الإمام محمد الجواد (عليه السلام) سيرة وتاريخ

الإمام محمد الجواد (عليه السلام) سيرة وتاريخ0%

الإمام محمد الجواد (عليه السلام) سيرة وتاريخ مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف: الإمام محمد بن علي الجواد عليه السلام
الصفحات: 148

الإمام محمد الجواد (عليه السلام) سيرة وتاريخ

مؤلف: السيد عدنان الحسيني
الناشر: مركز الرسالة
تصنيف:

الصفحات: 148
المشاهدات: 53884
تحميل: 5918

توضيحات:

الإمام محمد الجواد (عليه السلام) سيرة وتاريخ
بحث داخل الكتاب
  • البداية
  • السابق
  • 148 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 53884 / تحميل: 5918
الحجم الحجم الحجم
الإمام محمد الجواد (عليه السلام) سيرة وتاريخ

الإمام محمد الجواد (عليه السلام) سيرة وتاريخ

مؤلف:
الناشر: مركز الرسالة
العربية

تُنكِرُونه؟

ثم أقبل على أبي جعفرعليه‌السلام فقال له : أتخُطب يا أبا جعفر؟ قال :« نعم يا أمير المؤمنين » فقال له المأمون : أخطب ، جُعلت فداك لنفسك ، فقد رضيتك لنفسي وأنا مُزَوِّجُكَ أم الفضل ابنتي وإن رغم قومٌ لذلك.

فقال أبو جعفرعليه‌السلام : « الحمدُ لله إقراراً بنعمته ، ولا إله إلاّ الله إخلاصاً لوحدانيته ، وصلّى الله على محمدٍ سيِّدِ بريَّته والاَصفياء من عترته.

أما بعدُ : فقد كان من فضل الله على الاَنام أن أغناهُم بالحلال عن الحرام ، فقال سُبحانه :( وأنكِحُوا الاَيامى مِنكُم والصَّالحينَ مِنْ عِبادِكُم وإمائِكُم إنْ يَكُونُوا فُقراءَ يُغنِهمُ الله مِنْ فضلِهِ والله واسِعٌ عليمٌ ) (١) . ثم إنَّ محمد بن علي بن موسى يَخطُبُ أم الفضلِ بنتَ عبدالله المأمون ، وقد بَذَلَ لها من الصداق مهر جدَّته فاطمة بنت محمد عليهما‌السلام وهو خمسمائة درهم جياد ، فهل زوَّجته يا أمير المؤمنين بها على هذا الصداق المذكور؟ » .

قال المأمون : نعم ، قد زوَّجتُك أبا جعفر أم الفضل ابنتي على هذا الصداق المذكور ، فهل قَبِلتَ النكاحَ؟ قال أبو جعفرعليه‌السلام :« قد قَبِلتُ ذلك ورَضِيتُ به » . فأمر المأمون أن يقعد الناس على مراتبهم في الخاصة والعامّة.

قال الريان : ولم نلبث أن سمعنا أصواتاً تُشبه أصوات الملاحين في محاوراتهم ، فإذا الخدم يجرُّون سفينةً مصنوعةً من فِضَّةٍ مشدودة بالحبال من الاِبريسم على عجلٍ مملوءةً من الغالية(٢) ، فأمر المأمون أن تُخضبَ

____________

١) سورة النور : ٢٤ / ٣٢.

٢) الغالية : ضرب من الطيب مركب من مسك وعنبر وكافور ودهن البان وعود.

٦١

لحى الخاصة من تلك الغالية ، ثمَّ مُدَّت إلى دار العامّة فطُيِّبوا منها ، ووضعت الموائد فأكل الناس ، وخرجت الجوائز إلى كلِّ قوم على قدرهم ، فلما تفرَّق الناس وبقي من الخاصة من بقي ، قال المأمون لاَبي جعفر : إن رأيت ـ جُعلت فداك ـ أن تذكر الفقه فيما فصَّلته من وجوه قتلِ المُحرِم الصيد لنعلمه ونستفيده.

فقال أبو جعفرعليه‌السلام :« نعم ، إنَّ المُحرِم إذا قتَلَ صيداً في الحلِّ وكان الصيدُ من ذوات الطير وكان من كبارها فعليه شاةٌ ، فإن كان أصابه في الحرم فعليه الجزاءُ مضاعفاً ، وإذا قتلَ فرخاً في الحلِّ فعليه حملٌ قد فطم من اللبن ، وإذا قتله في الحرم فعليه الحملُ وقيمةُ الفرخ ، وإن كان من الوحش وكان حمار وحش فعليه بقرةٌ ، وان كان نعامة فعليه بدنةٌ ، وان كان ظبياً فعليه شاةٌ ، فإن قتل شيئاً من ذلك في الحرم فعليه الجزاءُ مضاعفاً هدياً بالغ الكعبة ، وإذا أصاب المحرم ما يجب عليه الهدي فيه وكان إحرامه للحجِّ نَحَرَه بمنى ، وإن كان إحرامُه للعمرة نحره بمكّة. وجزاءُ الصيد على العالم والجاهل سواء ، وفي العمد له المأثم ، وهو موضوع عنه في الخطأ ، والكفارة على الحرِّ في نفسه ، وعلى السيد في عبده ، والصغير لا كفارة عليه ، وهي على الكبير واجبةٌ ، والنادم يسقط بندمه عنه عقاب الآخرة ، والمصرُّ يجب عليه العقابُ في الآخرة » .

فقال له المأمون : أحسنت ـ أبا جعفر ـ أحسن الله إليك ، فإن رأيت أن تسأل يحيى عن مسألةٍ كما سألك. فقال أبو جعفر ليحيى :« أسألك؟ » . قال : ذلك إليك ـ جُعلت فداك ـ فإن عرفت جواب ما تسألني عنه وإلاّ استفدته منك.

فقال له أبو جعفرعليه‌السلام : « خَبِّرني عن رجل نظرَ إلى امرأةٍ في أول النهار فكان

٦٢

نظرهُ إليها حراماً عليه ، فلمّا ارتفع النهار حلَّت له ، فلمّا زالت الشمس حرمت عليه ، فلمّا كان وقت العصر حلَّت له ، فلمّا غربت الشمس حرمت عليه ، فلما دخل عليه وقت العشاء الآخرة حلَّت له ، فلمّا كان انتصاف الليل حرمت عليه ، فلما طلع الفجر حلَّت له ، ما حال هذه المرأة وبماذا حلَّت له وحرمت عليه؟ ».

فقال له يحيى بن أكثم : لا والله ما أهتدي إلى جواب هذا السؤال ، ولا أعرف الوجه فيه ، فإن رأيت أن تفيدناه.

فقال له أبو جعفرعليه‌السلام :« هذه أمةٌ لرجلٍ من الناس نظر إليها أجنبيٌّ في أول النهار فكان نظره إليها حراماً عليه ، فلمّا ارتفع النهار ابتاعها من مولاها فحلَّت له ، فلمّا كان الظهر أعتقها فحرمت عليه ، فلمّا كان وقت العصر تزوجها فحلَّت له ، فلما كان وقت المغرب ظاهر منها فحرمت عليه ، فلمّا كان وقت العشاء الآخرة كفَّر عن الظِّهار فحلَّت له ، فلمّا كان نصف الليل طلَّقها واحدة فحرمت عليه ، فلمّا كان عند الفجر راجعها فحلَّت له » .

قال : فأقبل المأمون على من حضره من أهل بيته فقال لهم : هل فيكم أحد يجيب عن هذه المسألة بمثل هذا الجواب ، أو يعرف القول فيما تقدم من السؤال؟! قالوا : لا والله ، إن أمير المؤمنين أعلم وما رأى.

فقال لهم : ويحكم ، إن أهل هذا البيت خصُّوا من الخلق بما ترون من الفضل ، وإنَّ صغر السنِّ فيهم لا يمنعهم من الكمال ، أما علمتم أن رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم افتتح دعوته بدعاء أمير المؤمنين علي بن أبي طالبعليه‌السلام وهو ابن عشر سنين ، وقبل منه الاِسلام وحكم له به ، ولم يدع أحداً في سنِّه غيره. وبايع الحسن والحسينعليهما‌السلام وهما ابناه دون الستّ سنين ولم يبايع صبيّاً غيرهما ، أفلا تعلمون الآن ما اختصَّ الله به هؤلاء القوم ، وأنهم ذريّةٌ بعضها

٦٣

من بعضٍ ، يجري لآخرهم ما يجري لاَولهم؟! قالوا : صدقت يا أمير المؤمنين ، ثمَّ نهض القوم.

فلمّا كان من الغد احضر الناس ، وحضر أبو جعفرعليه‌السلام ، وصار القوّاد والحُجّاب والخاصّة والعمّال لتهنئة المأمون وأبي جعفرعليه‌السلام ، فأخرجت ثلاثة أطباقٍ من الفضَّة فيها بنادق مسكٍ وزعفرانٍ معجون ، في أجواب تلك البنادق رقاع مكتوبة بأموال جزيلة وعطايا سنيَّة واقطاعات ، فأمر المأمون بنثرها على القوم من خاصَّته ، فكان كلُّ من وقع في يده بندقة ، أخرج الرقعة التي فيها والتمسه فاطلق له. ووضعت البِدَر ، فنثر ما فيها على القوّاد وغيرهم ، وانصرف الناس وهم أغنياء بالجوائز والعطايا. وتقدَّم المأمون بالصدقة على كافّة المساكين. ولم يزل مكرماً لاَبي جعفرعليه‌السلام معظّماً لقدره مدة حياته ، يؤثره على ولده وجماعة أهل بيته(١) .

الثورات والانتفاضات في عهد الاِمامعليه‌السلام

لم تزل الثورات العلوية والانتفاضات الشيعية ، منذ وضعت حرب الاِمام الحسينعليه‌السلام أوزارها ، تتأجج وتشتعل بين الحين والآخر كلّما سنحت لذلك فرصة ، وكلّما برز قائد ناهض. يساعد على ذلك؛ استمرار دور

____________

١) إعلام الورى ٢ : ١٠١ ـ ١٠٥. والاحتجاج : ٢ : ٤٦٩ ـ ٤٧٧ / ٣٢٢ الطبعة الاُولى المحققة ١٤١٣ هـ مثله. وذكر نحوه علي بن إبراهيم القمي في تفسيره ١ : ١٨٢. والطبري في دلائل الاِمامة : ٣٩١ / ٣٤٥. والمفيد في الاختصاص : ٩٨ طبع قم ١٤٠٢ هـ. وابن الصباغ في الفصول المهمة : ٢٦٧ ، وغيرها من المصادر.

٦٤

الاَئمةعليهم‌السلام وحركتهم التغييرية داخل الاُمّة أولاً؛ وثانياً : استمرارية تسلط الحكومة الجائرة الظالمة اللاشرعية على رقاب المسلمين ، وانتشار الفساد الاجتماعي والاداري والتعسف والجور.

وسنتناول هنا ما سجّله لنا التاريخ من ثورات أو انتفاضات انطلقت في عهد إمامة أبي جعفر الثانيعليه‌السلام . مع أن البعض من تلك الاَحداث وإن وقعت في حياتهعليه‌السلام إلاّ أننا أعرضنا عن ذكرها؛ لئلاّ تطول بنا صحائف هذه الدراسة الموجزة؛ ولاَن تلك الحوادث كانت مما وقع في عهد (إمامة) الاِمام الرضاعليه‌السلام ؛ كثورة محمد بن إبراهيم بن طباطبا في الكوفة ، وما تلاها من مساجلات وحروب لقائده العسكري أبي السرايا السري بن منصور(١) . ثم انتفاضة اليمن بقيادة إبراهيم ابن الاِمام موسى بن جعفرعليه‌السلام ؛ وخروج محمد ابن الاِمام جعفر الصادقعليه‌السلام في المدينة المنورة(٢)

؛ وانتفاضة الكوفة مرة اُخرى سنة (٢٠٢ هـ) بقيادة أبي عبدالله ابن منصور أخو أبي السرايا(٣) . كما أن حركة حدثت بقيادة جعفر بن داود القمي سنة (٢١٤ هـ) ذكرها الطبري في تاريخه(٤) بشكل مقتضب ، ولم نعثر على تفاصيل تاريخية لهذه الحركة ، ولم نقف على ذكر لجعفر القمي هذا ، ومن يكون؟

وتحت تأثير القسوة التي أبداها المأمون العباسي ، والدهاء الذي أظهره ، من خلال تسليم ولاية العهد للاِمام الرضاعليه‌السلام ، أصبحت الاَوضاع السياسية في حالة شبه مستقرة ، واستحالت الثورات وكل تحرك ضد سلطته القائمة

____________

١) راجع مقاتل الطالبيين : ٤٣٥.

٢) مقاتل الطالبيين : ٤٣٨.

٣) راجع : تاريخ الطبري ٨ : ٥٥٨. وتاريخ الإسلام / الذهبي ١٤ : ٨ حوادث سنة ٢٠١ ـ ٢١٠ هـ.

٤) تاريخ الطبري ٨ : ٦٢٢.

٦٥

إلى رماد ، ولو أنه كان يخبئ تحته ناراً ..

ثم يخيّم وجوم ويسود صمت (شيعي ـ علوي) يدوم بضع سنين والناس في حيرة ووجل مما يفعله المأمون بابن الرضاعليه‌السلام ، فبين شاكٍّ ، ومصدِّق ، ومنتظر ما يؤول إليه الاَمر غداً ، وهو ما أراده المأمون من مناورة الاستدعاء للاِمام الجوادعليه‌السلام إلى بغداد ثم تزويجه من ابنته واسكانه بالقرب منه والجعجعة به. ويستمر هذا الحال والاِمام يمارس دور الاِمامة ومهامها الكبرى بأناة وتروٍّ ، حتى تحين سنة (٢٠٧ هـ).

١ ـ ثورة عبدالرحمن في اليمن :

بعد استتباب الاُمور للمأمون ، وسيطرته التامة على مجاري الشؤون الداخلية للدولة الاِسلامية المترامية الاَطراف ، تندلع ثورة في نقطة بعيدة من أقاصي المملكة في اليمن بقيادة عبدالرحمن بن أحمد بن عبدالله بن محمد بن عمر بن علي بن أبي طالبعليه‌السلام ، وهو يدعو للرضا من آل محمد(١) سنة (٢٠٧ هـ). وكان ذا جاه ، فالتفّ حوله خلق كثير من شيعة أهل اليمن ومن غيرهم ممن ضاقوا ذرعاً من العباسيين وولاتهم. وسرعان ما سيطرت الحركة على البلاد ، لتعاطف جماهير الاُمّة معها. والتاريخ جد ظنين بأحداث هذه الثورة وظروفها وأسبابها ومداخلاتها.

وهناك قول لم نتحقق صحته ، أن الثائر عبدالرحمن أقدم من المدينة محمد بن علي بن موسىعليه‌السلام ودعا إليه سنة سبع ومئتين (٢٠٧ هـ)(٢) .

____________

١) الرضا من آل محمد : اصطلاح يطلق على كل علوي يرتضونه خليفة عليهم ، ويتصدى لقيادة الثورة فينادون به. أو يراد منه إمام الوقت دون التعريف باسمه.

٢) المجدي في أنساب الطالبيين / ابن الصوفي العمري العلوي : ٢٩٥ طبع مكتبة المرعشي النجفي ١٤٠٩

٦٦

وتتسارع أنباء الثورة إلى بغداد عاصمة الخلافة ، فيجهّز المأمون جيشاً كثيفاً بقيادة دينار بن عبدالله ، ويرسله إلى اليمن لمساعدة واليه المفوّض هناك على تهامة اليمن محمد بن إبراهيم بن عبيدالله بن زياد ابن أبيه ، وعاصمته زبيد ، لقمع الثورة ، وكتب مع قائد الجيش كتاب أمان إلى عبدالرحمن. وما أن وصلت طلائع الجيش إلى مشارف اليمن ، وعلم عبدالرحمن أن لا قبل له بها ، وكان قد قُرىَ عليه كتاب الاَمان ، عندئذٍ لم يجد بداً من تسليم نفسه على شرط الكتاب فقُبض عليه وأُرسل إلى بغداد ، فغضب المأمون بسببه على الطالبيين ومنعهم من الدخول إلى مجلسه ، ثم أجبرهم على لبس السواد العباسي بدل الخضرة الطالبية(١) .

وكان محمد بن إبراهيم الزِّياديّ من أشد الناس بغضاً لعلي بن أبي طالب وأهل بيتهعليهم‌السلام ؛ لهذا لا يبعد أن يكون الرجل كجدّه لغير رشده(٢) . فاستعان هذا بالجيش في تقوية مركزه ، فأوقع بالعلويين وأنصارهم وقتل شيعتهم وفرّق جمعهم ، وبدّد أوصالهم ، واجتاح مناطق تواجدهم ، وأخذ يوسّع منطقة نفوذه حتى تم له الاستيلاء على أغلب البلاد اليمنية(٣) .

____________

١٤٠٩ هـ.

١) تاريخ الطبري ٧ : ١٦٨ حوادث سنة (٢٠٧ هـ) طبعة القاهرة ١٣٥٨ هـ. والكامل في التاريخ : ٥ : ٤٦٨ الطبعة الثانية ١٤١٥ هـ ، تحقيق محمد يوسف الدقاق.

٢) أخرج ابن عساكر في تاريخ دمشق ٤٢ : ٢٨٧ الطبعة المحققة ، بسنده عن مالك بن أنس ، عن ابن أبي الزناد قوله : (قالت الأنصار : إن كنا لنعرف الرجل إلى غير أبيه ببغضه عليّ بن أبي طالبعليه‌السلام ).

وراجع : فرائد السمطين / الجويني الشافعي ١ : ٣٦٥ / ٢٩٣ فقد أخرجه بطريقة عن مالك بن أنس ، عن ابن أبي الزناد أيضاً ، وراجع أيضاً ما أخرجه في ١ : ١٣٤ / ٩٧ عن الزهري عن أنس بن مالك منه أنه لا يبغض علياً من قريش إلاّ سفحيّ ، ولا من العرب إلاّ دعيّ ، ولا من سائر الناس إلاّ شقيّ.

٣) راجع : تاريخ ابن خلدون ٤ : ١٤٨ ، ٢١٧. وطبقات سلاطين الإسلام / استانلي لين بول : ٨٦ ـ ٨٨

٦٧

٢ ـ انتفاضة القميين :

إنّ القبضة الحديدية للسلطة العباسية تجاه أهل البيتعليهم‌السلام وشيعتهم ، لم تمنع من ظهور الحركات والثورات ضد التعسف والجور العباسي بين الفينة والاُخرى ، من هذه الحركات حركة أهالي قم وانتفاضتهم عام (٢١٠ هـ). ومعلوم تشيّع القميين وولاؤهم لاَهل البيتعليهم‌السلام ، فإنّهم وتبرماً من كثرة ما يدفعون من خراج السلطان الذي فرض عليهم ، إذ كان عليهم دفع مليوني (٢٠٠٠٠٠٠) درهم سنوياً ، فاستكثروا هذا المبلغ وطلبوا تخفيفه أُسوة بما لحق الري من حطيطة خراجهم. ورُفع طلبهم إلى المأمون ، فرفض إجابتهم إلى ما سألوا ، فامتنعوا من أداء خراج هذا العام ، وثاروا فخلعوا واليهم وطردوه ، ونجحوا في السيطرة على البلد ، ولو استمر نجاحهم لتغير الحال إلى وضع لا تُحمد عقباه بالنسبة للسلطة المركزية ، لكن المأمون تدارك أمرهم بعلي بن هشام على رأس جيش أتبعه بآخر بقيادة عجيف بن عنبسة ، ثم ألحقهما بسرية كانت عائدة من خراسان.

فالتقى الطرفان في حرب غير متكافئة بالعدة والعدد حتى ظفر علي بن هشام بالقميين وقتل رئيسهم يحيى بن عمران ، وهدم سور المدينة ، وفرض عليهم بدل المليونين سبعة ملايين درهم سنوياً ، جباها منهم في سنته ، فدفعوها إليه صاغرين(١) .

٣ ـ ثورة محمد بن القاسم العلوي

من أهم الثورات العلوية الشيعية التي حدثت في زمن إمامة الاِمام

____________

الطبعة الاُولى ١٤٠٦ هـ الدار العالمية ـ بيروت.

١) راجع : تاريخ الطبري ٧ : ١٨٤. والكامل في التاريخ ٥ : ٤٨١.

٦٨

الجوادعليه‌السلام ، هي ثورة محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين ابن علي بن أبي طالبعليه‌السلام الملقب بالصوفي؛ للبسه ثياب الصوف والمكنّى بأبي جعفر. كان من أهل العلم والفقه والدين والزهد.

وقد فصّل خروجه ومنازلاته ثم القبض عليه أبو الفرج الاَصفهاني في مقاتل الطالبيين قائلاً : وكان خروجه في منطقة الطالقان التي تبعد عن مرو أربعين فرسخاً ودعوته كانت للرضا من آل محمد كما هي حال كل الثورات العلوية ، وقد تبعه عدد من وجوه الزيدية كيحيى بن الحسن بن الفرات الحريري ، وعباد بن يعقوب الرواجني ، وكانوا يدعون الناس إليه فتبعهم في مدة يسيرة خلق كثير. وتمت سيطرته على الطالقان مدة أربعة أشهر.

فلما بلغ خبره عبدالله بن طاهر وجّه إليه الجيوش ، فكانت له بين قواد عبدالله بن طاهر وقعات بناحية الطالقان وجبالها ، انهزم أخيراً محمد وأصحابه وتفرقوا في النواحي والآكام ، ولجأ محمد بن القاسم إلى (نسا) فوشي به هناك فأُلقي عليه القبض ، وقُيّد بالحديد وأُرسل إلى عبدالله بن طاهر ، فأرسله عبدالله إلى المعتصم في (سرّ من رأى) فأُدخل عليه في مجلس شرابه ولهوه يوم ١٥ ربيع الثاني سنة (٢١٩ هـ) ، وكان يوم نوروز ، فأوقفه المعتصم حتى فرغ الغلمان من اللعب والراقصات الفرغانيات من الرقص ، وكانت أكؤس الشراب تُدار في المجلس أمام ناظري محمد بن القاسم ، فلما رأى هذا الوضع بكى ثم قال : اللهم إنّك تعلم أني لم أزل حريصاً على تغيير هذا وإنكاره.

ثم أمر به المعتصم فحبس في سرداب ضيق كاد أن يموت فيه ، فأمر بإخراجه منه وإيداعه في سجن في بستان. فلما كان ليلة عيد الفطر احتال محمد بطريقة فهرب بها من السجن وغاب عن الاَنظار ولم يعرف له خبر

٦٩

بعد ذلك. وقيل : إنّه رجع إلى الطالقان فمات بها. وقيل : بل إنّه اختفى ببغداد مدة ثم انحدر إلى واسط فمكث بها حتى مات ، وهو الذي مال إليه أبو الفرج الاَصفهاني وصححه. وقيل : إنّه توارى أيام المعتصم والواثق ، وأُخذ في أيام المتوكل فحبسه حتى مات في محبسه ، ويقال : إنّه دس إليه سماً فمات منه(١) .

قال المسعودي : وقد انقاد إلى إمامته خلق كثير من الزيدية إلى هذا الوقت ، وهو سنة (٣٣٢ هـ) ، ومنهم خلق كثير يزعمون أن محمداً لم يمت ، وأنه حيّ يُرزق ، وأنه يخرج فيملؤها عدلاً كما ملئت جوراً ، وأنه مهدي هذه الاُمّة ، وأكثر هؤلاء بناحية الكوفة وجبال طبرستان والديلم وكثير من كور خراسان(٢) .

هذا ما وقفنا عليه من حوادث وأحداث خلال سني إمامة أبي جعفر الجوادعليه‌السلام ، ومع أن التاريخ لم يحدثنا عن موقف علني للاِمامعليه‌السلام من هذه الثورات والانتفاضات إلاّ أنها بلا شك كانت ستنال رضا الاِمامعليه‌السلام فيما لو نجحت في تحقيق أهدافها في الاِطاحة بالمتسلطين على الحكم ظلماً وعدواناً.

____________

١) مقاتل الطالبيين : ٤٦٤ ـ ٤٧٢. وتاريخ الطبري ٧ : ٢٢٣ ـ ٢٢٤ حوادث سنة (٢١٩ هـ). عمدة الطالب / أحمد بن علي الداوودي : ٣٠٦ الطبعة الحيدرية ـ النجف. والبحر الزخّار / أحمد بن يحيى بن المرتضى (ت / ٨٤٠ هـ) ١ : ٢٢٨ المقدمة ، وفيه : أن المعتصم حبسه أياماً وهرب من حبسه ، فأخذه وضرب عنقه صبراً ، وصلبه بباب الشماسية وهو ابن ثلاث وخمسين سنة ، وهو أحد أئمة الزيدية وعلمائهم وزهّادهم.

٢) مروج الذهب ٤ : ٦٠ ـ ٦١.

٧٠

الفصل الثالث

العطاء الفكري للامامعليه‌السلام

لا بدّ للإمام المعصوم أن يمارس نفس الأدوار والمهام التي كان النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يمارسها في حياة الاُمّة من تبليغ الرسالة وهداية الاُمّة إلى الرشاد أصالة عن دوره في تحمل أعباء الاِمامة المتعينة من قبل السماء ، والتي« هي منزلة الأنبياء ، وإرث الأوصياء » (١) ، ونيابة عن النبوة الخاتمة باعتبارهم الاِمتداد الطبيعي لها بما اكتسبوه من عصمة في الفكر والسلوك ، و« إنّ الاِمامة خلافة الله ، وخلافة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » (٢) ، ولهذا وذاك فإنّ حاجة الناس إلى الاِمام كحاجتها إلى النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ لتعليق نظام أمورها الدينية والدنيوية عليه.

وعليه فدراسة حياة الاَئمةعليهم‌السلام باعتبارهم أوصياء رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجب أن تعتمد المنهجية الاَصيلة في البحث؛ فتُبرز خصائص الاِمام الذاتية وسيرته وسلوكه على أنّها متممة للسيرة النبوية المباركة من جانب ، ومن جانب آخر عليها ـ أي الدراسة ـ إبراز جانب التكليف الالهي لمنصب وصاية الاَنبياء ، ووظيفة الاِمام الرسالية في البناء الفكري والعقيدي للاُمّة

____________

١) الكافي ١ : ٢٠٠ / ١ عن الإمام الرضاعليه‌السلام .

٢) المصدر السابق نفسه.

٧١

الاِسلامية ، ثم هداية الشعوب والاُمم إلى خط الاِسلام الاَصيل ، تماماً كما كان يفعل رسول اللهصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إبّان الدعوة ، وبعد انتشار الاِسلام. وهكذا تحتفظ مسيرة حركة الاَنبياء بتعجيلها في انطلاقتها إلى آخر عمر الدنيا ، حيث إنّ الاِسلام رسالة خاتمة ، وليس بعده نبوّة أو رسالة.

ولهذا اكتسب منصب الاِمامة والوصاية أهمية بالغة وخطيرة في حركة الاُمّة ، ومن هنا ندرك معنى قول النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :« من سرّه أن يحيا حياتي ، ويموت مماتي ، ويسكن جنة عدن غرسها ربي ، فليوال علياً من بعدي ، وليوال وليه ، وليقتد بأهل بيتي من بعدي فإنّهم عترتي ، خُلقوا من طينتي ، ورزقوا فهمي وعلمي » (١) .

فالاَئمة إذن؛ قوّام الله على خلقه ، وعرفاؤه على عباده ، ولا يدخل الله أحداً الجنة إلاّ من قد عرفهم وعرفوه ، ولا يدخل النار إلاّ من أنكرهم وأنكروه(٢) .

ومن خلال هذه السلسلة لاَئمة الهدى الاثني عشر تطالع الاَنموذج الاَمثل لسيرة أولياء الله الصالحين ، الهادين المهديين ، وهي تضارع سيرة الاَنبياء إن لم تكن تماثلها أو تسمو عليها في بعض الحالات. ولا تحسبنّ ذلك غلوّاً منّا أو شططاً من القول ، فالصحيح المتواتر عن النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن عيسى بن مريم وهو نبي من أولي العزم ينزل عند خروج المهدي صاحب الزمان (عج) ويكون بمثابة وزيره ، ويصلي خلفه مأموماً(٣) .

____________

١) كنز العمال ١٢ : ١٠٣ / ٣٤١٩٨ عن الطبراني في المعجم الكبير باسناده عن ابن عباس.

٢) راجع : نهج البلاغة : ٢١٢ خطبة ١٥٢ تنظيم صبحي الصالح.

٣) راجع : مصنّف ابن أبي شيبة ١٥ : ١٩٨ / ١٩٤٩٥. والحاوي للفتاوى / السيوطي ٢ : ٧٨. وفيض

٧٢

وهكذا جميع الاَئمةعليهم‌السلام كلّ له دوره المتميز ، وهم متحدون في الصفات والاَهداف ، ومنهم إمامنا الجوادعليه‌السلام الذي لا يختلف عن آبائه المعصومينعليهم‌السلام ، إنّما تميزوا باختلاف أدوارهم ، وتنوع مواقفهم حسب ظروف المرحلة التي مرّوا بها وطبيعتها.

ورغم قصر عمر أبي جعفر الثاني ، فقد تميزت حياته بدور فاعل ومؤثر في حركة المجتمع خاصة وأنه مهّد الطريق ، وهيأ الاَجواء لثلاثة أئمة أتوا من بعده كانت ظاهرة صغر السن بالنسبة إلى بعضهم تشكّل أمراً بالغ الخطورة ، خاصة في قضية الاِمام القائم محمد بن الحسن المهديعليه‌السلام .

وسوف نلمس العطاء الفكري والعلمي للاِمام الجوادعليه‌السلام من خلال أصحابه وتلامذته والرواة عنه ، ومن خلال ما تناوله من علوم ومعارف أثرى بها مدوّناتنا الفقهية والحديثية ، رغم (الحصار المبطن) الذي أُحيط بالاِمام طيلة إقامته في بغداد والتي لم يُفصح المؤرخون عن مدتها تحديداً؛ ومن خلال كلماته القصار التي هي مناهج للعقيدة وبرامج عمل نحو السمو والتكامل الروحي لبناء الاِنسان وفق المنظور الاِسلامي.

أصحاب الاِمام والرواة عنه :

أصحاب الاَئمةعليهم‌السلام عموماً ، والمحدِّثون والرواة منهم خاصة ، يشكّلون بلا ريب الامتداد الحضاري لفكر الاِمام ورسالته على طول الفترة الزمنية التي يعيشها المحدِّث ، ثم الذي يحدِّث عنه وهكذا كلما تطاولت سلسلة الرواة عبر التاريخ كماً وكيفاً ، زادت الصلة وتوثقت ، وتعمّق الترابط بين

____________

القدير ٦ : ١٧. وراجع : دفاع عن الكافي / السيد ثامر العميدي ١ : ٢٥٤ ـ ٢٥٩ ففيه مزيد شرح وتفصيل.

٧٣

تراثنا العريق وبين الحاضر المعاصر الجديد.

وسبق الحديث عن ما لاَئمة أهل البيتعليهم‌السلام من دور في حركة المجتمع والتاريخ ، كذلك أصحابهم ووكلاؤهمعليهم‌السلام كان لهم أيضاً دور فاعل في عملية التغيير والبناء الرسالي التكاملي للاُمّة ، فقد كانوا بمثابة أذرع الاِمامة الممتدة في الاُمّة ، وأصواتها الموصلة لرسالتهم إلى جماهير الناس وأفرادها.

ثم إنّ هؤلاء هم الحافظون لتراثهم الاِسلامي الاَصيل ، والناقلون له إلى الاَجيال التالية من بعدهم. لهذا كان الاَئمةعليهم‌السلام يحرصون على اصطفاء مجموعة من الاَصحاب الثقات المخلصين الذين يرون فيهم أهلية تحمّل بعض علوم الاِمام واستيعابها. فكانواعليهم‌السلام يعدّونهم إعداداً خاصاً؛ ليفضوا إليهم ببعض أسرارهم وعلومهم.

وبذا فقد تخرّج من مدرسة أهل البيتعليهم‌السلام رجال أفذاذ يُعتبرون من مفاخر التاريخ ، ونوادر الدنيا في مختلف العلوم من فقه وحديث وتفسير ولغة وفلسفة وأخلاق إلى غير ذلك ما شاء الله من العلوم والمعارف الاِسلامية.

ولو تصفحنا تاريخ الثلة المؤمنة من أولئك الرجال الاَماثل ، وتتبعنا ما حفظوه لنا من تراثنا الاِسلامي ، فسنجد أن هناك كنوزاً من الذخائر أودعوها لنا في مدوّنات بلغ ما كتبه منها محمد بن أبي عمير ـ مثلاً ـ أربعاً وتسعين كتاباً ، وما كتبه الفضل بن شاذان يبلغ مئة وثمانين كتاباً ، ويونس ابن عبدالرحمن أكثر من ثلاثمئة كتاب ، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم أكثر من سبعين كتاباً ، وعلي بن مهزيار خمساً وثلاثين كتاباً.

٧٤

فهذه أكثر من ستمئة وسبعين كتاباً لخمسة فقط من أصحاب الاَئمةعليهم‌السلام ، علماً بأن لدينا ما يزيد على ستة آلاف وستمائة كتاب(١) مؤلفة في أبواب الفقه والاَحكام ، اشتهر منها(٤٠٠) كتاب سمّيت (أصولاً) كانت هي المعوّل عليها في الرجوع إلى المسائل الفقهية واستكشاف جواباتها الواقعية التي هي جوابات الاَئمةعليهم‌السلام عن المسائل التي كانت تطرحها الناس عليهم ، ثم اعتُمدت هذه الاُصول فيما بعد في كتابة مدوناتنا الحديثية.

ولو نظرنا إلى المعاجم الرجالية الاُولى ، فسنجد أن لكلِّ إمام من أئمة أهل البيتعليهم‌السلام مجموعة كبيرة من الرجال والمحدِّثين تحيط به ، تسمع منه ، وعنه تأخذ أحكام الدين ، وعن طريقه تعيد سماع أحاديث الرسول الاَكرمصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم .

وإمامنا الجوادعليه‌السلام واحد من تلك الكوكبة المختارة رحمة للبشرية ، والقطب الذي كانت تدور عليه العلماء والفقهاء ، ليس من الشيعة فحسب ، بل ومن غير الشيعة من المذاهب والفرق والتيارات الاُخرى. وفي تقديرنا أن عدد الاَصحاب والرواة يشير إلى مدى تحرك الاِمام في الاُمّة ، وطبيعي أن للظروف السياسية أثراً إيجابياً في تحديد الكم الظاهري الذي يدور حول محور الاِمامعليه‌السلام ، والذي يستقطب إليه كل التيارات وإن كانت معاكسة ومخالفة في مسيرها للاتجاه الطبيعي للتحرك الاِسلامي. وهذه هي إحدى مهام وأهداف الاِمامة في العمل الرسالي ، والتوجه التربوي الذي تقوم عليه.

فالاِمام هو القاسم المشترك الذي تلتقي عنده كل المعادلات ، وتقبله جميع الاَرقام السياسية والعقيدية والفكرية ، وهو أمر لا يتهيأ لكلِّ أحد إلاّ

____________

١) راجع : الفائدة الرابعة من فوائد خاتمة الوسائل : ٣٠ / ١٦٥.

٧٥

من عصمه الله تعالى من الزلل والخطل ، وأعدّه لتولي هداية البشر.

ولو نظرنا إلى أصحاب ورواة الاِمام أبي جعفر الثانيعليه‌السلام نظرة تحليلية فاحصة ، فإننا نجد أن هناك مجموعة كبيرة من الرواة والاَصحاب نسبة إلى باقي الاَئمةعليهم‌السلام مع الاَخذ بنظر الاعتبار قصر عمر الاِمام ، والظروف السياسية الخاصة التي كانت تحيط به ، ثم صغر سنّه وما قد عرفت فيما مضى من تردّد البعض في قبول إمامته ، ومع كل هذا فقد كانت حصيلة إمامنا الجوادعليه‌السلام من الصحابة والرواة والوكلاء أن أحصينا تعدادهم بما يقرب من (٢٥٠) وهو عدد لم يسبقنا إليه أحد ممن ترجم للاِمامعليه‌السلام وعدّ أو أحصى رواته وصحبه من الرجاليين ، فالشيخ الطوسي ـ مثلاً ـ عدّ في موسوعته الرجالية (١١٦ هـ) من أصحاب الاِمام الجوادعليه‌السلام ورواته.

كما أنك تلحظ أن بين هذه الجمهرة من الصحابة والرواة كبار العلماء والفقهاء والمحدِّثين ، وأعلام الفكر والاَدب ، كما أن فيهم من العامة والغلاة والمجاهيل لدينا أو لمن ذكرهم بالمجهولية ، وهذه الجمهرة إن دلّت على شيء فإنّها أول ما تدلُّ على مقدار ومدى ما يتمتع به الاِمامعليه‌السلام من حصيلة علمية ثرة يتصاغر أمام سعتها وشموليتها أكابر العلماء ، وعظماء الفقهاء ، كما أن العدد الجم الذي صحب الاِمام وهو في أوان شبابه ، ما صحبوه إلاّ للاستفادة من ثراء علمه وحاجتهم إليه. كما تجد من بين هذا العدد الغفير ما يزيد على الاَربعين من الرواة الثقات أو الوكلاء ، وفيهم من أجمعت الطائفة على تصحيح كل ما رووه وإن أرسلوا ، ومنهم نحو هذا العدد أيضاً من أصحاب المؤلفات والشعراء. ولا يخفى ما لهؤلاء الاَعلام من دور إيجابي فاعل في حفظ ونشر التراث الاِسلامي الاَصيل ، تراث أهل البيتعليهم‌السلام .

فمن ذُكر في أصحاب الاِمام أبي جعفر الثانيعليه‌السلام من العلماء والفقهاء من

٧٦

أصحاب المصنّفات :

١ ـ إبراهيم بن أبي البلاد يحيى ، أبو يحيى الكوفي : ثقة ، قارئ ، أديب ، له كتاب. عمّر طويلاً فصحب من الاَئمة الصادق والكاظم والرضا والجوادعليهم‌السلام . وروى عن الاِمام الجوادعليه‌السلام ، أثنى عليه الاِمام الرضاعليه‌السلام في رسالة بعثها إليه.

٢ ـ إبراهيم بن أبي محمود الخراساني : ثقة ، جليل القدر ، من أهل الحديث والرواية ، مصنّف. مكفوف البصر. عُدَّ في أصحاب الاِمامين الكاظم والرضاعليهما‌السلام ، دعا له الاِمام الجوادعليه‌السلام بالجنة.

٣ ـ إبراهيم بن مهزيار ، أبو إسحاق الاَهوازي : هو أخو علي بن مهزيار ، عُدَّ في أصحاب الاِمامين الجواد والهاديعليهما‌السلام ، وأدرك الاِمام المهديعليه‌السلام وشاهده. له كتاب البشارات.

٤ ـ أحمد بن إسحاق بن عبدالله ، أبو علي الاَشعري القمي : ثقة ، عين ، شيخ القميين ومبعوثهم ورابطهم مع الاَئمةعليهم‌السلام ، اختص بالاِمام العسكريعليه‌السلام وتوكّل له. عُدَّ في أصحاب الاِمامين الجواد والعسكريعليهما‌السلام ، وتشرّف بلقاء الاِمام المهديعليه‌السلام . له مؤلفات في الفقه.

٥ ـ أحمد بن عبدالله بن عيسى بن مصقلة الاَشعري القمي : له كتاب عن الاِمام الجوادعليه‌السلام .

٦ ـ أحمد بن محمد بن خالد ، أبو جعفر البرقي : فقيه ، محدِّث ، مصنّف ، له نحو مئة مصنّف كلّها مفقودة عدا كتاب المحاسن المشهور وكتاب في الرجال عُرف بـ« رجال البرقي » . توفي سنة (٢٧٤ هـ) وقيل سنة : (٢٨٠ هـ).

٧٧

٧ ـ أحمد بن محمد بن عبيدالله الاَشعري القمي : ثقة ، له كتاب ، يُعد في أصحاب الاِمامين الجواد والهاديعليهما‌السلام .

٨ ـ أحمد بن محمد بن عمرو بن أبي نصر ، أبو جعفر البزنطي : ثقة ، ثبت ، مصنّف. عُدَّ في أصحاب الاَئمة الكاظم والرضا والجوادعليهم‌السلام ، توفي سنة (٢٢١ هـ).

٩ ـ أحمد بن محمد بن عيسى ، أبو جعفر الاَشعري القمي : فقيه ، مصنّف ، شيخ القميين ورئيسهم. وهو أول من سكن قم من الاَشعريين ، جليل القدر ، يلقى السلطان والولاة مكرماً مهاباً. عُدَّ في أصحاب الاَئمة الرضا والجواد والهاديعليهم‌السلام .

١٠ ـ إسماعيل بن سهل الدهقان : له كتاب ، ذكر في أصحاب الاِمام الجوادعليه‌السلام ، وفيه ضعف.

١١ ـ إسماعيل ابن الاِمام موسى بن جعفر عليه‌السلام ، أبو أحمد : مصنّف ، ذُكر في أصحاب الاِمام الجوادعليه‌السلام .

١٢ ـ أيوب بن نوح بن دراج ، أبو الحسين الكوفي : ثقة ، مأمون ، مصنّف ، عُدَّ في أصحاب الاَئمة الرضا والجواد والهاديعليهم‌السلام . من خواص الاِمام الجوادعليه‌السلام ، ولي قضاء الكوفة.

١٣ ـ بكر بن أحمد بن إبراهيم ، أبو محمد الاَشج : مصنّف ، ذُكر في أصحاب الاِمام الجوادعليه‌السلام .

١٤ ـ بكر بن صالح الرازي : له كتاب ، عُدَّ في أصحاب الاِمام الجوادعليه‌السلام .

١٥ ـ جعفر بن محمد بن يونس الاَحول الصيرفي : ثقة ، له كتاب. عُدَّ في

٧٨

أصحاب الاِمامين الجواد والهاديعليهما‌السلام .

١٦ ـ الحسن بن سعيد بن حمّاد ، أبو محمد الاَهوازي : مصنّف ، جليل القدر ، واسع الرواية ، كوفي الاَصل. عُدَّ في أصحاب الاِمام الجوادعليه‌السلام شريك أخيه الحسين في تصانيفهما.

١٧ ـ الحسن بن العباس بن الحريش ، أبو علي الرازي : له كتاب ، عُدَّ في أصحاب الاِمام الجوادعليه‌السلام .

١٨ ـ الحسن بن علي بن زياد ، أبو محمد الكوفي الخزاز المعروف بالوشّاء : وجه من وجوه الشيعة ، له كتاب. عُدَّ في أصحاب الاِمامين الرضا والهاديعليهما‌السلام ، وروى عن الاِمام الجوادعليه‌السلام . وهو القائل في مسجد الكوفة : أدركت في هذا المسجد تسعمائة شيخ كل يقول حدّثني جعفر ابن محمد.

١٩ ـ الحسن بن علي بن يقطين : له كتاب. عُدَّ في أصحاب الاِمام الرضاعليه‌السلام ، ويروي عن الاِمام الجوادعليه‌السلام .

٢٠ ـ الحسن بن محبوب بن وهب ، أبو علي السراد الكوفي : ثقة ، فقيه ، مصنّف. أحد الاَركان الاَربعة في عصره. وهو من المجمع على تصحيح ما يروون وإن أرسلوا. ذكر في أصحاب الاِمامين الكاظم والرضاعليهما‌السلام ، روى عن الاِمام الجوادعليه‌السلام . توفي أواخر سنة (٢٢٤ هـ).

٢١ ـ الحسين بن سعيد بن حماد الاَهوازي : ثقة ، مصنّف ، كوفي ، شارك أخاه الحسن في جميع تصانيفهما.

٢٢ ـ حمدان بن إسحاق الخراساني : مصنّف ، ذكر في أصحاب الاِمامين الجواد والهاديعليهما‌السلام .

٧٩

٢٣ ـ سعد بن سعد الاَحوص بن سعد الاَشعري القمي : ثقة ، مصنّف ، من أصحاب الاِمامين الرضا والجوادعليهما‌السلام . ترحّم عليه الاِمام الجوادعليه‌السلام هو وآخرين ، وعُدَّ في رجاله والرواة عنه.

٢٤ ـ سهل بن زياد ، أبو سعيد الآدمي الرازي : مصنّف. عُدَّ في أصحاب الاَئمة الجواد والهادي والعسكريعليهم‌السلام .

٢٥ ـ صفوان بن يحيى ، أبو محمد البجلي الكوفي : فقيه ، ثقة ، عين ، مصنّف ، ورع ، زاهد ، من أوثق أهل زمانه. توفي بالمدينة المنورة سنة (٢١٠ هـ) ، فأمر الاِمام الجوادعليه‌السلام عمه إسماعيل بن موسى الكاظم بالصلاة عليه ، دفن بالبقيع.

٢٦ ـ عبد الرحمن بن عمرو بن مسلم ، أبو الفضل التميمي الكوفي : ثقة ، محدِّث ، مصنّف ، عُدَّ في أصحاب الاِمامين الرضا والجوادعليهما‌السلام .

٢٧ ـ عبدالسلام بن صالح بن سليمان ، أبو الصلت الهروي : ثقة ، إمامي ، صحيح الحديث مأمون ، مصنّف. مخالط للعامّة. أطراه العامة والخاصة. مولده بالمدينة ، وفاته كانت سنة (٢٣٢ هـ) ، وقال الخطيب : سنة (٢٣٦ هـ).

٢٨ ـ عبدالعزيز بن يحيى بن أحمد ، أبو أحمد الجلودي البصري : ثقة ، شيخ البصرة ، مصنّف ، له حوالي (١٩٠) كتاباً في مختلف المواضيع. ذُكر في أصحاب الاِمام الجوادعليه‌السلام .

٢٩ ـ عبدالله بن الصلت ، أبو طالب القمي : ثقة ، مسكون إلى روايته ، يُعرف له كتاب في التفسير. عُدَّ في أصحاب الاِمامين الرضا والجوادعليهما‌السلام .

٣٠ ـ عبدالله بن محمد بن حصين الحصيني العبدي الاهوازي : ثقة ،

٨٠