المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية15%

المذاهب الإسلامية مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
تصنيف: أديان وفرق
الصفحات: 377

المذاهب الإسلامية
  • البداية
  • السابق
  • 377 /
  • التالي
  • النهاية
  •  
  • تحميل HTML
  • تحميل Word
  • تحميل PDF
  • المشاهدات: 204939 / تحميل: 8770
الحجم الحجم الحجم
المذاهب الإسلامية

المذاهب الإسلامية

مؤلف:
الناشر: مؤسّسة الإمام الصادق (عليه السلام)
العربية

هذا الكتاب نشر الكترونيا وأخرج فنيّا برعاية وإشراف شبكة الإمامين الحسنين (عليهما السلام) وتولَّى العمل عليه ضبطاً وتصحيحاً وترقيماً قسم اللجنة العلمية في الشبكة


1

2

3

4

5

6

7

8

9

10

11

12

13

14

15

16

17

18

19

20

21

22

23

24

25

26

27

28

29

30

31

32

33

34

35

36

37

38

39

40

41

42

43

44

45

46

47

48

49

50

51

52

53

54

55

56

57

58

59

60

61

62

63

64

65

66

67

68

69

70

71

72

73

74

75

76

77

78

79

80

81

82

83

84

85

86

87

88

89

90

91

92

93

94

95

96

97

98

99

100

101

102

103

104

105

106

107

108

109

110

111

112

113

114

115

116

117

118

119

120

121

122

123

124

125

126

127

128

129

130

131

132

133

134

135

136

137

138

139

140

141

142

143

144

145

146

147

148

149

150

151

152

153

154

155

156

157

158

159

160

161

162

163

164

165

166

167

168

169

170

171

172

173

174

175

176

177

178

179

180

يقول: «إنّ هذا الأمر لا ينقضي حتّى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة»، قال: ثُمَّ تكلّم بكلام خفي علَيّ، قال فقلت لأبي: ما قال؟،[، فقال أبي:إنّه] قال: «كلّهم من قريش». (١)

٣ - أخرج مسلم عنه أيضاً، يقول: سمعت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يقول: «لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة» ، ثُمَّ قال كلمة لم أفهمها، فقلت لأبي: ما قال؟[، فقال أبي:إنّه] قال: «كلّهم من قريش». (٢)

٤ - أخرج مسلم عنه أيضاً، قال: انطلقت إلى رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) ومعي أبي، فسمعته يقول: «لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً إلى اثني عشر خليفة»، فقال كلمة صمَّنيها الناس، فقلت لأبي: ما قال؟[، فقال أبي:إنّه] قال: «كلّهم من قريش». (٣)

٥ - أخرج مسلم عنه أيضاً، قال: سمعت رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) يوم جمعة، عشيّة رجم الأسلمي، يقول: «لا يزال الدين قائماً حتّى تقوم الساعة أو يكون عليكم اثنا عشر خليفة كلّهم من قريش». (٤)

إلى غير ذلك من الأحاديث الدالة على أنّ الأئمّة بعد النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) اثنا عشر، وقد جاء فيها سماتهم وصفاتهم وعددهم، غير أنّ المهم هو تعيين مصاديقها والإشارة إلى أعيانها وأشخاصها، ولا تعلم إلاّ بوجود السمات الواردة في هذه الأحاديث فيهم، وأمّا السمات الواردة فيها، فإليك مختصرها:

١ - لا يزال الإسلام عزيزاً إلى اثني عشر خليفة.

٢ - لا يزال هذا الدين عزيزاً منيعاً.

٣ - لا يزال الدين قائماً.

____________________

(١ - ٤) صحيح مسلم: ٦/٣ - ٤.

١٨١

وقد وردت سمات أخرى في أحاديث أُخرى، لم نذكرها هنا اختصاراً، وهي:

٤ - لا يزال أمر أُمّتي صالحاً.

٥ - لا يزال أمر هذه الأُمة ظاهراً.

٦ - حتّى يمضي فيهم اثنا عشر.

٧ - ما وليهم اثنا عشر خليفة، كلُّهم من قريش.

٨ - عددهم كعدد نقباء بني إسرائيل. (١)

وهذه السمات والخصوصيّات لا توجد مجتمعة إلاّ في الأئمّة الاثني عشر المعروفين عند الفريقين. وتلك الأحاديث من أنباء الغيب ومعجزات النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، خصوصاً إذا ضمّت إليها أحاديث الثقلين والسفينة، وكون أهل بيت النبيّ أماناً لأهل الأرض كما أنّ النجوم أمان لأهل السماء.

فالأئمّة الاثنا عشر المعروفون بين المسلمين، أوّلهم عليّ أمير المؤمنين وآخرهم المهدي، تنطبق عليهم تلك العلائم.

مقتضى الكتاب في صيغة القيادة بعد الرسول:

قد نزلت آيات في مجال القيادة بعد الرسول؛ أوضحها آية الولاية في سورة المائدة، فنحن نأتي بها مع ما يتقدّمها؛ حتّى تتّضح دلالتها: ( يَا أَيّهَا الّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدّ مِنْكُمْ عَن دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللّهُ بِقَوْمٍ يُحِبّهُمْ وَيُحِبّونَهُ

____________________

(١) راجع بحوث في الملل والنحل: ٦/٥٨ - ٦٠.

١٨٢

أَذِلّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزّةٍ عَلَى الْكَافِرينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ وَلاَ يَخَافُونَ لَوْمَةَ لاَئِمٍ ذلِكَ فَضْلُ اللّهِ يُؤْتِيهِ مَن يَشَاءُ وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ * إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَن يَتَوَلّ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَالّذِينَ آمَنُوا فَإِنّ حِزْبَ اللّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) (١) .

وقبل الاستدلال بالآية، نذكر شأن نزولها.

روى المفسّرون عن أنس بن مالك وغيره، أنّ سائلاً أتى المسجد وهو يقول: من يُقرض المليّ الوفي، وعليّ راكع يشير بيده للسائل: اخلع الخاتم من يدي، فما خرج أحد من المسجد حتّى نزل جبرئيل بـ: ( إِنّمَا وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا الّذِينَ يُقِيمُونَ الصّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ ) .

وإليك تفصيل الآية:

١ - الولي والمولى والأولى بمعنى واحد، قال رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «أيّما امرأة نكحت بغير إذن وليّها فنكاحها باطل». وقال: «يا عليّ، أنت وليّ كلّ مؤمن من بعدي» ، ولو أُطلق على الناصر والمحبّ، فهو كإطلاق المولى عليهما.

وقد عرفت أنّه ليس للمولى إلاّ معنى واحد وهو الأولى، فلو أُطلق على الناصر والمحبّ؛ فلأجل أنّ المحبّ أولى بالدفاع عن محبوبه والتزامه بنصرته، والصديق أولى بحماية صديقه، فتفسير الوليّ بالمحبّ والناصر والصديق من باب خلط المتعلّق بالمفهوم.

٢ - لو كان المراد من الولي هو الناصر وما أشبهه يلزم الاكتفاء بقوله: ( إِنّمَا

____________________

(١) المائدة: ٥٤ - ٥٦.

١٨٣

وَلِيّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالّذِينَ آمَنُوا ) من دون حاجة إلى التقييد بإيتاء الزكاة حال الركوع.

٣ - لو كان الوليّ بمعنى الناصر أو المحبّ يلزم وحدة الوليّ والمولى عليه في قوله: ( وَالّذِينَ آمَنُوا ) ، وما هذا إلاّ لأنّ كلّ مؤمن ناصر لأخيه المؤمن ومحبّ له، مع أنّ ظاهر الآية أنّ هناك ثلاثة أولياء، هم: الله، رسوله، المؤمنون بالشروط الثلاثة؛ ولا يتحقّق ذلك إلاّ بتقسيم الوليّ الزعيم والمتصرّف في شؤون المولّى عليه، فهؤلاء الثلاثة أولياء وغيرهم مولّى عليهم.

٤ - فإذا كانت الحال كذلك، فلماذا أفرد الوليّ، ولم يجمعه؟ والجواب عنه واضح: وهو أنّه أفرده لإفادة أنّ الولاية لله على طريق الأصالة، وللرسول والمؤمنين على سبيل التبع، ولو قيل: إنّما أولياؤكم الله ورسوله والّذين آمنوا، لم يكن في الكلام أصل وتبع.

٥ - إنّ قوله: ( الّذِينَ يُقِيمُونَ ) ، بدل من ( الّذِينَ آمَنُوا ) ، كما أنّ الواو في قوله ( وَهُمْ رَاكِعُونَ ) للحال، وهو حال من قوله ( َيُؤْتُونَ الزّكَاةَ ) ؛ معنى ذلك أنّهم يؤتونها حال ركوعهم في الصلاة.

٦ - إذا كان المراد من قوله: ( الّذِينَ آمَنُوا ) هو الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام)، فلماذا جِيء بلفظ الجماعة؟

والجواب: جِيء بها ليُرغّب الناس في مثل فعله لينالوا مثل ثوابه؛ ولينبّه على أنّ سجيّة المؤمنين يجب أن تكون على هذه الغاية؛ من الحرص على البرّ والإحسان وتفقّد الفقراء؛ حتّى إن لزمهم أمر لا يقبل التأخير وهم في الصلاة، لم يؤخّروه إلى الفراغ منها.

١٨٤

٧ - إنّما ذَكَر من صفات الوليّ من الّّذين آمنوا إقامة الصلاة، وإيتاء الزكاة؛ لأنّهما ركنان عظيمان للإسلام؛ ووظيفتان رئيسيّتان للقائد، وهو أن يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة.

وعلى كل حال، فتقييد الوليّ من المؤمنين بالأوصاف الثلاثة، وتقييد إيتاء الزكاة بحال الركوع يجعل الكلّي مخصصاً في فرد واحد؛ وهو أمير المؤمنين عليّ بن أبي طالب (عليه السّلام).

ونحن نكتفي من البرهنة على خلافة الإمام بهذه الآية، وهناك آيات استدلّ بها الأصحاب على ولاية الإمام ونفي ولاية الغير، أوضحنا مداليلها في مؤلّفاتنا الكلاميّة.

١٨٥

الفصل الخامس:

ما هو السرُّ

في مخالفة الجمهورنصَّ الرّسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)؟

لقد ظهرت الحقيقة بأجلى صورها، وثبت أنّ الرسول لم يرحل عن أُمّته إلاّ بعد أن نصب عليّاً للخلافة والقيادة، ولكن هناك سؤال يطرح نفسه، وهو: إنّه لو كان الحق كما نطقت به النصوص كتاباً وسنّة، فلماذا أعرض الجمهور عمّا أُمروا أن يتمسّكوا به؟

والإجابة عن الشبهة سهلة لمن راجع التاريخ وسيرة الصحابة في عصر الرسول وبعده، فإنّ القرآن الكريم رغم أمره باتّباع الرسول وعدم التقدّم عليه، ورغم أمره بالتّسليم له وأنّ الإيمان رهنه، ورغم أنّه يندد ببعض المسلمين الّذين كانوا يتمنّون طاعة الرسول لهم في بعض المواقف، وقال: ( وَاعْلَمُوا أَنّ فِيكُمْ رَسُولَ اللّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتّمْ ) (١) . رغم كلّ ذلك، نُشاهد رجالاً يقفون أمام النبيّ في غير واحد من المواقف، ويخالفونه بعنف وقوّة، ويقدّمون الاجتهاد والمصالح الشخصيّة على أوامر الرسول في مواطن كثيرة، وإليك نزراً يسيراً منها، وبالإلمام بها تسهل

____________________

(١) الحجرات: ٧.

١٨٦

عليك الإجابة عن السّر في مخالفة عدّة من الأصحاب لأمر النبيّ في مسألة الوصاية والقيادة.

١ - اختلافهم مع النبيّ في الأنفال والأسرى:

انتصر المسلمون في غزوة بدر وجمع غير واحد من المسلمين ما في معسكر العدو، فاختلف المسلمون فيه، فقال من جمعه: هو لنا، وقال الّذين يقاتلون العدو ويطلبونه: والله لو لا نحن ما أصبتموه، لنحن شغلنا عنكم القوم حتّى أصبتم ما أصبتم، وقال الّذين يحرسون رسول الله: ما أنتم بأحقّ به منّا، والله لقد رأينا أن نَقتل العدو إن منحنا الله أكتافهم، وقد رأينا أن نأخذ المتاع حين لم يكن دونه من يمنعه، فخفنا على رسول الله كرّة العدو فقمنا دونه، فما أنتم بأحقّ به منّا، فنزل قوله سبحانه: ( يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ قُلِ الْأَنْفَالُ للّهِ‏ِ وَالرّسُولِ فَاتّقُوا اللّهَ وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُمْ وَأَطِيعُوا اللّهَ وَرَسُولَهُ إِن كُنتُم مُؤْمِنِينَ ) (١) .

وأمّا اختلافهم في الأسرى، فيكفي في ذلك قوله سبحانه: ( مَا كَانَ لِنَبِيّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى‏ حَتّى‏ يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدّنْيَا وَاللّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ * لَوْلاَ كِتَابٌ مِنَ اللّهِ سَبَقَ لَمَسّكُمْ فِيَما أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ ) (٢) .

وهذه الآية تُعرب عن أنّهم اختلفوا إلى حدّ كانوا مستحقّين لنزول العذاب، لو لا سبق كتاب من الله.

____________________

(١) الأنفال: ١.

(٢) الأنفال: ٦٧ - ٦٨.

١٨٧

٢ - مخالفتهم لأمر الرسول في أُحد:

ورد رسول الله أُحد حين بلغه أنّ أبا سفيان يريد شنّ هجوم على المدينة، واستقبل الرسول المدينة، وجعل جبل العينين عن يساره، ونصب خمسين رجلاً نبّالاً على جبل عينين، وأمّر عليهم عبد الله بن جبير، وقال له:« انضح الخيل عنّا بالنبل، لا يأتوننا من خلفنا إن كانت لنا أو علينا، فاثبت مكانك لا نؤتينَّ من قبلك».

ولمّا صار الانتصار حليف المسلمين، وأخذ العدو بالانسحاب عن ساحة القتال، مولّياً نحو مكّة، خالف الرماة أمر الرسول، وأخْلَوا مكانهم طمعاً في الغنائم، فكلّما نصحهم أميرهم بالبقاء وعدم ترك العينين خالفوه.

ولمّا رأى العدو المنهزم أنّ جبل العينين قد أضحى خالياً من الرماة، وكان جبل العينين يقع على ضفّتين يتخلّلهما معبر، فاستغلّ العدو الفرصة، فأدار خالد بن الوليد من معه من وراء المسلمين، فورد المعسكر من هذا المعبر على حين غفلة منهم، فوضع السيوف فيهم فقتل منهم لفيفاً، إلى أن تحوّل النصر إلى هزيمة، وكان ذلك نتيجة مخالفة المسلمين لوصية الرسول، وتقديماً للاجتهاد على النصّ، والرأي الخاطئ على الدليل، وكم له نظير في حياة النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وبعد وفاته!!

٣ - مخالفتهم في صلح الحديبية:

دخلت السنة السادسة للهجرة، واشتاق النبي إلى زيارة بيت الله، فأعدّ العدّة للعمرة ومعه جمع من أصحابه، وليس معهم من السلاح إلاّ سلاح المسافر، فلمّا وصلوا إلى أرض الحديبيّة، مُنعوا من مواصلة السير، فبعد تبادل الرسل بينه

١٨٨

وبين رؤساء قريش اصطلحوا على وثيقة ذكرها أصحاب السيرة في كتبهم، فكانت نتيجة تلك الوثيقة رجوع النبيّ إلى المدينة ومجيئه في العام القابل للزيارة، وقد ذكر فيها شروط للصلح أثارت حفيظة بعض المسلمين، حتّى أنّ عمر بن الخطّاب وثب فأتى أبابكر فقال: أليس برسول الله؟!، قال: بلى، قال: أو لسنا بالمسلمين؟!، قال: بلى، قال: أو ليسوا بالمشركين؟!، قال: بلى، قال: فعلام نعطي الدنيّة في ديننا!! (١)

فقد زعم الرجل أنّ البنود الواردة في صلح النبيّ تعني إعطاء الدنيّة في الدين!!، حتّى أنّ النبيّ أخبرهم حين الشخوص من المدينة؛ أنّ الله سبحانه أراه في المنام أنّ المسلمين دخلوا المسجد الحرام، فلمّا انصرفوا ولم يدخلوا مكة، قالوا: ما حلقنا ولا قصّرنا ولا دخلنا المسجد الحرام، فأنزل الله سبحانه قوله: ( لَتَدْخُلُنّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاءَ اللّهُ آمِنِينَ ) (٢) .

ولو أراد المتتبّع أن يتعمّق في السير والتفاسير، يجد أنّ مخالفة القوم للرسول لم تكن مختصّة بموضوع دون موضوع.

٤ - مخالفتهم في تجهيز جيش أُسامة:

اتّفق المؤرّخون على أنّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) أمر بتجهيز جيش أُسامة، فقال: «جهّزوا جيش أُسامة، لعن الله من تخلّف عنه» ، فقال قوم: يجب علينا امتثال أمره، وأُسامة قد برز من المدينة، وقال قوم: قد اشتدّ مرض النبيّ، فلا تسع قلوبنا

____________________

(١) السيرة النبويّة: ٢/٣١٦ - ٣١٧.

(٢) الفتح: ٢٧.

١٨٩

مفارقته والحال هذه، فنصبر حتّى ننظر أيّ شيء يكون من أمره. (١)

وكتب الطبري يقول: لقد ضُرب بعث أُسامة، فلم يستتب لوجع رسول الله، وقد أكثر المنافقون في تأمير أُسامة، فخرج النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) على الناس عاصباً رأسه من الصداع لذلك، وقال:« وقد بلغني أنّ أقواماً يقولون في إمارة أُسامة، ولعمري لئن قالوا في إمارته لقد قالوا في إمارة أبيه من قبله، وإن كان أبوه لخليقاً بالإمارة وانّه لخليق لها، فأنفذوا بعد أُسامة».

فخرج أُسامة، فضرب بالجرف وأنشأ الناس في العسكر، ونجم طليحة وتمهّل الناس، وثقُل رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) فلم يستتم الأمر، ينظرون أوّلهم آخرهم حتّى توفّى الله عزّ وجلّ نبيّه. (٢)

٥ - مخالفتهم النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في إحضار القلم والدواة:

عن ابن عبّاس قال: لمّا اشتدّ بالنبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وجعه، قال: «ائتوني بدواة أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده» ، قال عمر: إنّ النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثُر اللّغط، قال(صلَّى الله عليه وآله وسلَّم): «قوموا عنّي، ولا ينبغي عندي التنازع».

فخرج ابن عبّاس يقول: إنّ الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) وبين كتابه. (٣)

____________________

(١) الملل والنحل: ١/٢٩ - ٣٠.

(٢) تاريخ الطبري: ٢/٤٣٠ - ٤٣١.

(٣) صحيح البخاري: ١/٣٠ باب كتابة العلم، الطبقات الكبرى: ٢/٢٤٢، وجاء فيه: فقال بعض من كان عنده: إنّ نبيّ الله ليهجُر.

١٩٠

إنّ الراوي نقل الرواية بالمعنى كي يخفّف من شدّة الصدمة الّتي تحصل فيما لو نقل الرواية بألفاظها، والشاهد على ما نقول أنّ البخاري نفسه روى الرواية بشكل آخر أيضاً، فروى عن ابن عبّاس أنّه كان يقول: يوم الخميس وما يوم الخميس، ثُمَّ بكى حتّى بلَّ دمعه الحصى، قلت: يابن عباس، ما يوم الخميس؟، قال: اشتدّ برسول الله وجعه، فقال: ائتوني بكتف اكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده أبداً، فتنازعوا، ولا ينبغي عند نبيّ تنازع، فقالوا: ما له؟، أهجر، استفهموه.

فقال: «ذروني، فالّذي أنا فيه خير ممّا تدعونني إليه» ، فأمرهم بثلاث، قال: أخرجوا المشركين من جزيرة العرب، وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، والثالثة خير إمّا أن سكت عنها وإمّا أن قالها فنسيتها. (١)

ولعل الثالثة الّتي نسيها الراوي هو الّذي كان أراد النبيّ أن يكتبه حفظاً لهم من الضلال، ولكن ذكره شفاهاً عوض كتابته، لكن السياسة اضطرت المحدّثين إلى ادّعاء نسيانه.

ولعلّ النبيّ أراد أن يكتب في مرضه تفصيل ما أوجبه عليهم في حديث الثقلين، وتشهد بذلك وحدة لفظهما؛ حيث جاء في الثاني: «إنّي تارك فيكم ما إن تمسّكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي».

وقد فهم الخليفة ما يريده رسول الإسلام، وحدّث به بعد مدّة من الزمن لابن عبّاس، فقال له يوماً: يا عبد الله إنّ عليك دماء البدن إن كتمتها، هل بقي في نفس عليّ شيء من الخلافة؟

____________________

(١) صحيح البخاري: ٤/٩٩، باب إخراج اليهود من جزيرة العرب.

١٩١

قال ابن عبّاس: قلت: نعم، قال: أو يزعم أنّ رسول الله نصّ عليه؟، قلت: نعم.

فقال عمر: لقد كان من رسول الله في أمره ذروة من قول لا تُثبت حجة ولا تقطع عذراً، ولقد كان يربع في أمره وقتاً ما، ولقد أراد في مرضه أن يصرّح باسمه، فمنعت من ذلك إشفاقاً وحيطة على الإسلام، فعلم رسول الله أنّي علمت ما في نفسه، فأمسك. (١)

والعجب أنّ أحمد أمين، مع ما يكنّ للشيعة من عداء وقسوة، يعترف بما ذكرنا صراحة، ويقول:

أراد رسول الله (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) في مرضه الّذي مات فيه أن يعيّن من يلي الأمر بعده، ففي الصحيحين، البخاري ومسلم، أنّ رسول الله لمّا أصفرّ قال: «هلمّوا أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده»، وكان في البيت رجال منهم عمر بن الخطّاب، فقال عمر: إنّ رسول الله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، فاختلف القوم واختصموا، فمنهم من قال: قرّبوا إليه يكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده، ومنهم من قال: القول ما قاله عمر، فلمّا أكثروا اللّغو والاختلاف عنده (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، قال: (قوموا)، فقاموا، وترك الأمر مفتوحاً لمن شاء، جعل المسلمين طوال عصرهم يختلفون على الخلافة. (٢)

هذه نماذج من مخالفة القوم لصريح النصوص الصادرة عن النبيّ (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، وكلّ ذلك يُعرب عن فقدانهم روح التسليم للنبيّ ولأحكامه، فلم يكونوا

____________________

(١) شرح نهج البلاغة: ٣/١٧.

(٢) يوم الإسلام: ٤١.

١٩٢

ملتزمين بما لا يوافق أهواءهم وأغراضهم من النصوص.

نعم ربّما يوجد بينهم من كان أطوع للنبيّ من الظّل لذي الظّل، ولكنّ المتنفّذين لم يكونوا متعبّدين بالنصوص، فضلاً عن تعبّدهم بالإشارات والرموز، وربّما كانوا يقابلون النبيّ بكلمات عنيفة لا يقابَل بها من هو أقلّ منه شأناً.

١٩٣

الفصل السادس:

نصوص الخلافة والركون إلى الأمر الواقع

وهناك سؤال يطرحه كلّ من يؤمن بتواتر النصوص ووضوح دلالتها؛ لمّا يُشاهد المعارضة بينها وبين الأمر الواقع في السقيفة وما بعدها، وانثيال كثير من المهاجرين والأنصار إلى غير عليّ، فيقع في الحيرة والتعجّب، فيقول: لو كانت النصوص النبويّة على هذا المستوى، فلماذا أعرض عنها المسلمون؟!، ولماذا لم يطلب الإمام حقّه الشرعي؟!، ولماذا رضي بالأمر الواقع ولم ينبس فيه ببنت شفة؟!، وهذا هو الّذي نحاول الإجابة عنه في المقام، فنقول:

إنّ المهمّ هو بيان السرّ الّذي دفع الإمام إلى ترك المطالبة بحقّه بالقدرة والعنف، وأمّا إعراض المهاجرين والأنصار، أو في الحقيقة إعراض الرؤوس منهم، عن النصّ، وانثيال غيرهم إليهم، فليس هذا أمراً عجباً؛ فقد أعرضوا عن كثير من النصوص واجتهدوا تجاهها، كما تقدم البحث عن موارده، وإليك تشريح ما هو المهم:

إنّ الإمام لم يسكت طول حياته عن بيان حقّه وإرشاد الناس إليه، بل أظهر عدم رضاه بالأمر الواقع، وهو تعبير آخر عن غصب حقّه، يقف عليه كلّ من قرأ مأساة السقيفة في كتب التاريخ.

فلم يكن للإمام قدرة على المطالبة بحقّه. وعلى فرض وجودها، كانت

١٩٤

المصلحة تكمن يومذاك في إداء الأمر إلى متقمّصيها، وعدم المطالبة بها بالقهر والقوّة، وإليك ما يدلّ على ذينك الأمرين من خلال دراسة التاريخ:

١ - هذا ابن قتيبة يسرد تاريخ السقيفة وما فيه من مآسي، يقول: إنّ عليّاً (عليه السّلام) أُتي به إلى أبي بكر وهو يقول: «أنا عبد الله وأخو رسول الله»، فقيل له: بايع، فقال (عليه السّلام): «أنا أحق بهذا الأمر منكم، وأنتم أولى بالبيعة لي، أخذتم هذا الأمر من الأنصار واحتججتم عليهم بالقرابة من النبيّ، وتأخذوه منّا أهل البيت غصباً؟!، ألستم زعمتم للأنصار أنّكم أولى بهذا الأمر منهم لمّا كان محمد فيكم، فسلّموا إليكم الإمارة، وأنا احتجّ عليكم بمثل ما احتججتم على الأنصار، نحن أولى برسول الله حيّاً وميّتاً، فانصفوا إن كنتم تؤمنون، وإلاّ فبؤوا بالظلم وأنتم تعلمون».

فقال له عمر: إنّك لست متروكاً حتّى تبايع، فقال له عليّ: «احلب حلباً لك شطره، وشدّ له اليوم، يردده عليك غداً - ثُمَّ قال: - والله يا عمر لا أقبل قولك ولا أُبايعه».

فقال له أبوبكر: فإن لم تبايع فلا أُكرهك، فقال أبو عبيدة بن الجراح لعليّ (عليه السّلام): يا ابن عم، إنّك حديث السنّ، وهؤلاء مشيخة قومك، ليس لك مثل تجربتهم ومعرفتهم بالأُمور، ولا أرى أبا بكر إلاّ أقوى على هذا الأمر منك وأشدّ احتمالاً واستطلاعاً، فسلِّم لأبي بكر، فانّك إن تعش ويطل لك بقاء، فأنت لهذا الأمر خليق وحقيق في فضلك ودينك وعلمك وفهمك وسابقتك ونسبك وصهرك.

فقال عليّ (عليه السّلام): «الله الله يا معشر المهاجرين لا تُخرجوا سلطان محمد

١٩٥

في العرب من داره وقعر بيته، إلى دوركم وقعور بيوتكم، وتدفعون أهله عن مقامه في الناس وحقّه، فو الله يا معشر المهاجرين لنحن أحقّ الناس به؛ لأنّا أهل البيت، ونحن أحقّ بهذا الأمر منكم، ما كان فينا القارئ لكتاب الله، الفقيه في دين الله، العالم بسنن رسول الله، المتطلّع لأمر الرعيّة، الدافع عنهم الأُمور السيّئة، القاسم بينهم بالسويّة، والله إنّه لفينا، فلا تتبعوا الهوى فتضلّوا عن سبيل الله فتزدادوا من الحقّ بُعداً». (١)

فأي بيان أروع من هذا البيان، وأي بلاغ أصرح منه، فقد فنّد خلافة المتقمّص ببيان فقده مؤهّلاتها، وهي الأُمور التالية:

١ - ما كان فينا القارئ لكتاب الله.

٢ - الفقيه في دين الله.

٣ - العالم بسنن رسول الله.

٤ - المتطلّع لأمر الرعيّة.

٥ - الدافع عنهم الأُمور السيّئة.

٦ - القاسم بينهم بالسويّة.

ومعنى ذلك أنّ المتقمّص ومؤيديه فاقدون لهذه الصلاحيّات.

٢ - لمّا انتهت إلى أمير المؤمنين أنباء السقيفة قال (عليه السّلام): ما قالت الأنصار؟، قالوا: قالت منّا أمير ومنكم أمير، فقال: «هلاّ احتججتم عليهم بأنّ رسول الله

____________________

(١) الإمامة والسياسة: ١/١١ - ١٢.

١٩٦

وصّى بأن يحسن إلى محسنهم ويتجاوز عن مسيئهم؟» ، قالوا: وما في هذا من الحجّة عليهم؟!، فقال (عليه السّلام): «لو كانت الإمامة فيهم، لم تكن الوصيّة»، ثُمَّ قال: «فماذا قالت قريش؟» قالوا: احتجّت بأنّها شجرة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فقال (عليه السّلام): «احتجّوا بالشجرة وأضاعوا الثمرة». (١)

٣ - الإمام لم يكتف بهذه الجمل في بادئ الأمر، بل استمر على بيان الحق بأساليب مختلفة، منها:

احتجاجه بحديث الغدير في يوم الشورى سنة ٢٣:

قال عامر بن واثلة: كنت على الباب يوم الشورى مع عليّ (عليه السّلام)، فسمعته يقول: «لأحتجّنّ عليكم بما لا يستطيع عربيّكم ولا أعجميّكم تغيير ذلك»، ثُمَّ قال:

«أنشدكم الله، أفيكم من وحّد الله قبلي» ، قالوا: لا، إلى أن قال: «فأنشدكم بالله، هل فيكم أحد قال له رسول الله من كنت مولاه فعليّ مولاه، اللّهم والي من والاه وعاد من عاداه وانصر من نصره، ليبلغ الشاهد الغائب غيري؟، قالوا: اللّهم لا». (٢)

٤ - كما ناشد يوم الرحبة سنة ٣٥، روى الأصبغ قال: نشد عليّ الناس في الرحبة: «من سمع النبيّ يوم غدير خم ما قال، إلاّ قام ولا يقوم إلاّ من سمع رسول الله يقول»؛ فقام بضعة عشر رجلاً، منهم: أبو أيّوب الأنصاري، وسهل بن

____________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ٦٧.

(٢) الصواعق المحرقة: ٧٥، المناقب، للخوارزمي: ١٣٥ برقم ١٥٢.

١٩٧

حنيف، وخزيمة بن ثابت، وعبد الله بن ثابت الأنصاري، فقالوا: نشهد أنّا سمعنا رسول الله يقول: «ألا من كنت مولاه فعلي مولاه، اللّهم وال من والاه وعاد من عاداه، وأحبّ من أحبّه وابغض من أبغضه، وأعن من أعانه». (١)

لم تكن المناشدة، منحصرة بهذين الموردين، بل ناشد الإمام في غير واحد من المواقف الأُخرى، كما ناشدت زوجته الصدّيقة الطاهرة بحديث الغدير، وبعدهما الحسنان السبطان، وعبد الله بن جعفر وعمار بن ياسر.

هذه شواهد باهرة على عدم سكوته ولا رضاه بالأمر الواقع، بل استمرّ على هذا إلى أُخريات حياته، ويتّضح هذا بالرجوع إلى خطبته المعروفة بالشقشقيّة الّتي ألقاها في آخر خلافته.

وأمّا عدم القيام بأخذ الحق بالقوّة؛ فلأجل أنّ القيام فرع القدرة، ولم يكن يومذاك أيّ مِنْعة وقدرة للإمام، ويكفي في ذلك كلامه في خطبته الأخيرة: «فسدلت دونها ثوباً، وطويت عنها كشحاً، وطفقت ارتئي بين أن أصول بيد جذّاء أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربه». (٢)

ولكن حتّى لو افترضنا وجود القدرة، فإنّ مصالح الإسلام كانت تكمن في المسالمة وإدلاء الأمر إليهم، يشير إليه الإمام تارة بالكناية وأُخرى بالتصريح؛ حيث يقول: «أيّها الناس، شقّوا أمواج الفتن بسفن النجاة، وعرّجوا عن طريق المنافرة، وضعوا تيجان المفاخرة، أفلح من نهض بجناح أو استسلم فأراح، هذا ماء آجن، ولقمة

____________________

(١) أسد الغابة: ٣/٣٠٧ و٥/٢٠٥.

(٢) نهج البلاغة: الخطبة ٣.

١٩٨

يغصّ بها آكلها، ومجتني الثمرة لغير وقت إيناعها كالزارع بغير أرضه،فإنّ أقلّ يقولوا: حرص على الملك، وإن أسكت يقولوا: جزع من الموت، هيهات بعد اللّتيّا والّتي، والله لابن أبي طالب آنس بالموت من الطفل بثدي أُمّه، بل اندمجت على مكنون علم لو بحت به لاضطربتم اضطراب الأرشية في الطَويِّ البعيدة). (١)

وقد أوضح ما ذكره مجملاً في هذه الخطبة الّتي ألقاها بعد وفاة الرسول (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) بخطبته الّتي ألقاها بعد رجوع الناس إليه، وصرّح بأنّ مسالمته الخلفاء لأجل أخطار كانت تحدق بالمسلمين بعد موت النبيّ، فقال (عليه السّلام): «إنّ الله سبحانه بعث محمّداً (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم) نذيراً للعالمين ومهيمناً على المرسلين، فلمّا مضى (عليه السّلام) تنازع المسلمون الأمر من بعده، فو الله ما كان يلقى في روعي ولا يخطر ببالي أنّ العرب تزعج هذا الأمر من بعده عن أهل بيته، ولا أنّهم منحّوه عنّي من بعده، فما راعني إلاّ انثيال الناس على فلان يبايعونه، فأمسكت يدي حتّى رأيت راجعة الناس قد رجعت عن الإسلام؛ يدعون إلى محق دين محمّد (صلَّى الله عليه وآله وسلَّم)، فخشيت إن لم أنصر الإسلام وأهله أن أرى فيه ثلماً أو هدماً تكون المصيبة به عليَّ أعظم من فوت ولايتكم؛ الّتي إنّما هي متاع أيّام قلائل، يزول منها ما كان كما يزول السراب أو كما يتقشّع السحاب، فنهضت في تلك الأحداث حتّى زاح الباطل وزهق، واطمأنّ الدين وتنهنه». (٢)

____________________

(١) نهج البلاغة: الخطبة ٥.

(٢) نهج البلاغة: قسم الكتب ٦٢.

١٩٩

الفصل السابع:

في عقائد الشيعة الإماميّة

إنّ عقائد الشيعة الإماميّة، ليست حصيلة الاحتكاك بالثقافات الأجنبيّة، ولا ما أنتجته البحوث الكلاميّة طوال القرون، وإنّما هي عقائد مأخوذة من الذكر الحكيم أوّلاً، والسنّة النبويّة ثانياً، وخُطب الإمام عليّ وكلمات العترة الطاهرة المأخوذة من النبيّ ثالثاً، فلأجل ذلك يحدد تاريخ عقائدهم بتاريخ الإسلام وحياة أئمتهم الطاهرين.

وهذا لا يعني أنّ الشيعة تتعبّد بالنصوص في أُصولها من دون تحليل وتفكير، بل يعني أنّ أُصول العقائد الواردة في المصادر المذكورة، أخذها علماؤهم منها وحرّروها بأوضح الوجوه، ودعموها بالبرهنة. نعم لا يعتمدون في مجال العقيدة على آحاد الروايات؛ بل يشترط فيها أن تكون متواترة، أو محفوفة بالقرائن المفيدة للعلم واليقين؛ إذ ليس المطلوب في باب الاعتقاد مجرد العمل؛ بل المطلوب هو الإذعان والإيمان، ولا يحصل بآحاد الروايات.

وإليك عقائدهم في هذا الباب الّتي لخّصها الشيخ الطوسي ضمن خمسين مسألة في كتابه (العقائد الجعفريّة):

١ - معرفة الله واجبة على كلّ مكلّف؛ بدليل أنّه منعم فيجب معرفته.

٢٠٠

201

202

203

204

205

206

207

208

209

210

211

212

213

214

215

216

217

218

219

220

221

222

223

224

225

226

227

228

229

230

231

232

233

234

235

236

237

238

239

240

241

242

243

244

245

246

247

248

249

250

251

252

253

254

255

256

257

258

259

260

(الاول): في الانساب.

ومراتبهم ثلاث: (الاولى): الآباء والاولاد: لا لاب يرث المال إذا انفرد.

والام الثلث والباقي بالرد.

ولو اجتمعا فللام الثلث وللاب الباقي.

ولو كان له أخوة كان لها السدس.

ولو شاركهما زوج او زوجة، فللزوج النصف، وللزوجة الربع.

وللام ثلث الاصل إذا لم يكن حاجب والباقي للاب، ولو كان لها حاجب كان لها السدس.

ولو انفرد الابن فالمال له.

ولو كانوا أكثر اشتركوا بالسوية.

ولو كانوا ذكرانا وإناثا فللذكر سهمان، وللانثى سهم.

ولو اجتمع معهما الابوان فلهما السدسان والباقي للاولاد ذكرانا كانوا او اناثا او ذكرانا وإناثا ولو كانت بنت فلها النصف وللابوين السدسان، والباقي يرد أخماسا.

ولوكان من يحجب الام ردعلى الاب والبنت أرباعا.

ولو كانت بنتان فصاعدا فللابوين: السدسان، وللبنتين او البنات: الثلثان بالسوية.

ولو كان معهما او معهن أحد الابوين كان له: السدس، ولهما اولهن: الثلثان والباقي يرد أخماسا.

ولو كان مع البنت والابوين زوج او زوجة كان للزوج: الربع، وللزوجة الثمن، وللابوين: السدسان، والباقي للبنت.

وحيث يفضل عن النصف يرد الزائد عليها وعلى الابوين أخماسا.

ولو كان من يحجب الام رددناه على البنت والاب أرباعا.

ويلحق مسائل: (الاولى): الاولاد يقومون مقام آبائهم عند عدمهم ويأخذ كل فريق نصيب من يتقرب به، ويقسمونه للذكر مثل حظ الانثيين، اولاد ابن كانوا او أولاد البنت على الاشبه.

(ويمنع) الاقرب الابعد.

ويرد على ولد البنت كما يرد

٢٦١

على امه ذكرا كان او انثى.

ويشاركون الابوين كما يشاركهما الاولاد للصلب على الاصح.

(الثانية): يحبى الولد الاكبر بثياب بدن الميت وخاتمه وسيفه ومصحفه إذا خلف الميت غير ذلك.

ولو كان الاكبر بنتا أخذه الاكبر من الذكور ويقضي عنه ما ترك من صيام او صلاة.

وشرط بعض الاصحاب ألا يكون سفيها ولا فاسد الرأي.

(الثالثة): لا يرث مع الابوين ولا مع الاولاد جد ولا جدة ولاأحد من ذوي القرابة.

لكن يستحب للاب أن يطعم أباه وأمه: السدس من أصل التركة بالسوية، إذا حصل له الثلثان.

وتطعم الام أباها وأمها: النصف من نصيبها بالسوية إذا حصل لها الثلث فما زاد.

ولو حصل لاحدهما نصيبه الاعلى دون الآخر استحب له طعمة الجد والجدة دون صاحبه.

ولا طعمة لاحد الاجداد إلا مع وجود من يتقرب به.

(الرابعة): لا يحجب الاخوة الام إلا بشروط أربعة: أن يكون أخوين او أخا وأختين او أربع أخوات فما زاد لاب وأم او لاب مع وجود الاب، غير كفرة ولا رق.

وفي القتلة قولان، أشبههما: عدم الحجب وان يكونوا منفصلين لا حملا.

(المرتبة الثانية): الاخوة والاجداد اذا لم يكن أحد الابوين، ولا ولد وان نزل، فالميراث للاخوة والاجداد.

فالاخ الواحد للاب والام يرث المال، وكذا الاخوة.

والاخت انما ترث النصف بالتسمية، والباقي بالرد.

وللاختين فصاعدا الثلثان بالتسمية والباقي بالرد.

ولو اجتمع الاخوة والاخوات لهما كان المال بينهم للذكر سهمان وللانثى سهم.

٢٦٢

وللواحد من ولد الام السدس ذكرا كان او انثى.

وللاثنين فصاعدا الثلث بينهم بالسوية ذكرانا كانوا او اناثا.

ولا يرث مع الاخوة للاب والام ولا مع أحدهم أحد من ولد الاب، لكن يقومون مقامهم عند عدمهم.

ويكون حكمهم في الانفراد والاجتماع ذلك الحكم.

ولو اجتمع الكلالات كان لولد الام السدس إن كان واحدا، والثلث ان كانوا أكثر، والباقي لولد الاب والام ويسقط أولاد الاب.

فان أبقت الفريضة فالرد على كلالة الاب والام، وان ابقت الفريضة مع ولد الام وولد الاب، ففي الرد قولان، أحدهما: يرد على كلالة الاب، لان النقص يدخل عليهم، مثل أخت لاب مع واحد او اثنين فصاعدا من ولد الام، او أختين للاب، مع واحد من ولد الام.

والآخر: يرد على الفريقين بنسبة مستحقهما وهو أشبه.

وللجد المال إذا انفرد لاب كان او لام.

وكذا الجدة.

ولو اجتمع جد وجدة، فان كانا لاب فلهما المال، للذكر مثل حظ الانثيين وإن كانا لام فالمال بالسوية.

واذا اجتمع الاجداد المختلفون، فلمن يتقرب بالام الثلث على الاصح، واحدا كان او اكثر.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان ولو كان واحدا.

ولو كان معهم زوج او زوجة أخذ النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

والجد الادنى يمنع الاعلى.

واذا اجتمع معهم الاخوة، فالجد كالاخ والجدة كالاخت.

مسألتان: (الاولى): لو اجتمع أربعة أجداد لاب ومثلهم لام كان لاجداد الام الثلث بينهم أرباعا.

ولاجداد الاب وجداته الثلثان، لابوي أبيه ثلثا الثلثين

٢٦٣

أثلاثا ولابوي امه الثلث أثلاثا أيضا فيصح من مئة وثمانية.

(الثانية): الجد وإن علا يقاسم الاخوة والاخوات.

وأولاد الاخوة والاخوات وإن نزلوا، يقومون مقام آبائهم عند عدمهم في مقاسمة الاجداد والجدات ويرث كل واحد منهم نصيب من يتقرب به.

ثم إن كانوا أولاد أخوة او أخوات لاب اقتسموا المال، للذكر مثل حظ الانثيين.

وإن كانوا لام اقتسموا بالسوية.

(المرتبة الثانية): الاعمام والاخوال: المعلم المال اذا انفرد.

وكذا للعمين فصاعدا.

وكذا العمة والعمتان والعمات.

والعمومة والعمات: للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو كانوا متفرقين، فلمن تقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا أكثر بالسوية.

والباقي لمن يتقرب بالاب والام للذكر مثل حظ الانثيين ويسقط من يتقرب بالاب معهم.

ويقومون مقامهم عند عدمهم.

ولا يرث الابعد مع الاقرب مثل ابن خال مع خال او عم.

اوابن عم مع خال او عم، الا ابن عم لاب وأم مع عم لاب فابن العم أولى.

وللخال المال اذا انفرد.

وكذا للخالين والاخوال والخالة والخالتين والخالات.

ولو اجتمعوا فالمال بينهم بالسوية كيف كانوا.

ولو كانوا متفرقين، فلمن يتقرب بالام السدس ان كان واحدا، والثلث إن كانوا اكثر.

والثلثان لمن يتقرب بالاب والام.

ويسقط من يتقرب بالام معهم.

والقسمة بينهم للذكر مثل حظ الانثيين.

ولو اجتمع الاخوال والاعمام فللاخوال الثلث وللاعمام الثلثان.

ولو كان معهم زوج او زوجة فلهما النصيب الاعلى.

ولمن يتقرب بالام ثلث الاصل.

والباقي لمن يتقرب بالاب.

ولو اجمتع عم الاب وعمته وخاله وخالته وعم الام وعمتها وخالها وخالتها كان

٢٦٤

لمن يتقرب بالام الثلث بينهم أرباعا.

ولمن يتقرب بالاب الثلثان: ثلثاه لعمه وعمته أثلاثا.

وثلثه لخاله وخالته بالسوية، على قول.

مسائل: (الاولى): عمومة الميت وعماته وخئولته وخالاته وأولادهم وإن نزلوا أولى من عمومة أبيه وخئولته.

وكذا أولاد كل بطن أقرب.

أولى من البطن الابعد.

ويقوم اولاد العمومة والعمات والخئولة والخالات مقام آبائهم عند عدمهم، ويأخذ كل منهم نصيب من يتقرب به واحدا كان أو أكثر.

(الثانية): من اجتمع له سببان ورث بهما ما لم يمنع أحدهما الآخر.

فالاول كابن عم لاب هو خال لام، وزوج هو ابن عم، وعمة لاب هي خالة لام.

والثاني كابن عم هو أخ لام.

(الثالثة): حكم أولاد العمومة والخئولة مع الزوج والزوجة حكم آبائهم، يأخذ من يتقرب بالام ثلث الاصل والزوج نصيبه الاعلى.

وما يبقى لمن يتقرب بالاب.

المقصد الثاني في ميراث الازواج: للزوج مع عدم الولد النصف، وللزوجة الربع.

ومع وجوده وإن نزل نصف النصيب.

ولو لم يكن وارث سوى الزوج، رد عليه الفاضل.

وفي الزوجة قولان: أحدهما: لها الربع والباقي للامام.

والآخر: يرد عليها الفاضل كالزوج.

وقال ثالث: بالرد مع عدم الامام والاول: أظهر.

واذا كن اكثر من واحدة فهن مشتركات في الربع أو الثمن.

وترث الزوجة وإن لم يدخل بها الزوج.

وكذا الزوج.

وكذا في العدة

٢٦٥

الرجعية خاصة.

لكن لو طلقها مريضا ورثت وإن كان بائنا ما لم تخرج السنة ولم يبرأ ولم تتزوج.

ولا ترث البائن إلا هنا.

ويرث الزوج من جمع ما تركته المرأة، وكذا المرأة عدا العقار، وترث من قيمة الآلات والابنية، ومنهم من طرد الحكم في أرض المزارع والقرب، وعلم الهدى يمنعها العين دون القيمة.

مسألتان: (الاولى): إذا طلق واحدة من أربع وتزوج أخرى فاشتبهت كان للاخيرة ربع الثمن مع الولد او ربع الربع مع عدمه، والباقي بين الاربعة بالسوية.

(الثانية): نكاح المريض مشروط بالدخول، فان مات قبله فلا مهر لها ولا ميراث.

المقصد الثالث في الولاء وأقسامه ثلاثة.

(القسم الاول): ولاء العتق: ويشترط التبرع بالعتق وألا يتبرأ من ضمان جريرته.

فلو كان واجبا كان المعتق سائبة.

وكذا لو تبرع بالعتق وتبرأ من الجريرة ولا يرث المعتق مع وجود مناسب وإن بعد.

ويرث مع الزوج والزوجة.

وإذا اجتمعت الشروط ورثه المنعم إن كان واحدا، واشتركوا في المال ان كانوا أكثر.

ولو عدم المنعم فللاصحاب فيه أقوال، أظهرهما.

انتقال الولاء إلى الاولاد الذكور دون الاناث.

فان لم يكن الذكور، فالولاء لعصبة المنعم.

ولو كان المعتق امرأة فالى عصبها دون أولادها ولو كانوا ذكورا.

ولا يرث الولاء من يتقرب بأم المنعم.

ولا يصح بيعه ولا هبته.

ويصح جره من مولى الام إلى المولى الاب اذا كان الاولاد مولودين على الحرية.

٢٦٦

القسم الثاني ولاء تضمن الجريرة: من توالى إنسانا يضمن حدثه: ويكون ولاؤه له.

ثبت له الميراث ولا يتعدى الضامن، ولا يضمن إلا سائبة كالمعتق في النذر والكفارات أو من لا وارث له.

ولا يرث الضامن الا مع فقد كل مناسب ومع فقد المعتق.

ويرث معه الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى وما بقي له، وهو أولى من بيت مال الامام.

القسم الثالث ولاء الامامة: ولا يرث الا مع فقد وارث عدا الزوجة فانها تشاركه على الاصح.

ومع وجوده (ع) فالمال له يصنع به ما شاء.

وكان عليعليه‌السلام يعطيه فقراء بلده تبرعا.

ومع غيبته يقسم في الفقراء ولا يعطي الجائر إلا مع الخوف.

وأما اللواحق فأربعة: (الاول): في ميراث ابن الملاعنة: ميراثه لامه وولده، للام السدس والباقي للولد.

ولو انفردت كان لها الثلث والباقي بالرد.

ولو انفردت الاولاد فللواحد النصف وللاثنتين فصاعدا الثلثان.

وللذكران المال بالسوية.

وان اجتمعوا فللذكر سهمان وللانثى سهم.

ويرث الزوج والزوجة نصيبهما الاعلى مع عدم الولد وان نزل، والادنى معهم.

ولو عدم الولد يرثه من تقرب بأمه الاقرب فالاقرب الذكر والانثى سواء.

ومع عدم الوارث يرثه الامام.

ويرث هو امه ومن يتقرب بها على الاظهر.

ولا يرث أباه ولا من يتقرب به ولا يرثونه.

ولو اعترف به الاب لحق به، وورث هو أباه دون غيره من ذوي قرابة أبيه ولا عبرة بنسب الاب.

فلو ترك اخوة الاب وأم مع أخ أو اخت لام كانوا سواء في المال.

وكذا لو ترك جدا لام مع أخ أو أخت أو اخوة أو أخت من أب وأم.

٢٦٧

خاتمة تشتمل على مسائل: (الاولى): ولد الزنا لا ترثه أمه ولا غيرها من الانساب.

ويرثه ولده إن نزل والزوج أو الزوجة.

ولو لم يكن أحدهم فميراثه للامام.

وقيل: ترثه أمه كابن الملاعنة.

(الثانية): الحمل يرث ان سقط حيا وتعتبر حركة الاحياء كالاستهلال، والحركات الارادية، دون التقلص.

(الثالثة): قال الشيخ: يوقف للحمل نصيب ذكرين احتياطا.

ولو كان ذو فرض أعطوا النصيب الادنى.

(الرابعة): يرث دية الجنين أبواه ومن يتقرب بهما أو بالاب.

(الخامسة): اذا تعارفا بما يقتضي الميراث توارثا ولم يكلف أحدهما البينة.

(السادسة): المفقود يتربص بماله.

وفى قدر التربص روايات: أربع سنين، وفي سندها ضعف.

وعشر سنين وهي في حكم خاص.

وفي ثالثة يقتسمه الورثة اذا كانوا ملاء، وفيها ضعف أيضا.

وقال في الخلاف حتى يمضي مدة لا يعيش مثله إليها، وهو أولى في الاحتياط وأبعد من التهجم على الاموال المعصومة بالاخبار الموهومة.

(السابعة): لو تبرأ من جريرة ولده و ميراثه، ففي رواية يكون ميراثه للاقرب إلى أبيه، وفي الرواية ضعف.

(الثاني): في ميراث الخنثى: من له فرج الرجال والنساء يعتبر بالبول، فمن أيهما سبق يورث عليه.

فان

٢٦٨

بدر منهما قال الشيخ: يورث على الذي ينقطع منه أخيرا، وفيه تردد.

وإن تساويا، قال في الخلاف: يعمل فيه بالقرعة، وقال المفيد وعلم الهدى: تعد أضلاعه.

وقال في النهاية والايجاز والمبسوط: يعطى نصف ميراث رجل ونصف امرأة، وهو أشهر.

ولو اجتمع مع الانثى ذكر وانثى، قيل: للذكر أربعة، وللخنثى ثلاثة وللانثى سهمان.

وقيل: تقسم الفريضة مرتين فتفرض مرة ذكرا ومرة انثى ويعطى نصف النصيبين وهو أظهر.

مثاله خنثى وذكر تفرضهما ذكرين تارة وذكرا وأنثى أخرى، وتطلب أقل مال له نصف ولنصفه نصف وله ثلث ولثلثه نصف، فيكون اثنا عشر فيحصل للخنثى خمسة وللذكر سبعة.

ولو كان بدل الذكر انثى حصل للخنثى سبعة وللانثى خمسة.

ولو شاركهم زوج أو زوجة صححت فريضة الخنثى ثم ضربت فخرج نصيب الزوج أو الزوجة في تلك الفريضة فما ارتفع فمنه تصح.

ومن ليس له فرج النساء ولا الرجال يورث بالقرعة.

ومن له رأسان أو بدنان على حقو واحد يوقظ أو يصاح به، فان انتبه أحدهما فهما اثنان.

(الثالث): في الغرقى والمهدوم عليهم: وهؤلاء يرث بعضهم إذا كان لهم أو لاحدهم مال وكانوا يتوارثون واشتبه المتقدم في الموت بالمتأخر.

وفي ثبوت هذا الحكم بغير سبب الغرق والهدم تردد.

ومع الشرائط يورث الاضعف أولا، ثم الاقوى، ولا يورث مما ورث منه.

وفيه قول آخر.

والتقديم على الاستحباب على الاشبه.

فلو غرق أب وابن، ورث الاب أولا نصيبه، ثم ورث الابن من أصل تركة

٢٦٩

أبيه مما لا ورث منه، ثم يعطى نصيب كل منهما لوارثه.

ولو كان لاحدهما وارث اعطي ما اجتمع لدى الوراث لهم، وما اجتمع للآخر للامام.

ولو لم يكن لهما غيرهما انتقل مال كل منهما إلى الآخر ثم منهما إلى الامام.

واذا لم يكن بينهما تفاوت في الاستحقاق سقط اعتبار التقديم، كأخوين، فان كان لهما مال ولا مشارك لهما انتقل مال كل منهما إلى صاحبه ثم منهما إلى ورثتهما.

وإن كان لاحدهما مال صار ماله لاخيه، ومنه إلى ورثته ولم يكن للآخر شئ ولو لم يكن لهما وارث انتقل المال إلى الامام.

ولو ماتا حتف أنفهما لم يتوارثا، وكان ميراث كل منهما لورثته.

(الرابع): في ميراث المجوس: وقد اختلف الاصحاب فيه.

فالمحكي عن يونس أنه لا يورثهم إلا بالصحيح من النسب والسبب.

وعن الفضل بن شاذان: أنه يورثهم بالنسب، صحيحه وفاسده.

والسبب الصحيح خاصة، وتابعه المفيدرحمه‌الله .

وقال الشيخ: يورثون بالصحيح والفاسد فيهما.

واختيار الفضل أشبه.

ولو خلف أما هي زوجة، فلها نصيب الام دون الزوجة.

ولو خلف جدة هي أخت ورثت بهما.

ولا كذا لو خلف بنتا هي أخت، لانه لا ميراث للاخت مع البنت.

٢٧٠

خاتمة في حساب الفرائض مخارج الفروض ستة: ونعني بالمخرج أقل عدد يخرج منه ذلك الجزء صحيحا.

فالنصف من اثنين، والربع من أربعة، والثمن من ثمانية، والثلثان والثلث من ثلاثة، والسدس من ستة.

والفريضة إما بقدر السهام أو أقل أو أكثر: فما كان بقدرها فان انقسم من غير كسر وإلا فاضرب عدد من انكسر عليهم في أصل الفريضة مثل: أبوين وخمس بنات، تنكسر الاربعة على الخمسة، فتضرب خمسة في اصل الفريضة فما اجتمع فمنه الفريضة، لانه لا وفق بين نصيبهن وعددهن.

ولو كان وفق ضربت الوفق من العدد لا من النصيب في اصل الفريضة مثل: أبوين وست بنات، للبنات أربعة، وبين نصيبهن وهو أربعة وعددهن وهو ستة، وفق، وهو النصف فيضرب الوفق من العدد وهو ثلاثة في أصل الفريضة وهو ستة فما اجتمع صحت منه.

ولو نقصت الفريضة بدخول الزوج أو الزوجة فلا عول ويدخل النقص على البنت أو البنات أو من يتقرب بالاب والام، أو الاب، مثل: ابوين، وزوج وبنت.

فللابوين السدسان وللزوج الربع، والباقي للبنت.

وكذا الابوان أو أحدهما، وبنت او بنات وزوج، النقص يدخل على البنت او البنات، واثنان من ولد الام والاختان للاب والام أو للاب مع زوج أو زوجة يدخل النقص على من يتقرب بالاب والام، أو الاب خاصة.

ثم ان انقسمت الفريضة على صحة والا ضربت سهام من انكسر عليهم.

في أصل الفريضة.

٢٧١

ولو زادت الفريضة كان الرد على ذوي السهام دون غيرهم.

ولا تعصيب.

ولا يرد على الزوج والزوجة، ولا على الام مع وجود من يحجبها، مثل أبوين وبنت.

فاذا لم يكن حاجب فالرد أخماسا.

وان كان حاجب فالرد ارباعا تضرب فخرج سهام الرد في أصل الفريضة فما اجتمع صحت منه الفريضة.

تتمة في (المناسخات) ونعني به أن يموت الانسان فلا تقسم تركته، ثم يموت أحد وراثه ويتعلق الغرض بقسمة الفريضتين من أصل واحد.

فان اختلف الوارث او الاستحقاق اوهما ونهض نصيب الثاني بالقسمة على وراثه والا فاضرب الوفق من الفريضة الثانية في الفريضة الاولى، ان كان بين الفريضتين وفق.

وان لم يكن فاضرب الفريضة الثانية في الاولى فما بلغ صحت منه الفريضتان.

٢٧٢

كتاب القضاء والنظر في الصفات، والآداب، وكيفية الحكم، وأحكام الدعوى

والصفات ست: التكليف، والايمان، والعدالة، وطهارة المولد، والعلم، والذكورة ويدخل في العدالة اشتراط الامانة والمحافظة على الواجبات.

ولا ينعقد الا لمن له أهلية الفتوى، ولا يكفيه فتوى العلماء.

ولابد أن يكون ضابطا، فلو غلبه النسيان لم ينعقد له القضاء.

وهل يشترط علمه بالكتابة؟ الاشبه: نعم، لاضطراره إلى ما لا يتيسر لغير النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله الا بها، ولا ينعقد للمرأة.

وفي انعقاده للاعمى تردد، والاقرب: أنه لا ينعقد لمثل ما ذكرناه في الكتابة وفي اشتراط الحرية تردد، الاشبه: أنه لا يشترط.

ولا بد من اذن الامام ولا ينعقد بنصب العوام له.

نعم لو تراضى اثنان بواحد من الرعية فحكم بينهما لزم.

ومع عدم الامام ينفذ قضاء الفقيه من فقهاء أهل البيتعليهم‌السلام ، الجامع للصفات.

وقبول القضاء عن السلطان العادل مستحب لمن يثق بنفسه، وربما وجب النظر الثاني في الآداب: وهي مستحبة ومكروهة.

فالمستحب: اشعار رعيته بوصوله ان لم يشتهر خبره.

والجلوس في قضائه مستدبر القبلة، وأن يأخذ ما في يد المعزول من حجج الناس وودائعهم.

والسؤال عن أهل السجون واثبات أسمائهم، والبحث عن موجب اعتقالهم ليطلق من يجب اطلاقه، وتفريق الشهود عند الاقامة، فانه اوثق، خصوصا في موضع الريبة.

٢٧٣

عدا ذوي البصائر، لما يتضمن من الغضاضة، وأن يستحضر من أهل العلم من يخاوضه(١) في المسائل المشتبهة.

والمكروهات: الاحتجاب وقت القضاء، وان يقضي مع ما يشغل النفس، كالغضب، والجوع، والعطش، والغم، والفرح، والمرض، وغلبة النعاس، وأن يرتب قوما للشهادة، وأن يشفع إلى الغريم في اسقاط أو ابطال.

مسائل: (الاولى): للامام أن يقضي بعلمه مطلقا في الحقوق، ولغيره في حقوق الناس، وفي حقوق الله قولان.

(الثانية): إن عرف عدالة الشاهدين حكم، وان عرف فسقهما اطرح، وإن جهل الامرين، فالاصح: التوقف حتى يبحث عنهما.

(الثالثة): تسمع شهادة التعديل مطلقة، ولا تسمع شهادة الجرح الا مفصلة.

(الرابعة): اذا التمس الغريم احضار الغريم وجب اجابته ولو كان امرأة ان كانت برزة.

ولو كان مريضا او امرأة غير برزة استناب الحاكم من يحكم بينهما.

(الخامسة): الرشوة على الحاكم حرام وعلى المرتشي اعادتها.

النظر الثالث في كيفية الحكم، وفيه مقاصد: (الاول): في وظائف الحاكم، وهي أربع: (الاولى): التسوية بين الخصوم في السلام، والكلام، والمكان، والنظر، والانصات، والعدل في الحكم.

ولو كان أحد الخصمين كافرا جاز أن يكون الكافر قائما والمسلم قاعدا أو أعلى منزلا.

(الثانية): لا يجوز أن يلقن أحد الخصمين شيئا يستظهره على خصمه.

٢٧٤

(الثالثة): اذا سكتا استحب له أن يقول: تكلما، او ان كنتما حضرتما لشئ فاذكراه او ما ناسبه.

(الرابعة): اذا بدر أحد الخصمين سمع منه.

ولو قطع عليه غريمه منعه حتى تنتهي دعواه او حكومته.

ولو ابتدرا الدعوى.

سمع من الذي عن يمين صاحبه.

وان اجتمع خصوم كتب أسماء المدعين واستدعى من يخرج اسمه.

المقصد الثاني - في جواب المدعى عليه.

وهو إما اقرار، او انكار، او سكوت.

أما الاقرار فيلزم إذا كان جائز الامر، رجلا كان او امرأة.

فان التمس المدعي الحكم به حكم له.

ولا يكتب على المقر حجة إلا بعد المعرفة باسمه ونسبه او يشهد بذلك عدلان إلا أن يقنع المدعي بالحلية.

ولو امتنع المقر من التسليم أمر الحاكم خصمه بالملازمة، ولو التمس حبسه حبس.

ولو ادعى الاعسار كلف البينة، ومع ثبوته ينظر.

وفي تسليمه إلى الغرماء رواية، وأشهر منها: تخليته.

ولو ارتاب بالمقر توقف في الحكم حتى يستبين حاله.

وأما الانكار فعنده يقال للمدعي: ألك بينة؟ فان قال: نعم، امر باحضارها فاذا حضرت سمعها. ولو قال: البينة غائبة، اجل بمقدار احضارها.

وفي تكفيل المدعى عليه تردد، ويخرج من الكفالة عند انقضاء الاجل.

وإن قال: لا بينة، عرفه الحاكم أن له اليمين. ولا يجوز إحلافه حتى يلتمس المدعي.

فان تبرع او احلفه الحاكم لم يعتد بها، واعيدت مع التماس المدعي.

ثم المنكر: إما أن يحلف او يرد او ينكل، فان حلف سقطت الدعوى، ولو ظفر له المدعي بمال لم يجز له المقاصة.

ولو عاود الخصومة لم تسمع دعواه.

ولو

٢٧٥

أقام بينة لم تسمع، وقيل: يعمل بها ما لم يشترط الحالف سقوط الحق بها.

ولو أكذب نفسه جاز مطالبته وحل مقاصته.

فان رد اليمين على المدعي صح.

فان حلف استحق.

وان امتنع سقطت دعواه.

ولو نكل المنكر عن اليمين وأصر، قضي عليه بالنكول، وهو المروي.

وقيل: يرد اليمين على المدعي، فان حلف ثبت حقه، وان نكل بطل.

ولو بذل المنكر اليمين بعد الحكم بالنكول لم يلتفت اليه.

ولا يستحلف المدعي مع بينة إلا في الدين على الميت يستحلف على بقائه في ذمته استظهارا.

وأما السكوت: فان كان لآفة توصل إلى معرفة إقراره او انكاره.

ولو افتقر إلى مترجم لم يقتصر على الواحد.

ولو كان عنادا حبسه حتى يجيب.

المقصد الثالث - في كيفية الاستحلاف: ولا يستحلف أحد إلا بالله ولو كان كافرا، لكن ان رأى الحاكم احلاف الذمي بما يقتضيه دينه اردع جاز.

ويستحب للحاكم تقديم العظة.

ويجزيه ان يقول: والله ماله قبلي كذا.

ويجوز تغليظ اليمين بالقول والزمان والمكان.

ولا تغليظ لما دون نصاب القطع.

ويحلف الاخرس بالاشارة، وقيل: يوضع يده على اسم الله تعالى في المصحف وقيل: يكتب اليمين في لوح ويغسل ويؤمر بشربه بعد اعلامه فان شربه كان حالفا وإن امتنع الزم الحق.

ولا يحلف الحاكم أحدا إلا في مجلس قضائه إلا معذورا كالمريض، او امرأة غير برزة.

٢٧٦

ولا يحلف المنكر إلا على القطع.

ويحلف على فعل غيره على نفي العمل كما لو ادعى على الوارث فأنكر، او ادعى أن يكون وكيله قبض او باع.

واما المدعي ولا شاهد له، فلا يمين عليه إلا مع الرد او مع نكول المنكر على قول.

ويحلف على الجزم.

ويكفي مع الانكار الحلف على نفي الاستحقاق.

فلو ادعى المنكر الابراء او الاداء انقلب مدعيا.

والمدعي منكرا، فيكفيه اليمين على بقاء الحق.

ولا يتوجه على الوارث بالدعوى على موروثه الا مع دعوى علمه بموجبه أو إثباته وعلمه بالحق وأنه ترك في يده مالا.

ولا تسمع الدعوى في الحدود مجردة عن البينة.

ولا يتوجه بها يمين على المنكر.

ولو ادعى الوارث لموروثه مالا سمع دعواه سواء كان عليه دين يحيط بالتركة أو لم يكن.

ويقضى بالشاهد واليمين في الاموال والديون.

ولا يقبل في غيره مثل الهلال والحدود والطلاق والقصاص.

ويشترط شهادة الشاهد أولا، وتعديله.

ولو بدأ باليمين وقعت لاغية.

ويفتقر إلى اعادتها بعد الاقامة.

ولا يحلف مع عدم العلم ولا يثبت مال غيره(١) .

مسألتان: (الاولى): لا يحكم الحاكم باخبار لحاكم آخر، ولا بقيام البينة بثبوت الحكم عند غيره.

نعم لو حكم بين الخصوم واثبت الحكم واشهد على نفسه فشهد شاهدان

____________________ ___

(١) إي: مال لغيره.

وفى الشرح الكبير: فلو ادعى غريم الميت مالا له (للميت) على آخر مع شاهد فان حلف الوارث ثبت وان امتنع لم يحلف الغريم ولا يجبر الوارث عليه.. لان يمينه لاثبات مال الغير.

(*)

٢٧٧

يحكم عند آخر وجب على المشهود عنده انفاذ ذلك الحكم.

(الثانية): القسمة تميز الحقوق ولا يشترط حضور قاسم بل هو أحوط فاذا عدلت السهام كفت القرعة في تحقق القسمة.

وكل ما يتساوى اجزاؤه يجبر الممتنع على قسمته كالحنطة، والشعير، وكذا ما لا يتساوى أجزاؤه اذا لم يكن في القسمة ضرر.

كالارض، والخشب.

ومع الضرر لا يجبر الممتنع.

المقصد الرابع - في الدعوى.

وهي تستدعي فصولا: (الاول) في المدعي: وهو الذي يترك لو ترك الخصومة.

وقيل: هو الذي يدعي خلاف الاصل او امرا خفيا.

ويشترط التكليف، وان يدعي لنفسه أو لمن له ولاية الدعوى عنه، وايراد الدعوى بصيغة الجزم وكون المدعى به مملوكا.

ومن كانت دعواه عينا فله انتزاعها.

ولو كان دينا والغريم مقر باذل او مع جحوده عليه حجة لم يستقل المدعي بالانتزاع من دون الحاكم.

ولو فات احد الشروط وحصل للغريم في يد المدعي مال كان له المقاصة ولو كان من غير جنس الحق.

وفي سماع الدعوى المجهولة تردد، اشبهه: الجواز.

مسائل: (الاولى): من انفرد بالدعوى لما لا يد عليه قضى له به.

ومن هذا ان يكون بين جماعة كيس فيدعيه أحدهم.

(الثانية): لو انكسرت سفينة في البحر فما اخرجه البحر فهو لاهله.

وما اخرج بالغوص فهو لمخرجه، وفي الرواية ضعف.

(الثالثة): روي في رجل دفع إلى رجل دراهم بضاعة يخلطها بماله ويتجر بها، فقال: ذهبت، وكان لغيره معه مال كثير فأخذوا أموالهم، قال: يرجع عليه

٢٧٨

بماله ويرجع هو على اولئك بما أخذوا.

ويمكن حمل ذلك على من خلط المال ولم يأذن له صاحبه وأذن الباقون.

(الرابعة): لو وضع المستأجر الاجرة على يد أمين فتلفت كان المستأجر ضامنا إلا أن يكون الآجر دعاه إلى ذلك فحقه حيث وضعه.

(الخامسة): يقضى على الغائب مع قيام البينة، ويباع ماله، ويقضى دينه ويكون الغائب على حجته، ولا يدفع اليه المال إلا بكفلاء.

(الفصل الثاني): في الاختلاف في الدعوى: وفيه مسائل: (الاولى): لو كان في يد رجل وامرأة جارية فادعى أنها مملوكته وادعت المرأة حريتها وأنها بنتها، فان أقام أحدهما بينة قضي له وإلا تركت الجارية حتى تذهب حيث شاء‌ت.

(الثانية): لو تنازعا عينا في يدهما قضي لهما بالسوية ولكل منهما احلاف صاحبه.

ولو كانت في يد أحدهما قضي بها للمتشبث وللخارج احلافه.

ولو كانت في يد ثالث وصدق أحدهما قضي له، وللآخر إحلافه.

ولو صدقهما قضى لهما بالسوية.

ولكل منهما احلاف الآخر وإن كذبهما أقرت في يده.

(الثالثة): اذا تداعيا خصا قضي لمن اليه القمط(١) وهي رواية عمرو بن شمر عن جابر، وفي عمرو ضعف.

وعن منصور بن حازم عن أبي عبداللهعليه‌السلام أن علياعليه‌السلام قضى بذلك، وهي قضية في واقعة.

(الرابعة): إذا ادعى ابوالميتة عارية بعض متاعها كلف البينة وكان كغيره من الانساب.

وفيه رواية بالفرق ضعيفة.

(الخامسة): اذا تداعى الزوجان متاع البيت فله ما للرجال، ولها ما للنساء وما يصلح لهما يقسم بينهما.

وفي رواية: هو للمرأة وعلى الرجال البينة.

____________________ ___

(١) القمط بالكسر: الحبل الذى يشد به الخص.

(*)

٢٧٩

وفي المبسوط: اذا لم يكن بينة ويدهما عليه كان بينهما.

(الثالث): في تعارض البينات: يقضى مع التعارض للخارج إذا شهدتا بالملك المطلق على الاشبه.

ولصاحب اليد لو انفردت بينته بالسبب كالنتاج وقديم الملك وكذا الابتياع.

ولو تساويا في السبب فروايتان، أشبههما: القضاء للخارج.

ولو كانت يداهما عليه قضي لكل منهما بما في يد الآخر، فيكون بينهما نصفين.

ولو كان المدعى به في يد ثالث قضي بالاعدل فالاكثر، فان تساويا عدالة وكثرة أقرع بينهما، فمن خرج اسمه أحلف وقضي له.

ولو امتنع احلف الآخر.

ولو امتنعا قسم بينهما.

وفي المبسوط: يقرع بينهما إن شهدتا بالملك المطلق.

ويقسم إن شهدتا بالملك المقيد.

والاول أشبه.

كتاب الشهادات

والنظر في امور أربعة: (الاول): في صفات الشاهد، وهي ستة: (الاول): البلوغ، فلا تقبل شهادة الصبي ما لم يصر مكلفا.

وقيل: تقبل اذا بلغ عشرا، وهو شاذ.

واختلفت عبارة الاصحاب في قبول شهادتهم في الجنايات و محصلها القبول في الجراح مع بلوغ العشر ما لم يختلفوا، ويؤخذ بأول قولهم.

وشرط الشيخ في الخلاف: ألا يفترقوا.

(الثاني): كمال العقل: فالمجنون لا تقبل شهادته.

ومن يناله الجنون أدوارا تقبل في حال الوثوق باستكمال فطنته.

٢٨٠

281

282

283

284

285

286

287

288

289

290

291

292

293

294

295

296

297

298

299

300

301

302

303

304

305

306

307

308

309

310

311

312

313

314

315

316

317

318

319

320

321

322

323

324

325

326

327

328

329

330

331

332

333

334

335

336

337

338

339

340

341

342

343

344

345

346

347

348

349

350

351

352

353

354

355

356

357

358

359

360

361

362

363

364

365

366

367

368

369

370

371

372

373

374

375

376

377