنّا نستفيد منه في القرائن التي في فضائل تلاوة السور القرآنية قد صرّح بها الإمام هنا في هذه الرّواية حيث يقول : «من أدمن قراءة لا اقسم وكان يعمل بها» ولذا فإنّ كل ذلك هو مقدمة لتطبيق المضمون.

* * *

__________________

(١) المصدر السّابق.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233