المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية21%

المذاهب الإسلامية مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 377

المذاهب الإسلامية
  • البداية
  • السابق
  • 377 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 204938 / تحميل: 8770
الحجم الحجم الحجم
المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

ب - عطيّاته الهائلة لبني أُمية من بيت المال.

ج - تأسيس حكومة أُمويّة.

د - مواقفه العدائيّة تجاه لفيف من الصحابة.

هـ - إيوائه طريد رسول الله؛ الحكم بن العاص.

إلى غير ذلك من الأُمور الّتي أغضبت جمهور المسلمين وأثارت حفيظتهم، حتّى اجتمعت طوائف من المصريّين والكوفيّين والبصريّين وجمهور المهاجرين والأنصار للاحتجاج عليه، ولمّا شعروا أنّه لا ينفعه النُّصح، انفجرت ثورتهم عليه، ولم تخمد إلاّ بقتله في عقر داره.

قُتل الخليفة بمرأى ومشهد من الصحابة، وتركت جنازته في بيته حتّى اجتمع المهاجرون والأنصار في بيت علي، وطلبوا منه قبول الخلافة، فلمّا عرضوا عليه مسألة القيادة الإسلامية، أعرض عن قبولها، وقال بجد وحماس: «دعوني والتمسوا غيري، فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان، لا تقوم له القلوب ولا تثبت له العقول» . (١)

غير أنّ القوم ألحّوا عليه، فقال الإمام: «إذا كان لابد من البيعة، فلنخرج إلى المسجد حتّى تكون بمرأى ومسمع من الناس»، فجاء المسجد، فبايعه المهاجرون والأنصار، في مقدّمتهم:

الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، ولم يتخلّف من البيعة إلاّ قليل، لا يتجاوز عدد الأنامل، كأُسامة بن زيد، وعبد الله بن عمر، وسعد بن أبي وقاص.

____________________

(١) نهج البلاغة: ١٨١، الخطبة ٩٢، ط عبده.

١٢١

ولم يكن هدف المبايعين إلاّ إرجاع الأُمّة إلى عصر الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ليقضى على الترف والبذخ. ولمّا تمَّت البيعة، خطبهم في اليوم الثاني، وبيّن الخطوط العريضة للسياسة الّتي ينوي الالتزام بها طيلة ممارسته للخلافة، فقال في قطايع عثمان الّتي قطعها الخليفة لأقربائه وحاشيته: «والله لو وجدته قد تُزوّج به النساء وملك به الإماء، لرددته، فإنّ في العدل سعة، ومن ضاق عليه العدل، فالجور عليه أضيق». (١)

قال الكلبي: ثُمَّ أمر عليّ (عليه السّلام) بكلّ سلاح وجد لعثمان في داره ممّا تقوّى به على المسلمين، فقُبض، وأمر بقبض نجائب كانت في داره من إبل الصدقة، فقُبضت، وأمر بقبض سيفه ودرعه، وأمر ألاّ يعرض لسلاح وُجد له لم يقاتل به المسلمين، وبالكفِّ عن جميع أمواله الّتي وجدت في داره وفي غير داره، وأمر أن تُرتجع الأموال الّتي أجاز بها عثمان حيث أُصيبت أو أُصيب أصحابها.

فبلغ ذلك عمرو بن العاص، وكان بـ (إيلة) في أرض الشام، أتاها حيث وثب الناس على عثمان، فكتب إلى معاوية: ما كنتَ صانعاً فاصنع، إذ قشرك ابن أبي طالب من كل مال تملكه، كما تُقشر عن العصا لحاها. (٢)

ما مارسه الإمام لتحقيق المساواة، من خلال رد قطائع عثمان، كان جَرس إنذار في أسماع عَبَدة الدنيا؛ حيث وقفوا على أنّ علياً لا يساومهم بالباطل على الباطل، ولا يتنازل عن الحق لصالح خلافته، فبدأوا يتآمرون على خلافته الفتيّة في نفس المدينة المنوَّرة وفي مكّة المكرّمة والشامات.

____________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ١٥.

(٢) شرح نهج البلاغة: ١/٢٧٠.

١٢٢

قتال الناكثين:

فأوّل من رفع راية الخلاف الشيخان الزبير وطلحة، فنكثا بيعة الإمام وتبعهما طوائف من الناس، فخرجا من المدينة بنيّة العمرة، وهما يحتالان للخروج على الإمام، وقد وصل في ذلك الظرف القاسي كتاب معاوية يدعوهما إلى نكث البيعة (١) ، وأنّ أهل الشام بايعا لهما إمامين مترتبين، فاغترا بالكتاب.

ولمّا اطّلع يعلى بن أُميّة على نيّة طلحة والزبير، أعطى الشيخين أربعمائة ألف درهم وكراعاً وسلاحاً، وبعث إلى عائشة بالجمل المسمّى عسكراً، وقد اشتراه باليمن بمائتي دينار، فأتى القوم البصرة، فزحف إليهم عثمان بن حنيف والي البصرة من قبل عليّ، فمانعهم، وجرى بينهم قتال، فلمّا كان في بعض الليالي بيَّتوا عثمان بن حنيف، فأسّروه وضربوه ونتفوا لحيته، فلمّا أرادوا بيت المال، مانعهم الخزّان والموكّلون، إلى أن استولوا عليها بعد حرب طاحنة.

ولمّا وقف الإمام على خروجهم من مكّة متوجّهين إلى البصرة، خرج من المدينة في سبعمائة راكب؛ منهم أربعمائة من المهاجرين والأنصار، منهم سبعون بدرياً وباقيهم من الصحابة، فلمّا تقابل الفريقان، نشبت بينهما حرب طاحنة، قُتل على أثرها طلحة والزبير، ووضعت الحرب أوزارها لصالح عليّ. وكانت الوقعة لعشر خلون من جمادى الآخرة. وقد قُتل فيها من أصحاب عليّ خمسة آلاف، ومن أصحاب الجمل ١٣ ألف رجل، وانتهت بذلك فتنة الناكثين.

____________________

(١) شرح نهج البلاغة: ١/٢٠١.

١٢٣

قتال القاسطين:

ولمّا وقف معاوية على أنّ مؤامراته ضد عليّ أُحبطت، وأنّ الشيخين قُتلا في المعركة، واستتب الأمر للإمام، أخذ القلق يساوره، فلمّا قدم النعمان بن بشير بكتاب زوجة عثمان وقميصه المخضّب بالدم إلى معاوية، قرأ معاوية الكتاب، ثُمَّ صعد المنبر وجمع الناس، ونشر عليهم القميص، وذكر ما صنعوا بعثمان، فبكى الناس وشهقوا؛ حتّى كادت نفوسهم أن تزهق، ثم دعاهم إلى الطلب بدمه، فقام إليه أهل الشام، فقالوا: هو ابنُ عمِّك وأنت وليه، ونحن الطالبون معك بدمه... فبايعوه أميراً، وبعث الرُّسل إلى كور الشام، حتّى بايعه الشاميّون قاطبة، إلاّ من عصمه الله. (١)

ولمّا اطّلع الإمام على استعداد معاوية للحرب، قام خطيباً على منبره، فحمد الله وأثنى عليه، ثُمَّ قال: «سيروا إلى أعداء الله، سيروا إلى أعداء السُّنن والقرآن، سيروا إلى بقيّة الأحزاب، قتلة المهاجرين والأنصار». (٢)

يقول المسعودي: كان مسير عليّ (عليه السّلام) من الكوفة إلى صفّين لخمس خلون من شوّال سنة ست وثلاثين، واستخلف على الكوفة أبا مسعود، عقبة بن عمرو الأنصاري، فاجتاز في مسيره بالمدائن، ثُمَّ أتى الأنبار حتّى نزل الرقة، فعقد له هنالك جسر، فعبر إلى جانب الشام، وقد اُختلف في مقدار من كان معه من الجيش، والمتّفق عليه من قول الجميع تسعون ألفاً.

____________________

(١) الكامل في التاريخ: ٣/١٤١.

(٢) وقعة صفّين: ٩٢ - ٩٣.

١٢٤

وسار معاوية من الشام إلى جانب صفّين، وقد اُختلف في مقدار من كان معه، والمتّفق عليه من قول الجميع خمسة وثمانون ألفاً. (١)

أصبح عليّ يوم الأربعاء، وكان أوّل يوم من شهر صفر، فعبّأ الجيش وأخرج الأشتر أمامه، فأخرج إليه معاوية، حبيب بن مسلمة الفهري،وكان بينهما قتال شديد، وأسفر عن قتلى بين الفريقين جميعاً.

امتدت الحرب كلَّ يوم إلى عاشر ربيع الأوّل عام سبعة وثلاثين، وكان النصر حليفه في كلِّ يوم، إلى أن لم يبق للعدو إلاّ النفس الأخير.

فلمّا أحسّ معاوية وعمرو بن العاص الهزيمة النكراء، التجأوا إلى خديعة نادرة، حيث أمروا بالقُرّاء أن يربطوا مصاحفهم برباط، واستقبلوا عليّاً بخمسمائة مصحف منادين: يا معشر العرب، الله الله في نسائكم وبناتكم، فمن للروم والأتراك وأهل فارس غداً إذا فنيتم؟، الله الله في دينكم!، هذا كتاب الله بيننا وبينكم!

فقال عليّ: «اللّهم إنّك تعلم أنّهم ما الكتاب يريدون، فاحكم بيننا وبينهم، إنّك أنت الحكيم الحق المبين». فاختلف أصحاب عليّ في الرَّأي. فطائفة قالت: القتال، وطائفة قالت: المحاكمة إلى الكتاب، ولا يحلّ لنا الحرب وقد دُعينا إلى حكم الكتاب، فعند ذلك بطلت الحرب ووضعت أوزارها.

وقد أثّرت تلك المكيدة في همم كثير من جيش عليّ (عليه السّلام)؛ حيث زعموا أنّ

____________________

(١) مروج الذهب: ٣/١٢١.

١٢٥

اللجوء إلى القرآن لأجل طلب الحق، ولم يقفوا على أنّها مؤامرة ابن النابغة وقد تعلّم منه ابن أبي سفيان، وأنّها كلمة حق يراد بها باطل، وأنّ الغاية القصوى منها، إيجاد الشقاق والنفاق في جيش عليّ وتثبيط هممهم؛ حتّى تخمد نار الحرب الّتي كادت أن تنتهي لصالح عليّ وجيشه، وهزيمة معاوية وناصريه.

ولكنّ الذريعة كانت قد وجدت لها طريقاً في جيش العراق، حتّى سُمع من كلِّ جانب الموادعة إلى الصلح والتنازل لحكم القرآن، فلمّا رأى عليّ (عليه السّلام) تلك المكيدة، وتأثيرها في السذّج من جيشهن قام خطيباً، وقال:

«أيّها الناس إنّي أحق من أجاب إلى كتاب الله، ولكنّ معاوية، وعمرو بن العاص، وابن أبي معيط، وحبيب بن مسلمة، وابن أبي سرح؛ ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، إنّي أعرف بهم منكم؛ صحبتهم أطفالاً وصحبتهم رجالاً، فكانوا شرّ أطفال وشرّ رجال، إنّها كلمة حق يراد بها باطل، إنّهم والله ما رفعوها لأنّهم يعرفونها ويعملون بها، ولكنّها الخديعة والمكيدة، أعيروني سواعدكم وجماجمكم ساعة واحدة، فقد بلغ الحق مقطعه، ولم يبق إلاّ أن يقطع دابر الّذين ظلموا». (١)

وقد كان لخطاب عليّ أثر إيجابي في قلوب المؤمنين الواعين؛ حيث أدركوا ماذا خلف الكواليس من مؤامرات وفِتن، وحجبت البساطة فهم ذلك على قلوب القشريّين من أهل البادية، الّذين ينخدعون بظواهر الأُمور، ولا يتعمّقون ببواطنها، ففوجئ عليّ (عليه السّلام) بمجيء زهاء عشرين ألفاً، مقنّعين في الحديد، شاكين سيوفهم، وقد اسودّت جباههم من السجود، يتقدّمهم مسعر بن

____________________

(١) وقعة صفين: ٥٦٠، تاريخ الطبري: ٤/٣٤ - ٣٥.

١٢٦

فدكي، وزيد بن حصين، وعصابة من القرّاء الّذين صاروا خوارج من بعد، فنادوه باسمه، لا بإمرة المؤمنين، وقالوا: يا عليّ، أجب القوم إلى كتاب الله إذا دُعيت، وإلاّ قتلناك كما قتلنا ابن عفّان، فو الله لنفعلنّها إن لم تجبهم.

فقال الإمام لهم: «ويحكم، أنا أوّل من دعا إلى كتاب الله، وأوّل من أجاب إليه، وليس يحلُّ لي، ولا يسعني في ديني، أن أُدعى إلى كتاب الله فلا أقبله، إنّي إنّما قاتلتهم ليدينوا بحكم القرآن، فإنّهم قد عصوا الله فيما أمرهم، ونقضوا عهده، ونبذوا كتابه، ولكنّي قد أعلمتكم أنّهم قد كادوكم، وأنّهم ليسوا العمل بالقرآن يريدون»، قالوا: فابعث إلى الاشتر ليأتينّك، وقد كان الأشتر صبيحة ليلة الهرير قد أشرف على عسكر معاوية ليدخله.

فلم يجد عليّ (عليه السّلام) بدّاً من بعث رسول إلى الأشتر ليأتيه، فأرسل إليه عليّ، يزيد بن هاني أن ائتني، فأتاه، فأبلغه، فقال الأشتر: ائته فقل له: ليس هذه بالسَّاعة الّتي ينبغي لك أن تزيلني عن موقفي؛ إنّي قد رجوت الفتح فلا تعجلني، فرجع يزيد بن هاني إلى عليّ (عليه السّلام) فأخبره، فما هو إلاّ أن عَلَت الأصوات من قبل الأشتر، وظهرت دلائل الفتح والنصر لأهل العراق، ودلائل الخذلان والإدبار لأهل الشام، فقال القوم لعليّ (عليه السّلام): والله ما نراك أمرته إلاّ بالقتال، قال عليّ (عليه السّلام): «أرأيتموني ساررت رسولي إليه؟، أليس إنّما كلّمته على رؤوسكم علانية وأنتم تسمعون؟» ، قالوا: فابعث إليه فليأتك، وإلاّ فو الله اعتزلناك، فقال الإمام: «ويحك يا يزيد، قل له أقبل، فإنّ الفتنة قد وقعت»، فأتاه فأخبره.

فقال الأشتر: أبرفع هذه المصاحف؟، قال: نعم، قال: أما والله لقد ظننت أنّها حين رفعت ستوقع خلافاً وفرقة، إنّها من مشورة ابن النابغة، ثُمَّ قال ليزيد

١٢٧

ابن هاني: ويحك ألا ترى إلى الفتح؟، ألا ترى إلى الّذي يصنع الله لنا؟، أينبغي أن ندع هذا وننصرف له؟!

فقال له يزيد: أتُحبُّ أنّك ظفرت هاهنا، وأنّ أمير المؤمنين بمكانه الّذي هو به يُفرج عنه، ويسلّم إلى عدوّه؟، قال: سبحان الله، لا والله، لا أحبّ ذلك، قال: فإنّهم قد قالوا له، وحلفوا عليه: لتُرسِلنّ إلى الأشتر فليأتينّك، أو لنقتلنّك بأسيافنا كما قتلنا عثمان، أو لسنلّمنّك إلى عدوّك.

فأقبل الأشتر حتّى انتهى إليهم، فصاح: يا أهل الذلّ والوهن، أحين علوتم القوم، وظنّوا أنّكم قاهرون، رفعوا المصاحف يدعونكم إلى ما فيها؟، وقد والله تركوا ما أمر الله به فيها، وتركوا سنّة من أنزلت عليه، أمهلوني فواقاً، فإنّي قد أحسست بالفتح؟

قالوا: لا نُمهلك، فقال: أمهلوني عدوة الفرس، فإنّي قد طمعت في النصر؟، قالوا: إذاً ندخل معك في خطيئتك.

قد أثرّت مكيدة رفع القرآن فوق الرماح إلى حدٍّ لم يجد الإمام بدّاً من إيقاف الحرب وتسليم الأمر إلى حكم القوم كُرهاً، إلى أن انتهى الأمر ببعث عليّ قرّاء أهل العراق، وبعث معاوية قرّاء أهل الشام، إلى الاجتماع بين الصفّين، وأجمعوا على أن يحيوا ما أحيا القرآن، وأن يُميتوا ما أمات القرآن، ثمَُّ رجع كلّ فريق إلى أصحابه وقال الناس: رضينا بحكم القرآن.

ففرضوا على عليّ (عليه السّلام) أن يبعث أبا موسى الأشعري من جانبه، وأن يبعث معاوية من أراد؛ حتّى يدَّارسوا حكم القرآن في دومة الجندل، فكتبوا في ذلك صحيفة اتفاق مذكورة في التاريخ. وجاء في آخر الاتّفاق، أنّ اللاّزم على

١٢٨

الحكمين الإدلاء برأيهما إلى انقضاء موسم الحجّ من عام ٣٧هـ، وكتبت الاتفاقيّة لثلاثة عشر بقيت من شهر صفر لسنة ٣٧. (١)

نشوء الخوارج بمخالفتهم لمبدأ التحكيم:

ثُمَّ لمّا تمّ الاتّفاق بإمضاء عليّ ومعاوية، وشهد بالكتاب من أصحاب الطرفين أكابرهما، ندمت الزمرة الّتي فرضت على عليّ إيقاف الحرب والتسليم برأي الحكمين، فحاولوا أن يفرضوا على عليّ نقض العهد، قائلين: بأنّ عملنا هذه يخالف قوله سبحانه: ( إِنِ الْحُكْمُ إِلّا للّهِ ) !!، فقال عليّ (عليه السّلام):

«أبعد الرضا والميثاق والعهد نرجع؟!؛ أو ليس الله تعالى قال: ( أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ) ، وقال: ( وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتّمْ وَلاَ تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ ) ؟!»، فأبى عليّ أن يرجع، وأبى هؤلاء إلاّ تضليل التحكيم والطعن فيه.

جاءت عصابة من قرّاء العراق، وقد سلّوا سيوفهم واضعيها على عواتقهم، فقالوا: يا أمير المؤمنين، ما ننتظر بهؤلاء القوم أنّ نمشي إليهم بسيوفنا حتّى يحكم الله بيننا وبينهم بالحق.

فقال لهم عليّ (عليه السّلام): «قد جعلنا حكم القرآن بيننا وبينهم، ولا يحلّ قتالهم حتّى ننظر بما يحكم القرآن». (٢)

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٤/٥٢.

(٢) وقعة صفّين: ٥٦٩.

١٢٩

انسحاب عليّ إلى الكوفة:

لمّا تمّت الاتفاقيّة، وشهد عليها شهود، وقرئت على الناس، انسحب معاوية إلى الشام، وتوجّه الإمام نحو الكوفة مع جيشه وأصحابه، ورافقه المعترضون على التحكيم؛ الّذين عرفوا بالمحكّمة، فدخل الإمام الكوفة؛ دار هجرته، وامتنعت المحكّمة عن الدخول، وذهبوا إلى قرية (حروراء)، كما ذهب قسم منهم إلى معسكر نخيلة؛ اعتراضاً على علي وحكمه. وقد أعربوا بعملهم هذا أنّهم متخلّفون عنه، وعن أوامره، وخارجون عن طاعته، ولقد كان لهم ألوان متفاوتة في مخالفتهم، ولكن الجميع يشتركون في كونها ردود فعل لِمَا آل له التحكيم، ونذكر أبرزها:

١ - التظاهر ضد عليّ (عليه السّلام) بقولهم: «لا حكم إلاّ لله» في المسجد وخارجه، خصوصاً عند قيام الإمام بإلقاء الخُطب.

٢ - تكفير عليّ (عليه السّلام) وأصحابه الّذين وفوا بالميثاق.

٣ - تأمين أهل الكتاب، وإرهاب المسلمين، وقتل الأبرياء.

ولكن الإمام (عليه السّلام) قابلهم بالحنان والشفقة، ومن نماذج عطفه، ما رواه الطبري: إنّه قام عليّ في الناس يخطبهم ذات يوم، فقال رجل من جانب المسجد: لا حكم إلاّ لله، وقام آخر فقال مثل ذلك، ثمَُّ توالى عدّة رجال يحكمون!!

فقال عليّ: «الله أكبر كلمة حقّ يراد بها باطل، أما إنّ لكم عندنا ثلاثاً ما صحبتمونا: لا نمنعكم مساجد الله أن تذكروا فيها اسمه، ولا نمنعكم الفيء ما

١٣٠

دامت أيديكم مع أيدينا، ولا نقاتلكم حتّى تبدؤنا». ثُمَّ رجع إلى مكانه الّذي كان من خطبته. (١)

نهاية التحكيم:

صالح الإمام (عليه السلام) معاوية، وأوكل الأمر إلى الحكمين؛ ليرفعا ما رفع القرآن ويخفضا ما خفض القرآن، ولكن اتّفق الحكمان سرّاً على أن يخلعا علياً ومعاوية عن الحكم؛ حتّى يولّي المسلمون بأنفسهم والياً، ولمّا أرادا الإدلاء برأيهما، خدع عمرو بن العاص أبا موسى الأشعري، فقال له: تقدّم وأدلي برأيك، فقال: يا أيّها الناس، إنّا قد نظرنا في أمر هذه الأُمّة، فلم نر أصلح لأمرها، ولا ألمّ لشعثها، من أمر قد جمع رأيي ورأي عمرو عليه، وهو أن نخلع عليّاً ومعاوية، وتستقبل هذه الأُمّة الأمر، فيولّوا منهم من أحبّوا عليهم، وإنّي قد خلعت عليّاً ومعاوية، فاستقبلوا أمركم وولّوا عليكم من رأيتموه لهذا الأمر أهلاً.

ثُمَّ تنحّى، وأقبل عمرو بن العاص فقام مقامه. فحمد الله وأثنى عليه، وقال: إنّ هذا قد قال ما سمعتم وخلع صاحبه، وأنا أخلع صاحبه كما خلعه، وأثبتُ صاحبي معاوية؛ فإنّه وليُّ عثمان بن عفَّان والطالب بدمه وأحقّ الناس بمقامه.

فقال أبو موسى: مالك لا وفّقك الله غدرت وفجرت، إنّما مثلك مثل الكلب؛ إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث.

قال عمرو: إنّ مثلك مثل الحمار يحمل أسفاراً.

فلمّا بلغ علياً ما جرى بين الحكمين، من الحكم على خلاف كتاب الله

____________________

(١) تاريخ الطبري: ٤/٥٣.

١٣١

وسنّة رسوله، وغدر عمرو بن العاص، وانخداع أبي موسى، قام خطيباً رافضاً ما حكم به الحكمان الجائران، وقال:

«ألاّ إنّ هذين الرجلين اللّذين اخترتموهما حكمين، قد نبذا حكم القرآن وراء ظهورهما، وأحييا ما أمات القرآن، واتّبع كلّ واحد منهما هواه بغير هدى من الله، فبرئ الله منهما ورسوله وصالح المؤمنين، استعدّوا وتأهّبوا للمسير إلى الشام وأصبحوا في معسكركم إن شاء الله». وقد لبّى دعوة عليّ من البصرة وحوالي الكوفة جمعٌ كثير، وقد اجتمع تحت رايته ثمانية وستون ألفاً ومائتا رجل، واستعد للمسير إلى الشام.

وكان الإمام على أهبة الخروج، فجاءته الأخبار عن الصّفحة الشنيعة للخوارج الّذين كانوا مجتمعين في النهروان، فألحّ الواعون من كبار قؤّاده على مناجزة هؤلاء، ثُمَّ المسير إلى الشام.

وصلت الأخبار إلى عليّ أنّهم يعترضون الطريق، وقد قتلوا عبد الله بن خباب وامرأته، وهي حبلى متم. فخرج الإمام مع جيشه حتّى بلغ جانب النهر، ووقف عليه، فخاطبهم بقوله: «ألم تعلموا أنّي نهيتكم عن الحكومة، وأخبرتكم أنّ طلب القوم إيّاها منكم دهن ومكيدة لكم، ونبّأتكم أنّ القوم ليسوا بأصحاب دين ولا قرآن، فعصيتموني، حتّى إذا أقررت بأن حكمت، فلمّا فعلت شرطت واستوثقت، فأخذت على الحكمين أن يحييا ما أحيا القرآن، وأن يميتا ما أمات القرآن، فاختلفا وخالفا حكم الكتاب والسنّة، فنبذنا أمرهما ونحن على أمرنا الأوّل».

ولمّا أتمّ الإمام الحجَّة عليهم، ورأى أنّ آخر الدواء الكي، عبّأ

١٣٢

الناس لقتالهم، وانتهت الحرب لصالح عليّ، وإبادة الخوارج.

كانت الخوارج من أهل القبلة، ومن أهل الصلاة والعبادة، وكان الناس يستصغرون عبادتهم عند صلواتهم، فلم يكن قتالهم واستئصالهم أمراً هيّناً، ولم يكن يجترئ عليه غير عليّ (عليه السّلام)؛ ولأجل ذلك قام بعد قتالهم، فقال: «أمّا بعد، حمد الله والثناء عليه، أيّها الناس فإنّي قد فقأت عين الفتنة، ولم يكن ليجترئ عليها أحد غيري، بعد أن ماج غيهبها، واشتدّ كلبها». (١)

ومع ذلك فللإمام كلمة في حق الخوارج بعد القضاء عليهم، قال: «لا تقاتلوا الخوارج بعدي، فليس من طلب الحق فأخطأه، كمن طلب الباطل فأدركه». (٢)

تنبّؤ الإمام في حرب النهروان:

قال المبرد: لمّا وافقهم عليّ (عليه السّلام) بالنهروان، قال: «لا تبدوهم بقتال حتّى يبدأوكم». فحمل منهم رجل على صف عليّ (عليه السّلام)، فقتل منهم ثلاثة، فخرج إليه علي،ّ فضربه فقتله، ومال ألف منهم إلى جهة أبي أيوب الأنصاري، وكان على ميمنة عليّ، فقال عليّ (عليه السّلام) لأصحابه: «احملوا عليهم، فو الله لا يقتل منكم عشرة، ولا يسلم منهم عشرة». فحمل عليهم فطحنهم طحناً، قتل من أصحابه (عليه السّلام) تسعة، وأفلت من الخوارج ثمانية. (٣)

____________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ٩٣.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ٦٠.

(٣) الكامل: ٢/١٣٩ - ١٤٠.

١٣٣

تنبّؤ آخر:

لمّا قُتل الخوارج وأفلت منهم من أفلت، قال بعض أصحاب الإمام: يا أمير المؤمنين: هلك القوم بأجمعهم.

فقال: «كلاّ، والله إنّهم نطف في أصلاب الرجال وقرارات النساء، كلّما نجم منهم قرن قُطع، حتّى يكون آخرهم لصوصاً سلاّبين». (١)

ذكر المؤرّخون قضايا وحوادث تعرب عن أنّ القوم صاروا بعد ذلك لصوصاً سلاّبين، فإنّ دعوة الخوارج اضمحلّت، ورجالها فنيت، حتّى أفضى الأمر إلى أن صار خلفهم قطّاع طرق، متظاهرين بالفسوق والفساد في الأرض.

لقد كانت حرب الإمام في النهروان، حرباً طاحنة، قُتل رجال العيث والفساد، واستأصل شأفتهم، وقضى على رؤوسهم، ولكن لم يكن الخوارج كلّهم متواجدين فيها، بل كانوا متفرّقين في البصرة، ونقاط مختلفة من العراق، فقاموا بانتفاضات ضد عليّ (عليه السّلام) وعمّاله، وكانت الحسرة والخيبة نصيبهم، ولا داعي إلى سردها توخّياً للإيجاز.

الأُصول الفكرية للخوارج:

كانت الخوارج على رأي واحد إلى عصر عبد الله بن الزبير عام ٦٤هـ، وكانت آراؤهم تنحصر في أُصول بسيطة، تتلخّص في:

____________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ٥٩.

١٣٤

١ - تكفير مرتكب الكبيرة.

٢ - إنكار مبدأ التحكيم.

٣ - تكفير عثمان، وعلي، ومعاوية، وطلحة، والزبير، ومن سار على دربهم ورضي بأعمال عثمان وتحكيم عليّ. على هذه الأُصول نشأوا إلى عهد ابن الزبير.

قال الكعبي: إنّ الّذي يجمع الخوارج إكفار عليّ وعثمان والحكمين وأصحاب الجمل، وكلّ من رضي بتحكيم الحكمين، والخروج على الإمام الجائر، وإكفار من ارتكب الذنوب. (١)

وقال الأشعري: أجمعت الخوارج على إكفار عليّ بن أبي طالب؛ لأنّه حكّم، وهم مختلفون هل كفره شرك أم لا؟، وأجمعوا على أنّ كلّ كبيرة كفرن إلاّ النجدات، فإنّها لا تقول بذلك، وأجمعوا على أنّ الله سبحانه يعذّب أصحاب الكبائر عذاباً دائماً، إلاّ النجدات. (٢)

وما ذكره من الاستثناء، دليل على أنّ أكثر هذه الأُصول برزت بينهم في العصر الزبيري وما بعده، لا في عهد الإمام عليّ، ولا في عهد معاوية.

فرق الخوارج:

وقد ظهر ممّا ذكرنا، أنّ الخوارج حركة سياسيّة ظهرت على الساحة

____________________

(١) الفَرق بين الفِرق: ١/٧٣، نقلاً عن الكعبي.

(٢) مقالات الإسلاميين: ١/٨٦.

١٣٥

التاريخيّة، ولم يكن لها جذور كلاميّة، خلافاً لسائر الفِرق؛ ولذلك نرى أنّهم افترقوا إلى فرق مختلفة لفوارق بسيطة، وبما أنّ فرق الخوارج قد بادت كافّة، ولم يبق لها إلاّ فِرقة واحدة - أعني: الإباضيّة، نقتصر على ذكر أسماء الفِرق، ثُمَّ نعرِّج على الفِرقة الباقية (الإباضيّة):

١ - الأزارقة، وهم أتباع نافع بن الأزرق، المقتول سنة ٦٥هـ.

٢ - النجديّة، وهم أتباع نجدة بن عامر الحنفي.

٣ - البيهسيّة، وهم أتباع أبي بيهس، واسمه هيثم بن جابر، طلبه الحجاج أيام الوليد، فهرب إلى المدينة. قتله واليها عثمان بن حيان المزني بأمر الوليد. (١)

٤ - الصفريّة، والمعروف أنّهم أتباع ابن صفار، وذهب الأشعري والشهرستاني إلى أنّهم من أتباع زياد بن أصفر.

هذه هي الفِرق البائدة، والفِرقة الباقية هي الإباضيّة، الّتي تقطن اليوم في نواحي من عُمان وزنجبار وشمال إفريقيا، وهم أتباع عبد الله بن إباض التميمي، وقد عاصر معاوية، وعاش إلى أواخر أيام عبد الملك بن مروان، وهم يفترقون عن سائر الفِرق؛ حيث إنّ مرتكب الكبيرة عند عامّة الفِرق كافر حقيقة، ولكن الإباضيّة ذهبوا إلى أنّ المراد من الكفر هو الكفر بالنعم، نظير قوله سبحانه: ( وَللّهِ‏ِ عَلَى النّاسِ حِجّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنّ اللّهَ غَنِيّ عَنِ الْعَالَمِينَ ) (٢) .

____________________

(١) الملل والنحل: ١/١٢٥.

(٢) آل عمران: ٩٧.

١٣٦

ثُمَّ إنّ كتّاب الإباضية في العصر الحاضر وما قبله، يتحرّجون من أن يُعدّوا من فِرق الخوارج، وإن كانوا يتّفقون معهم في بعض المبادئ، ولكن يخالفونهم في كثير من المبادئ والعقائد، ويعتقدون أنّه مذهب نجم في أواخر القرن الأوّل، بيد مؤسسه عبد الله بن إباض وجابر بن زيد العُماني، فكان الأوّل قائداً مخطّطاً، والثاني قائداً دينياً.

يقولون: إنّ الخوارج هم المتطرفون كالأزارقة، الّذين كانوا يكفّرون المسلمين ويعدّونهم مشركين، ويستبيحون أموالهم ويستحيون نساءهم، وأمّا غيرهم، الّذين لا يعتنقون هذا المبدأ وما شابهه، فليسوا من الخوارج.

وقد بذلت الإباضيّة في العصور الأخيرة جهوداً في سبيل تنزيههم عن الانتساب إلى هذه الطائفة.

وأمّا عقائد الإباضيّة وأُصولهم، فلا تتجاوز الثمانية:

١ - تخطئة التحكيم، أي إدلاء الأمر إلى الحكمين في حرب صفّين، بعد رفع المصاحف فوق الرماح. وهذا الأصل يتّفق فيه عامّة فِرق الخوارج، ويتميّزوا به عن كافة فرق المسلمين.

٢ - عدم اشتراط القرشيّة في الإمام.

٣ - صفات الله ليست زائدة على ذاته.

٤ - امتناع رؤية الله في الآخرة.

٥ - القرآن حادث غير قديم.

وفي هذه الأُصول الثلاثة الأخيرة يتّفقون مع العدليّة المعتزلة والإماميّة،

١٣٧

وهي أُصول مشرقة في مذهب الإباضية،وإن كان المتأخّرون منهم لا يُولُون لها أهمية.

٦ - الشفاعة دخول الجنّة بسرعة.

٧ - مرتكب الكبيرة كافر نعمة، لا كافر ملة.

٨ - التولّي، والتبرّي، والوقوف.

قد اتّخذ الإباضيّون (التولّي) و(التبرّي) نحلة، ولهما أصل في الكتاب والسنّة، وهما ممّا يعتنقه كلّ مسلم إجمالاً، ولكن التفسير الإباضي لهذين المفهومين، يختلف تماماً مع تفسير الجمهور.

آراء الإباضيّة في الصحابة:

المعروف بين كتّاب الفِرق، أنّ الإباضيّة يحبّون الشّيخين ويبغضون الصهرين، غير أنّ كتّاب الإباضيّة في هذا العصر، ينكرون هذه النسبة، ويقولون: إنّ الدعاية الّتي سلّطها المغرضون على الإباضيّة، نبذتهم بهذه الفِرية، وذهب علي يحيى معمّر في نقد النسبة وتزييفها، إلى نقل الكلمات الّتي فيها الثّناء البالغ على الصّهرين، ينقل عن أبي حفص؛ عمرو بن عيسى، قوله:

وعـلى الـهادي صلاة نشرها

عـنبر مـا خـبّ ساع ورمل

وســلام يـتـوالى وعـلـى

آلـه والصحب ما الغيث هطل

سيّما الصدّيق والفاروق والجامع

الـقـرآن والـشـهم الـبطل

وينقل عن ديوان البدر التلاتي ما يلي:

١٣٨

بـنت الـرسول زوجها وابناها

أهـل لـبيت قـد فـشا سناها

رضـى الإلـه يـطلب التلاتي

لـهم جـميعاً ولـمن عناها (١)

نحن نرحِّب بهذا الودِّ الّذي أمر الله سبحانه به في كتابه بالنسبة إلى العترة الطاهرة؛ إذ قال: ( قُل لاَ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلّا الْمَوَدّةَ فِي الْقُرْبَى ) (٢) .

ولكن لا يمكننا التجاهل بأنّهم يحبّون المحكِّمة الأُولى، ويعتبرونهم أئمة، وهم قُتلوا بسيف عليّ!. وهل يمكن الجمع بين الحبّيَن والودّيَن؟!، وقد قال الله سبحانه: ( مّا جَعَلَ اللّهُ لِرَجُلٍ مِن قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ ) (٣) ، وهل يجتمع حب عليّ وودّه، وحب من كان يكفّر علياً ويطلب منه التوبة؟!، كيف وهؤلاء هم الّذين قلّبوا له ظهر المجن، وضعّفوا أركان حكومته الراشدة؟!

الفتاوى الشّاذة من الكتاب والسنّة:

المذهب الإباضي يدّعي أنّه يعتمد في أُصوله على الكتاب والسنّة، ويتّفق في كثير من أُصوله وفروعه مع مذاهب أهل السنّة، ولا يختلف معها إلاّ في مسائل قليلة.

وما كان اعتماد المذهب الإباضي على الكتاب والسنّة، وعدم تباعده عن مذاهب السنّة، إلاّ لأنّ مؤسّسه، جابر بن زيد، قد أخذ عن الصحابة الّذين أخذ عنهم

____________________

(١) الإباضيّة بين الفِرق الإسلاميّة: ٢/٥٠.

(٢) الشورى: ٢٣.

(٣) الأحزاب: ٤.

١٣٩

أصحاب هذه المذاهب، من الحنفيّة والشّافعيّة والمالكيّة والحنابلة، بل إنّه يمتاز عن أصحاب هذه المذاهب في أنّه أخذ عن الصحابة مباشرة، بينما هم لم يأخذوا في معظمهم إلاّ من التابعين.

كما أنّ الأحاديث الّتي جمعها هو وغيره من علماء وفقهاء وجَمّاع الأحاديث من الإباضيّة؛ كالرّبيع بن حبيب وغيره، ليست إلاّ أحاديث وردت في البخاري ومسلم وغيرهم من أئمة الحديث؛ كأبي داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، والدار قطني، والطبراني، والبيهقي، وغيرهم من أهل السنّة.

إنّ الإباضيّة لا يعترفون بالتقليد فيما يأخذون أو يدّعون، حتّى لفقهائهم أنفسهم، والمشهور عنهم، أنّهم يقولون: إنّهم رجال تقييد لا تقليد؛ أي أنّهم يتقيّدون بالكتاب والسنّة، وبما تقيّد والتزم به السلف الصالح، ولا يقلّدون أصحاب المذاهب أو أصحاب الأقوال، إلاّ إذا كانت أقوالهم موافقة للكتاب والسنّة.

وقد حاز العقل في المذهب الإباضي على أهميّة واسعة، وهو عندهم حجّة؛ كالكتاب والسنّة، وليس ذلك أمراً خفيّاً على من سبر كتبهم العقائديّة والفقهيّة، وقد اشتهر عنهم، لا سيّما في القرون الأُولى، بإغناء العقل عن السمع في أوّل التكليف.

وهذا النوع من الاعتماد على العقل، يُعدّ نوع مغالاة في القول بحجّيته، ولأجل هذا التطرف، نجد أنّ لهم فتاوى فقهيّة شاذّة، لا توافق الكتاب والسنّة؛ وإليك نماذج منها:

١ - قد بلغت السماحة وحب السلام أنّ فقهاءهم فضّلوا الصلح بين

١٤٠

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

181

182

183

184

185

186

187

188

189

190

191

192

193

194

195

196

197

198

199

200

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

(الاول): في الانساب.

ومراتبهم ثلاث: (الاولى): الآباء والاولاد: لا لاب يرث المال إذا انفرد.

والام الثلث والباقي بالرد.

ولو اجتمعا فللام الثلث وللاب الباقي.

ولو كان له أخوة كان لها السدس.

ولو شاركهما زوج او زوجة، فللزوج النصف، وللزوجة الربع.

وللام ثلث الاصل إذا لم يكن حاجب والباقي للاب، ولو كان لها حاجب كان لها السدس.

ولو انفرد الابن فالمال له.

ولو كانوا أكثر اشتركوا بالسوية.

ولو كانوا ذكرانا وإناثا فللذكر سهمان، وللانثى سهم.

ولو اجتمع معهما الابوان فلهما السدسان والباقي للاولاد ذكرانا كانوا او اناثا او ذكرانا وإناثا ولو كانت بنت فلها النصف وللابوين السدسان، والباقي يرد أخماسا.

ولوكان من يحجب الام ردعلى الاب والبنت أرباعا.

ولو كانت بنتان فصاعدا فللابوين: السدسان، وللبنتين او البنات: الثلثان بالسوية.

ولو كان معهما او معهن أحد الابوين كان له: السدس، ولهما اولهن: الثلثان والباقي يرد أخماسا.

ولو كان مع البنت والابوين زوج او زوجة كان للزوج: الربع، وللزوجة الثمن، وللابوين: السدسان، والباقي للبنت.

وحيث يفضل عن النصف يرد الزائد عليها وعلى الابوين أخماسا.

ولو كان من يحجب الام رددناه على البنت والاب أرباعا.

ويلحق مسائل: (الاولى): الاولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل فريق نصيب من يتقرب به، ويقسمونه للذكر مثل حظ الانثيين، اولاد ابن كانوا او أولاد البنت على الاشبه.

(ويمنع) الاقرب الابعد.

ويرد على ولد البنت كما يرد

٢٦١

على امه ذكرا كان او انثى.

ويشاركون الابوين كما يشاركهما الاولاد للصلب على الاصح.

(الثانية): يحبى الولد الاكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه إذا خلف الميت غير ذلك.

ولو كان الاكبر بنتا أخذه الاكبر من الذكور ويقضي عنه ما ترك من صيام او صلاة.

وشرط بعض الاصحاب ألا يكون سفيها ولا فاسد الرأي.

(الثالثة): لا يرث مع الابوين ولا مع الاولاد جد ولا جدة ولاأحد من ذوي القرابة.

لكن يستحب للاب أن يطعم أباه وأمه: السدس من أصل التركة بالسوية، إذا حصل له الثلثان.

وتطعم الام أباها وأمها: النصف من نصيبها بالسوية إذا حصل لها الثلث فما زاد.

ولو حصل لاحدهما نصيبه الاعلى دون الآخر استحب له طعمة الجد والجدة دون صاحبه.

ولا طعمة لاحد الاجداد إلا مع وجود من يتقرب به.

(الرابعة): لا يحجب الاخوة الام إلا بشروط أربعة: أن يكون أخوين او أخا وأختين او أربع أخوات فما زاد لاب وأم او لاب مع وجود الاب، غير كفرة ولا رق.

وفي القتلة قولان، أشبههما: عدم الحجب وان يكونوا منفصلين لا حملا.

(المرتبة الثانية): الاخوة والاجداد اذا لم يكن أحد الابوين، ولا ولد وان نزل، فالميراث للاخوة والاجداد.

فالاخ الواحد للاب والام يرث المال، وكذا الاخوة.

والاخت انما ترث النصف بالتسمية، والباقي بالرد.

وللاختين فصاعدا الثلثان بالتسمية والباقي بالرد.

ولو اجتمع الاخوة والاخوات لهما كان المال بينهم للذكر سهمان وللانثى سهم.

٢٦٢

وللواحد من ولد الام السدس ذكرا كان او انثى.

وللاثنين فصاعدا الثلث بينهم بالسوية ذكرانا كانوا او اناثا.

ولا يرث مع الاخوة للاب والام ولا مع أحدهم أحد من ولد الاب، لكن يقومون مقامهم عند عدمهم.

ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع ذلك الحكم.

ولو اجتمع الكلالات كان لولد الام السدس إن كان واحدا، والثلث ان كانوا أكثر، والباقي لولد الاب والام ويسقط أولاد الاب.

فان أبقت الفريضة فالرد على كلالة الاب والام، وان ابقت الفريضة مع ولد الام وولد الاب، ففي الرد قولان، أحدهما: يرد على كلالة الاب، لان النقص يدخل عليهم، مثل أخت لاب مع واحد او اثنين فصاعدا من ولد الام، او أختين للاب، مع واحد من ولد الام.

والآخر: يرد على الفريقين بنسبة مستحقهما وهو أشبه.

وللجد المال إذا انفرد لاب كان او لام.

وكذا الجدة.

ولو اجتمع جد وجدة، فان كانا لاب فلهما المال، للذكر مثل حظ الانثيين وإن كانا لام فالمال بالسوية.

واذا اجتمع الاجداد المختلفون، فلمن يتقرب بالام الثلث على الاصح، واحدا كان او اكثر.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان ولو كان واحدا.

ولو كان معهم زوج او زوجة أخذ النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

والجد الادنى يمنع الاعلى.

واذا اجتمع معهم الاخوة، فالجد كالاخ والجدة كالاخت.

مسألتان: (الاولى): لو اجتمع أربعة أجداد لاب ومثلهم لام كان لاجداد الام الثلث بينهم أرباعا.

ولاجداد الاب وجداته الثلثان، لابوي أبيه ثلثا الثلثين

٢٦٣

أثلاثا ولابوي امه الثلث أثلاثا أيضا فيصح من مئة وثمانية.

(الثانية): الجد وإن علا يقاسم الاخوة والاخوات.

وأولاد الاخوة والاخوات وإن نزلوا، يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الاجداد والجدات ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به.

ثم إن كانوا أولاد أخوة او أخوات لاب اقتسموا المال، للذكر مثل حظ الانثيين.

وإن كانوا لام اقتسموا بالسوية.

(المرتبة الثانية): الاعمام والاخوال: المعلم المال اذا انفرد.

وكذا للعمين فصاعدا.

وكذا العمة والعمتان والعمات.

والعمومة والعمات: للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو كانوا متفرقين، فلمن تقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا أكثر بالسوية.

والباقي لمن يتقرب بالاب والام للذكر مثل حظ الانثيين ويسقط من يتقرب بالاب معهم.

ويقومون مقامهم عند عدمهم.

ولا يرث الابعد مع الاقرب مثل ابن خال مع خال او عم.

اوابن عم مع خال او عم، الا ابن عم لاب وأم مع عم لاب فابن العم أولى.

وللخال المال اذا انفرد.

وكذا للخالين والاخوال والخالة والخالتين والخالات.

ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كانوا.

ولو كانوا متفرقين، فلمن يتقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا اكثر.

والثلثان لمن يتقرب بالاب والام.

ويسقط من يتقرب بالام معهم.

والقسمة بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو اجتمع الاخوال والاعمام فللاخوال الثلث وللاعمام الثلثان.

ولو كان معهم زوج او زوجة فلهما النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

ولو اجمتع عم الاب وعمته وخاله وخالته وعم الام وعمتها وخالها وخالتها كان

٢٦٤

لمن يتقرب بالام الثلث بينهم أرباعا.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان: ثلثاه لعمه وعمته أثلاثا.

وثلثه لخاله وخالته بالسوية، على قول.

مسائل: (الاولى): عمومة الميت وعماته وخئولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى من عمومة أبيه وخئولته.

وكذا أولاد كل بطن أقرب.

أولى من البطن الابعد.

ويقوم اولاد العمومة والعمات والخئولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به واحدا كان أو أكثر.

(الثانية): من اجتمع له سببان ورث بهما ما لم يمنع أحدهما الآخر.

فالاول كابن عم لاب هو خال لام، وزوج هو ابن عم، وعمة لاب هي خالة لام.

والثاني كابن عم هو أخ لام.

(الثالثة): حكم أولاد العمومة والخئولة مع الزوج والزوجة حكم آبائهم، يأخذ من يتقرب بالام ثلث الاصل والزوج نصيبه الاعلى.

وما يبقى لمن يتقرب بالاب.

المقصد الثاني في ميراث الازواج: للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع.

ومع وجوده وإن نزل نصف النصيب.

ولو لم يكن وارث سوى الزوج، رد عليه الفاضل.

وفي الزوجة قولان: أحدهما: لها الربع والباقي للامام.

والآخر: يرد عليها الفاضل كالزوج.

وقال ثالث: بالرد مع عدم الامام والاول: أظهر.

واذا كن اكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع أو الثمن.

وترث الزوجة وإن لم يدخل بها الزوج.

وكذا الزوج.

وكذا في العدة

٢٦٥

الرجعية خاصة.

لكن لو طلقها مريضا ورثت وإن كان بائنا ما لم تخرج السنة ولم يبرأ ولم تتزوج.

ولا ترث البائن إلا هنا.

ويرث الزوج من جمع ما تركته المرأة، وكذا المرأة عدا العقار، وترث من قيمة الآلات والابنية، ومنهم من طرد الحكم في أرض المزارع والقرب، وعلم الهدى يمنعها العين دون القيمة.

مسألتان: (الاولى): إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى فاشتبهت كان للاخيرة ربع الثمن مع الولد او ربع الربع مع عدمه، والباقي بين الاربعة بالسوية.

(الثانية): نكاح المريض مشروط بالدخول، فان مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.

المقصد الثالث في الولاء وأقسامه ثلاثة.

(القسم الاول): ولاء العتق: ويشترط التبرع بالعتق وألا يتبرأ من ضمان جريرته.

فلو كان واجبا كان المعتق سائبة.

وكذا لو تبرع بالعتق وتبرأ من الجريرة ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وإن بعد.

ويرث مع الزوج والزوجة.

وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا، واشتركوا في المال ان كانوا أكثر.

ولو عدم المنعم فللاصحاب فيه أقوال، أظهرهما.

انتقال الولاء إلى الاولاد الذكور دون الاناث.

فان لم يكن الذكور، فالولاء لعصبة المنعم.

ولو كان المعتق امرأة فالى عصبها دون أولادها ولو كانوا ذكورا.

ولا يرث الولاء من يتقرب بأم المنعم.

ولا يصح بيعه ولا هبته.

ويصح جره من مولى الام إلى المولى الاب اذا كان الاولاد مولودين على الحرية.

٢٦٦

القسم الثاني ولاء تضمن الجريرة: من توالى إنسانا يضمن حدثه: ويكون ولاؤه له.

ثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن، ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات أو من لا وارث له.

ولا يرث الضامن الا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق.

ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى وما بقي له، وهو أولى من بيت مال الامام.

القسم الثالث ولاء الامامة: ولا يرث الا مع فقد وارث عدا الزوجة فانها تشاركه على الاصح.

ومع وجوده (ع) فالمال له يصنع به ما شاء.

وكان عليعليه‌السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا.

ومع غيبته يقسم في الفقراء ولا يعطي الجائر إلا مع الخوف.

وأما اللواحق فأربعة: (الاول): في ميراث ابن الملاعنة: ميراثه لامه وولده، للام السدس والباقي للولد.

ولو انفردت كان لها الثلث والباقي بالرد.

ولو انفردت الاولاد فللواحد النصف وللاثنتين فصاعدا الثلثان.

وللذكران المال بالسوية.

وان اجتمعوا فللذكر سهمان وللانثى سهم.

ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى مع عدم الولد وان نزل، والادنى معهم.

ولو عدم الولد يرثه من تقرب بأمه الاقرب فالاقرب الذكر والانثى سواء.

ومع عدم الوارث يرثه الامام.

ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الاظهر.

ولا يرث أباه ولا من يتقرب به ولا يرثونه.

ولو اعترف به الاب لحق به، وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه ولا عبرة بنسب الاب.

فلو ترك اخوة الاب وأم مع أخ أو اخت لام كانوا سواء في المال.

وكذا لو ترك جدا لام مع أخ أو أخت أو اخوة أو أخت من أب وأم.

٢٦٧

خاتمة تشتمل على مسائل: (الاولى): ولد الزنا لا ترثه أمه ولا غيرها من الانساب.

ويرثه ولده إن نزل والزوج أو الزوجة.

ولو لم يكن أحدهم فميراثه للامام.

وقيل: ترثه أمه كابن الملاعنة.

(الثانية): الحمل يرث ان سقط حيا وتعتبر حركة الاحياء كالاستهلال، والحركات الارادية، دون التقلص.

(الثالثة): قال الشيخ: يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا.

ولو كان ذو فرض أعطوا النصيب الادنى.

(الرابعة): يرث دية الجنين أبواه ومن يتقرب بهما أو بالاب.

(الخامسة): اذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف أحدهما البينة.

(السادسة): المفقود يتربص بماله.

وفى قدر التربص روايات: أربع سنين، وفي سندها ضعف.

وعشر سنين وهي في حكم خاص.

وفي ثالثة يقتسمه الورثة اذا كانوا ملاء، وفيها ضعف أيضا.

وقال في الخلاف حتى يمضي مدة لا يعيش مثله إليها، وهو أولى في الاحتياط وأبعد من التهجم على الاموال المعصومة بالاخبار الموهومة.

(السابعة): لو تبرأ من جريرة ولده و ميراثه، ففي رواية يكون ميراثه للاقرب إلى أبيه، وفي الرواية ضعف.

(الثاني): في ميراث الخنثى: من له فرج الرجال والنساء يعتبر بالبول، فمن أيهما سبق يورث عليه.

فان

٢٦٨

بدر منهما قال الشيخ: يورث على الذي ينقطع منه أخيرا، وفيه تردد.

وإن تساويا، قال في الخلاف: يعمل فيه بالقرعة، وقال المفيد وعلم الهدى: تعد أضلاعه.

وقال في النهاية والايجاز والمبسوط: يعطى نصف ميراث رجل ونصف امرأة، وهو أشهر.

ولو اجتمع مع الانثى ذكر وانثى، قيل: للذكر أربعة، وللخنثى ثلاثة وللانثى سهمان.

وقيل: تقسم الفريضة مرتين فتفرض مرة ذكرا ومرة انثى ويعطى نصف النصيبين وهو أظهر.

مثاله خنثى وذكر تفرضهما ذكرين تارة وذكرا وأنثى أخرى، وتطلب أقل مال له نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف، فيكون اثنا عشر فيحصل للخنثى خمسة وللذكر سبعة.

ولو كان بدل الذكر انثى حصل للخنثى سبعة وللانثى خمسة.

ولو شاركهم زوج أو زوجة صححت فريضة الخنثى ثم ضربت فخرج نصيب الزوج أو الزوجة في تلك الفريضة فما ارتفع فمنه تصح.

ومن ليس له فرج النساء ولا الرجال يورث بالقرعة.

ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد يوقظ أو يصاح به، فان انتبه أحدهما فهما اثنان.

(الثالث): في الغرقى والمهدوم عليهم: وهؤلاء يرث بعضهم إذا كان لهم أو لاحدهم مال وكانوا يتوارثون واشتبه المتقدم في الموت بالمتأخر.

وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق والهدم تردد.

ومع الشرائط يورث الاضعف أولا، ثم الاقوى، ولا يورث مما ورث منه.

وفيه قول آخر.

والتقديم على الاستحباب على الاشبه.

فلو غرق أب وابن، ورث الاب أولا نصيبه، ثم ورث الابن من أصل تركة

٢٦٩

أبيه مما لا ورث منه، ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه.

ولو كان لاحدهما وارث اعطي ما اجتمع لدى الوراث لهم، وما اجتمع للآخر للامام.

ولو لم يكن لهما غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر ثم منهما إلى الامام.

واذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم، كأخوين، فان كان لهما مال ولا مشارك لهما انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما إلى ورثتهما.

وإن كان لاحدهما مال صار ماله لاخيه، ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر شئ ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الامام.

ولو ماتا حتف أنفهما لم يتوارثا، وكان ميراث كل منهما لورثته.

(الرابع): في ميراث المجوس: وقد اختلف الاصحاب فيه.

فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم إلا بالصحيح من النسب والسبب.

وعن الفضل بن شاذان: أنه يورثهم بالنسب، صحيحه وفاسده.

والسبب الصحيح خاصة، وتابعه المفيدرحمه‌الله .

وقال الشيخ: يورثون بالصحيح والفاسد فيهما.

واختيار الفضل أشبه.

ولو خلف أما هي زوجة، فلها نصيب الام دون الزوجة.

ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.

ولا كذا لو خلف بنتا هي أخت، لانه لا ميراث للاخت مع البنت.

٢٧٠

خاتمة في حساب الفرائض مخارج الفروض ستة: ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا.

فالنصف من اثنين، والربع من أربعة، والثمن من ثمانية، والثلثان والثلث من ثلاثة، والسدس من ستة.

والفريضة إما بقدر السهام أو أقل أو أكثر: فما كان بقدرها فان انقسم من غير كسر وإلا فاضرب عدد من انكسر عليهم في أصل الفريضة مثل: أبوين وخمس بنات، تنكسر الاربعة على الخمسة، فتضرب خمسة في اصل الفريضة فما اجتمع فمنه الفريضة، لانه لا وفق بين نصيبهن وعددهن.

ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصيب في اصل الفريضة مثل: أبوين وست بنات، للبنات أربعة، وبين نصيبهن وهو أربعة وعددهن وهو ستة، وفق، وهو النصف فيضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة فما اجتمع صحت منه.

ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ويدخل النقص على البنت أو البنات أو من يتقرب بالاب والام، أو الاب، مثل: ابوين، وزوج وبنت.

فللابوين السدسان وللزوج الربع، والباقي للبنت.

وكذا الابوان أو أحدهما، وبنت او بنات وزوج، النقص يدخل على البنت او البنات، واثنان من ولد الام والاختان للاب والام أو للاب مع زوج أو زوجة يدخل النقص على من يتقرب بالاب والام، أو الاب خاصة.

ثم ان انقسمت الفريضة على صحة والا ضربت سهام من انكسر عليهم.

في أصل الفريضة.

٢٧١

ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم.

ولا تعصيب.

ولا يرد على الزوج والزوجة، ولا على الام مع وجود من يحجبها، مثل أبوين وبنت.

فاذا لم يكن حاجب فالرد أخماسا.

وان كان حاجب فالرد ارباعا تضرب فخرج سهام الرد في أصل الفريضة فما اجتمع صحت منه الفريضة.

تتمة في (المناسخات) ونعني به أن يموت الانسان فلا تقسم تركته، ثم يموت أحد وراثه ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.

فان اختلف الوارث او الاستحقاق اوهما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه والا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الاولى، ان كان بين الفريضتين وفق.

وان لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الاولى فما بلغ صحت منه الفريضتان.

٢٧٢

كتاب القضاء والنظر في الصفات، والآداب، وكيفية الحكم، وأحكام الدعوى

والصفات ست: التكليف، والايمان، والعدالة، وطهارة المولد، والعلم، والذكورة ويدخل في العدالة اشتراط الامانة والمحافظة على الواجبات.

ولا ينعقد الا لمن له أهلية الفتوى، ولا يكفيه فتوى العلماء.

ولابد أن يكون ضابطا، فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء.

وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الاشبه: نعم، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الا بها، ولا ينعقد للمرأة.

وفي انعقاده للاعمى تردد، والاقرب: أنه لا ينعقد لمثل ما ذكرناه في الكتابة وفي اشتراط الحرية تردد، الاشبه: أنه لا يشترط.

ولا بد من اذن الامام ولا ينعقد بنصب العوام له.

نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم.

ومع عدم الامام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيتعليهم‌السلام ، الجامع للصفات.

وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق بنفسه، وربما وجب النظر الثاني في الآداب: وهي مستحبة ومكروهة.

فالمستحب: اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره.

والجلوس في قضائه مستدبر القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم.

والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب اطلاقه، وتفريق الشهود عند الاقامة، فانه اوثق، خصوصا في موضع الريبة.

٢٧٣

عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه(١) في المسائل المشتبهة.

والمكروهات: الاحتجاب وقت القضاء، وان يقضي مع ما يشغل النفس، كالغضب، والجوع، والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس، وأن يرتب قوما للشهادة، وأن يشفع إلى الغريم في اسقاط أو ابطال.

مسائل: (الاولى): للامام أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق، ولغيره في حقوق الناس، وفي حقوق الله قولان.

(الثانية): إن عرف عدالة الشاهدين حكم، وان عرف فسقهما اطرح، وإن جهل الامرين، فالاصح: التوقف حتى يبحث عنهما.

(الثالثة): تسمع شهادة التعديل مطلقة، ولا تسمع شهادة الجرح الا مفصلة.

(الرابعة): اذا التمس الغريم احضار الغريم وجب اجابته ولو كان امرأة ان كانت برزة.

ولو كان مريضا او امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما.

(الخامسة): الرشوة على الحاكم حرام وعلى المرتشي اعادتها.

النظر الثالث في كيفية الحكم، وفيه مقاصد: (الاول): في وظائف الحاكم، وهي أربع: (الاولى): التسوية بين الخصوم في السلام، والكلام، والمكان، والنظر، والانصات، والعدل في الحكم.

ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون الكافر قائما والمسلم قاعدا أو أعلى منزلا.

(الثانية): لا يجوز أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهره على خصمه.

٢٧٤

(الثالثة): اذا سكتا استحب له أن يقول: تكلما، او ان كنتما حضرتما لشئ فاذكراه او ما ناسبه.

(الرابعة): اذا بدر أحد الخصمين سمع منه.

ولو قطع عليه غريمه منعه حتى تنتهي دعواه او حكومته.

ولو ابتدرا الدعوى.

سمع من الذي عن يمين صاحبه.

وان اجتمع خصوم كتب أسماء المدعين واستدعى من يخرج اسمه.

المقصد الثاني - في جواب المدعى عليه.

وهو إما اقرار، او انكار، او سكوت.

أما الاقرار فيلزم إذا كان جائز الامر، رجلا كان او امرأة.

فان التمس المدعي الحكم به حكم له.

ولا يكتب على المقر حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه او يشهد بذلك عدلان إلا أن يقنع المدعي بالحلية.

ولو امتنع المقر من التسليم أمر الحاكم خصمه بالملازمة، ولو التمس حبسه حبس.

ولو ادعى الاعسار كلف البينة، ومع ثبوته ينظر.

وفي تسليمه إلى الغرماء رواية، وأشهر منها: تخليته.

ولو ارتاب بالمقر توقف في الحكم حتى يستبين حاله.

وأما الانكار فعنده يقال للمدعي: ألك بينة؟ فان قال: نعم، امر باحضارها فاذا حضرت سمعها. ولو قال: البينة غائبة، اجل بمقدار احضارها.

وفي تكفيل المدعى عليه تردد، ويخرج من الكفالة عند انقضاء الاجل.

وإن قال: لا بينة، عرفه الحاكم أن له اليمين. ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي.

فان تبرع او احلفه الحاكم لم يعتد بها، واعيدت مع التماس المدعي.

ثم المنكر: إما أن يحلف او يرد او ينكل، فان حلف سقطت الدعوى، ولو ظفر له المدعي بمال لم يجز له المقاصة.

ولو عاود الخصومة لم تسمع دعواه.

ولو

٢٧٥

أقام بينة لم تسمع، وقيل: يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها.

ولو أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته.

فان رد اليمين على المدعي صح.

فان حلف استحق.

وان امتنع سقطت دعواه.

ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر، قضي عليه بالنكول، وهو المروي.

وقيل: يرد اليمين على المدعي، فان حلف ثبت حقه، وان نكل بطل.

ولو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بالنكول لم يلتفت اليه.

ولا يستحلف المدعي مع بينة إلا في الدين على الميت يستحلف على بقائه في ذمته استظهارا.

وأما السكوت: فان كان لآفة توصل إلى معرفة إقراره او انكاره.

ولو افتقر إلى مترجم لم يقتصر على الواحد.

ولو كان عنادا حبسه حتى يجيب.

المقصد الثالث - في كيفية الاستحلاف: ولا يستحلف أحد إلا بالله ولو كان كافرا، لكن ان رأى الحاكم احلاف الذمي بما يقتضيه دينه اردع جاز.

ويستحب للحاكم تقديم العظة.

ويجزيه ان يقول: والله ماله قبلي كذا.

ويجوز تغليظ اليمين بالقول والزمان والمكان.

ولا تغليظ لما دون نصاب القطع.

ويحلف الاخرس بالاشارة، وقيل: يوضع يده على اسم الله تعالى في المصحف وقيل: يكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد اعلامه فان شربه كان حالفا وإن امتنع الزم الحق.

ولا يحلف الحاكم أحدا إلا في مجلس قضائه إلا معذورا كالمريض، او امرأة غير برزة.

٢٧٦

ولا يحلف المنكر إلا على القطع.

ويحلف على فعل غيره على نفي العمل كما لو ادعى على الوارث فأنكر، او ادعى أن يكون وكيله قبض او باع.

واما المدعي ولا شاهد له، فلا يمين عليه إلا مع الرد او مع نكول المنكر على قول.

ويحلف على الجزم.

ويكفي مع الانكار الحلف على نفي الاستحقاق.

فلو ادعى المنكر الابراء او الاداء انقلب مدعيا.

والمدعي منكرا، فيكفيه اليمين على بقاء الحق.

ولا يتوجه على الوارث بالدعوى على موروثه الا مع دعوى علمه بموجبه أو إثباته وعلمه بالحق وأنه ترك في يده مالا.

ولا تسمع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة.

ولا يتوجه بها يمين على المنكر.

ولو ادعى الوارث لموروثه مالا سمع دعواه سواء كان عليه دين يحيط بالتركة أو لم يكن.

ويقضى بالشاهد واليمين في الاموال والديون.

ولا يقبل في غيره مثل الهلال والحدود والطلاق والقصاص.

ويشترط شهادة الشاهد أولا، وتعديله.

ولو بدأ باليمين وقعت لاغية.

ويفتقر إلى اعادتها بعد الاقامة.

ولا يحلف مع عدم العلم ولا يثبت مال غيره(١) .

مسألتان: (الاولى): لا يحكم الحاكم باخبار لحاكم آخر، ولا بقيام البينة بثبوت الحكم عند غيره.

نعم لو حكم بين الخصوم واثبت الحكم واشهد على نفسه فشهد شاهدان

____________________ ___

(١) إي: مال لغيره.

وفى الشرح الكبير: فلو ادعى غريم الميت مالا له (للميت) على آخر مع شاهد فان حلف الوارث ثبت وان امتنع لم يحلف الغريم ولا يجبر الوارث عليه.. لان يمينه لاثبات مال الغير.

(*)

٢٧٧

يحكم عند آخر وجب على المشهود عنده انفاذ ذلك الحكم.

(الثانية): القسمة تميز الحقوق ولا يشترط حضور قاسم بل هو أحوط فاذا عدلت السهام كفت القرعة في تحقق القسمة.

وكل ما يتساوى اجزاؤه يجبر الممتنع على قسمته كالحنطة، والشعير، وكذا ما لا يتساوى أجزاؤه اذا لم يكن في القسمة ضرر.

كالارض، والخشب.

ومع الضرر لا يجبر الممتنع.

المقصد الرابع - في الدعوى.

وهي تستدعي فصولا: (الاول) في المدعي: وهو الذي يترك لو ترك الخصومة.

وقيل: هو الذي يدعي خلاف الاصل او امرا خفيا.

ويشترط التكليف، وان يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه، وايراد الدعوى بصيغة الجزم وكون المدعى به مملوكا.

ومن كانت دعواه عينا فله انتزاعها.

ولو كان دينا والغريم مقر باذل او مع جحوده عليه حجة لم يستقل المدعي بالانتزاع من دون الحاكم.

ولو فات احد الشروط وحصل للغريم في يد المدعي مال كان له المقاصة ولو كان من غير جنس الحق.

وفي سماع الدعوى المجهولة تردد، اشبهه: الجواز.

مسائل: (الاولى): من انفرد بالدعوى لما لا يد عليه قضى له به.

ومن هذا ان يكون بين جماعة كيس فيدعيه أحدهم.

(الثانية): لو انكسرت سفينة في البحر فما اخرجه البحر فهو لاهله.

وما اخرج بالغوص فهو لمخرجه، وفي الرواية ضعف.

(الثالثة): روي في رجل دفع إلى رجل دراهم بضاعة يخلطها بماله ويتجر بها، فقال: ذهبت، وكان لغيره معه مال كثير فأخذوا أموالهم، قال: يرجع عليه

٢٧٨

بماله ويرجع هو على اولئك بما أخذوا.

ويمكن حمل ذلك على من خلط المال ولم يأذن له صاحبه وأذن الباقون.

(الرابعة): لو وضع المستأجر الاجرة على يد أمين فتلفت كان المستأجر ضامنا إلا أن يكون الآجر دعاه إلى ذلك فحقه حيث وضعه.

(الخامسة): يقضى على الغائب مع قيام البينة، ويباع ماله، ويقضى دينه ويكون الغائب على حجته، ولا يدفع اليه المال إلا بكفلاء.

(الفصل الثاني): في الاختلاف في الدعوى: وفيه مسائل: (الاولى): لو كان في يد رجل وامرأة جارية فادعى أنها مملوكته وادعت المرأة حريتها وأنها بنتها، فان أقام أحدهما بينة قضي له وإلا تركت الجارية حتى تذهب حيث شاء‌ت.

(الثانية): لو تنازعا عينا في يدهما قضي لهما بالسوية ولكل منهما احلاف صاحبه.

ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للمتشبث وللخارج احلافه.

ولو كانت في يد ثالث وصدق أحدهما قضي له، وللآخر إحلافه.

ولو صدقهما قضى لهما بالسوية.

ولكل منهما احلاف الآخر وإن كذبهما أقرت في يده.

(الثالثة): اذا تداعيا خصا قضي لمن اليه القمط(١) وهي رواية عمرو بن شمر عن جابر، وفي عمرو ضعف.

وعن منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام أن علياعليه‌السلام قضى بذلك، وهي قضية في واقعة.

(الرابعة): إذا ادعى ابوالميتة عارية بعض متاعها كلف البينة وكان كغيره من الانساب.

وفيه رواية بالفرق ضعيفة.

(الخامسة): اذا تداعى الزوجان متاع البيت فله ما للرجال، ولها ما للنساء وما يصلح لهما يقسم بينهما.

وفي رواية: هو للمرأة وعلى الرجال البينة.

____________________ ___

(١) القمط بالكسر: الحبل الذى يشد به الخص.

(*)

٢٧٩

وفي المبسوط: اذا لم يكن بينة ويدهما عليه كان بينهما.

(الثالث): في تعارض البينات: يقضى مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملك المطلق على الاشبه.

ولصاحب اليد لو انفردت بينته بالسبب كالنتاج وقديم الملك وكذا الابتياع.

ولو تساويا في السبب فروايتان، أشبههما: القضاء للخارج.

ولو كانت يداهما عليه قضي لكل منهما بما في يد الآخر، فيكون بينهما نصفين.

ولو كان المدعى به في يد ثالث قضي بالاعدل فالاكثر، فان تساويا عدالة وكثرة أقرع بينهما، فمن خرج اسمه أحلف وقضي له.

ولو امتنع احلف الآخر.

ولو امتنعا قسم بينهما.

وفي المبسوط: يقرع بينهما إن شهدتا بالملك المطلق.

ويقسم إن شهدتا بالملك المقيد.

والاول أشبه.

كتاب الشهادات

والنظر في امور أربعة: (الاول): في صفات الشاهد، وهي ستة: (الاول): البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي ما لم يصر مكلفا.

وقيل: تقبل اذا بلغ عشرا، وهو شاذ.

واختلفت عبارة الاصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات و محصلها القبول في الجراح مع بلوغ العشر ما لم يختلفوا، ويؤخذ بأول قولهم.

وشرط الشيخ في الخلاف: ألا يفترقوا.

(الثاني): كمال العقل: فالمجنون لا تقبل شهادته.

ومن يناله الجنون أدوارا تقبل في حال الوثوق باستكمال فطنته.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377